ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الحسم في حمص عقب "أكثرية"
الاستفتاء .. أي رهان بعد على تغيير
روسي؟ روزانا بومنصف 2012-03-02 النهار تبنى مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان
قرارا يندد مرة اخرى بالانتهاكات في
سوريا التي تزداد خطورة على حقوق
الانسان وسط معارضة متجددة لكل من
روسيا والصين ومعهما كوبا للتصويت على
القرار مما حدا بأوساط سياسية الى
التساؤل عن سبب التفاؤل باحتمال تبديل
روسيا موقفها بعد الانتخابات الرئاسية
الروسية في 4 آذار الجاري. إذ من الواضح
ان روسيا لا تبدي ليونة حتى في مجلس
حقوق الانسان ازاء ادانة النظام
السوري فيما برزت على نحو لافت ادارة
روسيا او ضبطها ايقاع اداء النظام.
واللافت ان الامم المتحدة كانت اعلنت
بعد ظهر الاربعاء ان سوريا رفضت
استقبال وكيل الامم المتحدة للشؤون
الانسانية فاليري اموس لتعود الخارجية
السورية فتعلن بعد موقف للخارجية
الروسية اعربت فيه عن املها بالسماح
بدخول اموس الى سوريا ان هذه الاخيرة
طلبت القدوم في موعد لم يكن مناسبا
للنظام في اشارة الى التدخل الروسي لدى
دمشق من اجل التعاون على الصعيد
الانساني. وسبق لروسيا ان تدخلت لدى
النظام على اثر استخدامها الفيتو في
مجلس الامن لعرقلة صدور قرار دولي يدين
النظام ويتبنى خريطة الطريق العربية
للانتقال السلمي من اجل تحديد موعد
سريع للاستفتاء على الدستور الجديد
الذي جرى يوم الاحد الماضي في 26 شباط.
وهو ما تولاه وزير الخارجية سيرغي
لافروف الذي اصطحب معه في زيارته
لسوريا رئيس جهاز الاستخبارات الروسي.
كما تدخلت روسيا لدى النظام من اجل ان
يقبل بلجنة المراقبين العرب بعدما كان
رفضها النظام مما يؤشر الى كون روسيا
الحليف الاساسي الذي يؤمن التغطية
السياسية للنظام تملك مفتاح الحل في
سوريا راهنا اكثر من اي وقت مضى. اذ من
جهة تضبط ايقاع حركة النظام السوري
وتدير حركته السياسية وتمنحه في الوقت
نفسه الحماية السياسية في حين تغدو
اكثر فأكثر الرقم الصعب في وجه الدول
الغربية من جهة اخرى ما لم تطرأ تطورات
ميدانية في سوريا تجعل وضع روسيا صعبا. وبحسب المصادر السياسية فان الرهان
الغربي على تبدل في الموقف الروسي
استنادا الى نتيجة الانتخابات الروسية
يبدو مماثلا لتلك الرهانات التي بنيت
لدى المشاورات الدولية السابقة
للاعداد لصدور القرار الدولي. اذ لم
تبدل روسيا موقفها بل على العكس ازدادت
تصلبا في حين يبدو مستغربا بالنسبة الى
هذه المصادر البناء على الحسابات التي
تجعل الرئيس الروسي المقبل فلاديمير
بوتين باعتباره المرشح الاقوى الذي
سيفوز في هذه الانتخابات، يبدل موقفه
بعد الانتخابات عما قبلها كأنما
الموضوع السوري هو موضوع عاطفي مؤثر
بالنسبة الى الناخبين في روسيا. ووفقا
لهذه المصادر فان الاصح في الرهانات هو
التغيير الذي تأمل روسيا حصوله في
سوريا من اجل البناء على مقتضاه قبل
الانتخابات وما بعدها بقليل. ففي المدة
الفاصلة بين فشل صدور قرار دولي عن
مجلس الامن والانتخابات الروسية سرّع
النظام السوري من وتيرة عملياته
العسكرية وصولا الى حسم المعركة في حمص
بعد شهر من حصارها لمصلحته فضلا عن
اجرائه استفتاء على دستور جديد ضمن من
خلال الارقام التي وزعها، في ظل عدم
وجود آلية تثبت او تؤكد ما اعلنه،
حصوله على أكثر من نسبة النصف زائد
واحد من خلال تصويت 89 في المئة من نسبة
57 في المئة من الشعب السوري من الذين
شاركوا في التصويت. وهو ما يفيد بمغزاه
السياسي انه لا يزال يمثل اكثرية الشعب
السوري ولو ان هناك مغزى اكبر في
امتناع نسبة 47 في المئة من الشعب عن
المشاركة في هذا التصويت. وهذان الحسم
العسكري والاستفتاء السياسي هما
عاملان مساعدان جدا لروسيا في رفع شروط
التفاوض الدولية التي رفضتها حتى الان
حول مصير الرئيس السوري بشار الاسد
واصرارها على رفض الخطة اليمنية التي
كانت اعلنت سابقا انها مناسبة لسوريا
في مقابل تشديدها على بقاء الاسد من
اجل ان يكون جزءا من الحل المقبل في
سوريا وان لا حل من دونه. وثمة معطيات تفيد بانتظار روسيا ان يخطو
النظام برعايتها ومشورتها خطوات
سياسية اخرى بحيث يفرض استمراره في
السلطة كأمر واقع لا بد منه مع حكومة
جديدة مطعمة ببعض شخصيات المعارضة
الداخلية التي تكون تحت سقف النظام ما
دام الغرب يظهر عجزه عن الاتفاق على اي
خطط بديلة للتغيير في سوريا في ظل
الفيتو الروسي. اذ ان ما جرى في المقابل
هو استمرار تعثر الدول المعارضة لبقاء
النظام على كل الصعد ان لجهة تأمين
المساعدات الانسانية واستمرار حاجتها
الى النظام لكي يسمح لها بذلك او على
صعيد تقرير الخطة المناسبة التي يجب
اعتمادها لوقف العنف وفق ما برز في
مؤتمر اصدقاء سوريا الذي انعقد في تونس
في 24 من الشهر المنصرم. يضاف الى هذا
التعثر الرهان مجددا وبدءا بمؤتمر
تونس وما بعده على محاولة تغيير موقف
روسيا بعد الانتخابات الروسية تماما
كما حصل في الرهان على تغيير موقفها
قبل الاعداد لقرار جديد في مجلس الامن
وادخال تعديلات على القرار تكون
مقبولة من روسيا والصين. ================= سوريا تدخل «رسمياً»
مرحلة الحرب الأهلية عريب الرنتاوي الدستور 2-3-2012 جملة تطورات تدفع على الإعتقاد بأن
الأزمة السورية قد دخلت مرحلة نوعية
جديدة، يمكن وصفها من دون مبالغة،
بأنها مرحلة الدخول الرسمي والعلني،
في مسارات الحرب الأهلية...أول هذه
التطورات، قيام النظام بحسم معركة حمص
عسكريا، مع كل ما ترتب على ذلك من خسائر
وأكلاف، مسقطاً بذلك “سيناريو بنغازي”،
وواضعاً المعارضة وحلفاءها أمام خيار
“إعلان الحرب المفتوحة” على النظام
ورموزه ومؤسساته. ثاني هذه التطورات، إعلان “معارضة
الخارج” عن تشكيل “مجلس عسكري”
لتنظيم المقاومة المسلحة ودعم الجيش
السوري الحر....برهان غليون الذي يتصرف
كرئيس انتقالي لسوريا، وصف المجلس
الجديد بأنه “وزارة دفاع” الثورة،
محتفظاً لنفسه بهذه الحقيبة إلى جانب
مهامه الأخرى. ثالث هذه التطورات، قيام ثلاث دول خليجية
بارزة بأوسع حملة تجييش من أجل تسليح
المعارضة، بل وانخراط بعضها عملياً،
بتمويل وتسليح المعارضة، وتوجهها نحو
مرحلة جديدة من التدريب والتنظيم
والتجهيز للمجموعات المسلحة والجيش
السوري الحر، ولقد تلقى هذا التوجه
دعماً خاصاً في ضوء قرار مجلس الأمة
الكويتي الخاضع لهيمنة طاغية من قبل
الإخوان المسلمين والسلفيين
الكويتيين...ويبدو أن هذا التوجه يلقى
قبولاً لدى الأمين العام للجامعة
العربية الذي بدا في تصريحاته قبل
يومين، كمن يمهد لنقل ملف تسليح
المعارضة للجامعة العربية. رابع هذه التطورات، تزايد الأصوات
الغربية المنادية بسلوك هذا الطريق....صحيح
أن أياً من الدول الغربية الكبرى، لم
يعلن صراحة قبوله بخيارٍ من هذا النوع....
وصحيح أيضاً أن معظم هذه الدول ما زال
يجادل بمبررات رفض خيار “العسكرة”....لكن
الصحيح كذلك، أن تيارات وسياسيين
ومراكز أبحاث يمينية، بدأت تضغط على
حكوماتها من أجل انتهاج تكتيك “أضعف
الإيمان”، وهو هنا تسليح المعارضة
وتدريبها (التدخل العسكري غير المباشر)،
كبديل أقل ضرر عن خيار التدخل العسكري
المباشر، والذي يبدو متعذراً لدرجة
الإستبعاد. على أية حال، فإن إعلان المجلس الوطني
السوري عن إنشاء “وزارة دفاع ثورية”،
بهدف تنظيم الدفاع عن النفس والمدنيين
الأبرياء والحفاظ على “سلمية” لم
يبدد أسوأ مخاوف المراقبين من مغبة
إنزلاق المواجهة بين النظام ومعارضيه،
في أتون حرب أهلية مديدة ومريرة....فنحن
نعرف، والسيد غليون يعرف، أن الثورة
السورية ودّعت “سلميتها” بعد أشهر
قليلة من انطلاقتها الشجاعة، ولقد كان
ل”أوهام” التدخل العسكري الدولي
والسقوط السريع للنظام، أثر حاسم في
دفع الثورة للإنزلاق سريعاً في شراك
النظام ومحاولاته الدائبة، استدراج
معارضيه، إلى السلاح والخنادق...
ويتحمل المجلس الوطني المسؤولية عن
تفشي هذه الأوهام ورواج تلك الرهانات
البائسة. أما حكاية “ضبط السلاح” و”تنظيم
تدفقاته” و”ضبط إيقاع المقاومة
المسلحة”، التي تحدث بها غليون في
معرض تقديمه لقرار إنشاء المجلس
العسكري، فإن أغلب المراقبين الجادين
للمشهد السوري، لا يأخذون هذه
الأطروحات على محمل الجد...أولا؛ لأن
المجلس الوطني لا يتحكم أبداً بمجريات
الوضع الميداني على الأرض....وثانياً؛
لأن القوى المنضوية في “الجهاد”، هي
قوى سلفية لا تأتمر بأوامر المجلس
ورئيسه.... وثالثاً؛ لأن الدول (الخليجية
بخاصة)، التي ستدعم المقاومة المسلحة،
لا تنتظر إذنا من المجلس لكي تقرر متى
تقدم السلاح ولمن وكيف ومتى، وهذا ما
تفعله فعلاً، ومنذ أشهر عديدة، وحين “تقع
الواقعة”، فلن يكون بمقدور أحد أن
يضبط خطواتها أو أن يتحكم بتداعياتها
اللاحقة. إن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح الآن هو:
هل ستسرع خطوات كهذه حسم الموقف في
سوريا، أم أن حرب استنزاف طويلة الأمد،
ذات صبغة طائفية ومذهبية، سوف تفرض على
سوريا، وتعيث فيها تخريباً وتمزيقاً،
ووفقاً لسيناريو قد يجمع أسوأ ما في
السيناريوهين الليبي والعراقي من
مظاهر وعوارض. حرب العصابات، التي توشك سوريا على
ولوجها، وبما هي عمليات كر وفر
واغتيالات وتفجيرات، لن تُسقط النظام
في دمشق، على الأقل، وهي وإن كانت
فعّالة لجهة إضعاف النظام، إلا أنها لن
تسقطه في المدى المنظور...وهي
بامتدادها المفتوح في الزمان والمكان (الجغرافيا)،
وبحكم الطبيعة المذهبية للقوى التي
ستتصدرها، سوف ترسم خرائط الإنقسامات
بين المكونات السورية، وستعيد توزيع
الخنادق ونشرها على حدود الطوائف
وتخومها. والخلاصة، أن حرباً كهذه سوف تخدم من دون
شك، في إشغال النظام وعزله في “قمقم”
الدفاع البائس والإنتحاري عن النفس،
كما أنها ستبقي حلفاء النظام في حالة
ضعف وتراجع دائمين، وهذا يخدم على أحسن
وجه، مصالح القوى المناهضة لإيران
وحلفها ومحورها و”هلالها”... لكن
السؤال الذي يقرع الأذهان هو: هل تخدم
حرب كهذه أهداف الثورة السورية في
الحرية والكرامة والسيادة
والديمقراطية والإستقلال؟. ================= السيطرة على بابا عمرو
ليست النهاية رأي القدس 2012-03-01 القدس العربي دخول قوات الجيش السوري الى حي بابا عمرو
في حمص واكمال سيطرته الكاملة عليه
يشكل ضربة قوية للانتفاضة السورية،
لان هذا الحي كان يجسد رمز المقاومة
للنظام، مثلما تحول الى منطقة آمنة
لاعداد كبيرة من الناشطين والعناصر
المنشقة عن قوات النظام العسكرية
والامنية. البندقية لا تستطيع مواجهة الدبابات
والمدفعية الثقيلة، هذه حقيقة لا بد من
التسليم بها، ومسألة انسحاب قوات
الجيش السوري الحر من الحي امر متوقع
لان صمود قواته في مواجهة جيش جبار
سيصل الى نقطة النهاية في ظل غياب اي
دعم خارجي عربي او اجنبي مثلما كان
يأمل المجلس الوطني السوري المعارض. الخوف هو من عمليات التمشيط التي اقدمت
عليها عناصر الجيش بعد دخولها الى
الحي، واستهدفت جميع البيوت بحثا عن
الناشطين والمسلحين، فالقوات الامنية
والعسكرية السورية معروفة بقسوتها
وتعاطيها الدموي مع هؤلاء الذين
تعتبرهم ارهابيين وخارجين عن القانون. المجتمع الدولي، ومن ضمنه جامعة الدول
العربية صعد آمال السوريين المنتفضين
بقرب الخلاص من النظام، واكد ان ايام
الرئيس السوري في الحكم باتت معدودة،
ويبدو ان هذه الوعود لم تكن في مكانها،
او هكذا اكتشف ابناء حي بابا عمرو، وما
يمكن ان يكتشفه اهالي مدينة حمص كلها
في وقت لاحق. لا شك ان الموقفين الروسي والصيني
الداعمين للنظام السوري لعبا دورا
كبيرا في تشجيع النظام على التسريع
بانهاء الاوضاع في الحي المذكور، ولا
يمكن تناسي دور الدول العربية ايضا في
خذلان المنتفضين السوريين، وعدم تقديم
اي شيء ملموس لانقاذهم من بطش النظام. واذا صحت الانباء التي اكدت ان سيرغي
لافروف وزير الخارجية الروسي سيجتمع
بوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي
في الرياض الاسبوع المقبل، فان هذا
التوجه قد يصحح خطأ تاريخيا ارتكبته
دول الخليج، عندما تجاهلت، وهي تقود
العمل العربي المشترك وتهيمن على
الجامعة العربية، تجاهلت اي تحرك
دبلوماسي تجاه روسيا والصين، ووضعت كل
بيضها في سلة الولايات المتحدة ودول
اوروبا الغربية على امل ان تكرر هذه
الدول سيناريو التدخل العسكري في
سورية على غرار ما حدث في ليبيا، ولكن
نسيت ان حلف الناتو ليس مؤسسة خيرية،
والدول الغربية التي اسسته لا تدفع به
الى حروب لا تعود عليها بعوائد
اقتصادية ضخمة. الازمة السورية بحاجة الى حل سياسي في ظل
غياب او تراجع حظوظ التدخل العسكري،
شريطة ان يلبي هذا الحل مطالب السوريين
المنتفضين بالتغيير الديمقراطي الذي
قدموا اكثر من 7500 انسان من اجل الوصول
اليه. ولا شك ان روسيا والصين وايران
يمكن ان تلعب مجتمعة او منفردة دورا
كبيرا في هذا المضمار. الشعب السوري هو اكثر الشعوب العربية
المنتفضة تضحية وعطاء، ويستحق ان يحقق
جميع مطالبه المشروعة في العدالة
والمساواة والتغيير الديمقراطي
والحرية، وهي مطالب من الصعب ان تتحقق
الا بمساعدة ودعم اشقائه العرب على وجه
الخصوص. القوات السورية قد تكون دخلت حي بابا عمرو
وسيطرت عليه، وقتلت واصابت واعتقلت
العشرات من ابنائه فهي المدججة
بالدبابات والطائرات والاسلحة من
مختلف الانواع والاحجام وتخوض حربا
غير متكافئة، لكن السيطرة على جميع
الاراضي السورية تظل شبه مستحيلة
طالما استمر النظام في تمسكه بحلوله
الامنية الدموية، وتقديم بعض
الاصلاحات الشكلية التي لا تقنع الا من
هو مقتنع مسبقا بها. ================= الجمعة, 02 مارس 2012 حسان حيدر الحياة مع اطباق الجيش السوري على حي بابا عمرو
في حمص الذي يمثل قيمة رمزية في
الانتفاضة ضد النظام، وسقوط مئات
المدنيين فيه بين قتلى وجرحى، قالت
هيلاري كلينتون إن اتهام بشار الأسد
بارتكاب جرائم ضد الإنسانية «سيعقد
الحل». لكن عن أي «حل» تتحدث وزيرة
الخارجية الأميركية؟ في الفترة الأخيرة أشاعت واشنطن أنها
تنتظر انتهاء الانتخابات الرئاسية في
روسيا لحصول تغيير في موقف موسكو من
الوضع في سورية، بما يوحي وكأن صفقة ما
أبرمت بينهما وينتظر تنفيذها التوقيت
المناسب للطرفين. وكانت تساؤلات ثارت
عن أسباب تقديم مسودة مشروع قرار غربي
في شأن سورية إلى مجلس الأمن من دون نيل
موافقة موسكو المسبقة عليه بما أدى إلى
استخدام الأخيرة حق النقض لتعطيله،
وقيل آنذاك إن الأميركيين دفعوا الروس
عمداً إلى تأكيد حمايتهم لنظام الأسد
لأن ذلك يتيح لهم الضغط عليه في شكل
أفضل لاحقاً. ثم لم تلبث واشنطن أن تنصلت عبر تصريحات
متكررة من أي رغبة في تسليح المعارضة
السورية خوفاً من «عسكرة» الانتفاضة،
بل بدت كأنها تقف ضد حلفائها الخليجيين
الذين أطلقوا دعوات علنية بهذا
الخصوص، وأتبعت ذلك بالحديث عن مخاوف
من وجود لتنظيم «القاعدة» في صفوف
المعارضة لاستبعاد أي إمداد لها
بالسلاح. لكن الهاجس الفعلي الذي لم
تكشفه واشنطن عبر عنه المسؤولون
الإسرائيليون تكراراً عندما أبدوا
قلقهم من احتمال فتح جبهة الجولان إذا
ما تغير نظام الأسد، ومن وصول أسلحة
يمتلكها الجيش السوري إلى أيدي آخرين
بينهم «حزب الله» و «حماس» وربما
متطرفين يفرخون في حالات الفوضى مثلما
هو حاصل في ليبيا حالياً. فالأميركيون الذين تعلموا جيداً الدرس
العراقي عندما ظنوا أن تفكيك جيش صدام
يضمن لهم إعادة بنائه وفق هواهم، فتحول
ضباطه وجنوده إلى «مقاومين» ومخازنه
إلى مصدر تسليح لا ينضب، حريصون على
عدم تكرار الخطأ، خصوصاً عندما يكون
أمن اسرائيل معنياً. فواشنطن اكتشفت أن إدارتها الحالية التي
جاءت لتنظيم الفوضى وتعويض الخسائر
التي نجمت عن عهد جورج بوش، غير قادرة
على المحافظة على مواقع النفوذ
القديمة، فكلما انسحبت عسكرياً من بلد
خسرته، مثلما حصل في العراق ومثلما
سيحصل في أفغانستان. وكلما تخلت عن
نظام حليف (تونس ومصر وليبيا) ظهرت قوى
جديدة تحتاج إلى تعامل مختلف وتنازلات
إضافية. ولذا باتت إسرائيل تحتل أهمية
أكبر باعتبارها الحليف الوحيد الثابت
والموثوق ونقطة ارتكاز استراتيجية
للنفوذ الأميركي لا تعوض، ولا يمكن
المجازفة بإضعافها عبر الإسهام من دون
قصد في زيادة التهديدات المحيطة بها. لذا كان القرار الأميركي بضرورة الحفاظ
على توازن قائم منذ وصول الأسد الأب
إلى الحكم في مطلع السبعينات ويقضي
بالتغاضي عن ارتكاباته الداخلية وفي
محيطه المباشر، في مقابل إبقاء جبهة
الجولان هادئة وضبط القوى (الفلسطينية
أولا ثم اللبنانية - الإيرانية) التي
تناوش إسرائيل عبر جنوب لبنان، وهو
التوازن التي ساهمت روسيا السوفياتية
سابقاً في ضمانه. صحيح أن الدولة العظمى الوحيدة لا ترغب
بالتأكيد في أن يشاركها أحد ترتيب
العالم، لكن الهدف الأميركي مزدوج:
فالتغيير في القيادة السورية ورحيل
بشار الأسد وحاشيته يعني تقديم «جائزة»
للمعارضة المنتفضة والأطراف العربية
التي تؤيدها، أما الحفاظ على هيكلية
الجيش السوري وترسانته المتنوعة فيقدم
«جائزة» مقابلة لإسرائيل الممتعضة من
القرار الأميركي الضاغط بمنعها من
توجيه ضربة عسكرية إلى البرنامج
النووي الإيراني. وبالطبع يتماشى هذا
الحل مع مصلحة موسكو التي تريد هي
أيضاً الحفاظ على الجيش السوري الذي
سلحته ودربته ولها نفوذ كبير على
قياداته. هذا الحل المحتمل يعني اعتراف الولايات
المتحدة ضمناً بأن قدرتها وحدها على
سوس العالم محدودة، وأنها بحاجة إلى
توازن دولي ما يساعد على لجم القوى
الصغيرة التي حاولت وستظل تحاول ملء
الفراغ الناجم عن الفشل الأميركي. ================= الجمعة, 02 مارس 2012 راغدة درغام - نيويورك الحياة اقتربت الإدارة الأميركية هذا الأسبوع
الى التحدث بلغة مشابهة للحكومة
الروسية عند وصف مخاطر المعارضة
للنظام السوري بأنها تنطوي على بعد
تطرف إسلامي يتطلب انحسار الدعم
للمعارضة. هذا بعدما كانت وزيرة
الخارجية هيلاري كلينتون وصفت مواقف
روسيا والصين من الأزمة السورية بأنها
«حقيرة» و «جديرة بالازدراء». موسكو،
منذ البداية، حذرت من صعود الإسلاميين
الى السلطة وتحدثت عن «الإخوان
المسلمين» و «السلفيين» بلغة «الإرهابيين»
أو «المتطرفين» الذين يريدون إسقاط
النظام بالقوة المسلحة. واشنطن، من
جهتها، اعتبرت «الإخوان المسلمين»
إسلاماً معتدلاً وضربت بعرض الحائط
المزاعم الروسية لأشهر عدة ثم استفاقت
فجأة الى مخاوفها من «القاعدة» وأيمن
الظواهري وكذلك من «حماس» بسبب
تصريحات لهما دعمت إسقاط النظام في
دمشق... أحد الأسباب وراء تراجع إدارة
أوباما بهذا القدر المذهل من «الوقاحة»
– تماشياًَ مع ترداد هذه الكلمة في
المهاترات الديبلوماسية في الفترة
الأخيرة – هو أن إسرائيل عادت لتعارض
إسقاط النظام في دمشق. هذا يعني ان
المحور الذي يضم روسيا والصين وإيران
والنظام السوري يضم أيضاً إسرائيل
الآن، وعبر إسرائيل يتم إضعاف
المعارضة الأميركية لهذا المحور
الغريب والمثير. ففي هذا المحور تلتقي
الشيوعية بالسلطوية المستبدة في دمشق
بالعقائدية الدينية عبر ملالي طهران
وحكام إسرائيل، أما المحور المضاد
فإنه بدوره يحتوي على الأضداد، إذ يضم
دول مجلس التعاون الخليجي، ودول حلف
شمال الأطلسي، والمعارضة السورية
بوجهها العلماني وبوجهها الديني
المتمثل بالإخوان المسلمين وغيرهم.
معركة المحورين خطيرة جداً خصوصاً على
سورية، لكن إفرازات الحروب التي تُشن
وستُشَّن بالوكالة متعددة وذات عواقب
على أكثر من لاعب. فزئبقية المواقف
تهدد باستنزافات، ووهن العزيمة يفتح
أبواب التصعيد ويزيد قوى التطرف
تطرفاً. أجواء دول مجلس التعاون الخليجي تفيد بأن
الأمور تتجه الى مواجهة خليجية –
إيرانية – روسية على أراضي سورية بما
يشبه ما حدث في أفغانستان أيام الحرب
الباردة. فلقد تم اتخاذ قرار إسقاط
النظام السوري بصفته حيوياً للنفوذ
والهيمنة الإقليمية للجمهورية
الإيرانية الإسلامية. وقيادات دول
مجلس التعاون عقدت العزم على مواجهة كل
وأي من يدعم بقاء النظام السوري في
السلطة. قبل أسبوعين، كانت هذه المواجهة أساساً
مع روسيا وكذلك الصين بصفتهما
الدولتين اللتين استخدمتا الفيتو
المزدوج لمنع مجلس الأمن من دعم خطة
جامعة الدول العربية للانتقال السياسي
في سورية. بعد تصريحات كل من رئيس
الأركان الأميركي الجنرال مارتن
ديمبسي ووزيرة الخارجية هيلاري
كلينتون والتي شككت بالمعارضة السورية
وأوضحت عدم الثقة بها أو الرغبة في
تسليحها، أصبحت المواجهة الخليجية ذات
جبهتين: روسية/صينية، وأميركية. البعض في دول مجلس التعاون الخليجي يرى ان
وكالة الاستخبارات المركزية CIA لن تقف متفرجة وأنها ستدخل
شريكاً في المواجهة بجانب تجمع دول
مجلس التعاون الخليجي، كما فعلت
سابقاً في أفغانستان، يشعر هذا البعض
ان إدارة أوباما ستلعب أوراقاً
متضاربة لا ثقة بها، لا سيما أثناء
المرحلة الانتخابية، لكن الولايات
المتحدة في نهاية المطاف ستقف مع
التجمع الخليجي تماماً كما فعلت في
أفغانستان عندما كان الهدف المشترك
إسقاط الاتحاد السوفياتي عبر بوابة
أفغانستان. الآن، يبدو التصور قائماً على إسقاط
النفوذ الإيراني وهيمنة الملالي عبر
البوابة السورية – فهي مسمار العجلة.
هذا يتطلب بالتأكيد موقفاً تركياً
لمصلحة قرار المواجهة مع المحور
الروسي - الإيراني - السوري. تركيا لن
تدخل طرفاًَ مباشراً في الحرب
بالوكالة في الساحة السورية. لكن
الحدود التركية – السورية ستستقبل
اللاجئين، وتفتح معسكرات إنسانية،
وتؤمّن وسائل توزيع السلاح الذي
ستموّله دول الخليج. ووفق تصوّر دول
الخليج، حتى أوروبا ستنجر الى
الاختيار ما بين المحورين بعد بدء
الحرب بالوكالة بغض النظر عن قدر
ترددها وتراجعها الآن. مواجهة إيران في سورية لم تكن في حساب دول
الخليج لو لم يثر الشعب السوري ولو لم
يرتكب النظام في دمشق أخطاء فادحة.
الآن، ان الطرفين في حاجة الى بعضهما
الآخر: المعارضة في حاجة الى دول
الخليج بكل معنى الكلمة كي تتمكن من
تحقيق هدفها الأساسي وهو إسقاط النظام.
والدول الخليجية في حاجة الى استمرار
المعارضة السورية وتمكينها كي يتحقق
إسقاط النظام في دمشق وعبر إسقاطه
يتحقق هدف تكبيل الهيمنة الإيرانية
وانحسار النفوذ الإيراني في الساحة
العربية. هكذا تلتقي مصلحتان باختلاف
كل منهما عن الأخرى: المصلحة الشعبية
السورية، والمصلحة الخليجية
الإقليمية لتطويق إيران. لا أحد يتصوّر ان هذه المواجهة ستكون نزهة
قصيرة بل الأرجح انها ستنطوي على
فوضوية إقليمية ومفاجآت. الرهان في
الأساس هو على ان النظام في دمشق بات
محاصراً، لا أدوات لديه للاستمرار ولا
إمكانات. كل ما لديه هو دعم روسي معنوي
وسياسي وبعض الدعم المادي والعسكري
الآتي اليه من إيران وربما من حزب الله
من لبنان. وبالتالي، ووفق هذا التصوّر،
فإن الركن الأساسي في إستراتيجية
المواجهة هو الاستنزاف – استنزاف
النظام السوري، واستنزاف النظام
الإيراني في سورية. ووفق هذا التصوّر، مع مرور الوقت ومع وضوح
العزم لدى دول مجلس التعاون في المضي
بهذه المواجهة بلا تردد مهما كان،
ستعيد روسيا والصين النظر ولن تستمرا
في دعم النظام في دمشق. وعليه، فإن
التصوّر قائم على توقّع فوضى ومواجهة
دموية واستمرار الوضع على ما هو عليه
لأشهر، إنما في نهاية المطاف، سيزول
النظام. أصحاب هذا التصور يأخذون عنصر «حزب الله»
في الحساب وكذلك عنصر إسرائيل وتأثيره
في السياسة الأميركية. إنهم يتوقعون ان
يكون «حزب الله» طرفاً في الحروب
بالوكالة بحيث يكون أداة لمصلحة
المحور الروسي - الإيراني - السوري لشن
حرب استنزاف مضادة في الساحة الخليجية.
يتوقعون أيضاً ان يؤدي استمرار الأزمة
السورية الى تصاعد التطرف بين صفوف
الإخوان المسلمين والسلفيين والى
تزايد فرص دخول «القاعدة» طرفاً في
النزاع. فإذا طالت الأمور، سيرتد الخوف من التطرف
الإسلامي على كل من روسيا والولايات
المتحدة إذ عند ذاك سيتكون ائتلاف
التطرف وينمو ويصبح «نمراً مفترساً»،
وفق ذلك التصوّر. وبالتالي، فإن
المصلحة الروسية والصينية والأميركية
والأوروبية تتطلب إدراك مخاطر إطالة
الأزمة السورية واتخاذ قرار الإسراع
الى إنهائها عبر تبني إستراتيجية
الانتهاء من النظام بصورة أو بأخرى.
فإذا كانت الوسيلة على نسق نموذج
اليمن، أي بحصانة خروج من السلطة،
فليكن. أما إذا كان القرار التمسك
ببقاء النظام، فالرد الخليجي هو ان
قراره هو المواجهة حتى إسقاط النظام في
دمشق. حروب الاستنزاف لا تتوقف على ساحات
الحروب بالوكالة وإنما لها أيضاً جانب
استنزاف للدول التي هي طرف في اتخاذ
قرار هذه الحروب وبالتالي، ان الدول
الخليجية مرشحة للاستنزاف بأكثر من
طريقة ووسيلة وميدان. وهي تدرك ان
استنزافها لن يكون مادياً فقط وإنما
هناك إعدادات لاستنزافها بحروب
بالوكالة في ساحاتها. ولذلك ترى ان
المنطقة مقبلة على فوضى. لكنها اتخذت
القرار – قرار مواجهة إيران في الساحة
السورية شاءت روسيا أو أبت، شاركت
الولايات المتحدة أو تراجعت. الورقة الأصعب في الحسابات هذه هي الورقة
الإسرائيلية. فإسرائيل من جهة توحي
بأنها على وشك ضرب المفاعل النووي في
إيران، وهي من ناحية أخرى في شبه شراكة
مع ملالي طهران مع روسيا المرافعة عن
إيران عندما يتعلق الأمر بسورية. ثم ان
إسرائيل بالأمس القريب كانت توقفت عن
التحدث عن خوفها من صعود الإخوان
المسلمين الى السلطة في دمشق، ثم عادت
الى التخويف منهم. قد يكون تبعثر المعارضة السورية عاملاً
في إعادة النظر إسرائيلياً، لكن
اختزال كامل المعارضة الى إعادة
التمسك بالنظام في دمشق مثير للريبة.
بالتأكيد ان إسرائيل ترى في مصلحتها
استمرار نظام ضعيف في دمشق، إنما
المريب هو ان إسرائيل تدرك تماماً ان
هذه المعركة هي الآن حول إيران. فإذا
بقي النظام في دمشق ازدادت طهران قوة
ونفوذاً إقليمياً. فلماذا ترى إسرائيل
ان هذا في مصلحتها. ولماذا لا ترى
الولايات المتحدة ان هذا ضد المصلحة
الأميركية على المديين القريب
والبعيد؟ إذا كان الجواب هو الإدراك الآن ان صعود
الإسلاميين الى السلطة في مصر وتونس
وليبيا واليمن والمغرب وربما سورية هو
السبب، ان الرد المنطقي هو ان المحطة
السورية هي الفرصة المواتية لوقف قطار
صعود الإسلاميين الى السلطة. وهذا
يتطلب حنكة سياسية، إقليمية ودولية،
تراعي كل المخاوف والاعتبارات ضمن
إستراتيجية واعية من شأنها أن تؤدي الى
وقف نزيف الشعب السوري، والى إيقاف
لعبة الحرب الباردة، والى إعادة لمّ
الشمل الدولي. معالم وأدوات مثل هذا الاتفاق واضحة
للجميع. إحدى الأدوات تكمن في العودة
الى طاولة الاستراتيجيات للتفاهم ما
بين الدول الكبرى بمشاركة وثيقة
وعميقة من كبار الدول الخليجية وجامعة
الدول العربية. هناك وسيلة تشجيع
للانشقاقات السياسية والديبلوماسية
والعسكرية – بالذات انشقاق كبار
الجنرالات من الطائفة العلوية – مع
التفاهم مسبقاً على نوعية الشراكة في
الحكم الجديد. هناك الحصانة ومقابلها
أداة المحاكمة لأركان النظام الذين
لهم أدوار في جرائم حرب وجرائم ضد
الإنسانية. هناك خيار التواصل مع غير
الإسلاميين في المعارضة السورية
وبالذات النساء اللواتي اطلعن على ما
أتى به صعود الإسلاميين الى السلطة في
مصر وتونس وليبيا واليمن – وهنّ الآن
أدوات تغيير ناضجة وضرورية في سورية
يجب أخذهن في الحساب. هناك الكثير
الكثير من الأدوات لو توافرت النيات
الحسنة. المبعوث الأممي العربي الى سورية، الأمين
العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان
قد يكون أداة مفيدة في صقل هذه
الخيارات. أما إذا كانت مهمته التوسط
التقليدي، فإنه سيسقط ضحية شراء الوقت
وسيكون مصيره الفشل – الفشل على أشلاء
مئات وآلاف آخرين من الشعب السوري الذي
يقع الآن بين مخالب الاستبداد ومخالب
الاستخدام في حروب استنزاف دموية. ================= مشاري الذايدي الشرق الاوسط 2-3-2012 عجائب الخطاب الإعلامي الرسمي للنظام
السوري لا تنقضي تجاه الكارثة التي
تجري في بلاد الشام، وعاصمة الأمويين. بعد مرور عام على فتك القوات النظامية
بالناس العزل، الذين لم يتسلحوا تسلحا
خفيفا إلا بعد فقدان الحيلة ومرور ثلثي
العام الماضي دون أن يوجد من يكف جرائم
الشبيحة وقوات الأمن عن حرمات الناس
ودمائهم، وبعد عدة حلول عربية سلمية
أجهضها النظام بمناورات المعلم وشتائم
مندوبهم في الجامعة يوسف الأحمد.. الآن
تذكر الخطاب الرسمي الإعلامي السوري
حرمة الدم، وفي ذمة من هذا الدم، بعد أن
وجد شيئا، ولو قليلا، من الرد والدفاع
ضده، فجن جنونه. نقلت الأنباء مؤخرا أن وزارة الخارجية
السورية وصفت الدعوات التي أطلقها
مسؤولون في كل من السعودية وقطر،
لتسليح معارضي نظام الأسد، بأنها تأتي
ضمن المواقف «العدائية» ضد سوريا،
وحملت الدولتين العربيتين مسؤولية «سفك
الدم السوري». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية
والمغتربين، جهاد مقدسي، إن «الرد
السوري على مثل هذه الدعوات كان
متحفظا، ونحن نود من الأشقاء في قطر
والسعودية، أو من أي كان، المساهمة في
عقلنة المعارضين، ودفعهم لطاولة
الحوار، وليس لتسليح الحراك وسفك الدم
السوري، والذين يتحملون مسؤولية هذا
الدم بكامله». الذي يتحمل مسؤولية هذه الدماء، وليس
الدم الواحد، هو النظام نفسه، والذي
يتحمل قتل الآلاف في درعا وحمص وحماه
وإدلب وجبل الزاوية هم الشبيحة وقوات
الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري.. الذي
قتل الطفل حمزة الخطيب بوحشية، واقتلع
حنجرة مطرب الثورة إبراهيم القاشوش هو
النظام نفسه. الذي «يبيد» حي بابا عمرو في حمص الآن، هو
النظام؛ نظام الأسد.. هو المسؤول؛ قانونيا، وسياسيا،
وأخلاقيا، عما يجري، وما سوى هذا، ليس
إلا هروبا للأمام ومغالطات لفظية
ومناورات إعلامية سطحية. مشكلة خطاب النظام في هذه الأزمة، هي أنه
يضع كيسا على رأسه يعزل عينيه وأذنيه
وعقله عن المحيط الحقيقي حوله. وهذه المغالطة الفجة، شبيهة بمسرحية «المقاومة
والممانعة» التي يرى حسن نصر الله في
لبنان، ومن معه من أيتام الأسد، وبعض
كهنة اليسار والناصرية، أنها شعار كاف
لتسويغ مجازر الآلة الأسدية الفتاكة
في لحوم السوريين وحياتهم. هذه الأيام، حسب ما نقلت الأخبار، ذهب
إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي
إلى واشنطن ليقنع أوباما بالتريث
قليلا في الضغط على نظام الأسد، وأنه
لا يمكن المجازفة بأمن إسرائيل والقفز
في المجهول، على طريقة: «العفريت الذي
تعرفه خير من العفريت المجهول»، خصوصا
إذا كان عفريتا أثبت خلال أكثر من
ثلاثة عقود تهذيبه وعقلانيته على جبهة
الجولان الحساسة لإسرائيل. رسالة الوزير الإسرائيلي تعزز مصداقية
التحذيرات التي أطلقها ابن خالة
الرئيس، رامي مخلوف، في خضم الثورة
السورية حول أنه ليس من مصلحة إسرائيل
زوال حكم الأسد عن سوريا! يا للمفارقة؛ نظام يحميه ويحرص عليه:
إيران، وإسرائيل، وحزب الله، ونوري
المالكي، وروسيا.. فماذا يجمع هؤلاء؟!
إلا محبة الحساسية العالية للنظام..
ربما. ================= الثورة السورية وأخطار
الاستقطاب رضوان السيد الشرق الاوسط 2-3-2012 ما انكشف المشهد الذي تجد فيه الثورة
السورية نفسها، دون اختيار من أي من
فرقائها، بمثل ما انكشف في حديث لرئيس
الوزراء الروسي الحالي فلاديمير
بوتين، على مشارف الانتخابات
الرئاسية، فقد كان يتحدث عن محاولات
الولايات المتحدة لإعادة فرض هيمنتها
على المحيط الاستراتيجي لروسيا، ومن
ضمنه إيران وسوريا، وعندما نبهه أحد
الصحافيين إلى أن القياس قياس مع
الفارق، فإيران في خصومة مع الولايات
المتحدة، ومن حق روسيا أن تنحاز إلى
هذا الطرف أو ذاك بحسب ما تراه من
مصالحها، أما في سوريا فهناك ثورة
عارمة على النظام، وروسيا الديمقراطية
مع النظام وضد شعبه الثائر! قال بوتين:
نحن لسنا ضد الشعب ومطالبه الإصلاحية،
لكننا نريد من المعارضة الدخول في حوار
مع النظام من أجل تحول سلمي يصون
استقرار سوريا ووحدتها؛ والمعارضة
ترفض بتحريض من الولايات المتحدة،
وبعض العرب! وتابع السائل: لكن غالبية
العرب، دولا وشعوبا، صارت مع المعارضة
بسبب عنف النظام، والذين يقولون بدعم
المعارضة بالسلاح هم عرب، في حين لا
تزال الولايات المتحدة تتحدث عن دخول «القاعدة»
إلى سوريا، وتتردد في الاستجابة لمطلب
السلاح من جانب الثوار، وما أجاب بوتين
على التساؤل الأخير، بل قال بشيء من
الضيق ونفاد الصبر: الأميركيون ضد بشار
الأسد لأنه حليفنا، والسعودية لم
تفهمنا وأظهرت خصومة لنا، بينما لا نجد
أحدا في مصر بعد الثورة هناك يمكن
الحديث معه! إذن هذا هو الوضع الآن: روسيا مع بشار
الأسد، وإيران، لأنها تريد استخدام
ذلك في الصراع الاستراتيجي على
المنطقة مع الولايات المتحدة، والتي
تقدم بدورها اعتبارات أمن إسرائيل على
كل شيء آخر. فقد دعمت التغيير في كل
مكان من دون تحفظ، أما في سوريا، رغم
استمرار كلينتون بمطالبة بشار الأسد
بالتنحي؛ فإن العسكريين الأميركيين
مضى عليهم أسبوعان وهم ينبهون إلى
تغلغل «القاعدة» بين الثوار السوريين،
في حين تنبه وفود إسرائيلية زارت
الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية
إلى مخاطر انهيار النظام السوري. الإسرائيليون ما عادوا مصرين على بقاء
الأسد، لكنهم يريدون التأكد من «البديل»،
وهم يفضلون أن لا يكون من «الإخوان
المسلمين»! لكنهم متأكدون من خطر
النووي الإيراني عليهم، ومتأكدون من
ذراع إيران الطويلة بالعراق وسوريا
الأسد ولبنان، وهذه المراوحة من جانب
إسرائيل جعلت الأميركيين يراوحون، ثم
زادت مراوحتهم عندما اتضح لهم مدى تمسك
روسيا بسوريا الأسد، والاعتبارات
الاستراتيجية الأمنية والعسكرية التي
تدفع الطرفين لعدم الاشتباك الذي كاد
يحصل من قبل في كوسوفو وجورجيا، وقد
شجع ذلك الروس على الإصرار على موقفهم
الداعم للنظام السوري، والمواجه
للمبادرة العربية. وهكذا فإن الاستقطاب حاصل من حيث الوقائع
على الأرض، وإن كان الروسي هو الثابت
على مواقفه؛ بينما لا تريد الولايات
المتحدة أن تكون في الواجهة، وقد حاولت
ذلك في ليبيا بعد المرحلة الأولى،
ونجحت في إخفاء دورها بالوقوف وراء
فرنسا وبريطانيا ودول أخرى! وهكذا، فإن
هذا الاستقطاب الروسي - الأميركي، الذي
يصب في مصلحة إسرائيل وأنظمة الممانعة
(التي تدعي هي مواجهتها)، يتفاقم أثره
وتداعياته على قضية الشعب السوري،
والشعوب العربية الأخرى التي تريد
التغيير وتحاول تحقيقه بدمائها
وتضحياتها. وهذا يعني - ما دام الروس
والإسرائيليون... والأميركيون على هذا
الموقف - أن التحرك الداخلي السوري هو
ثورة داخلية، وليس مؤامرة قام بها
الأميركيون والرجعيون لصالح إسرائيل
ولإنهاء الممانعة! فإسرائيل مسرورة
بموقف الروس من نظام الممانعة،
والأميركيون - تحت ضغط اللوبيات
الإسرائيلية - مترددون تجاه الثورة
السورية بذريعة أنهم لا يعرفون من هي
المعارضة بالتحديد، ولأنهم يشكون في
تسلل «القاعدة» من العراق إلى صفوف
ومناطق الثوار! ان هذا الاستقطاب الدولي أعطى النظام
السوري فرصة ودافعا وزمانا لمحاولة
الفوز على الثورة واستعادة الغلبة تحت
اسم الحل الأمني، والذي يوشك أن يبيد
حي بابا عمرو، ومن ورائه مدينة حمص،
كما حصل في عشرات النواحي الأخرى من
سوريا العربية الثائرة. وكأنما ما كفى السوريين الأباة هذا
الاستقطاب المدمر؛ فقد دخل عليهم
الرهان الإيراني، والرهان الإيراني
مزدوج: فالإيرانيون يتصارعون مع
الولايات المتحدة والعالم الغربي على
النووي، وهم يتصارعون معها أيضا على
مناطق النفوذ التي تهدد مصالحهم
الاستراتيجية، سواء في الخليج أو على
البحر المتوسط، والصراع على النووي
يعني صداما مباشرا تقوم به إسرائيل، أو
تقوم به الولايات المتحدة، أو تستبقه
إيران بضربة هنا أو هناك، لكنه ينتهي
أو يبدأ من الأرض الإيرانية أو عليها.
ولذا فقد اختارت إيران خط دفاع أول
بعيدا عن أراضيها ومن حولها في سوريا
والعراق ولبنان، وهو رهان جعلها تصرح
بالدفاع عن النظام السوري وكأنها
تدافع عن الأرض الإيرانية، وقد جرّت
معها إلى هذا الموقف حزب الله وبعض
الأطراف في العراق والقطيف والبحرين
والحوثيين في اليمن، وبؤرة التوتر
والاهتمام الآن، بل ومنذ عام في سوريا،
فإيران هي التي تحفظ تماسك النظام
المالي واللوجيستي، وروسيا تساعد
بالتسليح والإمداد، والحماية
الاستراتيجية، وهي بذلك تقول للنظام
الدولي: إنها لن تسمح بسقوط النظام
السوري إذا لم يجر التفاوض معها كما
تريد، إن لم يكن على النووي فعلى مناطق
النفوذ التي سبق للولايات المتحدة أن
منحتها إياها في خضم حربها على
أفغانستان والعراق، أو أنها تركت ذلك
يحدث. إن الرهان الإيراني يضاف هنا إلى
الاستقطاب الروسي - الأميركي في ظلم
الشعب السوري، والمشاركة باستخفاف
وتعجرف في سفك دمه، وتخريب حواضره،
وقتل حرياته وحرائره وأطفاله؛ وكل ذلك
بذريعة الحفاظ على نظام المقاومة في
وجه المؤامرة الأميركية - الصهيونية؛
بينما هي تعلم عيانا وبيانا أن
الإسرائيليين ليسوا أقل حرصا منها على
الرئيس الأسد ونظامه! وإذا شئنا الصراحة والبيان؛ فإن
الاستقطاب والرهان على سوريا، ومن
حولها، يقع في أصل سخط الشعوب العربية،
وفي طليعتها السعودية، على هذا الظلم
وهذا العدوان، فمن أجل إنهاء العنف ضد
الشعب السوري، وعدم الدخول في صراع مع
إيران وروسيا وغيرهما، دخلت السعودية
بحماس في المبادرة العربية، ثم وجدت أن
المبادرة صارت ذريعة لاستمرار الفتك
بالشعب السوري، ولذلك انسحبت منها،
ومضت باتجاه مجلس الأمن، وفاوضت هي
وغيرها الروس والصينيين على حل وسط
هناك، إلى أن فوجئت بالفيتو الروسي -
الصيني، بعد حديث لافروف مع كلينتون
بميونيخ، وقيل وقتها إن الروس طلبوا من
الأميركيين ما لم يستطيعوا تلبيته!
ولذلك أظهر الملك عبد الله بن عبد
العزيز غضبه على الروس والفيتو، ومضت
سياسته الخارجية باتجاه حل «دولي» آخر
من طريق مؤتمر «أصدقاء سوريا» بتونس،
وقد تذاكى بعض العرب والأتراك
والدوليين لمحاولة إدخال روسيا في «الحل
السلمي»، والعودة إلى مجلس الأمن لدعم
الحل السلمي، لكن الروسي لا يستطيع
الاستجابة قبل الانتخابات الرئاسية،
وهو يحاول استنهاض «وطنية» الشعب
الروسي؛ بذريعة تحديه لأميركا! كما لا
يستطيع مجاراة العرب في هذه المرحلة إن
لم يتول الحل بنفسه لكي لا يحصل معه ما
حصل في شأن ليبيا! وقد أدرك الأمير سعود
الفيصل ذلك، ولذا فقد مضى قدما في
المطالبة بتسليح المعارضة السورية. النظام السوري ماض باتجاه دحر الثورة،
وإبادة الثوار، متظاهرين ومسلحين
ومدنا وبلدات وحواضر وأريافا، وهو
يعتقد بإمكان إنجاز ذلك تحت مظلة
الاستقطاب الروسي - الأميركي، والرهان
الإيراني، واستمرار العرب في البحث عن
حل سلمي وتخفيف للعنف! ولذا لا بد من
السير في الدعم العسكري واللوجيستي
بمختلف أشكاله للثوار والناس بالداخل
السوري، أما ما عدا ذلك فقد صار عبثا
وباطل الأباطيل! ============================ ألان جوبيه الرأي الاردنية 1-3-2012 مسيحيو الشرق قلقون. قلقون على ديمومة
وجودهم في منطقة هي منطقتهم منذ 2000 سنة.
قلقون على احترام حقوقهم في سياق
إضطرابات كبرى. قلقون إزاء صعود
التوترات المرتبطة بالطائفية. أريد أن
أقول لهم إني أسمع، إني أفهم تخوفاتهم. منذ عقود، تولت فرنسا مهمة خاصة حيال
مسيحيي الشرق. لن تتهرب منها. ولهذا
السبب حدد رئيس الجمهورية بدءاً من
كانون الثاني / يناير 2011 إطار سياستنا ،
مشدداً على أن مصير مسيحيي الشرق يرمز»
إلى ما يتعدى الشرق، إلى تحديات العالم
المعولم الذي دخلنا فيه بطريقة لا رجعة
فيها». رؤيتنا واضحة: لن تكون هناك ثورة
ديموقراطية حقة من دون حماية الأشخاص
المنتمين للأقليات. مسيحيو الشرق
مدعوون للبقاء في منطقتهم. إنهم مدعوون
للمشاركة في بناء مستقبلها كما فعلوا
دائماً من أجل ماضيها. القضية ليست جديدة. إنها غارقة في القدم.
لكنها تطرح بحدة متزايدة منذ بضع سنوات. بداية، أظهرت فرنسا تيقظها من خلال توجيه
رسائل واضحة إلى الدول المعنية، التي
هي المسؤولة الأولى عن أمن مواطنيها.
كما أن فرنسا تجندت لكي يدين مجلس
الشؤون الخارجية للإتحاد الأوروبي
بتاريخ 21 شباط / فبراير 2011 أعمال العنف
ضد المسيحيين، ولكي يُوجَّه إليهم
تصريح رئاسي لمجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة، بعد الاعتداء التفجيري في
بغداد في العاشر من تشرين الثاني /
نوفمبر 2010. في الواقع، دفع مسيحيو العراق ضريبة
باهظة خلال السنوات الأخيرة. نحن عبرنا
عن تضامننا باستقبال أكثر من 1300 منهم
على أرضنا منذ 2008، وبإجلاء طبي للأشخاص
الجرحى في أثناء الاعتداء التفجيري ضد
كاتدرائية سيدة النجاة في بغداد في 31
تشرين الأول / أوكتوبر 2010 بشكل خاص. في مصر، يحتل الأقباط مكاناً خاصاً، فهم
متجذرون في التاريخ الطويل للبلد،
وعانوا من أعمال العنف، والانتهاكات
وأعمال التمييز في هذه السنوات
الأخيرة، كما دل على ذلك الاعتداء
التفجيري المشؤوم ضد كنيسة الإسكندرية
في 2011. لكن الأقباط، ومنذ الثورة،
انخرطوا أيضاً في الحياة السياسية
لبلدهم على نحو عز نظيره آنفاً، إنهم
شاركوا في الانتخابات، إنهم يريدون ان
يكونوا مسموعين ويساهموا مع أخوتهم من
المواطنين في عملية الانتقال
الديموقراطي للبلد.وأعرب البرلمان
المصري الذي تم انتخابه منذ حين عن
التزامه في ضمان حقوق الأقباط: نحن
نعول على عمله الحاسم. في لبنان، التعايش بين أقليات عديدة هو
واقع. ولكن يجب صون هذا النموذج
باستمرار بغية الرد على المحاولات
المختلفة لإعادة النظر فيه. ومن
مسؤولية جميع الجهات الفاعلة في
المجتمع والحياة السياسية اللبنانية
العمل على صونه. وكما أكد رئيس الجمهورية لغبطة البطريرك
الماروني بشارة الراعي، أثناء زيارته
الرسمية إلى باريس في أيلول / سبتمبر
المنصرم، بأن أفضل حماية لمسيحيي
الشرق والضمانة الفعلية لدوام وجودهم
يكمنان اليوم في إقامة الديموقراطية
ودولة القانون في البلدان العربية. ولهذا نوصي مسيحيي الشرق الأوسط بعدم
التأقلم مع مناورات التلاعب التي
تنفذها الأنظمة الاستبدادية المقطوعة
عن شعبها. لا أزال قلقاً جداً من الوضع
المأساوي الذي يسود في سورية، جراء
القمع الشرس الذي يمارسه نظام محكوم
عليه بالزوال يستخدم القوة العسكرية
ضد شعبه. أدعو إلى مشاركة المسيحيين،
وكذلك الطوائف الأخرى، بقيام سورية
الجديدة والديموقراطية حيث يتمتع جميع
المواطنين بالحقوق والواجبات نفسها. لسنا سذجاً. نعرف بأن الطريق سوف تكون
طويلة وفوضوية. لكن أبعد من المخاطر
والأخطار، التي لا يعني نفيها، فإن «الربيع
العربي» يوفر فرصة تاريخية لمسيحيي
الشرق. من يمكنه الاعتقاد بأن حقوق
الأقليات هي محمية من قبل
الديكتاتوريات الدموية أكثر من
الأنظمة الديموقراطية؟ من يمكنه إنكار
أن مسيحيين وأكراداً ودروزاً وعلويين
وآشوريين أيضاً يُغتالون ويعذبون
ويسجنون في سورية؟ ثمة مؤشرات أمل
موجودة في هذا الربيع العربي: أتمنى
التنويه بمبادرة الإمام الكبير للأزهر
الشيخ الطيب الذي أعد ونشر في كانون
الثاني / يناير وثيقة حول الحريات
العامة في مصر. يركز هذا النص على حرية
المعتقد وحرية التعبير وحرية الإبداع،
من بينها الإبداع الفني. إذ تُظهر
مبادرات كهذه تعزز الحوار بين
الأديان، أنه من الممكن جمع مجتمعات
مختلفة حول قيم عالمية تسمح للجميع
بالتعايش بانسجام. إذا استمرت التساؤلات حول المستقبل، أريد
أن أقول لمسيحيي الشرق الذين هم في
العديد من البلدان الأخرى التي ذكرتها
( لاسيما في إسرائيل والأراضي
الفلسطينية)، بأن فرنسا لن تتخلى عنهم.
يواكب ثقتنا في ثورات 2011 حذر مطلق
لاحترام حقوق الإنسان، وخصوصاً لحقوق
الأقليات. وأنا شخصياً شددت كثيراً على
هذه المسألة أثناء اتصالاتي بالمجلس
الوطني السوري، المدعو إلى جمع
المعارضة السورية، والذي تعهد بضمان
هذه الحقوق. في سورية كما في أماكن أخرى، تكمن مصلحة
المسيحيين في احتضان التطورات التي هي
لا مفر منها وإيجابية في آن معاً. فمن
خلال انخراطهم بطريقة عزومة في بناء
منطقة جديدة سيحمون مستقبلهم، كما جدد
رئيس الجمهورية تأكيده أمام السلطات
الدينية، في مناسبة السنة الجديدة في 25
كانون الثاني / يناير، بقوله:»
المسيحيون جزء من تاريخ الشرق، ولن
يكون مطروحاً اقتلاعهم من هذه الأرض.
ويفي الربيع العربي بوعوده إذا
أُحترِمت الأقليات». الرسالة التي كنت أود توجيهها إليهم
بسيطة هي: فرنسا كانت وستبقى إلى
جانبكم. تنويه.. المقال يعبر عن وجهة نظر السيد وزير
خارجية فرنسا، وينقل مخاوفه على
المسيحيين في عدد من بلدان الشرق
الأوسط من تداعيات الربيع العربي،
الأردن ليس من بين هذه البلدان،
فالمسيحيون في هذا البلد كانوا وما
يزالون وسيبقون جزءا أساسيا من النسيج
الوطني الأردني ولم يكونوا ابدا
أقلية، وما تعرضوا اطلاقا كما تعرض
وتعرض له مسيحيون في مناطق وبلدان أخرى. * وزير الدولة وزير الشؤون
الخارجية والأوروبية ================= الشعب... حيال دستور
واستفتاء تأخّرا كثيراً الخميس, 01 مارس 2012 أكرم البني * الحياة تحتار من أين تبدأ في رصد مواقف السوريين
من مشروع الدستور الجديد، أمن صخب
الإعلام الرسمي وهو يستنطق «المحللين
والباحثين» للإشادة بهذا الحدث على
أنه خطوة نوعية وتاريخية في مسيرة
الإصلاح السياسي، أم من ضجيج المعارك
وأصوات الرصاص والمدافع وأنات
المعذبين خلف الحصار في غير منطقة
سورية؟. في مواجهة عدم اكتراث غالبية الناس
ولامبالاتهم، يبدو الموقف من
الاستفتاء على الدستور، فرصة ثمينة
لحلفاء السلطة وأنصارها للفرز بين
خائن ووطني أو بين إرهابي وإصلاحي،
يزيد المشهد ألماً وأسفاً، إظهار
انشغالهم بتفاصيل الدستور الجديد كأن
لاشيء يحدث في البلاد، ينتقدون مواداً
هنا ويقترحون تعديلات هناك، يفاخرون
بالتعددية المستحدثة وتعديل المادة
الثامنة حول قيادة حزب البعث للدولة
والمجتمع، ويتباهى بعضهم بما يعتبرونه
تصعيداً حين يشير إلى تفرد السلطة في
وضع مشروع الدستور كنقيصة، ويعتب على
تغييب المجتمع السوري وقواه السياسية
في صياغته، قبل إقراره وعرضه
للاستفتاء. «أي استفتاء وأي دستور والعنف سيد الموقف
والحصار يطبق على أكثر من نصف المدن
والبلدات السورية»، تسمع عبارات بهذا
المعنى في غير مكان، فالأولوية عند
هؤلاء هي وقف القمع والتنكيل فوراً
وليس أي شيء آخر، وإذ يشترط بعضهم أن لا
مكان للسياسة والإصلاح إلا إذا أعلن
أهل الحكم وعلى رؤوس الأشهاد فشل
خيارهم الأمني والعسكري ومحاسبة كل
مرتكب، يتندر آخرون متسائلين، ألم يكن
من الأجدى تطبيق بنود المبادرة
العربية وبخاصة سحب الآليات العسكرية
من الشوارع وإطلاق سراح آلاف
المعتقلين قبل دستور يفترض به أن يصون
الحياة والحقوق، وأما كان حرياً قبل
موعد الاستفتاء أن تحدد مثلاً «عشرة
أيام حرم» يتوقف خلالها العنف والقمع
ويرفع الحصار ليتمكن الناس من قول
كلمتهم!. معروف عن السوريين ضعف ثقتهم بالسلطة
القائمة وبوعودها، فما تقوم به هو
دائماً موضع شك وارتياب، ومعروف عنهم
غربتهم عن القوانين عموماً والدستور
خصوصاً، غربة مزمنة ناجمة من وعي
وإحساس عميقين بأن هذه الأطر الحقوقية
لا تملك الاستقلالية والجدوى أو قوة
الحضور على الأرض بل هي موضع هتك
وتجاوز دائمين من قبل أجهزة السلطة
التنفيذية ولأدنى اعتبار. فأي معنى
للحديث عن دستور جديد، في ظل استمرار
النظام الحاكم وجبروت مؤسساته
الأمنية، وهل يتوقع أحد تغييراً أو
إضافة ما، ربما غير تكرار النتائج
المؤسفة التي ترتبت مثلاً على إلغاء
حالة الطوارئ والأحكام العرفية، أو ما
يكابده المتظاهرون والنشطاء
السياسيون بعد صدور قانون تنظيم
التظاهر وقانون الأحزاب. فالقضية ليست قضية دستور جديد على أهمية
الدساتير في حياة المجتمعات، بل طبيعة
النظام الأمني الحاكم منذ عقود والذي
لا يقف في وجهه أي اعتبار يهدد
استقراره في السلطة وتمكين وجوده
وامتيازاته، فالدولة الأمنية
ومناخاتها ستبقى هي هي مع دستور جديد
ودون دستور جديد، وما يؤكد هذه الحقيقة
الآلية أو الطريقة التي صيغ بها
الدستور والتي تصاغ وفقها مختلف
القوانين في سورية قبل إصدارها، والتي
تحكمها مرجعية واحدة هي السلطة نفسها
ورؤيتها الخاصة لما تحتاجه وتقديرها
لأهمية بناء أطر حقوقية شكلية تكرس
الواقع القائم وتخضع المجتمع للقيود
ذاتها والاشتراطات الكفيلة بتأكيد
سيطرتها وتحكمها بكل شاردة وواردة في
حياة الناس وأنشطتهم. هذا النوع من الأنظمة لا يعنيه الإصلاح
ولا من يصلحون، يقول البعض ودليلهم ما
حل بالوعود الشهيرة التي حملها خطاب
القسم وكيف جاءت الممارسات، بخاصة في
الحقل السياسي، على النقيض، بمزيد من
التضييق وخنق النشاط المعارض، فالغرض
من تعديل القوانين أو عرض مشروع دستور
ليس بناء عقد اجتماعي جديد بين السلطة
والمجتمع يحترم حقوق مختلف المكونات
السورية ومصالحها، بل كسب الوقت
لمصلحة الخيار العسكري وتخفيف حدة
الحصار المطبق على النظام، وبمعنى آخر
ليس الاستفتاء والدستور الجديد
استجابة لتطلعات الشعب وطموحاته بقدر
ما هو محاولة لتفادي المزيد من الضغوط
الإقليمية والدولية، وضرب عصفورين
بحجر واحد، فمن جهة تمكين موقف الدول
الحليفة كروسيا والصين بأن ثمة جدية
لدى النظام للسير في إصلاحات سياسية،
ومن جهة ثانية الرهان على شد الفئات
المترددة والمشككة بدعوات النظام
الإصلاحية ولنقل مغازلة أوساط بدأت
تتململ وتغادر مواقع السلبية والحياد
تأثراً بما تراه عيونها من عنف مفرط لا
يحتمله عقل أو ضمير. وصل «عزيز كتابكم» متأخراً، فالمطلب
اليوم هو تغيير النظام، هكذا يقول
الكثيرون بعد الدماء التي سالت، لقد
فات أوان الإصلاح تحت مظلة سلطة أفقدها
التوغل المريع في القمع والقهر دورها
السياسي وشرعيتها، وربما هي سمة غالبة
لنظام الحكم في سورية بأنه يأتي دائماً
متأخراً في عروضه السياسية وحلوله،
على عكس إبكاره في خيار القوة وسرعته
في استخدام العنف حين تهدد مواقعه
ومصالحه!. هل السبب هو استهتاره بأي
جديد وثقته بأن لا شيء يمكن أن يقف في
وجه آلته الأمنية والعسكرية، أم عجزه
عن قراءة وفهم جديد مواقف الناس وجديد
مطالبهم، منذ خربشات أطفال درعا إلى
الشعارات التي ترفع اليوم وثمنها مزيد
من الأرواح والضحايا. عام 1971 خرج الناس في مدينة حماة وبعض
أحياء حلب ودمشق رفضاً للمادة الثالثة
من مشروع الدستور لأنها لم تحدد ديناً
لرئيس الجمهورية واستجابت السلطة
مطلبهم، واليوم يعتقد النظام أنه
يغازل مشاعر الأوساط الشعبية
الإسلامية بتثبيت هذه المادة في مشروع
الدستور الجديد، فيتأخر، مرة أخرى، في
إدراك موقف الناس وأن ما يهمها هو
التغيير الجذري وضمان الحرية والكرامة
وليس أي شيء آخر، بل باتت غالبية
المسلمين تجد في هذا التحديد انتقاصاً
من حقوقها في الاختيار حين تجبر على
انتخاب رئيس من شريحة معينة فقط،
والدليل التصريحات المتكررة لغير
قيادي إسلامي عن احترام خيار الناس
والقبول بمن تنتخبه لشغل أي موقع سياسي
مهما تكن قوميته أو ديانته أو مذهبه.
والأهم أن ترى يافطة رفعت منذ أيام في
إحدى تظاهرات مدينة داريا بريف دمشق
كتب عليها: ما المانع أن يكون رئيس
الجمهورية امرأة مسيحية؟!. * كاتب سوري ================= هل قرأت روسيا الموقف
السعودي؟. طارق محمد الناصر الرياض 1-3-2012 لم يكن الموقف
السعودي الحازم تجاه نظام الأسد في
سورية مفاجأة إلا لمن يجهلون طريقة عمل
الدبلوماسية السعودية. فالمملكة لديها
دائما موقف واضح تجاه ما يجري في
محيطها الحيوي، وهي في مواقفها تنحاز،
باستمرار، للجانب الأخلاقي والإنساني
من أي قضية. لكن ما يميز الدبلوماسية السعودية هو
بعدها عن الاستعراض وتفضيلها
للدبلوماسية الهادئة والرصينة التي
تستطيع أن تؤثر من خلالها إيجابيا في
مسار الأحداث دونما إحراج أي طرف. بيد
ان المملكة لا تتردد بإظهار موقفها
بوضوح، وبصوت عال، متى ما أحست أن
المصالح الحيوية للعرب أو المسلمين
على المحك. ويكفي للتدليل على ذلك استذكار تلك
الرسالة الحاسمة التي وجهها الملك
عبدالله حينما كان ولياً للعهد للرئيس
بوش الابن والتي يهدد فيها بإعادة
النظر في أساس العلاقة السعودية -
الأمريكية ما لم تتخذ الولايات
المتحدة موقفا عادلا تجاه الصراع
العربي - الإسرائيلي. أحداث سبتمبر، للأسف، تسببت في التأثير
على ذلك الجهد وإن كان الاعتراف بحل
الدولتين قد حصل نتيجة تلك الرسالة. وبالعودة إلى الموضوع السوري فان الشك لا
يساورني بأن سلسلة المواقف السعودية
الحازمة والمتكررة مؤخرا ما كانت
ستظهر للعلن لولا استنفاد جميع السبل
لحمل النظام السوري على إيقاف آلة
القتل والبدء بإصلاح حقيقي يلمسه
المواطن السوري على الأرض. فالنظام
السوري غدا، في الواقع، جزءاً من
المشكلة لا جزءاً من الحل. ولعل أوضح تعبير عن الموقف السعودي جاء
بلسان الملك عبدالله نفسه. فكلمة الملك
أمام ضيوف الجنادرية والتي عبر فيها عن
اهتزاز الثقة في قدرة مجلس الأمن
الدولي على تحقيق العدل والإنصاف وأن
العالم يجب أن تحكمه القيم والأخلاق لا
حفنة من الدول.. تلك الكلمة كانت إعلانا
بأن النظام السوري اجبر الجميع للجوء
لحل دولي بعد إجهاض أي إمكانية لحل
عربي. ثم جاء الإعلان السعودي عن فحوى الاتصال
الذي أجراه الرئيس الروسي بخادم
الحرمين الشريفين والذي قال فيه الملك
للرئيس بأن المملكة لايمكنها أن تتخلى
عن موقفها الديني والأخلاقي تجاه
الأحداث الجارية في سورية وشدد فيه
بأنه كان من الأولى بان يتحاور الروس
مع العرب قبل استعمالهم للفيتو وانه لا
جدوى من الحوار الآن فيما جرى.. هذا الإعلان يوضح للروس بان الفيتو خلّف
لدى العرب مرارة لايمكن غسلها إلا
باتخاذ الموقف الأخلاقي المناسب. التصويب السعودي تجاه الموقف الروسي،
بالتحديد، يرمي لجعل روسيا تدرك بأن
دعمها للنظام السوري هو الذي يمكنه من
قتل المزيد من الأبرياء، وأن العرب
يحملون الروس مسؤولية تقديم الدماء
العربية قرباناً لمصالحهم الضيقة. فهل فهم الروس الرسالة السعودية؟ ================= توافق إسرائيلي إيراني
على بقاء بشار الأسد رأي الجزيرة 1-3-2012 وضحت الصورة وأنجلى الموقف الذي يجعل
الولايات المتحدة مترددة في دعم
الثورة في سورية، وعدم الذهاب بعيداً
في المساعدة على إنهاء نظام بشار الأسد.
فواشنطن التي توائم سياستها وتحركاتها
في الشرق الأوسط بما يتواءم مع السياسة
الإسرائيلية في المنطقة، تفاهمت مع تل
أبيب على عدم الذهاب بعيداً في مساندة
الثورة في سورية، بحجة أن
الإسرائيليين متخوفون من أن يصل إلى
السلطة في سورية متشددون دينيون
سيشكلون تهديداً أمنياً على إسرائيل.
إذ يعتقد الإسرائيليون، ويشاركهم في
ذلك المتعاطفون معهم من الليكوديين
الأمريكيين سواء في البيت الأبيض أو
وزارة الخارجية الأمريكية والمخابرات
المركزية، والذين يروجون من أن تنظيم
القاعدة أصبح له وجود على الأرض
السورية، أن المتشددين سواء من
الإخوان المسلمين أو السلفيين هم
الذين يقودون الثوار السوريين. ومع أن
هذه المعلومات مغلوطة وغير مؤكدة، إلا
أن الأمريكيين يجارون الإسرائيليين في
تخوفهم من استيلاء المتشددين على
السلطة في سورية، وأنهم لن يكونوا
متساهلين مع تل أبيب، ولن يبقوا جبهة
الجولان صامتة مثلما فعل نظام بشار
الأسد ووالده حافظ الأسد، وأنَّ هؤلاء
المتشددين الذين سيرثون ثلثمائة صاروخ
أس أس 300 مزودة برؤوس محملة بأسلحة
بيلوجية وكيميائية، سيشكلون خطراً
بالغاً على إسرائيل. ولهذا، ومن أجل
حماية إسرائيل وإبعاد أي خطر عنها حتى
وإن كان نظرياً، فإنَّ الأمريكيين غير
مستعدين لدعم ثوار سوريا، وينسقون مع
الإسرائيليين لبقاء نظام بشار الأسد،
متفقين في المبدأ مع الإيرانيين
والروس والصينيين، لتشهد المواقف
الدولية حالة شاذة وغريبة تتمثل في
اتفاق طهران وتل أبيب على ضرورة بقاء
نظام بشار الأسد، وأن يتم ذلك بمساندة
وتأييد واشنطن وموسكو وبكين. ================= الشعب السوري أهم من
المعارضات والمؤتمرات! الرأي الكويتية خير الله خير 1-3-2012 كشفت احداث الاسابيع القليلة الماضية
التي شهدت مزيدا من الوحشية التي
يمارسها النظام السوري في المواجهة
القائمة مع شعبه، اهمية ما تمرّ به
سورية. تكمن هذه الاهمية في الدور الذي
يقوم به الشعب السوري من اجل استعادة
حريته وكرامته وحقوقه المشروعة بصفة
كونه شعبا ينتمي الى ثقافة الحياة
اوّلا واخيرا وليس الى ثقافة الموت
والبؤس التي يسعى الى فرضها نظام اكل
الدهر عليه وشرب يعتقد انه قادر على ان
يكون استثناء في هذا العالم. كان «المؤتمر الدولي لاصدقاء الشعب
السوري» الذي استضافته تونس اخيرا
خطوة في اتجاه دعم الثورة السورية، امّ
الثورات العربية من دون منازع. هذه
الثورة لا يمكن ان تنتهي الاّ باطاحة
النظام العائلي- البعثي الذي استعبد
السوريين وابتز العرب تحت شعارات «وطنية»
فارغة لا علاقة لها بالواقع، لا من
قريب ولا من بعيد. كانت لمؤتمر تونس
ايجابيات كثيرة في مقدّمها الاعتراف ب
«المجلس الوطني» المعارض ك «ممثل شرعي
للسوريين الساعين الى احداث تغيير
ديموقراطي». ربما جاء هذا الاعتراف
متأخّرا. ولكن ما يبقى ما هو اهمّ من
ذلك بكثير انّ كلّ الهيئات والمجموعات
السورية المعارضة، وكلّ المؤتمرات
التي عقدت، عجزت على الآن عن ان تكون في
مستوى التضحيات التي يقدّمها الشعب
السوري العظيم في مواجهة آلة القتل
الجهنمية التي يمتلكها النظام. تلك
الآلة التي ليس لديه بديل منها عندما
يتعلّق الامر بالتعاطي مع الشعب
السوري. خَبر المواطن اللبناني ذلك
طويلا. وخَبره الفلسطيني وما زال
يختبرُه الى اليوم، خصوصا الفلسطيني
المقيم في سورية او في لبنان... لا شكّ ان المجتمع الدولي مقصّر مع الشعب
السوري. في مرحلة معيّنة، جاء من يطلب
من العرب، باسم المجتمع الدولي، اخذ
المبادرة والوقوف صراحة في وجه
الجرائم التي يرتكبها النظام السوري
يوميا. حصل ذلك. اتخذت مجموعة من الدول
العربية موقفا واضحا. ذهب الامير سعود
الفيصل وزير الخارجية السعودي الى حدّ
القول: «هذا النظام انتهى ويجب ان يسقط
طوعا او قهرا، فهو لم يعد نظاما سياسيا
بل تحوّل الى سلطة احتلال». سبق للملك
عبدالله بن عبد العزيز ان اتخذ موقفا
في غاية الوضوح من النظام السوري،
خصوصا في المكالمة الهاتفية التي
اجريت بينه وبين الرئيس السوري
ديميتري ميدفيديف. من الواضح ان العرب، باكثريتهم الساحقة،
على استعداد لتوفير الغطاء من اجل
اقدام المجتمع الدولي على عمل ما يصبّ
في تخليص الشعب السوري من براثن نظام
لا يؤمن سوى بالغاء الآخر. وقد فعل ذلك
مع خصومه السياسيين في الداخل منذ
اليوم الاوّل لتوليه السلطة قبل اثنين
واربعين عاما وفعل ذلك في لبنان حيث
عانت المناطق كلّها من وحشيته وقدرته
على ممارسة العنف من دون حسيب او رقيب.
اغتال على مدى السنوات الخمس
والثلاثين الماضية عددا لا بأس به من
اهم الزعماء اللبنانيين وسعى الى
شرذمة كل الطوائف مع تركيز خاص على
المسيحيين اوّلا، ثم على السنّة
والدروز. ولم يتوقف في اي وقت عن تدجين
الشيعة، حتى بعدما وضع «حزب الله»
الايراني يده على ابناء هذه الطائفة
الكريمة وحوّل معظم ابنائها الى
موظفّين لديه يستخدمهم في ترويع
اللبنانيين الآخرين! تردد المجتمع الدولي، على رأسه الولايات
المتحدة، في الذهاب بعيدا في دعم الشعب
السوري وذلك على الرغم من ان العرب
قدّموا كلّ المطلوب منهم. يفترض بمثل
هذا الموقف ألا يجعل العرب عموما
يشعرون بالاحباط. على العكس من ذلك،
يؤمل منهم متابعة الضغط واتخاذ
المواقف الواضحة في شأن كلّ ما له
علاقة بسورية. لماذا ذلك؟ لسببين في
غاية البسطة. يتمثّل السبب الاوّل في
ان الواجب يدعو الى استعادة سورية الى
الحضن العربي الحضاري البعيد عن اي نوع
من التعصّب والعنصرية. سورية، لا بدّ
ان تستعاد بكلّ مكوّناتها، بعربها
واكرادها والارمن فيها، بالسنّة
والمسيحيين والعلويين والدروز
والاسماعيليين. سورية هذه، هي سورية
الماضي المشرق والمستقبل الواعد وليس
«سورية الاسد» او ما شابه ذلك، اي
سورية التي انتهت مستعمرة ايرانية
وجرّت لبنان معها الى هذا الموقع جرّا.
امّا السبب الآخر الذي يفترض به ان
يحمل العرب على الاستمرار في اتخاذ
المواقف الواضحة والشجاعة فهو الشعب
السوري نفسه. هذا الشعب اتخّذ قراره
وقّرر التخلص من النظام الذي لم يكن
لديه همّ آخر سوى افقاره واذلاله. لا
يمكن الاّ الرهان على الشعب السوري
الذي قرّر السير الى النهاية في ثورته
وتحمّل ما لا يستطيع اي شعب آخر تحمّله. مثل هذا الرهان على الشعب السوري، رهان
على مستقبل عربي افضل، بعيدا عن اي نوع
من الطائفية والمذهبية والعنصرية
والمتاجرة بالعرب والعروبة ارضاء
لاسرائيل بكلّ ما تمثله في محيطها.
فاسرائيل تمثّل الدولة العنصرية
بامتياز، اضافة الى الرغبة في الهيمنة
والوصاية على الشعب الفلسطيني من جهة
وتكريس احتلالها للارض العربية من جهة
اخرى. الم يحاول النظام السوري في
مرحلة ما تكريس وصايته على لبنان تحت
عناوين شتى لو لم يتصدّ له اللبنانيون
من كلّ الطوائف والمذاهب والمناطق على
الرغم من كلّ الدعم الذي وفّرته له
ايران؟ في النهاية، لا يمكن للرهان العربي على
الشعب السوري الاّ ان يكون في محله
نظرا الى ان كلّ تجارب التاريخ القديم
والحديث اثبتت ان ليس في استطاعة اي
نظام، مهما بلغت به الوحشية، إلغاء
شعبه! ================= تاريخ النشر: الخميس 01 مارس 2012 محمد الحمادي الاتحاد في أيام الثورة المصرية لم تكن الولايات
المتحدة بحاجة لأكثر من عدة أسابيع
لتطالب مبارك بالرحيل "فوراً". في
سوريا وبعد قرابة العام من اندلاع
الثورة وزيرة خارجية الولايات المتحدة
الأميركية تقول إن تجريم الأسد قد يعقد
التوصل إلى حل في سوريا. وفي كلمة لها
أمام مجلس الشيوخ أكدت أن الأسد في
طريقه للخروج من السلطة في آخر الأمر
لكنها قالت: "ما لا أعرفه هو كيف أحدد
آخر الأمر"! هذا الموقف الأميركي يثير كثيراً من
التساؤلات ليس فقط حول مستقبل سوريا
وسيناريوهات نهاية النظام هناك، وإنما
حول الحراك القائم في بعض الدول
العربية منذ بداية العام الماضي،
ويثير التساؤلات إن كانت سوريا هي حجر
الدومنيو الأخير الذي سيسقط نتيجة ذلك
الحراك العربي وسيوقف سقوط أحجار أخرى! الموقف الأميركي مثير للاندهاش والموقف
العالمي مثير للاشمئزاز. ففي الوقت
الذي تخلت فيه عن اثنين من أقرب
حلفائها(مبارك وبن علي)، فإنها مترددة
لدرجة "الشلل" تجاه الوضع في
سوريا على الرغم مما تراه من جرائم
يومية هناك، ورغم وقوع عشرة آلاف قتيل
تقريباً وعشرات الآلاف من الجرحى
والمفقودين. أما أوروبا التي كانت مندفعة للإطاحة
بالقذافي فإن كل ما فعلته أنها أضافت
عقوبات جديدة ضد البنك المركزي السوري
وجمدت أرصدته. وهذه العقوبات بعد
عقوبات أخرى. والولايات المتحدة توقفت
عن اتخاذ مواقف واضحة لكنها لا تتوقف
عن التصريحات فقد قالت إن الاستفتاء
الذي تم منذ أيام على الدستور الجديد
في سوريا يعبر عن "وقاحة مطلقة".
وما يبدو واضحاً أن الشعب السوري لا
يحتاج اليوم إلى الكلام بقدر حاجته إلى
أفعال سواء من الولايات المتحدة أو من
العرب الذين عبر عن رأي جزء منهم رئيس
وزراء قطر بتبني خيار تسليح المعارضة،
أما المملكة العربية السعودية فلها
موقف قوي جداً وواضح تجاه النظام
الحالي ونهايته، لكن كل ذلك لم يترجم
إلى أفعال بعد! لقد فشل مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في
تونس الأسبوع الماضي في بلورة رؤية
واضحة للتعامل مع الأزمة السورية، بل
وكانت له نتائج عكسية حيث كان القشة
التي قصمت ظهر المعارضة السورية
فقسمتها إلى جزأين: "المجلس الوطني
الانتقالي" والفصيل الجديد "جبهة
العمل الوطني لدعم الجيش الحر". ورغم
نفي هيثم المالح هذا الانشقاق وقوله
بأن الجبهة تعمل تحت مظلة المجلس وتهدف
إلى التنسيق مع الجيش السوري الحر، فإن
الخلافات في المعارضة لا يمكن
إخفاؤها، ومهما كانت التفاصيل فكل ما
يحدث وما يحاول العالم القيام به إنما
يكشف العجز العربي والعالمي في
التعامل مع الأزمة السورية والعجز عن
إنقاذ المدنيين والأبرياء السوريين
الذين يقتل منهم العشرات يومياً، وفي
نفس الوقت فإن ذلك العجز يجعل النظام
السوري أكثر ثقة في بقائه واستمراره
وبالتالي أكثر إمعاناً في تصفية
معارضيه في الداخل. المؤتمرات واللقاءات والاجتماعات
المتبادلة بين "أصدقاء سوريا"
مستمرة، فلابد أن أولئك "الأصدقاء"
قد يتوصلون إلى حل لإنهاء الأزمة في
سوريا ورحيل النظام، ففي مطبخ السياسة
طباخون يعرفون ماذا يفعلون. ما يهمنا وما يثير المخاوف لدينا الإجابة
على السؤال الأهم وهو: ماذا بعد رحيل
نظام بشار الأسد؟ ما هي السيناريوهات
المحتملة؟ من سيحكم ومن هو البديل؟ هل
البديل هو فاروق الشرع، نائب الرئيس
الحالي؟ أم عبد الحليم خدام، النائب
السابق للرئيس والمعارض الحالي لنظام
الحكم؟ أم سيكون رفعت الأسد عم الرئيس
بشار وشقيق الرئيس السابق؟ أم سيكون
برهان غليون رئيس المجلس الانتقالي
الذي يقبل برحيل الأسد وبحل مشابه للحل
اليمني؟ أم سيكون المعارض هيثم المالح
رئيس جبهة العمل الوطني لدعم الجيش
الحر الذي "انشق" وعشرين آخرين عن
المجلس الانتقالي الحالي؟ أم سيكون
أحد الرموز الإسلامية في سوريا؟ أم أنه
غير كل هؤلاء وسيتم التوافق عليه
شعبياً؟ أصدقاء سوريا مطالبون
بالإجابة على هذا السؤال حتى يكون
تحركهم واضحاً ويؤدي إلى النتائج
المرجوة. كما أنه من المهم توضيح في حال سقط النظام
الحالي وجاءت حكومة سورية جديدة على
غير هوى الدول العربية الداعمة لتغيير
النظام الحالي، هل ستحصل تلك الحكومة
على الدعم الذي ستحتاجه من أجل إعادة
البلاد إلى وضعها الطبيعي وإعادة
تدوير عجلة الاقتصاد وعلاج الجرحى
والمصابين وعلاج نفسيات الشعب
والأمهات الثكالى والأطفال اليتامى؟
هل سيقف العرب صفاً واحداً مع سوريا
الجديدة أم سيتركونها تواجه مصيرها
المجهول كما حدث مع العراق قبل تسع
سنوات، وكما يحدث مع مصر اليوم؟ منذ
أيام كان رئيس الوزراء المصري يشتكي من
تخلي الدول العربية عن دعم مصر وعدم
تقديم المساعدات التي وعدتها بها...
وهذا ما لا يتمناه أحد، لأنها ستكون
كارثة جديدة على العرب لا أحد يريدها. في لحظة تاريخية حرجة كهذه التي يمر بها
الشعب السوري من المهم أن يضع العرب
حساباتهم الشخصية ومواقفهم الآنية
جانباً ومن المهم أيضاً أن يضع الغرب
مصالحه المادية الاستراتيجية منها
وغير الاستراتيجية جانباً ويركز
الجميع على إيقاف شلال الدم الذي لا
يتوقف في سوريا. من خلال نظرة موضوعية على ما يحدث في
سوريا من الطبيعي أن يتساءل الجميع
وباستغراب شديد: أين الحماس الأميركي
والأوروبي والعالمي تجاه حقوق الإنسان
وحقوق الشعوب؟ لماذا لا نرى ذلك الحماس
الأوروبي منقطع النظير في ليبيا يتكرر
اليوم مع سوريا؟ هل كان الدم الليبي
أغلى عند الغرب من الدم السوري، أم لأن
النفط الليبي كان أكثر إغراءً؟ هل تخلى
العالم الغربي عن شعاراته الإنسانية
لهذه الدرجة التي يقبل أن يقف فيها
موقف المتفرج على قتل الأبرياء يومياً
وكل ما يفعله أن يفرض بعض العقوبات
الاقتصادية ويجمد بعض الأرصدة
الحكومية والشخصية؟ ================= تردّد أميركي في مقابل
حماسة أوروبية .. التناقض حيال سوريا
يُفقد الضغوط قوتها روزانا بومنصف 2012-03-01 النهار لا يبدو واضحا بالنسبة الى كثير من
المراقبين اذا كانت الولايات المتحدة
تعتمد مع سوريا الاسلوب نفسه الذي
اعتمدته مع ليبيا لجهة القيادة من خلف
مع وجود اوروبا وخصوصا فرنسا
وبريطانيا في واجهة التطورات في ليبيا
. اذ ان الولايات المتحدة التي اظهرت
ترددا كبيرا ازاء الدخول المباشر على
خط التطورات الميدانية في سوريا تبعا
للمواقف التي اطلقتها باكرا رئيسة
الديبلوماسية الاميركية هيلاري
كلينتون لا تزال تعطي مؤشرات متناقضة
في هذا الاطار الى درجة اعتقاد كثر ان
واشنطن تظهر متمهلة وصبورة في التعامل
مع النظام السوري على عكس ما اعتمدته
مع الرئيس المصري حسني مبارك ومع
الانتفاضات العربية الاخرى . فهناك
اختلاف في الاسلوب الغربي في مقاربة
الوضع السوري بحيث يصح من جهة القول ان
التقاء هذه الدول لا يعني اصطفافها من
ضمن الافكار كلها كأنها دولة واحدة
فيما الدول الغربية متعددة ولها مصالح
مختلفة ومتنافسة كما يصح ايضا القول
والاستنتاج ان هناك مقاربات متعددة
وتناقضا يفقد الغرب او المحور الداعم
للشعب ضد النظام السوري بعض الاوراق
المطروحة اهميتها. اذ ان البعض من
هؤلاء المراقبين يلفته تناقض في
المواقف على نحو يوحي بان اللغة ليست
موحدة بين الدول الغربية ازاء التعامل
مع ما يجري في سوريا. فازاء الحماسة
التي تبديها فرنسا خصوصا بين الدول
الاوروبية التي تتناقض بدورها في ما
بينها تظهر الولايات المتحدة ترددا
اكبر في مقاربة الامور وقد برز ذلك في
تقليل واشنطن من اقتراح فرنسا انشاء
ممرات انسانية آمنة لمد الشعب السوري
بالمساعدات كما برز اخيرا نقض العاصمة
الاميركية للتفكير الفرنسي في امكان
احالة الرئيس السوري بشار الاسد على
المحكمة الجنائية الدولية. فهذا
التناقض وان كانت اسبابه تكمن في وجود
عقبات امام تنفيذ هذه الاقتراحات
باعتبار ان هناك من يتجنب تكرار تجربة
العقيد الليبي معمر القذافي من خلال
مسارعة الغرب باقفال الخيارات امامه
بإحالته باكرا على المحكمة الجنائية
الدولية، فان هناك من يعتقد بان هذه
الاقتراحات او اي اقتراحات مماثلة لا
تصمد على نحو كاف ولاسابيع مثلا في
المداولات السياسية والاعلامية بما
يمكن ان تشكل ضغوطا كافية على النظام
في سوريا او على محيطه من اجل ان يشعر
هذا المحيط على الاقل بان الخيارات
امامه باتت محدودة في ظل احتمالات كهذه.
والامر نفسه ينسحب على الموقف
الاميركي من تسليح المعارضة السورية
بحيث سارعت كلينتون الى دحض هذا
الاقتراح على نحو يظهر وجود تخبط قوي
بين القوى الصديقة للشعب السوري وعدم
البحث جديا في الخيارات المتاحة
للمساعدة. وهذا على الاقل ما توحيه
المواقف المعلنة ولا تدحضه اللقاءات
التي تعقد لهذه الغاية مما يؤشر الى
اختلاف الاجندات وتعددها في التعامل
مع الازمة السورية حتى من ضمن الفريق
الواحد اي الفريق الداعم للشعب السوري
وليس فقط اختلاف الاجندات بين الدول
الداعية لتغيير النظام والاخرى
الداعمة له اي روسيا والصين وايران. ويعتبر المراقبون ان فرنسا تشعر بنفسها
معنية اكثر باظهار اهتمامها بما يجري
في سوريا قياسا على التجربة التاريخية
التي لها مع دول المنطقة وقد ساعدها
اندفاعها في ليبيا وتونس ولاحقا في مصر
في ان تخفف من وطأة وقوفها الى جانب
الانظمة التي ثار عليها شعبها بعدما
لقيت السياسة التي اعتمدها الرئيس
نيكولا ساركوزي مع قادة هذه الدول
انتقادات كبيرة لدى الرأي العام
الفرنسي. كما يعتبر هؤلاء ان
للانتخابات الفرنسية تأثيرها في هذا
الاطار شأنها في روسيا التي يرى
المسؤولون الفرنسيون ان موقف مرشحها
الرئيسي فلاديمير بوتين من سوريا قد
يتبدل بعد الانتخابات الروسية. وقد
اظهر توجيه وزير الخارجية الفرنسي
الان جوبيه دعوة الى الاقليات
المسيحية بعدم الخوف مما يجري وان
وجودهم وطمأنتهم موضوع متابعة وحرص من
فرنسا والدول الغربية في هذا الاطار ان
فرنسا هي اكثر تعاطفا وتفهما وموقفها
يستند تاريخيا الى كونها كانت لعقود
طويلة الام الحنون بالنسبة الى لبنان
من زاوية تقديمها الدعم للمسيحيين
سابقا ودعم وجودهم السياسي فيه. وهو
امر يمكن ان يساعدها علما ان احد ابرز
المشكلات لدى الغرب هو حض الاقليات على
الانفكاك عن الرئيس السوري وهناك تلاق
على محاولة العمل على طمأنة هذه
الاقليات. في حين ان الولايات المتحدة اظهرت ترددا
في السير حتى بالحماسة الفرنسية في
مجلس الامن لدى بدء البحث في ادانة
النظام السوري دوليا. وظهر ترددها اكثر
مع الكشف عن احتمال تورط القاعدة في
دعم المعارضة السورية ضد النظام او عن
احتمال ان يساهم تسليح المعارضة في دعم
القاعدة او حماس وفق التحفظات التي
ابدتها الوزيرة كلينتون على هذا
الاقتراح بحيث يغدو السؤال المطروح هل
ان الولايات المتحدة تتولى القيادة من
خلف او تتولاها مباشرة في الموضوع
السوري وفق ما يبدو باعتبارها معنية
اكثر بالموقع الجيوسياسي لسوريا من
حيث تأثيره على امن اسرائيل وخشيتها من
الفوضى التي يمكن ان تنشأ في دولة
مجاورة لاسرائيل ولا يمكن ان تتحكم بها. ================= علي حماده 2012-03-01 النهار أكثر ما تكشفه معركة بابا عمرو والاحياء
المحاذية الواقعة منذ أكثر من شهر تحت
نيران مدافع بشار الاسد ودباباته، ان
حفنة من الرجال المؤمنين بقضية محقة
انسانيا واخلاقيا تقوم على فكرة
النضال من اجل الحرية والكرامة،
يمكنها ان تدفع بنظام مدجج بالسلاح
ومستقو بجيش جرار الى الخروج عن طوره.
بالطبع، ان النظام في سوريا لا يحتاج
الى الكثير لكي يتحول سلوكه القمعي
نهجا يقوم على ارتكاب جرائم ضد
الانسانية مستمدة من إرث النظام
ومؤسسه حافظ الاسد الذي سبق ولديه الى
هذا النمط من القتل والاجرام، فقامت
جمهوريته فوق الجماجم. ولكن الفارق
الاكبر بين امس واليوم يتلخص في ان
الثوار اليوم يدركون حق ادراك ان فشل
الثورة هذه المرة سيعيد البلاد الى
السجن المديد، وسيعيد عصر العبودية
الذي ثاروا ضده في الاصل. هؤلاء يعرفون
تماما ان الهزيمة ممنوعة والفشل ليس في
الحسابات، فالمعادلة الوحيدة الممكنة
هي الانتصار او الاستشهاد. هذا تماما
ما يحصل في مدينة مثل حمص، وبالتحديد
في حي بابا عمرو حيث يؤثر الثوار على
القتال حتى الموت، على ان يستسلموا لان
النظام لن يقبل بأقل من ارتكاب مجازر
جماعية بحق الاهالي والثوار. نقول هذا في وقت يستدعي التفكير قليلا في
الاحتمالات المطروحة راهنا في حال
سقوط حمص: ١- يمكن سقوط حمص ان يفتح الباب لسقوط
كامل لكل الجوار الثائر، بدءا من
الرستن وصولا الى حماه، وبالتالي يتم
قطع التواصل بين شمال البلاد وجنوبها
لمحاولة تقطيع اوصال البلاد وتصفية
الثورة. ٢ - سقوط حمص سيعوق تقدم الثورة من
الناحية العملية، ويمكن ان يطيل من عمر
النظام ويمنحه وقتا اضافيا. ٣ - يتضح ان تعجيل بشار الاسد في حسم
الوضع في حمص مرده الى علمه ان القرار
هو تسليح المعارضة، ولا سيما "الجيش
السوري الحر"، ومن هنا حاجة النظام
الى التقاط انفاسه واشاعة جو من
التفاؤل في الاوساط المؤيدة له،
واخافة البيئات المترددة والتي صارت
على حافة الانقلاب عليه. ٤ - على مستوى الثورة، تدرك القوى
المعارضة ان سقوط حمص وما يرافقها او
سيعقبها من مجازر جماعية بحق المدنيين
والناشطين يعكس صورة الوضع مستقبلا
اذا ما تراجعت الثورة، وبالتالي فإن
تزخيم الثورة بعسكرتها صار الخيار
الوحيد المطروح لمواجهة نظام بشار
الأسد واسقاطه مهما كلف الامر. ٤ - ان سقوط حمص سيضع الدول العربية
المساندة للثورة، ومعها الدول الغربية
التي لا تزال تتردد في العسكرة، أمام
حسم امرها واتخاذ قرارات كبيرة، لأن
انتصار بشار الاسد ستكون له انعكاسات
خطيرة للغاية، ليس اقلها استتباب
النفوذ الايراني في المنطقة وترسخه
لأمد طويل بما يهدد امن المنطقة ومصالح
الغرب عموما. ان معركة حمص تختصر اليوم حربا عربية -
اقليمية - دولية، ونتائجها البعيدة
سترسم صورة المرحلة المقبلة. ================= أصدقاء حمص وأصدقاء
الشعب السوري رضوان السيد الدستور التاريخ : 01-03-2012 اختلفت الآراء بشأن مؤتمر أصدقاء سوريا
وما اقترحه أو اجترحه من حلول. فالواضح
أنّ النظامَ السوريَّ وأنصاره ما
حضروه، والنظام قال إنه لا يعترف
بمقرراته. أما المؤتمرون فانقسموا إلى
قسمين: قسم ما يزال مُصراً على الحلّ
السياسي بالأسلوب اليمني، وبالمبادرة
العربية- مع الاستمرار في زيادة الضغط
من طريق العقوبات والمقاطعة. والقسم
الثاني يرى أنّ المبادرة العربية حتى
لو طبّقها النظام السوري فإنها لم
تَعُدْ كافية. وإذا لم يكن من الممكن
ردع النظام عن القمع من الخارج بسبب
الفيتو الروسي بمجلس الأمن؛ فإنّ
المطلوب تسليح المعارضة بالداخل
بهدفين: حماية الشعب من قمع النظام،
ومن جهةٍ ثانية: إمكان الوصول إلى “ندية”
مع جيش الأسد وكتائبه بحيث يسقط النظام
في الصراع العسكري أخيراً. لقد كانت ردة فعل المجلس الوطني السوري
سلبيةً، إذ اعتبرت المؤتمر مخيِّباً
للآمال، لأنه ما أتى بحلٍّ فوريٍّ بعد
مُضيّ قرابة العام على القتل الذريع
بالداخل السوري. وخيَّب المجلسيين على
الخصوص اقتراح رئيس الجمهورية التونسي
حلاًّ في سورية على الطريقة اليمنية،
بإعطاء الرئيس السوري وعائلته ضمانات
قانونية في حالة التنحّي والمغادرة! إذ
لا أحد في المعارضة يريد أن يسمع شيئاً
عن نجاة الأسد من المحاسبة بعد عشرة
آلاف قتيل. بيد أنّ أنصار الحلّ السياسي يأملون من
وراء هذه “المسالمة” أن تقبل روسيا
التعاوُن، فيمكن إعادة الملفّ إلى
مجلس الأمن، واستصدار قرارٍ مُلْزِم،
يُضطر النظام لتنفيذه إن كان رأسُهُ
ناجياً. أمّا الذين لا يقبلون ذلك مثل السعوديين
والقطريين والأتراك والفرنسيين
فيقولون إنّ الأسد لا يستحقُّ أن يُعطى
جائزةً على ما فعله، ولا بُدَّ أن
يذهب، وبعد ذهابه يمكن التفاوُض بين
أنصاره وخصومه من المسلَّحين وغير
المسلَّحين! والواقع أنّ هذين الطريقين لا تعارُض
بينهما بل توازٍ، وقد يلتقيان. فقد
عيَّنت الأُمم المتحدة كوفي أنان
مبعوثاً مشتركاً عنها وعن الجامعة
العربية. وهو يجري مشاوراتٍ لوقف
العنف، وإجلاء الجرحى، ونقل ودفن
القتلى وإطلاق سراح المعتقلين، والنظر
في إمكان العودة لمجلس الأمن. وبعد
ثلاثة أسابيع سيجتمع الأصدقاء في
اسطنبول ليستمعوا إلى تقرير كوفي
أنان، وعندها ( ولجهة ما يترتب عليه)
إمّا أن تكون المهمة متجهةً للنجاح،
فيقرر المجتمعون باسطنبول التوجه إلى
المعارضة وإلى النظام للوصول إلى
منتصف الطريق، في الحكومة الوفاقية،
والمرحلة الانتقالية..الخ- أو يقول
كوفي أنان إنّ العنف مستمر، والسلطة
غير متعاونة، فتتجه أكثرية الحضور إلى
الخيار الذي طرحه الأمير سعود الفيصل،
ويجري تصعيد الصراع العسكري في
المؤتمر الذي ينعقد بباريس خلال ستة
أسابيع من الآن! وهكذا فإنّ نتائج مؤتمر أصدقاء سورية ما
كانت سيئة، وإنما أراد العرب أن يجمعوا
من حولهم دَعْمَ دول العالم، وإبقاء
خيارات السلم والحرب مُتاحة، لإرهاق
النظام تحت الضغط القاسي. وقد بدأت
ردود الجيش السوري الحر من مدة، فليس
هناك انتظارٌ أو تريُّث وإنما إقناع
المزيد من الدول أو الجهات بالمشاركة
الفاعلة. إنما على أيِّ حالٍ فإنّ
ثلاثة أسابيع أو ستة تعني مئاتٍ جديدةً
من القتلى والآلاف من المعتقلين
والنازحين والجرحى: { والله غالبٌ على
أمره، ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون}. ================= سورية لروسيا وإسرائيل
لأميركا... معادلة ضد الشعب السوري الخميس, 01 مارس 2012 عبدالوهاب بدرخان * الحياة يستحسن أن ننسى بسرعة نسب «الأصدقاء» الى
مؤتمر تونس بشأن سورية. في الأساس أخطأ
كل من نسي مقولة «المصالح الدائمة» - لا
الصداقات – أو اعتقد أن التعاطف مع
الشعب السوري واستنكار جرائم النظام
يمكن أن يصنعا سياسة مجدية في تفعيل
طموحات الحرية والتغيير. كان اجتماعاً
دولياً لإبداء النيات حيال سورية على
وقع «لا تدخل... لا تدخل»، ما يطرح
التساؤل: لماذا الاجتماع اذاً، طالما
أن الجميع قال ما عنده على مرّ الشهور،
ووسط مقتلة لا تزال في أوج عتوّها؟ وفي
انتظار المؤتمر التالي في اسطنبول (أو
مؤتمر باريس بعده)، تبدو حدود الارادة
الدولية في ما يتعلّق بسورية بالغة
الاحباط، اذ إنها بلونيها الروسي أو
الاميركي لا تزال تعطي النظام ترخيصاً
للاستمرار في القتل والتدمير. لذلك تسابق النظام والمعارضة، أو كادا،
الى القول بأن مؤتمر تونس كان ل «أعداء
سورية»، وبعض المعارضة قال انه ل «أصدقاء
النظام». سيبقى اللغو في الخارج،
وستبقى العقدة في الداخل، لكنها ستبقى
محكومة بمعادلة النار وما قد يطرأ
عليها من تغيير. سيستقوي النظام
بانكشاف عجز «الأصدقاء» ومخاوفهم،
وسيستقوي حلفاؤه ب «الاستفتاء على
الدستور» ليقولوا مع سيرغي لافروف إن
النظام «على الطريق الصحيح نحو
الديموقراطية»! فالحلفاء يعرفون أن
دستوراً واستفتاءً في مثل هذه الظروف
لا قيمة لهما، لكنهم يرحبون بما يعزز
مواقفهم ومصالحهم مهما بلغ غلوّها
اللاأخلاقي واللاإنساني. بات مفهوماً الآن لماذا حظي النظام
السوري بكل هذه الرعاية التي أعطته «الفرص»
تلو «الفرص»، ولماذا تمنحه الآن فرصاً
جديدة بل مفتوحة علّه يستطيع إنهاء
انتفاضة الشعب. فهذه سياسة (أو
استراتيجية) دولية ترى فيه ديكتاتورية
محمودة وواجبة الوجود، طالما أنها
تلتزم تعهداتها الخارجية (خصوصاً تجاه
اسرائيل) ولا ترتكب أخطاء النظام
العراقي السابق فلتفعل ما تشاء في
الداخل. فحتى ارتباط هذا النظام السوري
بإيران يُعامل اميركياً وإسرائيلياً
باعتباره معطىً لا يخلو من ايجابية،
فهو شكّل طوال العقدين الماضيين
تعويضاً للنظام عن سلام تستصعب
اسرائيل «أكلافه»، ثم أن هذا الارتباط
أتاح لاسرائيل أن تبتز اميركا وأوروبا
والعرب، علماً أنه يبقى أكثر ازعاجاً
للعرب بما أحدثه من انقسام عربي عميق
تستغلته ايران آنياً وتحتاجه الولايات
المتحدة وإسرائيل في التسويات
الاقليمية الحالية والمقبلة. في أي حال، سجّل الاميركيون (والاسرائيليون)
أن الأزمة التي غرق فيها النظام السوري
تحقق لهم مصلحة أكيدة، لأنها أضعفته
إقليمياً وأفقدته الأمان الداخلي،
وجعلته تحت رحمة الروس والإيرانيين بل
عبئاً عليهم. لذا قد يبحث هؤلاء عن
نهاية قريبة للأزمة اذا كانوا يريدون
فعلاً أن يكون لهم نفوذ دائم في سورية
ما بعد تظام الأسد. لكن دوافع روسيا
وإيران ومصالحهما ليست واحدة ولا
منسجمة دائماً، فطهران استثمرت في
العلاقة مع دمشق وفي دعم النظام ما
تعتبر أنه يؤهلها لإدارة انهاء الأزمة
بأقل الخسائر، أما موسكو المستعيدة
سوفياتيتها فلن تطمئن إلا الى تغيير
تصنعه هي في سورية وتشرف عليه، وسيكون
على طهران أن تتكيّف مع واقع كهذا. مثل
هذا السيناريو سيكون مرضياً ولو
جزئياً لواشنطن، أولاً لأنه يضمن
استمرار «الأمر الواقع» الاستراتيجي
في الشرق الأوسط، ثانياً لأنه يلزم
روسيا بإلزام محميّها النظام السوري «المعدّل»
دوام السلوك الحسن حيال اسرائيل،
ثالثاً والأهم أنه لن يكلفها وأوروبا
أعباء دخول مساومة مع موسكو، فإذا لم
يكن لسورية أن تقع تلقائياً في الفلك
الاميركي، فالأفضل أن تبقى في كنف
روسيا على أساس التفاهمات السابقة.
فهذا هو «التوازن الاستراتيجي» الذي
ارتضته الدولتان العظميان، وعلى أساسه
بنت اسرائيل خياري «السلام المستحيل»
مع سورية و «السلام غير العادل» مع
الفلسطينيين. قد تبدو هذه «الصفقة» مسمومة بالنسبة الى
روسيا. فهي لا تضطرها فقط لدعم نظام لم
يعد بقوته السابقة بل ان الأضرار التي
تراكمها للحفاظ عليه لا تساوي الفرص
المتبقية للاستفادة منه أو للمساومة
عليه. ذاك أن استبعاد التدخل العسكري (الغربي)
لإسقاط نظام بشار الأسد ضيّق أمامها
سبل ابتزاز المكاسب واستدراجها. صحيح
أن الصراع الذي خاضته مع الغرب مكّنها
من اثبات نفوذ لها في الشرق الاوسط،
إلا أنه نفوذ كان لها ولم يعد يفيدها في
أولوياتها الاستراتيجية في شرق اوروبا
ووسط آسيا (الدرع الصاروخية وشبكة
الرادارات)، وإذا لم تتمكّن من استخدام
سورية وإيران معاً في مساومات كبرى مع
دول الخليج ثم مع اميركا وأوروبا، فهذا
يعني أنها ستخرج خاسرة من الصراع
الحالي. إزاء دخول الأزمة السورية في أتون الصراع
الدولي التقليدي، تبدو المعارضة
السورية كأنها أمام حائط مسدود.
فالنظام عاود تشغيل التفاهم الضمني،
الاميركي – الروسي، كضمان لوجوده
واستمراره، ويبدو هذا «التفاهم»
متفاعلاً معه حتى الآن بعدما كان فشل
سابقاً في التفاعل مع النظامين
العراقي ثم الليبي على رغم المصالح
الروسية الضخمة في كلا البلدين. لم تكن
وزيرة الخارجية الاميركية مضطرة
للتذرع ب «القاعدة» أو «حماس» أو ب «اولئك
الذين على قائمتنا للارهاب ويقولون
انهم يدعمون المعارضة» أو حتى
احتمالات نشوب حرب أهلية... لتبرر اقصاء
الخيار العسكري ودعم تسليح المعارضة.
فالحجة الحقيقية اسمها «مصلحتنا
ومصلحة اسرائيل»، وإلا فما الذي يُقحم
«حماس» هنا وهي التي انسحبت تماماً من
سورية بعدما تكاثرت الضغوط على قادتها
«لإبداء التأييد والمبايعة للأسد»،
كما أن المخاوف من «القاعدة» لم تثنِ «الناتو»
عن دعم الثورة الليبية حتى تحقيق
هدفها، مع علمه بوجود ترسانة أسلحة
هائلة انتشرت سريعاً داخل ليبيا
وخارجها. أما «الحرب الأهلية» التي
تخشاها هيلاري كلينتون فهي التي يمكن
أن تغرق سورية في الفوضى، وهي احد
مخاوف اسرائيل، أما الحرب التي يخوضها
النظام ضد الشعب وبرعاية روسية -
إيرانية مكشوفة فتبدو كأنها مجرد «خسائر
جانبية». في كل هذه الحسابات الاقليمية والدولية،
ومنها مثلاً الرهان على أن «بوتين»
الرئيس - بعد انتخابه - سيكون غير «بوتين»
رئيس الوزراء في مقاربة الشأن السوري،
يبقى شعب الانتفاضة واستعداده المذهل
للتضحية العنصر الذي لا يعرف النظام
ولا القوى الدولية كيف يمكن تصريفه أو
التصرف معه، فكلما أرخى الخارج الحبل
الملتف حول رقبة النظام، أحكمت
الانتفاضة شدّه. حان للمعارضة بمجلسها
الوطني وتياراتها كافة أن تجد السبيل
لتثمير تضحيات شعب الانتفاضة فلا تذهب
سدىً. * كاتب وصحافي لبناني ================= مؤتمر تونس.. «أشبعتهم
شتما وفازوا بالإبل»!! صالح القلاب الشرق الاوسط 1-3-2012 لأن نتائج اجتماع «أصدقاء سوريا»، الذي
انعقد في تونس يوم الجمعة الماضي
بمشاركة سبعين دولة، قد جاءت محبطة
ومخيبة للآمال مثلها مثل نتائج ذلك
الاجتماع الوزاري العربي الذي كان قد
انعقد في الرباط وحضره وزير الخارجية
التركي أحمد داود أوغلو ولأنه لا تجوز
المراهنة على اجتماع اسطنبول المماثل،
الذي من المفترض انعقاده بعد نحو
أسبوعين، ولا على الجامعة العربية
التي ثبت أنها بلا حول ولا قوة وأنه
ينطبق عليها ذلك المثل القائل: «العين
بصيرة واليد قصيرة»، فإنه لا بد من
إيقاف كل هذه المحاولات الكسيحة ولا بد
من الاتجاه نحو سياسة المحاور إن لجهة
إعداد وتسليح «الجيش السوري الحر» وإن
لجهة القيام بضربات عسكرية منتقاة
ومميزة لتقريب لحظة انهيار هذا النظام
الذي بعد تجربة نحو عام بأكمله ثبت أنه
لا يفهم لغة الحلول العقلانية. لم يترك العرب - إن من خلال جامعتهم
العتيدة وإن من خلال بعض المبادرات
الفردية - بابا إلا وطرقوه من أجل إقناع
بشار الأسد بخطورة الطريق الذي يسلكه،
وأنه - لتجنب أسوأ الاحتمالات وتجنيب
هذا البلد العربي المحوري مخاطر
الانقسام والحرب الأهلية المدمرة - لا
بد أن يستمع لصوت العقل وأن يأخذ
العِبر من النهايات التي انتهى إليها
الذين سبقوه من زين العابدين بن علي
إلى حسني مبارك إلى العقيد معمر
القذافي إلى علي عبد الله صالح ويستجيب
للذين يعرضون عليه بعد أن فقد شرعيته،
هذا إذا كان يتمتع بالأساس بأي شرعية،
أن يضع حدا لكل هذه الأفعال الجنونية
وأن يقبل بالتنحي والمغادرة والاتفاق
على المرحلة الانتقالية الضرورية
المطلوبة. لكن هذا الشاب رفض كل هذه المحاولات وبقي
يركب رأسه واستمر في رفض كل مبادرات
وعروض الحلول بالوسائل السلمية، بما
في ذلك المبادرة العربية التي غدت مضرب
مثل على الواقع المزري الذي وصل إليه
العرب ووصلت إليه جامعتهم، واختار أن
يواجه انتفاضة شعبه، التي بدأت في درعا
قبل نحو عام بمطالب متواضعة ومعقولة
وممكنة التنفيذ، بالعنف وبالحديد
والنار وبفيالق المرتزقة من مجرمي
السجون ومن الذين استقدموا بدوافع
طائفية وللأسف من ضاحية بيروت
الجنوبية ومن فيلق القدس الإيراني ومن
بعض الميليشيات العراقية ذات اللون
الطائفي، وكل هذا بالإضافة إلى
الاستعراضات الحربية البحرية لقطع
إيرانية وروسية. لم يستمع بشار الأسد لكل الذين قالوا له
إن عليه ألا يعتمد على التشجيع الروسي
والإيراني، حيث هناك حسابات إيرانية
وروسية خاصة تريد كل واحدة من هاتين
الدولتين تحقيقها حتى وإن جرى تدمير
سوريا كلها وإن أُبيد الشعب السوري عن
بكرة أبيه، وإنه من الأفضل له - حتى لا
تكون نهايته كتلك النهاية المزرية
والمأساوية التي انتهى إليها القذافي -
أن يبحث عن مخرج للأزمة التي وصلها
وأوصل إليها بلده وأن يمد يده ويلتقط
مبادرة الجامعة العربية قبل أن تزداد
الأمور تعقيدا ويصبح الحل الوحيد الذي
لا غيره حل هو القوة العسكرية إن من
جانب المجتمع الدولي وإن من جانب
المعارضة السورية. كان على بشار الأسد، الذي وصل به الغرور
حد الاعتقاد بأن الزمان لم يَجُد بمثله
منذ بداية الخليقة وحتى الآن، أن يدرك
أن هذا التدخل الروسي في الشؤون
السورية الداخلية، بالمواقف السياسية
واستخدام «الفيتو» في مجلس الأمن
وبالسلاح والقطع البحرية التي ترابط
في طرطوس له أهداف لا علاقة لا لسوريا
ولا للشعب السوري بها، أولها الحفاظ
على نظامه خدمة للتوجهات الإسرائيلية
التي تريد استمرار الهدوء المتواصل
منذ نحو أربعين عاما في هضبة الجولان
وخطوط التماس ووقف القتال، وثانيها
استمرار الاقتتال الداخلي لسنوات
طويلة كي يأكل هذا البلد الذي هو أحد
بلدان المواجهة نفسه من الداخل،
وثالثها الإثبات للأميركيين أن هناك
قطبا دوليا يرفض الانصياع لأوامرهم
والتلاؤم مع توجيهاتهم، أما رابعها
فهو استخدام الأزمة السورية رقما
ضاغطا لتغيير المعادلة القائمة الآن
إن بالنسبة لجدار الصواريخ المنصوب في
تركيا وبعض دول أوروبا الشرقية وإن
بالنسبة لنفط بحر قزوين وأيضا إن
بالنسبة لأوضاع الدول التي كانت ذات
يوم جزءا من الإمبراطورية السوفياتية
التي انهارت نتيجة التآكل الداخلي في
بدايات تسعينات القرن الماضي. وكذلك فإنه كان على بشار الأسد أن يدرك
أنه لا يستطيع الاستمرار في التحالف مع
إيران وفقا للصيغة التي كان قد «حبكها»
والده في ظروف إقليمية ودولية هي غير
هذه الظروف التي استجدت بعد غزو عام 2003
وإسقاط نظام صدام حسين. فالمنطقة لم
تبقَ على ما كانت عليه والعرب كلهم
باستثناء نظامه وأنظمة بعض «المؤلفة
قلوبهم» باتوا في مواجهة مع المشروع
التمددي الإيراني، ثم والاهم من هذا
كله أن الشعب السوري الذي أوصله ضغط
السنوات الماضية الطويلة إلى هذا
الانفجار لا يمكن أن يقبل بعمليات
تغيير هويته وتحويل بلده من «قلب
العروبة النابض» إلى ملحق ب«قم» و«طهران»
وبالولي الفقيه وبفيلق القدس!! وحراس
الثورة الإيرانية. إن كل هذا لم يحصل إطلاقا وإن بشار الأسد
المحشو رأسه بأوهام أنه مبعوث العناية
الإلهية وأنه قادر على اغتيال ثورة
الشعب السوري التي انطلقت شرارتها من
درعا كما كان والده قد اغتال ثورة «حماه»
في عام 1982 في تلك المذبحة المرعبة،
ولذلك فإنه وجد نفسه، وقد اعتمد منذ
البداية على القوة العسكرية الغاشمة
والبطش البدائي ورفَضَ كل محاولات
الإنقاذ التي قام بها بعض العرب وقامت
بها الجامعة العربية، في هذا المأزق
الذي يعيشه ووجد أن نهاية حكمه قد
أصبحت قريبة وأن مصيره، إن هو لم
يتدارك الأمور في اللحظة الأخيرة وهو
لن يتداركها، سيكون في أفضل الأحوال
وأحسنها كمصير صدام حسين إن ليس كمصير
معمر القذافي. ويبقى هنا أنه لا بد من أن يدرك العرب
الذين تحولت مبادرتهم إلى ما يشبه: ألهى بني تغلب عن كل مكرمة قصيدة قالها عمرو بن كلثوم أنهم إن هم بقوا يمضغون كلام هذه المبادرة
ويحاولون تسويقه على بشار الأسد،
فإنهم سيصبحون مجرد شهود زور على دمار
بلد عربي يحتل مكانة أساسية في الواقع
العربي قديمه وجديده وأن التاريخ
سيدينهم كمشاركين في جريمة دفع سوريا
إلى التمزق والانقسام والحرب الأهلية. لقد كان مؤتمر «أصدقاء سوريا» الأخير، و«اللهم
احمني من أصدقائي أما أعدائي فإني كفيل
بهم»!!، دلالة على أن هذا البلد العربي
الذي ابتلى بسلسلة انقلابات عسكرية
تواصلت خلال ثلاثة عقود وأكثر ذاهب إلى
الانهيار والحرب الأهلية إذا بقي نبيل
العربي يسوِّق مبادرة هذه الجامعة
التي هو أمينها العام وإذا بقي العرب
ومعهم أصدقاء سوريا يكتفون بالمساعي
الترقيعية القاصرة وبإطلاق تصريحات
الشتم العرمرمية والمثل يقول: «أشبعتهم
شتما وفازوا بالإبل»، ولهذا فقد جاء
تأكيد خادم الحرمين الشريفين الحازم
والحاسم ردا على الرئيس الروسي
ميدفيديف: «إن المملكة العربية
السعودية لا يمكنها إطلاقا أن تتخلى عن
موقفها الديني والأخلاقي تجاه الأحداث
الجارية في سوريا وإن الحوار الذي دعت
إليه روسيا لم يعد له جدوى». ولهذا أيضا وجد وزير الخارجية السعودي
الأمير سعود الفيصل أنه لا بد من
الانسحاب من اجتماع أصدقاء سوريا بعد
أن تحول إلى مهرجان استجداء للمساعدات
الإنسانية ووجد أنه لا بد من التأكيد
على أنه لم يعد هناك أي حل غير حل نقل
السلطة من هذا النظام الذي أصبح محتلا
وغير شرعي «إما طوعا أو كرها» والدعوة
إلى تسليح الجيش الحر وتأمين الحماية
للشعب السوري الذي بقي يتعرض على مدى
عام كامل إلى عمليات تقتيل وإبادة وهنا
فإنه لا بد من قول الحقيقة والتشديد
على أن إنقاذ سوريا من الذهاب إلى
التشرذم والانقسام والحرب الأهلية لا
يمكن أن يكون بالاكتفاء بشتم هذا
النظام الذي تمادى في إجرامه ولا
بالاستمرار بتسويق مبادرة الجامعة
التي غدت مستهلكة وبلا أي قيمة بل
بالتدخل العسكري على غرار ما جرى في
ليبيا وما جرى في ساحل العاج وكوسوفو
وفي البوسنة والهرسك خلال انفجار
المنطقة البلقانية. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 1-3-2012 تتأمل بعض ما يردد في منطقتنا، على كافة
المستويات، حول سوريا، فتصاب بالحيرة؛
هذا يبرر، وهذا يشكك، وذاك يحاول
التذاكي، فتشعر أنك أمام حالة عصية على
الفهم، حالة عربية بامتياز، وهي حالة
اللاحلول، أو على طريقة نبيه بري
البائسة «لا غالب ولا مغلوب»، وهي ما
أسميه الميوعة السياسية. رأيناها يوم احتل صدام حسين الكويت، وفي
لبنان مع أكبر العملاء حزب الله يوم
افتعل حروبا لا مبرر لها، ويوم احتلاله
بيروت، ويوم اخترع بدعة الثلث المعطل،
حيث رأينا له مؤيدين عربا يعتبرون
أنفسهم نخبا. والأمر نفسه ينطبق على
حماس التي انقلبت على السلطة بالسلاح،
ووجدت أيضا من يبرر لها، ويدافع عنها،
علما بأننا أمام حالة فريدة، وهي
انقلاب مسلح تحت الاحتلال! حالة عربية
بامتياز، حالة اللاحسم، واللامنطق،
ففي العراق خسر المالكي الانتخابات
لكنه يحكم، وفي لبنان يطعن ابن الكتلة
كتلته ليحكم فيقال لنا إننا أمام «تدوير
الزوايا»! حالة عربية مترهلة،
ومهزومة، تقودها النخب، ولذا فنحن من
سيئ إلى أسوأ، فمن جمال عبد الناصر إلى
صدام، ومن حسن نصر الله إلى بن لادن،
وهذا ليس كل شيء، فديمقراطيتنا مشوهة،
ومثلها جمهورياتنا، فلا هي جمهورية
ولا هي ملكية، وهذا ما ينطبق على نظام
الأسد، الأب والابن. وهنا دعونا نتوقف أمام هذه الحالة
الديكتاتورية الجنونية، ونقارنها بما
فعلته بنا إسرائيل حديثا، وأقول حديثا
لأننا نتحدث عن آخر خمس سنوات، وخصوصا
حربي لبنان وغزة، حيث هب العالم لتوقف
إسرائيل عدوانها على لبنان عام 2006،
وتوقفت الحرب بعد قرابة شهرين، وراح
ضحيتها ألف ومائتي لبناني، والأمر
نفسه في غزة، وتقريبا بنفس عدد
الضحايا، ففي كلتا الحربين هب الرأي
العام العربي، وخرجت قوائم أصدقاء
إسرائيل المزورة، وبتدبير من النظام
الأسدي، وتاجر بعض الساسة العرب بتلك
المأساة، ومن أبرزهم الأسد، لكننا لم
نسمع أحدا قال، حتى الآن، لماذا حدث ما
حدث؟ ولمصلحة من؟ ومن يتحمل
مسؤوليتها؟ حروب ومرت! واليوم في الحالة الأسدية، فها هم
السوريون يقتلون حرقا كما نرى على
شاشات التلفزيون، وعلى مدى عام كامل،
وليس شهرين، وقتل منهم ما يفوق
الثمانية آلاف، وهدمت قوات طاغية دمشق
المساجد، وفتكت بالأطفال، ونكلت
بجثثهم، ومثلهم النساء، والطاعنون في
السن، فقط ليبقى الأسد في الحكم. ورغم
كل ذلك نجد بيننا من يسوف، دولا،
وساسة، وإعلاميين، ومؤسسات إعلامية،
وكأننا، كعرب، نقول إنه إذا كان القاتل
عربيا فهذا أمر يمكن تقبله، أما إذا
كان إسرائيليا فلا بد أن نهب هبة رجل
واحد! أمر محزن، ومخز، حين يخرج مثل حسن
نصر الله، وبلا حياء، ليدافع عن الأسد! وعليه، فإذا قارنا الأسد بإسرائيل فإننا
سنكتشف حجم النفاق المستشري في
منطقتنا، وأحد أهم مصادره نظام الأسد،
الأب والابن، الذي عاش على كذبة
المقاومة، وغيرها، ولذا فإن إحدى
حسنات رحيل هذا الطاغية هي قطع دابر
النفاق في منطقتنا، وأكبر رموزه هو
نظام الأسد. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |