ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
2012-01-15 الوطن السعودية الملف السوري يتطور بسرعة كبيرة ولافتة
في عدة اتجاهات، أهمها مسألة التدويل
ونقل الملف لمجلس الأمن، وهو المطلب
الذي أعلنه برهان غليون رئيس المجلس
الوطني عدة مرات، ومؤخرا أعلنه رئيس
الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عشية
زيارته للمملكة والتي تناولت
المباحثات فيها عدة ملفات منها الملف
السوري، حيث أشار كاميرون إلى أن
بريطانيا مستعدة لطرح الملف السوري
على مجلس الأمن، وهذا يعد نقلة كبيرة،
حيث إن إعادة طرح المسألة مع وجود
التحفظ الروسي والصيني سيظل علامة
استفهام كبيرة حول اتجاه تصويت
الدولتين اللتين ستفقدان الكثير من
خلال معارضة القرار، وهنا يأتي دور
الجامعة العربية وأهمية أن يكون
موقفها متوائما مع الذهاب لمجلس
الأمن، وهو الأمر الذي لا يزال محل نظر
الجامعة وعدم اتفاقها. جدير بالذكر أن مجلس الأمن لا يحتاج
لموافقة الجامعة العربية لكي يطرح
المسألة للتداول، فمجلس الأمن يملك
الولاية الكاملة لطرح قضية التدخل في
سورية، حيث إن المجلس هو الهيئة
العالمية الأولى المخولة في قضايا
الأمن والسلام طبقا لميثاقها، ولكن
حساسية المسألة وأهمية إيجاد إجماع
دولي وإقليمي حولها يمثل الضمانة
الأهم لإنجاح أي قرار في هذا الموضوع،
ولذلك يعود العبء مجددا على الجامعة
العربية لطرح المسألة رغم عدم تأييد
غالبية الدول العربية لمسألة التدخل
الدولي. نقطة الخلاف الرئيسة الآن هي موضوع
المراقبين العرب، فالخلاف القائم
اليوم هو مدى نجاعة عمل بعثة
المراقبين، والتي يعترض عليها كل من
الحكومة السورية والثوار، وقيام عدد
من الشبيحة مؤخراً بالاعتداء على
المراقبين العرب خلال عملهم يظهر
بجلاء أن النظام يسعى لإفشال المهمة
وإدخال الجامعة العربية في أزمة أخرى
بسببهم، وهي أزمة تظهر بوادرها اليوم
في أروقة الجامعة، حيث لا يزال العرب
عاجزين عن الاتفاق على الخطوة القادمة
تجاه التعامل مع الأزمة السورية. جمعة الجيش الحر الأخيرة وازدياد
الانشقاق في صفوف الجيش السوري كلها
دلائل تؤكد أن السوريين يتوجهون
داخليا لحمل السلاح ونقل ثورتهم
لمستوى آخر يتضمن صراعا عسكريا، وهو ما
يجعل مسألة التدخل الدولي أكثر قربا،
كمحاولة لإنقاذ سورية من حرب أهلية
سيكون لها انعكاسات سلبية على المنطقة
بأكملها، في المقابل يظهر هذا الأمر أن
النظام العربي ربما أصبح بحاجة لخلق
نمط جديد فيما يخص التعامل مع مثل هذه
الأزمات، وربما تكون دعوة أمير قطر حول
ضرورة أن يكون هناك تدخل عسكري عربي
مؤشرا واضحا على أمر ربما آن للعرب أن
يتنبهوا له، فعدم قبول التدخل الدولي
العسكري لا يعني أن التدخل العسكري
العربي أمر مستبعد. ================= بقلم: إبراهيم غانم الراية 15-1-2012 لم يتعد خطاب الرئيس السوري عشر دقائق على
الرغم من أنه استغرق أكثر من تسعين
دقيقة، ولانقول هذا تلاعباً بالألفاظ
أو محاولة لشد الانتباه، وإنما هو
قراءة معمقة للوصول إلى الرسالة التي
أراد رأس النظام إبلاغها للداخل
السوري وللخارج العربي والدولي. هل
لعاقل يرى الجيش السوري يُسخر،
بأفراده ومعداته، لقمع الحراك الشعبي
السلمي بقسوة شديدة وصلت إلى القتل
والتجويع والاعتقال، ويلمس الآثار
المروعة على ذلك من مدن منكوبة محاصرة،
ورعب يطبق على نفوس المواطنين
السوريين، وعلاقة غير سوية بين
الإنسان السوري ونظامه السياسي الذي
يقتله ويقمعه ويرهبه ويتغافل عن
الأسباب الحقيقية لثورته، أن يصدق أن
الحديث عن اللحمة العربية، ودور
الإسلام في الدولة والمجتمع وعن قدرة
سوريا على مواجهة المؤامرة الكونية (...)
التي يفترض النظام السوري وجودها، في
عقول الناس لتبرير قمعه اللا إنساني
لشعبه، هو ماكان المواطنون السوريون،
والمواطنون العرب ينتظرونه من الرئيس
السوري؟. الخطاب فعليا، لم يتعد عشر دقائق هي التي
وضع فيها هدفي خطابه الرئيسيين ألا
وهما أن السوريين الثائرين هم أدوات
لمؤامرة تستهدف سوريا، والثاني أن
النظام سيضرب الإرهابيين (...) بيد من
حديد وبلارحمة. وهو بذلك ينفي الانتماء
الوطني الشريف لمعظم الشعب السوري
الثائر، ويدمغ أبناءه الكرام بالخيانة
والعمالة، ويتعدى ذلك إلى جعلهم
إرهابيين الأمر الذي يعطي مشروعية
لاستمرار آلة القتل في حصد الأرواح
وتدمير المدن والقرى الثائرة
والمطالبة بالحرية وببزوغ فجر جديد
يشرق على سوريا. والمشكلة الأنكى تتمثل في الغطاء العربي
للقمع الدموي الذي يمارسه النظام،
وأعني به الموقف المتخاذل والمهين
لجامعة الدول العربية الذي ألقى
بالشعب السوري في محرقة حملة القمع دون
مراعاة للمأساة التي تمثل في سوريا
وطرفاها النظام القاتل والشعب المذبوح.
وهنا لابد من توجيه تحية إلى الموقف
القطري المشرف الذي مثله معالي رئيس
الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن
جاسم آل ثاني . وهو موقف يعبر عن انحياز
كامل للحق، وإحساس عميق بعظم تضحيات
الشعب السوري وآلامه، وإدراك لما
ينبغي أن تكون عليه سوريا القوية التي
تحترم فيها إنسانية المواطن وحقه في
صنع مستقبل بلاده. إن سوريا عظيمة بشعبها ذي المواقف
المشرفة في دعم قضايا العرب ولو أدى
ذلك إلى تضحيات جسام يقدمها بلاحساب
ولا انتظار لمدح ومكافأة. سوريا هي
الشعب الأبي الذي طال ليل الظلم المخيم
عليها وليست النظام الذي حاول رئيسه
الالتفاف على مطالب الشعب بخطاب تغافل
عن النهب الواسع لخيراتها من قبل أقارب
الرئيس، وعن القتل الممنهج الذي
يمارسونه ليظلوا كالعلق يمتص دم الشعب
السوري ولايعنيه آلامه وأوجاعه ورغبته
في الحياة، فهنيئا لبشار الأسد بلاغته
وقدرته على صنع واقع افتراضي مطمئن
يتنافى مع الواقع المأساوي الذي يعيشه
السوريون بسببه. ================= مها بدر الدين الراي 15-1-2012 بواحدة من هذه الجمل الغالية القيمة كان
على بشار الأسد أن يبدأ خطابه الذي
أُعلن عن أهميته القصوى في الإعلام
السوري الرسمي، ليثبت للعالم عامة
والسوريين خصوصا بأنه ما زال يملك ذرة
من ضمير حي تمكنه من التصالح مع النفس
وإدراك الحقيقة والاعتراف بالخطأ،
لكنه للأسف أكد مرة أخرى أن لا مكان
لهذه الفضائل بين مكونات شخصيته
المجبولة على اغتصاب الحق والدفاع عن
هذا الاغتصاب بهمجية مطلقة يندى لها
جبين عالم الغاب، ويتبرأ من دمويتها
وحوش الأدغال، ويلفظها قرفاً حتى آكلو
اللحوم البشرية. ومرة ثالثة يعبر الأسد بفلسفته المملة
التي تبعث على الغثيان حيناً
والاشمئزاز أحياناً أخرى، عن شخصيته
المركبة تركيباً آلياً كما تركب
الآلات الميكانيكية وتبرمج على نظام
الكتروني معين بحيث يصبح عملها
أتوماتيكياً بحسب تلك البرمجة، فالأسد
منذ وفاة أخيه باسل حامل لواء الحكم
الأسدي واقتلاعه فجأة من مدرجات العلم
ليزرع في ثكنات الجيش وفروع الأمن، قد
برمج على تسلم راية السلطة والعمل على
خدمة المشروع الطائفي الممتد من إيران
إلى لبنان بكل ما أوتي من قوة ولو على
حساب تصفية الشعب السوري، لأن تنفيذ
مخطط الهلال الشيعي هدف استراتيجي
يرسخ أيديولوجية عقائدية يراد لها أن
تسيطر على مساحة جغرافية تتوسط الشرق
الاوسط لخلق توازن طائفي مع الأكثرية
السنية في المنطقة، من هنا يأتي التمسك
العنيد والعنيف والدموي بالكرسي
السوري كونه ركناً أساسياً من أركان
المخطط الصفوي التي ستتداعى بقوة
عندما تميد أرجل الكرسي مما يؤدي إلى
السقوط الحتمي والمدوي للجالس غير
الشرعي عليه. وكعادته في خطاباته السابقة وزع الأسد
الاتهامات جزافاً هنا وهناك، فشملت كل
أطراف الأزمة السورية الحالية ابتداء
من الشعب السوري الثائر مروراً
بالجامعة العربية والمنظمات
الإنسانية وانتهاء بالمجتمع الدولي
ككل، ولم يستثن من اتهاماته تلك إلا
حلفاءه الدوليين وداعميه الإقليميين
وعصاباته الأمنية ومؤيديه المنتفعين،
ولم يخجل من تكرار كذبته التي اختلقها
بوجود عصابات مسلحة تقتل الشعب السوري
لتبرير إجرامه وإصراره على قتل أكبر
قدر ممكن من المواطنين السوريين
الباحثين عن مستقبل حقيقي بعيداً عن
أوهام هذا البشار وكذبه المستمر الذي
يدل على انفصام بشخصيته نتج عن اختلاف
نشأته الأولى بعيداً عن عالم السياسية
وضجيجه وبين المسؤوليات الدموية التي
أوكلت إليه لتحقيق هدف الأسد الأب
وطائفته، وعلى انفصال تام عن الواقع
المحيط به ورفض قاطع لإدراك حجمه
الحقيقي الذي آل إليه في نظر السوريين
بعد معالجته السيئة للاحتجاجات
السلمية بالحديد والنار. وعلى خطى القذافي تائه القبر والمدفن،
ظهر رأس النظام في حشد من مؤيديه بدت
أعدادهم على الفضائيات الموالية
مضاعفة في عدسات التصوير، وظهرت حقيقة
تواجدهم بعدسات الشرفاء من المواطنين
السوريين، ومرة أخرى يظهر غباء هذا
النظام الإعلامي والسياسي لاعتقادهم
أن الحقيقة يمكن تزويرها بعد أن أصبح
معظم السوريين مدونين ومصورين ومحررين
ومتحررين شرفاء همهم الوحيد مطابقة
الصورة على الواقع، ورغم محاولة
النظام الظهور بمظهر المتماسك
والمتمكن أمام المجموعات الأمنية
باللباس المدني والتي أحاطت بزوجة
الرئيس وأبنائه إلا أن ابتسامة أسماء
الأسد الصفراء والمتصنعة لم تخدع
الشعب السوري بقدر ما أثارت حفيظة
الأمهات المكلومات بأبنائهن الذين
قضوا على يد زوجها الفاشي وهي تحتضن
أبناءها بحنان قلق ونظرات متوترة لم
تعرف أن تتجنبها كما نصحتها شركة
العلاقات العامة التي تعاقدت معها
لتبيض صورتها وصورة زوجها. وبظهوره المقتبس هذا، أكد الأسد أنه غير
نادم على ما اقترفت يداه من قتل
واعتقال وتهجير وتدمير، وأنه غير آبه
بالدول العربية وجامعتها ولا المجتمع
الدولي ومنظماته، وأنه سيمضي قدماً في
محاربة الشعب السوري والقضاء على
الأحرار منه، وأنه باق كالسيف المسلط
على رقبته يسرق حريته ويمتهن كرامته
ويغتال أحلامه بغد أفضل، لكن الشعب
السوري بدوره يؤكد له بأنه ما عاد يطيق
مراره بعد أن ذاق حلاوة الحرية، وما
عاد رئيسه بعد أن أثبتت مدرعاته
وآلياته العسكرية أنه عدوه، وأنه ماض
في ثورته حتى تحقيق التغيير المنشود،
وعازم على بناء سورية الحديثة التي
تليق بتاريخه وقدراته ومقدراته. لقد كان خطاب رئيس النظام السوري الأخير
الرصاصة الأخيرة التي أطلقها على أمل
السوريين الضئيل بإمكانية عودة الرئيس
الضال إلى جادة الصواب فينتبه إلى ما
ارتكبه من أخطاء جسيمة بحق الشعب
السوري منذ توليه رئاسة الحكم، وكان
عليه قبل الوقوف على المنصة أن يدرك
بأنه سيتوجه بخطابه هذا إلى شعب سوري،
لن يصفق له ثانية كلما تكلم أو يضحك
ببلاهة كلما تبسم، ولن يرضى بعد الدماء
التي سالت أن يعيش في ظل حكمه الجائر
والظالم، ولن يجبر بعد احساسه بكرامته
أن يندهش عنوة ويعجب غصباً بكلمات
السيد الرئيس، وكان عليه أن يعرف أيضاً
أنه يقف على شفا حفرة من نار وقودها
أزلامه الشبيحة وأمنه المجرم وجيشه
الخائن وثلة من مؤيديه الذين لا لون
لهم سوى لون الدم ولا رائحة لهم سوى
رائحة القتل والموت، وأن خطابه الأخير
هذا قد يكون الأخير فعلاً كما يتمنى
معظم السوريين، فلا يسمعون بعده
نكيراً ولا يرون غيره منكراً. ================= خطابا الرئيس السوري ...
وشرعية النظام! خير الله خيرالله الراي العام 15-1-2012 في غضون يومين، أطلّ الرئيس بشّار الاسد
على السوريين والعرب والعالم مرتين. في
المرّتين لم يجب عن السؤال الأهمّ
المتعلّق بشرعية النظام ومدى شرعية
وجوده على رأس النظام. هل يكفي انقلاب
عسكري ليكون النظام شرعيا؟ هل تكفي
وراثة انقلاب عسكري، تطوّر تدريجا
ليصبح الحكم في يد عائلة معيّنة كي
يصبح من هو على رأس النظام شرعيا؟ ولكن بعيدا عن الشرعية التي لا تأتي الا
عبر صناديق الاقتراع عندما يكون
النظام جمهوريا وليس ملكيا، ثمة
نقطتان فاتتا الرئيس بشّار الاسد في
الخطابين، خصوصا في الخطاب الاوّل
الطويل الذي تحدّث فيه عن كلّ شيء ولم
يتحدث في الوقت نفسه عن الشيء الأساسي.
يتمثل الشيء الأساسي في كيفية
الانتقال بسورية الى نظام جديد مرتبط
بما يدور في المنطقة والعالم ويحقق
للشعب السوري بعض طموحاته، في مقدمها
استعادة كرامته وحريته. لعلّ النقطة الاولى التي فاتت الرئيس
السوري في خطابه الطويل تجاهله ان
المشكلة التي يعاني منها النظام غير
قابلة للحلّ نظرا الى انها قائمة مع
الشعب السوري وليس مع معارضة غير
موحّدة، والأخرى ان الكلام عن العرب
والعروبة لا يغطي واقعا اليما. يتمثّل
هذا الواقع في ان سورية في عهد الأسد
الابن تحوّلت من حليف لإيران الى تابع
لها. لم يعد لدى النظام السوري ما يعتمد عليه
سوى الدعم الايراني المباشر وغير
المباشر عبر العراق. والكلام هنا عن
العراق في مرحلة ما بعد الانسحاب
العسكري الأميركي الذي افسح في المجال
لجعل اليد الطولى فيه للنظام الايراني... الأكيد ان في الامكان الحديث عن نقاط ضعف
أخرى كثيرة في الخطاب الطويل، خصوصا
اضطرار الرئيس السوري الى التحدث عن
الزيتون وموقع سورية في العالم بصفة
كونها القوة الخامسة في حقل تصدير
الزيتون. ليس معروفا بعد كيف يمكن صرف
هذا الكلام عن قوة الزيتون وأهميته في
بلد لا يمتلك النظام فيه القدرة سوى
على ممارسة سياسة الابتزاز نظرا إلى
انه عاجز عن الحرب وعن السلام. مثل هذا
الكلام عن الزيتون واهمية الزيتون
والذي يتجاهل عمق الازمة التي يعاني
منها النظام يدلّ على ان ليس في
الامكان القيام باصلاحات من ايّ نوع
كان. انه نظام مريض يرفض الاعتراف بانّ
لا امل للقائمين عليه سوى القبول
بمرحلة انتقالية تقود الى تغيير سلمي
وعبور الى برّ الامان ليس لسورية فحسب،
بل لأركان النظام ايضا بعيدا عن اي نوع
من البطولات والعنتريات التي تجاوزها
الزمن. كشف الخطاب ان النظام السوري في مواجهة
مباشرة مع الشعب. كشف خصوصا انه ليست
لديه خيارات أخرى غير الخيار الأمني.
يرفض النظام الاعتراف بأنّ مشكلته مع
كل السوريين. مع دمشق وحمص وحماة وحلب
واللاذقية وادلب ودير الزور ودرعا
ودوما والسويداء ومعرة النعمان وتلكلخ
ومع كلّ مكونات الشعب السوري من سنة
ومسيحيين وعلويين ودروز واسماعيليين
اضافة بالطبع الى الاكراد. ليس أسهل من الكلام عن ارهاب وارهابيين
لتبرير القمع الذي يمارس في حق الشعب
السوري الذي قرر المقاومة ولا شيء آخر
غير المقاومة. انّ المقاومة الحقيقية
الآن هي مقاومة الشعب السوري لنظام
يريد استعباده ولا يمتلك اي خيار آخر
غير خيار القمع. هل صدفة ان اربعمئة
سوري قتلوا منذ بدء مهمة المراقبين
العرب الذين لا يمتلكون اي قدرة على
المراقبة. كلّ ما يستطيع هؤلاء
المراقبون عمله هو التحقق من ان النظام
السوري يستخدمهم من اجل كسب الوقت ليس
الاّ وكأن الوقت يعمل لمصلحته! يخطئ الرئيس السوري اذا كان يعتقد ان في
استطاعته اعادة عقارب الساعة الى
الخلف. هناك شعب قرّر بكل بساطة
استعادة كرامته. هذا كلّ ما في الامر.
نعم، ان سورية هي قلب العروبة النابض.
لكن قلب العروبة النابض لا يطعن
السوريين في الظهر ولا يطعن العرب في
القلب ولا يحوّل سورية الى تابع للنظام
الايراني. من يتحدث عن تنوع في سورية لا
يمكن ان يقبل بان يكون تحت رحمة
ميليشيا مذهبية مسلّحة في لبنان. كذلك،
لا يمكن لمن يتحدث عن العروبة الحضارية
ان يكون اسير ما يقدمه له النظام
الايراني العنصري من دعم. يفترض في النظام السوري الابتعاد عن
اعطاء دروس في العروبة. يكفيه انه لم
يعد لديه اي نفوذ في لبنان الاّ عبر «حزب
الله» الايراني. من شكّل الحكومة
الحالية في لبنان برئاسة الرئيس نجيب
ميقاتي هو «حزب الله» ولا احد غير «حزب
الله». كلّ ما تبقى تفاصيل ومحاولات
للهرب من الواقع. سقط النظام السوري عمليا في العام 2005
عندما اضطر الى التخلص من رفيق الحريري
بشكل مباشر أو غير مباشر، بالتواطؤ مع
آخرين او بترك آخرين ينفّذون الجريمة.
ان استشهاد رفيق الحريري ليس «اغتيالا»
كما ورد على لسان الرئيس السوري في
خطابه. ان استشهاد رفيق الحريري ورفاقه
ليس حدثا عبرا بمقدار ما انّه علامة
فارقة على صعيد التغييرات التي طرأت
على التوازنات الاقليمية. فبعد اغتيال
رفيق الحريري حصل اهمّ تطور على صعيد
المنطقة. يتمثل هذا التطور في استسلام
النظام السوري للنظام الايراني وتحوله
الى امتداد له لا اكثر... بدل القاء خطاب طويل فارغ من اي مضمون
حقيقي باستثناء الشعارات التي لا قيمة
حقيقية لها والتي لا تنطلي سوى على
السذج، كان الأجدر بالرئيس بشّار
الاسد الاعتذار من السوريين
واللبنانيين والعرب عموما. في النهاية
ان السوريين ليسوا بالسذاجة التي
يظنّها. انهم شعب متمسّك بثقافة الحياة.
لو لم يكن الأمر كذلك، لما استطاعوا
مواجهة آلة القمع التي يمتلكها النظام
طوال ما يزيد على عشرة اشهر في غياب أي
دعم دولي او عربي او اقليمي. آن اوان مواجهة الحقيقة بدل الهرب منها.
ليس النظام السوري الحالي الذي يعطي
شهادات في الوطنية والعروبة. من يعطي
مثل هذه الشهادات هو الشعب السوري الذي
يحاول استعادة سورية واعادتها الى حضن
العروبة الحضارية البعيدة كلّ البعد
عن الطائفية والمذهبية. هذا الشعب الذي عانى من النظام يعرف قبل
غيره ان ليس في الامكان المتاجرة به
إلى ما لا نهاية من جهة، وان هناك مرحلة
عمرها نصف قرن انتهت من جهة أخرى. هذا
كلّ ما في الامر. ليس هناك استعداد لدى
الشعب السوري للرضوخ لنظام ظالم
والقبول في الوقت ذاته بالهيمنة
الايرانية. العالم تغيّر. هذا ما فات
ولا يزال يفوت الرئيس السوري الغارق في
اوهام الدور الاقليمي. =================== صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»
الأميركية البيان التاريخ: 15 يناير 2012 تتمثل إحدى مفاجآت الربيع العربي التي
تلقى الترحيب في الكيفية التي رفض بها
المحتجون الشباب كذبة كبيرة. فمن ليبيا
إلى سوريا، من الواضح أنهم رفضوا ادعاء
الحكام المستبدين المتداعين القائل إن
الغرب يقف وراء هذه الثورات. إنها رواية بالية تلك التي تفيد أن العرب
هم ضحايا أيد أجنبية، وأنهم لا يزالون
يتعرضون للإذلال من قبل القوى الكبرى
غير الإسلامية على نحو ما حدث في
القرنين التاسع عشر والعشرين. ففي حين
أن الكثير من هذا التاريخ حقيقي، فإن
عرب اليوم يريدون التركيز على اكتساب
الحقوق والحرية والكرامة. وربما يمثل استعدادهم لتجاهل المظالم
التاريخية تحولاً عالمياً بعيداً عن
إساءة استخدام التاريخ من قبل القادة
من أجل أغراض سياسية أو أغراض تتسم
بالعنف. «الغضب الإسلامي» القديم الذي
دفع العرب يوماً ما لدعم الدكتاتوريين
أو جماعات مثل تنظيم القاعدة لا يمكنه
ان ينافس إغراء الديمقراطية والازدهار. قد يتمثل سبب آخر في أن العالم قد ابتعد
بشكل عام عن الحروب وانتهاكات بالجملة
التي تركت آثاراً عميقة في نفسية شعوب
بأكملها، كالأرمن والصينيين. هناك عدد
أكبر من الدول ديمقراطية وحريصة على
التجارة لا القتال. الأسلحة الحديثة
تمنحها فرصة للتروي نظراً لاستخدامها
السهل، وهناك المزيد من الدول تتبع
الأعراف الدولية. من المؤكد أن مثل هذا التحول ليس بالأمر
السهل؛ فالفلسطينيون والإسرائيليون
يعانون بشكل خاص من السرد المتبادل
بشأن التحول إلى ضحية تاريخية. كانت تلك اللحظة مماثلة لمصالحة ما بعد
الحرب بين فرنسا وألمانيا، والتي
انعكست في قيام قادة البلدين بمصافحة
الأيدي في عام 1948، أو اعتذار توني بلير
عن إساءة المعاملة التاريخية من جانب
بريطانيا للأيرلنديين. هذه أمثلة من «التاريخ
الذي يطرح نفسه بوصفه مشرّف»، على حد
وصف لورانس ويشلر الأستاذ والكاتب في
جامعة نيو يورك. إنها أمثلة ضرورية
لالتئام الجروح القديمة وصنع السلام. في السنوات الأخيرة، أطلق القادة في
الصين احتجاجات ضد اليابان وفرنسا
وغيرهما من خلال الاستشهاد بالقمع
الذي كانت تمارسه تلك الدول في القرن
التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مثل
حرب الأفيون التي جرت خلال الفترة بين
عامي 1839 و1842. وتساعد مثل هذه النداءات على إثارة
النزعة القومية من أجل الحفاظ على سلطة
الحزب الشيوعي في الصين. لكن قادة
الحزب اضطروا إلى كبح جماح مثل هذا
الخطاب المتذمّر من أجل الحيلولة دون
تحول هذه المظاهرات ضدهم. كيف يمكن أن تتصالح الدول؟ غالباً فهي بحاجة إلى محاولة لكتابة
تاريخ مشترك بعد مرور عقود من الحرب؛
فقد فعلت ذلك فرنسا وألمانيا، وحاولت
كوريا الجنوبية واليابان لكنهما
فشلتا، على الرغم من أن هذا أفضل حالاً
بكثير من كوريا الشمالية التي تستشهد
بالانتهاكات الماضية لليابان لتبرير
التهديدات العسكرية. تحاول بعض الدول إضفاء صبغة تشريعية على
التاريخ. في الآونة الأخيرة، أقرّ نواب
البرلمان الفرنسي قانوناً يجرّم إنكار
أن القتل الجماعي للأرمن على أيدي
الأتراك العثمانيين كان إبادة جماعية.
فالحقيقة، كما يبدو، يتعين فرضها
بالقوة في فرنسا. ربما تكون عقلية الضحية مفيدة لفترة من
الوقت سعياً لتحقيق العدالة والحقيقة،
ولكن عند نقطة معينة فإنه يمكن أيضا أن
يساء استخدامها؛ فالزعيم الصربي
الراحل سلوبودان ميلوسيفيتش حوّل
منطقة البلقان إلى ساحات للقتل خلال
عقد التسعينات من خلال إذكاء نيران
الأحقاد الصربية القديمة في مواجهة
الأخطاء القديمة التي ارتكبت بحقهم. حاول زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن
لادن حشد المسلمين مستنداً إلى «الذل
والعار» اللذين ألحقا بالمسلمين على
يد الغرب «على امتداد ما يزيد على 880
عاماً. قضيته خاسرة، ليس بسبب مقتله في العام
الماضي فحسب، ولكن بسبب رسالة الربيع
العربي التي مفادها أن علينا ترك
الأحداث الماضية للماضي، والعنف لا
يمكن تبريره من خلال الماضي البعيد. ================= علي حماده 2012-01-15 النهار كان واضحا من خلال الخطاب الاخير لبشار
الاسد ان الحرب بين الشعب والنظام في
سوريا صارت مفتوحة، وان المرحلة
المقبلة ستشهد تصعيدا كبيرا على الارض.
من هنا اعتبار مراكز القرار الدولي ان
الطرفين على الارض يتحضران لمواجهة
واسعة النطاق ودموية، يمكن ان ترفع
أعداد الضحايا الى مستويات قياسية لم
تشهدها الثورات التي سبقت الثورة
السورية. وإذا كان عدد الشهداء الذين
سقطوا برصاص النظام في سوريا تجاوز
الخمسة آلاف بحسب أرقام الامم
المتحدة، فإن المرحلة المقبلة التي
بدأت مع خطاب بشار الاسد أخيراً يمكن
ان تشهد سقوط خمسة الى عشرة آلاف مدني
آخر مع اتخاذ النظام القرار بمحاولة
الحسم عسكريا وامنيا. وحتى الساعة، لم
يُعرف مضمون الخطة التي يقال إن الحلقة
الضيقة حول بشار اعدتها لكسر الثورة.
ولكن قياساً على التجارب السابقة في
دول أخرى، يمكن الزعم ان النظام سيقدم
على محاولة اجتياح مدينة حمص بكاملها،
علما ان الجيش النظامي يضم اعدادا
كبيرة من الجنود الضباط المتوسطي
الرتبة من محافظة حمص، ومعظمهم لا يزال
قيد الاحتجاز. وهؤلاء مؤهلون لتنفيذ
انشقاقات في الجيش. على مستوى آخر، تقول المعلومات المتوافرة
من اوساط واسعة الاطلاع في الحكومة
التركية ان القيادة الروسية اتخذت
قرارا يقضي بمنع سقوط النظام في سوريا،
أياً تكن التكلفة. وفي هذا المجال
تعتبر المصادر عينها أن موسكو ابلغت
الاميركيين ان اي حل في سوريا ينبغي ان
يشبه في حده الادنى الحل اليمني، على
قاعدة ان يتم تغيير في النظام بدلا من
تغيير النظام نفسه. بمعنى آخر، أن يكون
بشار الاسد جزءا من الحل في مرحلة
انتقالية يتمخض عنها قيام ائتلاف
حاكم، شريطة عدم تصفية البنية الامنية
والعسكرية للدولة. في المقابل تعتبر
القيادة التركية ومعها الادارية
الأميركية في ضوء المحادثات الاخيرة
التي اجراها رئيس الوزراء رجب طيب
اردوغان مع الرئيس الاميركي باراك
اوباما ان المرحلة المقبلة يجب ان تشهد
جهدا حاسماً لتوحيد المعارضة السورية،
ودعم الجهد لزعزعة البنية العسكرية
والامنية للنظام بخطة لتوسيع
الانشقاقات. وفي هذا المجال تؤكد
المصادر التركية ان معظم الدول
العربية المعنية ولا سيما الخليجية
باتت تعتبر نظام بشار الاسد من الماضي،
وتريد وتيرة أعلى من العمل لتحقيق
التغيير في سوريا، وتعتبر ان العمل من
خلال مجلس الامن يجب ألا يكون الطريق
الوحيد للتغيير في سوريا. وفي المرحلة
الاخيرة صار لفكرة التدخل العسكري غير
المباشر في سوريا أنصار في الفريق
العربي المعني بالازمة. في حسابات المجتمع الدولي صار بشار الاسد
من الماضي. وفي التقويم الموضوعي يعتبر
الاسد الابن قائدا لفريق في سوريا في
حالة حرب، ويستحيل عليه ان يحكم سوريا
مرة أخرى. لقد سقطت "جمهورية حافظ
الاسد " في الخامس عشر من آذار 2011،
والدم الذي يراق في سوريا هو الثمن
المؤخر لاربعة عقود من عصر آل الاسد
الاسود! ================= راجح الخوري 2012-01-14 النهار فشلت مهمة بعثة المراقبين العرب في سوريا
والمأساة او بالأحرى الفضيحة اننا
صرنا في حاجة الى لجنة لتقصي الحقائق
كي نعرف من الذي يقول الصدق، رئيسها
محمد احمد الدابي الذي يبدو انه يريد
ان يكمّ افواه المراقبين، أم بعض
اعضائها الذين تحدثوا عن فظاعة ما
يجري، أم الامين العام للجامعة نبيل
العربي الذي يسوق لنا التحليلات
السياسية عن الاحتمالات المتصلة
بالوضع السوري اكثر مما يقدم
التقاريرعما يجري هناك! فشل المراقبين ليس مفاجئاً. المفاجئ ان
تصبح صدقية الجامعة العربية تحت
الاقدام. فمن جهة يبدو الخلاف بين الدابي والمراقب
الجزائري انور مالك بمثابة ادانة لعمل
البعثة ونزاهتها، وخصوصاً بعد استقالة
مراقب سوداني آخر، ومن جهة ثانية لم
يقصّرالرئيس بشار الاسد في رشق
الجامعة بأبشع النعوت. اما نبيل العربي
فإنه يتجه ليكون اكبر شاهد زور في
تاريخ الجامعة التي طالما فرقت ولم
تجمع! بعد اسبوع على بداية عمله في سوريا اعلن
المراقب انور مالك: "ان الخطف مستمر
والتعذيب فاق الحدود، وان سوريا تتجه
نحو الدمار والحرب الاهلية ولا همّ
للنظام إلا البقاء في الحكم على حساب
واقع مأسوي، والاحياء المنكوبة لن
تتراجع بعد الذي تعرضت له"، لكن
الدابي الذي يقول "ان الوضع في سوريا
مطمئن" سارع الى تكذيب افادة مالك،
الذي هرب من سوريا ويقول الآن انه تلقى
تهديدات بالذبح في حين جرح اثنان من
زملائه وهرب آخر. نبيل العربي انضم بدوره الى نعي مهمة
المراقبين عندما قال انها لن تتمكن من
ان تنجح كما يفترض وان التقارير التي
تصله من دمشق مقلقة للغاية، لكنه واظب
على إتحافنا بالقول ان ليس هناك من هو
على استعداد للتدخل لإنهاء الوضع
المأسوي ولكأن مهمته هي التحليل لا
البحث عن الحلول! عملياً، اللواء محمد احمد الدابي هو آخر
من كان يجب تكليفه ترؤس بعثة انسانية،
ليس لأنه من اشد الموالين للرئيس عمر
البشير المطلوب من المحكمة الجنائية
الدولية، بل لأن سجله في اقليم دارفور
الذي شهد ابادات جماعية يكفي لإدانته. ووفقاً لكتاب "دارفور... تاريخ جديد
لحرب طويلة" الذي اعده جولي فلنت
واليكس دي وال، فإن الدابي هو الذي
انشأ ميليشيا الجنجويد منذ عام 1999
عندما ارسله البشير الى الجنينة عاصمة
دارفور. فهل من الغريب ان يشتبك الدابي مع فريق
المراقبين وان تفشل الجامعة العربية
لتكون مجرد جثة سياسية ملقاة في احد
شوارع حمص؟ ================= ريتشارد بيرل: الأسد لا
يغيّر جلده... هل يتدخّل الأطلسي بعد
مزيد من القتلى؟ اميل خوري 2012-01-14 النهار هل صحيح أن الولايات المتحدة الأميركية
تريد تغيير النظام في سوريا قبل أن
تعرف شكل النظام البديل؟ وهل تريد
تغيير أهل النظام أيضاً وعلى رأسهم
الرئيس الأسد؟ وهل صحيح أن إسرائيل
تريد بدورها تغيير هذا النظام وتغيير
من هم على رأسه، أم إن ثمة خلافاً بين
القيادة العسكرية الإسرائيلية
والقيادة السياسية حول ما إذا كان
النظام البديل أفضل لإسرائيل؟ وإذا كانت الإدارة الأميركية الحالية مع
تغيير النظام في سوريا ومع دعم الثورات
العربية حتى وإن أتت بأنظمة أخرى أكثر
تشدداً، فهل تستمر هذه السياسة إذا
أفرزت الانتخابات الرئاسية الأميركية
المقبلة إدارة جديدة قد تكون لها نظرة
مختلفة إلى مجمل الوضع في منطقة الشرق
الأوسط وإلى السياسة مع إيران، وقد
تكون سياسة تلتقي والسياسة
الاسرائيلية أو تختلف معها؟ وزير في الحكومة يرى وجوب العودة إلى
تصريح أدلى به مستشار وزارة الدفاع
الاميركية السابق ريتشارد بيرل لفت
فيه إلى تفرّق المعارضة السورية. وهو
مع تأييده للتغيير في سوريا فإنه لمح
إلى إمكان قبول تغيير جذري يدخله
النظام على نفسه، لكنه أبدى تشاؤماً في
إمكان حدوث ذلك مستخدماً عبارة: "إن
الاسد لا يغيّر جلده"... أما إذا غيّر
النظام السوري سلوكه بشكل جذري يكفل
التحوّل من الديكتاتورية إلى
الديموقراطية وإنهاء العداء للولايات
المتحدة الأميركية، فإنه يكون بذلك قد
أقام نظاماً جديداً، فهل يفعل ذلك؟ وقال بيرل إنه عندما التقى عدداً من
المعارضين السوريين، ظن انها ستكون
فرصة للالتقاء بمعارضة موحدة للنظام
السوري، لذا دعاهم الى التوحد وراء
المبادئ التي تؤهلهم للحصول على دعم
الولايات المتحدة وغيرها من الدول،
وشدد على ان التغيير في سوريا يبدأ
بتوحيد المعارضين للنظام خلف برنامج
واضح. فإذا كانت المجموعة المعارضة
تشمل اسلاميين يريدون خطف سوريا من
ديكتاتورية علمانية الى ديكتاتورية
دينية، فلن تحصل على اي دعم. لكن ركناً
معارضاً في هذه المجموعة قال إنه سيتم
التنسيق مع القوى المعارضة الموجودة
داخل سوريا وخارجها للتشجيع على
التغيير الديموقراطي، وعلى تشكيل
حكومة تحافظ على مصالح سوريا القومية،
لافتاً إلى أنه شخصياً لا يدعم "الأخوان
المسلمين"، ولكن في وجود نظام
ديموقراطي مفتوح من حق الجميع ان
يشاركوا في العملية الديموقراطية، ومن
حق الشعب السوري أن يحصل على حقوقه
المشروعة ولكن القرار له. وخالف بيرل قول من يرى ان الشعوب العربية
لا تصلح لها الديموقراطية، بل ان من حق
كل شعب أن يختار من يحكمه شرط أن تكون
الانتخابات حرة ونزيهة، لا أن تكون كما
جرت في إيران مثلاً. ومع ان المستشار السابق لوزارة الدفاع
الاميركية أكد ان رأيه هذا يعبر عن
وجهة نظره الشخصية ولا تعكس وجهة نظر
الحكومة الاميركية لأنه لا يشغل اي
منصب رسمي، فإن تصرّف إدارة الرئيس
أوباما حيال النظام السوري حتى الآن
فيه شدة بالكلام فقط. وفي حديث للمسؤول السابق في الاستخبارات
الاميركية روبرت بير أدلى به لمجلة
لبنانية، أكد أن الرئيس السوري لن
يستمر في الحكم أكثر من شهر آذار، وان
حلف شمال الاطلسي سيتدخل بعد اسابيع
ليفرض مناطق عازلة وبعد قتل مزيد من
السوريين(...) وتوقع ان تشهد سوريا حرباً
أهلية عقب رحيل الاسد قد لا تنتهي الا
بالتقسيم... وعزا عدم تورط أميركا في
سوريا الى ان الشرق الاوسط لم يعد ذا
أهمية بالنسبة اليها(...). وبسؤاله عن التغيير في المنطقة وكيف سيتم
أجاب: "ان المثال في مصر حيث سيطر
الاسلاميون على السلطة بينما تسيطر
ايران وتركيا على الشرق الاوسط على
حساب الولايات المتحدة الاميركية (...)
والجميع في هذه الدول سيتبعون النموذج
التركي". وأبدى تخوفه "من حصول
تطهير عرقي في سوريا تسفك فيه دماء
كثيرة بحيث تشهد حمص ما شهدته حماه عام
1982، وعندئذ تفرض المناطق العازلة
لحماية المدنيين ويصبح تدخل الاطلسي
مطلوباً. وستأتي مرحلة المناطق
العازلة بعد الانتهاء من قضية
المراقبين لجامعة الدول العربية وإن
بعد سقوط مزيد من القتلى، فهذه ولا شك
كارثة ولكن هذه هي الثورات. فعصر ثورة الشعوب السنية العربية بدأ
وبدأت تظهر بوادر الخلافة الاسلامية
من جديد. فالاخوان المسلمون هم وحدهم
القادرون على تغليف الشرق الاوسط
بالنموذج التركي وليس بنموذج بن لادن.
فالشعوب تريد التغيير والتخلص من
الفساد، والاستعمار الجديد مات بعد
غزو العراق". إذا كان هذا هو رأي المستشار السابق في
الاستخبارات الاميركية حول ما يجري في
المنطقة، فما هو رأي اسرائيل؟ ثمة من يقول ان اسرائيل ستخيّر الحكام
العرب الجدد بين القبول بسلام يجعلها
تعيش مع غيرها داخل حدود آمنة، أو جعل
الانظمة الهشة فيها تعيش حال فوضى لن
تتوقف الا بتفكيكها لتصبح قابلة لقيام
دويلات مذهبية وعرقية. ================= قذافي الشام وسط جماهيره
الحاشدة!! ياسر الزعاترة الدستور 15-1-2012 وحدهم مريدو نظام الأسد هم الذين لم تتداع
إلى ذاكرتهم مشاهد معمر القذافي وهو
يخطب في جماهيره ويلوح لهم بقبضته
بينما كانوا يشاهدون بشار الأسد وهو
يكرر ذات اللعبة في ساحة الأمويين في
العاصمة دمشق. من الصعب عليهم التفكير في معالم التشابه
بين الزعيمين، هم الذين لم ولن يتوقفوا
عن ترويج مقولة إن نظام دمشق يختلف عن
نظام ليبيا ومن قبله أنظمة تونس ومصر
واليمن، والسبب بالطبع أن استدعاء
معالم التشابه تلك سيصيبهم بالاكتئاب
ويستثير فيه مشاعر الخوف من نجاح
المؤامرة التي تستهدف نظامهم الحبيب. الآخرون من معارضي النظام، ومعهم سائر
المنحازين للإنسان وللحرية من أبناء
الأمة، كانوا يرون التطابق في المشهد،
ولذلك راحوا يرددون مقولات القذافي “إلى
الأمام إلى الأمام”، وهم يرون بشار
الأسد يتحدث عن هزيمة المؤامرة!! لسنا نقول إن الجماهير التي احتشدت في
ساحة الأمويين (قيل مئات الآلاف) هي من
لون الشبيحة الذين يقتلون الناس،
لكنهم في واقع الحال ينتمون إلى فئات
ترى في سقوط النظام تهديدا لمكاسبها،
وربما مستقبلها أيضا، لاسيما حين تمعن
في شيطنه المعارضة. وفيما كان أنصار النظام يصورون الحشد
المشار إليه بوصفه تعبيرا عن حجم
التأييد الذي يحظى به النظام، فإن أحدا
من المعارضين لم يقل إنه نظام معزول
بالكامل ولا يحظى بأية قاعدة شعبية. والحال أن ما ذهب إليه الأمين العام لحزب
الله حسن نصر الله (أشرنا إليه في مقال
سابق) حول وجود ستة ملايين يؤيدون
النظام ليس بعيدا عن الحقيقة، إذ أن
الغالبية الساحقة من العلويين لا
يترددون في إعلان تأييدهم، بينما تشير
المعطيات الأخرى إلى أن غالبية جيدة من
الدروز والمسيحيين تقف في ذات المربع
بهذا القدر أو ذاك. نعتذر ابتداءً عن الخوض في التصنيف
الطائفي، لكنها الأبعاد الإنسانية
التي لا يمكن تجاهلها. وفي زمن
الصراعات غالبا ما يعود الناس إلى
طوائفهم وأعراقهم بحثا عن السند
والحماية). وهنا ينبغي التأكيد على أن
فئة محدودة من أهل السنة (أكثر من ثلاثة
أرباع السكان) هي التي تقف في مربع
النظام (لا يحب الرفاق اليساريون
والقوميون أن يذكرهم أحد بانتماء تلك
الكتلة إلى فئة البرجوازية و”الكمبرادور”!!).
وهو وضع لم تنتجه الثورة في واقع
الحال، بل هو سابق عليها، ومن خالط
السوريين يدرك ذلك بكل وضوح، لاسيما أن
مواقف النظام الخارجية لم تكن تواسي من
كانوا يعيشون القمع والفساد على يد
النخبة الحاكمة. ولكن لماذا لا يخرج الناس بهذه الأعداد
الضخمة ليعلنوا تأييدهم للثورة كما
خرج مئات الآلاف في ساحة الأمويين؟! إنه سؤال لا يعدو أن يكون نوعا من
المماحكة، إذ يدرك الجميع أن محدودية
أعداد المتظاهرين في المدن والأرياف
لا تتعلق سوى بالخوف من القتل
والاعتقال، مع العلم أن محدودية
الأعداد في كل مظاهرة لا ينبغي أن يلفت
الانتباه عن العدد الهائل من
التظاهرات التي تخرج في نفس الوقت. إننا نتحدى أنصار النظام أن يخرج الجيش من
الشوارع ويتوقف القتل لأسبوع واحد
يُسمح خلاله بالتجمع في ساحة الأمويين
وساحات المدن الأخرى للمؤيدين
والمعارضين (هل تذكرون تجمعات ساحة
العاصي في حماة التي خرج فيها غالبية
السكان؟!). عندها فقط سيتأكد الجميع من الفارق بين
نسبة مؤيدي بشار الأسد مقابل من
يعارضونه. أما إذا رأى أولئك أن تأييد 20
في المئة، بل حتى 25 في المئة من الناس
يمكن أن يكون كافيا لبقاء النظام من
الناحية السياسية والأخلاقية، فلهم
ذلك وليبوءوا بإثمه. عبثا يحاول بشار الأسد السيطرة على
الوضع، لكن جماهير الشعب السوري تقف له
بالمرصاد، وتبدي من الشجاعة والبطولة
ما يعجز القلم عن وصفه. وتبقى مهمة قوى
المعارضة التي ينبغي أن تبتكر طرائق
جديدة للاحتجاج ينخرط فيها قطاع أكبر
من الجمهور، أعني القطاع الذي يعارض،
لكنه لا يملك الشجاعة الكافية لمواجهة
الرصاص والاعتقال. هناك في فقه الاحتجاج السلمي وقواميسه
عشرات الوسائل التي ينطبق عليها هذا
البعد، والتي يمكن للغالبية أن تعبر من
خلالها عن الرفض، وتؤدي تبعا لذلك إلى
إرباك النظام أكثر فأكثر وصولا إلى
إسقاطه. ماذا لو أعلنت قوى المعارضة عن ساعة محددة
يكتب الناس خلالها شعارات إسقاط
النظام على ورق أبيض ثم يلقونها في
الشوارع من خلال الأسطح والشبابيك؟!
وساعة أخرى يكبِّرون خلالها .. إلخ. المهم أن تركز قوى المعارضة على تفعيل
الاحتجاجات وتنويعها، لأن ذلك هو واجب
الوقت أكثر من العلاقات الخارجية
والاقتتال على جلد الدب قبل صيده. ================= سلاح روسي لقمع الثوار
لا لتحرير الجولان الراي الاردنية جهاد المومني 15-1-2012 الرسالة التي تبعث بها سفينة الاسلحة
الروسية للنظام السوري ليست موجهة
للولايات المتحدة الاميركية المتهمة
باسقاط معمر القذافي الحليف المهم
والمشتري المواظب للسلاح الروسي كما
تقول الصحافة المقربة من نظام بوتين-
ميدفيدف ,انما هي رسالة للشعوب العربية
مفادها ان روسيا - من أجل مصالحها ولكي
تحافظ على حليفها بشار الاسد وبقايا
الحلفاء من مستوردي الاسلحة - لن تسمح
للشعوب العربية بالتحرر لا من الظلم
والديكتاتوريات والانظمة الشمولية
المستبدة ,ولا من الاحتلال الاسرائيلي
للاراضي العربية المحتلة ومنها اراض
سورية وفلسطينية ولبنانية ,فسفينة
الاسلحة التي رست في الموانئ السورية
قادمة من روسيا ليست محملة باسلحة
مخصصة لتحرير الجولان او مزارع شبعا ,بل
ارسلت على عجل لتسليم عسكر النظام
وشبيحته ادوات قتل للمتظاهرين في
شوارع مدن وبلدات سوريا وغير مخصصة
لمواجهة الجيوش المعتدية من خارج
الحدود او المحتلة للارضي السورية بكل
تأكيد ,وربما تكون هذه الدفعة من
الاسلحة مشروطة بعدم استخدامها بأي
حال من الاحوال ضد اسرائيل ,لكن الثابت
وفقا لسياق السياسة الروسية في
السنوات العشر الاخيرة ,ان موسكو
المتحمسة هذه الايام للدفاع عن نظام
بشار الاسد كما لم تفعل من قبل, كانت قد
اتفقت مع تل ابيب على حجم ونوع الاسلحة
المباعة وقدراتها وما اذا كانت تؤثر
على موازين القوى في المنطقة الذي يجب
ان يبقى يميل لصالح اسرائيل بعشرات
الدرجات . في روسيا اليوم اعراض ندم تظهر في بعض
الصحافة ووسائل الاعلام على السماح
لحلف الناتو باسقاط نظام القذافي في
ليبيا ,ولكنهم في روسيا يتجاهلون حقيقة
ان الليبيين هم الذين اسقطوا نظاما
عانوا منه عشرات السنين كما عانت منه
روسيا نفسها لانه بكل بساطة كان الصديق
الفاسد المسيء لاصدقائه , اما الناتو
فلم يكن أكثر من مساعد مدفوع الأجر نفذ
مهمة تدمير الالة العسكرية التي لم يكن
بمقدور الثوار تدميرها ,تماما كما يحدث
الان في سوريا حتى وان تجنب اصدقاء
النظام في دمشق وضع اية مقارنات بين
النظامين , لكن هذا لا يغطي الحقيقية
بغربال, فما فعلته الالة العسكرية
لنظام القذافي بالشعب الليبي في اول
اسابيع الثورة تفعله الآن الالة
العسكرية للنظام السوري ولكن منذ ما
يقارب السنة فيما العالم ينتظر موقفا
روسيا يتفق مع مبادئ الانسانية اذا كان
من الصعب على ( صديق العرب ) اتخاذ موقف
سياسي يناسب مصالحه ومصالح الشعوب
العربية سواء في سوريا او ليبيا او
اليمن او غيرها من البلدان التي تخوض
شعوبها صراعا على الحرية ,اما هذه
المواقف الغريبة لدولة طالما ادعت
انها تتصدر قائمة اصدقاء العرب فتثير
الدهشة فعلا . نتمنى لو ان روسيا تعيد النظر بموازين
القوى في العالم كله حتى لا تنفرد
الدول الاستعمارية بقرارات الشعوب
المضطهدة ,ولكن ليس على هذه الاسس التي
تعتمدها روسيا ما بعد التحرر من
الشيوعية ونظام الحزب الواحد ,فالذي
يقدم روسيا صديقا وحليفا للشعوب
العربية ليس وقوفها مع الانظمة
الحاكمة لمجرد انها سوق للسلاح الذي
يخزن في المستودعات ولا يستخدم الا ضد
الانتفاضات الشعبية ,ما يضع روسيا في
مكانة الصديق للسوريين ولغيرهم من
العرب الثائرين على حاضرهم المرير
وقوفها مع طلاب الحرية ودعم خياراتهم
من أجل تحرير الارض المحتلة اولا من
قبل اسرائيل ثم بعد ذلك تأييد ثورات
التحرر من عبودية الانظمة المستبدة ,وبنفس
الوقت الحرص على ان لا يستغل الاستعمار
الغربي هذه الثورات كي يعيد امجاده في
هذه المنطقة وعلى حدود روسيا الجنوبية
وفي خاصرة مصالحها . ================= أضعف الإيمان - الاحتلال
والدمار هو الثمن الأحد, 15 يناير 2012 داود الشريان الحياة الجزائري أنور مالك رجل حر. انسحب من بعثة
جامعة الدول العربية في سورية، بعدما
اكتشف زيفها. وهو أدرك أن مشروع
المراقبين يصعب تنفيذه على الأرض.
فالنظام الذي يمنع الصحافيين العرب،
ووسائل الإعلام العالمية من نقل ما
يجري في المدن السورية، مستحيل أن يقبل
مراقبين ما لم يحصل على ضمانات تمكّنه
من التحكّم بتقرير فريق المراقبة،
فضلاً عن ان النظام تدخّل في تحديد اسم
رئيس الفريق. لكن السؤال هو كيف تسمح
الجامعة العربية بالتنسيق مع النظام
السوري، و «تتآمر» معه على مشروعها،
وهي علّقت عضوية سورية فيها، وتندّد
بالعنف الذي تمارسه دمشق مع مواطنيها،
وتدعم المعارضة، على نحو يعدّ سابقة في
تاريخها؟ الجامعة تدرك تماماً عجزها عن حماية
المدنيين، وقرارها إرسال مراقبين مجرد
خطوة لحماية نفسها من الانهيار الذي
طاول أنظمة، فضلاً عن ان المعارضة
السورية، وبالتزامن مع خطوة الجامعة،
وربما بالتنسيق معها، صعّدت حملتها من
أجل القيام بعمل عسكري تنفذه القوى
الغربية. ويقول سياسيون أميركيون أن
لدى واشنطن رسالة واضحة من المعارضة
السورية تطالب بالتدخل الأجنبي.
وتفسير هذا التناقض، وإن شئت
المكاذبة، يشير الى ان الجامعة تعرف
النهاية وتفاصيلها، لكنها لا تريد ان
تتبناها في شكل واضح. والنظام السوري
يدرك هدف الجامعة، وهو قَبِل فريق
المراقبة لشراء الوقت، والخروج من
القمع الى إعلان حرب. لا شك في ان الرئيس بشار الأسد سيكون
مسؤولاً عن تدمير سورية وتقسيمها اذا
استخف برغبة شعبه، وأصرّ على تجاهل
خطورة ما يحدث، فضلاً عن أنه،
بالتجاهل، سيكون شريكاً لبعض المعارضة
في تسويغ المبررات لمعاودة تنفيذ ما
حصل في ليبيا. وبعض المعارضة السورية
بات يلعب الدور عينه الذي مارسه أحمد
الجلبي وشلّته في تسويغ الحرب على
العراق، واعتبارها «نبيلة»، والنتيجة
كانت مفزعة. سورية اليوم بين نظام
قمعي، مصاب بالعمى السياسي، ومعارضة
لا ترى أبعد من أنفها. الأكيد ان الجامعة العربية فرّطت بليبيا،
وأعطت «الناتو» ترخيصاً مجانياً تحت
مسمى الحظر الجوي. وهي اليوم تتهيأ
لإعطاء الغرب حق التدخل في سورية، بحجة
فشل المراقبين. ورغم ان الحرب المحتملة
على السوريين ستقتل من المدنيين أضعاف
الذين قتلهم النظام، الا ان الجميع
موافق على مقايضة الحرية بالاحتلال
والدمار. ================= الأسد بين ضغوط الثورة و«عروبة»
البعث الأحد, 15 يناير 2012 خالد الدخيل * الحياة يوم الثلثاء الماضي ألقى الرئيس السوري
بشار الأسد خطابه الرابع منذ اندلاع
الثورة الشعبية. كرر الرئيس نفسه في
هذا الخطاب للمرة الرابعة. من الواضح
أن رسالته عن «المؤامرة» لم تصل. لم
يأتِ الخطاب بجديد، ولم يقنع أحداً
خارج دائرة الإعلام السوري. الجديد
الوحيد في الخطاب أن الرئيس عرض مشاركة
«المعارضة» في حكومة مقبلة. لكنه وضع
شروطاً لهذه المعارضة تجعلها في مربع
رؤيته لما يحدث. أي معارضة مفصّلة على
مقاس النظام. من بين كل الدول العربية
يعتبر رئيس الحكومة في سورية هو الأضعف
لأنه لا يتمتع إلا بصلاحيات إدارية
محدودة، ولا يملك أية صلاحية سياسية.
لا يملك حتى تسمية أعضاء حكومته. رئيس
الجمهورية هو من يعين رئيس الحكومة
والوزراء، وبالتالي لا تتمتع الحكومة
بالحد الأدنى من الاستقلالية. ومع ذلك،
فإن اقتراح إشراك معارضة شكلية في هكذا
حكومة هو من أكثر إصلاحات الرئيس جرأة. اللافت في الخطاب إسهاب الرئيس للمرة
الرابعة في الحديث عن مؤامرة لا يستطيع
هو بموقعه أن يبرهن على وجودها. لا يدرك
الرئيس أن مثل هذا الحديث يفتقد
الصدقية مهما نفخ فيه، وأنه يعمق أزمته
مع الشعب. ليس من الحكمة، بل من الجنون
السياسي أن يتهم رئيس دولة شعبه
بالتآمر، وتنفيذ أجندات أجنبية. بمثل
هذا الحديث يبرهن الرئيس على ما يحاول
أن ينكره، وهو أن النظام الذي يحكمه لا
يعترف بالشعب كمصدر للسلطة والشرعية،
ولا يعترف لهذا الشعب بحق التعبير عن
رأيه. هل يدرك الرئيس بأن اصطدامه مع
الشعب على هذا النحو من الجرأة، هو
اصطدام مع التاريخ بنواميسه، وتحديداً
التاريخ السوري؟ لكن الرئيس يتحرك في لجّة الأزمة بعمى
التمسك بالحكم بأي ثمن، وبأي ذريعة.
تحدث حوالى الساعتين، ولم يتطرق
أثناءهما للوضع الداخلي السوري. تحدث
عن كل شيء تقريباً: عن المؤامرة، وعن
الجامعة العربية والمستعربين،
والخونة، والإرهابيين. لكنه لم يتطرق
إلى سورية. أسئلة الداخل السوري مقلقة
في اللحظات الحرجة. ماذا أنجز البعث
الذي حكم سورية منذ 1963؟ بل ماذا أنجز
الرئيس نفسه لسورية بعد 11 سنة في
الحكم؟ ماذا أنجز في الاقتصاد؟
والسياسة الداخلية؟ وفي مواجهة
الفساد؟ وفي العلم والثقافة؟
والإعلام؟ ومحاربة البطالة؟ ماذا
أنجزت سورية في عهده في موضوع المقاومة
والممانعة الذي يتحدث عنه ليل نهار؟ لم
يتحرك الجيش بدباباته وآلياته منذ
أكثر من 35 سنة إلا ضد الشعب السوري. دكّ
مدينة حماة عام 1982، وهو الآن يدك مدناً
سورية لم تتعظ من «خطيئة» حماه. حتى هذه
المدينة لم تتعظ هي الأخرى من «خطيئتها».
أكبر إنجاز للرئيس ولحكومته الممانعة
هو ممانعة ثورة الشعب، وإن بغباء سياسي
سافر. كم عدد الذين قتلوا من المواطنين
في هذه الثورة على يد قوات الأمن
والجيش والشبيحة؟ كم عدد المعتقلين
والمفقودين؟ والجرحى؟ أسئلة محرجة
للرئيس ولنظامه. في الخطابات الثلاثة
السابقة فعل الرئيس الشيء نفسه. تحدث
عن كل شيء إلا عن سورية. حتى في إطلالته
المرتبة مسبقاً في ساحة الأمويين
الأربعاء الماضي، تحدث عن الخارج،
وتجاهل الداخل. يريد الرئيس أن يخفي
الداخل عن الأنظار. الصمت عن هذا
الداخل في أربعة خطابات مطولة، موجهة
للشعب في أضخم أزمة تواجهها سورية منذ
استقلالها، ليس مصادفة، بل سياسة
ممنهجة. يراد لهذا الداخل أن يتوارى عن
الأنظار. صمت الرئيس عن هذا الموضوع هو
السياسة العليا للدولة. ولذلك ينفذها
الإعلام السوري بدقة وحرص شديدين. وضع
الداخل السوري لا يخدم النظام. ثورة
الشعب تحتل القلب من مشهد الداخل. لذلك
يجب صرف النظر عن هذا الداخل، والتركيز
بدلاً من ذلك على الخارج، ومؤامرة
الخارج، والمستعربين. وأكثر ما يصمت عنه الرئيس، هو موضوع الحكم.
كثيراً ما تحدث الرئيس عن مبادراته
الإصلاحية. ماذا عن الانتخابات
الرئاسية؟ وعن صلاحيات الرئيس؟ هل
يقبل الرئيس أن يكون أحد المرشحين في
انتخابات رئاسية حرة، وتحت إشراف عربي
وإقليمي ودولي؟ ثم كيف يستقيم الحديث
عن إصلاحات بطيئة لا تستطيع مجاراة حل
أمني يطبق مبدأ «إما أن أحكمكم أو
أقتلكم»؟ يقول الرئيس إن الثورة لم
تفرض عليه إصلاحات تعود فكرتها لعام 2005،
لكنها لم تنفذ؟ لماذا يريد الرئيس أن
ينفذها الآن؟ نصف حديث الرئيس عن
الإصلاحات يذهب لتبرير تأخر الإصلاحات.
ومرة أخرى يعود سبب التأخير للخارج:
للحرب الأميركية على العراق، ولحرب
إسرائيل على لبنان وغزة. هل للداخل
نصيب في هذا التأخير؟ أبداً. لم ينتبه
الرئيس لسؤال يختبئ في نهاية مداخلته:
إذا كانت سورية لم تدخل حرباً منذ 1973،
فلماذا يصل تأثير حروب الآخرين عليها
إلى حد أن تتوقف الإصلاحات فيها؟ حروب
إسرائيل، وحروب أميركا أضعاف حروب
النظام السوري. ومع ذلك لم تعرقل هذه
الحروب لا إصلاحات، ولا محاكمات، ولا
انتخابات في هاتين الدولتين. لماذا
سورية وحدها، وتحت حكم البعث، هي التي
تتوقف الإصلاحات فيها بسبب حروب
الآخرين؟ لو كانت الحروب هي سبب توقف
الإصلاحات، وفق نظرية النظام السوري،
لبقي العالم كما كان عليه في القرن
العاشر قبل الميلاد. على العكس، ترى
إحدى النظريات السياسية أن الحروب قد
تنعش الاقتصاد، ومعها تنعش الدول.
دُمرت اليابان في الحرب العالمية
الثانية بالسلاح النووي الأميركي، ولم
يزد ذلك اليابان إلا صلابة، وتصميماً
على الإصلاح والتطور حتى صار اقتصادها
ثاني أضخم اقتصاد في العالم حتى العام
الماضي. لم يحصل لسورية ربع ما حصل
لليابان. لكن اليابان تحركت، وبقيت
سورية في مكانها. لم يواجه الرئيس
الحقيقة، وهي أن النظام الذي يقف
الرئيس على قمة الهرم منه غير قابل
للإصلاح، وأن هذا هو السبب، وليست
الحروب. في سياق حديثه عن الخارج تناول الرئيس
دولاً قال عنها إنها «لم تدخل العروبة
ولن تدخلها لأنها لا تملك تراثاً ولا
تقرأ التاريخ». من قال للرئيس مثل هذا
الكلام لم يمحضه الاستشارة. من هي هذه
الدول؟ يضيف الرئيس «إذا كانوا
يعتقدون أنهم بالمال يشترون بعض
الجغرافيا، ويستأجرون ويستوردون بعض
التاريخ .. نقول لهم إن المال لا يصنع
أمماً، ولا يخترع حضارات ..». فات
الرئيس أن القمع والقتل والاستبداد لا
تصنع أمماً أيضاً، وأن الشعارات لا
تصنع تاريخاً، والدليل تجربة حزب
البعث في سورية. في كلام الرئيس تلميح
يشبه التصريح بأنه يعني إما كل دول
مجلس التعاون، وإما بعضها. مهما يكن،
فإن مثل هذا الكلام لا يليق برئيس دولة
يقول إنه يعتز بعروبته. الاختلاف مع
الرئيس اختلاف سياسي ومحصور بين أنظمة
سياسية، فلماذا يريد أن يأخذه إلى
الشعوب والتراث والتاريخ؟ وهو كلام
ينطوي على عنصرية باذخة كان الرئيس في
غنى عنها. وبما أنه يقول إن العنصرية
ليست صفة للعروبة، فهو بكلامه هذا
يناقض نفسه وهويته العربية. يذكرنا
حديثه هنا بما قاله عام 2006 عن «أنصاف
الرجال». وهو نوع من الهجاء الجاهلي
بنزعة عشائرية: أيّنا الأكثر عروبة
ورجولة وشجاعة؟ وهو هجاء يراد له تغطية
سياسة أوصلته إلى حافة الهاوية. التراث
والتاريخ اللذان يتحدث عنهما الرئيس
يعودان للجزيرة العربية، وهي مهد
العروبة الأول. لا يستطيع كلام الرئيس
أن يلغي حقيقة أن منطقة الشام هي
الامتداد الجغرافي والحضاري للجزيرة
العربية، ومن هذا الامتداد اكتسبت
الشام أول ما اكتسبت عروبتها من خلال
هجرات القبائل إلى هناك منذ ما قبل
الإسلام. ومثل ذلك كلام الرئيس عن
المستعربين العرب. يحسن بالرئيس أن
يتذكر بأنه ليس من العروبة أن يأخذ
النظام الأطفال إلى مخافر التحقيق،
ولا أن يقتل الناس لأنهم يطالبون
بحقوقهم وحرياتهم. كما أنه ليس من
العروبة أن يقيم النظام تحالفاته
الإقليمية على أساس من رؤية أقلوية
طائفية تعزله عن محيطه العربي. يبدو أن
الرئيس يستشعر بعمق وقلق اقتراب
الخطر، وأن الغطاء العربي الذي اعتاش
عليه طويلاً آخذ في الانحسار. لم يجد ما
يعبر به عن غضبه إلا الهجاء. وهذا ملاذ
العاجز عن مواجهة حقيقة الموقف. مأزق
الرئيس هو مع شعبه أولاً وأخيراً.
ولذلك يجدر به أن يتحدث مع هذا الشعب
وعنه قبل أن يتحدث عن الآخرين. لكن كلام
الرئيس يعكس هشاشة معنى العروبة لدى
كثير من مسؤولي حزب البعث. وهو ما يفسر
لماذا أمسى هذا الحزب اسماً من دون
مسمى، وانتهت تجربته السياسية إلى
انقلابات عسكرية، وحكم عائلات،
وتوريث، وأنظمة صارت نموذجاً لطائفية
مسنودة بالقمع والاستبداد. ================= الأحد, 15 يناير 2012 عبدالله إسكندر الحياة تشدد روسيا هذه الايام على وجود خطط غربية
لتغيير نظامي الحكم في طهران ودمشق.
وقد يكون هذا التشديد يرتبط برغبة
موسكو عدم الانخراط في مواقف دولية
مناهضة للبلدين، لحسابات خاصة، او
تحسباً لمقايضات لاحقة مع عودة
فلاديمير بوتين الى الكرملين. لكن
خلاصة هذا الاتهام هي ان ايران وسورية
لا تزالان تعتبران نفسيهما في منأى عن
عمل دولي، عبر مجلس الامن. وتالياً
تبقى ثغرة في الجبهة السياسية الغربية
حيث ان اي قرار يُتخذ في حق الدولتين
يبقى قراراً فردياً. ومعلوم ان الموقف الغربي يعترض على ما
يسميه المسعى الايراني الى امتلاك
سلاح نووي وعلى كيفية معالجة السلطات
السورية للحركة الاحتجاجية، بما يجعل
الغرب في جبهة واحدة في مقابل الجبهة
الواحدة السورية - الايرانية. ولمناسبة الجدل عن احتمال التدخل الغربي
في سورية لحماية المدنيين، ومع انسحاب
القوات الاميركية من العراق
واستعداداتها للانسحاب من افغانستان،
يرى كثر ان الغرب ليس في وارد التدخل
العسكري، مستخلصاً دروس التدخل في كل
من العراق وأفغانستان وليبيا. وأن
الادارة الاميركية الحالية تفضل
التركيز على الوضع الداخلي عشية
انطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية،
مثل نظيرتها الفرنسية. كما ان الازمة
الاقتصادية والمالية التي عصفت
بأميركا وأوروبا، تحد كثيراً من
الاندفاع الى تكاليف باهظة جديدة. لا
بل يذهب مسؤولون ايرانيون وسوريون،
وهم المعنيون اساساً باحتمالات
التدخل، الى ان الغرب تلقى هزيمة في
مغامراته العسكرية في المنطقة على نحو
يجعله يفكر كثيراً قبل الإقدام على
مغامرة جديدة. ويضيف هؤلاء ايضاً انهم
على اتم استعداد عسكري من اجل الرد على
اي هجوم، عبر تطوير اسلحة برية وبحرية
وجوية، ما يشكل رادعاً لأي عدوان.
ويهددون بقلب الطاولة على الجميع،
بدءاً من اغلاق مضيق هرمز وصولاً الى
تدمير إسرائيل بالصواريخ الطويلة
والمتوسطة والقصيرة المدى. كل ذلك للقول ان ثمة من يرى ان الوصول الى
حافة الهاوية سياسياً، لا يعني
بالضرورة التوجه الى حرب محتومة
ومواجهة شاملة. وأن كل ما نراه من
مناورات سياسية وعسكرية وتهديدات يقع
في اطار تبادل الضغوط والتمهيد
للتفاوض. ويستدل هؤلاء بالتسوية
الاميركية - الاسرائيلية في العراق،
والتحركات الايرانية في سبيل معاودة
المفاوضات النووية، ومآل المبادرة
العربية في سورية التي اراحت الغرب في
مجلس الامن من عناء المشادات من اجل
قرار يدين السلطات في دمشق. لكن، في مقابل هذه المؤشرات هناك أخرى
تظهر ان الحركة الديبلوماسية الواسعة
في المنطقة، ومنها واليها، تتوازى مع
معطيات على الارض تظهر ان الحرب بدأت
فعلاً، وأن المسألة تتعلق بمدى
اتساعها وليس بوجودها. وفي هذا المجال يمكن ان يُشار الى عمليات
الاغتيال للعلماء النوويين
الايرانيين، وآخرها قبل ايام. صحيح ان
اغتيالات كهذه هدفها تأخير البرنامج
الايراني الذي يتأخر اصلاً بفعل
العقوبات. لكن مجرد اعتماد الاغتيال،
خصوصاً ان المشتبه به الاساسي يبقى
اسرائيل، يعني الانتقال الى مرحلة
القتل التي هي احد تعبيرات الحرب. في المقابل، تأخذ الحركة الاحتجاجية في
البحرين واليمن، وغيرهما من البلدان
الخليجية، طابعاً يزداد عنفاً مع
الجهر بالمرجعية الايرانية لبعض
اطرافها، ما يشكل نوعاً من الرد الممكن
حالياً، في اطار مواجهة تتجه نحو
التعميم. هذه المؤشرات ليست مجرد مقدمات قد تقود
الى حرب، تدخل فيها القوات والاساطيل
والصواريخ. انها من الظواهر التي تشي
بأن الحرب وكأنها قد بدأت. اما اعلانها
فقد يكون في اي حادث عرضي او خطأ قد
يحصل في لحظة ما. ================= هل ستكون الدولة
المدنية ديمقراطية؟ ميشيل كيلو الشرق الاوسط 15-1-2012 تقول التجربتان التونسية والمصرية،
وتوحي التجربة السورية، التي ما تزال
في مرحلة متوسطة من تطورها، بأن مسألة
الدولة المدنية ليست محسومة بعد، وأن
هناك مفاهيم متنوعة حولها يختلف فيها
العلمانيون عن الإسلاميين، وقد تهدد
في مستقبل غير بعيد ما بجمعهما من
قواسم مشتركة تبدو اليوم مضمونة
الاستمرار مكفولة البقاء، لكنه من
المرجح أنها لن تصمد أمام الواقع، إذا
لم يقع تغير فكري وسياسي عميق يطاول في
مقبلات الأيام رؤية الأطراف المعنية
بتطبيقها، وخاصة منها الأطراف
الإسلامية. يعد الإسلاميون بدولة مدنية، لكنهم
يجعلون الشريعة قانونها. ويعد
العلمانيون، بدرجات تتفاوت بين تيار
وآخر من تياراتهم، بدولة مدنية
مرجعيتها الإنسان كذات حرة وتتعين
بحريتها. يتفق الطرفان على التسمية
العامة: الدولة المدنية الديمقراطية،
ويختلفان على كل ما عدا ذلك، بما أن لها
في الوعد الإسلامي مرجعية تقع خارجها
وخارج الإنسان، الذي يعتبر محورها
وحاملها، إن كان يراد لها أن تكون دولة
مدنية حقا. هذه المرجعية غير بشرية
ومقدسة. بينما للدولة المدنية في وعد
العلمانية مرجعية دنيوية يجسدها
الإنسان: محور العالم والفكر والروح،
الذي يتعين بحريته وليس بأي شيء أو
كائن خارجها أو سواها، على النقيض من
إنسان المرجعية الإسلامية، الذي يتعين
بإيمانه ويتعرف من خلاله، فهو مؤمن
تتعلق سائر تعييناته الإنسانية، بما
في ذلك الموضوعية والروحية منها،
بحقيقة أنه مؤمن وحسب. في هذه النقطة الفائقة الأهمية، التي
تتفرع عنها جميع النقاط الأخرى الخاصة
بالإنسان ككائن سياسي وبالشأن العام
على اتساعه، يختلف المفهومان إلى درجة
التعارض، وتختلف الدولتان المدنيتان
إحداهما عن الأخرى، ويختلف المشروعان
اللذان يعدان بدولة من المؤكد أنها لن
تبقى مدنية في الحالة الأولى، وستنقلب
إلى دولة دينية الطابع والماهية، تلغي
فعليا فكرة المساواة بين البشر، بما أن
المؤمن أحسن عند الله ويجب أن يكون
أحسن عند عباده من غير المؤمن، الذي لا
يحمل كلمة الله ولا يطبقها في حياته
وعلاقاته، فهو إنسان من نوع أدنى من
المؤمن، الكائن المتعالي الذي يحمل
رسالة مقدسة. يقال هذا، مع أن الأصل في
الإنسان، مواطن الدولة المدنية، أن لا
يتعين بدينه أو بثروته أو بمكانته
الطبقية أو بأي صفات أخرى، وإنما يقتصر
تعينه على حريته وحدها بصفتها الخاصة
التي تميزه كإنسان. ويزيد من حتمية
تعينه بواسطتها أنها لا تحول بينه وبين
الانتماء إلى أي دين، ولا تمنعه من
بلوغ أي مكانة مجتمعية تتوفر لديه
مقومات بلوغها، في حين يحول دون هذا
كله تعريفه بالإيمان، الذي يقوم على
الانتماء إلى دين دون غيره، وإلى موقع
اجتماعي دون سواه.. الخ، ويترتب عليه
بالضرورة تمييز حتمي بين البشر،
وتاليا إلغاء ونفي فكرة المساواة وما
يتفرع عنها من عدالة، وأنشطة تنبثق من
وعيها يقرر الإنسان بفضلها مصيره
بإرادته. بتعين الإنسان بالإيمان، وبتحوله من
إنسان إلى مؤمن، يتحتم على الدولة
المدنية، التي يبقى الإنسان الحر
محورها وحاملها، أن تنقلب إلى دولة
مؤمنة، أو دولة مؤمنين تنظم المجال
العام بما يلبي حاجة مواطنيها إلى
ممارسة إيمانهم وطبع الشأن العام
بطابعه. وبالنظر إلى أن المؤمن لا
يتساوى مع غير المؤمن، وأن الدولة
المدنية تكون دولة حملتها من
المؤمنين، فإنها تكف عن أن تكون ما
تطالب المجتمعات العربية بتحقيقه:
دولة عدالة ومساواة وحرية، وتعجز في
الوقت نفسه عن أن تكون دولة ديمقراطية،
مع أنها قد تحظى بتأييد أغلبية
مواطنيها، لأن الدولة الديمقراطية
ليست دولة مؤمنين، بل هي تحديدا دولة
مواطنين أحرار، تتشكل من إرادتهم
الأغلبية والأقلية وتتعين بواسطتها،
فهما أغلبية وأقلية متغيرتان، ليس
موضوعهما وهدفهما في جميع الأحوال
الإيمان والما ورائيات، بل مسائل
سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية
دنيوية، شديدة الدنيوية، تتغير فيها
وجهات نظر المواطنين بتغير مصالحهم
وقناعاتهم، من حين لآخر. لن تكون الدولة المدنية، في مفهومها
الإسلامي، قادرة على ضمان مساواة
المواطنين أمام القانون وفي الواقع،
ولن تكون دولة مواطنة أو دولة لجميع
مواطنيها. لذلك، سيكون من الصعب، بل من
المحال، اعتبارها دولة مدنية، لأنها
ستقوم على تساوي «المؤمنين» وحدهم
أمام القانون، مع ما في قولها من تمييز
في الحقوق والواجبات بين «المؤمنين» و«المواطنين»،
الذين ليسوا متساوين معهم، علما بأن
هذا القانون لن يكون ولا يستطيع أن
يكون قانونا وضعيا، وسيكون بالضرورة
والقطع قانونا شرعيا، والشريعة ليست
قانونا وضعيا بل هي قانون إلهي مصدره
غير بشري، ولا يجب أن يرتبط تطبيقه
بقرار بشري. بالمقابل، يترتب وضع
الإنسان القانوني في الدولة المدنية
على إرادته كمواطن حر، بالنظر إلى أن
القانون من صنعه وفي خدمته، فإن وجده
غير متناسب مع أوضاعه غيره وصاغ قانونا
جديدا أحله محله. تضع هذه الواقعة يدنا
على فارق رئيسي وجوهري بين نمطي الدولة:
فالأرضية التي ينهض عليها نمطها
الديني هي أرضية متعالية: إنها الله:
حاملها الحقيقي. بينما هي في الدولة
المدنية المواطن: أي الإنسان بوصفه
مواطن دولة هو حاملها وهي التعبير
السياسي عن حضوره في الشأن والمجال
العامين. هذا الفارق بين القاعدتين له
نتائج كبيرة وخطيرة، إذ بينما تقوم
علاقة المؤمن مع ربه على الطاعة
والانقياد، تنهض العلاقة بين مواطن
الدولة المدنية وبين مؤسساتها على
الحق في الخلاف والاختلاف، وهذا قد
يبلغ حدود التمرد والعصيان التي
يجيزها ويغطيها القانون، ويجعلها
ملزمة في حالات معينة. يتبين مما سبق قوله أن الدولة المدنية
ليست ولا يمكن أن تكون من طبيعة واحدة،
إلا إذا كان هناك اتفاق على مفاهيمها
وحاملها وطابعها وبنيتها والنتائج
التي تؤدي إليها في واقع الحياة. بغير
ذلك، ندخل في الاختلاط اليوم فالخلاف
والصراع غدا، ويتحول العمومي الذي
يبدو أنه يوحدنا اليوم إلى ساحة تباين
ومصدر شقاق، تفترق فيه الدروب، التي قد
يأخذ أحدها الثورة ضد الاستبداد إلى
أحضان دولة تسمي نفسها مدنية، لكنها لا
تقل استبدادا عن دولته، التي أسقطتها
إرادة شعبية انتفضت على نمطها القائم
كي تستبدله بنمط مدني وديمقراطي حر،
فلا يعقل أن تقع فريسة بديل لا يقل عنها
انغلاقا وعداء للإنسان كمواطن دولة،
بما أن حاكم الدولة المدنية من النمط
الديني لن يتوقف عن القول والعمل باسم
المتعالي والمقدس، ولن يرى في أي
اعتراض على قراراته أو أفكاره وأفعاله
غير عصيان ضد رمزية إلهية تتخطاه، ولن
يعتبر اختياره للحكم أو السلطة شأنا
محض دنيوي، وسيتأله بعد حين على
الطريقة التي يمارسها المستبدون،
فيكون قد حان عندئذ وضع القانون تحت
إرادته، والشعب تحت حذائه!. تخلط الرطانة السياسية بين الدولة
المدنية والدولة الديمقراطية، وتشيع
أن الأولى تفترض الثانية بالضرورة
وترتبط معها ارتباط سبب بنتيجة أو حدين
متلازمين في معادلة رياضية. صحيح أن
للدولة الديمقراطية والدولة المدنية
الحامل نفسه في نظام يعين الإنسان
بحريته، لكنهما لا يتطابقان أو
يتلازمان في أي نظام آخر، خاصة إن كان
يعتبر تعين الإنسان بالحرية مسألة
تالية بالمقارنة مع تعينه بالإيمان.
لهذا السبب بالذات، لن تنبثق
الديمقراطية من المشروع الإسلامي
الراهن، فهي تنهض على أساس لا محل له في
هذا المشروع، ويتعارض معه تعارض
الإنسان الحر والمؤمن، الذي لم ينجح أي
فكر ديني في تخطيه إلى اليوم، ويعد
دوره رئيسيا في افتراق تطور العالم
الحديث عن عالمنا التقليدي، رغم تطابق
قيمهما الشكلي واللفظي. من الضروري أن نصالح المؤمن مع الإنسان
الحر، بوضع الأول في مرتبة ثانوية
بالنسبة إلى الثاني، وببناء نظام
سياسي عماده وحامله الإنسان الحر. ومن
الضروري أن نذكر في هذا السياق بأن
الإسلام استخلف الإنسان في الأرض، بعد
اكتمال رسالته، ولم يستخلف المؤمن،
وأنه أوكل إليه مهمة تعميرها، وجعل
الإفساد فيها أعظم الجرائم والمنكرات.
حدث هذا بعد اكتمال رسالة الإسلام، فهل
تراه حدث بمحض الصدفة، أم كان بتدبير
إله عليم حكيم! ================= فايز سارة الشرق الاوسط 15-1-2012 تصاعد الحديث عن الطائفية في سوريا في
الأشهر الأخيرة، ولا سيما في ضوء ما
يحصل في وسط البلاد، وانقسم المنخرطون
في الحديث عن الطائفية إلى فريقين
مختلفين، أولهما أكد بروز وتزايد
الأحاسيس الطائفية في البلاد وفي
مواقع معينة منها، وأن الوضع بما يحمله
من أخطار يضع البلاد على قاعدة حرب
داخلية طائفية الطابع. والثاني اعتبر
أن الحديث عن الطائفية في سوريا مختلق،
أو مبالغ فيه في أحسن الأحوال، وأن
الهدف منه خلق أجواء تسهم في توتر
الأوضاع الداخلية بغية حرف الصراع
السياسي القائم في البلاد وتحويله من
صراع سياسي إلى طائفي، يمكن أن يجر
سوريا إلى خطر حرب تنخرط فيها كل
الطوائف، لا البعض منها. ورغم أن لكل واحد من الطرفين المختلفين ما
يدعم رؤيته من معطيات ووقائع، فإن
الوقائع العامة المعروفة عن التاريخ
السوري تؤكد وجود طوائف في سوريا منذ
مئات السنين، وأن هذا الوجود مستمر، لم
تؤثر فيه بصورة حاسمة أو تغيره كل
التطورات السياسية والاقتصادية
والثقافية التي شهدتها سوريا ومحيطها،
بل إن سوريا، وهي تدخل مرحلة الاستقلال
في الأربعينات، رفعت شعارا عاما نصه «الدين
لله والوطن للجميع» تعبيرا عن نبذ
السوريين للطائفية، وتأكيد على أن
العلاقة بين السوريين الموزعين على
أديان وطوائف ليست الأساس الذي يقوم
عليه الكيان الوطني، الأمر الذي يعني
أنه ومع وجود الأديان والطوائف، فإن
السوريين اعتمدوا نهجا هو الأبعد عن
التشدد الديني والطائفي، مما يعني
أنهم ليسوا في وارد الطائفية، التي
تعني التحزب لطائفة ومعاداة أو معارضة
الطوائف الأخرى. وتزيد الوقائع العامة في التاريخ السوري
الحديث إلى ما سبق من أفكار وذهنيات
وموروثات سورية، في موضوع الطوائف
والطائفية، معطيات عملية، ولا سيما في
الجوانب السياسية منها، ولعل الأبرز
فيها أن قادة حركات مقاومة الاحتلال
العثماني في بدايات القرن العشرين
والانتداب الفرنسي الذي تلاه في ربع
قرن لاحق كانوا من كل ديانات وطوائف
سوريا، كما أن في المعطيات العملية أن
أغلب الجماعات السياسية السورية في
المائة عام الماضية احتوت في بناها
وهيئاتها المختلفة قيادات وكادرات
موزعة على مكونات الجماعة الوطنية في
أديانها وطوائفها، بل إن هذه الجماعات
عندما قدمت ممثلين لها إلى
البرلمانات، وللمناصب الوزارية حيث
تولت السلطة في فترة ما بعد الاستقلال،
لم تختر ممثليها على أسس طائفية، بل
اختارتهم وفق معايير الكفاءة
والقدرات، التي تعتمدها، وكان ذلك
معمولا به حتى في المناصب الحساسة في
البلاد، والشواهد الاسمية كثيرة
ومعروفة. لكن تاريخ سوريا الحديث والمعاصر لم يكن
خاليا من نزعات طائفية، ظهرت هنا وهناك
في فترات لا شك أنها من فترات التاريخ
العصيب لسوريا. وأبرز تلك النزعات
وأهمها ما سعت إليه سلطات الانتداب
الفرنسي في تقسيم سوريا إلى دويلات
طائفية، وهو توجه تناغمت معه قلة من
السوريين في مناطق محدودة، لكن وعي
الأغلبية الوطنية أفشل المشروع، وأجبر
الفرنسيين على التراجع عنه، وعندما
خرج الفرنسيون من البلاد أقام
السوريون كيانهم الوطني الواحد. وبين النزعات الطائفية التي ظهرت بعد
الاستقلال قيام العهد الديكتاتوري في
فترة حكم العقيد أديب الشيشكلي
بممارسة سياسة طائفية، وصلت الى حد
استخدام السلاح في بعض المناطق
السورية، وكان ذلك عاملا أساسيا في
الثورة عليه وإسقاطه، وهو الأهم في
عوامل إجباره على التخلي عن السلطة
ومغادرة البلاد في عام 1954، لتعود
البلاد بعده إلى نظام ديمقراطي
انتخابي يعتمد المساواة بين السوريين
دون تمييز طائفي. ومنذ وصول حزب البعث إلى السلطة في عام 1963،
ضربت النزعات الطائفية سوريا عدة
مرات، كان الأبرز فيها إثارة نزاع بين
السنة والعلويين أكبر طائفتين
إسلاميتين، ومثاله الأوضح كان نشاط
الجماعات المسلحة في الثمانينات ضد
السلطة، ورد الأخيرة الذي لم يكن أقل
رداءة وقسوة في تعامله ليس مع تلك
الجماعات فقط، وإنما مع المجتمع كله من
أجل إخضاعه والسيطرة عليه. ورغم الآلام
التي خلفها ذلك الصراع ونتائجه، فإن
السوريين بإرثهم الموحد ووعيهم
الوطني، استطاعوا تجاوز فكرة النزاع
بين السنة والعلويين، التي كان من
شأنها لو توسعت أن تؤدي إلى تفتت
الكيان السوري وانقسام مواطنيه بصورة
نهائية. وعدم ذهاب أغلبية السوريين إلى النزعات
الطائفية في الثمانينات، لم يقابل
بسياسات تتجاوز ما طرحته تلك المرحلة
من تحديات، واعتبرت السلطات القمع
السياسي والبوليسي أساسا في تعاملها
مع التحديات القائمة، بدل الذهاب إلى
إصلاحات وطنية شاملة، تعيد ترتيب
الحياة السورية في جوانبها المختلفة،
وهو أمر أدى إلى تعميق الأزمة في
مضامينها السياسية والاقتصادية
والاجتماعية، واضعا إياها على قاعدة
انفجار لاحق، وهو ما حصل عمليا في مارس
(آذار) الماضي. وقد لعبت تطورات الأزمة، وخاصة في ضوء
اعتماد السلطات طريق الحل الأمني-العسكري
لمعالجة الأزمة وما رافقها من تحشيد
دعوي وسياسي، دورا في إبراز نزعات
طائفية متصادمة، بل إن الممارسات
السلطوية صبت في الاتجاه ذاته مباشرة
أو بالمحصلة، الأمر الذي أعطى النزاع
على نحو ما ظهر في مدينة حمص وجوارها
ملامح صراع طائفي رغم جوهره السياسي. خلاصة القول: إن الطائفية في سوريا وإن
بدت مقترنة بملامح الأزمات السورية
ومنها الأزمة الراهنة، فإنها لا تمثل
ظاهرة عامة تهدد وحدة الكيان والشعب
السوري، بل إن ما يظهر منها له بعد محلي
وظرفي، لا يتعدى مكانه وزمانه
المحددين، غير أنه لا يمكن الركون إلى
النتيجة السابقة، إذا استمرت الضغوط
على المسألة الطائفية، والتي يأتي في
سياقها استمرار المعالجة الأمنية -
العسكرية للأزمة، واستمرار السلطات
السورية في سلوكين سياسي وإعلامي
يعتمد التجييش والتحشييد الذي يصعد
النزعات الطائفية، مما يتطلب من
السلطات ضرورة إحداث تحولات جوهرية في
السياسة السورية في الرؤية والممارسة
قبل أن تدخل البلاد نفق صراع طائفي
مدمر. ================= طارق الحميد الشرق الوسط 15-1-2012 ظهور بشار الأسد الأخير في دمشق وسط بعض
من مؤيديه يشبه كثيرا ظهور معمر
القذافي في باب العزيزية، أو الساحة
الخضراء، ليظهر أنه ما زال قائدا،
ويحظى بالشعبية، لكن ذلك غير صحيح على
الإطلاق، سواء بحالة القذافي، وهذا ما
أثبتته الأيام، والأحداث، والأمر نفسه
ينطبق على الأسد. فبعد خطاب الأسد، الذي ظهر فيه مستجديا
ومنفصلا عن الواقع، خرج بعدها بيوم وسط
الحشود ليثبت شجاعته، وقيادته، لكن
الواقع يقول إنه خرج بسبب الخوف، وأكد
خروجه أنه ليس رئيس سوريا، وإنما رجل
له أتباع، وقد يقول قائل: كيف ذلك؟ ظهور
الأسد ثاني يوم خطابه، ذي التسع وتسعين
دقيقة، في ساحة الأمويين، كان مؤشرا
على أن الأسد هو زعيم فئة محددة، وليس
رئيس سوريا، وبذلك فإنه هو من ساهم في
عزل نفسه أكثر وأكثر، ويكفي الإشارة
إلى أن الصور التي ظهرت لخطابه المطول،
والممل، في الجامعة لم تظهر وجود
مسؤولين من أعضاء حكومته، وخصوصا
الوجوه المعروفة، وقت ذلك الخطاب، كما
لم تظهر أيا من مرتدي البزات العسكرية،
من أصحاب الرتب، ناهيك عن أن إطلالته
المحدودة في ساحة الأمويين أظهرت أن
معظم الحضور هم من رجال الأمن، وذاك
ظاهر من ملامحهم، وبنيتهم، ويكفي تأمل
الأمن المحيط بزوجته وقتها. وفي خطابات الأسد الثلاثة السابقة، وحتى
آخر مقابلة مع المحطة الأميركية، كان
يتحدث بها كرئيس للسوريين، رغم أنه لم
يكن مقنعا بالطبع، لكن إطلالة ساحة
الأمويين كانت مختلفة، حيث كان يطمئن
أتباعه بأن النصر قريب، ويتعهد لهم
بمحاربة شريحة عريضة من المجتمع
السوري، ويتعهد بالانتصار على العرب،
والغرب، وبدا وكأنه في موقع حسن نصر
الله، وليس رئيس سوريا، والفارق كبير! وبالطبع فسيكون السؤال الآن هو: متى يسقط
الأسد، أو كيف؟ والإجابة عن هذا السؤال
لخصها العميد السوري المنشق مؤخرا
مصطفى أحمد الشيخ، حيث يقول إن «الانشقاقات
الكبيرة وعلى مستوى القطاعات تصير
عندما يصبح هناك أفق مفتوح ويشعر
الضابط أو العسكري أن هناك قرارا دوليا
بإسقاط النظام»، مضيفا أنه «حتى الآن
لا يوجد قرار دولي بإسقاط النظام.
ولهذا لم نر ضباطا كبارا ولا مسؤولين
من المناصب المدنية العالية انشقوا.
ولكن إذا صارت هناك منطقة عازلة فمعظم
الجيش سينشق ويسقط النظام بشكل أسرع».
وهذا ما حدث في حالة ليبيا، وليس
المقصود هنا مشاركة الناتو عسكريا،
وبشكل موسع، بل إن المطلوب هو اتخاذ
قرار دولي لرفع الشرعية عن النظام
الأسدي، وأولى الخطوات لذلك هي صدور
قرار أممي لتوفير منطقة عازلة، وحظر
للطيران، فحينها ستكون حركة
الانشقاقات واسعة بالجيش السوري،
خصوصا أن عدد المنشقين حتى الآن، بحسب
العميد الشيخ، بلغ 20 ألفا، وبمجرد
توفير المنطقة العازلة، بحسب العميد
الشيخ، فإن مسؤولين كبارا سينشقون،
ومن شأن ذلك إسقاط النظام، وبشكل سريع. وهذا ما يجب أن يتم الآن، حيث إن جميع
الحلول الأخرى أصبحت بلا جدوى، ومهما
حاول البعض القول بغير ذلك. ================= نشر : 14/01/2012 عيسى الشعيبي الغد الاردنية حول أداء بعثة المراقبين العرب في سورية،
وعلى خلفية التباين المسبق بين
المواقف العربية الرسمية إزاء دمشق،
اشتبك عدد وافر من المخاطبين بمهمة هذه
البعثة في سجال كلامي حامي الوطيس،
انخرط في فضائه الواسع مثقفون
وإعلاميون لا حصر لهم، إلى جانب شخصيات
سياسية رفيعة المستوى، شملت فيما شملت
رئيس اللجنة الوزارية العربية،
والأمين العام للجامعة، ورئيس
البرلمان العربي، وغيرهم في المعارضة
والحكومة السوريتين، ناهيك عن
الدبلوماسيين والحزبيين والمسؤولين
في الغرب والشرق. غير أن أربعة من أصحاب الذوات الكبيرة،
المتموضعة في ذات المدار، تصدروا
المشهد الخلافي المحتدم حول أداء بعثة
المراقبين هذه؛ ثلاثة منهم جزائريون،
فيما الرابع سوداني الجنسية، الأمر
الذي أنتج مشهداً سياسياً فارقاً في
مسار أزمة متفاقمة يوماً بعد يوم، وكشف
اللثام عن وجه حالة خلافية مستحكمة،
ليس فقط في إطار البعثة واللجنة
الوزارية، وإنما أيضاً في إطار عربي
أوسع، اضطرمت فيه الانقسامات أكثر
فأكثر منذ اشتعال ثورة الربيع قبل عام
من اليوم. أول الجزائريين الثلاثة كان عضو بعثة
المراقبين العرب المناضل الحقوقي ذائع
الصيت أنور مالك، صاحب التصريحات
المثيرة عن مشاهداته في حمص، وعن
تقويماته لأداء البعثة. أما الثاني
فكان مساعد الأمين العام للجامعة
العربية أحمد بن حلي الذي تولى الرد
على مالك، وعرض بأقوال الرجل وشكك في
دوافعه. فيما الثالث كان وزير خارجية
الجزائر مراد مدلسي، الذي انبرى
مدافعاً عن البعثة، ومنوهاً بالتجاوب
الرسمي السوري مع مهمتها "الناجحة". ولم يكن هذان الجزائريان وحدهما من كال
الاتهامات للجزائري النبيل أنور مالك،
ولا هما فقط من شد على أيدي كل من
المراقبين والقيادة السورية، وإنما
اصطف إلى جانبهما رئيس البعثة
السوداني اللواء محمد مصطفى الدابي،
في إطار هجوم شامل من ثلاثة أنساق،
تركزت نيران مدفعياته الثقيلة على
الخاروف الأسود في القطيع، وذلك لسد
الطريق على كل خروج محتمل، أو قل ذبح كل
حمل وديع يتمرد على حس القطيع السائد
لدى أعضاء البعثة. وهكذا تجلت حالة الانقسام العربي الرسمي
حول مآلات ثورة الكرامة الشعبية
السورية، عن مشهد يشي بكل ما في
الذاكرة العربية من لواعج مقيمة، ومن
مرارات وانقسامات متناسخة داخل نطاق
الجامعة التي شاخت كثيراً، بل وفي
إطارها الخارجي المتفاعل مع ربيع
ديمقراطي باذخ، راح يدق بيديه
القويتين على أبواب هذه المؤسسة التي
وصفها الرئيس السوري مؤخراً، ولغاية
في نفس "يعقوب" الأسد، أنها عاجزة
وعقيمة، بل ومزرية، وكأنه ليس سليل
نظام كان شريكاً في صناعة المهزلة،
لأربعين سنة على الأقل. على أي حال، فإن الاشتباك الكلامي الذي
اصطف فيه جزائريان اثنان وسوداني واحد
ضد جزائري ثالث، يرسم ملامح مشهد
سيريالي يرقى إلى مستوى أعمال سلفادور
دالي الغرائبية، حيث يستعصي على العقل
والقلب معاً -بعيداً عن التحليل
السياسي وفقه الممانعة- فهم قدرة البعض
على إماتة ضميره إلى هذا الحد، وإغلاق
العينين والأذنين إلى هذه الدرجة،
فيما مصير شعب على المحك، وحيوات أطفال
تهدر، وأجساد رجال تسلخ فعلاً لا
مجازاً، وذلك على نحو ما بدا عليه حال
الجزائريين الاثنين والسوداني القادم
من دارفور. غير أنه في المآل الأخير لهذا الاشتباك
الكلامي القيمي السياسي المثير لشتى
الانفعالات، لن تحتفظ الذاكرة الجمعية
للعرب عموماً، وللسوريين المنتفضين
على وجه الخصوص، سوى بموقف هذا
الجزائري الشجاع أنور مالك، صاحب
الضمير الأخلاقي الإنساني المرهف،
الذي انحاز إلى فطرته الآدمية قبل أن
ينحاز إلى الضحايا في بابا عمرو، وقدم
مثالاً نادراً في الجرأة الأدبية،
تفوق بكثير الجرأة السياسية التي لا
يقدر على الإتيان بها، على هذا النحو
السامق، سوى أناس من طينة هذا الرجل
الذي استحق احترام وتقدير الملايين ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |