ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 27/12/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الأزمة السورية والاقتصاد الروسي

عبد الحافظ الصاوي

كاتب مصري

الجزيرة   

26-12-2011

منذ 18 عاما وروسيا تسعى لعضوية منظمة التجارة العالمية، لكنها حصلت على هذه العضوية في 16 ديسمبر/كانون الأول الحالي.

والمثير للتساؤل أن روسيا نالت هذه العضوية بعد يوم واحد من تقدمها بقرار لمجلس الأمن يدين طرفي الصراع في سوريا، وهو موقف مغاير تماما لموقفها السابق الذي استخدمت فيه روسيا حق الفيتو ضد قرار مماثل قدمه الاتحاد الأوروبي.

فهل كانت عضوية منظمة التجارة العالمية هي الثمن الذي حصلت عليه روسيا نظير موقفها من سوريا؟

العلاقات الاقتصادية بين روسيا وسوريا

تمتد العلاقات الاقتصادية الروسية مع سوريا إلى ستينيات القرن الماضي، في ظل وجود الاتحاد السوفياتي السابق. وقد ساهم الاتحاد السوفياتي في بناء العديد من الصناعات السورية، وكذلك مشروعات البنية الأساسية. ويعد مجال النفط والغاز ومشروعات الطاقة عموما أبرز ميادين التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي.

وحسب بيانات العام 2010، بلغت الصادرات الروسية إلى سوريا نحو 2.1 مليار دولار، وبما يعادل 13% من إجمالي الواردات السورية للعام 2010، التي بلغت 16.9 مليار دولار. وتمثل الأسلحة الروسية جانبا هاما من الواردات السورية، وإن كانت الأرقام الخاصة بواردات سوريا للأسلحة الروسية يشوبها الغموض، فإن روسيا في ظل الأوضاع السياسية الحالية للمنطقة تعد المنفذ الوحيد لحصول سورية على الأسلحة.

وعلى الجانب الآخر تمثل الصادرات السورية لروسيا نسبة 0.1% من حجم صادراتها في العام 2010 والبالغة 13.5 مليار دولار.

كما قامت روسيا بتصفية ملف ديونها المستحقة على سوريا، التي كانت تقدر بنحو 13 مليار دولار في منتصف التسعينيات، وهي ديون مستحقة على دمشق قبل سقوط الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينيات، فشطب 75% من هذا الدين، وبقيت النسبة المتبقية لتنفذ بها مشروعات روسية في سوريا.

وتذهب التقديرات الخاصة بالاستثمارات الروسية المتراكمة في سوريا حتى العام 2009 حيث بلغت نحو 19 مليار دولار، تتركز بشكل أساسي في الصناعات المتعلقة بالطاقة، ومؤخرا اتجهت بعض الاستثمارات الروسية إلى القطاع السياحي في سوريا.

تجارب روسيا مع قضايا دول المنطقة

قد يراهن البعض على أداء النظام العالمي الجديد والتغير الحادث فيه، وأن روسيا تسعى في ظل نظام عالمي متعدد الأقطاب أن تكون أحد أركانه، وبالتالي فسوف تستمر في معارضة التوجهات الغربية والأميركية تجاه بعض القضايا العالمية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي كانت تربطها علاقات قوية بالاتحاد السوفياتي السابق. وورثت روسيا جانبا كبيرا من هذه العلاقات، ضعفت في ظل التراجع السياسي والاقتصادي لروسيا.

ولكن المحاولات الروسية ليست دون ثمن، ويقابلها مراوغة أميركية غربية تمسك ببعض الأوراق لترويض روسيا. فماذا عن أداء روسيا تجاه دول المنطقة العربية، في ظل الصراع الروسي من جهة والاتحاد الأوروبي وأميركا من جهة أخرى؟

تزحزح الموقف الروسي تجاه سوريا ليس بجديد، فبعد المعارضة التامة لصدور قرار الإدانة لسوريا واستخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار الأوروبي، تقدمت روسيا بنفسها بمشروع قرار لمجلس الأمن ليدين طرفي الصراع في سوريا.

وتدلل الوقائع التاريخية المماثلة للموقف الروسي تجاه قضايا المنطقة، على أن هذا هو ديدن روسيا مع دول المنطقة التي كانت تربطها علاقات تاريخية واقتصادية قوية، فمارست روسيا نفس السياسة في حالة العراق وليبيا من الاعتراض على استخدام القوة ضد العراق في مطلع التسعينيات أو خوض التحالف الغربي لاحتلال العراق في العام 2003، كخطوة أولى ثم القبول بسحب بعثتها الدبلوماسية من بغداد، وغض الطرف عن ممارسات التحالف الغربي لاحتلال العراق، وبعد أن أصبح العراق تحت وطأة الاحتلال لم تغب روسيا عن العراق، ولكن في ضوء مصالحها الاقتصادية فقط.

وفي حالة ليبيا في العام 2011، تكرر السيناريو، من وصف الوضع في ليبيا بأنه حرب أهلية، ورفض روسيا الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي، وعدم استخدام حق الفيتو ضد القرارين 1970 و1973 لمجلس الأمن الداعيين لفرض عقوبات اقتصادية والحظر الجوي على ليبيا وحماية المدنيين الليبيين. ثم أعلنت روسيا أن نظام القذافي أصبح فاقدا للشرعية، وتلا ذلك اعتراف روسي بالمجلس الانتقالي الليبي وزوال نظام القذافي.

وقد جاء هذا التدرج في الموقف الروسي تجاه كل من العراق وليبيا بناء على توقعات روسيا لمدى صمود النظامين أمام الضغوط الدولية، وقرارات الحصار والعقوبات المفروضة عليهما، فكلما بدت علامات الضعف أمام الضغوط تراجع الموقف الروسي.

ولعل هذا السيناريو هو الذي تبني عليه روسيا موقفها تجاه سوريا، فروسيا تعارض فرض عقوبات اقتصادية حتى الآن على سوريا، ولكنها تعاني في الوقت نفسه من شلل العلاقات الاقتصادية السورية مع الخارج لاحتمالات عجز سوريا عن الوفاء بالتزاماتها المالية.

وهي مغامرة لا تستطيع روسيا أن تقدم عليها في ظل ظروفها الاقتصادية الحالية، خاصة أنها قامت من قبل بشطب جانب كبير من ديونها المستحقة على سوريا.

ولعل الأمل الأخير الذي يدفع روسيا لاستمرار الدفاع عن النظام السوري بدرجة ما هو قاعدتها العسكرية في سوريا، التي قد تكون غير جدية في ظل إعادة رسم خريطة المنطقة، بعد تأجج الصراع الإيراني الأميركي من جانب، ونجاح الثورات العربية من جانب آخر.

المردود الاقتصادي من التجارة الدولية

تتيح عضوية منظمة التجارة العالمية لروسيا الاستفادة من ميزة الدولة الأولى بالرعاية مع كل الدول أعضاء المنظمة والبالغ عددها نحو 153 دولة، وهو ما قد يعود بالنفع على زيادة الصادرات الروسية، خاصة بعد التزام روسيا بالتوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات الثنائية والجماعية، التي تلزمها بإلغاء مجموعة من الرسوم على الصادرات وكذلك تخفيض تعريفاتها الجمركية على الواردات في المتوسط بما لا يزيد عن معدل 8% تقريبا.

وسوف تفتح عضوية المنظمة السوق الدولية للمنتجات الروسية من المواد الأولية مثل الأخشاب والفولاذ وبعض السلع الكيماوية مثل الأسمدة. ولا يعني ذلك أن روسيا ستجنى ثمارا إيجابية فقط من جراء عضويتها بالمنظمة، ولكن هناك مجموعة من التحديات تواجه روسيا في هذا الأمر، منها أن الصادرات الروسية يغلب عليها النفط والغاز اللذان يمثلان نحو 70% من الصادرات الروسية، وهي سلع تخرج عن اختصاص منظمة التجارة، وهو ما يعزز ضعف الأداء التنافسي للاقتصاد الروسي، وعجزه أمام التقدم الصناعي لدول أخرى أعضاء بمنظمة التجارة العالمية.

من جانب آخر فإن الفترة الانتقالية التي حصلت عليها روسيا لتخفيض الجمارك على صناعات السيارات والطائرات والمروحيات قد تكون قصيرة، وهي سبع سنوات فقط، بعدها تكون هذه الصناعات في منافسة مع المنتجات الأوروبية المتطورة التي قد تسبب خسائر كبيرة للصناعات الروسية في هذا المجال.

ويقدر الناتج المحلي الإجمالي لروسيا بنحو 1.2 تريليون دولار، ويتوقع أن يرتفع معدل نمو هذا الناتج بعد انضمام روسيا لمنظمة التجارة في الأجل القصير بنحو 3.3%، وبنحو 11% في الأجل الطويل.

موقف روسيا وطبيعة العلاقات الدولية

يعكس موقف روسيا من سوريا طبيعة العلاقات الدولية في عالمنا الجديد، الذي أصبحت تحكمه المصالح الاقتصادية إلى حد بعيد، بغض النظر عن التوافق الأيديولوجي أو التحالفات السياسية، فالمصالح الاقتصادية لروسيا مع الاتحاد الأوروبي تتزايد بشكل كبير، فالتبادل التجاري بينهما فقط في الأشهر التسعة الأولى من العام 2001 بلغت نحو 225 مليار دولار، بينما لا يمثل حجم التبادل التجاري بين روسيا وسوريا في أحسن الأحوال سوى نحو ثلاثة مليارات دولار.

وعلى ما يبدو أن روسيا استغلت الموقف السوري لتنهى التعنت الأميركي والأوروبي تجاه عضويتها بالمنظمة بسبب الحرب الروسية على جورجيا في العام 2008. فنظير أن تتغاضى أميركا والغرب عن استخدام حرب روسيا على جورجيا ورقة ضغط في تعطيل المصالح الروسية الناجمة عن عضويتها بمنظمة التجارة، أقدمت روسيا على تقديم مشروع قرارها بإدانة طرفي الصراع في سوريا، وهو الأمر الذي رحبت به أميركا والغرب بل وأيدته الصين أيضا.

كما أن حالة العزلة الإقليمية والعالمية المفروضة على سوريا الآن قد تكون دفعت روسيا إلى إعادة حساباتها في ضوء مصالحها الاقتصادية.

عامل آخر يبدو أن روسيا قد أخذته في حسبانها لتغير موقفها تجاه سوريا، وهو الثورات العربية التي نجحت في تونس ومصر وليبيا، فنجاح هذه الثورات يعني أن ثمة نظما جديدة بالمنطقة سوف يكون لها إستراتيجياتها البعيدة عن منظومة الانتماء للشرق أو الغرب بقدر اعتمادها على بناء دول قوية تحترم إرادة شعوبها.

ولذلك نرى الخطاب الروسي يتضمن مطالبة النظام السوري بأهمية تبني إصلاحات جذرية ومشاركة المعارضة في السلطة، بل تضمن تصريح الرئيس الروسي مطالبة الأسد بإصلاحات جذرية، وإلا فعليه أن يرحل، وهو ما فسر على أنه تغير نوعي في موقف روسيا تجاه سوريا، كما يعد مغازلة للغرب في هذا الشأن.

 ولا يغيب عن روسيا أن الدول المؤيدة للثورات العربية خاصة في أوروبا وأميركا ستكون أوفر حظا في الحصول على مزايا اقتصادية لاستثماراتها، خاصة في مشروعات البنية الأساسية أو الطاقة، وهي مجالات كانت مفتوحة من قبل للشركات الروسية. ومن شأن معارضة روسيا لرغبات الشعوب العربية الثورية أن تفقدها هذا التواجد على الأقل في الأجلين القصير والمتوسط.

=================

كم انتظر المثقف السوري بشائر هذا الربيع ...

الإثنين, 26 ديسيمبر 2011

محمود خير الله

الحياة

يُلام المثقف السوري كثيراً بشأن تعاطيه الخجول مع الاحتجاجات المناوئة للنظام المندلعة منذ منتصف آذار (مارس) الماضي. غير ان هذا اللوم فيه بعض الإجحاف والغبن، ولعل هذا ما عززته وقائع الثورة ذاتها وكيفية التعاطي الأمني معها. ولم يكن المثقف السوري بمنأى عن هذا التوجس الأمني، حتى ان التعبير الذي ينسب الى وزير الدعاية النازي غوبلز «كلما سمعت كلمة مثقف تحسّست مسدسي»، ينطبق بمعنى من المعاني على الحال السورية في ما خص الاشتباك بين «الثقافة والسلطة».

المثقف السوري «المعارض»، أو بالأحرى الذي لم يقدم فروض الطاعة والولاء، وحافظ على استقلاليته، وتشبث بصوت الضمير، تعرَّض طوال عقود للسجن والملاحقة والاهانة والنفي الطوعي أو القسري، واستُهدِف حتى في لقمة عيشه، ولنا في هذا المقام أمثلة لا تحصى، تبدأ من المثقف الحصيف ميشيل كيلو والراحل محمد الماغوط والمنفي سليم بركات وياسين الحاج صالح وعارف دليلة وفرج بيرقدار وصبحي حديدي ومصطفى خليفة (صاحب رواية «القوقعة» التي توثِّق ل «سجون البعث»)، مروراً بعشرات، بل مئات الأسماء، التي رغم دفعها الأثمان الباهظة، ستبقى صورتها ناصعة في ذاكرة السوريين، وصولاً الى الحادثة المدبرة التي تعرض لها رسام الكاريكاتير المعروف علي فرزات، الذي كسرت أصابعه على ما اقترفت من رسوم تدين الطغيان والاستبداد.

نحن إذن إزاء أرشيف قاتم ومخيف راكمته السلطات السورية في تعاملها مع كل صوت يشدو خارج السرب، سواء حمل قلماً أو ريشة أو كاميرا، أو أنشأ حتى مجرد مدونة إلكترونية أو صفحة على الفايسبوك والتويتر... تلك أدوات رغم هشاشتها ورِقّتها، لم تسلم من سطوة الأجهزة الأمنية، التي أحصت على البشر أنفاسهم واجتهدت ل «سَوْق الجميع» الى «رخاء الرسالة الخالدة»، وكان للمثقف نصيب وافر من هذه الممارسات القمعية، التي اختزلت حرية التعبير الى قصائد مدح للنظام، وسط سيل من المزاعم حول المقاومة والممانعة والصمود، إذ «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة». ولعل آخر هذه «الانتصارات» جاءت من أروقة مجلس حقوق الإنسان، الذي اصدر مؤخراً تقريراً يدين ممارسات النظام السوري في التعامل مع المعتقلين، ويروي تفاصيل مرعبة عن التعذيب في السجون والمعتقلات يتسامى القلم عن تدوينه... الى درجة أن طاغية ماريو بارغاس يوسا في روايته المدهشة «حفلة التيس»، يبدو «حَمْلاً وديعاً» بالمقارنة مع ما تقوم به الأجهزة الأمنية السورية.

رغم هذا السجل الحافل بالانتهاكات، لم يشأ عدد كبير من المثقفين السوريين ان يقف متفرجاً وهو يرى القتل اليومي على الشاشات، بل غامر بتسجيل انطباعاته ومشاعره ورؤاه عبر قنوات وطرائق مختلفة، وهو إذ فعل ويفعل ذلك، يعلم أنه يسير في حقل ألغام لطالما كان المثقفون ضحاياه. لكن نداء الحرية القادم من أعماق روحه كان أقوى من كل أدوات القمع، ويمكن ان نذكر سريعاً بعض الأسماء، على سبيل المثال لا الحصر: من المخرج السينمائي أسامة محمد وشقيقته الشاعرة والسينمائية هالا محمد والمخرج هيثم حقي، الى الروائيات سمر يزبك وروزا ياسين حسن، إلى الفنان فارس الحلو ومي سكاف وفدوى سليمان، الى الروائي نبيل سليمان وزياد عبد الله وخالد خليفة... وتطول القائمة بحيث يصعب حصرها.

واقع متأجج

وبدت النصوص المبعثرة هنا وهناك، على نبلها وبلاغتها، عاجزة عن مضاهاة الواقع اليومي المتأجج، وعن رصد دقيق لهذا الحراك المحموم الذي تعكسه الفضائيات بجهود شباب مجهولين يخاطرون بأرواحهم في سبيل تصوير جزء من مآثر الثورة السورية. أما النصوص تلك، فبدت خافتة النبرة تستطلع هموم الثوار وشجون الوطن، وبالكاد تترجم حرارة التظاهرات وحماسة الحناجر التي تهتف بإسقاط النظام. وهذا ليس ذمّاً بقدر ما هو توصيف لواقع الحال، فالكتابة -عادة- تنضج على نار هادئة، وهي تحتاج الى وقت كاف في انتظار جلاء الملابسات والخفايا حتى يستطيع الكاتب الاحاطة بالمشهد من جوانبه المختلفة لا بدافع من الانفعال العابر، بل انطلاقاً من مهمته في توثيق تاريخ المغلوبين والمعذبين في الأرض.

في المقابل، هناك مثقفون سوريون حافظوا على الاستمرار في خيانة دورهم ووظيفتهم، وظلوا مدافعين عن نظام لا يني عن تقويض إنسانيتهم، وهؤلاء -على كثرتهم - مجرد أرقام تسعى الى الاحتفاظ بامتيازاتها ومناصبها ومصالحها الشخصية، ناهيك عن أنهم يفتقرون الى الموهبة، وهو ما يعفينا من ذكر أسمائهم هنا، حسبنا الإشارة الى أنهم تلاميذ (ع. ع. ع.) الذي شوه أجيالاً وجزءاً من الحياة الثقافية في سوريا، من مبنى اتحاد الكتاب العرب في حي المزة إلى ساحة الأمويين حيث مبنى التلفزيون ودار الأوبرا ومكتبة الأسد، مروراً بالصحف الرسمية الثلاث وكتبتها، وصولاً الى حي الروضة حيث مؤسسة السينما السورية... ستعثر على جوقة من المنافقين الذين غضوا الطرف عن القمع الرسمي، وراحوا يجمّلون ويلمعون صورة القائد الملهم وسياسته الحكيمة في وجه «المؤامرة التي تحاك ضد البلاد» (يا لهذا التعبير السمج الممل، الذي يتكرر بغباء منذ عقود). ولعل أخطر ما يسوّق له هؤلاء «الكتبة الصغار»، هو الجمع بين سوريا كوطن متنوع الأعراق والطوائف والاثنيات، وبين نظام «بعثي» مستبد، بحيث يصبح -من منظورهم- أيُّ نقد للنظام هو استهداف للوطن. هذا الخلط الجائر دفعت بالفنانة مي سكاف الى اطلاق صيحتها المدوية: «إنها سورية العظيمة، وليست سورية الأسد»، ذلك ان جميع المنتفضين يعشقون وطنهم بصدق لكنهم يرفضون نظاماً ينكر عليهم كل شيء، فأين المؤامرة في بشر يسعون الى معانقة نور الشمس ويبحثون عن تلك الحرية العصية المنال، والتي أراد الشاعر الفرنسي بول إيلوار أن يكتب اسمها فوق الأشجار والثلج والدغل والصحراء والسحاب والحقول ونسمة الفجر والبحر وأجنحة العصافير وصدى الطفولة والدفاتر المدرسية وفوق كل لحم مستباح و.. و.. و... مختتماً القصيدة: وبقدرة كلمة واحدة/ أبدأ ثانية حياتي/ فأنا ولدت كي أتعرف عليك/ كي أسميك... حرية.

=================

التدخل الدولي هو الحل!

الأيام البحرينية

عبدالحميد الأنصاري

26-12-2011

وقع النظام السوري أخيراً بروتوكول المراقبين وطار الأمين العام فرحاً لكن لم تطل فرحته فهذا لنظام الذي وقع بيد، قتل 100 متظاهر باليد الأخرى! ما قيمة توقيع فقد مصداقيته قبل أن يجف حبره؟! الجامعة وبعد سلسلة من المراوغات والألاعيب والمماطلات من قبل النظام السوري قررت أن توجه له إنذاراً أخيراً: التوقيع أو مجلس الأمن، ودخل الحليف الروسي على الخط وخضع النظام ووقع بشروطه كما ادعى، وليته التزم به إذ لم تمر 48 ساعة حتى ارتكب مجزرة حصدت 250 متظاهراً مما دفع الشعب السوري إلا اتهام الجامعة بأنها شريكه فيما حصل وحمل المتظاهرون شعار جمعة «الجامعة العربية تقتلنا»، وفي حين دعا المجلس الوطني السوري إلى تحرك دولي عاجل لوقف المجازر محملاً الجامعة مسؤولية وقوعها رأت باريس في توقيع المبادرة، مناورة لكسب الوقت، وتساءل وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه: كم من الضحايا يجب أن يسقطوا حتى يدرك العالم أن على الأسد أن يرحل؟! وأما أمين سر الجيش السوري الحر عمار الواوي فقد رأى في التوقيع ترخيصاً لمزيد من القتل، وحمل بشدة على الأمين العام قائلاً: «إن العربي يعلم أن النظام مراوغ ويلعب من أجل الوقت وهو يعطيه المهل». وأضاف: «لقد صرح المعلم بأن العربي اتصل به أكثر من مرة يرجوه توقيع البروتوكول كما صرح بأنه سيغرق المراقبين في تفاصيل البروتوكول فعليهم تعلم السباحة»، احتجاجات الشعب السوري في شهرها العاشر والقتل يتصاعد بمشهد ومرأى من مراقبي الجامعة والضحايا تجاوزوا ال 7 آلاف غير عشرات الألوف جرحى ومئة ألف معتقل بحسب تقارير «هيومن رايتس ووتش» التي طالبت بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبار عمليات القتل التي يقوم بها النظام ترقى إلى «جرائم ضد الإنسانية»، وفي الوقت الذي يجمع فيه المراقبون على أن النظام السوري لا يحفظ عهداً ولا يلتزم اتفاقاً ولا يحترم توقيعاً، وأن النظام ما وافق على التوقيع إلا بضغط روسي وبهدف منع التدويل وكسب مهلة جديدة، شهر قابل للتجديد، لتصفية الثورة السورية، فإن «العربي» لازال يأمل في أن يزوده مراقبوه وخلال أسبوع ما إذا كانت سوريا ملتزمة بالاتفاق أو لا؟! عجباً: هل يحتاج المراقبون إلى أسبوع ليقرروا مدى التزام سوريا بالمبادرة العربية التي تنص على سحب جميع المظاهر المسلحة من المدن والأماكن السكنية والإفراج عن المعتقلين والسماح بدخول وسائل الإعلام العريية والعالمية وعدم تعرض الشبيحة للمتظاهرين؟! ألا يعلم الأمين العام حقيقة ما يجري في سوريا وقد صكت أهوال ومآسي المجازر أسماع العالم وعرفها الداني والقاصي؟! هل يحتاج الأمين العالم إلى من يخبره بحقيقة الأوضاع السورية والفضائيات تنقل عمليات القتل والقنص بالصوت والصورة؟! ترى أين يعيش الأمين العام، هل يعيش في المريخ؟! إنه لأمر يثير السخرية والضحك معاً أن يكون هم الأمين العام مراقبة القتل لا العمل على وقفه! ما قيمة التوقيع والمراقبة وبقية التفاصيل إذا كانت أعمال القتل مستمرة بضراوة أشد؟! لقد كانت المهمة الأساسية للمبادرة العربية «حماية المدنيين ووقف إراقة الدماء» وتحولت اليوم بعد 7 أسابيع من الرسائل المتبادلة بين دمشق والقاهرة والدوحة إلى معركة جدلية مع سوريا في تفاصيل عمل المراقبين! سيغرق المراقبون البائسون في مستنقع كبير من ألاعيب النظام وحيله التي لا تنتهي حول طبيعة المواقع التي سيزورونها وماذا سيراقبون وأين يراقبون ومن الذي يقتل وما هويته؟! الأمر الذي يذكرنا بنفس الصراع الذي دار حول زيارة مراقبي الأمم المتحدة إلى المواقع العراقية أيام صدام، هكذا نجحت سوريا في استدراج الجامعة إلى لعبتها كما استدرج المعلم من قبل العربي إلى شرح معنى الشبيحة في نظام يقوم على الشبيحة! وحتى نوفر على الأمين العام جهده وطول انتظاره نقول له مسبقاً: إن سوريا لن تلتزم بالمبادرة إلا شكلياً مفرغاً من مضامينها، وعلى الأمين العام أن يدرك أنه لا يمكن لنظام جبل على القمع والبطش والقسوة لا يرعى إلاً ولا ذمة ولا يرحم طفلاً ولا كهلاً، أن يسحب قواته وشبيحته ويطلق المعتقلين ويسمح بالإعلام الخارجي وإلا كان في ذلك نهايته، أو كما يقول الرميحي: إن ذلك يعني توقيع شهادة وفاته مقدماً! وقد قال شاعرنا قديماً: ومكلف الأيام ضد طباعها ... متطلب في الماء جذوة النار. كيف يكون لهذا النظام عهد عند العرب وجامعتهم وهو قد نقض كل العهود والمواثيق من قبل مع شعبه وجيرانه ودول الخليج وبخاصة البحرين؟! ما كان لمثل هذا النظام أن يحترم توقيعه بعد 10 أشهر من القتل الهمجي لشعبه! واهم من يصدق أن هذا النظام سيلتزم بالبروتوكول وساذج من يتصوره، لازال المعلم يصول ويجول في مؤتمراته الصحفية وكأنه حقق نصراً وضحك على الجامعة إذ يقول: ما كانت بلاده ستوقع مهما كانت الإنذارات والتهديدات لولا موافقة الجامعة على إدخال تعديلاتنا على البروتوكول! وبعد أن كان يهاجم «العربي» ويستخف به بقوله «لا يشرفنا التشاور مع العربي»، أصبح اليوم يقول إنه لن يتعاون إلا مع العربي في شأن البروتوكول! وقد سبق أن وصف قرار تعليق الجامعة لعضوية سوريا ب «قلة الحياء» وكال الاتهامات بالعمالة والتآمر لللجنة الوزارية، والتساؤل: كيف قبلت الجامعة وكيف قبل أمينها كل هذه البذاءات من نظام فقد شرعيته محلياً وعربياً ودولياً؟! كيف سكت الأمين العام والتزم بالأدب الجم تجاه إهانات النظام السوري للجامعة؟! ماذا كان العرب وجامعتهم يأملون من هذا النظام العدواني المراوغ؟! إن الجامعة العربية ارتكبت 3 أخطاء جسيمة بحق الشعب السوري: 1. إنها لم تفعل للثورة السورية كما فعلت للثورة الليبية حين رفعت الغطاء العربي عن النظام الليبي وأعطت الضوء الأخضر لمجلس الأمن لحماية الليبيين من نظامه القمعي، وقد راهنت الجامعة مراهنة فاشلة على انقياد النظام السوري وقبوله بالحل العربي، وهو حل وهمي لن يجد تطبيقاً واحداً في تاريخ الجامعة العربية منذ إنشائها إلى اليوم، لقد راهنت الجامعة على مبادرتها وهي الأعلم بطبيعة النظام السوري المستعصية على الإصلاح والمناقضة للتعهدات ! 2. أنها مدت في عمر هذا النظام عبر اتباعها سياسة المهل المتتالية التي لم يحترمها النظام بل استلها في مزيد من المجازر، و يكفي للتدليل أن عدد من سقطوا بين جمعتي «الجامعة العربية تقتلنا» و» بروتوكول الموت» يتجاوز الألف، مما يحق للسوريين أن يقولوا إن الجامعة تتحمل جانباً من المسؤولية. 3. إنها وافقت على توقيع النظام بعد انتهاء المهل المحددة له وبشروط سورية غير مبررة، ومعنى ذلك أن الجامعة لم تحترم مهلها وكان المفترض أن تقول لسوريا إن التوقيع بعد انتهاء المهل لا قيمة له، أشبه بأداء الصلاة خارج وقتها. إن المبادرة العربية حملت بذور فشلها منذ البداية، في بنود يصعب تطبيقها بل ومراقبتها في ظل نظام شديد المراوغة من قبل مراقبين لا حول لهم ولا قوة يستجدون حماية النظام! ما كان لهذا النظام أن يرعوي ويرتدع بالحل العربي أبداً! فالعرب في كل تاريخهم أعجز أن يحلوا مشكلة عربية واحدة وكان الأليق بالجامعة أن تعترف بعجزها وتحيل الملف إلى مجلس الأمن كما فعلت مع ليبيا، لا من أجل الشعب السوري فحسب ولكن من أجل كرامتها وسمعتها كما يقول المفكر السعودي راشد المبارك: ليس المطلوب من الجامعة الانتصار لمظلوم ومنع القتل، بل قبل ذلك ومع ذلك، الانتصار لذاتها والدفاع عن كرامتها التي عرضتها للهوان»، آن للجامعة أن تثأر لكرامتها وترد اعتبارها وتتحمل مسؤوليتها التاريخية فتلغي مبادرتها وتعتبر توقيع النظام كأن لم يكن في ظل المجازر المرتكبة وتحيل الملف برمته على مجلس الأمن فذلك هو الحل الأنجع لحماية السوريين، وحتى لا نقع في خطأ التعميم في الأحكام يجب فرز المواقف العربية في هذا الشأن، فالدور العراقي مخزي بكل المقاييس وحكومة المالكي تتحمل العار التاريخي عن تقاعسها في حماية الشعب السوري في مقابل الدور الخليجي وبخاصة قطر الذي يعد دوراً مشرفاً وسنداً حقيقياً للسوريين. فيم مخاوف الجامعة من التدويل ولماذا الهواجس من التدخل الدولي؟ لقد تجاوزت الشعوب العربية في عصر الربيع العربي كل ذلك عدى بقايا لناصريين وعلى رأسهم هيكل وبعض البعثيين! حتى الإسلاميين أصبحوا اليوم يرحبون بالتدخل الدولي ولا أدل من تصريح فضيلة الشيخ القرضاوي بحق السوريين في طلب التدخل الدولي في حالة فشل الجامعة العربية.

=================

السوريون ماضون الى النصر والحرية

بقلم: عدلي صادق

امين

26-12-2011

يطوي إخوتنا السوريين سنة 2011 بإنجازات يكاد لا يلحظها الكثيرون وسط هذه المجازر اليومية، التي يقترفها النظام، ضد جموعهم الثائرة. فقد وطدوا العزم على نيل الحرية، وانتزاع سورية من أيدي مغتصبيها الذين جعلوها مزرعة للتوريث والفساد والاستبداد، وسينقلونها في العام 2012 من حال الصمت الرهيب والموت والخوف والاستسلام للمقادير، الى حال العز والديمقراطية والمباهاة بالوطن!

 

أولى هذه الانجازات، التفكيك الفعلي، لمنظومة المخدوعين في معسكر الوهم الذي يسمونه الممانعة، وتحوّل العلاقة بين أي طرف عربي وهذه المنظومة، الى كابوس يتوخى صاحبه أن يُشفى منه. فمن "يخلع" مبكراً، من تحالفه مع نظام يتخذ من القتل الجماعي للناس، خياراً وجودياً وركيزة وحيدة؛ سيحفظ لنفسه بعض ماء الوجه وبعض ترياق الحياة. فمنذ بدايات الثورة، وبعد مجازر درعا وسائر حوران، ابتلع النظام لسانه على الفور، وانكفأت لغته التي حاول من خلالها التظاهر بالتماهي مع ثورات الربيع العربي التي طالبت بالديموقراطية، فانقلب على هذه الثورات، بعد أن أحس أنها فأل شؤم، وأكال هو والتابعون له، الاتهامات للشعوب، بالسذاجة والوقوع في أفخاخ المؤامرات الأمريكية. وعندما غرق هذا النظام في دم السوريين في حماة ودير الزور وحمص، انتفت لدى رأسه ورئيسه، القدرة على القهقهة العلنية عبر شاشات التلفزة، تعبيراً عن الثقة العالية بالنفس، وضُربت صدقية القول الرسمي المتكرر، بأن سورية هي غير سواها، وأنها في منأى عن الحراك الشعبي الحقيقي العارم، لأنها جد "ممانعة". فلم يتراجع السوريون الذين كسروا حاجز الخوف في العام 2011 فوجد النظام نفسه مندفعاً بغريزته الطبيعية، الى مفاقمة وسائله، من خلال الزج بالمزيد من الدبابات والراجمات والمروحيات، الى المدن، وإطلاق قطعان الشبيحة ونشر القناصة وزبانية الأمن، لكي يعتقلوا الناشطين ويعذبوهم حتى الموت. وكلما كبرت جرائمه وتضخمت، كانت أكاذيبه، فإنها تتحول الى ثرثرات سمجة أمام مناصريه وأعدائه على السواء. يُرثي أصدقاؤه لحاله وللمنطق الذي يتحدث به، كلما أنكر وجود شعب يرفض الاستبداد، ويطلب الحرية وينتفض. ولبؤس خطابه وطروحاته، أصر النظام على اختزال الوضع بحكاية وجود عصابات مسلحة، تنحصر فيها الأزمة. وهو في ذلك يعتمد أسلوباً مفضوحاً يائساً، إذ يحاول خلط الأوراق والزج بمجموعات تتمثل وضعية العصابات التي تقتل، لكي يعزز ادعاءه بأن الأزمة أزمة عصابات تنفذ مؤامرة. ومع اقتراف مجازر جبل الزاوية الأخيرة، واستمرار القتل في حمص وحماة ودير الزور وريف دمشق وحوران؛ أحس بأن الحلقة تضيق عليه، وأنه استنفد كل الوسائل، فتنازل عن غروره ووقع بروتوكول جامعة الدول العربية، وعاد ليسميها جامعة عربية وسحب تسميتها ب "الجامعة العبرية" وألمح الى ما يُضمره، بلسان وليد المعلم: سنبلغ مجموعات المراقبة عن المناطق غير الآمنة، فإن أصروا على الذهاب اليها، فإن ذلك سيكون على مسؤوليتهم. وبات واضحاً، أن نظاماً بهذه القدرة على اقتراف الجرائم، سيعمل على فرز مجموعات من الشبيحة والأمن، لكي تتمثل دور عصابات تتعرض للمراقبين العرب، وربما تستهدفهم، لكي يؤيد العرب مزاعمه بأن المشكلة تنحصر في وجود عصابات. غير أن هذه الوسيلة، ستكون خاتمة دسائس النظام وتدابيره الخبيثة والدامية. فالسوريون ماضون في ثورتهم، ويزدادون إصراراً على النصر، وقد تأسست لهم في هذه المحنة، سوسيولوجيا كاملة، ذات منظومة مقتدرة، للتكيف مع المصاعب، وصار لهم فنانون وخطاطون ورسامون وزجالون ومشافي صغيرة آمنة للجرحى، وبدت شعاراتهم تعكس مدى إصرارهم وتنبههم لأخاديع السياسة، وليس ثمة أعراض للوهن أو لياس الغريق الذي يتعلق بأي أمل فيهجع لكي ينجو. هذه الوضعية، هي من إنجازات ثورة شعبنا العربي السوري، وهي البرهان الأكيد، على أن هذه الثورة، سوف تنتزع سورية من براثن الطغاة، وتنقلها من حال مزرعة التوريث والفساد والاستبداد الخانق، الى حال العز والديموقراطية والآمال الكثيرة. سيسقط النظام في العام 2012 وسيطوي السوريون أحزانهم وسيعرف الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..!

=================

من الأب الروحي لبن علي ومبارك والقذّافي والأسد؟

خيرالله خيرالله

الرأي العام

26-12-2011

بدأت السنة 2011 بقرار الرئيس التونسي زين العابدين القاضي بالتنازل عن السلطة واللجوء الى المملكة العربية السعودية. أخذت الأحداث منحى أكثر جدية مع تنحي الرئيس حسني مبارك ثم مثوله أمام المحكمة مع نجليه علاء وجمال وعدد من كبار المسؤولين في عهده. جاء بعد ذلك دور العقيد معمّر القذّافي و«جماهيريته». كانت النهاية حيث كان مفترضا ان تكون البداية، اي من الثورة الشعبية التي تشهدها سورية منذ عشرة أشهر والتي لا يمكن إلا ان تنتهي بإطاحة النظام الذي ورثه الرئيس بشّار الاسد عن والده والذي تبين انه نظام غير قابل للإصلاح بأيّ شكل. أما اليمن فيظل، على الرغم من كل ما يقال، استثناء وذلك في ضوء التعقيدات الخاصة بالبلد. هذا عائد الى تركيبته التي لا يمكن تشبيهها بأي تركيبة أخرى من جهة والتوصل الى صيغة قبل بها الرئيس علي عبدالله صالح تضمن الانتقال السلمي للسلطة من جهة أخرى.

ما الذي يجمع بين زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمّر القذّافي وربّما بشّار الاسد؟ يجمع بين الأربعة ان الدول التي كانوا يحكمونها، او لا يزالون يحكمونها، كما الحال في سورية، صارت في مهبّ الريح.

في الواقع لكلّ دولة عربية ظروفها. لكنّ لا شيء يمنع من اجراء المقارنة. واجه الرئيس التونسي الثورة الشعبية على طريقته. تونس بلد مسالم والمجتمع فيه مجتمع مسالم ولا وجود لطغيان المؤسسة العسكرية. لذلك، انتهى النظام بأقلّ مقدار ممكن من الخسائر. كان زين العابدين بن علي يعتمد على تخويف الناس لا أكثر ولا أقلّ. عندما كسر التونسيون حاجز الخوف، لم يجد ما يفعله سوى الرحيل ترافقه زوجته وكلّ ما خفّ وزنه وزاد سعره.

أما حسني مبارك، أسير التوريث، فقد رضخ في النهاية للمؤسسة العسكرية التي كانت أصلا ضد التوريث. تبيّن مرّة اخرى ان هناك نظاما قائما في مصر منذ العام 1952، تاريخ اطاحة الملكية، وان العمود الفقري لهذا النظام هو المؤسسة العسكرية. لا تزال المؤسسة العسكرية تقاوم الى اليوم فكرة تسليم السلطة وتعتبر نفسها الضمانة الوحيدة لاستمرار الدولة المصرية.

لم يكن مستغربا ان يواجه معمّر القذافي شعبه بالطريقة التي واجهه بها. كان يعتقد انه قضى على ليبيا والليبيين واقام نظاما مرتبطا بشخصه مكّنه من استعباد الشعب. لم يعرف يوما ان ليبيا لا تزال حيّة ترزق وان الليبيين ليسوا واقعين في عشقه وان جماهيريته كانت مجرد نكتة.

في سورية، يشبه الوضع الى حدّ كبير ما شهدته ليبيا. هناك حاكم اعتقد انه روّض الشعب. والحقيقة ان عملية الترويض هذه عمرها نصف قرن تقريبا، أي منذ جاء البعث الى السلطة في العام 1963. تبيّن ان الرئيس السوري لا يعرف شيئا عن شعبه وانه ليس صحيحا ان شعارات من نوع «المقاومة» و«الممانعة» يمكن ان تنطلي على احد. هناك شعب يريد ان يعيش. هناك شعب سوري متعلّق بثقافة الحياة. هناك شعب يرفض شعارات من نوع «الأمين حافظ الأسد...قائدنا الى الأبد». ليس معروفا الى اللحظة ما الذي قدّمه حافظ الأسد لسورية. المشكلة ان نجله الدكتور بشّار لم يمتلك القدرة على استيعاب ان العالم تغيّر وانه كان عليه، قبل تولي السلطة، النزول الى الشارع والتعرّف الى السوريين والى حاجاتهم الحقيقية. كذلك، كان عليه الذهاب باكرا الى لبنان والاستماع الى حقيقة مشاعر اللبنانيين ورأيهم بممارسات النظام السوري بدل الاصرار على التعاطي مع اسوأ نوع من أنواع اللبنانيين.

ما يجمع بين زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمّر القذّافي وبشّار الاسد هو وجود أب روحي للأربعة اسمه محمد سياد بري. قبل عشرين عاما، ترك سياد بري السلطة في الصومال ولجأ الى المنطقة التي تسيطر عليها قبيلته. منذ عشرين عاما لم يعد هناك مكان سوى للفوضى في الصومال. منذ غادر سياد بري مقديشو انتهت الصومال.

لا شكّ ان الأمل ليس مفقودا في مستقبل تونس. لكنّ ما شهدناه الى الآن لا يبشّر بالخير كثيرا، إلاّ اذا تبيّن ان السيد راشد الغنّوشي، الزعيم الفعلي لتونس الجديدة، قادر على البناء على ايجابيات عهدي بورقيبة وبن علي من دون عقد وتطوير التجربتين بدل العمل للقضاء على المجتمع المدني والقوانين العصرية التي كان معمولا بها، خصوصا في ما يتعلق بالمرأة والتعليم.

الأمل شبه مفقود في مصر، اقلّه في المستقبل المنظور. ليس ما يشير الى ان المؤسسة العسكرية قادرة على استعادة المبادرة وليس ما يشير الى ان الاسلاميين يمتلكون مشروعا لمصر باستثناء الشعارات.

أما ليبيا، فإلى ان تنتهي من الميليشيات المسلحة، ستكون هناك حاجة الى سنوات طويلة قبل ان يظهر من هو قادر على العمل فعلا من أجل بناء دولة عصرية.

في سورية، ليس ما يشير الى رغبة في انتهاج خط مختلف عن ذلك الذي اعتمده القذّافي. الأمل ضئيل باستيعاب بشّار الاسد ان أفضل ما يمكن ان يفعله للسوريين هو تأمين قيام مرحلة انتقالية ذات هدف واضح يتمثل في قيام نظام جديد يعيد سورية الى السوريين.

المؤسف ان سياد بري كان ايضا المثل الأعلى لصدّام حسين. من يتمعن في ما يدور على أرض العراق لا يرى أي أمل ببقاء البلد موحدا. من يضمن مستقبل تونس ومصر وليبيا وسورية والعراق؟ الجواب لا أحد يستطيع ذلك. كان الخوف قبل فترة قصيرة من «صوملة» اليمن. الخوف الآن من «صوملة» لا تستثني سوى عدد قليل من الدول العربية عرفت باكرا ان العالم تغيّر وان لا مفرّ من اصلاحات حقيقية في العمق بعيدا عن كل نوع من الأوهام على رأسها وهم الدور الاقليمي!

خيرالله خيرالله

كاتب لبناني مقيم في لندن

=================

سورية... الصراع الدولي والفصول الدامية!!

د.عبدالله القفاري

الرياض

26-12-2011

 سورية لم تعد فصلًا في تاريخ الربيع العربي... إنها الفصول الدامية التي تتوالى على شعب عظيم مقاوم للظلم والجور والطغيان.. مقاوم للانتهاك الفظيع.. مقاوم للإخضاع المقيت.. مقاوم للبقاء في رهانات الزمن المجهول المفتوح على مرارات القهر وانكفاءات الأمل بالخلاص.

هل هناك أعظم من هذه المقاومة؟ أينها من ادعاءات المقاومين والممانعين الذين تستلبهم آلة الكذب والتضليل حتى لا تبقي كرامة لمخلوق. الحرية لا تتجزأ، من يطلبها في زمن عليه ألا يرفضها في زمن آخر، ومن يطلبها لقوم عليه ألا يحجب حقها عن آخرين. ومن يتغنى بحرية البشر وأشواقهم للكرامة والحق الانساني كيف يصمد أمام تزييف المشهد وتكذيب الوقائع، وإطالة عمر القمع والقتل والاستبداد.

لا يوحي التحليل السياسي بالثقة عندما يظل لفترة طويلة اسيراً للتصريحات الإعلامية والمواقف المعلنة رسميا. الوقائع على الأرض هي التي تمد هذا التحليل بالقدرة على الصمود أو وجاهة الثقة بالتحليل. وفي حال تعارض السلوك مع التصريحات فإن الأخيرة ليست إلا من باب التضليل السياسي.

قدر الشعب السوري أن يعيش في جغرافيا تتصارع عليها قوى دولية وإقليمية، والأخطر انه يتماس مع فلسطين، حيث يقبع الكيان الاسرائيلي الذي يراقب مشهد التحولات بقلق كبير ويمارس ضغوطا من أجل محاصرة هذا الحراك. قدر الثورة السورية اليوم أنها وجدت نفسها رهينة حزام ممتد من طهران مرورا ببغداد إلى بيروت.. وهي تثير القلق من تطوراتها المحتملة، التي يمكن أن تأخذ هذا المخطط - الحزام - لعالم المجهول.

يرفع الشعب السوري الثائر بعد تسعة أشهر دامية ما يعبر عن أزمته مع الضمير العالمي: يا هذا العالم لماذا تتخلى عنا؟ هل كان جهلا او تفاؤلا مفرطا أو ورطة تلك الايحاءات التي قدمت لسورية منذ بداية انتفاضة شعبها باعتبارها محطة عبور سهلة لربيع الحرية العربي؟!

ومن الواضح اليوم أن العالم لا يريد هذه الحرية - التي يتغنى بها - لهذا الشعب. إن مصالحه وتحالفاته ومخططاته تفسدها هذه الحرية. إلا أنه سيواصل دعمه له بالبيانات والاستنكارات والادانات.. وعليكم ان تتدبروا أمركم!!

الموقف الدولي الملتبس تجاه الثورة السورية لا ينحصر بروسيا فحسب، فروسيا تواجه اليوم انتفاضة صغيرة على حزب بوتين، كما أن روسيا والصين لايمكن أن تؤيدا ثورة تتوق للحريات وبناء ديمقراطيات حقيقية، فهي مصابة بحساسية فائقة من هذه التحولات.

الديمقراطية الروسية تحولت إلى لعبة تدوير الكراسي بين مدفيديف وبوتين.

بوتين الرئيس السابق لروسيا والرئيس الحالي للحكومة والرئيس القادم مرة أخرى لروسيا، يتهم الولايات المتحدة الامريكية بأنها خلف المظاهرات الأخيرة في الشارع الروسي احتجاجا على نتائج الاقتراع الاخيرة..!! ألا يلفت الانتباه هذا التشابه بين ادعاءات النظام السوري والنظام الروسي رغم الفارق الكبير بين النظامين. كلاهما يتهم الولايات المتحدة الامريكية بأنها تعبث في بلاده أو تحرض على الثورة وتتآمر على النظام!! هل تنطلي هذه الادعاءات على الشعب الروسي.. كما تنطلي على جزء من النخب العربية؟!

هناك نفور غريزي من أي فيروس ديمقراطي حقيقي يمكن أن يبلغ الشارع في أي بلد عربي حتى لو يبعد آلاف الاميال عن بكين أو موسكو. كلاهما يعاني حساسية فائقة من إثارة قضايا الحريات السياسية وحقوق الانسان.. كما أن موقف هذين البلدين مرتبط بالمصالح الاقتصادية التي تشكل عاملاً لايمكن تجاوزه في عقل نظام بات يؤمن بالحرية الاقتصادية ويحاذر من الحريات السياسية.

وليس من التشبيه المتجاوز أن يثير موقف الحكومة الروسية - في بلد أصبح مرتعاً للمافيات- قدرا من التجاوب والانجذاب تجاه مافيات الاستبداد والقمع والحكم العصابي في بلدان عربية اجتاحتها رياح التغيير.. وقد ظهر هذا واضحا وجليا في المسألة الليبية، ويظهر اليوم بجلاء ووضوح أكبر في المسألة السورية.

الصين وروسيا والولايات المتحدة والدول الاوربية.. كلها ترعى وتتعهد مصالحها في هذه المنطقة. وكلها تتصارع في الخفاء حول نفوذها. إلا أن الفارق أن الدول الاوربية الكبرى كبريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى جانب الولايات المتحدة الامريكية تنشط فيها ايضا سياسات براغماتية، ولديها مرونة كافية للقفز إلى سيناريوهات متعددة تتسم بالمرونة وتنسجم مع رياح التغيير في المنطقة والعالم، كما أن حكوماتها تحسب حساباً لرقابة مؤسسات مدنية وحقوقية فاعلية ومؤثرة، لايمكن معها أن تُمرِّر بسهولة سياسات معلنة تصطدم بالوعي العام بمعنى الحريات والديمقراطية. وهذا ما تفتقر إليه كلّ من روسيا والصين.

لا يوحي التحليل السياسي بالثقة عندما يظل لفترة طويلة أسيراً للتصريحات الإعلامية والمواقف المعلنة رسميا. الوقائع على الأرض هي التي تمد هذا التحليل بالقدرة على الصمود أو وجاهة الثقة بالتحليل. وفي حال تعارض السلوك مع التصريحات فإن الأخيرة ليست إلا من باب التضليل السياسي.

هل تريد الولايات المتحدة الامريكية فعلا رحيل النظام السوري؟ وهل هي فعلا في وارد دعم ثورة على نظام تدرك أنها من خلاله تمسك بخيوط مهمة في المنطقة؟ ولماذا نتصور أن الصراع بين روسيا وأمريكا، ولماذا لا يكون بين أمريكا التي قد تستخدم روسيا وتنسق معها وهي تضمن مصالحها في المنطقة، وبين البريطانيين والفرنسيين؟ ولذا لا يثير الغرابة أن المبادرة الروسية الاخيرة تجاه الوضع السوري تمت بتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية.

أعتقد أن الولايات المتحدة الامريكية تعيش اليوم ورطة الثورة السورية. فهي عملت طويلا على بناء نظام عراقي متفاهم مع المحور الايراني منسجم مع الدور السوري المرتبط بالقوى المؤثرة في الشأن اللبناني. انفصام الحلقة السورية خطر على النظام العراقي المحفوف بالعناية الأمريكية. الولايات المتحدة الامريكية تخشى على النظام العراقي الذي سيحظى بحمايتها ورعايتها لفترة طويلة، وهي تبارك عقود الروس مع طهران، التي تطال التسليح حتى المنشآت النووية، كما تشجعها على مزيد من الاستثمارات في سورية التي بلغت قرابة عشرين مليار دولار، تتركز أساساً في التسلح والبنى التحتية والطاقة.

الأمر الاخر الضغوط الاسرائيلية على الموقف الامريكي، فإسرائيل أكثر قلقا من سواها عما سيسفر عليه الوضع السوري اذا ما نجحت الثورة السورية في تحقيق اهدافها في اقتلاع النظام.

ولذا يمكن لأي مراقب أن يلاحظ أن الموقف الامريكي لم يكن جادا في اي مرحلة في التعامل مع النظام السوري. هذا الموقف ظل في إطار الشجب والتنديد مع التحفظ الشديد تجاه أي خطوة عملية جادة .. وربما يفسر هذا الموقف التركي – المتأثر بالموقف الامريكي- الذي لم يتجاوز حتى اليوم التنديد والتهديد دون أي خطوة عملية مؤثرة تستهدف حماية المدنيين ودعم الثورة.

الضغوط الاوربية على الولايات المتحدة الامريكية لم تثمر توجها جادا لمواجهة مأزق النظام السوري مع شعبه الثائر الذي يتعرض لأخطر الانتهاكات. الأوربيون والفرنسيون تحديدا، يواجهون إحجاما أمريكيا تلعب فيه روسيا دورا مهما في إفشال الثورة السورية، كما تلعب اسرائيل الدور الاخطر في ممارسة الضغوط لمواجهة التغيير في سورية. لا يخفي القادة الاسرائيليون خشيتهم من التحولات التي غيرت وجه النظم في المنطقة، ولكن في سورية يبدو المأزق الاسرائيلي أكبر وأخطر.

نجحت بريطانيا وفرنسا في استعادة ليبيا من براثن الامريكان، وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن ليبيا الجديدة ستكون لقمة سائغة للغرب الاوروبي، ولكن يعني ايضا أن ليبيا الجديدة أقرب في علاقاتها وترتيب مصالحها مع بريطانيا وفرنسا.

وفي سورية تقاتل فرنسا - وهي تعاني مع الدول الاوربية الكبرى في معالجة أزمة اقتصادية كبيرة - لاستعادة سورية من الحضن الامريكي الذي يتخفى تحت فرو الدب الروسي.

تجتمع وزيرة الخارجية الامريكية بالمجلس الوطني السوري في جنيف في الصباح، وتعيد سفيرها لدمشق في المساء. ولا تتوانى فرنسا أن ترسل سفيرها لمراقبة ما يجري في سورية وخاصة طبيعة الدور الامريكي بعد عودة السفير!!؟

من سيحسم الصراع الدولي حول سورية، هو قدرة الثائرين والمتظاهرين على مواصلة مهمتهم التي شرعوا بها منذ تسعة شهور، ومن سيدعم هذا التوجه هو تحالف اقليمي - عربي ينتزع شرعية الخطوة الاولى من براثن الصراع الدولي الذي يدفع ثمنه الباهظ الشعب السوري لا سواه..

=================

إسرائيل تؤيد النظام السوري

رضا محمد لاري

الإثنين 26/12/2011

المدينة

تخفف بهدوء حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» من وجودها في دمشق ومن دعمها لحليفها التقليدي النظام السوري الذي يقاتل لاحتواء انتفاضة متصاعدة إلى الدرجة التي جعلت سفك الدماء والعنف في سوريا يشكل تحدياً مزعجاً بالنسبة لمنظمة حماس مع تصاعد حظوظها السياسية في اماكن أخرى بمنطقة الشرق الاوسط بعد ان منح موقفها الانتفاضة السورية القوة لها مما سمح لقادة الحركة بتعزيز روابطها مع الحكومات الصديقة من المغرب وحتى معقلها الحصين بقطاع غزة.

بدأت تشعر حماس بالضغط من دمشق مقر مكتبها السياسي ومركز عملياتها الاقليمية لأكثر من عقد من الزمان حتى بدأت تشعر بأنها غير آمنة على نحو متزايد مما جعل النظام السوري يشعر بالغضب لأن حركة حماس رفضت دعم نظام سوريا ضد الانتفاضة التي بدأت في شهر مارس من عامنا الحالي 2011م الى الدرجة التي جعلت العلاقات بينهما تصل الى نقطة الانهيار مما جعل منظمة حماس تؤجل العديد من كل مسؤولياتها إلى الدرجة الأدنى من سوريا خوفاً من الانتقام وانهيار النظام.

يؤكد مسؤول في منظمة حماس في قطاع غزة :»نشعر أن الوضع خطير للغاية بالنسبة لحركة حماس في سوريا بعد ان اصبح النظام السوري غاضباً جداً من حماس ويريد ان يقدم الدعم له كما فعل حزب الله ولكن اصبح ذلك مستحيلاً بالنسبة لمنظمة حماس لأن النظام السوري يواصل القتل لشعبه» ، وأعلن دبلوماسيون ان مبعوثي منظمة حماس يجسّون النبض في جميع انحاء المنطقة اذا قرروا نقل مقرهم من دمشق على وجه السرعة ، مع أن الكثير من المسؤولين والمحللين يعتقدون ان التقارير عن انتقال وشيك للحركة إلى دولة قطر، وأن كان البعض يرون أن ذلك سابق لأوانه خصوصاً وان دبلوماسياً غربياً في دمشق يؤكد: «أن حركة حماس لم تحصل حتى الآن على مقر بديل لدمشق والمتوقع ان حركة حماس ستحاول تأمين مواقع بعدد من البلدان العربية ولكنه نفى نفس الدبلوماسي الغربي في سوريا بانه لا يعتقد ان الخروج لمنظمة حماس من سوريا هي القضية بالنسبة لها». وان كان مسؤول من حركة حماس في قطاع غزة أكد « ان قطر يمكن ان تستضيف منظمة حماس كأفراد وليس كمجموعة متكاملة يقام لها مكتب سياسي في الدوحة مما يفرض على منظمة حماس البحث عن مقر جديد لها في إحدى دول الوطن العربي، ولكنها حتى الآن لم تهتد إلى هذا المقر الرسمي لها في الوطن العربي الذي يحلّ محل دمشق العاصمة السورية.

تحت عنوان «مساعٍ أمريكية فرنسية لدعم انقلاب عسكري ضد النظام السوري» أكدت مصادر دبلوماسية ان الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا تعملان على ايجاد حل للأزمة السورية في اشارة الى عدم رغبة باريس في تكرار ما حدث في ليبيا وعليه يتم تداول فكرة التخلص من النظام السوري من خلال قيام انشقاق داخل هذا النظام، يعوّل الداعمون لهذا الخيار على تمرد بعض القادة العسكريين من خلال الانقلاب على النظام السوري ، ويرى أصحاب هذا الفكر أن ذلك يمثل أقل ضررا بالشعب السوري والاكثر ضماناً لأنه يضمن السرعة في التنفيذ والقدرة على الحدّ من الخسائر الجانبية.

وتؤكد العديد من المواقف ان الدور التركي سيكون حاسمًا في تنفيذ هذه العملية من خلال شبكة علاقات الجيش الحرّ المنشق مع بعض القادة في الجيش السوري الرسمي وهذا يحقق الانقلاب المطلوب على اعتبار ان قادة الجيش الحرّ متواجدين تحت حماية الخارجية التركية وبالتالي فإن التعامل مع قادة الجيش الحر المنشق يستلزم موافقة تركيا.. ومن ناحية أخرى أكدت معلومات سرية ان ثوار ليبيا يسعون الى مدّ يد العون للجيش السوري الحرّ وذلك بعد ما تأكد ان عبدالحكيم بلحاج قائد ثوار ليبيا قام بزيارة الى الحدود التركية السورية حيث تباحث مع قادة الجيش السوري الحرّ، كل ذلك يضيّق الخناق على النظام السوري في دمشق ويرى الكثيرون أن هذه الأوضاع قد تؤدي إلى حرب أهلية في سوريا.

يقف مع النظام السوري الحالي إسرائيل التي ترى أن بقاء واستمرار هذا النظام يخدم الكثير من مصالحها في منطقة الشرق الأوسط وقد وجّه وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان الدوائرالصهيونية في الولات المتحدة الامريكية للضغط على صنّاع القرار السياسي في واشنطن للوقوف إلى جانب النظام السوري، وأدى هذا التوجّه إلى انشقاق الموقف الرسمي الأمريكي بصورة جعلته يتخذ موقفين متناقضين موقف يطالب باسقاط النظام السوري القائم وموقف معاكس يطالب بالمحافظة على النظام السوري القائم.

بعث رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتينياهو برسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك اوباما جاء فيها ان النظام الحالي في سوريا يخدم مصالح عديدة لإسرائيل لأن الحدود بين البلدين اسرائيل وسوريا آمنة.. وأي تبديل أو تغيير للنظام القائم في دمشق سيفرض أوضاعاً تضرّ بمصالح إسرائيل لأنه سيحوّل الحدود السورية الاسرائيلية من الهدوء والأمان إلى الكثير من الصراعات والمشاكل التي لا ترغب فيها تل أبيب.

تسرّبت هذه المعلومات التي جاءت في خطاب رئيس الوزارة الاسرائيلية بنيامين نتينياهو بنشر صحيفة هآرتس الاسرائيلية لفقرات منه، بجانب ردود الفعل من الجانب الأمريكي الذي فرض انشطار دور واشنطن بين الوقوف مع النظام السوري وضده في آن واحد.

=================

تفجيرات دمشق.. مجرد تساؤلات !

رجا طلب

الرأي الاردنية

26-12-2011

منذ اكثر من تسعة اشهر والثورة الشعبية في سوريا مندلعة وطوال هذه الاشهر كان النظام َيتهُم قوىً متطرفة لم ُيسمها بانها هي من تؤجج الوضع في سوريا، وان الامن والجيش يواجهان هذه القوى التي لم يعطينا النظام اسما لتنظيم واحد منها، ولم يحدد هوية اي منها او اسماء قياداتها او غير ذلك، فبقيت التهمة في نظر الكثير من المتابعين والمراقبين «ادعاءات وبروبغندا» خاصة في ظل اتساع الثورة الشعبية وتنسيقياتها في توثيق اعمالها الاحتجاجية ومواجهاتها مع رجال النظام بالاضافة لتوثيق اعمال القتل والترويع التى مارسها ويمارسها النظام وكلنا يذكر نماذج لا تغيب عن الذهن والذاكرة كنموذج الطفل الشهيد حمزة الخطيب في درعا والذي ُمثل في جسده، والشابة زينب الحصني التى ُسلخ جلدها، وعندليب الثورة ابراهيم القاشوش الذي قتل ونزعت حنجرته لانه هتف في ميدان الساعة بحمص « يلا ارحل يا بشار».

منذ تسعة اشهر والثورة مستعرة والقتل مستمر وخطاب النظام انه لا يواجه المدنيين بل يقتل عصابات مسلحة، وفجأة وبدون ادنى مقدمات وغداة وصول المراقبين العرب الى دمشق يقع الانفجاران الانتحاريان والاسئلة حول هذا الحدث عديدة ومن ابرزها :

اولا: هل كانت تصريحات وزير الدفاع اللبناني فايز غصن المقرب من دمشق والتى حذر فيها من تسلل عناصر من القاعدة الى سوريا عبر قرية عرسال الحدودية وقبل يومين فقط من وقوع التفجيرات مجرد مصادفة ام توطئة وتمهيدا لسيناريو التفجيرات والتوظيف السياسي الاعلامي لها، علاوة عن العديد من الاسئلة حول حقيقة وجود القاعدة في لبنان وقدرة وزارة الدفاع اللبنانية اصلا على تعقب هذا التنظيم ومعرفة تحركاته ؟

ثانيا: ما هي قصة حزب «الغالبون السنة» الذي َفتح لنفسه قبل ايام من التفجيرات صفحةً على الفيس بوك ونشر على صفحة «دمنا غالي كلنا» بيانا يعلن عن فيه عن تجهيز عدد من الانتحاريين ليفجرون أنفسهم ويموتون شهداء في الدوائر الحكومية في الشام وحلب».

السؤال من هو هذا التنظيم وكيف ُخلق ووجد بين ليلة وضحاها، وهل ُيعقل ان يخرج تنظيم الى العلن وبدون سابق انذار ليعلن عن نيته القيام باعمال «جهادية» ويحذر النظام والناس سلفا.. انها سابقة غير معقولة وما هو اقرب الى الحقيقة ان هذا التنظيم ُمختلق تماما وهو اختراع اعلامي له دور تمهيدي لاظهار ان هناك تهديدات للنظام السوري وان هناك عمليات ستحدث؟!

ثالثا: بعد عمليتي التوطئة السابقتين سارع النظام وبعد ساعة ونصف الساعة من وقوع الانفجاريين وفي اسرع قدرة تحقيقية في التاريخ الى اتهام تنظيم القاعدة بالوقوف وراء التفجيرين، وهو ما يعكس حالة صارخة من التناقض بين العجز التام «المفترض» عن اتخاذ اجراءات وقائية لمنع التفجيرات بحكم ان النظام حدد الجناة وتعقبهم وبين القدرة الفائقة في الوصول الى حقيقة الجهة المسؤولة عن التفجير، وهذا يدلل تماما على ان تصريحات غصن وبيان «الغالبون السنة» لم يكونا الا توطئة اعلامية لدعم مصداقية النظام في انه مستهدف من القاعدة.

رابعا: لا اريد هنا التحدث عن نقطة المصادفة بين وصول المراقبين ووقوع التفجيرين وما هي مصلحة القاعدة التى تربى الكثير من قياداتها الميدانية في العراق وسوريا وبلاد الشام في احضان الدوائر الامنية السورية في استهداف سوريا فهذه النقطة بحد ذاتها مفارقة تصل حد الجنون، لكن ما اريد التوقف عنده هما نقطتان:

أ: لماذا قامت سوريا بالتشويش على قناتي العربية والجزيرة على مدى ساعتين منذ الاعلان الرسمي عن وقوع الانفجاريين؟ الجواب لكي تفرض عمليا على كل متابع للشان السوري متابعة القناة الرسمية السورية وقناة دنيا « المضحكة « وهو عمل مخطط له وليس رد فعل عفوي ؟

ب: لماذا لجأت قناة دنيا التابعة للمخابرات السورية والتلفزيون الرسمي ووكالة سانا الى نشر مقزز للجثث المتفحمة والاشلاء في سلوك واضح لاختطاف مشاعر التعاطف من العالم واظهار ان الدولة السورية ضحية للارهاب، وهو سلوك ترفعت عن ممارسته مواقع اخبارية متواضعة بينما قام به اعلام السلطة السورية بكل اصرار وبتحد سافر لمشاعر المشاهدين والمتلقين.

خامسا: شيعت جثمانين القتلى ولكن الى اللحظة لم تنشر السلطات السورية قائمة باسماء القتلى ورتبهم، وهو ما يعزز مصداقية الروايات التى تتحدث عن ان القتلى مجرد معارضين خطط النظام لوضعهم في اماكن التفجير للخلاص منهم.

في كل الاحوال سيناريو التفجير والقاعدة لم يقنعا الا ايران والمالكي وحزب الله اما العالم فقد ادان «التفجير ومن يقف وراءه» دون ذكر او اتهام للقاعدة، والسؤال الاخير هل هذه مصادفة ايضا ؟

rajatalab@hotmail.com

=================

واشنطن - دمشق: إنه الصمت الأبيض

الإثنين, 26 ديسيمبر 2011

مرح البقاعي *

الحياة

حين التقيتُ وزيرة الخارجية الأميركية السيدة هيلاري كلينتون، إلى جانب مجموعة من الناشطين السوريين في مكتبها في 2 آب (أغسطس) 2011، وكان لقاء مغلقاً مع فريق عملها لم تحضره الصحافة، لفتني في حوارها معنا الذي دام ساعة وخمس دقائق، أنها قالت بوضوح «نحن لا نريد أمركة الحراك السياسي السوري». قرأت على الفور، في إشارتها تلك، رغبة مستترة ما وراء المصطلح مفادها النأي بالنفس عن هذا المدّ الثوري الذي يجتاح منطقة الشرق الأوسط، والتعامل معه وفق المصالح المحدّدة الأميركية، كل حالة على حدة، تماماً كما شهدنا من المواقف المتناقضة للديبلوماسية الكلينتونية تجاه الحراك الثوري عينه، ووفق الترتيب الزمني لاندلاع الثورات الشعبية في إيران ثم ليبيا ثم سورية. قلت في نفسي حينها: «ونحن لن نطالبكم بما لستم قادرين أو راغبين في تقديمه للثورة السورية موازاةً بما امتنعتم عن تقديمه للحركة الخضراء في إيران، في حين اقتضت الحاجة أن تتوغلوا في لعبة سياسة القوة الذكية في ليبيا حتى العثور على القذافي في حفرة أيضاً على غرار حفرة صدام حسين»!

ارتكزت مرجعية السياسة الخارجية لإدارة باراك أوباما الديموقراطية حيال دول المحور الساخن: سورية، لبنان، اسرائيل، إلى منعطف استثنائي في الأولويات الاستراتيجية انتقل من اعتماد مرجعية «الأرض مقابل السلام» في التعاطي مع مشروع المفاوضات المعلّقة بين سورية وإسرائيل، إلى صيغة أكثر تعقيداً وإلحاحاً تتضمن علاقة سورية مع الثالوث المضاد: إيران، حزب الله، المنظمات الفلسطينية الراديكاليّة. وجاءت هذه المرجعية على النقيض مما اعتمدته إدارة جورج دبليو بوش، حيث تراجعت في عهده أهميّة المكوّن الإسرائيلي للعلاقات بين دمشق وواشنطن مقارنةً بالمكوّنات السياسية الإقليمية الأخرى في العراق ولبنان. وبناء عليه، اعتمدت سياسة بوش حيال سورية سياسة القوة الناعمة، ومفادها مراقبة الحالة السورية بدقّة وعن قرب من دون الدخول في مواجهات مباشرة مع دمشق، هذا إلى جانب إبقاء كلّ الاحتمالات مفتوحة على التعامل مع نظام الأسد وشبكة أحلافه الإقليمية التي انحدرت من أروقة السياسة العليا لدول الجوار إلى أقبية الميليشيات المسلحة.

وصل باراك حسين أوباما إلى المكتب البيضاوي مستنداً إلى عاملٍ أساس، ألا وهو الرغبة الجامحة للشعب الأميركي في تغيير وجهة السياسة الأميركية إلى نقيض ما آلت إليه السياسات البوشية، لا سيما في العراق، حيث تكمن العقدة النفسية الأصعب في الذاكرة الأميركية المعاصرة ما بعد العقدة الفيتناميّة. وضمن هذا السياق تحوّلت السياسة الخارجية لإدارة أوباما من صفتها «الناعمة» إلى «الذكيّة». والسياسة الذكية ليست بالجديدة على الذهنية الأميركية، بل تعود إلى عهد منظّرين روّاد من أمثال كارل فون كلوزفيتز ولورنس العرب اللذين دعوا إلى سياسة خليطة تعتمد على استعمال القوة العسكرية محمّلة بأيديولوجيات داعمة. وقد تجلّت هذه السياسة واضحة في النهج الأميركي في ليبيا عبر مساعدة الثوار، عسكرياً ولوجيستياً، في إسقاط القذافي بمنظومة استبداده الأربعينيّ.

أما في الحالة السورية، وربيعها العسير، فالمقاربة الأميركية تختلف تماماً عن تلك المتّبعة في الحالة الليبية. فقد كان أوباما شيّد صرح حملته الانتخابية الاستثنائية على بسط اليد بالمصافحة وإقامة الحوار مع العالم الإسلامي وفي مقدمه إيران. ومن الجليّ للمراقب أن «غض البصر» الذي تمارسه الإدارة الأميركية الحاليّة عن التمدّد الإيراني في المنطقة، ناهيك عن تجاهلها لقمع قوات الباسيج الوحشي للحركة الخضراء التحرّرية، إنما يصبّ في خانة رغبته، التي لم تعد تخفى على أحد، في الشروع بحوار مع إيران للضغط على حليفتها سورية ومن ورائها حزب الله والمنظمات الفلسطينية المسلّحة وعلى رأسها حماس، من أجل العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل، وتحقيق اختراق له على مستوى السلام العربي - الإسرائيلي من جهة، وعلى مستوى العراق إثر الخروج الأميركي الشامل، وكذا لبنان وجبهته الداخلية الهشة من جهةٍ أخرى، ليشكّل تفاهمٌ باطني على هذا المستوى بين الولايات المتحدة وإيران نصراً سياسياً لأوباما على أبواب الانتخابات الرئاسية 2012، لا سيما أمام خصم جمهوري عتيّ هو نيوت غينغرتش الذي سارع وأعلن في تصريح هو الأقوى تجاه رأس النظام السوري قائلاً: «الأسد عدونا، وهو حاكم مستبدّ وحليف لإيران، وبذهابه سيكون المستقبل أفضل»!

اقتضت الحاجة الانتخابية لأول رئيس أسود في التاريخ الأميركي أن يُدخِل بيته الأبيض في حالة من صمت سقيم من سياسة خارجية بلا ملامح، خصوصاً في ما تعلّق بمواقفه تجاه قضايا الشرق الأوسط الساخنة التي أربكتها المفاجأة باندلاع ثورات الربيع العربي في غير بلد، وذلك بهدف الانتقال بسلاسة إلى فترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2016 من دون تشويشِ مترتّبات مواقف صلبة وحدّية عقد العزم أن يتجنبها.

وعلى طريقة «فلاش باك» يكمن فصل المقال بالعودة إلى مشهد أزمة الرهائن الديبلوماسيين الأميركيين في طهران عام 1979. فقد تعامل الرئيس جيمي كارتر مع الأزمة بلغة استعطاف مبالغ فيه حين خاطب الخميني مباشرة، في رسالة خطية خاصة منه، ملتمساً حل مشكلة الرهائن من «رجل يؤمن بالله»، هذا ناهيكم عن لهجة مبعوثه للأمم المتحدة، أندرو يونغ، الذي توسّل الخميني أن يظهر «شهامة ورحمة» مطلقاً عليه صفة «قديس القرن العشرين»، الأمر الذي دفع بالرئيس الجمهوري رونالد ريغان حال فوزه على منافسه الديموقراطي كارتر في انتخابات الرئاسة لعام 1980 لأن يخاطب الخميني قائلاً: «لو كنتُ في موقعك لسعيت إلى التوصّل لحل مع كارتر فهو رجل لطيف، وأنا على ثقة بأن موقفي حينما أصل إلى البيت الأبيض حيال هذه القضية لن يعجبك»! أما ردّ الفعل الإيراني فجاء مباشراً بإطلاق سراح الرهائن الأميركيين بعد دقائق من أداء الرئيس ريغان القسم كرئيس للولايات المتحدة إثر خسارة منافسه كارتر بسبب موقفه المائع من تلك القضية المحورية في العلاقات الأميركية - الإيرانية.

تحدّث رئيسُ سورية بشار حافظ الأسد للإعلامية الأميركية باربارا والترز قائلاً: «لا يقتلُ شعبَه إلا رئيسٌ مجنون»! فمتى ومَن يُطلق سراح 23 مليون أسير سوري من قبضة ديكتاتور «عاقل»؟!

* كاتبة سورية

=================

العراق بعد سورية على شفير... الهاوية؟

الإثنين, 26 ديسيمبر 2011

جورج سمعان

الحياة

إذا لم يحسن العراقيون إدارة أزمتهم الحالية فستصح نبوءتهم الأولى بأن انسحاب الأميركيين سيخل بالتوازنات القائمة وسؤجج الصراع على ملء الفراغ الذي سيخلفه هذا الرحيل. وستصح نبوءتهم الثانية بأنهم لن يكونوا بمنأى عما يدور في ساحات سورية الجارة اللصيقة.

على المستوى الداخلي، استعجل رئيس الوزراء نوري المالكي استكمال معركته التي بدأها عشية الانتخابات النيابية الماضية. يومها نجحت «هيئة المساءلة والعدالة» في إبعاد مرشحين من كتلة «العراقية»، وبينهم نائبه اليوم صالح المطلك. ونجح هو بدعم من إيران، في حرمان زعيم هذه الكتلة أياد علاوي من رئاسة الوزراء، على رغم التأييد الذي كان الأخير يتمتع به، إقليمياً ودولياً. وبعد مخاض طويل استمر شهوراً نجحت القيادة الكردية في دفع جميع الأطراف إلى التوافق على حكومة وحدة. وتوقع كثيرون أن يكون المالكي في حكومته الثانية غيره في الأولى. ولكن ها هم قادة «العراقية» يتهمونه اليوم بما كان يتهمه به شركاؤه في التحالف الوطني بأنه «مستبد وديكتاتور»، أو «صدام آخر» على ما وصفه مقتدى الصدر... قبل التوافق.

كشفت تداعيات الأزمة التي أشعلها المالكي غياب التفاهم بين مكونات حكومة الاتحاد الوطني، بل بين مكونات البلاد. كأن ثمة اتجاهاً إلى كسر صيغة «لا غالب ولا مغلوب» التي ارتضت بها قوى عراقية بضغط أميركي وإقليمي فضلت نوعاً من التوازن ترجم «محاصصة» أو ما سمي «ديموقراطية توافقية»... وإن كانت الغلبة ولا تزال للجار الإيراني. لأن البديل كان ولا يزال العودة إلى الحرب الأهلية.

وكشفت الأزمة انعدام التشاور. الرئيس جلال طالباني لم يبلغ سلفاً بتوجه القضاء إلى فتح ملف قديم لنائبه طارق الهاشمي. ومع أن في الخطوة تجاهلاً لموقع الرئاسة، إلا أن الأبعد من ذلك هو الإحراج الذي خلفته وتخلفه للقيادة الكردية: لا يمكن هذه القيادة تسليم «المطلوب» إلى القضاء في بغداد. ولا يمكنها تسهيل خروجه إلى ما وراء الحدود. ولا يمكنها أن توفر له إقامة دائمة، الأمر الذي سيفاقم الأزمة مع الحكومة المركزية. مثلما قد تتهم الحكومة الكردية بأنها توفر ملاذاً آمناً للمطلوبين للعدالة!

والأخطر من ذلك، أن الأكراد يجدون أنفسهم في صلب المواجهة الحالية، من منطلق حرصهم على وجوب بقاء الحد الأدنى من التوازن في إدارة البلاد. ذلك أن تجاربهم المريرة والدموية مع السلطة المركزية في بغداد لا تزال حية في الذاكرة. وهم يفضلون أن تبقى هذه السلطة محكومة بتوازنات هشة بدل أن يستأثر طرف واحد بالمقاليد العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية... فتعود العلاقة بين كردستان وبغداد إلى سيرتها القديمة من الصراع والتناحر والاحتراب. وتواجه القيادة الكردية سيناريو مماثلاً لما يواجهه بعض أقطاب السنّة. وهناك أكثر من ملف عالق بين الإقليم والمركز، ليس أقله مستقبل كركوك والأراضي المتنازع عليها. فضلاً عن مسائل النفط ومصير «البيشمركة»...

ما يفعله المالكي اليوم هو الدفع بالأكراد إلى اصطفاف سنّي لا يريدونه ولا يرغبون في تكريسه. لم يسيروا في ركاب لاعبين كثر في الداخل والخارج كانوا يدفعون بأياد علاوي إلى رئاسة الحكومة، إثر انتخابات العام الماضي. اختاروا الإقامة في الوسط. فضلوا بناء علاقة متوازنة مع الكتل العربية على اختلاف مذاهبها، وذهبوا مذهب إيران في دعم التجديد لزعيم «دولة القانون»... وهم يفضلون العودة إلى صيغة متوازنة تحفظ لهم استقرار إقليمهم... إلا إذا انتهت المعركة بقيام أقاليم أخرى تكرس فكرة الفيديرالية فعلياً... لئلا نقول التقسيم!

في أي حال، إذا عرف المالكي كيف يدير معركته الحالية وينجح كما نجح في إدارته الصراع لتجديد رئاسته للحكومة الحالية بعد الانتخابات الأخيرة في مواجهة رغبات عربية واسعة خليجية - سورية وتركية وأميركية وحتى أوروبية بمساندة كاملة من إيران، فإنه سيخرج أقوى مما كان. أما إذا فشل فإن رصيده سيتضاءل. أما الهاشمي فأصيب بطلقة قد تكون قاتلة، خصوصاً إذا ترددت قوى سنّية في دعم معركته، مفضلة ما قد يعرض عليها رئيس الوزراء من مكاسب ومواقع ومكافآت.

أما مستقبل كتلة «العراقية» فهو على المحك هذه المرة، خصوصاً زعامة أياد علاوي. إذ ربما جنحت قوى وكتل وقيادات سنّية إلى تصدر زعامة السنّة مباشرة. والكتلة في حسابات اليوم أصيبت بمزيد من الأضرار. كانت لها رئاسة الحكومة لحصولها على أكبر عدد من المقاعد، لكن الضغوط الإقليمية، خصوصاً الإيرانية حرمتها من هذا الامتياز. وعندما قدم إليها مؤتمر أربيل «مجلس السياسات الاستراتيجية» جائزة ترضية، لم تحصل على هذا الامتياز. مع أنها بنت الكثير من الأحلام حتى خيل أن هذا المجلس سيكون صنواً لمجلس الوزراء. لكن الذين وقفوا دون وصولها إلى رئاسة الحكومة دفنوا المجلس... ودفنوا معه كل ما توافقت عليه الكتل في لقاء أربيل. وها هم يهيلون التراب على حكومة الوحدة الوطنية التي لم يكتمل عقد وزرائها الأساسيين إلى اليوم.

وإذا كان الأكراد، ومعهم القوى السنّية لا يرغبون في رؤية المالكي يستأثر بالسلطة، فإن شركاء زعيم «دولة القانون» في «التحالف الوطني» قد لا يرغبون هم أيضاً في رؤيته «سيداً» وحيداً في إدارة شؤون البلاد والتفرد بالقرارات الأمنية والدفاعية والاقتصادية والمالية. لأن مثل هذا الاستئثار يعني احتمال إلغاء أي إمكان لتداول السلطة، وإضعافاً لمواقع الشركاء، سواء في «التيار الصدري» أو في «المجلس الأعلى». وهو ما لا يروق لآل الحكيم وآل الصدر وكتلتيهما.

عرف المالكي كيف يوقّت معركته. جاءت غداة انسحاب آخر الجنود الأميركيين من العراق. وكانت أجهزته الأمنية شنت قبل ذلك بأسابيع حملة واسعة شملت عدداً كبيراً من الذين تتهمهم «دولة القانون» بالانتماء إلى الإرهاب أو إلى حزب البعث المنحل. وجاءت في ظرف إقليمي مأزوم ومحموم، في ضوء تصاعد الأزمة في سورية والصراع المحتدم، إقليمياً ودولياً، للتحكم بمسار الأحداث ومآلاتها في هذا البلد. ولا شك في أن إيران التي وقفت خلف المالكي تلاقيه في معركته الحالية لتصفية خصومه، خصومها أيضاً. ولعل بعضهم قرأ في حملة زعيم «دولة القانون» محاولة عراقية - إيرانية لاستباق ما قد تخلفه تداعيات الأحداث السورية على «الهلال الإيراني». بل محاولة لضبط الساحة العراقية وتجنيبها أية انعكاسات سلبية قد تطرأ من الجار المريض. تماماً كما حصل في لبنان عندما فضل حلفاء الجمهورية الإسلامية الإمساك بخيوط اللعبة السياسية. أي الإمساك بالحكومة كاملة للاطمئنان إلى سلامة مواقعهم، وإدارة معركتهم بيسر أكبر. لذلك، لا يستبعد أن يلجأ المالكي إلى حكومة من لون سياسي واحد، إذا فشلت المساعي في إيجاد مخرج يحفظ بقاء حكومته الحالية.

أثبتت الأزمة في بغداد أن دور الأميركيين تضاءل أكثر مما كان قبل رحيل آخر جنودهم، وإن كانوا لا يزالون يعزون أنفسهم بالتكرار أنهم لم يغادروا العراق، وأن ما جرى هو إنهاء وجودهم العسكري فقط. ولا ندري ماذا يقول سفيرهم جيمس جيفري اليوم، وكان أعلن منتصف العام الماضي عندما بدأ الانسحاب «إننا لا نغادر العراق. إننا ببساطة نسمح لأنفسنا بإنهاء وجودنا العسكري البري». وطمأن الخائفين على مستقبل العراق، إلى إنه لم يلمس قوة النفوذ الإيراني في هذا البلد. وكان يشير إلى تعثر «التحالف الشيعي» في تشكيل الحكومة بعد مرور نحو نصف سنة على الانتخابات النيابية! لكن الحقيقة أن الإدارة الأميركية تجد نفسها اليوم مرغمة على التعامل مع المالكي نظراً إلى عدم قدرتها على فرض أي بديل من الكتل الأخرى، ولا سيما منها «العراقية». ومعروف أن عرابين كثراً كانوا وراء ولادة هذه الحكومة. لكن إيران كانت القابلة القانونية.

لكن إيران التي تسعى إلى تدعيم مواقعها من لبنان إلى سورية فالعراق، وتفتح جبهات أخرى ليس آخرها مع دولة الإمارات العربية المتحدة، تدرك أنها لا يمكن أن تفوز في كل الجبهات في وجه حشد من القوى العربية والخليجية والتركية والغربية. لا بد من المساومة والمقايضة... أو في أحسن الأحوال لا أسوأها ربحاً هنا يعوض خسارة هناك. فهل يكون الربح في العراق بديلاً من الخسارة في سورية، أم يصل اللاعبون على سكة المبادرة العربية إلى تسوية تحفظ حداً أدنى من التوازن في «الهلال... الخصيب»؟

======================

تقرير استراتيجي إسرائيلي: الصورة قاتمة على كل الجبهات

الحياة - السبت, 29 أكتوبر 2011

الناصرة - أسعد تلحمي

«الصورة قاتمة في كل الجبهات: تدهور خطير في الوضع الاستراتيجي لإسرائيل وفي مكانتها الدولية، وتراجع مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يُفقد إسرائيل هيبتها الردعية، والجبهة الداخلية ليست جاهزة لحرب، والمستوى السياسي لا يبادر إلى شيء لتحريك العملية السياسية، وإسرائيل تبدو عاجزة أمام الربيع العربي». هذا بعض استنتاجات خلص إليها التقرير السنوي الذي أصدره أمس «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب تحت عنوان «تقديرات استراتيجية لإسرائيل لعام 2011»، واعتبره مراقبون الأكثر سوداوية بين كل التقارير التي أصدرها المعهد منذ تأسيسه العام 1983.

ويرى واضعو التقرير، وهم من خريجي المؤسسة الأمنية وأكاديميون بارزون، ان تدهوراً آخر طرأ العام الأخير على مكانة إسرائيل الاستراتيجية «في غياب استراتيجية سياسية واضحة كان مفروضاً على الحكومة الحالية بلورتها لتهدئة بؤر التوتر، ما ضاعف التحديات التي تواجهها اسرائيل، خصوصاً في مقابل تحرك ديبلوماسي فلسطيني واسع يحظى بتأييد دولي كبير يعكس أكثر فأكثر العزلة الدولية المتفاقمة التي تعيشها إسرائيل».

ويضيف التقرير الذي يُعتبر أهم وثيقة بحث استراتيجية تصدر في الدولة العبرية خارج المؤسسة الأمنية، أن عملية نزع الشرعية عن إسرائيل تتواصل وتتسبب في إضعاف مكانة إسرائيل السياسية وتفرض قيوداً متشددة على حرية التحرك العملاني للجيش الإسرائيلي. كما يشير إلى أن تراجع مكانة اميركا في الشرق الأوسط والعلاقات السيئة بين إدارة الرئيس باراك اوباما ورئيس الحكومة بنيامين نتانياهو يمسان بهيبة الردع الإسرائيلية، «ما يتيح لجهات أخرى أن تحاول أن تلعب دوراً في المنطقة على نحو لا يخدم مصالح إسرائيل».

ويوجه التقرير انتقادات شديدة إلى الحكومة الحالية وأذرعها التنفيذية على تقصيرها في معالجة القضايا المختلفة. ويخلص إلى استنتاج قاطع بأن الحكومة مطالَبة بالحسم بين مواصلة الانتظار وعدم المبادرة وبين السعي إلى التأثير على محيط إسرائيل الاستراتيجي، «ولا شك أن تحركاً صريحاً نحو تسوية الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي والعربي - الاسرائيلي من شأنه أن يخفف حدة التحديات التي تنتظر إسرائيل وتحسن مكانتها الدولية الآخذة في التراجع».

ويتوقع رئيس المعهد، السفير السابق لدى الاتحاد الأوروبي والأردن عودد عيران، أن تضطر إسرائيل إلى اتخاذ قرارات حاسمة في قضايا مركزية تتعلق بأمنها القومي «في ظل واقع معقد للغاية وفي ظل فراغ ناجم عن 3 ظواهر: الربيع العربي، وانهيار عملية السلام، والتراجع الكبير في مكانة اميركا، وهذه مجتمعةً قد تقود إسرائيل نحو كارثة كبيرة». ويضيف أن الأنظمة العربية الجديدة ستعلق كل المشاكل في المنطقة على شماعة عدو خارجي هو إسرائيل، فيما «الربيع العربي» يحصل بينما علاقات إسرائيل في حضيض غير مسبوق «والرأي السائد في العالم العربي، وأيضاً في الحلبة الدولية، هو أن سياسة الرفض الإسرائيلية، وليس تدخل ايران في شؤون الدول العربية كما تحاول إسرائيل الترويج، هي التي تسببت في الطريق المسدود».

=============================

لدي حلمٌ جميل.....!!!

بقلم: د. عبد القادر فتاحي

أرفلون 22/12/2011

في عام 1963 قام الأفارقة الأمريكان بثورة لم يسبق لها مثيل في قوتها اشترك فيها 250 ألف شخص- منهم نحو 60 ألفا من البيض- متجهة صوب نصب لينكولن التذكاري في واشنطن، فكانت أكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية، وهنالك ألقى مارتن لوثر كينج-قائد الحركة الأمريكية السوداء المضادة للعنصرية- أروع خطبه: "إنى أحلم"

" I have a dream " التي قال فيها:

"لدي حلم بأنه ذات يوم سيعيش أطفالي الأربعة في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم، ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم". وتابع حلمه معددا مظاهره في الأمة الأمريكية، بأن يجلس أبناء العبيد وأبناء السادة السابقين على مائدة الأخوّة الواحدة، وأن ولاية المسيسبي التي تعد صحراء ملتهبة بفعل حرارة الظلم ولهيب الاضطهاد ستتحول إلى واحة للحرية والعدالة............ ولم تمض سوى سنوات قليلة حتى قام شخص عنصري حاقد باغتيال كينج.....ولكن دماءه لم تذهب هدراً، ونال السود حريتهم بعد عقود من العبودية...... وهاهو الآن أوباما أول رئيس أسود يحكم أمريكا، وكان ذلك حلماً أغرب من الخيال...!!

وفوق أرض بلادنا الطاهرة الخلاّبة....... أرض الشام..... أرض السحر والجمال..... أرض الأحلام الجميلة الفتانة....... الأرض التي علمت البشرية أبجديات الحضارة..... ومنها انطلقت أعظم حضارات الأرض من الفينيقيين والسومريين والأشوريين...................... وفوق ترابها الطاهر بدأ أنبياء الله العظام دعوتهم إلى عبادة الله الواحد الأحد فوجدوا فيها الأتباع والأنصار، فاحتضنت بذلك الديانات السماوية الثلاث في انسجام ووئام عزّ نظيره في غيرها من البلدان............ وكان الاستيلاء عليها حلما كل أباطرة العالم القديم، لقد كانت درة التاج لكل من وصل إلى حكمها............ ولكن سماحة أهلها وطيب معشرهم استوعب كل غزوات العالم القديم.... وذاب الجميع في بوتقة بلد جميل أبى إلاّ أن يضم الجميع إلى حضنه الدافئ معززين مكرمين أحراراً في حياتهم وعقائدهم وأفكارهم.........

وجاء الإسلام ليعزز من قيمة هذه الأرض في كتاب ربنا وسنة نبينا، في آيات وأحاديث خالدة في ذاكرة العرب والمسلمين، بل وكرس فوق سماحة أهلها وطيبهم عدل الإسلام وتسامحه مع البشر جميعاً من كل لون وملة......

ومرت على هذه الأرض عهود زاهرة مابين مد وجزر..... وعلو وانخفاض..... ولكنها كانت دائما هي هي لم تتغير أو تتبدل في انفتاحها واستقبال أهلها لكل شريد أو طريد أو هارب بفكره أو دينه أو عقيدته....... لقد نشأت فيها ممالك عظيمة كمملكة ماريا وأغاريت ومملكة إبلاّ.....كما تعاقبت عليها إمبراطوريات كبيرة كالآشوريين والكلدانيين والبابليين والأكاديين والكنعانيين والفينيقيين والفرس ثم الاسكندر المقدوني، ثم جاء الرومان ومن بعدهم الأمويين والعباسيين والأيوبيين والمماليك وأخيراً العثمانيين، ثم جاء الاستعمار الفرنسي البغيض الذي بذر نبت الطائفية والعصبية والتشرذم والتفتت ولأول مرة في بلدنا الحبيب، وأنشأ مشروع الدويلات الطائفية الذي فشل فشلاً ذريعاً نتيجة رفض المخلصين من أبناء هذا البلد لهذا المخطط الطائفي الخبيث..... وما إن نالت

 

سورية استقلالها من الاستعمار الفرنسى حتى تنادى المخلصون الوطنيون من أبناء سورية إلى دولة مدنية ديمقراطية يسودها القانون ويحكمها العدل والمساواة بين أبنائها جميعاً على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وأديانهم...... وكانت فرحة الشعب عارمة بجيشهم الوطني، وأذكر أن أبي- رحمه الله- كان يقول أن الناس كانوا يبكون من الفرح وهم يشاهدون العروض العسكرية الأولى للجيش الوطني بعد الاستقلال، لقد كان مصدر عز وفخر لهم وكأنهم لا يصدقون أن لهم جيشاً وطنياُ يحمي البلاد والعباد من شر الغزاة.........

 

وتدور الأيام وتبدأ الانقلابات المشبوهة للجيش السوري واحدأً بعد الآخر على الحكم المدني ، وتنتقل البلاد من حال إلى حالٍ أسوأ...... وانتهت الأمور بانقلاب البعث الذي خطط له المجرم حافظ الأسد ومن معه من الضباط العلويين الذين اتخذوا من حزب البعث ستاراً للسيطرة على البلد، وإنهاء حلم الدولة المدنية الديمقراطية، وتحويل سورية إلى بلد يحكم بالنار والحديد.......

ومع وصول حافظ الأسد إلى الحكم -الذي خطط له طويلاً- تكرست دكتاتورية تأليه الفرد وتأليه الحزب، وسيطرة الأقلية العلوية على مقدرات البلاد كلها...... وتحول الجيش السوري إلى جيش عربيد سكير، يحارب عقائد الأمة، ويرفض شعائر الأمة من صلاة وصيام وغيرها في ثكناته...... وجعل همه الأول حماية النظام المجرم الأفاك من عائلة الأسد ومن لفّ لفّها... واشتغل بالتجارة وعالم المال والاقتصاد، وترك حماية الأرض والبشر..

وعندما قامت الثورة السورية المباركة بتأييد الله وفضله، لجأ النظام المجرم إلى البطش والتنكيل والفتك والتدمير.... وانتهك المحرمات وقتل النساء والأطفال، متوهماً أنه بأمنه المجرم وجيشه السفاح وعتاده وعدته سيدفن أحلام الشعب السوري في الحرية والكرامة من جديد، ويطفئ نور العزة وضياء الإباء..... ولكن هيهات هيهات.... إن مثله كمثل من يحجب نور الشمس بالغربال.....!!!

 

الشعب السوري الآن مثقلٌ بالجراح والآلام... يتطلع إلى فجر جديد.... مليء بالأحلام الوردية الجميلة...... إني وأنا من هذا الشعب الكريم المصابر أحلم بأحلام كثيرة عجيبة غريبة....!!!

• أحلم ذات يوم أن أرى بلدي حراً من كل الطغاة وعلى رأسهم عائلة الأسد... وأن يكون له من عزة أهله وأئمته الصالحين ما يرفعه إلى الذرا ويرتقي به إلى النجوم.....

• إني أحلم بأرض تتسع لكل أهلها ويسودها العدل والمساواة والإخاء والمحبة.... وينتهي فيها وإلى الأبد طغيان فئةٍ مهما كان وزنها على خيرات البلد، فتستأثر بالمال والسلطة، ولا تعطي الآخرين سوى الفتات...

• أحلم في يوم من الأيام أن أرى الأمن والشرطة في خدمة الشعب، يسهرون الليالي لكي ينام المواطن قرير العين هانيها، وأحلم بجيش وطني يقدم جنوده أرواحهم ودماءهم لاستعادة الأرض السليبة، والدفاع عن شرف الأمة وعزتها.....

• أحلم بدولة القانون والنظام حيث المتهم برئ حتى تثبت إدانته.... أحلم بالقضاء العادل حيث لكل مواطن حقوقه المصانة في دمه وماله وعرضه وعقله ودينه.... البلاد في أيد أمينة والمواطن لايخشى ظلماً ولا بخساً ولا هضماً......

• أحلم ذات يوم ببلد يقدم الأكفاء من أبنائه، ويفتق طاقاتهم ومهاراتهم، ويفتح لهم الآفاق لينتجوا ويبدعوا ويبتكروا ويخترعوا، ولا يكبلهم بقيود العبودية التي لا تنتهي......

• أحلم ببلد يتمتع فيه الإنسان بكافة حقوقه التي أقرتها شرائع الأرض والسماء....

• أحلم ذات يوم ببلد يكون فيه المسؤول رئيسا كان أم وزيراً أم مديراً أم موظفاً خادماً للشعب بالفعل لا بالقول، وأن يكون شعار الجميع " أمير القوم خادمهم ".

• أحلم ببلد يرسخ بالسلوك العملي وبالأفعال لا بالأقوال وحدة العرب والمسلمين، ويأخذ بالأمة كلها إلى المكان اللائق بها بين الأمم.....

أحلم.......... وأحلم............. وأحلم............. ولكن مهلاً!!!....... هل هي أضغاث أحلام؟؟؟

لا والله!!.... لا وألف لا!!!

أحلام اليوم هي حقائق الغد بإذن الله..... وها هو شعبنا العظيم يشق طريقه إلى الحرية وسط الأشلاء والدمار والموت والخراب، لا يخاف الموت، ويتحدى الأهوال، شعاره الموت ولا المذلة......... فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا.... إنه يتطلع إلى هذا المستقبل المشرق الزاهر ويعرف أن الطريق إليه مملوء بالأشواك والعقبات والأهوال، وأن الحرية لها ضريبتها من الأموال والدماء والعرق والدموع....... وها هي إرهاصات النصر القادم قد لا حت في الآفاق بإذن الله (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا) الإسراء

 

أما المجرمون فنقول لهم : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) هود

وإلى لقاء قريب قادم بإذن الله لكل أحرار سورية وأشرافها من كل عرق وملة، على أرض الأحلام.... أرض سورية التاريخ والبطولة.... الأرض التي ستحول الأحلام من دمى جامدة لا حراك فيها إلى عرائس تدب فيها الروح.....لتكون نبراساً لكل أمم الأرض بأن هنالك فوق أرض الشام شعب يولد من جديد حراً أبياً عزيزاً كريماً...

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ