ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أ.د. سالم بن أحمد سحاب الإثنين 30/01/2012 المدينة عندما يكذب السياسي إخفاء لبعض الحقيقة،
فإن بعض كذبه قد يُقبل.. في زمن اقترنت
فيه السياسة بفن الكذب (لا بفن الممكن)،
واقترن الدهاء فيه بالنصب، والشطارة
بالاحتيال. فمثلا عندما يكذب حسن نصر
الله، فيوصي الشعب السوري خيرا
بالنظام المستبد في دمشق، فإن بعض دجله
يُبلع، وكثيره لا يُبلع لأنه اعتاد ذلك
طوال مسيرته السياسية الحزبية، كما
أنه في النهاية قائد لحزب لا يحكم إلا
طائفته، وهي أقلية في لبنان. أما عندما يكذب النظام السوري كذبا لا حد
له، فهو بحق جدير بأن يكون (فشّارا)، أي
دائم الكذب، لا يصدق في صغيرة فضلا عن
كبيرة. النظام (الفشّار) يؤكد أن لا
عروبة دون دمشق ولا جامعة دون سورية،
وأن العرب الذين تمثلهم الجامعة
العربية كانوا دوماً سلماً على
إسرائيل في حين هم اليوم أسود على
النظام وعلى سورية (بيت العرب). هو كمن
رمت الآخرين بدائها ثم انسلت، بل وصدق
فيه قول الشاعر لا تنه عن خلق وتأتي مثله
عار عليك إن فعلت عظيم والنظام (الفشّار)، لا اليوم ولا الأمس
تجرّأ فأطلق رصاصة واحدة على حجر فضلا
عن بشر... في إسرائيل، مع أن إسرائيل لم
تتردد في مهاجمة سورية قصفاً
بالطائرات وتدميراً للمنشآت وتهديداً
بالحرب وفرضاً للشروط. كل ذلك يهون في
سبيل بقاء النظام (الفشّار) حامي حمى
البعث العربي المجيد. وأما مسيرات
الاحتجاج السلمية، فقد وُوجهت بغير
ذلك، إذ لم تتورع قوات الأمن السورية
بكل تقسيماتها بما فيها الجيش (الذي
حمى إسرائيل لأكثر من نصف قرن) عن إطلاق
الرصاص الحي والقنابل الخفيفة
والثقيلة والحارقة على أبناء الشعب
السوري الأعزل إلا من إرادة التغيير
التي هي قادمة لا محالة، فتلك سنة
الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا. أيها النظام النصيري الطائفي: كفى فشرا
وكذبا ودجلا، وكفى استعلاء ومكابرة،
واستعد لنهاية لن تبتعد كثيرا عن نهاية
نظام العقيد المجيد. ستعيش سورية حرة أبية عزيزة قوية كما كانت
قبل قرون مضت موئلا للإسلام وعاصمة
للخلافة ودارا للثقافة والعلم والحكمة
والأدب. ================= المستقبل خير الله خير الله 30-1-2012 ثمة اعادة رسم لخريطة المنطقة. هناك "اعادة
تشكيل للشرق الاوسط" على حدّ تعبير
الجنرال كولن باول وزير الخارجية
الاميركي في اثناء الولاية الاولى
لجورج بوش الابن. كان باول، الذي عمل في
الماضي رئيسا لهيئة الاركان المشتركة
للجيوش الاميركية، يتحدث عن مستقبل
المنطقة في مرحلة ايجاد مبررات لحرب
العراق. كان ذلك في مثل هذه الايّام قبل تسع سنوات
بالتمام والكمال. كان باول بصفته
عسكريا يمتلك خبرة طويلة في الشرق
الاوسط، خصوصا انه قاد عمليا الحرب
التي شنها التحالف الدولي الذي حرّر
الكويت، يعني كلّ كلمة يقولها. ها هو
الشرق الاوسط يعاد تشكيله من جديد. ثمة
دول ستتقسم ودول اخرى ستنشأ. على سبيل
المثال وليس الحصر من يضمن بقاء العراق
موحّدا في غضون سنة او سنتين او ثلاث في
ابعد تقدير؟ الى متى يمكن ان يظلّ
الاكراد من دون دولة في حين حصل سكّان
جنوب السودان على ما يمكن وصفه قانونيا
بدولة؟ لم يكن نشر الديموقراطية همّا اميركيا في
اي وقت من الاوقات. لا في عهد بوش الاب
ولا في عهد بوش الابن. في عهد بوش الاب
كان هناك فريق عمل يعرف تماما معنى
الاخلال بالتوازنات الاقليمية. لهذا السبب، اكتفى الجيش الاميركي بطرد
القوات العراقية من الكويت. كان في
امكانه متابعة مسيرته الى بغداد
واسقاط النظام. الاّ ان بوش الاب الذي
كان الى جانبه سياسيون واستراتيجيون
كبار مثل وزير الخارجية جيمس بيكر
ومستشاره لشؤون الامن القومي الجنرال
برنت سكاوكروفت، ادرك ان النتائج التي
يمكن ان تترتب على مثل هذه المغامرة
ستكون بالغة الخطورة. لذلك، فضّلت
الادارة الاميركية في العام 1991 وقف
الزحف في اتجاه بغداد وسمحت في الوقت
ذاته للقوات العراقية الموالية لصدّام
حسين بقمع انتفاضتي الاكراد واهل
الجنوب. سقط جراء ذلك آلاف الضحايا. لم
يطرح الاميركيون على نفسهم اي اسئلة من
اي نوع كان، بل تركوا النظام العائلي-
البعثي في العراق يتآكل من داخل. وكانت
الاشارة الاولى الى هذا التآكل فرار
حسين كامل صهر صدّام حسين مع عائلته
الى الاردن صيف العام 1995! كذلك، سمحت الادارة الاميركية وقتذاك
للرئيس السوري الراحل حافظ الاسد
بالبقاء عسكريا في لبنان مكافأة له على
القرار الشجاع الذي اتخذه والقاضي
بمشاركة القوات السورية في حرب تحرير
الكويت. كانت تلك المشاركة رمزية
بالطبع، لكنّ الاميركيين كانوا يسعون
الى اوسع تغطية عربية ممكنة للحملة
العسكرية التي اعادت الكويت الى اهلها
وازاحت عنهم كاهل الاحتلال. كان نشر الديموقراطية ولا يزال آخر
الهموم الاميركية. كان التركيز الاوّل
لبوش الابن والفريق المحيط به على
زعزعة المنطقة وزعزعة الكيانات فيها
انطلاقا من العراق الذي يعتبر ركيزة
اساسية من ركائز النظام الاقليمي. ما شهدناه في السنوات التسع الماضية وما
زلنا نشهده الآن ليس مشروعا اميركيا
للشرق الاوسط. لا وجود لمثل هذا
المشروع الاّ في بعض المخيلات المريضة
التي لا تريد الاعتراف بانّ ايران كانت
شريكا فاعلا في الحرب الاميركية على
العراق وذلك منذ الساعة الاولى لبدء
الاعداد لتلك الحرب. اعتقد النظام في ايران ان اعادة تشكيل
الشرق الاوسط سيصب في مصلحته. مثل هذا
الامر جائز، علما ان كل المعطيات تشير
الى انّ من الباكر جدا تحديد الصيغة
التي سيستقر عندها الشرق الاوسط في
المدى القصير. في الماضي، كانت هناك
انقلابات عسكرية وليس ثورات شعبية. بعد
الانقلاب الذي حصل في مصر في العام 1952،
قام نظام عسكري معروف جيدا ان هدفه وضع
السلطة في يد مجموعة معينة يرمز اليها
فرد بحد ذاته. لم تحصل ثورة شعبية في
مصر. لم تحصل ثورة شعبية في سوريا ولا
في العراق. حتى التغيير في تونس في
العام 1987 كان بفضل العسكر والامن.
تحالف كبار الضباط في الجيش والامن
وقرروا التخلص من الحبيب بورقيبة. هذا
كلّ ما في الامر. ما نشهده اليوم في تونس ومصر وليبيا
وسوريا وحتى في اليمن تغييرات ذات طابع
مختلف. لا يزال الزلزال العراقي في
بدايته. انها ثورات حقيقية يصعب التكهن
بما يمكن ان تؤدي اليه. الامر الوحيد
الاكيد ان الانظمة التي عرفناها والتي
قامت على فكرة تشكيل قوات خاصة تتولى
حماية الرئيس انما انتهت صلاحيتها.
تكمن المشكلة في ان الانظمة التي
ستخلفها غير واضحة المعالم. هل هناك من
يستطيع القول ما مستقبل تونس او مصر او
ليبيا او اليمن... او سوريا؟ كلّ ما يمكن قوله ان الثورات التي حصلت
وستحصل مرتبطة اساسا باعادة تشكيل
المنطقة. حطمت هذه الثورات المحرمات، او على الاصح
مع ما كانت الانظمة التي سقطت تعتبره
محرمات. سقط مفهوم السيادة المضحك -
المبكي الذي يستخدمه النظام السوري
مثلا لقتل شعبه. ما هو اكيد ان الشعوب
ستنتصر في نهاية المطاف. لكنّ السؤال
الذي سيطرح نفسه بالحاح وبشكل دائم كيف
ستكون تونس الجديدة وليبيا الجديدة
ومصر الجديدة وسوريا الجديدة واليمن
الجديد والعراق الجديد؟ هل من مشروع
اقتصادي قابل للحياة في اي من تلك
الدول ام ان المستقبل للكيانات
الصغيرة التي سيبحث كلّ منها عن مكان
له في الشرق الاوسط؟ ستبحث تلك
الكيانات عن مثل هذا المكان بعيدا عن
الشعارات الفارغة التي استهلكتها
الانظمة الديكتاتورية والمؤسسات التي
انتجتها. لم يكن من همّ لهذه المؤسسات
سوى نهب الدولة والمواطن في دولة يمكن
ان توصف بايّ شيء باستثناء انها دولة
القانون. ================= لميقاتي مشكلة مع "الحزب"
وأخرى مع "الأسد"! النهار سركيس نعوم 2012-01-30 مشكلات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع
حلفائه كثيرة. إلا ان أبرزها اثنتان.
واحدة مع "حزب الله"، قائد الفريق
الذي أوصله الى السرايا الحكومية.
واخرى، مع النظام السوري صاحب قرار
اطاحة حكومة 14 آذار قبل سنة وإحلال
حكومة ميقاتي مكانها. المشكلة الأولى
هي التمديد ل"المحكمة الخاصة بلبنان"
التي تنتهي مدة انتدابها اواخر شهر
شباط المقبل. فميقاتي، وانطلاقاً من
عوامل عدة لها علاقة بوضعه السياسي
وبمكانته داخل طائفته السنية، وبحرصه
على استمالة الدول العربية الكبرى،
كما دول الغربين الاميركي والاوروبي،
يرى ضرورة عدم معارضة التمديد المذكور.
علماً ان معارضته غير مجدية لأنها لن
تمنع الامين العام للأمم المتحدة من
التمديد باعتبار ان هذا العمل من
صلاحياته وان استشارته الحكومة
اللبنانية غير ملزمة. الا ان ل"حزب
الله" رأياً آخر. فهو يصرّ على صدور
قرار من مجلس وزراء لبنان يطلب عودة
التفاوض مع الأمم المتحدة حول "بروتوكول
المحكمة" بغية تصحيح أمور عدة فيه لا
تتوافق مع دستور لبنان وميثاقية
حكومته. وفي حال رفض المنظمة الدولية
طلب لبنان او عدم توصل المفاوضات معها
الى نتائج يعلن مجلس الوزراء ان بلاده
لن تلتزم تنفيذ اي توصية تصدرها
المحكمة ولن تقبل احكامها. ولا يستطيع
المجتمع الدولي ان يتهم مجلس الوزراء
بأنه خاضع ل"حزب الله" كما فعل عند
تشكيل الحكومة، ذلك انه تعاطى معها
لاحقاً وثمّن ايجاباً مواقف رئيسها.
طبعاً يقول عدد من كبار القانونيين أن
التمديد المنتظر ليس للمحكمة بل لمدة
عملها. لكن ذلك لا يثني الراغبين في
تعديل "بروتوكولها" عن الاستمرار
في الضغط على ميقاتي لاتخاذ قرار
بالبحث فيه مع الامم المتحدة. اما المشكلة الثانية، التي يواجهها
الرئيس ميقاتي، وقد تكون الأخطر من حيث
انعكاساتها على الاستقرارين الأمني
والسياسي على رغم هشاشتهما، بسبب
انعدام قدرة الغاء المشكلة الأولى أي
الحكومة عند أحد، فانها مباشرة مع
الاسد ونظامه وحلفائه اللبنانيين. وهي
في اختصار "اقتناع" كل هؤلاء بأن
شمال لبنان وتحديداً الذي منه محاذياً
لسوريا وذات غالبية سكانية سنية
معادية لهم ومتواطئة مع الثائرين
عليهم في سوريا، أصبح منطقة معادية
وخطرة ومؤذية جداً للنظام. فهي صارت
ملجأ للثوار وليس فقط للهاربين من
العنف، وصارت مركزاً لتهريب المقاتلين
في الاتجاهين والاموال والسلاح. وصارت
مركزاً للتيارات الاسلامية الاصولية
التكفيرية والعنفية المعادية لنظام
الأسد. والمشكلة هي ايضاً مطالبة
الاخير رئيس حكومة لبنان ميقاتي كما
رئيس جمهوريته بنشر الجيش اللبناني في
الشمال المذكور اعلاه حتى الحدود مع
سوريا. اما مهمته هناك فستكون رسمياً
حفظ الحدود، وستكون عملياً ضرب "الارهاب
الاصولي" وتنظيف المنطقة منه، الأمر
الذي يحمي ظهر الأسد ونظامه هناك،
ويضعف التحرك الاسلامي المماثل في
مناطق لبنان الأخرى. والشمال هو
المنطقة الوحيدة في لبنان الخطرة على
سوريا لأن حدودها من جهة البقاع
اللبناني قد تمت "معالجتها"
بوسائل محلية وغير رسمية وربما
بمساعدة رسمية. وتلبية الطلب السوري
هذا يقتضي قراراً من مجلس الوزراء، لكن
رئيس الجمهورية غير متجاوب مع هذا
الأمر متذرعاّ بأنه من مهمة مجلس
الوزراء. ورئيس الحكومة غير متجاوب
ايضاً لاعتبارات داخلية واقليمية
ودولية معروفة. ولم تفلح المشاورات
الكثيرة التي اجريت معه في ثنيه عن
رفضه، كما لم تفلح اجتماعات سفير سوريا
في بيروت معه، ومع غيره في الأمر نفسه،
ولا حتى تصريحاته التي تحمّل لبنان
مسؤولية ما يجري في سوريا ضد النظام.
طبعاً يتمنى السوريون لو ان قائد الجيش
يتخذ قراراً بنشر وحداته شمالاً من دون
قرار سياسي، لكنه لن يفعل ذلك على ما
قيل من دون قرار سياسي رسمي على رغم كل
الاغراءات التي تقدم اليه. هل يصمد ميقاتي في رفضيه المفصَّلين
أعلاه؟ يرجح كثيرون من عارفيه ان يفعل ذلك. لكن
احداً منهم ومن غيرهم ليس متأكداً من
ان سوريا لن ترسل قواتها الى شمال
لبنان (15 كلم) "لتطهّره" من "اعدائها"،
على رغم اخطار ذلك عليها وابرزها اعطاء
دفعة اضافية للتدويل ولتحرك مجلس
الأمن ضدها. كما انه ليس متأكداً من ان
الطاولة في الداخل لن تُقلَب على
ميقاتي مثلما قُلِبت قبل سنة على سلفه
الرئيس سعد الحريري، وإن ادى ذلك الى
خلط الأوراق السياسية والى وضع البلاد
على آخر طريق الاستقرار. ================= «الكتاب السوريين» تندد
بمنح الأسد جائزة أدبية روسية الدستور 30-1-2012 وجهت رابطة الكتاب السوريين رسالة إلى
رئيس اتحاد كُتاب روسيا فاليري
غانيشييف أدانت من خلالها منح الاتحاد
جائزته للرئيس السورى بشار الأسد،
واعتبروا منح الجائزة امتهانا
لمسؤولية المثقف الأخلاقية والسياسية
وإهانة للشعب السورى وللثقافة. وأعلن الكتاب السوريون من خلالها «استغرابهم
البالغ والشعب السوري لنبأ منح
جائزتكم المميزة إلى الرئيس السوري
بشار الأسد، الطاغية اللاإنساني الذي
أمر ويأمر جيش نظامه وأجهزة أمنه
وعصاباته اللاشرعية بقتل شعبه الثائر
منذ نحو عشرة أشهر». وأشارت الرسالة التي جاءت في شكل بيان إلى
أن «هيئات عالمية مستقلة كمنظمة العفو
الدولية وهيومن رايتس ووتش ولجنة حقوق
الإنسان التابعة للأمم المتحدة وضعت
تقارير موثقة تثبت -بما لا يدع مجالا
للشك- أن النظام مسؤول عن ارتكاب جرائم
حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب
السوري». ورأت أن قيام اتحاد الكتاب الروسي بمنح
الجائزة للأسد «يعتبر امتهانا فظيعا
لمسؤولية المثقف الأخلاقية
والسياسية، وفيه إهانة بليغة لشعبنا
الذي يثور من أجل كرامته، بل وللثقافة
الروسية والشعب الروسي». وذكر المثقفون رئيس اتحاد كتاب روسيا بأن
بلاده أنجبت أدباء وفنانين بارزين فى
ذاكرة الثقافة الإنسانية منهم ألكسندر
بوشكين ونيقولاى غوغول وميخائيل
ليرمونتوف وفيودور دستويفكسي، وإيفان
تورغنيف وليو تولستوي وأنطون تشيخوف،
وفلاديمير ماياكوفسكي ومكسيم غوركي. وقال المثقفون السوريون إنهم لا يستطيعون
فهم دوافع اتحاد كتاب روسيا لمنح هذه
الجائزة موضحين أنه «حتى اتحاد الكتاب
التابع للنظام السورى لم يفعل شيئا
كهذا». ودعوا رئيس اتحاد كتاب روسيا إلى سحب
الجائزة، متسائلين عن ما إذا كانت
غالبية الكتاب ال750 ألفا المنضوين في
اتحاد كتاب روسيا قد وافقت على هذه
البادرة غير المشرفة؟ قائلين إن قرار
منحها «غريب.. يورط الشعراء والكتاب
والمفكرين الروس بالموافقة على القتل
والإرهاب والجرائم الوحشية». ومن أبرز الموقعين على البيان من شعراء
وكتاب ونقاد وصحافيين المفكر والكاتب
السوري صادق جلال العظم والناقد مفيد
نجم ونوري الجراح وياسين الحاج صالح
وبدرخان علي وسمر يزبك وحليم يوسف
ومنهل السراج وياسر خنجر وخلدون
الشمعة وفرج بيرقدار. كما وقعه صالح دياب وجورج كتن والمثنى
الشيخ عطية وغسان المفلح وإسلام أبو
شكير وجهاد صالح وعبد الباقي حسيني
ورشا عمران ومحمد عبد المولى وحسام
الدين محمد. يذكر أن رابطة الكتاب
السوريين تم الإعلان عن تأسيسها فى
مطلع العام الجارى وتضم أكثر من 110
مثقفين سوريين. ================= قخري صالح الدستور 30-1-2012 لا تقدر بعض المؤسسات الثقافية،
والتشكيلات النقابية للكتاب
والمثقفين، التي تربت في ظل سلطة
الاستبداد، أو تشربت أدبياتها، إلا أن
ترى العالم من منظور المستبدين. ويصعب
على مؤسسات الدولة الأيديولوجية أن
تنطق إلا بما تنطق به السلطة التي تشكل
الأجهزة الأيديولوجية أذرعة ثقافية
وتعليمية لها. ويبدو أن التحولات
الأيديولوجية والثقافية في روسيا في
تسعينيات القرن الماضي لم تستطع منع
عودة صيغة اتحاد الكتاب السوفييت
ليتخذ له اسم اتحاد الكتاب الروس الذي
يتطابق رؤية ومسلكا مع السلطة
السياسية الحاكمة في روسيا في عهد
بوتين وخليفته ميدفيديف، في انتظار
عودة بوتين اللاعب الأساسي في السياسة
والاجتماع الروسيين. تتشابك الثقافة
والسياسة في روسيا كما كانت في الاتحاد
السوفييتي السابق. لا خطوط فاصلة بين
المثقف والسياسي في السلطة، وما يقوله
المثقف يخدم أيديولوجية السلطة
الحاكمة ورؤيتها ومصالحها. على هذه الخلفية يمكن تفسير منح اتحاد
الكتاب الروس جائزته الأرفع للرئيس
السوري بشار الأسد ل»وقوفه الشجاع في
وجه الهيمنة الغربية في محاولة إملاء
إرادة مستعمري عالمنا الحالي على
الشعب السوري»، كما يقول فاليري
غانيشييف رئيس اتحاد كتاب روسيا.
يُنصّب اتحاد كتاب روسيا، ولا يعني ذلك
كل كتاب روسيا (لأن الاتحادات لا تمثل
بالضرورة الكتاب المنضوين في إطارها)،
الرئيس السوري بطلا في مقاومة
الاستعمار العالمي الجديد، ويتهم
الشعب السوري بتنفيذ مشروع الهيمنة في
المنطقة والعالم. تلك حقيقة مقلوبة
رأسا على عقب، فالجماهير التي تقاوم
الاستبداد متهمة فيما القامع والقاتل
بطل مقاوم يستحق أن يوشّحه «الكتاب
الروس» بجائزتهم ويمحضوه ثقتهم بقدرته
على الوقوف في وجه الغرب لكي لا يحقق
غاياته الاستعمارية بتغيير
جيواستراتيجية المنطقة والعالم. مشكلة اتحاد الكتاب الروس أنه لا يستطيع
أن يرى في ما يحصل في سوريا بخاصة،
والعالم العربي بعامة، ثورة شعبية
عارمة، وانتفاضة ضد الاستبداد والظلم
والفساد، وتوقا إلى استرداد الكرامة
والعدالة الاجتماعية وحرية التعبير
والرأي. كما أنه لا يستطيع تبين الخطوط
الفاصلة بين الارتهان للغرب والرغبة
في التخلص من نظام عائلي أقلّوي فاسد
يتلطّى بشعارات المقاومة والممانعة.
سبب ذلك بين وواضح، فالإدارة المهيمنة
في اتحاد الكتاب الروس هي شبيهة صنوها
اتحاد الكتاب العرب في سوريا الذي عينه
النظام السوري. كلاهما بوق للمؤسسة
السياسية الحاكمة، وهما ينطقان باسم
النظام ويسبحان بحمده. المأساة أن بعض المثقفين العرب الذين
ينتمون إلى أيديولوجيات استبدادية
تسلطية، لا ترى في الشعوب سوى حشود
قابلة للانقياد والانصياع لرؤية
المثقفين والسياسيين الملهمين، تقف
الموقف نفسه، ونحن نشاهدها كل يوم على
الشاشات الموالية لنظام بشار الأسد
التسلطي القاتل، يتكلمون اللغة
الخشبية ذاتها، ويدافعون عن نظام بشار
الأسد، ويتحدثون عن العصابات المسلحة
التي تعيث فسادا في سوريا وتستنجد بحلف
الناتو ليدمر سوريا! مثلهم في ذلك مثل
اتحاد الكتاب الروس، القابع هناك في
موسكو، لا يرون يدي بشار الأسد ونظامه
الغارقة في الدم. لا شك أن الوضع السوري
شديد التعقيد، تعبث به المصالح،
والخطط الاستراتيجية للغرب وإسرائيل،
والصراع على مناطق النفوذ. لكن المشكلة
أن النظام السوري لم يقدم لشعبه سوى
القتل والتنكيل بالأجساد والأرواح منذ
اندلاع شرارة الثورة السورية. لا يتكلم
الاستبداد سوى لغة القوة، وهو من يدخل
سوريا والمنطقة في دائرة المجهول
الجهنمية. فهل يستحق الناطق باسم
الاستبداد المكافأة والمديح؟ ================= الإثنين, 30 يناير 2012 محيي الدين عيسو * الحياة لم يتوانَ النظام السوريّ، منذ بداية
الثورة، عن الترويج عبر إعلامه
المشكوك بصدقيّته ومهنيّته، لفكرة
العصابات المسلحة التي تقتل وتروّع
المواطنين، فكان هذا الترويج مدخلاً
لاجتياح المدن المنتفضة، وقصف البشر
والحجر فيها، ما هدّد ويُهدد السلمَ
الأهلي لدولة متعدّدة الطوائف
والقوميات. لذا، فإن الانجرار إلى
ردّات الفعل العنفية هو مطلب من أطلق
الرصاص على هتافات السلمية. اللاعنف، التسامح، السلم الأهلي،
مفاهيمُ لا بدّ من تفعيلها في الحياة
العامة، خصوصاً في هذه المرحلة من
الربيع السوري المُنجز داخلياً
وخارجياً، والذي يحتاج فقط إلى نفس
أكثر سلميةً لإنجاز المهمة، التي
طالما حَلمَ بها السوريون، لإنهاء
الاستبداد الموغل والمتغلغل في جميع
أركان الدولة. بوادر التحوّل من السلمية إلى التسلّح
بدأت تتلامح على السطح رويداً رويداً،
كذا فإنّ صورة حمل السلاح من قبل طالبي
الحرّية ستترك كبير أثر على الأجيال
المقبلة، وليس من المبالغة وصفها
بأنها مقبرة الثورة، مع عدم إغفالنا
بأن مردّ ذلك التحوّل ناجم عن قمع
وحشيّ لنظام تسلّطيّ يدرك جيداً بأنه
المنتصر من حمل السلاح مهما كانت
المبررات والدوافع. أن يقال إنّ الحرية آتية من فوهة البندقية
لهو انتحار سياسي، وضيق فكري من قبل
مروّجي فكرة السلاح، وستكلف الربيع
السوري دماً واقتصاداً، فالجار
اللبنانيّ بتكوينه ومكوناته شبيه
للواقع السوري، وسلمه الأهلي مهدّد
بأي لحظة، وفق موازين قوّة السلاح التي
يملكها طرف هو خارج شرعية الدولة. نقول إنّ الثورة السورية التي تستمدّ
شرعيتها من إرادة سلمية صلبة يجب أن لا
تستكين لإرادة القتل وردات فعله، كذا
إن الربيع السوري سيستمرّ، وحلم
السوريين في بناء دولة مدنية
ديموقراطية يجب أن لا يشوبه أي عنف
بالسلاح، فالملاحظ في المشهد السوري
المنتفض سلمياً المشاركة النسوية
الواسعة، إلا أنّ الاحتكام لفكرة
السلاح سيؤدّي بالضرورة إلى غياب
العنصر الأنثوي عن المشهد العام،
وسيطرة الذكور الملتحين ذوي العقيدة
الجهادية العنفية على الساحة العامة،
وبالتالي تهديد العلمانيّة ومدنيّة
الدولة المنشودة. غنيّ عن القول إنّ السلمية هي حارسة مرمى
الثورة وفق تجارب الآخرين ممّن
استخدموا اللاعنف للوصول إلى مبتغاهم
الثوري، وبنوا على أساسها دولاً ترسخت
فيها قيم التسامح، مقارنة مع الدول
التي ذهبت إلى فكرة السلاح لتحرير
أوطانها، فما زال الدم فيها مسالاً
والاقتصاد منهاراً. النظام السوري بسلوكه الأمنيّ الأرعن
يؤول إلى الزوال بالإرادة السلمية لا
بإرادة السلاح، فإعادة بناء الدولة
الوطنية، وترميم النسيج الاجتماعي بعد
ثورة مسلحة يصبح ضرباً من الخيال،
ويحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة
التلاحم الاجتماعي، لصعوبة تحديد
الحدود الفاصلة بين النظام وبعض
مكونات المجتمع السوري. الثورة السوريّة على مفترق طرق، وكلّها
خطيرة جدّاً... السلميّة صمّام أمانها،
السلاح نزع لمسمار أمانها. ================= موسكو في حساباتها
السورية... والروسية الإثنين, 30 يناير 2012 جورج سمعان الحياة انسداد الأفق أمام المبادرة العربية،
وتعثر المساعي داخل مجلس الأمن، لا
يعنيان بالضرورة أن حبل الحوار انقطع
وأن سورية تنزلق أكثر فأكثر نحو مستنقع
الحرب الأهلية. موسكو المتشددة لا تزال
تؤيد حواراً بين السوريين ولكن من دون
شروط مسبقة. لذلك، رفضت ما تضمنته
المبادرة الأخيرة للجامعة من دعوة
الرئيس بشار الأسد إلى نقل سلطاته إلى
نائبه. لا يعني ذلك أنها تتمسك ببقاء
الرئيس «الأسد إلى الأبد». بل تدرك مثل
باقي الدول أنه راحل في النهاية. ما
يهمها هو المرحلة التالية، أي البديل...
بعد الخروج الآمن والتغيير. يشي هذا الموقف بأن روسيا لا ترتاح تماماً
إلى المعارضة، أو إلى تركيبة «المجلس
الوطني». وهو ما تشاركها فيه فئات
سورية وحتى عربية ودولية. ومرد عدم
الارتياح أنه لم يكن لها رأي أو دور في
تشكيل هذا المجلس. تركيا كانت أمه
وأباه. وثمة شرائح معارضة خارج المجلس
لا تزال تمانع أو تعترض على تشكيلته.
وهناك من أخذ على أنقرة أن طموحها إلى
ضمان الحصة الكبرى لجماعة «الإخوان»
في النظام المنتظر سبب من أسباب تعثر
الخطوات لتوحيد كل أطياف المعارضة.
وإذا كانت موسكو لا ترتاح إلى المجلس،
فمن الطبيعي ألا ترتاح أيضاً إلى نقل
السلطة موقتاً إلى نائب الرئيس. لأنها
تعي جيداً أن النائب لا يملك قواعد
ونفوذاً فاعلاً، في المؤسسات ولا في
الأجهزة التي تدير البلاد. وهو تالياً
سيكون عاجزاً عن إدارة المرحلة
الانتقالية، والوصول إلى التغيير
المنشود. معاندة روسيا لن تلين، حتى وإن أبدى بعض
الأطراف الغربية ميلاً إلى مراعاتها
في رسم خريطة الطريق للتسوية. وحتى وإن
لوّح بعض العرب بمضايقتها مستقبلاً في
علاقاتها بالعالم العربي وفي تجارة
غازها ونفطها. ما تريده روسيا هو
الاطمئنان إلى المرحلة الانتقالية
ورموزها بما يضمن لها الحفاظ على
مصالحها ونفوذها في هذا البلد. تفضل
ربما قيام «مجلس انتقالي»، قبل دعوة
الرئيس إلى التنحي. يضم في مَن يضم
رموزاً عسكرية من النظام الحالي إلى
جانب شخصيات تكنوقراط من المعارضة
وغيرها من شرائح المجتمع السوري.
وللمجلس أن يقرر لاحقاً مسألة بقاء
الرئيس ومدة بقائه. ما ترمي إليه
القيادة الروسية أولاً الحفاظ على
الحد الأدنى القائم من مؤسسات، خصوصاً
الجيش. وثانياً ضمان مشاركة جميع
مكونات المجتمع في إدارة شؤون البلاد
حفاظاً على السلم الأهلي ووحدة البلاد.
وثالثاً الاطمئنان إلى أن تركيبة من
هذا النوع تضمن لها مصالحها وموقعها
الوحيد الباقي في الإقليم. تدرك روسيا أنه لا يمكن تمرير تسوية لا
تراعي مصير المجموعة المحيطة بالرئيس
والتي تدير مرحلة الصراع اليوم. حتى
الأسد نفسه لا يمكنه القبول بتسوية لا
توفر لهؤلاء الضمانات المطلوبة، ولا
توفر أيضاً ضمانات للطائفة التي تماهت
مع النظام إلى حد ترى إلى انهياره
نهاية بائسة لها ولمستقبلها السياسي...
وحتى تهديداً لوجودها. من هنا تصر
موسكو على رفض أي تسوية تنادي أول ما
تنادي برحيل الأسد. صحيح أن المبادرة
الأخيرة للجامعة العربية تشبه
المبادرة الخليجية التي يفترض أنها
بدأت تعيد الأوضاع في اليمن إلى سكة
الاستقرار والهدوء. لكن الصحيح أيضاً
أن ما رسم لصنعاء لم يرسم مثله لدمشق.
لم تلحظ مبادرة الجامعة أي خروج آمن
للرئيس وأعوانه. لم تنادِ بإعطائهم
حصانة مشابهة لما أعطي للرئيس علي
عبدالله صالح وأركان حزبه وحكومته
وعائلته. هذا في حسابات روسيا السورية. أما
الحسابات الخاصة بروسيا نفسها فشأن
آخر يضيف إلى الأزمة تعقيدات من نوع
آخر. تعرف موسكو بداية أن النظام في
دمشق آيل إلى السقوط عاجلاً أم آجلاً،
سواء عبر تسويات سلمية أو في نهاية أي
حرب أهلية مهما طال أمدها. وإذا كان
الغرب تباطأ شهوراً في بداية اندلاع
الأحداث، بدعوى انتظار ملامح البديل
المتوقع، فإنه يحق لموسكو أيضاً أن
تتمهل في انتظار بلورة بديل تثق بقدرته
على ضمان مصالحها وموقعها في المنطقة.
المؤسسة العسكرية تتمسك أكثر من
الديبلوماسية ببقاء النظام. تتمسك
بالحفاظ على قاعدتها في طرطوس وما
تتيحه لها من وجود في المياه الدافئة،
وعلى دورها الممكن في أي تسوية لما بقي
من الصراع العربي - الإسرائيلي. ولكن
قبل هذا وذاك تخوض روسيا «معركة بقاء»:
إذا خسرت سورية تكون قد خرجت من
المنطقة كلها. تعود إلى ما وراء حدودها.
وهذا ما لم تعرفه في تاريخها، لا في زمن
القياصرة ولا في زمن السوفيات. كانت
حاضرة في فضاءات كثيرة من القارة
السمراء وشمالها إلى الشرق الأوسط. ولا
يمكن أن ترضخ لمحاولات عزلها في ساحتها
الداخلية، بعدما طوقها حلف ال «ناتو»
في أوروبا الوسطى والشرقية، ويحاول
الالتفاف عليها وعلى الصين في جنوب
شرقي آسيا ووسطها والمحيط الهادئ. لا يغيب عن ذهن فلاديمير بوتين، مع
اقترابه من انتخابات آذار (مارس)
المقبل وعودته المضمونة إلى الكرملين،
كيف أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بعد
انتخابات مجلس الدوما. بشروه هو أيضاً
ب «الربيع». وهو يتوقع «حملة» مناهضة
له ولحزبه بعد شهرين. يريد إذاً ضمانات
مضاعفة: أن يبقى لروسيا موقع مميز في أي
نظام بديل في دمشق. وأن تكف دوائر
الغربيين ووسائلهم عن تزكية «الربيع»
الروسي! وعبر صراحة عن رغباته هذه قبل
أيام. هدد بأنه لن يسمح بخطوات
انفرادية على الساحة العالمية لا
تراعي رأي بلاده ومصالحها. إنها مسألة
كرامة شخصية، كرامة روسيا. بعيداً من هذه الرغبات، الروسية وغير
الروسية، يدرك الجميع أن الرئيس الأسد
لم يبد حتى الآن أية مرونة حيال احتمال
خروجه. «خسئوا»، قال للمنادين برحيله.
ومثله المعارضة، سواء مثلها «المجلس
الوطني» أو هيئات أخرى، لا تبدي أي
قبول بتسوية تبقي الأسد وبعض رموز
نظامه وإن لفترة محددة، سواء نهاية
ولاية الرئيس بعد عامين أو أقل من ذلك.
لا يستطيع كيان سياسي ناطق باسم
المعارضة أن يخطو خطوة في هذا الاتجاه.
ترفع عنه الجموع التي تصارع منذ أحد
عشر شهراً شرعية التحدث باسمها. هنا
المأزق: تمسك النظام بالبقاء أياً كانت
التداعيات، وتمسك الناس برحيله ورموزه
مهما طال الزمن وأياً كانت التضحيات. من هنا هذه الحملة العسكرية الشرسة لكسر
إرادة الناس الذين باتوا يتقدمون على
الأرض، في حين يبدو «عسكر النظام»
يستنفد قواه وينهكه الانتقال من جبهة
إلى جبهة، ومن مدينة إلى أخرى. وتتفاقم
الأزمة الاقتصادية والمالية التي تهدد
بانهيار ليس بعيداً مهما كابر أركان
النظام على الطريقة الإيرانية. ومن هنا
انتقال «ثورة الداخل» إلى شعار «العين
بالعين والسن بالسن»، وترجمته في «جمعة
حق الدفاع عن النفس». أي أن المتظاهرين
ردوا سريعاً على إعلان النظام عبر وزير
خارجيته وليد المعلم أن «الحل الأمني
مطلب جماهيري». لاقوه إلى منتصف الطريق:
عسكرة الحراك... إذا لم يكن هناك سبيل
آخر! تريد موسكو ربما من وراء تمسكها برفض
المطالبة برحيل الرئيس، أن تطمئنه
تمهيداً لدفعه إلى القبول بتسوية ما
إذا قدر للمشتغلين بها أن ينجحوا.
وتتمسك به أيضاً لطمأنة إيران التي
يروقها أن تقف خلف الستارة هذه الأيام
وهي تشاهد الروس يخوضون معركة هي
معركتها بالأصل، وجزء من المواجهة
الواسعة لاحتوائها والحد من نفوذها.
تريد موسكو ما يضمن عدم سقوط البلاد في
حرب أهلية تطيح في ما تطيح مصالحها
ودورها، ولن تكون الغلبة فيها أخيراً
لفريق الرئيس... اما تمسك طهران بالنظام
فعقدة كبرى آخرى وورقة في صراعها
الاقليمي والدولي. تعرف روسيا كما تعرف أميركا أن سورية كانت
أيام حافظ الأسد حليفاً للاتحاد
السوفياتي، لكنها لم تتوانَ يوماً عن
تقديم الخدمات التي كانت واشنطن
تطلبها، وهو ما كان يغيظ موسكو أحياناً.
وكانت سورية على علاقة متينة مع إيران
لكنها لم تشعر «أشقاءها» العرب،
خصوصاً السعودية ودول الخليج بأنها
تضحي بهم في سبيل هذه العلاقة. كانت
تتعامل مع الجمهورية الإسلامية على
أساس أنها سند في مواجهة الضغوط... وفي
الوقت عينه رصيد تلجأ إليه في تعاملها
مع بعض متطلبات المجتمع الدولي
وحاجاته. كانت تشعر جميع اللاعبين في
المنطقة بأنها حاجة لا يمكن الاستغناء
عنها في معظم ملفات الإقليم. لكن
تحولها مع بدء ولاية الأسد الابن
حليفاً لصيقاً لإيران لا يملك ما كان
للعهد السابق من حرية تحرك جعل أطرافاً
كثيرين عرباً ودوليين يعتبرون أن
النظام انتهت وظيفته. لم يعد وسيطاً أو
باباً للحديث مع «حزب الله»، أو «حماس».
لم يعد أداة لإزعاج بغداد، كما كانت
حاله أيام صدام. الوظيفة التي أداها
النظام على مر السنين انتهت صلاحيتها،
بعدما كاد ان يتحول ورقة في يد إيران. إنها معركة من أجل تحديد الدور المقبل
لسورية. ويعي جميع المعنيين بالحوار
المتعثر أن سقوطها في حرب أهلية ليس هو
الحل أو الباب الذي لا بد من ولوجه.
الحرب تستدعي أطرافاً كثيرين إلى
التدخل بالمال والسلاح والرجال.
تماماً كما حصل في لبنان والعراق.
والأجواء الإقليمية المشحونة بتوتر
مذهبي سنّي - شيعي، لن تبخل في توفير كل
الدعم المطلوب لهذا الطرف أو ذاك.
والسؤال هل الهدف هو أن تكون سورية
الساحة البديلة من المواجهة الكبرى
المؤجلة بين إيران و «الممانعين» من جهة، والولايات
المتحدة وشركائها من جهة أخرى؟ وماذا
عن المنتشرين في الساحات والميادين؟
هل استسلموا لاستحالة استنباط تسوية
لا تسقطهم في المحظور وسلموا القياد
للجامعة أو الغرب أو روسيا؟ إلى متى
يصمد المتصارعون في الداخل، والخارج
وعلى رأسهم موسكو، إذا واصلت آلة القتل
فظاعاتها كما يحصل هذه الأيام؟ ================= الإثنين, 30 يناير 2012 الحياة غسان شربل تدور على أرض سورية معركة مريرة. انطوت
صفحة الاستقرار الكامل والصارم.
اليوميات السورية تكسر القلب. صور
فظيعة تنذر بالمزيد. جنازات وهتافات.
رصاص وتظاهرات. ثم جنازات. لافتات
واستغاثات. ثم جنازات. وبين جنازتين
يسأل العربي عن سورية، وماذا بقي من
استقرارها، ومن وحدتها، ومن العلاقات
بين مكوّناتها، ومن قدرتها على الخروج
من دمها. ما يجري على أرض سورية يتجاوز مستقبل
النظام فيها. إنه يتناول حجم أدوار
إقليمية ودولية وتوازنات كان يُعتقد
بأنها راسخة. يتناول مصير استثمارات
سياسية وعسكرية وأمنية طويلة الأمد.
لهذا رأينا الأزمة تمتد من شوارع حمص
إلى مقاعد مجلس الأمن، ومن شوارع أدلب
إلى الكرملين، ومن ساحات حماة إلى مكتب
المرشد في إيران. لنترك جانباً ضراوة المشاهد اليومية،
والاستخدام المفرط للقوة، والممارسات
الفظة، ورائحة الحرب الأهلية. لقد
انزلقت سورية إلى معركة كبرى هي معركة
حدود الأدوار. وأخطر ما في هذه المعركة
هو شعور المنخرطين فيها بصعوبة قبول
الخسارة. قبل معركة القنبلة خاضت إيران معركة
الدور. تقدمت في الإقليم. ولعلها حلمت
بالقنبلة لحماية هذا الدور وتوفير «بوليصة
تأمين» دائمة لنظامها. أغلب الظن أن
المسؤولين في إيران لم يتوقعوا اندلاع
المعركة في سورية حتى بعد هبوب رياح «الربيع
العربي». وقوف إيران إلى جانب سورية ليس غريباً ولا
مفاجئاً. يكفي أن نتذكر أن سورية حمت
إيران من اكتمال الطوق العربي حولها
إبان حربها مع العراق، وأن العلاقة مع
سورية هي التي سهّلت لإيران المرابطة
على خط التماس اللبناني -الإسرائيلي،
وسهّلت لها الإمساك بورقة تهديد أمن
إسرائيل عبر صواريخ «حزب الله». ما كان
لإيران أن تمتلك القدرة على تعطيل
محاولات السلام الفلسطينية –
الإسرائيلية لولا المعبر السوري. خسارة إيران سورية ستعني هزيمة مدوية
لسياسة ترسخت على مدى عقود. تعني دفع
إيران إلى الملعب العراقي وهو مشتعل
حالياً. وليس سراً أن العرب السنّة
هناك يرفضون ما يسمونه «الهيمنة
الإيرانية». وقوف «حزب الله» إلى جانب النظام السوري
ليس غريباً ولا مفاجئاً. خسارة المعبر
السوري تعني للحزب خسارة عمقه
الإستراتيجي، وشريان الحياة سياسياً
وعكسرياً. الخسارة تعيد الحزب لاعباً
محلياً بعد سنوات تحوّل فيها لاعباً
إقليمياً بارزاً. من دون العمق السوري
سيكون من الصعب على الحزب خوض حرب
جديدة ضد إسرائيل. سيخسر جزءاً كبيراً
مما يسميه القدرة على الردع أو توازن
الرعب. روسيا أيضاً لا تستطيع التسليم ببساطة
بخسارة موقعها في سورية. المسألة تتخطى
وجود قاعدة بحرية روسية على المتوسط.
الوجود في سورية هو وجود في النزاع
العربي – الإسرائيلي. وجود على مقربة
من إسرائيل. من دون وجود في سورية تصبح
روسيا بعيدة، ثم إن الجنرالات الروس
يتذكرون بالتأكيد أن أسلحة بلادهم
هزمت في العراق ثم هزمت في ليبيا. عبر سورية تعبر روسيا إلى قلب المنطقة.
وجودها هناك يحفظ لها حداً من القدرة
على الحضور والممانعة. وعبر سورية يعبر
«حزب الله» إلى العراق وإيران. وعبرها
تعبر إيران إلى شواطئ المتوسط. الحاجة إلى المعبر السوري توفر لدمشق
حلفاء في المعركة الحالية. لكنها
توقعها في الوقت ذاته في خضم تجاذب
إقليمي ودولي على أرضها، لا تملك
مفاتيح تقرير مساره ومصيره. ليس سهلاً
الحديث عن صفقة توزع الأرباح والخسائر
والضمانات والضمادات. حتى الساعة يمكن
القول إن القدرة على الغرق في الأزمة
تفوق القدرة على الخروج منها. هذا يصدق
على المبارزة الإقليمية والدولية،
وعلى المواجهة الداخلية أيضاً. إنها
معركة كبرى قد تفوق قدرة سورية على
الاحتمال. معركة بهذه الشراسة
الداخلية والتجاذب الإقليمي والدولي
حولها، قد تؤدي إلى تفجير سورية
وإغراقها في حرب أهلية مديدة. ================= «سوريا جديدة».. بعد قرار
الهروب إلى الأمام اياد ابو شقرة الشرق الاوسط 30-1-2012 «قوى الأمن الداخلي حريصة على المضي في
الكفاح والنضال لتطهير التراب السوري
من رجس المارقين والخارجين على
القانون، لإحقاق الحق، وإعادة الأمن
والأمان الذي كانت تعيشه سوريا». (اللواء محمد الشعار، وزير الداخلية
السوري) ساعات حرجة بلا شك، بالنسبة للمنطقة
العربية عموما، ولسوريا بصورة خاصة.
وأي حوار مع موسكو عندما يكون في رأس
اعتباراتها السياسية الاحتفاظ بمواطئ
قدم هنا وهناك.. مسألة لا تخلو من صعوبة. أصلا، كانت القيادات الروسية في مختلف
العهود تقريبا، قليلة الاكتراث
بمعاناة الشعوب. ولهذا أصلا انتهى صلف
روسيا القيصرية بالثورة البلشفية.
وبعد عقود من الزمن، تحول «الرفيق
الأحمر» الأول و«قوميساراته» إلى نسخ
متجددة عن القياصرة، ولم يدرك آخرهم،
ميخائيل غورباتشوف وجود فارق جوهري
بين من آمن بالاشتراكية، كفكر وممارسة
تستند إلى مبادئ العدالة الاجتماعية
وحقوق الإنسان، ومن أجبر على ببغائيات
خطابها بفعل انتشار سطوة «الجيش
الأحمر». وكانت النتيجة، كما رأينا،
سقوط كيان الاتحاد السوفياتي ومعه
قياداته العتيقة التي كفرت بإنسانية
الشعوب، بينما ظل هناك اشتراكيون
واشتراكيات (بشتى الصور والنسب) في
كوبا ونيكاراغوا، والكثير من دول
الشرق الأقصى وأفريقيا. روسيا السوفياتية، انتهت مع غورباتشوف
محاميا فاشلا عن العدالة الإنسانية
وحقوق الشعوب.. وفي النهاية، خذلت
نفسها. وفلاديمير بوتين، الذي يرفض
اليوم حقن دماء السوريين ويدفعهم دفعا
إلى أحضان الراديكالية الدينية، هو
ابن حقبة العد التنازلي لانهيار
الاتحاد السوفياتي. إنه ربيب مؤسسته
الأمنية في سنوات الحكم السوفياتي
الأخيرة الممتدة بين ترهّل حكم ليونيد
بريجنيف.. وسوء تقدير ميخائيل
غورباتشوف وفساد بوريس يلتسين. ولكن لندع روسيا وشأنها. ففي نهاية المطاف
لا أخلاقيات في السياسة. وروسيا اليوم
لا تستخف بآلام السوريين حبا في الرئيس
بشار الأسد، وإعجابا بنضاليته - بعكس
إعلان اتحاد كتابها الجهابذة - بل
إنها، كما غدا واضحا، تتواطأ على القتل
لاعتبارات تتعلق بتبادل المصالح
والابتزاز مع الولايات المتحدة. فبعد سنة من نجاح المواطن العربي، ابتداء
من تونس ومصر في كسر حاجز الخوف من
التسلط والديكتاتورية، يظهر أن ثمة
أنظمة تسلطية اختارت - أو اختار لها
حلفاؤها الإقليميون - اعتماد «أسلوب
الهجوم خير وسائل الدفاع». وبدلا من أن
تشعر بشيء من وخز الضمير، قررت المضي
في «خيار شمشون»؛ عليّ وعلى أعدائي،
حتى النهاية. قد يقول قائل إن الأنظمة التسلطية ليست
بالضرورة من نسيج واحد. وهذا صحيح.
فهناك مثال أدولف هتلر الباطش باسم
العرقية الجرمانية، وبعكسه مثال جوزيف
ستالين «الأقلياتي» الجورجي، الذي قاد
الاتحاد السوفياتي «الأممي» ذا
الأغلبية السلافية. وفي العالم
الثالث، تتعدد الأمثلة على مد النظر
تحت مختلف المسميات والألقاب.. من «عروبة»
صدام حسين و«أممية ملك ملوك أفريقيا»،
معمر القذافي، إلى «شعوذة» فرانسوا
دوفالييه (بابا دوك) و«إمبراطورية» جان
بيديل بوكاسا.. مرورا بنماذج فرديناند
ماركوس وسوهارتو ومحمد ضياء الحق.. ذات
المذاقات الآسيوية الحرّاقة. تشكيلة غنية بالشعارات الفضفاضة،
وبأنهار الدم الغزيرة أيضا. اليوم، بعد أكثر من 7 آلاف قتيل ونحو 70 ألف
موقوف وسجين، بشرنا وليد المعلم، عميد
الدبلوماسية السورية، قبل أيام، بأنه
«نزولا عند طلب الجماهير»، قرر نظام
الرئيس بشار الأسد إنهاء حالة
الاضطراب الحاصلة في سوريا عن طريق «الحل
الأمني». الجديد في هذا الكلام، الذي ما استغربه
إطلاقا مستمعوه من السوريين
واللبنانيين، وكذلك الفلسطينيون
والعراقيون، أنه أولا يعترف بوجود
حالة اضطراب أمني خطير، بعدما دأب
الإعلام السوري الرسمي قبلا على
اعتبار المسألة كلها مجرد اختلاق
تآمري من قنوات فضائية بعينها. وثانيا،
أن هذا النظام، الذي حكم سوريا منذ
خريف 1970 بعضلات أجهزة الأمن
والاستخبارات.. ما عاد يستطيع أن يرفض ل«الجماهير»
طلبا.. يا سبحان الله! ولكن إذا لم يكن هناك مبرر لاستغراب
الموقفين الحكوميين الروسي والسوري،
فماذا عن الموقف العربي، أو بالأحرى
المواقف العربية، بعد 11 شهرا على القمع
الدامي الممنهج، على امتداد التراب
السوري تقريبا؟ الميوعة والارتباك كانا السمة الغالبة
على المشهد العربي، ولا أدل على ذلك من
«فياسكو» بعثة المراقبين العرب
المرسلة إلى سوريا، بناء على خدعة أخرى
من خدع دمشق. وهذا مع أن ثمة من يشير إلى
دفاع الدكتور نبيل العربي.. بما معناه
أن المجتمع الدولي لو كان حقا يريد
التدخل لكان قد تدخل من دون انتظار
موقف جامعة الدول العربية. ولكن مع
وجاهة هذا المنطق، فإن تأمين الجامعة،
مرة تلو الأخرى، «غطاء» كافيا للنظام
في دمشق لارتكاب مزيد من أعمال القمع
والقتل.. ينطوي على خطرين اثنين: الخطر الأول، هو طمأنة نظام دمشق إلى أن
الجامعة عاجزة حقا عن ردعه، مما سيشجعه
أكثر على القمع والقتل. والخطر الثاني، تأخير الوصول إلى نقطة
ما، مع تراكم الخسائر البشرية، تجبر
المجتمع الدولي على التحرك. اليوم، يمكن القول بكثير من الأمانة إن
النظام السوري أدخل نفسه في نفق لا
منفذ آمنا له. فهو راهنا، تحت ستار
التصدي لغول الطائفية والمذهبية
والأصولية الدينية، يدفع سوريا دفعا
إلى شفير الحرب الأهلية، بعدما نمّى في
الشارع السوري - عن تعمد أو عن غباء -
أسوأ أشكال الاحتقان الفئوي البغيض. ثم تحت أكذوبة العروبة، سلم القرار
الاستراتيجي في حسم مصير سوريا إلى
إيران وإسرائيل. والمرجح، مع الأسف، أن
إيران وإسرائيل، وبدرجة أقل، تركيا..
ستلعب الدور الأكبر في رسم شكل «سوريا
الغد». وعلى الرغم من سنوات كثيرة من التشدّق
اللفظي بالممانعة، مقابل الفرض على
الآخرين دفع ثمنها، ها هو النظام
يُسقِط سوريا في شرك اللعبة نفسها التي
كان «يبيعها» للغير. «الممانعة» كما
يكتشف السوريون الآن، كانت شعارا سهلا
ومربحا، وكاذبا أيضا، استُخدِم طويلا
على أشلاء الفلسطينيين ثم اللبنانيين
ثم العراقيين، قبل أن يأتي زمن كشف
حقيقته. إن سرعة قبول إسرائيل برحيل حسني مبارك،
على الرغم من «كامب ديفيد»، وتعطيلها
حتى الآن تحت الستار أي حسم ضد النظام
السوري بعد 11 شهرا من القتل اليومي..
يعني شيئا واحدا فقط، هو أنها لا تمانع
في بقاء هذا النظام، بل تفضّل بقاءه
تحت سقف مقبول، وبموجب تصور لمستقبله
تظل هي شريكة فيه. غير أن نظام دمشق يتصرف الآن وفق حسابات
قد لا تكون بالضرورة واقعية. ولعل
تسارع الأحداث خرج عن قدرة النظام على
التحكم بها، بمعنى أنه كان ارتأى أن
الحل الأمني وحده كاف لدب الرعب في
معارضيه، الذين سيتعبون وينقسمون.
ولكن مع السير أبعد في قمع تأقلم معه
المعارضون.. وجب التفكير في خيارات
أخرى. والمؤسف في حالة القوى الفاشية الساعية
إلى مواصلة الهيمنة، أنها عندما تصل
إلى المأزق الكبير، تختار التقسيم. وما
يظهر الآن أن النظام - من دون أن يعترف
بذلك علانية - صار يفكر جديا باحتمال
عجزه مستقبلا عن حكم كامل التراب
السوري.. وهنا يبرز «الخيار الاحتياطي»
المخبأ لحالات الطوارئ، أي التقسيم
الذي أعد له بنيته التحتية منذ فترة
غير قصيرة. ================= حسن شبكشي الشرق الاوسط 30-1-2012 مع تعاصف الأخبار الواردة من سوريا،
وتواترها بأن المشهد الداخلي يتبدل
بقوة، وأن هناك مناطق بأكملها يتم «تحريرها»
من قبل الجيش السوري الحر، وتكبيده
قوات نظام بشار الأسد خسائر كبيرة جدا
في العتاد والجنود؛ فمن لا يفر هاربا
ينشق وينضم للجيش السوري الحر، وحتى
كتابة هذه السطور المتسارعة
والمتلاحقة، كان ريف دمشق يتساقط في
مناطق مختلفة منه في قبضة الثوار،
ويعلن الجيش السوري الحر أنه عمليا على
بعد ثمانية كيلومترات من القصر
الجمهوري. وفي داخل دمشق مشاهد عنيفة
لتفجيرات في ساحة العباسية وساحة
الأمويين يقوم بها الجيش السوري الحر
داخل العاصمة تارة، وشبيحة النظام
تارة أخرى، لإرهاب الأهالي ومنعهم من
التظاهر، ولكن اليوم أكبر مدينتين؛
دمشق وحلب، انضمتا فعليا للثورة، بعد
فترة طويلة من «التعايش» مع قبضة
النظام الأمني. الحالة الأمنية باتت «متوحشة»، فهي تعتمد
على القتل والإبادة الفورية، من دون
خطة ولا رؤية، وهي مسألة تزيد الثوار
إصرارا وعزيمة على المواصلة للنهاية،
وحتى إسقاط النظام، وهو الهدف الواضح
الآن لهم. تصريح أحد أهم مساعدي الرئيس
الروسي ميدفيديف، وهو يقول إنهم
يحاولون إقناع الرئيس السوري بشار
الأسد بالتنحي الفوري، يدلل على أن
الروس باتوا غير قادرين على حماية
النظام ورأسه، وكذلك التدهور
الاقتصادي المهول الذي تشهده البلاد،
ووجود حالة تضخم في سلع الغاز والمازوت
والخضراوات تجاوزت ال400 في المائة، مما
أجبر النظام على إعلانه أنه يستعد لطرح
ورقة من فئة ال2500 ليرة لأول مرة، وذلك
لمراعاة الظروف الجديدة القاسية،
وكذلك مع وصول الدولار لمعدلات صرف
تجاوزت ال75 ليرة، ويرافق ذلك هروب
متواصل لأهم الأسر التجارية من حلب
ودمشق، خوفا على حياتهم، بعد أن دمرت
قوات الشبيحة الكثير من منشآتهم
التجارية كابتزاز. ويحاول العراق أن يدعم النظام الأسدي
المتهاوي بدفعات تبلغ ملياري دولار
بشكل دوري، ولكن يبقى الوضع أخطر وأدق
مما يمكن أن يساعد فيه مبلغ كهذا.
الانشقاقات طالت هي الأخرى الحرس
الجمهوري والمخابرات بأفرعها، ولم تعد
تقتصر على الجيش فقط. وهناك استعداد
لفتح مطار القليعات في شمال لبنان، وهو
المطار العسكري الذي يجهز ليتحول
لمطار مدني، وهو الذي يبعد مسافة ستة
كيلومترات فقط عن الحدود السورية لما
يعتقد أنه سيكون مستخدما للتعامل مع
نزوح هائل متوقع لأعداد كبيرة من الأسر
السورية الهاربة من قمع نظامها
المتوتر، وكذلك وسط ازدياد الأخبار عن
قرب إغلاق مطار دمشق الدولي لأسباب
أمنية واحتياطية. هناك سباق زمني محموم لنقل الملف السوري
لمجلس الأمن لاستصدار قرار أممي يضع
حدا للمذبحة الحاصلة من النظام السوري
في حق شعبه، ومن جهة أخرى، يحاول
النظام السوري استنزاف الوقت وإهداره
بالمماطلة حتى نصف شهر مارس (آذار)، وهو
الموعد الذي ستنقل فيه رئاسة جامعة
الدول العربية بشكل دوري تقليدي من قطر
إلى العراق، المتعاطف والداعم بشكل
خطير للأسد وزمرته. الروس يقاومون ويحذرون من أي قرار يصدر ضد
سوريا ونظامها، ولكن بات لديهم قبول
وقناعة ب«الحل اليمني»؛ تنحي الأسد
الفوري وخروجه وزمرته إلى خارج سوريا
وتسليم السلطة لنائبه، وهناك الحراك
الحاصل على الأرض؛ زيادة حجم
الانشقاقات وتزايد الدعم للثورة
والثوار والتعاطف العالمي مع ضحاياها
وهم يلقون حتفهم بالعشرات يوميا، وسط
تقاعس المجتمع الدولي، على الأقل
مقارنة بما تم مع القذافي وليبيا، التي
شهدت تحركا وتدخلا حاسمين، ولم يكن
هناك مشهد أوقع ولا أبلغ من مراسلة ال«سي
إن إن» المسموح لها بالعمل داخل
الأراضي السورية وهي تحاور بعض أفراد
الجيش السوري الحر في منطقة سقبيا، في
ريف دمشق بعد «تحريرها»، فاليوم
الثوار والجيش السوري الحر يتعاملون
مع نظام الأسد على أنه جيش محتل، وليس
جيشا وطنيا، وأن سوريا محتلة يجب
تحريرها منهم، وهي مسألة جوهرية ومهمة
إذا ما استوعبها العالم والعالم
العربي والإسلامي تحديدا، فسيستطيع
تفهم معاناة شرفاء سوريا الأبطال
ودعمهم بالشكل المطلوب. ================= عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 30-1-2012 في مقال سابق قلت إن خطة الجامعة العربية
ستتحول إلى وسادة هوائية لإنقاذ
النظام السوري، في وقت تفاخر الجامعة
بأنها تنصب مشنقة ناعمة للنظام. الجامعة لا تجهل أنها تتعامل مع واحد من
أكثر الأنظمة في العالم دهاء وخبرة
وعنفا. نظام ابتلع دولة لبنان تحت علم
الجامعة العربية وباسم قوات الردع
العربية، واستمر يديرها ثلاثة عقود
لمصالحه وعجزت عن إخراجه القوى
المحلية والعربية والدولية. نظام فعل
في فلسطين ما عجز الإسرائيليون عن
فعله؛ شق صف الفلسطينيين وهمش سلطتهم
وتآمر على اتفاق مكة فألغى المصالحة
الوحيدة المتاحة. نظام مكن الإيرانيين
من العالم العربي ومنحهم ما عجزوا عنه
بأسطولهم وميليشياتهم. نظام أدمى
الأميركيين في العراق وتسبب في قتل
ثلاثة آلاف منهم، وأكثر من مائة ألف من
المدنيين العراقيين، باحتضانه ل«القاعدة»
والجهاديين الذين كانوا كلهم تقريبا
يمرون من دمشق قادمين من أنحاء العالم
العربي غير مدركين حقيقة الملتحين
الذين يستقبلونهم ويدربونهم
ويرسلونهم للموت في العراق. وفي الوقت
نفسه هو النظام الذي ساوم الأميركيين
وسلمهم عددا من رموز نظام صدام أحياء.
نظام استقبل المراقبين ووضع الذين لا
يسايرون رواياته تحت الملاحقة، فأخذ
يحاول إغواءهم بالعاهرات ويصورهم سرا
في دورات المياه في غرفهم لابتزازهم.
نظام يصارع من أجل البقاء اليوم، فهل
تعتقد الجامعة العربية أنها قادرة على
تعليقه في مشنقة ناعمة؟ هل يوجد حل عملي أولا، ويمكن تنفيذه
ثانيا؟ إرسال قوات عربية عمل انتحاري
ولن يرسل أحد جنديا إلى هناك. كما أن
التدخل الدولي لن يكون سهلا مثل ليبيا؛
لأن هناك قوى إقليمية ودولية ستحاربه،
من إسرائيل إلى إيران وروسيا وغيرها.
أيضا، ترك الأمر هكذا والاستمرار في
الوساطات والخطط فيه تمكين للنظام من
رقاب عشرين مليون سوري. لا يوجد إلا حل واحد، دعم الشعب السوري
علانية ليقول كلمته ويقرر مصيره بنفسه.
ما المانع من أن تعلن الجامعة العربية
أن حجم القتل والدمار الذي ترتكبه قوات
النظام وشبيحته يفرض عليها - كما قالت
منذ البداية - تعليق عضوية النظام في
الجامعة. القرار الذي بكل أسف اتخذ وتم
تأجيله عندما كان عدد ضحايا النظام
ألفا ومائتين، وتراجعت الجامعة عنه
عندما بلغ عدد ضحايا النظام ستة آلاف
غالبيتهم عزل مدنيون! نحن نعرف أنه بدعم أخلاقي من الجامعة
العربية، ودول العالم المتعاطفة مع
الشعب، سيتمكن السوريون من إسقاط
النظام، لا تحتاج الجامعة إلى خطة حرب
أو سلام، بل موقف يعلن صراحة إقصاء
النظام والسماح بدعم الشعب السوري،
وهذا سيدفع القوى المحيطة بالنظام، من
علوية ومسيحية وسنية، للتخلي عنه. لكن
تصرفات الجامعة - بكل أسف - أربكت
الجميع وجعلت هناك شكوكا في حقيقة
المواقف بين علنية وسرية، بدليل تمديد
المدد الزمنية، والمراقبين
المتواطئين مع النظام، ولغة الجامعة،
التي تساوي بين القاتل والضحية، كما
نسمع رئيس بعثة المراقبين. إن موقفا سياسيا من الجامعة العربية
يتخلى عن النظام سيدفع الجميع
للانقضاض عليه، وستتعامل القوى
المختلفة مع المعارضة الرئيسية كممثل
شرعي. أما ما تفعله الجامعة العربية
اليوم فهو تغطية على جرائم النظام
البشعة. وكما طالب عدد من قادة
المعارضة السورية، فعلى الجامعة
العربية أن ترفع يدها الممسكة بخناق
الشعب السوري. هذا الحل، لا يحتاج إلى
خطة ولا إرسال قوات، ولا رفع لمجلس
الأمن، رغم خذلانه، إلا أنه سيكلف
السوريين ألما ودما أقل من منح النظام
وسادة هوائية تقيه شر الاصطدام. ================= لماذا يحرص الأسد على
المراقبين العرب؟ طارق الحميد الشرق الاوسط 30-1-2012 من يقرأ وكالة الأنباء الأسدية الرسمية
سيذهل من حجم الأخبار التي تدين قرار
الجامعة العربية بتعليق مهمة وفد
المراقبين العرب بسوريا، تلك المهمة
التي سبق للنظام الأسدي أن ماطل في
الموافقة عليها؛ حيث لم يوقع النظام
الأسدي على البروتوكول العربي إلا
متأخرا، وكان يعتبره تدخلا في السيادة..
فلماذا يتمسك النظام الأسدي الآن
بمهمة وفد المراقبين؟ ففور إعلان الجامعة تعليق مهمت المراقبين
في سوريا، سارع النظام الأسدي إلى
إصدار بيان، على لسان مصدر مسؤول، يقول
فيه إن دمشق «تأسف وتستغرب لقرار
الأمين العام للجامعة العربية، نبيل
العربي، وقف عمل بعثة المراقبين العرب
بعد أن قامت سوريا بالموافقة على تمديد
عملها لمدة شهر آخر». ويضيف المصدر أن
قرار الجامعة جاء «تمهيدا لاجتماع
مجلس الأمن، الثلاثاء المقبل، بناء
على طلب قطر والأمانة العامة للجامعة
للتأثير السلبي وممارسة الضغوط في
المداولات التي ستجرى هناك بهدف
استدعاء التدخل الخارجي في الشؤون
الداخلية السورية»! ثم يقول المصدر إن
دمشق «لا تزال ملتزمة بإنجاح مهمة بعثة
المراقبين العرب وتأمين الحماية لهم»! وعليه، فإنه يتضح من البيان أمران، الأول:
أن النظام الأسدي يريد بقاء المراقبين
ليكونوا شهود زور، ويوفروا له غطاءً
خلال عملية التصعيد الأمني الأخيرة،
التي قال عنها وليد المعلم، في مؤتمره
الصحافي الأخير، إنها مطلب شعبي، أي أن
السوريين يطالبون النظام الأسدي
بقمعهم وقتلهم.. هكذا بكل سذاجة؛ لذا
نجد اليوم أن النظام الأسدي هو المتمسك
بوفد المراقبين العرب، وليس المعارضة
السورية! كما أن النظام الأسدي يرى في
وجود المراقبين العرب غطاء آخر له من
شأنه أن يعزز الموقف الروسي المدافع
عنه، ليقال إن النظام الأسدي لا يزال
يلتزم بقرارات الجامعة العربية! الأمر الثاني، وهو ما يتضح من نص بيان
المصدر المسؤول بالنظام الأسدي: أن
النظام بات في قلق حقيقي مما ستؤول
إليه المعركة المقبلة في مجلس الأمن من
أجل تبني المجلس الأممي نص المبادرة
العربية، التي أعاد الأمين العام
للجامعة العربية، نبيل العربي، مؤخرا
تأكيده أنها مشابهة للمبادرة اليمنية؛
حيث قال العربي، وفق ما نقلته وكالة
الأنباء الألمانية: «إن المبادرة
العربية تتحدث عن ذهاب النظام السوري
سلميا، وهي مبادرة متكاملة تشبه
المبادرة اليمنية»؛ لذا فإن النظام
الأسدي بات يستشعر خطورة المقبل،
وتحديدا ما سوف يتم بمجلس الأمن،
وبالتالي فإنه، أي النظام الأسدي،
يطمح إلى فرض حل أمني سريع على الأرض،
وتحت غطاء وفد المراقبين العرب. وهذا
الأسلوب ليس بجديد على النظام الأسدي،
بل هو نهجه طوال السنوات العشر
الماضية، سواء بلبنان، أو العراق،
وقبلهما في سوريا نفسها؛ فنظام بشار
الأسد يجيد إطلاق الوعود والتهرب
منها، مثلما أنه تميز بقبول كل مبادرة،
أيا ما كانت ظروفها، ثم يقوم بتفريغها
من مضمونها، وجعلها شكلية بلا جدوى؛
لذا فإن من حسن حظ الجميع، وسوء حظ
النظام، أن جميع الحيل قد استُنفدت،
وحانت لحظة الحساب. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |