ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
2012-01-11 الوطن السعودية مثلما كان متوقعا، لم يحمل خطاب الرئيس
السوري، أمس، جديدا، إذ جاء مكرسا
لاستراتيجية القمع التي اعتمدها نظام
دمشق للرد على المحتجين، فالرئيس توعد
دعاة التغيير ب"الويل والثبور"
وهدد من أسماهم "القتلة والإرهابيين"
بالضرب "بيد من حديد". بشار الذي تحدث حوالي ساعتين بلغة
التخوين والوعيد، لم يتوان عن التأكيد
مرارا في ثنايا خطابه على الرد بعنف
على معارضيه. وهذا يعني بوضوح أن آلة
الموت ستستمر في حصد أرواح من تسول لهم
أنفسهم بقول "لا" للنظام، بل
وبوتيرة أعلى مما كانت عليه. الخطاب في مجمله جاء مليئا بالثقوب
والمتناقضات؛ ففي حين تحدث عن
الإصلاح، تحدث أيضا عن العملاء
والخونة الذين "يستنجدون بالمجتمع
الدولي لحمايتهم من حملات الموت
المجاني". الرئيس السوري يتغافل عن أنه لم يعد
بمقدوره الآن، أن يسوق هذا الخطاب
للداخل أو الخارج، لأن ذلك يستلزم أن
تكون هناك نوايا حقيقية للإصلاح وليس
مجرد مراوغات كما تؤكد شواهد الحال. لقد بات واضحا أن الأسد وزمرته إما إنهم
يكابرون، أو إنهم لم يستوعبوا رياح
التغيير العاصفة التي تمر بها المنطقة
ومن ثم لم يدركوا جيدا حقائق المشهد
العربي المماثلة. وبالنظر إلى أحدث
محطات الربيع العربي، نلحظ أن نفس
اللغة التي استخدمها الزعيم الليبي
الراحل معمر القذافي في وصف شعبه
وتحديه لإرادة التغيير، يكررها بشار
الآن بطريقة أخرى رغم أن المفردات ترجع
إلى "قاموس واحد". إن خطاب بشار سيكون بمثابة "القشة التي
قصمت ظهر البعير"، فالمشهد السوري
المتشظى لم يعد بحاجة للمزيد من سكب
الزيت على النار حتى يشتعل بالكامل. ما يجري في أرض الشام هو موجة من موجات
التاريخ ولكن بشارا، وبمثل هذا الخطاب
الاستعلائي الإقصائي أراد أن يقول إنه
سيهدم المعبد على من فيه. وصفوة القول؛
إن الرئيس أحرق مراكب العودة للاحتكام
إلى صوت العقل والاستجابة لمطالب
شعبه، ودخل في نفق النهاية المحتومة. ================= رأي الراية الراية 11-1-2012 بدا الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه
خارج الزمن وهو يكرر في خطابه الرابع
"نظرية المؤامرة" التي تستهدف
سورية ويعلن أن الأولوية القصوى
للسلطات في سورية هي في السعي لاستعادة
الأمن الذي لا يتحقق إلا بضرب "الإرهابيين
القتلة". إن أحدا في العالم العربي الذي اتهم
الرئيس السوري بعضه بالمشاركة في
المؤامرة على سورية أو في الدول
الغربية لا يمكن أن يناصر الإرهاب أوذ
يؤيد العمليات الإرهابية التي تستهدف
المدنيين الآمنين وقد أدانت كل عواصم
العالم غربيها وشرقيها العمليتين
الإرهابيتين اللتين وقعتا في دمشق قبل
عدة أيام واللتين لا زالت ملابساتهما
مجهولة. بل إن العالم غربيه وشرقيه شن
ولا يزال حربا ضروسا على ما يوصف
بالإرهاب. إن ما غاب عن الرئيس السوري قصدا ويرفض
الاعتراف به أن الشعب السوري قد اتخذ
قرارا لا رجعة فيه بالتغيير
والديمقراطية والحرية بعد أكثر من
أربعة عقود من حكم الفرد والعائلة
والحزب القائد. كما أن الشعب السوري
الذي نزل إلى الشوارع والميادين في
معظم المدن السورية منذ أكثر من عشرة
شهور وقدم خلالها أكثر من خمسة آلاف
شهيد حسب أرقام الأمم المتحدة لا يمكن
أن يكون متآمرا على وطنه وعلى نفسه
وعلى مستقبله. إن نفي الرئيس السوري الأسد لوجود أوامر
على أي مستوى" لإطلاق النار على
المحتجين إلا في حالات "الدفاع عن
النفس ومواجهة المسلحين". تدحضه
أرقام الضحايا من المدنيين الذين
يتساقطون كل يوم في شوارع المدن
السورية وتدحضه روايات المواطنين
السوريين لمنظمات حقوق الإنسان
العربية والدولية عن الفظائع التي
ارتكبت وترتكب بحق المدنيين السوريين
على أيدي أجهزة الأمن والجيش والشبيحة. إن المخرج الحقيقي والوحيد من الأزمة
السورية يكمن في وقف قتل المدنيين وسحب
الجيش والشبيحة من المدن والبلدات
السورية والإفراج عن عشرات آلاف
المعتقلين السوريين والسماح
للمواطنين السوريين بالتظاهر
والتعبير عن مطالبهم بكل حرية وهو ما
سيؤكد إن كان الرئيس السوري يحكم دمشق
بإرادة الشعب السوري ورغبته أم لا. أما الحديث عن استفتاء محتمل في شهر مارس
المقبل على الدستور وانتخابات تشريعية
في شهر مايو أو يونيو المقبل فهو لن
يقدم أو يؤخر في استمرار ثورة الشعب
السوري التي يرفض الرئيس الأسد
اعتبارها ثورة شعبية. كما أن الحوار مع
قوى المعارضة لا يمكن أن يجري في وقت
يُقتل فيه السوريون في الشوارع وفي
المعتقلات تحت التعذيب... ليتوقف القتل ولتتوقف إراقة الدماء عندها
يستطيع الجميع أن يتحدث عن انفراجة
حقيقية في الوضع السوري السائر حتما
إلى مزيد من الضحايا والعنف ما دام
النظام يرفض الاعتراف بوجود ثورة
شعبية و يصر على الحل الأمني في
مواجهتها. ================= يوسف الكويليت الرياض 11-1-2012 خطابُ الأسد هو
مرافعة بائسة لواقع لم يعترف به، ولعل
إطلاق العرب المستعربة على الدول
الأعضاء في الجامعة العربية، تفريغ
لشحنة غضب من إنسان يائس، إذ رغم
تظاهره بالتماسك في خطابه المطول الذي
يذكّرنا بمطولات «كاسترو» نجد
المضامين هي هي، أي أن المؤامرة أُعدت
سلفاً من فئات عربية وأجنبية جندت
إرهابيين وسلحتهم من خلال التهريب،
ولا ندري إذا كان الرئيس الذي لم يحدد
مسافته من الشعب السوري الثائر، هل
الانتفاضة جاء بها أشباح من عوالم
خارجية، أم أنها نتيجة طبيعية لمحاكاة
الثوراث العربية من ظلم خيم على سورية
لنصف قرن؟! ثم هل زعم الأسد أنه جاء
بإرادة شعبية ويذهب بنفس الإرادة، وهو
الذي جاء من خلال اغتصاب السلطة
بالانقلاب العسكري الذي قاده أبوه، ثم
أعطاه، بالتوريث، مفاتيح السلطة، وهل
كان للشعب إرادة بكلا الُحكمين
والسلطتين أم هي فرضية جاء بها عسكر
موالون للعائلة؟! الجامعة العربية التي قال الأسد عنها
إنها لا تملك إرادتها لأنها تمثل قوى
أخرى تهيمن على قراراتها، وهذه المرة
الكلام جاء ليس من سفير، أو وزير، بل من
رئيس دولة، ما هو جواب أمينها العام في
هذا الطعن التام، والذي وصل إلى حد
الاستهزاء بالعرب المستعربة الذين هم
في صلب المؤامرة على سورية، وكيف نوفق
بين هذا القول، وحرية المراقبين ، وأي
دور للجامعة التي أبقت على شعرة معاوية
أمام حكم لا يُظهر أي قيمة للعلاقات
العربية، ويهين شعبه ليس فقط في
الاستجداء له، بل بضربه تحت رؤية
العالم كله الذي يشهد بهذه الممارسات
ويكذبها الرئيس؟! رجل سبق له إهانة زعماء عرب في عمر أبيه
عندما قال مخاطباً إياهم «إنهم أشباه
رجال» لا يتورع أن يعمم مرة أخرى على
الزعماء العرب أنهم بلا هوية ولا جذور،
طالما أنهم عرب مستعربة، وهم مجرد كمّ
بلا معنى تجاه دولة، ولا نقول شعباً،
ضحت وأطعمت البائس والفقير رغم شح
مواردها!! المغالطات في خطاب الأسد كثيرة، لكن ما
يهمنا أنه لم يعترف بالحقيقة،
ليعالجها، لأنه فقد شعور المسؤول،
طالما أصبح الوضع السوري في حالة ثورة
شاملة، وعملية أن يجد في الشعب السوري
الثائر قطيعاً صغيراً تديره دول
اعتمدت المؤامرة، فهي من مخلفات فكر
انتهى في أواخر الستينيات، والذي لا
يعلمه الأسد أن الشعب السوري، هو
القارئ الأول عربياً، وثقافته مناعة
ذاتية من أن تخدعه كلمات قاتل مع سبق
الإصرار.. وإذا كان الرئيس اتجه، كما يقول، شرقاً،
لأن الغرب استعماري بطبيعته وتكوينه
فإن أبسط معارف العلاقات الدولية، أن
المصالح لا تتجزأ، ولم تعد سياسة الكتل
الشرقية والغربية، هي من يحكم التعاون
من أجل المكاسب، وإلا كيف نرى معدلات
الاستثمارات بين الصين الشيوعية،
وأمريكا، وأوروبا، تفوق أي علاقات
اقتصادية بين نظامين لا يلتقيان
أيديولوجياً، ولكن تجمعهما المصالح
المشتركة؟ المشهد السوري لا تغيّبه كلمات بليغة، إذ
إن الصورة مركبة الأبعاد وتُنقل
بوسائط محايدة لا تكذب، والأسد في كل
ما قال ينعى ظرفه الزمني طالما تحرك ضد
الساعة وعكس التاريخ!! ================= سعيد شهاب عكاظ 11-1-2012 لا أحد يحسد المراقبين العرب على هذه
الدوامة التي وجدوا أنفسهم في خضمها
وعلى تلك المسؤولية الجسيمة تحت أنظار
العالم وبين أزيز الرصاص المتطاير،
تحاول السلطة استمالتهم تارة وتضليلهم
وخداعهم بجيش من الأعوان ذوي الوجوه
المتلونة والأقنعة المزيفة تارة أخرى
بينما تناديهم صرخات الأمهات وأنين
الجرحى والمعذبين وتشد أبصارهم على
الجانب الآخر قوافل الجنائز المتتابعة
تنثر الدماء وتزرع الغضب على طول
الطرقات، لا تملك الجامعة العربية ولا
فرق تفتيشها الخبرات ولا الأعداد
الكافية ولا التجارب السابقة ولا
الإمكانات اللوجستية المستقلة لتضع
نفسها في هذا الموضع وإذا كان إقليم
كوسوفو الصغير قد احتاج إلى أكثر من
ألفي مراقب سخرت لهم إمكانات وقدرات
الأمم المتحدة وعملوا تحت علمها وفي
حمايتها ليتمكنوا من إتمام مهمتهم
وسورية أكبر من كوسوفو بأكثر من عشر
مرات فكيف سيعرف المفتشون العرب الذين
لن يتجاوز عددهم المائة الواحدة طريق
الحقيقة بينما تحملهم سيارات النظام
ويرافقهم رجاله وتحميهم قواته، وبينما
ترصد كاميرات الإعلام عبر وسائلها
المتعددة ما يحدث لحظة بلحظة ويحبس
العالم أنفاسه في انتظار تقارير فرق
المراقبين ظهرت تصريحات مسؤوليها
الأولية مضطربة أو متناقضة بل ظهر
بعضها مهادنا لموقف السلطة رغم معرفة
الداني والقاصي بحقيقة ما يحدث، ثم
جاءت تصريحات أمين عام الجامعة
العربية فبدت متعجلة ومخيبة للآمال
حين زعم سحب الآليات الثقيلة من شوارع
المدن وتوقف إطلاق النار وإدخال المؤن
والأدوية إلى الأحياء المتضررة بينما
تزخر شاشات الفضائيات وفضاءات
الانترنت بمشاهد القتل وبأرتال
الآليات تمخر الشوارع والأزقة، فهل
ستنجح السلطات السورية في خداع
الجامعة العربية ولجنتها الوزارية وهل
ستتخذ من ذاك البروتوكول وما انبثق عنه
ذريعة للمزيد من القتل والتنكيل
بالمحتجين وهل ستجعل من المراقبين
العرب شهود زور تزيف لهم الحقائق
والوقائع فتنطلي عليهم الحيلة ويضلل
رأيهم ليكسب بذلك النظام المزيد من
الوقت لإخماد الثورة ولتصفية الثوار
ولنسبة الجرائم التي أودت بأرواح آلاف
القتلى إلى قوى وعصابات تعمل لحساب دول
أجنبية وبأجندات عميلة وللحصول على
شهادة براءة بختم الجامعة العربية، إن
استطاع النظام تمرير ما يبدو أنه بصدد
تمريره فقد جعل من الجامعة ومن لجنتها
الوزارية ومن خبرائها أضحوكة أمام
العالم، فهل ستنتبه الجامعة العربية
لما يحاك لها هناك فتدافع عن مصداقيتها
وتثبت صحة خياراتها إن كانت صحيحة فعلا..! ================= لماذا لا ينفع الوقت مع
النظام السوري؟ خيرالله خيرالله المستقبل 11-1-2012 لم يعد من همّ في سوريا، أقلّه بالنسبة
الى النظام العائلي- البعثي، سوى كيفية
كسب الوقت. هل يفيد عامل الوقت النظام
في شيء، ام انه يساهم في اهتراء البلد
من داخل ليس إلا، أي بما يصبّ في تفتيت
سوريا؟ الوقت لا يمكن ان ينقذ النظام. هذا عائد
الى ان السوريين سيستمرون في المقاومة
والممانعة والثورة الى ما لا نهاية
نظرا الى ان المسألة بالنسبة اليهم
مسألة حياة او موت. بات السوري يفضل
الموت على الظلم والقمع والذلّ. لم يعد
مقبولا في القرن الحادي والعشرين بقاء
نظام ستاليني في السلطة في بلد حيوي
مثل سوريا يمتلك شعبا عظيما استطاع
المحافظة على التعلّق بثقافة الحياة
على الرغم من كلّ المحاولات التي
استهدفت إلغاءه من الوجود. ما يفترض ان
يفهمه النظام السوري ان التحايل على
المراقبين العرب لا يفيد في شيء، كذلك
الرهان على شق صفوف المعارضة وتأجيج
الخلافات بين مجموعاتها المختلفة. مثل
هذا الرهان ليس في محلّه نظرا الى أن من
يحدد اجندة الثورة الحقيقية التي
يشهدها البلد هو الشعب السوري وليس هذه
المجموعة المعارِضة او تلك. مرّة اخرى، لا بدّ من القول بأنّ ما تعاني
منه سوريا هو ازمة كيان ونظام في الوقت
ذاته. كان هناك دائما شعور ما لدى
المقيم على رأس هرم السلطة في دمشق ان
الكيان السوري ضيّق عليه. والواقع،
الذي يثبته تسلسل الاحداث، ان المشكلة
لم تكن في الكيان بمقدار ما انها كانت
في النظام. لم يستطع النظام السوري
يوما حلّ اي مشكلة من مشاكل البلد.
ولذلك، كان الانقلاب العسكري الاوّل
بعد استقلال الكيانات العربية في
سوريا وليس في مكان آخر. كان ذلك في
العام 1949 قبل ثلاث سنوات وبضعة اشهر من
الانقلاب الذي شهدته مصر وأطاح النظام
الملكي في تمّوز من العام 1952. زادت الرغبة في الاتجاه الى الخارج في عهد
الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي تولّى
السلطة، كل السلطة، في خريف العام 1970.
كان نجاح الاسد الأب في خوض حرب تشرين
الى جانب انور السادات، مبررا للسعي
الى دور اكبر على الصعيد العربي. عمل
الاسد الاب على ثلاث جبهات هي لبنان
والعراق ومصر. عمل ايضا على جبهات
اخرى، بما في ذلك اقامة علاقة معينة مع
الادارات الاميركية المتلاحقة. توجت
العلاقة مع الاميركيين باتفاق فك
الارتباط مع اسرئيل في العام 1974. أمّن
الهدوء والسكينة في الجولان على الرغم
من انّه بقي محتلا! نجح الاسد الاب الى حدّ كبير في تقويض
مؤسسات الدولة اللبنانية عن طريق
تسليح الميليشيات بغضّ النظر عن الحزب
الذي تنتمي اليه. وكان اوّل من وقع في
الفخ بعض الاحزاب المسيحية التي اضطرت
الى الاستنجاد به في مرحلة معيّنة من
الحرب اللبنانية ومن حروب الآخرين على
ارض لبنان! جهد في الوقت نفسه، نتيجة عمل دؤوب بدأه
عندما كان لا يزال وزيرا للدفاع، في
عملية تجميع المسلحين الفلسطينيين في
لبنان واستخدام الورقة الفلسطينية ضد
ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب
الفلسطيني. وقع ياسر عرفات بدوره في
الفخّ الذي نصبه له النظام السوري في
لبنان. لم يتعلّم الكثير من التجربة
التي مرّ بها في الاردن في العام 1970 وفي
السنوات التي سبقت 1970. على الصعيد العراقي، لعب الاسد الاب ورقة
معاداة صدّام حسين. نجح في ذلك الى حدّ
كبير نظرا الى ان العرب كانوا في
معظمهم يخشون تهوره. استطاع ايجاد حاجة
عربية اليه في لعبة التوازنات
الاقليمية وذلك على الرغم من الموقف
السوري الداعم للنظام الايراني في
حربه مع العراق ابتداء من العام 1980. على الصعيد المصري، كان النظام السوري
المستفيد الاوّل من عزل مصر في عهد
انور السادات بعد زيارته القدس وإلقاء
خطاب في الكنيست، وبعد توقيعه اتفاقي
كامب ديفيد ثم معاهدة السلام مع
اسرائيل في آذار من العام 1979. جرّ الاسد
الاب العرب، بمن فيهم العراق البعثي
الذي كانت تنقص قيادته السياسية النضج
السياسي، الى لعبة المزايدات التي
مكّنته من لعب دور اقليمي لا افق
سياسيا له. كان الرهان في سوريا على الوقت. تغيّرت
اللعبة كلّيا مع رحيل حافظ الاسد في
السنة 2000 ثم مع سقوط النظام العراقي في
2003. لم يستطع النظام السوري التكيّف مع
التغيير، خصوصا بعد العام 2005 عندما
اضطر الى الانسحاب عسكريا من لبنان
نتيجة اغتيال الرئيس رفيق الحريري
ورفاقه. لم يدرك ان هناك تطورا جذريا
طرأ على التوازنات الاقليمية. يتمثل
هذا التطور في ان القرار السوري صار
ايرانيا وان ليس في استطاعة دمشق
امتلاك اي نفوذ في لبنان لولا ما تجود
به عليها طهران. لم يدرك النظام السوري
انّ للتخلص من رجل في حجم رفيق الحريري
ثمنا ضخما لا يمكن مقارنته الا بالثمن
الذي دفعه صدّام حسين نتيجة احتلاله
دولة مسالمة اسمها الكويت... مع مرور الوقت، ظهرت مشاكل سوريا على
حقيقتها. مع مرور الوقت، سيتبيّن ان
هناك خطرا جدّيا على الكيان السوري في
غياب الترتيبات اللازمة لمرحلة
انتقالية تضمن هبوطا هادئا وآمنا
للطائرة السورية. انها لحظة بروز كل
المشاكل في الوقت نفسه. للمرة الاولى
منذ ما يزيد على ستين عاما لا مكان في
الخارج يهرب اليه النظام السوري، ولا
لعبة توازنات يمكن ان يراهن عليها. انه
في مواجهة مع شعبه لا أكثر ولا أقلّ. من
يقول إن احتمال تفتّت سوريا غير وارد،
يستطيع التمعّن في تجربة السودان! ================= عمر العمر التاريخ: 11 يناير 2012 البيان الرهان على نظام البعث للخروج بالشعب من
مستنقع الدم السوري خيار خاسر. القراءة
الأحادية بعين واحدة للأحداث تدفع
لجهة التوغل في الدم. بين النظام
والمعارضة بون شاسع في النظر إلى ما
يحدث. النظام يشدد على اعتبارها مؤامرة.
المعارضة تراها ثورة. النظام يستثمر في
كل الفرص الافتراضية للمضي في طريقه
المسدود. هكذا يتراجع مع كل فرصة
واقعية ممكنة لوقف نزيف الدم خطوتين
إلى الوراء. دمشق تستثمر حالياً في
التقرير المبتسر من قبل المراقبين
العرب. الرهان على الفريق العربي مثل الرهان على
النظام السوري. بروتوكول المراقبين
نفسه خطوة إلى الوراء في سياق جهد
الجامعة العربية لوقف حمام الدم
السوري. البروتوكول فصل من مبادرة
متكاملة. دمشق قبلت استقبال المراقبين
العرب ضمن مراوغة الزمن والضغط القومي
لتفريج وضع قطري متأزم. الرهان على النظام السوري من أجل تخليق
بيئة سياسية ديمقراطية حقيقية خيار
خاسر. الدولة السورية الحالية انتاج
نصف قرن من الاستبداد والقمع المكرسين
بمؤسسات عسكرية وأمنية وسياسية غليظة
صماء. المؤسسات الثلاث ظلت تتشبع على
مدى العقود الخمسة بايديولوجيا عتيقة
ضيقة الأفق والصدر. على مدى خمسين
عاماً ظلت ماكينة إعلامية تغذي عقول
الأجيال طحيناً غثاً لا طعم له ولا
رائحة مما أفقد قطاعاً عريضاً من الشعب
شهية الإقبال على الحياة. الواقع
السوري المتكلس أنتج طبقة سياسية لا
ترى أبعد من أرنبة مصالحها الشخصية. الرهان على المراقبين العرب خاسر إذ يبنى
على فريق فقير في القدرات الإنسانية
والإمكانات المادية. الوفد جاء في
بنيته انعكاساً لمرايا الأنظمة
العربية وجامعتها. إذا حاز تقرير
المراقبين على رضا النظام السوري
واستثار غضب المعارضة فتلك نتيجة
منطقية لتشكيل الوفد وطبيعة مهمته
العزلاء من أبسط مقومات الأداء الناجح. الفريق العربي لم يبرئ النظام علناً ولم
يجرمه. انتشار المراقبين العرب لم يفرز
عنصراً سياسياً في دماغ النظام أو
عاطفته بغية تحريك الآليات العسكرية.
على نقيض الرهان المأمول تصاعدت
معدلات القتل بالتزامن مع وجود
المراقبين. تلك هي الرسالة القطرية
الرسمية الأولى على المهمة القومية. الفريق العربي لم يقدم الحماية
للمتظاهرين. أكثر من ذلك اخفق تقرير
المراقبين في منح المتظاهرين دعماً
سياسياً أو حتى مساندة أخلاقية. الفريق
ذهب أبعد من ذلك فدمغهم بالعنف والقتل. الرهان على النظام لجهة اختزال زمن
الأزمة وعبور بحر الدم إلى ضفة آمنة
خيار خاسر. على مدى الشهور العشرة
الدامية الأخيرة لم يطرأ على سلوك
النظام ما يبشر بعزمه على الدخول في
حوار وطني. النظام الاستبدادي لا يؤمن
بالآخر المعارض. هو يريد فقط إملاء
شروطه باعتبارها حلولاً. الحديث عن حصر القضية السورية في حكومة
وحدة وطنية ليس سوى محاولة عبثية
لتضييق واسع. السوريون يريدون نظاماً
سياسياً جديداً وليس تشكيلاً حكومياً. الرهان الحقيقي ليس على النظام أو
المراقبين بل على الشعب السوري.
التضحيات الشخصية على مدى عشرة أشهر
تثبت عزم السوريين على صناعة غد أفضل.
ذلك عزم يؤكد أن الشعب السوري لن يرتد
إلى الوراء ويتعايش مع النظام القديم. هروب النظام بالأزمة إلى الخارج رهان
خاسر. مثل هذا الهروب يفتح الأفق أمام
تدخل الخارج في الأزمة الداخلية. ================= الجامعة العربية: هل آن
أوان التغيير؟ فايز سارة السفير 11-1-2012 كشفت ثورات الربيع العربي عن الحاجة
الملحة والضرورية لإحداث تغييرات
جوهرية تشبه الثورة في جامعة الدول
العربية، وهذا ما أكدته طريقة تعامل
الجامعة العربية مع ثورات الربيع
العربي، التي يمكن رسم ملامحها في ثلاث
حالاث، الأولى، تتمثل في تجاهل
الجامعة للأحداث وغض النظر عما جرى في
بعض البلدان على نحو ما حدث في ثورات
تونس ومصر وفي تحركات اليمن والبحرين،
وتجسدت الثانية في تأثر الجامعة
السريع بالأحداث واتخاذ موقف منها،
وجاء في سياق ذلك تبني الجامعة قراراً
ساخناً يدعم التدخل العسكري الدولي
الذي نفذه «الناتو» في ليبيا، والموقف
الثالث، يمثله موقف الجامعة من تطورات
الأزمة في سوريا، وهو موقف تأخر حتى
ظهر، وعندما ظهر اعتراه التردد في
اتخاذ الإجراءات العملية رغم أن خياره
بدا واضحاً في رفض سياسات النظام في
المعالجة الأمنية العسكرية للوضع
واستخدام القوة ضد الحراك الشعبي،
ودعوة السلطات السورية الى تغيير
سياساتها وممارساتها في التعامل مع
التحركات الشعبية، وهو السياق الذي
ولدت في مضمونه مبادرة الجامعة
العربية، قبل أن تطلق من خاصرتها
البرتوكول الخاص ببعثة المراقبين
العرب ليكونوا شهوداً على ما يحدث في
سوريا. إن التناقض الملموس في مواقف الجامعة
العربية، يمثل عاملا يفرض بذل جهود
عربية جدية في المستويين الرسمي
والشعبي من اجل تغيير الجامعة
وتثويرها، مما يؤدي الى إعادة النظر
ليس في مؤسسات الجامعة وأجهزتها، بل في
رؤية الجامعة وآليات عملها، والأهم في
التغييرات المطلوبة، إجراء تبدل نوعي
في أنماط التفكير والتدبير المعمول
بها في الجامعة وهيئاتها. والعامل السابق في راهنيته وضروراته من
أجل التغيير في الجامعة العربية
وتثويرها، يمكن أن يضاف الى عوامل
اخرى، كانت دفعت العرب في العشرية
الماضية الى طرح ضرورات اصلاح جامعة
الدول العربية، وفي هذا السياق قدمت
افكار ومشاريع، كان هدفها عصرنة
الجامعة العربية وتطويرها ورفع
مستويات أدائها بما يخدم القضايا
العربية، ويحقق لها افضل ظروف النجاح
والتقدم في مواجهة ما اصابها من الضعف
والترهل، وعدم القدرة على خدمة
ومعالجة الأوضاع العربية وتداعياتها
في المستويات الداخلية وفي العلاقات
القومية والدولية. وتحقيق مثل هذا الهدف في دور وأنشطة
الجامعة العربية، يتطلب إصلاحات تشمل
بصورة أولية وأساسية، الإطار السياسي
في عمل الجامعة ولا سيما في امرين
اثنين، اولهما إعطاء الجامعة دور
المبادر فيما يخص اهدافها ومهماتها
بخلاف ما هو عليه الوضع حالياً، مما
يعني تولي الجامعة مهمة رسم وتطوير
والمساهمة في تنفيذ السياسات العربية
على نحو ما يفعل الاتحاد الاوربي في
تعامله مع السياسات الأوروبية، والأمر
الثاني إعطاء الجامعة العربية، التي
كانت هيئة تمثل الحكومات العربية،
بعداً وعمقاً شعبياً في سياساتها
وبناها مما يجعلها أكثر تمثيلاً
للإطار العربي، وهو تطور واقعي تتجه
إليه اغلب المنظمات والهيئات الدولية
والاقليمية، ومنها الامم المتحدة،
وسوف يتقوى هذا التوجه في الجامعة
العربية مع التغييرات التي يعبر عنها
الربيع العربي. وأهمية إصلاح الاطار السياسي، لا تكتمل
ولا تصبح ذات فاعلية إلا بتحقيق
اصلاحات اخرى، تشمل الاطار القانوني
والتنظيمي، بحيث يتم وضع اطر تعيد
ترتيب علاقات الجامعة ومؤسساتها مع
البلدان العربية وفقاً لمحتويات
الاطار السياسي في توجهاته الجديدة،
ثم القيام بخطوات مماثلة من اجل تطوير
العلاقات الداخلية في هيئات الجامعة
وفيما بينها. وهو ما يفترض ان يشمل
الجانبين الاداري والمالي في انظمة
عمل الجامعة وهيئاتها وعلاقاتها، وما
يترتب عليها من علاقات داخلية وخارجية. إن إصلاح الجامعة العربية بات ضرورة ملحة
اكثر من أي وقت مضى، وهو امر لا تفرضه
فقط الاحتياجات العربية العامة، التي
كانت قائمة قبل مجيء تطورات الربيع
العربي، وأكثرها ما زال قائماً، بل إن
اصلاح الجامعة وصولاً الى تثويرها
اصبح في الضرورات الملحة في ضوء ما
حمله الربيع العربي من تحركات وأفكار
وممارسات وتغييرات ادى بعضها الى
ثورات انتصرت، وأخرى في طريقها للنصر،
وثالثة منتظرة في سياق عربي سيلف
المنطقة، ويفرض عليها تبدلات جوهرية
وعميقة لا يمكن استثناء أي بلد عربي
منها، كما لا يمكن استثناء الجامعة
ذاتها، والتي هي كما يقال بيت العرب
كلهم. ================= راجح الخوري 2012-01-11 النهار بعد عشرة أشهر من الدم عود على بدء الأزمة
السورية الطاحنة، التي يبدو أنها
ستطول كثيراً على رغم وعد الرئيس بشار
الأسد أمس بتحقيق نصر قريب على من
سمّاهم "الارهابيين والقتلة"،
عبر التهديد بالضرب بيد من حديد وكأنه
كان يضرب بيد من حرير! جاء خطاب الاسد في وقت يبدو الأفق مسدوداً
أمام الحلول السياسية وكذلك أمام الحل
الأمني الذي يطبقه منذ اندلاع الأزمة
من دون التوصل إلى كسر المعارضة وإنهاء
التظاهرات وإعادة الهدوء. وهذا الحل لن ينجح الآن بعد سقوط عقدة
الخوف عند السوريين وارتفاع منسوب
الآلام في البيوت وازدياد عدد القتلى
والجرحى إلى هذا المستوى. في ما يتعلق بالحلول السياسية تبدو
الامور مقفلة على توازنات إقليمية
ودولية تحول دون التوصل الى مبادرة او
وساطة يمكن ان تفتح الباب امام حل ينصف
المعارضة ويريح النظام. هذا الأمر اكده
مسؤول سوري امس، عندما نفى كل ما تردد
عن قيام تنسيق روسي – ايراني بحثاً عن
خريطة طريق او سيناريو لايجاد مخرج
يرضي النظام والمعارضة. عملياً، تعتمد سوريا على التدويل لمنع
التدويل عندما تلعب ببراعة اوراقها
الروسية والايرانية لتشكل حاجز صد في
مواجهة أي تدخل دولي قد ينعكس ايجاباً
على وضع المعارضة . فروسيا التي ارسلت
سفنها الى ميناء طرطوس للمحافظة على
آخر موطئ قدم لها في "المياه الدافئة"
تسد ابواب مجلس الامن امام أي محاولات
اميركية واوروبية لتدويل الملف السوري. وفي هذا السياق يقول المصدر السوري ان
دمشق ابلغت عواصم غربية عدة انها اطلقت
يد موسكو لتقصي الحلول الممكنة وان
البحث يتم مع الروس ومن الواضح ان هذا
يشكل تدويلاً صارخاً. اما ايران فلن تكون بعيدة عن أي حل تهندسه
موسكو، كما يقول المسؤول السوري. لكن
اذا كانت روسيا تلعب دور حاجز الصد
الدولي فان ايران تلعب دور حاجز الصد
الاقليمي، اذ يبدو ان المطلوب من طهران
هو "ردع أي نيّات عسكرية اقليمية ولو
محدودة" في اشارة واضحة الى تركيا،
واضافة الى ذلك تقوم ايران بتوجيه
رسائل محددة الى بعض دول الخليج مفادها
ان من المهم لأمن الخليج عدم المضي في
الضغط اكثر على سوريا. هذا الكلام يوضح طبعاً الهدف من
المناورات الايرانية المتلاحقة في
مضيق هرمز ومن رفع مخاطر المواجهة مع
اميركا... والخلاصة واضحة : تدويل يمنع
التدويل وعود على بدء الأزمة السورية
الطويلة جداً! ================= الثورة السورية: قوة
العامل الخارجي وضعف الداخلي رياض معسعس 2012-01-10 القدس العربي سارت سورية في رحلة تاريخها بدروب صاعدة
هابطة، عسيرة المسالك، كثيرة المطبات،
مظلمة المنعطفات، زلقة الحوافي،
مبذورة الكمائن، العوامل الخارجية
الراسمة لمسارها كانت، ولا زالت، أشد
وطأة، وأكثر فعالية، من عوامل الداخل.
وما تمر به من منعطف منذ سنة إلا قليلا،
يعتبر من أحد المنعطفات انعراجا،
وأصعب المسالك وعورة التي عرفتها منذ
مهد تاريخها. فالنظام الأسدي المرتبط
بأذرع أخطبوطية بتحالفات عربية،
وإقليمية، ودولية جعلت عناصر الخارج
تلعب دورا كبيرا في تثبيت أرجل حكمه
منذ زهاء نصف قرن إلا قليلا. ودعمه في
مواجهته للثورة الشعبية العارمة ضده،
رغم علمها، علم اليقين، بهمجيته التي
لم تساويها همجية هولاكو التتار، أو
نيرون روما. فعلى المستوى العربي تدخل
كل من قطر والسعودية في منافسة عنيفة،
مخفية الظواهر، للعب بالورقة السورية.
فقطر، المتحالفة مع دول حلف شمال
الأطلسي، تدفع باتجاه دعم الثورة
وإسقاط النظام، فهي تريد أن تكون راعية
لكل الثورات العربية، إما بالاسلحة
والمال والعتاد، كما فعلت في ليبيا،
وإما بذراعها الإعلامية في قنواتها
الجزيرية، وذلك أضعف الإيمان، في حين
أن السعودية، التي تصدر تصريحات بصوت
خفيض مبحوح ' بوقف العنف ' تدفع في
الاتجاه المعاكس، لاعتبارات عدة
أهمها، تقليص هيمنة شبه الجزيرة
القطرية على الدور العربي، الذي كانت
الرياض تحظى به لعقود طويلة، وعدم
تكرار التجربة الليبية على أقل تقدير.
وهي تسعى اليوم لتكرار تجربة المبادرة
الخليجية في سورية على غرار ما فعلت
باليمن كي لا يقتل الذئب، ولا يفنى
الغنم. اللاعب الثاني في الثورة السورية، والذي
لا يقل أهمية أو تأثيرا، هو الدور
الجزائري. فالجزائر التي خسرت حليفها
الأول في ليبيا تحت ضربات الحلف
الأطلسي، وجرجرة الثوار له لا ترغب،
البتة، أن تخسر حليفها الثاني في دمشق،
رغم تشابه النظامين إلى حد أن يكونا
توأمين في أكثر من ناحية. فانبرت
محاولة تعطيل أي قرار في الجامعة
العربية، كما أنها تحاول جاهدة اليوم
للضغط على الدول المنتفضة والتي تخلصت
من أنظمتها بأن تتضمن دساتيرها بندا
يجعل الجيش ضامنا للأنظمة العلمانية
على نسق المثال التركي. يتبقى العراق الذي يعمل بكل ما أوتي من
مساع، ومساعدات لرفد نظام بما يلزم من
عوامل استمرارا الحياة بعد أن شل
اقتصاده شلا جراء الإضرابات والعقوبات.
وفيما يتعلق بباقي الدول العربية
فالعين ترمق، والأذن تسمع، والفم صامت. وإذا تطرقنا لدور الجامعة ا لعربية فهي لا
تملك أية صلاحيات إلا بما يمليه عليها
مجلس وزراء خارجية الدول العربية وهنا
تدخل كعادتها في متاهة اتفقوا على الا
يتفقوا. أما على المستوى الإقليمي فهناك لاعبان
أساسيان: تركيا من جانب، وإيران من
جانب آخر. فإيران، حليفة النظام الأسدي
منذ اندلاع الثورة الخمينية، والتي
تعتبر سورية ركيزتها الأساسية في
المنطقة، لا تنفك عن دعم النظام ماليا
ولوجستيا، وبأمور لا يعلم بها إلا
الله، وويكيليكس. وبالطبع لا ننسى حزب
الله في لبنان الذي يصف صف أيران، في
حين تقوم تركيا باحتضان الثورة ودعم
مجلسها الوطني، واستقبال مهجريها، ولا
تتوان عن الدفع باتجاه فرض قرار دولي
بإنشاء منطقة عازلة لحماية المدنيين. وإذا أخذنا اللاعبين الدوليين نجد أن
روسيا والصين تتصدران قائمة الدول
المدافعة عن النظام السوري وإن كان ثمن
ذلك صب الزيت في آلة القتل اليومي لشعب
أعزل، رتق النظام فمه بإبرة الصمت
لعقود طويلة، واليوم يطالب بالحرية.
فهما تعطلان أي قرار يدين النظام
الأسدي في مجلس الأمن، في حين تتخذ
واشنطن موقفا مائعا بانتظار رؤية
واضحة تجلي العمى عن رجحان أي الكفتين
لترجح معها. وتبقى فرنسا وبريطانيا
بشكل خاص،( والاتحاد الأوربي بشكل عام)،
تقفان موقفا صلبا وتسعيان لاستصدار
قرار صارم من جلس الأمن يدين نظام
القمع في سورية وقتل الأبرياء. مما تقدم نجد أن كل طرف امتطى هوى معين
يتماشى مع أهوائه، وأن عملية الفتل
والسحل، والشد والجذب بين الأطراف ليس
من شأنها أن توفر على سورية المزيد من
المعاناة، فالملف السوري أتخم
بالأوراق والأختام، والوعود القزحية. على مستوى الداخل السوري فهناك نظام شاخ
على الخدائع، والدسائس، والفساد،
والقمع، وحشو رأس المواطنين حتى
النخاع بالشعارات المزيفة. ويقف اليوم
بآلته العسكرية والأمنية والشبيحية في
وجه شعب ثائر مطالب بالحرية، بعد أن
بات الوطن أضيق من جدران السجن. شعب
يعيش في الموت، وبات له موعد يومي مع
المقابر، كان المهدي في ثورة السودان
يوصي ثواره بأن يضع كل واحد منهم كفنه
فوق رأسه، وتحول الكفن إلى عمامة كبيرة
تضمر الاستشهاد، وانتصرت الثورة
السودانية. والثوار السوريون اليوم
يحمل كل واحد منهم كفنه فوق رأسه. ================= عبد الباري عطوان 2012-01-10 القدس العربي كسر الرئيس السوري بشار الاسد تقليدا
بارزا في الثورات العربية عندما القى
خطابه الرابع يوم امس، الذي استغرق
قرابة الساعتين، دون ان يتضمن اي
مفاجآت جديدة، وان كان البعض يعتبر ان
اضافته لأولوية محاربة الارهاب، جنبا
الى جنب مع مواجهة المؤامرة الخارجية،
هي خريطة طريق لمزيد من اعمال العنف
والقتل في الاسابيع والاشهر المقبلة. الرئيس بشار الاسد أراد ارسال رسالة
واضحة الى السوريين والعالم بأسره،
مفادها ان استتباب الامن ومحاربة 'الارهاب'
يتقدمان على كل شيء، فلا اصلاح حقيقيا،
ولا مصالحة وطنية، قبل تحقيق هذين
الهدفين. الانتفاضة السورية المطالبة بالتغيير
الديمقراطي توشك ان تكمل شهرها
العاشر، والتطورات على الارض تؤكد ان
البلاد تنزلق الى حرب اهلية طائفية،
مما يعني ان معركة النظام للقضاء على
الارهاب والمؤامرة الخارجية قد تطول
لأشهر، وربما لسنوات، اذا وضعنا في
اعتبارنا ان المؤشر البياني لأحداث
العنف ومواجهات سفك الدماء في تصاعد
مستمر. خطاب الرئيس بشار الاسد الرابع جاء
مختلفا عن خطابيه الاول والثاني،
اللذين تحدث فيهما عن الاصلاحات،
والغاء حالة الطوارئ، واطلاق الحريات
الاعلامية والتعددية السياسية، حيث
فتح النار بقوة على الجميع دون اي
استثناء، فتح النار على الجامعة
العربية، وعلى دول الخليج وفضائياتها
المضللة، وشكك في عروبة الجميع
تقريبا، بحيث لم يترك شعرة معاوية مع
احد. هل فتح النار، وبهذه الشراسة هو دليل قوة
ام دليل ضعف؟ هناك من يقول ان الرجل
يعيش حالة عزلة في ظل ازمة اقتصادية
طاحنة بدأت تتفاقم بفعل الحصار
المفروض من قبل الولايات المتحدة
واوروبا وبعض الدول العربية، وزاد من
تفاقمها ان الحليف الايراني القوي
الذي يمكن ان يكون بديلا عن العرب،
وعنصرا مساعدا لكسر الحصار، يعيش
ظروفا اقتصادية صعبة بسبب عقوبات
امريكية، ويمكن ان يزداد وضعه سوءا اذا
ما فرضت دول الاتحاد الاوروبي حظرا على
صادرات النفط الايرانية. ' ' ' في المقابل يرى البعض الآخر ان الرئيس
الاسد كان يعكس في خطابه حالة من الثقة
بالنفس، وايحاء بأن نظامه تجاوز مراحل
عديدة من الأزمة، وبات اكثر قوة بفضل
الدعم الروسي الصيني اولا، ووصول
حاملات طائرات وسفن روسية الى ميناء
طرطوس، لتأكيد هذا الدعم، وفشل مشاريع
التدويل التي هددت بها الجامعة
العربية، والانقسامات الخطيرة في صفوف
المعارضة السورية، والخارجية منها على
وجه الخصوص. لا نجادل مطلقا بأن الرئيس السوري كان
اكثر تماسكا وثقة بالنفس، بالمقارنة
مع خطاباته السابقة التي كشفت عن
ارتباكات لم يستطع اخفاءها، ولكن
مواصلة الاعتماد على الحلول الامنية
الدموية، ودون ان تتوازى مع حركة
سياسية نشطة للبحث عن مخارج،
ودبلوماسية ذكية لكسب بعض العرب
المترددين وتحييد او تقليص عداء
المتشددين، فإن هذه الثقة قد تتآكل لأن
حجم المؤامرة الخارجية التي يتحدث
عنها الرئيس الاسد كبير، والمتآمرون
المتورطون فيها يتمتعون بنفس طويل،
ويملكون المال والكثير منه، ويضعون
ايديهم في مياه باردة. فإذا كان النظام السوري يشعر بالقوة
والصلابة هذه الايام بفعل بعض
النجاحات الامنية التي حققها من خلال
قبضته القوية، فإن هذا هو الوقت الأنسب
بالنسبة اليه لتقديم التنازلات لشعبه
من موقع القوة، وليس من موقع الضعف،
والبحث بجدية عن حلول سياسية للخروج من
الازمة. الرئيس السوري يعترف بان المعارضة ترفض
في معظمها الجلوس الى مائدة الحوار
معه، والمشاركة في حكومة وحدة وطنية،
ولكنه لم يقل لماذا تتخذ هذا الموقف
الرافض، والاجابة بسيطة وهي عدم الثقة
بجدية الحوار، والتزام النظام السوري
بتطبيق ما يتم الاتفاق عليه في نهايته
من خطوات عملية، ومن المؤكد ان هذا
الرفض سيزداد بعد الاغراق في اطلاق
التهديدات بسحق الانتفاضة، لأنها تعني
اضعاف المناعة الامنية، وتخلق الاجواء
الملائمة لتسلل الارهاب واتساع ضرباته
بالتالي. ثم كيف يمكن ان تأتي المعارضة الى مائدة
الحوار مع نظام يخونها، ويتحدث عن
ارتباطاتها بقوى خارجية معادية وتشارك
في تنفيذ مخططاتها، وكيف يقول الرئيس
بشار انه مستعد للحوار حتى مع
المتورطين في مواجهات حماة عام ،1982 أي
الاخوان المسلمين، ثم يصفهم في آخر
الخطاب بأنهم اخوان الشياطين؟ ' ' ' النظام السوري بحاجة الى وقفة تأمل
ومراجعة خطابه، ومن ثم سياساته
الداخلية والخارجية، فالمرونة في
التعاطي مع وفد المراقبين العرب
وبروتوكولهم اعطته مساحة لالتقاط
الانفاس، وارباك الجامعة ولجنة
متابعتها، ولكن هذه المرونة لم تدم
طويلا، وشاهدنا بعض هؤلاء المراقبين
يتعرضون للاعتداء من قبل جماعات
محسوبة على النظام بطريقة غير لائقة
وهمجية، الامر الذي نسف العديد من
النجاحات الدبلوماسية التي انجزتها
هذه المرونة. نتفق مع الرئيس الاسد بأن العرب لم يقفوا
مع سورية طوال السنوات العشر الماضية،
بل تآمر بعضهم ضدها، ولكنهم وقفوا معها
طوال الثلاثين عاما التي سبقتها،
فماذا حقق النظام السوري من اصلاحات
سياسية واقتصادية طوال تلك السنوات،
حيث كانت الاوضاع مستقرة نسبيا، وكان
المثلث السوري المصري السعودي يشكل
تحالفا اقليميا يحكم المنطقة؟. نريد التذكير بان تولي حزب العدالة
والتنمية التركي الحكم جعل تركيا
القوة الاقتصادية السابعة عشرة على
مستوى العالم في عشر سنوات، اما الرئيس
البرازيلي لولا دي سيلفا فقد جعل من
البرازيل القوة الاقتصادية الرابعة
على مستوى العالم في الفترة نفسها، وهو
الذي لا يحمل شهادة جامعية، وكان ينتمي
الى أسرة صغيرة لا تملك ثلاجة او حتى
جهاز تلفزة. نطالب المعارضة السورية الخارجية، او بعض
مكوناتها على وجه الخصوص، بشيء من
التواضع، فتهجم البعض على الجامعة
العربية، والتلويح بسيف التدويل، وكأن
حاملات الطائرات الامريكية مستعدة
للتوجه الى شواطئ اللاذقية وطرطوس
وبانياس بمجرد اشارة منها، اي
المعارضة، لا يخدمان استراتيجيتها ولا
يقربانها من تحقيق اهدافها. الرئيس رجب طيب اردوغان كان مصيبا عندما
قال ان سورية تنزلق الى حرب اهلية
طائفية مدمرة قد تفجر المنطقة بأسرها،
ومن المؤسف ان هناك دولا عربية واجنبية
تعمل على تأجيج هذه الحرب بالمال
والسلاح، ومن المؤسف ان النظام السوري
باستمراره في توجهاته الاحادية
باعتماد الحلول الامنية فقط، والتهجم
على الجميع، والتشكيك في عروبة معظم
العرب، والاستمرار في حالة الانكار
والعناد، والتغول في سفك الدماء،
يساهم بتسهيل مهمة هؤلاء. المخرج من الأزمة السورية هو الحل
السياسي لان البديل كارثي للنظام
والمعارضة معا، وللشعب السوري الذي
سيكون الضحية الاكبر في نهاية المطاف. ================== الاربعاء, 11 يناير 2012 عبدالله إسكندر الحياة جاء خطاب الرئيس بشار الأسد أمس ليكمل
ويشرح ما قاله في خطابات سابقة، فالوصف
نفسه والتحليل نفسه والسياسة نفسها،
ما يعني ان المعالجة الرسمية للأزمة
السورية منذ اندلاعها قبل أكثر من عشرة
شهور صحيحة، بنظر السلطات، ولذلك لا
لزوم لأي تغيير او مبادرة جديدة. لقد
لخص الرئيس السوري مرة اخرى جوهر هذه
المعالجة بتشديده على ان «الاولوية
القصوى الآن هي استعادة الامن الذي
تميزنا به لعقود حتى على المستوى
العالمي، وهذا لا يتحقق الا بضرب
الارهابيين والقتلة ومن يحمل السلاح
الآثم بيد من حديد». أي أن كل ما جرى منذ اندلاع الأزمة من
تظاهر سلمي وقتل، وتشكيل هيئات معارضة
ترفع مطالب محددة، ومبادرات خارجية
إقليمية ودولية، وعقوبات عربية
ودولية، وخصوصاً التوقيع السوري على
مبادرة الجامعة العربية ومضامينها
السياسية والميدانية، كل ذلك لم يؤثر
في القراءة الرسمية السورية للحركة
الاحتجاجية وكيفية الخروج السلمي من
الأزمة. أما عن الاستفتاء على دستور جديد وحكومة
وطنية تضم مستقلين، فلا يخرجان عن
الإطار نفسه ما دامت «الأولوية القصوى
للأمن» اي ضرب الحركة الاحتجاجية،
وضربها «بيد من حديد»، لان السلطات لا
تزال تعتبرها «ارهابيين وقتلة»، مدعمة
تقويمها بكلام الرئيس عن الثورة
والثوار ومواصفاتهم، بما يجعلهم
يتطابقون مع ما يرغب ان تكون عليه «الرعية»،
وليس المواطنين اصحاب المطالب. جاء هذا الخطاب في وقت تضيق حلقة الاصدقاء
لسورية، وحتى الحلفاء باتوا يتذمرون
من قلة المبادرة الرسمية. وفي وقت
أنهكت فيه القوات المسلحة المنتشرة في
طول البلاد وعرضها، وزيادة الانتقاد
لاعتماها القوة العارية في مواجهة
المتظاهرين. وفي وقت بدأت فيه الحلقة
الواسعة في المؤسسات العسكرية
والادارية تطرح أسئلة عن جدوى
المعالجة الامنية، وعن كيفية ادارة
شؤون الدولة، وبدأت مع ذلك انشقاقات
عسكرية وإدارية متزايدة. كما جاء في
وقت تبدو فيه مهمة المراقبين العرب
تتجه الى مزيد من كشف الممارسات
القمعية لآلة القتل السورية وعدم
التقيد بالتزام سحب القوات المسلحة من
الشوارع واطلاق المعتقلين وعدم التعرض
للتظاهر السلمي والسماح بدخول الصحافة
العربية والدولية. كل هذه الظروف تزيد هشاشة الموقف السوري
الرسمي في مواجهة اتساع الجبهة
الداخلية والاقليمية والدولية التي
تطالب دمشق بضرورة اتخاذ مبادرة جدية
تضع حداً للانزلاق الى حرب داخلية
معممة، وربما إلى اشتباك إقليمي واسع،
مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر، ليس على
سيادة دول المنطقة فحسب، وإنما أيضاً
على النسيج الاجتماعي فيها والتعايش
بين مكوناتها. إذا كان الوضع كذلك، فلماذا يعيد الرئيس
الأسد تكرار خطبه السابقة، مع مزيد من
شرح أهمية الحل الامني والتعبئة
الداخلية؟ الأرجح ان الرئيس السوري اراد ان يوجه
كلامه الى انصاره فحسب، ذلك انه لا
يهتم بمواقف الآخرين، كما قال مراراً
في خطابه، فاهتمامه انصب على تصليب
الجبهة الداخلية كما يفهمها، اي
مجموعة الانصار والمؤيدين، أي
المرتبطين مباشرة بالحكم، من عسكريين
وإداريين و «شبيحة» ومنتفعين. وهو أكد
الهدف من الخطاب عندما خاطب هؤلاء
بالقول: «لا أعتقد أن عاقلاً يستطيع
اليوم إنكار تلك المخططات التي نقلت
أعمال التخريب والارهاب الى مستوى آخر
من الاجرام استهدف العقول والكفاءات
والمؤسسات بهدف تعميم حالة الذعر
وتحطيم المعنويات». اي ان على الأنصار
ألاّ يصابوا بالذعر نتيجة استمرار
الحركة الاحتجاجية ومفاعيلها
السياسية، وان تبقى معنوياتهم عالية،
لأن سياسة «الاولوية القصوى للأمن» هي
التي ستنجح كما بشر الرئيس السوري في
خطابه. ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 11-1-2012 ليس هناك من خطأ أشد فداحة من خطأ الصراع
الخفي أو المعلن على السلطة بين القوى
المشاركة في حراك شعبي أو مجتمعي، قبل
الانتصار على النظام الذي يراد التخلص
منه. وليس هناك ما هو أشد خطورة على شعب
يقاوم الاستبداد من تقسيمه إلى أتباع
لهذا الفريق أو ذاك من الفرق المنخرطة
في الشأن العام، على الجانب المعارض.
أخيرا، ليس هناك ما هو أكثر إضرارا
بمصالح النضال العامة من شروع قوى دخلت
متأخرة إليه، أو كان حضورها ضعيفا فيه
عند بداياته، في خوض معارك خفية ضد
بقية قواه، خصوصا إن كانت تحمل - وهي
غالبا ما تحمل - سمات سلوك تآمري سري
وخفي. باختصار شديد: من الخطأ الفادح
والجسيم اقتسام جلد الدب قبل اصطياده. حدث شيء من هذا أو ما يماثله في مصر، حيث
خاضت قوى إسلامية معركة إسقاط النظام
باعتبارها معركة ربطتها أكثر فأكثر
بوصولها إلى السلطة، رغم أن النظام لم
يكن قد سقط بعد. هذه القوى، عملت على
الانفراد بجلد الدب قبل اصطياده،
ولولا بطولات المواطن العادي لكانت
هددت الانتفاضة الشعبية أو أفشلتها،
نتيجة لما انتهجته من سياسات متعددة
الأهداف والمستويات، تجسدت من جهة في
محاولات مدروسة لإزاحة «حلفائها» عن
مواقعهم، رغم حساسية لحظة الصراع
واتصالها بموازين قوى كان يجب أن تبقى
موحدة ليكون الحسم سريعا ومضمونا، ومن
جهة أخرى في خططها لحرف قطاع واسع من
الجماهير عن هدف نضالها الأصلي،
ولحشدها وراء أهداف حزبية ضيقة ترجمت
قراءة آيديولوجية محدودة، ويرجح أن لا
تكون صحيحة للمرامي المجتمعية العامة. وبالنظر إلى أن قوى وجماهير الانتفاضة
الشعبية العربية ليست متماثلة في
طابعها وهويتها، مع أنها متفقة على
هدفها: إقامة دولة مدنية ديمقراطية،
فإن ركض واحدة من قواها الرئيسية هي
فضلا عن ذلك قوة شعبية ومنظمة، وراء
هدف حزبي خاص يكون غرضه حرف جهدها نحو
تغيير موازين القوى لصالحها داخل
الحراك، وتمكينها من احتلال مواقع
تتيح لها التحكم بموازين وعلاقات
القوى الثورية، وحسم مسألة السلطة قبل
سقوط النظام، وهذا يلحق ضررا جديا
بوحدة وفاعلية الحراك الشعبي
والسياسي، ليس لأنه يشق صفوف المجتمع
وتعبيراته المناضلة وحسب، وإنما كذلك
لأنه ينقل المعركة في مرحلة مبكرة، وفي
وقت غير مناسب، إلى داخل هذه القوى
وعلاقاتها، مع ما يمكن أن يترتب على
نقلها من هوامش واسعة يمارس النظام
ألاعيبه عبرها، بينما تتحول المعارضة،
التي كانت موحدة الإرادة، إلى معارضات
متصارعة، متنافرة الرأي وحتى المقاصد،
تجد نفسها مجبرة على خوض معارك خفية لا
لزوم لها، ما دام من الحماقة اقتسام
جلد الدب قبل اصطياده، وليس بوسع أي
قوة إسقاط نظام استبدادي متحكم وقديم
بمفردها. هذا الأمر، يزداد سوءا إلى أن
يبلغ درجة الخطورة الحقيقية على العمل
الثوري المشترك، إن كانت القوى
العلمانية قوية وفاعلة في المجتمع،
وكان لها شعبية واسعة تفوق في مرحلة
الانطلاق شعبية أي قوى أخرى، لكنها
تصير مستهدفة من الذين يريدون حسم
مسألة السلطة خلال المعركة: قبل سقوط
الاستبداد، مثلما تفعل اليوم جهات
إسلامية سورية منضوية في المجلس
الوطني وخارجه، تعتقد أنها ستحقق
مأربها عبر دفع القواعد الشعبية
المنتفضة إلى التطرف السياسي
والمذهبي، وهجر النزعة السلمية التي
كانت ميزة حراكها، والتوجه نحو السلاح
والعنف، مع ما يحمله هذا كله من مخاطر
قد تقوض تماما النضال في سبيل الحرية،
ويحدثه من تبدل في طبيعة الصراع ويلحقه
من ضرر بالشعب وقضاياه العادلة. ثمة بين نماذج العمل الثوري نموذجان
رئيسيان يتقاطعان عند حالات وسطية
متنوعة. هناك أولا: الثورة التي تتم ضد
حكم استبدادي أعاد إنتاج مجتمعه
انطلاقا من سلطته وتوطن أمنيا
وآيديولوجيا بقوة فيه، ونجح لفترة
طويلة في إرغامه على رؤية نفسه بدلالة
السلطة والخضوع لقيمها ومصالحها. في
هذا النموذج، لا تنجح الثورة إن لم تكن
فعلا مشتركا يسهم فيه أغلبية الشعب
وجميع المنخرطين في العمل السياسي
العام والمنظم، على أن يكون بينهم حد
أدنى من التناقضات غير العدائية وقدر
أعلى من التوافق في القول والفعل،
ويعملوا على تسوية وإزالة أي تناقضات
توجد في ما بينهم أو داخل المجتمع يمكن
للنظام استغلالها لدق أسافين داخل
أطراف النضال الشعبي، وينقلوا تناقضات
المجتمع إلى السلطة، كي لا تبقى موحدة
وتفقد قدرتها على الصمود في وجه الحراك
وقواه. إلى هذا، لا بد من تحقيق أعلى حد
من وحدة المنطلقات والسبل والأهداف
على صعيدي القاعدة المجتمعية
وقياداتها. بغير ذلك لا يسقط
الاستبداد، وبخاصة إن كان وراءه جزء
وازن من الشعب، واستطاع تحويل معركة
مجتمعه ضده إلى صراع مذهبي أو جهوي أو
إثني يشق المجتمع، ونجح في قلب المعركة
إلى عراك يدور حول أهداف لا علاقة لها
بمطالب الشعب الأصلية، وخاصة منها
مطلب الحرية: الجامع والموحد، ودولة
المواطنة الديمقراطية. في هذا
النموذج، يسقط الاستبداد بقدر ما
يتوفر شرطان: وحدة الشعب ووحدة القوى
السياسية التي تعبر عنه من جهة، وسرعة
تصدع النظام من جهة أخرى. هناك، بالمقابل، نموذج تنخرط فيه قوى
متصارعة تتنافس وتتسابق على أهداف
خاصة بكل منها. يحدث هذا عندما تتوزع
بدائل الوضع القائم على قوتين أو
مجموعة قوى ترشح كل واحدة منها نفسها
للحلول محله، مثلما حدث مثلا في تاريخ
روسيا الحديث، حين تنافست قوتان
مجتمعيتان متناقضتان هما العمال
والبرجوازية، عبرت عنهما قوى سياسية
متصارعة إلى درجة التنافي، على إرث
النظام القيصري. في هذا النموذج، نحن
أمام تطور يأخذ الدولة من نظام إلى
بديله، ولسنا أمام انتقال من شكل حكم
إلى آخر، مثلما يحدث اليوم في ما نسميه
«الربيع العربي». في هذين النموذجين، لا ينجح التغيير إذا
لم تتقاطع أهداف وسياسات قواه المنظمة
وجماهيره في موقفها المشترك من النظام
القائم، أو إن هي اختلفت على رؤيتها له
وأهدافها الخاصة حياله. إنه تقاطع يحدث
في جميع الثورات، وقد حدث في الثورة
الروسية ووصل إلى حد قيام تحالف بين
خصمي النظام القيصري المتصارعين، أدى
إلى تشكيل حكومة مؤقتة مشتركة بينهما،
وإن كان قيامها لم يضع حدا نهائيا
لصراعاتهما، مع أنه غلب، وقتيا،
عداءهما المشترك للقيصرية على
تناقضاتهما الخاصة، التي لو بقيت
مستعرة لكانت ربما أفضت إلى هزيمتهما
كليهما. في النموذج المصري بالأمس والسوري اليوم،
نحن أمام نمط معدل من النموذج الثاني،
لا يدور حول مصير النظام الاقتصادي/
الاجتماعي، بل حول شكل الحكومة
السياسي. ثمة مشكلة حقيقية هي أن
الانتفاضة لا تواجه قيصرية متخلفة، بل
نظاما أمنيا محدثا من رأسه إلى أخمص
قدميه، دأب على تفكيك المجتمع وشحنه
بالتناقضات وعزز تأخره وضعفه وانقسام
صفوفه، ومنعه لفترة جد طويلة من بلورة
وتكوين تعبيرات تنظيمية مستقلة تتصف
بالقوة. لهذا، من غير الجائز إطلاقا
وقوع تنافس بين خصومه وهو في عز قوته،
أو قبل أن يخسر القسم الأكبر منها
ويغدو ذهابه محتما. المشكلة التي
يواجهها النضال اليوم هي أن بعض قواه
بدأت تخوض منذ اليوم معركة ما بعد
النظام، وتنقل المعركة إلى داخل
المجتمع، في تجاهل فاضح لأسس الصراع ضد
الاستبداد، مع أن ما تفعله يلاقي
سياسات النظام في نقاط عديدة، كالدعوة
إلى العنف، والانفتاح على التدخل
الخارجي، وتقسيم وشق المجتمع إلى كتل
وتجمعات متناحرة أو مقتتلة. ليس ما يجري بالأمر العفوي أو القليل
الأهمية. ولا بد من وقفه عبر جهد وطني
جامع يضم كل من يرغب في اصطياد الدب قبل
تقاسم جلده، وإلا أصاب الحراك
المجتمعي وتعبيراته السياسية ضرر يصعب
جدا إصلاحه. أما السؤال الذي يطرح نفسه الآن فهو: ألا
يستحق تطور كهذا وقفة تأمل ومصارحة
تنجزها أطراف المعارضة السورية، يكون
بين مقاصدها وضع اليد بكل وضوح على
الجرح، وفعل كل ما يلزم للتخلص من هذا
النهج وسياساته ومضاره، ونبذ القائمين
عليه، إنقاذا للانتفاضة ولوحدتها
ولأهدافها؟ ================= عبدالرحمن الراشد الشرق الاوسط 11-1-2012 علينا أن نفهم أننا أمام لعبة تديرها
أطراف في الجامعة العربية لإنقاذ نظام
الأسد في سوريا من إسقاطه، والتغطية
على مذابحه هناك. وما إرسال المراقبين،
ودعوة خالد مشعل وإيران لبدء وساطة
سلمية، إلا لعبة هدفها شراء وقت لإعانة
النظام على قتل المزيد وإنقاذ رقبته.
لقد مدت الجامعة العربية عمر النظام
بأكثر من ثلاثة أشهر منذ بدء الحديث عن
دعوات التفاوض، تمكن خلالها من
السيطرة على بعض المناطق المنتفضة،
ولو نجحت الجامعة ومشعل وروسيا في
حماية ظهر حكومة الأسد وضمنت عدم
التدخل الدولي تسعة أشهر أخرى لربما
تمكن من تفريغ الشوارع والميادين
الثائرة، ولن يعجز خلالها عن حبس نصف
مليون من النشطاء والمتظاهرين،
واحتلال المدن بالقوات المسلحة
والشبيحة. التدخل الدولي لا ينافي الأخلاق أو
السياسة أو العروبة أو الإسلام، بل
ضرورة لموازنة بطش النظام ودعم دول
تمده بالقوة والمال والرجال. لدينا
نماذج أحداث مهمة كان التدخل الدولي
فيها حاسما بهدف حماية السكان من أنظمة
باطشة، أبرزها تدخل الناتو لإنقاذ
مسلمي كوسوفو والبوسنة والهرسك،
وقبلها التدخل الدولي لإنقاذ الشعب
الكويتي من احتلال صدام. قبل عشرين سنة
عرف العرب الجدل نفسه الذي يدور اليوم
حول جواز التدخل الدولي لإنقاذ الشعب
السوري من المذبحة. كان صدام قد التهم
الكويت في فجر الثاني من أغسطس (آب).
انقسم العرب بين فريقين؛ عرب مع احتلال
صدام للكويت، وعرب يريدون طرده. فريق
الاحتلال كان يعرف أن من المستحيل
هزيمة قوات صدام بقوة خليجية، ويخشون
من هزيمتها بتدخل دولي. والفريق الثاني
يعرف أن إيران حاربت ثماني سنوات وأي
قوة عربية ستحتاج إلى سنين أطول
لمواجهة نظام عسكري مثل صدام، وقد
ينتصر. حينها تخندق كل فريق في مكانه
وسط معركة كلامية، فالمجموعة الخليجية
كانت تريد التدخل الأميركي لأنها تعرف
أنها قوة ضاربة قادرة على اختصار الوقت
وتأمين النصر، لكن مع منحه الشرعية
الدولية من خلال مجلس الأمن، حتى لا
يثير حفيظة العرب عموما. والفريق
الثاني كافح التدخل حتى يؤمن احتلال
صدام للكويت. وصار كل من يدافع عن
اللجوء إلى الحل الدولي يخوَّن ويُتهم
بالعمالة. واقترحوا عوضا عنه ما سمي
بالحل العربي وقوات عربية. طبعا كان
هدف المشروع في حقيقة الأمر تمييع
القضية. فكرة إرسال المراقبين العرب اخترعت
لغرضين؛ منع التدخل الدولي، ومنح
النظام مزيدا من الوقت لينهي الثورة
بقتل النشطاء وسجن المتظاهرين. العالم
لم يطلب إرسال مراقبين عندما كان الصرب
يذبحون مسلمي كوسوفو والبوسنة والهرسك.
لقد اختصرت الحلول في إنذار نظام
بلغراد آنذاك، إما وقف المذابح وإما
التدخل الدولي، ورغم اعتراض الروس
وبعض الأوروبيين فإن التدخل الدولي تم
وهو الذي أوقف المذابح. لم يقبل أحد
دعوات إرسال مراقبين ليوغوسلافيا لأن
التقارير المختلفة تؤكد على حدوث
المذابح وقتل المدنيين العزّل، وهو ما
يحدث الآن في سوريا. ولاحظوا أن الحالة السورية أكثر استحقاقا
للتدخل من قضية كوسوفو، ففي عام 1988
كانت المشكلة بسبب إعلان الكوسوفيين
انفصالهم عن دولة بلغراد، ثم تشكيلهم
جيش تحرير كوسوفو الذي خاض قتالا ضد
الصرب. أما في سوريا فإن الشعب يباد وهو
لم يطلب انفصالا، ولم يقاتل. تقريبا
كلها مظاهرات سلمية ضد النظام، ومع هذا
يتم قتل الناس علانية أمام العالم،
فكيف يدّعي بعض العرب أن التدخل الدولي
عمل استعماري ومرفوض؟ التاريخ يعيد نفسه. اليوم العرب الذين
يريدون إنقاذ نظام بشار الأسد من
السقوط يعتمدون استراتيجية تقوم على
فكرتين؛ الأولى منع التدخل الدولي،
والثانية منحه المزيد من الوقت ليقتل
كل الناشطين من الشعب السوري أو يسجنهم.
هذه حقيقة رفض التدخل الدولي التي تنفي
أبسط حقوق الإنسان، حقه في إنقاذ
حياته، ولا يجوز إنكارها عليه تحت أي
مسمى. وبكل أسف، الأمين العام للجامعة
العربية جعل وظيفته منع إنقاذ الشعب
السوري من المذبحة، ومنح سكين النظام
المزيد من الوقت للقتل. ================= الأسد.. استجداء وانفصال
عن الواقع طارق الحميد الشرق الاوسط 11-1-2012 لا يمكن وصف خطاب بشار الأسد، الذي استغرق
قرابة الساعة وأربعين دقيقة، وتجاوز 11
ألف كلمة، إلا أنه خطاب استجداء، ودليل
انفصال عن الواقع، فقراءة الخطاب،
وليس الاستماع إليه أو مشاهدته، تشعرك
بأنك أمام رجل يعيش في عالمه الخاص،
مثله مثل القذافي، وتحديدا يوم كان
يخاطب أشهر عوائل ليبيا بالأسماء! أراد الأسد أن يقول للسوريين إن هناك
مؤامرة خارجية، وإنه موجود ولم يغب،
حيث إن خطابه الرابع جاء بعد طول صمت،
حيث يقول «أعلم أنني غبت فترة طويلة»!
ثم شرع يشرح ويبرر، وينفي، فحوى حديثه
مع القناة الأميركية، يوم قال إن
القوات الأمنية ليست قواته، وإن من
يقتل شعبه يعتبر مجنونا، وأفرط وأسهب
بذلك، إلا أن اللافت أنه عاد ليكرر نفس
الكلام الذي نفاه وهو أنه لم تكن هناك
أوامر بالقتل! وهذا يعني أن تداعيات
ذلك الحوار ما زالت متفاعلة، وتسبب له
إحراجا داخل الدوائر النافذة بالنظام،
خصوصا أن الأسد كان يستجدي التعاطف
الشعبي للأمن، مذكّرا السوريين بأن
الجنود لم يروا عوائلهم منذ شهور. ولم
يكن ذلك دليل الاستجداء فقط، فحتى ما
رآه البعض بأنه تهجم غير مسبوق على
الجامعة العربية، والعرب، فإنه أمر
غير دقيق. فهناك سوابق لهجوم النظام
الأسدي تفوق ما قاله الأسد، سواء على
لسانه هو سابقا، أو من خلال سفيره لدى
الجامعة، لكن حديثه بالأمس كان محاولة
لتبرير موقفه، ولماذا أدانه العرب،
فقد كان يستجدي السوريين لأنه يعرف
خطورة أن يكون منبوذا من العرب،
والمجتمع الدولي، مما يرفع عنه
الشرعية، ويجعله عرضة لانقلاب داخلي،
ربما لن يتأخر كثيرا، وقد أفاض بذلك
خصوصا عندما ادعى أن العرب يتعاملون
بلطف مع إسرائيل، بينما هناك حسم وتشدد
مع سوريا! وهذا أيضا يؤكد أن خطابه هو خطاب رجل
منفصل عن الواقع، فهو يريد العرب أن
يصمتوا عن جرائم نظامه، مثل جريمة قتل
الطفلة التي لم يتجاوز عمرها خمسة
أشهر، فقط لأن القاتل سوري، وليس
إسرائيليا، وهذه سذاجة عمرها هو عمر
النظام الأسدي في سوريا، وآن الأوان
لأن تنتهي. وهذا ليس كل شيء، فدليل
الانفصال عن الواقع اتضح أيضا وهو
ينتقد ما حدث بحق صدام والقذافي، وهذا
نفس ما فعله القذافي قبل سقوطه يوم
دافع عن مبارك وبن علي! وعليه، فإن خطاب الأسد وحديثه عن العرب،
والعرب المستعربة، وغيرها، لم يكن سوى
استجداء، وانفصال عن الواقع، مثلما
أنه نسخة مطورة عن خطاب القذافي
الشهير، دار دار وزنقة زنقة، لكنها
نسخة شبيهة بخطاب سيف الإسلام القذافي
يوم قال انسوا الماء والكهرباء وانسوا
البترول، خصوصا عندما أسهب الأسد في
الحديث عن الزيت والزيتون. الحقيقة أن أبرز ملهم للثورة السورية
طوال 10 أشهر هو الأسد نفسه، حيث استطاع
بأخطائه الفادحة أن يساعد الثورة على
أن تحافظ على زخمها الداخلي، مثلما
أجبر العرب والمجتمع الدولي على ضرورة
الوقوف ضده، وهذا ما كرسه بالأمس بكل
اقتدار. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |