ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الإيجابية
الكامنة في (الفيتو المزدوج) ! 2012-02-06 جواد
البشيتي العرب
اليوم اعتدنا
"فيتو" تستعمله الولايات المتحدة,
في مجلس الأمن الدولي, حمايةً لعدوِّنا
القومي الأوَّل, وهو إسرائيل, وضدَّ
الحقوق والمصالح والقضايا القومية
للعرب; ومع "الفيتو المزدوج", الذي
استعملته روسيا والصين, مرَّة ثانيةً,
حمايةً لنظام حكم بشار الأسد,
ولمصالحهما الكامنة في هذا "الفيتو (المزدوج,
والثاني)", يتأكَّد لشعوبنا العربية,
وفي ربيعها الديمقراطي الثوري, أنَّ
هذه "السلطة الدولية العليا (مجلس
الأمن)" تَقِف, أيضاً, مع "عدوِّها
الآخر", وهو أنظمة الحكم العربية
الدكتاتورية, وضدَّ حقوقها
الديمقراطية; ولقد حان لنا, من ثمَّ,
أنْ ننظر إلى القابضين على زمام هذه
"السلطة الدولية العليا", وهُمْ
الأعضاء المتمتِّعون ب¯ "حقِّ
النَّقض", بعيون لا تغشاها أوهام;
وأحسب أنَّ ثورة الشعب السوري من أجل
الحرِّية تحتاج الآن, وأكثر من ذي قبل,
إلى أنْ تُطلِّق ثلاثاً أوهام "التعريب"
و"التدويل"; فإنَّ كل ما هو أصيل
في هذه الثورة يَنْبُذ جهود ومساعي "التعريب"
و"التدويل", والتي فيها تكمن
مصالح, تتصالح وتتصارع بما يُفْسِد
ثورية الثورة السورية, وإنْ جاءت تجارب
ثورات الشعوب بما يؤكِّد أهمية وضرورة
أنْ تعرف قيادة الثورة كيف تستفيد من
نزاع المصالح الدولية (والإقليمية). في هذا
"الفيتو المزدوج", أكَّدت روسيا
والصين للشعب السوري ولسائر شعوبنا
العربية أنْ ليس لديهما من المصالح
والأهداف والدوافع إلاَّ ما
يَحْمِلهما على حسم أمرهما بما
يُظْهِرهما على أنَّهما عدوان للربيع
الديمقراطي الثوري للشعوب العربية,
وصديقان لأنظمة الحكم العربية
الدكتاتورية التي تنتفعان من بقائها
واستمرارها. بَعْد
هذا "الفيتو المزدوج" لا بدَّ
لشعوبنا العربية من أنْ تبادِل روسيا
والصين عداءً بعداء; لكنَّ هذا لا يعني,
ويجب ألاَّ يعني, أنْ تَقِف شعوبنا
الثائرة من الولايات المتحدة, وسائر
القوى الغربية, موقفاً مبدأُه "عدوُّ
عدوِّي صديقي"; فهؤلاء "الأصدقاء"
لا ينتصرون, ولن ينتصروا, لثورة الشعب
السوري إلاَّ بما يجعلها انتصاراً لهم,
أي لمصالحهم وأهدافهم الإمبريالية في
سورية, وفي سائر العالم العربي. ونحن
لو أمْعَنَّا النَّظر في مواقف
القوَّة الإمبريالية العظمى في العالم,
أيْ الولايات المتحدة, من "الربيع
العربي", لَوَجَدْنا فيها "رسالة"
إلى شعوبنا العربية, تقول لها فيها إذا
أردتم انتصاراً على "عدوِّكم
الداخلي", أيْ أنظمة الحكم
الدكتاتورية, فلن نَعْمَل بما
يُمكِّنكم من إحراز هذا الانتصار, وفي
سرعةٍ ويُسْرٍ وسهولةٍ, إلاَّ إذا
ارتضيتم أنْ يعود علينا انتصاركم هذا,
وعلى عدوِّكم القومي الأوَّل, وهو
إسرائيل, بالنفع والفائدة; فبهذا فحسب
تشترون انتصاراً لثوراتكم. إنَّ
الولايات المتحدة لا تَقْبَل, ولا
يُمْكنها, أنْ تتَّخِذ من التوقُّف عن
انحيازها إلى إسرائيل طريقاً إلى
خَطْب وُدِّ الشعوب العربية; فوَقَع
اختيارها على الأسهل والأيسر, وهو
بَيْع ما تستطيع بَيْعه من أنظمة الحكم
الدكتاتورية العربية, على أنْ تَدْفَع
لها الشعوب العربية "الثَّمن"
الذي تريد, وهو ليس بالبخس إذا ما
وَزَنَّاه بميزان الحقوق والمصالح
والقضايا القومية العربية, وبميزان
الحقوق الديمقراطية لشعوبنا أيضاً. روسيا
والصين لحِقَ بهما الخزي والعار; ولن
تُعاملهما شعوبنا, بَعْد هذا "الفيتو
المزدوج", إلاَّ كعدوٍّ لربيعها
الديمقراطي والثوري; أمَّا "الطرف
الآخر" فَعَلَيْهِ الآن أنْ يُثْبِت
لشعوبنا, ولثورة الشعب السوري على وجه
الخصوص, أنَّه أقَلُّ نِفاقاً مِمَّا
نَظُن; فيذهب سريعاً إلى الجمعية
العمومية للأمم المتحدة ليستصدر منها
أقوى قرار, يَنْتَصِر فيه المجتمع
الدولي للثورة السورية ضدَّ نظام
الحكم الدكتاتوري الذي يُهدِّد الآن
الشعب الثائر عليه بانتقامٍ يشبه, أو
يَفُوق, انتقامه في حيِّ الخالدية في
حمص. ================= الفيتو
الروسي الصيني طعنة في ظهر الشعب
السوري 2012-02-06 د.
رحيّل غرايبة العرب
اليوم كانت
روسيا والصين إلى حدٍ قريب حاضرتين في
الوجدان العربي, لعلهما تكونان
صديقتين للشعوب العربية المنكوبة
بحكامها, والمنكوبة بالاستعمار الغربي
والاحتلال الصهيوني, وكانت قوى النهوض
العربي ومنها الحركة الإسلامية تبحث
عن خطوط تعاون مستقبلي استراتيجي من
أجل وقف الغارة الأميركية-الأوروبية
الظالمة على العالم الإسلامي, ولقد نجح
الإسلاميون في السودان فعلاً بإنشاء
علاقة اقتصادية استثمارية مع الصين
والهند وماليزيا كبديل آسيوي ناجح
لدول الظلم والاستكبار الغربي الحاقد. ولكنّ
السياسة الصيّنية كانت بليدة وبطيئة
في محاولة مد اليد للشعوب العربية
الناهضة, وأمّا السياسة الروسية فكانت
أكثر تخلفاً وغباءً, بحيث ما زالتا غير
قادرتين على قراءة المستقبل العربي,
وما زالتا تتعاملان بأسلوب ينتمي الى
ما يسمى بعصر الحرب الباردة. وتنتميان
الى سياسة ما قبل الربيع العربي, الذي
بدأ بوضع ملامح مرحلة جديدة وتاريخ
جديد للمنطقة والإقليم. إنّ
الفيتو الروسي الصيني المزدوج وضع
نقطة سوداء, بل "لطخة" مشوهة على
صفحة العلاقات العربية المستقبلية مع
روسيا والصين, ووجّهت ضربة غبية مميتة
لمحاولة بناء علاقة مستقبلية قويّة
وفاعلة وبنّاءة على جميع المحاور
والأصعدة, كانت الشعوب العربية ترنو
إليها في القريب العاجل, بعد التخلص من
أنظمة الاستبداد والفساد, التي رهنت
نفسها للأجنبي. الجماهير
العربية كانت تعتقد أنّ الصين التي
يخلو سجلّها من الاستعمار والتدخل
العسكري في شؤون الغير, ربما تكون
صديقاً مستقبلياً ناجحاً, وكذلك روسيا
حيث كان ينظر إليها أنها نصيرة الشعوب,
بينما أميركا والدول الغربية نصيرة
الأنظمة, وكان ينظر الى روسيا أنها مع
قوى التحرر والثورة على المستعمر,
لكنها اليوم عبّرت عن موقفٍ مشين, فقد
وقفت مع نظام ديكتاتوري فردي قمعي
مستبد, يعلن الحرب على شعبه المستضعف
الذي يطالب بالحرية ويطالب بحقه في
المشاركة في نظام حكم منتخب يستمد
شرعيته من الشعب السوري. تماماً
كما كانت أميركا تستخدم حق الفيتو
لنصرة "إسرائيل" ضد أماني الشعب
الفلسطيني بالتحرر والاستقلال, ها هي
روسيا والصين اليوم تستخدمان حق
الفيتو لنصرة النظام السوري الفاسد
المستبد ضد أماني الشعب السوري
بالحرية والاستقلال والديمقراطية
والإصلاح السياسي الحقيقي. rohileghrb@yahoo.com ===================== نايلة
تويني 2012-02-06 النهار بعيدا
من موقفنا من النظام السوري ما بين
الاب والابن، وهو موقف لا شك فيه على
الاطلاق، اي رغبتنا في زواله وانعتاق
الناس في الداخل السوري، وفي لبنان
تحديدا، من ظلمه، نسأل ما هو الحل
الانسب لحال هذا النظام وامثاله امام
المجتمع الدولي؟ وهل يجوز لمصالح
الدول ان تبقيه دهرا وتسلمه لبنان الذي
تحول ملفا عنده ثم تقرر ازاحته عندما
تنتفي الحاجة اليه؟ وهل يجوز للفيتو
الروسي او الصيني ان يعرقل زواله بسبب
مصالح الدولتين في المنطقة وحاجة
الاولى الى موطئ قدم ينحسر مع زوال
الانظمة الموالية للاتحاد السوفياتي
السابق؟ اليوم
نشهد في المدن السورية على مجازر تتكرر
امام العالم المتحضر التواق الى سلام
في دوله، فيما هو يبقي العالم الثالث
والدول الفقيرة والمتخلفة، تتحول
بحيرات من دماء، كأن لا قيمة للانسان
ولا شرعة لحقوق هذا الانسان، او كأنه
كائن حيواني من سلالة الاصناف المعدة
للذبح. حمامات
الدم في سوريا امر غير مقبول على
الاطلاق، والموت المجاني للمواطنين
السوريين، في ضمير المجتمع الدولي
الذي لم يناصر تغيير النظام حتى تاريخه.
ولعل روسيا يجب ان تحتل موقعا متقدما
في هذا المجال، اذ خبرت التغيير قبل
غيرها، وقلبت نظاما ديكتاتوريا سابقا،
وجنحت نحو ليبرالية ورأسمالية هما
موضة العصر. بعيدا
من موقفنا من النظام السوري للاسباب
السياسية وللحسابات اللبنانية، لا
يجوز ان يستمر اي نظام يقتل ابناءه
ومواطنيه ويقوم على اكتافهم ويورث
ابناءه واحفاده واصهاره السلطة من دون
وجه حق. لا تستقيم الاوضاع في سوريا
بقتل الناس ليعيش الملك، ولا يمكن سجن
كل الناس المعارضين لضمان الاستمرار،
بل على العكس يرى الناس حلا بقتل الملك
او بسجنه، كما حصل في كل الانظمة التي
سقطت وانهارت. ولعل من الضروري الافادة
من العبرة والاعتبار مما سبق، وقبول
الحل العربي بالتخلي عن السلطة واجراء
انتخابات ديموقراطية صحيحة وتأليف
حكومة وحدة وطنية، او ذهاب جميع
الاطراف الى طائف أو دوحة تنتج حلا
بغطاء عربي، لان مصالح الدول تتبدل و"فيتو"
اليوم قد لا يدوم طويلا. وحتى ذلك
التاريخ ستبذل دماء جديدة وكثيرة
وسيصير كل حل اكثر تعقيداً بل مستحيلا. ================= ذبحوا
الشعب السوري مرتين .. في يوم واحد! باتر
محمد علي وردم الدستور 6-2-2012 كان
يوم السبت واحدا من أسوأ أيام العار في
تاريخ الإنسانية. بدأ بمذبحة منذ الفجر
ارتكبتها “المنظومة الأمنية” للنظام
السوري ضد سكان مدينة حمص وهم في
بيوتهم، وانتهت بتصويت روسيا والصين
بالفيتو على قرار مجلس الأمن الهادف
لوقف المذبحة المفتوحة. لقد تعرض الشعب
السوري يوم السبت لمذبحتين لا تقلان
سوءا وبشاعة عن بعضهما، شاركت فيهما
عصابات ودول. لقد
أثبت تصويت مجلس الأمن يوم السبت ضرورة
إحداث تغيير كامل في نظام الفيتو الذي
يسمح لدولة واحدة من الدول التي خرجت
منتصرة من الحرب العالمية الثانية قبل
65 سنة بتحديد مصائر شعوب العالم. لقد
شعرنا في العالم العربي بفداحة الفيتو
الأميركي لمصلحة إسرائيل، وعندما
انحاز البيت الابيض للمرة الثانية إلى
جانب الحق (بعد حرب البلقان) جاءت روسيا
والصين، القوى الصاعدة في الدبلوماسية
العالمية لترسما الخطوط الجديدة
لانحدار الأخلاق في السياسة الدولية. في
السنوات القليلة الماضية كانت هنالك
عدة مقترحات لتغيير صيغة اتخاذ القرار
في مجلس الأمن وضم دول جديدة مثل
ألمانيا والبرازيل والهند والتي باتت
ذات تأثير كبير على القرار الدولي،
ولكن الولايات المتحدة هي التي عارضت
الفكرة مفضلة الاحتفاظ بقدرتها على
استخدام الفيتو لحماية إسرائيل بالذات
من تبعات سياساتها. الآن الجميع يدفع
الثمن وكل حركة تحرر أو ثورة تحاول
الخروج من تحت حكم طاغية محمي من واحدة
من الدول الخمس سوف تعاني الكثير. لم يكن
مشروع القرار في مجلس الأمن ثوريا، ولم
يكن ليستخدم القوة العسكرية ولكنه كان
رسالة أخلاقية ضرورية للعالم لكي يتخذ
مواقف منسجمة مع الضمير كما كان رسالة
للنظام السوري مفادها أن هذا الخيار
الامني الوحشي لا يمكن أن يستمر، ولكن
ما حدث أن الرسائل المعاكسة هي التي
وصلت وعلى الاخص التبجح الذي أبداه
المندوب السوري في مجلس الأمن. نص
المشروع العربي-الدولي على وجوب “انتقال
السلطة ديمقراطيا” وإجراء انتخابات
في غضون ستة أشهر، في سوريا وهذا هو
الحل الوحيد للأزمة. والغريب أن مسودة
القرار لم تتضمن الإشارة إلى تنحى
الأسد وتركت النتيجة مفتوحة على كل
الاحتمالات. ولكن روسيا استخدمت نفس
الحجة الاميركية في دعمها لإسرائيل
قائلة بأن “النص لم يكن متوازنا، ولم
يتهم الجماعات العسكرية” وهذه
استعارة تامة للخطاب الإعلامي للنظام
السوري الذي يرفض الاعتراف بشرعية
المظاهرات الشعبية ويعتبرها عملا
عسكريا إرهابيا. إلا أن النص يتضمن
إشارة واضحة إلى إدانة العنف المرتكب
من قبل جميع الأطراف في سوريا وهذا كان
بناء على توصية روسية سابقة ومن أجل
الوصول إلى مسودة يمكن أن يحدث عليها
توافق. ما
تضمنه نص القرار هو إيقاف العنف
الممارس ضد المدنيين وسحب الجيش من
المدن والسماح لبعثة المراقبة العربية
بالتحرك بحرية وإطلاق سراح المساجين
والمعتقلين والتعاون مع منظمات حقوق
الإنسان وغيرها من المطالب الصحيحة
أخلاقيا والعادلة بكل المقاييس. لم يكن
هنالك كلمة واحدة تفتح المجال أمام
التدخل الخارجي. ما حدث
هو عار سيلاحق كافة من تسببوا به ومن
يبررونه. ================= فؤاد
حسين الرأي
الاردنية 6-2-2012 لم يكن
أحد يتوقع أن تكون ردة فعل السلطات
السورية على الموقف الأميركي من
الأحداث الجارية في سورية، إطلاق أحد
أهم قادة ومنظري القاعدة من السجن،
وكأنها ترمي القفازات بوجه واشنطن
معلنة إنتهاء التعاون الإستراتيجي في
«محاربة الإرهاب»، الذي مضى عليه عشر
سنوات. مصطفى
عبد القادر الست مريم المعروف بلقب «ابو
مصعب السوري» الذي أطلقت السلطات
السورية سراحه، كانت اعتقلته
المخابرات الأميركية في باكستان عام
2005، بعد أن تمكن من الإختفاء منذ
إجتياح القوات الأميركية لأفغانستان،
وطوال فترة إختفائه التي زادت عن أربع
سنوات، عكف على وضع كتابه الموسوعي «دعوة
المقاومة الإسلامية العالمية» الذي
صنفته المخابرات الأميركية على أنه
ومعه كتاب المفكر القاعدي الأخر ابو
بكر ناجي «إدارة التوحش» من أخطر وأهم
ما طرحته القاعدة، وكانت تدّرس
الكتابين في حلقات التحليل
الإستراتيجي. وقد حظي تمكن المخابرات
الأميركية من إعتقال السوري بتغطية
إحتفالية في وسائل الإعلام الأميركي
والغربي. وبعد بضعة أشهر، سلمت
الولايات المتحدة أبو مصعب السوري
للسلطات السورية، بحكم التعاون بينهما
في مكافحة ما يسمى الإرهاب، وكون
السوري مطلوبا أيضا للسلطات السورية،
لأنه أسس في الثمانينيات من القرن
الماضي تنظيم «الطليعة المقاتلة» مع
مروان حديد بهدف مقاتلة النظام السوري.
وتمكن من الإفلات من الإعتقال والتنقل
في أرجاء اوروبا قبل أن يستقر في
اسبانيا ويحصل على جنسيتها، قبل أن
يلتحق بالقاعدة في أفغانستان. تطلق
الدوائر الغربية على السوري لقب «داهية
القاعدة» ويعتبرونه من أهم العقول
الإستراتيجية في تنظيم القاعدة، فله
مئات المحاضرات المصورة والمكتوبة عن
حرب العصابات والصراع مع الغرب،
والموقف من انظمة الحكم، ويحظى بحضور
طاغٍ وإحترام كبير بين قواعد القاعدة،
وهذا ما يجعل من عملية إطلاق سراحه
لغزا كبيرا بحاجة الى محاولة تفكيك،
فهل أرادت دمشق فقط إنهاء تعاونها
الإستراتيجي مع واشنطن في محاربة ما
يسمى الإرهاب، أم هي أرادت أن تطلق يد
القاعدة لتواصل نهجها ضد واشنطن،
لتتمكن من تنفيذ بعض العمليات سواء في
الداخل الأميركي أو ضد المصالح
الأميركية، وبذلك تخفف من الإندفاعة
الأميركية الداعمة للمعارضة السورية.
وهل سيتبع إطلاق سراح ابو مصعب السوري
إطلاق المئات الأخرين المعتقلين في
السجون السورية على خلفية إنتمائهم
للقاعدة،خاصة محب الشيخين التونسي،
الذي كان محور النشاط الإعلامي
الإلكتروني للقاعدة قبل أن يعتقل في
دمشق. وهل لإطلاق سراح السوري علاقة
بموقف القاعدة من الأحداث الجارية في
سورية، خاصة وأن القاعدة أعلنت عبر
إصدار مصور عن مشاركتها العسكرية في
العمل ضد النظام في دمشق. وهل سيبقى
السوري في مدينته حلب ليقوم بدور ما،
أم أنه سيلحق برفيق دربه محمد مكاوي
المعروف بلقب «سيف العدل» المسؤول
العسكري للقاعدة، التي أطلقت سراحه
السلطات الإيرانية من قبل وعاد الى
رفاقه في أفغانستان. كثيرة
هي الأسئلة التي لا يمكن أن يجيب عليها
أحد، في الوقت الحالي على الأقل، لحين
توفر معلومات إضافية، لكن حتى ذلك
الحين، يمكن القول أن ما قامت به
السلطات السورية يعتبر صفعة قوية
وجهتها الى واشنطن، علينا أن ننتظر
لمعرفة قوتها. ================= رجا
طلب الرأي
الاردنية 6-2-2012 لا
يبدو في الافق ان الازمة السورية في
طريقها للحل، فلا النظام بات يملك بعد
اقتراب الثورة من عامها الاول القدرة
على الحسم، ولا الثوار والمحتجون
السوريون هم ايضا يملكون هذه المقدرة،
وفي الوقت نفسه فان الطرفين غير قادرين
على التراجع واصبحت المواجهة هي
الخيار المتاح رغم دموية السلطة
والنظام ورغم احتفاظ الثورة بطابعها
الاحتجاجي وغير المسلح. وامام
هذا المشهد الصعب والمعقد فان
الاستنتاج المنطقي هو ان هذه الازمة
ستطول وبخاصة بحكم تعطيل اية امكانية «
لتدويل « الازمة بفعل قوة الموقف
الروسي الحامي لسوريا في مجلس الامن
وبحكم الموقف الايراني المساند بقوة
غير عادية للنظام وتابعيه حزب الله
والحكومة العراقية. ما
يجرى تداوله الان حول سيناريوهات
محتملة يتحدث عن ما يلي : اولا :
سيناريو حل على الطريقة اليمنية، اي
توفير ملاذ آمن للاسد والعائلة وبعض
اركان النظام ونقل السلطة الى شخصية
معارضة توافقية وايجاد آلية سياسية
وقانونية تنتقل فيها البلاد الى
الديمقراطية والتعددية، ويبدو ان
الرئيس الاسد الى هذه اللحظة لا يشعر
انه في وضع يحتاج معه الى مثل هذا الحل
وبالتالي هو مرفوض من قبل النظام كما
انه مرفوض من قبل المعارضة ايضا التي
تعتقد ان حساب الرئيس واركان النظام
مسالة ضرورية واساسية في اي حل محتمل. ثانيا
: سيناريو حدوث انقلاب في الجيش يحسم
الامور باتجاه التخلص من الرئيس،
والذين يتحدثون عن مثل هذا السيناريو
لا يملكون حتى تصورا حول من هي الشخصية
القادرة على فعل ذلك، وما مدى قدرتها
على نقل البلاد الى حالة من الاستقرار،
وغير قادرين ايضا على تخميين ما اذا
كان هناك في سوريا شخص مثل سوار الذهب
في السودان مثلا يسلم السلطة وهو في
اوج قوته؟ ويعتقد
بعض المتابعين للشأن السوري ان
المؤسسة العسكرية مازالت «تحت السيطرة»
وبخاصة في حلقاتها العليا الممسكة
بالقرار اللوجستي والعملياتي، وان
ظاهرة الانشقاقات المتدحرجة في الجيش
السوري ما هي الا دليل واضح على صعوبة
مثل هذا الانقلاب وليس على سهولته، لان
الانشقاقات في الجيش اخذت طابعا
طائفيا ومناطقيا وهذا بحد ذاته يؤشر
على احتمالية حدوث السيناريو الثالث و
الخطير وهو سيناريو الحرب الاهلية. اما
السيناريو الرابع فهو دخول اسرائيل
على خط الازمة من خلال التعجيل في
توجيه ضربة قاصمة لايران بسبب ما تسميه
مخاوفها من قدرات طهران النووية، وهنا
يكون هذا السيناريو مفتوحا على واحد من
احتمالين : فاما نجاح مثل هذه الضربة في
تعطيل قدرات ايران النووية على غرار
ضرب مفاعل تموز العراقي عام 1980 واما
فشلها وفي كلا الحالتين سيكون لايران
رد فعل قد يطال دول الخليج العربي او
القوات الاميركية في العراق او الخليج
او اسرائيل نفسها. ومن كل
ما سبق يمكن الاستنتاج ان الازمة
السورية في طريقها نحو مزيد من الدم
والتصعيد وخطورة ذلك انها ستجر
المنطقة برمتها الى مزيد من الاحتقان
والتوتر وربما اشتعال حروب جديدة في
المنطقة. ================= الإثنين،
06 شباط 2012 01:08 عمر
عياصرة السبيل أنا
باعتقادي أنّ سقوط نظام الأسد سيصبّ في
مصلحة الأردن، فهذا النظام الذي يقتل
شعبه بهذه السيولة لا يمكن اعتباره
إلاّ «جار توتيري» لن يتورّع عن التدخل
في ساحاتنا ما تملّك الفرصة. خبرتنا
التاريخية مع نظام الأسد الأب كانت
مؤلمة، فقد تجرّأ على الأردن أمنيا في
محطات كثيرة، ولا أعتقد أنّ هذا النظام
ببنيته الفكرية قادر على تجاوز موقفه
السياسي السلبي تجاه هويتنا وكيانيتنا. أما من
ناحية الوقائع والواقع، فالنظام
السوري على وشك السقوط، ولن تنجيه من
هذه لا روسيا ولا الصين، وليس أدل على
ذلك من مجازره الأخيرة في حمص التي
أثبتت أنّ النظام بدأ يفقد صوابه. هنا
يحق لنا أن نسأل الحكومة عن مبرر بقاء
سفيرنا في دمشق وسفيرهم في عمان، صحيح
أنّه في بداية الأزمة كانت الرؤية غير
واضحة والتريث مبرر، لكننا اليوم نعيش
لحظة مختلفة، تضاعفت فيها احتمالات
سقوط النظام السوري، وزادت وحشيته إلى
الحد الذي يفرض علينا أخلاقيا
الانحياز الواضح للثورة وللشعب السوري. طرد
السفير بهجت سليمان، وهو واحد من
الأمنيين الذين تلطّخت أيديهم بدماء
الأبرياء، بات مطلبا شعبيا وموقفا
أخلاقيا لا بد منه. النظام
في دمشق سيسقط، ولن تحميه زفرات
المدافعين عنه في عمان على قاعدة أجندة
الحسابات البنكية، ولن تحول دون سقوطه
محاولاته الأيدولوجية التي ثبت زيفها
وهوانها على الناس. لذا
يجب علينا ونحن الأقرب إلى دمشق أن
تكون انحيازاتنا واضحة وجلية ومستشرفة
لآفاق المستقبل ولمصالحنا ولقيمنا
الأخلاقية الإنسانية. من هنا
ندعو الموقف الرسمي إلى سرعة التخلص من
تردده المبالغ فيه، وأن تكون البداية
من خلال طرد السفير السوري من عمان
أسوة بما فعلت تونس. هذه
الخطوة ستساهم بتضييق الخناق على
النظام السوري، وستزيد من حجم رصيدنا
المستقبلي عن حكام سوريا الجدد، أنّى
كانوا، فالانحياز للشعب السوري بمثل
هكذا خطوة لن ينساه السوريون
وسيقدّرونه أحسن تقدير. مع
شكّي بجراءة الرسمي الأردني على اتخاذ
مثل هذا الموقف، إلاّ أنني أتمنّى أن
نفعل ذلك بالسرعة الممكنة دون انتظار
لإشارة خضراء من هنا وهناك. ================= النظام
وحش مسلح لا صوت له ولا عقل عدي
الزعبي 2012-02-05 القدس
العربي 'الدكتاتورية
سيئة أخلاقياً، لأنها ترغم المواطنين،
ضد وعيهم وضد قناعاتهم الأخلاقية، على
التعاون مع الشر، ولو بالصمت. إنها
تحرم الإنسان من مسؤوليته الأخلاقية،
وهو من دونها ليس إلا نصف إنسان، أو أقل.' الفيلسوف
النمساوي كارل بوبر. الثورة
السورية، أولاً وقبل كل شيء، ثورة
أخلاقية. من خلالها، استعاد ملايين
السوريين مسؤوليتهم الأخلاقية عما
يجري في وطنهم. تحرر السوريون من
الطاغية عندما رفضوا الصمت، ذلك الشبح
الأجوف الذي زرعه في قلوبهم. يناضل
السوريون اليوم لاسترجاع إنسانيتهم.
هذه الإنسانية التي اعتقلها الطاغية
وحوّل السوريين إلى أنصاف بشر. اليوم،
يحمل كل متظاهر على كفه دماء الشهداء
ودماءه. لن يرضى السوريون بعد اليوم أن
يجلسوا متفرّجين على عصابة تحكم سورية
بالدم والنار. هذا الوطن لنا، كما
هتفوا مبكّراً 'سورية لينا وما هي لبيت
الأسد'. يعلم السوريون، أكثر من غيرهم،
أن استعادة سورية من الطاغية، وقبول
المسؤولية الأخلاقية عن كل فعل يقوم به
الثوار، عملية صعبة. ولكنهم تحرروا من
عقدة الخوف. كما تحرروا من السجن
الكبير. السوريون مسؤولون عن مستقبل
وطنهم. الشر، الذي يمثله النظام بكافة
تصرفاته، وعلى رأسها حرمان السوريين
من مسؤوليتهم الأخلاقية، سقط إلى غير
رجعة. الحرية تعني سقوط الطاغية.
الحرية، أيضاً، وبالتوازي مع سقوط
الطاغية، تعني أن يتحمّل كل فرد
مسؤولية الدم المراق، مسؤولية مستقبل
الوطن، ومسؤولية بناء دولة القانون.
وهذه المسؤولية، هي مسؤولية أخلاقية.
لا يوجد أخلاق تحت حكم الطاغية. يبدأ
المواطن في تحمّل مسؤوليته الأخلاقية،
حين يعلن العصيان. لسنا عبيداً في
وطننا. كل ما يحدث في سورية، أثناء وبعد
الثورة، مسؤوليتنا وحدنا. وجود
الطاغية وحاشيته، يعني أننا نعيش في
مجتمع بلا أخلاق، حيث الصمت، الوجه
الأبشع للشر، يحكمنا جميعاً. الحرية
تبدأ في مجتمع محكوم بالنار، بالفعل
الأكثر شجاعة والأكثر تأثيراً. الفعل
الذي يهدم صرح الطغيان من أساسه. أساس
الطغيان هو الصمت، صمت المحكومين
المتواطئ مع الشر، مع القتل والتعذيب
والفساد. الصمت الذي يجثم على صدور
المحكومين ويحولهم إلى آلات لا تعرف
الكلام. المواطن أبكم، والصوت الوحيد
في سورية هو صوت الطاغية. اكتشف
السوريون أن لهم صوتاً أنقى وأعلى.
أكثر من ذلك، اكتشفوا أن لهم أصواتاً
متعددة. الصوت الواحد، كالحزب الواحد
والقائد الواحد، من مخلّفات الطغيان.
يغنّي السوريون في مظاهراتهم، يرقصون
ويدبكون ويصرخون. يرسمون الكاريكاتير
واللوحات. يقومون بمظاهرات الشموع
وبمظاهرات نسائية وطلابية. وللسوريين
أصوات تجعلنا نرى تنوع الوطن
وإمكانياته اللامحدودة. حارس فريق كرة
القدم، الساروت، والممثلة الشابة التي
تعلن أنها علمانية، فدوة سليمان.
الطبيب الشاب مؤسس تنسيقية الأطباء،
ابراهيم عثمان. وشيخ الجامع الضرير،
أحمد الصياصنة. آلاف الشباب الذين
يقومون بمظاهراتهم، دون أن يسألوا عمن
يدعم أو يعارض، في الداخل والخارج، من
العرب أو من المجتمع الدولي، ثورتهم.
المغتربون، الذين يشعرون بحرقة
مستمرة، وبتقصيرهم الشديد، يساهمون
بالمال والمظاهرات والتنسيق، قدر
الإمكان، في دعم الثورة. لم
يسأل احد منهم عن وحدة المعارضة، أو عن
القيادة الشرعية للثورة، أو عن مواقف
روسيا وأمريكا. اكتشف السوريون أن لهم
أصواتاً تملأ الفضاء وتعيد لهم
حريتهم، وإنسانيتهم. المسؤولية
الأخلاقية، التي استعادها هؤلاء، حين
قرروا أنّ الشر لا يمكن السكوت عنه،
أنهت عقوداً من الاستبداد. سقط
الطاغية، حين استعاد السوريون أصواتهم.
غناء يملأ الشوارع، فرح صاخب، بالرغم
من الثمن الباهظ الذي يدفعونه. دماء
أبنائهم وبناتهم، تعيد لهم ما خسروه.
الصوت، النقي والصادق والواثق. الصوت
المباشر والواضح والجميل. الصوت الذي
يكتب في سورية العهد من جديد. في البدء
كانت الكلمة. في
المقابل، نجد النظام السوري يتخبط في
تصريحات مؤسفة لأي كائن عاقل. لم يستطع
الطاغية وحاشيته أن يواجهوا الثوار. هم
معتادون على الصمت. الثورة أجبرت
الطاغية على أن يتحدث إلى أنصاره. هنا
الطامة الكبرى. ليس للطغيان صوت عاقل.
صوته رصاصه. ليس للطغيان عقل. ليس
للطغيان وجود دون رصاصه. صوت الطغيان
يلعلع في أحياء حمص، دمنا شاهد على
وجوده، على غياب العقل. مع
الرصاص، نسمع ما يشبه الصوت. إنها
محاولات الطغيان للتعمية على أصواتنا.
أصوات النظام مكررة وفارغة وخالية من
المعنى. انتصرت الثورة بوضوحها وصدقها.
يكفي أن نصغي مرة واحدة لأنصار النظام،
حتى نكتشف هول الفاجعة. وزير الخارجية
أو المندوب في الأمم المتحدة،
والخطابات الطويلة المملة، التي ترسل
رسائل عدة في ثناياها، ولكنها لا تقول
أي شيء مباشر. أعادت الثورة للسوريين
أصل الكلام إلى ما نريد قوله. بقي
النظام مملاً وخاوياً. ليس لأنصاره
ولقيادته ما يقولونه. لم يتدرّب أي
منهم يوماً على محاولة شرح أفكاره
بوضوح، ومناقشتها مع الآخرين. فهو لم
يتحدث يوماً إلى الآخرين. النظام الذي
اعتاد الصمت، وشرّعه كركن وحيد في
مملكة الخوف، لم يستطع، حين علت أصوات
السوريين، أن يتكلّم. النظام وحش
مسلّح، لا صوت له، ولا عقل. ما
تبقى هو محاولات الطغيان إعادة الصمت.
الصمت نصره الوحيد. طالما بقيت أصواتنا
عالية، يغيب الشر. الصوت عدو الشر. ننفض
عن أرواحنا غبار الصمت الطويل. ننظف
حناجرنا ونصدح بأغاني القاشوش. ارحل. في
عتمة الدرب، نرى أشباح القاشوش وغياث
مطر تبتسم متعبة. سرقوا حناجرنا. الصمت
يرخي بظلاله على القصر. ليلاً، تجول
الأشباح، بلا حناجر، في غرفه الباردة. في
صباح قريب، سوف يزلزل الصوت قصر 'المهاجرين':
السوريون استعادوا حنجرتي القاشوش
ومطر. ويعم الغناء الوطن. كلنا مسؤول. ================= قباني
وزولا وغوته: شبيحة الجعفري! صبحي
حديدي 2012-02-05 القدس
العربي استنكر
الكثيرون لجوء بشار الجعفري، مندوب
النظام السوري في الأمم المتحدة، إلى
افتتاح كلمته في مجلس الأمن الدولي
ببيت من الشاعر السوري الكبير الراحل
نزار قباني؛ موحياً، ضمناً، أنّ الشعر
هنا ينتصر لدمشق/ السلطة، إزاء غدر
العرب والعروبة. وجهة أولى خلف
الاستنكار، محقة تماماً، هي أنّ
القصيدة التي اقتبس الجعفري بيتاً
ختامياً منها، هي في الواقع ضدّ حكم
البعث، عموماً؛ والشكوى فيها هي، على
النقيض، انتصار لدمشق معاوية، وحلب
أبي الطيب المتنبي، وحمص خالد بن
الوليد: يا
شام، أين هما عينا معاويةٍ/ وأين من
زحموا بالمنكب الشهبا فلا
خيول بني حمدان راقصةٌ/ زهواً، ولا
المتنبي مالئٌ حلبا وقبر
خالد في حمصٍ نلامسه/ فيرجف القبر من
زواره غضبا وجهة
أخرى تقول إنّ الشاعر، لو كان حيّاً
بيننا اليوم، فلا ريب في أنه كان سيقف
مع انتفاضة الشعب السوري ضدّ النظام؛
وهو الأمر المرجّح، بالطبع، لولا أنه
يظلّ افتراضياً بالضرورة، لا سيما إذا
استعرض المرء سلسلة خيانات المثقفين
والفنانين السوريين الذين انضووا في
صفّ النظام، أو تواطأوا مع جرائمه عن
طريق الصمت تارة، أو الغمغمة والتأتأة
طوراً. واجب تحكيم التاريخ، فضلاً عن
إنصاف الحقيقة، يقتضيان التذكير بأنّ
الجعفري لم يكن أوّل اللاهثين خلف
قباني بغية تطويعه على نحو يخدم
النظام، دون اكتراث بمقدار ما تنطوي
عليه الرياضة (المفضوحة، أصلاً) من
ديماغوجية فاقعة. يُذكر،
على سبيل المثال الأقرب عهداً، إصرار
حنان قصاب حسن، الأمين العام
لاحتفالية دمشق عاصمة ثقافية، 2008، على
تخصيص سلسلة من الأنشطة التي تفرط في
تكريم قباني تحديداً. ورغم أنّ صداقة
قصاب حسن مع النظام لا تُقارن بولاء
الجعفري له، فإنّ معظم تلك الأنشطة لم
تخلُ من مسحة نفاق عالية، تبيّض صفحة
النظام أقلّ ممّا تكرّم قباني أو دمشق (فعالية
'حقّ الياسمين'، في حديقة الجاحظ؛
وفعالية 'هنا ينام قلبي'، التي أُقيمت
في قصر الحمراء، بغرناطة، تحت رعاية
أسماء الأسد والملكة صوفيا). وللتذكير،
أثار ذلك الإفراط عتباً علنياً من
فايزة شاويش، أرملة سعد الله ونوس،
المسرحي السوري الكبير الراحل: 'فوجئنا
جميعاً بأسلوب الاحتفاء بنزار قباني
مع احترامي الشديد له، إذ طوال عشرة
أيام وصور نزار تملأ الصحف والمجلات
واللوحات الطرقية بأحجام مختلفة'.
وتساءلت: هل قدّم قباني للوطن أكثر مما
قدّمه ونوس؟ والحال
أنّ الراحلَيْن، في ما يتصل بالنظام،
اشتركا في خصيصة واحدة على الأقلّ، هي
اهتمام حافظ الأسد الشخصي (أو ادعاء
الاهتمام، غنيّ عن القول) بأوضاعهما
الصحية: قباني، حين توجب نقله إلى
مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت؛
ثمّ ونوس، حين اقتضى علاجه السفر إلى
باريس. تلك، بالطبع، مكرمة الوطن
السوري لمبدعيه الكبار، وليست منّة من
الأسد، الذي لم يسدد من حرّ ماله؛ غير
أنّ الكثيرين من أمثال ونوس وقباني لم
يحظوا بذلك الاهتمام، لاعتبارات لا
تخفى. وكما أنّ ونوس كان معارضاً
للنظام على طريقته، التي قد يساجل
البعض حولها في كثير أو قليل؛ فإنّ
قباني كان صديق معظم الأنظمة العربية،
على طريقته أيضاً، القابلة بدورها
لسجال مماثل. معروف،
في المقابل، أنّ قباني لم يكن على وفاق
بيّن مع نظام البعث الحاكم في سورية
منذ 1963، وخاصة بعد استقالته من العمل
الدبلوماسي سنة 1966، ومغادرة سورية
نهائياً، إلى بيروت ثمّ لندن، قبل أن
يعود إلى دمشق في كفن سنة 1998. لكنّ
سيرورة مصالحة، إذا جازت تسميتها
هكذا، كانت قد بدأت في عهد الأسد الأب،
وتضمنت ذلك الظهور الشهير للراحل على
مدرج جامعة دمشق، مطلع السبعينيات،
ثمّ استقبال الأسد له في مكتبه سنة 1974.
ورغم مزالق ما يمكن أن تسفر عنه من
احتقان في نفوس المواطنين، سوف يسمح
النظام بجنازة حرّة اخترقت شوارع دمشق
الحديثة، وصولاً إلى مقبرة 'باب الصغير'،
حيث سيُدفن قباني. كذلك سوف تتلقى
أمانة العاصمة الضوء الأخضر بإطلاق
اسم الراحل على أحد شوارع دمشق، في
منطقة 'ابو رمانة' الفارهة. صحيح
أنّ هذه الملابسات متضاربة متناقضة،
ولعلها اتخذت تلك السمة لأسباب منطقية
تخصّ شخصية قباني نفسه، عموماً؛ ولكن
هل تمنح الجعفري أي ترخيص بنبش شعر
الراحل، على نحو تحريفي ديماغوجي يبلغ
شأو تحويله إلى شبّيح في خدمة حرب
النظام المفتوحة على الشعب السوري؟ من
العبث أن يجيب المرء بالنفي، ما دام
الجعفري تجاسر أكثر فحشد مع قباني، في
صفّ الشبيحة ذاته، أسماء كبيرة مثل
الروائي إميل زولا (صاحب وثيقة 'إني
أتهم' الشهيرة، دفاعاً عن الضابط
البريء ألفريد دريفوس)؛ والشاعر
والروائي الألماني يوهان فولفغانج
غوته (صاحب الملحمة الشعرية 'فاوست'،
التي تتحدّث عن بيع الروح للشيطان). صحيح،
كذلك، أنّ حي الخالدية الحمصي، الذي
ارتكب فيه النظام المجزرة الأبشع منذ
مجزرة حماة 1982، إنما يستمد اسمه من
خالد بن الوليد، حيث القبر الذي رآه
قباني يرتجف غضباً من زوّاره. ولا عجب
أنّ هذه المفارقة غابت عن الجعفري، حين
حوّل الشاعر الكبير إلى 'منحبكجي'
صغير، يهتف ضدّ العرب والعروبة! ================= عبد
الباري عطوان 2012-02-05 القدس
العربي الفيتو
الروسي الصيني المزدوج الذي استخدم في
مجلس الامن الدولي مساء يوم السبت
لعرقلة مشروع قرار غربي عربي يطالب
بتنحي الرئيس بشار الاسد وحقن الدماء
في سورية، هو نقطة تحول مفصلية في
العلاقات الدولية، وبداية صفحة جديدة
من حرب باردة من نوع مختلف. من
استخدم حق النقض 'الفيتو' لم يستخدمه
انتصارا للرئيس الاسد، ولا الحرص على
سورية، فليس في سورية نفط ولا ودائع
مالية بمئات المليارات، وانما تأسيسا
لنظام عالمي جديد متعدد الاقطاب،
وصعود قوى عظمى جديدة، اقتصاديا
وعسكريا، تريد وضع حد للهيمنة
الامريكية الغربية على مقدرات العالم. عالم
اليوم الذي يطل برأسه بقوة لا تحكمه
العواطف ولا المبادئ والقيم، بقدر ما
يحكمه الاقتصاد، والرغبة في النفوذ،
وليس صدفة ان الدول التي وقفت في وجه
المشروع العربي الغربي في مجلس الامن
الدولي هي خمس دول (روسيا والصين
والهند والبرازيل وجنوب افريقيا)
تعتبر الآن الاقتصادات الصاعدة في
الوقت الراهن، ثلاث منها اعضاء في تجمع
الدول الصناعية الثماني الكبرى (روسيا
والصين والبرازيل والاخيرة ازاحت
بريطانيا من المركز السادس كأقوى
اقتصاد في العالم)، والدول الخمس ممثلة
في نادي الدول العشرين. جامعة
الدول العربية ارتكبت خطيئة كبرى
عندما تجاهلت الخريطة الجديدة لمراكز
القوة في العالم، وتعاطت باحتقار مع
الدول الخمس المذكورة، وخاصة الصين
وروسيا، فقد كان محتما عليها التنسيق
مع هذه الدول، واحترام كرامتها
ومصالحها في آن، وهي دول وقفت دائما
الى جانب القضايا العربية العادلة،
وقضية الصراع العربي الاسرائيلي على
وجه الخصوص، ولكن يبدو ان الجامعة في
عصرها الجديد نسيت هذه القضايا تماما،
وبدأت تتنكر لاصدقاء العرب، وتتودد
لأعدائهم. من
المؤكد ان المعارضة السورية منيت
بصدمة كبرى من جراء هذا الفيتو الصيني
الروسي المزدوج، فقد راهنت كثيرا على
ورقة 'التدويل'، واستصدار قرار اممي
يفتح الباب على مصراعيه امام التدخل
الاجنبي العسكري لوضع حد لجرائم
النظام، على غرار ما حدث في ليبيا،
ولكن النتائج جاءت مفاجئة تماما،
وعادت الأزمة السورية الى المربع
الاول مجددا، مربع القتل والمجازر،
وما حدث في مدينة حمص ليلة التصويت في
مجلس الامن (300 قتيل جميعهم من المدنيين
العزل) هو دليل بارز في هذا الاطار. ' ' ' السوريون
يدفعون من دمائهم وارواحهم ثمن قرار
مجلس الأمن باعطاء الضوء الاخضر لتدخل
حلف الناتو في ليبيا، واصرار الصين
وروسيا على استخدام 'الفيتو المزدوج'
يوم امس الاول لإفشال مشروع القرار
العربي الغربي، رغم ان 'فيتو' واحدا
يكفي، هو رغبة في الانتقام من الإهانة
التي تعرضت لهما الدولتان على يد
امريكا وحلفائها الاوروبيين والعرب،
عندما صدقوا وعود هؤلاء بان القرار 1973
الذي امتنعتا عن التصويت معه او ضده،
كان مصيدة، الهدف منها تغيير النظام،
وليس حماية المدنيين فقط. العقيد
معمر القذافي خسر حكمه، وانتهى نهاية
دموية غير مسبوقة، ليس لأنه ديكتاتور
ظالم يتزعم نظاما فاسدا، فهناك انظمة
عربية اكثر فسادا وديكتاتورية وقمعا
وتخلفا من نظامه، وانما ايضا لأنه اعطى
معظم عقود استكشاف النفط وبناء البنى
التحتية الليبية للصين وروسيا والهند،
وبدرجة اقل للبرازيل وجنوب افريقيا،
وليس للدول الغربية وبعض العربية. لا احد
يعير ليبيا اي اهتمام حاليا، ولم يجتمع
وزراء خارجية اصدقاء ليبيا مرة واحدة
منذ الاطاحة بنظام القذافي، وهم الذين
كانوا يجدون الوقت للاجتماع كل اسبوع
في هذا العاصمة او تلك، رغم تدهور
الاوضاع على الارض وهيمنة الميليشيات
المتطرفة، والتناحر الدموي بينها، فقد
قالوا لنا انهم تعلموا من اخطائهم في
العراق، ووضعوا خطة لليبيا بعد اطاحة
النظام لمنع الفوضى والارهاب، لنكتشف
انه لا توجد هناك خطة ولا من يحزنون،
فطالما ان النفط يتدفق الى مصافيهم،
والودائع (200 مليار دولار) في بنوكهم،
فليقتل الليبيون بعضهم البعض. يخطئ
النظام السوري اذا اعتقد ان هذا 'الفيتو
المزدوج' هو ضوء اخضر له لمواصلة
استخدام حلوله الامنية الدموية
وارتكاب مجازر في حق الابرياء، مثلما
حصل في حمص، بل هو مقدمة لوضعه بقوة تحت
الوصاية الروسية الصينية وسلبه قراره
المستقل في التعامل بدموية مع
الثائرين ضده. الوفد
الروسي بزعامة سيرجي لافروف وزير
الخارجية، وعضوية قائد المخابرات
العسكرية، الذي سيحط الرحال في دمشق
يوم غد الثلاثاء ، لا يذهب الى هناك من
اجل الكبة الحلبية، او هربا من صقيع
موسكو الى دفء سورية وشمسها الساطعة،
وانما سيأتي حاملا سلسلة من
الإملاءات، وخريطة طريق مفصلة لما يجب
ان يفعله النظام من اصلاحات حقيقية،
وبتعليمات صريحة بوقف آلة القتل فورا. ' ' ' النظام
السوري لن يكون في موقع المناورة
والتهرب من الاصلاح، مثلما فعل طوال
الاشهر الماضية من عمر الانتفاضة،
فروسيا مثلما قال وزير خارجيتها قبل
يومين، ليست حليفة ولا صديقة لنظام
الرئيس بشار الاسد، وانما صديقة
لسورية، وحريصة على مصالحها فيها،
ابتداء من قاعدة طرطوس الوحيدة في
المنطقة، والحفاظ على سرية اسلحتها
المتقدمة التي قدمتها للنظام، ولم
تقدم مثيلاتها لغيره، والحيلولة دون
وقوعها في ايدي نظام موال للغرب يقدمها
واسرارها على طبق من ذهب الى امريكا
واجهزتها الامنية، وابرز مثال على هذه
الاسلحة صواريخ 'اس 300' المضادة
للطائرات التي حجبتها موسكو عن ايران،
خضوعا لضغوط واغراءات امريكية قبل
الأزمة السورية، بسبب دقتها المطلقة. يجب ان
يدرك النظام السوري، والانظمة العربية
جميعا في المنطقة، ان الاسابيع
والاشهر المقبلة، قد تحمل الاسوأ
للجميع، ولا نستبعد ان يكون الاستعجال
في تدويل الأزمة السورية، وبهذه
الطريقة غير المدروسة، هو محاولة
لاغلاق هذا الملف بطريقة او بأخرى من
اجل التركيز على ملف اكثر سخونة
واهمية، وهو الملف الايراني، وقد يكون
استخدام الفيتو المزدوج هو رسالة
لامريكا واسرائيل وبعض العرب تقول بان
ايران لن تقف وحيدة في مواجهة المخططات
الاسرائيلية لقصفها. امريكا
ومعها الاوروبيون والعرب قد لا
يبتلعون هذه الهزيمة بسهولة، وهذا
حقهم، ولا نستبعد تصعيدا خطيرا للوضع
الامني، من حيث دعم المعارضة
الداخلية، والجيش السوري الحر، وتهريب
كميات كبيرة من الاسلحة والمتطوعين،
لاستنزاف النظام، وتقويض قاعدتيه
الأمنية والعسكرية. الحل
في سورية سياسي، ولم يفت الوقت بعد،
وخريطة الطريق التي يحملها لافروف غدا
تشكل عجلة انقاذ للنظام ولروسيا
وللجامعة العربية ايضا، والعناد قد
يؤدي الى كارثتين معا، الحرب الأهلية
التي ستجر المنطقة الى حرب، وسيكون
السوريون جميعا ومن خلفهم العرب هم
الخاسر الاكبر. مجزرة
واحدة اخرى يرتكبها النظام ستكون
بداية النهاية له، حتى لو جاءت ردا على
استفزاز من هنا او هناك، فالشعب الذي
صمد عشرة اشهر، وقدم ستة آلاف شهيد حتى
الآن، لن يتوقف في منتصف الطريق، واذا
كان الرئيس حافظ الاسد تمكن من
الاستمرار في الحكم بعد مجزرة حماة عام
1982 فإن نجله الرئيس بشار لن يستمر،
فالظروف تغيرت والشعب السوري ايضا. ================= الإثنين,
06 فبراير 2012 غسان
شربل الحياة أطلق
الفيتو المزدوج في مجلس الأمن العنان
للمخيلات والتفسيرات. ولا مبالغة في
القول إن الجلسة كانت استثنائية. الحدث
السوري شديد السخونة والمجلس انعقد
على دويّ الأنباء عن مجزرة مروّعة في
حمص. الاستقطاب الدولي حول الأزمة سجل
تصاعداً. والدول الغربية رفعت مستوى
حضورها في بداية الجولة الجديدة أمام
المجلس. أحبط
الفيتو مشروع القرار العربي - الغربي.
ثمة من رأى أن روسيا أرادت استخدام
الأزمة السورية لإطلاق أزمة كبرى في
العلاقات الدولية. أرادت أن تبعث
برسالة الى الولايات المتحدة أنها
ليست طليقة اليدين في الشرق الأوسط
ومجلس الأمن. وأنها لا تستطيع الاتكاء
على الشرعية الدولية للمساهمة في
تقويض نظام واستكمال رسم ملامح منطقة.
وأن روسيا لا تستطيع التساهل في مصير
آخر موقع لها في الشرق الأوسط وتحديداً
على خط التماس العربي - الإسرائيلي. ورأى
آخرون ان الصين أرادت بدورها القول إن
على الولايات المتحدة أن تلجم
اندفاعها وأن تفكر في مصالح الآخرين.
وأن الصين تتعاطى مع الأزمة السورية
وعينها على ايران ومصالحها هناك
ومصادرها من النفط الإيراني. وأن الصين
تفكر في العقود المقبلة ومخاطر أن تسقط
بحيرة نفط الشرق الأوسط بكاملها تحت
النفوذ الأميركي. وأن هذا السقوط سيضع
قيداً على صعود العملاق الصيني. ثمة من
اعتبر أن الأزمة الروسية - الأميركية
الحالية هي من قماشة الأزمات الكبرى
وتكاد تشبه أزمة الصواريخ الكوبية في
بداية الستينات. ولمح هؤلاء الى أن تلك
الأزمة انتهت بسحب الصواريخ
السوفياتية من كوبا مقابل تعهد
الولايات المتحدة بعدم التدخل عسكرياً
لإطاحة نظام فيديل كاسترو. لكن الحقيقة
هي أن الأزمة مختلفة بموقعها وحدّتها،
والفاصل بين الأزمتين نصف قرن، وموسكو
الحالية هي موسكو الروسية وليست
السوفياتية، وأن «الحرب الباردة» جرت
في ظل موازين أخرى. ثمة من
توقف عند جانب آخر. اعتبر هؤلاء أن
الجانب الأميركي لم يكن غافلاً عن أن
الجانب الروسي سيلجأ الى استخدام حق
النقض. وأنه دفعه متعمداً الى هذا
الموقف الذي يضع روسيا في مواجهة
ائتلاف عريض يمثل الغالبية. وأن موسكو
اضطرت عملياً الى الوقوف ضد إرادة
الجامعة العربية. وبدت معادية ل «الربيع
العربي» لأنه ينجب إسلاميين كلما سقط
نظام وفتحت صناديق اقتراع. وأن موسكو
ستدفع بالتأكيد ثمن اصطدامها بالمشروع
العربي - الغربي. ومنذ لحظة التصويت
ارتفعت أصوات غربية وعربية تحمّل
روسيا مسؤولية أي انزلاق سوري الى حرب
أهلية مفتوحة واتخذت منظمات دولية
موقفاً مشابهاً. واضح
أن روسيا تريد أن تكون عرابة الحل أو
مفتاح الحل. وأنها تتطلع الى صيغة تحفظ
النظام مع إدخال إصلاحات عليه. صيغة
تحول دون انهيار المؤسسات وخصوصاً
الجيش وما يعنيه بالنسبة الى التركيبة
السورية. بقاء المؤسسات يتيح لروسيا
الاحتفاظ بقدر من مصالحها ودورها،
خصوصاً إذا انتزعت حق رعاية الحوار أو
المرحلة الانتقالية. تستطيع
سورية في المقابل الحديث عن وفاء
الحليف الروسي. وأن موسكو لن تسمح
بتمرير قرار في مجلس الأمن يدعو الى
تنحي الرئيس بشار الأسد أو يبرر تدخلاً
عسكرياً، وهو غير مطروح حالياً، أو فرض
عزلة دولية كاملة على النظام. لكن
سورية تدرك في الوقت نفسه أن وضعها
الدولي بات معلقاً بالخيط الروسي،
ولمثل هذا الوضع ثمن لا بد من دفعه. لروسيا
مصالح في سورية ولكن لها مع الغرب
لائحة طويلة من المتاعب والمطالب
والملفات والمصالح. من هنا تبدو زيارة
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف
ورئيس أجهزة الاستخبارات الخارجية
ميخائيل فرادكوف الى دمشق غداً شديدة
الأهمية. لا بد من الانتظار لمعرفة ما
سيطلبه لافروف من الأسد. أغلب الظن أن
موسكو ستطلب ما يساعد على تحريك عملية
البحث عن حل وما يجنب البلدين عزلة
إقليمية ودولية. ستطلب موسكو ثمناً
لموقفها في نيويورك. والطريق الى الحل
لا بد من أن يكون قريباً مما طرحته
الجامعة العربية مع شيء من التعديلات.
إن السؤال الملحّ الآن يتعلق بحقيبة
لافروف. بأي مطالب سيصل الى دمشق وبأي
أجوبة سيعود منها؟ لا تستطيع دمشق
التعامل مع حقيبة لافروف كما تعاملت مع
حقيبة نبيل العربي. ================= الإثنين,
06 فبراير 2012 داود
الشريان الحياة بمشاركة
صينية، أسقطت روسيا، للمرة الثانية،
إجماع أعضاء مجلس الأمن على مشروع قرار
دعم الخطة العربية للعملية السياسية
الانتقالية في سورية. بدعوى انه يدعو
الى تغيير النظام، وتشجيع المعارضة
للسيطرة على السلطة، ويوجه «رسالة غير
متوازنة الى النظام والمعارضة، ولا
يعكس واقع الوضع في سورية»، فضلاً عن
انها طالبت ان يكون القرار «لأخذ العلم
وليس للتنفيذ»، ما يشير الى ان روسيا
تهدف الى تعطيل الخطة العربية وإخراج
العرب من المشهد. بعض
العرب يتفهم، ولا يرفض، وربما يدعم،
لجم حماسة «مجلس الأمن» لاستصدار قرار
يفضي في النهاية الى تدخل عسكري في
سورية، على غرار ما جرى في ليبيا. لكن
الاعتراض الروسي لم يتوقف عند هذه
النقطة الجوهرية، وكان منحازاً الى
النظام في شكل فج. لم يقر بعنف الجيش
السوري، وساوى بين الضحية والجلاد،
واعتبر عنف الحكومة مساوياً لمطالب
الشعب السوري، وجعل رفض التدخل وسيلة
لتسويغ القمع والهمجية، واعطاء النظام
السوري فسحة من الوقت لتنفيذ عملياته
العسكرية وحسم المعركة، أو هكذا يتوهم
الروس. لا شك
في ان زوال النظام السوري يعني أفول
شمس روسيا في المنطقة. دمشق هي آخر حصون
موسكو في الشرق الاوسط، وهي تستخدم دم
الشعب السوري، للتصدي لتهميش دورها
وفك تشابك مصالحها مع الغرب، وتدرك ان
الدول الغربية تهدف الى التخلص من
بقايا ما كان يعرف ب «الاتحاد السوفيتي»،
ومن يتابع تنامي علاقات روسيا
العسكرية مع ايران، والتنسيق مع «حزب
الله»، وتزويده بالسلاح، سيجد انها
تخوض حرب بقاء في المنطقة، وتسعى، بهذا
السلوك الانتهازي، الى حماية منفذها
الوحيد على البحر المتوسط، ومحاصرة
التسهيلات التركية لحلف الاطلسي. الأكيد
ان وجود صوت معارض للاطماع الغربية
مطلوب. لكن روسيا لم تعد تشكل توازناً
للقوة، فضلاً عن انها تسعى الى تحقيق
اطماعها بدعم الديكتاتورية والوحشية
والظلم. واذا كانت موسكو تدافع عن
مصالحها على هذا النحو المقزز، فيجب
على الدول العربية، تعليق العلاقات
الديبلوماسية معها، ومقاطعة بضائعها،
ووضع شركاتها على القائمة السوداء.
موسكو تستهين بشعوب المنطقة، وتعاود
فاشيتها القديمة، وعلى العرب مواجهتها
بحزم. ================= الإثنين,
06 فبراير 2012 جميل
الذيابي الحياة اختطاف
لعائلات. اغتيالات. اعتقالات تعسفية.
ذبح للأطفال. دماء وأشلاء وجثث أبرياء.
مذابح جماعية ومجازر يومية. نظام دموي
يفتح شهيته للقتل والتدمير والتعذيب.
عصابة إجرامية. نشر للموت على الطرقات.
هدم للمنازل على رؤوس أهلها. حصار
للمدن والبلدات السورية بالدبابات
والطائرات. نظام يرتكب الجرائم
وعمليات القتل ليل نهار ضد الأبرياء،
وكل تلك الممارسات لم تحرك ساكناً في
قلوب الروس والصينيين. لقد تنكّروا
للشعوب العربية وقدموا شهادة الخذلان
للبشرية والإنسانية. في
سورية، دولة بوليسية يديرها حزب لا
يعرف الرحمة والإنسانية، يقابله اليوم
رجال أقوياء قادرون على هزيمة مصاصي
الدماء. في سورية رجال وطنيون نُجَباء
يعرفون كيف يقطفون عناقيد الحرية
ويكتبون هزيمة «الشبيحة» و«الفيتو». قبل 30
عاماً، في (شباط) فبراير 1982، ارتكب نظام
حافظ الأسد مذبحة حماة، التي تجاوزت في
دمويتها المجازر الإسرائيلية، ويوم
الجمعة الماضي تذكر أهالي سورية مجزرة
الأب (حافظ) وشهدوا مذبحة جديدة نفذها
ابنه بشار ضد حمص وأهلها؟ وكأنّ حماة
وحمص ودرعا وغيرها مكتوب عليها أن تعيش
الجرائم والمذابح مع حكم يزهق الأنفس
البريئة ويرشقها بوابل من الرصاص. شهدت
حماة الجمعة الماضي أكبر تظاهرة على
امتداد سورية ضد نظام بشار الأسد الذي
يقتل النساء وذبح الأطفال وعذّب
المعتقلين، وحاول إجبار المدن والسكان
على الطاعة بالقوة ونشر الموت في كل
الأرجاء السورية. تناسى
هذا الحكم أن حماة لم تمت في المذبحة
الأولى عندما جعلها حافظ الأسد تسبح في
بحر من الدماء... وستبقى حماة وحمص
وبقية البلدات السورية الثائرة رمزاً
للنضال ورافعة لشعار الحرية والكرامة
في تحد للنظام. في
ذكرى حماة اصطبغ نهر العاصي بلون الدم،
وكتب النهر قصة الثورة والكفاح. لم
يتوقف الدم في عروق أبناء حماة ورجالات
سورية الأحرار على مدى 30 عاماً. إنها
رحلة الحرية والعدالة والكرامة
الإنسانية. حركة
مجلس الأمن بطيئة ويعوقها «الفيتو»
فيما أعداد الضحايا تتزايد يومياً،
والمواقف الروسية والصينية تتوشح
بالعار والشنار. موسكو وبكين تصران على
الرقص على الجثث، بلا اكتراث بمذابح
نظام الأسد. سيذهب فلاديمير بوتين ومن
على شاكلته إلى مزبلة التاريخ، تلاحقه
لعنات شعوب عربية غاضبة، وهتافات شعوب
حرة تناصر حرية الإنسان، فمن لا ينتصر
لحقن الدم وتحركه الفزعة لحياة
الإنسان لا يستحق إلا اللعن والنبذ. ما
ينتظر من الشعبين الروسي والصيني
التحرك والوقوف ضد «فيتو رخصة القتل»
والضغط على حكومتيهما للتوقف عن
مساندة نظام الأسد، وعدم التعامل مع
آلاف القتلى كأرقام وأوراق في لعبة
المصالح والنفوذ. (أشك في ذلك)! مارس
الحكم السوري انحطاطاً ووحشية وقذارة
ضد الإنسانية بعد أن نحر الأطفال الرضع
واستباح دماء النساء وذبح أبناء وطنه
كما تذبح الخراف! مؤشرات
النصر قريبة مهما حاول بشار التشبث
بالسلطة، ومهما حاول تصفية شعبه
بالقتل وإقصاء معارضيه ب«فيتو» موسكو
وبكين، ومهما حاول أن يبقى فلن يستطيع
طالما أن «الشعب قرر إسقاطه» وينتظر
لحظة القصاص منه. تشهد
القوات الحكومية انشقاقات يومية، إذ
تجاوز عدد المنشقين ألفي فرد، يعملون
مع «الجيش الحر»، وهنالك كتائب تعمل في
ريف دمشق، بدأت في اعتقال بعض
الإيرانيين والتابعين لشبيحة النظام،
وهو ما يتوجب على رجالات الجيش التحرر
ونزع بزة الخوف واعتمار قبعة الحرية
والكرامة وشعار إسقاط نظام بشار، كما
أن على الضباط والجنود المنشقين عن
الجيش والأمن العمل سوياً لمنع النظام
من ارتكاب مجازر جديدة بتشكيل مناطق
آمنة تدار منها المواجهات مع قوات
النظام. يمكن
للدول العربية طرد سفراء دمشق على غرار
قرار تونس والضغط على موسكو عبر قنوات
اقتصادية وتجارية وديبلوماسية،
والعمل سريعاً على مساعدة الشعب
السوري إنسانياً وإغاثياً. كما أن على
الدول العربية الاعتراف بالمجلس
الوطني ممثلاً للشعب السوري وحض
المعارضة السورية على التماسك وتشكيل
تحالف حقيقي بين كل الطوائف، لأن
النظام سيحاول حتى اللحظة الأخيرة أخذ
البلاد نحو التناحر الطائفي للدخول في
حرب أهلية، وهو ما يجب أن يتنبه له
الشعب ويتجنبه. لنتذكر
أن الشعوب العربية قبل «الربيع العربي»
كانت تلعن الأنظمة الدكتاتورية
والقتلة سراً، وبعد أن شمت روائح
الحرية تحررت ولعنتهم علناً، وأسقطت
زعماء الاستبداد، وهذا دليل على
الانتفاضة النفسية ضد الخشية والخوف
والإصرار على المشاركة الوطنية
المستقبلية وعدم الخضوع والرضوخ
لبنادق وسجون الطغاة مهما كلف الأمر. الأكيد
أن بقاء بشار الأسد مستحيل، والقتلة
مبشرون بالقتل. والحل الذي سيفتك
بالنظام سريعاً هو قوة الداخل لا
الخارج، وهو ما يحدث حالياً. ================= بعد
مجزرة حمص.. «الإخوان» والهلال الشيعي حمد
الماجد الشرق
الاوسط 6-2-2012 من
المفترض أن تكون مجزرة حمص بفظائعها
وأهوالها وألوف الشهداء نقطة نهائية
لتمايز المواقف من إيران وحلفائها في
المنطقة، وهذا لا ينحصر في موقف
الحكومات بل حتى الحركات المؤثرة، مثل
حركة الإخوان المسلمين التي لا تزال
أسئلة حائرة تثار حول مواقفها من إيران
وخططها في منطقتنا. صارت مواقف «الإخوان»
الضبابية واللغة الدبلوماسية مع جرائم
نظام بشار الدموي التي اتسمت بها لغتهم
نوعا من الخذلان لضحايا الشعب السوري
المكلوم. إن تطورات الأحداث في سوريا
وتورط الحرس الثوري في هذه الأحداث
تتطلب من «الإخوان» موقفا حديا واضحا
من إيران الداعم الوحيد في العالم
الإسلامي كله لنظام سوريا وجرائمه
المروعة. نحن
هنا لا نفترض في جماعة الإخوان
المسلمين في مصر ولا غيرها من الدول
والجماعات أن تفتعل خصومة مع إيران
ودول الهلال الشيعي، فقط لأنهم شيعة،
وإلا لكنا طائفيين، وإنما لأن إيران
تتبنى استراتيجيتها السياسية
وعلاقاتها الدولية بنفس طائفي صارخ
طال أذاه وتداعياته عددا من الدول
العربية، ولم يفضح هذه الاستراتيجية
الطائفية إلا ثورات «الربيع العربي»
حين أيدت الثورات في مصر وتونس وليبيا،
ثم أحجمت عن تأييد ثورة الشعب السوري
ضد أشرس الديكتاتوريات العربية على
الإطلاق، وهنا مثال يدل على أن شيعية
الدولة ليست أبدا سببا في الخصومة..
أذربيجان دولة شيعية مسالمة، لكن
لأنها منكفئة على نفسها وليس لديها خطط
تبشيرية ولا استراتيجيات لمد نفوذها
نالت من التقدير والاحترام ما تستحقه. ومما
يحتم على «الإخوان» اتخاذ موقف حدي
واضح من إيران وهلالها الشيعي أنها
امتطت دعوى دعم المقاومة ضد إسرائيل
لدعم التبشير للمذهب الشيعي في دول
مسلموها سنة 100 في المائة مثل مصر
والمغرب وتونس، بل طال تبشيرها دول
العالم السني بلا استثناء، ومع أنه من
حق كل طائفة أن تبشر لمذهبها وقت تشاء
وفي أي مكان تريد، إلا أن الاعتراض على
إيران بالذات لأنها صكت آذاننا
بالوحدة الإسلامية وفي الوقت نفسه هي
التي نثرت بذور الفرقة في عدد من دول
العالم الإسلامي من خلال التبشير
الشيعي في محاولة دنيئة لنقض نسيجها
العقائدي المتناغم، وهذا ما يتطلب من «الإخوان»
في مصر بالذات أن يكونوا، بحكم
انتمائهم الإسلامي، الأكثر حرصا على
صيانة الإرث العقدي، وهذا بالضبط ما
قاله لي شخصيا الشيخ راشد الغنوشي حين
تسللت رموزهم التبشيرية إلى عمق
المجتمع التونسي مستغلة علاقتهم
الوثيقة به، بل إنها طالت حتى بعض
المنتمين إلى حركة النهضة، فقال لهم
الشيخ راشد ما معناه: «دونكم، فأنتم
تتجاوزون خطوطنا العقائدية الحمراء،
وإننا مهما حرصنا على الوحدة
الإسلامية فلا يمكن أن يكون على حساب
الإرث التاريخي العقدي الذي وصل إلينا
من علمائنا ومشايخنا سليما نقيا»،
والمؤسف أن موقف «الإخوان» من هذا
التبشير كان في أحسن أحواله باهتا
مستترا، فلم تكن لهم مواقف صريحة كالتي
أعلنها الشيخ يوسف القرضاوي وأيده
فيها الشيخ راشد الغنوشي وسببت لهما
صداعا من إيران وأبواقها المتطرفة. فظائع
وجرائم النظام السوري التي ارتكبها ضد
شعبه، وكذلك مواقف إيران الدنيئة من
هذه الجرائم وآخرها ولوغ الحرس
الإيراني في الدم السوري، فرصة
للإخوان المسلمين لتغيير استراتيجية
علاقاتهم بإيران، وتمتين علاقاتهم مع
الدول العربية امتدادهم الطبيعي، وفي
المقابل على الدول العربية المحورية
المؤثرة، وعلى رأسها السعودية، أن
تقطع الطريق على إيران حتى لا ينخر
سوسها في الحكومات العربية الجديدة. ================= طارق
الحميد الشرق
الاوسط 6-2-2012 كم كان
محقا السفير الفرنسي لدى الأمم
المتحدة وهو يقول: «إن الرعب شيء وراثي
في دمشق»؛ فالسفير جيرار أرو يقول: «إن
الأسد الأب قام بعملية قتل جماعي،
والابن يفعل الشيء نفسه». لكن السؤال
هنا هو: هل يصمت العرب على جرائم الابن
كما فعلوا مع جرائم الأب؟ قوة
نظام الأسد، الأب والابن، لم تكن بسبب
ما امتلكوه من إمكانات، بل لأنهم
اعتادوا الإفلات من العقاب والعواقب؛
حيث إنهم لم يدفعوا ثمنا جادا في يوم من
الأيام، سواء بلبنان، قديما وحديثا،
أو حتى بالعراق؛ فالنظام الأسدي لم
يؤذِ سوريا وحدها، بل المنطقة برمتها،
وعلى مدى أربعين عاما، تارة
بالطائفية، وأخرى بالترهيب، هذا عدا
عن العنف والابتزاز، وها هي صحيفة «صنداي
تليغراف» البريطانية تكشف، أمس، عن أن
نظام بشار الأسد قد قام، الأسبوع
الماضي، بإطلاق سراح أبو مصعب السوري،
مخطط تفجيرات 7 - 7 في لندن، وهذا يعني،
ببساطة، أن النظام الأسدي يعود للعبة
التي يتقنها جيدا، وهي استخدام
الإرهاب والإرهابيين! نظام
الأسد اعتاد استغلال أخلاقيات خصومه،
حتى وهم يدافعون عن الحق، وينصرون
المظلوم، لكن مع وقوع آلاف القتلى
السوريين، وعملية الترهيب الممنهجة
التي تقوم بها القوات الأسدية، ولجوء
محاميَي الطاغية بمجلس الأمن، روسيا
والصين، لاستخدام حق النقض (الفيتو)،
فإن على العرب اليوم الابتعاد عن وصفات
«العربي» المتراخية، خصوصا أنه قد ثبت
أن النظام الأسدي غير صادق، وغير قابل
للإصلاح، بل إن مجرد الحديث عن الإصلاح
اليوم يعني إضاعةً للوقت؛ لذا فإن على
العرب الآن العمل على إنجاح المبادرة
الفرنسية الجديدة التي أعلن عنها
الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، مساء
السبت الماضي، والتي قال فيها: «إن
فرنسا لن تستسلم»، وكشف عن أن باريس «تتشاور
مع شركائها الأوروبيين والعرب بهدف
تشكيل مجموعة أصدقاء للشعب السوري
يكون هدفها تأمين دعم المجتمع الدولي
لتنفيذ مبادرة الجامعة العربية». بل لا
يجب الاكتفاء بهذا الحد، الذي طالما
طالبنا به هنا مرارا وتكرارا؛ فيجب أن
تكون أولى مهمات «مجموعة أصدقاء الشعب
السوري» هي الاعتراف بالمجلس الوطني
السوري، ودعمه بجميع أنواع الدعم، كما
يجب أن تكون مهمتها أيضا توفير الممرات
الآمنة، ومنطقة عازلة للسلاح، وهو أمر
يمكن تحقيقه بحال تشكل ما يسمى «تحالف
الراغبين» من الدول العربية، والمجتمع
الدولي، أوروبا وأميركا، ولا بد من أن
تسعى تلك الدول، خصوصا العربية منها،
إلى طرد سفراء طاغية دمشق من عواصمها،
وهو أمر مستحق، ولا بد من فعله الآن،
وأكثر من أي وقت مضى؛ لأنه لا أمل
بإصلاح النظام الأسدي، ومهما قالت
موسكو، وحتى إن أرسلت كلا من وزير
خارجيتها ورئيس استخباراتها لإقناع
الأسد بذلك. ملخص
القول: إن دعم المبادرة الفرنسية
الخاصة بمجموعة أصدقاء الشعب السوري
الآن بات أمرا حتميا، خصوصا بعد أن ثبت
أن «الرعب شيء وراثي في دمشق». ================= أيتام
سوريا.. على مائدة موسكو وبكين إياد
أبو شقرا الشرق
الاوسط 6-2-2012 إنْ
كان مَن ذَبَحُوا التاريخَ هُمْ
نَسَبي على العُصورِ.. فإني أرفضُ
النَّسَبا (نزار
قباني) آن
الأوان، باعتقادي، للكف عن محاولة
تخدير النفس بالأوهام. حرام أن نواصل
التكاذب أمام خلفية إراقة الدماء وكبت
الشعوب وخنق توقها إلى الكرامة
والإنسانية الحقة. بالأمس،
بعد «الفيتو» الروسي - الصيني الثاني
لوقف مجازر سوريا خلال أشهر معدودات..
سقط خلالها بضعة آلاف من الأبرياء،
وقفت سوزان رايس تهاجم موسكو وبكين على
هذا التصرف المقزز. رايس
كانت جزئيا على حق، فما فعلته
القيادتان الروسية والصينية هو تجديد،
بل تأكيد، ترخيصهما لحكم دموي مجرم
بمواصلة قهر شعبه. إن أي نقطة دم تراق
مستقبلا من أي سوري – وغير سوري أيضا
على امتداد الشرق الأدنى – تتحمل
القيادتان الروسية والصينية
مسؤوليتها الأخلاقية والمعنوية. لكنني
قلت «جزئيا»، لأن واشنطن آخر من يحق
لها المحاضرة بالعفاف على هذا الصعيد.
فواشنطن استخدمت عام 1982 «الفيتو» تلو «الفيتو»
لمنع وقف الاجتياح الإسرائيلي للبنان.
كذلك استخدمت «الفيتو» مرارا وتكرارا
لنسف أي قرار يردع إسرائيل عن قتل
الفلسطينيين وسلب أرضهم وتشييد
المستعمرات عليها. ما نحن
بصدده راهنا هو أن واشنطن ليست مؤهلة «لتعليم»
موسكو وبكين «أخلاقيات» السياسة
ومناشدتهما الارتفاع إلى مستواها
الأخلاقي، وأننا أمام حالة مخجلة نجد
فيها دولتين مهمتين عالميا تنحدران
بوقاحة فظيعة إلى المستوى ذاته من
ازدواجية المعايير.. التي طالما
انتهجتها الإدارات الأميركية
المتعاقبة في مسائل منطقتنا. نحن
كشعوب عالم عربي، أو أمة عربية – إن
شئتم – بتنا «ضحايا» رخيصة لا حساب
لكرامتها ولا لدمائنا المهدورة عند
ثلاث «واشنطنات»، إحداهن فقط أميركية.
ولكن هذا الواقع المؤلم لا يكفي لشرح
كل خلفيات محنة سوريا، ومعها ما حصل
ويحصل في لبنان والعراق اللذين باتا
جزءا من منظومة واحدة قرارها المصيري
في مكان آخر. ولا يكفي كذلك لشرح أبعاد
«المحور السياسي – الديني» الذي تجسده
الحالة السورية، ببعديها العراقي
واللبناني، ولا التداخل الاستغلالي
الخطير للحالة الفلسطينية - الأردنية،
ولا تبعات التمددات والتشظيات في
الخليج واليمن، بل ومصر أيضا. بالأمس
برهنت موسكو وبكين أن سجل كل منهما في
مسائل حقوق الإنسان – ومنها حق تقرير
المصير – ليس أفضل بكثير من سجل القوى
الإمبريالية التقليدية القديمة... التي
كنا حتى الماضي القريب نهتف ضدها،
وندين أطماعها وعنصريتها. أصلا لماذا
نتوقع من موسكو أن تتعاطف مع الشعب
السوري بطريقة تختلف عن تعاملها مع
الشيشان والجورجيين؟ أو نتوهم أن مَن
يقمع في التيبت ويزرع المستوطنين
الهان في إقليم تركستان الشرقية (سنكيانغ)
سيهبّ فجأة للدفاع عن مظلومي حمص وإدلب
في وجه «شبيحة» بشار الأسد و«بلاغة»
بشار الجعفري؟ ثمة
مؤامرة تنفذ فصولا في النصف الشرقي من
المنطقة العربية عبر ثلاث قنوات:
الأولى، التخطيط التاريخي المسبق.
والثانية، الاستفادة غير المباشرة من
خلال تقاطع المصالح الاستراتيجية
والتكتيكية الإقليمية. والثالثة،
تحديد أثمان محددة لترسيم مناطق
النفوذ العالمية. وفي كل خطوة من خطوات
تنفيذ المؤامرة يظهر ويخبو الدور
الإسرائيلي النشط. وكذلك قوة دفع «المشروع
الإيراني» الهادف في نهاية المطاف إلى
التوصل إلى صفقة جيوسياسية في المنطقة. الدور
الإسرائيلي، المؤثر دائما على توجهات
التحركات الأميركية الإقليمية وسرعة
إيقاعها، يعرف ماذا يريد تماما. ولقد
كان المستفيد الأكبر مما جرى في كل من
العراق ولبنان منذ 2003، وطبعا ما حصل في
سوريا منذ خريف 1970 عندما تولى حافظ
الأسد السلطة بفعل «الحركة التصحيحية».
مع هذا يفاجئ البعض «سر» التعايش
الواقعي بين تصاعد العدوانية
الإسرائيلية... والحماسة التحريرية
الإيرانية! إيران
موجودة على الحدود مع إسرائيل. موجودة
في جنوب لبنان وعلى خطوط الهدنة في
الجولان.. وهذا على الأقل ما قاله صراحة
قاسم سليماني قائد «فيلق القدس»
الإيراني. والسيد حسن نصر الله، أمين
عام حزب الله اللبناني، يدرك هذه
الحقيقة. وهو أذكى من أن يخدعه شخص
بمستوى ميشال عون وأتباع ميشال عون.
ولكن مع هذا غض نصر الله – حتى اللحظة
– النظر عن إدانة أحد أبرز أتباع عون
بالعمالة لإسرائيل في محكمة أصدرت
حكمها القضائي بالإدانة رغم هيمنة «الحزب»
المطلقة على مقدرات لبنان. ثم إن
نصر الله يعرف جيدا تاريخ ميشال عون
السياسي والعسكري، وعلاقاته مع «اللوبيات»
ذات الصلة الوثيقة مع إسرائيل في
واشنطن، ومع ذلك فوضه بشل الحكومة
اللبنانية التي شكلها الحزب عمليا.
وقبل أن ننسى، يتذكر السيد حسن – حتما
– مباهاة «حليفه» الصغير ب«أبوة»
القرار 1559 (الداعي للانسحاب السوري من
لبنان) و«قانون محاسبة سوريا» في
الكونغرس الأميركي. وأزعم أنه على بينة
من «ملابسات» اغتيال عماد مغنية في قلب
دمشق وسط صمت مريب.. وسكوت يثير الريبة
أكثر عن سير التحقيق. إلا أن علامات
الاستفهام لا يعود لها أي مبرر منطقي
إذا ما تذكرنا حقيقتين اثنتين: الأولى،
مباركة طهران الصامتة العلاقات
الوثيقة التي نسجتها كبريات القيادات
العراقية المناوئة لصدام حسين،
والمحسوبة عليها، بل والناشطة فوق
أرضها، مع «اللوبي» الإسرائيلي
الأميركي. وهو «اللوبي» الذي شكل من
خلال أشخاص كريتشارد بيرل وبول
وولفويتز ودوغلاس فيث وديفيد وورمزر...
القوة المخططة والراعية والمنفذة لغزو
العراق واحتلاله. والثانية،
دور دمشق – المباشر أو غير المباشر –
في عمليات «تسلل» جماعات «القاعدة»
إلى العراق، ولا سيما في ظل صمت مريب
آخر عن نشاط «أبو القعقاع» محمود قول
آغاسي، ثم عن اغتياله في حلب و«أسرار»
التحقيق المكتوم أمره... وكأن قاضي
تحقيق واحدا يتولى ملفه مع ملف اغتيال
عماد مغنية. بعد «الفيتو»
الروسي – الصيني الثاني، غدا
السيناريو العنفي، مع الأسف، هو
المرجح في سوريا. والكلام المنقول عن
مصادر في حزب الله اللبناني حول مقاومة
الحزب أي تغيير في دمشق مهما كلف
الأمر، معطوف عليه عرض عضلات حزب الله
العراقي ضد شركاء السلطة في بغداد..
يصبح خطر الحرب الأهلية الإسلامية –
الإسلامية داهما وجديا. ولئن
كان حزب مذهبي مسلح قد قرر خوض حرب ضد
شعب شقيق يثور على نظام حكمه مسألة ذات
تبعات خطيرة للغاية، فإن الخطورة
تزداد عندما يكون القرار المركزي لهذا
الحزب، المتعدد الفروع، موجودا في
طهران وليس في العالم العربي، بل
وتتضاعف خطورة قتال حزب الله دفاعا عن
النظام السوري ضد شعبه عندما ينسجم
تماما مع الاستراتيجية الإسرائيلية
المزمنة القائمة على إشعال الحروب
الأهلية في أي مكان أو كيان تخشى
تهديده. وكانت البداية في الأراضي
الفلسطينية بالذات. الآن،
بتواطؤ روسي – صيني وتحت إشراف «الراعي»
الإيراني نفسه، ولو بعكس كل شعاراته
السياسية المعادية لإسرائيل
والصهيونية، تنزلق سوريا إلى نموذج «تقسيمي»
يجمع فتنتي «اللبننة» بمضمونها
الإسلامي المسيحي، و«العرقنة» ببعدها
السني – الشيعي – الكردي... بمباركة
إسرائيلية صامتة. ================= المشروع
العربي و"الفيتو" الروسي-الصيني عبدالله
بن بجاد العتيبي تاريخ
النشر: الإثنين 06 فبراير 2012 الاتحاد استبشر
الكثير من السوريين والعرب بوصول
مشروع القرار العربي- الغربي تجاه
سوريا لمجلس الأمن في جلسته يوم
الثلاثاء الماضي، لقد كانت جلسةً
استثنائية للمجلس فقد حضرها وزراء
خارجية ثلاث دول من الدول دائمة
العضوية في المجلس هي أميركا
وبريطانيا وفرنسا، وكان مشروع القرار
المطروح مشروعاً عربياً بامتياز،
فالتي تقدّمت به هي الجامعة العربية
بوصفها المنظمة السياسية الأكبر
لتمثيل دول العالم العربي، وكان الهدف
نبيلاً وإنسانياً تجاه سوريا ومحاولة
حقن دماء شعبها النازفة. كان
حديث رئيس الوزراء القطري دبلوماسياً
ومتزناً ويعبّر أكثر من كلمة أمين
الجامعة العربية عن مواقف الدول
العربية تجاه النظام السوري والشعب
السوري. ولم يختلف تعليق المندوب
السوري بشّار الجعفري في جلسة السبت
الماضي للتصويت على مشروع القرار عن
ردّه في جلسة الثلاثاء قبله، فهو لم
يخرج عن أساليب وصياغات النظام
لمواقفه وسياساته منذ بدء الأزمة في
منتصف مارس الماضي، وهو ما يشكل في
مجمله طبيعة الخطاب السياسي الذي
يطرحه النظام وهو خطابٌ أصبح معلوماً
أنّه خطابٌ يعبّر عن ضيق أفقٍ بلغة
السياسة وعن تناقص تأثيرٍ بلغة الواقع.
ويمكن اختصاره كما جاء في خطاب الجعفري
على محاولة تبرير عنف الدولة وشمّاعة
الجماعات المسلحة واتهامات مملة لبعض
دول الخليج العربية، وأخيراً شمّاعة
المؤامرة الخارجية، مع فذلكات أدبية
لم تبتدئ بنزار قبّاني إلا لتنتهي
بغوته. قطعت
روسيا والصين قول كل خطيب، حين
استخدمتا رسمياً حق النقض "الفيتو"
ضدّ مشروع القرار العربي-الغربي،
وقضتا بذلك على كل آمالٍ في تزحزح
موقفهما السياسي تجاه الأزمة السورية
المستعرة، ولم يعد بالإمكان تصديق
تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي
لافروف قبل أيامٍ حين قال: "لسنا
أصدقاء ولسنا حلفاء للأسد"؟ ولا
تعبيره السياسي الأكثر دلالةً "لم
نقل أبداً إن بقاء الأسد في السلطة هو
الحلّ للأزمة". لقد
اصطدمت جهود الدول العربية والغربية
بالفيتو المزدوج من روسيا والصين،
ولئن انتهت المفاوضات في مجلس الأمن،
فإن على الدول العربية وتركيا والدول
الغربية البحث عن مخارج دوليةٍ لتقديم
المساعدات للشعب السوري وزيادة محاصرة
النظام الأسدي، ومن الجيد في مثل هذا
الوقت أن تتظافر الجهود لإنهاء الوضع
المأساوي في سوريا، ويمكن هذا من خلال
عدة محاور: أولاً: أنه إن كان من حقّ
روسيا والصين أن تسعيا لحماية
مصالحهما السياسية والعسكرية في
المنطقة حسب رؤيتهما، فإن من واجب
الدول العربية بعد الرفض السياسي
لمشروعها تجاه سوريا من قبل هاتين
الدولتين أن تتخذ سياساتٍ ومواقف أكثر
حزماً معهما في المستقبل القريب،
والتأكيد لهما بأن انحيازهما لنظامٍ
فاقدٍ للشرعية وآيلٍ للسقوط في هذه
اللحظة التاريخية سيكلفهما الكثير
مستقبلاً. ثانياً:
أن تقوم التنسيقيات السورية في الداخل
بمقابلة تصعيد نظام الأسد الأمني
والعسكري بتصعيد مدنيٍ وأن تحشد جهود
الداخل للتعبير عن موجة احتجاجاتٍ غير
مسبوقةٍ وأن تسعى لاعتماد طرقٍ
وأساليب جديدةٍ لذلك التعبير، ترسل
بها رسائل واضحةٍ للعالم بأنّها مصرةٌ
ومستمرةٌ ومتصاعدةٌ، وأن تحرص على نقل
ما تستطيعه منها إعلامياً. ثالثاً:
أن يتجاوز المجلس الوطني السوري
خلافاته وأن يكون مواكباً للحدث
بتحركاتٍ جديدةٍ وتواصلٍ مع دول
العالم وخاصةٍ تلك الدول التي لم تزل
مترددة في دعمه حتى الآن وشرح مواقفه
وتوجهاته السياسية لها وتقديم تصورٍ
واضحٍ لطبيعته وطبيعة إدارته للمرحلة
الإنتقالية إن وصلت إليه أو شارك فيها. في
جلسة مجلس الأمن يوم السبت الماضي وبعد
"الفيتو" المزدوج جاءت تصريحات
مندوبي الدول الغربية الثلاث دائمة
العضوية أميركا وبريطانيا وفرنسا
قويةً وشديدة اللهجة في استنكار ذلك
الموقف وصلت لحدّ التصريح بالاشمئزاز
والتساؤل كم من القتلى زيادةً على
الآلاف الستة تحتاج هاتان الدولتان
لتغيير موقفهما والتراجع عن دعم نظامٍ
أسرف في الدماء؟ في
الداخل السوري صعّد النظام حملته
العسكرية والأمنية المفتوحة منذ عشرة
أشهرٍ إلى مستوى ارتكاب المجازر
بالتزامن مع مداولات مجلس الأمن وقبل
أن يطمئن للفيتو المزدوج الروسي-
الصيني، فقتل ما يقارب الأربعمائة في
حمص وأعداد الجرحى أكبر بكثير، ولئن
كان هذا صنيعه قبل "الفيتو"،
فماذا سيفعل بعد "الفيتو"؟ الأرجح
أنه سيزيد من شراسة عملياته ونوعيتها
وحجمها ما استطاع لذلك سبيلاً. ولئن
كان المشهد حزيناً في مجلس الأمن كما
عبر أكثر من عضوٍ من أعضائه بعد
الجلسة، فإن المشهد في الداخل السوري
حزين، دون شكٍ ولكن ثمة مستجداتٌ
جديرةٌ بأخذها بعين الاعتبار، ومن ذلك
دخول المدينتين الكبيرتين في سوريا
دمشق وحلب على خط المواجهة مع النظام،
فانتشرت الاحتجاجات أكثر فأكثر في ريف
دمشق ودخلت لدمشق نفسها، كما جرى في
حلب الأمر ذاته مع زيادة خروج فصيلٍ
عسكري منشقٍ عن الجيش أعلن التحاقه
بالجيش السوري الحرّ. روسيا
والصين قد اتخذتا قراراً معادياً
للمشروع العربي، ومن حق هذه الدول أن
تردّ بالطريقة التي تراها مناسبةً،
وأن تواصل جهودها في السعي لإيجادٍ
مخرجٍ حقيقيٍ من الأزمة السورية
الخانقة، ولئن لم تتخذ دول الاستقرار
العربية أي موقف بعد فقد بادرت أولى
دول الاحتجاجات العربية تونس بسحب
سفيرها من دمشق وطرد السفير السوري
والسعي لإنهاء العلاقات مع نظام
الأسد، ما يؤكد أن روسيا والصين لن
تخسرا دول الاستقرار العربي ولكن دول
الاحتجاجات كذلك ما يعني في المحصلة
الغالبية الكبرى من الدول العربية. بقي
بيد الدول العربية الكثير من خلال
الجامعة العربية، أو من خلال التعاون
مع الدول المؤيدة للمبادرة العربية في
الغرب والعالم، وبإمكانها تبنّي
سياسات منفردةٍ أو مشتركةٍ تضيّق
الخناق على النظام الأسدي وتردعه عن
تصعيد آلة القتل المستحرّة في الشعب
السوري. من
المشاكل التي تواجه الدول العربية غير
"الفيتو" المزدوج هو أنّ دول
الجوار العربية لسوريا هي إما مختطفة
القرار أو عاجزة عن ممارسة ضغطٍ حقيقيٍ
على نظام الأسد، فالعراق مختطف القرار
السياسي إيرانياً ولبنان مختطف القرار
السياسي إيرانياً وسورياً، والأردن لا
يمنحها حجمها السياسي والاقتصادي
قدرةً على ممارسة ضغوطٍ مؤثرةٍ على
موقف النظام الأسدي. تبقى
تركيا ولديها الكثير من المبررات
والأساليب والأوراق التي تستطيع من
خلالها الضغط على نظام الأسد دون أن
يبادر أحد للومها، وهي قادرة بالتنسيق
مع الجامعة العربية على خلق موقف
إقليمي جديد ضاغط بشكل أكبر ومؤثر بشكل
أعمق. سحب
السفراء من دمشق وإغلاق سفاراتها
واحدة من وسائل الضغط المعبّرة،
وتصعيد العقوبات الاقتصادية ونحوها
وسيلةٌ أخرى، واستقطاب أكبر عددٍ ممكن
من دول العالم لاتخاذ الإجراءات نفسها
سيدفع بالمباردة العربية لتكون على
مستوى تأثيرٍ أكبر على صانع القرار في
دمشق. سيبقى
"الفيتو" الروسي الصيني ضدّ مشروع
القرار العربي - الغربي طويلاً في
ذاكرة الشعب السوري، وسيشاركه في تلك
الذاكرة صانع القرار العربي والمواطن
العربي. ================= هل
الفيتو الروسي الصيني نهاية الحل
السياسي لأزمة سوريا؟ كولام
لينش - اليس فوردهام الأمم
المتحدة ينشر
بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن
بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس» تاريخ
النشر: الإثنين 06 فبراير 2012 الاتحاد استخدمت
روسيا والصين حق النقض "الفيتو"
ضد مشروع قرار مقدم للأمم المتحدة
لإدانة القمع العنيف الذي تمارسه قوات
الأمن والجيش السوري ضد المتظاهرين
المناوئين للحكومة، وهو ما يقوض
فعلياً الجهود الرامية لعزل نظام بشار
الأسد، الذي يكثف في الوقت الراهن من
حملته القمعية المستمرة منذ عشرة أشهر
على وجه التقريب. وقد
وجه"الفيتو" الروسي الصيني ضربة
قاصمة للمحاولات التي بذلتها الولايات
المتحدة وشركاؤها الأوروبيون،
للاحتشاد وراء خطة جامعة الدول
العربية، التي كانت تطالب الأسد
بالتنحي وتسليم السلطة لنائبه وتمهيد
الطريق أمام قيام حكومة وحدة وطنية،
منتخبة ديمقراطياً. ويأتي
الفيتو ليضع نهاية لمفاوضات استمرت
عدة أسابيع بذل أثناءها الدبلوماسيون
جهوداً كثيفة للتخفيف من صيغة القرار
من أجل ضمان كسب دعم واسع النطاق له.وقالت
"سوزان رايس"، السفيرة الأميركية
لدى الأمم المتحدة، إنها تشعر "بالاشمئزاز
للجوء روسيا والصين لاستخدام الفيتو"،
وأضافت قائلة: "لا يزال عضوان من
أعضاء هذا المجلس ثابتين على تصميمهما
على بيع الشعب السوري وحماية نظام
طاغية جبان". ورد
المبعوث الروسي لدى المجلس "فيتالي
تشوركين" على اتهام "رايس"
بالقول إن الولايات المتحدة وشركاءها
قد قوضوا فرص التوصل لصفقة لحل الأزمة
السورية، بترويجهما لاستراتيجية تهدف
ل"تغيير النظام" من خلال دعم سعي
المعارضة لتقويض السلطة وتسلم مقاليد
الحكم، علاوة على تأجيج "الوسائل
المسلحة للصراع". وهذا
الانقسام بين المعسكرين ترك العملية
الدبلوماسية في حالة من الفوضى
والاضطراب. فمن جانب يتعهد رؤساء
الوفود العربية بمواصلة السعي من خلال
خطتهم الهادفة لإحداث انتقال سياسي في
سوريا، في حين قالت روسيا على لسان
متحدث باسمها إن دبلوماسييها سوف
يسافرون إلى العاصمة السورية دمشق يوم
الثلاثاء المقبل لمقابلة الأسد،
ومحاولة الدفع بخطة منافسة للخطة التي
قدمت في الأمم المتحدة، وتهدف للجمع
بين الحكومة السورية والمعارضة على
مائدة المفاوضات، لإجراء مباحثات
مباشرة وجهاً لوجه. لكن
بعض الخبراء في الشأن السوري، أعربوا
عن قلقهم من أن الوقت قد بات متأخرا
للغاية للتوصل إلى حلول دبلوماسية.
وأحد هؤلاء الخبراء هو" اندرو تابلر"،
الخبير في شؤون الشرق الأوسط في "معهد
واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"،
والذي يقول:"الأمور بدأت تخرج عن
نطاق السيطرة في الواقع، وذلك لدرجة
تجعلني غير واثق من أن القرار الدولي -حتى
لو كانت الموافقة عليه قد تمت- كان
سيؤدي لإيقاف عمليات القتل التي تجري
في سوريا". وقد
جاء مأزق الأمم المتحدة الجديد، بعد
يوم من إقدام السلطات السورية على سحق
المعارضة في مدينة حمص، بارتكاب مذبحة
أدت إلى قتل العشرات من المدنيين في
الذكرى الثلاثين للمذبحة التي ارتكبت
ضد مدينة حماة في ثمانينيات القرن
الماضي. وعلى
الرغم من الاختلاف الكبير في تقديرات
القتلى خلال هذه العملية، إلا أن
الجميع تقريباً، قد اتفقوا على أن
الحملة التي شنتها السلطات على
المدينة هي الأعنف والأشد شراسة على
الإطلاق منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام
الأسد. وعلى
الرغم من أن السلطات السورية كانت قد
امتنعت عن استخدام الأسلحة الثقيلة في
حملتها المضادة للاحتجاج، وذلك بالنظر
إلى جسامة الخسائر التي تعرض لها
المحتجون، إلا أن المراقبين يخشون من
أن تكون الحملة الشرسة التي شنتها هذه
السلطات ضد مدينة حمص مؤخراً، والعدد
الكبير من الضحايا الذين سقطوا في يوم
واحد، والذي لم يسبق له مثيل منذ أن
بدأت الانتفاضة الحالية. يخشون من أن
ذلك ربما يمثل بداية لحملة أكثر شراسة
ضد المعارضة من قبل نظام الأسد الذي
يخوض معركته الأخيرة كما تشير دلائل
عديدة. وقال
متحدث باسم المعارضة عقب الجنازات
التي أقيمت لضحايا مذبحة حمص، إن الناس
في المدينة كانوا ينتظرون على أحر من
الجمر سماع الأنباء المتعلقة بالتصويت
على مشروع القرار المقدم للأمم
المتحدة بشأن سوريا وأنهم على الرغم من
معرفتهم بالموقف الروسي من المقترح
العربي الغربي، فإنهم مع ذلك كانوا "يأملون
أن يغير الروس من وجهة نظرهم". وأضاف
هذا المتحدث: "على الرغم مما حدث،
فإن الناس هنا لا يشعرون باليأس، فهم
يعتمدون على الله سبحانه وتعالى، ثم
على الجيش السوري الحر". وكانت
وزيرة خارجية الولايات المتحدة
الأميركية، هيلاري كلينتون، وسفيرتها
لدى الأمم المتحدة سوزان رايس،
ونظراؤهما الأوروبيون والعرب، قد سعوا
مراراً لتجنب الفيتو الروسي، وذهبوا
في ذلك لحد الموافقة على التخلي عن
الصياغات الأكثر حدة في مشروع القرار
الأصلي، بما في ذلك فقرة كانت تحث
الدول المختلفة على عدم توريد السلاح
للنظام السوري، وتعزيز طائفة من
العقوبات المفروضة من جامعة الدول
العربية على نظام الأسد، كما وافقوا في
الوقت نفسه على إضافة فقرات تستبعد من
مشروع القرار أي صياغة يمكن استخدامها
فيما بعد كحجة أو ذريعة للعمل العسكري. وأقر
مسؤولو البيت الأبيض بأن استخدام
الفيتو من قبل روسيا والصين لعرقلة
صدور القرار بشأن سوريا، قد وجه ضربة
للجهود الدبلوماسية الرامية لإنهاء
الأزمة في ذلك البلد، وأن التركيز يجب
أن يتحول الآن إلى الجامعة العربية
التي يمكن أن يجرى فيها تصويت على
عقوبات ضد النظام السوري، في أواخر هذا
الشهر. لكن
منتقدي النهج الدبلوماسي التصاعدي
الذي اتخذته الإدارة الأميركية
للتعامل مع الأزمة السورية، قالوا إن
الإدارة كانت مسؤولة جزئياً عن
النتيجة التي آل إليها مشروع القرار
المقدم للأمم المتحدة بشأن سوريا. ومن
هؤلاء المنتقدين" ديفيد شينكر"
مستشار البنتاجون لشؤون الشرق الأوسط
في إدارة الرئيس السابق بوش الابن الذي
قال: "إن ما حدث كان يشبه لحد كبير
حادث تحطم قطار بالتصوير البطيء...
فأهدافنا كانت منخفضة، وعلى الرغم من
ذلك قصرنا عن تحقيقها". وأضاف شينكر:
"بدلاً من محاولة إقناع الروس
بالموافقة على قرار من دون أسنان، كان
من المفترض على البيت الأبيض أن يعمل
على حشد تحالف من الراغبين لمساعدة
متمردي سوريا الذين يعانون من مصاعب
عديدة بالأسلحة والتدريب". وأضاف
محذراً: "إذا ما استمرينا في تعطيل
الجامعة العربية والأمم المتحدة، فإن
الشعب السوري سيكون هو الخاسر في نهاية
المطاف". والفيتو
الذي استخدمته روسيا والصين يوم السبت
يحمل في طياته مخاطر سياسية جمة لكل من
موسكو وبكين، اللتين لم تتحديا فقط
رغبات واشنطن والقوى الأوروبية، وإنما
واجهتا معظم الدول العربية التي تشير
كافة الاحتمالات إلى أنها ستميل أكثر
إلى المعسكر الغربي. وفي
غضون ذلك قال العقيد "مالك تركي"،
وهو قائد مجموعة مسلحة يطلق عليها "الجيش
السوري الحر"، عندما اتصلنا به
هاتفياً في تركيا، إنه تلقى العشرات من
المكالمات الهاتفية من سوريين يطلبون
منه تزويدهم بالسلاح بعد الأحداث التي
وقعت مساء الجمعة. واتهم "مالك"
السلطات السورية بدفع البلاد نحو حرب
أهلية، كما اتهم المجتمع الدولي
بالإخفاق والعجز عن إيقاف الهجمات
التي تشنها الحكومة ضد المحتجين. وأضاف
مالك: "سوف يفعل المواطنون السوريون
كل شيء من أجل الحصول على ما يحتاجونه
للدفاع عن أنفسهم، طالما أن المجتمع
الدولي يعطي هذا النظام الفرصة تلو
الأخرى". ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |