ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 08/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

تدويل الأزمة السورية

2012-01-07

الوطن السعودية

خروج المظاهرات السورية، أمس تحت عنوان "جمعة التدويل" أمر له دلالات كبيرة جدا؛ ذلك أنه يعني أن الأمور وصلت إلى طريق مسدود، وهو ما يشعر به السوريون على الأرض، وللأسف فإن النظام السوري هو الذي يعطل كل سبل الحل، فمؤخرا ومع اتساع عمل المراقبين وسعيهم إلى أن يكونوا أكثر حضورا، بدأ النظام في اتخاذ خطوات ضدهم، مثل مراقبة الهواتف وتضليل تحركاتهم، بل إن الأمور وصلت إلى إطلاق النار على أحد مواكبهم كما أوردت وكالات الأنباء.

منذ بدء عمل المراقبين، سقط ما يقارب ٤٠٠ قتيل، وهو ما يفتح الباب للتساؤل عن مدى قدرة المراقبين على إحداث تغيير، وإيقاف للقتل وضمان سحب المظاهر المسلحة، ومن جهة أخرى يفتح الباب لجزء آخر من مسألة التدويل وهو الاستعانة بالأمم المتحدة لتقديم خبراتها في مسألة المراقبة، إذ إن هذه هي التجربة الأولى للجامعة العربية في مهمة من هذا النوع، وهي تجربة فرضت الظروف أن تقوم بها دون الاستعانة بأية خبرات، ومما يزيد من صعوبتها استمرار نهج النظام السوري وعدم سعيه للتعاون للخروج من الأزمة، مما يدفع العرب مضطرين إلى التدويل.

اللجنة الوزارية بالجامعة العربية ستعقد اجتماعها غداً لمناقشة آخر تطورات الملف السوري، ومن المرجح أن تعرض عليها تقارير مبدئية من بعثة المراقبة، وسيكون خيار التدويل مطروحا للنقاش، خاصة أن أفق الأوضاع أصبح أكثر قتامة، وتصريحات رئيس اللجنة الوزارية الشيخ حمد بن جاسم بعد لقائه بسكرتير عام الأمم المتحدة في نيويورك تصب في هذا الاتجاه.

تركيا سيكون لها دور مهم في الفترة القادمة، لأنها ستكون نقطة الانطلاق لأي عمل دولي، وتصريحات الحكومة التركية ضد النظام السوري أخيرا، تشير إلى أن تركيا لن تعارض خيار التدويل الذي دفع النظام السوري كل المنطقة نحو تبنيه، وقيام النظام السوري بمحاولات لاستدرارعطف الضمير العالمي كما حدث مع الانفجار الذي وقع أمس في حي الميدان بدمشق أمر مكشوف في ظل العمليات العسكرية والتعذيب الممنهج الذي يقوم به النظام ضد الشعب.

=================

من خلف مسلسل التفجيرات السورية؟!

يوسف الكويليت

الرياض

7-1-2012

 السوريون الثوار، لا يعولون على فريق التفتيش العربي، والمعارضة لم تتفق على قواسم مشتركة، والتفجيرات الأخيرة تؤكد أن السلطة بدأت تنفيذ عمليات قتل جماعية بمواقع تختارها وتنسب ما يجرى للقاعدة، أو أي شبح لا يوجد إلاّ في مخيلتها بدليل أن تفجيري دمشق الماضيين لم تعرض السلطة أي وثائق تدين طرفاً آخر..

ما حيّر النظام العجز التام عن قهر الشعب الذي وصل إلى اجماع تام بأن الحرية، حتى لو كان ثمنها الموت، فهو مبرر مصيري لا يختلف عليه أحد، ولذلك فالمحاولات بكسر عظام الشعب ولدّت بطولات غير مسبوقة في كل الثوارت العربية المعاصرة، باستثناء ليبيا التي لم يتم حصر قتلاها، سواء من نظام القذافي أو قوات حلف الأطلسي..

اعتماد سياسة التفجيرات من قبل السلطة، سيدفع بالطرف المعارض استخدام نفس السلاح، وهو ما يتوافق مع طبيعة القتل المتبادل أسوة بما يجري في العراق وجرى في بلدان عربية أخرى، لكن الخشية تأتي من استبدال استراتيجية المعارضة إلى الأخذ بطرق الاغتيالات أو من داخل مفاصل النظام، إذا ما تدهورت الحالة الاقتصادية لتقود إلى يأس يؤدي إلى التصفيات بين أصحاب الخط الواحد..

فريق المفتشين الذي استقبله السوريون بالترحيب، بدأوا يفقدون فيه الأمل حتى ان ما قيل عن رئيس الفريق مطالبته فتح الحوار بين الفرقاء، أو يتعدى مهمته التي جاء من أجلها، وأي فشل عربي، يعني عجزاً كلياً عن تقوية دور الجامعة والسلطة السورية هي من يحتفل بقصور عملها، لكن هل تسير الأمور لصالحها؟..

حتى مع فشل لم شمل المعارضة، فالشعب هو من يقرر النتائج، ومع أن الحكم استعمل أدواته المحرمة كلها، وأنه لا يوجد في الساحة إلا الخصومة العربية التي أدخلت مراقبيها، فالموقف الدولي لن يظل بلا عمل، ليس لأن المشكل إنسانياً يفرض واجب إيقاف الجريمة على الشعب السوري، بل الخشية من تداعيات تضر بأمن إسرائيل التي تراقب بحذر، ولكنها تخشى أن تدخل مرحلة وجود حزام إسلامي يمتد من مصر للأردن، لسوريا ومحيط لهذه الدول يتكون من ليبيا وتونس وربما الجزائر فالسودان..

فإخوان سوريا، هم القوة الجاهزة لتولي الحكم، ولا يتطابقون فكرياً ولا على توافق مع ثورة إيران التي يرون فيها داعماً أساسياً لحكم طائفي، والمجتمع الدولي ليس بيده قهر الاتجاهات الشعبية في بلدان الربيع، وسوريا قد تكون الأكثر خطراً لو جاء الإسلاميون بذراع القوة التي قد لا تكون حيادية في احتلال الجولان، لكنهم أي (الغربيون والأمريكان) يجدون أن قطع الطريق على إيران يساعد في تقليص نفوذها، وسيكون حزب الله بلا غطاء قريب، أو جهة موصلة له العتاد والمال..

سوريا نقطة التقاء لأزمات كثيرة، لكنها إذا ما تحررت من النظام، ستكون إضافة كبيرة للقوة العربية، وفي المشرق تحديداً..

=================

هل تعي المعارضة السورية حجم التحدي؟

سعيد شهاب

7-1-2012

تكاد رياح التغيير أن تعصف بنظام الحكم في سورية وتقتلعه من جذوره فتذروه أدراج الرياح فقد راحت أغصانه تتطاير أمام تيارات الثورة المتصاعدة يمدها غضب الجماهير الهادرة، لم تهدأ صرخات حمص ولم تندمل جراح حماة ولم يتجاوز الزمان حزنها ولم يسكن بعد أنين المعذبين في غياهب السجون ولم تجف دموع الأرامل والثكالى، كل ذلك يرفد الثورة بزخم متجدد لا حدود له، وهكذا يقف السوريون وخصوصا من يمثلون منهم أطياف المعارضة ويحملون ألويتها أمام استحقاقات تاريخية وعلى مفترق طرق حاسم، فإما أن يختاروا الائتلاف تحت سقف الوطن الجامع لأحلامهم وتطلعاتهم فمطالب الحرية والعدالة والمساواة واحترام خيارات الشعب مفاهيم يمكن أن ينضوي تحت لوائها الجميع، ويحترمون في ما سوى ذلك اختلافاتهم وتعدد آرائهم وسيجدون حينها من تأييد العالم ما يشد من أزرهم ويؤيد حقوقهم ومطالبهم وإما أن يمتد أمد فرقتهم وتشتتهم فيطيلون بذلك عمر النظام لتمتد أيام بطشه بالمدنيين وسيقف العالم حينها متفرجا على مأساتهم وأخطر من ذلك ما يتهدد البلاد من خطر الانزلاق إلى جحيم الحرب الأهلية التي ستأتي على الجميع، وقد يتفهم البعض ارتباك أمر المعارضة وتأخر اتفاق أجنحتها المخترق بعضها من أجهزة النظام ويعزون ذلك إلى انعدام الخبرة السياسية والممارسة الديمقراطية خلال العقود الأخيرة وبسبب ما بذره النظام بين أطياف الشعب الواحد من بذور الشك والريبة في نوايا بعضهم تجاه بعض، فهل سيثبت السوريون لأنفسهم وللعالم الذي يترقب ما ستؤول إليه حال ثورتهم أنهم شعب عريق يستحق حريته التي يضحي من أجلها بدماء أبنائه، هل سيعرف الشعب السوري كيف يتصالح مع ذاته وكيف يقبل بتعدد طوائفه وتياراته الفكرية والسياسية وهل سيتوصل دون إراقة المزيد من الدماء إلى النتيجة الحتمية من ضرورة التعايش تحت ظل دولة مدنية حقيقية تحفظ وتحترم حقوق الجميع، دولة يتقدم فيها المواطن بعطائه وجهده وإنجازه لا بطائفته وعشيرته، ومع كل ما أسدي للمعارضة السورية من نصح ومع كل ما قدمته ثورات الربيع العربي من تجارب لا تزال مشاهدها ملء السمع وملء البصر إلا أنها لم تستطع حتى اليوم الالتقاء على عقد اجتماعي سياسي ينظم شتاتها وينسق جهودها ويبرز للعالم واجهة سياسية تتحدث بصوت واحد لتمثل تطلعات الشعب وتعكس أحلامه فما زالت أطياف من المعارضة الداخلية والخارجية ترفض الانضمام إلى الائتلاف الذي كون المجلس الوطني للثورة وكأنما لا يعلم قادة المعارضة أن التاريخ لا يتسامح ولا يعيد منح الفرص وأنهم يتحملون بتشرذمهم وزر إطالة عمر النظام ومنحه الفرصة لدق المزيد من الأسافين بين أجنحتهم واللعب على اختلافاتهم وإراقة المزيد من دماء الأبرياء.

sds1331@hotmail.com

=================

سوريا والزلزال والدول الإقليمية

حسين العودات

التاريخ: 07 يناير 2012

البيان

صرح الرئيس السوري بشار الأسد بأن أي عدوان على سوريا سيكون زلزالاً يطاول المنطقة بكاملها، وكتبت وسائل الإعلام السورية كلاماً مماثلاً، مع مزيد من التفصيلات حول إمكانية تفجر الأعمال العسكرية والعنفية مع إسرائيل، وبين هذه وحزب الله في لبنان، بل و مع تركيا وبين إيران وجهات أخرى، فضلاً عن حدوث أعمال عنفية وإرهابية في العراق وفي غيره. وفي الخلاصة فإن رأي السلطة السورية يؤكد أن أي تدخل عسكري في سوريا سيمتد إلى دول أخرى مجاورة لها، أي إلى خارج حدودها.

تتنافس قوى ثلاث رئيسية في منطقة الشرق الأوسط، هي تركيا وإيران وإسرائيل، ولكل منها بطبيعة الحال أهدافه وأساليبه، ويضع خارطة طريق لنفسه للوصول إلى هذه الأهداف.

تعثر دخول تركيا السوق الأوروبية المشتركة، وبعد توسع الاتحاد الأوروبي ليشمل بلدان أوروبا الشرقية دون تركيا شعرت هذه أن هدف دخولها هذا الاتحاد أصبح هدفاً بعيداً، وربما وجدت بدائل مؤقتة هي أن مجالها الحيوي هو في منطقة الشرق الأوسط ومنطقة وسط آسيا.

 وقد أشار وزير خارجية تركيا الحالي عندما كان مستشاراً للرئيس في كتابه (العمق الاستراتيجي) إلى أن هذا المجال الحيوي هو مصدر قوة كبيرة لتركيا اقتصادياً وسياسياً، يؤهلها لتلعب ليس فقط دوراً إقليمياً بل دوراً عالمياً، خاصة وأن الشروط الموضوعية القائمة في المنطقة هي لصالح قيام روابط جديدة بين تركيا وبين دولها، يسهلها وجود علاقات تاريخية مديدة وعميقة بين هذه الدول ثقافية ودينية، ولهذا كله توجهت تركيا نحو دول الشرق الأوسط، وبدأت الاهتمام في قضاياها، والسعي لتكون حليفاً لها تقويها وتقوى بها دون أن تدير ظهرها لأوروبا.

فبدأت بإقامة علاقات واسعة وشاملة مع سورية الجارة المباشرة لها والبوابة الحقيقية التي تربطها مع الدول العربية الأخرى، وقد أوصلت هذه العلاقة الجديدة والواسعة تركيا إلى تحقيق هدفين في آن واحد أولهما حل مشاكل الحدود والمياه والأراضي الحدودية المختلف عليها مع سوريا منذ النصف الأول من القرن الماضي، وخاصة منها ضم لواء اسكندرون إلى تركيا عام 1939، وثانيهما توسيع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع سوريا تمهيداً للانطلاق منها إلى البلدان العربية الأخرى.

منذ قيام الثورة الإيرانية عبرت إيران بصراحة عن أهدافها بتصدير الثورة إلى دول المنطقة وبدأت تنفيذ ذلك من خلال الاعتماد على الأقلية الشيعية فيها، وإثارة النزعات الطائفية. وقد أخرت الحرب العراقية الإيرانية استكمال إيران تحقيق سياساتها، لكنها بعد انتهاء الحرب ووقوع العراق تحت سيف العقوبات الدولية بعد عام 1990 (حرب الخليج وغزو الكويت) انطلقت من جديد لتسير في طريق تحقيق أهدافها، واستطاعت أن تسلح حزب الله في لبنان.

وأن تعقد صلات مع بعض الشرائح الطائفية في البلدان العربية، ثم بعد الغزو الأمريكي للعراق أصبحت هي المهيمنة عليه، ولم تعد فكرة الهلال الشيعي اتهاماً أو وهماً وإنما أصبحت واقعاً قائماً يهدف لمد النفوذ الإيراني من إيران إلى البحر المتوسط.

وفي هذا الإطار تحالفت إيران مع النظام السوري وأقامت علاقات متينة في مختلف الجوانب معه، وأصبح بين الطرفين إضافة إلى حزب الله، علاقات استراتيجية يصعب تفكيكها كما يصعب على كل طرف من الأطراف الثلاثة التخلي عنها.

أكدت إيران أكثر من مرة تحالفها الاستراتيجي مع سوريا، ودعمها المطلق للنظام السوري، ووسعت العلاقات الاقتصادية مع سوريا لتواجه العقوبات الاقتصادية الأوروبية والعربية، وتعاونت مع النظام السوري في مختلف المجالات، وحذرت من التدخل العسكري في شؤون سورية، ويلاحظ حتى الآن أنه رغم الموقف التركي المعادي للنظام السوري، والموقف الإيراني المتحالف معه استراتيجياً، لم يعلن عن أي خلاف بين البلدين أو بداية تناقض علني، وإن وجد هذا التناقض فمازال غير معلن، ويصر كل من الطرفين على عدم وجوده.

ويحاول كل منهما أيضاً أن لا يفجر خلافات مع الطرف الآخر كل لأسبابه. فتركيا تريد التعاون الدائم مع إيران فيما يتعلق بالقضية الكردية وتجاه الوضع في بلدان وسط آسيا، وإيران تريد التعاون مع تركيا لاستمرار موقفها تجاه التسلح النووي الإيراني وتجاه العقوبات الغربية على إيران.

أما إسرائيل فهي الصامت الأكبر حتى الآن، مع أنها من أكثر الدول التي يمكن أن تتأثر بتطور الوضع السوري سلباً أو إيجاباً، فهي من جهة لا تنكر ارتياحها من هدوء الجبهة السورية طوال ما يقارب الأربعين عاماً، ومن خوفها من أي نظام سوري جديد، وهي من جهة ثانية تخشى من اضطرار النظام السوري إلى إشعال حرب على حدودها الشمالية.

أو تحريض حزب الله لإشعال مثل هذه الحرب في حالة التدخل العسكري في شؤون سوريا، ويقال إن إسرائيل كانت تضغط على الولايات المتحدة في الأشهر الأولى من الثورة السورية كي يبقى الحال في سورية كما هو، ولذلك كان الموقف الأمريكي موارباً، إلا أنها تراجعت عن موقفها السابق على أن تضمن لها الولايات المتحدة عدم تغيير سياسة النظام المقبل في سورية تجاهها، وتدمير قواعد الصواريخ السورية وقواعد الطيران ومراكز الاتصالات في حال التدخل الأجنبي في شؤون سورية.

يبقى السؤال المطروح هو مدى تحقق (الزلزال) الذي تحدث عنه الرئيس السوري في حال التدخل العسكري الأجنبي، وهل فعلاً سيطاول هذا الزلزال إسرائيل والعراق وإيران ولبنان وتركيا أم لا؟.

يشير مراقبون إلى أنه ليس من اليسير إشعال أعمال عسكرية في المنطقة، ذلك لأن النظام السوري، إذا قام بذلك أو حرض عليه، قد يضطر لمواجهة عدوان إسرائيلي شامل ليس لديه القدرة على صده، ويبدو أنه من الصعب على إيران أن تساعده عسكرياً، وكذلك الأمر بالنسبة لحزب الله، ولن تحرك تركيا ساكناً، وعليه فإن شكوكاً تحيط بمدى إمكانية وقوع الزلزال وتحقيق تصريحات الرئيس الأسد وتنبؤات الإعلام السوري وكتّابه.

=================

المهمة مستمرة

رأي البيان

التاريخ: 07 يناير 2012

البيان

لا شك في أن الجامعة العربية لم تحقق النجاحات التي كانت تأملها في شأن بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، ولكن في الوقت نفسه، لا بد من التأكيد على أن هذه المهمة لم تصل بعد إلى الطريق المسدود، وأن الوقت لم يئن بعد لإعلان الجامعة العربية فشلها في وضع حد للأزمة السورية التي تشهد تجاذبات دولية وإقليمية غير مسبوقة.

المشكلة في بعثة الجامعة العربية تكمن في قلة الخبرة، وليس خللاً في الآلية، لأن المراقبين ساهموا إلى حد ما وخلال الأيام العشرة الأولى من مهمتهم في إطلاق سراح الآلاف من المعتقلين، والوصول إلى تصور أوضح لما يجري على أرض الواقع، من المؤكد أنه سينعكس في التقييم العربي للموقف، والذي يفترض أن يتم في الاجتماع الوزاري المقرر عقده غداً في القاهرة.

أما أن نعلن منذ الآن فشل هذه المهمة، التي يعول عليها الكثيرون لكي تمنع تدويل الأزمة السورية، فإنه تسرع غير محمود، وغير بناء، لأن مخاطر التدويل قد تكون أكثر ضرراً من الحل العربي الذي تسعى الجامعة لتحقيقه على أرض الواقع بما يضمن خروج الأزمة السورية من عنق الزجاجة بسلام، ويحفظ دماء السوريين، ووحدة الأراضي السورية، ويضع حداً للتدخلات الدولية والإقليمية في هذا الملف الذي يهم كل عربي حريص على وحدة الصف العربي، وكذلك بقاء مشكلات العرب ضمن البيت العربي.

وما هو مطلوب في هذه المرحلة، شفافية كبيرة من قبل بعثة المراقبين، ونقل الصورة الحقيقية التي تجري على أرض الواقع، ومواجهة السلطات السورية بكل النقاط التي قد تثار على هذا الصعيد، إن أرادت للحل العربي أن ينجح.

ومن المحتم أن لدى الجامعة العربية الكثير لكي تقوله في هذا المجال، ولديها المزيد من المراقبين الذين التحقوا وسيلتحقون بمهمة البعثة لزيارة مناطق التوتر التي تنتشر على الخارطة السورية، وإلا فإن التشكيك بمهمة الجامعة قبل تبين ما حصل فعلاً، يساهم في وأد أول تحرك عربي جدي منذ تأسيس الجامعة لحل ملف عربي دون تدخل خارجي، خبرنا مساوئه في أكثر من ملف ملتهب.

=================

الدرة الفلسطيني والدرة السوري

السبت، 07 كانون الثاني 2012 01:33

د.ديمة طارق طهبوب

السبيل

كان حدثا هزّ أصحاب الضمائر على امتداد العالم أن يقتل طفل بريء أعزل في حضن والده عن سابق إصرار وترصّد بينما صوت استغاثاته يتعالى ليصدع قلوب الأحياء إلاّ قلب قاتله الميت.

محمد الدرة الطفل الذي خلد اسمه وخلدت قصته على الرغم من مأساويتها لتثبت أنّ البطولة لا تعرف سنا كما أنّ الاحتلال المجرم لا يعرف الرحمة لا لصغير ولا لكبير، وأنّ العيش بذلة لا يسمح للأب أن يكون أبا ولا للأطفال أن يحيوا طفولتهم، وأنّ الرفض معناه أن تستعد للضحية.

وجّهوا الرصاص نحو رأسه كما يفعل كل القناصة فهل كانوا يريدون موت الطفل أم موت الفكرة في رأسه ورؤوس من شاهدوه؟

نعرف أنّ البشر يتناسلون، فهل تتناسل المبادىء وتتوالد وتنتقل ما بين الناس؟ نعرف كذلك أنّ الأرث ينتقل في عصبة الدم، فهل ينتقل أيضا في عصبة الدين والأمة؟!

اثنتا عشرة سنة مرت على استشهاد محمد الدرة في فلسطين ولكن الرمز لم يموت، وأراد الله أن تعود الذكرى بجسد وروح بشر يدبّ على الأرض فعبرت روح الشهيد من فلسطين إلى سوريا ليستلم الأمانة ويحيي سُنّة التضحية درة آخر واسم خيّر آخر هو الشهيد محمود الدرة الذي استشهد قبل عدة أيام في ريف دمشق والتحق بركب شهداء الثورة السورية، ليؤكد أنّ هذه الأمة ما زالت حية على امتداد أوطانها، فالاسم ذات الاسم، والقاتل ذات القاتل باطش غادر لا يعرف الرحمة، والدم ذات الدم ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم "والمسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم" والروح ذات الروح بالرغم من تشويه الجسد تحلّق في حواصل طير خضر.

استشهاد محمد الدرة صوّره المصور أبو رحمة ونقله بأمانة للعالم وتحمّل الضغط مقابل شهادة حق على بشاعة الجريمة، وشهادة محمود الدرة تمّت تحت أعين بعثة المراقبين العرب، فهل ينطقون بالحق أم يشهدون بالزور ويذهب دم محمود هدرا ويفلت المجرم من عقاب الدنيا؟!

ما بين الدرة الفلسطيني وعمه الثلاثيني السوري نعرف أنّ التاريخ فينا لا يموت وأننا لسنا أحفادا عاقّين لنضال ومجد آبائنا الأوائل.

لبلاد العُرب اليوم وصف آخر ووحدة حقى بلون الدم، فلقد اتصل الماضي بالحاضر ليصوغ مستقبلا مزهوا بالنصر والحرية إن شاء الله.

ما بين محمد الدرة ومحمود الدرة تتواصل قافلة الدرر من الشهداء وسوريا ترث شيئا من مجد فلسطين

وصدق الشاعر إذ قال:

إذا مات فينا سيد قام سيد قؤول لما قال الكرام فعولُ

وما مات منّا سيد حتف أنفه ولا طال منّا حيث كان قتيلُ

يقرب حب الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهم فتطولُ

اللهم قرب النصر بحق وحرمة دماء الدرّتين.

=================

سورية إلى التدويل

حازم مبيضين

الرأي الاردنية

7-1-2012

يوماً بعد يوم ينزلق الملف السوري من بين يدي الجامعة العربية سواء برضاها أو رغم أنفها ليستقر في حضن مجلس الأمن الدولي تلبية لدعوة بعض المعارضة السورية بتدويل الملف, والدلائل شديدة الوضوح ابتداءً من تظاهرات أمس في المدن السورية التي انتظمت تحت شعار التدويل مطلبنا مروراً بتصريحات الرئيس أوباما حول ضرورة التدويل وما تبعها من إرسال جيفري فيلتمان، مساعد الوزيرة كلنتون إلى القاهرة، لإجراء مشاورات مع مسؤولي الجامعة العربية بشأن الوضع في سورية, وصولاً إلى تصريحات الشيخ القطري حمد بن جاسم بعد محادثاته مع أمين عام الأمم المتحدة حول ارتكاب بعثة المراقبين العرب أخطاء والمطالبة بمساعدة «فنية» من المنظمة الدولية.

المعارضة السورية المتنوعة المشارب, ليست متفقة حتى اليوم إلا على هدف تغيير النظام, وهي مختلفة في كافة التفاصيل للوصول إلى ذلك الهدف, وهذا في أحد جوانبه ممارسة ديمقراطية, رغم أن البعض يأخذ عليها ذلك, غير أنه ذلك في جانب آخر يقود إلى تخبط مخل يدفع ثمنه السوريون من دمهم, وكان بارزاً في هذا الإطار تنصل المجلس الوطني السوري من الاتفاق كان عقده مع هيئة التنسيق الوطنية وتحددت فيه فترة انتقالية، إذا تمت إطاحة النظام وعلى قاعدة أن الوثيقة الموقعة في القاهرة تتعارض مع البرنامج السياسي للمجلس ومع مطالب الثورة السورية, وكأن الوطني يعتبر أن على الآخرين الرضوخ لرؤيته فيما يتعلق بشأن نطاق التدخل الأجنبي المطلوب, وهو بذلك يدعي أنه الممثل الوحيد للشعب السوري ويرفض قبول قوى المعارضة الأخرى، ويعترض على تشكيل لجنة تعنى بقيادة العمل العام.

الجامعة العربية وعلى لسان أمينها العام نبيل العربي, ومن خلال بعثة مراقبيها غير المحترفين اعترفت باستمرار وجود قناصة وإطلاق للنيران، لكنها دافعت عن البعثة، وقال فيها إنها أمَّنت إطلاق سراح سجناء سياسيين وانسحاب بعض المظاهر المسلحة من مراكز المدن, وفي المقابل فإن لجان التنسيق المحلية، التي تقوم بتنظيم التظاهرات، دانت إخفاقات بعثة المراقبين, واتهمتهم بعدم الالتزام بمواعيد وصولهم في أماكن بعينها ما تسبب بوقوع الكثير من القتلى, إضافة إلى الاعتراض على اختيار الجنرال السوداني، محمد الدابي، لترؤس البعثة رغم أنه مطلوب للجنائية الدولية بتهمة ارتكاب عمليات ضد الانسانية وضد حقوق الانسان, يؤشر انهيار محاولات تشكيل تحالف بين معارضي النظام, وتأثير ذلك سلباً على مواقف الحكومات الغربية الساعية إلى التعامل مع صوت موحد معارض للأسد, إلى صعوبة المرحلة المقبلة, وكيفية تطور حركة الاحتجاجات إلى حكومة، في حال تغيير بنية النظام وطبيعته, وفي ظل تراجع أولوية الدم السوري إلى ما وراء انشغال المعارضين بالمكاسب المنتظرة بعد رحيل النظام, وعدم جديتهم في وضع برامج حقيقية للدولة السورية الديمقراطية المدنية, والاكتفاء بمطلب إطاحة بشار والبعث ولو على يد قوىً أجنبية علينا الاعتراف مسبقاً أن مصلحة الشعب السوري ليست أولوية عندها.

إيران وهي حليف أساسي لدمشق تتحرك عسكرياً في مياه الخليج, وتهدد بإغلاق مضيق هرمز, دون أن تشير إلى تعلق ذلك بتطورات الملف السوري, وتركيا التي خفت صوتها مؤخراً تتناقش في طهران حول الأزمة السورية, وحزب الله اللبناني يضع يده على زناد شن حرب ضد إسرائيل, والجيش السوري الحر يهدد بعمليات نوعية ضخمة ضد النظام الحائر من أين يصد الضربات المؤلمة, وهو يضع كل بيضه في سلة روسيا والصين, ويتقدم بمشاريع إصلاح يرفضها المعارضون, والمعارضة منقسمة على نفسها, والدول الغربية تتربص, والدم السوري يسيل في شوارع المدن والساحات, والتجربة الليبية تتصدر الواجهة وهي تطلب تكرارها, وعلى وقع ذلك كله, سينتقل الملف السوري سريعاً إلى التدويل ليثبت أن الأمة العربية لم تتعلم شيئاً من دروس ربيعها.

=================

إلى أين تسير الأمة السورية؟

سمير سعيفان

2012-01-06

القدس العربي

رغم الثقة الواسعة بأن نظام الأسد زائل، فإن الأزمة السورية يلفها ضباب كثيف هذه الأيام، وتصبح الرؤية صعبة مع تعقد مسارها. فالجامعة العربية، التي كانت صارمة في البداية في تعاملها مع نظام الأسد، تحولت لتعطيه المهل ثم تتحول المبادرة العربية إلى بروتوكول للمراقبين الذين يحيطهم النظام بقيود عملية تعيق حركتهم ويبرع في تضليلهم بألاعيبه كي لا يروا سوى القليل. ولم يسمح نظام الأسد للإعلام العربي والدولي بدخول سورية، وبعثة المراقبين لم ولا تزور السجون السورية التي تضم نحو 35 ألف معتقل يتم تعذيبهم على نحو ممنهج رغم، أن المعارضة قدمت للمراقبين قوائم بأسماء بنحو 16 ألف معتقل حتى الآن. ولكن تبدو بعثة المراقبين العرب أنها لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم. ولكن نبيل العربي يتكلم ويعقد مؤتمراً صحفياً يقدم فيه شهادة حسن سلوك للنظام السوري الذي يبطش بشعبه، والمبادرة العربية تتحول إلى ما يشبه الفخ الذي سقطت فيه الأزمة السورية ويريد النظام أن يبقيها فيه طالما أن الجامعة تتعاون وتقدم طوق نجاة للنظام السوري لمدة شهرين على الأقل. ولكن البعض يقول أن تقرير المراقبين سيكون مفاجئاً وسيدين النظام السوري بقوة، وأن المراقبين رغم كل شيء جمعوا معلومات ووقائع وشهادات كافية، بل إن بعض التسريبات تقول أن تقرير المراقبين قد أصبح لدى الجامعة العربية، وهو يدين النظام بقوة، وسيعلن عنه يوم السبت، ولكن هذا القول ربما هو أقرب لنظرية المؤامرة.

الأتراك من جهتهم صامتون بعد ثرثرتهم الكثيرة وفعلهم القليل، فهم يريدون أن يكون النظام القادم نظاما إسلاميا على طريقة حزب العدالة، وأن لا يمنح الأكراد دوراً يذكر، والدور السعودي ضعيف وغير فاعل، ودور قطر الباحثة عن أدوار، يصبح غامضاً، وهي تدعم التيارات الإخوانية والإسلامية في بلدان الربيع العربي، وقطر من دفع بالجنرال السوداني ذي التاريخ الموغل في القمع والمطلوب لمحكمة جرائم الحرب ليتولى مهمة رئيس بعثة المراقبين. ولكن البعض يقول رغم ذلك: انتظروا موقفا حاسما من قطر ضد النظام السوري. وكأن في الأمر نوعا من الخدعة للنظام السوري، وهذا أمر غير اعتيادي.

الدور الأوروبي والأمريكي ثابت ويستهدف تشديد العقوبات ضد نظام الأسد، وينتظر خروج الملف السوري من يد الجامعة العربية، التي طلبت من الأوروبيين عدم اتخاذ أي إجراء بانتظار نتائج فريق المراقبين، ولكنهم يراقبون ما يجري باهتمام، ولكنهم ينتظرون الجامعة العربية كي ترفع الملف لمجلس الأمن. وروسيا والصين في مجلس الأمن مازالتا ترفضان إدانة نظام الأسد، والمجتمع الدولي غير ناضج بعد ٌلإصدار قرار بحماية المدنيين التي يطالب بها المتظاهرون بقوة لحمايتهم من بطش النظام.

الأسد حتى الآن يقول بأنه سيقاتل حتى آخر رجل ولن يسلم مهما كان الثمن، وهذا ما يصرح به في جلساته الخاصة، وهو ما صرح به لبعض الشخصيات اللبنانية أيضاً، وهو مطمئن لتحالفه مع إيران ولدعم العراق وتحالفه مع حزب الله كوسيلة لقلقلة الوضع في لبنان وعلى جبهة اسرائيل الشمالية، وقرر الاستمرار بحله الأمني كبديل وحيد لديه، وقرر أن يستمر بقتل بين 20 30 شهيدا في اليوم وسطياً، فهو لا يريد التوقف عن القتل لأن الشوارع ستمتلئ حينها بملايين المتظاهرين فاضحين عدم شرعية نظامه، ولن يستطيع زيادة عدد الشهداء لأن هذا سيرفع من سخونة الموقف الدولي ضده ويحرج روسيا.

المجلس الوطني لم يستطع أن يرفع فاعليته وأداءه إلى مستوى الثوار على الأرض، ومازالت قوى معارضة واسعة تنتظر فتح الباب لها، وما زالت حسابات حزبية وشخصية ضيقة تربك أداءه، وأوروبا وأمريكا تشترطان، لتقديم دعم قوي للمجلس أن يتم توسيعه ليصبح أوسع تمثيلاً، وتعديل غلبة قوى الإسلام السياسي المختبئين خلف علمانية رئيس المجلس، ويقولون بصراحة انهم لن يدفعوا لتسليم سورية للإسلاميين، رغم أنهم لا يعارضون مشاركتهم في الحياة السياسة، وهم يريدون فتح المجلس وتوسيعه، ويدفعون لتقديم ضمان لحماية الأقليات في سورية ما بعد الأسد. والجامعة العربية هي الأخرى تضع شروطا تعجيزية أمام المجلس الوطني كي تقبل منه برنامجا للمرحلة الانتقالية ما بعد الأسد.

الطائفة العلوية، التي تنحدر منها النخبة الحاكمة وينحدر منها معظم ضباط الجيش والأمن، وجميع الضباط القياديين في الجيش والأمن تقريباً، خائفة ويشكل الوضع كابوسا بالنسبة لفئات واسعة منها، وهي في معظمها ليس لها مصلحة في الانتحار مع بشار الأسد، ولا تريد أن تدفع ثمناً باهظاً دفاعاً عن مصالح آل الأسد ومخلوف وشاليش وبضع عائلات أخرى، وتتمنى الخروج من هذا المأزق، ولكن ينجح الأسد حتى الآن في تحويل خوفها للالتفاف حوله. كما استطاع الأسد تخويف المسيحيين.

الوضع الداخلي الاقتصادي والخدمي في سورية يتردى والأعمال تتوقف والبطالة ترتفع والفقر يزداد ويضيق عرض المواد الاستهلاكية ومازوت التدفئة والأدوية، وترتفع الأسعار ويهبط سعر صرف الليرة السورية بنحو 33' مقارنة بفترة بداية التظاهر، ويتراجع مستوى الأمن، ورجال أعمال كثر يضطرون لمغادرة سورية أو للهرب عبر الحدود. ولكن جهاز الدولة ومؤسساتها مازالت متماسكة رغم ضعف أو غياب سلطة الدولة على مساحات واسعة من سورية، ولا يوجد انشقاقات في قيادات الدولة على غرار ليبيا، ويتوقع أن قدرة نظام الأسد على التماسك ستتراجع سريعاً رغم دعم إيران والعراق وحزب الله، ومازالت فئات غير قليلة مترددة أو تخشى المستقبل الغامض ويصعب عليها تحمل أو تصور آلام التخلص من الديكتاتورية المستفحلة لخمسة عقود.

لكن ورغم الضبابية ورغم تعقيدات السياسة ومواقف الدول ورغم التضحيات ورغم الآلام، فالشارع السوري مصمم ويتظاهر بقوة في أكثر من 300 نقطة، وتدخل حلب على خط التظاهر وإن كان باستحياء، وقد اعتاد الثوار أن يضحوا بنحو 20 30 شهيد يومياً، ويرتفع الرقم في بعض الأيام ليصل الخمسين شهيداً، ولكن لا رجعة للوراء لما قبل آذار/مارس 2011 مهما كانت النتائج ومهما كان السبب، وتصبح هذه حقيقة بغض النظر عن الموقف منها.

ضمن هذا الضباب يبدو أن الأزمة السورية تتجه نحو أحد السيناريوهات الثلاث:

السيناريو اليمني: وهو ما يعمل عليه الروس، بحسب بعض التسريبات، ويتضمن تنحي بشار الأسد وتسلم نائبه الشرع وربما حسن تركماني لفترة انتقالية وتشكيل حكومة مشتركة بين السلطة والمعارضة بما ينهي حكم عائلة الأسد، ويفتح الطريق أمام انتقال سلمي لسورية من الديكتاتورية إلى الديمقراطية ويفتح الصراع على السلطة لتستقر على نحو ما بحسب موازين القوى.

سيناريو التدخل الدولي وهو السيناريو المرشح في حال عدم طرح المبادرة الروسية أو عدم القبول بها من قبل الأسد واستمراره في القتل، مما يدفع الروس للرضوخ للضغوط الغربية وقبول قرار من مجلس الأمن بحماية المدنيين، خاصة وأن الأمريكيين اكتشفوا بعد الأحداث كم أن سورية مهمة بالنسبة لإيران، وأن تغيير النظام السوري سيسهم في إضعاف إيران.

سيناريو الحرب الأهلية وهو السيناريو الأسوأ المرشح في حال عدم تحقق أي من السيناريوهين الأول و الثاني، حيث القوى الدولية الكبرى مشغولة بأزماتها السياسية والاقتصادية وانتخاباتها وتجاربها المرة في العراق وافغانستان، وبالتالي هو غير جاهز لاتخاذ قرار حاسم لحماية المدنيين من بطش نظام الأسد ومفضلين الاكتفاء بتشديد العقوبات السياسية والاقتصادية. ولكن مع هذا السيناريو سيتوجه جزء غير قليل من الثوار الذين خرجوا ولن يعودوا إلى حمل السلاح وتتوسع الانشقاقات في الجيش والأمن. حينها لن يكون أمام المجتمع الدولي سوى التدخل ولو كان متأخراً، ولكن ستكون التكاليف أكبر بكثير على السوريين أولاً وعلى المنطقة ثانياً.

ولكن يعتقد الكثيرون أن الأزمة قد نضجت، و أن الأمر لن يتأخر كثيراً، وأن الأسابيع القادمة ستبرز في أي اتجاه ستتجه الأزمة السورية، ويأملون أن يحتفلوا بالنصر وزوال نظام الأسد والانتقال إلى نظام ديمقراطي في ذكرى انطلاقة الثورة السورية في آذار/مارس القادم.

' كاتب سوري

=================

الوزراء العرب ووفد مراقبيهم المدان

رأي القدس

2012-01-06

القدس العربي

تعقد اللجنة الوزارية العربية بشأن سورية اجتماعا طارئا في القاهرة الاحد، لبحث النتائج الاولية التي توصلت اليها بعثة المراقبين العرب اثناء تقصيها للحقائق على الارض حول مدى التزام السلطات السورية بمبادرة الجامعة العربية الرامية الى حقن الدماء ووقف آلة القتل، وسحب الجيش من المدن وفتح حوار بين النظام ورموز المعارضة.

وفد المراقبين العرب تعرض للانتقادات الشديدة من قبل الكثير من قيادات المعارضة السورية، كان آخرها من قائد الجيش الوطني السوري الحر الذي طالب بسحبهم فورا لانهم لم يؤدوا واجبهم على الوجه الصحيح. كما حمل متظاهرون لافتات تندد بالوفد وتتهم الجامعة العربية باطالة عمر النظام والمشاركة في قتل الشعب السوري.

الدكتور نبيل العربي امين عام الجامعة العربية رفض الانتقادات الموجهة الى فريق المراقبين، مثلما رفض المطالب المرفوعة باعادتهم فورا وانهاء مهمتهم، وتحدث عن تحقيق تقدم بما في ذلك الافراج عن آلاف المعتقلين كان آخرهم 550 معتقلا افرجت عنهم السلطات امس.

من المؤكد ان التقرير الذي سيقدمه المراقبون الى مجلس الجامعة ولجنة وزراء الخارجية لن يكون في صالح النظام السوري في اغلب فقراته وانطباعاته، لان اعمال القتل لم تتوقف طوال فترة زياراته لمواقع المواجهات، خاصة في بلدتي حمص وحماة، ولكن من المتوقع ايضا ان يشير التقرير الى عمليات قتل تستهدف قوات الامن والجيش السورية الرسمية من قبل عناصر منشقة، الامر الذي قد يؤكد رواية للنظام حول العصابات المسلحة لم تجد آذانا صاغية طوال الاشهر الماضية.

وزراء الخارجية العرب اتخذوا قرارهم بتجريم النظام، واتهامه بعدم السماح للجنة بمواصلة مهامها بحرية قبل ان يغادروا الى بلادهم للمشاركة في اجتماع الاحد، ولذلك لن يكون مستغربا اذا ما قرروا التوصية بتطبيق العقوبات الاقتصادية التي لوحوا بها ضد النظام السوري، مثل وقف التعامل مع البنك المركزي، وفرض حظر طيران مدني من والى دمشق، والتوجه الى مجلس الامن الدولي لاعتماد هذه العقوبات على المستوى الدولي، خاصة انها لقيت ترحيبا حارا من الولايات المتحدة وبعض الدول الاوروبية الاخرى.

الذهاب الى مجلس الامن الدولي ليس خطوة مضمونة النتائج، فالصين وروسيا جاهزتان لمنع فرض اي عقوبات جديدة على سورية، واستخدمتا 'الفيتو' ضد مشروع مماثل تقدمت به كل من بريطانيا وفرنسا، ولكن من غير المستبعد ان يحدث تغيير على الموقفين الروسي والصيني في ظل استمرار عمليات القتل وعدم تطبيق اي اصلاحات ديمقراطية جدية على الارض مثلما وعد النظام اكثر من مرة ولم ينفذ وعوده.

الاوضاع السورية وضعت النظام العربي الرسمي في مأزق بالغ الخطورة، فقد صعّد وزراء الخارجية العرب، والخليجيون منهم على وجه الخصوص آمال الشعب السوري المعارض للنظام بقرب الخلاص، ولكنهم لم يقدموا له غير بعض الخطوات السياسية التي جرى تفسيرها على انها اطالة لعمر النظام في وقت يطالب هؤلاء باسقاطه.

وزراء الخارجية العرب بذهابهم الى مجلس الامن الدولي ربما يريدون التنصل من التزاماتهم، ورمي الازمة السورية في الملعب الدولي، والاكتفاء بموقف المتفرج او الداعم للحرب الاهلية الطائفية التي بدأت في البلاد بشكل متسارع، كل حسب موقفه وامكانياته المادية ومصالحه السياسية.

من المفيد الانتظار، وعدم التسرع في اطلاق الاحكام المسبقة، والمأمول ان يأتي اجتماع الاحد مختلفا عن الاجتماعات السابقة.

=================

السوريات ومستقبل ما بعد سقوط النظام

السبت, 07 يناير 2012

سمر يزبك *

الحياة

لا يزال الوقت مبكراً للحكم على ديموقراطية ما بعد سقوط الأنظمة، وما ستواجهه نساء العالم العربي بخصوص حقوقهن وحرياتهن، في حال استولت الأحزاب الإسلامية على السلطة. لكن لا شك أن حرباً بدأت تدور رحاها، في مصر وتونس وليبيا، بين هذه الأحزاب والنساء اللواتي يتقدمن بجرأة وقوة للحفاظ على حقوقهن بعد إسقاط الديكتاتوريات المقنعة بالعلمانية المجهضة.

في سورية يبدو المشهد مختلفاً على رغم تصاعد المزاج الشعبي الإسلامي، لأن نظرة بسيطة الى ما قامت به النساء في الإنتفاضة يجعل الأمر أقل سوداوية مما يبدو. هذا التفاؤل النسبي يظل مرهوناً بنهاية التجربة الثورية السورية للوصول إلى الديموقراطية، والتي تبدأ أولى مراحلها مع سقوط النظام، وفي تبدل واضح للخريطة السياسية في المنطقة، نحو اعتماد إسلام معتدل على غرار التجربة التركية.

كانت الإنتفاضة في سورية تحمل منذ بداياتها بذور أمنها، ليس بوصفها استثناء عن حالة الثورات العربية، ولكن بوصف المجتمع السوري يحمل جينات تعدده وتنوعه، ضمن الحالة المبتغاة لشعب انتفض مطالباً بحريته وكرامته. كما أن التعبيرات الشعبية في هتاف المتظاهرين، تعطي فكرة عن مزاج الشارع، رغم مظاهر أسلمة لا تزال ضمن خط المعقول لجهة حق الإنسان في الإنتماء إلى الدين كمرجع حياتي له، وهذا ما يظهر في الأغاني والرسوم والرقص خلال الهتافات، ومؤخراً كانت المفاجأة في ليلة رأس السنة الحافلة بالأهازيج والرقصات والمفرقعات النارية الواضحة في معظم الشرائط المصورة للتظاهرات. حتى النساء اللواتي اقتحمن حلقات مراقبي الجامعة العربية كن من المحجبات ولسن من المنقبات، مما يعني حقيقة أن لا رؤية متشددة سلفية في الدين، بل يوحي هذا برغبة شعب عارمة في الكرامة والحياة ضمن مرجعيته الدينية.

هذا في حال لم يتم تسويق هذه المرجعية، بعد سقوط النظام، لمصلحة برنامج سياسي إسلامي للدولة.

قبل تشكيل التنسيقات، واندلاع الاحتجاجات، وعندما كانت مصر وتونس في حالة غليان، كان الشباب السوري يتحرك بصمت، ويفكر بصيغة للخروج بالشارع ضد نظام الإستبداد. وحينها كان للنساء دور كبير في هذا الحراك الأولي عبر تنسيق الاجتماعات الأولى. واللافت أن هذا الحضور النسوي كان مقترناً بتنوع طائفي وطبقي أيضاً، سرعان ما انتقل إلى ناشطات الإنتفاضة، عندما عمت الاحتجاجات المدن. فمن الملاحظ وبشدة وجود المرأة في تشكيل التنسيقيات، وفي الميدان في التظاهرات، وفي كتابة البيانات الثورية، وتصويرالأفلام ونقلها إلى الإعلام وإغاثة المتظاهرين وتشكيل لجان دعم للانتفاضة، وجمع التبرعات المالية، وربط أواصر الوحدة الأهلية عبر التوعية بين الأهالي. والأهم من كل هذا النشاط الملحوظ الذي قمن به في إغاثة الجرحى، والدور الذي لعبنه مع تنسيقية الأطباء. وفي ربط التنسيقيات بين مختلف المدن كانت للنساء الدور الفاعل، وفي الوسط الثقافي كان للحضور النسائي وجهه الأكثر شجاعة وتأثيراً من حضور الرجال. وفي قيادة التظاهرات وجدت أكثر من ناشطة تقودها بشكل علني، هذا في حال لم نذكر القياديات في اللجان واتحاد التنسيقيات اللواتي تحولن إلى أيقونات للثورة. وعدا ذلك، كان للنساء نصيب كبير من الاعتقال والمطاردة والتعذيب.

المهم في الأمر أن الأقليات التي خرجت منها النساء الناشطات كانت موجودة (الدروز والعلويين) وهو أمر يتناقض مع ما يتردد حول تبعية هاتين الطائفتين للنظام، والخوف الذي حُشرتا فيه، وفي الوقت الذي نجد أن نسبة كبيرة من الناشطات هن من أقليات معينة، نجد على الطرف الآخر أن النسبة الكبيرة من الناس العاديين من هاتين الطائفتين صمتوا خوفاً، أو التحقوا غالباً بركب النظام. وهذا يعني أن الانتفاضة لا تمت للطائفية بأي مدلول، وهو ما يكسر رواية النظام، ما يعني أيضاً أن هذه الأقليات كان لديها من هامش الحرية الاجتماعية ما يتيح أن تخرج منها نساء على هذا القدر من الوعي والتحرر من التبعية الدينية والعائلية والطائفية.

النساء لم يكنّ فقط الى جانب الرجال في صنع الانتفاضة، بل شكلن حالة يجب دراستها بعمق، عندما يتسنى لكل واحدة من الناشطات الحديث بحرية عن تجربتها، لأن الحديث عن هذه التجارب سيجلو الكثير من الحقائق، وسيقودنا إلى السؤال التالي: إذا كانت النساء قد ساهمن في الحراك بشكل كبير، فهل سيدفعن ثمن ذلك بعودتهن إلى ظروف لاإنسانية بحسب ما تشير الدلائل؟ وهل سيكنّ أمام استحقاق صعب، كما حدث عقب الثورة الإيرانية سنة 1979 عندما انقلبت الثورة، وكانت أولى ضحاياها حريات النساء وحقوقهن؟

وفق المجرى التاريخي لسياق الانتفاضة في سورية، يصعب القول إن حقوق المرأة ستكون بخير، ليس بسبب صعود التيار الإسلامي فقط، فالمطروح سلفاً هو تيار معتدل يحفظ المسافة الباقية بين حقوق الفرد المواطن، وبين حريته في طقوسه وشعائره الدينية. ولكن الخوف يأتي هنا مما قد تؤول إليه الانتفاضة في حال استمر الوضع على ما هو عليه، واتجه الشارع أكثر فأكثر نحو التدين والتشدد، عبر أوساط مستقلة تخرج من هنا وهناك تدعو إلى أسلمة الدولة، وترفض الحديث بأبسط مقومات الدول الحديثة وهي «الدين لله والوطن للجميع». وقد يحدث، وحالما يسقط النظام، أن يتم إبعاد النساء عن مراكز القرار، ويتبدى وجه آخر غير واضح الآن بالنسبة للأصوات المتشددة، وهو ما يجب التنبه منه: إذ على رغم الحضور الطاغي للنساء، فمن الواضح الميل الى تبني ذاك الابعاد سياسياً لخدمة المشروع الإسلامي.

لقد كانت المرأة في عهد النظام الديكتاتوري تعيش تحت حرية مقنّعة، تستلهم الشكل وتفرغ المحتوى الحقيقي لحق الإنسان في الحرية والمواطنة، مثل الرجل، ومع الإرث المتوارث والعادات والتقاليد، إضافة، مؤخراً، إلى اشتداد النفس الديني. ولسوف تعاني النساء أكثر، وسيصير عليهن تحمل المهام تلو المهام، بعد اسقاط الديكتاتورية، التي ساهمن في زوالها، وسيكون عليهن النضال على الجبهة الأكثر صعوبة والأقل سرعة في التغيير، وهي حفر بنية مجتمع خارج من استبداد مقنع بعلمانية، ومنفتح على تشدد وتدين يقصي النساء من المشاركة في الحياة العامة والسياسية.

إن وجود دستور مدني وتغيير في قانون الأحوال الشخصية، وانشاء ومأسسة منظمات حقوقية مدنية منذ الآن، تعنى بقضايا النساء وتطالب بحرياتهن، هو الخطوة المكملة لسقوط الاستبداد في سبيل نيل النساء حرياتهن.

فالاستبداد ناقص بالضرورة، وسقوطه ناقص أيضاً، لأنه سيظل يحمل طويلاً بذور تخلفه، وستكون النساء الواجهة الأكثر تعرضاً للخطر في حال لم يتم التنبيه إلى هذا الأمر. وعلى النساء أن لا يكن صامتات على خطط وبرامج سياسية للأحزاب الإسلامية، التي تريد العودة بهن إلى زمن ولى ومضى، بحيث يخرجن من نير إلى نير، ومن ظلام إلى ظلام. إنهن حقيقةً واقعات الآن بين المطرقة والسندان.

* كاتبة سورية

=================

المراقبون يراقبون

سمير عطا الله

الشرق الاوسط

7-1-2012

ذهاب «المراقبين العرب» إلى سوريا كان معروفا سلفا بأنه محاولة صغيرة في أزمة كبرى. لكن كان لا بد من ذهابهم، لعلهم يعثرون وسط الدماء والركام، على كوة دبلوماسية صغيرة، كانت في بداية الأمر بوابة سياسية كبرى، رفضها النظام وظل يغلق الأبواب واحدا بعد الآخر، ممانعا في رؤية حجم الكرة التي بدأت طابة في درعا وتطورت إلى حروب وحصارات وألوف الضحايا في أنحاء سوريا.

الطريق الأقصر والأوضح والأجدى، إلى الحل، لم يكن بتنظيم جولة للمراقبين، وهم يرتدون الصدريات الفسفورية مثل عمال الطرقات، بل كان في المبادرة نفسها، وفي الدخول إلى قاعة جدية تجمع سوريا والعرب، ومنها إلى قاعة جدية أخرى، تجمع السوريين حول فكرة إنقاذ البلاد، ووقف الدم الفوري، وإعادة الحياة إلى مدن وأرياف سوريا، المحاصر منها وغير المحاصر، لأنه لم تعد هناك بقعة خارج تأثير الصراع.

الحل السياسي العربي كان المخرج الأفضل للجميع. فلا يذهب أحد إلى التدويل، الذي يتجنبه العرب أكثر من النظام السوري مهما لوحوا به، ولا تضطر سوريا إلى القبول بمبادرات خصومها الجدد وحلفائها الأقرباء حتى الأمس، أي تركيا وقطر وفرنسا.

لكن مهمة «المراقبين» روضة أطفال في بحر من الدماء. فهؤلاء السادة ليسوا مفوضين في شيء سوى تدوين المشاهدات. وقد شاهد العالم ما يكفي ويفيض طوال عشرة أشهر. في حين تعني «المراقبة» أن المسألة بدأت للتو. وفي حال رفع المراقبون تقريرا يحمّل النظام المسؤولية، فهل سوف تقبله دمشق؟ وإذا عمد، كالعادة، إلى تقسيم المسؤولية، هل ستقبله المعارضة؟

قد يقال إن خطوة المراقبين كانت ضرورية لإحراج النظام وتبرير الانتقال إلى التدويل بعدما رفضت دمشق كل المحاولات السابقة، ولا تزال ترفض على اعتبار ما يجري حركة احتجاجية وطنية، وليس مجرد «عصابات مسلحة». ولكن أيضا غطت صداري المراقبين الفسفورية مئات الضحايا عبثا. لأن الحل في مثل هذه المآسي، كما خبرنا في لبنان، ليس في الإحالة على الآخرين. الحلول تدور دورتها في الخارج، لكن حلها الأخير في الداخل.

هناك كان يجب أن يبدأ لكن ذلك لم يحصل، فكان أن دفع النظام ثمنا باهظا ودفعت المعارضة أثمانا محزنة ومريعة. لكن الثمن الأكبر دفعته سوريا. وإلى وقت طويل.

=================

التدخل الدولي قادم إلى سوريا.. ومفهوم جديد للأمن الإقليمي

عبدالعزيز بن عثمان بن صقر

الشرق الاوسط

7-1-2012

المشهد في سوريا يبدو معقدا ومتداخلا ونهايته ملتبسة أو غير واضحة للعيان، لكن الأمر في حقيقته قد يبدو مختلفا، والسيناريو الأقرب هو أن الحل سيكون عبر البوابة الأجنبية أي التدخل الدولي وباستخدام القوة العسكرية، بعد أن استنفدت كل الأوراق الإقليمية أغراضها بل أكدت فشلها بسبب المواقف المتباعدة في سوريا بين طرفي الصراع (النظام والشارع أو المعارضة) جراء مراهنة كل جانب على رهان يراه هو الطريق إلى انتصاره، فالنظام يراهن على يأس المتظاهرين وضعف تنظيمات المعارضة وانشقاقها، بجانب عدم القدرة على الصمود أمام الآلة الأمنية والعسكرية، وتأييد روسيا والصين، إضافة إلى اقتناعه بعدم وجود مساندة إقليمية أو دولية فاعلة للمعارضة كما يعتقد أن تقرير المراقبين العرب سيكون في صالحه، في حين تراهن المعارضة على زيادة رقعة المظاهرات وانتشارها في كل أرجاء سوريا خاصة عندما تمتد بشكل أوسع إلى دمشق وحلب، إضافة إلى المناطق التي تشهد حشودا من المتظاهرين حاليا وهي كثيرة، كما يمتد الرهان إلى توقع إنهاك الجيش وتفككه بزيادة الانشقاقات وخوف قادته من الإدانة بقتل الثوار وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ومن ثم التخلي عن نظام بشار الأسد ما يقود إلى انهياره وسقوطه. وهناك أمل متصاعد بتدويل الصراع السوري ودخول مجلس الأمن الدولي كعامل لحماية الثورة.

لكن كيف سيتطور سيناريو تدخل القوى الدولية أو تدويل الأزمة السورية؟ الإجابة تكمن في عدة نقاط، منها: عدم وجود خيار أمام النظام السوري إلا في استخدام الحل الأمني، فهو يعلم أن التخلي عن هذا الحل يعني انهياره سريعا، ولكنه متأكد أن هذا الحل هو مؤقت وترقيعي بمعنى أنه يؤجل النهاية ولن يلغيها، كما أن هناك أزمة ثقة بين النظام السوري ومحيطه الإقليمي باستثناء إيران، ثم العراق تحت التأثير الإيراني أيضا، مما يؤدي لعدم وجود حلفاء من العرب للنظام السوري بعد رفضه لكل النصائح العربية.

مراهنة النظام السوري على مواقف وتأييد روسيا والصين سوف تنتهي إلى الفشل أيضا ولن يستمر دور موسكو وبكين المتعاطف إلى ما لانهاية، وبدأت التحركات الغربية تجدي مع موسكو التي تريد أن تقبض الثمن، وهذا عُرفٌ مشروع في العلاقات الدولية بين القوى الكبرى أو ذات التأثير على مجريات الأحداث العالمية وسبق تطبيقه في أكثر من حالة كانت طرفها موسكو. فسوريا تعد آخر معقل للنفوذ الروسي في الشرق الأوسط وواحدة من أكبر أسواق تجارة السلاح الروسي في المنطقة، ومن ثم لن تفرط موسكو في هذا المعقل أو تتخلى عنه إلا بثمن باهظ أو معقول على أقل تقدير، وهذا الثمن بدأ يلوح في الأفق ويتمثل في انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية وهو ما فشلت موسكو في تحقيقه طيلة 16 عاما من المفاوضات المضنية، كما أن هناك دعما ماليا ضخما من اليابان وكوريا الجنوبية لموسكو وهو ما يجري تحديد قيمته وتوقيت دفعه أو تسليمه الآن.

أما التدخل الإقليمي فلن يحقق شيئا في حل هذه الأزمة، فلا يوجد طرف يريد أو يستطيع أن يدخل في مواجهة عسكرية ويتورط في هذه الأزمة بعد أن باءت كل الجهود العربية بالفشل تقريبا باستثناء موقف جامعة الدول العربية الذي ينتظر تقرير المراقبين، والذي لن يجدي كثيرا على ما يبدو طبقا للتقارير الواردة من دمشق والتناقض الذي يلوح في الأفق حول مضمون التقرير المرتقب، كما أن تركيا لن تستطيع التورط بمفردها لاعتبارات عديدة وكل ما تستطيع القيام به هو عدم خسارة الشارع السوري بعد أن يئست من التعويل على النظام في دمشق، وفي الوقت نفسه عينها مفتوحة على مستقبل تعاطي أكراد سوريا مع الوضع السوري الداخلي ومع الأكراد في دول الجوار ومن بينهم أكراد تركيا بعد انفراط عقد الدولة السورية الحالية.

إذن لن يتبقى إلا الدور الدولي الذي بدأ يأخذ منحى جديدا في مجلس الأمن الدولي من خلال مشروع القرار الذي تقدمت به فرنسا ويجد دعما أميركيا وغربيا، مما يفتح الباب للتدخل الأجنبي تحت شعار التدخل العسكري الإنساني في المقام الأول كما حدث في ليبيا في العام الماضي وقبلها في العراق عام 1991 وكوسوفو عام 1999. وهذا التدخل سوف يسبقه تمهيد داخل أروقة مجلس الأمن الدولي وعبر الاتصالات السرية واجتماعات الغرف المغلقة وبتدخل أطراف متعددة منها الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، ودول الاتحاد الأوروبي، سوف يتمخض عنها وفاق دولي على حساب مقايضات مالية ومصالح استراتيجية، تقود في مجملها إلى رسم خريطة جديدة لمفهوم الأمن الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط سوف يمتد تأثيرها إلى دول أخرى، وإلى فترات مستقبلية بعيدة أو متوسطة المدى على الأقل.

في مقدمة معالم مفهوم الأمن القومي في مرحلة ما بعد التدخل الدولي لإسقاط النظام السوري يأتي تحجيم الدور الإيراني ومحاصرته داخل إيران مستقبلا والذي يمتد إلى العراق في المرحلة الحالية بناء على واقع تركيبة النظام السياسي الحاكم في بغداد وعلاقته الخاصة بطهران لاعتبارات عديدة وهي معروفة على ألا يخرج هذا الدور أو التأثير إلى دول إقليمية أخرى كما كانت تخطط وتسعى طهران منذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، ثم بعد سقوط نظام صدام حسين في بغداد عام 2003.

بالتبعية سوف تشهد مرحلة ما بعد التدخل الدولي لإسقاط النظام السوري إضعاف حزب الله اللبناني، أو تضييق الخناق عليه ما قد يفككه على المدى البعيد أو على أقل تقدير تحجيمه والتسريع بتنفيذ مطالب الدولة اللبنانية بتسليم سلاح الحزب ودمج عناصره - في حالة قبولهم - في الجيش اللبناني.

مفهوم الأمن الإقليمي في المرحلة القادمة غامض وملتبس وتشوبه صراعات غير معلنة بين قوى تقليدية وأخرى جديدة بين الدول الموجودة في الإقليم، خاصة مع غياب العمل العربي المشترك، وانشغال أو انكفاء العديد من الدول العربية على أوضاعها الداخلية، أو خروجها جزئيا أو مؤقتا من منظومة الأمن الإقليمي والعمل المشترك، مما يلقي بمسؤولية كبيرة على كاهل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ويجعلها تسارع بوضع استراتيجية أمنية بما يؤمن الوضع في منطقة الخليج أولا وبشكل عاجل، ثم في المنطقة العربية باعتبار أن الأمن الخليجي لا يبدأ أو ينتهي عند حدود دول الخليج فقط، بل مرتبط بأمن المنطقة بالكامل.

الاستراتيجية الخليجية لأمن المنطقة لا بد أن تبدأ بتفعيل قوة درع الجزيرة، وإعادة النظر في تسليح الجيوش الخليجية، وتطوير الآليات والتجهيزات العسكرية، والتركيز على الأسلحة المتطورة، حيث إن المرحلة المقبلة قلقة وغامضة المعالم، ولاعبوها يزدادون ومصالحهم تتشابك في ظل أفول نجم قوى إقليمية مهمة، وتزايد قوة ونفوذ دول غير عربية موجودة في المنطقة وتمتلك أسلحة نووية أو أسلحة تقليدية متطورة، إضافة إلى عدم استقرار الأوضاع في آسيا الوسطى وأفريقيا ما يعني أن الدائرة الأمنية الأوسع والمحيطة بالدول العربية غير مستقرة أيضا، الأمر يتطلب اتخاذ مبادرة الدفاع باعتبارها أفضل وسيلة للهجوم.

التغيير السياسي في سوريا وسقوط نظام البعث الذي حكم البلاد لفترة تجاوزت أربعة عقود سيترك نتائج جذرية تؤدي إلى إعادة ترتيب توازنات القوى على المستوى الإقليمي. تغيير النظام في سوريا لا يعد شأنا داخليا فقط، فالدور الذي لعبه مثلث التحالف الإيراني - السوري - حزب الله، خلال العقود الزمنية الماضية في التأثير على سير التطورات الإقليمية كان دورا لا يمكن إغفاله. وغياب سوريا عن هذا التحالف سيؤثر سلبا وبشكل جذري على أطراف التحالف الأخرى.

* رئيس «مركز الخليج للأبحاث» في الإمارات

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ