ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 10/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

تأكيد على حماية المدنيين

رأي الراية

الراية

9-1-2012

يمكن اعتبار أن أهم ما خرج به بيان اللجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية هو التأكيد مجددًا على المهمة الجوهرية لبعثة المراقبين العرب والمتمثلة حسب وثيقة البروتوكول الذي وقعت عليه الحكومة السورية بوقف العنف وإراقة الدماء وتوفير الحماية للمدنيين السوريين.

لقد دعت اللجنة الوزارية الحكومة السورية إلى التقيد بالتنفيذ الفوري لتعهداتها و توفير الحماية للمدنيين السوريين وهي الدعوة التي توضح أن الحكومة السورية لم تلتزم التزامًا كاملاً بنصوص البروتوكول الموقع بدليل استمرار سقوط الضحايا المدنيين في سورية على أيدي الجيش وأجهزة الأمن السورية.

اللجنة الوزارية العربية التي تحدثت في بيانها الختامي عن التقدم الجزئي في تنفيذ بعض الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة السورية بموجب خطة العمل تحدثت للمرة الأولى عن وجود أعمال عنف تقوم بها جماعات مسلحة حيث دعت اللجنة في بيانها الحكومة السورية ومختلف الجماعات المسلحة إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف وعدم التعرض للتظاهرات السلمية لإنجاح مهمة بعثة مراقبي الجامعة العربية إلى سورية .

لقد حصلت بعثة المراقبين العرب على دعم سياسي كبير من الجامعة العربية لتمكينها من إنجاز مهمتها بنجاح، فاللجنة العربية قررت منح بعثة مراقبي الجامعة العربية الحيز الزمني الكافي لاستكمال مهمتها وفقًا لأحكام البروتوكول كما دعت الدول العربية إلى تقديم الدعم السياسي والإعلامي والمالي واللوجستي لها وزيادة عدد أفرادها وتعزيز تجهيزاتها حتى تتمكن من إنجاز مهمتها على الوجه المطلوب.

من الواضح أن مطلب نقل ملف الأزمة السورية إلى مجلس الأمن الدولي وتدويل الأزمة قد تراجع إلى الوراء خطوة بل خطوات بعد قرار الجامعة استمرار عمل بعثة مراقبيها في سورية ومطالبتها جميع الأطراف بوقف العنف فورًا ،لكن ما يريده ويسعى إليه الشعب السوري أن يتوقف حمام الدم في سورية وأن يتمكن المواطنون من التعبير عن مطالبهم بالحرية والديمقراطية والتغيير دون أن تتصيدهم رصاصات القناصين.

لا عذر الآن أمام الحكومة السورية التي شككت في نوايا اللجنة الوزارية العربية وتحدثت صراحة عن وجود أطراف في اللجنة تسعى لتدويل الأزمة في الالتزام الكامل بالبروتوكول الذي وقعت عليه والذي ينص صراحة على وقف القتل !.

=================

الطريق إلى مجلس الأمن أصبح ممهدا

2012-01-09

الوطن السعودية

من تابع أعمال اجتماع اللجنة الوزارية العربية أمس في القاهرة، وبحث تقرير بعثة المراقبين العرب، يتأكد بما لا يدع مجالا للشك أن الملف السوري أصبح في طريقه بصورة عاجلة إلى مجلس الأمن، وأن من سرّع بإحالته إلى المجلس، ليسوا المراقبين أو اللجنة، أو الجامعة العربية، وإنما النظام السوري نفسه.

فاللجنة الوزارية قالت بصورة مباشرة إن مهمة المراقبين مستمرة في سورية، إلى أن تضع دمشق حدا لعمليات القتل التي تتصاعد أكثر فأكثر منذ أن وطئت أقدام المراقبين الأراضي السورية.

إن استمرار القتل من قبل النظام، وعدم الركون إلى منطق العقل والضمير الوطني، واعتبار المحتجين من الرعاع وقطاع الطرق والتعامل معهم على أنهم إرهابيون، سيؤدي بالملف إلى مكانه الطبيعي، حيث ربما تصحو هناك الضمائر وتضع حدا للعمليات الإجرامية لهذا النظام.

ما جرى في الاجتماع من خلافات في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة، دليل عافية في الجسم العربي، كما أنه دليل تفاعل مع قضية بحجم القضية السورية التي من شأنها أن تقلب موازين المنطقة. فالسرعة والتسرع غير مطلوبين في هذه الظروف، وما خرج به الاجتماع يؤسَس عليه في مستقبل التعاطي مع أي من الأزمات داخل الجامعة العربية في علاقة أعضائها بعضهم ببعض، وفي العلاقة مع الآخرين.

ما خرجت به لجنة المتابعة، لم يرض المعارضة السورية التي كانت تعول على الاجتماع كبير الأمل في اتهام النظام، كما أنه لم يرض النظام الذي كان يريد من اللجنة أن تكون قراراتها نسخة عن قرارات الجامعة القديمة التي كانت لا تعير الشعوب الاهتمام المطلوب.

=================

النظام السوري... وفزاعة التدويل

تاريخ النشر: الإثنين 09 يناير 2012

د.خالد الحروب

الاتحاد

معدل القتل اليومي الذي يقوم به النظام السوري منذ دخول بعثة المراقبين العرب إلى هناك لم يقل عن 30 قتيلًا في اليوم الواحد. والبروتوكول الذي بناءً عليه ذهب المراقبون العرب إلى سوريا تحول إلى سيف جديد على رقاب السوريين، يستخدمه النظام نفسه ويتمتع ب"الشرعية" التي يضفيها على قمعه اليومي. بروتوكول بعثة المراقبين العرب طالب الحكومة السورية بسحب كل المظاهر العسكرية، الدبابات والجيش وغير ذلك، والوقف الفوري للقتل من قبل أجهزة الأمن و"الشبيحة" فور توقيع النظام عليه. وما حصل حتى الآن هو أن النظام يقتل، والمراقبون العرب يدونون الملاحظات. البروتوكول العتيد طلب من النظام الإفراج الفوري عن عشرات آلاف المعتقلين الذين لا أحد يعلم ظروف حبسهم البائسة ولا طرائق التعذيب التي يواجهونها الآن، وأوكل للمراقبين التأكد من تطبيق ذلك. وما حصل حتى الآن هو أن النظام يتلاعب بذلك، يطلق عدة مئات اليوم، ويعتقل أكثر منهم غداً. البروتوكول العتيد طلب من النظام فتح البلاد أمام الإعلام لنقل صورة عما يحدث من جرائم. وما حصل حتى الآن هو أن النظام يقتل يوميّاً وبمعدلات أعلى من تلك التي كانت قبل دخول المراقبين العرب وغير مسموح لأي إعلام غير تابع للنظام بأن يغطي أي شيء.

قبل هذا البروتوكول كان النظام قد ركل المبادرة العربية التي تبنتها الجامعة العربية في شهر سبتمبر وكانت الأمل الوحيد في قطع الطريق على تدويل الأزمة والتدخل الخارجي. وقد طالبت المبادرة الرئيس بإصدار تعهد واضح باتخاذ خطوات إصلاحية محددة لتحويل سوريا إلى تعددية سياسية، بما في ذلك الالتزام بتنظيم انتخابات رئاسية عام 2014. ولكن الذي حصل حتى الآن هو أن ذلك الكلام لم تكن له علاقة بما يحدث على الأرض، وكأنه قادم من كوكب آخر، حيث تأسس على فرضيات ساذجة مؤداها أن النظام يريد ولو الحد الأدنى من الإصلاح. من يتوقع التزام النظام بأي إصلاح حقيقي مهما كان جزئياً فهو يتساذج على نفسه قبل أن يفعل ذلك على الآخرين.

والمبادرة نفسها طالبت آنذاك بفصل الجيش عن الحياة المدنية. ولكن ما رآه ويراه العالم كله حتى الآن أن الجيش هو الذي يحكم ويقمع ويدير آلة القتل، وهو أداة طيعة بيد النظام السياسي يوجهها إلى شعبه. وقد طالبت المبادرة أيضاً النظام بفتح حوار فوري مع المعارضة، فيما أراد النظام من تلك المعارضة أن تأتي إلى بيت الطاعة ويجري حوار أمنيّاً معها في دمشق. ثم طالبت المبادرة حزب "البعث" الحاكم بعقد مؤتمر قطري على الفور يعلن فيه قبوله التعددية الحزبية والسياسية في سوريا والاحتكام إلى صناديق الاقتراع. ولم يحدث هذا أيضاً. لو كان عند النظام القائم في دمشق أدنى إحساس بالمسؤولية الوطنية، وأدنى درجات الحرص على سوريا من الانزلاق في مسارات الحرب الأهلية، وربما الطائفية، والتدخل الخارجي، والسيناريوهات المظلمة لتبنى تلك المبادرة. ولكن لا المبادرة ولا البروتوكول اللاحق لها في وارد التطبيق أو النظر فيهما بجدية من قبل النظام.

وهكذا نعود إلى المربع الأول، حيث إن أي متابع للمشهد السوري وثورة الكرامة العظيمة التي ترك فيها الشعب السوري أعزل في مواجهة نظام باطش مستعد لسحق الناس يوميّاً مقابل البقاء في الحكم يعلم أن سياسة حكام دمشق هي تقطيع الوقت، والتلاعب، والتسويف، وإعطاء مواقف رمادية، والتملص من أي التزام حقيقي. وقد حان الوقت لأن تتوقف الجامعة العربية عن القبول بالسير في لعبة النظام على حساب دم الشعب السوري، ومن العاجل جدّاً أن تُعلن فشل مهمة مراقبيها في سوريا الذين تحولوا إلى شهود زور على القتل اليومي للسوريين.

وحان الوقت أيضاً لأن يُرفع الملف برمته للأمم المتحدة ويُصار إلى البحث حول صيغة للتدخل الأممي لحماية الشعب السوري على رغم كل الفزاعات التي تستخدم ضد هذا الحل الأخير والوحيد أمام صلف النظام. ومن لديه حل سحري يستطيع أن يوقف به المجزرة اليومية التي يتعرض لها السوريون فليقدمه لهم. يتفادى السوريون في الداخل والخارج هذا الحل الجراحي لما له من سمعة سيئة في المنطقة، وما يحمله من أجندات معروفة. ولكن النظام هو وحده المسؤول عن دفع الأمور نحو التدخل الخارجي لأنه يغلق كل حل آخر. والحل العربي الذي تمثل في المبادرة العربية كان البوابة الأخيرة لتفادي سيناريو التدويل، ولكن النظام أغلقها بإحكام.

وما ينبغي أن تسمعه الجامعة العربية وسمعه مراقبوها في المدن السورية في الأيام الأخيرة هو أن التدخل الخارجي صار مطلباً من مطالب الثورة: "التدويل مطلبنا"، كما حملت شعارات الجمعة الأخيرة. وعندما يُحشر الشعب في الداخل من قبل كل أجهزة قمع النظام في الزاوية الأخيرة، ويُدفع دفعاً لرفع مطلب الحماية الدولية، فإن ذلك يعني أن هناك خيارين يواجهان الناس: الموت أو الحماية الدولية. لا يحق لأحد بمن في ذلك قيادات المعارضة السورية، الحقيقي منها أو الصوري، أن يتجاهل مطالب الناس لحماية أبنائهم وبناتهم. إن الشعارات الطنانة في الخارج ضد الإمبريالية والغرب والتدخل الخارجي لا توقف قطرة دم واحدة من الدماء التي تسيل في الشوارع السورية يوميّاً. ولو استمع الليبيون لتلك الشعارات الجوفاء لبقي القذافي وأبناؤه حتى هذه اللحظة يريقون دماء الشعب ويلغون فيه. ولولا الحماية الدولية والتدخل الخارجي لبقيت ليبيا تحت سيطرة الديكتاتور الآفل وعائلته. ومن عارضوا التدخل الخارجي في ليبيا آنذاك لم يطرحوا حلاً بديلًا لليبيين الذين كانت تحصدهم آلة الموت القذافية. كانوا يريدونهم أن يواصلوا فتح صدورهم العارية للرصاص المجنون. والناصحون أولئك أنفسهم مطلوب منهم الآن أن يقدموا للسوريين بديلًا عن التدخل الخارجي والتدويل. أما الانتقادات المتواصلة لفكرة التدويل وإقامة منطقة عازلة وحظر جوي وتحت حماية دولية فلا تقدم حلولًا للمطحونين. على أصحاب الشعارات أن يقدموا حلولهم العملية للسوريين الثائرين في الشوارع وعلى أهبة الموت، أو أن يصمتوا.

=================

العرب وسوريا..وعقدة الأميركي والأوروبي!

خيرالله خيرالله

المستقبل - الاثنين 9 كانون الثاني 2012

ما المطلوب من المراقبين العرب في سوريا كي يكون النظام راضيا عليهم؟ يبدو ان مهمة المراقبين، اقلّه من وجهة النظام، يجب ان تقتصر على تغطية عمليات القتل والتنكيل التي تستهدف ابناء الشعب السوري وضمان استمرارها بدل السعي في وضع حدّ لها في اقصى سرعة.

انها وقاحة ليس بعدها وقاحة ان ينتقد النظام السوري كلّ من يحاول تحديد مهمة المراقبين العرب بشكل واضح حتى يتمكن هؤلاء من تأدية المهمة المطلوبة منهم من جهة وان تكون هذه المهمة في خدمة الشعب السوري من جهة اخرى. الآن صار الموقف الاميركي من المراقبين العرب تدخّلا في الشؤون العربية واساءة الى جامعة الدول العربية.

في الماضي القريب، كان التدخل الاميركي الهادف الى ضمان دخول القوات السورية الى لبنان موضع ترحيب ليس بعده ترحيب في دمشق ما دام الهدف وضع اليد على الوطن الصغير ووضعه تحت الوصاية وارتكاب المجازر من دون حسيب او رقيب!

فجأة، صار هناك حرص سوري على جامعة الدول العربية، بعدما اقدمت تلك الجامعة على خطوة خجولة جدا في اتجاه التخفيف من القمع الذي يتعرّض له شعب بكامله يحاول استعادة حريته وكرامته بعدما سعى نظام عمره نحو نصف قرن الى الغائه من الوجود لا اكثر ولا اقلّ.

للمرة الاولى منذ فترة طويلة تقوم جامعة الدول العربية بعمل مفيد. ولانّ هناك خوفا مشروعا من ان تتمكّن السلطات السورية من استغلال المراقبين بهدف كسب الوقت ليس الا، جاء التدخل الاميركي والفرنسي. يستهدف هذا التدخل المبرر منع التلاعب بالمراقبين وابقاء مهمتهم ضمن حدود واضحة المعالم تصبّ في نهاية المطاف في خدمة الشعب السوري وثورته المجيدة.

لا عيب في امتداح الاميركيين والفرنسيين عندما يقدمون على خطوة في الاتجاه الصحيح تدعم الشعب السوري وتساهم في حمايته من الظلم الذي يتعرّض له. العيب في ان تكون هناك لدى اي عربي عقدة الاميركي والفرنسي والسكوت عن دعمهما للظلم وتوفيرهما غطاء لعملية ابادة لشعب بكامله، تماما كما حصل في الماضي في لبنان بدءا بطرابلس وصولا الى صيدا مرورا بالجبل والقرى النائية القريبة من الحدود السورية كالقاع مثلا.

في تاريخ لم يمرّ عليه الزمن بعد، استخدم النظام السوري العامل الفلسطيني لضرب الصيغة اللبنانية. منذ ما قبل العام 1970، عندما استطاع الجيش العربي (الأسم الرسمي للجيش الاردني) منع المسلحين الفلسطينيين من تدمير المملكة ومؤسساتها، لم يكن لدى النظام السوري من همّ سوى ارسال مسلحين فلسطينيين الى الاراضي اللبنانية. كان الرئيس حافظ الاسد لا يزال وقتذاك وزيرا للدفاع، لكنّ ارسال الاسلحة والمسلحين الى الاراضي اللبنانية كان مرتبطا به مباشرة. هل كان ذلك عملا مشروعا لانّ الفرنسيين والاوروبيين والاميركيين وفّروا له الغطاء المطلوب للقيام بعمل يساهم في تقويض مؤسسات الدولة اللبنانية وزرع بذور الفتنة في الوطن الصغير، فضلا بالطبع عن ادخال القضية الفلسطينية في متاهات كان مطلوبا من المسؤولين الفلسطينيين البقاء بعيدين عنها؟

الاكيد ان النظام السوري لا يريد ان يتذكّر كيف ان الاميركيين امّنوا له الدخول عسكريا الى الاراضي اللبنانية وقمع اللبنانيين والفلسطينيين في آن بهدف السيطرة على البلد. حدث ذلك بحجة ان المطلوب اميركيا استيعاب الازمة الداخلية في لبنان ومنع تحولها الى ازمة اقليمية. لم يجد هنري كيسينجر وقتذاك من مخرج سوى تكليف القوات السورية "وضع اليد على مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان". والتعبير، الموضوع بين مزدوجين، هو التعبير الرسمي الذي وضعه وزير الخارجية الاميركي لتبرير تسهيل الدخول العسكري السوري الى لبنان ولاقناع اسرائيل بفائدة!

الاكيد ايضا ان النظام السوري يريد ان ينسى، او ان يتناسى، ان وزير الخارجية الاميركي في العام 1976، لعب الدور الاساسي في تأمين ضوء اخضر اسرائيلي للدخول العسكري السوري الى لبنان بغطاء من جامعة الدول العربية. يفترض في من لديه ذاكرة ان لا ينسى ان السوريين دخلوا في البداية تحت غطاء عربي اسمه "قوات الردع العربية".

ما دام الامر متعلّقا بلبنان وقتل اللبنانيين مسيحيين ومسلمين وتهجير اكبر عدد منهم من بلدهم، فان الغطاء الاميركي موضع قبول وترحيب. تماما مثلما انه مقبول ان تلعب ايران دور الشريك الفعلي في الحرب الاميركية على العراق، من دون ان تتجرّأ جامعة الدول العربية على ان تنبس ببنت شفة. بالطبع، لم يكن مطلوبا من العرب دعم نظام صدّام حسين العائلي- البعثي الذي لم يجلب الى العراق والعراقيين سوى المصائب، لكنّه كان عليهم ايضا تسمية الاشياء باسمائها والتحسّب للنتائج التي ستترتب على المشاركة الايرانية، بوجهها المتعدد، في الحرب على العراق.

اخيرا جاء وقت لم يعد العرب قادرين على السكوت. لم يعد المجتمع الدولي قادرا على التفرّج على المجزرة التي يتعرّض لها شعب اعزل يتعرّض للالغاء. ليس مطلوبا من العرب الاكتفاء بارسال مراقبين الى المدن والبلدات السورية فحسب، بل من المستحسن ايضا ان يرحبوا بكل مبادرة ايجابية تصدر عن الولايات المتحدة او فرنسا او تركيا.

اين العيب في قول كلمة حق عندما تقدم اميركا واوروبا على عمل جيّد؟ اوليس الولايات المتحدة التي وضعت حدا للعدوان الثلاثي على مصر في العام 1956؟ اوليست الولايات المتحدة، في عهد ادارة بيل كلينتون، التي اوقفت المجازر التي تعرّض لها المسلمون في البلقان قبل سنوات قليلة؟ لماذا لدى العرب عقدة الاميركي والاوروبي بغض النظر عن الموقف المتخذ منهما من هذه القضية او تلك؟

=================

كي لا تصاب سوريا «بداء البعث» على يد المعارضة .. حد أدنى من الخلافات

ميشيل كيلو

السفير

9-1-2012

بعد أن صار جلياً كم هو متعذر الاتفاق بين أطراف المعارضة السورية، وكم هي كبيرة خلافاتها الصغيرة ومؤثرة تناقضاتها الشخصية، وكم هي رئيسة قضاياها الثانوية، تمس الحاجة إلى بديل يكون مقبولاً، قد يكون من الحكمة بدء العمل في سبيله بإزالة الخلافات والمشاحنات الشخصية، على أن تعقب ذلك مرحلة تالية تزال فيها الشكوك والريب بين التنظيمات عامة، وتنظيمي المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق لقوى التغيير الديموقراطي بصورة خاصة، بما أنهما التنظيمان اللذان يتبادلان جميع أنواع الاتهامات، التي لا يعلن عنها صراحة، وإلا لكانت وجدت لها حلولا معقولة، ولكان تأثيرها على علاقاتهما وعملهما قد تضاءل بمرور الوقت، وإنما تترك للغمز واللمز في جلسات مغلقة أو لمداولات لها طابع السرية والخطورة. ولا بد أن نصل في نهاية الأمر إلى توافقات عامة، جد عامة، تخلو من التفاصيل المختلف عليه، فيلتزم الجميع بقبولها والتقيد بنصها وروحها أخلاقياً ووجدانياً قبل أن يلتزموا سياسياً، ويعتبروا تنظيم علاقاتهم في ضوئها ومن خلالها مصلحة وطنية عليا من واجب الجميع تحقيقها، لأن فيها مصالحهم الحزبية والشخصية، ولأنها تتخطى مصالح أي تنظيم بمفرده، مهما كان اسمه وموقعه ودوره.

لنبدأ إذن من الخاص بأضيق معاني الكلمة: من الخلافات الشخصية، التي لعبت دوراً غير قليل في إفشال وثيقة القاهرة بين المجلس والهيئة، وكان لاسمَي من وقّعا عليها دوره في إثارة المشاعر والمواقف ضدها، على غير ما كان المرء يتوقعه ويتخيله. ومع أن بروز العلاقات الشخصية على حساب المصالح العامة يعطي انطباعاً سيئاً عن أية معارضة، ويؤكد كم هي متخلفة سياسياً ووطنياً، فإن الواقعية تتطلب التوقف عنده بكل جدية، أقله لأن بين أسبابه عوامل واعتبارات تراكمت على مر عقود، لذلك أخذ بعضها طابعاً شخصياً مع أن منبته سياسي وعام، فلا بد من أن يعد التصدي لعيوبها تصدياً لعيوب سياسية عميقة الأغوار والجذور، بلغت من التوطن في النفوس حداً أقنع مختلف الأطراف بالتعامل معها بوصفه جزءاً تكوينياً من مواقفهم ورؤاهم، يتداخل مع أشخاصهم وقناعاتهم حتى صار من الصعوبة بمكان التخلي عنه، لأنه من الصعوبة الفصل في حالات كهذه بين ما هو ذاتي وموضوعي، خاص وعام، كما بين الرأي والحكم المسبق، والشحن الشخصي والحكم الرصين... الخ. إذا نجحت المعارضة السورية في تنقية علاقات قادتها وممثليها الشخصية، فإنها تكون قد وضعت نفسها على سكة السلامة، وبدأت تخرج من مأزق تتخبط فيه بنجاح منذ وقت طويل، من دون أن تفلح في مغادرته أو في إيجاد الطرق الصحيحة للابتعاد عنه.

بإزالة أو تجفيف الخلافات الشخصية، يصير من المرجح النجاح في تجفيف الشكوك والاتهامات الصريحة والمضمرة بين طرفي المعارضة الرئيسين، المجلس والهيئة، ويغدو بالإمكان طرحها بكل شفافية، والتحدث عنها بموضوعية ووضوح، ويصير من المستبعد تخوين الآخر والتشكيك في مواقفه والتزاماته، ومن المرحّب به الحديث بروحية نقدية عن كل شيء وأمر، ويتم تدريجياً بلوغ نقطة يسهل بعدها التخلص من الريب والشكوك، أرضيتها الثقة المتبادلة القائمة على التفهم والتسامح، فلا ينصب الواحد لغيره الفخ تلو الفخ، ويترك له هوامش حركة حرة يعتبرها شرعية وإن أخذ موقفا نقديا وصريحا منها بين حين وآخر، مثلما يحدث عادة بين أشخاص أحرار وأنداد وأحزاب وتنظيمات ديموقراطية.

ثمة قدر هائل من عدم الثقة بين المجلس والهيئة، فالأول يتهم الثانية بالضلوع في خطط سرية هدفها إنقاذ النظام، والثانية تتهمه بالعمل على تسهيل التدخل العسكري في سوريا وعسكرة الانتفاضة وخدمة مصالح خارجية وجهات سرية.

أي اتفاق يمكن أن ينجح بين جهتين تتبادلان هذا القدر من الشك وانعدام الثقة؟ ولنفترض جدلاً أنهما اتفقا، كيف ستطبقان ما اتفقا عليه، إن كانت علاقاتهما قائمة على الشك المتبادل، الذي كثيراً ما يبلغ حدود التخوين؟ لا بد، إذن، من حديث صريح ومفتوح عن أزمة الثقة، ومن الضروري أن توضع أسس مشتركة بهدف إزالتها بجهود متضافرة ومتكاملة، وأن ينطلق المختلفون من المشترك إلى المختلف عليه، وليس العكس، وأن تتم تسوية ما يختلف عليه في إطار عام يوسع ما يجمع ويقلص ما يفرق، إلى أن يرجح الأول على الثاني ويقلصه إلى أدنى الحدود.

لن ينجح هذا من دون توافق جدي وصادق على أسس للعمل المشترك تغطي الحقول العليا من الشأن الوطني والمصالح الخاصة بالدولة والمجتمع، التي يجب أن يتعهد الجميع برؤية الشأن العام في ضوئها، والنضال في سبيل حل قضاياه على هديها. هذه الأسس موجودة في العقل السياسي المعارض السوري، لكن خلافات ممثلي أحزابه ومنظماته، وشكوكهم المتبادلة حوّلتها من جوامع مشتركة إلى أدوات إضافية للخلاف والشقاق، مثلما حدث لإعلان دمشق، الذي أراد توحيد المعارضة فاستخدم لتمزيقها، أو مثلما حدث في مفاوضات المصالحة بين جماعة الإعلان والتجمع الوطني الديموقراطي، التي انتهت إلى تأسيس هيئة التنسيق، وهي تكوين جديد حلت فيه تنظيمات يسارية لا شأن لها ولا دور محل جماعة الإعلان، التي اتخذت من جانبها مواقف غريبة من محاولات لتوحيد طيفي المعارضة تولاها مثقفون مستقلون ناضلوا جميعهم تقريباً في إطار «لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا». من دون هذه الأسس التوافقية، لا سبيل إلى إزالة الخلافات الشخصية أو تحييدها، ولا مجال لخلق ثقة تكفي لحفز العمل المعارض باعتباره عملاً وطنياً بالأساس والجوهر والنتيجة، من الضروري الانطلاق فيه من العام إلى الخاص وليس العكس، وإلا أصاب بلادنا على يد المعارضة ما أصابها على يد البعث، وهو يقوم على رؤية العام، أي الوطني والجامع، في ضوء وجهات نظر ومصالح خاصة وضيقة، تجعل الوطن مجرد تابع للسلطة، وترفض أن ترى له مصالح مستقلة عن مصالح الممسكين بها وهي نفعية وشخصية غالباً. هذه الأسس يجب أن تتعلق بمصالح الدولة والمجتمع العليا، وأن توفق بينها وبين حقوق الإنسان وحرياته كمواطن دولة تساويه حريته مع غيره، وإن اختلف وضعه عن أوضاع سواه. إذا ما رسمت الأحزاب سياستها في ضوء هذه الأسس، ماذا يبقى للخلاف والشكوك والبغضاء بين قادتها وأعضائها، وفي المجال العام؟

ليست وحدة المعارضة السورية شرط نجاح عملها، وليست ممكنة اليوم على كل حال، ربما لأنها تريد التفاهم على سياسات عليها لا تقوى أرجلها على حملها، بسبب خلافاتها الشخصية وشكوكها المتبادلة وافتقارها إلى جوامع ومشتركات عليا توحّد نظراتها وواجباتها. إنها كمن يريد إشادة بناء بدءاً من طابقه الأعلى نزولاً إلى أساساته، مع أن الأصل في أي بناء البدء من أساساته صعوداً إلى طوابقه العليا.

بعد المحاولات الكثيرة الفاشلة، ما رأيكم، سادتي في المعارضة، أن نبدأ من تضييق خلافاتنا وتناقضاتنا الشخصية والعامة وصولاً ذات يوم إلى وحدة يتأكد اليوم أن الجري وراءها عبث لا طائل تحته ولا جدوى منه؟

=================

قرارات الجامعة لإبقاء الضغط على النظام وتعقيدات تُواكب تدويل الأزمة السورية

روزانا بومنصف

2012-01-09

النهار

شهد مجلس الامن الدولي مطلع السنة الحالية متغيرات يراها البعض ايجابية من ناحية احتمال تأثيرها في اي مناقشة للأزمة السورية على طاولة المجلس، من بينها انتهاء عضوية لبنان الموقتة التي دامت سنتين في المجلس وكذلك انتهاء عضوية البرازيل وهما من الدول التي كانت مرتبكة او غير متجاوبة في الموضوع السوري لدى طرحه على المجلس، وحلول كل من المغرب وغواتيمالا مكانهما، والاخيران اكثر اقترابا في موقفيهما من الموقف الغربي ازاء هذا الموضوع. ويسجل البعض ايجابية اخرى نسبيا وهي انتهاء رئاسة روسيا للمجلس في شهر كانون الاول والتي اعلنت روسيا خلالها تقديم مشروع قرار حول سوريا تم الترحيب به الى حد ما من الدول الغربية مع الرغبة في مناقشته وادخال تعديلات عليه نظرا الى رفض الدول الغربية المساواة بين النظام في مواجهته المعارضة ودفاع الاخيرة عن نفسها وانتقال هذه الرئاسة الى جنوب افريقيا. لكن الآمال ليست كبيرة، حتى الآن على الاقل، على رغم هذه العناصر الجديدة وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية، بأن تنتقل الازمة السورية لكي يتم بحثها على طاولة المجلس على رغم الجهود المستمرة لبعض الدول الغربية في هذا الاطار. اذ ان روسيا وعلى رغم اعلانها مشروع القرار الذي اعدته لهذه الغاية اكتفت بأن استخدمته على ما يبدو من اجل الضغط على النظام السوري من اجل القبول بالمبادرة العربية والتعاون مع بنودها تجنبا للتدويل واحراج حلفائها ولا سيما روسيا والصين في هذا الاطار، باعتبار ان النظام كان يمتنع عن التجاوب مع اي مبادرة. وتاليا فان روسيا لم تظهر اي استعداد لعرض هذا المشروع لمناقشته بين الدول الاعضاء في مجلس الامن حتى الآن، ما يجعل موضوع انتقال الازمة السورية الى مجلس الامن صعبا خصوصا ان روسيا لا تزال تعتبر كما بعض الدول العربية ان المبادرة العربية لم تستنفد بعد كل فرصها وانه يجب العمل على سد الثغر فيها قبل الانتقال الى التدويل باعتبار ان قلة خبرة المراقبين والتعثر في التطبيق هما مسؤولية الجامعة العربية تماما على غرار مسؤولية النظام في سوريا في عدم التعاون مع المبادرة. ووجود تناقض في الموقف العربي يترك فرصة لروسيا لإعطاء فرصة للنظام حتى اشعار آخر.

وثمة آراء مختلفة في هذا الاطار في ضوء معطيات عدة. بعضها يتحدث عن انزعاج اوروبي من عدم موازاة الحماسة الاميركية في موضوع نقل الازمة السورية الى مجلس الامن الحماسة الاوروبية، او على الاقل عدم التعاون والتنسيق بقوة في المجلس بين الولايات المتحدة واوروبا حول هذا الموضوع نتيجة اهتمامات واشنطن لدى مندوبيتها في الامم المتحدة بشؤون قارات اخرى. وذلك على رغم ان الاميركيين يظهرون رغبة قوية على الصعيد الاعلامي في نقل الازمة السورية الى مجلس الامن من اجل ان يتخذ عقوبات مؤثرة ضد النظام ترغمه على وقف القمع. في حين يتحدث البعض عن عدم اتخاذ الولايات المتحدة موقفا مؤثرا في هذا الاطار، بما يظهر من جانب ان ليس ما تريده واشنطن سهل التحقيق او قادرة على تحقيقه ويظهر من جانب اخر ان هناك مجموعة عناصر تأخذها العاصمة الاميركية في الاعتبار في هذا الموضوع وفي مقدمها بحسب بعض المعطيات الرغبة في معرفة البديل من الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة ليس بالمعنى العام للكلمة بل شخص الرئيس المحتمل وكذلك رئيس الوزراء والتركيبة الوزارية المحتملة في حين ان هذه العناصر لم تنضج بعد ولم يظهر من المعارضة السورية ما يساعد الدول الغربية على الدفع بقوة في هذا الاتجاه. حتى ان هذه المعطيات تفيد بعدم وجود اتصالات مباشرة بين واشنطن والاخوان المسلمين في سوريا حتى الآن بل اتصالات غير مباشرة وفقا لهذه المعطيات وعلى ذمة اصحابها. يضاف الى ذلك عدم رغبة واشنطن كما تفيد هذه المعطيات في تكرار تجربة العراق في سوريا على عدة صعد من بينها تشرذم الجيش وانهيار المؤسسات نظرا الى صعوبة لملمتها لاحقا.

والبعض الآخر يتحدث عن محاولة كسب النظام السوري عبر الدعم الروسي والصيني لما يقول انها اصلاحات يريد ان يبدأ بتنفيذها هذه السنة وفقا لما اورده في الرسالة التي بعث بها الى مجلس الامن الدولي بعد انفجاري دمشق في 23 الشهر الماضي بحيث قال انه "كلما صدرت قوانين جديدة واتخذت اجراءات اصلاحية جدية في سوريا زاد التصعيد والضغوط الخارجية السياسية والاعلامية" معلنا عزمه على "استكمال البرنامج الاصلاحي الواعد الذي يجري تنفيذه". وهذا الاعتقاد الذي تود روسيا الاقتناع به بعمق يعني بانه سيتم الافادة ايضا وايضا من مهمة بعثة المراقبين والمبادرة العربية لحل الازمة في سوريا بحيث يمكن ان يفيد منه الطرفان المتناقضان في هذه المعادلة الاول من حيث توافر الظروف لنضوج ضعف النظام وبروز البدائل والاخر من حيث اعطاء فرصة اضافية للنظام لاثبات قدرته على ادخال تغيير يقول انه سيقوم به مع الانتخابات المرتقبة في شباط المقبل.

ومن هذه الزاوية تبدو قرارات وزراء الخارجية العرب على خلفية جلسة المشاورات التي يعقدها مجلس الامن الدولي يوم غد الثلثاء في موضوع الازمة السورية في اطار المزيد من الضغط من اجل التزام النظام السوري المبادرة ما لم يبرز ما يبدل من هذه المعطيات على نحو مفاجئ.

=================

طبول الحرب تقرع!

الإثنين, 09 يناير 2012

جميل الذياب

الحياة

هل تقرع طبول الحرب في الخليج؟! هل ستشهد المنطقة حرباً خليجية رابعة، على اعتبار أن الأولى (الحرب العراقية - الإيرانية) والثانية (حرب تحرير الكويت) والثالثة (الحرب الأميركية لإسقاط نظام صدام واحتلال العراق)؟! هل ستجد دول الخليج العربية نفسها مضطرة إلى الدخول إلى ساحة حرب لا تريدها، بل فرضت عليها؟ أم أنها ستكون أشبه بحرب باردة لا طائرات ولا دبابات فيها، لكنها حرب مخابرات وقصقصة أجنحة؟! لماذا تتزايد مساعي دول الخليج لتعزيز قدراتها العسكرية أخيراً؟! ولماذا تكثر إيران من التهديد لإغلاق مضيق هرمز وإقامة المناورات العسكرية في الخليج.

الجمعة الماضي أعلن قائد القوات البحرية في «الحرس الثوري» الإيراني الأميرال علي فدوي أن «بحرية الحرس ستنفذ مناورات ضخمة في منطقة الخليج ومضيق هرمز»، لافتاً إلى أن المناورات الأخيرة التي نفذها الجيش الإيراني، تركزت «في بحر عمان، فيما سيكون الثقل الأكبر لمناورات الحرس الثوري، في الخليج ومضيق هرمز»، مشيراً إلى أن إيران «تسيطر على مضيق هرمز بشكل كامل، وقواتها ترصد جميع التحركات في المنطقة».

في كل ذلك وغيره إشارات عدة إلى تزايد التحرشات الإيرانية بالدول الخليجية سواء عبر المناورات العسكرية أو التهديد بإغلاق مضيق هرمز أو السعي المستمر لتأكيد السيطرة الكاملة على منطقة الخليج العربي. وهو ما استفز وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند ودعاه إلى تحذير طهران من أن بلاده مستعدة لاستخدام القوة لإبقاء مضيق هرمز مفتوحاً.

لقد تلقت إيران في الأشهر الأخيرة «صفعتين» على الخدين، أولهما عندما أرسلت دول مجلس التعاون الخليجي قوات «درع الجزيرة» إلى البحرين لمنع أي تدخل خارجي في شؤونها، ما أحبط نيات طهران في استغلال اضطراب الأوضاع في الدولة العضو في المنظومة الخليجية. والصفعة الثانية تمثلت في قيام ثورة شعبية حرة في سورية، الحليف الاستراتيجي القوي لإيران في المنطقة، حتى إن دمشق انشغلت بنفسها عن حليفتها وباتت تبحث عن مخارج. لكن طهران في المقابل، تعتقد أنها كسبت المعركة في العراق بخروج القوات الأميركية منه لأسباب يطول شرحها، ويساند هذا الاعتقاد وجود حكومة نوري المالكي الحليفة واللصيقة بطهران.

حاولت الحصول على إجابات للأسئلة المطروحة بتوجيهها إلى مسؤولين خليجيين، لكنهم يتجنبون الأسئلة ولا يرغبون في الإجابة ويفضلون الصمت، وهو بلا شك يزيد المشهد تعقيداً. ويبدو أن على الصحافي الخليجي الاتجاه غرباً وطرح الأسئلة على الأميركيين والأوروبيين بعد أية تصريحات وتهديدات إيرانية، فربما يعثر على إجابات تبعد التخرصات والتكهنات الكثيرة.

لا مصلحة لإيران ودول الخليج في استمرار النزاع بالمنطقة. ولن تجلب الحروب إلا الدمار وقتل الإنسان وتوقف التنمية، لكن إذا ما اندلعت الحرب في المنطقة مجدداً فستكون مفتوحة على كل الاحتمالات، في ظل الرغبة الخليجية في لجم طموحات إيران الإقليمية، ووقف تهديداتها وتدخلاتها «المشينة» في شؤون الجيران، في مقابل سعي إيران للسيطرة على الخليج وتنصيب نفسها قوة مهيمنة على المنطقة.

من المعلوم أن إيران لو أغلقت مضيق هرمز فستمنع مرور 35 في المئة من النفط المنقول بحراً إلى العالم، لن تبقى الدول الغربية متفرجة أو كما يقال «شاهد ما شفش حاجة»، أو أنها ستضع اليد على الخد، بل ستبدأ التحرك الديبلوماسي لإقناعها بفتحه، في موازاة القيام بضربة عسكرية مفاجئة تستهدف المنشآت الإيرانية الحيوية والنووية. أما وفق الحالة الراهنة فستظل الأمور بين شد وجذب، وتارة تميل إلى التهديد، وتارة إلى التهدئة. لكن لو نفذت الولايات المتحدة وحلفاؤها ضربة عسكرية لإيران لأي سبب، فستضطر دول الخليج إلى الدخول في أتون الحرب، لأن إيران لن تتردد في ضرب القواعد العسكرية الأميركية، في قطر والكويت والبحرين، إضافة إلى استهداف آبار النفط والمصالح الغربية في دول الخليج كافة، خصوصاً أن الصواريخ الإيرانية تستطيع الوصول إلى تلك الأهداف.

يعتقد المحللون، لو فُرضت الحرب على المنطقة، أن الغلبة العسكرية الجوية والتقنية ستكون لمصلحة دول الخليج والدول الغربية، لكن إيران ستسعى إلى بعثرة المنطقة، وهز استقرارها، عبر تحريك المجموعات المرتبطة بها داخل دول الخليج، أو ما يسمى «الخلايا النائمة» المرتبطة ب»حزب الله» وسورية وبعض الميليشيات!

يبقى الصراع والنزاع في منطقة الخليج كالبركان الخامد القابلة فوهته للانفجار في أي لحظة، طالما أن إيران تسعى للسيطرة على المنطقة، والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، ورفض الحلول في شأن برنامجها النووي، وعدم الاكتراث بالعلاقات مع دول الجوار، والإصرار على احتلال الجزر الإماراتية.

الأكيد أن دول الخليج لا تريد الحرب ولا تتمنى قرع طبولها، لكنها في الوقت نفسه تعمل على إفشال المشروع الإيراني الإقليمي، وإحباط نيات طهران التوسعية، فيما تظل إيران تدندن للحرب وتقرع طبولها بالتهديد المستمر لدول الخليج والتدخل في شؤونها، لكن الحرب إن حدثت فستعيد إيران سنوات كثيرة للوراء، وستضر بدول الخليج ضرراً بالغاً. والحقيقة أن الحروب لا تجلب إلا الخسائر.

jameel@alhayat.com

twitter@JameelTheyabi

=================

الملاكم الإيراني

الإثنين, 09 يناير 2012

غسان شربل

الحياة

حين يبالغ الملاكم في التذكير بقوة عضلاته يعطي انطباعاً بأنه قلق، أو خائف من الجولة المقبلة، أو غير واثق من صلابة الأرض التي يقف عليها. ربما لهذا السبب يسرف في التحذير من المنازلة الكبرى. ويلمح إلى أنها ستفتح أبواب الجحيم. وستشعل المنطقة برمتها. وأن أحداً لن يكون بمنأى عن الشرر المتطاير. يشبه السلوك الإيراني في الآونة الأخيرة سلوك ملاكم من هذا النوع. الإعلان عن مناورات. جنرالات ومناظير. صور لصواريخ تنطلق وتأكيدات لدقتها في إصابة أهدافها. حديث عن إنتاج أجيال جديدة من الأسلحة. وحين تغيب المناورات وصور الصواريخ تنوب عنها التصريحات النارية.

تتصرف إيران وكأنها تحتاج باستمرار إلى درجة عالية من التوتر. ربما لأن هذا التوتر يحميها من تجاذبات وانشقاقات لا بد أن تطل إذا تراجعت احتمالات الصدام مع الخارج. مناخ التوتر يبرر الاتكاء على الترسانة والاستمرار في تطويرها. يبرر القول إن الأمة في حالة حرب وعليها التحدث بصوت واحد. هذا يعني إسكات المعارضين والمعترضين ومنع أي مطالبة بكشف حساب عن الأثمان التي رتبتها سياسات المجازفة.

تتصرف إيران وكأن الهدوء يقلقها. يلزمها بفتح الدفاتر الداخلية. بمواجهة أسئلة عن الاقتصاد والتنمية والحريات وجدوى السياسات التي بنيت على قاعدة الاستمرار في الملاكمة. غياب التوتر مع الخارج سيتيح للإيراني العادي فرصة للتأمل والتساؤل والاستفسار وربما الاستنكار. فبماذا يمكن أن يجيب المسؤول الإيراني لو سأله أحد مواطنيه لماذا صنعت تركيا دوراً إقليمياً مقبولاً أو مطلوباً وامتلكت القدرة على التحدث إلى الجميع ومن دون أن تنهك اقتصادها بأثمان المبارزات في الإقليم أو خارجه؟ ولماذا نجح حزب إسلامي تركي في اعتناق اللعبة الديموقراطية والفوز بترحيب إقليمي ودولي إلى حد اعتباره نموذجاً يحتذى؟ وماذا لو سأل المواطن الإيراني رئيس الجمهورية لماذا لم ترتفع في ميادين «الربيع العربي» شعارات الثورة الإيرانية أو صور الإمام الخميني ولماذا لم تعتبر التجربة الإيرانية نموذجاً وهل شيعيتها هي التي ترسم لها حدوداً لا يمكن تخطيها أم القاموس الذي اعتمدته في مخاطبة أهل الإقليم والعالم؟

الأسئلة كثيرة. ماذا لو سأل الإيراني لماذا لم تستطع الثورة وبعد ثلاثة عقود من تركيز دور إيراني مؤثر وفاعل ومقبول ما دامت كل دول المنطقة تسلم بحق إيران في مثل هذا الدور الذي لا يمكن أن يبنى على سياسات الاختراق والتسلل والقسر؟ ومن حقه أن يسأل عما إذا كانت محاولة إيران التحول مرجعية سياسية ودينية للشيعة العرب وضعتها في مواجهة مع الأكثريات في المنطقة وأربكت علاقات الشيعة العرب بالمكونات الأخرى في بلدانهم؟ ومن حقه أن يذكر أن فيتنام قهرت أميركا لكنها تحاول اليوم اجتذاب المستثمرين والسياح الأميركيين. وأن الاتحاد السوفياتي انفجر بفعل انزلاقه إلى سباق تسلح يفوق طاقته وأعباء رتبتها أدوار صراعية خارج حدوده.

يخيل للمتابع أن إيران خرجت خاسرة ومتوترة من سنة «الربيع العربي». ليس فقط لأنها اضطرت إلى الاصطدام بهذا الربيع لدى بلوغه الحلقة السورية بل أيضاً لأنها كانت مستفيدة من وجود أنظمة جامدة ومتهمة وغير شعبية خصوصاً في مصر. ففي غياب مصر أمسكت إيران بالورقة الفلسطينية وصار «يوم القدس» يوماً إيرانياً بامتياز. يمكن القول أيضاً إن إيران مهددة بخسارة حلفاء لم تبخل عليهم. صار باستطاعة خالد مشعل أن ينام مطمئناً في القاهرة. وصار باستطاعة إسماعيل هنية أن ينزل في مطار تونس ويستغرق في العناق مع راشد الغنوشي. أصحاب النوايا الخبيثة يقولون إن إصرار إيران على كسر التوازنات في العراق ولبنان ألحق ضرراً شديداً بعلاقات سورية العربية والدولية وطوى صفحة المثلث السوري - القطري - التركي.

خرج الملاكم الإيراني خاسراً من سنة «الربيع العربي». الانسحاب الأميركي من العراق قد يستدرجه إلى المزيد من الجولات والمواجهات. التهديد بإغلاق مضيق هرمز لا يحل المشكلة. يضاعف صعوبة معركة الدور ومعركة القنبلة. وسواء كان الملاكم الإيراني يبحث عن مواجهة أم أزمة كبرى للتفاوض، عليه الالتفات إلى نقاط الضعف الكامنة في قاموسه وعملته وترسانته.

=================

سوريا.. هل هذا صحيح؟

طارق الحميد

الشرق الاوسط

9-1-2012

هناك معلومات مربكة، ومزعجة، تتعلق بالجامعة العربية وطريقة تفكيرها، وتناولها للملف السوري، وكذلك كيفية رؤيتها للمعارضة السورية، سمعتها من عدة مصادر عربية مسؤولة، ومطلعة، على درجة عالية، أطرحها بهذا المقال كتساؤلات، ودون أحكام، حتى نمنح الجامعة مساحة من حسن الظن، وحتى توضح موقفها عمليا.

فالمعلومات تشير إلى أن مسؤولا كبيرا بالجامعة يقول لأحد زواره أثناء شرحه للأوضاع بسوريا، وكيفية التعامل معها، بأن في سوريا ثلاثة آلاف ناشط سوري فقط، وهم من يحركون المظاهرات هناك، وأن نظام بشار الأسد يبحث عنهم، وعندما يصل إليهم، ويتمكن من التخلص منهم، سينتهي كل شيء حينها بسوريا، بل إن ذلك المسؤول يتوقع أن يتمكن النظام الأسدي من إنهاء كل شيء بحلول شهر فبراير (شباط)!

وهذا ليس كل شيء بالطبع، فإن ذلك المسؤول بالجامعة يشكك في جدية المعارضة السورية، ويتساءل عن مصادر تمويلها، حيث يقول إن عند المعارضة «أموالا كثيرة.. ونفسي أعرف منين؟»! كما أن بعضا ممن بالجامعة يروجون إلى أن هناك دولة خليجية زودت النظام الأسدي بأجهزة كشف لجوالات «الثريا». ومعلوماتي المستقاة من مصدر مطلع، ومعني مباشرة بذلك الملف، أن هذا الكلام يروجه نظام الأسد نفسه، وهناك من يتبناه عربيا، حيث إن المعلومات الاستخبارية، بحسب المصدر الرفيع، تقول إن الإيرانيين هم من يزودون النظام الأسدي بتلك الأجهزة، وخصوصا أن السلطات الإيرانية قامت بفعل ذلك أيام اندلاع الثورة الخضراء بإيران، وتمكنت وقتها من سحق تلك الثورة، ومن خلال استخدام تلك التقنية.

والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن هناك معلومات مذهلة تقول إن أسباب تأخر وصول المراقبين الخليجيين، وعدم التحاقهم بباقي المراقبين العرب، هي رفض النظام الأسدي تسهيل دخول المراقبين القطريين مما جعل دول الخليج جميعا تمتنع عن إرسال مراقبيها تضامنا مع الوفد القطري، مما أحرج الجامعة العربية نفسها، وذلك ما حرك الأوضاع، وقام النظام الأسدي بالسماح للمراقبين القطريين بالدخول، وبالتالي تجاوبت باقي دول الخليج!

والأدهى، وبحسب مصادر وثيقة الصلة، أن النظام الأسدي لم يوافق أصلا على التوقيع على بروتوكول إرسال وفد المراقبين العرب لسوريا إلا عندما سربت له الجامعة العربية، ومن خلال أحد مسؤوليها، أن رئيس وفد المراقبين العرب سيكون الفريق السوداني الدابي، وهذا ما جعل النظام الأسدي يشعر بالارتياح، ووافق على أثر ذلك، وقام بالتوقيع على البروتوكول العربي لإرسال وفد المراقبين العرب!

وجميع ما سبق من معلومات يثير القلق حقيقة من طريقة، ونيات، الجامعة العربية تجاه الثورة السورية، فإما أن هناك ربكة، وتخبطا، وإما أن هناك نيات غير سليمة من أجل الحفاظ على النظام الأسدي رغم كل ما يفعله من جرائم، ولذا لا يملك المرء إلا القول: ما رأي الجامعة بهذه المعلومات، وخصوصا أن جميع التصريحات الصادرة من الجامعة تحاول إيهام العرب والسوريين بأن الجامعة حريصة على السوريين العزل، لكن ذلك ليس ما يحدث على الأرض، وليس ما يقوله بعض كبار المسؤولين العرب؟

فما الذي يحدث فعلا؟

==================

شيخ الثورة السورية أبو الطيب الأتاسي … وداعاً

المركز الإعلامي لدعم ثوار حمص

7/1/2012

تلك اللحية البيضاء التي تنير دروب الإنشاءات منذ أول يوم سطعت فيها شمس المظاهرات, وتلك القامة الضئيلة التي تجعلك ضئيلاً أمامها, وتلك العينان الخاشعتان اللتان تشعرانك بعظمة الإيمان بالله عزّ و جلّ. منذ اليوم الأول وهو في المقدمة بعباءته البنية التي تدفئ قلوب كل شباب الإنشاءات، يتسابق هو وعصاه أيهما يقود المظاهرة أولاً. منذ اليوم الأول يتحدى الخوف والجبن ويخطف المنبر ويقول علناً وبعد كل صلاة جمعة: على كل من في المسجد أن يخرج بالمظاهرة اليوم…

 منذ اليوم الأول يصر شيخ الثورة أن يبقى في منزله، في حارته، لصيق مسجده الحبيب، يرمي الجنسية الأمريكية التي تمكنه من المغادرة متى شاء خارج الوطن، يصر على المواجهة بعصاه المسلحة بالإيمان، بتكبيراته المدمرة، بصلاوته الخمس في مسجده الحبيب (مسجد قباء)، يصر على الشهادة, أجل يا حمص كل أجيالك اليوم شهداء، بدءاً من هاجر الخطيب مروراً بهادي الجندي ختاما بأبي الطيب.

اليوم ومنذ الصباح الباكر وبابا عمرو تقصف، ويغضب أبو الطيب لأجل إخوانه، يلبس عباءته ويحمل عصاه ويهرول نحو مسجده الحبيب (مسجد قباء)، يفتح الإذاعة ويكبر ويكبر ويكبر ويكبر، يقصف جنود الأسد بتكبيراته المزلزلة، ويطلب من كل الأطباء والممرضين التوجه إلى مشفى الحكمة لمعالجة الجرحى، يخرج شيخ الثورة من مسجده المحاصر كالأقصى بعشرات من القناصين، يسير بضع خطوات وتستقر رصاصة في صدره، يتهاوى جسده، تهتز حمص، يحمل إلى منزل مجاور رغم أن المشفى يبعد عشرين متراً - ولكن يأبى جنود الدكتور أن يعالج من يجرحون – يتشهد أبو الطيب، يستشهد أبو الطيب، ينضم أبو الطيب إلى رأس قافلة شهداء الثورة السورية.

أربعة أيام وأنا لا أنام إلا ساعتين، وأنا مدرك أن مصيبة ستنزل في حارتي. وقبل عشر دقائق من استشهاده أتصل بصديقي (مشروع الشهيد) أساله إن كان أحد قد استشهد في الحارة، يجيني بلا المطمئنة. وأنا ذاهب الآن إلى المسجد, يخرج، عشر دقائق يتصل بي وصوته يبكي، يقول لي كنت عند باب المسجد و رأيت أبا الطيب يسقط قتيلا أمامي!!

سامحني أبو الطيب لأنني لم أكن معك في لحظاتك الأخيرة، سامحيني حمص لأني رحلت عنك، سامحني يا رب لأني خرجت من هذه المدينة الطاهرة حياً أرزق.

أبو الطيب، قتلت في أول مسجد بني في الإسلام كما قتل أول خليفة في الإسلام و بنفس يد الغدر الفارسية.

اليوم يا أبا الطيب تحتضن حمص جسدك الحبيب، تخالط أنفاسك الطاهرة هواءها الحر، تسيل دماؤك الزكية على أرضها المحررة.

اليوم يا أبا الطيب أودعك كما ودعت هادي رامي وحكم وجمال وخالد، أودعك ولا زلت أتحسس مكان يدك الدافئة تربت على كتفي وأنت تقول الله يحميك، واليوم أقول لك اسأل لنا الله أن يحمي حمص وأهلها من بطش الأسد وشبيحته.

 اليوم يا أبا الطيب ينحني أمامك هاشم بيك الأتاسي ولؤي الأتاسي ونور الدين الأتاسي وكل آل الأتاسي وكل رجال حمص وحرائرها.

اليوم يا أبا الطيب تلقى رسول الله وتخبره أن أهل مدينة حمص يتسابقون إلى الجنة، أننا أبطال، أننا بتهمة التكبير نقتل في بلاد الشام، أننا اليوم نعيد فتحها من جديد، أننا اليوم نطهرها من جديد.

وغداً يا أبا الطيب، حمص حرة، وسورية حرة، وقبرك محفوظ في أرض حمص العدية ككل قبور الصحابة والأولياء والأبطال الذين دفنوا في هذه العدية، وفي النهاية وكما العادة:

ودع بشارا إن النظام مرتحل       وهل تطيق صبرا أيها الشعب

=================

السوريون يدفعون فاتورة العجز العربي

إياد أبو شقرا

الشرق الاوسط

9-1-2012

بني سورية اطّرحوا الأماني وألْقوا عنكمُ الأحلامَ ألقوا

وللحرّيّة الحمراءِ بابٌ بكلِّ يدٍ مضرَّجةٍ يدقُّ

(أحمد شوقي)

المواطن السوري يواجه اليوم أربعة خصوم في وقت واحد، هم: نظام أمني دموي لا يفهم غير البطش وسيلة للحوار السياسي، وعجز عربي مقيم أفظع تجليّاته «جامعة دول عربية» لها بحكم تركيبتها وآلية عملها سجل حافل في خذلان الشعوب العربية، ومناخ إقليمي تفوح منه روائح التواطؤ والانتهازية، وأخيرا.. مجتمع دولي يثرثر عن حقوق الإنسان لكن أولوياته غالبا في مكان آخر.

السوريون قدّموا خلال انتفاضتهم الحالية آلاف الشهداء، واقتيد إلى سجون النظام وأقبية تعذيبه نحو 70 ألفا آخرين.. من المستبعد جدا أن يصل إليهم مراقبو جامعة الدكتور نبيل العربي. وهم ماضون في انتفاضتهم، المكلفة إنسانيا، لا لشيء إلا لأنهم يدركون أن إيقافها الآن بعد التضحيات المقدَّمة سيكون أعلى تكلفة بكثير سواء على مستقبلهم أو مستقبل أولادهم وبلدهم. وها هم يكتشفون ويكتشف العالم كله - لدى التمعّن في الوضع العربي الراهن - كيف أن الحكم الديكتاتوري لا يولّد غير المرارة والمزيد من الحقد.. وكيف تتعمق المرارة ويتجذّر الحقد كلما طال أمد التسلط وثقلت وطأة القمع.

في المقابل، تثبت الأيام مجددا جملة من الحقائق المؤلمة التي يتعلمها السوريون، ومعهم كل عربي حر وعاقل.

الحقيقة الأولى أن الرهان على قدرة «النظام العربي» على معالجة الأزمات الإقليميةغباء مطبق.. يوازي غباء تصديق شعارات الرئيس بشار الأسد عن الإصلاح، والوثوق بتوقيعه على «بروتوكول المبادرة العربية»؛ فجامعة الدول العربية تفتقر أولا إلى آليات الإلزام والتنفيذ، وثانيا إلى القيادات الرؤيوية والمستقلة القادرة على استنباط استراتيجيات ناجعة.

ومع الاحترام لشخص الدكتور نبيل العربي، أمين عام الجامعة، لا بد من القول إنه منذ تولّى التعامل مع الأزمة السورية، وهو ينتقل من خطأ إلى خطيئة.. وبالعكس. ومنذ زيارته الأولى إلى دمشق بعيد تفجر الانتفاضة صدمت تصريحاته ومواقفه المفرطة في «طيبتها» متابعي الشأن السوري وفاهميه. وبالنتيجة، ورّط العربي الجامعة بمسار متردّد الخطى، وضعيف المضمون، ومبهم الغايات. وكانت الحصيلة أنه أتاح للنظام السوري استعادة زمام المبادرة وتسجيل النقطة تلو النقطة، مستقويا بتواطؤ جيرانه المباشرين من الحكومات «التابعة» إقليميا.

وكان أسوأ ما تفتّق عنه ذهن الأمين العام، أخيرا، تكليف السيد خالد مشعل، قائد حركة حماس، بتسليم «رسالة» إلى النظام السوري!

أصلا، ما هو الهدف المتوخّى من إرسال مزيد من «الرسائل»؟ وماذا يُنتظَر منها؟ وإذا كانت «الرسائل» ما زالت مطلوبة فلماذا لا يحملها الدكتور العربي نفسه؟.. أوليس هو - بحكم منصبه - وسيط كل العرب مع بعضهم البعض؟

ثم أين المصلحة في توريط الفلسطينيين في أزمة عربية داخلية؟ بل أين المصلحة في إعادة فتح جرح انقساماتهم، خاصة أن جرح انقسام القيادة الفلسطينية ما زال مفتوحا؟

ثم ألا يلحظ الدكتور العربي أن وجود مشعل في دمشق بصفة لاجئ يقلّص كثيرا قدرته على التأثير على النظام السوري؟ وهذا كله من دون أن ننسى أن مشعل عاجز أصلا عن انتقاد النظام السوري على تخوينه «إخوانه» في العقيدة وإهداره دماءهم؟ هل غفل الأمين العام عن حقيقة أن حركة حماس هي الجناح الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين التي يتهمها حكام دمشق بأنها أساس الفتنة والطابور الخامس ل«الهجمة الأميركية الصهيونية» على مواقف سوريا «الممانعة» والمقاومة»؟؟!!

لقد تلاعب النظام السوري لأسابيع عديدة في موضوع التوقيع على «بروتوكول المبادرة العربية». ثم عندما وقّع فإنه كلّف نائب وزير خارجيته الدكتور فيصل المقداد - وليس وزير خارجيته وليد المعلّم - بالتوقيع، في استهانة واضحة بالجامعة ومبادرتها. ومن ثم، زاد الوزير المعلّم الطين بلة خلال مؤتمراته الصحافية في ردّين صارخين يكشفان حقيقة موقف دمشق من المبادرة ومدى استخفافها بها؛ إذ قال ردا على سؤال حول التوقيع: «نحن وافقنا على ورقة عمل الدوحة وليس على المبادرة». وأجاب باستخفاف شديد، تعليقا على سؤال عن تخوّف البعض من أن تلتفّ دمشق على المبادرة فتلجأ إلى إغراقها بالتفاصيل: «لازم يتعلّموا السباحة!».

ولننحِّ جامعة الدول العربية جانبا، وننظر إلى الوضع الإقليمي.

الموقف الإسرائيلي من مسألة بقاء النظام السوري أو التخلص منه ما زال غامضا.. بل مشبوها. وعلى الرغم من تصريح هنا و«توقع» هناك، الثابت الوحيد يبقى أن مؤسسة السلطة في إسرائيل غير جدية في كلامها عن عدائها لنظام يزعم لفظيا كل يوم أنه يعاديها ويصرّ على تحرير الأرض المحتلة من رجس احتلالها (!). إن نظاما حافظ على صمت جبهته مع «الاحتلال الصهيوني» منذ 1973، باستثناء توريط شبان غيورين خلال يونيو (حزيران) الماضي وتعريضهم لمجزرة بعد نقلهم في حافلات إلى خط الهدنة.. لا يقلق إسرائيل. إسرائيل لو كانت حقا قلقة، أو قل متضايقة، ما كانت لتصبر 40 سنة على نظام بلد «جار» يشكل تهديدا حقيقيا لها.

بالإضافة إلى خط هدنة الجولان، خطوط حدود سوريا الأخرى هي مع العراق والأردن ولبنان وتركيا. وهنا، البحث في موضوعي العراق ولبنان يتعلّق بخريطة التمدّد الإيراني نحو البحر الأبيض المتوسط. فالكيانان واقعيا تحكمهما إيران، ويتبعان «المشروع الإقليمي الإيراني» - الملقّب في ظلم شديد لعروبة الشيعة العرب - ب«الهلال الشيعي». ولقد جعل نظام دمشق، في جيلي الأسد الأب والأسد الابن، سوريا جزءا لا يتجزأ من هذا «المشروع». وبالتالي، كان مفهوما وقوف لبنان والعراق ضد اتخاذ أي موقف عربي حاسم يردع حكام دمشق عن مواصلة قتل مواطنيهم.

من ناحية أخرى، لدى مراجعة «السلام الفعلي» الذي يجمع سوريا وإسرائيل في الجولان، وموافقة حزب الله الحاكم في لبنان على مضمون قرار مجلس الأمن الدولي 1701 (الذي يمنع وجود سلاح الحزب جنوب نهر الليطاني)، والتعاون الاستراتيجي الوثيق بين رأس الحكومة العراقية الحالية وقاعدته السياسية مع «اللوبيات» التي شنت حرب احتلال العراق عام 2003، قبل الاحتلال وإبانه وبعده، يتبيّن لأي محلل جاد حقيقة قاطعة. هذه الحقيقة هي أن ارتفاع حرارة «العداء الاستعراضي» الإيراني لإسرائيل، وتهديدات طهران «الاستعراضية» أيضا للمصالح الأميركية في الخليج والمنطقة العربية، يرميان للتوصل إلى «تعايش عادل» مع الحضور الإسرائيلي - الأميركي، وفق أسس تراها إيران متناسبة مع ثقلها الإقليمي. وهناك مثل شعبي ذكي في بلاد الشام يقول «من يلمّ حجرا كبيرا جدا لا يكون هدفه التراشق به».

أما الأردن، كما نعرف، فهو كيان يعيش وضعا اقتصاديا وسياسيا وديموغرافيا لا يحسد عليه، وله وضع خاص إزاء قضايا سوريا وفلسطين. وحقا، في ظل الترابط العشائري بين جنوب سوريا وشمال الأردن، و«الحالة الإسلامية» في الأردن، واعتماده على تجارة الترانزيت والمناخات التجارية الدولية المواتية.. لا يستطيع خوض مواجهات أكبر منه، بصرف النظر عن تقييمه لطبيعة الأزمة السورية.

ونصل إلى تركيا.

تركيا اليوم يهمّها - على ما يبدو - اعتباران اثنان: الأول، طمأنة إيران عن طريق الدبلوماسية إلى أن التزاماتها الإسلامية تدفعها لرفض احتضان «فتنة» إسلامية – إسلامية. والثاني، استعادة دور إقليمي تدرك أنها مؤهلة جدا له - لا سيما في ظل الانتحار السياسي العربي - في منطقة كانت جزءا من إمبراطوريتها حتى الحرب العالمية الأولى. ولكن هذين الاعتبارين يربكان خطواتها، ويزيد من ارتباك هذه الخطوات «العامل الكردي» الذي يشكل عنصر شد وجذب داخل كل من العراق وسوريا، وكذلك تركيا وإيران.

وأخيرا، هناك المشهد الدولي، ولا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الخانقة، وانشغال واشنطن بالانتخابات. وهو ما يخلق حالة من التراخي واللاقرار أتاح لموسكو وبكين حتى اللحظة ممارسة الابتزاز المؤسف في الشأن السوري، مما سمح لنظام دمشق بالتغوّل أكثر فأكثر في القمع الدموي. واستمرار هذا الوضع، بمستوى أدنى أو أكثر، من شأنه إطالة أمد الأزمة السورية، وبالتالي، معاناة الأبرياء، وحشر النظام نفسه في زاوية سيعقّد تنامي الحقد خروجه منها

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ