ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من يتحمل مسؤولية ما
يحدث في سورية؟ 2012-03-04 الوطن السعودية كلمة المملكة ودول الخليج في الجمعية
العامة للأمم المتحدة التي ألقاها
السفير السعودي عبدالله المعلمي أول
من أمس حول سورية والتي أكد فيها أن
المملكة ودول الخليج على أتم استعداد
لأن تكون في طليعة أي جهد دولي تجاه
سورية؛ عبرت بما لا يدع مجالا للشك أن
دول الخليج باتت لا ترى مناصا من تحرك
المجتمع الدولي ولو بالتدخل المباشر
لإنقاذ سورية، من الجرائم الإنسانية
التي ترتكب بحق أهلها، ونحن نرى مدينة
مثل حمص تدخل شهرها العاشر من الحصار
والقصف المستمر. إن الدور الأساس اليوم يقع على عاتق مجلس
الأمن، وهو المجلس المنوط به حفظ السلم
والأمن العالميين، وكلمة المملكة حملت
المجلس بوضوح المسؤولية تجاه ما يحدث
في سورية، ولعله بات من الواضح أن
روسيا هي من تتحمل بجلاء هذه المسؤولية
كونها أبرز حليف للنظام السوري ومن
يدعمه سياسيا، وعلى روسيا أن تعي اليوم
أن موقفها هذا سيخسرها العالم العربي
بأجمعه، فكما أوضحت كلمة المملكة في
الأمم المتحدة، أن السؤال ليس حول
احتمال سقوط النظام السوري وإنما فقط
حول توقيته. ستنعقد اليوم الأحد الانتخابات الرئاسية
في روسيا بتوقع فوز ساحق لرئيس الوزراء
والرئيس السابق فلاديمير بوتين المرشح
الأبرز في هذا الانتخابات، وقد سبق أن
توقع العالم هذه الخطوة بعد انتهاء
مدته السابقة، حيث ينص الدستور الروسي
على أن فترة الرئاسة مدتين متتاليتين
فقط ولذلك دفع بوتين بمدفيديف الذي كان
نائبه سابقا لرئاسة روسيا كنوع من
إحكام السيطرة على المقعد ومنع أي خصم
من تسنم الرئاسة، وبوتين من خلال قيامه
بهذا الأمر خلق جبهة معارضة كبيرة له
تمثلت في أحد أكبر الاحتجاجات التي
شهدتها روسيا منذ أعوام بعد إعلان
ترشحه. روسيا ستدخل في نفق صعب خلال السنوات
القادمة بسبب توسع جبهة المعارضة
لبوتين الذي بات ينظر له على أنه
ديكتاتور في زي ديمقراطي، وموقف روسيا
وبوتين على الأخص من سورية سيلعب دورا
كبيرا في موقف العالم منه ومن
انتخاباته، ولعله آن الأوان لروسيا أن
تراجع مواقفها قبل أن تجد نفسها في ذات
المنزلق. ================= رأي الراية الراية 4-3-2012 يُعدّ لجوء النظام السوري إلى الإعدامات
الميدانية في مواجهة الثورة الشعبية
العارمة التي تشهدها المدن والبلدات
السورية دليلاً آخر على إفلاس النظام
الذي فشل في إخماد الثورة السورية
المطالبة بالديمقراطية والتغيير. إن قيام النظام السوري بإطلاق القذائف
على التظاهرات السلمية المطالبة
بالتغيير كما حدث في مدينة الرستن حيث
قُتل 12 شخصاً بينهم خمسة أطفال وقيامه
بإعدام نحو 10 أشخاص بالرصاص. ميدانياً
ودون محاكمات في حي باباعمرو في مدينة
حمص، بعد حملة اعتقالات شملت الذكور
بين 14 وخمسين عاماً حسب المرصد السوري
لحقوق الإنسان يُؤكّد هول الجرائم
والانتهاكات التي باتت أجهزة النظام
ترتكبها بحق أبناء الشعب السوري. كما أن الشهادة التي قدّمها المصور
البريطاني بول كونروي الذي كان في حي
باباعمرو الذي تحدّث عن "مذبحة
عمياء" ترتكبها قوات النظام السوري
ضد المدنيين هناك تستدعي من المنظمات
الحقوقية الدولية البدء في اتخاذ
إجراءات لمحاسبة رموز النظام السوري
لمسؤوليتهم عن الجرائم ضدّ الإنسانية
التي تُرتكب يوميّاً في المدن
والبلدات السورية. التدخّل الإنساني الدولي في سوريا بات
ضرورة ملحة تجاه استمرار النظام في
استخدام العنف والقتل ضد المدنيين
وتجاه مماطلتها في إدخال المساعدات
الإنسانية الدولية الغذائية والطبية
إلى المدن والبلدات السورية المحاصرة
وهو ما يتسبّب في موت العشرات من
المصابين بسبب غياب الرعاية
والتجهيزات الطبية وفي تشريد مئات من
الأسر والعائلات من بيوتها. مماطلة النظام السوري المستمرّة تسبّبت
في منع إدخال موكب قوامه سبع شاحنات
تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر
والهلال الأحمر العربي السوري محملاً
بمواد غذائية وطبية وأغطية وحليب
للأطفال ولوازم أخرى. وهو ما اعتبره
رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر
جاكوب كيلنبرغر "غير مقبول". إن المسؤولية الأخلاقية تقع على عاتق
المجتمع الدولي في الضغط على القيادة
السورية للسماح بإدخال المساعدات
الإنسانية إلى مدينة حمص لنجدة
المواطنين المتضرّرين من أعمال العنف
في البلاد فمنع إدخال هذه المساعدات
تُعدّ جريمة وانتهاكاً فاضحاً
للمواثيق والمعاهدات الدولي الخاصة
بحقوق الإنسان بما يستدعي محاسبة
النظام السوري . ================= دعم الشرق.. ونفاق الغرب
بالشأن السوري!! يوسف الكويليت الرياض 4-3-2012 ضُخم حجم
القاعدة لدرجة أن المخاوف من بدايات
الثورات العربية، انحصرت الرؤية بأنها
القوة المرشحة لاحتلال الساحات
العربية، وهذه المبالغات استطاع الأسد
أن يرعب بها أوروبا وأمريكا بأن البديل
عنه تطرف قاعدي قادم، بينما لو عدنا
لسجل نظام الأسد، فإنه أكبر من درب
ودعم، واستورد الشباب العربي لزرع
خلايا القاعدة في العراق، ومن ثم لبنان
بعد طرد نظامه منه.. روسيا التي تحاول التلاعب بين التأييد
المفتوح لنظام الأسد، واسترضاء العرب
باجتماع مع دول مجلس التعاون الخليجي،
تختلف الغاية منه، فأحد مسؤوليها في
اجتماع مع إسرائيليين قال إن بقاء نظام
الأسد لمصلحتكم، ومثل هذا السر الذي تم
ترويجه من خلال صحف إسرائيل وإعلامها
يؤكد أن الأطراف الأخرى في أوروبا
وأمريكا، تستطلع رأي إسرائيل قبل ما
قدمته الدول العربية من مشروع،
وبالتالي فروسيا حتى لو طرحت نقاطا
تستهدف حلولا آنية، فقد خرجت من
المعادلة بعد اتخاذها، مع الصين (الفيتو)
وبالتالي فالدول الخليجية تدرك مسبقاً
أن اللعبة الدبلوماسية انتهت وأن
العالم كله، عداها، يقف بصف الشعب
السوري ومن المستحيل تغيير هذه
النظرة، أو استبدالها بما يبيض وجه
الروس.. الموقف العربي، بعد اجتماع أصدقاء سوريا
في تونس، تراجع، والغريب أن الدولة
المضيفة هي من خلق فوضى عدم نجاح
المؤتمر لتخرج بصوت أنها تقبل الأسد
لاجئاً بها، وهي كلمات رمزية لأمر
مستحيل، فما جرى من إبادة لبابا عمرو،
أكد أن النظام ليس لديه حلول بديلة عن
القوة، لكن الرفض الشعبي المتزايد
والذي يواجه الموقف بشجاعة نادرة، لا
يمكن السيطرة عليه بنوازع البطش
والتنكيل.. إذن اللعبة دخلت محور روسيا والصين
وإيران من جهة، وكل من هذه الدول تطرح
بعد القضية من خلال مفاهيم مواجهة
الغرب على المواقع الحساسة بالمنطقة،
ومنها، سوريا، والطرف الغربي لا يقل
خبثاً، فهو استفاد من موقف تلك الدول
بإشاعة العداء للنظام العربي برمته،
وتنظر إلى تفاعل الأحداث بأنها ضد توجه
الحلفاء مع سوريا، لكن نفاقها لا يقل
سوءاً، فهي اختارت طريق التصريحات
والقول بأن نظام الأسد ساقط بفعل ما
يجري في الداخل، لكنها تعترض على تزويد
الجيش الحر بالدعم العسكري وربما
منعته من التسرب من حدود عربية وتركية،
وهناك سيناريو ما وصف بالتعاون مع
الداخل السوري، أي أن الأعباء
الاقتصادية سوف تتضاعف وان احتمالات
قيام انقلاب عسكري من داخل النظام هو
مرتكزها بالتغيير حتى تتجنب احتمالات
قفز الإسلاميين، أو ما تحدث عنه الأسد
وصول القاعدة للحكم، وهذه مبررات لم
تمنعهم من الدخول، وبقوة في ليبيا.. الربيع العربي بدءاً من تونس فليبيا،
فمصر لم يشهد حضوراً للقاعدة بشكل
يصورها وكأنها متغلغلة بالشارع
العربي، وعدا اليمن، فإن كوابيس هذه
الأشباح لا توجد إلا في المخيلة
الغربية، لكن الدافع بعدم دعم الثورة
السورية، يأتي، كما قلنا من رغبة أو
رفض إسرائيل إعطاء الإذن لمثل هذا
الدعم واتفاقه مع تحليلها ورؤيتها. ================= الثورة السورية والحصار
الموهوم د. وائل مرزا الأحد 04/03/2012 المدينة تدخل الثورة السورية اليوم مرحلة جديدة
في خضمّ تحدٍ ثقافي واجتماعي وأمني
وسياسي كبير. ينبع هذا التحدي ابتداءً
من محاولةٍ شرسة لمحاصرة الوعي السوري
بين فكّي (كمّاشة) حضارية تهدف لإشاعة
اليأس والحيرة بخصوص أدوات وملامح هذه
المرحلة. وإذ كان من مباعث فخر تلك الثورة وملامحها
المضيئة إصرارُها على السلمية لمدةٍ
تقارب العام الكامل، فإنها توضع اليوم
في مقام الاتهام بتخلّيها عن تلك الصفة.
يُطلق البعض، حتى ممن يسمون أنفسهم
معارضة سورية، الاتهام بشكلٍ مباشر.
يتجاهل هؤلاء كل ممارسات النظام
الوحشية ومذابحه المتكررة وينظرون إلى
الحدث بعينٍ واحدة.يتجاهلون حق الشعوب
في الحياة، لانتحدث هنا عن حياةٍ حرةٍ
كريمة وإنما عن مجرد (الحياة) دون وصفٍ
أو إضافة. لايقدمون أي بديل يندرج في
إطار الحفاظ على تلك الحياة، أو
التعامل مع وحشية النظام، سوى كلمات
الإدانة الملتبسة بتأكيدهم على ضرورة (سلمية)
الثورة، وبشكلٍ يكاد يكون عدمياً
وبعيداً عن كل معطيات الواقع وحقائقه
الواضحة. لكن المشكلة تصبح أكبر حين ترى كيف يؤثر
الضغط النفسي الناجم عن ذلك الحصار
الموهوم حتى على معارضين يُفترض أنهم
حسموا أمرهم في دعم الثورة وعونها على
تحقيق أهدافها بدءاً بإسقاط النظام
وصولاً لإقامة سورية الجديدة. يتقدّم
هؤلاء مرةً ويتراجعون مرةً أخرى.
يُعطون تصريحاً واضحاً ثم يصدر عنهم
تصريحٌ آخر يكون في أحسن الأحوال حمّال
أوجه. لسنا هنا في معرض الإدانة على
الإطلاق، ونحن ندرك حجم التعقيد
والحسابات المطلوبة فيما يتعلق بهذه
القضية بغضّ النظر عن الأحكام
المستعجلة لدى بعض من يُسارع للإدانة
والاتهام. وندرك أيضاً حجم المداخلات
الدولية التي تريد أن تستغل الظرف
وتتلاعب بالورقة بشكلٍ أو بآخر. لكن
خطورة المرحلة وحساسيتها يقتضيان
إنجاز تلك الحسابات بشكلٍ مدروسٍ
وعاجل، واتخاذ قرارات تتعامل مع
متطلبات المرحلة بكل حسمٍ وقوة. إن كرة الثلج السياسية والأمنية المتعلقة
بهذا الموضوع تتدحرج بشكلٍ كبير. فالكل
يراهن، والكل يرمي بجميع أوراقه على
طاولة اللعبة السياسية، والكل يحاول
أن يرفع وتيرة الصخب والضجيج السياسي
والإعلامي إلى أقصى حد ممكن، سواء كان
ذلك بشكل مباشر أو عبر الوكلاء
والوسطاء. لهذا، يُصبح مطلوباً من
أصحاب العلاقة الأساسية بالموضوع أن
يحسموا أمرهم ويمتلكوا زمام المبادرة.
وفي مقدمة هؤلاء المجلس الوطني السوري. لايجوز السماح لأحد أن يضع الثورة
السورية في هذا الحصار الموهوم. ليس
مقبولاً أن توضع الثورة وأهلها بين
فكّي (الكمّاشة) المزعومة. فإذا
اختاروا الدفاع عن حياتهم وأهلهم
ومدنهم وقراهم في وجه آلة البطش التي
لاتعرف حدوداً إنسانية، يوضعون في
خانة أعداء السلمية الثورية. لايصحّ أن
يقع في هذا ساسةٌ ومثقفون يُدركون
حقيقة مايجري على أرض الواقع بعيداً عن
مثاليةٍ مُفرطةٍ ليس لها مكان في هذا
الواقع. ومن الجانب الآخر، فإن التعامل المطلوب
مع المرحلة الجديدة من الثورة، والتي
يمكن أن نسميها مرحلة المقاومة
الشعبية المسلّحة، لايجب أن تكون
عمليةً عشوائيةً يغلب عليها طابع
الحماس والعفوية ومحاولة البحث عن (حلٍ)
بأي ثمن، وبغضّ النظر عن أي حسابات..
فالضغط النفسي المشروع الناجم عن حجم
القتل والترويع والتدمير الذي يمارسه
النظام يمكن أن يوقع الكثيرين في هذا
الفخّ. ثمة قوانين وتقاليد وضوابط لهذه المرحلة
الجديدة يجب أن يتمّ وضعها والاتفاق
عليها والعمل وفقها. وأهم هذه الضوابط
يتمثل في أن يجري العمل فيها باحترافٍ
ومهنيةٍ يدركها أهل الاختصاص. وأن تتم
تحت السقف الوطني الخالص بعيداً عن
محاولة وضعها تحت أي أجندات جانبية.
وأن تبقى في نهاية المطاف محكومةً
بالقرار السياسي. لكن هذا يقتضي مرةً أخرى تصدّي المجلس
الوطني تحديداً للعملية بشكلٍ عاجلٍ
وجديٍ ومدروس. سيما وأن دولاً عربية
صرّحت علناً أنها مع هذا التوجه بطريقة
واضحة، وأنها لن تتوانى عن تقديم كل
أنواع الدعم والمساعدة، وفي مقدمتها
المملكة العربية السعودية ودولة قطر.
وإلا فإن أي تأخير من أصحاب العلاقة،
مهما كانت دواعيه، سيكون مدخلاً
لفلتان الأمور على كثيرٍ من المستويات. من الواضح أن الثورة السورية متروكةٌ
عملياً لتتدبر نفسها بأهلها على الأقل
بالنسبة للمجتمع الدولي. ولا ينبغي
الدخول في ممارسة توجيه الاتهامات
والشتائم لهذا المجتمع على موقفه
المخزي من الثورة السورية، فالجميع
يعلم أن له حساباته ومصالحه التي يتحرك
وفق أجندتها. وإذا كان ثمة دورٌ
للاستجابة لنداءات المبادىء فإنها
لاتتجاوز الاستجابة الإعلامية
القائمة على التصريحات المضادة للنظام
السوري أكثر من أي شيء آخر. هناك رأي يقول أن المجتمع المذكور يغفل عن
خطورة التصعيد الحاصل في سورية، وكيف
سيؤثر سلباً على مصالحه في نهاية
المطاف. قد يكون هذا صحيحاً، وأحداث
التاريخ القريبة والبعيدة تدعم هذه
المقولة. فأن يكون الغرب مثلاً قادراً
على امتلاك مؤسسات الأبحاث والدراسات،
وأجهزة الاستقراء والرصد والتحليل،
لاتعني بالضرورة أنه كان دائماً يخرج
من أبحاثه ودراساته بالقرارات
الصحيحة، حتى فيما يتعلق بمصالحه.
والأزمات التي مرّت وتمرّ بها أمريكا
وأوروبا في السنوات الأخيرة، سياسياً
واقتصادياً واجتماعياً، تشهد على تلك
الحقيقة بشكلٍ واضح. من هنا، يبقى الحكم على مدى دقة القراءة
الغربية للظاهرة وآثارها متروكاً الآن
على الأقل للتاريخ، ويُصبح مطلوباً من
الثورة السورية وأهلها التركيز على
جهدهم الذاتي لتحقيق أهدافها، خاصةً
في ظل المرحلة الجديدة التي دخلتها
الثورة في الأسابيع الأخيرة. مامن شكٍ أن المسؤولية كبيرة وأن طريقة
تحمّلها والاستجابة لها ستكون مفرق
طريق. ================= الشرق القطرية التاريخ: 04 مارس 2012 ما يزال النظام السوري يمنَّع فريق
الصليب الأحمر الدولي الموجود في حمص
منذ ثلاثة أيام من الدخول إلى حي بابا
عمرو وإدخال شاحنات المساعدات
الإنسانية، التي تنتظر الإذن منذ
الخميس لمساعدة سكان الحي، الذي شهد
واحدة من أسوأ فصول القمع الذي واجهته
الثورة السورية. ويبدو أن نظام بشار الأسد يمضي إلى درجة
مخيفة من الإجرام تحت غطاء الفيتو
المزدوج من روسيا والصين اللتين
تتحملان جزءا كبيرا من المسؤولية إزاء
ما حدث للمدنيين في بابا عمرو الذين
ظلوا لأسابيع تحت القصف دون ماء ولا
كهرباء ولا غذاء. ومع تصاعد الغضب الدولي، اعتبر وزير
الخارجية التركي أحمد داود اوغلو أن
سوريا ترتكب "جريمة" بمنعها دخول
المساعدة المخصصة للمدنيين. كما اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام
هيغ ايضا أن "رفض" السماح بدخول
المساعدة الإنسانية المخصصة للمدنيين
المتضررين من أعمال العنف في سوريا
يدلّ على أن نظام بشار الأسد "أصبح
مجرماً". إن استهداف النظام الأسدي لشعبه ووحشيته
تجاه المدنيين المحاصرين في المدن
والبلدات الثائرة بات أمرا مفضوحا
ومعلوما للكافة، غير أن تباطؤ المجتمع
الدولي وعجزه عن توجيه رسالة حازمة
وقوية وذات مردود عملي على الأرض، ساهم
في استمرار هذا الوضع المأساوي الذي
تعدى التعذيب والقتل المباشر وعمليات
الإعدام خارج نطاق القانون إلى حرمان
المدنيين والجرحى والنساء والأطفال من
تلقي المساعدات. لا مجال للتقاعس بعد الآن، فالتطورات
الجارية على الأرض تبعث إشارات مخيفة
للمصير الذي ينتظر المدنيين المعارضين
للنظام السوري، وهو مصير يذكِّر
العالم بالمذابح الرهيبة التي شهدتها
من قبل رواندا وسربنيتشا. لقد باتت الحاجة إلى تحرك دولي، كيفما كان
شكله، مسألة ملحة وضرورية وبأسرع وقت
ممكن لتجنيب المدنيين في سوريا المزيد
من ويلات ومجازر النظام. إن روسيا والصين
اصبحتا اليوم مطالبتين، أخلاقيا،
بالكف عن توفير الحماية لهذا النظام
الدموي والوقوف إلى جانب الجهود
الإقليمية والدولية لتوفير الحماية
التي يستحقها الشعب السوري. ================= تسليح المعارضة السورية:
رسائل مهمة ستيفن هادلي الاتحاد تاريخ النشر: الأحد 04 مارس 2012 المسوغات الأخلاقية لتسليح السوريين
الساعين إلى نيل حريتهم أضحت قوية
ومتعددة. فالعالم نادراً ما شهد مثل
هذه الشجاعة والجلد وضبط النفس، إذ رغم
حملة القمع الشعواء التي يشنها نظام
الأسد، فإن السوريين الشجعان واصلوا
مقاومتهم المدنية طوال 11شهراً. ورغم
الهجمات الممنهجة التي تشنها القوات
المسلحة السورية والتي قتلت الآلاف
وجرحت عشرات الآلاف، فإن المقاومة
امتنعت حتى الأمس القريب عن حمل السلاح. ومما لا شك فيه أن تسليح السوريين الساعين
وراء الحرية ستكون له تكاليفه؛ حيث
سيصفه الأسد الذي سيلتحف العلم السوري
بأنه تدخل خارجي. وستزيد جهوده الرامية
إلى حشد السوريين دفاعاً عن السيادة
الوطنية السورية من تقسيم مجتمع ممزق
أصلاً. كما أن ذلك قد لا يحمل نظام
الأسد على التنحي عن السلطة قريباً، غير أنه هو المطلوب وبشكل ملح، حالياً. فالقول إن الأسد فقد شرعيته وإن مصيره
السقوط في نهاية المطاف، لا يمثل
تطميناً كافياً. فكلما طال أمد هذا
الصراع، ازداد عسكرةً. وكلما ازداد
عسكرةً، أصبح مستقبل سوريا خاضعاً
لإملاءات وإرادة من يملك أكبر كمية من
الأسلحة، وليس من يحصل على أكبر عدد من
الأصوات. لذلك، فمن أجل الحفاظ على
الحياة البشرية ومستقبل ديمقراطي في
سوريا، يتعين على نظام الأسد الرحيل. لكن لماذا مازال نظام الأسد في السلطة؟
لأنه يحظى بدعم الجيش السوري، والتجار
ورجال الأعمال السنة (في دمشق وحلب)،
والطائفة العلوية وأقليات أخرى (مثل
المسيحيين والدروز). لذلك، يجب إقناع
هذه المجموعات بضرورة الانفصال عن
النظام والانضمام للمعارضة. على أن
يتولى "المجلس الوطني السوري"
قيادة هذا الجهد، لأن من شأن ذلك أن
يساعد على توحيد المجلس الذي يعاني من
انقسامات، وأن يزيد من مصداقيته داخل
سوريا وإزاء المجتمع الدولي كقوة
سياسية موحدة وعابرة للطوائف. وإذا كلل هذا الجهد بالنجاح، فإنه لن
يُسقط الأسد فحسب وإنما سيساعد أيضاً
على خلق سوريا ديمقراطية ومستقرة تشعر
فيها كل الطوائف بالأمن والأمان وتسعى
معاً لبناء مستقبل مشترك، لاسيما أن
الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الصحوة
العربية في حاجة ماسة إلى نماذج
للتعددية والتعاون العابرين للطوائف.
كما أنه من شأن سوريا ديمقراطية أن
تساعد على تفادي زعزعة استقرار العراق
ولبنان المجاورين، واللذين يسعيان
بطرق مختلفة إلى تقديم نموذجين
ديمقراطيين للمنطقة. ولهذا الغرض، يتعين على الولايات المتحدة
والجامعة العربية وتركيا وأوروبا أن
تعمل عن كثب مع "المجلس الوطني
السوري" على تطوير هذه المقاربة
وتكرر رسالة المجلس علناً وسراً لهذه
المجموعات الثلاث. - إلى الجيش السوري: إذا انفصلتم عن الأسد
الآن ودعمتم المجلس، فسيكون لديكم دور
في سوريا الجديدة، أما إذا لم تفعلوا
فستتحملون مسؤولية الجرائم التي
يرتكبها النظام من قبل المحاكم
السورية والدولية. - إلى التجار ورجال الأعمال السنّة: إن
الأسد مصيره السقوط، وكلما حدث ذلك
بسرعة، كلما تسنى استئناف العلاقات
التجارية المربحة مع التجار ورجال
الأعمال الأتراك بسرعة (علما بأن حث
الحكومة التركية للشركات التركية على
أن تبعث بهذه الرسالة لنظيرتها
السورية في المجالس الخاصة يمكن أن
يكون مفيداً). - وإلى الأقليات المختلفة، ولاسيما
العلويين: هناك أمن وأمان ودور ينتظركم
في سوريا الجديدة إذا انفصلتم عن الأسد
الآن، غير أنه سيكون من الصعب ضمان ذلك
إذا لم تفعلوا. وأخيراً، يتعين على الولايات المتحدة
تعبئة المجتمع الدولي حول مخطط ملموس
لمساعدة سوريا ما بعد الأسد على إصلاح
اقتصادها، وتحفيز نموها الاقتصادي،
وتدريب شبابها على مهارات القرن
الحادي والعشرين. كما يتعين على
الشركات والمنظمات غير الحكومية
والمؤسسات الخيرية والجامعة العربية
وأوروبا وأميركا ألا تكتفي بالمشاركة
في هذه الجهود فحسب، بل تقودها أيضاً.
وهذا المخطط مطلوب الآن بشكل مستعجل
لتشجيع الأعمدة الأساسية للنظام على
الانفصال ودعم المجلس الوطني. وفي حال كللت هذه المبادرة بالنجاح،
فإنها ستكون أفضل من تدخل عسكري على
النموذج الليبي. فليبيا كانت حالة
فريدة من نوعها؛ وقد قمنا وحلفاؤنا في
"الناتو" بذلك التدخل لأننا كنا
قادرين عليه. فعدد سكان ليبيا أقل من 6٫5 مليون نسمة، وكان لديها جيش
حرص القذافي على إبقائه ضعيفاً عن قصد؛
ومراكزها السكانية الكبيرة تقع على
طول الساحل المتوسطي، ضمن نطاق تستطيع
سفن "الناتو" وقواعده الجوية
بلوغه. لاشيء من هذه الميزات موجود في الحالة
السورية. وأي تدخل عسكري خارجي من شأنه
أن ينتج خطاباً مؤداه أن القوى الغربية
قامت مرة أخرى بإسقاط ديكتاتور عربي.
والحال أن ثمة خطاً أفضل للشعب السوري
والمنطقة والولايات المتحدة، ويتمثل
في تولي المجلس الوطني السوري قيادة
سوريا لإسقاط الطاغية. ومن أجل تقوية هذه الرسائل السياسية،
يتعين علينا أن نبدأ الآن بحشد دعم
دولي لتسليح السوريين الساعين إلى
الحرية. ولهذا الغرض، سيتعين على
الولايات المتحدة أن تتولى الزعامة
حتى لا يصبح مثل هذا التسليح وسيلة
لحرب بالوكالة في سوريا بين الدول
الإقليمية المتنافسة، وحتى يسهم في
بناء سوريا ديمقراطية ومستقرة تتسع
لكل أبناء شعبها. ستيفان هادلي مستشار الأمن القومي السابق في
إدارة بوش الابن ================= سوريا... معركة غير
متكافئة في بابا عمرو ليز سلاي - بيروت تاريخ النشر: الأحد 04 مارس 2012 الاتحاد اقتحمت القوات السورية يوم الخميس الماضي
المعقل الرئيسي للمعارضة في مدينة حمص
وسط البلاد، مثيرة بذلك مخاوف على
سلامة المدنيين الذين ما زالوا عالقين
في المدينة، وكاشفة بذلك أيضاً
محدودية إمكانيات قوات المعارضة
المتشكلة حديثاً، التي حملت السلاح
مؤخراً ضد النظام في دمشق، فقد ظهر
بوضوح عدم قدرة الثوار المسلحين في
وضعهم الحالي على مواجهة جيش نظامي
مدجج بالسلاح. وحسب ناشطين من المعارضة
فقد اعتقلت القوات النظامية عدداً من
الرجال الذين تتجاوز أعمارهم 15 سنة في
الوقت الذي كانت فيه تقتحم حي بابا
عمرو، وذلك بالتزامن مع قرار غير ملزم
لمجلس الأمن الدولي يدعو فيه إلى
السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى
المناطق المتضررة. ومع انقطاع جميع
وسائل الاتصال مع بابا عمرو بما فيها
اتصالات الأقمار الاصطناعية لم يعد
ممكناً التأكد مما يجري في الحي، ولا
معرفة التجاوزات التي ترتكبها كتائب
نظام الأسد. وعلى رغم تأكيد قوات الجيش
السوري الحر أن خروجها من الحي يندرج
في إطار انسحاب تكتيكي الهدف منه تخفيف
الضغط على السكان المدنيين، تشير
الدلائل إلى اضطرار عناصر الجيش الحر
إلى الانسحاب بعدما تمكنوا من السيطرة
على الحي قبل عدة أشهر وحولوه إلى رمز
للمعارضة المسلحة ضد النظام، متخذين
من الحي مقراً لهم ومعقلاً لإدارة
العمليات. غير أن السرعة التي تمكنت
بها القوات السورية من إعادة بسط
سيطرتها على الحي في ظرف لا يتجاوز 36
ساعة بعد 27 يوماً من القصف المتواصل
على الحي، أثارت تساؤلات المراقبين
للوضع السوري عن إمكانية تسليح قوى
المعارضة ومقاتلي الجيش السوري الحر
لمواجهة التفوق العسكري للقوات
النظامية بأسلحتها الثقيلة. وكان العقيد مالك الكردي، المتحدث باسم
الجيش السوري الحر، قد دعا في مكالمة
معه من تركيا إلى توفير السلاح للثوار،
مؤكداً أن القوة وحدها هي ما يستطيع
إسقاط نظام دمشق وحماية المدنيين
الذين خرجوا للتظاهر سلميّاً طيلة
أشهر لإنهاء حكم الأسد، وعن ذلك يقول:
"إن أسلحتنا الخفيفة والمحدودة
عاجزة عن التصدي للدبابات والصواريخ
التي يستخدمها النظام". وعلى رغم تحمس عدد من البلدان العربية
لخيار تسليح المعارضة مثل السعودية
وقطر اللتين عبرتا عن استعدادهما لمد
الجيش السوري الحر بالسلاح، إلا أن
الولايات المتحدة ما زالت تعارض هذا
التوجه وسط مخاوف من الانقسامات
العميقة بين المعارضة السورية وخطر
انفجار أزمة كبيرة في المنطقة إذا ما
اندلعت حرب أهلية على نطاق واسع.
وبالإضافة إلى مخاوف الانقسام الداخلي
والصراع الطائفي فقد أثار الانسحاب من
بابا عمرو أسئلة حول قدرة الثوار غير
المنظمين على مواجهة نظام قوي حتى بعد
تدفق الأسلحة، فالثوار لا يملكون
حاليّاً سوى بنادق الكلاشنكوف
والقنابل اليدوية التي يغنمونها من
الجيش النظامي، أو يتم تهريبها عبر
الحدود السورية. وفي هذا السياق يقول
"ملهم جندي"، العضو في المجلس
الوطني السوري المعارض والمختبئ في
حمص "لا يتوفر الجيش السوري الحر على
أسلحة ثقيلة ودونها لست متأكداً من
قدرته على الحياة والاستمرار". وفي
بيان صادر عن الجيش السوري الحر جاء أن
الانسحاب أتى لتخفيف الضغط على أكثر من
أربعة آلاف مدني عالقين في الحي، كما
جاء بسبب افتقاد الثوار للأسلحة
الكافية لمواجهة القوات البرية
السورية الأفضل تسليحاً. ودعا الثوار
أيضاً من خلال صفحة على موقع الفيسبوك
إلى ضرورة السماح بدخول الصليب الأحمر
إلى الحي بالنظر إلى الوضع الإنساني
المتدهور. وعلى رغم حرص المعارضة على إظهار
الانسحاب وكأنه مؤقت، فقد قال ناشطون
في حمص إن الثوار بدؤوا في الهرب من
الحي منذ ليلة الأربعاء عندما نفدت
ذخيرتهم فيما كانت القوات الحكومية
تقترب من الحي تمهيداً لاقتحامه. وكان
الطعام قد نفد أيضاً قبل أيام فيما جفت
بالكامل إمدادات الوقود والماء، تاركة
الأهالي يتجمدون برداً، بينما بات
النشطاء عاجزين عن وصل أجهزة
الكمبيوتر، التي تبقيهم على صلة
بالعالم، بالكهرباء التي قطعها النظام
عن الحي. وقبل الدخول إلى الحي مهدت السلطات
السورية لذلك بحملة شرسة من القصف
المستمر استخدمت فيها المدفعية
الثقيلة وقذائف الدبابات لدك البيوت،
بحيث يخشى المراقبون أن يكون العديد من
أبناء الحي قد لقوا حتفهم تحت القصف،
هذا في الوقت الذي حاول فيه بعض السكان
التسلل خارجه عبر البساتين القريبة
وإن كانوا يواجهون خطر اعتراضهم من قبل
القوات النظامية. وهناك تقارير مرعبة
عن إقدام القوات النظامية على ذبح 17
متسللاً اعترضتهم وهم يحاولون الهرب.
وبحسب حصيلة لجان التنسيق المحلية فقد
تم التأكد من سقوط 26 قتيلاً في مدينة
حمص يوم الخميس الماضي دون احتساب
القتلى الذين سقطوا في الأسابيع
الماضية داخل بابا عمرو والمناطق
المحيطة به، ويخشى نشطاء المعارضة على
الرجال والمدنيين الذين تركوا داخل
الحي، ولاسيما في ظل التقارير التي
تفيد باعتقال القوات النظامية للرجال
داخل الحي واقتيادهم إلى مكان مجهول.
وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر
أن الحكومة السورية سمحت لها بالدخول
إلى سوريا لتقديم المساعدات الإنسانية
إلى المناطق المتضررة، ولكن المتحدث
باسم اللجنة، "سيمون شرونو"، قال
إنه يتعين أولاً تقييم الوضع الأمني في
الميدان لتحديد إمكانية الدخول الآمن
إلى المدن السورية من عدمه. ومع أن دعوة
مجلس الأمن الأخيرة إلى دخول فوري
للمساعدات الإنسانية إلى المدن
والبلدات السورية لا ترقى إلى قوة
القرار الملزم، إلا أنها تنطوي على
أهمية قصوى بالنظر إلى انضمام الصين
وروسيا إلى المجهود الدولي وعدم
معارضتهما لتلك الدعوة. ================= المستقبل - الاحد 4 آذار 2012 علي جازو لا يُراد بذكْر الحقائق دائماً فائدتُها
الحقيقية. ربّما تصحّ هذه الإشارة
عندما يتعلق مضمونها بما يُسمّى "مكوِّنات
الشعب السوري" التي ترد في سياق
يحوّلها إلى مرتبة المصطلح الغامض
وغير القابل للدحض معاً. فسوريا الشعب
مزيجٌ مختلط، منسجم ومتنافر، متقارب
ومتباعد في آن واحد؛ ريفية مدنية،
مسلمة مسيحية، وعربية كردية، وسنية
علوية، درزية اسماعيلية .. الخ، مع جليل
الاحترام للجميع أعراقاً وأدياناً
وطوائف ذكرت أم لم تذكر. غير أن هذه العودة، غير المحمودة في شيء،
إلى الأصول والمكونات، كما لو أن لا شي
آخر يمكن للمرء السوري أن يسنده سواها،
لا يراد بها من قبل كثرٌ ممن يروجونها،
خلق انسجام على أساس التعددية، قدر ما
تفضي وقائعها على الأرض، الإعلامية
خاصة التي غدت المزودة الوحيدة لأفكار
"الجماهير العريضة"، إلى تثبيت
المكونات على حال من الجمود والترقب
والخشية، فتأتي العناصر المؤلفة للكلّ
أسبق وأكثر أولوية على الكلّ الذي يحضن
العناصر التي كلّما انغلقتْ، وكثفت من
جذورها التكوينية، وسمَتْها بالجمود
الذي ليس سوى مسافة تناسب العداء لا
الود، والقطيعة لا التناغم. ثمة حاجة
ملحّة إلى تحويل التعدد الأصيل إلى قوة
منسجمة، في وقت تهدّد الفوضى العامة
جميعَ المكوّنات دون استثناء. غير أن إنكار التعدد بحد ذاته، وعدم
التفكير بالرقي به وتحصينه الاجتماعي
والثقافي، كان سبباً من جملة أسباب
كثيرة أوصلت سوريا إلى ما هي عليه.
وفجأة حلت على السوريين مجابهات
الطوائف ومقامات الأعراق، فإذا بهم
كلٌّ يأخذ مقعده وينتظر. والحقيقة
الأخرى الموازية، التي يجري طمسها مع
إطالة أمد الأزمة حد تحجير قسري يسبق
عاصفة التفتت ويسهّلها، أن لا
المكونات ولا سواها من "الجذور
النقية" رفعت الفرد السوري إلى حال
يختلط فيها الوقار مع المرارة؛
فالشجاعة التي فيها من الرفعة قدر ما
يحفزها اليأس، مكّنت المكونات أن
تتنفس وتنشط وتعرض وجودها "الحقيقي".
الذين سقطوا وصرخوا بوحدة الشعب، إنما
كانوا في أعماقهم يستنجدون بما هو أعمق
وأكثر ضرورة وإلحاحاً من "المكونات"،
وإذ نقرأ شعاراً في عامودا الكردية
البائسة، كحال كغيرها من بلدات سوريا
المنتفضة، رفعه فتيةٌ لا يفقهون عن
المكونات شيئاً، "أنا أحبك يا حمص"،
فإن مضمون الحب هذا لا يقول إن حمص
مسلمة أم مسيحية، أو علوية أم سنية ..
الخ. بل هو على العكس يشير فيما يشير
إلى حس الألم وضرورة التضامن مع مدينة
منكوبة، يتعرض أهلها لأقسى الحملات
العسكرية، كما لو أن حمص "محتلة"
وجيشنا البطل يجود ب"روحه"
لإنقاذها من الاحتلال الغاشم. وإذ تحتكر الكنيسة، كمثال سيء، الموقف
المسيحي، أو هي تبدو كما لو تجبر على
احتكاره، فتدفع المسلم السوري أن ينظر
إلى نفسه على أنه مسلم لا غير، إنما
تغلب الديني على المدني، والأضيق على
الأوسع، فيكون "حسّ المكونات الأصيل"
السطحي نصراً على عمق حالة "الهجنة"
و"اللانقاء الصرف" التي تسم معظم
الشباب السوري اليوم. وليس ببعيد مرمى
نصيحة وليد جنبلاط إذ يطلب من (بني
معروف) عدم المشاركة في قمع المتظاهرين.
وإذ يفورُ على شاشات الإعلام،
المناضلة، اسم شيخ نصف أمي ونصف معتوه،
إنما تدل هذه الفورة المحرضة، التي كان
من مظاهرها أن الشيخ الإسلامي بات يرفع
ضباطاً مقامات ورتباً، ويخسئ الآخرين
مهانةً قل نظيرها سوى ما كان ولم يزل
يرى في الإعلام البعثي الموحَّد، إنما
يحمل بذور وعي سقيم ليس من السهل أن
يترسخ ويتصارع ليصل إلى فوضى هائلة. ليست المكونّات الأهلية السورية ببدعة،
ولا هي من صنيع أجنبي، غير أن الوقوف
عليها، وعليها فقط، سيفضي إلى وقوف
السوريين على أطلال يجدر بهم حينها
تأليف قصائد مقفاة عنها، بدل سعيهم
تكوين دولة حديثة أساسها المواطنة لا
الانتماء الديني، اعتماد الحكم
المدنيّ لا العودة إلى سجون الأعراق،
والحداثة بما هي مُعطَى عقلي، لا "العراقة"
بما هي، كما لم نمل بعد عن تداولها،
إحدى خرافاتنا. هكذا سيكون تعريف السوري وتحديد هويته
الوطنية على أساس "مكوّنات" فحسب،
نوعاً من النفي للكلّ السوري. وحيث أن
لكلمة "مكوّنات" معاني التأليف
والخلق والإبداع، وإذ لم يهنأ
السوريون "الأيتام" يوماً بوالد
جيد، أو جرى سحق آبائهم الجيدين، بات
عليهم ابتكار آباء جدد، حتى إذا اقتضى
ذلك تأليفهم من دموع الحقيقة بدل كلمات
جافة تعزّ على أصحابها قدسيّة الحقائق
الموضوعية، وصوابُها النظريّ الخاطئ. ================= لماذا لا يتدخّل الغرب
في سوريا؟ المستقبل - الاحد 4 آذار 2012 لا تتوقف فرنسا والولايات المتحدة عن
ادانة الرفض الروسي الصيني للتصويت
على القرار صادر عن مجلس الامن بادانة
النظام السوري. مع انه ليس من المؤكد ان
البلدين جاهزان لمواجهة اخطار التدخل
في سوريا. لقد أعلن المجلس الوطني السوري قبل ايام
أن عليه الاختيار بين شرين: "التدخل
العسكري الخارجي او الحرب الاهلية".
اذا كانت مقاومة نظام بشار قد اتسمت
لفترة طويلة بالسلمية، فان تصاعد
العنف ضدها يدفع المجلس الوطني السوري
الى الاقرار بان التدخل العسكري
الغربي هو "الخيار الوحيد" الذي
بوسعه ان يضع حدا للمجزرة. ولكن لا يكفي
ان يطالب المجلس بالمساعدة حتى يحصل
عليها. واذا تدخل الغرب للاطاحة
بالقذافي، فان الوضع في سوريا اكثر
تعقيدا، والتدخل الخارجي فيها ينطوي
على مخاطر اكبر. الروس والصينيون متمسكون بموقفهم: خلافا للحالة الليبية، فان الغرب لن ينال
مباركة روسيا والصين، وهما ستواصلان
وضع الفيتو على كل قرار يصدر عن مجلس
الامن يتضمن الموافقة على التدخل
العسكري. تقول فابريس بالانش المحاضرة
في جامعة ليون: "ان الروس الذي
يواجهون تمردا اسلاميا في الشيشان
وداغستان يخشون ان ما سيأتي بعد بشار
هو حكومة اسلامية". كل ما تستطيع روسيا تقديمه هو السماح
بهدنة يومية تسمح للصليب الاحمر
بايصال مساعدات انسانية. وهي ترفض
بالمطلق اقامة ممرات انسانية تطالب
بها فرنسا، لأنها سوف تجلب، بنظرها،
قوات الغرب أو القبعات الزرق. حليفا
النظام السوري حذرون جدا: فهم وافقوا
على القرار القاضي بالقيام بعمليات في
ليبيا، والتي صورت يومها انها مجرد
تدخل لحماية المدنيين في بنغازي:"عندما
تحولت الحماية الى عملية عسكرية تهدف
الى اسقاط النظام، شعر الروس
والصينيون بأنهم خدعوا، فصار من الصعب
عليهم ابرام اي اتفاق مع الغرب حول
سوريا"، يقول باسكال بونيفاس في
مدونته. يضيف فابريس بلانش: "اذا لم
يكن هناك ما يمنع التدخل الغربي من دون
موافقة الامم المتحدة، فان تدخلت دول
الغرب، فهي سوف تكون معرضة لعمليات ثأر
جيوبوليتيكية من قبل الروس". انها عملية معقدة مهددة بالفشل: فيما كانت العمليات في ليبيا تعتمد اساسا
على القصف الجوي، فان هذه
الاستراتيجية غير المكلفة غير قابلة
للتطبيق في سوريا، حيث الكثافة
السكانية العالية. يقول فابريس بلانش:
"ان احتمال قتل مدنيين سوف يكون
مرتفعا، لأن النظام الذي سيستعمل
الصورايخ الروسية المضادة للطائرات
سوف يرغم الطائرات الغربية على
الارتفاع عاليا قبل ان تقصف، فلا تصيب
بذلك اهدافا دقيقة". بمعنى آخر فان
الشعبية الكاسحة التي تتمتع بها الآن
فكرة التدخل العسكري الغربي سوف
تتضاءل بسرعة، وسط الرأي العام السوري
والغربي على حدّ سواء. يتوجب اذن ارسال مجموعات عسكرية تقاتل
على الارض. وفي هذه الحالة، ما من شيء
يضمن النجاح. ذلك لأن الاسد الذي يواجه
تزايد الاحتجاجات، ما زال ينعم بتأييد
الاقليات العلوية والمسيحية التي تخشى
البديل الاسلامي، وكذلك قسم مهم من
الطائفة السنية سيما وسط رجال الاعمال
الذين استفادوا خلال ثلاثة عقود من
بيئة اقتصادية مشجعة. يختصر فابريس
بالانش الموضوع بالقول:" ان نظام
الاسد لم ينضج بعد لكي يسقط". وخلافا لجيش القذافي الذي اضعفته حملات
التطهير، فان الجيش السوري ما زال
محافظا على تماسكه. هذا الجيش الذي يضم
نصف مليون رجل هو "أكبر ثاني جيش
عربي بعد الجيش المصري" بحسب دانيال
واغنر المتخصص بالامور العسكرية.
ولذلك فان المعارضة ليس بوسعها
الاعتماد على المنشقين وحدهم، اذ ان 90%
من الضباط هم من الطائفة العلوية". اخيرا فان اي تدخل عسكري غربي سوف يدوّل
الصراع: من جهة قادة الغرب والسعودية
وقطر الراغبين باسقاط تلك الحلقة
الضعيفة للحلف الموالي لايران، ومن
جهة اخرى روسيا وايران. غموض مرحلة ما بعد الاسد: واذا نجح التدخل العسكري باسقاط الاسد،
فان التجربية الاميركية في العراق تدل
بأن هذا لن يكون نهاية المشاكل.
فالمعارضة السورية منقسمة بحسب
المناطق والطوائف والاتجاه السياسي.
فيما الفوضى الحالية السائدة في ليبيا
لا تبعث على الاطمئنان. وما زالت
الميليشيات التي قاتلت القذافي تعمل
بصورة مستقلة تماما. وسواء ادى سقوط الاسد الى حرب اهلية ترغم
القوات الغربية على البقاء في سوريا
لسنوات، أو ادى الى استلام السلطة من
قبل الاسلاميين السنة، فان البدائل
المطروحة ليست جذابة. مصالح اقل مما في ليبيا: ان مخاطر التدخل ترتفع مع انخفاض "المردود
الاستثماري" الذي يمكن ان يجنيه
الغرب، كما حصل في ليبيا. يقول فابريس
بالانش:" ليس في سوريا نفط، بخلاف ما
هو الحال في العراق وليبيا". ثم ان الحكومتين الاميركية والفرنسية
تعلمان بأنه ليس من المستحسن ان تشنا
حربا خلال العام الذي تجري فيه
الانتخابات الرئاسية. فكل نجاح في
الخارج لا يجلب الفوز، وكل مشكلة تقلل
من احتمالاته. في الواقع ان الفيتو
الروسي يناسب الدول الغربية التي لا
تتشوق للتدخل في سوريا. ================= عمر قدور المستقبل - الاحد 4 آذار 2012 ليس من فائدة تُذكر إن أردنا مناقشة
الدستور السوري الذي أُقرّ بتاريخ 26/3/
2012 بالجدية التي ينبغي أن يناقش بها
حدث كهذا، إذ لا طائل من بيان أن نصوصه
تنتمي برمتها إلى ما قبل سنة من الآن
على الأقل، أي قبل انطلاق الثورة
السورية. من جهة أخرى؛ لا قيمة فعلية
للدستور سواء أبقي النظام في الحكم أم
سقط، لأن سقوط النظام يعني حتماً إقرار
دستور جديد لسوريا الجديدة، أما فرضية
بقاء النظام فتعني الاستمرار بمسيرته
السابقة حيث لا يساوي الدستور على
علاته، ولا القوانين الأخرى، الحبرَ
الذي استُخدم في كتابتهما. إذ لم يسبق
أن عُرف عن النظام احترامه حتى
للقوانين التي يصدرها، فهو يلغيها أو
يعدّلها متى استدعت حاجته، ومن
المعلوم أن تعديل الدستور السابق
استغرق إصداره أقل من نصف ساعة متيحا
للرئيس الحالي وراثة الحكم. مع ذلك ثمة فائدة للدستور الجديد، من حيث
أنه يفضح العقلية التي وراءه، بدءاً من
تشكيل اللجنة المناط بها كتابته
وانتهاء بإقراره بصيغة "نعم أولا"
من دون إفساح المجال لمناقشته على
المستوى السياسي أو من قبل ذوي
الاختصاص القانوني. بعنجهية وصلف يريد
النظام القول إنه غير قابل للتغيير
مطلقاً، وإنه ما يزال قادراً على فرض
إرادته وكسر إرادة الشعب، ولا يضيره أن
يخرق كافة القواعد المعمول بها في
العالم لضمان نزاهة العملية
الانتخابية. فعلى مستوى الشكل سُمح لأي
شخص بالاستفتاء في أي مركز يشاء، ودون
وجود آلية للتأكد من أنه قد سبق له
ممارسة حقه في مركز آخر، خاصة أنه سُمح
بالاستفتاء بواسطة كافة الوثائق التي
قد تكون بحوزة المقترع كالبطاقة
الشخصية وجواز السفر والبطاقة
النقابية والبطاقة الجامعية والبطاقة
العسكرية وشهادة القيادة ودفتر الخدمة
العسكرية، أي يستطيع مَن يشاء استخدام
كل من الوثائق المذكورة فيمارس حقه
مرات عديدة، هذه الاستهانة وحدها
كافية لا للطعن بالنتائج وإنما للطعن
بأهلية النظام ككل، النظام الذي لا
يظهر أدنى اكتراث حتى بالشكليات. في الواقع لم يكن هناك ترقب إزاء نتيجة
الاستفتاء بما أنها مقررة سلفاً. كان
ثمة فضول متواضع لمعرفة النسبة التي
قررها النظام مسبقاً لنجاح دستوره،
والتي سيعلن عنها بعد مسرحية الاقتراع.
ولم يكن مستغرباً أن حوالى 90% من
المشاركين قد أجابوا بنعم، فما يثير
الاستغراب حقاً هو الإعلان عن نسبة 9%
ممن لم يوافقوا على الدستور في ظل
مقاطعة الرافضين له للعملية ككل!. ومع
أن محطة تلفزيونية موالية أشارت إلى
الإقبال الكبير على مراكز الاقتراع،
خاصة في مدينة حمص التي يتعرض بعض
أحيائها للقصف وبعضها الآخر للحصار،
إلا أن لمسة حياء غريبة تسللت إلى
النتائج فاكتفى النظام بالقول إن
حوالي 57% ممن يحق لهم المشاركة قد
شاركوا فعلاً، طبعاً دون إشارة إلى أن
من يحق لهم المشاركة قد تناقص عددهم
الحقيقي من ساعة إعداد اللوائح حتى
ساعة الاقتراع بحكم أعمال القتل
اليومية النشطة، هذا إذا لم نأخذ
بالحسبان حملات الاعتقال وعشرات
الآلاف من المعتقلين!. لن نذهب إلى الربط بين موعد إعلان النتائج
ومرور سنة بالضبط على اعتقال أطفال
درعا، أولئك الذين خطّوا على حائط
مدرستهم عبارات تدعو إلى إسقاط
النظام، فالأرجح أن رمزية هذا اليوم لم
ترد في بال رجالات النظام الذين لا
يرون في اعتقال الأطفال أو اقتلاع
أظافرهم فعلاً غير اعتيادي. النظام
يتصرف كأن كل شيء على ما يرام، وكأن
إقرار الدستور تحت قصف المدافع شأن
طبيعي، بل حتى أن إقالة حزب البعث الذي
حُكم باسمه لأربعة عقود أمر لم يتطلب
مجرد تنويه أو تبرير كما يشير إلى ذلك
الكاتب السوري ياسين الحاج صالح!. على
هذه الشاكلة لا يعدو الدستور الجديد
سوى "تقشير" للدستور القديم من
لزوم ما لم يعد يلزم، أي تخليصه من
الشرعية الثورية المدعاة باسم حزب
البعث، والانتقال بلا مواربة إلى حكم
الفرد الأوحد مدعوماً بما لا ينص عليه
الدستور من قوى أمنية واحتكارات
اقتصادية تهيمن على مجمل مقدرات البلد.
في الدستور السابق أنيطت كافة الصلاحيات
بالرئيس، باعتباره ممثلاً لحزب البعث
القائد للدولة والمجتمع بموجب المادة
الثامنة منه، وفي الدستور الجديد
كُرّست صلاحيات الرئيس بمنأى عن القيم
الأيديولوجية السابقة. فلم يعد الرئيس
بحاجة إلى تلك المنظومة القيمية لتسوق
له إعلامياً. لقد أصبح قيمة عليا بحد
ذاته وصار مالكاً مطلقاً للدولة التي
أبقي على تسمية نظامها بالجمهوري دون
أن تنال من اسمها أدنى نصيب. بدءاً من
الأهم، بقي الرئيس هو القائد الأعلى
للجيش والقوات المسلحة، ولعلنا نذكر
أن أول منصب تسلمه الرئيس الحالي بعد
وفاة والده هو قيادة الجيش في خرق
للدستور السابق أيضاً. والرئيس بموجب
الدستور الحالي هو الذي يعين الموظفين
المدنيين والعسكريين وينهي خدماتهم،
ويمكنه حل مجلس الشعب، ويتولى التشريع
خارج دورات مجلس الشعب وأثناء انعقاده
أيضاً، وله الحق بالاعتراض على
القوانين التي يصدرها مجلس الشعب. وقبل
ذلك هو الذي يعين رئيس الوزراء
والوزراء ونوابهم ويقبل استقالاتهم أو
يقيلهم، وهو يحيلهم إلى المحاكم
أيضاً، وهو الذي يعين السفراء لدى
الدول الأخرى، وهو الذي يرأس مجلس
القضاء الأعلى، وهو الذي يسمي أعضاء
المحكمة الدستورية. بعد أن نفد صبر قارئ الصلاحيات السابقة لا
بد من الوصول إلى النقطة الأهم التي
تلاقي ما يحدث حالياً على الأرض، وهي
أن الرئيس غير مسؤول عن الأعمال التي
يقوم بها أثناء مباشرة مهامه إلا في
حالة الخيانة العظمى. إننا هنا أمام
إباحة مطلقة للرئيس، فهو يفعل ما يشاء
ويستغل سلطاته العسكرية والمدنية كما
يهوى، ما دام لم يرتكب جرم الخيانة
العظمى الذي يجب أن يقره ثلثا أعضاء
مجلس الشعب؛ المجلس الذي يحق أيضاً
للرئيس حله!. على نحو خاص؛ الرئيس غير
مسؤول عن الانتهاكات التي حدثت في
سوريا منذ سنة حتى الآن، وكل
الانتهاكات التي سيستمر ارتكابها حتى
إشعار آخر، حتى إن كان هو من أعطى
الأوامر المباشرة لذلك. ما لا ينص عليه الدستور هو الأجهزة
الأمنية التي تساند صلاحيات الرئيس
وتدعم قوته المطلقة دستورياً، هذه
الأجهزة التي كان السبب الرئيسي لثورة
السوريين منذ سنة إلى الآن، والتي نكلت
بهم أبشع تنكيل وأوقعت آلاف القتلى بمن
فيهم مئات الأطفال. لم ينتفض السوريون
من أجل تعديل أو إلغاء مادة في
الدستور، لقد ثاروا ضد الاستبداد
الأمني الذي يحمي كافة الانتهاكات
الأخرى، أما الدستور الذي يريدونه
فيبدأ من شعارات الحرية التي خطها
أطفال درعا على جدران مدرستهم، فتولت
أنياب المخابرات اقتلاع أظافرهم
عقاباً لهم، وجاء إعلان الدستور
الجديد في ذكرى اعتقالهم تكريساً
لسلطة بأنياب وشعب تُقتلع أظافره
وحناجره. لا شيء تغير بين الدستور القديم والجديد،
فالجديد يرث القديم بجوهره تماماً،
وما يريد النظام قوله من خلال الدستور
إنه باق كما هو، والموالون الذين صوتوا
غير مكرهين بنعم صوتوا على بقاء النظام
كما هو، صوتوا بنعم على قصف المدن
والقرى والبلدات بالمدفعية
والهيلوكبتر.هذا هو المضمر الذي ينطوي
عليه الاستفتاء، أما الدستور فليس سوى
ذريعة أو واجهة للقضاء على الحياة
الكريمة التي تكفلها الدساتير عادة.
إنه نص يُلقب بالدستور، ويُراد به
تأبيد النظام القائم في تجاهل صفيق
لإرادة السوريين، وأيضاً في تجاهل
استحالة تطبيقه أو فرضه. إنه بالأحرى
دستور الوداع. ================= علي حماده 2012-03-04 النهار بعد اقل من عشرة ايام يكون مضى عام على
اشتعال الثورة السورية. وكلنا يذكر كيف
ان السنة المنصرمة بدأت مع حديث صحافي
شهير لبشار الاسد الى صحيفة "وول
ستريت جورنال" الأميركية اعتبر فيه
ان رياح الثورات العربية لن تصل الى
بلاده لأن الشعب السوري قريب من قيادته
ويعتبر انها تلبي طموحاته وتعبر عن
تطلعاته، وان الديموقراطية تحتاج الى
اجيال عدة حتى يتم استيعابها في سوريا! كان بشار معتدا بالنفس. ويقول بعضهم ان
غروره تمكن منه فما عاد يرى ويسمع إلا
ما يسره ويضخم أناه المتضخمة اصلا. في
آذار ٢٠١١ قام بعض الصبية
بكتابة شعارات "الشعب يريد اسقاط
النظام" على جدران في درعا، فهب
الأمن واعتقلهم واعادهم بعد يومين الى
ذويهم واظفار بعضهم مقلعة، وعلامات
الضرب المبرح بعصي الخشب والفولاذ
واضحة على اجسادهم. فنزل الأهالي الى
الطرق، وانتقل بعضهم يوم ١٨ آذار
الى المسجد الاموي وسط درعا ليحتجوا
على تعذيب اولادهم، فجرى اقتحام
المسجد وقتل المدنيين المعتصمين فيه.
ومنذ ذلك الوقت لم يتوقف قتل الناس في
سوريا ولم تتوقف الاحتجاجات التي
تحولت ثورة شعبية سلمية عارمة. واليوم
وبعد مرور عام على انطلاقة الثورة ها
هي تتحول من حالة العسكرة غير المنظمة
الى افق المقاومة المنظمة، إيذانا
بتحولها القريب حرب تحرير لتراب الوطن.
واليوم عندما نتحدث عن حرب تحرير في سوريا
ننطلق من فكرة ان القتل المنظم الذي
يمارسه النظام بحق الشعب السوري جعله
نظام احتلال وجيشه وقواه الامنية جيش
احتلال لا يقل سوءاً وضررا في تعامله
مع البشر والحجر والارض عن الاحتلال
الاسرائيلي. فهل تعامل جيش بشار واخيه
ماهر مع حمص بأفضل مما تعامل جيش شارون
مع جنين؟ الجواب: لا. من هنا اهمية
انتقال الثورة من سلميتها حصرا الى
عسكرة جزئية وصولا الى مقاومة منظمة،
فحرب تحرير شاملة من دونها لن تكون
هناك سوريا حرة ديموقراطية تعددية
وعصرية. ان بلوغ مرحلة حرب التحرير يستدعي من
المعارضة الوطنية السورية بأطيافها
كافة ان تتوحد تحت لافتة واحدة، وان
يحصل تقدم ملموس في تنظيم "الجيش
السوري الحر" وتمويله وتسليحه
انطلاقا من قواعد محمية بمظلة الناتو
داخل الاراضي السورية. فالاستحواذ على
ارض سورية مهم جدا لشرعية مهمة،
والتمويل والتسليح عصب العمل، وهما
يشجعان على انشقاق المؤيد من الجنود
وعلى انخراط آلاف الشبان السوريين في
المعركة. لا مناص من مقاومة النظام في سوريا. ولا
مناص من خوض حرب لتحرير سوريا والمشرق
العربي من ارث حافظ الاسد ومن حاضر
اولاده. والمهم اليوم معرفة مدى
استعداد الدول العربية والاجنبية لدعم
الثورة السورية ومدها بالمال والسلاح
والخبرات، لأن التراجع عن ارادة
الانتصار ليس خيارا مطروحا. وحده إنهاء
مراسم دفن جمهورية حافظ الاسد مطروح
على طاولة السوريين والعرب. ================= الأحد, 04 مارس 2012 عبدالله إسكندر الحياة دفع الحكم السوري العنف المفرط ضد الحركة
الاحتجاجية الى اقصى مداه، خصوصاً في
مواقع المواجهات المسلحة، الى حد ان
حلفاءه الدوليين لم يعودوا يستطيعون
تغطية هذا العنف، فيما باتت اوصاف مثل
الجرائم ضد الانسانية والإبادة
والتطهير، الأكثر تداولاً في بيانات
الجمعيات الانسانية وجمعيات حقوق
الانسان. وما يرد من شهادات لمواطنين
سوريين من الميدان يكشف حجم العنف الذي
تعرضوا له، ليس فقط من جراء كل أشكال
القصف والقتل، وانما ايضا من الحصار
ومنع وصول الحاجات الاساسية اليهم،
خصوصاً الأغذية والدواء، اضافة الى
قطع الاتصالات والكهرباء. وربما يلخص الوضع في مدينة حمص، خصوصاً حي
بابا عمرو، هذه اللوحة السوداء، ليس
فقط خلال الحصار والقصف، وإنما أيضاً
بعد انسحاب «الجيش الحر» منها، ويلخص
حجم الارتكابات التي تقدم عليها
القوات الحكومية. ليس ما حصل في حمص نهاية المواجهة في
سورية، لكن النظام استطاع توجيه ضربة
قوية لمعقل اساسي للمعارضة. وقد لا
يكون سهلاً تفادي مثل هذه الضربات ما
دام الحكم متمسكاً بالحل الامني حتى
النهاية، وما لم يطرأ تغير فعلي في
معطيات المواجهة، خصوصاً على المستوى
السياسي. لكن لماذا حصل ما حصل في حي بابا عمرو؟ وهل
كان احد، خصوصاً في المعارضة السورية
بكل فئاتها، يتوقع اقل مما حصل في هذا
الحي؟ وهل كان من الممكن تجنيب هذه
المآسي الانسانية عن سكان هذا الحي
والأحياء الاخرى المماثلة في حمص
وغيرها من المدن؟ والأهم من كل ذلك، ما
هي المكاسب التي حققتها المعارضة
السياسية، في معركتها لتغيير النظام؟ الرد على كل هذه الاسئلة يقع في عمق
المسألة الجوهرية المتعلقة بعسكرة
المعارضة، وتالياً تحول المعركة
السياسية السلمية ضد النظام الى
مواجهة مسلحة. لتختصر المطالب
الإصلاحية بالقتال المسلح ضد النظام،
على ما رأينا في الايام الماضية. وهنا لا بد للمعارضة، خصوصاً «المجلس
الوطني»، التساؤل عن معاني مثل هذا
التحول او الدفع في اتجاهه. ومن
المعتقد ان بعض اطراف هذا المجلس،
ولغايات وحسابات ملتبسة وغير واضحة،
دفعت في اتجاه تبني سياسة التسلح
والعسكرة، حتى أن بعضها هدد بالانشقاق
اذا لم يتبنّ المجلس هذه السياسة.
وأغلب الظن ان اعلان تشكيل مكتب عسكري
جاء في اطار تفادي هذا الانشقاق. ما شكل
خطأ مزدوجاً، اذ لم يمنع ذلك تشكيل
تجمع خاص داخل المجلس، كما لم يلق
استجابة من «الجيش الحر». وفي هذا المعنى خضع المجلس لضغوط،
باتخاذه مثل هذا القرار من دون ان تؤدي
خطوته للنتيجة المرجوة، وتالياً فشلت
الخطوة في حماية حي بابا عمرو من
السقوط على هذا النحو المريع، كما أنه
من المستبعد ان تحصد نتائج مغايرة في
مواجهات اخرى. وهنا تنبغي اعادة النظر في معنى عسكرة
المعارضة، ليس فقط لان ميزان القوى
العسكري مختل على نحو قاطع لمصلحة
النظام، وانما ايضا لانه يغفل المعركة
السياسية التي ما تزال تتعثر المعارضة
في اطلاقها، رغم التأييد الاقليمي
والدولي الواسع لمطالبها، ورغم العزلة
السياسية المتزايدة للنظام، ورغم صمود
المحتجين واصرارهم على التظاهر بغض
النظر عن الاكلاف التي يدفعونها. سقط حي بابا عمرو بفعل اصرار النظام على
تركيع بؤرة معارضة مسلحة، رغم الصمود
والبطولات التي أبداها المدافعون
والسكان فيه. وهذا يعني ان الحماية لا
توفرها مثل هذه المواجهات المسلحة. كما
لا توفرها بطولات فردية او تصعيد لا
أفق له، كما أن أي تدخل خارجي لتوفير
هذه الحماية ما يزال ينتظر قراراً
مستحيلاً حتى الآن في مجلس الامن. لذلك قد يكون حان الوقت الى اعادة تقويم
اساليب العمل الراهن من أجل وضع برنامج
جديد عقلاني ومطمئن يستجيب المطالب
الاساسية للشعب، وكيفية الاستفادة من
الدعم والتأييد من الخارج من اجل تمكين
الحركة الاحتجاجية السلمية من
الاستمرار وتوسيعها، وصولاً الى
تحولها انتفاضة واسعة تدفع في اتجاه
تفكك سياسي داخل النظام، ومؤسساته
الحالية التي ما تزال تؤمن له القدرة
على البطش والتنكيل. ================= فايز سارة الشرق الاوسط 4-3-2012 فتحت قضية الصحافيين الأجانب في حي بابا
عمرو بحمص الباب مجددا على محنة
الإعلام في ظل الأزمة المستمرة في
سوريا؛ ذلك أن مقتل صحافية أميركية
ومصور صحافي فرنسي، ثم إصابة صحافيين
آخرين بجراح في الحي المحاصر، أثارا
ردود فعل دولية، سواء من جانب الدول
التي يحمل الصحافيون جنسياتها أو من
قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية
والمهنية، وقد تشارك الجميع في الحديث
عما أصاب الصحافيين، وهذا عزز حضور
الأزمة السورية لدى أوساط في الرأي
العام العالمي وهيئاته، وعكس معاناة
الإعلام ومحنته في ظل الأزمة التي تلقي
بظلالها على سوريا والسوريين منذ نحو 12
شهرا. منذ بداية الأزمة، أعادت السلطات السورية
تأكيد منهجها في التعامل مع الإعلام.
وإذا كان الإعلام الداخلي في شقيه،
سواء التابع للدولة أو العائد للقطاع
الخاص، تحت السيطرة الحكومية، وهو
ملتزم بتبني مواقفها والدفاع عن
سياساتها بشكل عام، فإن توجه السلطات
نحو الإعلام الخارجي ركز على أمرين؛
أولهما: التركيز على ضرورة التزام
مندوبي الإعلام الخارجي ومراسلي
الوسائل الإعلامية بتغطيات تتوافق أو
تتقارب مع الموقف الرسمي، والثاني
التدقيق في تدفق الإعلاميين لتغطية
الأحداث من خارج الجهات المعتمدة،
وحصر التدفق بإعلاميين متوافقين مع
السياسة الرسمية، أو بمن يقومون
بخدمتها. وبطبيعة الحال، فإن التغطية الإعلامية
لما يحصل في سوريا ما كان لها أن تقتصر
على الرواية الرسمية أو البقاء في
رحابها. وتوالت الخروقات الأولى من
تغطيات وشهادات صحافيين سوريين من
خارج الصف الرسمي والقريبين منه، ومن
ناشطين سياسيين وآخرين في وسط الحراك
من المحتجين والمتظاهرين، وقد استغل
الجميع وسائل الاتصال والتواصل في
تصوير المظاهرات، وفي فضح ما تقوم به
السلطات وأجهزتها الأمنية والعسكرية،
والتعليق على ما يجري، وإرساله
للفضائيات والوكالات ومواقع التواصل
الاجتماعي. وعلى الرغم من الأذى الذي
لحق بمن قاموا بتغطية الأحداث في
بدايتها؛ حيث قُتل واعتُقل وسُجن
البعض وتمت ملاحقة آخرين، فإن ذلك لم
يمنع من تزايد التغطيات الإعلامية
للأحداث في هذا النسق من التغطيات،
الأمر الذي جسدته ظاهرة الإعلاميين
المواطنين ممن أدركوا أهمية تغطية
الأحداث ودورها المزدوج من الناحيتين
الداخلية والخارجية. لكن هذا النوع من تغطية الأحداث
الميدانية لم يفِ بالاحتياجات المهنية
للمؤسسات الإعلامية، ولم يشبع جوع
الصحافيين لمعرفة وفهم ما يجري بصورة
مباشرة، الأمر الذي عبرت عنه المطالب
المتواصلة بضرورة فتح السلطات السورية
الباب أمام الإعلام للدخول إلى سوريا
وتغطية الأحداث، وهو أمر استجابت له
السلطات بصورة محدودة وسط شكاوى عدم
موضوعية التغطيات وانخراط الوسائل
الإعلامية في خدمة أجندات خارجية،
تخدم ما تصفه السلطات بالعصابات
المسلحة والتدخلات الخارجية في الشؤون
الداخلية للبلاد. غير أنه وخارج السياقات السابقة، فقد
تسلل صحافيون من وسائل إعلام مقروءة
ومسموعة ومرئية إلى مناطق سورية، منها
درعا وريف دمشق وحمص ومناطق إدلب، التي
تعتبر من أكثر المناطق التهابا،
والأكثر تأثرا بالعمليات العسكرية -
الأمنية التي تشنها السلطات ضد
المتظاهرين وحواضنهم الاجتماعية،
وعلى الرغم من أنه تم كشف بعض هؤلاء من
قبل السلطات وجرى احتجازهم قبل
تسفيرهم خارجا، فإن بعضا آخر نجح في
التسلل خارجا، كاشفا عن دخوله وخروجه
من خلال ما قام به من تحقيقات ومقابلات
وأخبار حملها من أماكن الأحداث، بينما
تأثر صحافيون بمجريات الأحداث، فقتل
بعضهم وجرح آخرون كما حصل مع صحافيين
من الولايات المتحدة وفرنسا. وإن كان من خلاصات حول محنة الإعلام في
الأزمة السورية، فإنه يمكن القول: إن
الوقائع والمعاناة، التي أحاطت
بالسوريين في ظل الأزمة، دفعت أشخاصا
من الإعلام غير الرسمي وناشطين سوريين
إلى القيام بدور في تغطية الأحداث
وتقديمها للرأي العام للاطلاع ومعرفة
ما يجري من أحداث وتطورات في مواجهة
تقصير الإعلام المحلي، سواء المملوك
للدولة أو الخاص، وغياب الإعلام
الخارجي أو محدودية حضوره في
التغطيات، وقد ولدت الأزمة السورية
ظاهرة الإعلاميين المواطنين، التي قد
يكون المثال السوري الأهم في
تجسيداتها العالمية، كما أن وقائع
الأزمة وعملية منع الدخول الحر
للصحافيين إلى سوريا دفعت بعضهم
للعبور غير الشرعي والقيام بتغطيات
وإن كانت مهنية في طابعها العام، فإنها
شديدة الإنسانية في محتواها؛ إذ كشفت
عن كثير من تفاصيل خفية في معاناة
السوريين أزمةً أوقعت فيهم خسائر
بشرية ومادية من الصعب الكشف عن
تفاصيلها قبل أن يسكت صوت الرصاص،
وتتوافر شفافية كاملة تبين حقيقة ما
حدث في سوريا. ================= ما يحدث بسوريا مجزرة
وليس حربا! طارق الحميد الشرق الاوسط 4-3-2012 تحدث المصور الصحافي التابع لصحيفة «صنداي
تايمز» البريطانية بول كونروي من على
سريره بأحد المستشفيات البريطانية
حديثا مذهلا عن الأوضاع في حمص، وذلك
بعد أن أنقذته كتيبة «الفاروق»
التابعة للثوار السوريين. ونسف كونروي
كل ما يقال عن أن حربا أهلية تدور
بسوريا حين قال إن ما يحدث هناك «مجزرة..
وليس حربا». حديث المصور البريطاني محزن، ومرعب،
خصوصا وهو خبير بتصوير الحروب
والأزمات، فقد روى في مقابلته مع محطة
«سكاي» التلفزيونية البريطانية
تفاصيل مذهلة، إلى حد أنه كان يقول
للمذيعة إنه لا بد أن يتحرك العالم
لفعل شيء، مضيفا «انسوا الحديث عن
الجغرافيا السياسية، انسوا
المؤتمرات، ليس وقتها الآن، علينا فعل
شيء لإنقاذ الناس هناك». كلام واضح، من
رجل طريح الفراش، منهك جسده
بالإصابات، وبالتأكيد أنه يفضح جرائم
النظام الأسدي، الذي استشعر بدوره
الخطر، بل قل الضربة، التي سيسددها
الصحافيون الناجون من حمص لنظام
الطاغية، حيث سيقومون بفضحه، وتحريك
الضمير العالمي، وتحديدا الأوروبي،
ضده، ولذا بادر نظام الطاغية بإصدار
بيان في وقت متأخر من مساء الجمعة،
يعبر فيه عن الحزن العميق لمقتل
الصحافية الأميركية، وهو النظام الذي
لم يشعر بلحظة شفقة وهو يقتل قرابة
عشرة آلاف سوري! فقد أدرك نظام
الطاغية، وكما قلت قبل أيام، أنه قد
وقع في الفخ. وكان واضحا أن نظام الطاغية قد شعر بالقلق
والارتباك، والدليل أن سفير الطاغية
لدى الأمم المتحدة كان يطالب أول اليوم
بمحاسبة الصحافيين الغربيين بحجة أنهم
دخلوا سوريا بلا إذن، مثله مثل محطة
حزب الله التي طالبت بالأمر نفسه،
بينما عاد نظام الطاغية ليصدر بيانا
لاحقا يعبر فيه عن حزنه لمقتل الصحافية
الأميركية! ولذا فإن روايات الصحافيين الناجين ليس
من شأنها إرباك نظام طاغية دمشق، أو
إفاقة الضمير العالمي وحسب، بل من
شأنها أيضا دحض الرواية الأميركية
السخيفة عن وجود «القاعدة» بسوريا،
فإنقاذ المصور البريطاني والصحافية
الفرنسية على أيدي كتيبة «الفاروق»،
التي تكبدت وفاة ثلاثة عشر من عناصرها
على يد قوات الأسد التي كانت تريد قتل
الصحافيين أثناء تهريبهم من حمص إلى
لبنان، كشف زيف ذلك، ف«القاعدة» التي
قطعت رأس الصحافي الأميركي دانيال
بيرل بأفغانستان لا يمكن أن تسمح
بتهريب فرنسية وبريطاني إلى لبنان! ولذا فإن شهادات المصور الصحافي،
وبالتأكيد ما سيصدر عن الصحافية
الفرنسية، سيكونان بمثابة الصفعة
لنظام الأسد، وكشف لجرائمه بسوريا
أمام المجتمع الدولي، وكيف لا والسيد
كونروي قال لمحطة «سكاي»: «الآن وقد
خرجت الكاميرات من حمص.. الله وحده يعلم
ما الذي سيحدث هناك»، مضيفا أنه «في
يوم من الأيام سنسأل أنفسنا ونحن نشعر
بالخزي: كيف سمحنا لتلك المجزرة أن
تحدث أمام أعيننا؟». وهذا السؤال يجب أن نسأله لأنفسنا اليوم،
وليس غدا، فما يحدث بسوريا مجزرة، وليس
حربا، وعار على العالم أن يسمح بحدوثها! ==================== عيسى الشعيبي الغد الاردنية 4-3-2012 عندما يكتب الرواة فيما بعد تاريخ الثورة
السورية، ويدققون في مسار تطوراتها
المختلفة، فإن من المرجح أن يقرؤوا
واقعة حي بابا عمرو على أنها كانت نقطة
انعطاف كبرى في هذا المسار الذي بدأ
سلمياً قبل نحو عام مضى، ثم تحول تحت
ضغط آلة قتل عمياء لا ترحم إلى ما يشبه
العصيان المدني، قبل أن يؤول إلى تمرد
عسكري مسلح، إثر انغلاق الدروب
السياسية، وزيادة التدخلات الخارجية،
ووصول الأطراف كافة إلى نقطة اللاعودة. فقد تحول بابا
عمرو في المدينة التي استحقت بجدارة
لقب عاصمة الثورة، إلى أسطورة صمود
مفعمة بالدلالات الرمزية لدى معظم
أطياف المعارضة، وكان لصموده المتواصل
لنحو شهر تحت وابل من القصف المدفعي
المركز، أثراً كبيراً في رفع وتيرة
المطالبات بالحماية الدولية وبتسليح
المنتفضين والمنشقين عن الجيش، فيما
راحت بعض القوى السياسية، التي خاب
أملها بحدوث تدخل خارجي، ولو على شكل
ممر إنساني، تعول كثيراً على صمود بابا
عمرو، وتتحدث عن لينينغراد مصغرة. وليس من شك في أن
المرارة التي تعقد الآن حلوق الذين
راهنوا على تجربة بابا عمرو، سوف
تدفعهم لإجراء إعادة تقويم للموقف
ومراجعة الحسابات السابقة، قبل أن
يخلصوا إلى نتائج مغايرة، لعل أهمها
الانتقال إلى مرحلة جديدة على طريق لا
رجعة عنه، قوامها التوجه بشكل رئيس إلى
عسكرة الثورة، بعدما كرّس اقتحام
الحيّ الثائر على النظام بقوة حربية
متفوقة بالعديد والعدة حقيقة أن
مغتصبي السلطة بالقوة، قبل أكثر من
أربعة عقود، لن يتزحزحوا عنها بغير
القوة. ومع أن مثل هذا
التوجه كان يتصاعد تدريجياً طوال
الأشهر القليلة الماضية، ويجابه
بأصوات وازنة، تراوح بين التحفظ
والاعتراض، وتخشى من الانجرار إلى
ملعب القوة التي يمتلك النظام الدموي
زمامها، إلا أن انتهاء تجربة بابا عمرو
على هذا النحو المروع، سوف يهمّش صوت
الاعتدال، ويضائل خيار التظاهر السلمي
والحوار، لصالح دعوة التسلح والمواجهة
العسكرية، التي ستكون طويلة مع الأسف
ودامية بكل تأكيد. وهكذا بدا حيّ
بابا عمرو أقرب ما يكون إلى تقاطع طرق
وقفت عليه المعارضة السورية حائرة،
تفاضل بين الخيارات، تتردد في العبور
نحو هذا المخرج أو ذاك، إلى أن تولى
النظام الذي ليس لديه سوى خيار القوة
المجردة، حسم الأمر بنفسه على رؤوس
الأشهاد، ذاهباً بمغامرته أحادية
الجانب إلى آخر المدى، جاعلاً من هذا
الحيّ الذي ملأ اسمه الآفاق، أمثولة
أخرى من أمثولاته التاريخية المحفورة
في الوعي السوري العام، مثل حماة
سابقاً وجسر الشغور وجبل الزاوية قبل
أشهر معدودات. بكلام آخر، فقد
بدا بابا عمرو كعنق زجاجة أمرد طويل،
علقت فيه قوى المعارضة دون أن تدري،
واستعصى عليها الخروج منه لفترة
مديدة، إلى أن قام النظام المتوحش
بتقديم دفعة ضغط قوية من تلقاء نفسه،
حطم فيها الزجاجة بالكامل، وحرر فيها
المعارضة من حالة الاستعصاء، وأطلق
لها حرية التفكير بمقاربة الأزمة من
زاوية مختلفة، بعيداً عن التموضع
وجهاً لوجه مع آلة قتل غاشمة، وعن
التورط في منازلات محسومة النتائج
سلفاً. وأحسب أن تخلص
قوى المعارضة السورية من فخ بابا عمرو،
الذي نصبه النظام الدموي، أو شجع على
الوقوع فيه، ناهيك عما سيتكشف قريباً
من ارتكابات وحشية ومجازر آدمية تورطت
بها كتائب الأسد في هذا الحيّ المستباح
للشبيحة، أمر من شأنه أن يسرّع في تحول
الثورة التي كانت سلمية حتى الأمس
القريب، إلى حرب غوار مفتوحة أمام
مختلف التدخلات الخارجية، وسط مناخات
عربية وإقليمية مواتية لتقديم الدعم
المالي والمادي، بما في ذلك الإسناد
الاستخباري والعسكري واللوجستي دون
تهيّب أو محاذير سابقة. خلاصة القول، أن
الثورة السورية ما بعد اجتياح حيّ بابا
عمرو لن تكون ما قبلها، وأن الخروج من
هذا الحيّ بأقل الخسائر لدى المقاومين
والنشطاء البارزين، كان خروجاً
بالإكراه من مأزق وقعت فيه الثورة بغير
بصيرة وبدون إرادة واعية على الأرجح،
فقد انكسر عنق الزجاجة، وانتهى التردد
على مفترق الطرق، وتقلصت الخيارات
المتاحة أمام قوى شعبية ما تزال بكامل
عافيتها الثورية، وتحدد على نحو حاسم
البديل الذي لم يعد بديلاً غيره، طالما
أن نظام الأسد لا يتقن سوى لغة القوة. ================= ياسر أبو هلالة الغد الاردنية 4-3-2012 لكل ثورة خصوصيتها في الربيع العربي، مع
أن المشترك فيها أكثر من المختلف.
فالمشترك أن الناس تسعى إلى الكرامة
والحرية والعدالة، بدون خسائر أو
بأقلها. والمختلف هو كيف يتعامل النظام
مع تلك المطالب؛ تبدأ حراكا إصلاحيا،
وتتطور ثورة سلمية، وصولا إلى الثورة
المسلحة. النظام العاقل هو من يكتفي
بالخطوة الأولى، ويحرص على عدم إراقة
الدماء، كما في المغرب والأردن
والكويت. والأقل عقلانية والأكثر
صلافة يعاند إلى مرحلة سفك دماء تسمح
بحل وسط مع النظام، كما حدث في تونس
ومصر واليمن. أما الخطوة الثالثة
فاقتصرت على ليبيا وسورية. في ليبيا، أتاح غناها بالنفط وبعدها
الجغرافي دعما مسلحا دوليا، قلل من
نزيف الشعب الليبي ومكنه من حريته
سريعا. وهو ما لم يتح للشعب السوري؛
فكلفة العمليات العسكرية لا تجد من
يتبرع بها، وملاصقة دولة الاحتلال
تجعل الخشية على أمنها أكثر من الخشية
على الدماء السورية. وإلى اليوم، يرفع
الشعب السوري شعار السلمية، ويُرد على
المتظاهرين العزل بسلاح القناصة
والسلاح الثقيل وحملات الإبادة
والتطهير. إنه شعب أعزل في مواجهة نظام طائفي مسعور.
ما حصل في حمص أن الثوار تسلحوا لحماية
الناس من الهجمات الطائفية التي يشنها
شبيحة الحيين العلويين، النزهة
والزاهرة. والثوار لم يكونوا يخوضون
معركة متكافئة مع أضخم جيوش العالم، بل
كانوا يمارسون استشهادا على الهواء
لاستفزاز الضمير العربي والإسلامي
والعالمي. وقد نجحوا في ذلك. إنهم كما
البوعزيزي وغيره من الذين أحرقوا
أنفسهم ليحرروا غيرهم. طبعا، احتفل النظام وشبيحته بدخول حي
بابا عمرو بعد شهر من قصفه وحصاره،
وكأنهم يدخلون الجولان أو مزارع شبعا (إلى
اليوم، وعلى رغم كل ما يقدمه حزب الله
لسورية، لا يعترف النظام بلبنانيتها
ويراها سورية!). وبقدر ما قدم النظام
صفحة قبيحة من الجبن والغدر والإجرام
والدموية، قدم الثوار أروع صور الفداء
والاستبسال، ولا يقل بطولة عن فتية
بابا عمرو أولئك "الأجانب" الذين
ضحوا بحياتهم أو كادوا من أجل نقل
الحقيقة. ولا شك أن دماء الصحفية
الأميركية أكثر عروبة ممن أراقها. إن العالم لم يتخلص من النازية بالمواعظ
الحسنة والقصائد التي تتغزل بضحاياها،
بل بتحالف ضم الاتحاد السوفياتي
وأميركا وبريطانيا وغيرها. ولولا ذلك
التدخل الدولي والتحالف الدولي لما
تخلصت البشرية من شرور النازية. فقد
استباح النازيون باريس كما استباح
نازيو سورية بابا عمرو، ولولا التدخل
الدولي لظلت باريس إلى اليوم تحت الحكم
النازي. لقد ثار شعب سورية منذ استيلاء أسرة الأسد
على السلطة، وقتل منه في حماة وحدها
أربعون ألفا. واليوم قتل نحو عشرة
آلاف، فكم من القتلى يجب أن يسقط حتى
يتسلح الناس؟! في ظل تعذر الحل العسكري
العربي والإسلامي والدولي، لا حل بغير
تلبية مطالب الشعب السوري بالتسلح.
إنها معركة قاسية تشن من طرف واحد هو
النظام الطائفي وحلفاؤه في إيران
ولبنان والعراق. ومن حق من يتعرض
للإبادة أن يدافع عن نفسه. وقد أثبت
الشعب السوري شجاعة نادرة في سلميته
وفي عسكرته، أين منها نظام بدأ عهده
بالهروب من الجولان وختمه بالهروب من
لبنان؛ مرة بعد أول طلقة إسرائيلية،
وفي الأخيرة هرب من دون رصاص؟! في العام المقبل سنشاهد من سيحتفل بصمود
بابا عمرو، ويحتفي بأبطالها وشهدائها،
في الوقت الذي نتابع على الهواء محاكمة
مجرمي الحرب. إن تضحيات أهل حمص تجعل
النصر أقرب من أي وقت. وليس صحيحا أن
العالم يتفرج! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |