ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هموم العرب.. وهموم روسيا
والصين 2012-02-14 الوطن السعودية نحت الجامعة العربية منحى جديدا في
معالجتها للأزمة السورية، وهي تسعى
قبل شهر من مرور عام على الانتفاضة
الشعبية إلى تقديم حل لتلك الأزمة،
تعطي الشعب الذي قدم آلاف الضحايا
وعشرات الآلاف من الجرحى ومثلهم من
المعتقلين والمشردين، بصيص أمل في أن
هذه الدماء وهذه التضحيات، لن تذهب سدى. الإجماع العربي والخطوات التي اتخذت على
هذا الصعيد يجب أن تلقى آذانا صاغية
لدى المجتمع الدولي، وهو أمر منوط
بإقناع روسيا الاتحادية بتغيير موقفها
وقراءة معمقة لما يحصل، وليس العبث
بأرواح الشعب السوري، تحت مظلة
المصالح الذاتية. ينجر ذلك على الصين التي تماشت مع الفيتو
الروسي في مجلس الأمن، من أجل حفنة من
براميل نفط تأتيها من إيران، أو مقابل
مشروعات اقتصادية، ستكون في مرحلة
لاحقة لعنة على بكين، كما هي لعنة على
موسكو. العلاقات بين الدول، وبدعة الفيتو الذي
سمحت به الأمم المتحدة في الفترة التي
أعقبت الحرب العالمية الثانية، لم تكن
مطلقا لصالح الشعوب وتحررها، ذلك أنها
سلاح ذو حدين، ربما تتحول في مرحلة من
المراحل إلى نحر من استخدمها. نأخذ على الولايات المتحدة كثرة
استخدامها الفيتو فيما يتعلق بالقضية
الفلسطينية ووقوفها في وجه حق الشعب
الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة،
وها نحن اليوم، نأخذ على روسيا والصين
إفشال حل عربي اتخذ بالإجماع بخصوص
مسألة عربية سالت عبرها الدماء بيد
عربية، لا لشيء إلا لأن أبناء البلد
يطالبون بالحرية والديموقراطية
والعدالة الاجتماعية، ورفض حكم الحزب
الواحد والرجل الواحد. معادلة المجتمع الدولي، لا تأخذ مصالح
الشعوب بعين الاعتبار، بل همها مصالح
الدول الكبرى، مما يستدعي العمل على
تغيير أصول اللعبة بما يخدم تطلعات
الشعوب، وليس الأنظمة. ================= العرب وقراراتهم ..
والنظام المتحصن بالفيتو! بقلم/طه خليفة كاتب وصحفي مصري الراية 14-2-2012 لم يجف حبر قرارات الوزاري العربي مساء
الأحد 12 الجاري حتى رفضتها سوريا "جملة
وتفصيلاً"!. لم يناور النظام، وينتظر بعض الوقت كما في
المرات السابقة، لدراسة القرارات، ثم
إعلان الموقف منها، ولو من باب إثبات
حسن النية للحل السياسي. رد بسرعة رافضًا لكل القرارات، وهو فعل
ذلك بتأثير الفيتو الروسي الصيني
لصالحه بمجلس الأمن الذي أعطاه حصانة
لمواصلة القتل، وتحدي العرب، والعالم. لم يعد الأسد يأبه بأي موقف عربي، أو
دولي، إلا بمواقف ثلاث دول فقط هي:
روسيا، والصين، وإيران، فهي من تحميه،
وتدعمه، سياسيًا واقتصاديًا،
وعسكريًا. أهينت المبادرة العربية عندما أسقطها
الفيتو، وأهين معها العرب، ورعاة
القرار، والداعمون له من الأوروبيين،
والأمريكان ، واليوم صار العرب بلا أي
تأثير على ذلك النظام، إلا إذا أحكموا
مقاطعته، ومحاصرته، دبلوماسيًا،
واقتصاديًا، وتجاريًا، وفرضوا بكل
السبل الحماية للشعب السوري، وتوصيل
المساعدات للمناطق المنكوبة، من خلال
إنشاء المناطق الآمنة، رغم أن بعض
الدول العربية مازالت متواطئة مع
النظام القاتل، وتخلخل الموقف الجماعي
العربي. يحتاج العرب إلى التحرك على جبهتين،
الأولى: هي الغرب، لدعم كل خيارات
حماية السوريين، ومنها تشكيل وتفعيل
مجموعة أصدقاء سوريا التي أعلن أن تونس
ستستضيف اجتماعها الأول 24 الجاري، وهو
موعد بعيد ،فهناك أرواح تزهق يوميًا،
والجبهة الثانية: هي روسيا والصين في
محاولة لفتح نافذة في جدار التصلب
الحامي لعنف النظام الذي فاق كل حد،
وهذا لا يتناقض مع ما قلناه بضرورة أن
يفكر العرب في معاقبة البلدين على
تعنتهما، وانحيازها إلى نظام قاتل صار
مرفوضًا من شعبه، ومن محيطه العربي
والإسلامي، وخصوصا إذا لم ينفتح
البلدان على المبادرة العربية الجديدة
دون تفريغها من مضمونها، كما حصل مع
المبادرة التي ذهبت لمجلس الأمن،
وصوتا ضدها. بعيدًا عن الرفض السوري لقرارات الوزاري
العربي، فإن أهم قرار فيها، هو طلب
العرب من الأمم المتحدة تشكيل قوة حفظ
سلام أممية. لكن هل هذا القرار قابل
للتنفيذ، ويمكن تهيئة الأجواء له
ليكون فعالاً، وهل ستتقبله روسيا التي
تدعي أنها تبحث عن الحل السياسي، وهو
خطوة في هذا الحل، فقد باتت راعية
النظام السوري في مجلس الأمن، وصاحبة
القرار في كل شؤونه الآن قبل بشار
نفسه، وإذا تم قبول القرار فكم من
الوقت يستغرق تشكيل تلك القوة، في ظل
نهر من الدم لا يتوقف، ومن يضمن ألا
يمارس النظام ألعابه في استهلاك
المزيد من الوقت بإدخال خطة عمل تلك
القوة في دهاليز التفاصيل،
والمناقشات، والتعديلات لتمر أسابيع
إضافية حتى يتم اعتمادها ليكون ألوف
آخرون قد لقوا حتفهم، ثم من يضمن عندما
تذهب تلك القوات لحفظ السلام أن تنجح
في ممارسة عملها مع نظام مراوغ، إلا
إذا حصنها مجلس الأمن، وكانت قوة كبيرة
، ولديها صلاحيات واسعة لحماية
المدنيين، والتدخل السريع . الجامعة العربية لا يجب أن تهدر مزيدا من
الوقت، بل عليها التحرك سريعًا على
جبهة روسيا والصين لإقناعهما بالفكرة
لتمريرها بمجلس الأمن، وعدم إفشالها
كما أفشلتا المبادرة السابقة. من أبرز ما حصل على هامش الاجتماع الوزاري
هو قبول استقالة الدابي من رئاسة بعثة
المراقبين ،أو إقالته، فهذا الجنرال
السوداني تسبب في زيادة آلام السوريين
بدل أن يساعد على تخفيفها، حيث تحول من
مراقب نزيه على مدى التزام النظام
ببنود الخطة العربية، ومنها وقف
القتل، وسحب المعدات العسكرية،
والإفراج عن المعتقلين، إلى ورقة في
أيدي النظام، فهو تحدث في تقريره عن
سوريا أخرى غير التي نتابع أخبارها
الآن، والمدهش أن يزداد عدد القتلى في
ظل هذه البعثة التي جاءت وبالاً على
السوريين، وتقرير الدابي اعتمد عليه
النظام في تبييض صورته الدموية بمجلس
الأمن، وفي تحميل المعارضة المسؤولية
عن العنف، واتكأت عليه روسيا في
استخدام الفيتو. من اختار الدابي؟، هل هو أمين الجامعة
نبيل العربي، أم دمشق؟ ، فهو غلطة كلفت
الشعب السوري والعرب استهلاك وقت طويل
دون فائدة، بينما سفك الدماء متواصل،
وقد ظهر أن فكرة المراقبين كانت حالمة
كثيرًا مع نظام شرس لا يؤمن إلا
بالعنف، وهو الذي استفاد من
المراقبين، وليس الشعب. ولذلك كان
ضروريًا حلُ البعثة ، لأنها صارت بلا
فاعلية، فالمجازر مستمرة بوجودها،
وبغيابها. من الجيد أن يقرر العرب دعم المعارضة
السورية سياسيا وماديا، لكن آن الوقت
لهذه المعارضة الخارجية والداخلية أن
تتوحد في كيان واحد، وأن تنبذ
خلافاتها، فهي أحوج ما تكون الآن
للتوحد خلف قيادة وأهداف واحدة ، كما
حصل من المعارضة في ليبيا مما سهل لها
انتزاع اعترافات عربية ودولية .ووقف
الاتصالات الدبلوماسية خطوة مهمة
للضغط على النظام، لكن كنّا نودّ أن
يكون القرار أكثر صراحةّ بأن يتم قطع
العلاقات الدبلوماسية فورا ، وطرد
سفراء ذلك النظام من العواصم العربية،
وتشديد العقوبات عليه، مع التزام كل
الحكومات بالقرارات، وليس تهرب البعض
، أو التعامل سرًا، أو طلب استثناءات. أكرر ما قلته بمقال سابق من أن العرب أمام
ساعة الحقيقة لإنقاذ الشعب السوري،
فهل يفعلون ؟. ================= هل إسقاط النظام السوري
ضرورة لاستقرار الإقليم؟ د.زهير فهد الحارثي الرياض 14-3-2012 يتبادر إلى الذهن تساؤل مشروع وحارق في آن
واحد: لماذا منطقتنا عرضة للتوتر
والمخاطر والتهديد ؟ في تقديري أن اختلال توازن القوى في
المنطقة بعد الغزو الأميركي للعراق،
والاختلاف الواضح في مواقف الدول
الإقليمية على ملفات المنطقة الشائكة،
وعدم القدرة في التوصل لصيغة مشتركة
بينها، واهتمام الغرب بها بسبب
مصالحه،كلها من العوامل الرئيسية في
بقاء المنطقة بهذه الوضعية لاسيما في
العقدين الماضيين. إن سقوط النظام السوري وضع طبيعي لما آلت
إليه الأمور في الداخل، وانتهاء مرحلة
بشار صيرورة حتمية كونها ستدشن مرحلة
فارقة ولافتة في المنطقة، وستفتح
الباب على مصراعيه لاستقرار سياسي
وتعاون عربي جاد وفاعل يخدم قضايانا
ويوحد صفوفنا ومواقفنا غير أن البعض يرى في بقاء النظام السوري
الحالي خطرا حقيقيا لا يقل بأي حال من
الأحوال عن خطر إيران على استقرار
الإقليم ودول الجوار وذلك لأسباب
موضوعية، فالنظام السوري بدأ كمن قطع
شعرة معاوية مع الجميع بدءاً
بالخليجيين والأتراك وانتهاء
بالمجتمع الدولي، بعدما أثبت لكل
متابع بأنه نظام مستبد ودموي يقتل شعبه
ويرتكب المجازر في شعبه من أطفال
ونساء، ويجتاح المدن ليحولها إلى مدن
أشباح، مكرسا آلة القتل والقمع والقهر
والتدمير، هذا عن أن استمراريته ستعني
دخول دول الإقليم في نفق الفوضى
والانتقام من قبل دمشق وهي بمثابة
إشعال لصدامات وصراعات ومماحكات
وتصفيات، ولذا فإسقاطه بات ضرورة لأمن
شعوب المنطقة، لأن غياب نظام بشار
البعثي عن المشهد السياسي يعني تشكل
ملامح جديدة لخارطة المنطقة من
الناحية السياسية والاقتصادية
والاجتماعية وعاملاً مهماً في عودة
الاستقرار للمنطقة وفتح صفحات جديدة
في العلاقات الثنائية ما بين سورية
الغد ودول المنطقة. كانت سورية تتزعم ما يسمى بحلف الممانعة،
وتاجرت بالقضية الفلسطينية، واتهمت
الآخرين بالخضوع والتبعية للغرب، مع
أنها لم تطلق رصاصة واحدة في الجولان
خلال ثلاثة عقود، بل خلقت شرخا في
العلاقات ما بين الخليجيين، وأهل
الشام، وفتحت أبوابها لطهران، ودعمت
حزب الله، واستهدفت لبنان واغتالت
الكثير من معارضيها، ووقفت بجانب حماس
وشجعت انقلاب غزة ضد الشرعية. مشكلة النظام السوري انه تجاوز الخطوط
الحمراء فيما يتعلق بتعاطيه مع الداخل
أو بالتدخل السلبي في أوضاع بلدان أخرى
ما دفعه لخسارة الكثيرين من مؤيديه،
وما تبقى له سوى إيران كون القاسم
المشترك بينهما، هو البحث عن ضمانات
لبقاء النظامين، وعدم إسقاطهما
والاعتراف بدورهما الإقليمي. إننا لا نغالط الحقيقة إذا ما قلنا إن
سقوط النظام بات له حاجة ملحة ليتغير
المشهد السياسي, فأخطاء النظام السوري
كفيلة بالإجابة، فهو تمسك بسياسته
الخارجية وبسلوكه التصعيدي العنيد،
وظل هدفه السعي لدور إقليمي في المنطقة
والوصول إليه بأي طريقة كانت، فتحالفه
مع إيران، جاء على حساب مصالح العرب
وأمنهم القومي، بدليل أن سورية جعلت
مرتكز سياستها الخارجية ينطلق من
طهران وليس من الدول العربية، ما أضعف
شوكة التضامن العربي، ولم يقتصر الأمر
على ذلك بل تجاوزته، لتهيئ لطهران
الأرضية المناسبة لمد أذرعتها في
الخاصرة العربية. كما كرّس ذات النظام عدم استقرار لبنان،
محاولا قدر الإمكان تعطيل الأمور وشل
أي حكومة لا تتفق مع أجندته وعدم
تمكينها من القيام بأعمالها، ليفرض
عليها الأمر الواقع، وهذا يعني عودة
الوصاية السورية السياسية للبنان وإن
خرجت منه عسكرياً. على سورية ما بعد مرحلة بشار أن تبادر
بحسن النيات وأن ترتهن للعقلانية،
وتتخلى عن تشدّدها وتُغيّر من سلوكها
وإعادة بناء الثقة وتتعامل مع لبنان
كدولة مستقلة. ولعل أهم الأمور تكمن في
ترسيم الحدود والاعتراف بلبنانية
مزارع شبعا، ليتم اعتمادها دولياً
منطقة لبنانية محتلة. وطالما تحقق
الاحترام والندية ما بين بيروت ودمشق
مستقبلا، فإنهما ستدفعان لغلق بوابات
التدخل الأجنبي، والى تلاشي ساحة
التجاذبات والاستقطابات. وفي هذا السياق، ولكي نمضي للمزيد من
المكاشفة في تأثير هذا المحور على
استقرار المنطقة, نجد بأن ما حدث في
القطيف السعودية من أعمال وممارسات
لفئة من شباب متهور ومدفوع من قبل قوى
خارجية، تكشف عن أن هناك عدة أسباب
دفعت طهران للإقدام على تلك الخطوة
التحريضية لعل أهمها لفت الأنظار عما
يحدث في سورية أو تخفيف الضغط على
النظام على أقل تقدير كونها تشعر بأن
حليفها بشار الأسد ونظامه يتعرضان
لانهيار حقيقي، لاسيما وان هناك
اعتقاداً بأن الخليجيين يقفون وراء
الحملة ضد النظام السوري. ومع ذلك كانت الدبلوماسية السعودية دائما
ما تنزع للتدخل في اللحظات الحاسمة
لإنقاذ الموقف العربي من الانهيار،
بدليل أن خادم الحرمين ومنذ أشهر كان
أول من بادر بمناشدة السوريين بإيقاف
آلة القتل وفتح باب الحوار مع
المعارضة، وبالأمس انتقد الفيتو
الصيبني - الروسي في الأمم المتحدة
واصفا إياه بأنه بادرة غير مقبولة
ليكرس مواقفه المعروفة التي لايمكن
لأحد المزايدة عليها، لأجل تعزيز الصف
العربي وحل قضاياه. هذا لا يعني أن دمشق لا تعرف أبعاد
اللعبة، بل تجيد فنونها ، إلا أنها رغم
ذلك تشعر بأنه لم يعد بيدها حيلة وأنها
مضطرة للسير في هذا الاتجاه معولة على
تحولات سياسية أو متغيرات دولية قادمة. ومع ذلك تبقى مرحلة ما بعد بشار غير واضحة
المعالم لاسيما وان المعارضة السورية
لم تستطع أن توحد مواقفها ورؤيتها
لمستقبل سورية ولا زالت المصالح
الفئوية تلقي بظلالها على المشهد
خصوصا في عدم وجود رؤية مشتركة لقوى
المعارضة وانقساماتها التي طفت على
السطح. ولعل اجتماع وزراء الخارجية العرب بالأمس
دفع بوتيرة إيجاد مخرج للازمة وكان
الأمير سعود الفيصل صريحا وواضحا
بمطالبته الجامعة بتقديم كافة أشكال
الدعم للمعارضة ، واستهجن إعطاء مهل
دون فائدة ، مطالبا بإحالة من تورطوا
في قتل الشعب السوري للمحكمة الجنائية
الدولية. وإن كان الجميع يتطلع بقيام المجتمع
الدولي بدوره لاسيما في مؤتمر أصدقاء
تونس في (24) نوفمبر، بخطوات عملية
ومفصلية في الوقت الحالي بدءاً
بالاعتراف بالمجلس الوطني، وتسليح
الجيش الحر، وزيادة العقوبات
الاقتصادية. إن سقوط النظام السوري وضع طبيعي لما آلت
إليه الأمور في الداخل، وانتهاء مرحلة
بشار صيرورة حتمية كونها ستدشن مرحلة
فارقة ولافتة في المنطقة، وستفتح
الباب على مصراعيه لاستقرار سياسي
وتعاون عربي جاد وفاعل يخدم قضايانا
ويوحد صفوفنا ومواقفنا، ويُلغي موجة
التحالفات والمؤامرات، ويُخرج الهواء
الفاسد من فضائنا، وتبقى الأيام حبلى
بالإجابة..!! ================= د.عبد الله بن موسى الطاير الرياض 14-2-2012 اجتماع آخر
للجامعة العربية وقرارات جديدة تلوح
بطلب قوات دولية لحفظ السلام في سوريا
وتدعو لمقاطعة دبلوماسية، ومع تنادي
دول العالم مع المأساة السورية فإننا
نسمع جعجعة ولا نرى طحناً، والخشية أن
يطول الشجب والاستنكار بينما تتواصل
إراقة الدماء على نحو لحظي ولا عزاء
للأبرياء. أفق الحل لا يبدو قريباً، وتعقيدات
الموقف الإقليمي تزيد الأمور سوءا ذلك
أن سوريا هي قلب التغيير في المنطقة
بعد أن تداعت الأطراف حتى الآن،
فاحتفالات إيران بالذكرى الثالثة
والثلاثين التي يحضرها إسماعيل هنية
رئيس الوزراء الفلسطيني المقال تؤكد
أن العرب ليسوا على منهج واضح مما يجري
في سوريا كما أن تصريحات أحمدي نجاد
بذات المناسبة عن قرب إعلان أخبار
مفرحة للإيرانيين عن برنامجهم النووي
تزيد الأمور تعقيداً؛ حيث يأمل نظام
الأسد دخول عامل ثالث يعمق مأساة
السوريين بعد أن أثخنت فيهم روسيا
والصين. إعلان إيران عن إنجازات جديدة في
برنامجها النووي سيصرف نظر العالم
الغربي عن مجازر الأسد وجيشه، وبدلاً
من ادعاء التعاطف مع الشعب السوري الذي
يُذبح سوف تتفطر القلوب الغربية على
إسرائيل خوفاً من قوة إيران النووية
وستنشغل حتى دول الخليج باحتواء
تداعيات تطورات المفاعل النووي
الإيراني على أمنها الوطني. وبذلك فإن
دخول إيران النادي النووي - لاسمح الله-
سوف يعني بكل تأكيد خلطاً لأوراق
المنطقة وأولوياتها وقد نتوقع تأسيساً
على ذلك استئساد حزب الله في لبنان،
واستقواء أطراف عراقية متطرفة بما
يتحقق لإيران، وبالتالي تعقيداً في
الموقف الداخلي العراقي واللبناني مما
يلقي بظلاله على الحالة السورية
وحيئنذ يكون الحديث عن سنوات وليس
أسابيع وأشهراً لإنقاذ السوريين لا
سمح الله. هناك مؤشرات لا يجب أن تخطئها العين ومنها
أن الأسد ونظامه لن يحكما سوريا
المعروفة بعد اليوم، فالعد التنازلي
بدأ وإن تطلب إسقاط النظام بعض الوقت.
ومع ذلك فإن تغير موازين القوى في
المنطقة قد يجعل المراقب يتوقع دويلات
عرقية وأثنية ومذهبية في سوريا؛ وهو ما
يتوافق تماماً مع توجه في دوائر
الدراسات والتخطيط في الولايات
المتحدة تعزف على وتر تصحيح الخطأ
البريطاني الفرنسي في المنطقة حيث
يؤمنون بعدالة دولة للكرد تجمع شتاتهم
وتستقطع من سوريا والعراق وإيران
وتركيا دولة قومية يقطنها نحو 40 مليون
كردي. كما أن فتح هذا الباب سيقود إلى
دولة علوية نصيرية في سوريا وتكتل سني
قد يمتد من وسط العرق إلى العمق
السوري، وطبعاً سيكون إلى جنوبه في
العراق دولة مذهبية يخطط لها أن تجمع
شتات العرب الشيعة مع ما في ذلك من
تفتيت واجتياح لبلدان في المنطقة. ما يخطط له في المنطقة بشع وإن بدا ظاهره
إعادة التوزيع العادل للإقليم على أسس
توحد الشعوب المستحدثة، وفي اعتقادي
أن إسرائيل ستكون أول الرابحين في
المنطقة الجديدة وربما يكون إعلانها
عن خط حديدي يربط البحر الأحمر بالبحر
المتوسط هو بدائل طرق لوجستية طويلة
المدى تحسباً لأية تقلبات يتوقع
تداعياتها على المديين القريب
والمتوسط. الحالة السورية هي حلقة في عملية إعادة
خلط الأوراق في المنطقة وليست حالة
معزولة كما أن الوضع في مصر لم يصل
محطته الأخيرة ولا هو كذلك في ليبيا
ولا العراق وستتوقف كثير من التكهنات
فيما يخص سوريا أو العراق أو لبنان أو
الخليج على ما ستعلنه إيران عن
برنامجها النووي خصوصاً إذا وصلت إلى
مرحلة اللاعودة واضطرار المجتمع
الدولي لمصافحتها باحترام. أعتقد أنه مهما كانت المبررات، وأياً
كانت المآلات فإن صمت العالم وإيثاره
الانتظار فيما يخص شلال الدم السوري هو
وصمة عار للبشرية، ومع ذلك فإنه يعلن
بما لا يدع مجالاً للشك بأن الدم
العربي ليس له قيمة قادرة على تحريك
الضمير العالمي. ================= تاريخ النشر: الثلاثاء 14 فبراير
2012 أحمد المنصوري الاتحاد قد يكون من محاسن بن علي أنه "فهم"
التونسيين مبكراً بعد أن خرجوا في ثورة
عارمة ضد نظام حكمه، فآثر ألا يريق
أنهار الدماء في صراع لم يكن ليهدأ إلا
بسقوطه. وكان أقرب إلى الاقتناع بقول
الشابي شاعر بلاده "إذا الشعب يوماً
أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر".
ولكن القذافي ومثله الأسد وغيرهما
الذين اختزلوا الأوطان في ذواتهم على
مر التاريخ لا يوجد في قواميسهم غير
لغة البطش وسفك الدماء، فلم يعترفوا
أصلاً بإرادة الشعب في تغيير واقعه،
وظنوا أن قمع الثورات الشعبية بالقتل
والترهيب كفيل بإخمادها ووأدها.. فلقي
القذافي مصيراً مأساويّاً بعد أن
أُذيق من نفس الكأس الذي جرع شعبه منه،
فيما الأسد لا يزال يمعن في القتل
والتنكيل متوهماً أنه سيظفر بالنصر في
نهاية الأمر. إن الصراع في سوريا بين الشعب الذي يريد
التحرر من طاغيته أكثر تعقيداً في حال
تدويله من الصراع الذي دار في ليبيا
لإزاحة القذافي. لقد كان هناك شبه
إجماع دولي على ضرورة الإطاحة بنظام
القذافي إلا من بعض الدول الأفريقية
الموالية له. أما في حالة نظام الأسد،
ونظراً للموقع الجغرافي السياسي
المهم، وتحالفات النظام الوطيدة مع
القوى الإقليمية والدولية الكبرى مثل
إيران وروسيا، فإن تدويل الصراع لن
يكون بالأمر اليسير، وهذا ما ظهر
جليّاً في "الفيتو" الروسي
والصيني المزدوج في مجلس الأمن لإجهاض
قرار أممي بشأن إدانة النظام السوري،
ومقترح مشروع جامعة الدول العربية لحل
الأزمة في سوريا. إن ما لا يعرفه النظام السوري وحلفاؤه هو
أن مناوراتهم في تعطيل المبادرات
وإفشال مهام بعثات المراقبين، والتذرع
بوجود مؤامرة خارجية على البلاد، مع
الاستمرار في ترويع وإبادة سكان المدن
والقرى والبلدات الثائرة لن يجدي في
إخماد الثورة الشعبية في البلاد، ولن
يغير شيئاً من حتمية قرار الشعب بتغيير
النظام. ولكن النظام موغل في غيه ومصمم
على ترسيخ بقائه وإن كلفه الأمر إبادة
كل شعبه. إن مجموع القرارات التي صدرت عن اجتماع
وزراء خارجية الدول العربية في
القاهرة مساء أول من أمس بإنهاء بعثة
المراقبين العرب، ودعوة مجلس الأمن
لتشكيل قوات سلام عربية أممية مشتركة
للإشراف على تنفيذ وقف لإطلاق النار في
سوريا، وتقديم الدعم المادي والسياسي
للمعارضة السورية، ووقف جميع أشكال
التعاون الدبلوماسي مع ممثلي نظام
الأسد، لهوَ أضعف الإيمان، وقد جاء بعد
فشل جميع مبادرات التهدئة والمناشدات
لوقف قتل المدنيين. إن الدول العربية مطالبة بتصعيد
إجراءاتها ضد النظام السوري وتضييق
الخناق عليه، ودراسة جدوى ومحاذير
إمداد الجيش السوري الحر بالسلاح
والعتاد، وخاصة أن تقارير عديدة تشير
إلى أن حلفاء النظام مثل إيران و"حزب
الله" والميليشيات المسلحة في
العراق ترسل إمدادات من الأفراد
والمسلحين والعتاد لدعم النظام في قمع
الانتفاضة الشعبية. وهناك شبه إجماع عربي على عدم جدوى تدويل
المعركة ضد نظام بشار على شاكلة
النموذج الليبي.. كما أن هناك تخوفاً
رسميّاً عربيّاً من تحول الصراع إلى
حرب طائفية واسعة وإبادة شاملة قد
يستخدم فيها النظام أسلحة غير تقليدية
في حال إمداد المعارضة بالسلاح، وخاصة
أن المعارضة المسلحة لم تجتمع حتى الآن
تحت لواء واحد. إذن هل تكفي القرارات التي اتخذتها
الجامعة العربية لحقن دماء الشعب
السوري، خاصة مع تردد العرب في تدويل
الأزمة وتخوفهم من تداعيات تسليح
المعارضة. لقد أصبح الحل الدبلوماسي
والحصار الاقتصادي والعمل على عزلة
النظام سياسيّاً هي الحل "الأنسب"
و"الأسهل" عربيّاً، ولكن هذه
الحلول لن تلجم ضراوة النظام ضد شعبه
ولن تقيد يديه عن ممارسة المزيد من
القتل والتنكيل. ================= صحوة الشرق الأوسط...
بارود التطلعات الديمقراطية ليز سلاي - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز
سيرفس» تاريخ النشر: الثلاثاء 14 فبراير
2012 الاتحاد أخذت المخاوف من حرب شرق أوسطية جديدة لم
تتضح معالمها بعد، تلبد سماءََ منطقة
كانت قبل عام فقط تحتفي بسقوط حكام
مستبدين، وصعود قوة الشعب، وتأمل في
بزوغ عهد ديمقراطي جديد. فالتهديدات
الإيرانية بتلغيم مضيق هرمز تزيد من
شبح نزاع بين الولايات المتحدة وإيران
في الخليج العربي، وتهديدات إسرائيل
بتوجيه ضربة لمنشآت إيران النووية
تفتح إمكانية حرب واسعة تشمل المنطقة
برمتها. ولعل الأكثر إثارة للقلق، في وقت يتواصل
فيه سقوط القذائف على مدينة حمص
السورية وتعيد فيه شاشات التلفزيون
عبر المنطقة بث صور مروعة لمشاهد الدم
والعنف، هو أنه بات من شبه المؤكد
اليوم أن سوريا تعيش في المراحل الأولى
لحرب أهلية، حرب تثير تداعياتها
التوتر والقلق خارج حدودها. ورغم أن حرباً أوسع ليست بكل تأكيد قدراً
محتماً لا مناص منها، فإن سنة 2012 بدأت
ُتظهر منذ الآن كتتمة قاتمة لآمال 2011،
فيما تصطدم مطالبات الشعوب بقدر أكبر
من الحرية مع الأجندات المتنافسة
والمتعارضة للقوى الكبرى. وفي هذا
الإطار، يقول بول سالم، مدير مركز
كارنيجي الشرق الأوسط في بيروت: "هناك
مساران مختلفان في الشرق الأوسط"،
فبينما "بدأ شمال أفريقيا ينتقل نحو
مزيد من الديمقراطية"، فإن منطقة
المشرق العربي (فلسطين ولبنان وسوريا
والعراق) "بدأت تنتقل نحو المواجهة
والنزاع الطائفي، وهو مسار أكثر قتامة
وسواداً بكثير". فرغم الفوضى في
القاهرة وحالة الارتباك في طرابلس،
إلا أن تونس ومصر وليبيا بدأت تتعاطى،
وإن بشكل غير منظم، مع المهمة المتمثلة
في بناء ديمقراطيات جديدة يمكن أن تنجح
بعد سنة تم فيها خلع الزعماء السلطويين
في هذه البلدان. غير أنه في المنطقة الممتدة من فلسطين إلى
إيران، أثارت صحوة التطلعات
الديمقراطية تنافساً قديماً وأحقاداً
أحدثت عبر شبكة من خطوط التصدع
المتقاطعة التي يمكن أن تنهار وتسحب
معها البقية. وفي هذا السياق، تقول "أم
هيا"، وهي سورية تعيش في بغداد: "يبدو
كما لو أن كل مكان يمكن أن ينفجر في أي
وقت، بدون معرفة السبب"، مرددةً
شعوراً واسعاً بالقلق بين الكثيرين
ممن يعيشون خارج سوريا، قبل أن تضيف:
"أن المنطقة برمتها قابلة للاشتعال". ووسط كل ذلك توجد سوريا، التي بدأت
ثورتُها كانتفاضة شعبية سلمية ضد حكم
الأسد، لكنها اليوم أخذت تتحول إلى
صراع أكبر على النفوذ. فخلافاً لليبيا
وتونس ومصر، تقع سوريا وسط سلسلة شبكات
من التحالفات الاستراتيجية والمصالح
الجيوسياسية والحساسيات الدينية.
وتعليقاً على ذلك، يقول دبلوماسي مطلع:
"لقد انهارت ليبيا من الداخل، أما
سوريا فستنفجر... وستنفجر عبر المنطقة
بأكملها". والأمر لا يتعلق فقط
بحقيقة أن التركيبة الدينية والإثنية
لسوريا تعقِّد انتفاضةً شعبيةً ضد
عقود من الطغيان والاستبداد، حيث
تسيطر أقلية طائفية على معظم المناصب
المهمة في القوات الأمنية التي تقود
جهود قمع وإخماد الاضطرابات، مضفيةً
بذلك بعداً طائفياً على ثورة تقودها
الأغلبية السنية للبلاد. فسجل الأسد
الخاص، وسجل والده من قبله، كبطل
للقضايا المناوئة للغرب، وتحالفاته مع
جماعات مثل "حزب الله" و"حماس"،
وفوق كل شيء علاقته الوثيقة بإيران...
تضع نظامه على الخطوط الأمامية لصراع
أكبر بكثير على النفوذ. وفي هذا الإطار، يقول وزير الخارجية
العراقي هوشيار زيباري، الذي يسعى إلى
تحقيق توازن بين التعقيد الطائفي
الدقيق للعراق مع الأحداث التي تتكشف
تباعاً في سوريا المجاورة: "إن من
شأن تغيير النظام في سوريا أن يؤثر على
المنطقة كلها، فسوريا لها أهمية
جيوسياسية بالنسبة لفلسطين ولبنان
والعراق والأردن وكل مكان. ولذلك، فإن
لكل بلد مصلحته الخاصة في ما يحدث في
سوريا". أو كما تقول كلير سبانسر،
رئيسة برنامج الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا بمركز "تشاتام هاوس" في
لندن: "إن مصير سوريا متداخل ومترابط
مع مصير الجميع في المنطقة، ومصير
الجميع يمر عبر سوريا". ومما يزيد من
تعقيد هذه الصورة أكثر هو حقيقة أن
الأزمة السورية تتفاقم في الوقت نفسه
الذي أخذ فيه نفوذ أميركا في المنطقة
يتقلص. ذلك أن انسحاب القوات الأميركية
من العراق في ديسمبر الماضي وقدوم
إكراهات العام الانتخابي، يبعثان
بإشارة واضحة إلى المنطقة مفادها أن
الولايات المتحدة لن تتدخل. ويقول زيباري في هذا الصدد: "لقد كان
الوجود الأميركي يمثل شكلاً من أشكال
الردع... أما اليوم، فإن الناس يشعرون
بأن ثمة نوعاً من الفراغ، وهم يتنافسون
على سده". ومن بين تلك القوى
المتنافسة روسيا، التي تعتقد أنها
خُدعت من قبل الغرب في ليبيا وتتدخل
اليوم بقوة للدفاع عن الأسد، معلنةً
أنها لن تقف موقف المتفرج بينما يعمل
تحالف مدعوم من الولايات المتحدة على
خلع حليفها الأول في الشرق الأوسط. وقد أثار استعمال روسيا والصين لحق النقض
(الفيتو) ضد مشروع قرار أممي يندد
بسوريا، والمحاولات الروسية لرعاية
النتيجة التي تريدها للأزمة السورية،
ذكريات تعود إلى زمن الحرب الباردة
وتنافس قديم على النفوذ في المنطقة بدا
أنه انتهى مع انهيار الاتحاد
السوفييتي وتحرير الكويت من قبل تحالف
تقوده الولايات المتحدة عام 1991. غير أن
ما يؤجج الصراع على سوريا هو تنافس
قديم على الهيمنة بين إيران والغرب،
السنة والشيعة، العرب والفرس، معركة
بدا أنها خفت جراء المطالبات الشعبية
بالتغيير، والتي ظهرت عبر العالم
العربي العام الماضي، لكنها طفت على
السطح من جديد كعامل مهم يحرك التنافس
على السلطة. فتحالف سوريا الاستراتيجي
الذي بدأ قبل ثلاثة عقود مع إيران،
يضعها في صميم ما سماه العاهل الأردني
عام 2006 "الهلال الشيعي"، منطقة
على شكل قوس تمتد من طهران إلى بيروت،
عبر بغداد ودمشق، ويحكمها زعماء شيعة
متعاطفون مع إيران. أما في حال حُكمت
سوريا من قبل أغلبيتها السنية، فإن
دمشق سترسخ ما يسميه البعض منذ الآن
هلالاً سنياً يمتد من السعودية إلى
تركيا، ويقطع شريان الحياة بالنسبة
لإيران والممتد إلى البحر الأبيض
المتوسط. ويرى بعض المحللين أن الاضطرابات في
سوريا تمثل بالنسبة لبلدان الخليج
السنية، فرصة جديدة للتصدي للنفوذ
الإيراني الذي توسع بشكل مهم في لبنان
والعراق عقب الغزو الأميركي للعراق
عام 2003. ورغم أنه لا يوجد دليل حتى الآن
يدعم ادعاءات الحكومة السورية من أن
دولاً خليجية تقوم بتسليح المعارضة
السورية، فإن ذلك يمكن أن يتغير اليوم
في وقت بات يبدو فيه من المستبعد حدوث
تحرك دولي منسق لحل الأزمة السورية،
كما يقول إميل حكيم من المعهد الدولي
للدراسات الاستراتيجية في البحرين،
والذي يضيف: "إن إيران مازالت أكبر
لاعب في المنطقة، وسوريا هي الميدان
المناسب للعب... إنه مكان حيث يمكن
القيام فيه بأشياء ضد إيران، لكن إيران
تظل أكبر جائزة". وبالنظر إلى قيام روسيا منذ بعض الوقت بمد
الحكومة السورية بالسلاح وإيران
بتوفير المساعدة التقنية والنصائح
العسكرية، حسب بعض المسؤولين
الأميركيين، فإن الساحة باتت مهيأة كي
تتحول سوريا إلى ساحة حرب بالوكالة
يمكن أن تمتد إلى لبنان والعراق وربما
أبعد من ذلك. غير أن الأمر الذي كثيراً ما يغيب عن
الأذهان وسط هذا الوضع المضطرب
والمعقد الذي يتميز بتعارض الأجندات،
هو هوية الأشخاص الذين أطلقوا
الانتفاضة، أولئك الأشخاص العاديون
الذين استجمعوا شجاعتهم للخروج إلى
الشوارع والدعوة إلى حريات أكبر
وحكامة أفضل. وبينما تتعرض حمص، التي
تعتبر قلب الثورة السورية، لقصف
المدفعية لليوم الثامن، يقول السكان
إنهم بدأوا يفقدون الأمل. وفي هذا
السياق، يقول عمر شكير، وهو ناشط من
منطقة باب عمرو في هذه المدينة: "إننا
لا نستطيع أن ننجح بدون دعم دولي"،
مضيفاً: "لا أستطيع أن أصدق أن
العالم يتفرج في صمت على ما يحدث هنا". لكن رغم أنه من شبه المؤكد أن مزيداً من
إراقة الدماء تلوح في الأفق، إلا أنه
لا يمكن استبعاد احتمال مستقبل أكثر
إشراقاً، كما يرى حكيم إذ يقول: "إن
الأشياء ستزداد قتامة، لكن هذه
الانتفاضات والثورات تمثل في الوقت
نفسه عمليات يمكن أن تستغرق سنوات"،
مضيفاً: "إن العامل الجيوسياسي يؤثر
فيها، والطائفية تؤثر فيها... لكن ثمة
مع ذلك شيئاً جيداً وحقيقياً بشأن
مطالب كل هذه الشعوب عبر المنطقة". ================= فهمي هويدي السفير 14-2-2012 نحن مدينون باعتذار إلى الشعب السوري،
الذي يذبح تحت أعيننا كل يوم منذ أحد
عشر شهرا، في حين خذلته الشعوب العربية
ووقفت منه موقف المتفرج. كأنما صار «قلب
العروبة» محاطا بعرب بلا قلب. 1 من الجمعة 3 شباط/فبراير إلى الجمعة
التالية 10 منه قتل 755 سوريا. ومنذ بداية
الانتفاضة الأسطورية في منتصف آذار/مارس
الماضي قتل حتى الآن نحو 8 آلاف شخص
واختفى عشرة آلاف وامتلأت السجون بعدد
لا يحصى من المواطنين، وكانت الجريمة
الوحيدة التي ارتكبها كل هؤلاء أنهم
تمنوا أن يسترد بلدهم كرامته وحريته،
بعد نحو 45 عاما من الاستبداد والقهر.
حتى أننا طوال الأشهر التي خلت أصبحنا
لا نرى في سوريا سوى أنها بلد غارق في
دم أبنائه. شوارعها لا تسير فيها سوى
جنازات الضحايا ومدرعات القتلة.
ومدنها موعودة بالخراب والدمار كلما
ارتفع فيها صوت يطالب بالحرية. بل اننا
ما عدنا نسمع سوى أزيز الصواريخ
والقاذفات واستغاثات المحاصرين
المطالبين بوقف المجازر، وهتافات
المصرِّين على إسقاط النظام. 2 هذه الجريمة المستمرة منذ أحد عشر شهرا لم
تحرك شيئا في العالم العربي، الذي
اكتفت أغلبيته بمتابعة ما يجرى عبر
شاشات التلفزيون، تماما كما يحدث مع أي
مسلسل تركي! من المفارقات أن العالم العربي والإسلامي
اهتز وانتفض حين ظهر كتاب «الآيات
الشيطانية» وحين نشرت إحدى الصحف
الدنماركية رسوما مسيئة للنبي محمد
عليه الصلاة والسلام، لكنها لم تكترث
للمذبحة المستمرة التي يتعرض لها
الشعب السوري. وإذ أفهم مشروعية الغضب
للمقدسات الدينية إلا أنني أستغرب ذلك
التقاعس عن التعبير عن الغضب دفاعا عن
كرامة المسلمين وعزتهم. الأمر الذي
يكشف في جانب منه عن مدى الخلل في
المفاهيم السائدة التي تفصل بين عقيدة
الإنسان وكرامته، وتقصر الغيرة
والحمية على الأولى دون الثانية، علما
بأن للعقائد ربا يحميها، أما انتهاك
حرمات الناس واستباحة كراماتهم فهو
يمثل عدوانا على حق من حقوق الله،
يستوجب الاستنكار والاستنفار ويستدعي
الاحتشاد والخروج للضرب على يد الظالم. إذا قال قائل ان الجامعة العربية قدمت
مبادرات وأوفدت مراقبين وذهبت إلى
مجلس الأمن لتستقوي به في مواجهة نظام
دمشق، فلن اختلف معه. لكني أقول فقط إن
الجامعة تمثل الحكومات ولا تمثل
الشعوب، ثم إن المراقبين ذهبوا حقا
وعادوا ولم يفعلوا شيئا غيَّر من
المعادلة، وإنما استثمر النظام مهمتهم
لكسب الوقت بهدف الانتهاء من قمع
المظاهرات. أما اللجوء إلى مجلس الأمن
فقد أجهضه الفيتو الروسي والصيني. ولم
يعد أمامنا من مبادرات حل الإشكال على
الصعيد الدولي سوى مؤتمر أصدقاء سوريا
الذي دعت إليه فرنسا، والمؤتمر الدولي
الموازي الذي دعت إليه تركيا. إلا أن
أهم تطور رسمي حدث على الصعيد العربي
تمثل في سحب بعثة المراقبين، وطرد
سفراء سوريا لدى تونس ودول مجلس
التعاون الخليجي، واعتراف ليبيا
بالمجلس الوطني الذي يمثل الثورة
السورية. 3 في الحالة الليبية كان واضحا أن سقوط
القذافي مسألة وقت بسبب تدخل حلف
الناتو. وهو ما تكرر في اليمن منذ أطلقت
المبادرة الخليجية بتأييد غربي واضح.
إذ لم يكن أمام الرئيس على عبد الله
صالح إلا أن يغادر في نهاية المطاف. أما
في الحالة السورية فالأمر أكثر
تعقيدا، إزاء استحالة التدخل الدولي،
واستحالة المصالحة بين المجتمع
والنظام بعد كل الدم الذي أريق،
واستعصاء الحسم الداخلي عسكريا،
وهشاشة الضغوط العربية، الأمر الذي
يعني ثلاثة أمور، أولها أن النظام
السوري المتماسك بصورة نسبية حتى الآن
لا يزال قادرا على الاستمرار، ما لم
تحدث مفاجأة غير متوقعة. الأمر الثاني
أنه في ظل الخرائط العربية الراهنة
والأوضاع الدولية القائمة يبدو أنه
كتب على الشعب السوري أن يخوض معركته
وحيدا. الأمر الثالث ترتب على سابقه،
وهو أن المعركة ستطول وأن معاناة الشعب
سوف تستمر وسوف تتزايد معها فاتورة
التضحيات والآلام. مستقويا بعوامل وأوراق الداخل، وبالدعم
الإقليمي والمساندة الخارجية، فإن
النظام السوري وجد نفسه مطمئنا إلى
الاستفراد بالشعب السوري، وغير مستعد
للتراجع خطوة إلى الوراء. بالتالي فكل
ما يطلقه من شعارات تحدثت عن التغيير
والحوار الوطني والإصلاح السياسي ما
عاد لها معنى، ولم تعد تؤخذ على محمل
الجد، وبات واضحا للجميع أنها من ذرائع
المراوغة وكسب الوقت. يراهن النظام السوري في الداخل على
القبضة الأمنية القوية، وعلى مساندة
قطاع عريض من الطائفة العلوية، التي
يلوح بها كفزاعة لا تخوف فقط من
احتمالات الحرب الأهلية، لكنها فزاعة
أيضا لإزعاج الجارة تركيا التي يزيد
فيها عدد العلويين على عشرة ملايين
نسمة. وبالمناسبة فإن النظام السوري
يستخدم ورقة الأقليات العرقية
والدينية ليس فقط للتخويف من بدائله،
لكن أيضا لتحدى الجيران وترهيبهم. ففي
مواجهة الضغوط التركية مثلا فإنه لا
يستخدم الورقة العلوية فقط، وإنما
يلوح أيضا بتوظيف الورقة الكردية. إذ
رغم أن أكراد سوريا في حدود 200 ألف نسمة
أغلبهم في محافظة القامشلي، فإنهم في
شمال تركيا أكثر من 12 مليونا
واشتباكاتهم مع أنقرة لها تاريخ طويل. يستقوي النظام أيضا بالتأييد الإيراني
الواسع النطاق الذي استصحب تأييدا
عراقيا ودعما من حزب الله في لبنان.
ومعلوم أن ثمة تحالفا استراتيجيا بين
سوريا وإيران، راهنت فيه طهران على
نظام الأسد وليس على الشعب السوري،
وهذا التحالف يؤمن البلدين بدرجة أو
أخرى في مواجهة التهديد الإسرائيلي،
لكن له دوافعه المذهبية أيضا. الخلاصة أن النظام السوري في مقاومته لأي
تغيير سياسي يستقوى بعدة أوراق في يده. ويخوِّف من قلب المعادلات الإقليمية،
كأنما يبعث إلى الجميع برسالة تقول إنه
إذا كان سيئا فالذي سيترتب على رحيله
أسوأ. في الساحة الدولية يراهن النظام السوري
على مساندة روسيا والصين. وهو ما تجلى
في الفيتو الذي استخدماه في مجلس الأمن
للحيلولة دون معاقبته. يدفع البلدان
إلى الموقف الذي اتخذاه، أنهما ضد تمدد
النفوذ الأميركي في المنطقة، وقد
أعلنا صراحة أن الدول الغربية «خدعتهما»
حين لم يعارضا فرض الحظر الجوي على
ليبيا، إذ بعد أن فعلا ذلك أطلقت يد حلف
الناتو في العمليات العسكرية، وتم
تجاهل روسيا والصين، وهما لا تريدان
تكرار هذا المشهد مرة ثانية، إضافة إلى
ذلك فلروسيا علاقات خاصة مع دمشق، إذ
لها قاعدة خدمات بحرية في ميناء طرطوس
ثم إن كل السلاح السوري يتم شراؤه من
موسكو، أما الصين فلديها حساسية من
تأييد أي تحول ديموقراطي عبر مجلس
الأمن، ولا تريد للمجلس أن يتدخل في
الشأن الداخلي لأي بلد، لأن ذلك يمكن
أن يرتد على بكين ويستدعي ملفات داخلية
كثيرة تسبب إحراجا لها. 4 الغائب عن المشهد حتى الآن هو ضغط الشعوب
العربية، خصوصا دولة مثل مصر، التي
يفترض فيها الريادة ويتعامل معها
الجميع باعتبارها «الشقيقة الكبرى»،
الأمر الذي يستدعي السؤال التالي:
لماذا لم يحرك شلال الدم المتدفق في
سوريا شيئا يذكر في الشارع العربي عامة
والمصري خاصة؟ هناك عدة عوامل أسهمت في
ذلك الغياب منها ما يلي: } إن مصر منذ وقعت معاهدة السلام مع
إسرائيل في عام 1979 استقالت عمليا من
موقع الريادة، ودخلت في طور الغيبوبة
الكبرى التي لا تزال مستمرة حتى الآن.
وفي غيبوبتها تلك فإنها لم تنكفئ على
ذاتها فحسب، لكنها التحقت بما سمي
معسكر «الاعتدال» الذي أصبح من
الناحية العملية يدور في فلك السياسة
الأميركية. وحين حدث ذلك من جانب «الشقيقة
الكبرى» فلك أن تتصور صداه في أرجاء
البيت العربي. } إن أجواء الربيع العربي أغرقت عدة أقطار
في شأنها الداخلي لأن سقوط الأنظمة
تطلب جهدا كبيرا لتأسيس الأنظمة
الجديدة، الأمر الذي صرف الانتباه عن
أمور أخرى مهمة حاصلة في الساحة
العربية. } إن بعض النخب يحفظون للنظام السوري
وقفته إلى جانب المقاومة الفلسطينية،
ويرون في تلك الوقفة حسنة تغفر له
الكثير من سيئاته، في حين أن لديهم
شكوكا في بعض عناصر معارضة النظام. } إن الملف السوري أشد تعقيدا مما يتصوره
كثيرون. إذ لا خلاف على أن النظام
القائم في دمشق تهيمن عليه حفنة من
الأشرار، إلا أن القوى الخارجية التي
تسعى لإسقاطه يحركها طابور طويل من
الأشرار أيضا. الأمر الذي حيَّر كثيرين
ممن صاروا يفاضلون بين الشيطان الذي
يعرفونه والشيطان الذي لا يعرفونه. } إن تدويل القضية أصبح مثيرا للشك
والريبة، بعد تجربة حلف الناتو في
ليبيا. علما بأن الوضع الذي نحن بصدده
الآن أصعب، لأن ليبيا وراءها الثروة
النفطية فقط، أما سوريا فوراءها خريطة
جديدة للمشرق، وربما للشرق الأوسط،
إذا وضعنا في الاعتبار تأثير سقوط
النظام السوري على إيران وتركيا. ما العمل إذاً؟ ردي أننا ينبغي أن نصيح
بأعلى صوت قائلين: لا لاستمرار المذبحة
ولا لتدخل حلف الناتو. وفي هذا الصدد لا
مفر من الاعتراف بأن انهيار النظام
العربي يحول بيننا وبين أن نتوقع حلا
عربيا يضغط كي يوقف المأساة ويسلم
السلطة للعناصر الوطنية السورية. ويبدو أنه لم يعد أمامنا سوى أن نراهن على
الشعوب العربية التي صحت أخيرا، وعلا
صوتها الذي حجبته الأنظمة
الاستبدادية، وقد سمعنا مؤخرا صوت تلك
الشعوب في مظاهرات تونس وليبيا
وموريتانيا. وإلى أن نسمع صوت بقية
الشعوب العربية وفي مقدمتها شعب مصر،
فإننا لا بد من أن نقدم اعتذارا للشعب
السوري عن خذلاننا له وتقاعسنا في
إعلان التضامن معه، وإذا لم يسامحونا
ولم يقبلوا اعتذارنا فهم معذورون. لست
مخولا من أحد تقديم اعتذار، لكني أقدمه
نيابة عن نفسي مستشعرا درجة عالية من
الحزن والخزي. ================= روسيا في مأزق بعدما
تحوّلت طرفاً .. القرار العربي رسالة
قويّة في اتجاهين روزانا بومنصف 2012-02-14 النهار دخلت روسيا بعد الفيتو الذي تبنته في مجلس
الامن من اجل تعطيل صدور قرار يدين
القمع الذي يعتمده النظام السوري ضد
شعبه ويدعم خطة الجامعة العربية
للانتقال السلمي في سوريا مرحلة جديدة
من التجاذب مع الدول العربية والغربية
على محاولة اعتراض مؤتمر "اصدقاء
الشعب السوري" الذي تقرر انعقاده في
تونس في 24 من الشهر الجاري. اذ ان هذا
المؤتمر من شأنه ان يشكل وفقا لمصادر
ديبلوماسية معنية ضغطا على روسيا
والصين اللتين تستمران في الدفاع عن
النظام كما يشكل ضغطا على النظام
السوري نفسه بحيث ستظهر الكفة راجحة
دوليا الى جانب الشعب السوري خصوصا اذا
شاركت الدول ال13 الاعضاء في مجلس الامن
في المؤتمر ايضا. ذلك ان هذا المؤتمر
بالاضافة الى اجتماع الدول العربية في
القاهرة في نهاية الاسبوع الماضي وعلى
اثر فشل مجلس الامن في اصدار قرار بسبب
الفيتو الروسي والصيني هما رسالة قوية
في اتجاهين: الاولى هي السعي الى
المحافظة على الزخم الذي وفرته الجهود
من اجل حشد توافق دولي في مجلس الامن
والاستفادة منه في انشاء تكتل دولي
ضاغط، يساعد في تعزيز هذا الامر ما
يجرى العمل عليه من محاولة اقتراح قرار
في الجمعية العمومية للامم المتحدة
يتبنى الخطة العربية التي عطلها
الفيتو الروسي والصيني. فهذا الاقتراح
مرشح في حال حصوله على اكثرية الثلثين
من الدول في الجمعية العمومية لان
يتحول صيغة يمكن ان تساعد في تبني قوة
حفظ سلام دولية وانشائها وارسالها في
حين ان المهمات المنوطة بمثل هذا
القرار تعود الى مجلس الامن في الواقع.
الا ان هناك سابقة حين تبنت الجمعية
العمومية قرارا ابان الحرب الكورية
حين كانت روسيا موافقة على القرار
لكنها محرجة في موقفها من هذه المسألة.
وهذه المسألة تخضع لشروط من بينها
تهديد السلام الاقليمي والعالمي لكنها
محاولة ستكون جديرة بالاهتمام في ظل
التفتيش والبحث عن كل السبل الآيلة الى
وقف العنف في سوريا. والرسالة الاخرى هي في اتجاه النظام
السوري بحيث اوضح الموقف العربي مجددا
كما سيفعل مؤتمر اصدقاء الشعب السوري
بعد اسبوعين من الان ضرورة الا يخطئ
النظام في الاعتقاد بان الدعم الروسي
والصيني الى جانب الدعم الايراني
الانطباع بان الامور يمكن ان تستتب له
خصوصا انه استفاد من هذا الدعم من اجل
ان يزيد حجم عملياته العسكرية. فهو
يستمر في نظر الدول العربية ويراد له
ان يبقى معزولا وبات يفتقد الشرعية
والصدقية على الصعيدين العربي
والدولي، وتصعيد عملياته العسكرية من
اجل محاولة اعادة السيطرة لن تعيد
الساعة الى الوراء لهذه الجهة اي
التراجع عن ضرورة تنحيه عن السلطة. وتطاول الرسالتان ايضا روسيا في الدرجة
الاولى خصوصا بعد فشلها في تسويق حل
بديل من خطة الانتقال السلمي العربية
التي عارضتها. اذ ان زيارة وزير
الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى
دمشق بعد الفيتو في مجلس الامن ادت الى
المزيد من التصعيد العسكري والامني
حيث ارتفع عدد الضحايا فيما لم يدخل
حيز التنفيذ اي من الامور الاصلاحية
التي كان وعد بها النظام مع تساؤلات
كبيرة حول القدرة على اجراء الاستفتاء
مثلا على الدمار او اقرار دستور جديد
على وقع تدمير المدن في وقت بدا واضحا
ان روسيا خسرت وفق ما تقول المصادر
الديبلوماسية المعنية فرصة ان تكون
القابلة للحل السياسي في سوريا. وبحسب ديبلوماسيين التقوا وزير الخارجية
الروسي اخيرا، فإن بلاده تأخذ الموضوع
السوري على محمل خاص اكثر مما يجب
وتحمله اكثر مما يحتمل. اذ ان روسيا
تحاول استعادة صورتها كقوة عظمى في
النظام العالمي الجديد وهي قادرة على
تغيير قواعد اللعبة السياسية في الامم
المتحدة وضرورة قيادتها هذا التغيير
خصوصا ان مشروع القرار الذي تم اقتراحه
في مجلس الامن اخذ بالملاحظات
الروسية، الا انها باتت في واقع الامر
في مأزق حقيقي وفقا للمصادر المعنية
لجهة عدم قدرتها على اقتراح تسوية
مناسبة للوضع السوري بعدما غدت طرفا
فيه. اذ انها كانت تطمح قبل بضعة اسابيع
الى ان تلعب هذا الدور وقد اخذت الدول
العربية مقترحها للوضع اليمني من اجل
اسقاطه على الوضع السوري لكن بعد اعلان
دعمها للنظام واستمرار اتهامها
المعارضة برفض الحوار فانها اسقطت
بنفسها هذا الدور المحتمل. وهي راهنا
تزداد تصلبا وفق ما تعتقد المصادر
المعنية في ظل اعتقاد بان الغرب يحرك
التظاهرات التي تنظمها المعارضة في
روسيا ضد اعادة انتخاب رئيس الوزراء
الروسي الحالي فلاديمير بوتين رئيسا
لروسيا مجددا في آذار المقبل. الا ان
هذه الاعتبارات الروسية الخاصة ادت
الى نتيجة مفادها اقفال الوضع السوري
على اللاحلول وغياب التسويات وحتى
الوسطاء في المدى القريب المنظور
باعتبار ان انتاج تسوية لا يتم بين
ليلة وضحاها فضلا عن ازدياد تمسك
النظام السوري بالحل الامني مما يعيق
فعليا اي تسوية سياسية ويبقي ما يحصل
على الارض في سوريا متماديا وفق
الوتيرة التي يعتقد النظام انها يمكن
ان تحقق مكاسب له مع كل الانعكاسات
التي تترتب على ذلك. ================= هل مذابح حمص زوابع
إعلامية أيها السيد نصر الله؟! ياسر الزعاترة الدستور 14-2-2012 أكثر الأمين العام لحزب الله السيد حسن
نصر الله من الظهور في الاحتفالات خلال
العام المنصرم والعام الحالي، ولا
يعرف ما إذا كان ذلك عائدا لمسلسل
الأحداث الذي يُشعر الحزب وحلفاءه
بالخطر (الثورة السورية على وجه الخصوص)،
أم هو الفراغ الناجم عن توقف المقاومة
عند حدود قوات "اليونيفيل" وسهولة
استخدام السلاح في السياق الداخلي حيث
لا توجد أي قوة يمكنها التفكير في تحدي
قوة الحزب. الأرجح أن الحزب يعيش حالة من الارتباك لا
تخفيها التصريحات القوية، الأمر الذي
ينطبق على عنوان الحزب الأهم (إيران)،
التي تعيش بدورها مخاوف جدية لم تشعر
بها منذ سنوات طويلة، هي التي اعتقدت
لبعض الوقت أن مشروع تمددها في المنطقة
قد حظي بدفعة كبيرة إثر السيطرة على
العراق بعد الانسحاب الأمريكي (غير
الكامل بالطبع). في ظل العقوبات الاقتصادية والتهديدات
العسكرية، مع حالة عدم الانسجام
الداخلي، يأتي الملف السوري ليشكل
عنصر قلق جديدا لإيران، والأهم لحزب
الله الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على
التحالف مع نظام بشار الأسد، ولا ننسى
أن ربيع العرب قد جاء في كثير من
تجلياته إسلاميا من اللون السني الذي
بدا غير منسجم مع الحزب بسبب موقفه من
سوريا، وبسبب الحشد الطائفي الذي يشيع
في المنطقة. كان بوسع إيران وحلفائها أن يكونوا أكثر
انحيازا للمبادئ وألا يتورطوا في
التناقض السافر مع قيمهم بالانحياز
للنظام الدكتاتوري في دمشق، لاسيما
أنهم يدركون أن ثورة الشعب السوري هي
جزء لا يتجزأ من ربيع العرب وليست
عدوانا على المقاومة والممانعة (ألم
يكن نظام صدام حسين الذي وقفوا ضده
مستهدفا من أمريكا والكيان الصهيوني؟!)،
كما أنها ليست مؤامرة ضد إيران أو ضد
حزب الله، ولم يفكر السوريون يوم خرجوا
إلى الشوارع إلا فيما فكر فيه أشقاؤهم،
ممثلا في الثورة على الظلم والفساد
والشوق للحرية والتعددية. لذلك كله يبدو السيد نصر الله في حاجة
دائمة للظهور أمام وسائل الإعلام،
وأمام مؤيديه لكي يمنحهم بعض جرعات
الطمأنينة، وهم الذين يشعرون أن الأرض
تميد من تحت أقدامهم، لاسيما أن سقوط
الأسد سيعني معادلة جديدة في المنطقة
عموما، وربما في لبنان أيضا قد تنهي
تفرد الحزب بالساحة وتعيد إليها بعض
توازنها المفقود. وحين تظهر على وليد
جنبلاط ملامح الخروج من دائرة الولاء
للحزب ولدمشق، فذلك يعني أن المشهد في
طريقه للتغير. في سائر خطاباته الأخيرة يصر السيد نصر
الله بشكل مباشر أو غير مباشر على
اعتبار الثورة السورية شكلا من أشكال
المؤامرة على نظام المقاومة
والممانعة، وهو موقف لم يؤد إلى دخوله
في حالة عداء سافر مع غالبية الشعب
السوري فقط، بل شطب أيضا معظم رصيده
عند جماهير الأمة (الغالبية السنية على
وجه الخصوص). ولا ندري كيف يتجاهل نصر
الله حقيقة أنه لو كان بوسع بشار الأسد
النجاة بنفسه ونظامه عبر صفقة مع
الأمريكان لما تردد لحظة واحدة،
وتصريحاته المتلفزة عن "الفالق
الزلزالي"، وقبلها تصريحات ابن خاله
رامي مخلوف لصحيفة "نيويورك تايمز"
تؤكد ذلك؟! في خطابه الأخير في ذكرى المولد النبوي
وأسبوع الوحدة الإسلامية يوم الثلاثاء
الماضي، واصل السيد نصر الله توجيه
الإهانة العملية لغالبية الشعب السوري
مع الاستخفاف بمعاناتهم، حيث أوضح أنه
تأكد بنفسه من أنه لم يكن ثمة شيء في
حمص يوم انعقاد جلسة مجلس الأمن، وما
كان يقال هو محض تزوير من أجل استجلاب
التعاطف الدولي لا أكثر. واللافت أن
تلفزيون المنار أصر على إعادة هذا
الجزء المتعلق بحمص خلال أيام متتالية
بعد ذلك. لا نعرف ابتداءً ما الذي تبقى من الوحدة
الإسلامية التي رفعت شعارا للاحتفال
إلى جانب ذكرى المولد بعد موقف الحزب
وموقف إيران من ثورة الشعب السوري،
ولكن هل كل ما يجري في حمص وسائر المدن
السورية هو محض تزوير في تزوير، والأهم
هل فعلا غالبية الشعب السوري مع بشار
الأسد؟! يبدو أن النصيحة لم تعد مجدية مع السيد
نصر الله وقادة إيران. وإذا كان الفيتو
الروسي والصيني ومساعي موسكو
الدبلوماسية قد منحتهم الأمل بحل
الأزمة مع الإبقاء على الأسد، فإن واقع
الحال يقول إن الأمر لن يكون على هذه
الحال، فقد انتهى زمن الأسد وليس أمامه
غير الاختيار بين مصير علي عبد الله
صالح أو مصير القذافي. خلاصة القول هي: ان من وقفوا ضد ثورة الشعب
السوري وأشواقه في الحرية والكرامة لن
يحصدوا غير الخيبة والخسران، هم الذين
خسروا ضمير الأمة الذي كان منحازا
إليهم يوم كانت بوصلتهم في الاتجاه
الصحيح بعيدا عن التخندق الطائفي. نقول
ذلك وكلنا أسف على مسيرة حزب كان عابرا
للمذاهب، وقدم نموذجا بطوليا في
مقارعة العدو لا يمكن إنكاره بحال. ================= دماء الشهداء لا تكذب:
ما لم يفهمه بشار الأسد وبقايا أنظمة
الاستبداد د. يحيى مصطفى كامل 2012-02-13 القدس العربي 'إن الذين يصنعون نصف ثورة يحفرون قبورهم
بأيديهم'....... سان جوست فيما مضى كتبت أجرم أنظمة العنف
والاستبداد التي حكمتنا وبددتنا
مديناً إياها بالجهل والغباء بالإضافة
إلى دماء الشهداء؛ بعدها سقط القذافي
كما كان من الواجب والمتوقع ولم يبق من
رؤساء الانظمة سوى الفتى بشار وتابعيه
من القفف وقاطعي الطريق وأبواقه من
الإعلاميين التافهين، ولا يعني هذا
مطلقاً أن ذلك النظام المجرم القاتل
بامتياز مازال يتوفر على أية مزايا
إيجابية أو مكتسباتٍ شعبية تؤهله
للاستمرار وتبرر بقاءه، وإنما تكمن
المشكلة في أن نجاحه الوحيد طوال
الأربعة عقودٍ السابقة تجسد في
منظومةٍ أمنٍ تستند على فرزٍ طائفي شبه
صارم واصطناع علاقاتٍ إقليمية أضحت
أوراق ضغطٍ مكنتاه وما تزالان من
البقاء....فهو على ذلك واقعٌ وسط شبكةٍ
من الخيوط المعقدة والمصالح المتضاربة
وعلى خطوط التماس والنفوذ الإقليمي
بين المعسكرات المتناحرة التي حالت
دون التدخل أو الضغط المؤثر، مما يمكن
هذا النظام المجرم القاتل من
الاستمرار في حملةٍ دمويةٍ محكوم
عليها باللاجدوى وجعلنا جميعاً شركاء
مشاهدين في جريمة الصمت أمام حملة
اغتيالٍ وإبادةٍ جماعية لجماهير الشعب
السوري. لكن كل ذلك لا ينفي أزمة النظام المحيقة
ونهايته الوشيكة المتقدمة بخطى ثابتةٍ
واثقةٍ دامية، فعقليته (بفرض وجودها)
محكومةٌ بملكةٍ أمنيةٍ متضخمة تجور
على ما سواها من القدرات التي ذبلت عبر
عهود القمع والكبت والتعذيب دون
مقاومةٍ تشبه ما يلقاه الآن، تتسلط
عليها تصوراتٌ ومعطياتٌ من عالمٍ ميت
وحقبةٍ انتهت، في تاريخ سورية قبل
غيرها..لذلك كله لم يفهم بشار وزبانيته
وسائر مخلفات الأنظمة التي تتشبث
بالبقاء عدة مستجداتٍ فارقة تجعكل
العودة إلى الوارء مستحيلة: بدايةً لم يفهم بشار ورهطه مغزى ثورات
الربيع العربي حين هبت رياحاها فرحب
بها معتبراً إياها رد اعتبارٍ له
ولأبيه الرحيم القلب ونظامه فتصور
لجموده العقلي وحماقته أنها تصب في
أشرعته وأنها رد فعلٍ متأخر على التنكب
عن مسار المقاومة وعلى كامب ديفيد وما
تعنيه وما جرته، ولا ريب أن فيها شيئاً
من ذلك إلا أنها في الأساس ثوراتٌ على
القمع والاستبداد السياسي والاقتصادي
وما يستتبعه من التهميش وبثٍ للفرقة
والتطاحن وفقاً للمرجعية إقليميةً
كانت أم طائفية، وهي الأمور التي
يمثلها نظامه المهترئ اكثر من غيره
باقتدار. لم يفهم أن الخوف من الاعتقال فالتعذيب
والقتل الذي يردع الناس لم يعد قائماً،
بل انكسر جداره العازل مخلفاً مكانه
كراهيةً سوداء ورغبةً مستعرةً حارقةً
في الثأر؛ لم يدرك أساطين النظام أن
جدوى سلاح الإرهاب والترويع تكمن في
التلويح به مع الاقتصاد في استخدامه
بحيث يظل فاعلاً، يرتع في مخيلة الشعب...أما
حين يتطور بهذا الاسلوب متخطياً كل
تصور فيصبح القتل كثيفاً، عشوائياً
فإن الخوف يفقد معناه ويدفع القتل
الناس للتضامن والتصدي... إن غريزة
الخوف خلقت لتحمي الإنسان أما حين تباد
شوارعٌ ومدنٌ بأكملها فتكون النتيجة
عكسية تماماً فتبعث في الناس حساً
فدائياً مستبسلاً هازئاً بالموت... لم يفهم بشار وأعوانه أن إذلال شعبٍ عريق
ٍ وأبيٍ كالشعب السوري لا يمكن أن
يستمر بهذه الصورة، ولا أن التعايش بين
النظام وبين الشعب استحال مذ فقد مئات
الآلاف ذويهم على يد آلة بطشه. لم يفهم أن الشعب السوري حين ثار لحريته
وكرامته كاسراً كل التوقعات التي كانت
تتحسب بطش قوى النظام الأمنية قد
استعاد اعتداده بنفسه وإحساسه بقيمته،
فقد فاجأ نفسه والعالم بطول نفسه
وصلابته وقدرته على المقاومة وابتكار
أساليبها، وأنه يستحيل عليه التفريط
في تلك المكتسبات. لم يفهم بشار ونظامه على وجه الخصوص أن
قضية الممانعة والصمود في وجه إسرائيل
التي كان يزايد بها على سائر الأنظمة (التي
نعترف قبل غيرنا بأنها لا تقل عنه
انحطاطاً..) فتوفر لنظامه نوعاً من
المسوغ الأخلاقي قد سقطت وتهشمت
تماماً، ليس لأن تصريحات السيد رامي
مخلوف وأمثاله الذكية فقأت هذه
الفقاعة، وإنما لأن الواقع العملي
المشهود يكذبها ولأن الشعب الذي يتعرض
للإبادة من هكذا نظامٍ قاتلٍ بربريٍ
منحطٍ لن يشتري منه دعاوى الممانعة على
جبهات الآخرين فضلاً عن كونها ليست ألح
أولوياته أمام احتمالات الموت المجاني
اليومي الحاضرة بشدة..لم يفهم أنها
وفقاً لتعريف نظامه صارت ذات معنىً رث،
وفي حومة البارود والشهداء الساقطين
والدم المسكوب لم تعد تعني أو تساوي
شيئاً، بل بالأحرى تحورت وصارت تعني
مقاومة تقدم قواته الهمجية وممانعة
الإهانة والقتل؛ الأهم من ذلك أنه
بسقوط ورقة التوت الهزيلة تلك ظهر ذلك
النظام في كامل عريه القبيح وتفاهته
وخوائه: أمنياً أولاً وأخيراً منعدم
المبادئ والأخلاق تماماً. لم يفهم الفتى بشار أن قمة الخزي تتمثل في
كون النظام الذي ورثه عن أبيه والقائم
على الفرز الطائفي والإقليمي الذي يصب
في انفراد طائفةٍ بعينها بمقاليد
الأمن في بداية عهده ثم ما لبثت أن
استأثرت بالثروة ايضاً وسط توافقاتٍ
مع أثرياء المدن، ذلك النظام الذي ادعى
العلمانية وتبجح بتخطي الطائفية لا
يجد له دعماً صريحاً سوى من الأقليات
الطائفية، والمفارقة أن بعضها ممن
دُفع أفراد طائفته للهجرة بشكلٍ أو
بآخر طوال عهده الميمون! لم يفهم أن حجة وقصة العصابات المسلحة
والأطراف الثالثة التي مازال يلجأ
إليها أسوة بالنظام المصري لم تعد تخيل
على أحد ولم تعد تجد من المغفلين من
تقنعه، كما أن تصديقها يثبت أن ذلك
النظام الأمني الدماغ ذا الآلة
العسكرية الباطشة فاشلٌ بامتيازٍ
وتفوق. أما آخر ما لا يفهمه هو أن الشعب السوري
يفهم جيداً مقولة سان جوست التي صدرت
بها المقال وإن لم يكن الكثيرون قد
سمعوا بها، فهم يدركون بعمق أن هذا
النظام لا أخلاق لديه ولا أمان له،
وأنه لن يتورع عن القتل بلا حدود..
يقبلون على التضحيات الباهظة أولاً
لتوقهم الشديد للحرية والكرامة
والانعتاق من نير ذلك النظام المجرم
وثانياً ليقينهم من أن رجوعهم إلى
بيوتهم يساوي الانتحار...لا يفهم بشار
أن مجرد تصوره أنه يستطيع الاحتيال
عليهم مهينٌ لهم في حد ذاته ...و أنهم
ليست لديهم أية أوهام في مقدرة هذا
النظام على الحوار بعد كل ما سفك من
الدماء. لعل بشاراً يطمح في التفوق على أبيه في
القسوة وفيما سفك من الدماء في حماة
وغيرها وفي استهلاك مرادفات القمع
والإرهاب من معجم العربية على ثرائه،
ونحب ان نطمئنه أنه ليس بعيداً عن ذلك،
وهو الآن ببلاهة يحسد عليها وصل إلى
نفس الدرب الذي سبقه عليه سائر
المخلوعين حيث يخير شعبه بين نظامه أو
الفوضى والحرب الاهلية ناسياً أو
جاهلاً أن الأصل في الأمور أن الشعب هو
محور الأمان والاستقرار لا النظام وأن
دعواه تلك إقرارٌ ضمني بالفشل في صناعة
مجتمعٍ متماسك ينبذ الطائفية والتشرذم. لقد كذب بشار ونظامه وأجرما... وسوف
يستمران في الكذب والقتل والإجرام،
فلم يعد لديهما سوى العنف ولا يفهمان
سوى منطق القوة وقد وصل الصراع بينهما
وبين طالبي الحرية من شعبه إلى مفترق
طرقٍ لم يعد معه التعايش بينهما ممكناً
منذ عهدٍ طويل في عمر الثورة... للأسف، ربما أطالت المؤامرات الإقليمية
عمر نظامه...و ربما تكبد الشعب السوري
المزيد من الشهداء والآلام والخسائر
العينية، ولن يعدم من الكتبة
والأفاقين وذوي المصالح والمأجورين من
يدافع عنه..لكن دماء الشهداء وأجسادهم
لا تكذب وهي تشهد وتصدح بأن النظام
ساقطٌ لا محالة. ================= الياس خوري 2012-02-13 القدس العربي صار للحرية مدينتها. هناك على ضفاف
العاصي، كتب السوريات والسوريون، اسم
بلادهم بالأغاني والدم والدموع. قررت
حمص ان تكون خريطة القلب، محولة سهل
الغاب الى ملتقى الأوردة التي تنبض
بالحلم والحرية. في حمص، وتحت دوي القصف المجنون، يرتكب
الطغاة خطأهم الأخير والقاتل. هنا في
مدينة خالد بن الوليد يصنع الشعب
السوري ملحمة صموده، قبل ان يجرف
الطوفان سدّ الديكتاتورية، ويطيح به. عندما بدأت الثورة السورية في درعا، ورغم
مقتلة الأطفال التي كشفت عن وحشية آلة
القمع البعثية- الأسدية، كان السوريون
يحلمون بأن تكون ثورتهم حركة شعبية
سلمية، تطيح بالسلطة الاستبدادية، من
دون تدمير الدولة. فارتفعت شعارات عن
وحدة الجيش والشعب، وقام المناضلون
بتوزيع الماء على الجنود، كما جرى في
داريا حين قاد الشهيد غياث مطر عملية
توزيع الماء والورد بنفسه. لكن آلة
القتل لم تكتف بقتل غياث مطر، بل قامت
بتشويه جثته كي تقول ان القمع اعمى،
وان البربرية بلا حدود، وان آلة الدولة
قادرة على منافسة المغول في تجبّرها
ووحشيتها. لا لم يكن في متخيل الثوار الوصول الى بحر
الدم الذي تغرق فيه اليوم البلاد
السورية. ولم يكن في استطاعتنا ان
نتخيل ان آلة القمع لم تتعلم شيئا من
دروس التاريخ، ولم تتعظ من مصائر
الديكتاتوريات في تونس وليبيا ومصر.
وكنا على خطأ، او كنا نتوهم بأننا
نستطيع ان نعبر هذه الكأس المريرة،
متجاهلين ان المافيا لا تعرف ان تتكلم
سوى بلسان واحد هو القوة والتجبّر
والاستعلاء على الدماء. لم يكن غناء القاشوش دعوة للموت الذي ذاقه
على ضفاف العاصي في حماه، بل كان اعلان
ايمان بالحياة. ولم ينشد الساروت لبحر
الدم الذي يحاصره ويحاصر رفاقه في حمص.
كان الأمل هو ان تنجح حناجر السوريين
في ان تفتح ابواب السماء، وتجعل النظام
يشعر بعزلته ويضبّ اغراضه ويرحل عن شعب
يريد ان يستعيد كرامته بعد عقود من
المهانة والذلّ. لكن كيف يمكن ان تتم مواجهة متكائفة بين
من يُدافع عن القيم وبين من يدوس القيم
بحذائه؟ لن نتوقف عند اكاذيب آلة القمع التي تشكو
من المسلحين المنتشرين في ازقة حمص،
وتعتبرهم خارجين عن القانون. فأين كان
القانون قبل ان تبدأ انشقاقات الجيش
وقبل ان يرتفع اي سلاح للدفاع عن
الناس؟ في الماضي القريب حين استباحوا اطفال
درعا وقال مسؤول الأمن في المدينة ما
قاله، موجها الاهانات للناس في شرفها،
كانت المسألة لا تتعدى مجموعة من
كتابات الأطفال على حائط مدرستهم. ومع
ذلك استبيح جسد حمزة الخطيب، ومزقت
اجساد الأطفال. لا لن نصدّق نظاما خبرته ثلاثة شعوب
عربية، وخبرت قمعه وكذبه ووحشيته.
الفلسطينيون لن ينسوا تل الزعتر،
واللبنانيون لن ينسوا عنجر وكل
المذابح، والسوريون لم ينسوا حماه ولن
ينسوا اليوم كيف يقتلون ويعذبون
ويهانون. كل ثورة تتخذ لنفسها اسماً، الثورة
السورية الكبرى تسمت بجبل العرب
والغوطة، والثورة التونسية تسمت بسيدي
بوزيد، والثورة المصرية تسمت بميدان
التحرير، واليوم تأخذ الثورة السورية
اسمها من مدينة حمص. مدينة التضحية والأضاحي، مدينة الشهداء
الأحياء والشهداء الأموات، ومدينة
الشعراء. كلما ورد اسم حمص تذكرت
شاعرها ديك الجن وحبيبته ورد، ورأيت
امامي كيف تتلّون الكلمات بمعجزتي
الحب والشعر وقد تخمّرا بالموت. حمص تحت النار، المدينة التي نجت من وحشية
تيمورلنك عبر ادعاء الجنون، مثلما
تقول الحكاية الأسطورية، تجد نفسها
اليوم وحيدة بين مدن العرب، وحدها تصرخ
بهتاف الحرية الأخير: 'الموت ولا
المذلة'. وحدها تقاوم القصف حيث تنحني
المباني على المباني، ويفترس الركام
الأرواح. حمص لن تستسلم، تحترق ولا ترفع الراية
البيضاء، هكذا كنا يا بيروت عام 1982،
نراك كيف كنت تحترقين وترفضين ان ترفعي
الراية البيضاء امام زحف الوحش
المعدني الاسرائيلي. وانت يا حمص
تحترقين ايضا وتنزفين امام هول القصف
المغولي الجديد، لكنك لا تستسلمين. الحكاية لا يمكن قراءتها في ترسيمة
اللعبة السياسية التي تبدو مليئة
بالكذب والحيل ومحاولات التذاكي. المسألة في سورية ليست لعبة امم كما
يحاولون تصويرها، او كما يحاولون
احتواءها، انها ثورة شعب. هذا ما لم
يفهمه الساسة الروس وهم يحاولون ترقيع
نفوذهم بخطاب سياسي ينتمي الى القرن
التاسع عشر، وهذا ما لا يريد
الامريكيون فهمه، وهم يتخبطون في
محاولة احتواء مدّ ثوري عربي لم يتوقعه
احد وكانوا ضد احتمالاته. المهم ان تفهم النخب السياسية السورية
واقع الثورة، وتتصرف على هذا الأساس،
وتنصرف الى دعم الداخل الثائر بكل
الوسائل، وترفض كل خطاب طائفي او يشتم
منه رائحة التعبئة الطائفية لأنه خطاب
قاتل. الحكاية ان الاستبداد لا مبدأ له سوى
البقاء، وهو مستعد ان يبيع كل شيء من
اجل هذا الهدف. البقاء والتسلط والقهر، هذا هو مبدأ
الاستبداد الوحيد. لذلك كانت حمص، بشجاعة ابنائها وصبرهم
وصمودهم هي اعلان عن ان الشعب استعاد
حريته وكرامته. تصنع حمص ايقاعها من نبضات القلوب. وقلوبنا تنبض معك وبك ولك ايتها المدينة
العظيمة بين المدن. ================= أضعف الإيمان - تأزم
الحل السياسي في سورية الثلاثاء, 14 فبراير 2012 داود الشريان الحياة اختلف العرب على تحديد المعارضة السورية.
بعضهم قرر الاعتراف ب «المجلس الوطني
السوري»، باعتباره يمثل الشعب، وإعلان
ذلك في مؤتمر»أصدقاء سورية» المقرر
عقده أواخر الشهر الجاري في تونس، وآخر
اعتبر الاعتراف بالمجلس سابقاً
لأوانه، وهو محل خلاف، وطالب بتأجيل
البحث في الموضوع... وثالث لم يرق له
احتكار المجلس الوطني لتمثيل
المعارضة، موضحاً أن هناك أطيافاً
اخرى، ينبغي عدم تجاهلها. موقف العرب
من المعارضة سيفضي الى اعطاء الآخرين
فرصة العبث بالساحة السورية، وإثارة
نزاع مع بعض المعارضة. الارتباك العربي، وإن شئت، التصرف برد
الفعل، لم يقف عند هذا الحد. فالجامعة
العربية اعادت ملف سورية الى مجلس
الأمن، من دون تمهيد لهذه الخطوة مع
اصحاب «الفيتو»، ولهذا أعلنت روسيا
رفضها البيان العربي المتضمن ارسال
قوات حفظ سلام، واشترطت ايجاد حل للعنف
قبل الوصول الى هذه الخطوة، كأنها تقول
للعرب: كان عليكم التحدث معنا قبل
اتخاذ قرار بالذهاب مجدداً الى الأمم
المتحدة. لذلك أصبح العرب بين خيارين
أحلاهما مر: إما التماهي مع رغبة روسيا
والصين، وإما تكريس رفضهما خطة
الجامعة العربية وتعقيد تحركها على
الساحة الدولية. لا شك في ان الدول العربية لا تملك سوى
التحرك السياسي، لكنها تتعامل مع
خيارها الوحيد في شكل غير محترف.
الجامعة لم تهتم في البداية بالمعارضة
السورية، وغابت عن تشكيلها، وترددت في
الاعتراف بها، وحين قررت استخدامها في
المعركة السياسية، اختلفت على اختيار
من يمثلها. وهذا النهج سيزيد عدم قدرة
العرب على الإمساك بالملف السوري،
ويمنح الآخرين فرصة التدخل من دون إذن
من العرب. الأكيد ان الأطراف الإقليمية والدولية لم
تعد تنظر الى الأزمة السورية من زاوية
إنسانية. القضية أصبحت صراع نفوذ،
وتصفية حسابات بين أطراف إقليمية
ومحلية. والمطلوب من الجامعة معاودة
النظر في طريقة ادارتها للأزمة، وعدم
الرهان على ما يسمى «اصدقاء سورية»،
والسعي الى حل إشكالية تمثيل المعارضة
قبل أن تتفاقم، والتعامل مع دولتي «الفيتو»
على نحو يشعرهما بأن الجامعة تتعامل مع
الأزمة بذهنية منفتحة، وتتفهم مصالح
الأطراف في المنطقة. بغير ذلك فإن
القوى الدولية والإقليمية ستخطف
سورية، مثلما خطفت العراق. ================= هل تتغير موازين القوى
الإقليمية؟ الثلاثاء, 14 فبراير 2012 مصطفى الفقي * الحياة نرصد في الشهور الأخيرة عمليات صعود
وهبوط، بل إحلال وإبدال بين القوى
الإقليمية المختلفة على نحو يستوجب
الدراسة ويدعو إلى التأمل، فالخريطة
السياسية للشرق الأوسط توحي بأننا في
مرحلة مخاضٍ حقيقي لميلاد جديد،
وأمامنا مفردات كثيرة تشير إلى ذلك،
لعلنا نتذكر منها أحداث «الربيع
العربي» وتراجع المشروعين الأميركي
والإسرائيلي وخفوت النغمة القومية
بشكل عام وتحول الإرهاب الدولي إلى
ممارسات محلية ثم تراجع المشروع
العربي لصالح قاعدة العمل الإسلامي،
ولعلنا نبسط ما أوجزناه في السطور
القادمة: أولاً: إن أحداث الربيع العربي بما لها
وما عليها تمثل تغييراً ضخماً في
الخريطة السياسية للمنطقة العربية،
فهناك نظم تهاوت وزعامات سقطت،
وقيادات جديدة برزت وشعوب عصفت
بحكامها واعتصمت في ميادينها وغيَّرت
وجه الحياة في المنطقة، لذلك فإن أحداث
عام 2011 وما تلاها هي تعبير عن أوضاع
جديدة طرأت على الإقليم وأحدثت فيه
نوعاً من التغيير يحتاج إلى حالة من
التوازن وفقاً لترتيب القوى الصاعدة
وأوليات النظم المختلفة. إننا أمام
موقف راجعت فيه الأمة العربية نظمها
وبدأت تتخذ أشكالاً من التغيير لم تكن
واردة بهذه السرعة وهذه القوة، فإذا
اخذنا مصر مثالاً فسوف نجد أنها عانت
من حالة الفوضى الإعلامية والأمنية
والسياسية في أعقاب الثورة الشعبية
التي أطاحت بنظامٍ كان قد ترهل وهرم بل
وانتهى عمره الافتراضي، كما أن الوضع
في سورية ينذر هو الآخر بتغيير جذري في
المنطقة قد يغيَّر موازين القوى
العربية تجاه الجارتين المسلمتين
إيران وتركيا، كما يقلب معادلة الصراع
مع الدولة العبرية أيضاً. ثانياً: إنني ممن يظنون -من دون إفراط في
التفاؤل- أن المشروع الأميركي
الإسرائيلي قد بدأ يتراجع بفعل طرقات
التغيير في عدد من العواصم العربية
وامتلاك الشارع العربي زمام القرارات
السيادية حتى أصبحنا أمام حالة من
الترقب الدائم والرصد المستمر تمارسها
إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة
الأميركية، بل والغرب عموماً. فهم
يواصلون الاتصال بالتيارات الإسلامية
الوافدة الى مقاعد السلطة ويبحثون في
التغييرات القادمة وتأثيرها على
الوضعين الإقليمي والدولي ويتحسسون
مواقع أقدامهم نحو المستقبل للتعرف
على ملامحه واحتمالات التغيير فيه،
ولعل الأزمة الأخيرة بين القاهرة
وواشنطن هي تعبير عن تحول جديد تجاه
النفوذ الأميركي الذي يبدو متراجعاً
في بعض مراكزه المهمة على خارطة الشرق
الأوسط، ولعلنا نتذكر هنا أن النظامين
السابقين المصري والتونسي أيضاً كانا
ركيزتين مهمتين للوجود الأميركي في
المنطقة، كما أن الاحتمالات القادمة
لنظم أخرى وصلت إليها رياح التغيير،
سوف تؤدي بالضرورة إلى تغيير جذري في
موازين القوى بالمنطقة. إننا أمام
خريطة جديدة لشرق أوسط مختلف تبدو فيه
موازين القوى الإقليمية مغايرة تماماً
لكل ما كان قائماً من قبل. ثالثاً: دعنا لا ننكر أن خفوت النغمة
القومية قد تجلى واضحاً في الشهور
الأخيرة حيث تبدو هناك حالة من العجز
العربي عن اتخاذ القرارات وتبني
المواقف نتيجة أوضاع قديمة وأخرى
جديدة، فالعالم العربي لم تعد لديه قوة
الدفع القومي التي كانت موجودة منذ
عقود حيث تبدو الدول منعزلة بعضها عن
بعض، مشغولة بهمومها، كما أنه لا توجد
أجندة واحدة لهذا العالم العربي الذي
يعاني حالة من التمزق والتشرذم، إلى
جانب الارتباطات المتباينة بالقوى
الدولية المختلفة، ولقد أضافت نتائج
الربيع العربي بعداً جديداً لذلك
يتمثل في حالة الانكفاء الوطني بسبب
الظروف الطارئة مع الثورات الشعبية
حيث لم نلحظ نداءات قومية قوية من
الميادين والشوارع العربية، فالتركيز
يبدو محلياً على ظاهرتي الاستبداد
والفساد اللتين عانت منهما شعوب عربية
مختلفة، كما أننا لا ننسى التأثير
القوي للشعوبية التي تبدو انتقاصاً
تلقائياً من الحركة القومية. رابعاً: إن تراجع تنظيمات ما يسمى «الإرهاب
الدولي» وانكماش أدوارها قد صدّرت
بالتالي شحنات من التوتر والانفلات
الأمني بفعل العائدين من المراكز
الرئيسة لتلك المنظمات الدولية.
فلعلنا نتذكر هنا الأعداد الكبيرة من
العائدين من أفغانستان وباكستان
وإيران، وما تمثله تلك العناصر من رصيد
لقوى التوتر ومصادر العنف، وهي التي
كانت تمتص طاقة كبيرة للرفض والاحتجاج
والتوتر من خلال تمردها ضد أوضاع دولية
وإقليمية ومحلية على نحو فقد تركيزه
تحت مظلة تنظيم «القاعدة» أو غيره
لينتشر في دوله الأصلية كحركات
احتجاجية تستخرج طاقة العنف لديها ضد
الأوضاع التي ثارت ضدها شعوبها. والأمر
يحتاج هنا إلى مراجعة أمينة لملفات
العنف السياسي في كثير من الدول
العربية. خامساً: إن تراجع المشروع القومي لصالح
المد الإسلامي الذي بدأ يفرض نفسه على
الساحة السياسية في دول الربيع
العربي، بل وغيرها أيضاً -نموذجي
المغرب والكويت أخيراً- تؤكد كلها أننا
أمام أوضاع جديدة تؤثر بشكل واضح على
مستقبل موازين القوى في المنطقة، ونحن
نتأمل الآن الأحجام السياسية الآنية
لدول المنطقة نتيجة المؤثرات الناجمة
عن أحداث «الربيع العربي» وما تركته من
تأثير على التوازنات في المنطقة
والصراع العربي الإسرائيلي الذي تأثر
بأحداث 2011 وما بعدها، وهي تلك التي
صنعت خريطة سياسية مختلفة لم تكتمل
ملامحها بعد. سادساً: إن السؤال المطروح هو: هل تأثرت
الدولة العبرية بأحداث «الربيع العربي»سلباً
أم إيجاباً؟ إن هناك قراءتين مختلفتين
في هذا الشأن، فريق يرى أن شيوع
الديموقراطية يدفع نحو تسوية سلمية
تسمح لإسرائيل بأن تكون كياناً
مقبولاً في المنطقة وهي التي تحدثت
كثيراً في مناسبات مختلفة عن الأنظمة
العربية المستبدة وأن إسرائيل هي واحة
الديموقراطية وسط صحراء الاستبداد،
وفي الوقت ذاته يرى فريق آخر أن صوت
الشعوب الذي ارتفع سوف يكون معادياً
لإسرائيل بالضرورة، ومتخذاً لمواقف
أكثر تشدداً تجاهها استجابة لإيقاع
الشارع العربي. ويضرب أصحاب هذا الرأي
مثالاً لذلك بتحول السياسة المصرية
بعد الثورة تجاه الشعب الفلسطيني وفتح
معبر رفح بصورة أكثر انتظاماً
واستمراراً من ذي قبل، كما أن هجوم
الشباب المصري على مقر السفارة
الإسرائيلية في القاهرة يشير إلى
مواقف غير مؤاتية بالنسبة الى إسرائيل
بعد الانتفاضات التي حدثت في عدد من
الدول العربية. سابعاً: إن سقوط عدد من الديكتاتوريات في
الشمال العربي الأفريقي، بما فيها
مصر، وما يمكن أن يأتي بعدها من دول
أخرى تواجه اضطرابات دامية في الشهور
الأخيرة يجعلنا أمام تحول كبير في
مكونات ميزان القوى الاستراتيجي في
الشرق الأوسط، فالإقليم يواجه تغيراً
كبيراً في مجالات متعددة على نحو يهدد
حالة التوازن التي استقرت عليها
المنطقة لعقود طويلة، فمنذ الحرب
العالمية الثانية لم تعرف الدول
العربية أحداثاً شبيهة بتلك التي
أفرزها عام 2011. هذه ملاحظات قصدنا منها أن نقول أننا أمام
تحولات كبيرة وتغييرات جذرية تدخل
المنطقة في مرحلة جديدة وتعيد صياغة
موازين القوى، حتى إن «بورصة الدول»
تسجل ارتفاعاً للبعض وانخفاضاً للبعض
الآخر، وهي تشير في النهاية إلى أننا
بصدد شرق أوسط جديد خرج من عباءة «الربيع
العربي» وأحداثه الكبرى التي تجاوزت
الإطار الإقليمي لكي تكون جزءاً من
تغيرات دولية تفرض نفسها على الساحة
العالمية، فحتى تلك الدول التي لم تعرف
ثورات «الربيع العربي» نجد أنها قد
تأثرت بما جرى وتجاوبت مع ما حدث،
فالعلاقات الدولية الإقليمية تشير إلى
مستويات جديدة تنتقل بها المنطقة من
مرحلة إلى أخرى، ويكفي أن نلاحظ هنا أن
ما يحدث مع النظام في سورية يؤثر على
الوضع في إيران، وأن ما جرى في مصر يؤثر
هو الآخر على قضية السلام في الشرق
الأوسط بأطرافها المتعددة. إن
الموازين سوف تختلف بسبب حالة التأثير
والتأثر المتبادلة بين القوى المختلفة
في المنطقة، لذلك فإننا نؤكد بوضوح أن
أحداث عام 2011 وما بعدها سوف تكون
حاكمةً في تحديد الخريطة السياسية
الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط بما فيها
من عروبة وإسلام وما فيها من كيان عبري
وما فيها من وجود عربي وما فيها من فرس
وترك وما فيها من وجود أجنبي وما طرأ
عليها من إرادة وطنية هي التي صنعت
الأوضاع الجديدة في ظل ظروف صعبة
وعلاقات معقدة وعالم يتغير فيه كل شيء
ولكن الشعوب في النهاية هي الباقية
والأمم هي الخالدة! ================= لماذا فضل النظام
السوري الخيار الثاني؟ علي إبراهيم الشرق الاوسط 14-2-2012 في خطابه أمام جامعة الدول العربية
الأحد، قال الأمير سعود الفيصل وزير
الخارجية السعودي إنه قد أصبح واضحا أن
مستقبل سوريا بين خيارين؛ الأول أن
تختار بإرادتها الحكمة. والثاني أن
تدفع إلى أعماق الفوضى والضياع.
وللأسف، فقد تبين مع مرور الوقت أن
القيادة السورية فضلت الخيار الثاني
وقررت المضي في قتل شعبها وتدمير
بلادها من أجل الحفاظ على السلطة. تعبير واضح عن الحالة السورية التي أبدى
شعبها رغبته بشكل سلمي في التغيير
والانتقال من نظام شمولي ثبت أنه يراوح
مكانه سياسيا واقتصاديا معتمدا على
أساليب لم يعد يقبلها الناس في الحكم،
ليواجه المحتجون بحمام دم تصاعدت
وتيرته طوال عمر الانتفاضة التي تحولت
إلى ثورة وتقترب من إكمال عامها الأول. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا اختارت
القيادة السورية هذا الطريق رغم أنه
كانت أمامها فرصة أفضل لأخذ العبر من
تونس ومصر وليبيا ثم اليمن، لتدرك أن
الحل الأمني لن يقود إلى شيء سوى تصعيد
سقف المطالب والتورط أكثر فأكثر في
الدم بما لا يدع مجالا للتراجع،
وأصبحنا اليوم أمام قضية يمكن أن تنظر
فيها المحكمة الجنائية الدولية بوصفها
قضية إبادة وجرائم ضد الإنسانية؟ هل هو وهم القوة والانفصال عن الواقع الذي
يجعل قيادة تتصور أنها يمكن أن تقود
شعبها بالحديد والنار في زمن أصبح
الناس فيه يتواصلون عبر القارات في
ثوان من خلال وسائل الاتصال والإعلام
الحديثة ويرون كيف يعيش البشر في
مجتمعات أخرى ويتمتعون بحريات وحقوق
في الكلام والنقد؟ أم هي تركيبة ومعادلة الحكم التي اعتادت
على شبكة توازنات وأسلوب حكم يعتمد على
شبكة معقدة من الأجهزة الأمنية تحولت
إلى إمبراطوريات داخل النظام نفسه،
وتجعل أي عملية إصلاح سياسي تقاد من
القمة أشبه بعملية انقلاب على النظام
نفسه وتحتاج إلى التضحية ببعض الرؤوس
الكبيرة التي اعتادت السيطرة والنفوذ
والقمع لترسيخ السلطة؟ الأرجح أنه مزيج من هذا وذاك؛ أي وهم
القوة والانفصال عن الواقع، وتركيبة
النظام نفسه المستمرة منذ عقود تحت
مسميات وأشكال مختلفة تغطيها من السطح
شعارات سياسية لتبرير وجودها مثل «المقاومة»
و«الممانعة» و«الحزب القائد».. إلى آخر
هذه المسميات، غير الحقيقية، وهي في
جوهرها مجرد أدوات أمن وسيطرة على
الناس. وقد عبر بوضوح عن حالة الانفصال عن الواقع
القذافي بعبارته الشهيرة التي قالها
بعد انتفاضة الشعب الليبي عندما بدأ
يخرج في مظاهرات، قائلا: «من أنتم؟».
والمرجح أنه كان صادقا في تساؤله
ودهشته من ثورة الليبيين، فهو تصور أنه
تمكن من ترويضهم عبر أربعة عقود من
الحكم شديد القبضة الأمنية، وشعارات
سياسية كانت تثير فكاهة العالم،
ليفاجأ أن الناس لا تزال لديهم شجاعة
بالثورة عليه وعلى أسلوب حكمه، وتصور
أن هذه أزمة يستطيع أن يواجهها
بالأساليب القمعية القديمة، فارتدت
عليه بدلا من أن يحاول السعي إلى حل
سياسي قد يشمل تنازله عن الحكم. الوضع نفسه تقريبا في سوريا مع اختلاف
ظروف البلدين وتركيبتيهما، وكان وضع
الأسد أفضل من القذافي، فقد منح المهلة
بعد المهلة والوقت الكافي لإيجاد حل
سياسي للأزمة ومحاولة التحاور على
خريطة سياسية تلبي مطالب المتظاهرين
السلميين في عقد اجتماعي جديد يناسب
القرن الواحد والعشرين. ولكن كانت اليد
العليا دائما للحل الأمني الدموي بما
لم يدع مجالا لأحد للوقوف معه
لمساعدته، فحتى الروس والصينيون تشير
مواقفهم إلى أنهم يشعرون بحرج في
محاولتهم الدفاع عن النظام. والآن وصلنا إلى نقطة دفع إليها النظام
رغم الفرص التي أتيحت له وتجاهلها؛ وهي
تسليم السلطة إلى إدارة انتقالية
لتجنب المزيد من الدماء والدمار. أما
السؤال لماذا اختار الطريق الثاني،
فالإجابة عنه ستكون أدق عندما يحدث
التغيير ويبدأ مسلسل كشف الأسرار، وهو
ما حدث في كل التجارب المماثلة. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 14-2-2012 محزن حال السوريين فهم بين نارين: نار
نظام طاغ وقاتل، ونار من يحاول النيل
من ثورتهم تحت أي عذر، على الرغم من كل
ما قدموه من تضحية طوال الأحد عشر شهرا
الماضية، وآخر مسلسلات الاضطهاد تلك
التي يعانيها السوريون، وتعانيها
ثورتهم، هو محاولة الاستدلال بحديث
أيمن الظواهري عن سوريا للقول إن «القاعدة»
تدعم الثورة السورية. فما إن صرح زعيم «القاعدة» الظواهري
داعيا إلى ما سماه بالجهاد في سوريا
حتى هب البعض ليقول إن ما يحدث في سوريا
هو بدعم من «القاعدة»، أو إنه دليل على
وجودها هناك، وهذا تبسيط، إن لم يكن
رغبة في التواطؤ ضد السوريين العزل
أنفسهم! وقد يقول قائل: كيف؟ الإجابة
بسيطة، فتصريحات الظواهري عن سوريا
ليست الأولى من نوعها، فقد سبق أن دعا
للثورة في سوريا قبل أشهر كثيرة، وقبل
أن تصل الثورة إلى ذروتها الحقيقية،
كما سبق للظواهري أن أشاد بالربيع
العربي، بل قال ما هو أشد مما قاله عن
سوريا حين دعم الثورة المصرية،
والتونسية، وكذلك الثورة الليبية، حيث
حذر الليبيين من أطماع حلف الناتو، كما
طالب الظواهري الجزائريين بالثورة على
نظامهم الحاكم. فلماذا لم يقلق أحد
حينها من تلك التصريحات، بينما نجد
اليوم من يحاول القول إن الثورة
السورية مدعومة من «القاعدة»؟ فالظواهري لم يُشد بالربيع العربي فحسب،
بل قال إنه يشكل «ضربة قاصمة» للولايات
المتحدة الأميركية، وقال إن الربيع
العربي «حرر الآلاف من سجناء الحركات
الإسلامية من السجون، بعد أن كانوا قد
سجنوا بأوامر مباشرة من أميركا». وعلى
الرغم من كل ذلك فإننا لم نسمع من يقول،
سواء كانوا دولا أو أفرادا، بأن الربيع
العربي يأتي بدعم «القاعدة»! بل على
العكس لم يأبه أحد وقتها لكلام
الظواهري، حيث هب الغرب مطالبا مبارك
بالتنحي، وسعى الغرب نفسه لإنجاح
المبادرة الخليجية تجاه اليمن، وضمان
رحيل صالح، على الرغم من أن «القاعدة»
كانت دائما إحدى أوراق اللعبة بيد
صالح، مثله مثل نظام بشار الأسد! ولذا فإن التخويف من «القاعدة» في سوريا
ما هو إلا محاولة جديدة للهروب من
استحقاقات حماية المدنيين العزل،
ومحاولة لتبرير جرائم طاغية دمشق،
الذي يمثل خطرا حقيقيا على وحدة سوريا،
وشعبها، أكثر من خطر «القاعدة» نفسها.
فالنظام الأسدي هو من سعى لتكريس
الطائفية في سوريا ليخيف الأقليات،
ويجبرها على الوقوف مع نظامه، مثلما
سبق لنفس النظام، وبمساعدة من إيران،
الاستفادة من «القاعدة» طوال الأعوام
العشرة الماضية سواء في العراق، أو
خلافه. وهذا الأمر ليس بسر، بل هو أمر
معروف لدى كل الأجهزة الاستخباراتية
المعنية في المنطقة، وحتى الغرب. وعليه، فإن ما يجب أن ندركه اليوم هو أن
التأخر في رحيل طاغية دمشق، وإطالة
منظر الدم، والقتل، والرعب، في سوريا
هو الذي من شأنه تصعيد، وتبرير، العنف
والقتل، وتفجير الأوضاع، وليس الحديث
عن «القاعدة» كما يحاول البعض القول
اليوم! هذا ما يجب أن يدركه الجميع،
وخصوصا الحريصين على وحدة سوريا،
وسلامة شعبها الأعزل. ================= مشاري الذايدي الشرق الاوسط 14-2-2012 كأن لغة الإعلام والسياسة لدى دولة
القذافي البائدة، وصدام حسين المبادة،
وبشار الأسد التي ستبيد، كُتبت بحرف
واحد، هو الحرف المسماري الدموي،
الغليظ. من قرأ تصريحات مندوب سوريا لدى الجامعة
العربية، يوسف الأحمد، حول قرارات
الجامعة العربية الأخيرة، يشعر
بالدهشة من حجم المغالطات، والعيش في
عالم آخر غير العالم الذي نعيش فيه،
العالم كله يكذب، والكاميرات كلها
مفبركة، والثوار كلهم ليسوا إلا قتلة،
والعرب كلهم ليسوا إلا خونة، حتى تركيا
أردوغان، صديقة الأمس القريب، ليست
إلا عميلة لأوروبا والغرب ضد سوريا
الأسد الصامدة. حالة من الهذيان الثوري الهستيري تسيطر
على الخطاب السوري الرسمي؛ فحينما
تجعل العالم كله يتآمر عليك، وتكذِّب
الجميع، حتى ما تراه العين وتلمسه
اليد، يصبح مطلوبا منك أن تتعامى عنه
وتصدق فقط شريف شحادة، وريث هالة
المصراتي الليبية في الإعلام، هنا
تصبح أمام حالة مرضية متقدمة جدا، وهي
«تنويعات» على ما كان يقدمه لنا أبواق
صدام حسين في العراق، مثل الرجل الظريف
محمد سعيد الصحاف، صاحب كلمة «العلوج»
الشهيرة، وتقطيع أوصال الأفعى. ومثلهم
أبواق النظام السوري في لبنان، مثل
ناصر وغالب قنديل، وجوزيف فاضل،
والرجل الأعجوبة وئام وهاب، ومثلهم
أبواق إيران وحزب الله، من صادق
الحسيني إلى نواف الموسوي. لكن من نكات السفير السوري قوله، من منزل
صديقه الإيراني في القاهرة، عقب
قرارات الجامعة العربية مؤخرا: إنه لا
يوجد أصلا منشقون من «الجيش العربي
السوري»، بل مجرد فارين من الخدمة، وإن
هؤلاء الفارين قلائل، يُعدون على
أصابع اليد الواحدة، نعم الواحدة،
وليس اليدين، وإن هؤلاء هم من يسمى «الجيش
السوري الحر»! كيف تفهم مثل هذا الكلام العجائبي؟ إذا
كانوا يعدون على أصابع اليد الواحدة،
فهذا يعني أنهم لا يتعدون 5 أشخاص، وهذا
يعني أن كل «الجيش الحر» ليس بهذه
القوة التي يتحدث بها عن نفسه، أو ليست
«العصابات» المسلحة، التي يتحدث عنها
النظام، بهذه القوة المسلحة، التي
تكفل لها السيطرة لبعض الوقت على بلدة
الزبداني، ومواقع من حمص وغيرها من
المدن السورية. هل معنى هذا أن الذي يقاتل في حمص وإدلب
وجبل الزاوية ودرعا ودير الزور ليس إلا
مجرد 5 أشخاص، حسب حسبة السفير الخطير؟! هل بلغ الهوان والعجز والهلع بالجيش
العربي السوري أن يجند دباباته وقواه
كلها لمحاربة 5 أشخاص، حسب أصابع
السفير السوري على اليد الواحدة؟ هل يملك السفير أصابع غير أصابع البشر
العاديين؟ نحن نسمع عن عشرات الآلاف في
عداد «الجيش السوري الحر»، أو
العصابات، كما يسميها النظام، يكفي
فقط أن نحصي عدد الذين يعلنون
انشقاقهم، أو فرارهم، حسب كلام السفير
الخطير، علنا، على شاشات الفضائيات
ومواقع الإنترنت، عدا من لا نعرفهم أو
ينشقون سرا، لنرى مئات المنشقين، فهل
هؤلاء يدخلون في حسبة السفير الخطير
وأصابعه على اليد الواحدة؟! الحق أن هذا الخطاب المغالط والمكذب
للجميع هو شيمة معروفة لدى الخطاب
الإعلامي السلطوي العربي لهذه الأنظمة
التقدمية.. لقد كان القذافي وهالة
المصراتي والشيخ المشعوذ على الشاشة
الليبية يمارسون الكذب والتضليل
ومغالطة الواقع، حتى سُحب القذافي
عاريا في شوارع سرت وقُتل، ومثله ابنه
المعتصم، وقبض على سيف الإسلام وبُترت
أصابعه، وكذلك الأمر مع صدام حسين
وأولاده، وكذلك الأمر سيكون مع بشار
الأسد، بشكل أو بآخر. وهذا السلوك ليس
حصرا بهؤلاء، فلدينا أشكال متنوعة من
التضليل الإعلامي، خذ لديك خطاب السيد
حسن نصر الله الأخير، وحجم المناورات
والمغالطات التي تحدث بها، تهوينا من
مجزرة حمص، وتكريرا لدعاية الإعلام
السوري الرسمي، وكأن السيد «رفيق» في
حزب البعث العربي الاشتراكي، المنضوي
في عالم ولاية الفقيه بدوره! الإعلام، كما قال من قبل أيمن الظواهري،
هو جزء من الحرب والجهاد المطلوب؛ لذلك
نرى أن القذافي، وبعده بشار الأسد،
ركزا بشكل كبير على مهاجمة الإعلام،
وأنه من صنع المشكلة والأزمة، وأنه لا
توجد مشكلة حقيقية على الأرض، وأن ما
يجري هو مجرد عرض بسيط يمكن علاجه
بمسكنات وعلاجات خفيفة، لكن الإعلام
هو من يضلل، ويضخم ويصنع المشكلة،
لتصبح الأزمة، من منظور النظام، هي في
مكافحة الإعلام وملاحقته، بل وتضليل
الإعلام نفسه من خلال صنع أخبار كاذبة
ووضع فخاخ له، ليقال لاحقا: أرأيتم كيف
يكذب الإعلام؟! في ممارسة مراهقة من
الطراز الوضيع. المشكلة الحقيقية ليست في الإعلام،
الإعلام قد يضخم أمرا ما ويمارس دعاية
ما، لكن ما لم توجد الظروف الموضوعية
لنجاح هذه الدعاية ونجاعة هذا التضليل
والتضخيم، فلن ينجح الأمر.. أصول المرض
والداء موجودة في الجسد السوري نفسه،
وليس في مرآة الإعلام الذي صار هو صانع
المشكلة وصار هو المطلوب منه الحل في
الوقت نفسه! من يشاهد الضيف السوري الدائم على شاشات
الفضائيات، شريف شحادة، من دمشق، وهو
يكرر خطاب النظام الرسمي وروايته
المعتمدة حول الأزمة السورية، يدهش
لحجم العناد والإصرار في تكرير جملتين
لا ثالث لهما، بأشكال متعددة: الإعلام
يكذب ويفبرك الأحداث، والنظام يفرض
الأمن ويلاحق العصابات. مهما قيل له،
مهما عُرض أمامه من صور وأخبار، مهما
أُثبت له بالدليل القاطع أنها صور غير
مفبركة، وحديثة، ولضحايا مدنيين
أبرياء، أطفال وشيوخ ونساء، يظل يردد،
في حالة غيبية، هاتين الجملتين. إنها حالة الغياب العقلي والنزعة النقدية
لدى الذهن المنتج والمتلقي في الفضاء
العربي العام، وهي، كما قلنا، مشكلة
عميقة تتجاوز الحالة السورية
والعراقية والليبية، والإيرانية،
إنها مشكلة تتصل بضمور النزعة النقدية
لدى سكان هذه المنطقة من العالم في
الممارسة الإعلامية والثقافية، وهي من
هنا تصبح خطيرة؛ لأنها مرشحة للتكرار
مجددا مع الحكام الجدد والثوار الجدد
في كل مكان. من هنا لا نقول إن ما يجري في منطقتنا هو «ثورة»
بالمعنى الثقافي العميق، ما لم يتم
الاشتغال والحفر في مكونات هذا البناء
المرضي العضال. على كل حال، أتمنى، قبل الختام، أن يشهر
لنا السفير السوري في الجامعة العربية
كفه اليمنى أو اليسرى لنعد أصابعه،
ربما كان يقصد أمرا مختلفا. ===================== نشر : 13/02/2012 عيسى الشعيبي الغد الاردنية القول أعلاه ليس من عنديات واحد من
الناطقين باسم النظام السوري
المعدودين على أصابع اليد، ولا هو من
بنات أفكار شبيح إعلامي خفيف الوزن،
ممن تستضيفهم فضائية دنيا العجائب
لساعات طويلة، يغردون على هواهم في
تمجيد نظام الممانعة، يتملقونه بلا
حياء، ويبصمون على صواب نظرية
المؤامرة المعتمدة رسمياً منذ أحد عشر
شهراً بالتمام والكمال. وصدق أو لا تصدق أن نفي وجود مجزرة مروعة
في حمص هو تصريح بالصوت والصورة، أطلقه
السيد حسن نصر الله في إطلالته
التلفزيونية الأخيرة، نافياً حدوث شيء
في المدينة السورية الباسلة، ومؤكداً
في الوقت ذاته أن ما يحدث في عاصمة ثورة
الكرامة ما هو إلا مجرد حملة إعلامية،
أطلقتها فضائيات التحريض والفتنة
بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الأمن. وليس زعيم حزب الله كأي واحد من الذين
يهذرون بما لا يعرفون في الشأن العام،
ولا هو بلا رصيد كبير من الصدقية
والشجاعة واحترام الكلمة، كي نمر على
تكذيبه للوقائع الرهيبة في حمص،
مرورنا على كلام شخص من جوقة المنشدين
اللبنانيين للمذابح الأخوية الحميمة
في الجوار الذي لا يرون فيه غير بشار. من هنا، فإن الصدمة أكثر مما يحتملها
وجدان مواطن سوري، أو عقل إنسان عربي
يروعه حمام الدم المتواصل في حمص ليل
ونهار، حين يحتقر سيد المقاومة
الإسلامية وعي الناس، وينفي ما يملأ
الفضاء الإلكتروني من مشاهد مبثوثة من
عين المكان، بلا أي تحفظ على رواية
الإعلام السوري ولا استدراك، إذا ما
كان قد تم تضليله، وأمعن مساعدوه في
حجب الحقائق عنه، أو غير ذلك من سوء فهم
للوقائع الساطعة سطوع الشمس في كبد
السماء. فمن ذا الذي كان السيد حسن نصرالله يخاطبه
بمثل هذا الحكم الجائر بحق نفسه أولاً،
وبحق الذين محضوه التقدير والاحترام،
خصوصاً بعد بلائه أحسن البلاء في حرب
العام 2006؟ فمعاذ الله أن يكون الرجل
مجنوناً، وحاشا أن يكون مستمعوه كلهم
غير عقلاء، فكيف إذن يتحدث هذا السيد
الرزين الحصيف، آسر الأفئدة حتى الأمس
القريب، بهذا الحديث الذي ما كان لنا
أن نصدقه لولا أنه جاءنا عبر فضائية
المنار؟ لقد أفاض السيد نصرالله من على شاشة
عملاقة في كلام مسهب صريح عن علاقاته
بإيران التي أغنت بمالها الوفير حزب
الله عن الاتجار بالمخدرات وغسل
الأموال، وعرج على شؤون محلية عديدة في
بلد الطوائف والمصارف والاغتيالات،
فكان كلامه كأي كلام لمسؤول، له ما له
وعليه ما عليه، يثير إعجاباً هنا
واعتراضاً هناك. إلا أن الرجل القابض
على لبنان وقع على وجهه تماماً عندما
قال لا فض فوه: أن لا شيء يجري في حمص. ذلك أننا في عصر الصورة التي لا يمكن
تكذيبها إلا بصورة أوضح، وفي زمن بات
فيه كل مواطن مراسلاً إعلامياً إذا
شاء، بل نحن في عهد سلطة الإنترنت
وشبكات التفاعل الاجتماعي والهاتف
المحمول، فكيف يخاطبنا السيد نصر الله
هكذا كأننا قطيع يهش علينا بعصاه من
بعيد، ويجادلنا في ما نراه رؤية العين،
ويدعونا إلى تصديق إعلام لا يصدقه حتى
العاملون فيه، مقامراً بكل ما تبقى له
من رصيد وثقة واحترام سبق أن ناله عن
جدارة واستحقاق تامين؟ وعليه، فإن ما تفوه به السيد حسن نصرالله
بحق ثورة الحرية والكرامة، وما أبداه
من استهانة بحق دماء أبناء حمص
وشقيقاتها الباسلات، لا يمكن إدراجه
إلا في باب عماء البصيرة التي هي أشد
سواداً من عماء الأبصار، ولا نستطيع
فهمه إلا من زاوية التمترس بشدة في
الهلال الممتد من طهران إلى بغداد
ودمشق ولبنان، وكأن السيد الذي كنا
نصدقه القول بلا نقاش قبل عهد قريب، قد
أفتى بهدر النفس التي هي عند الله أشد
حرمة من الكعبة، فيا لهول هذا الكلام! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |