ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
من المسؤول عن حماية
المدنيين في سورية؟ عبدالعزيز حمد العويشق الوطن السعودية 6-3-2012 تتحدى الأحداث في سورية قدرة الضمير
الإنساني على التحمل، ولكن العالم
يبدو مشلولا حيالها، بسبب الفيتو
الروسي والصيني في مجلس الأمن. ولكن
هناك ما يمكن القيام به لوقف المذابح
التي أصبحت ترتكب يوميا؟ في يوم الخميس الماضي (1 مارس 2012)، أدان "مجلس
حقوق الإنسان" التابع للأمم
المتحدة، في جنيف، النظام السوري بسبب
ارتكابه "انتهاكات خطيرة وواسعة"
ضد المدنيين. وكشهادة على الإجماع
الدولي بهذا الشأن، صوّت (37) لصالح
القرار، ولم يصوت ضده سوى روسيا والصين
وكوبا. وطالب القرار الحكومة السورية
بالوقف الفوري لجميع الاعتداءات على
المدنيين، والسماح لمؤسسات الإغاثة
بأداء عملها دون تأخير. وبالإضافة إلى قرار مجلس حقوق الإنسان
يوم الخميس، هناك تقرير اللجنة الخاصة
التي شكلتها هيئة الأمم المتحدة لتقصي
الحقائق في سورية، الذي رفعته في 22
فبراير 2012 ووثقت فيه انتهاكات حقوق
الإنسان، وأثبتت ارتكاب جرائم ضد
الإنسانية، وأوردت أسماء (38) مسؤولا
سوريا اعتبرتهم ضالعين في تلك الجرائم. وخلال اجتماع يوم الخميس، أبلغت السيدة
نافي بيلاي، المندوبة السامية لحقوق
الإنسان في الأمم المتحدة، المجلس
بأنها ترى إحالة ملف سورية إلى محكمة
الجنايات الدولية في لاهاي للتحقيق في
الجرائم ضد الإنسانية التي تم توثيقها. وفي اليوم نفسه، أصدر مجلس الأمن في
نيويورك بيانا عن سورية، للمرة الأولى
منذ أشهر، يندد بتدهور الأوضاع
الإنسانية في سورية، ويطالب الحكومة
بالسماح لمساعدة الأمين العام للشؤون
الإنسانية، فاليري أيموس، بالدخول إلى
سورية فورا ودون عوائق. وبدأت في الوقت
نفسه مشاورات حول مشروع قرار جديد في
مجلس الأمن، وإن كان الفيتو الروسي
الصيني ما زال يلوح في أفق تلك
المشاورات. ومما يصعب تصديقه، ولكنه حقيقة، أن
الحكومة السورية رفضت السماح للصليب
الأحمر الدولي بتقديم المساعدة أو
الحماية للمدنيين في حمص، سوى أنه سمحت
له بإخلاء الصحفيين الغربيين الذين
كانوا محتجزين في المدينة، وإخلاء جثث
الصحفيين الغربيين الآخرين الذين
قُتلوا هناك. ومن وجهة نظر النظام السوري، فإن الأمور
هناك تحت السيطرة، وعلى العالم أن
يحترم سيادته على شعبه، إذ يُفسّر
السيادة بأنها تعني الحرية في أن يعمل
ما يشاء للقضاء على الانتفاضة، بصرف
النظر عن كم من المواثيق والأعراف
الدولية يتنهكها خلال سحق تلك
الانتفاضة. فماذا يمكن للمجتمع الدولي أن يفعل
لحماية المدنيين أمام فشل النظام في
حمايتهم ورفضه أي محاولة دولية لتقديم
الحماية والدعم لهم، خاصة أن الحكومة
تبدو الطرف الأساسي الذي يهدد أمنهم
وسلامتهم؟ ثمة مبدأ مهم في العمل الدولي هو "مسؤولية
الحماية"، وهو مبدأ لو تم تفعيله
لساعد على بلورة العمل الدولي المشترك.
وقد تطور هذا المبدأ على مدى العقد
الماضي في نظرية وتطبيق القانون
الدولي الإنساني، وهو مبدأ يرتكز على
حقيقة أن السيادة ليست مطلقة بل تحكمها
مبادئ وأعراف أخرى لا تقل أهمية. ووفقا
لهذا المبدأ، فإن ثمة جرائم ذات صفة
دولية، تجعل من ارتكابها انتهاكا
وتحديا للنظام الدولي قانونيا
وأخلاقيا، وتُسمّى ب"جرائم الفظائع
الجماعية" وتشمل الجرائم ضد
الإنسانية، وجرائم الحرب، والإبادة
الجماعية، والتطهير العرقي. ويتبع ذلك
أن ثمة مسؤولية دولية مشتركة لحماية
المدنيين من هذه الجرائم على وجه
الخصوص، وكما أسلفتُ فإن ثمة أدلة
مقنعة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية
في سورية. ووفقا لهذا المبدأ، فإن الدولة المعنية
هي المسؤولة الأولى والأساسية عن
حماية سكانها من الجرائم ضد
الإنسانية، التي أشرتُ إليها، وعلى
المجتمع الدولي مسؤولية مشتركة
لمساعدة الدولة وتمكينها من توفير تلك
الحماية لو كانت غير قادرة على القيام
بذلك بمفردها. ولكن لو فشلت الدولة في
حماية سكانها من تلك الجرائم، فإن
المسؤولية لتقديم الحماية تؤول
للمجتمع الدولي، وفي حال لم يتمكن
المجتمع الدولي من تحقيق ذلك دون تدخل،
فإن مسؤوليته تتطلب التدخل لتوفير تلك
الحماية للمدنيين من تلك الجرائم. وفي حين إن التدخل العسكري يجب أن يكون
الملاذ الأخير، فإن ثمة وسائل أخرى من
الممكن، بل من الواجب، استخدامها، دون
موافقة الدولة المعنية إن لزم الأمر،
يأتي في مقدمتها توفير الحماية
للمدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية.
وفي واقع الأمر، فإن أكثر ماهو مُلحٌّ
اليوم في سورية هو توفير المساعدات
الإنسانية التي تنص عليها اتفاقيات
وبروتوكولات جنيف، والتي تُعتبر منظمة
الصليب الأحمر الدولي السلطة الرئيسية
المخولة بتنفيذها. وهذه المنظمة هي
المسوؤلة عن تقديم المساعدات
الإنسانية، وتوفير الحماية للمدنيين
إن لزم الأمر، في حالات مثل الوضع في
سورية حيث الدولة لا تستطيع تقديمها،
بل هي الطرف الأساس الذي أدى إلى تدهور
الأوضاع الإنسانية هناك. ومن المعروف
أن سورية، مثل بقية دول العالم، هي طرف
في اتفاقيات جنيف وملزمة بتنفيذها،
ولهذا ذكرت آنفا أن مما يصعب تصديقه أن
تمنع سورية المنظمة من العمل بحرية في
أداء واجبها الإنساني في حمص وغيرها من
المناطق المنكوبة، ذلك أن عدم السماح
للصليب الأحمر بأداء مهامه يُعتبر
إخلالا جسيما بالتزامات سورية نحو
المجتمع الدولي، ومؤشرا خطيرا على عدم
رغبتها في كشف الممارسات التي تجري
داخل سورية. ولذلك وإذا كان المجتمع الدولي يبدو
مترددا في اتخاذ خطوات حاسمة لحماية
المدنيين في سورية، فإنه وكحد أدنى يجب
أن يصر، من خلال مجلس الأمن أو بدونه،
على السماح للجنة الدولية للصليب
الأحمر بالعمل في سورية وأداء مهامها
التي تحددها اتفاقيات جنيف في تقديم
المساعدات الإنسانية والحماية
للمدنيين، وهذه هي الأولوية الأساسية. ================= الفارق بين حماة 1982 وحمص
2012؟ بقلم/ خيرالله خيرالله الراية 6-3-2012 ماذا بعد تأديب حمص؟ هل ذلك يعني ان الشعب
السوري سيوقف ثورته ويعود الى بيت
الطاعة؟ الجواب بكلّ بساطة ان ما حلّ
بحمص عموما وبابا عمرو على وجه التحديد
يعطي زخما جديدا للثورة السورية التي
كانت ولا تزال وستبقى امّ الثورات
العربية في العصر الحديث. انها ثورة
ترمز الى رغبة شعب بكامله في التخلّص
من نير العبودية واستعادة كرامته. من الواضح ان الشعب السوري يرفض الرضوخ
للحلّ القمعي والاستسلام له. حمص 2012
ليست حماة 1982 التي تعرّضت لمجزرة
مروّعة لم يعرف العالم شيئا عنها الا
بعد اسابيع عدة من حصولها. حمص في السنة
2012 تعرّضت لقصف مستمر بالاسلحة
الثقيلة منذ ما يزيد على شهر. حاولت
الاسرة العربية التحرك، كذلك المجتمع
الدولي، لكن روسيا والصين حالتا دون
ذلك. انهما تتحمّلان، مع ايران طبعا،
جزءا من مسؤولية الدم الذي سال
والمجازر التي حصلت. لن ينسى اهل حمص
ولا السوريون والعرب حماية طهران
وموسكو وبكين لنظام قاتل يعتقد ان في
استطاعته الانتصار على شعبه. امنت حماة في العام 1982 ثلاثين سنة اخرى
لنظام الراحل حافظ الاسد ثم لنجله
الدكتور بشّار الذي خلفه في السنة 2000.
السؤال الآن كم عدد السنوات التي سيبقى
فيها بشّار الاسد في السلطة بعد مجزرة
حمص؟ ليس صعبا الاجابة عن السؤال. النظام
السوري انتهى. كان هناك تواطؤ عربي
ودولي في العام 1982. صبّ التواطؤ في
اتجاه تغطية ما ارتكبه الاسد الأب. كان
تدمير حماة على اهلها كافيا كي يدبّ
الرعب في سوريا كلّها. صمدت جمهورية
الرعب التي تأسست في العام 1970 ثلاثة
عقود. خيّم السكون القاتل على كلّ
انحاء سوريا. اكثر من ذلك، نجح النظام
في جعل الرعب يخيّم على لبنان ايضا.
استهدف طرابلس واستهدف زحلة. قبل ذلك،
اي قبل مجزرة حماة، احرق مناطق مسيحية
واسلامية عدة في لبنان. من صيدا، الى
الدامور، الى الاشرفية... الى قرى
مسيحية حدودية في البقاع والشمال. بعض
هذه القرى حوصر وبعضها الآخر دمّر بشكل
منظّم بهدف نشر الرعب. عمل على تهجير
اهل هذه القرى لافتعال انقسام طائفي
ومذهبي في لبنان. بعد ذلك، ضرب ضربته
الكبرى بفضل الغطاء الذي امّنه له
الجنرال ميشال عون، النائب المسيحي
حاليا، الذي كان حليفا لصدّام حسين،
لدى احتلاله الكويت، كما كان يحتلّ
القصر الرئاسي في بعبدا في العام 1990. وقتذاك، بفضل عبقرية ميشال عون، دخلت
القوات السورية قصر بعبدا ووزارة
الدفاع اللبنانية في اليرزة للمرّة
الاولى منذ استقلال الوطن الصغير
وامنت سيطرتها على كلّ لبنان بعد
سيطرتها على سوريا نفسها. كانت حماة 1982 نقطة تحوّل على صعيد توسيع
نطاق سيطرة النظام على كلّ من سوريا
ولبنان. تمثّل حمص في السنة 2012 نقطة
تحوّل في اتجاه رحيل النظام الى غير
رجعة. فما لا يمكن تجاهله ان النظام
السوري خرج من لبنان في العام 2005 نتيجة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه
وذلك تحت ضغط اللبنانيين عموما
والشارع السنّي في المدن الكبرى
والمحافظات، على راسها بيروت وطرابلس
وصيدا خصوصا. عاد النظام الى سوريا
وصار نفوذه في لبنان مرتبطا الى حدّ
كبير بمشيئة "حزب الله" التابع
لايران. بدل ان يهتمّ بمشاكل سوريا
وشعبها الصابر، اعتقد ان في استطاعته
استعادة الاعتبار عن طريق تكرار تجربة
حماة 1982 في كل انحاء البلد بدءا بدرعا
الباسلة التي كانت اوّل من انتفض قبل
سنة. في العام 1982، وفّرت مجزرة حماة حياة جديدة
للنظام. في السنة 2012، يبدو ما شهدته حمص
اقرب الى النهاية من اي شيء آخر. لم
تخمد مجزرة حيّ بابا عمرو في حمص
الثورة السورية. على العكس من ذلك،
وفيما كانت قوّات النظام تتابع حملتها
على اهل المدينة، كانت مدن وبلدات عدة
في مناطق مختلفة تنتفض مجددا. شمل
التحرّك دمشق وحلب. كلّ ما يسعى السوريون الى اثباته في السنة
2012 هو ان التاريخ لن يعيد نفسه. ما بدأ
في حماة قبل ثلاثين عاما انتهى في حمص
التي تبدو مصمّمة على قطع الطريق على
اي محاولة لتقسيم سوريا وتفتيتها.
تحوّلت حمص بتنوعها الطائفي والمذهبي
والاثني الى قلب سوريا النابض. من حمص
يمكن اعلان نهاية النظام العاجز عن فهم
انه ليس في استطاعة اي حاكم، مهما بلغت
سطوته وعنجهيته والدعم الايراني
والروسي والصيني، الغاء شعبه الى ما لا
نهاية. حماة كانت البداية وحمص تبدو
وكأنّها النهاية! ================= لماذا ترفض واشنطن تسليح
المعارضة السورية؟ د.زهير فهد الحارثي الرياض 6-3-2012 كيف تقرأ
تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري
كلينتون عندما قالت بأنها ليست مع
تسليح الشعب السوري المعارض للنظام
والتي جاءت متزامنة مع تصريحات
المسؤولين الإسرائيليين التي طالبت
البيت الأبيض بالتمهل في إسقاط الأسد
بانتظار أن تتضح صورة البديل بين أطراف
المعارضة؟ طبعا كلينتون قالت أيضا للمحطة
التلفزيونية الأميركية: «نحن نعلم أن
أيمن الظواهري يؤيد المعارضة السورية
فهل نؤيد القاعدة في سورية؟ كما أن
حماس أصبحت الآن تؤيد المعارضة
السورية، فهل نؤيد حماس في سورية؟» في المقابل رئيس الوزراء الإسرائيلي
وخلال زيارته لواشنطن هذا اليوم
سيطالب اوباما بالتريث في إسقاط نظام
الأسد. المقام هنا يركز تحديدا على جزئية تتعلق
بالموقف الأميركي حيث كشفت عن تناقضات
واضحة فيه، وصراعه ما بين المصالح
والمبادئ، فواشنطن تحمل شعار
الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان من
جهة، ومن جهة أخرى تريد حليفاً يضمن
لها مصالحها في المنطقة طبعا من المؤسف أن السيدة كلينتون تفهم
الأمور على هذا النحو، وإن كان في
تقديري حديثها ما هو إلا ذر الرماد في
العيون، وتصريح كهذا بلا أدنى شك يعني
ضوءا اخضر للنظام السوري للاستمرار في
دمويته وقمعه وترهيبه. ومع ذلك نقول
بأن ذاكرة السيدة كلينتون تحتاج إلى
تنشيط، فقد فات عليها أن الزعماء العرب
الذين خلعتهم شعوبهم في كلٍ من تونس
ومصر وليبيا واليمن كانوا قد لوّحوا
بفزاعة القاعدة منذ بدايات الثورة،
وهو ليس بالأمر الجديد، واتضح لاحقا
بأنه غير دقيق. كما أن ذرائعها بعدم تسليح المعارضة بسبب
تأييد الظواهري للمعارضة أو لموقف
حماس وتأييدها للمعارضة السورية أيضا
، فهي قراءة خاطئة ونظرة قاصرة لأن
الشعوب العربية معروفة بمواقفها
الرافضة لتنظيم القاعدة ولنهج حماس
المعادي لعملية السلام. كما أن الجميع
على يقين بأن النظامين السوري
والإيراني هما من يوفران للقاعدة موطأ
قدم بغية تخويف دول المنطقة. بيد أن الأمر بدا وكأن ثمة تطابقاً ما بين
الرؤية الأميركية، وما تقوله دمشق في
وسائلها الإعلامية لاسيما عندما تتذرع
بوجود جماعات مندسة تحمل فكرا ذا طابع
متطرف وبالتالي فما تطرحه وزيرة
الخارجية ليس سوى حجج تتفوه بها لكي
تتهرب بلادها من التزاماتها الإنسانية
والأخلاقية ومسؤولياتها القانونية
والسياسية. ولذلك فتلكؤ الولايات المتحدة وترددها في
دعم المعارضة عسكريا أو التدخل عسكريا
لحماية الشعب السوري يثير الاستغراب
رغم معرفتها بمشاركة فيلق القدس
الإيراني وقوات حزب الله والصدريين
إلى جانب الجيش السوري في قتل الثائرين
والمدنيين ، كما أنها على دراية بما
تضمنه تقرير الأمم المتحدة من أن ثمة
حرب إبادة يتعرض لها الشعب السوري
الثائر. هذا التردد الفاضح يؤكد تلك الشكوك التي
عادة ما تساور دوائر صناعة القرار في
أميركا إزاء الوضع في العالم العربي.
لقد دفعت الثورات العربية التي أطاحت
بالدكتاتوريات بسيل من القلق والغموض
لخارطة السياسة الأميركية الخارجية،
ما جعلها تخشى على ما يتعارض مع
سياساتها من جهة، وضبابية التنبؤ
بطبيعة أنظمة ما بعد الثورة من جهة
أخرى، ولذا فسلوكها تجاه سورية كما
يبدو يعود لخشيتها من تبعات التغيير
السلبية على مصالحها وعلى أمن إسرائيل. على أن الربيع العربي هو من سحب البساط من
تحت أقدام القاعدة، وبوعزيزي الذي
أشعل النار في نفسه، هو من أرسل
للأنظمة السياسية رسالة سلمية ضد
الظلم والاستبداد والفساد وهدر كرامة
الإنسان ، لأن ما تريده الشعوب العربية
أنظمة ديمقراطية توفر الخبز والحرية
واحترام حقوق الإنسان، وأن يتمتع
الجميع بحقوق المواطنة بغض النظر عن
الجنس أو اللون أو العرق أو المذهب. اتضح بما لا يدع مجالا للشك في أن الخشية
تكمن في عدم اليقين من ثبات الموقف
الغربي عموما في ما يتعلق بمسألة
التدخل العسكري في سورية، كما اشرنا
آنفا، وبعبارة أخرى، لعدم وجود بديل من
جهة، وخشيتهم من انتماءات الثوار
السوريين من جهة أخرى، فتوجسهم مرده
إلى أن الجماعات والقوى السياسية
المعادية للغرب فضلا عن الضغوط
الإسرائيلية على الولايات المتحدة في
أفضلية بقاء النظام الحالي الذي يوفر
لإسرائيل أمنا واستقرارا على هضبة
الجولان. ومع ذلك تبقى مرحلة ما بعد بشار غير واضحة
المعالم لاسيما وان المعارضة السورية
لم تستطع إلى الآن أن توحد مواقفها
ورؤيتها لمستقبل سورية، ولا زالت
المصالح الفئوية تلقي بظلالها على
المشهد خصوصا في عدم وجود رؤية مشتركة
لقوى المعارضة. إلا أن المقام هنا يركز تحديدا على جزئية
تتعلق بالموقف الأميركي حيث كشفت عن
تناقضات واضحة فيه، وصراعه ما بين
المصالح والمبادئ، فواشنطن تحمل شعار
الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان من
جهة، ومن جهة أخرى تريد حليفاً يضمن
لها مصالحها في المنطقة كما كان يفعل
لها ذلك الأتراك ودول أميركا
اللاتينية في السبعينيات
والثمانينيات عندما كانت واشنطن تدعم
جيوشها مقابل موالاة تلك الأنظمة لها.
غير أن بقاء الحال من المحال، فتلك
الدول أو اغلبها لم تعد تدور في الفلك
الأميركي ، وتمردت عن قراره بعدما غزت
الديمقراطية عوالم تلك الدول
ودساتيرها، فإسلاميو تركيا ويساريو
أميركا اللاتينية ناهضوا النفوذ
الأميركي في بلدانهم. ويبدو أن هذا ما تخشاه واشنطن، على اعتبار
أن ما سيفرزه الربيع العربي من جماعات
وتيارات قد تصل إلى الحكم وتكون لها
مواقف مناهضة للسياسات والمصالح
الأميركية في المنطقة. وهنا تحديدا تكمن معاناة واشنطن، إلا أن
ما زاد طينها بلة كما يبدو، هو في صعود
وبروز شعبية الجماعات الإسلامية
بإخوانييها وسلفييها في دول عربية
عديدة. وفي كل الأحوال ، على الإدارة الأميركية
،بطبيعة الحال، إعادة النظر في
السياسة الخارجية بدءاً بالتخلص من
الهاجس الأمني، فضلا عن الأحكام
المسبقة تجاه جماعة أو تيار، وأن تتمسك
بمبادئها بحماية حقوق الإنسان والدفاع
عن الشعوب ولو بالقوة إن وجب الأمر،
ناهيك عن القيام بسياسة متوازنة
وعادلة في المنطقة فتتخلص من انحيازها
ودعمها لإسرائيل. صفوة القول، فإن العقل والمنطق والظرف
يدفع باتجاه في أن تُغلب واشنطن
المبادئ على مصالحها الآنية،لاسيما أن
أوباما ما فتئ يؤكد أن مصالح بلاده في
المنطقة لايمكن أن تأتي على حساب
خيارات الشعوب وتطلعاتها فهل تقدم
واشنطن وتنتصر للحرية والعدالة
والكرامة؟! وتبقى الآمال معقودة على أي حال. ================= د.عبد الله بن موسى الطاير الرياض 6-3-2012 كتبة القانون
الدولي منذ القدم أكدوا على أنه عندما
تبدأ دولة في القتل الجماعي لشعبها فإن
الواجب يحتم على الدول المحيطة بها
التدخل لحماية الشعب الأعزل. وتطبيقات
هذه الإلماحة التي كتبت في القرن
السابع عشر الميلادي بدت واضحة في تدخل
الناتو في البوسنة والهرسك، وفي ليبيا.
فلماذا لا يحدث الشيء نفسه في سوريا؟ في مقالة سابقة كتبت بأن سوريا هي قلب
التغيير في المنطقة الذي سيكون له ما
بعده، والرؤية لا تبدو واضحة للدول
التي تهتم بالشأن السوري وترغب في
مساعدته، فموقف أمريكا ليس بوضوحه في
البوسنة والهرسك، ولا في ليبيا، كما أن
الدول المحيطة بسوريا ليست على قرار
واحد مما يحدث، وبالتالي فإن الضوء لا
يبدو واضحاً في نهاية النفق المظلم
الذي دخلت فيه سوريا. ويقيني أن تلك
الضبابية مقصودة ومخطط لها وذلك
لخطورة الدور السوري في التركيبة
الحالية للشرق الأوسط خصوصاً بعد أن
فقدت إسرائيل وأمريكا إلى حين حليفاً
استراتيجياً مطيعاً في مصر، ولن تغامر
بالتعجيل في رحيل نظام الأسد طالما لم
تتأكد من البديل. وإذا كان الحل الحاسم للأزمة السورية غير
مطروح على الطاولة، وكل ما يتم تداوله
هو مقترحات وأمنيات أصدقها الموقف
السعودي، فإننا نتوقع أحداثاً جانبية
تطغى على الأزمة الداخلية السورية
وتعطي النظام المزيد من الوقت لترتيب
أوراقه وفرض الحلول التي يريدها، وفي
نفس الوقت تؤسس تلك الأحداث الجانبية
لإعادة صياغة المنطقة بشكل عام وعلى
نحو غير متوقع. الموقف الروسي والصيني يعطيان سوريا
وحليفتها إيران وامتدادهما في لبنان
تخويلاً باتخاذ إجراءات تشغل المنطقة
وداعمي الشعب السوري عن المجازر التي
ترتكب في حق شعب أعزل؛ وبالتالي فإن
دولاً في المنطقة مرشحة ربما لأحداث
تستهدف أمنها واستقرارها، وقد تعود
السيارات المفخخة لشوارع دول المنطقة،
كما أن الحوثيين في شمال اليمن قد
يلعبون دوراً في تخفيف الضغط على سوريا
وحلفائها خصوصاً بعد انتخاب مجلس شورى
إيراني جديد تغلب عليه الصبغة
المحافظة. وليس ببعيد من ذلك الحالة
البحرينية المرشحة لتكون مصدراً آخر
لتخفيف الضغط على سوريا وذلك في محاولة
مستميتة لصرف انتباه العالم إلى أحداث
كبرى في المحيط السوري بما يشغل الجميع
ويصرف انتباههم، فتكسب مكنة القتل في
سوريا وقتاً لفرض سياسة الأمر الواقع
على الشعب السوري. الغموض الأمريكي قد يجعلنا نتوقع ضربة
عسكرية أمريكية أو إسرائيلية أو
مشتركة للمفاعل النووي الإيراني مما
يحدث فوضى في المنطقة ويُعجّل بالحلول
الاستراتيجية التي تعيد صياغة المنطقة
بشكل كامل وبالتالي يكون الحل للأزمة
السورية ضمن حل شامل في الشرق الأوسط
الكبير يؤمّن إسرائيل والمصالح
الأمريكية، ويعيدنا إلى مرحلة الحرب
الباردة والاستقطابات المصاحبة لها. ومن يتابع الإعلام الأمريكي المحلي الذي
يشكل الرأي العام الضاغط على الساسة لا
يجد ذلك الاهتمام ولو من جانب إنساني
بما يحدث في سوريا، وهناك قناعة بأن أي
دور أمريكي عسكري هو أمر غير مرحب به في
المنطقة ولذلك نجد أصواتاً تحث الدول
الإسلامية الكبرى عسكرياً كدول الخليج
وتركيا وباكستان بأن تأخذ زمام
المبادرة وأن تتدخل لإنقاذ سوريا، وهو
أمر مشكوك فيه بدون تخويل من مجلس
الأمن. روسيا حسمت أمرها بانتخاب فلاديمير بوتين
رئيساً لها في تبادل أدوار خطط لها قبل
عدة سنوات مع الرئيس الحالي مدفيدف،
وبالتالي فإنها جاهزة للتعامل مع
مصالحها بتركيز أكبر من الولايات
المتحدة التي تعيش حملة انتخابية
رئاسية تستمر حتى السادس من نوفمبر 2012م.
وبالتالي فإنها لن تكون مهيأة للعب دور
في حل الأزمة السورية ولو أرادت ذلك
افتراضاً. الأزمة السورية تتطلب جدية من دول الجوار
وقطع الطريق على الإيرانيين، والخلايا
النائمة المؤيدة لها ولسوريا في دول
المنطقة، وأيضا قطع الطريق على
الأجنحة المتطرفة في الإدارتين
الأمريكية والإسرائيلية وذلك من خلال
تقديم حلول غير تقليدية للأزمة
السورية، فهل لديها النية والاستعداد
والقدرة؟ ================= تاريخ النشر: الثلاثاء 06 مارس
2012 د. طيب تيزيني الاتحاد يلاحظ المدقق في الوضع السوري الراهن أن
الوطن السوري يمر بمخاطر عظمى تهدد
وحدته الأولية. وفي هذا السياق، يتضح
أن تلك المخاطر تجد موقعها الآن في
الامتداد التاريخي لاتفاق سايكس - بيكو
الاستعماري، الذي بمقتضاه أصبحت سوريا
تابعة لفرنسا بصيغة بلد مُحتل، وحاول
الفرنسيون أن يفككوا هذا البلد من
الداخل بعد أن احتلوه، فكان في
استراتيجيتهم أن تظهر دولة للدروز
وأخرى للسُنة وثالثة للعلويين الخ. فما
كان من هذه الطوائف، وعلى رؤوسهم
زعماؤهم الوطنيون، إلا أن وقفوا
كالطود في وجه هذا المشروع التقسيمي
الاستعماري، حيث دخلوا في حرب استقلال
مضادة لفرنسا انتهت بالنصر وبتحقيق
استقلال سوريا الوطن. وفي أعقاب الاستقلال نشأ مشروع وطني
ديمقراطي يعيد لسوريا مسارها النهضوي،
بما عنى ذلك من دعوة إلى النهضة
والتنمية والتنوير. ومرة ثانية، فقدت
سوريا مشروعها الوطني الديمقراطي، بعد
اشتراط عبد الناصر على بعض زعمائها من
حزب "البعث" وقبول هؤلاء، أن
تُلغى بجرة قلم الأحزاب في سوريا (وكانت
أحزاب مصر قد ألغيت) وإنهاء المجتمع
السياسي والمدني. وعلى هذا الطريق تمت
تصفية المؤسسات التشريعية والقضائية
والتنفيذية، ليفتح الطريق على مصراعيه
أمام عملية الاستئثار بها، ولسنا
بحاجة لاسترجاع التجارب في العالم
التي تأسست وتضخمت في إطار مثل ذلك
الاستئثار حتى ندرك أن تلك التجارب
قادت إلى تهشيم البلاد عبر تدمير
بنيتها وفتح الطريق سالكة أمام
الأجنبي. وهذا، بدوره، ينجز الخطوة
الأخيرة الحاسمة، وهي تقسيم البلدان
التي تحت قبضتها كسبيل لإحكام القبضة
عليها. ذلك ما أسس له الأميركيون في
العراق مثلاً، الذي يفصح تقسيمه عن
نفسه بصيغة إضافية هنا وتقويته هناك،
إضافة إلى مسالك أخرى. وهكذا، فإذا كان الأمر على هذا النحو، فهو
أيضاً ذلك الذي تأسس في سوريا على مدى
أربعين عاماً ونيف. فقد أصبحت أهداف
واستراتيجيات الإصلاح في خبر كان بعد
ما وضعت طواقم أمنية وعسكرية أيديها
على كل شيء. وقد غاب عن أذهان من أراد أن
يحول سيطرة الأسد، الأب والابن، إلى
سيطرة أبدية، أن هذه الرغبة غير قابلة
للتحقق بالاعتبار التاريخي والسياسي
والأخلاقي، خصوصاً أن هذا الأمر في
سوريا المعنية، كان يفقد من مصداقيته
بسبب من تعاظم التصدع ها هنا، بحكم
الفساد والإفساد وتجويع العباد مع
إفقادهم كرامتهم وحرياتهم. لقد اختُصر
البلد الجميل سوريا إلى أقلية من
الحكام والمنتفعين النهابين، على قدم
وساق! وهذه الأقلية OLIGARCHY افتقدت الحكمة والتواضع، وزاد
الجشع النهَّم والاستهتار بوحدة البلد
المحصَّنة بالعدل وسيادة القانون
والدفاع عن المفلوكين، الذين لا
يملكون حتى أجسادهم، ها هنا، نستذكر
بمرارة الدرس العلمي العميق، الذي
قدمه ابن خلدون من القرن الرابع عشر
الميلادي، ويتلخص بأنه الطريق تصبح
سالكة أمام الحُكام في الداخل، وشهية
أمام الخارج الشَّبق. وبدلاً من اللجوء إلى استجابة عقلانية
متفهمة ل "الحقوق الشرعية المهدورة"،
واجه النظام الشباب مواجهة قاسية،
خصوصاً حين بدأ يستخدم الرصاص الحيّ،
فمن طرف راح هذا النظام يتهم جموع
الشباب بأنهم مجموعات مسلحة تخدم "الخارج"
أو بأنهم مُندسون أو سلفيون أو
إرهابيون. والحقيقة إن رؤوس النظام
أسهمت بذلك - بمعرفة أو بدونها - في
إضعاف الداخل، ومن ثم في تهيئته
للاختراق من قبل "مؤامرة كونية"
تسعى إلى تقسيم البلد طائفياً أو
عرقياً أو دينياً، وغير ذلك. ومن يعتقد
أن الخطأ، القاتل خصوصاً، يزول بتقادم
الزمن عليه، إنما هو واهم، والتاريخ
يقدم البرهان! ================= تاريخ النشر: الثلاثاء 06 مارس
2012 د. أحمد يوسف أحمد الاتحاد باتت فكرة تسليح المعارضة السورية تتردد
كثيراً في الآونة الأخيرة كرد فعل على
استمرار وحشية النظام السوري في
التعامل مع معارضيه وتصاعدها، وبلغت
الفكرة ذروتها بتصريحات وزير الخارجية
السعودي إبان انعقاد "مؤتمر أصدقاء
سوريا" في 24 فبراير الماضي. وقد تحدث
الأمير عن ضرورة نقل السلطة "طوعاً"
أو "كرهاً"، و"أن التركيز على
المساعدات الإنسانية وحدها لا يكفي،
كأننا نسمن الفريسة من أجل أن يستكمل
الوحش افتراسها"، وكيف أن فكرة
تسليح المعارضة فكرة ممتازة، لأنه
يتعين على المعارضة الدفاع عن نفسها.
وقيل إنه كان مندهشاً من تواضع مطالب
المجلس الوطني السوري التي عرضها د.
برهان غليون في المؤتمر، وقيل كذلك إنه
انسحب من المؤتمر احتجاجاً على تخاذله
في دعم ثورة الشعب السوري. ولم يعقب هذا الموقف تأييد رسمي حاسم من
الدول المعنية مباشرة بالشأن السوري،
وإن كانت هناك مواقف غير رسمية مؤيدة
لهذا، ولعل أهم هذه المواقف هو موقف
"الشيوخ الثلاثة" في الكونجرس
الأميركي جون ماكين (المرشح الجمهوري
السابق للرئاسة الأميركية) وجو
ليبرمان وليندسي جراهام، الذين أشاروا
إلى أن مساعدة المعارضة يجب أن تتضمن
"الحصول على الأسلحة والمعلومات
ووسائل الاتصال والتمويل والمعدات
الطبية، بالإضافة إلى استخدام طائرات
بدون طيارين لمراقبة تحركات قوات
النظام السوري وإبلاغ المعارضة بها". ولكن التأييد الواضح والصريح جاء من
المتظاهرين السوريين أنفسهم، فقد
ثمنوا فكرة الوزير السعودي، وقد ظهر
هذا في لافتات حملها المتظاهرون
ونقلتها الفضائيات التلفزيونية وقد
كتب عليها: "سعود الفيصل لم تقل إلا
الحق"، أو نقلتها الصحف العربية كما
ظهر في صورة لإحدى مظاهرات أدلب تقول
في عبارات صريحة "لا للمساعدات... لا
للممرات الآمنة... لا للعقوبات. نعم
لطائرات الناتو. نعم للتدخل العسكري".
ولاشك أن ثوار سوريا معذورون في موقفهم
هذا لأنهم هم الذين يتحملون مغبة العنف
المفرط من قبل النظام السوري ضدهم،
وعقم الحلول العربية والدولية حتى
الآن عن إيجاد مخرج لهم، ومن المعلوم
أنهم بدأوا يبنون مواقفهم إزاء
الكيانات التي يفترض أنها تمثلهم على
أساس موقفها من فكرة التدخل العسكري أو
تسليح المعارضة. وتبدو الدعوة إلى تسليح المعارضة للوهلة
الأولى دعوة منطقية، ولها نصيب واضح من
"الشرعية السياسية" نتيجة لرضا
المتظاهرين عنها، ولكن الأمر يبدو
أكثر تعقيداً بكثير في الواقع العملي،
وهو ما يدفع إلى محاولة تقييم الدعوة
بمنتهى الموضوعية والتجرد قدر طاقة
البشر على ذلك، وثمة ملاحظات أربع
أساسية في هذا الصدد. أما الملاحظة الأولى فتشير إلى أن تسليح
المعارضة السورية قد يكون قادراً على
إرهاب آلة قمع النظام السوري، ولكن ذلك
لن يفضي إلى حماية الشعب السوري كما
يتصور البعض، بل إن ازدياد الخسائر في
صفوف قوات النظام سيدفعها إلى "وحشية"
أكبر في مواجهة المعارضة، وسيهدد
تسليح المعارضة بحرب أهلية حقيقية لا
تبقي ولا تذر في سوريا، وهي مسألة
ستؤدي دون شك إلى معاناة هائلة
ومتصاعدة في أوساط الثوار السوريين
تزيد بكثير من معاناتهم الحالية. أما الملاحظة الثانية فيبرز معها خطر
الانقسام الداخلي في سوريا، فقد تعددت
تشكيلات القوى المعارضة على نحو
يذكرنا بما حدث في مصر في أعقاب ثورة
يناير 2011، وبالتالي فسيسلح كل من هذه
القوى نفسه -وبعضها للأسف مبني على
أساس عرقي- وبعد انتصار الثورة ستصعب
كثيراً السيطرة على هذه الفصائل
المسلحة، وقد تتحول إلى ميليشيات لها
مطالبها المبالغ فيها كما تشير إلى ذلك
الحالة الليبية، وقد يستخدم واحد من
هذه الفصائل أو أكثر سلاحه وخبرته في
الثورة في محاولة فرض انفصال جزء من
الأراضي السورية على أساس عرقي، وخاصة
أن الظروف العربية والإقليمية تبدو
مواتية لذلك (حالة أكراد سوريا على
خلفية الوضع الخاص لأكراد العراق،
وانفصال جنوب السودان عن شماله،
والتهديد بانفصال جنوب اليمن عن اليمن
الموحد). في الملاحظة الثالثة أشير بحذر شديد إلى
أن النظام السوري ليس وحده هو المستهدف.
هو اتبع أقصى درجات القمع وصوره في
التعامل مع مواطنيه عبر أكثر من أربعة
عقود، وقد نال جزاءه على هذا من الثورة
الشعبية التي أخفق لعام كامل في قمعها
دون أن يفهم منطقها حتى الآن. ولكن
النظام السوري شيء والدولة السورية
شيء آخر، وأعلم أن البعض وربما كثيرون
يعترضون على هذا المنطق ابتداءً، ولكن
سوريا تبقى رقماً مهماً في القوة
العربية عامة وفي المواجهة مع إسرائيل
خاصة. سيقولون إن الجيش السوري لم يطلق
رصاصة واحدة على إٍسرائيل منذ 1973، وهذا
صحيح، ولكن هذا الجيش بعد نجاح الثورة
سيكون جيش الشعب الذي يصد عنه أي عدوان
خارجي عامة ومن إسرائيل خاصة، ولعل هذا
تحديداً هو ما يزعجها كثيراً، وهو
التغير المحتمل في التوجه الاستراتيجي
السوري تجاه إسرائيل، ولذلك فإن من شأن
إصابة الجيش السوري بأضرار جسيمة
ستكون متوقعة في حالة تسليح المعارضة
أو حدوث تدخل خارجي أن ينعكس على
مستقبل المنطقة برمتها عامة والصراع
العربي- الإسرائيلي خاصة. ومما يلفت
النظر أن مطالبة جون ماكين وجو ليبرمان
وليندسي جراهام أعضاء مجلس الشيوخ في
الكونجرس الأميركي بأمور عديدة لدعم
المعارضة السورية، بما في ذلك تزويدها
بالسلاح، قد أشارت في الوقت نفسه إلى
استخدام الطائرات بدون طيارين التي
تحدثوا عنها "لمراقبة المواقع التي
تحتوي على أسلحة دمار شامل في سوريا"،
وبعيداً عن قصة امتلاك سوريا هذه
الأسلحة -وقد استخدمت من قبل كذباً في
حالة غزو العراق- فإن هذه الإشارة تعني
أن الدولة السورية قد تكون هي
المستهدفة لدى هؤلاء الذين ينتمون إلى
بلد لا يخجل من أن يصادق أعتى النظم
الاستبدادية بل ويتحالف معها. أما الملاحظة الرابعة والأخيرة فهي ذات
طبيعة مقارنة، إذ قد يدهش المرء من هذه
الحماسة "الثورية" التي تغلف موقف
البعض مما يجري في سوريا على عكس
الحالة اليمنية تماماً. لقد قتلت قوات
أمن علي صالح وجيشه من شباب اليمن
الثائرين من قتلت، وقصفت طائراته على
مدى شهور مواقع القبائل غير الموالية
له، ولكن حزبه بموجب التسوية السياسية
التي تمت يشكل نصف الحكومة
الانتقالية، ومجلس نوابه على ما هو
عليه، وهو قد حصل على حصانة قضائية غير
مسبوقة ضد احتمالات معاقبته على
جرائمه، ويعود "ليسلم" الرئاسة
للرئيس الجديد، وجيش اليمن وقوات أمنه
ما زالت خاضعة لابنه وأشقائه وأقاربه،
وهذه ملاحظة هدفها الوحيد الدعوة إلى
التأمل المقارن في أحوال الثورات
العربية والمواقف الخارجية منها. هل يعني ما سبق أن يترك الشعب السوري
فريسة للطاغية وأدوات قمعه؟ في الواقع
أن أحداً لا يمكنه أن يسر لذلك، لكن
الثورة بالأساس عمل شعبي، وعندما تعم
الثورة قطاعات الشعب السوري كله
وتتوحد معارضته وتشدد العقوبات
الخارجية على نظامه بما يؤدي إلى خنقه
لن تستطيع قوة كائنة ما كانت أن تقف في
وجه الثورة السورية. أما تسليح
المعارضة فليترك للتطورات الداخلية
داخل سوريا وما تفرضه من تكتيكات
واستراتيجيات للمعارضة، فلم ينشأ "الجيش
السوري الحر" أصلاً بقرار من
الخارج، وإنما جاء كتطور طبيعي
لمجريات الثورة السورية. ================= الأزمة السورية وتقاطع
المواقف واحتمالاتها نصوح المجالي الرأي الاردنية 6-3-2012 ما زالت المواقف تتقاطع وتفترق وتتصادم
في المسألة السورية في الاقليم وفي
الساحة الدولية وبين العرب. وعلى سطح الاحداث تبرز المشكلة السورية
مرسومة بألوان الدم والبارود والصراع
الداخلي الذي بدا سلمياً وتحول بسرعة
الى صراع مسلح وغير متكافئ, بين شعب
يطالب باصلاح دولته ويرفض الاستئثار
بالدولة وبين نظام حكم البلاد بقبضة
حديدية ولم يترك في الساحة الا من
يهللون لسلطانه. كان يكفي ادخال اصلاحات دستورية وقانونية
لتجاوز الازمة, إلا أن أي تغيير في بنية
النظام السوري ستطيح بالنهاية بجميع
اركانه ورموزه, ولهذا فضّل النظام
السوري الهروب الى الامام والمواجهة
الامنية في الداخل والمواجهة السياسية
مع العالم الخارجي فأحكم اغلاق
المنافذ على حرية الرأي وعتّم على ما
يجري في سوريا حتى فاحت رائحة الدم
وازكمت أنوف العالم. حاول العرب الدخول للازمة لتسهيل حلها
بالاصلاح فاصطدموا بالواقع, فلا مجال
للاصلاح الا لما يفرضه النظام من طرف
واحد, ولا مجال للحوار الا مع من
يختارهم النظام من رهطه, فتحول اكثر
العرب الى طرف في الازمة يطالبون
بالحشد الدولي والتدخل الدولي لنصرة
الشعب السوري. وعلى خط الازمة السورية دخلت الاحزاب
الاصولية بتفرعاتها ولبعضها ثارات عند
النظام السوري, فضلا عن مخاوف من تغلغل
النفوذ الايراني المذهبي في بلاد
الشام, مما اثار حفيظة اسرائيل التي
نصحت الولايات المتحدة ودول الغرب
بعدم التورط في النزاع السوري خوفاً من
وجود نظام ديني متطرف في سوريا, ولهذا
اقتصر الجهد الغربي الدولي على الدعم
السياسي والانساني في حده الادنى,
فتجربة التدخل في العراق انتهت الى
خيبة وخسارة كبيرة وضعت العراق في
النهاية بتصرف ايران. ولهذا نرى اسرائيل المتضررة من تحالف
سوريا مع ايران وحزب الله ترى في بقاء
النظام السوري اهون الشرّين, حتى لا
يستبدل النظام السوري بنظام سنّي
متطرّف بحسب رأيها, وهذا تقاطع آخر
مؤثر في التناقضات يفعل فعله في مسار
الازمة, فالمعيار الاساسي لدى الغرب
ضمان مصالح الغرب ومصالح اسرائيل. أما دول الخليج فقد نقلت معركتها مع
التغلغل الايراني من تخوم التماس مع
ايران في الخليج الى الامتداد
الاستراتيجي لهذا النفوذ في سوريا
ولبنان, فلا يمكن لدول الخليج التصدي
مباشرة لايران ولكن يمكنها تطويق
حلفاء ايران في الساحة العربية, بعد أن
فقد العرب الامل في تعاون سوريا في حل
ازمة لبنان أو لعب دور في تخفيف غلواء
ايران في الخليج العربي. تقاطعات سياسية عديدة حدثت في الموقف
العربي فدول الخليج وقفت سابقاً الى
جانب نظام صدام حسين ضد ايران في حرب
الخليج الاولى, واستطاع العراق في تلك
الحرب صد الهجوم الايراني وحماية
المنطقة العربية بما فيها الخليج ولم
يطل الوقت حتى انقلبت الادوار, وتحالفت
دول الخليج مع سوريا ودول عربية
والولايات المتحدة ضد صدام حسين في حرب
تحرير الكويت, الى ان تم الاطاحة بدولة
العراق, مما اطلق العنان للنفوذ
الايراني في المنطقة العربية فاصبح
العراق تابعاً لايران وسوريا حليفاً
ترتبط مصالحه بايران. واليوم تنقلب مواقف دول الخليج مرة اخرى
ضد النظام السوري بعد أن اصبحت منطقة
الخليج محاطة بالنفوذ الايراني, من
جانب ايران الجارة ومن امتداد نفوذها
ايضا في الهلال الخصيب. أما اسرائيل فتتربص بالجميع شيعة وسنة,
عربا وايرانيين, وترى في الازمة وسيلة
لحرق الساحة السورية واضعافها, وهدفها
اضعاف اطراف التحالف السوري الايراني
وتأجيج الصراع بين العرب وايران, فهي
تواجه خطرين, الخطر النووي الايراني
المحتمل وخطر الاصولية الزاحفة للحكم
في المنطقة العربية, وفي جعبتها ضربة
عسكرية للمفاعلات النووية الايرانية,
قد تخلط الاوراق المنطقة من جديد
وتغرقها في صراعات داخلية واقليمية,
عندها سيبدو الموقف العربي المناهض
للنظام السوري ولايران وكأنه ينسجم مع
اهداف اسرائيل, وهذا تقاطع آخر بين
المواقف المتناقضة في المنطقة. فاسرائيل التي افشلت التيار القومي
واليسار العربي بحرب حزيران 67, وافشلت
خط الاعتدال العربي برفض السلام قد
تفشل التيار الديني الصاعد والربيع
العربي وتضعه امام حقيقة تفاوت القوة
في المنطقة قبل ان يشتد عودة, لقد نجحت
اسرائيل في جعل التصدي للمشروع النووي
الايراني اولوية دولية, يدعمها موقف
اميركي يبدي استعداده لدعم اسرائيل
بكافة الوسائل المادية والسياسية
والعسكرية, بذريعة الدفاع عن نفسها,
كما جاء في خطاب الرئيس اوباما الاخير
في الايباك. لم يستطع الغرب واسرائيل منع المتغيرات
المفاجئة التي اتى بها الربيع العربي,
فاختارا مواكبتها والتعامل معها
بالاحتواء الناعم أولاً, ثم بالصدمة
اذا لزم الامر لتوجيه مسارها. وهذا ما تشير اليه مواقف دول الغرب
واسرائيل في هذه المرحلة فاسرائيل
تستعد عسكريا وتتحين الفرص لخلط
الاوراق وخلط المواقف العربية
والدولية المتشابكة انطلاقاً من
الساحتين السورية والايرانية. ================= الياس خوري 2012-03-05 القدس العربي الفتاة الصغيرة التي حملت وعاء كي تلتقط
به الماء، ووقفت تحت الثلج المنهمر في
حمص، قالت انها تعرف السر، وانها لن
تخبرنا سر المدينة الا عندما يسقط
الوحش عن عرشه الدموي. نقف معها تحت ثلج السماء، ووسط حمم القصف
الوحشي، نرتجف برداً، وتحترق اجسادنا
بنيران القذائف، ونقاوم العطش بالصبر
وبحبات الثلج المنهمرة! وقفت الفتاة وحيدة، في عينيها يلتمع كل
الكلام الذي لا يقال، و كانت تصدّ
الخوف، وتقاوم العطش باصابعها التي
رسم عليها البرد لونه الأزرق. لا اعرف اسم هذه الفتاة الحمصية، التي
وقفت في حي باب السباع وحيدة، ترتسم
براءة الطفولة على وجهها الجميل، ولا
تنتظر مساعدة احد. تعلمت الفتاة
الحمصية حقيقة انها وحدها، لا احد
سيأتي الى نجدتها، وحدها تنتظر الماء،
تعطش وهي تعرف ان لا شيء يروي عطشها. فتاة تتشح ببهاء الضوء الذي يشع من
عينيها، تنظر الى افق مغطى بالدخان،
وتدعونا الى تواضع الخجل. نخجل من
الماء الذي نشربه، ومن الطعام الذي
نأكله، نخجل من عجز كلماتنا عن ان
تبلسم جرحا، وتدفىء روحاً. فتاة صغيرة تقول كل الأسى ولا تنتظر
شيئاً، تعلمت انها ابنة المدن
المستباحة، وان حقها من الحق لم يأتِ
بعد. قادني صمت هذه الفتاة التي لا اعرف اسمها،
الى بيوت بابا عمرو المهدمة، رأيت
بعينيها الصغيرتين الجميلتين مخيم
جنين يئن تحت الركام، وتذكرت اطفال
ارنا، وشاهدت كيف تتشكّل نكبتنا من
خلال تناوب الاستبداد والاحتلال على
سحق ارادة الحياة فينا. ومثلما كان اطفال جنين وحدهم، كان اطفال
حمص وحدهم. ومثلما صنع اطفال جنين الأمل من الألم،
ينسج اطفال حمص من الثلج المنهمر تاجاً
ابيض اسمه الحرية. تعرف الفتاة الحمصية الصغيرة انها في
وحدتها تجسّد الألم السوري الذي ينتشر
في كل انحاء البلاد التي صارت اليوم
جرحاً مفتوحاً. منذ احد عشر شهراً
والدم ينهمر في مدن سورية وقراها، ومنذ
احد عشر شهراً، والعالم يتفرج على موت
السوريات والسوريين، ولا يقدّم لهم
سوى كلام العجز الذي صار اشدّ بؤساً من
العجز نفسه. كان لا بدّ من سورية كي يفهم العرب ان ربيع
ثوراتهم يصطبغ بدم الضحايا، وان اربعة
عقود من الاستبداد جعلت غلاظ الرقاب
يتحكمون بالناس. رجال صُنعوا من
التشوهات التي تركتها الوحشية على
ارواحهم، بحيث صاروا آلات صماء لا
تكتفي بالقتل بل تتلذذ به. كان لا بد من سورية كي نفهم معنى
الانتفاضات العربية بصفتها عودة الروح
الى مجتمعات تجمدت فيها الحياة، وان
استعادة الكرامة المهدورة تعيد المعنى
الى المعنى، وتعيد للانسان انسانيته
المفقودة. كان لا بد من سورية كي نعرف ان على المشرق
العربي ان يواجه لعبة الدول الكبرى
التي تسعى الى تحويل بلادنا الى ساحة
خلفية لحرب باردة جديدة. كان لا بد من سورية كي نقرأ من خلال الدم
المسفوح ان الاستبداد يهرب من مواجهة
شعبه الى الارتماء في احضان الحماية
الاجنبية. كان لا بد من سورية كي نعرف ان الدول التي
اغمضت عيونها عن جرائم الاحتلال
الاسرائيلي وغطته، لا تقدم لنا سوى
الوهم والتشكيك، لأنها حريصة على امن
دولة الاحتلال وتفوقها، وامن الدولة
الصهيونية الذي ضمنه الديكتاتور طويلا
لن يعود مضمونا اذا حكم الشعب نفسه
بنفسه، لأن لا احد يقبل بتغييب واقع
احتلال الجولان، الا من كان هذا
التغييب احد حججه للبقاء في السلطة. كان لا بد من سورية، كي نقرأ اللغة
الكولونيالية القديمة تستعاد من قبل
امبراطورية روسية لم تعد تملك من
الامبراطورية سوى وهمها. كان لا بد من سورية كي نكتشف ان ربيع العرب
لا يصنعه سوى العرب، وان مواجهة آلة
القمع الرهيبة، هي الاسم الآخر
لمواجهة القوى الخارجية الطامعة في
بلادنا، ووقف التفكك الاجتماعي، ووأد
اللغة الطائفية التي خرجت من مصانع
الاستبداد. الفتاة الحمصية الجميلة غطت رأسها بقبعة
من الصوف الذي يمتزج فيه اللونان
الأبيض والزهري، ومدت يديها البيضاوين
حاملة صينية من الالمنيوم، وقفت تحت
الثلج المنهمر لأن عطشها صار شبيها
بعطش الأرض، لأنها تعلم ان عطش القاتل
الى الدم لا يوقفه سوى عطش الأرض الى
الماء. دم في كل مكان، دم يعلن ان نهاية زمن
الاستبداد صار شرطا للوجود العربي.
الحرية ليست خيارا، انها الاسم الآخر
للحق في الحياة، وهي لذلك تخوض معركتها
الأخيرة في مواجهة المدافع التي تقصف
المدن. المستبد يشبه المستعمر، اسألوا الجنرال
ساراي الذي قصفت مدفعيته دمشق، اسألوه
عن هذا الذي قصف حمص ولا يزال يقصفها،
اسألوه عن قتلة الأطفال في درعا،
اسألوه عن تدمير حماة منذ ثلاثين عاما،
فسيبتسم ويقول ان هذا هو منطق الاحتلال. الاستبداد يصير اشبه بقوة احتلال خارجية،
يتمملك على الشعب، رغم انه لا يحمل من
ارث المماليك الذين طردوا الفرنجة سوى
نقيضه. يتمملك لأنه لم يدافع عن الوطن،
وترك ارضه محتلة اربعين عاما من دون
مقاومة. يتملك ويصير اليوم آلة صماء
للقتل والتشبيح والخراب. كان لا بد من سورية، كي يرى العرب واقعهم
في مرايا الدم المراق، وكي يقفوا مع
الفتاة الحمصية ويلتقطوا منها ثلج
الأمل. ================= متى سيتخلّى حزب الله عن
الأسد؟ عبد الرزاق قيراط 2012-03-05 القدس العربي انخراط حماس في تيّار الانتصار للشعب
السوريّ وإرادته التي لم تتراجع منذ
سنة للإطاحة بنظام الأسد أصبحت أمرا
معلنا قولا بعد أن كانت بكلّ تأكيد
تعاطفا شعوريّا تبرّره على الأقلّ
نضالات الفلسطينيّين أنفسهم في وجه
الطغيان الإسرائيلي. جاء الإعلان في خطبة جمعيّة حاشدة ألقاها
إسماعيل هنيّة في الجامع الأزهر في شكل
تحيّة تقدير وتأييد :'أحيّي كلّ شعوب
الربيع العربي وأحيّي شعب سوريا البطل
الذي يسعى نحو الحرّيّة والديمقراطيّة
والإصلاح'. ولأنّ المصلّين هتفوا ردّا على التحيّة
بالقول: 'لا إيران ولا حزب الله..ثورة
سوريّة عربيّة' طرحنا سؤالنا الذي يقرّ
بأنّ نظام الأسد مازال يتمتّع بتأييد
قويّ من حزب الله. ولكنّه قد يكون موقفا
قابلا للمراجعة في ظلّ التطوّرات التي
تعرفها الأزمة السوريّة وتأثيراتها
المتوقّعة على مجريات الأحداث. مراجعة
قد تُخرج حزب الله من دائرة أصدقاء
النظام البعثيّ الدمويّ إلى دائرة
أصدقاء الشعب السوريّ الثائر، غير أنّ
هذه النقلة ليست بالأمر الهيّن على
الحزب وهو المستعدّ للتضحية بحبّ
الشارع العربيّ له مقابل الصمود على
نفس الموقف المساند للنظام السوريّ
وتبنّي ذات القراءة التي تعتبر ما يقع
في بلاد الشام مؤامرة ضدّ رموز
المقاومة والممانعة. و لأنّ حماس التي تضامنت مع الشعب
السوريّ، من أعتى رموز المقاومة
والممانعة، يجوز القول إنّ أحد
الطرفين لا بدّ أن يكون على خطأ،
والأقرب للواقع أنّ حزب الله هو المخطئ
وخطأه نابع من خيار واعٍ، كما أنّ موقف
حماس يدلّ على وعي مخالف دعاه إلى
اختيار الصديق الحقيقيّ من بين أحد
الطرفين، نظام بشّار الذي آواهم في
الماضي أو شعب سوريّة الذي يبحث عن
المجير والنصير في الحاضر. في خطابه الأخير، برّر السيّد حسن نصر
الله مساندة النظام السوريّ 'بخطورة
المشروع الأميركي الإسرائيلي الذي
يعمل حالياً على إشاعة الفوضى في
المنطقة وهي تمرّ بظروف حسّاسة'. وفي
هذا الموقف قسط كبير من المنطق إذ لن
يكون سقوط نظام الأسد بدون ثمن قد
تدفعه المنطقة بأسرها، ولكنّ الثمن
الباهظ سيقع حينها على كاهل حزب الله
الذي طالما استفاد من التوازنات
الإقليميّة الحاليّة فضمنت له دعما
ماديّا ومعنويّا عبر النظام السوريّ،
وبسقوطه سيسقط ذلك الدعم الأمر الذي
يسعد إسرائيل وتروّج له عبر جريدة
يديعوت أحرنوت حيث نقرأ: 'حينما تتهاوى
إيران ويسقط الأسد يخسر حزب الله أيضا
سُمُوّه. فقد انتهت أيّام نشوة القوّة...
وأصبح حزب الله منظّمة مكروهة في
العالم العربي'. في هذا الكلام اعتراف بأنّ حزب الله كان
وربّما مازال محبوبا في العالم العربي
بفضل عدائه المبدئيّ لإسرائيل وثباته
بل وانتصاره عليها في حرب تمّوز 2006.
وفيه أيضا تعبير عن توقّع صائب بأن
يتسبّب سقوط نظام الأسد في انهيار حزب
الله نتيجة موقفه الذي أنكر الثورة
السوريّة واعتبرها مؤامرة خارجيّة. بتلك الرؤية، كان المؤتمرون في 'مؤتمر
أصدقاء سوريّة' الذي انعقد بتونس
متآمرين، وبنفس ذلك الجناس اللفظيّ
البلاغيّ نُظر إلى عبارة الأصدقاء
طباقا مع نقيضها، فكما كان متوقّعا
رفضت دمشق أعمال المؤتمر واعتبرت كلّ
الذين شاركوا فيه أعداء لها، وهي محقّة
في ذلك لأنّ أصدقاء سوريّة نوعان على
الأقلّ: صديق للنظام تتزعّمه روسيا
والصين وإيران وحزب الله، وصديق للشعب
انخرطت فيه أكثر من ستّين دولة وطالبت
بتأمين مسارات آمنة لدخول الإمدادات
الإنسانيّة إلى المناطق المنكوبة،
وعبّرت عن تمسّكها بمبادرة عربيّة ترى
في تنحّي الرئيس بشّار حقْنًا لدماء
شعبٍ يرغب في التحرّر من حكم أبديّ
لعائلة أجرمت في حقّ نفسها وفي حقّ
شعبها. و لأنّ أصدقاء الأسد من القوى التي تحمي
نظامه سيتناقصون يوما بعد يوم، ولأنّ
روسيا نفسها وحين تقتضي مصالحها _
ستتخلّى عن دمشق كما تخلّت عن بغداد
وخذلت صدّام حسين، نأمل أن ينخرط حزب
الله عاجلا وقبل فوات الأوان ضمن حلقة
الأصدقاء الذين يرغبون في نصرة الشعب
السوريّ، ولن يكلّفه ذلك نفس الحجم من
الخسائر التي قد تنجرّ عن مساندة
مستمرّة لنظام الأسد حتّى سقوطه. على
العكس من ذلك، حين ينضمّ حزب الله إلى
أصدقاء الشعب السوريّ المضطهد سيظلّ
محبوبا لدى كلّ الشعوب العربيّة،
وسيقطع الطريق على أحلام إسرائيل التي
تتمنّى زواله مع سقوط بشّار. ولعلّه
بذلك الموقف سيساعد الرئيس السوريّ
بشكل أفضل حين يمنعه من مواصلة السير
في طريق القتل والتصفية. ولجبران خليل جبران اللبنانيّ مقولة
حكيمة في معنى الصداقة تؤيّد ما ذهبنا
إليه حيث يقول: 'إذا أوضح لك صديقك فكره
فلا تخشى أن تصرّح بما في فكرك من
النفي، أو أن تحتفظ بما في ذهنك من
الإيجاب'. تلك هي نصيحة جبران التي نتمنّى أن يعمل
بها السيد حسن نصر الله مع الأسد،
ليكون حزب الله بذلك الموقف صديقا
حقيقيّا لسوريّة قيادة وشعبا. ' كاتب تونسي ================= سورية بين دعاة التسليح
ومعارضيه د. محمد صالح المسفر 2012-03-05 القدس العربي (1) الوضع في سورية لا يسر صديقا للنظام
القائم في دمشق ولا يعين صديقا للشعب
ليمده بالعون والمساعدة في جميع
المجالات. ان دعاة عدم تسليح الشعب
السوري ليسوا بالضرورة انصارا للنظام
القائم في دمشق وانما خوفا على وحدة
الوطن من انتشار السلاح بين الناس
وتدمير المخزون الاستراتيجي من
المعدات والاسلحة التي يمتلكها الجيش
السوري لمواجهة العدو الاسرائيلي
تذكروا قوة العراق العسكرية التي كان
يحسب حسابها على كل الصعد قبل احتلاله
وانتشار السلاح بين قوى وافراد لا نعرف
ولاءها للوطن العراقي. لقد انتشر
السلاح بين طوائف وقوى واقليات عن طريق
ايران في ظل صمت عربي مقصود اوجهل مطبق
نرى نتائجه اليوم على ارض الواقع.
العراق اليوم لا يملك السلاح لمواجهة
اي انقسامات او قلاقل داخلية لانه اصبح
دولة منزوعة السلاح، ومن يملك السلاح
في العراق هم دول الطوائف الا اهل
السنة والجماعة التي خذلت من قبل دول
الجوار. رأينا عواقب انتشار السلاح بين
افراد الشعب الليبي بحجة اسقاط نظام
القذافي الى حد مخيف، وانتشار دعاة
الفدرالية البغيضة بهدف تقسيم البلاد
الى ثلاث ولايات وما خفي كان اعظم .. المؤسف انه في كل قضايانا العربية نلجأ
الى المجتمع الدولي من اجل استيراد
الحلول . لجأنا الى حل مسألة الكويت
والعراق عام 1990 الى المجتمع الدولي
وكانت النتائج وخيمة بكل المعايير
واجزم بان الكثير من حكام العرب اليوم
نادمون على ما فعلوا بالعراق وما
يفعلون به. السؤال الموجه الى دعات التسليح، هل
فكرتم في تشكيل قوة عسكرية مدربة من
العسكريين 'الجيش السوري الحر' ودعمتم
تلك القوة بقوة اخرى من المتطوعين
انصار الحرية للشعب السوري وتدريبهم
وخلقتم لهم مجالات امنة لسهولة الحركة
والتدريب وتزويد هذه القوة بكل انواع
السلاح الامر الذي يجعله قادرا على
الوصول الى مقار الحكومة في دمشق؟ هل استخدمتم كل اتصالاتكم وعلاقاتكم في
الداخل السوري في تشجيع وحماية
المنشقين عن النظام سواء اكانوا تجارا
او عسكريين او كبار موظفي الدولة. ان
الانفاق المالي على خلخلة الادارة
المدنية والعسكرية وتشجيعها على
التمرد والعصيان المدني اكثر نفعا
وايجابية من الانفاق على شراء السلاح
وتوزيعه على العامة. انه من اسهل توزيع
السلاح بهدف الدفاع عن النفس لكن من
الصعب اعادة جمعه من الناس وهنا تكون
الخطورة. اني من دعاة تشكيل قوة عسكرية
مدربة ومسلحة للاطاحة بالنظام في دمشق
كما كانت بعض الدول العربية تسلح
المنشقين في جنوب السودان ودارفور
وغيرهما وكما تم تسليح اكراد العراق
للاطاحة بالنظام السياسي في بغداد
ابان حكم الشهيد صدام حسين رحمه الله . ( 2 ) في المجال الدولي، لا نجد معارضة شديدة في
اوروبا وامريكا في الاطاحة بالنظام
القائم لكن لهم محاذيرهم من سيطرة
التيار الاسلامي على مقاليد السلطة في
دمشق مما يؤثر على وجود اسرائيل كما
يعتقدون، وكذلك مخاوفهم التاريخية من
قيام دولة عربية اسلامية قوية في هذا
الشرق قد تزعزع مصالحهم في المنطقة،
ومن هنا يأتي دور التيار الاسلامي
الوسطي الذي يعمل على تحقيق التوازن
بين مصالح الامة العربية والاسلامية
من ناحية ومن ناحية اخرى مصالح الغرب
في المنطقة حتى يشتد ساعدنا ونكتشف
معالم الطريق . في روسيا تم انتخاب السيد بوتن في موسكو
للرئاسة للفترة القادمة وفي اعتقادي
ان الاتصال بموسكو اليوم وطمأنتها على
مصالحها في الشرق الاوسط واعتبارها
قوة دولية لا يمكن تجاهلها امر في غاية
الاهمية. روسيا تبحث عن مصالحها كغيرها من الدول
والعرب قادرون على تحقيق تلك المصالح
دون المساس بسيادتنا وكرامتنا ودون
الاخلال بمصالح الدول الاخرى. .روسيا
بها ما يقدر ب 25 الى 30 مليون مسلم
يشكلون في بعض الجمهوريات الروسية
اكثر من 60' من السكان، والكنيسة
الارثوذكسية مرجعيتها في الوطن العربي
مصر وبلاد الشام من الممكن الاستعانة
بتلك الدعامتين في التأثير على
السياسة الروسية الى جانب الاقتصاد
والسلاح. يجب ان ندرك بان روسيا لم يبق
لها في الوطن العربي غير طرطوس في
سوريا ولن تقبل التنازل او الضعف حيال
التمسك بالنظام الذي يحمي مكانتها في
دمشق، فهل نستطيع توسيع دائرة مصالحها
في الوطن العربي كمحطات بحرية في البحر
الاحمر والخليج العربي . الصين تقول الدراسات الجادة ان تعداد
المسلمين في الصين يتراوح بين 80 الى 100مليون
نسمة وان التبادل التجاري مع الدول
العربية سيصل بحلول 2015 الى 200 مليار
دولار، وان لها مصالح استثمارية في
السودان وبعض الدول العربية ومن
الممكن توسيع تلك المصالح وعلينا ان
نستخدم كل علاقاتنا مع الصين لتحقيق
مصالحنا الوطنية في كل المجالات. اخر القول: اتحدوا يا معارضي النظام
السوري بهدف اسقاط النظام ان كنتم
صادقين . ================= الحسابات الإقليمية
للثورة السورية الثلاثاء, 06 مارس 2012 ماجد كيالي * الحياة ثمة إجحاف كبير في حقّ السوريين لجهة
اعتبار بلادهم مجرّد موقع استراتيجي،
أو بمثابة مختبر لحسابات القوّة
الجيوبولوتيكية، أو محض ساحة للصراعات
الدولية والإقليمية. هذه نظرة تعسّفية
تعلي من شأن الخارجي على الداخلي،
وتحجب نوعاً من التواطؤ على تغييب شعب
سورية، وامتهان إنسانيته، ومصادرة
إرادته، ونزع مشروعية محاولاته الظهور
على مسرح التاريخ. هكذا ينبغي التمييز، وعدم الخلط، بين
ثورة السوريين من أجل حريّتهم
وكرامتهم وبين الصراع على سورية،
فالصراع الدولي يخصّ مصالح القوى
الكبرى، والفاعلين الدوليين
والإقليميين، لكن قضيّة الحرية في
سورية هي قضية تخصّ شعبها وحده، أي
رؤيته لذاته ولحقوقه ومصالحه. لا يعني ذلك إنكار حقيقة مفادها بأن ثمة
صراعاً على سورية لكن هذا يستلزم إدراك
أن الأمر ذاته ينطبق على عديد من
البلدان المهمّة في الشرق الأوسط، وفي
شكل خاص على مصر والعراق، كما يستلزم
أن نلحظ، أيضاً، أن الإرادة السياسية
للولايات المتحدة لم تعد قدراً لا يمكن
الفكاك منه، بخاصّة وهي تمرّ بإحدى
لحظات ضعفها. ومثلاً، ففي الحالة
الأولى اضطرّت الإدارة الأميركية إلى
التجاوب مع ثورة شعب مصر، على الضدّ من
مصالحها المتعلّقة بالتحالف مع نظام
مبارك المخلوع، وفي الحالة الثانية
فقد سحبت قوّاتها من العراق رغم
إدراكها أن هذا البلد بات بمثابة لقمة
سائغة لغريمتها إيران! ويستنتج من ذلك أن التقاطعات السياسية،
غير المباشرة وغير المتّفق عليها، بين
الفاعلين الدوليين والإقليميين
والمحلّيين، على اختلاف مصالحهم
وتباين رؤاهم، هي أمر يحدث، لا سيما في
عالم بات شديد التناقض والتداخل
والتشابك. وقد شهدنا ذلك مثلاً في
التوافق الدولي والإقليمي على تغطية
مداخلات سورية في لبنان ومشاركتها في
تحرير الكويت، وفي «تواطؤ» إيران مع
الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق،
ومناهضتها، والمليشيات التي تدعمها،
لعمليات المقاومة ضد القوات الأميركية
(وهذا ينسحب على «حزب الله» في لبنان!)،
ما يفيد بأن القوى الدولية والإقليمية
تكيّف نفسها مع التطوّرات الناشئة
لضمان مصالحها. وما يجب إدراكه أن وضع سورية في مهبّ
الصراعات الدولية والإقليمية إنما هو
نتيجة للسياسات الخارجية التي
انتهجتها في العقود الماضية، لا سيما
في شأن محاولاتها الإمساك بأوراق
إقليمية ساخنة (لبنان، فلسطين،
العراق، إيران)، ربما بعضها يفيض عن
حاجتها. وبغضّ النظر عن مشروعية أو وجاهة
الاضطلاع بهذه الأدوار، فإن المشكلة
بالنسبة إلى سورية ظلّت تكمن في
محاولاتها تعظيم مكانتها انطلاقا من
دورها الخارجي، وليس انطلاقا من
إمكانياتها ومواردها الذاتية (البشرية
والعسكرية والاقتصادية والعلمية)،
الأمر الذي أثقل عليها، وحمّلها فوق ما
تحتمل. ثمة مشكلة أخرى، أيضاً، وهي تتمثّل في أن
أدوار سورية الخارجية كانت تفتقد
لعوامل قوّة مجتمعية داخلية، ليس لأن
هذه الأدوار لم تكن موضع إجماع داخلي
فقط، وإنما لأن النظام السائد لم يؤسّس
ذاته على شرعية وقبول مجتمعيين، بقدر
ما فرض ذاته بوسائل الهيمنة والإكراه
والتهميش والاستبعاد. هذا يفيد بأن السياسات الإقليمية الفائضة
عن الحاجة، وبالأساس منها التماهي مع
السياسة الإقليمية لإيران، وبغضّ
النظر عن فاعليتها وصدقيتها، هي التي
أدخلت سورية في أتون التجاذبات
والمخاطر الخارجية. كما يفيد ذلك بأن
السياسات التي تم انتهاجها على الصعيد
الداخلي هي التي أضعفت المجتمع،
وزعزعت لحمته، وتركته مكشوفاً إزاء
التحدّيات الداخلية منها والخارجية. عموماً كانت السياسات السورية الخارجية
دائماً مثيرة للاهتمام، وكان واضحاً
أنها تضع البلد في مواجهات وتوظيفات
مجانية، لا تقصد لذاتها، بقدر ما أن
القصد منها تعزيز صورة السلطة، وإسكات
المطالبات الشعبية المتعلّقة
بالحريّات والمساواة والعدالة
الاجتماعية ومستوى الخدمات وأهليّة
جهاز الدولة. وقد يمكن القول إن التجربة السورية أكدت
قصور الادّعاءات المتعلّقة بالوطنية
إذا لم تنبثق من حاجات الناس، فهذه
ليست مجرّد تعبير جغرافي ينبثق من
الأرض/الإقليم، ولا تتحدّد بدلالة
الخارج فقط، كما هو دارج في الخطابات «القومية»
وخطابات التحرر الوطني، وإنما هي
مفهوم منبثق من المواطنة بمقاصدها
السياسية والقانونية المتمثّلة في
دولة المواطنين الأحرار والمتساوين. السؤال الذي يمكن طرحه الآن يتعلق بمدى
تأثير التحولات الجارية في سورية على
الواقع الإقليمي، لا سيما على تفاعلات
القوى المؤثّرة في الشرق الأوسط. فعلى المدى القريب يمكننا ملاحظة ضعف
وتفكّك محور (إيران سورية «حزب الله» «حماس»)
والذي يعرف بمحور «المقاومة والممانعة»،
فقد غادرت «حماس» هذا المحور، بعد أن
شهدت أن الربيع العربي يعدها بمكانة
أفضل. أما «حزب الله» فقد تراجعت
صدقيته وشعبيته في الأوساط الشعبية
العربية، بسبب عدم حساسيته حتى
الأخلاقية لما يجري في سورية. ومع أن
هذا الأمر حصل قبلاً بسبب انكشاف
سياسات إيران المذهبية في العراق
ولبنان، لكن الثورة السورية هي التي
كشفت هذا الحزب باعتباره مجرد حزب آخر
عصبوي، طائفي وديني ومغلق. بالنسبة إلى إيران فهي لا تبدو في أحسن
أحوالها، رغم كل التصريحات العنترية
الصادرة عن قيادتها، فهي استبشرت
بالربيع القادم من تونس إلى مصر، لكنها
انقلبت عليه بعد أن انتقلت رياحه إلى
سورية. عدا عن ذلك فإن إيران تواجه
حصاراً اقتصادياً وعزلة سياسية، وثمة
مشكلات اقتصادية مزمنة تعاني منها،
وضمنها انخفاض قيمة عملتها بمقدار
النصف (في الأشهر القليلة الماضية)،
وثمة انقسام في نخبتها الحاكمة (بين
المرشد والرئيس)، هذا فضلاً عن التململ
الكبير في بيئاتها الشعبية والتي
تبشّر بربيع إيراني جديد قادم. هذا يعني أن التداعيات الناجمة عن الربيع
العربي حجّمت كثيراً من طموحات إيران
الإمبراطورية، فهي بعد التطورات
السورية لن تستطيع اللعب كما في السابق
في منطقة الشرق الأوسط، وربما يقتصر
مجال نفوذها على العراق وحده، لأسباب
عديدة، لكن هذا لن يكون متاحاً لها،
على الأرجح، في منطقة المشرق العربي،
كما لن يكون ذلك من دون إثمان مقابلة
منها. بالمقابل ربما تكون تركيا هي الكاسب
الإقليمي الأكبر من التطورات الناجمة
عن الثورات الشعبية، وهذا ما ستكشف عنه
التطورات المقبلة. وفي الحقيقة فإن
تركيا استطاعت تحقيق هذه المكانة بفضل
قوّتها الناعمة، بتماهيها مع الثورات
الشعبية، وبالنموذج السياسي الذي
تطرحه والمتمثل في نظام ديموقراطي
وإسلامي/ وسطي، هذا فضلاً عن نموذجها
كدولة صاعدة اقتصادياً، وذلك في مقابل
إيران التي قدمت نموذجا لدولة مستبدة
تتوخّى تصدير الثورة بالاستناد إلى
عصبية مذهبية وبالاعتماد على ادّعاءات
القوة العسكرية. تبقى إسرائيل، وهي بيت القصيد هنا، فهذه
الدولة تبدو حقاً أكثر دولة متوجّسة من
التداعيات التي قد تنجم عن ثورات
الربيع العربي عليها، ذلك إنها باتت
الآن في مواجهة واقع سياسي لم تعتد
عليه، وأهمه صعود دور المجتمعات
العربية في تقرير سياساتها ومصالحها.
كما ينبغي أن نلاحظ هنا مسألة على غاية
في الأهمية وهي أن انهيار أنظمة عربية
موالية للغرب أنهى أسطورة طالما
روّجتها إسرائيل عن نفسها، باعتبارها
القاعدة التي تصون المصالح الأميركية
والغربية في الشرق الأوسط، بالتزامن
مع انتهاء ادّعائها كالديموقراطية
الوحيدة في المنطقة. وفي الواقع فإن الثورات العربية تخلق
مشاعر وإدراكات متضاربة في إسرائيل،
في شأن رؤيتها لذاتها كدولة يهودية،
ودورها على الصعيد الإقليمي، وفي شأن
مستقبلها. في هذا الإطار قد يمكن القول
إن الثورات الشعبية، بالتغييرات التي
أحدثتها، أتاحت نوعاً من الاسترخاء،
ولو الموقّت، في إسرائيل، حيث الدول
العربية مشغولة عنها بأوضاعها
الداخلية، لكن الشيء الأكيد أن
إسرائيل هذه ليست في وضع يسمح لها بأن
تكون متيقّنة من مستقبلها. * كاتب فلسطيني ================= مشاري الذايدي الشرق الاوسط 6-3-2012 من يرد التمتع بقسط من إبداعات العقل
العربي «المقاوم»، فلا يفوت مداخلات
المندوب السوري لدى الأمم المتحدة،
بشار الجعفري. الرجل يتمتع بصوت عميق، ومخارج حروف
رائعة، وطلة مسرحية كلاسيكية، تجعلك
توقن أنه كان من الممكن له أن يكون
مبدعا مسرحيا بالفصحى، ولعله يستثمر
الآن هذه الموهبة الدفينة له في كل
عروضه ومداخلاته السياسية في أروقة
الأمم المتحدة. مما يعجبني أيضا في أداء الدكتور الجعفري
هو تقسيطه للتصعيد، حيث لم يعتمد
التصعيد والحدة في الخطاب من أول
الطريق، بل بحسب الجهود الدولية
المقابلة لنظام رؤسائه في دمشق، يتجلى
هذا التكتيك في عروضه الصوتية الأخيرة
في الجلسة التي شهدت تقديم الأمين
العام للأمم المتحدة، بان كي مون،
تقريره عن الحالة السورية، وهو
التقرير الذي أكد المعروف للعالم كله
عن بشاعة ما ترتكبه قوات الأسد وجنود «الشبيحة»
في مدينة حمص مؤخرا.. بان كي مون قال في
تقريره إن قوات النظام السوري قامت
بانتهاكات لحقوق الإنسان على أعلى
مستوى، مضيفا أن لديه مخاوف من أن قوات
الحكومة السورية تقوم بعمليات إعدام
تعسفية وسجن وتعذيب ضد المواطنين في
مدينة حمص. وقال الأمين العام أمام الجمعية العامة
للأمم المتحدة المؤلفة من 193 دولة: «ما
زلنا نتلقى تقارير مروعة عن عمليات
إعدام دون محاكمة واعتقالات تعسفية
وتعذيب». هذا التقرير المرعب لم يعجب مندوب الأسد،
طبعا، فبادر بتقديم عرض لغوي باهر على
المنصة الدولية، وأطلق القنابل
الدخانية والصوتية، وجرب كل طبقات
الصوت من «القرار» إلى «الجواب»، وعزف
على وتر الصداقة مع بان كي مون وأنه
يعرفه جيدا، فلا بد أنه قد غرر به من
قبل البعض.. وأسهب «الدكتور» بشار، على
طريقه رئيسه «الدكتور» بشار أيضا،
وشرّق وغرّب، ثم هبط عن المنصة متوهما
أنه ضيع معالم الجريمة في حمص وبابا
عمرو، أتى بعده المندوب السعودي، عبد
الله المعلمي، وبكلمات مختصرة وموجزة
أكد الموقف السعودي والخليجي والعربي،
بل والدولي، في وجوب إيقاف آلة القتل
السورية، ووجوب نجدة المنكوبين هناك،
من دبابات وطائرات وصواريخ «الجيش
العربي السوري»! ووصف ما يجري بأقل
الأوصاف المستحقة، فلا يشك من لديه
مُسْكَة عقل أو نفحة أخلاق، أن ما يجري
هو «مجزرة» ترتكبها قوات النظام تجاه
السوريين في حمص وغيرها، شبيهة بمجازر
الصرب في البوسنة والهرسك. جن جنون الجعفري، وقرر الرد من فوق كرسيه،
في تكيتك جديد، وغيّر لهجته، وقرر
اتخاذ وضعية الهجوم الكاسح على
السعودية هذه المرة، متجاهلا الجميع،
وله الحق في هذا؛ فالسعودية هي الصوت
الأعلى والأكثر صراحة في وصف الحال
والضغط على عصابات الأسد. والطلب
بإرسال قوات سلام عربية ودولية إلى
سوريا المنكوبة. تحدث كثيرا، لكن أكثر اللحظات إثارة،
وأتوقع أنه كان يدرك هذه الذروة
الدرامية التي وصل إليها، لذلك تأنى
وتمهل في الكلمات، وضغط على الحروف،
ووزع النظرات العميقة، ذلك حينما وصل
إلى المطالبة ب«إرسال قوات أممية
وعربية وإسلامية إلى السعودية لحماية
السكان السعوديين المضطهدين في منطقة
القطيف»، موضحا أن «هذا تبرع مجاني ولا
نريد أن يموله أحد»، حسب نص وكالة
الأنباء السورية الرسمية (سانا)،
والجميع شاهد أيضا مداخلة الجعفري على
الشاشات. الجعفري قال أكثر من هذا
أيضا، حينما «نبز» السعودية بأنها تم
تسميتها على اسم عائلة المؤسس، بينما
هو ينتمي إلى «الجمهورية العربية
السورية»، قالها بشعور من يقول «لقد
وجدتها»، ثم اختتم بالتحذير من
استفزازه فلديه المزيد. هذا النوع من المفرقعات الصوتية ليس
جديدا على لغة الأنظمة البعثية
والتقدمية، وهذه اللغة «الاستعلائية»
المشوبة بنظرة احتقار قديمة لشعوب
الجزيرة العربية أو «الأعراب»، حسب
لغة قناة «الدنيا»، أو «سيريا نيوز»،
الناطقتان باسم نظام الأسد «العروبي»!
نوع من الشعور «الأجوف» بالتفوق، وردع
نفسي لأهل الخليج عن التدخل، باعتبار
أن أهل الخليج يخافون من الشتائم
والصراع الإعلامي الشرس، حسب تصورات
صحافة الستينات والسبعينات. هذا العنف اللفظي ربما كان يفلح، في ما
مضى، ربما، أما الآن فقد جرت في
الساقية مياه كثيرة، وجرت في نواعير
حماه دماء أكثر وأغزر، وكذلك في دروب
وأبواب حمص، مما يجعل «ما بيننا أكبر
من الشتم»، كما تقول القصة الشهيرة في
التراث العربي. لو كنت مكان أي مسؤول سعودي لوافقت على
اقتراح المندوب السوري بشأن أحداث
القطيف، بل ومولت هذه البعثة، بشرط أن
يتم بعث قوات أخرى عربية ودولية إلى
حمص وحماه ودرعا وإدلب وجسر الشغور
وجبل الزاوية ودير الزور والقامشلي..
تقريبا جل القطر السوري المنكوب، وليس
مجرد محافظة محددة، وقع في بلدة منها
أحداث أمنية، اعترفت بها الحكومة
السعودية، وتسعى لحلها، ضحاياها بضعة
أشخاص، وليس آلاف مؤلفة ومجازر على
الهواء مباشرة، بل وإبادة منهجية؛ كما
يروي الصحافي البريطاني (بول كونروي)
الذي نجا بأعجوبة من حمص وروى من فوق
سرير المرض لقناة «سكاي نيوز» واقع
الإبادة المرعبة في حمص للأطفال
والنساء وكل كائن حي، بكل أنواع
الأسلحة، ودون توقف على مدى أسابيع. هذه المقارنة العبثية في غاية الاستهتار
الأخلاقي والاستهانة بعقول الناس التي
ترى وتسمع وتقرأ، في زمن لم يعد فيه
مجال للإخفاء مع مواقع التواصل
الاجتماعي «الشرهة» لكل صورة وخبر، بل
وإشاعة حتى. أما أظرف ما ظن الجعفري أنه أحرج
السعوديين به، فهو إشارته إلى اسم
الدولة، وأنه ليس مثل سوريا..
الجمهورية العربية. حسنا، تغنى الجعفري باسم سوريا مقارنة
باسم السعودية.. ثم ماذا؟! أين المهم في
هذا؟! هناك «مجازر» يومية ترتكب من قبل
النظام ضد الناس السوريين، هذه هي
النقطة الفاصلة، وليس حذلقات لفظية لا
تقدم ولا تؤخر. ناهيك من أن الدكتور «المثقف» الفصيح، لو
كلف نفسه عناء البحث والوقت، لوجد أن
كثيرا من دول العالم إما تنسب إلى
أسماء أشخاص أو أحداث أو طبيعة الأرض
نفسها. واختصارا لوقته أذكّره فقط باسم
جمهورية بوليفيا في أميركا اللاتينية،
وهي من أكبر جمهوريات القارة، فقد سميت
بوليفيا بهذا الاسم، كما تذكر موسوعة «ويكيبيديا»،
نسبة إلى الجنرال الشهير سيمون
بوليفار المناضل الكولومبي والثائر
اللاتيني الذي ناضل من أجل تحرير
أميركا اللاتينية من الاستعمار
الإسباني. هذا فقط على سبيل التذكير،
وله أن يبحث عن أسماء كثير من الدول، بل
والقارات، مثل أميركا نفسها،
والفلبين، وحتى سوريا؛ حسب بعض
الأساطير القديمة. بكل حال، ليست هذه هي القضية، فهذا موضوع
ثانوي جدا، نظرا إلى الجرائم الموصوفة
التي ما زالت ترتكب، أثناء نشر هذا
المقال.. فهل يملك الجعفري عقلا وضميرا
آخر غير ما يملك بنو الإنسان؟ لو تكفي الفصاحة، والأداء المسرحي،
والعنف اللفظي، لحقن الدماء وتحقيق
العيش الكريم بعيدا عن فجور العصابات
الأسدية، لكان بشار الجعفري هو البطل
المنقذ فعلا.. ولكن غزارة الدماء
وانكشاف الدعاية الباطلة للنظام طيرت
قصاصات الكلام في أجواء الحقيقة. الوقت وقت الفعل لا الكلام يا سعادة
السفير.. وعذرا إن كان ما يستفزك هو وصف
ما يجري لا ما يجري نفسه من بلاء مهول! ================= هل السوريون ضحية إيران
مرة أخرى؟ طارق الحميد الشرق الاوسط 6-3-2012 كانت سوريا، ولا تزال، ضحية إيران، حيث
حول الأسد الأب والابن، دمشق إلى ورقة
من أوراق اللعبة الإيرانية بالمنطقة.
واليوم، وحتى بعد قرابة عام من الثورة
السورية، قد يصبح السوريون ضحية مرة
أخرى لإيران، وقد يقول قائل: كيف ذلك؟ فرغم حجم الجرائم التي يرتكبها النظام
الأسدي بحق السوريين، حيث تكتمل كل
عناصر الجريمة ضد الإنسانية في سوريا،
فإن المجتمع الدولي يقف عاجزا عن فعل
شيء، وحتى التصريحات الدولية الحادة،
وحديث أوباما الأخير عن أن أيام الأسد
معدودة، ليس لها ذاك التأثير العملي
على أرض الواقع. بل إن المجتمع الدولي
عاجز حتى عن فعل شيء أمام رفض طاغية
دمشق دخول الصليب الأحمر لبابا عمرو،
حيث بات واضحا أن النظام الأسدي يماطل
لكسب مزيد من الوقت وذلك لمسح آثار
الجرائم التي ارتكبها هناك. حسنا.. ما علاقة إيران بذلك؟ العلاقة تتضح
عندما تسأل في واشنطن: لماذا تتأخر
إدارة أوباما في اتخاذ خطوات عملية
تحمي السوريين، مثل بناء تحالف دولي
حقيقي ضد الطاغية الأسد؟ تأتي الإجابة
بأن الجميع في واشنطن مشغول بأمر واحد
وهو: هل ستقوم إسرائيل بضرب إيران؟ ففي
واشنطن هناك من يعتقد أن الأزمة
السورية يجب أن تحل على الطريقة
اليمنية، وأن على موسكو القيام بهذا
الدور، مثل ما فعلت السعودية في اليمن،
وعليه فإن الجميع بانتظار انتخاب
بوتين لأنهم يرون أن هناك مؤشرات على
تغيير قد يحدث في الموقف الروسي،
وبالتالي فهم يعولون على جهد أميركي -
سعودي - تركي، مع آخرين لتقوم موسكو
بإخراج الأسد من الحكم، لأن في واشنطن
من يعتقد أن التدخل الخارجي، حاليا، قد
يزيد من عدد القتلى بسوريا! وعليه فإن
تركيز واشنطن الآن منصب على إيران،
وليس سوريا، خصوصا مع زيارة نتنياهو
لأميركا. ومن هنا يبدو أن هناك تفكيرا في أن سوريا
لن تكون ذات أهمية في حال تم ضرب إيران
أولا، أي التركيز على الصورة الكبرى.
وكم هو مهم أن نلاحظ هنا أنه مع زيارة
نتنياهو نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن
طهران تزود الأسد بالأسلحة الثقيلة.
وعليه ففي حال تم توجيه ضربة عسكرية
مركزة على إيران فإن النظام الأسدي
سيصبح عاريا سياسيا، وبالتالي سيكون
سقوطه مضمونا، وبأقل التكاليف. وما
يرجح هذا الأمر هو أن إيران تحولت إلى
نقطة التركيز في واشنطن، وقبلها
بالطبع إسرائيل التي تضغط على أميركا
بهذا الاتجاه، وليس ما يفعله طاغية
دمشق بالسوريين، خصوصا إذا تذكرنا أن
إيران تمثل للأسد، ما يمثله الطاغية
لحزب الله، وبالتالي فإن ضرب الرأس، أي
طهران، سيعني موت الأطراف، ومنها
الأسد. عليه، فإن هذا يعني أن معاناة السوريين
ستطول أمام جرائم الأسد التي لا تتوقف،
وها هو يفعلها بالرستن اليوم،
وبالتالي فلا بد من موقف عربي - تركي
حقيقي تقوده السعودية، ودول الخليج،
يتجاوز التصريحات، والتنديد، لوضع حد
لمعاناة السوريين الذين قد يصبحون
ضحية لإيران مرة أخرى، نظرا للعبة
الحسابات، وترتيب الأولويات،
الدولية، خاصة لأميركا، بسبب الضغط
الإسرائيلي. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |