ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 01/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الخيارات العربية في الأزمة السورية

د. صالح بن سبعان

عكاظ

31-12-2011

وصلت إلى دمشق بعد تلكؤ طويل بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية، وقد سبق وصول هذه البعثة إرسال فريق لوجيستي لتسهيل أعمال البعثة. وكانت أولى أعمال المراقبين هي زيارة مدينة حمص للتأكد من التزام النظام السوري بسحب قواته من شوارع المدن، ووقف العنف ضد المدنيين، وإطلاق سراح السجناء السياسيين. ولم يلتزم الجانب السوري بهذه الشروط التي فرضها على نفسه كجزء من الاتفاق.فالدبابات السورية ظلت في الشوارع وإن غيرت أعلامها واستبدلتها بأعلام الجمهورية السورية الخضراء القديمة، ولم يتوقف القناصة والشبيحة عن قتل المواطنين. ففي اليوم الأول لوصول هؤلاء المراقبين، سقط اثنان وأربعون مدنيًا سوريًا معظمهم في مدينة حمص، بالرغم من التطمينات التي أطلقها رئيس الفريق العربي، محمد أحمد الدابي. يتساءل الكثيرون عن مهمة المراقبين العرب الموفدين إلى سوريا، وهل ستكون من مهامهم تهدئة الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، أم السماح بالاحتجاجات السلمية ومنع قيام الشبيحة وعسكر النظام بقتل هؤلاء المحتجين، أم كتابة تقرير يقدم فيما بعد الى مجلس الجامعة؟ بل ما هي بالضبط مهام هؤلاء المراقبين. وللإجابة على هذا التساؤل، ينبغي ألا نتوقف عند آليات الإجراءات، بل أن نذهب بدون مواربة إلى الأهداف السياسية. فالهدف الأساس من إرسال المراقبين العرب إلى سوريا، هو إيجاد مناخ مناسب لتحويل النظام من نظام أمني شبه عسكري إلى نظام ديموقراطي، أو قريب من الديموقراطية، بدون سفك المزيد من الدماء. ويعني مثل هذا التحول تحييد دور الجيش والمؤسسات الأمنية في سوريا، والتي أصبحت، أو أصبح معظم منتسبيها، ما عدا أفراد الجيش السوري الحر، أداة للقسر في يد السلطة الحاكمة. وربما أتاح وجود هؤلاء المراقبين على الأراضي السورية ضغوطًا أكبر على النظام السوري، وأحداث بعض التصدعات بين أفراد النخب السياسية، كما كان الحال في ليبيا. وتذهب بعض الطروحات إلى أن تزايد حجم العنف في سوريا قد يقود إلى انقلاب عسكري، فالتاريخ السوري حافل بمثل هذه الانقلابات، خاصة في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. والمطلب الأول هو وقف حمام الدم اليومي، وسماح أجهزة الأمن السورية للمواطنين بالتظاهر السلمي. غير أن القمع المتواصل قد أدى حتى الآن إلى انفلات زمام الأمور، وشاهدنا تفجيرين ضخمين في مؤسستين أمنيتين في الأسبوع الماضي، راح ضحيتها العديد من الناس. وإذا ما زاد تعنت النظام وعنفه فقد يؤدي ذلك إلى حرب أهلية هوجاء. لذلك فإن نظام التهدئة الذي تنتهجه الجامعة العربية في الوقت لن يكون العلاج الساحر لإنهاء الأزمة السورية، طالما لم تكن الرؤية في نهاية النفق واضحة. من الواجب إذاً ألا يقتصر عمل الجامعة العربية على النوايا الطيبة والآليات المحدودة، بل أن يشمل ذلك رؤية مستقبلية تضمن انتقالا سلميًا للسلطة، بحيث تصبح الجامعة العربية وصية على النظام خلال المرحلة الانتقالية، وأن يُدفع بمبادرة تشبه المبادرة الخليجية في اليمن، على مستوى عربي شامل. وأن تكون هناك جداول زمنية محددة لتنفيذ المبادرة العربية، وأن يكون لها دعم ومساندة من مجلس الأمن والقوى الكبرى، بحيث يشعر النظام السوري بأنه لن يتمكن من التخلص من استحقاقاته أمام شعبه، وأمام الرأي العام العربي والعالمي.

=================

الحل العربي لأزمة سوريا

الشرق القطرية

التاريخ: 31 ديسمبر 2011

الالتزام الكامل بالمبادرة العربية، وتنفيذها بنداً بنداً، يمثل المخرج الوحيد من أزمتها، والأكثر إلحاحاً وقف العنف والقمع وسفك الدماء، وسحب القوات من المدن، وفي حال عرقلة عمل بعثة المراقبين العربية، فالواضح أن مجلس الأمن الدولي سينهض بواجباته ويعتبر الوضع في سوريا مهدداً للأمن والسلم الدوليين، ولتجنب هذه المرحلة، فأوجب واجبات دمشق التعاون التام والصادق والأمين مع المراقبين والوفاء بالتزاماتها وحل الأزمة سلمياً.

يبدي المجتمع الدولي قلقاً من وقوع قتلى، ويشدد على ضرورة السماح للمراقبين بأداء مهمتهم بحرية في التنقل ولقاء من يشاءون وفي أي وقت ومكان، وحرصاً على الدقة وأداء عمل بعثة المراقبين سيتم التعامل مع وسائل الإعلام من خلال بيانات مكتوبة، وذلك تفادياً لأي أخطاء، وهذا اتجاه سليم، لأن الوضع الحساس يتطلب ذلك، وحتى لا تقع تحت تأثير أو ضغط من أي طرف، فضلاً عن أن التقارير التي ترفعها البعثة إلى الجامعة العربية تتطلب حرصاً على الحرفية والموضوعية من أجل تحقيق مهمة التحقق من الأوضاع على الأرض والعمل على حماية المدنيين، والأولوية القصوى وقف سفك الدماء والقمع والعنف.

إعلان الجيش السوري الحر وقف كل العمليات إلا في حالة الدفاع عن النفس، خطوة نحو التهدئة وعلى الطرف الحكومي الانفتاح نحو الحل السلمي، لا العودة إلى مربع القمع والعنف، وفي حال العودة إلى مربع الانتهاكات وجرائم الحرب، وعدم التعاون مع بعثة المراقبين فمن ثم هناك حاجة إلى اتخاذ قرار واضح وصارم من مجلس الأمن وهو ما يضع الأزمة السورية تحت طائلة الفصل السابع وهو ما لا تريده الأطراف العربية.

=================

عام التحول وأخذ العبر

حسين العودات

التاريخ: 31 ديسمبر 2011

البيان

ربما كانت الأحداث التي جرت هذا العام في بعض البلدان العربية، هي الأحداث الأكثر تأثيراً خلال العقود الثلاثة الماضية، وهي الوحيدة التي نتج عنها تغييرات بنيوية في الأنظمة السياسية العربية.

وفي مسارها الحاضر، والمسار المستقبلي العربي بشكل عام، ولا يغير هذا الافتراض أو يلغيه إذا كان هناك من يسميها احتجاجات أو انتفاضات أو ثورات، أو إذا اعتبرها آخرون تمرداً، فموقف المراقبين والمحللين والشعب منها، لا يغير من تأثيراتها العميقة في واقع العرب الحالي، وفي مستقبلهم القريب والبعيد. باعتبار أن هذه الأحداث أدت إلى نتائج يصعب تجاهلها أو إنكارها أو إهمال دراستها وأخذ العبر منها.

إن أول ما يلفت الانتباه في هذه الأحداث، هو أن القائمين عليها وفاعليها هم من الشباب جلهم أو كلهم، هؤلاء الشباب الذين كان يعتقد الدارسون في علم الاجتماع والتربية والسياسة والعلوم الإنسانية الأخرى، قبل فترة قصيرة، وربما قبل الأحداث مباشرة، أنهم جيل ما بعد الحداثة دون حداثة، استغرقهم نمط الحياة الاستهلاكية، والأنانية والتخاذل.

وتداخلت القيم في وعيهم، وانقلب سلم الأولويات، فأخذوا يحلمون بالربح السريع دون تعب، ويحاولون الحصول على المال بأي ثمن ليساعدهم على تحقيق نهم الاستهلاك، وتغيرت القيم الوطنية وقيم الوطن والتضحية في مفاهيمهم، واستسلموا للحكومات بما فيها حكومات الأنظمة الشمولية والاستبدادية، ولم تعد القضايا الوطنية الكبرى، والقضايا القومية العظيمة تثير اهتمامهم، أو تشغلهم، حتى انهم لا يفهمونها، وبالتالي لا يتحمسون لها.

واستوى عندهم الصلح مع إسرائيل أو مهادنة الهيمنة الأوروبية والأميركية، وصاروا قابلين بالفساد والاستبداد، غارقين في حبائل الخوف من أجهزة الأمن والنظام، مهملين حقوقهم كمواطنين وكأبناء مجتمع لهم عليه حقوق العمل والمساواة والتكافؤ والضمان الاجتماعي والصحي، وأصبحوا بنظر هؤلاء الدارسين والسياسيين وعلماء العلوم الإنسانية (رعايا) ولم يعودوا مواطنين. إلا أن الأحداث التي جرت في بعض البلدان العربية طوال أشهر عام (2011) المنصرم، أكدت عكس ذلك كله، وأثبتت أن هؤلاء الشباب، يملكون الوعي الكامل والعميق بما يجري حولهم، ويعرفون حقوقهم كمواطنين.

ولهم مواقف واضحة من أنظمتهم السياسية، ولم يكونوا مخدوعين لا بالعدو ولا بالمهيمن ولا بالصديق، وليس للخوف نصيب في وعيهم، وهم مستعدون للتضحية بكل شيء في سبيل حقوقهم بالشراكة في السلطة والثروة، وقد خاب رأي الدارسين والعلماء ورأي من كان يعتقد غير ذلك.

أما ثاني ما يلفت الانتباه فهو أن الشعوب العربية، ورغم ما مر عليها خلال العقود الثلاثة الماضية، من إشعال نار التفرقة داخلها، التفرقة الطائفية والاثنية والجهوية وغيرها، وتجاهل مفهوم المواطنة أو الاعتقاد أن المجتمع في كل بلد أصبح مجزءاً متصدعاً منقسماً على نفسه، ورغم خطط بعض وسائل الإعلام وخطط السياسة أيضاً، التي اشتغلت على هذه التجزئة وعملت لها.

وكثفت جهودها لتحقيقها، اكتشف الجميع، أن المجتمع في هذه البلدان متماسك متعاطف ومتضامن، لم تؤثر فيه الدعوات الطائفية ودعوات التفرقة والانقسام، وما أن انتفض حتى توحد من جديد، وتمسك بالشعار الوطني المهم (واحد واحد واحد، الشعب واحد) ولم تفلح كل محاولات الأنظمة السياسية، ومحاولات الأوساط الخارجية في تحقيق التفرقة والتناقض، وتبين أن كل دعاوى الطائفية والتفرقة القومية والمناطقية هي دعوات بلا جدوى.

ولم تحدث سوى بعض الخدوش في المجتمعات العربية، وأن القضايا الوطنية والحقوق الوطنية والاجتماعية هي المحور الذي التف أبناء المجتمع حوله مهما كانت ثقافاتهم وخصوصياتهم وأديانهم ومذاهبهم وطوائفهم، ويعرف هؤلاء المنتفضون أو الثائرون أولوياتهم ويفرقون بين الرئيس والثانوي، ولا خوف عليهم من سياسات التفرقة التي تنّفذ ضدهم، ولا من الحملات الإعلامية ذات الأهداف المماثلة.

ويلفت الانتباه ثالثاً موقف بعض الأنظمة التي تحكم مجتمعات هذه الانتفاضات، حيث تأكد أنها لا تعرف شعوبها ولا مجتمعاتها من جهة ولا تدرك ما جرى في العالم من تطورات من جهة أخرى، وبالتالي ترفض الاستجابة لمتطلبات شعوبها، أو تطوير معايير دولها، أو قبول مشاركة مواطنيها لها في السلطة والثروة، بل ان بعضها كشف عن وجه دموي، اظهر أنه يؤمن بأن العنف وحده كفيل بتطويع الشعوب.

ولم يهتز له جفن، أو يثقل ضميره إطلاق الرصاص على أبناء شعبه، كما تفننت قواه الأمنية في تعذيبهم بعنف وهمجية وسادية منقطعة النظير، وكأننا مازلنا في العصور الوسطى، حيث كان التعذيب بلا حدود ولا قيود.

وأشير بعد ذلك إلى أن دول العالم (والمجتمع الدولي الذي تشكله) ينظر لما جرى ويجري في بلداننا من خلال مصالحه الضيقة وليس من خلال واجباته التي قررها القانون الدولي، ولا من خلال جوانب إنسانية ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، ويبدو أن معظم هذه الدول ترش السكر فوق الموت، وتكتفي بتصريحات (بعضها نارية) لا تفيد أحداً، ولا ترد غائلة، ولا تنقذ ثواراً من أنظمة استبدادية ظالمة تصطادهم كالعصافير.

الملاحظ أن الأنظمة المعنية، رفضت التسوية التاريخية بينها وبين شعوبها، وبعضها الآخر، مازال يرفض، كأنه في هذه التسوية يخسر من رأسماله المتمثل بأن له كل السلطة وكل الثروة، ولا يدرك أن رفضه هذا سيزيد الأمور توتراً، والثورة ثورة، وستودي بالنظام نفسه في نهاية المطاف، بعد أن يكون قد ألزم شعبه بدفع ثمن غال، وهكذا تأكد أن معظم هذه الأنظمة لا ترى لأبعد من أنوفها، ولذلك تراهن على كل شيء، وتتناسى أن النتيجة الحتمية لهذا الموقف ستكون لا شيء.

وكل عام وأنتم بخير.

=================

المراقبون العرب في سوريا... معلومات مزعجة

أليس فوردام - بيروت

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

تاريخ النشر: السبت 31 ديسمبر 2011

الاتحاد

بدأ فريق من مراقبي الجامعة العربية يومه الثاني من العمل في سوريا يوم الأربعاء الماضي في وقت استمرت فيه حصيلة القتلى في الارتفاع في مدينتي حمص وحماة، والأسئلة في الازدياد بشأن أساليب المراقبين ومصداقيتهم.

البعثة، التي زارت حمص، أنيطت بها مهمة مراقبة ما إن كانت السلطات السورية تلتزم باتفاق بسحب الجنود من المدن، والإفراج عن السجناء السياسيين، ووضع حد لاستعمال القوة المميتة من أجل إخماد انتفاضة بدأت قبل تسعة أشهر ضد حكومة بشار الأسد. وفي اليوم الأول من مهمة المراقبين في حمص، كان السكان قد تجمعوا بالآلاف من أجل التظاهر ضد الحكومة وطلب المساعدة من العالم الخارجي.

وفي هذا السياق، قال سليم قباني، وهو عضو لجان التنسيق المحلية المعارضة، في حوار هاتفي إنه ألغى اجتماعاً كان مقرراً مع المراقبين لأنهم ألحوا على وجود ضباط من الجيش معهم، ومن بينهم ضابط قال قباني إنه قام بقتل محتجين.

وخلال هذه الزيارة، التقى المراقبون مع أعضاء حزب "البعث" الحاكم في حي بابا عمرو الساخن، حسبما قال "قباني".

ومن جانبه، قال ناشط آخر، يوجد على اتصال مع السكان في المنطقة، إن القوات الحكومية قامت بإطلاق النار من مبان في بابا عمرو في وقت كان فيه المراقبون في الجوار. غير أنه من غير الممكن التأكد من مثل هذه التقارير من مصدر مستقل نظراً لأن سوريا أغلقت حدودها في وجه الصحفيين.

ويوم الأربعاء أيضاً، أعلنت وسائل الإعلام السورية الحكومية عن الإفراج عن 755 سجيناً كانوا قد اعتُقلوا خلال الاحتجاجات، كما تم الإفراج، حسب بعض المصادر، عن 2500 معتقل الشهر الماضي. ولكن نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن عدداً أكبر تعرض للاعتقال، وإن الدولة لم تكشف عن قائمة شاملة بأسماء المعتقلين.

وفي هذا الإطار، قالت "سارة ليا ويتسون" من منظمة "هيومان رايتس ووتش" إن الإفراج عن بعض السجناء كان مؤشراً جيداً، ولكنها عبَّرت عن قلقها بشأن تقارير حصلت عليها منظمات حقوقية وتتحدث عن نقل معتقلين آخرين، ربما استباقاً لزيارات تفقدية مخطط لها من قبل المراقبين.

كما عبرت "ويتسون" أيضاً عن قلقها بشأن ما إن كان مراقبو الجامعة العربية مؤهلين كما ينبغي للنهوض بمهمتهم. ويذكر هنا أن نحو 60 مراقباً يوجدون في سوريا في ما يرتقب وصول المزيد منهم خلال الأيام المقبلة، ولم يتم الكشف عن أسماء هؤلاء المراقبين. وترى أنه كان يتعين على الجامعة العربية أن تقدم بعض التطمينات على أن أعضاء البعثة تلقوا تدريباً في التحقيقات المرتبطة بحقوق الإنسان قبل أن يتم إرسالهم إلى سوريا إذ تقول: "ليس كافياً أن يكون المرء قد اشتغل في الحكومة من قبل. إنهم يحتاجون إلى تدريب في إيجاد الأشياء التي تحاول الحكومات إخفاءها".

وتساءلت "ويتسون" بشكل خاص حول في ما وصفتها بأنها معلومات "مزعجة" حول رئيس البعثة، الجنرال محمد أحمد مصطفى الدابي، المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات السوداني. والجدير بالذكر في هذا الإطار أن مجموعة من الأطباء العاملين في دمشق قالت على صفحتها على موقع "الفيسبوك" إن الدابي كان ضابطاً رفيعاً في الجيش في التسعينيات عندما كانت القوات السودانية تلعب دوراً وحشياً في الحرب الاثنية التي كانت دائرة في البلاد. وقالت المجموعة في بيان لها: "إن الكثير من الأسئلة تثار بشأن معرفته بمذابح دارفور". غير أن الجامعة العربية لم ترد على طلبات التعليق حول الكيفية التي تم بها اختيار مراقبيها وتدريبهم، أو الظروف التي يقومون فيها بمهمتهم. هذا وقال نشطاء في المعارضة إن القصف وإطلاق النار استمرا في حمص يوم الأربعاء الماضي، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل. كما أفادوا بقيام جنود بإطلاق النار على محتجين غير مسلحين في حماة، ما أسفر عن مقتل ستة على الأقل. ولكن "الدابي" قال لوكالة رويترز للأنباء: "إن الوضع بدا مطمئناً حتى الآن" في حمص وإنه لم ير "شيئاً مخيفاً"، قبل أن يضيف: "ولكن تذكروا أننا في اليوم الأول فقط ، والأمر سيحتاج إلى تحقيق.. لدينا 20 شخصاً سيبقون هناك لوقت طويل".

وفي غياب رغبة دولية في التدخل أو فرض منطقة حظر جوي –وترسانة من الحلول غير العسكرية الآخذة في التقلص– يدعم زعماء العالم عمل الجامعة العربية شفهياً. وفي هذا الإطار، قال "بيرنار فاليرو"، المتحدث باسم الخارجية الفرنسية في باريس: "إن المجتمع الدولي، الذي اعتاد على مناورات نظام دمشق، التي تروم كسب الوقت، سيظل حذراً إزاء كل المحاولات الرامية إلى الإخفاء أو التلاعب". وفي هذه الأثناء، قال وزير الخارجية الروسي سيرحي لافروف، الذي كانت حكومته تعتبر حتى عهد قريب من أشد حلفاء الأسد، للصحفيين: "إن البعثة ينبغي أن تكون قادرة على زيارة أي جزء من البلاد، أي مدن أو قرى، وأن تُصدر رأيها الموضوعي والمستقل حول ما يجري وأين".

=================

لافروف والحل السوري!

ميشيل كيلو

السفير

31-12-2011

يبدو أن الروس يتلمسون طريقهم إلى موقف جديد حيال الأزمة السورية ، أولى علاماته تطور لافت جعل وزير خارجيتهم السيد لافروف يطالب مرتين خلال وقت قصير بحل سوري على الطريقة اليمنية، يكون بدل الحل على الطريقة الليبية، التي رفضها. هذا الموقف يضمر جانبين مهمين، هما:

- تغير في النظرة إلى النظام عامة ورئيسه الدكتور بشار الأسد خاصة، الذي يبدو أن روسيا صارت مستعدة لقبول بديل له في سدة الحكم، يقال إنه نائبه الأستاذ فاروق الشرع، الذي يحظى بقبول أطراف سورية كثيرة، بينها جهات معارضة، وتوجد معلومات حول زيارة سرية قام بها يوم 16 من الشهر الماضي إلى موسكو، دون أن يؤكدها أي جانب أو يعلن عن موضوعها.

- تغير في الموقف من المعارضة، التي كانت النظرة الرسمية الروسية تعتبرها إلى ما قبل أيام قليلة مسلحة وتتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية عن العنف، وها هي تقترح، أن يكون رئيس الوزراء القادم منها، طبقا لنموذج الحل اليمني، وتقبل بالتالي أن يوضع جزء رئيس من السلطة التنفيذية بين يديها، وأن تكون هناك مرحلة انتقالية نحو نظام بديل للنظام الراهن ، يشبه ما تدعو المعارضة إليه .

وكانت بدايات التغيير في الموقف الروسي قد لاحت مع تقديم مشروع قرار روسي إلى مجلس الأمن أدان العنف الرسمي فضلا عن عنف المعارضة ، فكان ضربا من إشارة لافتة إلى يأس الروس من نجاح الحل الأمني المعتمد من النظام منذ قرابة عشرة أشهر، ودليلا على عجزهم عن تغيير موقف الدكتور الأسد ، الذي كان الرئيس الروسي ميدفيديف قد هاتفه مرتين خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، طالبا وقف الأعمال الأمنية وبدء إصلاح جدي وملموس ، بينما بعث رئيس الوزراء بوتين إليه رسالتين تطالبانه بالشيء ذاته : وقف العنف وتطبيق إصلاحات حقيقية . بيد أن مطالبات الزعيمين الروسيين لم تلق قبولا لدى الرئيس السوري ، الذي واصل تأييد سياسات الحل الأمني وإرجاء أي إصلاح داخلي جدي، وعلق آماله على احتمال أن يعيد العنف الوضع إلى ما كان عليه قبل يوم 15 آذار الماضي، فيبقى الإصلاح عندئذ برانيا ومسيطرا عليه ويعيد إنتاج وتجديد النظام وعلاقاته السائدة منذ نيف وأربعين عاما مع الشعب .

وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد أعلن في آخر مؤتمر صحافي عقده أن الدبلوماسية السورية تنسق بصورة يومية مع من أسماهم الأصدقاء الروس ، وألمح إلى أن الدعم الروسي لدمشق لم يتراجع أو يفتر، فجاء تقديم مشروع القرار إلى مجلس الأمن يقترح إدانة عنف السلطة ، ثم أعقبه تصريح لافروف الذي يؤيد حلا للأزمة السورية من النموذج اليمني ، ليدحضا ما قاله الوزير المعلم ، ويؤكدا أن الروس سئموا سياسة سد دروب السياسة والتغيير التي يمارسها النظام ، التي تغلق أبواب خروج سوريا من أزمة تهدد بإشعال نار إقليمية ودولية منفلتة من عقالها ، في حين تتزايد يوميا احتمالات تدويل الأزمة، مع ما يعنيه ذلك من إحراج روسيا ووضعها أمام اختبار ليست بحاجة إليه في ظل حالها الداخلي الراهن ومشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة، ولا قدرة لها على قبول ما ينطوي عليه من تحد للغرب ، ومن إطاحة محتملة لما بقي لها من مصالح في سوريا ، ستخسرها في حال عجزت عن حماية النظام، وستفوت على نفسها فرصة تحقيق حل وسط يريده الغرب، يحفظ مواقعها ودورها في حل يجنبها وغيرها من القوى الدولية الذهاب إلى سياسات تتسم بتحديات لا وقت لديها لها ، يجهل الجميع في موسكو وعواصم الغرب كيف ستكون نتائجها ، لكنهم يعلمون أنها ستكون مفتوحة على مخاطر شتى لا حدود لتعقيدها، علما بأنهم يراقبون تطورات العالم العربي الراهنة بعين القلق ، ولم يطوروا بعد طرقا ناجعة لضبطها والتعامل المفيد معها ، تستطيع توجيهها إلى حيث يرغبون .

لم تأت مبادرة روسيا في مجلس الأمن من فراغ ، ورغم تحفظات الغرب عليها فإنه كان بحاجة إليها لأسباب عديدة ذكرتها قبل قليل . لكن الروس ما لبثوا أن طوروا موقفهم بعد مشروع قرارهم في المجلس ، عندما أعلن وزير خارجيتهم ، المعروف بدعمه القوي للنظام السوري ، فكرة تطبيق حل يمني في سوريا ، مع ما يضمره من تبدل في موقفهم من بعض رموز النظام في دمشق، وقبول بحل وسط يضع سلطات مهمة في يد معارضيه ، مع تأسيس مرحلة انتقالية تأخذ البلاد إلى نظام حريات وانفتاح على المشاركة الشعبية ، يتم التوافق عليه في مفاوضات بين أهل الحكم وأهل المعارضة ، تخرج سوريا بعده من مأزقها ، مثلما أخرج اليمن من مأزقه .

هذا الحل ، وهنا تكمن نقطة قوته ، يفترض أن يتم بجهود أهل الداخل السوري الرسمي والشعبي ، وبجهود عربية ودولية متضافرة ، وأن يقطع الطريق على تدويل الأزمة ، ويسد المسالك التي يمكن أن يتسرب منها التدخل العسكري، فيكون في إقراره وتنفيذه مصلحة سوريا والعرب والعالم، ووصول الوضع الفائق الخطورة بالنسبة لجميع هذه الأطراف إلى مخرج عملي يأخذه بعيدا عن احتجازه الراهن ، ويضعه في عهدة مصالحة داخلية وضمانات عربية ودولية لا يستطيع أحد رفضها كي لا يعرض نفسه لما لا يستطيع تحمله من مواقف موحدة ، حاسمة أو فاصلة.

لا مفر من أن تناقش المعارضة السورية اقتراح لافروف بالجدية اللازمة، ومن أن تقبله ، على أن يوضع جدول زمني تنفيذي قصير الأمد لتحقيق ما تضمنته مبادرة الجامعة العربية من وقف لأعمال القتل ، وإطلاق لسراح المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة ، وسماح بالتظاهر السلمي ، مع تحديد موعد يكون قريبا يبدأ فيه التفاوض حول النظام الانتقالي الجديد ، يكون الروس من المساهمين في إقامته والضامنين لوجوده واستمراره ، ضد من قد لا يقبل بتنفيذه من أهل السلطة وأجهزتها الأمنية أو بعض الأطراف في المعارضة أو الشارع. لا بد إذن من اتصال مع موسكو، تتمثل فيه أطياف المعارضة جميعها، ينصب على تنفيذ الحل وشروطه وضماناته، ما دام الحل اليمني مخرجا جديا ومقبولا لأزمة تبدو بلا مخارج ، وليس لدى المعارضة أو النظام القدرة على الخروج بقواهما الخاصة منها، أو وضع حد لها، أو إيجاد تسوية مقبولة حولها .

سيطمئن الدور الروسي المميز موسكو إلى وضعها في سوريا الغد ، وسيقنعها بأنها لن تكون ضحية لعبة أمم جديدة ، وأن السوريين لا يريدون لها الخروج من بلادهم ، ولن يتخلوا عن صداقتهم التاريخية معها ، وأنهم بحاجة حقيقية إليها ، حماية لدولتهم ومجتمعهم ، وتوطيدا لاستقلالهم وحرية قرارهم .

لا يجوز أن تعطل المعارضة دورا روسيا هذه نتائجه وممكناته ، ومن واجبها تسهيله وجعله حاكما في حل الأزمة ، لأن ذلك هو ، في جميع الأحوال ، أفضل الخيارات المتوفرة لنا اليوم كسوريين يحبون وطنهم ويؤلمهم ما آلت إليه أحواله !.

=================

حول كلام مشعل عن سوريا

ياسر الزعاترة

الدستور

31-12-2011

شخصيا أتفهم تماما استياء بعض إخواننا السوريين من كلام رئيس المكتب السياسي لحماس (خالد مشعل) حيال الملف السوري الذي جاء في سياق المقابلة التي أجرتها معه قناة الجزيرة، فمن يعاني من قمع نظام دموي بشع لا يمكن أن يتقبل أية كلمة خارج سياق الإدانة الحاسمة لما يجري، كما لا يمكن لإنسان تعرض لقمع نظام دموي أن يتقبل أية كلمة إيجابية فيه.

ربما لم يكن التعبير الذي ورد على لسان مشعل موفقا إلى حد كبير، وبالطبع في محاولته التعبير عن الموقف وفق ما تفرضه الظروف السياسية على الأرض. وإذا كانت كلمة “وفاء للنظام” صادمة لبعض إخواننا السوريين، فقد أتبعها الرجل بعبارة أكثر وضوحا هي “الوفاء للشعب السوري الذي احتضننا احتضانا عظيما”، إلى جانب “الوفاء لقيم الحرية والإصلاح وعدم التناقض معها”، وقوله نحن “مع الحرية والإصلاح حتى أوسع مدى”، مع رفض واضح للعنف، ومعلوم من يمارس العنف ضد من؟!

بالمنطق، لا يمكن توصيف هذا الكلام بوصفه وقوفا إلى جانب النظام السوري، فمن يعلن الوفاء للشعب السوري هو بالضرورة ضد النظام، ومن يقف مع الحرية والإصلاح والحرية حتى آخر مدى لا يمكن أن يكون إلى جانب النظام، ومن يقف ضد العنف فإنما يدين العنف الدموي الذي يمارسه النظام. وعموما لا يمكن تصور أي حل سياسي يبقى النظام على حاله بعدما فقد شرعيته السياسية والأخلاقية.

للمعترضين من إخواننا نذكرهم بقوله تعالى “وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ”، ولدى حماس ميثاق مع النظام السوري الذي منحها الدعم والحماية، بصرف النظر عن نواياه الكامنة، والتي تتلخص في حماية نفسه وضمان مصلحته أكثر من أي شيء آخر.

ما ينبغي أن يُقال هنا أيضا هو أن موقف حماس مما يجري في سوريا كان جريئا إلى حد كبير، ويعلم المعنيون حجم الغيظ الذي انتاب النظام من موقف الحركة، وتصنيفه ضمن الإطار المعادي (القطري التركي على وجه التحديد)، بل إن الحركة قد تعرضت لعقوبات مالية من طرف إيران بسبب موقفها ذاك.

في قلب طهران، وفي ندوة تتعلق بالقضية الفلسطينية قبل شهور، وأمام القيادة الإيرانية، لم يتردد خالد مشعل في نصرة جميع الثورات العربية، ولم يستثن سوريا، الأمر الذي استفز القيادة الإيرانية والسورية في آن، وقد سمعت من قيادي “إخواني” سوري تعاطفا مع الرجل، حتى قال لي إنه لم يكن مضطرا لاستفزازهم على ذلك النحو.

موضوع الخروج من سوريا ليس بعيدا عن أجندة الحركة بسبب الأحداث، ولم يعد سرا أن الكثير من قادة وكوادر الحركة قد غادروا فعلا، لكن ذلك لا يعني استعداء النظام، لاسيما أن هناك عددا من الكوادر الذين لا يجدون ملاذا آخر، وأكثرهم من الفلسطينيين حملة الوثيقة السورية، فضلا عن الخطر على الفلسطينيين أنفسهم.

ولعل ما يؤكد تميز موقف حماس هو مقارنته بموقف حزب الله على سبيل المثال، وتوصيفه (أعني موقف الحركة) كموقف معادٍ من طرف النظام، ولولا صعوبة اتخاذ موقف حاسم بسبب الوضع المشار إليه لكان لها موقف آخر.

يبقى القول إن جماهير الأمة من المحيط إلى الخليج (تستثنى غالبية الشيعة الذين انحازوا لمنظومتهم المذهبية مع الأسف)، قد وقفت مع الشعب السوري، والشعب الفلسطيني جزءً من الأمة، ولم يتردد في نصرة إخوته السوريين، بدليل مواقف اللاجئين الفلسطينيين في الأردن ولبنان، وحتى داخل سوريا لولا حساسية الموقف. وعموما لا يغير موقف حماس شيئا في معادلة الصراع مع النظام، ولا داعي لتحميل الموقف أكثر مما يحتمل.

مرة أخرى نقول إن الكلمة التي لم تعجب إخواننا في كلام مشعل لا تعبر عن تغير في الموقف، لكنها الكلمات في قضية حساسة، ولو دققنا فيها بشكل جيد لوجدنا أنها في المجمل منحازة بالكامل للشعب السوري، ولكن التوتر الذي يفرضه الموقف بسبب جرائم النظام التي تجاوزت كل الحدود هو الذي يجعل التقييم على قدر من التحسس.

حماس لم تتوقف مثلا عند تصريحات لقياديين من المعارضة السورية تجامل الغرب ودولة الاحتلال وتتحدث بسلبية عن قوى المقاومة، ومن المناسب أن يتفهم إخواننا السوريين بعض الارتباك في التعبيرات بسبب حساسية الموقف، مع ضرورة الإيمان بأن جميع الفلسطينيين يقفون معهم ويتمنون سقوط النظام اليوم قبل الغد، وهو سيسقط عما قريب بإذن الله.

عندما تستثني الجولة الخارجية لرئيس الحكومة في غزة (إسماعيل هنية) سوريا وإيران، فهذا يعكس بالضرورة مواقف الحركة، والفضاء الذي تعلن الانحياز إليه. هل يحتاج المشككون إلى أكثر من ذلك؟!

=================

العوامل الداخلية والخارجية للثورات: سورية مثالاً

م. ربحي خلف

2011-12-30

القدس العربي

ما أن بدأت رياح التغيير في العالم العربي مع بدايات العام الجاري واتخذت شكل ثورات شعبية حتى وضعت كل التحليلات عن احتمالات الحرب والسلم في المنطقة جانباً وحظـــــيت الثورات بنصيب وافر تستحقه من التحليل والدراسة لأسبابها والعوامل التي أدت إلى قيامها في بلدان عربية دون أخرى، واتجهت إحدى نظريات التفسير لها أن الدول التي تحمل في تربتها أسباب الثورة الداخلية من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ( دخل محدود، بطالة، تضخم وغلاء أسعار، تفاوت طبقي، تمييز اجتماعي في الخدمات، فساد مالي، تضييق في الحريات العامة، إعلام مقيد، نظام حكم مستبد وغياب للتداول السلمي للسلطة ... الخ).

فإن ذلك قد لا يعتبر كافياً لتنبت ثورة الشعب إذا ما كانت الدولة تنتهج سياسة خارجية توصف بالمستقلة والممانعة في وجه السياسات الأجنبية في المنطقة، واستدلوا على ذلك أن رياح التغيير الثوري هبت على دول الإعتدال العربي وهـــــي على الترتيب (تونس، مصر، البحرين، اليمن وأخيراً ليبيا التي تحالفت مع الغرب منذ 2003 وربطــــت نفسها به اقتصادياً) دون أن تستثير شعوب دول الممانعة العربية وعلى رأسها سورية.

يعتقد أصحاب هذا التفسير أن الشعوب تحسب لأنظمتها أنها تقف في مواجهة السياسات الغربية والأمريكية خصوصاً في منطقتنا وعلى رأسها سياسات الإحتلال والتدخل الأجنبي وحماية أمن إسرائيل، كما يحسب لهم أيضاً أنهم يدعمون قوى المقاومة العربية والتي تشكل رأس الحربة في مواجهة هذه السياسات المكروهة شعبياً.

فيما يبدو للناظر من الخارج تناغماً بين تطلعات الشعب وسياسات النظام الخارجية تجاه هذه القضايا، وهو كذلك ولا يمكن نكرانه. ومما لا يمكن نكرانه أيضاً أن الثورات التي قامت حتى الآن في العالم العربي لم تكن سياسات الدول الخارجية محركها الرئيس بأي شكل من الأشكال، بل كانت عناوين الثورة تعبر عن مضمونها بأنها كانت ثورات حرية وكرامة، فأول مطالب الثورة هي أن يكون الإنسان حراً على ثرى بلده يعبر فيها عما يشاء ويختار من يشاء ليحكمه كما يريد ويرتضيه عقد الحكم بين الحاكم والمحكوم والذي يتضمن بين بنوده رضا المحكوم بحكم الحاكم، لا أن يحكم الحاكم بقوة الحديد والنار.

كل ما سبق يؤسس لحقيقة أن السياسة الخارجية للدولة - سوريا مثلاً - وإن كانت عامل استقرار داخلي فإنه لن يستطيع بحال من الأحوال إلغاء عوامل الثورة الداخلية الأخرى، وأقصى ما باستطاعته هو تأخيرها لبعض الوقت لحين انهيار حاجز الخوف الذي اعتنى النظام ببنائه ليصمد أطول فترة ممكنة في نفوس الشعب، ولكن تاريخ الثورات في العالم يشي لنا بأن أعتى جدران الصمت والخوف بناءً أسرعها تهاوياً أمام قوة الحق الذي صدحت بها الشعوب في وجه نظم الاستبداد التي تاجرت بقضايا الأمة الكبرى لتطيل بها أعمارها التي يبدو أنه قد دنى أجلها.

=================

مفاجأة البروتوكول: قتل السوريين أمام أعين المراقبين.. الشعب يريد مراقبين.. لمراقبة المراقبين !

د. عمّار البرادعي

2011-12-30

القدس العربي

لو أمكن التأكد من دقة المعلومة التي أدلت بها مصادر في 'غوغل إيرث' من أن السيارتين اللتين فُجّرتا قرب المجمع الأمني بكفر سوسة كانتا موجودتين داخله منذ أربعة أيام، لأعفى ذلك كل المحلّلين عناء البحث عن شواهد جديدة لكي يثبتوا بالقطع وقوف النظام وراء هذه الجريمة .

عملية التأكيد هذه لا تتطلّب أكثر من إطلاع خبراء مختصّين على الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية للمكان قبل استهدافه، تُظهر فيه هاتين السيارتين أو إحداهما على الأقل، خصوصا وأن عملية التصوير قد شملت ـ حسب قول المصادر نفسها ـ سائرالمباني الأمنية وكامل المنطقة التي كانت مسرحا للتفجير.

لو حصل ذلك فعلا، وجرى التأكد من دقة مصادر غوغل، لتمّ وضع حدّ لألاعيب النظام وأكاذيبه المكشوفة بالوثائق الثبوتية الدامغة، إلى جانب ما تمّ ترجيحه بالعقل وعن طريق المقارنة بين التصريحات المتناقضة في ضوء المعرفة التاريخية بمعدن النظام وأساليبه .لكن ذلك لم يتحقق، كما أن هناك شواهد أخرى أساسية لم تحظ بلفت الإنتباه المناسب لها من قبل معظم وسائل الإعلام، مع أنه كان من الممكن أن توصلنا الى نفس النتيجة دون الإستناد الى معلومة غوغل ولا صور الأقمار والخبراء، إلا أننا لم نقرأ عنها شيئا في تحليلات المتتبعين لهذا الحدث، ولاسيما تلك المتعلقة بكيفية فبركة الجريمة التي تُعتبر فضيحة الفضائح المؤشرة على 'عراقة' النظام السوري في أساليب التضليل وتلفيق الإتهامات.

في البدء وكمثال على ذلك، دعونا نسترجع خبرا مازال طازجا في الأذهان تداوله أكثر من مصدر صحفي وسياسي قبل يومين فقط من عمليتي التفجير، حيث نُقل عن لسان وزير الدفاع اللبناني فايز غصن قوله في اجتماع ضمّ عددا من الضباط 'أن السلطات اللبنانية قد حذّرت سورية من تسلل بعض العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة عن طريق بلدة عرسال الحدودية'. وجاء هذا الكلام الذي ننقله بحرفيته في صيغة تقبل أكثر من تفسير، وإن كانت توحي بعموميتها أن هذه العناصر آتية على الأرجح من سورية، ولهذا استُوجِب التحذير لا مجرد التبليغ أو التنبيه. 

بعد ذلك بيومين وتعليقا على خبر الإنفجارين، أزيلت هذه الغمغمة في عمومية الكلام من خلال تصريح فوري أدلى به الناطق باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي إلى وكالة يونايتدبرس صبيحة يوم الحدث في 23الجاري، اتهم فيه تنظيم القاعدة بالوقوف وراء هذه العملية الإجرامية، ثم تابع موضحا خلفية هذا الإتهام بالقول ' .. لقد حذّر لبنان سورية من تسرّب عناصر من تنظيم القاعدة عبر بلدة عرسال '. وهكذا وَضَع هذه الصيغة في سياق يربط العملية بالتحذير المسبق، ويُفسّر الإثنين بما يخدم أطروحات النظام وادعاءاته، على الرغم من خروج رئيس الوزراء اللبناني بعد ذلك لينفي أي تواجد لتنظيم القاعدة، ويترك الرد التفصيلي على ما تردد الى مخابرات الجيش التي ستكشف حقيقة الوضع في عرسال ـ كما قال ـ وهو ما ينفي التفسير الذي استندت إليه السلطات السورية في توجيه الإتهام.

إذا كانت وسائل الإعلام قد قفزت عن كشف سر هذه الصيغة التي تحتمل أكثر من تفسير، واكتفت بتسليط الأضواء على حقائق بديهية لا تخفى على المتابعين، كتوقيت التفجير مع قدوم طلائع المراقبين، وردّ وزير الخارجية السوري وليد المعلم على سؤال صحفي وجّه إليه قبل يومين من الحدث حول احتمال وقوع أحداث أمنية خلال وجود المراقبين بالقول: 'هذا سيعطي مصداقية للسلطات السورية أن هناك مجموعات إرهابية مسلحة'. كما اكتفت بالغمز من القدرة الخارقة لاستخباراتها في كشف الجهة الفاعلة لعملية التفجير والإعلان عنها في غضون أقل من ساعة على وقوعها، بينما لم تكشف حتى الآن عن أي جهة نفّذت عمليات إجرامية أخرى ومنها ما يماثل هذه، رغم مرور عدة سنوات عليها كعملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، وتفجير السفارة الأمريكية في دمشق، واغتيال عماد مغنية، رجوعا الى اغتيال كمال جنبلاط ومفتي لبنان حسن خالد .. والقائمة طويلة جدا على الحصر.

إذا كان ذلك قد حصل فعلا، فإنه ليس من السهل علينا القفز من فوق ما أعلنه حزب الله، الحليف الأساسي لنظام بشار في بيان رسمي له أدان فيه العملية التي 'وقعت بالتزامن مع التفجيرات التي شهدتها بغداد' كما قال، واتهم الولايات المتحدة بالوقوف وراءها وليس القاعدة كما أعلنت السلطات السورية . وكان اللافت فيما جاء فيه أن' هذه العملية الدموية الجبانة جاءت إنتقاما منها على إخراج قواتها ذليلة من العراق'. وكأن نظام بشار حليف المالكي الذي أتى ومن معه على دبابات الإحتلال هو الذي أخرج القوات الأميركية من العراق وأذ لّها أيضا، وليست عمليات المقاومة التي يجري التعتيم عليها منذ تسع سنوات.

وإذا كان سرّ عدم تطابق هذا الإتهام مع الإتهام الرسمي السوري لم يستوقف المراقبين أيضا ولم يدفعهم إلى سبر أغواره، فلأن عملية التنسيق الكامل مع السلطات اللبنانية الخارجة من رحم حزب الله لم تستوقفهم كذلك في مراحلها المتعددة، لا من حيث أسبقيتها لهذا الحدث ولا علاقتها المباشرة به، إلى جانب التصريحات المتعلقة بتسرّب عناصر القاعدة بين البلدين. ثم أخيرا وليس آخرا تنسيق عملية توزيع التهم إلى جهات متعددة لإبعاد أصابع الإتهام عن المجرم الحقيقي.

حتى مسارعة الرئيس اللبناني ميشيل سليمان إلى إدانة العملية ـ وهو أمر طبيعي ـ لم تخرج عن سياق هذا التنسيق وحتى التفسير المزدوج، عندما اعتبر في حديثه الهاتفي مع بشار أن 'تزامن الحدث يستهدف خربطة الحل العربي'. ومع أن هذه العبارة الأخيرة صحيحة، إلا أنها ليست كما أوحى الرئيس اللبناني. أي ليست القاعدة هي التي تستهدف ـ في هذه الحالة ـ تخريب الحل، بل النظام الذي حاول قتله قبل أن يُولد، وماطل طويلا بقبوله، ولم يوافق عليه إلا تحت الضغط المتواصل وبأسلوب احتيالي واضح ،بعد أن حوصر في زاوية لم يعد أمامه أي مهرب منها إلا بمواجهة مصيره أمام مجلس الأمن، فالتدخل الخارجي وصولا الى محكمة الجنايات الدولية .

وبالعودة إلى تحويل أصابع الإتهام إلى القاعدة والولايات المتحدة، قبل أن تجري محاولة إلصاقها بعد ذلك بجماعة المسلمين، تجدر الإشارة الى الملاحظتين التاليتين:

أولاهما ـ منذ ما قبل اندلاع ثورة شعبنا لم يسمع أحد بأي نشاط لتنظيم القاعدة على الأرض السورية، لا على لسان النظام ولا غيره. فما معنى مسرحية اتهامه المفاجىء مع إطلالة اليوم الأول لوصول طلائع المراقبين العرب، وما الذي جدّ بالنسبة للقاعدة حتى تستهدف نظام بشّار الآن، وهي التي بقيت نائمة طوال الشهور التسعة الماضية ؟

ثانيهما ـ لماذا تستهدف الولايات المتحدة أيضا هذا النظام، وهو حليف حليفها الذي أعادته دبابات الإحتلال ليحكم العراق ـ كما تعرف كل الدنيا ـ، والذي ما زالت تربطه بالولايات المتحدة أوثق علاقات التبعية التي عزّزتها زيارته الأخيرة الى واشنطن ؟

ولم يتوقف مسلسل الفبركة والتناقضات عند هذا الحد، بل وصل كما سمعنا وقرأنا الى تسريب تفاصيل تثير الإستهزاء، كترويج أنباء عن إلقاء القبض على الإنتحاريّين الإثنين مع أنهما لقيا مصرعهما حتما، ثم على إرهابي واحد فقط، بدل أن نسمع أو نقرأ في المقابل شيئا عمّا التقطته كاميرات المراقبة التي زرعتها أجهزة النظام في كل مكان، خصوصا في مناطق تواجد المكاتب الأمنية الحساسة ومنها المنطقة التي شهدت عمليتي التفجير .

إن من يتتبع مراحل التمهيد لهذه الجريمة الجديدة وتحديد الجهة المتهمة بها سلفا، سوف يرى فعلا أن الجهة التي نفّذتها 'أرادت أن يكون اليوم الأول للمراقبين في دمشق يوما مأساويا' بهدف إخافتهم ودفعهم الى العودة من حيث أتوا، وهذا ما قاله حرفيا نائب وزير الخارجية فيصل المقداد نفسه فور وقوع العملية، ولكن من منطلق الإتهام الجاهز للقاعدة وليس أجهزة النظام بالوقوف وراء ها وما ترمي إليه من أهداف.

هنا يجدر السؤال: إذا كان هدف الإرهابيين إثارة الفزع واستعراض قدرة أياديهم الطولى على استهداف المواطنين الآمنين، فأيهما أيسر عليهم في الحالة هذه: استهداف مؤسسات رسمية محصّنة أم تجمعات شعبية لا تتمتع بمزايا الحماية المتوفرة للمقارالأمنية على وجه الخصوص، كتجمعات الشبّيحة وتظاهرات المحسوبين على النظام؟ اللهمّ إلا إذا كان الهدف الحقيقي من وراء الإيحاء باستهداف هذه المقار إقناع المراقبين بأن النظام 'المسالم' هو المستهدف من عمليات التقتيل التي يمارسها الشعب 'المتآمر' في كل أنحاء البلاد، وهذا هو الذي يُفسّر الفارق بين إصراره على عدم السماح لوسائل الإعلام بتغطية الأحداث التي تعكس ممارساته الدموية على الأرض، ثم مسارعته إلى فتح الأبواب أمامها واستدعائها كي تُغطّي الجانب الذي يريد إبرازه من وراء هذه العملية.

بهذا الأسلوب التضليلي يعتقد نظام بشار أنه قادر على استغفال الناس إلى ما لا نهاية . ولهذا لم يتورّع عن تكرار نفس النهج الذي اتبعه في فبركة عملية التفجير عندما حان موعد زيارة وفد المراقبين إلى مدينة حمص الغارقة بدماء أبنائها . فبالإضافة الى عملية الخداع التي اتبعها بوقف القصف لبرهة زمنية قصيرة أثناء وجود المراقبين الذين تجوّلوا كالسياح وسط الدمار وأمامهم دبابات الجيش، أوعز لبعض شبّيحته التقدّم بشكاوي الى المراقبين حول عمليات قتل وتعذيب قام بها أهل المدينة ضد عائلاتهم وأطفالهم، كما أوعزوا لعدد آخر بترويج ديباجة موحدة المضمون من على الفضائيات، كتلك التي بثّتها فضائية روسيا اليوم الساعة الثالثة من بعد ظهر الإثنين الماضي في اتصال مع من وصفته بالمحلل السياسي، سألته عن أجواء المدينة التي تنتظر قدوم المراقبين، فأجابها بنص مكتوب له قرأه كتلميذ حفظ درسه عن ظهر قلب، ثم كرّره بغباء جوابا على كل سؤال جديد وهو يردد دون الإكتراث لتدخل المذيع 'هناك مئات الإرهابيين المدججين بالسلاح في شوارع المدينة وأحيائها. وهناك قوى قوية جدا ـ هكذا بالحرف ـ ومسلحة ومدرّبة على كل وسائل قتال الشوارع تقوم بعمليات إرهابية ضد المواطنين'!

يبقى القول: وماذا عن دور المراقبين، وكيف تمّ اختيارهم، وما هي المزايا التي حرصت الجامعة على توفرها فيمن سيقوم بمثل هذا المهمة الدقيقة، هذا إذا كانت هي التي قامت بذلك وليس غيرها ممن لا يريدون لمهمة المراقبين النجاح أساسا ؟

نطرح كل هذه التساؤلات لأن أمامنا نماذج لا تُبشّر بالتفاؤل فيما يتعلّق بكيفية اختيار البعض منهم. فإذا استثنينا الذين رشّحتهم دولهم من ذوي الخبرة والكفاءة كقائمة مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال ـ التي تمّ رفض قبولها ـ أو أولئك الذين رشحتهم المنظمات الحقوقية والإنسانية المعروفة بجدّيتها، نرى ودون دخول في التفاصيل، أن بعض الذين أُبلغوا بالرغبة في ترشيحهم، مع أنهم لا يتمتعون بالمزايا الواجب توفرها في أي مراقب، قد تم الإتصال بهم من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالجامعة ولا بأي موقع رسمي في الوقت الحاضر. وهذا ما حصل مع بعض المقيمين في عواصم أوروبية مهمة.

لا نريد أن نسأل هنا هل يدري الأمين العام للجامعة بهذه الخفايا أم لا، ولكننا نسمح لأنفسنا بالسؤال الأصعب: من يضمن في مثل هذه الحالة وما يعترينا فيها من شكوك أن لا يشتري نظام بشار بعض الأنفس، لكي توقّع على سند براءته، وهذا ما تأمله جامعة الحكام وتتطلّع إلى المصادقة عليه.

=================

ما الربيع العربي؟ استئناف للتاريخ... للحياة

السبت, 31 ديسيمبر 2011

جمال خاشقجي *

الحياة

ونحن نودع 2011 أجمعنا على أنه عام الربيع العربي بامتياز، إنه عام في قرن، وربيع العرب هو حدث القرن، فما هذا الربيع العربي؟

هناك عشرات الأجوبة، ستقرأونها في مقالات تكتب في هذه الصحيفة وغيرها، وتسمعونها كلما بثت إخبارية برنامجاً عن حصاد 2011، كلها صحيح، إلا من يقول إنه مؤامرة، فهذا لا يحترم العرب، كل العرب، لا يحترم الملايين الذين خرجوا من مشارب شتى إلى ميادين وساحات العواصم والمدن العربية، تنوعت مطالبهم وخلفياتهم وأسبابهم للغضب واجتمعوا على حقيقة واحدة... التغيير.

لا يحترم السوري والمصري والليبي والتونسي واليمني وكل عربي نزع الخوف الذي سكن نفسه عقوداً طويلة ثم خرج أعزلَ يطلب الحرية وهو يعلم أن فرصته في الموت أكبر من فرصته في الفوز بها، لكنه يعلم أنها ستأتي، إن لم تكن له فسيفوز بها مواطن آخر من بعده.

من ذا الذي يستطيع أن يُخرج كلَّ هؤلاء في وقت معلوم إلى مكان معلوم ينادون بمطلب واحد؟ الإعلام الاجتماعي، «فايسبوك» و»تويتر»، هذه مجرد أدوات، مؤامرة رسمت في الولايات المتحدة، طورها صربي؟... «كلام فاضي»، إنها قوة التاريخ بما حباها الله من سنن تعمل من داخلها، تتحرك فإذا ما توافقت اللحظة المناسبة مع المكان المناسب تناغمت حركتها الكبيرة وانطلقت بقوتها الهائلة، هذا ما حصل في 2011.

إنه استئناف لمسيرة التاريخ التي أُجهِضت، لحركة النهضة العربية التي انطلقت بعد انهيار الدولة العثمانية عام 1918، تنوعت أيامها الأفكار والتوجهات، ولكنها اتَّحدت في السعي نحو دولة عصرية تحكم بالشورى أو الديموقراطية الغربية، وقتها كان أقرب نموذج للنخب السياسية العربية هي خليط غير جذاب من الديموقراطية الغربية الواردة من لدن المستعمر، ومبادئ الإصلاح التي انتصرت ثم انهزمت في تركيا العثمانية، طرحت دولة تقوم على تقنين الشريعة والفصل بين السلطات، مجالس نيابية تمثل الشعب، احترام الإسلام ودوره في المجتمع وحقوق الأقليات مع مدنية الدولة من دون تطرف علماني، ارجعوا إلى صحف ذلك الزمان في مصر والعراق والشام، كانت الأمة كلها في حالة نهوض سياسي وثقافي وفني، بل حتى في الدين والشريعة، أجمل وأفضل كتب في الشريعة ظهرت في ذلك الزمان، فجأة انقض على بلدانِ العرب الناهضة حديثةِ الاستقلال عسكرٌ، أنصافُ متعلمين، فتوقفت النهضة لأكثر من ستة عقود، بل أكثر من ذلك، تراكمت خلال تلك العقود أخطاء، وهزائم، اليوم تتسلم الشعوب العربية أوطانها من جديد لتنهض بها من حيث تركتها قبل ستة عقود ولكن محملة ومثقلة بإخفاقات وكوارث العسكر الذين تحولوا من ثوار إل مماليك يتوارثون وأبناؤهم وعشيرتهم الحكم، أمة تستأنف الحياة لكن مثقلة بخسارة فلسطين وقدسها الثقيلتين، وما يشكله ذلك من هم وضغط على الضمير العربي، هذه هموم مشتركة بيننا جميعاً لكن في كل بلد حظه من الفشل الاقتصادي والبطالة، التعليم المشوه، الدساتير الخرِبة المليئة بالثغرات، وحدة مزقتها وتعايش مزقته الطائفية والقبلية والجهوية، خسائر هائلة لا تعدل كفتها بعضاً من الإنجازات.

لاحظوا أعلام الاستقلال التي يلوّح بها المتظاهرون في سورية وقبلهم ثوار ليبيا، إنها رسالة واضحة على أننا نريد أن نبدأ من هناك، من نقطة الصفر، إنه ليس انقلاباً على النظام الحالي، إنها ثورة على كل ثورة وأدت النهضة العربية، وأبرزها أم الثورات العربية، «23 يوليو» وزعيمها «الخالد» جمال عبدالناصر، لم يحمل أحد صورته ولم يصوت لمن يزعمون صلة به في انتخابات مصر إلا القليل، بل إن المفارقة أن بعضهم لم يعد غير جزء ضمن تحالف يقوده الإخوان المسلمون الذين حاول عبدالناصر إلغاءهم من التاريخ فدخلوا تحت جناحهم لعلهم يحصلون على بضعة مقاعد في البرلمان المصري الجديد الذي اكتسحته الجماعة «المحظورة».

حاولت قوة التاريخ العربي أن تخترق حواجز الأنظمة الشمولية وبطشها مرات عدة، ولكنها لم تكن قوية أو ذات خبرة كافية، ربما لم يكن الشعب واعياً بما فيه الكفاية، لم يزل وقتها يحسن الظن في العسكر، العسكر من جهتهم اكتسبوا خبرة في فن «البقاء» في الحكم وليس في فن الحكم، سياسة وقمع وأجهزة تجسس وعلاقات دولية أجلت الاستئناف المبكر لمسيرة التاريخ العربي.

الربيع العربي هو انتفاضة على الفقر والبطالة والظلم والقمع وتطلع إلى الكرامة والحقوق، هو كل ما سبق، لكنه أولاً استئناف للتاريخ، المسيرة نفسها التي يعيشها كل إنسان، فالسعي نحو الحرية والمشاركة والرخاء والسعادة قيم مشتركة، لا تتأثر باختلاف الثقافات، إنها مسعى الآسيوي والأفريقي والأميركي اللاتيني، مثلهم مثل دول الشمال التي أكملت هذه المسيرة أو كادت.

المستبد، ثائر أو حاكم مطلق، يعلم بذلك، فيشغل شعبه «بالحرب على الاستعمار ومواجهة الإمبريالية العالمية» أو يختار طريقاً مختصراً مباشراً مع شعب يجهل حقوقه، بإعلان أن الديموقراطية كفر وضلال وتتعارض مع الإسلام... منطق كهذا لا يوقف مسيرة التاريخ، إنه يلغي التاريخ.. موقتاً.

* كاتب سعودي

=================

هذا أو الطوفان

رأي المدينة

السبت 31/12/2011

يدخل العالم العربي إلى العام 2112 وهو في أمس الحاجة إلى الاستقرار والهدوء من أجل التفرغ للتنمية والتطوير وبناء الإنسان.

ولعل من أكثر المواقع في الجسد العربي والتي تئن وتشتكى الآن « سوريا» التي تنزف دماء مواطنيها الأبرياء من جراء سفك الدم اليومي الذي ينفذه الجيش السوري دون أن تطرف له عين.

ويجري ذلك بالرغم من تواجد المراقبين العرب على الأرض والذين كان يجب أن يكون مقدمهم رادعًا لدمشق لكي توقف أعمال آلة القتل في مواطنيها واللجوء إلى الحكمة والتعقل لأن المتضرر الأول والأخير الشعب السوري حاضره ومستقبله.

وإذا كانت مجهودات الجامعة قد توصلت إلى بروتكول مع النظام هناك لحماية المدنيين وإيقاف العنف ضدهم الذي تمارسه الكتائب والشبيحة فإن هذا الاتفاق ملزم لها لأنه يجنب المنطقة تداعيات أي تدخل أجنبي ونقل الملف لمجلس الأمن وهي أمور لا تريدها سوريا لأنها المتضرر الأساس وكذلك لنتائجها الوخيمة على الكل.

لكن يجب على دمشق ألا تستغل ذلك في تمرير أجندتها وعدم التجاوب مع رغبات الشعب الذي أثخن بالجراح، وأن تعلم أن تماديها في المعالجات الأمنية العنيفة لن تحمد عقباه وغير مقبولة من العرب والمجتمع الدولي.

وإذا كان الملف السوري لا يزال متعثرًا للسلوك الملتوي للنظام هناك لكن ما يؤرق الناس أيضًا الملف اليمني الذي وضعت له اتفاقية الرياض عناصر الحلول الناجحة وآليتها التنفيذية مما أدى لتشكيل حكومة الوفاق الوطني وإزالة آثار المعارك ومحاولة إعادة الاستقرار والأمن من أجل ترتيب البيت للانتخابات القادمة لذا على مكونات المجتمع اليمني وأطيافه السياسية التمسك بالمبادرة الخليجية وتنفيذها والتحلي بروح الوطنية والمسؤولية حتى يخرجوا باليمن إلى بر الأمان والسلامة.

=================

من تراقب؟

السبت, 31 ديسيمبر 2011

عبدالعزيز السويد

الحياة

رئيس بعثة المراقبين العرب في سوريا اقترف خطأً جسيماً حينما تحدث للإعلام! ليس مهام مراقب في شأن متفجر مثل الأزمة السورية، أن يتحدث، مهما بلغت شهوة للكلام وضغوط مراسلين ورصد مراقبين بثياب سائقين ومرشدين.

حديث رئيس البعثة الباعث على الاطمئنان، تحول إلى حكم لصالح طرف ضد الآخر. ومن الواضح أن الجامعة لم تكن مستعدة ولا مراقبيها لأمر من هذا النوع ، لوحظ ذلك من حالة «التوهان» وتصوير بأجهزة الجوال، والقصد من نشر المراقبين - بحسب فهمي- تقصي حقائق الأوضاع على الأرض، بين متظاهرين يتهمون السلطات السورية بقتلهم والفتك بهم رغم سلمية خروجهم الى الشارع، وسلطات تقول إنها تلاحق مجموعات إرهابية هي من يقتل المدنيين ومنهم المتظاهرون.

في هذه الجولة حققت السلطات السورية انتصاراً بعد انتزاعها ذلك التصريح من رئيس مراقبي الجامعة العربية، أو تبرعه به. وفكرة نشر مراقبين مدنيين في أزمة من هذا النوع غير مسبوقة في ظني، لهذا لم يكن مفاجئاً أن الجامعة لم تكن مستعدة، كان الأولى- بديهياً- التشديد على عدم الاتصال بوسائل الإعلام منذ ما قبل وصول دفعات المراقبين، وتعيين متحدث باسمهم في الجامعة أو الإعلان ان أمين الجامعة هو المعني بالحديث عن نشاطهم، ولا يتوقع من المراقبين حسم أي أمر، لذا يستغرب الهجوم عليهم من الطرفين، مهمتهم تنحصر في نقل الصورة إلى مرجعيتهم، اللجنة الوزارية، والأخيرة ستصدر رأي الجامعة لاحقاً.

والواقع يقول ان السلطات السورية فرضت أسلوبها «في الكر والفر الحاصل الآن» على الجامعة العربية، فهي من يشغلها أكثر من الثوار، مع فتيل التدويل، والغرض تحقيق هدف إعلامي وسياسي كبير يتولد عنه أهداف على الأرض. استطاعت دمشق تجيير حضور المراقبين لصالح وجهة نظرها المعلنة، ولو مؤقتاً على الأقل، من هنا تحولت الجامعة إلى أداة لتزويد الحكومة السورية بمساحة زمنية أطول «للتعامل» مع الأزمة...الثورة، وهو ما يتناقض مع لهجة حازمة دشنت الجامعة بها تدخلها في الأزمة السورية، وتكاد الجامعة بأسلوبها المرتجل أن تتحول إلى جزء من المشكلة لا جزءاً من الحل. فمن عدم وضوح الرؤية لدى الجامعة العربية واللجنة الوزارية» أيضاً» اختفاء الحديث عن العقوبات الاقتصادية، هل تم تفعيلها وأي من الدول التزم بها، أم أنها بقيت حبراً على ورق الجامعة، وتلاشت، ومع قصور نفس الجامعة ونظام في سوريا تعود على طول النفس مهما تصاعد عدد القتلى، يبدو أفق الحل بعيد المنال.

www.asuwayed.com

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ