ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 15/01/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

جدوى بقاء المراقبين العرب في سوريا

الجزيرة السعودية

التاريخ: 14 يناير 2012

بدلاً من أن تساعد بعثة المراقبين العرب إلى سوريا على تهدئة الأوضاع، والتمهيد لبدء تنفيذ بنود المبادرة العربية، التي تتضمن وقف القتل والعنف في المدن والشوارع السورية، وإعادة الجيش إلى مقاره، وبدء حوار وطني، أضافت تأزماً إضافياً للأزمة المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر، وانتقل الاختلاف حول جدوى عمل المراقبين العرب من المؤيدين لها والمعارضين إلى صفوف المراقبين أنفسهم؛ فبعد عودة بعض المراقبين، وإصابة آخرين، أعلن المراقب أنور مالك من الجزائر انسحابه من مهمته، والعودة إلى بلاده؛ لعدم جدوى استمراره في أداء مهمته، في ظل المضايقات وتهديدات النظام السوري، التي وصلت إلى حد الذبح، كما يقول.

أقوال المراقب الجزائري المنسحب من هيئة المراقبين العرب، الذي أدلى بأقواله عبر المحطات التلفزيونية الفضائية، قوبلت بنفي وتشكيك من رئيس المراقبين الفريق أول مصطفى الدابي، الذي اتهم زميله الجزائري بنكث الوعد، وأنه لم يشارك فعلياً في عمله؛ حيث كان مقيماً بالفندق متحججاً بالمرض، في حين أظهرت لقطات عديدة المراقب الجزائري وهو يؤدي عمله في حمص، وأن انسحابه من عمل المراقبين ليس له ما يبرره؛ لأن المراقبين يؤدون عملهم، ولا يوجد ما يهدِّد أمنهم..!!

دفاع الفريق الدابي عن مهمة المراقبين العرب، وتواصل انسحاب المراقبين، رفعا مستوى وحدة الجدل حول مهمة المراقبين، وكشفا عن سرعة تشكيل بعثة المراقبين، والكيفية التي تم بها تكوين واختيار أعضاء البعثة، التي اعتمدت على ترشيح الدول للذين كانوا ممثلين للدول، وليس للمنظمات الحقوقية، إلا نفراً قليلاً، كما أن تنصيب الفريق أول مصطفى الدابي رئيساً للبعثة، الذي تشوب حوله الشبهات، على خلفية عمله في دارفور في بلده السودان، وعدم إعداد وتدريب المراقبين وافتقارهم لمعدات المراقبة والتصوير والتسجيل..

كل هذا جعل مهمة بعثة المراقبين العرب دون فائدة، بل كانت مضرة ومؤذية للشعب السوري، وبخاصة المتظاهرين السلميين، الذين ارتفع عدد قتلاهم حتى زاد إلى أكثر من 400 قتيل، وهذا ما جعل الكثيرين يؤيدون انسحاب المراقب الجزائري، وقبله المراقب السوداني، إضافة إلى المراقبين الخليجيين الذين أُصيب بعضهم؛ كون بقاء المراقبين العرب أصبح محبِطاً، ويُزيد تفاقم الأزمة السورية، ويخدم الحل الأمني الذي ينتهجه النظام السوري، والذي يستثمر بقاء المراقبين العرب؛ ليرتكب مزيداً من القتل في صفوف الشعب السوري.

=================

اتركوا مكاناً للبنان

تاريخ النشر: السبت 14 يناير 2012

الاتحاد

غازي العريضي

إذا كان الاهتمام بالحدث السوري استثنائياً إلى هذا الحد نظراً لما يمكن أن يحدث في لبنان، فلماذا لا يكون النقاش حول: ماذا سيجري في لبنان؟

في لبنان انقسام حاد حول كل شيء. يتعمّق يومياً أكثر فأكثر. ينحرف رموزه في خطابهم وحساباتهم ورهاناتهم نحو أقصى حدود التطرف في التفكير والتعبير تشعر أحياناً أنك عاجز عن التصرف والمبادرة إلى وقف مسلسل التحدي والتشهير والتوتير. وأخطر جوانب وأبعاد هذا الانقسام هو البعد المذهبي. والتحذير الدائم والمستمر منه، عنوان مواقف كثيرة تعبّر عن مخاوف كبيرة. البعد أو الخلاف، أو الصراع، أو التشنج السني الشيعي.

في سوريا أحداث مؤلمة دموية، يبدو أنها طويلة ومستمرة للأسف. رغم تمنيات "وتطمينات" فريقي الانقسام في لبنان، بأن نهايتها قريبة، وستكون لمصلحة تحليل وتفكير وحسابات كل منهما. لكن شيئاً من ذلك لم يحصل منذ أشهر، ولن يحصل خلال أيام أو أسابيع، أو أشهر مقبلة.

الانقسام في لبنان حول ما يجري حاد جداً. بل يكاد كل شيء في الصراع السياسي في لبنان ينطلق أو يتمحور أو ينتظر ما سيجري في سوريا. طبعاً ما يجري هناك له انعكاس مباشر على الوضع في لبنان أكثر من أي بلد آخر. نظراً لخصوصية العلاقة بين البلدين والتواصل الجغرافي والديموجرافي والدور السوري في لبنان المباشر على مدى عقود من الزمن وغير المباشر من خلال التأثير الدائم بحكم التاريخ والواقع القائم والمعادلات السياسية. في لبنان اليوم، صراع وتحد ونقاش وحدة بين فريقين.

فريق يلتصق بالكامل بالنظام السوري، يتبنى وجهة نظره وتحليلاته ومعلوماته. يراهن على بقائه. يعتبر هذا البقاء محسوماً. وما يجري في سوريا مؤامرة أميركية إسرائيلية غربية إمبريالية خطيرة. وهذا الفريق اندفع بقوة متبنياً ومغتبطاً بما جرى في تونس ومصر، حيث "الثورة" هناك أطاحت أنظمة مرتبطة بالمخابرات الفرنسية الأميركية وإسرائيل. والشعوب ثارت ضدها. هذا الفريق اعتبر الثورة هناك ثورته. اليوم يقيم قيامته وثورته على تلك الثورة لأنه يرى عكس ما توقعه! بعض رموز هذا الفريق قال كلاماً لم يقله رموز النظام في سوريا. تجاوزوا ما تقوله القيادة السورية التي تحدثت مراراً عن أزمة طويلة قد تمتد أسابيع أو أشهراً أو سنوات. أما تلك الرموز في لبنان، فقد حددت منذ أشهر مواعيد شبه نهائية حاسمة ثابتة لحسم الأمور، ودعت الناس إلى التصرف على هذا الأساس.

فريق ثانٍ سّيرته منذ البداية العواطف التي طبعت كل المواقف. رهان وتوقع وقناعة بأن النظام ساقط. بل تصرف البعض على أساس أن السقوط حاصل خلال أسابيع وأن هذا الأمر سيقلب الموازين في المنطقة وفي لبنان بالتحديد، وبالتالي سيعيد بناء السلطة وتركيبها على قاعدة معادلة جديدة لا دور فيها ولا تأثير لسوريا الحالية.

كل النقاشات تدور إذاً في اليوميات والجزئيات والتفاصيل والاستراتيجيات حول ما يجري في سوريا. وهذا أمر له موقعه الطبيعي في السياسة نظراً لأهمية الموقع السوري. لكن السؤال الذي يُطرح، ومن الواجب أن يطرح على اللبنانيين من أنفسهم على أنفسهم ومن الآخرين عليهم. إذا كان الاهتمام بالحدث السوري استثنائياً إلى هذا الحد نظراً لما يمكن أن يحدث في لبنان فلماذا لا نرى من يناقش ويهتم ويقيّم السياسات على أساس مواجهة كل الاحتمالات والانعكاسات. وبالتالي لماذا لا يكون النقاش حول: ماذا سيجري في لبنان؟ كيف سيكون لبنان في ظل كل احتمال؟ ماذا سنفعل نحن؟ كيف سيترجم هذا الانقسام الحاد؟ هل سيكون صراع في لبنان؟ هل إذا وقع المحظور وتفاقم الصراع في سوريا وأخذ بعده المذهبي السُني - العلوي - سيتفاقم بعد الصراع السني- الشيعي في لبنان؟ ماذا إذا استمر تراجع الدولة في لبنان، وتقدم مواقع ومتاريس المذهبيات والحسابات الخاصة القريبة المدى الضيقة الأفق؟

يعني، لنفترض أن النظام في سوريا بقي. تجاوز الأزمة ولو بالدم والحدة. ماذا سيفعل الفريق الملتصق به؟ هل يعتقد أنه سيحكم لبنان وحده؟ ماذا سيفعل مع وبشريكه الآخر وهو لبناني؟ هل سيرّحله من البلد. هل سيخضعه في البلد؟ هل سيعاقبه ويعذبه في البلد؟ هل سيكسره؟ أم أنه مضطر للعيش معه وهو لبناني مثله؟ وكيف ستكون المنطقة المحيطة والتحديات والمخاطر كبيرة والمذهبيات والتطرف والتعصّب عوامل تنمو هنا وهناك؟

ولنفترض أن الفريق المنتظر لسقوط النظام في سوريا ويتصرف كما ذكرنا نجح خياره. فذلك لن يكون إلا بعد وقت طويل، وبالدم المستباح والمباح بالنسبة إلى البعض في طريقة تصرفهم. ماذا سيفعل هذا الفريق في لبنان؟ هل يعتقد أنه سيحكم البلد وفق معادلته ورهاناته وشهدائه؟ ماذا سيفعل بأشقائه اللبنانيين الآخرين؟ هل سيقول لهم ارحلوا مع "نظامكم". لقد سقطتم مع سقوطه؟ لقد انتهى دوركم؟

في الحقيقة هذه أوهام! وخطورة ما يجري في لبنان أن أحداً لم يطرح هذه الأسئلة في عمق التفكير بما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في سوريا. وإذا طرحت كعناوين فلا نجد من يفتح نقاشاً حولها لوضع حد لما يجري في البلد، أو لرفع الصوت والمطالبة بالقول: اتركوا مكاناً للبنان! اتركوا مكاناً لكم في لبنان. اتركوا مكاناً لدوركم في لبنان. اتركوا مكاناً لبعضكم في لبنان. اتركوا مكاناً للعقل في لبنان. اتركوا مكاناً للمشترك في لبنان. اتركزا مكاناً للوصل في لبنان. ابتعدوا عن سياسة الفصل والانفصال. نحن محكومون بالبقاء معاً على أرض واحدة، وبالتفاعل معاً. تعالوا لنفكر معاً وكل منّا تاركاً مسافة في حساباته للقاء شريكه. لا تقفلوا الأبواب. لبنان لم يعد يحتمل مثل هذه السياسات. ونحن نرى الشلل والخلل في كل مكان والتهديدات من كل حدب وصوب والضغوط على كل القطاعات، وفي كل المجالات، والأوضاع تزداد تعقيداً!

إذا أردنا مواجهة السياسة الأميركية - الإسرائيلية، فإن ما يجري في سوريا والعراق ومصر ولبنان، وليبيا... يفيدها. يكفي أن نرى الانقسامات المذهبية والصراعات والحسابات الطائفية أو المذهبية وتخوين بعضنا بعضاً بها ومنها ومن نتائجها. يكفي أن نرى الجيوش منهمكة ومنهكة في المواجهات الداخلية، متهمة من قبل بعض أبنائها ومن حولها وورائها بما تقوم به. والتهديدات الإسرائيلية ومحاولات استغلال ما يجري في كل مكان لممارسة مزيد من الضغوط على لبنان، وخصوصاً على الفلسطينيين لا تتوقف. وإذا أردنا المحافظة على لبنان وما تبقى من الدولة فإن ما يجري اليوم لا يخدم هذا التوجه. فكرة الدولة تتراجع، مؤسسات الدولة تتراجع. إمكاناتها تتراجع رغم الاكتشافات النفطية والغازية. موقع العقل يتراجع في التأثير والفعل في لبنان.

لأننا لن نترك لبنان الأرض. ولن نترك لبنان الوطن. فلنترك له مكاناً لنبقى فيه موحديّن قادرين على التأثير في مسار الأحداث بما يحميه ويحمي أولادنا!

=================

روسيا عازمة على منع سقوط الاسد

 القدس العربي

2012-01-13

اذا اردت ان تعرف او تتعرف على احتمالات الحرب في منطقة الشرق الاوسط، فان عليك ان ترصد ردود الفعل في كل من موسكو وواشنطن، وتحرك سفنهما وحاملات طائراتهما، خاصة بعد ان افاقت روسيا من سباتها العميق، وبدأت تعود الى المنطقة بقوة لحماية مصالحها.

القيادة الروسية التي تعرضت الى خديعة كبرى في ليبيا خسرت على اثرها حليفا تقليديا قويا متمثلا في نظام العقيد معمر القذافي، عندما وافقت على قرار مجلس الامن الدولي بتدخل حلف الناتو في ليبيا لحماية المدنيين، تحول بعد ذلك الى تحرك عسكري لاسقاط النظام، بدأت تدرك فداحة خسارتها هذه، من خلال التصدي بقوة للمحاولات الامريكية لاسقاط النظامين السوري والايراني.

ارسال سفينة روسية محملة باسلحة على درجة كبيرة من الخطورة الى دمشق، تزامنا مع وصول حاملة طائرات روسية وسفن حربية اخرى الى ميناء طرطوس، حيث القاعدة البحرية الروسية اليتيمة في المياه الدافئة، يؤكد هذه الاستراتيجية الروسية الجديدة.

الادارة الامريكية اعربت عن قلقها بعد ان وصلتها اخبار من السلطات القبرصية التي اطلعت على حمولة هذه السفينة، ولم تستطع منع ابحارها نحو دمشق، ولكن طلبها للحصول على ايضاحات من نظيرتها الروسية لن تجد اذانا صاغية.

من الواضح ان موسكو تقف الى جانب النظام السوري في مواجهة ثورة الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ تسعة اشهر وتطالب باسقاطه، ولا بد انها بارسال حاملة الطائرات وشحنات الاسلحة والمواد الخطرة هذه، تريد ايصال رسالة قوية وواضحة للحكومات العربية والولايات المتحدة بانها لن تتخلى عن حليفيها السوري والايراني، بعد ان خسرت حليفيها، في ليبيا (نظام القذافي) وفي العراق (نظام صدام حسين).

ديمتري روجيزين سفير روسيا لدى حلف شمال الاطلسي المنتهية ولايته صرح بالامس 'بان اي تدخل عسكري مرتبط بالبرنامج النووي الايراني يعتبر تهديدا لأمن روسيا الوطني'. وقال ما معناه ان ايران جارة لنا ولا يمكن ان نقبل بأي عدوان عليها. بينما ذهب نيكولاي باتروشيف رئيس مجلس الامن في الكرملين والمقرب من فلاديمير بوتين ان اسرائيل تدفع بالولايات المتحدة نحو الحرب مع ايران.

خطورة هذه التصريحات الواضحة والقوية تأتي في وقت تتزايد فيه احتمالات الحرب ضد ايران، وتتصاعد الضغوط العربية والداخلية لاسقاط النظام السوري. ويجب الاخذ في عين الاعتبار ان روجيزين الذي يعتبر الحرب على ايران تهديدا للامن الوطني الروسي صدر قرار بتعيينه نائبا لرئيس الوزراء، اي بوتين، لشؤون الدفاع، وسيباشر مهامه فورا.

زمن التفرد الامريكي في منطقة الشرق الاوسط وحروب تغيير الانظمة بالحصارات او التدخلات العسكرية بات في طريقه للانقراض.

فواشنطن غيرت النظامين الليبي والعراقي لانهما منحا عقودا نفطية وتجارية لشركات روسية وهندية وصينية، ولذلك فان الاستسلام الروسي لمشاريع الهيمنة والتفرد الامريكية سيؤدي الى انهيار المصالح والوجود الروسيين في منطقة هي الاغنى في العالم بأسره، وهذا ما يفسر استخدامها مع الصين الفيتو المزدوج في مجلس الامن ضد فرض عقوبات على سورية.

موسكو زودت سورية بصواريخ اس 300 المضادة للطائرات، تحسبا لاي تدخل لحلف الناتو في شؤونها، ومن غير المستبعد ان تتراجع عن قرارها بحجب الصواريخ نفسها عن ايران، لانه من الواضح انها تخلت عن مواقعها السابقة في ترك المنطقة برمتها للنفوذ والحروب الامريكية.

=================

ربما - خطاب الرئيس

السبت, 14 يناير 2012

الحياة

بدرية البشر

حظي السوريون بساعتين من التمتع بكهرباء مضاءة من دون انقطاع، لكن دفعوا ثمنها الاستماع ولمدة ساعتين مستمرة إلى خطاب إنشائي فقير من رئيسهم بشار الأسد الذي طالبته الثورة بالرحيل، ووصفت المعارضة الخطاب بأنه عودة جديدة لمصطلحات الثمانينات في عصر الأسد الأب، مثلما تشبث بآلياته القمعية من دون ان يفطن إلى ان الواقع قد اختلف. بدا خطاب الرئيس واجباً منزلياً على الشعب، كل استمع له بحسب أمانيه، ففيما ظن بعض الثوار أنه قد يلوح بفرج ويتنحى الرئيس، فإن معارضاً سورياً هو حازم النهار قال لولا إن الإعلام سيسألني عنه في الغد لما استمعت إليه، بينما اعتبره البعض ضريبة ساعتين مضاءتين بالكهرباء.

ماذا لو انقطعت الكهرباء، وحرم الناس من سماع خطاب الرئيس؟ ما الذي سيتغير؟

لا شيء تقريباً. سيبقى الثوار في الشارع، والمعارضة ستندد ببقاء الرئيس الذي احتل كرسي الرئاسة، الذي ورثه عن أبيه في نظام جمهوري، ولا يريد أن يهبط منه، رغم فشل سياسته وأقل ما فيها الفشل الاقتصادي، الذي يعتبر بحد ذاته فضيحة تستوجب التنحي في أية حكومة تحترم سياستها. فما بالك أن يتسبب هذا النظام بثورة تطالبه بالرحيل، وتتسبب بشلل الأنشطة الصناعية والزراعية والتجارية كافة، وتتعطل بسبب عناد الرئيس عمليات الاستيراد والتصدير، حتى أصبحت عاجزة عن توفير الوقود لإشعال المدافئ والمطابخ. هذا غير مشكلاتها التي ثار من أجلها الثوار، وأهمها الانفراد بالحكم والاستبداد فيه. فخرج الشعب بأغنية غناها المطرب إبراهيم قاشوش تقول: «إرحل... إرحل يا بشار».

تضمّن الخطاب شتيمة عربية فصيحة هي «خسئتم». أعادت إلى الذاكرة المسلسلات التلفزيونية الفصحى، ولولا ثقتي بأن السوريين جميعهم محصنون بخلفية عربية قوية لقلت إنهم قد يحتاجون إلى ترجمة للكلمة توضع مع الخطاب تفسر لمشاهديه ماذا عنت «خسئتم» لأنها من المفردات القديمة التي لم يعد أحد يستخدمها. وزاد الرئيس بأن وصف الإخوان المسلمين بـ «إخوان الشياطين».

من ضمن ما تميزت به الثورات العربية هي التحليلات اللغوية لخطاب الرؤساء وشتائمهم الشتام، لتؤكد واقعاً عربياً مريراً يشير إلى أن على الشعب بعد كل خطاب رئيس عربي أن يتحضر بحزمة مناديل ورقية ليمسح ما علق على وجهه من شتائم، فهذا هو الحق الذي لا يتنازل عنه الرئيس تجاه الشعب حين يثور عليه.

وأنا أشاهد الرئيس السوري يشتم كعادة سابقيه ويهديهم فوق القتل والسحل والصور التذكارية لموت الأطفال والنساء ونشر الرعب بينهم شتيمة، أفكر لو أن هذا الرئيس سقط غداً ووقع بين أيدي هؤلاء الثوار الذين عذبوا فردوا عليه العذاب، كما فعل الثوار بالقذافي، فهل ستشغلنا الفضائيات مرة اخرى بالحديث عن اخلاق العفو، وحق الأسير والحفاظ على رباطة الجأش؟!

إنه مجرد سؤال جدير بأن يجعلنا نتفادى الوقوع في الخطأ مرتين، ومن العدل أن نضع الصورة بين الزمنين والحدثين تماماً كما تفعل دعايات التجميل حين تضع لنا صورة ما قبل العملية وما بعدها. لنضع صورة الرئيس قبل الثورة وبعدها؟

النظام السوري قبض على المطرب إبراهيم قاشوش صاحب أغنية «إرحل... إرحل يا بشار» واحدة من اغاني الثورة السورية، وفي مشهد مصور بثته الفضائيات شاهدنا جثته وقد مزقت حنجرته بموسى حادة، ثم رميت عند نهر العاصي. صورت الكاميرات مكان الحنجرة المنتزعة وروع بها كل من يجرؤ على الغناء أو الصراخ ضد الرئيس.

ما لا يفهمه الرئيس أن المطرب مات وحنجرته قصت وربما رموا بها للكلاب، لكن بقيت أغنية حية يغنيها شباب سورية وشيوخها ولا يزالون حتى هذه اللحظة يرقصون عليها الدبكة الشعبية في مدن سورية الثائرة. عجزنا ونحن نقول للحاكم إن قص حنجرة ينبت منها آلاف الحناجر، حتى ولو اتبعها بشتيمة قديمة مثل «خسئتم».

=================

ما لم يقله بشار الأسد في خطابه!

السبت, 14 يناير 2012

الحياة

سليم نصار *

التاريخ يعيد نفسه في سورية...

في كتابه عن الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، يشير المؤلف باتريك سيل الى أحداث حماه باعتبارها تمثل محطة فاصلة من مراحل الحكم ويقول: «بعد الانتصار على «الإخوان المسلمين» في حماه، ظهر حافظ الاسد بصورة مفاجئة في شوارع دمشق يوم 7 آذار (مارس) 1982 وبما ان ظهوره تزامن مع الذكرى التاسعة عشرة لثورة البعث، فقد حملته الجماهير الصاخبة على أكتافها مدة ساعتين كاملتين من قصر الضيافة الى البرلمان». وفي ذلك اليوم، كان الرئيس غاضباً ومنفعلاً خلال إلقاء خطاب ناري بدأه بالقول: «أيها الأخوة والأبناء... الموت للإخوان المسلمين المجرمين. الموت للمأجورين الذين حاولوا نشر الفوضى والدمار في الوطن».

بعد مرور حوالى ثلاثين سنة على ذلك الصدام الدموي الذي وقع في حماة بين قوى النظام ومسلحي «الاخوان المسلمين»، تجددت صورة تلك الواقعة في مدن مختلفة بواسطة عناصر مختلفة.

وبدعم من تركيا ودول عربية وغربية عدة، أنشئ «المجلس الوطني السوري» المعارض من مختلف الاطياف بهدف القيام بدور المحاور والشريك وربما البديل.

وتوقع الداعمون لهذا المجلس زعزعة النظام على نحو ما حدث في تونس ومصر، الامر الذي يفتح باب التغيير امام الحلول المطروحة. ومع ان الرئيس بشار الأسد استبعد وصول نيران «الربيع العربي» الى بلاده... إلا ان عدوى التغيير وصلت الى درعا وحمص وحماة باندفاع اربك اجهزة الامن، وهدد بنية النظام الذي اسسه والده. لذلك اعطى مبادرة الجامعة العربية فرصة واسعة بانتظار استكشاف الموقف الحقيقي والنهائي للدولتين الداعمتين، أي روسيا والصين. وقد تعرضت هاتان الدولتان لضغوط متواصلة من جانب الولايات المتحدة ودول التحالف الاوروبي بهدف التعاون لإصدار قرار عن مجلس الامن مواز للقرار الذي اتخذ ضد نظام معمر القذافي.

يقول الديبلوماسيون في دمشق ان ايران خشيت من امكان تراجع موقف الاسد حيال الضغوط الاقليمية والدولية التي تمارس ضده. كما خشيت من انعكاسات التحول السوري على مكانتها الاقليمية والدولية، خصوصاً انها في صدد بناء منظومة جديدة تتألف من ايران والعراق وسورية ولبنان، لملء الفراغ السياسي والامني الذي تركه الانسحاب الاميركي من العراق. وبما ان سورية تمثل الحليف المركزي لإيران في المنطقة، فقد حذرت طهران من خطورة اسقاط الاسد، ومن تداعيات هذا العمل على دورها المستقبلي. لذلك قررت استفزاز القوات البحرية الاميركية المنتشرة حول مضيق هرمز، والاعلان عن تطوير قنبلتها النووية، والقيام بمناورات للحرس الثوري بالذخيرة الحية استمرت عشرة ايام. وقام التلفزيون الحكومي بعرض سلسلة لقطات درامية تمثل اطلاق صورايخ بعيدة المدى وانطلاق زوارق حربية سريعة معدّة لعمليات انتحارية. وأعربت مصادر غربية عن تخوفها من ارتفاع سعر النفط، في حال اغلق المضيق وتوقفت عمليات شحن ما نسبته خمس تجارة الطاقة العالمية. ومن المؤكد – كما يقول خبراء في شؤون النفط – ان هذه التوقعات ستؤثر في الاقتصاد الغربي المنهار، وتحدث انقسامات داخل القوى الغربية في شأن العقوبات.

ويبدو ان مصدر الهجمة الايرانية يستند الى معطيات عدة اهمها: مخاوف الرئيس اوباما من الدخول في مزيد من المواجهات العسكرية بعد سياسة الانطواء التي ظهرت عقب الانسحاب من العراق... وتأثير الازمة الاقتصادية الخطيرة في الولايات المتحدة وأوروبا على القرارات السياسية. اضافة الى هذا، فإن اوباما لن يخاطر بشن حرب غير مضمونة في وقت يستعد للفوز بولاية ثانية.

ولكن طهران لم تكتف بهذا القدر من الحسابات، لذلك امر وزير النفط الايراني بضرورة زيادة حجم المخزون في حاويات عائمة في البحر الى 8 ملايين برميل في محاولة لاستباق الحظر النفطي.

في ضوء هذه التطورات، خشيت الادارة الاميركية من انقسام المواقف الاوروبية حول العقوبات الاقتصادية على ايران. لذلك سارع وزير الدفاع ليون بانيتا الى القول ان اغلاق مضيق هرمز يعتبر «خطاً احمر» بالنسبة الى بلاده وغالبية دول العالم. وقد ايده في هذا القرار وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند، الذي وعد بإرسال المزيد من كاسحات الالغام المتطورة الى منطقة الخليج، اضافة الى المدمرة «دارلينغ».

ومن اجل تطمين اسرائيل، اعلن الوزير الاميركي بانيتا ان بلاده تستعد للقيام بمناورات مشتركة، تعتبر الاضخم منذ عام 2009. وقال ان الهدف من اجرائها يتعلق باختبار الانظمة الدفاعية الصاروخية.

وفي خطوة ديبلوماسية تشكل نوعاً من التحدي السافر لقوة الولايات المتحدة، قام الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بجولة زار خلالها فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا والاكوادور. ومع ان غرض الجولة يتمثل في كسر حال العزلة الدولية، إلا انها من جهة اخرى تتمثل في اختراق ما يسمى بـ «الحديقة الخلفية» للنفوذ الاميركي.

تزعم الصحف الايرانية ان المناورات العسكرية والجولة الديبلوماسية التي يقوم بها نجاد، تدخل ضمن حملة ردع مدروسة ترمي الى شد أعصاب الاسد ومنعه من التراجع امام المبادرة العربية و «المجلس الوطني» المعارض.

في هذا السياق، دخلت موسكو على الموقع السوري لتشجع الرئيس الاسد على الاقتداء بإيران وعدم الاستجابة لمطالب المعارضة. وقد دعمت اقتراحها بإرسال اسطولها الى ميناء طرطوس بغرض تحقيق امرين مهمين: الاول اشعار النظام السوري بأن روسيا جادة في حمايته وبقائه لأنها فقدت صداقة كل الدول الاخرى في الشرق الاوسط. ثانياً: ابلاغ واشنطن والعواصم الاوروبية بأن موسكو مستاءة من تهميشها المقصود من جانب الدول الغربية، بحيث فشلت في اقتناص عقد واحد من عقود ليبيا الجديدة. علماً ان القذافي كان يملأ ترسانته من مصانعها الحربية، ويفضلها على سائر الدول الاجنبية في ميادين الإعمار ومشاريع التنمية.

خلال مرحلة الترقب ووصول نار المعارضة الى العاصمة، تبين للنظام ان اسلوب القتل على الهوية بدأ يمارس بصورة مكشوفة في أزقة دمشق وأطرافها السائبة. ونقلت الاجهزة الخاصة سلسلة حوادث كان ضحاياها من الطائفة العلوية، الامر الذي دفع بشار الاسد الى التركيز في خطابه على موضوع الارهاب، وعلى اعتماد «الامن» قاعدة اساسية في سلّم الاولويات.

وقبل ان يدلي في خطابه الرابع، بمواقفه السياسية المفاجئة، قرر القيام بعرض واسع للآلة الحربية التي تملكها قواته. وقد فوجئت الدول الغربية بحجم الترسانة الصاروخية التي بث صورها التلفزيون الرسمي. وجرى خلال تلك المناورات عرض عدد من عمليات اطلاق كل انواع السلاح الباليستي البعيد المدى. كما جرى عرض اطلاق صاروخ «سكود» وصاروخ «فروغ» وصاروخ «أس. أس 21».

في مناورة سلاح البحرية التقطت صور لإطلاق صاروخ «ياخنت» من منظومة الصواريخ البرية «باستيون». وهذا صاروخ جوال يتجاوز سرعة الصوت بمدى يصل الى نحو 300 كلم. كما ان من الصعب اكتشافه او اعتراضه. لهذا تم نصبه على طول الشاطئ السوري بهدف تهديد النشاط البحري الاسرائيلي، العسكري منه والمدني. وكان جهاز «الموساد» قد اعرب عن قلقة من وقوع هذه المنظومة في يد «حزب الله»، مثلما وقعت في السابق منظومة «سي 802». واللافت ان نصب هذه الأنظمة في جنوب لبنان، يمكن ان يغطي كل شواطئ اسرائيل بحيث يصل الى غزة ايضاً.

يستدل من هذه المناورات، ان الاسد اخذ بوصية حليفته ايران وصديقته روسيا. خصوصاً ان رئيس الوزراء فلاديمير بوتين ينظر الى الاسد كشريك استراتيجي مهم، تقلقه جداً عملية انهيار نظامه. وعليه قدمت موسكو وساطتها لكبح جماح القوات الرسمية ومنع العنف من وصول المعارضة الى الحكم. وينطلق اهتمامها من تعاون قديم منحها مكاسب سياسية لمنافسة القوى الغربية الطامعة في احتواء سورية. ومع ان هذا التعاون تعرض للاهتزاز والبرود عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، الا ان تخلي موسكو عن معظم الدين السوري، جدد الثقة بين الدولتين. كما جدد صفقات الاسلحة التي اغنت الترسانة السورية بكل جديد ومتطور.

في تصريحه الاخير، توعد بوتين بأن روسيا سترد على أي عمليات «أحادية الجانب» يقوم بها الغربيون على الساحة الدولية، اذا لم تأخذ في الاعتبار المصالح الروسية.

وكان بهذا الكلام يشير الى اهمية دور بلاده في استقرار الشرق الاوسط، ان كان عبر سورية ام عبر المنظمات الفلسطينية. من هنا يمكن تفسير موقف بشار الاسد الذي اكد في خطابه الاخير محو كل التعهدات وإلغاء كل التدخلات، والعمل معه لا مع برهان غليون او مع الجامعة العربية او الامم المتحدة.

في ضوء هذه الخلفية، فسرت الجامعة العربية خطاب الاسد وكأنه نعي لوفاة مبادرتها المحفوفة بالمخاطر. أي المبادرة التي تعرض مراقبوها لكل انواع التهويل والتضليل. كذلك تعرضوا لقيود رجال الامن الذين منعوهم من زيارة السجون التي تضم نحو 35 الف معتقل، واكتفوا بتقديم لائحة تضم 16 الف معتقل فقط. علماً ان الأمين العام للجامعة نبيل العربي تبرع بمنح شهادة حسن سلوك للنظام السوري في وقت استقال المراقب الجزائري انور مالك، لأنه رأى عملية سلخ جلد أسير على طريقة معتقل «بوخنفيلد» النازي.

هل يعني هذا ان الانتفاضة السورية ستعود الى المربع الاول وتبدأ من الصفر؟

يقول مراقبو الجامعة العربية ان احتمالات انفجار حرب اهلية واسعة وصلت هذه المرة الى ابواب حلب ودمشق. والمدينتان تعتبران مؤشراً لانتقال غير سلمي يمكن ان يشهد اعادة تشكيل «المجلس الوطني» المعارض.

وقد يكون من المفيد التنبيه الى ان نظام الاسد استعاد نفوذه بفضل الدعم الروسي... ولكنه قد يفقد هذا النفوذ اذا ظل محافظاً على الرباط الذي يشده الى ايران!

======================

العرب المستخربة

طارق الحميد

الشرق الاوسط

14-1-2012 السبت

بدلا من أن تتصدى الجامعة العربية لخطاب بشار الأسد المليء بالإساءات للعرب، والجامعة نفسها، تصدت الجامعة لأحد أعضاء وفد المراقبين العرب بسوريا، وشنت عليه هجوما لا مبرر له!

فما إن كسر المراقب الجزائري الأصل أنور مالك صمته، وقال ما يمليه عليه ضميره، بأن ما يحدث في سوريا هو جرائم حرب، وأن القناصة موجودون، والجثث بالشوارع، وأن هناك عمليات تحايل يقوم بها النظام الأسدي فيما يتعلق بالمساجين، إلا وتصدى له مسؤول بالجامعة، لم يكشف عن هويته، وشن عليه هجوما حادا، وقال إن المراقب الجزائري لا يعلم شيئا عما يدور بسوريا لأنه كان عليلا طريح الفراش! وذهب المسؤول بالجامعة إلى أبعد من ذلك، وهذا الغريب والمريب، حيث قال إن المراقب الجزائري تربطه علاقة مصاهرة مع برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري المعارض، وإنه، أي المراقب، يخدم أجندات أخرى!

وهذا الحديث المتشنج، وغير المسؤول، والصادر عن مسؤول بالجامعة يدفع إلى طرح تساؤلين هنا؛ الأول: هل من مصلحة الجامعة أن يفتح الآن باب مَن يقرب لمن، أو مَن هو صهر مَن، خصوصا أن الجامعة العربية ما زالت تمنح الفرصة تلو الأخرى للطاغية بشار الأسد، رغم القتل المستمر بسوريا؟ أشك أن المعنيين بالجامعة يرغبون فتح تلك الملفات، ولذا فمن باب أولى ألا يرموا بيوت الناس بالحجارة! والسؤال الثاني: ألا يظهر الهجوم الذي شنه المسؤول بالجامعة على المراقب الجزائري الذي كشف حقيقة ما يجري من جرائم بسوريا على يد نظام الأسد، أن بالجامعة العربية من هو ميال للنظام الأسدي ضد المعارضة السورية؟، وهو ما يؤكد ما كشفته بمقالي السابق «سوريا.. هل هذا صحيح؟» بتاريخ 9 يناير (كانون الثاني)، ونقلت فيه معلومات عن انتقاص مسؤول رفيع بالجامعة للمعارضة السورية، والطعن فيهم؟ أعتقد أن اللعب بات على المكشوف الآن!

ولذا فبدلا من الهجوم الحاد على المراقب الجزائري الذي قال كلمة حق، فقد كان حريا بمسؤول الجامعة أن يدافع عن وفد المراقبين العرب، خصوصا من قالوا الحقيقة، ومن تعرض منهم للاعتداء، ويرد الصاع صاعين للنظام الأسدي، وكان حريا بمسؤول الجامعة أيضا أن يرد على الأسد الذي تطاول على عرب الجامعة وسماهم بالعرب المستعربة، وقد تطاول قبله حزب الله، ولقبها بالجامعة العبرية، وذلك دفاعا عن الأسد، فكم هو غريب أن الجامعة لا تدافع عن نفسها أمام أبناء إيران وهم يصنفون العرب، ويعيّرونهم، بينما تتصدى لمراقب عربي قال كلمة حق!

الحقيقة أننا لسنا أمام عرب عاربة، أو مستعربة، كما يقول الأسد، بل إننا أمام العرب المستخربة، من الخراب، مثل الأسد وأمثاله من الطغاة، ومن قبل البعض أيضا بالجامعة، خصوصا من يدافعون عن الأسد، ويمنحونه الفرص، مثلما حاولوا فعل الأمر نفسه مع صدام حسين يوم احتل الكويت، فهؤلاء ليسوا عربا عاربة أو مستعربة، وإنما هم عرب مستخربة، وما أكثرهم، للأسف!

===============

نهر الدم السوري الذي يغرق الجميع

شحاتة عوض

2012-01-13

القدس العربي

كل معطيات اللحظة الراهنة تقول إن المحنة السورية ستطول أكثر مما توقع طرفاها سواء النظام أو المعارضة، فالنظام الذي يراهن على' إندحار المؤامرة ' على سورية والقضاء على 'الارهابيين' لا يبدو قادرا على تحقيق ذلك، والمعارضة التي تراهن على إسقاط النظام خلال وقت قصير تستند في ذلك لتمنيات أكثر من كونها مستندة الى رؤية واقعية لما يجري. وبين المعارضة والنظام يتواصل تدفق نهر الدم السوري ليغرق الجميع ويطرح أسئلة محزنة عن الثمن الفادح المطلوب أن يدفعه الشعب السوري لينال حريته ويسترد قراره ويحقق ما خرج للشوارع من اجله؟

خطاب الرئيس بشار الأسد الأخير أظهر بجلاء أن النظام بات منحازا كليا للخيار الأمني وعصا القمع الغليظة ولم يعد لديه غيرها في مواجهة خصومه ومناوئيه ولم يعد يملك شيئا يقدمه سوى حديث عن مؤامرة كبرى على البلاد، وعن إصلاحات شكلية لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع حتى على رغم أنها لا تلبي طموحات المعارضة والثوار، وعن حوار وطني يحدد النظام شروطه وأطرافه التي يبدو أنها تستبعد كليا معارضة الخارج وتكتفي ببعض مكونات المعارضة في الداخل. والأمر الذي يدفع لإستبعاد أي حلول في الأفق هو أن النـــظام ينكر أصلا وجود أزمة حتى يمكن البحث لها عن حلــول، فخطــــاب الرئيس السوري الطويل، والذي أعقبه بظهور لافت في ساحة الامويين وسط دمشق، سعى لأن يرسل رسائل عديدة ولاطراف مختلفة، لكن الرسالة الأهم التي حاول إيصالها هي أنه مازال قويا وقادرا الخروج بالنظام منتصرا في هذه المواجهة الجديدة التي يراها مع الخارج وليس مع شعبه.

في المقابل فإن المعارضة في مجملها والتي تنطلق في مواقفها من رفض كامل لفكرة الحوار مع النظام وترى أنه لا بديل عن رحيله وإسقاطه، تدرك أن ذلك غاية دونها الكثير من الدم والوقت والجهد وأن سقوطا سريعا للنظام على غرار ما حدث مع أنظمة إستبدادية اخرى أمر مستبعد. وهذا يعني أن الشعب السوري يبدو مطالبا بدفع فاتورة باهظة ثمنا لحريته .. فالنظاام لايزال متماسكا حتى الآن، فلم يشهد إنشقاقات في بنيته السياسية أو تصدعات في تركيبته الحزبية، كما أن الجيش وعلى الرغم من الانشقاقات المحدودة في صفوفه مازال موحدا ومتماسكا. ربما تكون القبضة الأمنية الهائلة للنظام وربما الارتباط القوي بين مكوناته وأدراكها للمصير المشترك يشكلان عاملا مهما لتفسير صمود النظام حتى اللحظة، وربما تكون التركيبة الحالية للجيش وخريطة القيادة سببا إضافيا في إستبعاد حدوث إنشقاق كبير في صفوفه.وقد يكون فشل المعارضة في إقناع القطاع المتردد من الشعب السوري باللحاق بالثورة سببا ثالثا لإستمرار النظام .. ومن هنا فإن المعارضة إذا كانت تراهن على حدوث إنقلاب أو إنشقاق كبير داخل النظام يؤدي لإسقاطه في النهاية، فان عليها أن تراجع موقفها في هذا الصدد وعلى الأقل ينبغي أن تكون حذرة في هذا الرهان.

خلاصة ذلك أننا أمام طرفين لا يبدو أن أحدهما قادر حتى الآن على الغاء الآخر أو فرض شروطه ومطالبه .. فرغم أن خطاب الأسد الأخير شكل إنتقالا من خانة الدفاع لموقع الهجوم والمواجهة ضد خصومه، فإن النظام السوري يبدو عاجزا عن الغاء حقيقة أن هناك إنتفاضة شعبية عارمة تجتاح البلاد ضده وتطالب باسقاطه، مهما بقي متمسكا بحالة الإنكار التي يعيشها منذ بداية الانتفاضة. أما المعارضة في الخارج والتي تشكل العنوان السياسي لهذه الإنتفاضة ولجانها الشعبية المختلفة، فلا تبدو قادرة على إسقاط النظام بالسرعة التي تريدها، فهي لا تملك عناصر القوة اللازمة لبلوغ هذا الهدف، كما أنها مساعيها لإستقدام تدخل دولي لحماية المدنيين يصطدم بموقف دولي منقسم ومرتبك وموقف عربي أكثر إنقساما وإرتباكا في تعاطيه مع الملف السوري.

وبين هذا وذاك سيبقى مطلوبا من الشعب السوري أن يدفع مزيدا من الدم النبيل ثمنا لثورته التي لا يبدو أن هناك بديلا عنها ولا تراجع بعد كل هذه الدماء التي سالت في شوراع وطرقات وأزقة المدن السورية على يد أجهزة النظام وشبيحته، لاسيما وأن كثيرين يرون أن الأسد أعطى ضوءا أخضر لمزيد من القتل والقمع حين تحدث عن ضرب الجماعات الارهابية بيد من حديد وهو الوصف الذي يطلقه النظام على مناوئيه من الثوار أو من عناصر الجيش الوطني الحر المنشقين عن الجيش السوري والذين يحاولون حماية المتظاهرين من قمع النظام.

وبعيدا عن الأطراف المباشرة للمحنة السورية يبدو العامل العربي حتى اللحظة جزءا من المشكلة لا سببا للحل، فالجامعة العربية التي تشهد إنقساما في صفوف اعضائها والتي تسعى لإيجاد حل للازمة تحت الخيمة العربية يجنب سورية شبح التدويل وتكرار سيناريوهات كارثية على غرار مع حدث في العراق او ليبيا، تجد نفسها بين مطرقة النظام الذي يراوغ ويناور ولا يقوم بخطوات ملموسة لمساندة هذه الدور، وبين سندان المعارضة التي تبدو مشككة في جدوى هذا الدور ولا ترى فيه سوى فرصة للنظام لارتكاب مزيد من الجرائم والقتل.

وتبدو مهمة بعثة المراقبين العرب الذين أوفدتهم الجامعة العربية الى سورية لرصد حقيقة الاوضاع هناك وفقا للبروتوكول الموقع مع النظام السوري، إختبارا مهما وربما الإختبار الأخير لمدى قدرة الجامعة العربية على إيجاد تسوية أو حل يجنب سورية وشعبها شبح التدخل الأجنبي، وإن كان هناك من يرى أن الوقت والوضع على الأرض قد تجاوز هذا الأمر ولم يعد أمام الجامعة العربية فرصة حقيقية للنجاح، فإذا أضفنا الاعيب النظام مع المراقبين العرب الذين أنسحب بعضهم من المهمة، وتشكيك المعارضة في قدرتهم على وقف القتل وحتى تشكيك أطراف عربية في نجاحهم في هذه المهمة، لادركنا أن الأمور لا تسير كما تهوى وتتمنى الجامعة العربية أو على الأقل بعض الأطراف الفاعلة فيها. لكن السؤال هنا هو ا البديل في حال فشلت الجامعة العربية في مسعاها لوقف تدفق شلال الدم السوري على الارض وأيقاف أعمال القتل اليومي للسوريين وإقناع النظام بالالتزام ببنود المبادرة العربية؟ والسؤال الأهم هو ماذا لو نجحت الجامعة في مهمتها الصعبة تلك، هل سيبدو ذلك كافيا بالنسبة للمعارضة السورية؟

في ظني أنه لا يوجد بديل جاهز لفشل الجامعة العربية في حل الأزمة السورية، فالمجتمع الدولي ليست لديه حتى اللحظة رؤية واضحة أو موحدة تجاه ما يحدث في سورية، وهو أمر تدركه كل أطراف الأزمة ، فالنظام ينطلق في مواقفه من إدراك بأن المجتمع الدولي يبدو مرتبكا ومنقسما في تعاطيه المسألة السورية ويراهن على أنه لا يوجد تغير ملموس في الموقف الروسي بشكل خاص والذي يقف بصلابة ضد أي قرار أو أجراء ضد سورية في مجلس الامن ..أما المعارضة التي تراهن على تدخل دولي يحمي السوريين من ألة القتل فإنها لاتريد أن ترى هذا الأرتباك في مواقف المجتمع الدولي وبأن الأطراف الدولية المؤيدة لها مثل أمريكا وفرنسا وغيرهما تكتفي حتى اللحظة بالكلام لا الأفعال ربما إدراكا من هذه الأطراف لمدى تعقيد وحساسية الوضع السوري، وربما وهذا أمر تتحمله المعارضة السورية نفسها، لانها لا ترى بديلا واضحا وموثوقا يمكن التعاطي معه بعد إسقاط النظام في دمشق. ولعل ما يؤكد ذلك ما قاله الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي قبل يومين ردا على إنتقادات المعارضة، من أن المجتمع الدولي لا يحتاج لإذن من الجامعة ليتدخل في المسألة السورية وأن ذلك يرجع لأنه لا يوجد موقف دولي واضح بشأن هذا التدخل.

وحتى في حال نجحت الجامعة العربية في مهتمها المستحيلة في سورية، وأقنعت النظام بوقف أعمال القمع والقتل ضد المدنيين، وهذا ربما يتنافي مع لغة النظام الأخيرة، فان ذلك لن يكون كافيا بالنسبة للمعارضة ومن خلفها المنتفضون والمحتجون والذين بات سقفهم هو إسقاط النظام ولاأقل من ذلك بعد كل من قدموه من تضحيات ودماء. خلاصة القول أن كل أطراف الملف السوري تبدو مأزومة سواء كانت الاطراف المباشرة كالنظام أو المعارضة أو الاطراف الإقليمية والدولية.

فطرفا الازمة الأساسيان ركبا الشجرة ولا يبدو أنهما أو أي منهما مستعد للنزول عن سقفه .. المعارضة لا ترضى بأقل من الإطاحة بالنظام، والنظام لايرى سوى مؤامرة لن يتوقف إلا بالقضاء عليها ودحرها مهما سقط من قتلى ومهما سالت من دماء، والجامعة العربية القت كل أوراقها، والمجتمع الدولي ليس مستعدا بعد أو موحدا حول كيفية التعامل مع ما يجري .. والنتيجة أن نهر الدم السوري سيبقى يفيض وسيلطخ وجوه كل من ماتت ضمائرهم أو فقدوا إنسانيتهم، لكن الأكيد الأكيد أن الشعب السوري الذي خرج للشوارع طالبا الحرية والكرامة والعدل لن يعود قبل أن يحقق ما خرج لأجله مهما كانت فداحة الثمن أو كلفة التضحيات.

===============

سندان الربيع السوري بين المطارق

السبت, 14 يناير 2012

طالب ك إبراهيم *

الحياة

الصورة السياسية في تونس لما بعد الانتخابات، أنتجت فوزاً إسلامياً واضحاً معبراً عن رغبة أكثرية الساحة الداخلية، وأظهرت تلونات هي ملحقات لأحزاب متنوعة علمانية، تكاتفت في أكثر من جناح، وتشاركت في الهم الانتخابي بحكم الظرف الملموس، لتدخل آليات عمل سياسية جديدة، وصراعات تحت سقف وطن خارج الديكتاتورية. الإختلاف عنها في الانتخابات المصرية، من حيث الجوهر، هو حلول أكثر الأحزاب الإسلامية راديكالية في الموقع الثاني، بعد الإخوان المسلمين.

تأزم سياسي للوضع الليبي الموسوم بالخوف، مفتوح على كل الاحتمالات، بعد أصعب خطوة في عملية إسقاط الديكتاتور المعقدة. الوضع الليبي كان مقلقاً منذ بداية الأحداث وكان أقرب لاعتباره انقلاباً عسكرياً مصحوباً بتشتت إسلامي، ساهمت حتمية نجاحه بوحدة خلافاته، لكن انفكاك عوامل وحدته الآن تعيد إنتاج خلافاته.

المقدمة تلك محاولة في كشف الرابط الجامع لتحولات الوضع العربي. فأي دور يلعبه العامل الإسلامي السوري في توحيد ساحة المعارضة السورية؟ لا تنجح الضبابية السياسية في إخفاء أهم الفاعلين في الساحة السياسية السورية، ألا وهو التيار الإسلامي، والمحرك الأساسي لتفاعلات تكتلات سياسية وليدة أو قديمة في الخارج أو تكتلات مستقلة بحكم فرز مجهول الهوية.

إشكالية الحراك السوري حتى الآن أنه لم يفرز الآلية السياسية المعبرة عنه ولم يُصَغ حامل سياسي ملائم لمطالبه، وإنما كان ملحقاً بالمجالس والهيئات بصورة احتفالية، وبضرورات إضفاء طابع تمثيلي له فيها أمام المحافل الإعلامية والدولية، وليس مفصلاً رئيسياً منها.

 

السبق الذي حققه الشارع السوري جعل النظريات السياسية للمعارضة رهينة مؤدلجيها، كما جعل المعارضة تطوف داخل خلافاتها وأمراضها، وينوب فعل التقصير عن استلهام الشارع وتضحياته.

سلسلة المجالس الانتقالية فرزت مجلساً جامعاً لتنوع مأزوم وبرئاسة شكلية، كان له الأثر الأكبر على حراك نخبة سياسية شكلية أيضاً في الداخل موسومة بالمفاجأة، فرزت الهيئة الوطنية المحكومة بتنسيق خلافات أحزابها النخبوية المتناسلة ورئاسة متعدية لأحد قادتها الأبديين.

إن خلاف المجلس الوطني وهيئة التنسيق الوطنية لا يسعد أحداً بقدر سعادة النظام الديكتاتوري، والذي يعتبر أن هذا الخلاف جزء تفصيلي من خلافات جوهرية تنوء تحت ثقلها المعارضات السورية، المعارضات التي تعجز عن توحيد برنامجها السياسي، ناهيك عن توحيد مشاريع الوطن.

تسابق عناصر المجلس والهيئة في تحميل المسؤولية لبعضهما، ليس فقط في فشل الاتفاق بين مكوناتهما، ولكن في مسار العمل السياسي العام، رغم «شوائب» بعض التصريحات التي تعبر عن وجوب وحدة العمل والقفز فوق الخلافات.

التيار الإسلامي يحضر كاملاً في ساحة المجلس الوطني، ما يعطي المجلس بعداً شعبياً، يغيب عنه في الهيئة، وهذا الحضور يمهد لأرجحية في التمثيل السياسي السوري، ولامتداد أفقي في الساحة الدولية.

لكن لا يعني ذلك على الإطلاق أن التيار الإسلامي وحدة سياسية متكاملة وله برنامج سياسي واحد، بل على العكس تماماً، فما يحدث في الأحزاب العلمانية يكاد يحدث مثله تماماً في ساحات التيار الإسلامي. وهذا يسمح لنا أن نخمن أن خلافات المجلس الوطني الداخلية ليست فقط مقتصرة على تنوع ساحاته بل أيضاً على تنوع إسلامياته.

ورغم الخلافات الداخلية التي تسم المجلس الوطني إلا أنني أعتقد أنه الاتجاه الأساسي لاعتراف الغرب به، بسبب وجود الكتلة الإسلامية فيه، وبسبب غيابها بالمطلق في هيئة التنسيق الوطنية، لكن ذلك لا يعني وجوب تحقيق هذا الفعل منفرداً، ولزوم اكتساب الشرعية الخارجية تلقائياً.

ببساطة تسقط كل مغازلات المجلس الدعائية لوحدة المجتمع السوري ممثلاً بكل طوائفه وإثنياته بمجرد فشل مشروع الوحدة، ولو شكلياً، مع هيئة معارضة تحمل نفس المشروع في إسقاط النظام وفي مفهوم سورية القادمة. فإخفاق المجلس في الوحدة مع حامل مشروع داخلي كمشروعه، يضيف عقبات كثيرة الى إضفاء طابع شعبي عليه، إذ كيف يستطيع إقناع الشارع المتنوع بصدق دعايته الإعلامية في ما يتعلق بوحدة المصير؟!

معوقات وحدة المجلس كإطار سياسي جامع لمكوناته هي نفس المعوقات التي تجعله غريباً عن هيئة التنسيق الوطنية بنسختها الجامدة. فأهم ما يميز تيارات هيئة التنسيق الوطنية هو بعدها عن الجماهير رغم حميمية برنامجها السياسي، وعناوين شعاراتها البراقة، لكن ذلك لا يعني أنها لا تملك ما يعيق حركة المجلس السياسية رغم إضفاء الداخل الثائر مشروعية مشوبة بالحذرعليه.

لا يزال في سورية خطاب مشحون بخوف الأقليات، خطاب استطاع النظام تطويعه ليس بسبب ذكائه ولكن لغياب سلوك جمعي للمعارضة بقطبيها، غياب يؤكده فشل متكرر في توحيد كياناتها الداخلية أولاً وتوحيد قطبيها ثانياً.

الربيع السوري مكشوف الآن أمام بنادق النظام وجراح المعارضات. مكشوف أمام سخونة الرصاص وسخرية السياط من جهة وأمام صراع السابق للمعارضات. وبين وحشية القمع ووحشة الخلاف ينتظر الشارع السوري دفء الطريق.

* كاتب سوري

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ