ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مسؤولية
اللجنة الوزارية العربية..! رأي
الراية الراية الثلاثاء
10\1\2012 بات من
الواضح أن النظام السوري قد اتخذ
قراراً لا رجعة فيه باستخدام كل الطرق
الممكنة لإجهاض الثورة السورية
المطالبة بالحرية والديمقراطية
والتغيير وأن قبوله المبادرة العربية
وتوقيعه على البروتوكول الخاص ببعثة
المراقبين العرب كان لكسب الوقت
ومحاولة إجهاض الثورة من خلال القتل
والعنف وقصف المدن والبلدات السورية. النظام
في سورية الذي يعلم أن الشعب السوري قد
اتخذ قراراً لا رجعة فيه بالتغيير يدرك
جيداً أن قمع المظاهرات السلمية
المطالبة بالتغيير بالرصاص وقتل
المطالبين بالحرية هو ما أبقاه في
السلطة حتى الآن وأن عدم التعرض
للمظاهرات السلمية يعني نزول الشعب
السوري بأكمله إلى الشارع وهو ما يعني
سقوط النظام. لقد
منحت اللجنة الوزارية العربية للنظام
السوري الفرصة مرة أخرى ليراجع سياسته
وأساليبه القمعية وليطبق ما تعهد
بتطبيقه في وثيقة البروتوكول لكن قبل
أن يجف الحبر عن بيان اللجنة الوزارية
العربية كانت قوات الأمن والجيش تقصف
بعض المدن والبلدات السورية وكان
الشهداء يتساقطون في الشوارع بفعل
رصاصات النظام السوري. وكأن نداءات
اللجنة الوزارية العربية للنظام في
سورية بوقف العنف وبيانها الذي أكد على
ضرورة تنفيذ جميع نصوص البروتوكول لم
تكن.! إن قمع
النظام السوري للمظاهرات السلمية
بوحشية وقسوة قد دفع المواطنين
السوريين خاصة بعد سقوط آلاف الشهداء
برصاص الجيش والأمن إلى الدفاع عن
أنفسهم في وجه آلة القتل التي لم ترحم
صغيراً أو كبيراً شيخاً أو امرأة ودفعت
بالمئات إن لم يكن بالآلاف من أفراد
الجيش السوري إلى الانشقاق عن النظام
والانحياز إلى شعبهم ومطالبه العادلة
ضد آلة القتل التي يمثلها النظام. إن
المسؤولية الدينية والقومية
والأخلاقية تقع الآن على عاتق الجامعة
العربية وعلى اللجنة الوزارية العربية
المعنية بالأزمة السورية باتخاذ مواقف
واضحة لا لبس فيها تجاه القتل الذي
يستهدف المدنيين في سورية والذي لم
يتوقف واستمر في ظل وجود بعثة
المراقبين العرب. كما أن
المطلوب من اللجنة الوزارية العربية
أن تتخذ خطوات عملية على الأرض تحقق
الهدف الذي أنشئت من أجله والمتمثل
بحماية المدنيين ووقف إراقة الدماء في
سورية وأن تصارح الشعب السوري الذي
يتعرض للقتل يومياً بحقيقة الأمور لأن
تطورات الأوضاع هناك واستمرار عمليات
القتل والبطش والاعتقال والتعذيب
ستقود سورية حتماً إلى أتون حرب أهلية
سيدفع ثمنها الجميع، الشعب السوري
والوطن السوري والمنطقة العربية
أجمعها. ================= بقلم/
خيرالله خيرالله الراية 10-1-2012 في
سوريا، لم يعد الموضوع، أقلّه بالنسبة
إلى النظام العائلي- البعثي، سوى موضوع
كسب للوقت. هل يفيد عامل الوقت النظام
في شيء، أم أنه يساهم في اهتراء الداخل
ليس إلاّ، أي بما يصب في تفتيت البلد؟. الوقت
لا يمكن أن ينقذ النظام. هذا عائد إلى
أن السوريين سيستمرون في المقاومة
والممانعة والثورة إلى ما لا نهاية
نظراً إلى أن المسألة بالنسبة إليهم
مسألة حياة أو موت. بات السوري يفضل
الموت على الظلم والقمع والذل. لم يعد
مقبولاً في القرن الحادي والعشرين
بقاء نظام ستاليني في السلطة في بلد
حيوي مثل سوريا يمتلك شعباً عظيماً
استطاع المحافظة على التعلّق بثقافة
الحياة على الرغم من كلّ المحاولات
التي استهدفت إلغاءه من الوجود. مرّة
أخرى، لا بدّ من القول بأنّ ما تعاني
منه سوريا هو أزمة كيان ونظام في الوقت
ذاته. كان هناك دائما شعور ما لدى
المقيم على رأس هرم السلطة في دمشق أن
الكيان السوري ضيّق عليه. والواقع الذي
يثبته تسلسل الأحداث، أن المشكلة لم
تكن في الكيان بمقدار ما انها كانت في
النظام. لم يستطع النظام السوري يوما
حلّ أي مشكلة من مشاكل البلد. ولذلك كان
الانقلاب العسكري الأوّل بعد استقلال
الكيانات العربية في سوريا وليس في
مكان آخر. كان ذلك في العام 1949 قبل ثلاث
سنوات وبضعة أشهر من الانقلاب الذي
شهدته مصر وأطاح بالنظام الملكي في
يوليو من العام 1952. زادت
الرغبة في الاتجاه إلى الخارج في عهد
الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي تولّى
السلطة، كل السلطة، في خريف العام 1970.
كان نجاح الأسد الأب في خوض حرب أكتوبر
إلى جانب أنور السادات، مبرراً للسعي
إلى دور أكبر على الصعيد العربي. عمل
الأسد الأب على ثلاث جبهات هي لبنان
والعراق ومصر. نجح إلى حدّ كبير في
تقويض مؤسسات الدولة اللبنانية عن
طريق تسليح الميليشيات بغض النظر عن
الحزب الذي تنتمي إليه. وكان أوّل من
وقع في الفخ بعض الأحزاب المسيحية التي
اضطرت إلى الاستنجاد به في مرحلة
معيّنة من الحرب اللبنانية ومن حروب
الآخرين على أرض لبنان! وجهد
في الوقت نفسه نتيجة عمل دؤوب بدأه
عندما كان لا يزال وزيرا للدفاع في
عملية تجميع المسلحين الفلسطينيين في
لبنان واستخدام الورقة الفلسطينية ضد
ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب
الفلسطيني. وقع ياسر عرفات بدوره في
الفخّ الذي نصبه له النظام السوري في
لبنان. لم يتعلّم الكثير من التجربة
التي مرّ بها في الأردن في العام 1970 وفي
السنوات التي سبقته. على
الصعيد العراقي، لعب الأسد الأب ورقة
معاداة صدّام حسين. نجح في ذلك إلى حدّ
كبير نظرا إلى أن العرب كانوا في
معظمهم يخشون تهوره. استطاع إيجاد حاجة
عربية إليه في لعبة التوازنات
الإقليمية وذلك على الرغم من الموقف
السوري الداعم للنظام الإيراني في
حربه مع العراق ابتداء من العام 1980. على
الصعيد المصري، كان النظام السوري
المستفيد الأوّل من عزل مصر في عهد
أنور السادات بعد توقيعه اتفاقية كامب
ديفيد ثم معاهدة السلام مع إسرائيل في
مارس من العام 1979. جرّ العرب، بمن فيهم
العراق البعثي الذي كانت تنقص قيادته
السياسية النضج السياسي، إلى لعبة
المزايدات التي مكّنته من لعب دور
إقليمي لا أفق سياسيا له. كان
الرهان في سوريا على الوقت. تغيّرت
اللعبة كلّيا مع رحيل حافظ الأسد في
السنة 2000 ثم مع سقوط النظام العراقي في
2003. لم يستطع النظام السوري التكيّف مع
التغيير، خصوصا بعد العام 2005 عندما
اضطر إلى الانسحاب عسكريا من لبنان
نتيجة اغتيال الرئيس رفيق الحريري
ورفاقه. لم يدرك أن هناك تطورا جذريا
طرأ على التوازنات الإقليمية. يتمثل
هذا التطور في أن القرار السوري صار
إيرانيا وأن ليس في استطاعة دمشق
امتلاك أي نفوذ في لبنان لولا ما تجود
به عليها طهران. مع
مرور الوقت، ظهرت مشاكل سوريا على
حقيقتها. مع مرور الوقت، سيتبيّن أن
هناك خطراً جدّياً على الكيان السوري
في غياب الترتيبات اللازمة لمرحلة
انتقالية تضمن هبوطاً هادئاً وآمناً
للطائرة السورية. إنها لحظة بروز كل
المشاكل في الوقت نفسه. للمرة الأولى
منذ ما يزيد على ستين عاما لا مكان في
الخارج يهرب إليه النظام السوري ولا
لعبة توازنات يمكن أن يراهن عليها. إنه
في مواجهة مع شعبه لا أكثر ولا أقلّ. من
يقول ان احتمال تفتت سوريا غير وارد
يستطيع التمعّن في تجربة السودان!. كاتب
لبناني ================= محمد
بن علي الهرفي عكاظ
10-1-2012 أثبتت
التجارب الإنسانية أن إرادة الشعوب لا
يمكن قهرها، كما أثبتت أن الحكام
الطغاة لم يكتب لهم الاستمرار مهما
ارتكبوا من جرائم في حق شعوبهم، كما
أثبتت هذه التجارب -للأسف- أن الحكام
الطغاة يعدون أنفسهم آلهة، فالويل لمن
يخرج عليهم أو حتى يفكر في ذلك، فهم -وحدهم-
من يعطي الحياة لشعوبهم، وأن على تلك
الشعوب أن تموت من أجلهم -باختيارها- أو
رغما عنها لكي يعيشوا كما يشتهون. قديما
قالها فرعون (رمز الطغيان) «لا أريكم
إلا ما أرى ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد»
وتلقفها (الفراعنة الصغار) فأجبر أحدهم
شعبه على القول: الله وليبيا والقذافي
وبس، وفعلها الآخر فقال قومه مكرهين:
الله وسورية وبشار وبس. ولولا
بقية من حياء لحذفوا الله -سبحانه-
وبلادهم معه -لفظا- كما ابتعدوا عنهما،
فقد قتل طغاة سورية عددا من الشرفاء؛
لأنهم رفضوا تأليه طاغيتهم (بشار)،
وهكذا يفعل كل طغاة العصر لأن طغيانهم
جعلهم يعتقدون أنهم شيء فوق البشر
وربما خيل إليهم أنهم فوق الله جل
جلاله!!. الرئيس
السوري اتخذ من سابقيه قدوة سيئة له،
قتل شعبه بالسيارات المفخخة ونسب هذا
العمل -بكل بلاهة- للقاعدة واتباعها!!
تماما كما حدث في مصر حينما تم تفجير
كنيسة القديسين في الإسكندرية، وقد
ثبت أن أتباع النظام هم من فعلوا ذلك!!
وقتلهم النظام بكل الوسائل الأخرى،
وتتبعهم في كل المدن والقرى والأرياف،
قتلا وسجنا وتعذيبا، تماما كما فعل
القذافي قبله، وكما فعل (ابن صالح)
فحياة الشعوب لا تساوي شيئا أمام
استقرارهم وأمنهم!!. تلاعب
(بشار) بجامعة العرب، واستكانت الجامعة
لهذا التلاعب؛ رجاله يحرسون رجالها،
ويحصون عليهم أقوالهم وحركاتهم،
عيونهم مفتوحة على كل من يقترب منهم
ويقول لهم ما لا تحمد عقباه!. أعداد
القتلى تتزايد، والسجون يزداد سكانها،
والمدن محاصرة لا يجد أهلها أبسط
مقومات الحياة، وبعض وسائل الإعلام لم
يسمح لها بدخول البلاد، ومع هذا
فالجامعة العربية ليست قلقة مما يجري
في سورية!!. لست
أدري هل رئيس البعثة يعرف الهدف الذي
ذهب من أجله؟! وهل قرأ الاتفاقية التي
وقعتها سورية مع الجامعة؟! أشك في ذلك
كثيرا! عيون
السوريين وكل العرب تتجه إلى ما سيفعله
وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم،
فهل ستتغير الصورة النمطية عنهم؟!.
الشيء الذي لا أشك فيه أن الشعب السوري
هو الذي سيبقى، وأن كل الشعوب الحرة هي
الأخرى ستبقى، أما طغاتها فهم زائلون. ================= الشعب
السوري.. المصيبة مصيبتان.! خالد
الفرم عكاظ-10-1-2012 اتضح
خلال الأسبوعين الماضيين، وهي المدة
التي قضتها بعثة المراقبين العرب في
سورية، أن البعثة لم تعد جزءا من الحل،
بل أصبحت جزءا رئيسا في الأزمة السورية
الدامية. فتصريحات
الجنرال الدابي (رئيس بعثة المراقبين
العرب) بأنهم يستعدون لفترة مراقبة
طويلة، مستشهدا ببعثات الاتحاد
الأفريقي التي تمتد لعدة سنوات،
وتقريره بأن النظام والمتظاهرين معا
أعاقوا أعمال البعثة، يكشف أن هناك
إشكالية كبرى في عمل البعثة، لجهة وضوح
الرؤية والمهام والأهداف، يدفع
تكاليفها بشكل يومي الأبرياء من الشعب
السوري. ويبدو
من خلال مواقف وخطاب الفريق الدابي،
أنه يريد أن يلعب دورا سياسيا في
الأزمة، من خلال مهاجمته الإعلام
الأمريكي، وتكذيب زملائه المراقبين
حيال الانتهاكات التي رصدوها، وتدخل
في التأثر على موقف الجامعة الأخير. فالأوضاع
في سورية تدهورت بشكل كبير بعد وصول
المراقبين العرب، كما بات الدور
السلبي للجامعة العربية معطلا لحسم
المشكلة، حتى من قبل النظام السوري،
الذي بات يراهن حاليا على عامل الوقت،
تحت مظلة الجامعة العربية وبعثة
المراقبين، فأصبحت مصيبة الشعب السوري
مصيبتين، محلية وعربية. والواضح
أن الجامعة العربية تورطت فعليا في
مقترح البعثة، وعجزت عن تمكينها من
دورها المفترض، ولا يعفي الجامعة أو
البعثة شيئا تذرعهم بحداثة التجربة،
وضعف التكوين، فالشعب السوري ليس
معملا لتجارب الجامعة، غير المؤهلة
فعليا لهكذا أدوار. حاليا، بعثة
المراقبين بحاجة إلى إعادة صياغة حادة
لمهامها، ودورها، وأساليب عملها، وفق
جداول زمنية واضحة غير قابلة للتجديد،
وبرامج عمل محددة غير قابلة للتأجيل،
وتحييد أي تأثير سلبي لرئيس البعثة، أو
أهواء الدول المشاركة، فجميعنا ندرك
أن أغلب المشاركين العرب ينتمون إلى
مؤسسات مرتبطة بالأنظمة السياسية،
التي تتفاوت مواقفها تجاه الأزمة في
سورية، فينعكس ذلك أحيانا على أداء بعض
المراقبين. المضحك
المبكي في هذا الملف أن المراقبين
العرب يتجولون في بعض الأحياء،
وبمرافقة الأمن السوري، ويدخنون
السيجار بجوار المصابين والمنكوبين،
دون حتى أوراق أو مسودات يقيدون عليها
ملاحظاتهم، إذ يكتب بعضهم المعلومات
الميدانية على أوراقهم الشخصية،
وكأنهم في جولات سياحية، ما يعني غياب
الجدية، وغموض الأهداف لدى بعض
القيادات في الجامعة وبعثة المراقبين
معا! ================= الجامعة
العربية والأزمة السورية علي
الغفلي الخليج 10-1-2012 دفعت
عوامل عدة وجيهة ومترابطة إلى اتخاذ
جامعة الدول العربية قرار إرسال بعثة
المراقبين العرب إلى سوريا . تتمثل أهم
هذه العوامل في فداحة الخسائر البشرية
التي يحصدها العنف الذي يمارسه النظام
ضد الاحتجاجات الشعبية المطالبة
بإسقاطه، وشعور الدول العربية بضرورة
التدخل من أجل المساعدة لإنهاء الأزمة
السياسية المكلفة التي تعصف بالقطر
السوري، وكذلك محاولة العرب تفادي
القفز إلى تدويل المسألة السورية بشكل
قد يضع الأمور في نطاقات الغموض
السياسي الاستراتيجي التي لا تصب في
مصلحة كل من الشعب السوري والنظام
الإقليمي العربي . ينبغي
أن نضع التدخل الذي تمارسه جامعة الدول
العربية تجاه أزمة النظام السياسي
السوري في إطاره الواقعي . يجسد هذا
التدخل نشاطاً دبلوماسياً في المقام
الأول، إذ إنه قد بدأ من خلال تصور تحرك
سلمي تبلور دبلوماسياً في أروقة
الجامعة أولاً، ثم تطلب تحركاً
دبلوماسياً آخر مارسته الجامعة تجاه
دمشق ثانياً، وهي مهمة مزدوجة ليست
بالسهولة التي يتصورها البعض، خاصة في
ضوء ضعف سجل عمل الجامعة العربية بشكل
عام، وصعوبة التعامل مع صلف وعنف
النظام الحاكم في دمشق بشكل خاص . إضافة
إلى ذلك، فإن التحرك الدبلوماسي الذي
تقوم به الجامعة يعد جهداً إقليمياً
عربياً في هذه المرحلة، ولكنه ليس
منقطعاً عن التحرك الدبلوماسي الدولي
تجاه المسألة السورية، وذلك وفق
اعتبارين مهمين، الأول هو أن ثمة
عقوبات اقتصادية قد اتخذتها الدول
الغربية ضد دمشق مؤخراً لإجبارها على
الرضوخ لمطالب الشعب، والثاني هو أن
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
ينتظر مخرجات تحرك الجامعة كي يبني
عليها تحركاً دبلوماسياً لاحقاً ضمن
إطار المنظومة العالمية . يمكن
تصور أن التعامل العربي مع الأزمة
السورية قد استفاد من الخبرة التي
توفرت لديه من خلال الحالتين الليبية
واليمنية على مدى العام المنصرم، إذ
وضحت الحالة الأولى ضخامة الثمن
الأمني الذي يتعين على الشعب مكابدته
لفترة قد تمتد شهوراً عديدة في حال قرر
المجتمع الدولي استخدام القوة
العسكرية من أجل هزيمة وإزاحة النظام
الحاكم، في حين وضحت الحالة الثانية
جدوى المثابرة في استخدام الضغط
الدبلوماسي كأداة للقوة الناعمة في
ترويض عنف النظام، وربما إقناعه
بالانسحاب وترك السلطة بأقل قدر من
الخسائر بالنسبة لكل من الدولة والشعب
. أكثر
من ذلك، كان المجتمع الدولي متحمساً
بشكل معقول للتدخل عسكرياً في المسألة
الليبية، ولكنه لا يزال متردداً
كثيراً بشأن القيام بتدخل مماثل في
الحالة السورية، وفق أسباب حقيقية لا
يمكن إنكار الأسس الواقعية التي تستند
إليها . وعلى الرغم من أن نظام الحكم في
اليمن قد استخدم أقصى درجات المماطلة
والمناورة من أجل التهرب من مطلب
التوقيع على المبادرة الخليجية، إلا
أن واقع الأمر هو أنه قبل التوقيع
عليها في نهاية المطاف، والأمر ذاته قد
ينطبق على إمكان أن تنتهي جولات
المماطلة والتنصل التي يمارسها نظام
الأسد في صورة الرضوخ لأدوات نفوذ
الضغط الدبلوماسي التي توظفها جامعة
الدول العربية من أجل إدارة الأزمة
الخانقة في سوريا . على
الرغم من الشكوك التي تحيط بالفرص
المتاحة أمام نجاح تدخل الجامعة
العربية في المسألة السورية، فإن مجرد
امتلاك هذه المؤسسة الرغبة في القيام
بجهد ما في إيقاف المذابح البشرية التي
توقع عشرات السوريين بشكل يومي، مع
مراعاة الجامعة عدم التسرع بإلقاء
مصير أمن المنطقة بأسرها في متاهات
المجهول في حالة التدويل غير المنضبط
للأزمة السورية، يعتبر من دون شك
موقفاً مقدراً للكيفية التي تتعامل من
خلالها الجامعة مع التغيير السياسي
الذي تشهده الدولة السورية . ولذلك،
فإنه مع قبول حقيقة أن دخول وفد
المراقبين العرب لم يسهم حتى الآن في
وقف العنف الدموي في المدن السورية،
فإن الوجه المقابل للأمر يشير إلى أن
التسرع بتدويل المسألة السورية لا
يضمن بدوره إيقاف هذا العنف، بل يشي أن
يتسبب التدخل العسكري الدولي في زيادة
سقوط الخسائر البشرية في حال شهدت
سوريا حرباً مماثلة لتلك التي شهدتها
ليبيا . إضافة إلى ذلك، إن التخوف
القائل إن الأمر قد يستغرق فترات زمنية
ممتدة أمام ضغط التدخل الدبلوماسي قبل
أن يثمر أية نتائج ملموسة في خصوص
إيقاف العنف الدموي وإزالة النظام
الحاكم في سوريا هو تخوف مشروع، ولكن
يمكن الرد عليه بالتذكير أن أنشطة
التدخل العسكري الدولي في ليبيا كانت
قد استمرت فترة طويلة من مجهودات
الحربين الأهلية والدولية، امتدت شهور
عدة وتضمنت قدراً كبيراً من التكاليف
البشرية والسياسية العميقة التي يتوجب
على الحكومة الليبية الجديدة العمل
على مواجهة تأثيراتها السلبية . نقدر
الأسباب التي تدفع بالشرفاء في سوريا
إلى التذمر من أداء بعثة المراقبين
العرب في بلادهم، ونفهم إطلاق البعض
الحكم بفشل مهمة المراقبين، ونعي دعوة
“الجيش السوري الحر” الجامعة العربية
إلى سحب مراقبيها . ولكن
في المقابل نود أن نذكر أن التحرك
الدبلوماسي العربي يتطلب جهداً ممتداً
لا يمكن تحديده على الإطلاق بفترة
أسابيع معدودة . تشكل الإرادة العربية
التي أدت إلى اتخاذ قرار التدخل في
الأزمة السورية وإرسال المراقبين
العرب تطوراً مهماً، ينبغي أن تتحلى
بروح الصبر والمثابرة للاستمرار في
التحرك الدبلوماسي لتحقيق هدف إنقاذ
الشعب السوري، وينبغي عليها أن تشرع في
استخدام أدوات دبلوماسية أخرى في حال
ثبت فشل أداة بعثة المراقبين . إن
الأزمة السورية حرجة للغاية، ويتطلب
حسن التعامل معها عدم التسرع بالحكم
على مدى نجاح مهمة المراقبين العرب،
وعدم المسارعة بسحب بعثة المراقبين في
حال انخفضت تقديرات أدائها، وأيضاً
عدم التخلي عن مسار التدخل الدبلوماسي
العربي في الأزمة السورية قبل أن
يستنفد هذا المسار أدواته الممكنة
كافة . ================= محمد
بن المختار الشنقيطي المستقبل 10-1-2012 أن
انبلاج فجر الثورات في بلداننا
العربية اليوم يستلزم بناء أفق نظري
يكون زادا للشعوب في ملحمتها، وضامنا
لعدم وأد جهدها وجهادها السياسي.
ويقتضي هذا الأمر تأملا في منطق
الثورات ومآلاتها، واستيعاب العبرة
التي توفرها لنا التجربة التاريخية،
وهضم الحصاد الفكري الذي أبدعته
العقول الإنسانية في هذا المضمار.
ولسنا ندعي تحقيق هذه المهمة هنا،
وإنما هذه إرشادات نرجو أن تحفز من هم
أحسن تأهيلا للإدلاء بدلوهم. لقد
أصبح لفظ "الثورة" لفظا مبتذلا
لكثرة ما أسيء استعماله. لذلك يحسن
الحرص على التحديد من خلال التمييز بين
ثلاثة مفاهيم: الثورات، وأنصاف
الثورات، والانقلابات. وغاية هذا
التمييز ألا يعمينا التعميم اللفظي عن
الفروق الهائلة بين الظواهر السياسية
والاجتماعية التي تحمل اسم "الثورة"
في لغتنا اليومية. فالثورات
تحقق الحرية في حياة الشعوب، وتجعلها
سيدة قرارها واختيارها السياسي
والثقافي والاجتماعي، وهي قليلة جدا
في تاريخ البشرية. ويمكن أن ندرج ضمن
الثورات بمفهومها الحق: الثورة
الأميركية، والثورة الفرنسية. أما
أنصاف الثورات فهي لا تحقق الحرية
الكاملة للشعوب، وإن كانت قد تحقق
تحريرا من غازٍ أجنبي كالثورة
الجزائرية، أو شيئا من أوجه العدالة
الاجتماعية كالثورة البلشفية والثورة
الناصرية، أو حريةً سياسية منقوصة
كالثورة الإيرانية. وتدخل
ضمن مفهوم أنصاف الثورات كل حركات
التحرير في القرن العشرين التي حققت
تحررا للأوطان ولم تحقق حرية للإنسان.
وُيستثنى من هذا التعميم حركات
التحرير التي بنت ديمقراطيات في
بلدانها فور رحيل الاستعمار، مثل حركة
غاندي في الهند. وأما
الانقلابات العسكرية التي لم تغير
البنية السياسية والاجتماعية، أو التي
استبدلت الإقطاع التقليدي بإقطاع
عسكري، فهي لا تستحق تسمية ثورة ولا
نصفها، بل ولا حتى عشرها. ولعل
أكثر الثورات جدارة بهذا الاسم، نظرا
لكثافة ثمراتها المتحققة، هي الثورة
الأميركية، لأنها كانت ثورة تحرر
وحرية في الوقت ذاته: تحرر من
الاستعمار البريطاني، وحرية من السلطة
الملكية. وإذا نجحت الثورات القائمة
والقادمة في الدول العربية فستستحق
هذه التسمية بجدارة أيضا، لأن نتائجها
ستكون تركيبا من الحرية الداخلية
والتحرر الخارجي. ويذهب
المؤرخ الأميركي كرين بريتون في كتابه
"تشريح الثورة" إلى أن الثورات
تولد من الأمل لا من اليأس، على عكس ما
يتصوره كثيرون. صحيح أن عمق الإحساس
بالظلم وعمومه في المجتمع شرط سابق على
كل ثورة، كما لاحظ عبد الرحمن
الكواكبي، لكن تحويل هذا الإحساس
بالظلم إلى أمل في التغيير وإيمان
بإمكانه هو الذي يفجر الثورات. وقد
تتزامن لحظتا اليأس والأمل مما يجعل
التمييز بينهما عسيرا. فلحظة "البوعزيزي"
في تونس كانت قمة اليأس، لكنها كانت في
الوقت ذاته لحظة ميلاد الأمل والثقة في
نفوس الشعب. وأول
ما يحتاجه قادة الثورات الشعبية هو
تحديد طبيعة الصراع. فقد يكون الصراع
بين الحكام والمحكومين في بعض الدول
صراع بقاء لا مجال فيه لأرضية مشتركة،
ولا حل له سوى التغيير الشامل، مثل
الثورة ضد سلطة عسكرية مستبدة. وقد
يكون في دول أخرى صراعا محدودا يمكن
حله بإعادة تعريف العلاقة بين الحاكم
والمحكوم في صيغة جديدة، مثل تحويل
ملكية مطلقة إلى ملكية دستورية.
فالصراع بين الحكام والمحكومين في بعض
الدول صراع وجود، وفي بعضها الآخر صراع
حدود (دستورية وسياسية)، وعدم وضوح
الرؤية حول طبيعة الصراع يربك حركة
التغيير ابتداءً، ويفشلها انتهاءً. وأحيانا
يعاد تعريف الصراع أثناء مسار
الثورات، فالثورات ظاهرة ديناميكية
متحركة، وهي تبدأ في الغالب صراعا
حدوديا لا وجوديا، أقصد أنها تبدأ
بمطالب متواضعة، لكن السلطة المطلقة
تُعمي أهلها، فيتمنَّعون من قبول تلك
المطالب، فيطالب الشعب بأكثر، في مسار
تصاعدي ينتهي بانبتات العلاقة بين
الطرفين، ويصبح منطق التغيير الشامل
هو السائد. وهذا يصدِّق مقولة الرئيس
الأميركي الأسبق كينيدي: "إن من
يمنعون الثورات السلمية يجعلون
الثورات العنيفة حتمية". ففي
يوميات تاريخ الثورة الأميركية نجد أن
الملك البريطاني جورج الثالث رفض
مطالب مواطنيه في المستعمرات
الأميركية بتخفيف الضرائب التي فرضها
عليهم بعد حرب الأعوام السبعة مع
فرنسا، فطلبوا التمثيل في البرلمان
البريطاني فرفض، فطلبوا الحكم الذاتي
في مناطقهم فرفض، فأعلنوا الاستقلال
عن الإمبراطورية البريطانية. وأحيانا
تبدأ الثورة محاولة لاستعادة نظام قيم
سياسية وقانونية قديمة داس عليها
الحكام، وهكذا كانت الثورة الفرنسية
والأميركية في بدايتهما، لكن الثورة
تتطور أمام عناد المستبد إلى مشروع
جديد تماما، يتأسس على قيم سياسية
وقانونية جديدة. والمفارقة
أن المستبد المعاند حينما يضيق عليه
الخناق يتحول مطالبا بما كان الشعب
يريده منه، لكن الشعب يرفض أنصاف
الحلول بعد أن يستعذب طعم الحرية ويرى
بوارق النصر. ويدل
استقراء تاريخ بعض الثورات القديمة
والمعاصرة على أن أهم الشروط الضامنة
لنجاح الثورات هي: (1) صلابة الإرادة
والتصميم لدى الثوار، (2) الحفاظ على
الصورة الناصعة للثورة، (3) وحدة الصف
والتلاحم بين القوى الشعبية، (4) حسن
التسديد إلى مراكز ثقل النظام، (5)
الوعي بأجنحة النظام المختلفة
ومخططاتها، (6) تقديم البديل السياسي
حتى لا تجد فلول النظام فراغا للتمكن،
(7) رفض السقوف الواطئة والتغييرات
الشكلية في النظام، (8) التمسك بمنطق
المغالبة لا المطالبة. أما
وسائل اغتيال الثورات التي تلجأ إليها
القوى العتيقة، فمنها: (1) كسر الإرادة
بالقمع والبطش، (2) تلطيخ صورة الثوار
وتزييف الوعي الشعبي، (3) تفريق الثوار
وتمزيقهم بالإغراء والإغواء، (4) توجيه
جهد الثوار إلى حواشي النظام وهوامشه،
(5) التضحية ببعض أجنحة النظام إبقاءً
على البعض الآخر، (6) سد الفراغ الذي
تحدثه فوضى ما بعد الثورات، (7) تقديم
بدائل مزيفة ترقِّع الواقع ولا تغيره،
(8) تحويل الثورة إلى حركة مطالَبة دون
مغالَبة. ولعل
مما يعين شعوبنا في ثوراتها القائمة
والقادمة استيعاب ثقافة النضال السلمي.
ومما يُؤسِف أن ثقافة المقاومة
السلمية ازدهرت لدى شعوب كثيرة،
وبرهنت على فاعلتيها وأخلاقيتها،
وأصبح لها منظروها وفلاسفتها، لكنها
لا تزال ضعيفة لدى شعوبنا العربية.
وباستثناء الجهود التي قدمها شباب "أكاديمية
التغيير" في مصر، فإني لم أطلع على
ثقافة عملية جدية حول مبدأ المقاومة
السلمية باللغة العربية. يتأسس
منطق الثورات السلمية على مبدأين
اثنين: المبدأ
الأول: أن السلطة المستبدة ليست جسدا
واحدا أصم، وإنما هي بناء ديناميكي
مركب، وهي لا تتحكم في الناس إلا
لقبولهم بذلك. لذا فإن الثورة لا تحتاج
إلى مواجهة النظام القمعي مواجهة
مباشرة، وإنما يكفيها أن تحرمه من
التحكم في المجتمع، وتظهر عجزه أمام
العالم. فالتحكم هو رأسمال الحاكم
المستبد، فإذا فقد التحكم في حياة
الناس فقد الثقة في نفسه، وأصبح سقوطه
محتما. ويستخدم
هشام مرسي ووائل عادل وأحمد عبد الحكيم
في كتابهم المشترك "حرب اللاعنف"
وهو من منشورات أكاديمية التغيير-
مصطلحا بديعا للتعبير عن هذا المبدأ،
وهو مصطلح "التجويع السياسي".
فالثورات السلمية لا تهدم النظام
المستبد مباشرة، وإنما تستنزفه من
خلال حرمانه من دعم بعض مكونات سلطته،
فينهدُّ البنيان الاستبدادي من تلقاء
ذاته. المبدأ
الثاني: أن العنف الدموي المباشر ضد
السلطة المستبدة ليس خيارا مناسبا،
والمقاومة السلمية أجدى وأبقى. وقد بين
المنظِّر السياسي الأميركي جين شارب
في كتابه المعنون "من الدكتاتورية
إلى الديمقراطية" أن الثورات
السلمية تنبني على فكرة "البطولة
الهادئة" التي ترفض الرد على عنف
الاستبداد بعنف مضاد. فالانجراف إلى
العنف الدموي يمنح الاستبداد أخلاقية
الرد العنيف، ويسبغ على تمسكه بذاته
طابعا شرعيا. لكن
الثورات السلمية ليست مبرأة من العنف
بإطلاق، ولا من الممكن أن تكون كذلك،
بحكم تعرضها لعنف السلطة المستبدة. بيد
أن عنف الثورة السلمية عنف رمزي
ودفاعي، لا يستهدف القتل أو الأذية
الجسدية كما يفعل المستبدون، وإنما
يستهدف زعزعة إيمان المستبد بنفسه،
وإضعاف ثقة الناس فيه وفي بقائه،
تمهيدا لتفكك سلطته في النهاية. فالنيران
المتصاعدة من مقر حزب حاكم كان يضفي
الشرعية على الاستبداد، أو من مركز
شرطة قمع كانت حربة المستبد، عنف رمزي
بامتياز، وهو يحمل رسالة سياسية
وإعلامية على قدر كبير من الأهمية. وقد
تحتاج الثورات الشعبية إلى عنف دفاعي
في حالة التعامل مع أنظمة لا تتورع عن
شيء. والعنف في هذه الحالة لا يتنافى مع
المنطق السلمي للثورة. فالوقفة
الباسلة التي وقفها شباب ميدان
التحرير في وجه الأوباش الذين بعثهم
النظام المتهاوي في مصر كانت حاسمة في
معادلة الصراع. ولم يكن لدى أولئك
الشباب من سلاح سوى الحجارة، لكن
التصدي بها لأولئك الطغام كان ضروريا. وحينما
يكون رأس نظام الاستبداد في مأزق لا
مخرج منه بحكم تراكم مظالمه وجرائمه،
وسوء علاقته بالعالم كما هي حال
القذافي- فإنه يقاتل قتال اليائس،
ويجعل ثمن الثورة غاليا. وفي هذه
الحالة يحتاج الشعب الثائر إلى
الاستعداد لدفع ثمن أكبر، كما يحتاج
إلى شيء من العنف الدفاعي أمام سطوة
المستبد اليائس. الثورات
الشعبية مزيج من العفوية والتنظيم،
فالعفوية تعصمها من الاستئصال،
والتنظيم يعينها على حسن التسديد.
وتحتاج كل ثورة إلى قيادة، لكن القيادة
في عصر الإنترنت قيادة انسيابية،
وليست هرمية، وهذا ما يجعل استهدافها
عسيرا، واستئصالها مستحيلا.. تطارد
النظام المستبد فتدركه، ويطاردها
فتفوته، كما قال سلمة بن الأكوع رضي
الله عنه للمشركين: "والذي كرَّم وجه
محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا
أطلبه فيفوتني". فهذا النوع من
القيادة الانسيابية تجعل للمجتمع اليد
العليا ضد السلطة التي اعتادت الهرمية
القيادية. كما
تحتاج الثورة الشعبية إلى خطاب، ولا بد
أن يكون خطابها هذا بسيطا، سهل
الاستيعاب، وأن يكون جامعا لا مفرقا.
فالثوار تجمعهم المبادئ وتفرقهم
البرامج، ومن أهم شروط نجاح الثورات أن
يركز الثوار على المبادئ الجامعة،
ويتجنبوا الخوض في البرامج التفصيلية
أثناء الثورة. فالشيطان يكمن في
التفاصيل كما يقال، والاختلاف وقت
مقارعة الاستبداد مُهلك للثورات. ويحسن
التأكيد هنا على أن أخطر ما في الثورات
ليس البدايات، وإنما النهايات. ففي عام
1948 حاول أحرار اليمن الثورة على حكم
الإمام المتحجر، وفشلت الثورة. فانقلب
إمام اليمن على الثوار الأحرار تقتيلا
وتنكيلا. وكتب شاعر اليمن عبد الله
البردوني تعليقاً شعرياً يأخذ فيه على
الأحرار اليمنيين ضعف الإرادة وسوء
التخطيط، جاء فيه: والأباة
الذين بالأمس ثاروا أيقظوا حولنا
الذئاب وناموا حين
قلنا قاموا بثورة شعب قعدوا قبل أن
يُروا كيف قاموا ربما
أحسنوا البدايات لكن هل يحسُّون كيف
ساء الختامُ فمع
ميلاد كل ثورة تولد ثورة مضادة، تحاول
وأدها في مهدها، أو تحريفَها عن
مسارها، أو السطو على ثمراتها. ويعتقد
عالم الاجتماع تشارلز ميلز أن وجود
الثورة المضادة هو أبلغ دليل على أن
الثورة تحمل رسالة تغيير جدية. وأحيانا
تنجح الثورة في معركة الهدم، فتهدُّ
النظام القائم هدًّا، لكنها تفشل في
معركة البناء، ويقطف ثمارها آخرون من
فلول النظام القديم، أو من المتسللين
تحت غبار المعركة. وأسوأ ما يصيب
الثورات أن يصادر ثمارها متسلقون في
جنح الظلام، فيحيلونها نسخة منقحة من
النظام الاستبدادي القديم، أو أن
يتحول بعض مَن أشعلوا الثورة إلى وقود
للثورة المضادة، جرَّاء أنانية سياسية
مزمنة، أو لمجرد سوء التفكير والتقدير. إن
غاية الثورات الشعبية ليست استبدال
حكام بآخرين، بل حكم الشعب نفسَه
بنفسه، وبناء فضاء مفتوح يملك آليات
التصحيح الذاتي سلميا، ويقسِّم الحرية
والعدلَ بعدلٍ. فالحذرَ الحذرَ من
التنافس على مغانم الثورة، أو رفع
المطالب الجزئية في لحظات الحسم
الكلية. فغاية الثورة تحرير الشعوب لا
حكمها. ================= تلاعب
النظام السوري بالعرب وفزاعة
التدويل خالد
الحروب – كامبردج الدستور 10-1-2012 معدل
القتل اليومي الذي يقوم به النظام
السوري منذ دخول بعثة المراقبين العرب
إلى هناك لم يقل عن 30 قتيلا في اليوم
الواحد. البروتوكول الذي بناءً عليه
ذهب المراقبون العرب الى سوريا تحول
إلى سيف جديد على رقاب السوريين,
يستخدمه النظام نفسه ويتمتع ب “الشرعية”
التي يضفيها على قمعه وجرائمه اليومية.
بروتوكول بعثة المراقبين العرب طالب
الحكومة السورية بسحب كل المظاهر
العسكرية, الدبابات والجيش وغير ذلك,
والوقف الفوري للقتل من قبل اجهزة
الامن والشبيحة فور توقيع النظام عليه.
الذي حصل حتى الآن ان النظام يقتل
والمراقبون العرب يدونون الملاحظات.
البروتوكول العتيد طلب من النظام
الافراج الفوري عن عشرات الاف
المعتقلين الذين لا احد يعلم ظروفهم
حبسهم البائسة ولا طرائق التعذيب التي
يواجهونها الآن, واوكل بالمراقبين
التأكد من تطبيق ذلك. الذي حصل حتى الآن
ان النظام يتلاعب بذلك, يطلق عدة مئات
اليوم, ويعتقل اكثر منهم غدا.
البروتوكول العتيد طلب من النظام فتح
البلاد امام الاعلام لنقل صورة عن ما
يحدث من جرائم. الذي حصل حتى الآن ان
النظام يقتل يوميا وبمعدلات اعلى من
تلك التي كانت قبل دخول المراقبين
العرب وغير مسموح لأي اعلام غير تابع
للنظام ان يغطي اي شيء. قبل
هذا البروتوكول كان النظام قد ركل
بتعجرف المبادرة العربية التي تبنتها
الجامعة العربية في شهر ايول/سبتمبر
وكانت الامل الوحيد في قطع الطريق على
تدويل الازمة والتدخل الخارجي. طالبت
المبادرة الرئيس بإصدار تعهد واضح
بإتخاذ خطوات اصلاحية محددة لتحويل
سوريا إلى تعددية سياسية, بما في ذلك
الالتزام بتنظيم انتخابات رئاسية عام
2014. لكن الذي حصل حتى أن ذلك الكلام لم
تكن له علاقة بما يحدث على الارض, وكأنه
قادم من كوكب آخر, حيث تأسس على فرضيات
ساذجة من ان النظام يريد ولو الحد
الادنى من الاصلاح. من يتوقع التزام
النظام بأي إصلاح حقيقي مهما كان جزئيا
فهو يتساذج على نفسه قبل ان يفعل ذلك
على الآخرين. نفس
المبادرة طالبت آنذاك بفصل الجيش عن
الحياة المدنية. لكن ما رآه ويراه
العالم كله حتى الآن ان الجيش هو الذي
يحكم ويقمع ويدير آلة القتل وهو أداة
طيعة بيد النظام السياسي يوجهها الى
شعبه. طالبت المبادرة ايضا النظام بفتح
حوار فوري مع المعارضة, والنظام اراد
من تلك المعارضة ان تأتي إلى بيت
الطاعة ويجري حوار امنيا معها في دمشق.
ثم طالبت المباردرة حزب البعث الحاكم
بعقد مؤتمر قطري على الفور يعلن فيه
قبول الحزب التعددية الحزبية
والسياسية في سوريا والاحتكام الى
صناديق الاقتراع. لم يحدث هذا ايضا. لو
كان عند النظام القائم في دمشق ادنى
احساس بالمسؤولية الوطنية, وادنى
درجات الحرص على سوريا من الانزلاق في
مسارات الحرب الاهلية, وربما الطائفية,
والتدخل الخارجي, والسيناريوهات
المظلمة لتبنى تلك المبادرة. لكن لا
المبادرة ولا البروتوكول اللاحق لها
في وارد التطبيق او النظر فيهما بجدية
من قبل النظام. وهكذا
نعود إلى المربع الاول, حيث ان أي متابع
للمشهد السوري وثورة الكرامة العظيمة
التي تُرك فيها الشعب السوري اعزلا في
مواجهة نظام باطش مستعد لسحق الناس
يوميا مقابل البقاء في الحكم يعلم ان
سياسة حكام دمشق هي تقطيع الوقت,
والتلاعب, والتسويف, واعطاء مواقف
رمادية, والتملص من اي التزام حقيقي.
حان الوقت لأن تتوقف الجامعة العربية
عن القبول بالسير في لعبة النظام على
حساب دم الشعب السوري, ومن العاجل جدا
ان تُعلن فشل مهمة مراقبيها في سوريا
الذين تحولوا الى شهود زور على القتل
اليومي للسوريين. وحان
الوقت لأن يُرفع الملف برمته للامم
المتحدة ويُصار إلى البحث حول صيغة
للتدخل الاممي لحماية الشعب السوري
رغم كل الفزاعات السخيفة التي تُستخدم
ضد هذا الحل الاخير والوحيد امام صلف
النظام. من لديه حل سحري يستطيع ان يوقف
به المجزرة اليومية التي يتعرض لها
السوريون فليقدمه لديهم. يتفادى
السوريون في الداخل والخارج هذا الحل
الجراحي لما له من سمعة سيئة في
المنطقة, وما يحمله من اجندات معروفة.
لكن النظام هو وحده المسؤول عن دفع
الامور نحو التدخل الخارجي لأنه يغلق
كل حل آخر. الحل العربي الذي تمثل في
المبادرة العربية كان البوابة الاخيرة
لتفادي سيناريو التدويل, لكن النظام
اغلقتها بإحكام. ما يجب
ان تسمعه الجامعة العربية وسمعه
مراقبوها في المدن السورية في الايام
الاخيرة هو ان التدخل الخارجي صار
مطلبا من مطالب الثورة: “التدويل
مطلبنا”, كما حملت شعارات الجمعة
الاخيرة. عندما يُحشر الشعب في الداخل
من قبل كل اجهزة قمع النظام في الزواية
الاخيرة, ويُدفع دفعا لرفع مطلب
الحماية الدولية فإن ذلك يعني ان هناك
خيارين يواجهان الناس: الموت او
الحماية الدولية. لا يحق لأحد بما فيهم
قيادات المعارضة السورية, الحقيقي
منها او الصوري, ان يتجاهل مطالب الناس
لحماية ابنائهم وبناتهم. الشعارات
الطنانة في الخارج ضد الامبريالية
والغرب والتدخل الخارجي لا توقف قطرة
دم واحدة من الدماء التي تسيل في
الشوارع السورية يوميا. لو استمع
الليبيون لتلك الشعارت الجوفاء لبقي
القذافي وابناؤه حتى هذه اللحظة
يريقون دماء الشعب ويلغون فيه. من دون
الحماية الدولية والتدخل الخارجي
لبقيت ليبيا مزرعة واقطاعية للدكتاتور
الآفل وعائلته. الذين عارضوا التدخل
الخارجي في ليبيا آنذاك لم يطرحوا حلا
بديلا لليبيين الذين كانت تحصدهم آلة
الموت القذافية. كانوا يريدونهم ان
يواصلوا فتح صدورهم العارية للرصاص
المجنون. الناصحون اولئك انفسهم مطلوب
منهم الآ ان يقدموا للسوريين بديلا عن
التدخل الخارجي والتدويل. النقد
والشتائم المتواصلة لفكرة التدويل
اقامة منطقة عازلة وحظر جوي وتحت حماية
دولية لا يقدما حلولا للمطحونين. على
اصحاب الشعارات ان يقدموا حلولهم
العملية للسوريين الثائرين في الشوارع
وعلى اهبة الموت, او ان يصمتوا. ================= ياسر
الزعاترة الدستور 10-1-2012
سمعنا
أن “الرفاق” القوميين واليساريين قد
شرعوا في فضَّ شراكتهم مع الإسلاميين (الإخوان
المسلمين تحديدا)، وإنشاء تحالف جديد
فيما بينهم يضم الأحزاب الخمسة التي
كانت تشكل مع الإخوان لجنة تنسيق أحزاب
المعارضة، وهي: البعث العربي (العراقي)،
البعث التقدمي (السوري)، الوحدة
الشعبية، الشيوعي الأردني وحشد، إلى
جانب حزب الحركة القومية التي تتبنى
نظرية القذافي (ما مصير بعد رحيل
العقيد؟!). بعيدا
عن أي تبريرات معلنة، فإن جوهر الموقف
الجديد إنما ينبع من الخلاف حول الملف
السوري في ظل تأييد الإخوان لثورة
الشعب مقابل تأييد الأطراف الأخرى
للنظام، ولا قيمة لقول مسؤول (الوحدة
الشعبية) إنهم يؤيدون الحراك السلمي،
وقوله: إن الإخوان يؤيدون التدخل
الأجنبي، لأنه ذلك محض التفاف على
الحقيقة، إذ لا الإخوان يؤيدون التدخل
الأجنبي، ولا القوم إياهم يؤيدون
الاحتجاج السلمي، وإلا لما سكتوا عن
قتل الآلاف قبل أن تطلق أي رصاصة على
الجيش السوري، ولما وصفوا المحتجين
بأنهم أصحاب أجندات خارجية تستهدف
المقاومة والممانعة. يمكن
لأولئك القوم أن يقولوا أي شيء في سياق
تبرير موقفهم حيال ما يجري في سوريا،
لكن حديثهم عن الاحتجاج السلمي ودعم
الديمقراطية والحرية لا يبدو مقنعا،
لأن أحدا لم يمنع بشار الأسد من نشر
الديمقراطية والحرية قبل أن يخرج
الناس إلى الشوارع، بل بعد ذلك أيضا.
وعموما يعرف الجميع أن حزبي حشد
والوحدة الشعبية قد أخذا موقفيهما
المشار إليه بسبب وجود نايف حواتمة (مرجعية
حشد) في دمشق (دعك من كراهيته المزمنة
للإسلاميين)، وتأثير جناح ماهر الطاهر
في الجبهة الشعبية على موقف حزب الوحدة. لقد
فقدنا الأمل بتغيير القوم لرأيهم؛ على
تباين في دوافع كل منهم بين الحزبية
والأيديولوجية والطائفية، وبين خليط
من ذلك كله، وما يعنينا هنا هو هذا
التجمع الجديد الذي نشأ أو سينشأ بعيدا
عن الإسلاميين. الأرجح
أن لسان حال الإخوان في التعبير عن هذه
القضية سيردد بكل بساطة تلك المقولة
الشعبية “رضينا بالهم، والهم ما رضي
بينا”، إذ أن الجميع يعرف أن كل
الأحزاب المشار إليها لا يمكنها تنظيم
مسيرة ذات بال في أي مكان، أعني مسيرة
يشارك فيها الآلاف في أي مناسبة،
وزعماء الأحزاب المذكورة لم يحصلوا
منذ ثلاثة عقود على فرصة الحديث للآلاف
إلا في عهد تحالفهم مع الإخوان، بينما
كان نصيب المحظوظ منهم يتمثل في الحديث
إلى بضع عشرات في قاعة مغلقة. هي
الأيام جعلها رب العزة دولا بين الناس،
وهذا الزمن ليس زمن أولئك، إذ أن أحدا،
باستثناء قلة من الناس لم يعودوا
مقتنعين بشعارات الماركسية، وحتى
البعد العروبي لا ينطلق من إحساس
عنصري، وإنما بمشترك بين دول يمكنها
التعاون وصولا إلى الوحدة، وليس على
قاعدة إعلاء عرقية على أخرى، لأن في
الفضاء العربي أعراقا أخرى من الطبيعي
أن ترفض الشعار القومي بطبعته
التقليدية. إنها
الجماهير المؤمنة في زمن الصحوة
الدينية، وحين يضطر “الرفاق”
للانتظار بباب مسجد رئيس حتى خروج
الناس من صلاة الجمعة من أجل تنظيم
مظاهرة، فلأنهم يدركون أن الناس
يتواجدون هنا، وحتى الذين لم يذهبوا
إلى الصلاة بسبب التقصير لا يقفون في
المربع الآخر من الناحية الفكرية،
وحين يُدعون إلى التصويت لا يجد كثير
منهم غير الانحياز للمشروع الإسلامي. ما
ينبغي أن يقال هنا هو أن خطوط التفاهم
التي أنشأها الإسلاميون مع التيارات
المشار إليها هي تعبير عن وعي متقدم
وميل للم الشمل على أسس تخدم البلاد
والعباد بعيدا عن حساسيات
الأيديولوجيا. وفي مصر على سبيل المثال
أنشأ الإخوان تحالفا انتخابيا مع عدد
من القوى القومية واليسارية رغم
هامشية حضورها، وفاز على قائمتهم (الحرية
والعدالة) عدد من اليساريين
والقوميين، ومنهم مسيحيون مثل أمين
اسكندر. اليوم،
ومن أجل نظام دموي ورث الناس كما يرث
أحدهم مزرعة عن أبيه، بل بطريقة أسوا (تذكرون
مسرحية تغيير الدستور الهزلية من أجل
الابن العزيز الذي لم يبلغ يومئذ العمر
المطلوب)، من أجل نظام كهذا يذهب “الرفاق”
في اتجاه آخر، ويصل بهم الحال حد
الالتقاء مع أصوات يمينية ذات نفس
إقليمي وطائفي، كما يتحالفون في
النقابات مع جهات رسمية ضد
الإسلاميين، وعموما هم أحرار فيما
ذهبوا أو سيذهبون إليه. ونحن إذ نوقن أن
أمرا كهذا لن يمسَّ الثورة السورية،
ولن يطيل عمر نظام بشار الأسد، فهو قد
يؤثر بهذا القدر أو ذاك على مسيرة
الإصلاح هنا في الأردن. هو
مخاض بالغ الأهمية، وتاريخ يُكتب في
هذه المنطقة، وسيعرف الذي يقفون إلى
جانب الطغاة أمثال بشار الأسد أي منقلب
ينقلبون، أما الإسلاميون فهم مجتهدون
يبتغون وجه الله، ووجه الله لا يمكن أن
يُبتغى من خلال دعم الطغاة، وإنما من
خلال نصرة المستضعفين في كل مكان، بمن
فيهم غير المسلمين. ================= سورية
بين السندان الروسي والمطرقة
الأمريكية د.
صالح بكر الطيار 2012-01-09 القدس
العربي تتسارع
وتيرة الأحداث في سورية وتجهد قوى
اقليمية ودولية من اجل انهاء هذا الملف
لصالح احداث تغيير في النظام اسوة بما
حصل في مصر وتونس وليبيا وما سيحصل في
اليمن، ولكن المفارقة ان روسيا تتعامل
مع الملف السوري بشكل مخالف تماماً
للطريقة التي تعاملت بها مع ملفات
الربيع العربي لما لهذه الدولة من
خصوصية وأبعاد اٍستراتيجية ترتبط
بمصير المنطقة ككل، فالأمريكيون وأن
يكونوا ليسوا وراء انطلاق ثورات
الربيع العربي إلا انهم تمكنوا من
اعادة استيعاب المتغيرات التي حصلت
والتحكم بها وخاصة في ليبيا الغنية
بثروتها النفطية والتي استأثرت
الشركات الأمريكية بمعظم الإستثمارات
فيها، وفي مصر الدولة الأكبر في العالم
العربي، وفي تونس والمغرب اللتان
تعتبران موطأ قدم هام للتأثير لاحقاً
على مجريات الأحداث المرشح لها ان تبدأ
عام 2012 في الجزائر الغنية جداً بمادة
الغاز، والأمريكيون وأن لم يكونوا
وراء الثورة التي حصلت في اليمن إلا
انه استطاعوا استيعاب تفاعلاتها ليس
لغناء هذا البلد الذي يفتقر لكل شيء بل
لأنه تحول مؤخراً الى خندق متقدم
لتنظيم 'القاعدة' الذي فقد وجوده الهام
في باكستان وأفغانستان ومن ثم في
العراق والذي بدأ يتجه الى تركيز
قواعده في مناطق اليمن الجنوبي تحسباً
للإنطلاق من هناك بإتجاه شبه الجزيرة
العربية. وهذا
يعني ان امريكا قد احكمت السيطرة على
شمال افريقيا وعلى اليمن، وبقي ان تحكم
سيطرتها على المشرق العربي الذي تعتبر
سورية مفتاحه الأساسي والتي إذا ما تم
اسقاط النظام فيها فتكون واشنطن قد
اصابت من وراء ذلك عدة اهداف: 1 -
تكون قد ازالت نظاماً لم يقدم أي
تسهيلات بشأن مستقبل السلام في
المنطقة وفق الرؤية الأمريكية. 2 -
تكون قد ازالت نظاماً داعماً لحزب الله
وحركة حماس اللذين يعتبران تنظيمان
ارهابيان من وجهة نظر امريكا ويشكلان
خطراً على اسرائيل، 3 -
تكون واشنطن قد افقدت ايران حليفاً
استراتيجياً في المنطقة تعتمد عليه
لمد نفوذها بإتجاه فلسطين ولبنان. 4 -
تكون واشنطن قد ساعدت في ايصال نظام في
سورية شبيه بالأنظمة التي يتم تركيبها
في ليبيا وتونس ومصر والمغرب واليمن،
والجزائر مستقبلاً. وإذا
ما نجح هذا المشروع الأمريكي تكون
واشنطن قد سيطرت بالكامل على المنطقة
وثرواتها اقتصادياً وسياسياً
وأستراتيجياً، وتصبح روسيا في عداد
المتفرجين من وراء الكواليس، وحتى دول
الأتحاد الأوروبي ستكون جالسة في الصف
الثاني وليس الى جانب الولايات
المتحدة الأمريكية، من هنا استفاق 'الدب
الروسي' من غفوته وعاد ليفرض نفسه على
الساحة الشرق اوسطية متوخياً تحقيق
التالي: 1 -
اعتبرت روسيا نفسها انها تكبدت خسائر
فادحة فيما جرى في ليبيا وتونس ومصر
واليمن حيث خرجت دون تحقيق اي مكاسب
سياسية او إقتصادية، 2 -
باتت روسيا مهددة بشكل مباشر بعد ان
نصبت امريكا درعها الصاروخي في تركيا، 3 -
تمتلك روسيا قاعدة بحرية استراتيجية
على الشواطىء السورية تتيح لها
التواجد في مياه البحر المتوسط. 4 -
حماية موسكو للنظام السوري يوفر لها
حضوراً هاماً في ملف الشرق الأوسط وفي
كل التسويات التي يمكن ان تجري بهذا
الصدد، 5 -
بقاء القاعدة العسكرية البحرية
الروسية على شواطىء سورية يجعل
الأتراك يفكرون مليون مرة قبل ان
يسمحوا للأمريكيين بإستخدام الدرع
الصاروخي المنصوب في تركيا. 6 -
لبنان وسورية من الدول الواعدة نفطياً
نظراً لما كشفت عنه التنقيبات الأولية
في البحر الأبيض المتوسط. 7 -
حماية النظام السوري فيه تسليف موقف
كبير لإيران حليفة سورية مما يعني
احتمال البدء بالتمهيد لبناء حلف
اقليمي دولي على المدى البعيد قوامه
روسيا وسورية وإيران وفي مرحلة لاحقة
العراق، وعليه فالمسألة ليست مسألة
تغيير نظام في سورية او ايصال المعارضة
الى السلطة تمهيداً لإشاعة
الديمقراطية والقضاء على الفساد
والبطالة بل جوهر الخلاف حول من يمسك
بالقرار في الشرق الأوسط ولهذا فإن
سورية تتخبط اليوم ما بين السندان
الروسي والمطرقة الأمريكية. ================= د
. محمد صالح المسفر 2012-01-09 القدس
العربي (1)
يبدو ان الجهود المبذولة للخروج من
المأزق الذي تعيشه امتنا العربية وعلى
وجه التحديد في بلاد الشام واليمن قد
فشلت، وان المحاولات الراهنة في مجلس
التعاون الخليجي والجامعة العربية
لانقاذ الشعبين اليمني والسوري ماهي
الا محاولة للهروب من معالجة
الازمتين، متذرعين بالقول الشعبي 'الى
علينا اديناه' وعلى كل من الحاكمين في
دمشق وصنعاء ان 'يشوفوا شغلهم'. عام
كامل مر على ثورة / او صحوة الشعبين
العربيين ضد الفساد والظلم والاستبداد
وهدر المال العام وهم يتعرضون للقتل
الجماعي وهدر كرامة الانسان بفعل
الفواحش ما ظهر منها وما بطن
بالمعتقلين ذكورا واناثا وحرق مزارع
وهدم بيوت. نظامان مصران على الاستمرار
في الحكم تحت شعار 'نحكمكم او نقتلكم'
ومن يعش منكم نعبث بكبريائه وكرامته
ذكرا كان ام انثى تحت ذريعة المحافظة
على الاستقرار والوحدة الوطنية ووحدة
البلاد والتصدي للارهاب ومنع السلفيين
والاخوان المسلمين من الوصول الى
الحكم. عجيب امر هؤلاء الحكام، هل
يعتبرون ما يقومون به من قتل وترويع
وهدر كرامة الانسان وكبريائه مرجلة
يشار اليها بالبنان؟ ام انه الخوف مما
قد يلحق بهم عند افول نجمهم على ما
فعلوا بهذين الشعبين؟ (2) في
اليمن نلاحظ ان علي عبد الله صالح
المنتهية ولايته بحكم اتفاقية مجلس
التعاون الخليجي التي منحته الحصانة
من الملاحقة القضائية والقانونية في
كل الجرائم التي ارتكبها او ارتكبها من
عمل معه عندما يتركون السلطة، يصر على
ان يبقى يحكم اليمن ولو من قبره عن طريق
آل بيته وبعض اصحاب المصالح الذين
يخشون ان تنتهي مصالحهم بعد زوال حكم
علي عبد الله صالح. بالامس وافق مجلس
الوزراء الذي يهيمن عليه حزبه الحاكم
بمنح علي ومن عمل معه خلال فترة حكمه
حصانة من الملاحقة القانونية
والقضائية، واعتبر المجلس ان هذه
المادة من اعمال السيادة ولا يجوز
الغاؤها او الطعن فيها. انه في كل يوم
يقوم بمخالفات جوهرية لاتفاقه مع مجلس
التعاون مثل، اجتماعه بالوزراء من
حزبه، وترؤس اللجنة المركزية للحزب
الحاكم واصدار اوامر وتعليمات لاعضاء
الحزب في الوزارة والبرلمان تخص تسيير
اعمال الدولة وكذلك اجتماعه بقيادات
امنية (كلهم من عائلته) واصدار توجيهات
امنية وخاصة ما يتعلق بسحب قوات الحرس
الجمهوري من الشوارع واماكن تمركز تلك
القوات الامر الذي ادى بالرئيس
بالانابه عبد ربه منصور بالتهديد بترك
العاصمة والانسحاب نحو الجنوب اذا
استمرت التدخلات من قبل صالح واعوانه
في شؤون البلاد. ان
الحل في هذه الحالة ولا غيره هو ان ترفع
دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة الدول
الفاعلة في المجلس التي ما برحت تحمي
عبد الله من شعبه يدها وتعلن ان الرئيس
المنتهية ولايته اخل بكل الاتفاقات
وعلى ذلك تصدر قرارا دوليا بحجز امواله
وافراد اسرته ومعاونيه وممتلكاتهم في
الداخل والخارج، وتحديد اقامتهم
وتسليط ادوات التشويش على اتصالاتهم
السلكية واللاسلكية وجعلهم في عزلة عن
اعوانهم والعالم كي لا يعبث بالدولة
والشعب اليمني، وترفع عنه الحصانات
التي منحتها له تلك الدول وليس الشعب
اليمني. اننا نعول على اخواننا واهلنا
شرفاء حزب المؤتمر الشعبي العام ان
يخلصوا عملهم لوطنهم وامتهم لا لفرد او
عائلة متسلطة وان يعلموا بان التاريخ
لن يرحم وتذكروا السير الخالدة
لرجالات اليمن وذريتهم اذكر منهم وهم
كثر الزبيري والحمدي والنعمان وغيرهم
من الشرفاء. (3) وماذا
عن سورية الحبيبة؟ قتل ودمار وملاحقات
جماعية، الشعب يريد الحرية والامن
والامان، يريد المشاركة في صنع
مستقبله، والنظام يصرخ بان عليه
مؤامرة عربية ودولية وعليه ان يقمع
بعنف كل من يطالب بحقه في الحرية
ومشاركته في صناعة مستقبل القطر
العربي السوري الشقيق. لا شك بان حزب
البعث حزب وطني قومي عربي لكن لم يعد
الحزب ذلك الذي اسسه الرواد، اصبح في
معظمه مجموعة من اصحاب المصالح
الذاتية وليس الوطنية، اصبح يميل الى
الطائفية منه الى الامة الواحده، صحيح
ان سورية الحبيبة دولة الممانعة
والمقاومة كما كنا نعرف، وان الرئيس
بشار خاطب بعض الحكام 'بانصاف الرجال'
لانهم لم يقفوا مع منهج الممانعة
والمقاومة في حينه. اليوم
نسأل اخواننا في القيادة السورية هل
تغير مفهوم 'الممانعة والمقاومة'؟ هل
الممانعة تعني التصدي لمطالب الشعب
ومنع التغيير والاصلاح؟ وهل تعني
المقاومة التصدي بكل انواع السلاح
والمرتزقة مقاومة رغبات الشعب في
الحرية والكرامة واختيار قياداتهم
السياسية التي يعتقدون انها تحقق لهم
مطالبهم؟ الجامعة العربية ومجلس
التعاون الخليجي اصوات مرتفعة وكلمات
منمقة وصياغات للبيانات حمالة اوجه
ومبادرات منقوصة، ومجموع الامة
العربية من الخليج الى المحيط رهائن
واسرى لدى النظم السياسية، فمن يفك
اسرنا ويطلق رهائننا؟ ================= الانتفاضة
وتحول العلاقات الداخلية في سورية الثلاثاء,
10 يناير 2012 فايز
سارة * الحياة يميل
بعض السوريين للقول إن ما يحدث في
سورية يعكس في أحد جوانبه تحولاً في
طبيعة العلاقات الداخلية القائمة بين
السوريين، وأساسها علاقات الإخضاع
والسيطرة التي ترسخت في نحو خمسة عقود
من حكم حزب البعث، والتي تتواصل
محاولات سورية جدية ومستمرة
لاستبدالها بأخرى، حيث يتجه سوريون
اليوم إلى إعادة ترتيب علاقاتهم
الداخلية وفق سياق جديد، ينبذ السيطرة
والإخضاع، ويوفر قواعد للتضامن
والمساعدة في تعبيرات، أخذت تتزايد
منذ انطلاق حركة الاحتجاج والتظاهر في
آذار (مارس) الماضي. وبطبيعة
الحال، فإن الكلام عن علاقات الإخضاع
والسيطرة يقودنا إلى قول إن تلك
العلاقات لم تكن فقط نتيجة استخدام
المؤسستين العسكرية والأمنية، بل من
خلال استخدام أدوات وهيئات استخدمت
الأيديولوجيا والسياسة والدعاية
والتنظيم لإحكام قبضة السلطة على
المجتمع كله، بالتزامن مع تكثيف
عمليات إخضاع قطاعية موجهة إلى فئات
المجتمع المختلفة. وجاء
حزب البعث الذي اعتبره الدستور السوري
قائداً للدولة والمجتمع في مقدم أدوات
الإخضاع بإعطائه دوراً واسع الطيف في
رسم مسارات الحياة العامة كما حياة
الأفراد. إذ بالاستناد إلى القرب منه
أو البعد عنه تتحدد السياسات والمصائر
في مجالات مهمة كالدراسة والعمل
وخيارات أخرى، وحيث لم يحضر تأثير
البعث حضرت الجبهة الوطنية التقدمية
بأحزابها وتكويناتها الحليفة للبعث في
فرض تأثيراتها الإخضاعية. ولا
تقتصر أدوات الإخضاع العامة على البعث
وجبهته، بل تشمل أطراً عامة من
الاتحادات التي تدخلت على نطاق واسع في
حياة السوريين، والتي تبدأ أولى
حلقاتها في منظمة طلائع البعث الخاصة
بالأطفال، وبدء إخضاعهم من المدارس
الابتدائية، ليتم بعدها الانتقال إلى
مرحلة أخرى تتواصل عبر تنظيمهم في
اتحاد شبيبة الثورة، وهو هيئة شبابية
لا يقتصر وجودها على المؤسسات
التعليمية في المرحلتين الإعدادية
والثانوية، بل يشمل تنظيمها الشباب في
أماكن العمل والسكن أيضاً، وذلك قبل أن
يظهر دور الاتحادات القطاعية، كاتحاد
الطلاب الذي يفرض حضوره في الجامعات
والمعاهد السورية، ويمد نفوذه إلى
الطلاب في الخارج، واتحاد العمال الذي
ينظم السيطرة والإخضاع على العاملين
في القطاعات العامة والخاصة
والمشتركة، والاتحاد العام النسائي،
ومن خلاله تتم عملية ضبط السوريات في
إطار إخضاعهن للقيم والسياسات
المطروحة. وعملية
الإخضاع العامة تجد لها سنداً ودعماً
كبيرين في حلقات أضيق، تكون العضوية
فيها محدودة، وإن كانت أكثر فاعلية في
مستوى المجتمع. وهو ما يمكن ملاحظته في
مضامين أنشطة اتحادات قطاعية نوعية
كاتحاد غرف التجارة والصناعة
والزراعة، واتحادي الكتّاب
والصحافيين، والأمر يتكرر في نقابات
مهنية بينها نقابة المحامين والأطباء
والصيادلة والمهندسين والمعلمين
وغيرها من اتحادات ونقابات تغطي كل
أنشطة السوريين، لدرجة يصعب معها
القول إن هناك فئة قطاعية غير منظمة،
بحيث لا تتوافر لها آلية ضبط وإخضاع.
وهكذا صار بالإمكان وجود مستويين:
مستوى إخضاع المجموع العام بمواصفاته
المحددة، ومستوى إخضاع الفئات المختصة
من النخبة الموزعة على الاختصاصات
كافة. والنتائج
العملية لسياسة الإخضاع، لم تتجسد فقط
في تكريس النظام السياسي القائم، وهو
الهدف الأساس من العملية، بل تجاوزتها
إلى تهميش النخبة وتدمير وظائفها
النقدية في الحياة والمجتمع، ودفعها
على طريق تلبية احتياجاتها المادية
بكل الطرق والأشكال والأساليب. ولعل
المثال الأبرز على الخراب الذي أصاب
النخبة يتمثل في موقفها السلبي مما
شهدته سورية في الأشهر العشرة
الماضية، والذي هو بصرف النظر عن صحة
أو خطأ مواقف الموالين والمعارضين،
يمثل أهم تحد تعيشه سورية منذ ولادة
كيانها السياسي الحديث. لقد
خلقت تلك المستويات من السيطرة حافزاً
هائلاً لدى الحراك الشعبي للانعتاق من
السيطرة والخروج نحو فضاءات الحرية.
ولعل التعبير الأبرز عن التحول الرافض
أن اياً من أدوات السيطرة والإخضاع
وتنظيماتها لم تظهر أو تثبت وجودها
وتأثيرها في صفوف الحراك الشعبي، بل
غابت بصورة كلية، وكأنها لم تكن، وجاءت
مبادرات تجاوزت الحالة بتفاصيلها إلى
محاولة خلق أطر بديلة لها خلفيات
سياسية واجتماعية وبنى تنظيمية، لم
يقتصر وجودها على منطقة سورية واحدة،
بل امتد في مختلف أنحاء البلاد، ليصل
إلى أوساط الجاليات في المهجر. لقد
رسم الحراك الشعبي تعبيراته الأولى في
لجان ذات طابع محلي هدفها إعادة ترتيب
العلاقات في المناطق المحددة، وهو أمر
يعني تجاوز علاقات الإخضاع والسيطرة،
التي كانوا منظمين في إطارها، والتوجه
نحو خلق أسس لعلاقات جديدة. ومن هذه
النقطة ظهرت أشكال مختلفة من الهيئات
والتنظيمات والاتحادات. بل إن كل واحدة
من التجارب، وإن تشابهت بالأسماء،
اختلفت في بعض الملامح طبقاً لوعي
ومعرفة واحتياجات الذين نظموها، ومنها
تنسيقيات المدن والأحياء والقرى، التي
تهتم بصورة أساسية بمتابعة الحراك
الشعبي وفاعلياته وبخاصة حركة التظاهر. وأضاف
الحراك الشعبي وحواضنه الاجتماعية إلى
اهتمامه بالتظاهرات، باعتبارها الأهم
في فاعلياته، توجهه نحو إعادة ترتيب
أوضاعه وعلاقاته بصورة منفصلة عما كان
قائماً من قبل، وجرى إطلاق تحالفات
وجماعات سياسية، وتنظيمات أهلية
ومدنية، وتنظيمات قطاعية، ولعل بين
آخر تلك التشكيلات تأسيس لجان
المواطنة والسلم الأهلي، التي ضمت
ناشطين وفاعليات اجتماعية واقتصادية
بهدف تعزيز السلم الأهلي ومعالجة
المشاكل الموروثة، والتصدي للمشكلات
التي تظهر على خلفية الأحداث الجارية
نتيجة تواصل الحل الأمني/ العسكري. كما
أن بين التشكيلات الأخيرة ظهور رابطة
الكتاب السوريين، والتي يفترض أن تحل
مكان اتحاد الكتاب العرب، وقد أثبت ككل
الاتحادات الأخرى أنه بعيد عن هموم
السوريين، وما تواجهه البلاد من
تحديات كبرى. والأساس
الذي يحكم تشكيل ما سبق من كيانات
وهيئات، إنما هو رغبة المشاركين فيها
وخياراتهم واحتياجاتهم ومستويات
وعيهم. فما تمت إقامته يقع في إطار
العلاقات الحرة والمنفتحة والمتعددة،
التي لا تقوم فقط بين الأفراد
المنخرطين في تلك التجارب، بل أيضاً
بين تلك التجارب نفسها. إن
هتافات المتظاهرين ودعم الحواضن
الاجتماعية لحركات الاحتجاج
والتظاهر، تبين على نحو واضح حقيقة
التغييرات الجارية في علاقات السوريين
الداخلية. ففي
مختلف الأنحاء، تجرى عمليات واسعة
للدعم المادي للمناطق المتضررة
بالأحداث، وهو دعم لا يقتصر على المواد
الغذائية والألبسة والتجهيزات
والأدوية وغيرها. بل يشمل تبادل عبوات
الدم في دلالة على توحد السوريين ودمهم
في مواجهة المحنة وتحدياتها، وهو توجه
تكرسه لأول مرة هتافات المتظاهرين
الداعين إلى الحرية والكرامة ووحدة
السوريين وتضامنهم مع بعضهم بعضاً،
وكلها هتافات لم تكن موجودة من قبل، بل
هي ولدت في إطار ثورة السوريين، لتكون
التعبير العلني عن التغييرات التي
يسعى إليها السوريون في علاقاتهم
الداخلية. ================= النظام
السوري وصناعة «إشكالية التدخل
العسكري» الثلاثاء,
10 يناير 2012 بشير
هلال * الحياة على
عتبة نهاية شهرها العاشر، تُلصَق «مسألة»
التدخل الأجنبي بالانتفاضة السورية
كما لو أنها على رأس المسائل الإشكالية
التي يتوجَّب عليها مواجهتها. حتى أن
بعضهم لا يزال، عن حسن نية أو عن سوئها
في الغالب، يعتبرها الخط الفاصل في
مقاربة الحدث السوري. وقد
كانت مناسبة توقيع مسودَّة «اتفاق»
بين «هيئة التنسيق» ووفدٍ من المجلس
الوطني السوري، والسجال الحاد
والمتعدد الطرف الذي جرى حول تسريب
الأولى لها قبل عرضها على هيئات
المجلس، الذي اتخذ مكتبه التنفيذي
قراراً برفضها وإعداد مشروع بديل،
كفيلان بإظهار الموقع الذي تحتله هذه
المسألة، أو يُراد لها أن تحتله في
النقاش العام. وبصرف النظر عن تناقضاتٍ
محتملة مع بندها الثاني، الذي ينص على
«حماية المدنيين بكل الوسائل المشروعة
في إطار القانون الدولي لحقوق الإنسان»
كرسَّت المسوَّدة بندها الأول لرفض أي
تدخل عسكري أجنبي «يمس بسيادة البلاد
واستقلالها». والحال
أن فرض «إشكالية التدخل الأجنبي»
كعنوانٍ للنقاش العام، أمرٌ تولاّه
النظام السوري بصورة مبكرة بُعَيْد
اتضاح أمورٍ ثلاثة: الاول،
اتساع الانتفاضة وازدياد وتائر تحركها
رغم القمع الدامي، ما أشار إلى صدورها
عن موجة عميقة غير قابلة للاحتواء
بالأشكال التقليدية التي اعتادها
النظام. الثاني،
فشل الدفعة الأيديولوجية-الإعلامية
الأولى التي حاولت نزع الشرعية
الشعبية عن الانتفاضة بتنظيم شارع
موازٍ وتقديم عروض إصلاح تجميلي
واتهامها في الآن نفسه بالاندراج في
سياق مؤامرة دولية يتغيّر جدول الدول
المزعوم مشاركتها فيها بنسبة إدانتها
للقمع وتجريمه. الثالث،
انكشاف عدم قدرة النظام على إنتاج
محورٍ رئيس لسياسته في مواجهة
الانتفاضة خارج الخيار الأمني، وما
رتبه ذلك من ميلٍ إلى تبريز الاستعداد
لتصعيد القمع ودرجته، بإكسابهما مظاهر
أكثر دموية وشمولاً، بأمل إبعاد
المترددين عن الحراك وخنقه تدريجاً،
عبر القتل العشوائي والاعتقالات
الجماعية في أكثر مدنه وحواضره
انخراطاً، منعاً لسيطرته على الساحات
والفضاء العام بالتواقت مع استهداف
منظِّميه، ومع مساعي تقسيم المعارضة
بين داخلية وخارجية، ووطنية وغير
وطنية، وتسفيه شعاراتها ومصداقيتها. لكن
السلطة، التي اعتقدت أنها تستطيع
تصعيد الخيار الأمني وسط دخان
اقتراحات الحوار العقيمة، مُتوقعةً في
ذلك ردود الفعل المتواطئة للجيران
والمحدودة للغرب، أخذت تكتشف وتستبطن
أن درجة احتمال الأخير انخفضت بشكلٍ
مفتوح بعد دروس الموجة الاولى من
الانتفاضات العربية ونتائجها، وقراره
الانخراط في ليبيا ودلالته كبحثٍ عن
استراتيجية جديدة في المنطقة للتلاؤم
مع سياق «الربيع العربي» وما يفرضه
الحضور المتزايد لرأي عام عربي وعالمي
ساهم بتشكيله شيوع وسائل التواصل
الجديدة والتعاطف مع قيم الكرامة
والحرية والمساواة. ولكن
عجزها عن تجسيد اكتشافها وجود حدود
منخفضة للقمع باقتراح تسوية سياسية،
دفع السلطة إلى الإصرار على الخيار
الأمني الذي ضربت المواعيد بعد
المواعيد لإنجاز هدفه بتصفية
الانتفاضة، ولا زالت، دونما طائل، مما
وضعها عملياً ومنذ أشهر في وضعية
العاجزعن التصفية، والعاجز عن الحل
وغير المقبول في عداده أصلاً وفقاً
للحراك الشعبي. وهو وضعٌ دفع تركيا
ودول خليجية وغربية أساسية إلى اعتبار
النظام عنصر عدم استقرار إقليمي مرتفع
الكلفة وفك تعاقداتها المنصرمة معه
والمبنية على تعايش حذِر وتحديد سقفٍ
لعلاقته بإيران. ما دفعه إلى تتويج
التدخل العسكري على رأس ترسانة
التضليل الاعلامي إلى جانب «المؤامرة»
و «العصابات المسلحة». وبالمقابل،
فإن الانتفاضة التي واجهت قمعاً
دامياً متدرجاً بصمود منقطع النظير،
وكانت بهذا المعنى إعلاناً بالقطع مع
الخوف الجماعي المُكبِّل، كانت ولا
تزال مضطرة إلى مواجهة اللاتكافؤ في
نسبة القوة العارية مع النظام وتعطيل
سيطرته التي لا تقتل وتجرح وتعتقل
المتظاهرين وعوائلهم فحسب، بل تعوق
مشاركة آخرين ذوي مصلحة، وتمنع انفكاك
الدولة بما يتواجد ويتراتب من
مؤسساتها، عن النظام. كما كان عليها في
هذا السياق أن تبحث عن كيفية تعطيل
جاذبياته الناجمة عن استحواذه على
المال العام والتشريع والوظائف والرشى
الجمعية والفردية. كان تأخر حدوث
الانتفاضة نفسه يعود في قسم منه الى
المفاضلة اللاأخلاقية التي فرضها
لعقودٍ خلت بين القبول بالتهميش
والإفقار وبين مواجهة الآلة القمعية-السياسية
الشمولية وسيطرتها. وبالتالي،
فأمام تحول الانتفاضة إلى نشاطٍ يومي
وسقوط آلاف القتلى والجرحى واعتقال
اكثر من مئة ألف مواطن واحتلال المدن
وميادينها وبدء عمليات التدمير
الممنهج وازدياد محاولات النظام بصورة
أساسية لاستثارة ردود أفعال أهلية عبر
طرائق وأدوات وخطابات القوى التي
يستخدمها، بدا شعارُ حماية المدنيين
إحراجاً رباعياً : للنظام بأفق تنظيم
تنافس متكافئ معه، وللدول العربية
التي يصمت معظمها، وللعالم وللهيئات
الأممية. وهو
شعار وضعه النظام فوراً في خانة طلب
التدخل العسكري رغم الفارق بينهما
لخضوع الأول لقرار الهيئات الأممية
وضغوطها غيرالعسكرية بصورة أولية
وتلاؤمه مع المفاهيم الحديثة في
القانون الدولي عن «واجب الحماية»،
فيما يحيل الثاني إلى صور الاستعمار
والقطبية الأحادية. ومما يلفت النظر أن
هذا الادغام وجد صدى لدى قسمٍ من
المعارضة التقليدية (هيئة التنسيق
خلال حزيران/ يونيو) الذي وضع «لا
للتدخل الأجنبي» على رأس لاءاته
الثلاث، في حين كان حزب الاتحاد
الاشتراكي العربي الديموقراطي الذي
يرأسه الاستاذ حسن عبد العظيم مُنسق
الهيئة، يدعو قبل أشهر وبمناسبة
الانتفاضة الليبية «المجتمع الدولي
والنظام العربي لاتخاذ الإجراءات
الفورية لوقف المجازر الدموية وجرائم
الإبادة الإنسانية التي يمارسها نظام
الطغيان والفساد». وبهذا
المعنى، يفقد أيَّ معنى اتهامُ المجلس
الوطني بالتحضير للتدخل الدولي
لمطالبته بحماية المدنيين، فيما يسود
صمتٌ تركي وحذرٌ غربي ومطالبةٌ أقصاها
فرنسي بممرات إنسانية، بينما تتابع
روسيا تدخلها بالفيتو واستعراضات
القوة، وإيران بالمال
والتكنولوجيا والسلاح والاتصالات
بقسمٍ من المعارضة لإغرائها بمساومات
تبقي النظام فيما يمتنع عن تنفيذ
المبادرة العربية ويعرقل عمل
مراقبيها، فتبدو بذلك «إشكالية التدخل
العسكري» على حقيقتها كأداة لفرط
المعارضة ومحاربة شرائحها الأكثر
جذرية ولمقاومة كل توجهٍ دولي إلى
تكبيل أدوات حرب نظام يائس على الشعب. ================= نحو
ميثاق يحمي قيم الربيع العربي الثلاثاء,
10 يناير 2012 الحسن
بن طلال * الحياة في
معرض حديثي إلى طلاب أجانب حول الحوار
بين معتنقي الأديان المختلفة، قمت
بطرح مجموعة من الأسئلة، والتي كانت
تقدم مبادئ مستوحاة من ديانات سماوية
وغير سماوية مختلفة، وطلبت منهم أن
يسموا الدين الذي ينص على تلك المبادئ.
ولعل المفارقة في هذه الحادثة تتلخص في
كمّ الإجابات الخاطئة التي قدمها
هؤلاء الخاضعون للاختبار، فقد التبست
عليهم المبادئ ولم يعرفوا مصدرها
الحقيقي، ببساطة لأنها موجودة في
دينهم كما هي موجودة في أديان الآخرين. على
النحو ذاته، أعتقد أننا نخطئ أيضاً
عندما نصب جهودنا في الندوات
والحوارات التي تتناول الحوار بين
معتنقي الأديان على بيان نقاط
الالتقاء وأوجه الاختلاف، بينما لا
أحسب أننا في حاجة لأكثر من مبادئ
مشتركة بسيطة لتحقيق العيش المشترك،
مثل النص على احترام الجار ومعاملته
بالحسنى، فما دام النص موجوداً في
ديانتي وديانة الآخرين، إذن نحن نمتلك
الضمانة التي تؤمن لنا العيش المشترك
والسلم الأهلي المنشود. انه
بمثابة نداء يوقظ أصحاب الضمائر الحية
وينبذ الفتنة والعنصرية والتعصب أياً
كان مصدرها، ففي هذه الأوقات بالذات،
نحتاج إلى وقفة جدية لاستعادة القيم
الإنسانية المشتركة التي تجمعنا.
فلنتأمل للحظة في الوضع الراهن، فإذا
كان أتباع الديانات المختلفة السماوية
وغير السماوية يشتركون بالكثير،
فبالتأكيد هناك العديد من القواسم
المشتركة أيضاً بين أبناء الطوائف
المتعددة للدين الواحد وأبناء الوطن
الواحد. لقد أخطأنا، بلا شك، عندما
حسمنا موقفنا من الحراك العربي في كل
دولة وفقاً لهواجس طائفية أو حسابات
ضيقة ولم نستطع أن نحتفل بالحرية
والمساواة والعدالة التي تنادي بها
المجتمعات العربية. لا
يمكن لأي طرف اليوم أن يغض البصر عن
مطالب المجتمعات، والتي خرجت الناس
تعبر عنها بصراحة في مناطق مختلفة،
ويتصرف وكأن العلاقة بين الحاكم
والمحكوم تسير على ما يرام، فالشعوب
العربية من المحيط إلى الخليج باتت
تدرك أن العلاقة التي كانت سائدة في
السابق بين الحاكم والمحكوم لم تعد
صالحة للمرحلة التي تلي الربيع
العربي، بل إن إصلاحها وإعادة تعريفها
وتأطيرها باتت ضرورة قصوى اليوم لضمان
انتقال منطقتنا إلى مصاف الدول
الديموقراطية أسوة بغيرنا من دول
أوروبا الشرقية وغيرها التي عانت من
الاستبداد وغياب الحرية ثم وجدت
طريقها إلى الديموقراطية. إن هذا
الانتقال بالتحديد هو ما ألهم فكرة
الميثاق الاجتماعي العربي، وجعل من
وجوب إخراجه إلى حيز الوجود حاجة ملحة
اليوم في ضوء التطورات الجارية. تقوم
فكرة الميثاق الاجتماعي المقترح على
محاولة إيجاد تلك العلاقة السليمة
والديموقراطية بين الحاكم والمحكوم
والتي تتطلع إليها شعوب نهضت من أجل
المطالبة بالتغيير. يطرح الميثاق،
والذي لا بد أن يكون وطني المنشأ ويعبر
عن إرادة عربية أصيلة لا تنبع إلا من
منطقتنا، قواعد تنظم العلاقة بين
أركان الدولة وتسمح بتغيير الحاكم
دورياً وتلزم الجميع باحترام حقوق
الإنسان الأساسية والحريات بما يضمن
لنا المضي قدماً وعدم العودة إلى عهود
من القهر عانى فيها الأفراد وفقدوا
الشعور بكرامتهم الإنسانية. أحسب
أن المطالبين بالحرية اليوم في مصر
وتونس وسورية واليمن وغيرها من البقاع
العربية يرغبون في إيجاد تلك الوثيقة
التي تحمي مطالبهم على المدى البعيد
وتطمئنهم إلى أن جهودهم وأرواحهم لن
تذهب سدى، فحراكهم يحقق المطالب على
المدى القصير، ولكن الميثاق الاجتماعي
الذي يناسب شكل المنطقة الجديد ووثيقة
الحقوق الأساسية والمسؤوليات هي التي
تحمي الحراك من العودة إلى نقطة الصفر. وأحسب
أن وثيقة جامعة تتحدث باسم الشعوب
العربية وتعترف بحقها في الحرية
والكرامة الإنسانية والعيش الكريم سوف
تكون من أهم إنجازات الربيع العربي
والتي سيوثقها التاريخ للأجيال
القادمة التي نأمل بأن ترى التزاماً
جدياً بهذه الحقوق والمسؤوليات من قبل
الجميع. وحتى لا تكون هذه المقترحات
شبيهة بما سبقها من مقترحات لم يكتب
لها النور وبقيت في الأدراج لعقود حتى
أصبحت قراراتنا مدعاة تندر وسخرية،
فإنني أعتقد أن علينا أيضاً إنشاء
المؤسسات التي تأخذ على عاتقها مهمة
تنفيذ ما جاء في الميثاق والوثيقة
ومراقبة أدائنا في مجال حقوق الإنسان
والحريات. إذا
كانت ستراسبورغ تحتضن المحكمة
الأوروبية لحقوق الإنسان، وكوستاريكا
تحتضن محكمة الأميركيتين لحقوق
الإنسان، وتستضيف تنزانيا المحكمة
الأفريقية لحقوق الإنسان، فمتى يحين
الموعد وتحتضن مدينة عربية المحكمة
العربية لحقوق الإنسان؟ أعتقد جازماً
أن الموعد قد حان، خصوصاً ونحن نشهد
مئات الألوف من المواطنين العرب الذين
خرجوا إلى الشارع بسبب غياب مؤسسة
مستقلة يملكون حق التظلم لديها
واللجوء إليها في حال انتهاك حقوقهم.
من هنا، فإن إنشاء المحكمة العربية
لحقوق الإنسان يأتي في إطار جهود إيجاد
وتفعيل ميثاق اجتماعي ووثيقة حقوقية
تصنع مستقبل أجيال تتوق إلى الحرية
والكرامة والعدالة. وفي هذا الصدد، لا
بد لنا من التأكيد بأننا سنخسر الرهان
إن بقينا نتحدث عن الحقوق ونسينا ثقافة
المسؤوليات، فعندما غادر ألكسندر
سولجنيتسين الاتحاد السوفياتي
السابق، روى أنه خرج من دولة يتحدث
فيها الكل عن الحقوق، ثم عندما وصل إلى
الولايات المتحدة الأميركية، وجد
النقيض فقد كان الجميع يتحدث عن
المسؤوليات، وتساءل حينها إن كان هناك
نهج يجمع بين المسؤوليات والحقوق،
فلنقم نحن اليوم ونخلق ذلك النهج الذي
يجمع بين المسؤوليات والحقوق على
النحو الذي يحقق العدالة للجميع في
الوطن العربي. كما
تستحق منا أوطاننا أن ننشئ الجامعة
العربية لحقوق الإنسان، فنحن اليوم
أمام أكاديميات تطلق على نفسها أسماء
من قبيل «أكاديميات التغيير» وتقدم
نفسها على أنها راعية التغيير في
العالم العربي حيث تسوق لنا «الخطوات
المطلوبة لإسقاط حكوماتنا»، بينما لا
نملك نحن مؤسسة عربية أصيلة تقع في قلب
العالم العربي وتقاوم ثقافة «التلقي»
لتكون هي الأكاديمية والجامعة التي
تخلق أجيالاً عربية مؤمنة بثقافة حقوق
الإنسان. لا أحسب أن ما ينقصنا هي
الأموال المطلوبة لإنجاز هكذا مهمة،
بل نحن في الغالب بحاجة إلى إرادة
حقيقية ورؤية واقعية لأولويات شعوبنا
وليس أولويات لا تلقى تجاوباً في شارع
عربي يهاجر منه مئات الآلاف سنوياً
ويسقط فيه المئات من الضحايا طلباً
للحرية وليس لأولويات باهتة
واستثمارات لا تعني للمجتمعات شيئاً. بالتأكيد،
فإن لدينا العديد من المنظمات
الحقوقية العربية التي تعمل في
المنطقة، ولكننا لا نرى دوراً فاعلاً
لهذه المنظمات ولا نجد لها موقفاً
حازماً من الانتهاكات الصارخة لحقوق
الإنسان، حيث لا تخرج هذه المؤسسات في
العادة عن دائرة «التلقي» هي الأخرى،
ولا زلنا غير قادرين على الحد من
الثغرات القانونية وغيرها من العوائق
التي تسمح لمرتكبي المخالفات بالإفلات
من العقاب تحت ذرائع مختلفة. في
الواقع، يؤسفني أيضاً أن الناشطة
اليمنية توكل كرمان وجدت جائزة عالمية
بثقل جائزة نوبل للسلام لتكرمها، ولم
تجد جائزة عربية تعترف بجرأتها
ونضالها من أجل مجتمعها، وهي ليست
الوحيدة بل إن مئات الناشطين
الحقوقيين العرب لم يجدوا جائزة عربية
تكرمهم. على الرغم من أننا نقدم عدداً
من الجوائز في المنطقة، إلا أنها لا
تتمتع بأي ثقل ولا تحظى بتغطية إعلامية
كتلك التي تحظى بها الجوائز العالمية،
وأما في مرحلة ما بعد الربيع العربي،
فقد آن الأوان أيضاً لأن «يكرم النبي
في وطنه». خلاصة
القول هي أننا اليوم بحاجة إلى كل ما
يؤسس لدولة القانون والمؤسسات، وكل ما
يحقق المساواة للجميع بغض النظر عن
الطوائف والإثنيات وغيرها من الفوارق
الاجتماعية. نحن في حاجة إلى ميثاق
حقيقي لا يشبه أياً من الوثائق
والقرارات السابقة التي تلتف على
المطالب ولا تدعمها بكل ما أوتيت من
قوة. كما آن الأوان لإزالة القناع عن
الدين، فنحن لا نقبل بالتطرف أياً كان
مصدره، وفي الوقت الذي تهدم فيه
الكنائس، كان العديد من الكنائس
الأخرى قيد الإنشاء وقد شاركت شخصياً
في زيارة الكنائس التي بنيت مؤخراً.
وليس أدل على أن الإسلام الحقيقي يرفض
التعصب من دعوة الأزهر الشريف إلى
إعادة بناء الكنيسة التي تعرضت للهجوم
في الإسكندرية، ودعوته أيضاً إلى
مبادرة تؤيد الدولة الوطنية الدستورية
الحديثة التي تحترم التعددية. لا أمل
من التكرار والقول مجدداً بأننا
جميعاً نحمل مسؤوليات جمة تجاه أنفسنا
وتجاه مجتمعاتنا، فإننا مستخلفون في
الأرض، وقد زالت الغشاوة اليوم وعلينا
أن نكون أهلاً للمسؤولية. *
مؤسس ورئيس منتدى «الفكر العربي» ================= الثلاثاء,
10 يناير 2012 الياس
حرفوش الحياة لو
اعتمد معارضو النظام العراقي السابق
وثوار ليبيا وتونس ومصر على الجامعة
العربية، لكان صدام حسين وزين
العابدين بن علي ومعمر القذافي وحسني
مبارك في الحكم اليوم. هذا هو الدرس
الذي تعلّمه نظام بشار الأسد متأخراً،
فأسرع بعد تلكؤ الى فتح أبوابه
للمراقبين العرب، على ما في ذلك من
استهانة ب «السيادة السورية»، التي
كان يقول إنه حريص على حمايتها، وهو
الدرس الذي كان يجب ان تتعلمه المعارضة
السورية، وهي التي تقول إن هدفها هو
إسقاط النظام في دمشق. واقع
الأمر أنه لم يكن لدى كل من الحكم
والمعارضة السوريين مخرج أفضل من مخرج
المراقبين: النظام اعتبره -ولا يزال-
كأساً اقل مرارة من كأس التدويل،
والمعارضة رأت انهم يمكن ان يوفروا
سبيلاً مقبولاً لإحراج الأجهزة
الأمنية السورية، فتتوقف عن اعمال
القتل المتمادي، وتفتح أبواب السجون،
فيتحرر المعتقلون، ويخرج ملايين
السوريين في تظاهرات سلمية، مطالبين
برحيل النظام، تحت أعين المراقبين،
بعد أن يسقط جدار الخوف من آلته
الأمنية. غير أن
ما اكتشفته المعارضة السورية، هو ان
المراقبين العرب لا يسقطون نظاماً،
وليست هذه مهمتهم. وجودهم في الشوارع
السورية نتيجة لاتفاق موقع بين
الجامعة العربية التي ارسلتهم
والحكومة السورية التي تستضيفهم، منح
الشرعية للنظام السوري منذ بداية
الطريق، ووضعه في موقع الفريق الاقوى
بالمقارنة مع المعارضة. ويصحّ ذلك أكثر
عندما نعرف أن أطراف المعارضة هم آخر
من يعلم عن هويات المراقبين وعن ميولهم
السياسية، في الوقت الذي بقي في يد
الحكومة السورية حق وضع الفيتو على من
تريد أو لا تريد منهم. لذلك
لم يكن غريباً الجدل الذي ظهر إلى
العلن بشأن دور المراقبين بعد اجتماع
اللجنة الوزارية العربية اول امس
ومناقشتها التقرير الاول الذي قدمه
رئيس الهيئة الفريق محمد الدابي، فقد
أكد الدابي أكثر من مرة في تصريحات
خلال مهمته في سورية، أن دور المراقبين
ليس المساعدة على إسقاط النظام، بل
التأكد من تطبيق الخطة العربية، التي
لم تلحظ في أي من بنودها أيّ هدف يتعلق
بمستقبل النظام، الذي قال حمد بن جاسم
نفسه في أكثر من مناسبة إنه أمر متروك
للسوريين. لقد
جاء تقرير المراقبين العرب «حيادياً»،
على صورة الجامعة ومثالها. ورغم الوضوح
الذي اتسمت به الخطة العربية، وخصوصاً
لجهة وقف أعمال العنف كافة والإفراج عن
المعتقلين وإخلاء المدن من المظاهر
المسلحة، وفتح المجال امام الوسائل
الإعلامية للاطلاع على حقيقة الوضع،
تعمّد التقرير تجهيل الفاعل عند حديثه
عن إطلاق النار على التظاهرات وعن
الآليات العسكرية على اطراف المدن وعن
استمرار التضييق على وسائل الاعلام
المصنّفة ضد النظام. وحتى في حديثه عن
القتلى الذين يسقطون يومياً، لم يتسنّ
لفريق المراقبين معرفة ما اذا كان
هؤلاء من حلفاء النظام أو من خصومه،
مثلما لم تتسنّ له الإجابة عن ذلك
السؤال الأبدي: لماذا لا يسقط القتلى
سوى في التظاهرات المناهضة للنظام؟
وهكذا، وبدلاً من ان يسجل تقرير
المراقبين عدم تنفيذ النظام السوري
بنود الخطة العربية التي ذهبوا اصلاً
الى سورية لمراقبة تنفيذها، جاء
تقريراً وصفياً، يحاول الوقوف في
الوسط بين الطرفين، مثلما تفعل
الجامعة العربية نفسها، وهي التي
تختصر داخل قاعاتها واجتماعاتها
نزاعات العرب واختلاف أهوائهم. ما
يمكن استنتاجه من ذلك كله، ان المعارضة
السورية متروكة الآن لتتدبر امرها
بنفسها. وإذا كان صحيحاً، مثلما قال
رئيس وزراء قطر، أن عقارب الساعة لا
تعود إلى الوراء، فالصحيح إيضاً أن هذه
العقارب يمكن ان تبطئ سرعتها إذا تعطل
عملها، وبالتالي يصبح الزمن معها
متأخراً عن مواعيده الطبيعية... وهو ما
سوف ينطبق مع الأسف على انتفاضة الشعب
السوري. ================= التقسيم
الإيراني التركي للشرق الأوسط جاسون
باك ومارتين فان كريفلد الشرق
الاوسط 10-1-2012 وصف
الكثير من الأميركيين من التيار
اليميني والمحللين الإسرائيليين،
خلال العقد الماضي، الصراعات
الجغرافية - الاستراتيجية التي تحدث في
الشرق الأوسط، في إطار حرب باردة جديدة
تضع أميركا في حرب ضد شيعة إيران. لقد
حذروا من «الهلال الشيعي» العربي
الممتد من لبنان إلى العراق، والمتصل
بإيران عبر الدين والتجارة والجغرافية
الاستراتيجية. لقد
بدأ العام الجديد بمحاولة شيعية
للتلاعب بالقوة، من خلال رئيس الوزراء
العراقي، نوري المالكي، الذي يحاول
السيطرة على الحكومة العراقية
والاستعراض الإيراني للصواريخ
والقدرة النووية، فضلا عن التهديدات
بإغلاق مضيق هرمز في حال منع إيران من
تصدير النفط. ويمكن
النظر إلى هذه الأحداث باعتبارها
دليلا قاطعا على التوسع الإيراني
الممزوج بالخوف من امتلاكها سلاحا
نوويا، الذي يجعل من المستحيل التعرض
للنظام الحالي وعملائه الإقليميين من
قريب أو بعيد. ما تتجاهله هذه النظرة
للشرق الأوسط هو حقيقة أن أميركا تواجه
مشكلات سياسية واقتصادية داخلية. على
الجانب الآخر، تجيد تركيا، الصاعدة
داخل الإقليم، المناورة أكثر من
الاثنين. إضافة
إلى ذلك، أغفل المراقبون الغربيون
خيطا أساسيا للأحداث، وهو التقسيم
المستمر للجمهوريات العربية بين تركيا
وإيران. يصاحب ذلك تراجع وضع أميركا
كلاعب مهيمن على الإقليم. فقط الأنظمة
الملكية العربية وإسرائيل هي التي لا
تزال تنظر إلى الولايات المتحدة
باعتبارها الراعي الأساسي لها. من أجل
التحقق من كيفية رؤية الأطراف الفاعلة
في المنطقة لهذه الديناميكيات
المتغيرة، قضى باك عطلة الكريسماس في
أربيل، عاصمة إقليم كردستان. بعد
انسحاب القوات الأميركية من العراق،
أكد مسؤولو إقليم كردستان على حاجتهم
لراع إقليمي لحمايتهم من سيطرة بغداد.
ويحتاج كردستان العراق المحاصر
جغرافيا إلى قناة لتصدير نفطه إلى
الغرب. الدولة الوحيدة التي يمكنها
تحقيق هاتين الغايتين هي تركيا. لهذا
كثيرا ما اتخذ مسؤولو إقليم كردستان
جانب أنقرة في مواجهة حزب العمال
الكردستاني، بدلا من مساندة الأكراد
داخل تركيا. كل هذا
يوضح السبب في عدم إثارة الغارة الجوية
التركية في 28 ديسمبر التي أسفرت عن
مقتل 35 مهربا كرديا بطريق الخطأ
للاشتباه في كونهم إرهابيين غضبا
كبيرا داخل إقليم كردستان. لم يكن هناك
أي مظاهر لاحتجاجات ضد تركيا في شوارع
أربيل، بل يمكن للمرء أن يلاحظ الوجود
التركي الكبير، من خلال مشاريع البناء
والاستثمارات والسلع الاستهلاكية
والسياحة. إذا تمت إقامة المزيد من
الخطوط من إقليم كردستان إلى البحر
المتوسط عبر تركيا، فستكون النتيجة
دولة عازلة كردية - عراقية. وستمثل هذه
الدولة حاجزا عازلا يمنع التدخل
الإيراني (وربما أميركا أو من قبل حزب
العمال الكردستاني) في الشؤون
التركية، نظرا لاعتمادها الكبير على
تركيا من أجل البقاء. الوضع في جنوب
العراق مغاير تماما، حيث توجد دولة
شيعية عازلة مدعومة من إيران تمنع أي
تدخلات أميركية أو تركية أو سعودية. أكدت
الأحداث التي وقعت خلال الأسبوعين
الماضيين بما لا يدع مجالا للشك أن
المالكي هو «رجل إيران» في بغداد. على
الرغم من هذا التقسيم الفعلي على أرض
الواقع للعراق خلال الشهر الماضي، لا
تدخل تركيا وإيران مع بعضهما بعضا في
صراع على مناطق النفوذ، لذا عادت إيران
إلى وضعها التقليدي كبولندا الشرق
الأوسط. في
فترة ما بعد الربيع العربي قسمت تركيا
وإيران الحركات الإسلامية المتمردة
بينهما، فاتجه الأتراك إلى دعم
الإسلاميين المنتصرين «المعتدلين» من
تونس إلى مصر، بينما اتجهت إيران إلى
دعم السلفيين، على الرغم من أنهم من
المسلمين السنة. ووقف جناحا هذا التيار
الإسلامي في كل من الانتخابات المصرية
والتونسية وفي الصراع الداخلي في
ليبيا، في معسكر واحد ضد العلمانيين
والليبراليين الجدد المدعومين من
الغرب. ونظرا لعدم وجود سكان من الشيعة
في شمال أفريقيا وظهور الإسلاميين «المعتدلين»
باعتبارهم اللاعبين الأساسيين في
المنطقة، تظهر كل من تركيا السنية
وقطر، كقوتين صاعدتين وراعيين تجاريين
في شمال أفريقيا. وبدأت
طريقة تركيا في حل القضية الفلسطينية -
الإسرائيلية تختلف عن طريقة إيران،
فمنذ الخمسينات وحتى عام 2002، تمتعت
النخبة العسكرية العلمانية في أنقرة
بعلاقات سياسية واقتصادية استثنائية
مع الغرب. كذلك كونوا علاقات دفاعية
وطيدة مع إسرائيل وقوات حلف شمال
الأطلسي. مع ذلك منذ ذلك الحين، خرجت
تركيا من مدار الأمن الغربي. في
البداية، عارضت تركيا الحرب الأميركية
ضد العراق عام 2003، ثم زاد قربها من
الجانب الفلسطيني من الصراع، بعد أن
أسفر الهجوم على قافلة الإغاثة
المتجهة إلى غزة عن مقتل تسعة أتراك في
المياه الدولية. فقط بدا الاختلاف
الواضح بين تركيا وإيران فيما يتعلق
بسوريا؛ ففي الوقت الذي كانت تدعم فيه
إيران وحليفها حزب الله في لبنان نظام
الأسد، كان الأتراك يدعمون السوريين
ويوفرون لهم الملاذ الآمن. مع ذلك،
ربما يظهر الصراع بأكبر من حجمه
الحقيقي، حيث ستدعم تركيا المسلمين
السنة في حقبة ما بعد الأسد، بينما
ستظل إيران راعية العلويين. إضافة إلى
ذلك، سيجد الاثنان طريقة لحماية
مصالحهما الاستراتيجية والمالية أيا
كان النظام الذي سيتولى الحكم في سوريا. خلال
عام 2011، منع الهوس الغربي المستمر
بالتهديد النووي الإيراني صناع
السياسة من إدراك الديناميكية الواضحة
في الشرق الأوسط. لقد تم تجاهل الذين
حذروا من وجود «مستقبل تركي - فارسي»
بعد «الموجة الديمقراطية العربية» مثل
محمد أيوب. لقد أضعف الربيع العربي
الدول العربية بشكل كبير، حيث تركها
معرضة للتقسيم وزاد الفيدرالية
والتدخل الخارجي. إذا نظرنا إلى
الوراء، ربما ندرك أن عام 2011 تسبب في
تمزق حاد للمشهد السياسي في الشرق
الأوسط مثلما حدث عام 1919، فبعد هزيمة
الإمبراطورية العثمانية في الحرب
العالمية الأولى، قسمت كل من بريطانيا
وفرنسا الشرق الأوسط العربي بينهما،
وحصلت الأولى على نصيب الأسد. الشريك
الأضعف والأقل استقرارا في التقسيم
الناعم للمنطقة الذي يحدث اليوم هو
إيران، أما المنتصر الحقيقي في الربيع
العربي هو تركيا الناهضة. هؤلاء الذين
يتجاهلون الحقيقة، فليتحملوا الخطر. *
باك باحث في التاريخ الليبي بجامعة
كمبردج، وكريفلد من أكبر محللي
التاريخ العسكري *
خدمة «غلوبال فيو بوينت» ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |