ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 09/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

انتحار بطيء

الأحد, 08 يناير 2012

عبدالله إسكندر

الحياة

بات جلياً ان مهمة المراقبين العرب في سورية تتعثر. ولم يتمكن المراقبون حتى الآن من تحقيق اي هدف لمهمتهم، في الوقت الذي ما تزال الازمة في مأزق قد يطول، ومعه تستمر حالات العنف ضد المتظاهرين والمحتجين، وتزداد أعداد الضحايا.

واذا كان البعض يحمّل المراقبين مسؤولية التعثر، لأنهم لم يتمكنوا من فرض مضمون المبادرة العربية التي جاؤوا بموجبها الى سورية، فلا يبدو ان السلطات في دمشق مهتمة بتسهيل مهمتهم. وقد يطول الجدل حول هذه المسائل، خصوصاً ان لا شيء يدل حتى الآن ان التقرير المفترض ان يقدمه رئيس بعثة المراقبين الى اللجنة الوزارية العربية اليوم يتضمن ما يحسم في شأن مصير مهمة البعثة. لا بل يُخشى ان يدخل هذا الموضوع في متاهات التجاذبات العربية، وبين رغبات هنا في دفع الامور الى التدويل والذهاب الى مجلس الامن، وبين رغبات في اظهار ان الفرص المتاحة امام المراقبين لم تستنفد بعد وفي اعطاء مهل جديدة، تحمل معها ارقاماً جديدة من الضحايا.

لكن كل ذلك لا يُخفي ان المسار الحالي لا يختلف عن ذلك الذي سبق ارسال المراقبين، أي أن الحل الأمني مازال الاولوية المطلقة، وان التصور الرسمي السوري لا يزال يدور في المعادلة التي وضعت منذ انفجار الحركة الاحتجاجية، والذي يقرب من الدخول في شهر ال 11. وقوام هذه المعادلة، ان المزيد من البطش ينهي الحركة الاحتجاجية، ما دامت كل اعلانات الاصلاح لم تقنع احداً، خصوصا داخل سورية، بأن ثمة مساراً جديداً تنوي السلطات الدخول فيه.

وليس من دون معنى ان يعلن خالد مشعل أقرب الحلفاء الى سورية، والمفترض ان يكون الى جانبها في الممانعة القومية، أنه آن أوان الدخول في الحل السياسي، محذّراً من التبعات الكارثية للاستمرار في الحل الامني.

واذا كان مشعل، احد كبار العارفين بالوضع الداخلي السوري، يعبر عن قناعة شخصية، فإن ذلك يعني ان الأزمة دخلت مرحلة حرجة جداً، بما يفرض على الحكم السوري إعادة تقويم كل إستراتجيته في معالجتها. واذا كان مشعل يعبر عن موقفه كقائد لتنظيم في «الإخوان المسلمين»، فإن ذلك يعني ان على دمشق ان تعيد النظر في كل حساباتها الداخلية والاقليمية، في طريقة معالجة الأزمة. وذلك بعدما بات جلياً حجم الشرخ الاجتماعي والسياسي داخل سورية، وانسحابه على علاقاتها الاقليمية.

هكذا لم يعد مفيداً الترداد الببغائي لنظرية المؤامرة والعصابات المسلحة، وان السلطات ستحسم قريباً أمر المتآمرين. ولا يؤدي هذا الترداد إلا إلى إطالة الأزمة وما تحمله من كوارث على الشعب والحكم ايضاً، فهو بات حالياً بمثابة إعلان انتحار بطيء أكثر من كونه وسيلة لمعالجة حركة احتجاجية، اذ كلما ازداد حجم الدم المسفوح في الشوارع ازدادت صعوبات التوصل الى حل سياسي سلمي يضع البلاد على سكة الخلاص، إذا كان من الممكن بعدُ الحديث عن حل تصالحي، يعيد سورية الى مكانتها الاقليمية التي باتت حالياً عرضة لشتى أنواع التدخلات من القريب والبعيد على السواء.

=================

رأي الراية..اجتماع فاصل..!!

الراية

8-1-2012

ليس سرا القول أن ثقة الشارع السوري الذي لا زال يتعرض للقتل والاعتقال من قبل أجهزة النظام السوري بسبب مطالبته بالحرية والديمقراطية والتغيير وأيضا ثقة الشارع العربي الذي يراقب ما يحدث في سوريا من مآس إنسانية بحزن وألم كبيرين تكاد تنعدم في إمكانية نجاح مهمة المراقبين العرب الذين ذهبوا إلى سوريا بهدف حماية المواطنين العزل من القتل والتأكد من سحب النظام السوري جميع الآليات العسكرية ومظاهر التسلح من الشوارع وإطلاق سراح المعتقلين في الأحداث الراهنة في السجون السورية، وفتح المجال أمام الإعلام العربي لمتابعة الأحداث على أرض الواقع وهي الأهداف التي لم تتحقق حتى هذه اللحظة حيث ما زال العشرات من المواطنين السوريين يسقطون يوميا برصاص الجيش والأمن وما زالت المداهمات والاعتقالات مستمرة في مختلف المدن والبلدات السورية.

من المفترض أن يكون اجتماع اللجنة الوزارية العربية الذي يعقد اليوم في القاهرة والذي سيناقش التقرير الأوّلي لرئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا حول ما رصده فريق المراقبين على أرض الواقع في مختلف المدن والبلدات السورية أن يكون محددا وواضحا وفاصلا في جدوى استمرار مهمة فريق المراقبين العرب مع استمرار إراقة الدماء في سورية ومواجهة المظاهرات الاحتجاجية المطالبة بالتغيير بالرصاص.

لا أحد في الشارع السوري كان ضد إعطاء الفرصة الكاملة للمراقبين العرب للقيام بمهمتهم إلا أن سقوط مئات الضحايا من المواطنين السوريين خلال قيام المراقبين العرب بمهمتهم يطرح أسئلة مشروعة عن الجدوى في الاستمرار في هذه المهمة ما دام الدم السوري ما زال يسيل في شوارع المدن السورية.

المواطن السوري الذي خاطر بحياته لكي يقدم للمراقبين العرب حقيقية ما يجري في المدن والبلدات السورية يستحق من الجامعة العربية اتخاذ خطوات ملموسة تساوي تضحيته العظيمة.

الأوضاع في سورية بعد نحو عشرة شهور من الثورة لم تعد تحتمل مماطلة النظام السوري وتسويفه ولم تعد تحتمل استمرار نزيف الدم وتواصله وبالتالي فإن اللجنة الوزارية العربية مطالبة أن تقنع الشعب السوري بجدوى مهمة المراقبين العرب وقدرة الجامعة العربية على إقناع النظام السوري بوقف استخدام الحل الأمني وتطبيق بنود المبادرة العربية بشأن الأوضاع في سورية الأمر الذي يخلق مناخا ملائما للحوار الوطني الشامل الذي يفتح الآفاق على التوصل إلى مخرج حقيقي للأزمة في سورية يمنع تدويل القضية السورية ويمنع التدخل الخارجي في سوريا.

=================

تفجيرات دمشق ومرتكبوها

الوطن القطرية

التاريخ: 08 يناير 2012

أيا من كانت القوى التي تقف وراء التفجيرات الدامية التي شهدتها دمشق، وأودت بأرواح عشرات القتلى وأصابت الكثير من الأبرياء بجراح، فهي - بلا ريب- قوى ظلامية ودموية، تعكس فكرا سوداويا خارج العصر، فضلا عن كونه منافيا للسواء والمنطق ومفهوم المواطنة، وأبسط قيم الإنسانية واحترام حق الحياة.

 وستكون المصيبة أبشع وأكثر هولا وفداحة لو صدقت اتهامات المعارضة السورية للنظام السوري بوقوفه وراء «تفجير الميدان»، أمس، بقلب العاصمة السورية، للإيحاء بتسرب القاعدة إلى الداخل السوري، أو للربط بين المعارضة السورية وهذه الأعمال المجافية للسواء الإنساني، أو لغير ذلك من الأسباب.

غير أنه وفقا للقاعدة القانونية القائلة إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فإننا نؤجل تحريك الاتهام حتى تقر الأدلة القاطعة بمسؤولية النظام من عدمها، ولكن التقييم الموضوعي للمشهد السوري الراهن، والذي أصبح مخضبا بدماء الأبرياء، لا يبرئ النظام من هذه الأعمال البربرية، باعتبار أن ردات فعله وسلوكه على امتداد تسعة شهور فائتة وفرت المناخ لهذا الاضطراب الوعر الذي فتح المجال أمام هذه الجرائم الوحشية، ووسع مساحات المقابر وملأها بالجثث، وتسبب في نزوح آلاف العائلات السورية، بل والأخطر أنه تفوق على التنظيم الذي يتهمه باقتراف هذه التفجيرات في السلوك الدموي، ولسبب بسيط، وهو أن النظام قتل من السوريين أضعاف الأضعاف مما قتلته هذه التفجيرات، بل إن شراهته للقتل تغالبه لدرجة مغافلة المراقبين العرب لمواصلة هوايته الدموية.

ومن ثم ستكون المصيبة مصيبتين، لو أثبتت تحقيقات نزيهة ندعو إليها أن النظام هو الذي يقف وراء تفجيرين في قلب العاصمة، وبين الأول والثاني بضعة أيام، مما يعني أن الجريمة ممنهجة، وتختار مسرحها للترويع والتهويل.

=================

الانتصار على المشاكل بالمشاكل!

د. رضوان السيد

تاريخ النشر: الأحد 08 يناير 2012

الاتحاد

صارت مقولة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو عن "الصفر مشاكل" التي وضعت تركيا استراتيجيتها للحركة بالمنطقة والعمل على أساس منها، مثيرة للسخرية. فحيثما التفت السياسيون والعسكريون الأتراك يجدون أكواماً من المشكلات تقف في وجوههم وتشلُّ حركتهم. هناك مشكلات مع إسرائيل ما تراجعت، ومشكلات متفاقمة مع سوريا، ومع المالكي بالعراق، ومع الأكراد، ومع أذربيجان، ومع الأرمن، ومع الروس، ومع الاتحاد الأوروبي، ومع اليونان! وعندما مضى أوغلو إلى طهران قبل ثلاثة أيام أقرّ بوجود ثلاث مشكلات على الأقل يريد التحدث مع "الإخوة" هناك بشأن إيجاد مخارج منها: المسألة العراقية، والمسألة السورية، ومسألة التوتر المتصاعد بين الشيعة والسنة! ففي العراق زادت ضغوط المالكي على التركمان والسنة العرب بعد خروج الأميركيين مباشرة. وعاد "حزب العمال الكردستاني" إلى الحركة من جانب العراق ومن جانب سوريا. والعلاقات مع أكراد العراق مقبولة إلى حدما، لكنهم لايتابعون بعين الرضا الدخول العسكري التركي المتكرر إلى مناطقهم. وتركيا تعلم أنّ لإيران دوراً بارزاً ومتقدماً في مساعدة المالكي بالعراق، وقد تكون وراء حملته على خصومه السياسيين وفي طليعتهم الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية. ولدى الأتراك مشكلات ورهانات بالعراق ومعه. فمنطقته الكردية تعتمد في اقتصادها واتصالاتها على تركيا. والسنّة من عرب وتركمان تركيا هي مرجعهم. وتركيا تريد حدوداً مضبوطة لايستطيع "حزب العمال الكردستاني" اختراقها واستغلالها. ومن مصلحة تركيا قيام سلطة متوازنة بالعراق لا يُظلم فيها السنة والتركمان، ولا ينفصلُ الأكراد. والمفروض أن إيران التي تمتلك مصالح مشابهة، يمكنها التنسيقُ مع تركيا كما حصل خلال السنوات الماضية. لكن الواقع أن إيران صارت تعتبر العراق بعد الخروج الأميركي منطقة نفوذ خاصةٍ بها، وتريد استخدامه الآن لإقلاق أميركا وتركيا والسعودية والسُّنة، بحيث تردُّ الصاع صاعين بعد الضيق الذي نزل بها جرّاء التضييق الأميركي والأوروبي، وبسبب الثورة في سوريا، وانحشار "حزب الله" بلبنان، وابتعاد "حماس" و"الجهاد الإسلامي" عنها بالتدريج. ولذلك لا أعتقد أنّ أوغلوا سوف يجلب معه تطمينات من طهران بشأن العراق. مع العلم أنه إذا لم يتعاون الأتراك والإيرانيون معاً، فإن الحل السياسي بالعراق ستتضاءلُ فرصُهُ، والعنف ستزداد وتائره.

وبالتأكيد لن يكون أوغلو أكثر توفيقاً بشأن سوريا في طهران ومعها. فقد أنفق الإيرانيون عدة مليارات من الدولارات لدعم نظام الأسد الذي يعاني ثورة شعبه عليه. ويقال إنهم أرسلوا العناصر والخبرات، هم والمالكي و"حزب الله"، وذلك لأن سوريا ،خلال العقود الثلاثة الأخيرة، كانت ركيزة استراتيجية لطهران في المنطقة، ولن تدعها تضيع هكذا من دون بدائل أو خيارات. وقد راهنت تركيا طوال ست سنوات على إقامة علاقات وثيقة مع سوريا، دون أن يكون ذلك على حساب العلاقات مع طهران. وبلغ من "تفاني" تركيا في مساعدة الأسد، أنها قادت عملية تفاوض غير مباشر مع إسرائيل رجاء أن يؤدي ذلك إلى سلام يحرِّر الأرض السورية، ويغير موقع سوريا بالمنطقة. إنما منذ قامت الثورة السورية، فإنّ تلك العلاقات الوثيقة صارت نسياً منسياً! والحديث الآن بل، ومنذ خمسة أشهر، كيف تتدخل تركيا لحماية المدنيين بسوريا، وإعادة الاستقرار إلى ذلك البلد الواقع على حدودها!؟ طهران لن تتساهل ولن تتنازل شبراً في المسألة السورية، والتركي سيعود للتأكيد على أنه لن يتدخل إلا بقرار من مجلس الأمن. وإنما بخلاف إيران، تؤيد تركيا المبادرة العربية وتعتبرها الفرصة الأخيرة قبل التدويل، ويكون على طهران، إن أرادت مساعدة الأسد، نُصْحه بقبول المبادرة بالفعل، والتصرف على هذا الأساس، أو لا يبقى شيء يمكن تقديمه له شخصياً أو لنظامه.

ويُسمِي أوغلو التوتر الشيعي السني حرباً باردة، وهو يخشاها أشدّ الخشية، وطهران تعرف هذا الخطر وتتجنبه في العادة. لكنها استخدمته في السنوات الأخيرة بقصد إزعاج السعودية والعرب بعامة، وهي مضطرة لاستخدامه اليوم دونما غشاوة ولاغطاء، بل باعتباره حلفاً شيعياً مُمانِعاً لمواجهة الولايات المتحدة وأنصارها من العرب! وكانت طهران قد اعتادت طوال أكثر من عقد على سَتْر هذا التشيُّع المذهبي بتشيُّع سياسي عمادُهُ "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وحركات "الإخوان المسلمين". وحتى عندما غزوا بيروت أو أشعلوا حرب غزة، وجدوا من المحسوبين على المسلمين السنّة من يدافع عن ذاك الاحتلال، بحجة أن كل ما يقوم به حزب المقاومة هو أمر سليم وصحيح ولا غبار عليه، والذين يعترضون على احتلال مُدُنهم واغتيال كبارهم هم عملاء لأميركا وإسرائيل! لقد قامت الثورات العربية، وامتدت إلى سوريا، واضطرت إيران التي رحّبت بالثورات الأولى، إلى إعلان وقوفها ضدها وبخاصة في سوريا. وخرج في وسائل إعلامها من يقول إن الولايات المتحدة هي التي صنعت وتصنع هذه الثورات! وهكذا ما بقي لإيران غير التنظيمات الشيعية التي أنشأتها والتي لاتخرج عن طوعها. وقد سمعتُ إيرانياً يقول إن الغدر من طبع العرب، وإلا فكيف تبرر "حماس" خروجها من سوريا، ومسارعتها للتفاوض (هي و"الجهاد") مع أبومازن، رغم أن المَغْرَفَة الإيرانية في أشداقهم من عقدين وأكثر! وعلى أيِّ حال لا تتردد إيران في القول الآن إن هناك جبهة شيعية صلبة مكوّنة من العراق ونظام الأسد و"حزب الله"! ومن الطبيعي ما دام الأمر كذلك، أن يحدث توتر شيعي سني بسبب الاستئثار بالسلطة، فكيف إذا أضيف لذلك هجوم مباشر ذو طابع طائفي أو سياسي طائفي مثلما فعل المالكي بالعراق، وبشار الأسد بسوريا، و"حزب الله" بلبنان!

سيحاول أوغلو أيضاً أن يحذّر الإيرانيين من مخاطر ازدياد النزاع الشيعي السني، والشواهد على ذلك كثيرة. فكلُّ يوم يسقط بالعراق عشرات في هجمات يُتَّهمُ بها سُنّةٌ أو شيعة. وكل يوم تُقصفُ المساجد بسوريا أو يُمْنعُ الناس من دخول الجوامع لإقامة صلاة الجمعة أو الجماعة خشية أن يخرجوا منها للتظاهر. وكل يوم تُهاجم وسائل الإعلام التابعة ل"حزب الله" أو المتحالفة معه المسلمين السنة في لبنان، الذين يتضامنون مع الثورة السورية، بحجة أنهم من أنصار "القاعدة" أو سلفيين، وهم يتآمرون على المقاومة وعلى نظام الممانعة بسوريا!

ولستُ أدري كيف تكون الإجابة الإيرانية على مسألة الحرب الباردة الشيعية السنية. ربما ينكرون ذلك، أو يتهمون به السلفيين أو الجهات الأميركية المتآمرة. لكنهم في الواقع محتاجون إلى هذا "العَصَب" الآن بعد تراجع وسائل الضغط وتراجع تأثير الشعارات الفضفاضة، واستتباب وقائع جديدة في المنطقة. فقد سادت ثنائية على مدى أربعين عاماً طرفاها الاستبداديون والأصوليون المتطرفون. وكان الأميركيون يحاولون التحكم في الاستبداديين، وكان الإيرانيون وأنصارهم يمثّلون آمال الجماهير! وقامت الثورات فسقط الحكام، وذهب المتشددون المسلَّحون، ونزل الناس إلى الشارع، فاستغنينا عن الإيرانيين والأتراك الذين كانوا يصرُّون على المطالبة بحقوقنا نيابة عنا. لقد حضر صاحب الحق، فضاع الوكيل! ويكون على أوغلو وصالحي أن يعيدا حساباتهما!

=================

شبيحة وبلطجية ومرتزقة: بعض ملامح هؤلاء؟

فايز سارة

الشرق الاوسط

8-1-2012

رغم أن مجموعات البلطجية والشبيحة والمرتزقة، كررت ظهورها في البلدان العربية مع اندلاع ثورات الربيع العربي، فإن هذه المجموعات ليست جديدة في الواقع العربي. إذ هي قديمة، لكن الجديد فيها، هو فورانها وتحولها إلى ظاهرة بارزة وصادمة بعد أن كانت محدودة الحضور والتأثير، إضافة إلى سمة أخرى، رافقت الربيع العربي، وهي عدم اقتصار بروز ظاهرة البلطجية والشبيحة والمرتزقة وتأثيرها على بلدان التغيير العربي العاصف مثل تونس ومصر وليبيا، وتلك التي تسير نحو التغيير مثل اليمن وسوريا إلى بلدان لا تصنف في إطار بلدان الثورات مثل الأردن، وقد تكشف التطورات المقبلة حضور هذه الظواهر في بلدان الهدوء النسبي، عندما يتطلب الأمر كذلك، لأن التجارب العربية، تنتقل بالعدوى وبعضها ينتقل بالدروس، كما تدلل الوقائع.

والواضح، أن البلطجية والشبيحة والمرتزقة (بالتعبير العملي والدارج) هي تعبيرات لظاهرة واحدة، فيها تمايزات ذات طابع محلي أكثر مما فيها من اختلافات جوهرية بين تلك التسميات، والوظيفة الأساسية للمنتمين إلى هذه الجماعات، تتمثل في قيامهم بالتدخل ضد الغير في أي مكان وزمان ودون أي مبررات منطقية وموضوعية، بمعنى آخر أنهم ليسوا أكثر من أدوات ذات مهمة معينة، يتم تسييرهم باتجاه القيام بها للحصول على النتائج المطلوبة.

وفي الحالات العربية المحددة، جرى استخدام هؤلاء للتدخل في الحملات الانتخابية في كل مراحلها وصولا إلى تغيير النتائج كما حدث مرارا في الانتخابات المصرية قبل انهيار نظام مبارك، وجرى الدفع بهم من أجل فض التجمعات الشعبية غير المرغوب فيها، بما فيها المظاهرات والاعتصامات في العديد من البلدان، وخاصة بعد الثورات العربية، حيث جرى تكليف بعضهم أو فرق منهم بأداء مهمات خاصة بينها اعتداء على أشخاص وممتلكات بما يخدم القوى والأجهزة التي توظف هؤلاء وتستخدمهم بما في ذلك أجهزة الأمن الرسمية، وثمة وظائف تناط ببعض البلطجية والشبيحة والمرتزقة، ومنها أعمال تحتاج إلى تخصصات، كما في الأعمال التي تتم على شبكة الإنترنت وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بهدف السيطرة على مواقع المعارضين وجماعتهم، وتهكير تلك المواقع وتدميرها، وشن الحملات الدعاوية التي تخدم الجهات التي توظف هؤلاء أو تقود نشاطاتهم، وقد تتطلب مهمات هؤلاء سفرهم إلى خارج بلدانهم أو تنظيم بعضهم في بلدان الاغتراب. وفي المثال السوري قام الشبيحة بكثير من الأنشطة الخارجية في تركيا ومصر والأردن ولبنان وغيرها.

إن القسم الرئيسي من المنتمين لهذه الظاهرة في سوريا وبلدان عربية أخرى منها مصر واليمن، هم من الهامشيين الذين عاشوا أغلب حياتهم على هامش المجتمع. بل إن جزءا رئيسيا من هؤلاء انخرطوا في أعمال غير قانونية وارتكبوا جرائم، وهي ملامح تجعل من السهل السيطرة عليهم من جانب الأجهزة الأمنية وكبار المتنفذين في النظام الحاكم خاصة مع توفير مستويات معينة لهم من الحماية، وقسم من المنتمين للظاهرة عاملون في شركات خاصة وعند أرباب عمل وثيقي الروابط بالنظام الحاكم، كما أن بين المنتمين للظاهرة عاملين في دوائر وأجهزة الدولة من المدنيين، وتم تنظيم بعض أعضاء في الحزب الحاكم وفي نقابات واتحادات بينها نقابات العمال وهيئات طلابية في هذه الظاهرة.

إن الاختصار المعبر عن هذه الظاهرة، إنما يكمن في ضم حشد من الهامشيين السهلي الانقياد إلى جانب أكراه محتاجين للعمل والأجور، وأنصار من كل لون بينهم سياسيون وأيديولوجيون في نسيج هدفه تشكيل جدران حماية «شعبية» للنظام، والقيام بأعمال من شأنها إحباط أي الأعمال المناهضة للنظام، وإلحاق الأذى بالقائمين بها وبممتلكاتهم وأدواتهم وتدمير حواضنهم الاجتماعية.

ولعله لا يحتاج إلى تأكيد القول إن أعمال المنتمين إلى هذه الظاهرة إنما هي تلبية لمصالح مادية مباشرة وغير مباشرة، يدفعها النظام والنافذون فيه للمنضوين في عداد البلطجية والشبيحة والمرتزقة، بعض تلك المصالح تكون في أجور نقدية مباشرة، وهو الأمر الأكثر شيوعا في التجارب التي عاشتها ثورات الربيع العربي، والأقل منها هي امتيازات تعطى للنخبة ممن يشكلون مراكز الإدارة والسيطرة في الظاهرة، ويوجهون أعمالها. غير المشترك الأكبر الذي يحصل عليه المنتمين إلى هذه الظاهرة، هو ما يسبغه عليهم النظام من حماية غير قانونية، وخصوصا عدم محاسبتهم عن حمل الأسلحة واستخدامها ضد الآخرين وما يقومون به من جرائم أخرى، يتم ارتكابها تحت سمع وبصر السلطات وأجهزتها الشرطية والقضائية وبمباركتها، مما يمكن معه القول، إن ما يقوم به هؤلاء يبلغ حد الجرائم المنظمة.

وبطبيعة الحال، فإن لجوء السلطات إلى استخدام الشبيحة والبلطجية والمرتزقة، لا يعني فقط عدم كفاية أجهزتهم العسكرية والأمنية في إحكام قبضتها على المجتمع وتحركاته، إنما تعني تنويع آليات الضبط والسيطرة بخلق بنى «شعبية» موازية موظفة في خدمة النظام مقابل تلك البنى الناهضة في وجهه، والرافضة لسياساته وممارساته، دون الأخذ بعين الاعتبار ما يترتب على هذا السلوك من آثار أساسها نقل الصراعات إلى عمق المجتمع، مما يهيئ لاندلاع صدامات أهلية، تؤهل البلاد للدخول في أتون الحرب الأهلية.

إن تجارب تونس ومصر في عملية التغيير السريع، لم تترك آثارا كبيرة لما قام به الشبيحة والبلطجية والمرتزقة على المجتمع، وقد تنطبق ذات النتيجة على ليبيا إلى حد ما، لكن الأمر في اليمن وسوريا، قد تكون له نتائج مختلفة بعد استمرار وتواصل تلك الظاهرة قرابة عام كامل، الأمر الذي يعني أن ثمة ضرورة للتوقف عند هذه الظاهرة والتدقيق في نتائجها، التي لن تسلم من نتائجها الكارثية الأجهزة والأشخاص الذين صنعوها، وقاموا برعايتها وليس المجتمع وحده.

=================

رمز الشجاعة الأدبيّة: الشيخ أبو الطيب الأتاسي

طريفيات

المركز الإعلامي لدعم ثوار حمص

7/1/2012

اعتدنا في حمص على جرأة مشايخنا وصدحهم بكلمة الحق الشجاعة منذ بداية الثورة، فكان بيان علماء المسلمين في حمص

http://alsalafway.com/cms/topic.php?action=topic&id=10653

في السابع من نيسان، أوّل بيان من جهة رسميّة في الداخل السوري، تكسر جدار الصمت، وتطالب الرئيس بشكل مباشر بخمسة عشر مطلبًا هي الترجمة القانونيّة لإسقاط النظام والحريّة والديمقراطيّة. ثم كان إعتصام الساعة في ساحة حمص في الثامن عشر من الشهر ذاته، وكان للمشايخ دور بارز في قيادة الإعتصام وبلورة مطالبه والخروج إلى وسائل الإعلام لإيصال صوتنا ورسالتنا .. تتعدّد المشاهد وتكثر .. ننسى بعضها، وبعضها لا يمكننا أن ننساه، ليس لأنه جزء من ذاكرتنا فحسب، بل لأنه شكّل ذاكرتنا .. شكّل شخصيتنا .. وحفر فينا معالم لا تنسى .. كانت جمعة ‘أحفاد خالد بن الوليد’ الثاني والعشرين من تموز … نزل الخطيب من على المنبر، وأقام المؤذّن الصلاة .. اصطففنا مستعدّين .. ننتظر تكبيرة الإحرام .. قليلًا، نسمع جلبة في الصفوف الأولى .. أحدهم يطلب الميكرفون، يمسكه .. “السلام عليكم .. يا شباب هذه الجمعة جمعة ثورة .. واسمها خالد بن الوليد، يجب أن نخرج كلنا في المظاهرة وأن نقول للعالم أننا لن نركع إلا لله” تتعالى أصوات الشباب في المسجد بالتكبير .. تهدأ الأجواء .. يكبّر الإمام .. وتبدأ الصلاة .. أثناء المظاهرة سألت صديقي من هذا ؟ إنه الشيخ أبو الطيب الأتاسي .. قال لي.

الشيخ أبو الطيب هو أوّل من خرج معنا في مظاهرات الحي ..كم كان حريصًا علينا، يريدنا أن نوصل رسالتنا ونتحدى النظام وآلته القمعية بشجاعة وإقدام. لكن دون ان يحدث لنا مكروه ..كم كان قلبه معنا .. كم كانت نظراته تلاحقنا .. مرةً بعد مرّة .. بعصاه التي ما كانت تفارقه، لحيته البيضاء، ملامحه البطوليّة، كلامه الحماسيّ .. صار رمزًا للثورة في الحي، سألته مرّة عن عصاه التي لا يتركها، فقال لي: هذه أحميكم بها، والله يحمينا..

الشيخ أبو الطيب هو الشيخ الوحيد الذي أشعرني بأن النظام سقط فعلًا لا قولًا عندما قال صادحًا على الإذاعة يوم الجمعة من المسجد بعد الخطبة : بشار الطاغية سيسقط بهمتكم يا شباب، سيروا بارك الله بكم .. لقد أعاد الأتاسي للمنبر دوره ووظيفته وهيبته بعدما أساء لها البوطي وحسون وبقية الجرذان القذرة .. قلت له مرّة متأثرًا بجرأته الشديدة: الله يجزيك الخير يا شيخ، والله انت بتنحط ع الراس .. أجابني : يا ابني ماعم نعمل غير الواجب، البركة فيكن، نحن شو عم نعمل …

عندما كان يقف ليلقي كلمة الثورة بعد خطبة الجمعة كنت أنظر إليه بنهم! بشغف! أحاول أن أشبع من عظمة هذا المشهد .. يوم جمعة .. ألوف المصلين .. شيخ بلحية بيضاء يلقي كلمة ملتهبة مسمّيًا الأشياء بمسمياتها .. هذا هو المنبر الحق، هذا هو الشيخ الحق .. كنت أحاول أن أمتلئ من شجاعته ..

أكثر من مرّة تعرضنا لإطلاق رصاص على المظاهرة، وما إن يهدأ الرصاص وأنظر إلى من بقي، حتى تقع عيني دائمًا على الشيخ أبو الطيب .. ياه .. شيخ كبير في العمر، صامد أمام الرصاص .. وغيره هرب!

كلماته الثورية كانت عفوية جدًا رغم أنه كان يحضّرها كتابةً على وريقة صغيرة، كان يتحدّث بلغة الشارع، بعيدًا عن صالونات المثقفين وكلامهم البارد وتنظيرهم الفوقي وتحذيراتهم وتوصياتهم .. كلمات بسيطة، لكنها مؤثّرة .. فماهي إلا أسابيع قليلة .. وصارت مظاهرتنا تتجاوز الآلاف الكثيرة ولم يعد يبقى في المسجد سوى قلّة قليلة من كبار السن ..

اليوم في زخ القصف العشوائي العنيف على باباعمرو، والمآذن تكبّر، دخل الشيخ أبو الطيب إلى المسجد وقال عبر الإذاعة الخارجيّة: ياشباب بدنا دكاترة وممرضين ومواد اسعافية للمشفى، بدنا متبرعين بالدم .. إغاثة وفزعة وجرأة وشجاعة … ياااااه كم تتمثّل فيه معالم البطولة .. قنص الشيخ أبو الطيب الأتاسي .. وهو رافع رأسه .. قالها ألف مرة بعزة وعاشها بعزة، قالها بشجاعة وجرأة، وعاشها بشجاعة وجرأة: لن نركع إلا لله ..

ونحن أيضًا يا شيخنا .. لن نركع إلا لله .. إذهب إلى رضوان ربك .. فقد تركت وراءك أثرًا لن يمحى ..

================

وضع دولي وعربي هش!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

8-1-2012

بقدر ما تتصاعد المطالبة الداخلية والخارجية بتدخل عربي ودولي، بقدر ما تبدو وكأن القصد منها إحراج العالم وتحدي قدرته على مساعدة السوريين وتقديم ما يطلبونه من حماية.

خلال الأشهر العشرة الأخيرة، مرت علاقة السوريين بالدول الأجنبية في تعرجات عرفت صعودا وهبوطا متداخلين حينا، ومتتابعين حينا آخر. في بداية الأحداث، تحمس العالم الخارجي وأطلق تصريحات شديدة التأييد للحراك الشعبي ولمطالبه، اعتبرته جزءا رئيسيا من تقدم الديمقراطية الكوني، والتي تمر في موجة ثالثة تجتاح البلدان العربية وتقدم مطالب شرعية ومقبولة تنضوي في سياق عالمي لا عودة عنه. هذه الحماسة التي عرفت تصاعدا كلاميا مع تقدم حركة الاحتجاج، أقنعت المحتجين السوريين بأن قضيتهم صارت مشمولة برعاية خارجية مماثلة أو مساوية لتلك التي عرفتها مصر وليبيا، وأن ميزان القوى الداخلي سيشهد إضافات خارجية قد تكون حاسمة في حسم الأوضاع لصالحهم. وزاد من ميلهم إلى هذه الفكرة ما كانوا يواجهونه من حل أمني على الطريقة الليبية، ظنوا أنه لا بد أن يواجه في لحظة ما بحل دولي يماثل ما طبق ضد نظام العقيد بدءا من معركة بنغازي وحتى سقوطه.

هذا الجو الخارجي أسهم عمليا في دفع الحراك إلى مزيد من الجذرية والانتشار، بينما كانت العقوبات والتدابير الرادعة تتخذ ضد أهل النظام وقادته، وتشمل قوسا واسعا جدا من الإجراءات غير المسبوقة في علاقات الخارج مع الحكم السوري، طاولت فيما طاولته عقوبات قانونية واقتصادية وسياسية لم تترك جانبا من الحياة الرسمية إلا وانصبت عليه، وتعمدت إلحاق أعظم قدر من الضرر به.

لكن هذه الحماسة الخارجية العامة التي اجتاحت جميع الدول القريبة والبعيدة على وجه التقريب، ما لبثت أن تراخت، من حيث وضوح الدعم أو وتيرة التدابير، حتى بدا وكأن العالم بدأ يدير ظهره للحدث السوري. ولولا أن بلدانا عربية بعينها، هي بعض دول الخليج المؤثرة كالمملكة العربية السعودية وقطر والكويت، دخلت على خط العقوبات وسحب السفراء، لكان الدعم الخارجي للحراك شهد انحسارا ملموسا، ولكان صوت السوريين اليائس الذي أطلق شعار أو نداء «يا الله ما لنا غيرك يا الله»، قد عبر عن حقيقة الوضع.

وزاد الطين بلة أن التراجع وقع بينما كان حل النظام الأمني يتسع وينتشر في كل مكان، وأهل الحراك يشعرون بخطأ تخميناتهم حول سهولة التدخل الدولي وتكرار تجربة ليبيا في بلادهم، ويحسون بشيء من خيبة الأمل حيال الخارج، ويتوصلون من تجربتهم إلى نتيجة إيجابية هي أنه لن يحك جلدهم مثل ظفرهم، وأن عليهم موازنة التراجع الدولي بزيادة الحراك الداخلي وتمتينه وتصليبه، وهذا ما فعلوه رغم التضحيات الهائلة التي كانوا يقدمونها كل يوم وفي كل قرية ومدينة. هذه الحقبة، وهي الثانية في مسار الحركة الشعبية، عرفت أضخم المظاهرات وأكثر أشكالها انتشارا وجدية، وطورت خيارا لعب فيما بعد دورا مهما هو: البقاء في الشارع مهما كان حجم الضغوط الأمنية، والرد على العنف الرسمي بكثافة الإسهام الشعبي في الاحتجاج وبديمومته، وإيصاله على كل بيت وزاوية وشخص.

بهذه الصلابة التي أبداها الشعب، استعاد الدعم الكلامي الخارجي حيويته، واتسعت العقوبات ضد أهل النظام من جديد، وطرحت مبادرة كان الهدف منها الوصول إلى حل عربي بعد أن أفشل الحل الأمني الحل الداخلي، وبدا وكأن العالم يترجم دوره إلى دعم يمنحه لدور عربي كمُن وراء قرارات الجامعة العربية وخطواتها السورية، كما كمُن وراء تأييد المجلس الوطني السوري الذي تشكل خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبدا لوهلة أنه قناة سيمر منها أي دور خارجي، وأن وجوده يحول الأدوار العالمية إلى أدوار غير مباشرة، وإن كان ذلك لا يعني بالضرورة تناقص دعم الخارج أو تراجع أهميته.

في هذه الحقبة، ولأن المجلس تشكل تلبية لطلب خارجي أيضا، صعدت دول كثيرة لهجتها وتدبيراتها السلبية من جديد، ونشطت دول إقليمية على رأسها تركيا مشاركتها في الضغط على النظام، وصدرت تصريحات متكررة تطالب الرئيس الأسد بالرحيل وتعلن بشيء من المبالغة أن نظامه يعيش أيامه الأخيرة. في هذه الحقبة أيضا، عمد سفراء بعض الدول الكبرى كأميركا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى المشاركة في مجالس العزاء وزيارة المدن الثائرة، وإدانة تصرفات الأمن ضد الأهالي في المناطق التي كانوا فيها.

رفع تكوين المجلس سقف المطالبة بأدوار دولية أكثر نشاطا وحسما في الشأن السوري، بعد أن بدا وكأن توازن القوى بين النظام والشارع غير قابل للكسر، وأن الأزمة ستمتد لحقبة طويلة لن يتوقف القتل خلالها، رغم انتشار السلاح في مناطق التظاهر، وبروز ظاهرة الجيش السوري الحر الذي أعلن عزمه على حماية المدنيين بالقوة، وتعاظم خسائر أجهزة النظام الأمنية، وتصاعد القلق في صفوف أنصاره، بسبب كثرة ما كان يصل إلى مناطقهم من قتلى، وعدم انكسار الحراك الشعبي، حتى في المدن التي أعيد احتلالها كحماه وإدلب، وخاصة حمص، ومعظم أرياف البلاد.

واليوم، وبعد مرور عشرة أشهر ونيف على الصراع الدائر في سوريا، يبدو أن الموقف الدولي قد استعاد غموضه واسترخاءه، كما يبدو وكأن العرب لا يعرفون ما يفعلونه غير إلقاء عبء عجزهم على عالم يلقي بدوره عبء حيرته وظروفه على عاتقهم، بينما يتعاظم القتل حتى في حضور مراقبي الجامعة العربية، ويزج بمزيد من القوات في الشوارع بدلا من سحبها منها، كما يقول قرار الجامعة، ويتعاظم بدوره حجم العنف ويبتعد النضال الشعبي عن أهدافه الأولى وينخرط أكثر فأكثر في متاهات داخلية، طائفية وجهوية بالأساس، خطط النظام منذ البداية لزجه فيها، على أمل دفع الأمور نحو شكل جديد للأزمة، يجعل من الصعب على سوريا الخروج منه بقواها الذاتية، الموالية منها والمعارضة. فماذا يمكن للحراك ولمن يمثلونه في المعارضة فعله لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه عند انطلاقتها الأولى، لقطع الطريق على احتمالات الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي، ولتطوير أساليب وخبرات نضالية تسهم في مزيد من رجحان ميزان القوى لصالح الحراك، كان آخرها الإضراب العام ومحاولة الزحف إلى ساحات الحرية؟.

في أساس الحل الأمني الذي اعتمده النظام السوري، ثمة فكرة مضمرة تقوم على دفع الأمور إلى نهاياتها القصوى، كي لا يبقى أمام الخصم غير أحد خيارين: التراجع، أو الانخراط في وضع ليس ملائما له. بينما يلعب هو كنظام بورقة الزمن ويرتب أموره على اتخاذ جميع التدابير الضرورية لتصعيد تحديه والتمسك به إلى أطول فترة ممكنة، لأن هذا هو الذي سيرغم الخصم على الانسحاب أو الاندفاع وراء مغامرة ليست مضمونة النتائج. واليوم، يعتقد النظام أنه لم يبق أمام العالم غير خيار واحد هو الانسحاب، ما دام تعقيد الأمور أوصلها إلى حال تجعل من الصعب عليه الانخراط التام في الصراع، علما بأن فشل المبادرة العربية وعجز العرب عن فعل شيء حاسم سيجبر الخارج على اتخاذ قرار عاجل، يبدو جليا أنه يخشاه، لأنه يمكن أن يورطه في مأزق حقيقي وخطير.

ماذا سيفعل العالم؟ لن ننتظر الجواب طويلا. إنها مسألة أسابيع قليلة وحسب!

=================

أسرار النظام السوري

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

8-1-2012

أخيرا، انشق مسؤول رسمي بعد نحو عشرة أشهر من ثورة الشارع على النظام السوري. محمود الحاج أحمد ليس وزيرا ولا سفيرا، مع هذا يشغل وظيفة حساسة. منصبه إلى قبل أيام هو المفتش الأول في الجهاز المركزي للرقابة المالية بمجلس الوزراء السوري، والمفتش المالي في وزارة الدفاع.

والأحاديث التي أدلى بها منذ ظهوره على وسائل الإعلام ألقت الضوء على كيفية عمل هذا النظام السري الذي يعتمد الغموض، ويخيف كبار موظفيه حتى لا يكشفوا معلومات أو يختلطوا مع الآخرين. من الذي يمول النظام، وكيف، وما حجم إمكاناته المالية الحالية، وما مدى حاجاته التمويلية، ومن يقرر، وما هي نقاط ضعفه الحالية، وما مدى صلابة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وما علاقتها ببعضها، وسيطرة القيادة عليها، وما احتمالات حدوث انقلاب أو انشقاقات عسكرية واسعة؟ وغيرها من الأسئلة المهمة التي لا نعرف إلا القليل عما يدور في داخل دمشق بسبب قبضة الأمن وسياسة الترويع التي تمارسها ضد موظفي الدولة والمرتبطين بها. من دون معلومات موثوقة تبقى تقديراتنا مجرد تخمينات مثل قولنا: إن النظام قد يسقط في الصيف أو الخريف على أبعد تقدير، فهو قد يصمد لأطول من ذلك إن كان قويا في الداخل ومدعوما ماديا وعسكريا من الخارج، وقد ينهار فجأة خلال أسابيع رغم صورته المتماسكة إن كانت هناك تشققات في داخله لا ندري عنها من الخارج. نحن نتحدث عن نظام منغلق يحكم الدولة بأجهزة أمنية وعسكرية.

ونعرف أن بعض المنشقين السوريين قد تراجعوا خلال الأسابيع القليلة الماضية عن الكشف عن أنفسهم، بما فيهم الذين فروا إلى خارج سوريا، خشية انتقام النظام من أفراد عائلاتهم. لهذا قد لا نرى وزراء أو سفراء ينشقون إلا في ساعاته الأخيرة، ويؤكد ذلك المفتش المالي المنشق أن نحو 80% من الجهاز الحكومي السوري ضد بشار الأسد، ويتمنون الانشقاق لكن الخوف يمنعهم.

وما تحدث به أحمد ألقى الضوء على بعض ما يعتري النظام المحاصر، وما يقال عن علاقاته الخارجية وتمولاته المالية والعسكرية التي توضح أن إيران تلعب دور السند، وبالتالي نحن نرى حربا شعبية ضد نظامين شرسين، الذي يجعل محور لعبة النظام السوري تقوم على المماطلة وكسب المزيد من الوقت للمزيد من الاعتقالات والتصفيات، لأن المدد الإيراني سيجعله واقفا على قدميه أكثر من تصوراتنا، وما تتحدث عنه قوى المعارضة من أرقام قتلى هي أقل بكثير من الأرقام الحقيقية التي لا تشمل ما يحدث للمعتقلين والمنشقين وغيرهم، الذين لا يعلنون عن مفقوديهم.

وبالنسبة للنظام فإن الاعتقال مثل القتل يلغي وجود الفاعلين من الساحة، وبالتالي فإن آلة القتل والقمع لن تتوقف، وهي تتستر خلف مشاريع وساطات، مثل وساطة حماس الأخيرة التي هدفها مد النظام بفترة إضافية بعد أن أصبحت مسرحية المراقبين توشك على الانتهاء. إن النظام السوري يقوم الآن بتشجيع أتباعه وأصدقائه، من المعارضة المزورة التابعة للنظام أصلا، ومن جماعات حقوقية مصرية وجزائرية، ومن قيادة حماس، لمساعدته على كسب المزيد من الوقت ومنع رفع القضية إلى مجلس الأمن، وبالتالي فإن الحل العربي يعني الإبقاء على نظام بشار، أما تدويل القضية، فيعني إسقاطه.

=================

الشيخ حمد وآلة القتل السورية

طارق الحميد

الشرق الاوسط

8-1-2012

يقول الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر، ورئيس اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا، إنه في حال استمر القتل في سوريا فلا جدوى من إرسال المراقبين العرب إلى هناك. كلام جميل بالطبع، ولكن بعد ماذا؟ بعد قرابة الشهرين من المماطلة الأسدية، وبعد كل هذا الدم؟

أمر عجيب، فهل يحتاج المعني، أو المتابع للشأن السوري، لكل هذا الوقت من أجل معرفة أن القتل لا يزال مستمرا في سوريا؟ أولم يشاهد الشيخ حمد، مثلا، تغطية قناة «الجزيرة» القطرية للأوضاع في سوريا؟ أولم يشاهد الشيخ، ومثله العرب، وتحديدا نبيل العربي، الأطفال المقتولين في سوريا، ومثلهم الشيوخ والنساء؟ أولم يكن واضحا لمن احترف السياسة في العالم العربي أن النظام الأسدي يكذب ويماطل؟ أولم نكن نحذرهم من نظام بشار الأسد ويقولون أنتم عاطفيون؟

للأسف احتاج العرب أكثر من عشرة أشهر ليكتشفوا أن آلة القتل الأسدية لم تتوقف، بينما في تسعة أشهر أنهوا نظام معمر القذافي، وبمساعدة الناتو، بينما اليوم نجد بيننا عربا، مثل الحكومة الجزائرية والعراقية، يقولون لا لتدويل الأزمة السورية، حتى مع سقوط ستة آلاف قتيل سوري، ورغم أن آلة القتل الأسدية لم تتوقف يوما عن قتل السوريين العزل!

واقع عربي محزن بالطبع بلغ مرحلة من التردي وصلت بالجامعة العربية إلى أن تستعين برجل انقلابي مثل خالد مشعل للتوسط بالأزمة السورية، فإذا كانت القضية فقط محاباة للإخوان المسلمين، أو نفاقا لهم، فليرسل مريدو الإخوان راشد الغنوشي، وليس مشعل، فخطابه «الموثق»، أي الغنوشي - والذي حاول نفيه عبثا - في معهد واشنطن المقرب لإسرائيل عن الثورة على الملكيات العربية، يدل على أن الغنوشي رجل يجيد اللف والدوران، وقول الأمر ونفيه. وهذه، للأسف، أبسط المؤهلات لدينا، في كثير من الحالات، ليكون المرء سياسيا، وإلا كيف يقتل النظام الأسدي شعبه ويجد كل هذه المهل، ثم وبعد أن قيل إننا نصل إلى نهاية الطريق مع النظام الأسدي تقوم الجامعة بإرسال خالد مشعل للوساطة في الأزمة السورية، وإقناع الأسد بوقف العنف؟

الطريف أن مشعل يقول إنه حان الوقت للانتقال من الحل الأمني إلى السياسي في سوريا، وهو الرجل، الذي حسم الأمور في غزة عسكريا. فيا لها من سخرية، إذ إن وسيط الجامعة هو زعيم حماس الانقلابي، ورئيس الوفد العربي إلى سوريا هو الدابي جنرال الرئيس السوداني الانقلابي أيضا. وبالطبع لا يلام الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما احتج على توسيط مشعل في الأزمة السورية، إذ يبدو أن على عباس السعي اليوم للحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية من الجامعة العربية وليس من الأمم المتحدة! واقع عربي متخبط تجاه سوريا، وإفراط في الدم السوري بشكل مرعب، وتهاون مع بشار الأسد بشكل مريب.

وعليه، فما دام الشيخ حمد بدأ يتحدث عن أن آلة القتل الأسدية لم تتوقف، وإن كان بعد فوات الأوان، فإن أفضل ما يمكن أن يقدم للسوريين العزل هو نقل ملفهم لمجلس الأمن، حماية للسوريين، وإنهاء للخطأ الفادح بتوسيط رجل مثل مشعل في سوريا.

=================

إرهاب دمشق!

نشر : 07/01/2012

الغد الاردنية

منار الرشواني

أي الروايتين تبدو أقرب إلى التصديق بشأن المسؤولية عن تفجير حي الميدان في دمشق أول من أمس، والذي حصد أرواح 25 سورياً على الأقل؛ هل هي رواية النظام السوري التي تشير إلى أن الجريمة من تدبير المعارضة، ولاسيما "الجيش السوري الحر" الذي كان قد توعد النظام، قبل أيام، بعمليات ضخمة، وقد نفذ تهديده فعلاً، لكن باستهداف مدنيين (بحسب تأكيد الإعلام السوري ذاته بشأن الضحايا) في واحد من أكثر أحياء دمشق تأييداً للثورة ضد النظام! أم تبدو الأقرب إلى المنطق رواية المعارضة وغيرها، بأن المسؤول ليس سوى النظام نفسه الذي كان رئيسه، وليس أي طرف في المعارضة، قد هدد بالحرب الأهلية في سبيل الإبقاء على حكم العائلة الممتد منذ أكثر من أربعين عاماً؛ وهو النظام الذي يمنع كل وسيلة إعلامية من دخول الأراضي السورية منذ بدء الثورة في آذار (مارس) الماضي، وحين يقدم وزير خارجيته "أدلته" على جرائم الإسلاميين التكفيريين بحق المدنيين، يتبين بعد ساعات أنها ليست سوى "أدلة" على جرائم أو اشتباكات في لبنان وليس في سورية؟!

الإجابة واضحة، إنما السؤال الأهم والأخطر من مسؤولية النظام، يتعلق بتوظيفه للعملية الإرهابية في حي الميدان، وقبلها بأسبوعين تفجير مقرين أمنيين في دمشق بطريقة غامضة أيضاً. ذلك أن الحفاوة البالغة التي يتعامل بها الإعلام السوري الرسمي مع هذه العمليات، مترافقة مع التهديد والوعيد للإرهابيين الذين يشملون كل المتظاهرين، إنما تؤكد مرة أخرى أن النظام السوري لا يملك إلا الحل الأمني. وبعد عشرة أشهر من التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، لم يعد من مخرج لهذا النظام سوى اختلاق الذرائع لقمع أكثر وحشية وعلنية مما مضى.

لكن، هل يعتقد النظام السوري حقاً أنه بقي ثمة من يصدق أكاذيبه (بمن في ذلك حلفاؤه الذين يرددون هذه الأكاذيب)؟ وقبل ذلك، هل ما يزال هذه النظام يؤمن فعلاً أنه قادر على تطبيق "قواعد حماة" 1982 في العام 2012، بعد أن طال سفك دماء المواطنين والتنكيل بهم في أغلب المدن السورية، ولم يقتصر على مدينة واحدة كما حدث قبل ثلاثة عقود؟

قطعاً لا، رغم كل السذاجة الإعلامية والدبلوماسية التي تعاطى بها هذا النظام، وما يزال، مع الثورة. أما تفسير إصراره على اللجوء الى الكذب المفضوح تماماً، فيبدو ممكناً بالاستناد إلى ما يذكره "بروس بوينو دي ميسكيتا" و"ألستير سميث"، مؤلفا كتاب "دليل الدكتاتور"، في معرض تعليقهما على قول بشار الأسد خلال مقابلته مع محطة "أيه. بي. سي. نيوز" الأميركية مطلع الشهر الماضي، بأن الجيش (الذي يقمع المتظاهرين) ليس جيشه، بل يتبع الحكومة.

فالأسد، ما كان ليستمر في السلطة (وكذلك كان حال والده) لولا دعم فئة مستفيدة من وجوده (يقدرها الباحثان ب3600 شخص أو ما نسبته أقل من 0.02 % من سكان سورية في العام 2007)، لا يستطيع هو أن يخرج على سلطتها وليس العكس، لاسيما بعد أن أقرّ مقاربتها الأمنية في بداية الاحتجاجات، واضعاً نفسه في دائرة الاستهداف الشعبي بدلاً من التضحية بتلك الفئة أو لجمها.

هكذا، ولأن الإصلاح، اقتصادياً وسياسياً، يعني أن يخسر كلا الطرفين، الأسد والمستفيدون من وجوده (تماماً كما ذكر رامي مخلوف في مقابلته الشهيرة مع صحيفة نيويورك تايمز في حزيران (يونيو) الماضي)، فإنه لا يبقى إلا استمرار الحل الأمني ضد الشعب، باعتباره محل إجماع بينهما للتعاطي مع الأزمة في سورية. والحقيقة أنه لم يكن متصوراً وجود بديل لهذا "الحل!" منذ سنوات، بالنظر إلى أسس الشرعية التي قام عليها نظام الأسد واستمر.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ