ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
/ رسالتي / الجيش الصربي
في سورية عبدالعزيز صباح الفضلي الرأي العام 7-3-2012 وأنا أتابع الأوضاع المأسوية في سورية،
لا أدري لماذا عادت بي الذاكرة إلى
مجازر الصرب التي ارتكبت ضد مسلمي
البوسنة والهرسك في بداية التسعينات. أخذت أقارن في الصراع وأطرافه وأحداثه،
فوجدت أوجها كثيرة للشبه بينهما،
فالهجمة الصربية ابتدأت ضد مسلمي
البوسنة بعد إعلان البوسنيين
استقلالهم ونيل حريتهم، وهو ما حصل من
النظام السوري حينما طالب الشعب بحقه
في الحصول على حريته ورفع كل القيود
التي فرضها النظام عليه. في البوسنة كانت هناك حملة تطهير عرقية
تجاه المسلمين وكان هناك قتل على
الهوية، والمشهد نفسه يتكرر في سورية،
حيث يسعى النظام لقتل المسلمين السنة
بالدرجة الأولى ومن أعظم الدلالة على
ذلك هو تدمير المناطق ذات الغالبية
السنية. الصرب لم يتورعوا عن ارتكاب أبشع صور
التنكيل بأهل البوسنة، وهو نفس ما فعله
البعث السوري، قتل دون تمييز بين رجل
أو امرأة، شيخ كبير أوطفل صغير، تعدٍ
على الأعراض، هدم للبيوت على أصحابها،
قصف للمساجد، قتل للمصلين... (تشابهت
قلوبهم وأفعالهم). مناظر المهجرين في الخيام على المناطق
الحدودية، والذين فروا من أجل النجاة
بأعراضهم ودمائهم، لا تكاد تختلف بين
المشهدين. من صور التشابه الدعم الروسي لكلا
النظامين الصربي والسوري، وهو ما يشير
إلى ما يتصف به الروس، والذين تدور
مواقفهم إما من منطلق التعصب الصليبي
العقدي كما هو في نصرتهم للصرب، أو من
المصلحة المالية والابتزاز الدولي،
وهو ما يبرر وقفهم مع النظامي السوري
المجرم. بعد توقف الحرب في البوسنة اكتُشفت
الكثير من المقابر الجماعية والتي
احتوت على الآلاف ممن كانوا في عداد
المفقودين، ولا أستبعد أن توجد مثل هذه
المقابر والتي ستكتشف بعد سقوط النظام
السوري، فتاريخه الأسود يجعلنا لا نشك
لحظة أنه لا يتورع عن ارتكاب مثل هذه
المجازر. برغم شناعة الحرب التي شنها كلا النظامين
والآثار المأسوية الناجمة عنها، إلا
أن صورا إيجابية متشابهة رأيناها تقع
مع تلك المأستين، فأهل البوسنة كانوا
بعيدين إلى حد ما عن الله عزوجل نتيجة
وجودهم تحت الحكم الشيوعي في
الجمهورية اليوغسلافية قبل الاستقلال
ولكنهم ومع بداية الحرب علموا أنهم
إنما يقتلون من أجل هويتهم الإسلامية
فحرصوا على المحافظة عليها، والأمر
الثاني يقينهم بأنه لن يفرج الكربة غير
الله، وقد نُقل لنا أن المساجد في
البوسنة امتلأت بالمصلين، وزادت نسبة
ارتداء نسائهم للحجاب، كما ارتفعت
نسبة الملتزمين بين الشباب البوسني،
وهو الأمر الذي تكرر في سورية وإن كان
الشعب السوري يعتبر أكثر محافظة. الوحدة والتلاحم الذي عاشه المسلمون خلال
حرب البوسنة نراه يتكرر اليوم مع
القضية السورية، فلا يكاد بلد عربي أو
مسلم عدا إيران والعراق إلا وتجد فيه
نصرة للثورة السورية، سواء بالمال أو
السلاح أو الغذاء، وحملات التبرع التي
شهدناها عبر القنوات الرسمية والخاصة
والتي جمعت مئات الملايين من
الدولارات خير دليل على ذلك. يبقى أن نختم بالقول انه كما تحقق
للبوسنيين حلمهم، واستطاعوا تثبيت
دولتهم المستقلة، فإن ذلك التحرر
سيتحقق على أرض سورية الحبيبة قريبا
بإذن الله. رسالتي عبر التاريخ لم يضع حق وراءه مطالب،
والثورة السورية يوما بعد آخر يشتد
عودها، ويقوى تماسك أفرادها
ومجموعاتها، ومع اشتداد المحنة ستأتي
المنحة، والنظام السوري سيسقط لا
محالة وإن زاد بطشه، وخطاب الثورة
السورية للنظام اليوم هو قول الله
تعالى ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى
الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم
الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا
إنا معكم متربصون ). ================= العودة لمجلس الأمن
لمعالجة الوضع في سوريا الجزيرة السعودية التاريخ: 07 مارس 2012 بعد أن اطمأن وضمن عدم ملاحقته ومحاسبته
على الجرائم التي يرتكبها في طول
البلاد وعرضها صعَّد نظام بشار الأسد
من جرائمه في سوريا؛ فبعد اجتياح أحياء
مدينة حمص واستباحة حي بابا عمرو في
المدينة، الذي شهد إعدامات جماعية
لمعارضي النظام، توجهت آلة قتل النظام
إلى ريف دمشق لاستباحة المدن هناك،
وتعرضت مدينة القصير لهجوم مدفعي من
قِبل كتائب الأسد، فيما انتشرت
الدبابات في محافظة دير الزور، وتهدد
كتائب النظام باجتياح مدينة معرة
النعمان في محافظة إدلب. هذا التصعيد الإجرامي لقوات بشار الأسد
تزايد في الأيام الأخيرة بعد أن عجزت
الجهود الدولية عن الحَدّ من أفعال
نظام بشار الأسد، ووقوف روسيا والصين
إلى جانبه، وتوظيف «الفيتو» لتغطية
أعماله الإجرامية. تصاعد الأعمال الإجرامية لقوات بشار
الأسد حوَّل أوضاع الكثير من المدن
السورية إلى واقع مأساوي، انعكس سلباً
على حياة المواطنين السوريين، وبخاصة
النساء والأطفال، الذين أخذوا يفرون
من مدنهم رغم الأجواء البالغة السوء من
برد قارس وتراكم للثلوج، ويضطر
الفارون من النساء والأطفال إلى قطع
مئات الكيلومترات للجوء إلى تركيا
ولبنان والأردن التي أخذت تواجه
ضغوطاً تتمثل في توفير أماكن إيواء
للاجئين، ومدهم بالغذاء والكساء. تبرز هذه الأوضاع المأساوية في ظل تردد
المنظمات الدولية في مساعدة المتضررين
السوريين، التي تواجه رفضاً قاطعاً من
النظام السوري ومنع أجهزتها وموظفيها
من دخول الأراضي السورية لتقديم
المساعدات، وتراخي الجهود السياسية
التي لا تزال تراوح في مواقفها،
وتستهلك أوقاتاً من أجل ترتيب عقد
لقاءات واجتماعات لم تفلح حتى الآن في
تقديم أي شيء للشعب السوري المحاصَر
بكتائب الأسد، التي زادت من جرائمها
بعد أن تيقنت من عجز المجتمع الدولي عن
وقف جرائمها. هذا الوضع الذي يتجه إلى الأكثر مأساوية
في سوريا، وفي ظل ضعف التحركات الدولية
وعدم وضوح الصورة لما يجب أن تتخذه
المنظمات الدولية لمواجهة منعها من
العمل على الأراضي السورية لمعالجة
الوضع في سوريا بعيداً عن الاستقطاب
الدولي الذي عطّل الحل من خلال التوظيف
الظالم لما يسمى بحق النقض، يستوجب على
الدول العربية العودة مجدداً إلى مجلس
الأمن الدولي لتحريك ضمائر الأسرة
الدولية، على أن يسبق ذلك تفاهم مع
القوى الدولية، وبخاصة التي اعترضت في
السابق جهود مجلس الأمن لمعالجة الوضع
المأساوي في سوريا، وبخاصة روسيا
والصين اللتَيْن أبدتا بعض التفهم
للمطالبات العربية، وهو ما سيتضح بعد
الاجتماع العربي الروسي الذي سيُعقد
في مقر الجامعة العربية، وبعد
التحركات الصينية التي يقوم بها
مبعوثوها صوب العواصم العربية الفاعلة. ================= خيرالله خيرالله المستقبل 7-3-2012 لا تبعد حمص عن حماة سوى خمسة واربعين
كيلومترا. لكنّ المسافة الزمنية بين
المدينتين عمرها ثلاثون عاما. انها
سنوات كافية للتأكد من ان العالم تغيّر
وان حمص في السنة 2012 غير حماة في السنة
1982. هذا يعني في طبيعة الحال ان الشعب
السوري لن يوقف ثورته ويعود الى بيت
الطاعة كما حصل في العام 1982 نتيجة
المجزرة التي تعرّضت لها حماة. الى
الآن، ليس هناك من يستطيع اعطاء رقم
محدد عن ضحايا المجزرة التي ارتكبتها
القوات التابعة لالوية معينة ذات صبغة
معيّنة. ما حلّ بحمص عموما وبابا عمرو على وجه
التحديد في السنة 2012 يعطي زخما جديدا
للثورة السورية التي كانت ولا تزال
وستبقى امّ الثورات العربية في العصر
الحديث. انها ثورة ترمز الى رغبة شعب
بكامله في التخلّص من نير العبودية
واستعادة كرامته. الدليل على ذلك ان
تدمير جزء اساسي من حي بابا عمرو لم
يوقف المقاومة. المقاومة مستمرّة. انها
مقاومة يمارسها شعب يرفض الرضوخ للحلّ
القمعي والاستسلام له. باختصار شديد، حمص 2012 ليست حماة 1982 التي
تعرّضت لمجزرة مروّعة لم يعرف العالم
شيئا عنها الاّ بعد اسابيع عدة من
حصولها. حمص في السنة 2012 تعرّضت لقصف
مستمر بالاسلحة الثقيلة منذ ما يزيد
على شهر. حاولت الاسرة العربية التحرك،
كذلك المجتمع الدولي، لكن روسيا
والصين حالتا دون ذلك. انهما تتحمّلان،
مع ايران طبعا، جزءا من مسؤولية الدم
الذي سال والمجازر التي حصلت. لن ينسى
اهل حمص ولا السوريون والعرب حماية
طهران وموسكو وبكين لنظام قاتل يعتقد
ان في استطاعته الانتصار على شعبه. امنت حماة في العام 1982 ثلاثين سنة اخرى
لنظام الراحل حافظ الاسد ثم لنجله
الدكتور بشّار الذي خلفه في السنة 2000.
السؤال الآن كم عدد السنوات التي سيبقى
فيها بشّار الاسد في السلطة بعد مجزرة
حمص؟ ليس صعبا الاجابة عن السؤال. النظام
السوري انتهى. كان هناك تواطؤ عربي
ودولي في العام 1982. صبّ التواطؤ في
اتجاه تغطية ما ارتكبه الاسد الأب. كان
تدمير حماة على اهلها كافيا كي يدبّ
الرعب في سوريا كلّها. صمدت جمهورية
الرعب التي تأسست في العام 1970 ثلاثة
عقود اخرى. ساد السكون القاتل في كلّ
انحاء سوريا. اكثر من ذلك، نجح النظام
في جعل الرعب يخيّم على لبنان ايضا.
استهدف طرابلس واستهدف زحلة. قبل ذلك،
اي قبل مجزرة حماة، احرق مناطق مسيحية
واسلامية عدة في لبنان. من صيدا، الى
الدامور، الى الاشرفية... الى قرى
مسيحية حدودية في البقاع والشمال. بعض
هذه القرى حوصر وبعضها الآخر دمّر بشكل
منظّم بهدف نشر الرعب. عمل على تهجير
اهل هذه القرى لافتعال انقسام طائفي
ومذهبي في لبنان. بعد ذلك، ضرب ضربته
الكبرى بفضل الغطاء الذي امّنه له
الجنرال ميشال عون، النائب المسيحي
حاليا، الذي كان حليفا لصدّام حسين،
لدى احتلاله الكويت، كما كان يحتلّ
القصر الرئاسي في بعبدا في العام 1990. وقتذاك، بفضل عبقرية ميشال عون، دخلت
القوات السورية قصر بعبدا ووزارة
الدفاع اللبنانية في اليرزة للمرّة
الاولى منذ استقلال الوطن الصغير
وامنت سيطرتها على كلّ لبنان بعد
سيطرتها على سوريا نفسها. كانت حماة 1982 نقطة تحوّل على صعيد توسيع
نطاق سيطرة النظام على كلّ من سوريا
ولبنان. تمثّل حمص في السنة 2012 نقطة
تحوّل في اتجاه رحيل النظام الى غير
رجعة. فما لا يمكن تجاهله ان النظام
السوري خرج من لبنان في العام 2005 نتيجة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه
وذلك تحت ضغط اللبنانيين عموما
والشارع السنّي في المدن الكبرى
والمحافظات، على رأسها بيروت وطرابلس
وصيدا خصوصا. عاد النظام الى سوريا
وصار نفوذه في لبنان مرتبطا الى حدّ
كبير بمشيئة "حزب الله" التابع
لايران. بدل ان يهتمّ بمشاكل سوريا
وشعبها الصابر، اعتقد ان في استطاعته
استعادة الاعتبار عن طريق تكرار تجربة
حماة 1982 في كل انحاء البلد بدءا بدرعا
الباسلة التي كانت اوّل من انتفض قبل
سنة. في العام 1982، وفّرت مجزرة حماة حياة جديدة
للنظام. في السنة 2012، يبدو ما شهدته حمص
اقرب الى النهاية من اي شيء آخر. لم
تخمد مجزرة حيّ بابا عمرو في حمص
الثورة السورية. على العكس من ذلك،
وفيما كانت قوّات النظام تتابع حملتها
على اهل المدينة، كانت مدن وبلدات عدة
في مناطق مختلفة تنتفض مجددا. شمل
التحرّك دمشق وحلب. كلّ ما يسعى السوريون الى اثباته في السنة
2012 هو ان التاريخ لن يعيد نفسه. ما بدأ
في حماة قبل ثلاثين عاما انتهى في حمص
التي تبدو مصمّمة على قطع الطريق على
اي محاولة لتقسيم سوريا وتفتيتها
واعادتها الى نظام الوصاية العائلي-
البعثي. تحوّلت حمص بتنوعها الطائفي
والمذهبي والاثني الى قلب سوريا
النابض. من حمص يمكن اعلان نهاية
النظام العاجز عن فهم انه ليس في
استطاعة اي حاكم، مهما بلغت سطوته
وعنجهيته والدعم الايراني والروسي
والصيني، الغاء شعبه الى ما لا نهاية.
حماة كانت البداية وحمص تبدو وكأنّها
النهاية. انها مسافة تفصل بين مدينتين
تختصر التحوّلات التي شهدها العالم في
ثلاثين سنة سقط خلالها جدار برلين
وانهار الاتحاد السوفياتي واحتلّ
الاميركيون العراق... واخرج اللبنانيون
القوات السورية من بلدهم! هناك بكلّ بساطة من لا يريد اخذ العلم
بذلك! ================= الحرب الباردة الجديدة
انطلقت.. من سوريا روبرت فيسك ترجمة: صلاح تقي الدين عن "الاندبندانت" 25/2/2012 المستقبل 7-3-2012 إذا امتلكت إيران السلاح النووي، "أعتقد
أن دولاً أخرى في الشرق الأوسط ستريد
تطوير أسلحة نووية". هذا الإعلان الصاعق جاء على لسان وزير
الخارجية البريطاني وليام هيغ في واحد
من أسخف الخطابات التي ألقاها. يبدو أن
هيغ أمضى معظم وقته في محاولة تقليد
نفسه، لذا لست متأكداً أي من الشخصيات
التي قلّدها هيغ ألقت هذا الخطاب. العيب الأول بالطبع هو عدم إشارة هيغ إلى
وجود دولة" أخرى في الشرق الأوسط
لديها بالفعل مئات الرؤوس النووية إلى
جانب الصواريخ القادرة على إيصالها.
هذه الدولة تدعى إسرائيل. لكن ساعدوني
في هذه المسألة، هل لم يذكر هيغ هذا
الواقع لأنه لم يعلم؟ بالطبع إنه على
دراية كاملة. ما كان يحاول قوله، هو أنه
في حال استمرت إيران في برنامجها
لإنتاج سلاح نووي، فإن الدول العربية
الدول الإسلامية- سترغب في الحصول على
سلاح نووي. وهذا من غير الممكن أن يحدث.
الفكرة التي لم تخطر على باله بالطبع
هي أن إيران تسعى لإنتاج سلاح نووي لأن
إسرائيل تملك هذا السلاح. ثم يأتي الخطأ التاريخي القاتل في خطبة
هيغ المنمقة. يحذر في خطابه من "الجولة
الأكثر خطورة في انتشار الأسلحة
النووية منذ ابتكار هذا النوع من
الأسلحة" والذي قد يؤدي إلى "خطر
حرب باردة جديدة في الشرق الأوسط" قد
تشكل "كارثة في الشؤون العالمية".
أعلم أن هيغ يجلس على كرسي عرش (رئيس
الوزراء البريطاني ثم وزير الخارجية
الراحل اللورد أرثور ) بلفور و(وزير
الخارجية ثم رئيس الوزراء البريطاني
الراحل السير أنطوني) إيدن وكلاهما من
الخبراء في شؤون الشرق الأوسط- لكن هل
عليه حقاً أن يتلاعب بالتاريخ بهذا
السوء؟ من المؤكد أن أسوأ جولة من
انتشار الأسلحة النووية حصلت عندما
امتلكت الهند وباكستان القنبلة
النووية، والأخيرة تعج بعناصر تنظيم
القاعدة ومنبت الطالبان ومرتع رجال
المخابرات المراوغين. ومع ذلك كان مريحاً الحصول على التطمين
بأننا "لا نؤيد فكرة قيام أي جهة
بمهاجمة إيران في الوقت الحالي".
ربما لاحقاً، إذن. أو ربما بعد انهيار (الرئيس
السوري بشار) الأسد، وبالتالي، حرمان
إيران من حليفها الوحيد الموثوق- في
الشرق الأوسط. وهو ما أشك أنه السبب
الرئيسي للحراك الدولي القائم ضد
الأسد. تخلصوا من الأسد ويمكنكم قطع
جزء من قلب إيران- علماً أن ما إذا كان
ذلك سيدفع (الرئيس الإيراني محمود)
أحمدي نجاد الغريب الأطوار إلى تحول
مصانعه النووية إلى مصانع حليب
للأطفال، مسألة أخرى. وهنا تكمن
المشكلة. فالأصوات القوية التي تدعو
لرحيل الأسد تعلو في كل مرة يرفضون
فيها التدخل عسكرياً للإطاحة بالرجل
نفسه. ففي كل مرة يطلقون وعداً بعدم
التحضير لخطة تمكن (حلف شمال الأطلسي)
الناتو من التدخل في سوريا، وبعد كل
مرة يزعمون فيها أنه لن تفرض مناطق حظر
طيران فوق سوريا- تعلو أصواتهم غضباً
متزايداً على الأسد. لماذا لا يتنازل
عن السلطة ويتوجه للتقاعد في تركيا،
وإنهاء المسرحية بالكامل، والتوقف عن
إحراجنا جميعاً من خلال إغراق بلده
بالقنابل ورصاص القناصين، وقتل الآلاف
الصحافيين من ضمنهم- في الوقت الذي
نفجر فيه غضبنا ببراءة من المكاتب؟ لا داعي للقول إن هيغ يرغي في كلامه عن
سوريا ويلتف على الموضوع في الوقت الذي
من المفترض أنه "لا يؤيد فكرة أن
تقوم أي جهة بمهاجمة سوريا في الوقت
الحالي". وهنا المأزق الحقيقي لوزير
الخارجية البريطانية. لقد كان يدين
بشدة وعن حق مقتل (الصحافية الأميركية)
ماري كوفلين التي قتلت في حمص في
الأسبوع الماضي المرة الأخيرة التي
شاهدتها فيها كانت في الأيام الأخيرة
من الثورة المصرية متوجهة كالعادة نحو
مكان سقوط القنابل المسيلة للدموع- لكن
هناك المئات من الأبرياء الآخرين
الذين قتلوا بوحشية في سوريا من دون أن
يصدر أي همسة أو كلمة يدين فيها هذه
الحالات. كلا لن نقحم أنفسنا في المسألة السورية
وشكراً جزيلاً على ذلك. والحرب الباردة
الجديدة في المنطقة التي كان يحذر هيغ
من نشوبها قد بدأت فعلاً بسبب سوريا
وليس إيران. الروس واقفون ضدنا في هذه
المسألة ويدعمون الأسد بقوة ويدينوننا.
إن ردة الفعل التي يتوقعها (رئيس
الحكومة الروسية فلاديمير) بوتين من أي
بديل للأسد لا تزال لغزاً، كما أن
سوريا "الجديدة" لن تكون بالضرورة
"الديموقراطية" التي يرغب هيغ
وباقي الغرب برؤيتها. في نهاية الأمر، لن ينسى السوريون
الطريقة الصامتة التي وافق من خلالها
البريطانيون والأميركيون على المجزرة
الرهيبة التي راح ضحيتها عشرة آلاف
مسلم سني في حماه في العام 1982. في
الواقع، تحل خلال الأسبوع الحالي
الذكرى 39 لتلك المجزرة التي خطط لها
ونفّذتها "سرايا الدفاع" التي كان
يقودها العقيد رفعت، عم بشار الأسد. لكن كما هيغ، فإن لرفعت الأسد شخصية أخرى.
فبعيداً عن صفة "جزار حماه" التي
يرفضها بشدة- فهو اليوم رجل نبيل
متقاعد ودود، يعيش برفاهية ملحوظة
وبحماية قريبة جداً من إدارة هيغ. في
الواقع، إذا التفت هيغ وشخصيته
المزدوجة إلى اليسار خارج مبنى وزارة
الخارجية البريطانية فبإمكانه
الالتقاء بهذا الرجل الذي يقيم في
ضاحية ماي فير. وهذا الواقع سيكون
كارثة، أليس كذلك؟ ================= أهم أعمدة المرحلة
الانتقالية في سوريا عبدالله تركماني () المسنقبل 7-3-2012 دلّ الحراك الشعبي السوري على أصالة حركة
التغيير، التي لم تكن سوى نتاج تفاعل
داخلي ونضالات طويلة ومعقدة لقوى
وحركات سياسية وفكرية، على مدى عقود من
الزمن. مع وجود أوضاع دولية مشجعة،
خصوصاً الموجة الداعمة لقضايا حقوق
الإنسان والحريات على المستوى
العالمي، تلك التي ازداد رصيدها منذ
انتهاء الحرب الباردة في العام 1989، حتى
وإن تم توظيفها لأغراض سياسية، إلاّ
أنها موضوعياً خلقت أجواء مناسبة
دولياً للتغيير والانتقال
الديمقراطي، بغض النظر عن ازدواجية
المعايير وانتقائية السياسات. لقد أكد السوريون، كغيرهم من شعوب
العالم، أنهم يرفضون الاستبداد
ويطالبون بالعدالة والمساواة وسيادة
القانون والشفافية والمساءلة ومستوى
معيشة مقبول. إلا أنّ تحديات كثيرة
ستواجه سوريا في المرحلة الانتقالية
من الاستبداد إلى الديمقراطية، ولكن
من الممكن التعاطي المجدي معها إذا ما
توفرت إدارة عقلانية للموارد المادية
والبشرية والاستراتيجية السورية. ويُقصد بالمرحلة الانتقالية تلك الفترة
التي تمتد بين إسقاط النظام السوري
والتأسيس للدولة الديمقراطية،
وتعترضها - بداية - تحديات تتمثل
بالتنازع على مصير النظام المندثر
وكيفية محاسبة رجالاته، خاصة أولئك
الذين لوثوا أيديهم بدماء الشعب
السوري وأفسدوا بالمال العام، وعلى
الحلول المباشرة الواجبة لتأمين حاجات
المجتمع وأمنه. وتكتنف تلك المرحلة
مهمات متنوعة، كصياغة دستور جديد
وتشريعات تضمن حقوق الإنسان والمواطنة
وقضاء مستقلاً وإعلاماً حراً وتنمية
مستدامة ومؤسسات نزيهة لضمان الأمن.
وأكثر ما يهددها هو العمى الأيديولوجي
لدى البعض والتعصب الفئوي لدى البعض
الآخر، اللذان ينذران بنشوء بؤر
متفجرة للنزاعات الطائفية أو المذهبية
أو القومية، ما يفسح في المجال أمام
تصاعد العنف وإسقاط مشروع الانتقال
الديمقراطي برمته في أتون الفوضى
والصراع الأهلي. وهي مرحلة قد تطول أو تقصر، تبعاً لحجم
المشكلات والصعوبات ولنوعية
المعوِّقات السياسية التي تعترضها،
والناتجة عن الآثار السلبية لنظام
الاستبداد طوال أربعة عقود، وبخصوصية
المجتمع السوري وتنوع مكوناته ودرجة
تطوره الاقتصادي والثقافي، والأهم مدى
تبلور البديل السياسي ونضجه. وكلما
كانت هذه المشكلات واضحة وتمت معرفة
أسبابها وملابساتها، كلما كانت القدرة
على تجاوزها أسهل، ونجحت قوى التغيير
في خلق تفاهم وطني عريض وإحباط الألغام
الأيديولوجية التي خلّفها تباين
الخيارات السياسية والفكرية وتجاوز
سوء الفهم والتنافس المرضي بين
الجماعات والأشخاص، كلما كانت التكلفة
أقل. إنّ طبيعة الفترة الانتقالية أنها مرحلة
استعادة توازن المجتمع، وترميم ما
تصدع من أعمدة الدولة التي سعى النظام
السابق لهدمها. وهي التي يتم فيها
إرساء الأساس الذي يبنى عليه
المستقبل، وخطورتها أنها تتفشى فيها
التحركات المضادة للثورة، والتي تعرف،
في علم دراسات الثورات والتحولات
التاريخية، ب" فوضى ما بعد الثورة". ولأنّ الاستبداد والتسلط بنية وليس مجرد
فرد أو نظام، فإنه ما لم تهتدِ سوريا
إلى أنّ تأسيس الانتقال الديمقراطي
ينبغي أنْ يرتكز على ضمان الحريات
الشخصية والعامة، وتداول السلطة،
والحريات الدينية والسياسية
للمواطنين، وإبعاد الدين عن أنْ يكون
مادة للدعاية الانتخابية والحزبية.
فإذا لم تتوجه سورية نحو الخيارات
السابقة ستبقى بنية الاستبداد قائمة
مهما تنوعت أشكاله، وبالتالي فإنّ
نجاح الثورة السورية في تحقيق أهدافها
لا يقاس - فقط - بقدرتها على الإطاحة
بنظام الاستبداد بقدر ما يقاس بقدرتها
على إقامة نظام بديل لذلك الذي قامت من
أجل إسقاطه. إنّ الحل هو إسقاط النظام القائم بنية
وسلوكيات، مع الحرص على مؤسسات الدولة
والممتلكات العامة وقطع الطريق على أي
شكل من أشكال الطائفية ونزعات
الانتقام الغرائزية ومماهاة السلطة
الديكتاتورية الفاسدة بقطاعات سكانية
واجتماعية بعينها. هذه مهام أساسية في
المرحلة الانتقالية، إلى جانب
المباشرة ببناء منظومة جديدة، سياسية
وقانونية، تكفل للمواطنين جميعاً، بمن
فيهم أنصار النظام الحالي ممن لم تتلوث
أيديهم بدماء شعبنا والأموال العامة،
حقوقهم في دولة قانون ومؤسسات وحريات. ومما لا شك فيه أنّ المجلس الوطني السوري
سيلعب دوراً محورياً في قيادة عملية
التحول، عبر الدخول في مفاوضات مع
الممثلين لقيادات المعارضة الأخرى أو
أية شخصيات تحظى باحترام شباب الثورة،
من أجل تشكيل حكومة انتقالية. وبالتالي
يجب أن تفضي هذه المفاوضات إلى جدول
زمني لإنجاز عملية التحول الديمقراطي
التي تقوم أولاً على إعداد دستور مؤقت
جديد للبلاد من جانب خبراء دستوريين
وقانونيين وإصلاحيين سياسيين (ثمة شبه
إجماع على أن يكون دستور عام 1950 هو أساس
هذا الإعداد). وبعد ذلك تقوم الحكومة
الانتقالية بوضع قانون جديد للانتخاب
والأحزاب السياسية والذي يفترض أن
يحكم عملية انتخاب جمعية تأسيسية
لإعداد الدستور الدائم، وتشرف على
الانتخابات لجنة وطنية مستقلة عبر
إشراف قضائي ومراقبين محليين وعرب
ودوليين. إنّ ضمان الانتقال الآمن والسلمي إلى
الديمقراطية يستند إلى عمودين رئيسين،
تبعاً لما كتبه الدكتور رضوان زيادة:
المصالحة من أجل ربح المستقبل،
واستعادة الثقة بالمؤسسات. ومن خلال استجلاء ملامح خبرة عربية مجهضة
خاضتها حركات التغيير الديمقراطي في
العالم العربي، يمكن التوقف أمام عدد
من الدروس المستفادة، ومنها: (1) - التخلص من وهم التغيير السياسي
السريع، فمع أنّ هناك ظرفاً موضوعياً
يدفع في اتجاه التحول الديمقراطي، إلا
أنه يحتاج إلى عمل تراكمي متواصل. (2) التخلص من وهم أنّ التغيير سيحمل حتما
الديمقراطية، فليس ثمة ضمان أن يؤدي
التغيير السياسي حتماً إلى تحقيق
الديمقراطية. وختاما، يمكن القول إنّ عملية التحول
الديمقراطي في أمس الحاجة إلى توافر
مجموعة من العوامل المهيأة لنجاحها
وفي مقدمتها: التوعية السياسية
المكثفة، والعمل الجماعي السياسي،
وعقد تحالفات أوسع نطاقاً، والبحث عن
وسائل سلمية للاحتجاج والمعارضة،
وتوظيف الدعم الدولي لما يخدم المصالح
الوطنية العليا. حيث تشكل هذه العوامل
مداخل استراتيجية لا غنى عنها في إطار
إحداث التحول الديمقراطي المنشود في
سوريا. ================= لطيفة اغبارية 2012-03-06 القدس العربي لا أعرف سرّ انجذابي في الآونة الأخيرة،
إلى 'كزهر اللوز أو أبعد' لمحمود درويش،
رغم أنّني حفظت الكتاب عن ظهر قلب.
فأصبحت عيناي تُوجّهاني تلقائيا إلى
المكتبة لتناوله وقراءته مرّة تلو
الأخرى. رُبما لأنّه يُذكّرنا ببداية
آذار وتفتح زهر اللوز، أو أنّها وصايا
درويش التي يحثُّنا من خلالها على
التفكير بالغير وبأدّق التفاصيل. ها هو عام قد انقضى، على آذار الثورة
السورية، والوريد ما زال ينزف، وجراح
الثكالى لم تلتئم، ودماء الشهداء
خضراء....، وها نحن في بداية آذار جديد،
وهذه المرّة يطلّ علينا يوم الثامن من
آذار، يوم المرأة العالميّ، متزامنا
مع موسم الربيع والثورات العربيّة، له
نكهات مختلفة ومركّبة، ما بين حلم
التخلّص من أنظمة فاسدة تربّعت عقودا
على رقاب الشعوب، وما بين ترقّب الأمل
في وقف سيل الجروح وتضميدها. ومع تفتّح أزهار اللوز، سألتصق بحديثي
كالنّوار الذي يزين الشجرة الأمّ
ويحضن أغصانها. لذلك لن أُطلق الفقاعات
المائية الهشّة، المليئة بالشعارات
والتمنيّات، لأنّنا أطلقنا مثلها
كثيرا. وإذا ما عدنا وأطلقناها مرّة
أخرى ، فإنّها سرعان ما ستطير وتنفقئ
أعينها، وتتلاشى، وتصبح أضغاث أحلام،
يدوسها الشبيحة. نريد لهذه الفقاعات أن تنمو لوحدها،
وتصبح سُحبا تفيض بالماء الذي يروي
خضرة الأرض، سُحُبًا ترسم في الأفق قوس
قزح يحمل في طياته أياما ربيعية جديدة،
لها نكهة وطعم اللوز، ورائحة الياسمين
الدمشقيّ. ففي يوم المرأة هذا العامّ، ما زال الرجال
في الشّام يحلمون بنوم هادئ، يتخلصون
فيه من الأنفاس المتعبة المتقطّعة،
دون سماع تمضية سكين الذبح، ودون
الاستيقاظ على زئير الأسود، وأزيز
الرصاص. يحلمون بنهارات غير ثكلى، لا
تحمل بكاءً وعويلا. أمّا من يعيش ناجيا
من ضرب السياط، ومن الموت المحتوم، فهو
ينام مثقل الجسد، يرقب نهارا جديدا
يحمل في طياته، آمالا بنفسجية، يصلّي
للنجاة والظفر بحياته من عذاب وسياط
الجلاّد. لن أتحدث عن يوم المرأة، ولن أطالب بحقوق
نسوية للمرأة العربية، ليس لأنّها
تنعم في رغد ورفاهية، وليس لأنّه لا
توجد ملايين الأرامل والثكالى في
العراق. وليس لأنّ شوق آلاف الأمهات
وزوجات الأسرى الفلسطينيين قد انطفأ.
ولا لأنّ القبور لم تعد مأوى الكثير من
نساء مصر. ولا لأنّه لم تعد هناك ملايين
العوانس في العالم العربيّ....! لن أطيل
عليكم بقائمة حرف النفي 'ليس' وهو ذاته
الفعل الجامد...فهو مركّب كحالة ووضع
أمتنا العربيّة. لكنّني أختصر ذلك
بالقول تبّا لك أيّها الجلاّد، أيّها
القمع، أيّها الترهيب، تُبّا لسياسة
كتم الأفواه وقطع الألسن، أيها الفقر
والفراغ واليأس القاتل، الذي ملأ
الكراسي الخشبية الضيّقة المتشقّقة
بالرجال العاطلين عن الأمل، وملأ
المقاهي بأنفاس ' النرجيلة' المخنوقة
الهاربة من هذه الأيام . وبما أنّني ما زلت أؤمن أنّ الرجال العرب
ليست لهم حقوق، فكيف لنا إزاء هذا
الوضع أن نطلب تحقيق العدالة
والمساواة من فاقدها؟ وكيف لكادح يومه
من أجل توفير لقمة العيش، أن يعود بعد
عناء ساعات طويلة إلى بيته فاردا
ابتسامته العريضة برحابة صدر؟على كلّ
حال، فإنّ أكثر ما يواسينا أنّنا
أصبحنا جمرا مشتعلا، حتى لو كنّا تحت
الرّماد، ومن هذه النيران أشعل الشهيد
محمد البوعزيزي الثورة التونسية، التي
ألهبت الملايين لاحقا. ومنها خلقنا
بصيص الأمل المستمر، ومنها خلقنا
الرجال. وقبلها خُلق الشعراء. هذه
النيران الكامنة تحت الرماد يجب ألا
نستخفّ بها، فالأّم الفلسطينية ما
زالت تغطيّ الجمر بالرماد، ليبقى '
الطابون' مشتعلا ليومه التاليّ،
ولتقوم بإعداد أرغفة الخبز، وليلتّف
حولها أبناؤها، لتكبر سنابل القمح. سأختصر رسالتي هذا العامّ، وأهديها لأميّ
السورية، وبما أنّ الكلمات هربت مني
تكرارا، فلم أفلح في إطالتها، فسأسترق
ما تبقى من كلماتي المبعثرة، فأقولك لك
يا أمّي السوريّة، هنيئا لك بالصبر،
لأنّه مرّ آذار...وحضر آذار...وأنت
تعيشين تحت سطوة الجلّاد... يا سيّدة
الشّام الغالية على قلوبنا، كم أخجل من
نظراتك، وأنت تنسجين خيوط الشمس من
دماء أبنائك، على مرأى من العالم
المتحضّر. أيتها الغالية، التي لا أعرف أن أنام دون
أن أفكّر بها، ليس لأنّ وصية درويش' فكر
بغيرك' وحدها تطاردني! بل لأنّ نظراتك
وخطوط الحزن المرسومة على جبهتك
الشامخة، كافية لوحدها أن تجعل من حيز
العقل مرتعا للتفكير بلا إرادة! لا
أفكّر بك حتى أقول لك هذه منّة أو جميلا
منّي..إنّها فيض المشاعر تغزو عقلي،
وتشعل رأسي شيبا، من هول صراع التفكير،
من رهبة الدماء، من تزهيق الأرواح ... من
أحرف الجرّ التي قادتك إلى الجزّار. أعدك بأنّني سأبقى أفكّر بك..فما زلت
أحتفظ بوصايا درويش المقدّسة في
ذاكرتي، وتحت وسادتي الخالية إلا من
التفكير بك...يا أمي...ويا أمّ الشعب
العربيّ...ويا أمّ الشعب السوريّ
الغالي. أمّا أنت أيّها القاتل فيا 'لرهبتك
من المقتول' ================= الاربعاء, 07 مارس 2012 دنيس روس * الحياة أعلن نظام بشار الأسد الحرب على مواطنيه،
وبلغت أعداد القتلى آلافاً، وفي حمص
وحماة ودرعا وإدلب وغيرها من المدن
والقرى، توجِّه قوات الأمن السورية
نيران الدبابات والقذائف والأسلحة
الآلية الثقيلة الى صدور المدنيين. لم
يُعطَ السوريون أيَّ خيار بحصر
نشاطاتهم في التزام التظاهرات السلمية
فحسب، لذا ليس مدعاة للدهشة أمام اعمال
العنف المخيفة، لجوء المعارضة الى
العنف. إن نجاة سورية من حرب أهلية
مدمرة هي رهنٌ بتسريع وتيرة رحيل الأسد. والواقع أن الكلام على رحيله أيسر من حمله
على الرحيل، فلا خطوات تضمن رحيله،
ولكن ثمة سلسلة من الإجراءات قد تساهم
في تسريع وتيرة مغادرته السلطة. وعلى
رغم أن العزلة الدولية والعقوبات
قوّضت نظام الأسد، إلا أنها لم تنجح في
إضعاف قبضته، لذا تبرز الحاجة الى
خطوات تساهم في إسقاطه، منها: أولاً، حض الروس على تغيير موقفهم، فدعم
الأسد يحفظ مكانة روسيا في سورية في
الأمد القريب، لكنه يقوّض مكانتها في
الأمد البعيد، ويرجَّح أن تقطع
القيادة التي ستخلف الأسد العلاقات مع
روسيا. وفي سورية والشرق الاوسط، يُنظر
الى الفيتو الروسي في مجلس الأمن على
أنه إذنٌ أو «ضوءٌ أخضر» لإراقة دماء
السوريين، وإذا لم يعدل الروس عن دعم
نظام الأسد ولم يساهموا في طي صفحته،
تدهورت مكانتهم في سورية وفي المنطقة،
وعلى القادة العرب تنبيه موسكو الى هذا
الجانب الحيوي من المسألة. وينظر الأسد
وحلفاؤه في المؤسسات الأمنية السورية
الى روسيا على أنها ضامنة لسياساتهم،
وحارستهم في مجلس الأمن، وعائقٌ يحول
دون التدخل الخارجي. وإذا تغيّر الموقف
الروسي تغيّرت موازين القوى في سورية. ثانياً، تبرز الحاجة الى رفع مكانة «المجلس
الوطني السوري» الى ممثل رسمي
للمعارضة السورية، والى الاعتراف به
خليفة لنظام الأسد، أو على الاقل
مجلساً انتقالياً يعبّد الطريق أمام
تسلم قيادة بديلة مقاليد البلاد.
والاعتراف ب «المجلس الوطني» بديلاً
من نظام الأسد سيَحْمِل قادة المجلس
على تجاوز خلافاتهم وسباقهم التنافسي
التافه، ويحضهم على صوغ مشروع متماسك
غير طائفي يرسم صورة سورية المستقبلية.
اجتمع أخيراً «أصدقاء سورية» في تونس،
وتوجه زعماء دوليون الى «المجلس
الوطني السوري» كممثل للشعب السوري،
في خطوة إيجابية ولكن غير كافية، لأن
من المفترض السعي الى «تكريس» المجلس
بديلاً لنظام الأسد. وحري بالمجلس المعارض أن يرفع مستوى
التنسيق مع المنشقين عن الجيش السوري،
وما يعرف ب «الجيش السوري الحر» الذي
يتحدى النظام ويحاول حماية السوريين. ثالثاً، مد الجسور مع الطائفة العلوية
التي تشكل 12 في المئة من السوريين
والعمود الفقري للمؤسسة الأمنية.
فالأسد تحوّل زعيماً طائفياً يؤجج
مخاوف العلويين من انقضاض المتطرفين
السنّة عليهم إذا غادر السلطة.
والتواصل مع العلويين ضروري، ويفترض
إقناعهم بأن الأسد ليس ضمانة خلاصهم،
بل أنه خطر عليهم يهدد نجاتهم، وأنه
كلما طال بقاؤه في السلطة تفاقم العنف
في سورية. ومدُّ اليد الى العلويين
يكون من طريق تعهد السنّة الإحجام عن
الانتقام منهم، وتعهد «المجلس الوطني
السوري» و «أصدقاء سورية» أن تحفظ
العملية الانتقالية وحدة سورية
وتجنبها النزاعات الطائفية. رابعاً، تأجيج مخاوف الأسد، لأن العزلة
والعقوبات لن تحمله على ترك السلطة،
وما يحمله عليه هو أن يلمس تغير موازين
القوى وانقلابها عليه، فهو ليس معمر
القذافي، ولن يتخفى ويسعى الى قيادة
تمرد. وتبرز الحاجة إلى إنشاء ممرات إنسانية أو
مناطق آمنة للمدنيين. وتسليح «الجيش
السوري الحر» في وقت يفتقر الى تنظيم
واضح ويقتصر انتشاره على مناطق دون
غيرها، أمرٌ شائك، فلا أحد يعرف في يد
مَن ستقع الأسلحة. ولكن ثمة بدائلَ
أخرى من التسليح تغير موازين القوى على
الارض، منها التشويش على اتصالات قوات
الأسد وتيسير اتصالات «الجيش الحر».
ونظراً الى أعمال قوات الأسد الرهيبة،
يفترض ألاّ يُستبعَد خيار توفير الدعم
من طريق الأردن وتركيا. إن السعي الى تسريع وتيرة سقوط الأسد
ضروري لتجنب الحرب الأهلية في سورية،
وتفشي العنف الى خارجها. * المساعد الخاص
سابقاً للرئيس أوباما، مستشار في «معهد
واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، عن «يو أس آي توداي»
الاميركية، 2/3/2012، إعداد منال نحاس ================= هل تنجح دمشق في تفجير
العلاقات التركية الروسية؟ سمير صالحة الشرق الاوسط 7-3-2012 أنقرة التي يبدو أنها نجحت حتى الآن في
قطع الطريق على محاولات النظام السوري
توتير علاقاتها مع إيران بعد زيارات
متبادلة على أعلى المستويات تحت شعار
فصل الملفات وتحييد موضوع الأزمة
السورية قدر الإمكان وإعطاء الأولوية
للبدائل الكفيلة بحماية علاقاتهما
التجارية والسياسية، تحاول تكرار
الأسلوب ذاته للرد على دمشق التي تجرب
حظها هذه المرة على المحور التركي -
الروسي الذي يعرف الجميع أنه بالغ
الحساسية وسريع العطب بسبب تضارب
المواقف وتباعد السياسات حيال أكثر من
أزمة إقليمية ودولية تتقدمها القراءات
المتباينة في موضوع الثورة السورية
ونتائجها وانعكاساتها على التوازنات
المحسوبة بدقة في المنطقة. أنقرة لا تريد طبعا تعريض الأرقام
المتزايدة في التبادل التجاري التركي -
الروسي ورهانها على رفع الرقم الحالي
الذي يفوق ال30 مليار دولار إلى 100 مليار
خلال السنوات الخمس المقبلة للخطر،
وهي مهما حاولت تقديم مسألة الملف
النووي الإيراني على غيرها من المسائل
التي تناقشها مع موسكو فإنها لم تنجح
في إخفاء حقيقة أن مركز الثقل في تزايد
عدد اللقاءات والاتصالات التركية -
الروسية في الآونة الأخيرة وانتظار
إعادة تولي فلاديمير بوتين دفة
القيادة سببه الحقيقي هو الموضوع
السوري ومسار الأزمة وانعكاساتها على
المنطقة ودولها. قد يكون التوصيف الأفضل لحصيلة زيارة
وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو
الأخيرة إلى موسكو ينطبق على ما قاله
وليد جنبلاط الذي كان هو الآخر في
العاصمة الروسية وتحدث من هناك عن «مصالح
دولية متضاربة بشكل قوي»، حيث إن
اللقاءات والتحركات كلها تتمركز حول
المساومات وجردات الربح والخسارة التي
تقلق الكثير من القوى الإقليمية
والدولية وفي مقدمتها روسيا طبعا،
فبوتين يعرف أنه سيكون عرضة للمزيد من
الضغوط من أجل تبديل موقفه من النظام
السوري ومن طريقة تحليله لمسار الأزمة
ومضاعفاتها ونتائجها. موسكو التي تصر حتى الآن على لعب ورقة
الوقت الضائع لصالح القيادة السورية
علها تحسم الموقف وتعيد الأمور إلى
نصابها، تأخذ بعين الاعتبار أيضا أن
تطور الأحداث على الأرض يعكس حقيقة
أخرى هي أنها ستكون أول من سيدفع ثمن
مواقفها وسياساتها عند انجلاء السحب
الداكنة فوق المدن السورية. أسئلة واستفسارات كثيرة تركها الوزير
التركي داود أوغلو أمام بوتين خلال
زيارته الأخيرة إلى موسكو فهل ستساهم
في دفع قيادة الكرملين الجديدة لتكون
حذرة أكثر في اتخاذ قراراتها للمرحلة
المقبلة ورهانها الدائم على قيادة
تعرف أنها تقود سوريا شيئا فشيئا نحو
حرب أهلية تهدد وحدتها، متجاهلين
الجبهة العربية والإقليمية والدولية
العريضة التي بدأت تتشكل في مواجهة هذا
النظام؟ أنقرة تريد أن تفهم القيادة
الروسية أن ما ترفضه موسكو بشأن الشروط
المسبقة وتدويل الملف السوري يحاول
البعض الاستفادة منه للمضي في تصلبه
وتعنته وأنه سيترك موسكو نفسها أمام
خيارات ستكون أصعب عندما تكتشف أن
متاريس المواجهات السياسية
والدبلوماسية ستتحول عاجلا أم آجلا
إلى خنادق للمجابهة العسكرية تماما
كما حصل في ليبيا قبل أشهر. أنقرة تذكر
الروس مرة أخرى أن ما يرفضونه اليوم في
خطة جامعة الدول العربية والتحركات
الأممية قد يجدون أنفسهم يطالبون به
بعد أيام أمام التدهور السريع للوضع في
سوريا واستحالة إقناع النظام في دمشق
بلملمة الحطام والزجاج المبعثر في كل
مكان. بوتين قالها هو أيضا، إن موسكو جاهزة
لمناقشة الاقتراحات البناءة الهادفة
لإنهاء العنف في سوريا، وإن بلاده تقبل
بالمرحلة الانتقالية في سوريا دون
اللجوء إلى مجلس الأمن والقرارات
الدولية، فهل يعني ذلك أن القيادة
الروسية على استعداد لتغيير طريقة
تعاملها مع الأزمة في حال حصلت على
التعهدات والضمانات التي تحمي مصالحها
عند فقدان حليف استراتيجي كبير مثل
نظام الرئيس الأسد؟ موسكو لا يمكنها التخلي بمثل هذه البساطة
عن حليف قديم وشريك استراتيجي مثل
الرئيس الأسد ولا مصلحة لها في إقناعه
بالتنحي أو إلزامه بذلك دون تعويض
خسارتها الاستراتيجية هذه. وهي لن تدعم
أي مشروع دولي ضد النظام السوري قبل
الحصول على الضمانات الكافية بحماية
مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية
وتريد قبل كل ذلك انتزاع التعهدات من
المعارضة السورية قبل غيرها أنها لن
تقاطعها وتستعديها. لكن ما تتجاهله
القيادة الروسية هو أن الآخرين أيضا
يملكون أوراق ضغط مماثلة أهمها
الإجماع العربي التركي الغربي ليس فقط
في رفض ما يحدث داخل سوريا، بل في تحذير
المدافعين عن هذا النظام الذي يتابع
محاصرة المدن ويتسبب في سقوط العشرات
من القتلى والجرحى يوميا. أم أن موسكو
تريد أن ترى الصورة الأمنية تتراجع
أكثر فأكثر في الداخل السوري وتتابع
النظام وهو يرتكب المزيد من الأخطاء
لتبرر لنفسها قرار الابتعاد عنه
والانتقال إلى الصف الآخر؟ في جميع الأحوال حكومة أردوغان تعرف أكثر
من غيرها أن المحور الروسي الإيراني
السوري المدعوم من قبل المالكي في
العراق لن يتراجع بمثل هذه السهولة
أمام ما يسميه محاولات قلب المعادلات
الإقليمية وإسقاط أنظمة وتغيير
الخرائط، وهي تعرف أيضا أن قيادات هذا
المحور تتابع تفاصيل الدعم التركي
المقدم للمعارضة السورية، كما تعرف
مدى قدرة هذا المحور على تهديد مصالحها
التجارية والاقتصادية معه، والتي وصلت
إلى مليارات الدولارات في السنوات
الأخيرة وأن أكثر من ورقة سياسية
وأمنية من الممكن لعبها ضدها ليس على
مستوى المنطقة وحسب، بل داخل تركيا
نفسها بسبب التداخل الجغرافي والعرقي
والقومي. لكن ما تعرف أنقرة كذلك هو
أنها ستكون في أحسن الأحوال ملزمة
بالمغامرة والتضحية بأوراق لصالح
الاحتفاظ بأوراق أخرى إذا ما كانت لا
تريد أن ترى نفسها وسط السيناريو
الأسوأ (الفشل) على الجبهتين الإيرانية
والروسية ومنح النظام السوري المزيد
من الفرص والوقت للمضي في محاصرة المدن
ودكها فوق رؤوس ساكنيها. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 7-3-2012 العنوان أعلاه هو اسم المناورة العسكرية
المشتركة التي أعلن أنها ستتم بالأردن
في شهر مايو (أيار) القادم، بمشاركة
أميركا وسبع عشرة دولة «عربية وصديقة»،
بحسب تصريح رئيس هيئة الأركان
الأردنية، وهو التمرين الذي ستستخدم
فيه كل صنوف الأسلحة البرية، والجوية،
والبحرية، فمن الذي سيستهدفه ذاك «الأسد
المتأهب»؟ سؤال مستحق، خصوصا أن سوريا ملتهبة
بنيران «الأسد المتوحش»، وقد يقول إن
هذه المناورات ليست الأولى، والاسم
ليس بجديد، حيث كانت هناك مناورة «الأسد
المتأهب 2011». لكن المعلومات تقول أيضا
إن مناورات «الأسد المتأهب 2011» تمت في
شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي،
والثورة السورية اندلعت بشهر مارس (آذار)
من ذاك العام، مما يعني أن المناورات
جاءت بعد الثورة لا قبلها. واللافت أن
تلك المناورة كانت عبارة عن تمارين
أردنية - أميركية فقط، بينما مناورات «الأسد
المتأهب 2012» تتم بمشاركة 17 دولة «عربية
وصديقة». ولا أعتقد أن الهدف من
المناورات هو التعامل مع إيران،
فالدول العربية لن تشارك في ضرب إيران
جنبا إلى جنب مع إسرائيل، وإن كان
بعضها يتمنى أن تضرب إيران بلا شك،
فإيران هي عدوة دول الخليج الحقيقية،
وهذا ما تجاهر به طهران أفعالا وأقوالا.
وسبق أن سألت مسؤولا خليجيا رفيعا عما
إذا كانت دول الخليج تقدر عواقب ضربة
عسكرية على إيران، فجاءت إجابته
مباشرة: «عواقب ضرب إيران عسكريا ستكون
أقل من عواقب إيران نووية على دول
الخليج». وعليه؛ فإن دول الخليج ستكون سعيدة
بتقليم أظافر طهران، لكنها لن تشارك في
ذلك، فموقف الخليجيين سيكون: «لم آمر
بها، ولم تسؤني»، ولذا فمن الأرجح أن
يكون «الأسد المتأهب» مستهدفا ل«الأسد
المتوحش» في دمشق، وليس بالضرورة من
أجل التدخل العسكري، وهو غير مستبعد،
وإنما من باب نصيحة الرئيس الأميركي
الأسبق روزفلت الشهيرة التي تقول: «تحدث
بهدوء، واحمل عصا». وعندما نقول إن
التدخل الخارجي ليس مستبعدا فلأسباب
بسيطة ومنها تعالي الأصوات في أميركا،
مثلا، ليس من أجل تسليح المعارضة،
وإنما لتسديد ضربات جوية أميركية على
قوات الطاغية الأسد، الذي يرتكب جرائم
حقيقية بحق الإنسانية، ولا يمكن
التساهل معها، بأي شكل من الأشكال. ومن هنا فيبدو أن مناورة «الأسد المتأهب»
هي رسالة ل«الأسد المتوحش» في سوريا،
بل وهكذا يجب أن تكون، فهذه هي اللغة
التي يفهمها طاغية دمشق المدعوم من
إيران وعملائها، بالعتاد والمال، من
أجل قتل السوريين، ويكفي هنا تأمل
تصريح ل«زعيم شيعي يرتبط بصلات قوية مع
دمشق» في لبنان، بحسب «رويترز»، يقول
فيه إنه: «لا سوريا بعد الأسد»، بلغة
تهديدية واضحة! وعليه؛ وما دام أن ما يحدث في سوريا يقول
إننا نعيش بقوانين الغاب، فأهلا ب«الأسد
المتأهب» إذا كان ينوي القضاء على «الأسد
المتوحش»! ================= عبد المنعم سعيد الشرق الاوسط 7-3-2012 اهبط على أي مؤتمر دولي يخص الشرق الأوسط
هذه الأيام، وسوف تجد أسئلة كثيرة،
ولكن يقع في مقدمتها السؤال عن مستقبل
سوريا. وبطريقة أخرى: هل تنجح الثورة
السورية في الوصول إلى غاياتها
بالإطاحة بنظام البعث، ومن بعدها
الدخول في مرحلة انتقالية؟ السؤال ليس
جديدا لمن تابع هذه المؤتمرات منذ
العام الماضي، فقد كان السؤال مطروحا
لوقت طويل حتى بعد دخول حلف الأطلنطي
المعركة الثورية في ليبيا، وظل كذلك في
اليمن، والحظوظ تتراوح ما بين تطبيق
المبادرة الخليجية أو خفوت فرصها. وهنا
وهناك لم يهدأ السؤال حتى ذهب القذافي
إلى غير رجعة، وحتى تم التصديق الشعبي
اليمني على رئيس جديد للجمهورية، حتى
ولو كان انتقاليا، وكان يوما نائبا
للرئيس السابق. تغيرت الحالة ورفع
السؤال، ولكنه ظل مطروحا فيما يخص
سوريا التي احتدمت فيها المعارك،
وزادت فيها العزلة، ووصل عدد القتلى
إلى ما يتراوح ما بين 7500 و10 آلاف قتيل،
بالإضافة إلى الجرحى والمدن المدمرة.
المشهد دام ولا شك، ولكن لأنه جزء من
قصة «الربيع العربي» المثيرة والدامية
معا، فإن النظارة لا يتساءلون فقط عما
إذا كان ستقطعها الحالة السورية، أم
أنها جزء من استمرارية تمهد لفصول
بعدها ربما تكون أكثر إثارة. الإجابة عن السؤال هذه المرة لم تكن أبدا
قاطعة ونهائية، وجاء من الأغلبية أن
النظام السوري سوف يسقط كما سقط غيره
لأسباب كثيرة سوف نذكرها توا، ولكن
التحفظ كان مرجحا أن يبقى حتى نهاية
العام، ولا يسقط إلا بعد وقت طويل،
وثمن فادح. وسبب البقاء لهذا المدى هو
أن النظام قد أخذ القسوة حتى آخرها من
استخدام القوة العسكرية والأمنية بحيث
لم يعد لديها حياء إنساني. وعلى الرغم
من أنه حاول أن يحد من الإعلام
وبالتالي يقلل من خسائره العالمية،
فإن الإعلام نجح في الوصول إلى الساحة
فكانت استجابة النظام مزيدا من القتل
والترويع. وعلى الرغم من أن محاولة
الإصلاح لم تخدع أحدا لأن النظام ليس
لديه القدرة ولا الاستعداد لتقديم
تنازلات حقيقية، فإنه ظهر للبقية
الباقية من مؤيديه من دول العالم أنه
يحاول أن يفعل شيئا، وخاصة روسيا
والصين، التي تتعلق كلتاهما بقشة حتى
لا تتهما بأنهما، وهما دولتان غير
ديمقراطيتين أو شبه ديمقراطيتين،
تقفان أمام حالة من العسف ضد حقوق
الإنسان. ولكن الأوراق الباقية في يد النظام تظل
أنه لم يعط أحدا مجالا للشك في أن لديه
الإرادة حتى يصل بالطريق إلى آخره، وهو
في نفس الوقت يستثمر إلى أقصى حد
حلفاءه في إيران وحزب الله وحتى وقت
قريب حماس؛ سواء للتعامل مع أزمته
الاقتصادية أو لإبقاء صورته واقعة ضمن
معسكر المقاومة والممانعة الذي يوفر
غطاء ما من الشرعية قد لا يصدقها أحد،
ولكنها تظل ورقة التوت التي يغطي بها
النظام عورته. والأهم من ذلك كله أن
انقسام المعارضة السورية بين المجلس
الوطني السوري، ولجان التنسيق
السورية، والجيش الحر، ومجالس كثيرة
تمثل أقليات متعددة يعطي مصداقية
للصورة الطائفية التي يروع بها النظام
العالم والشعب السوري؛ أن سقوطه لا
يعني سوى الحرب الأهلية والصراع بين
الطوائف. ومع ذلك، فإن النظام يظل مجروحا، فعزلته
تزداد داخل البلاد، وشرعيته بين
أغلبية الشعب السوري باتت مفقودة،
وحتى تباهيه أن كبرى المدن السورية (دمشق
وحلب) لم تنضم إلى الثورة، بدأت تنزاح
عنها فضيلة السكوت، وبدأت المظاهرات
تخرج منها يوما بعد آخر. وعلى أي حال
فإن المتحدثين عن حتمية سقوط النظام
يرون في ذلك أن الثورة باتت تشمل كل
الشعب السوري تقريبا، ومن ثم فإن خروج
الأموال بات يحدث بسرعة أكبر من أي وقت
مضى. وعلى الرغم من الفيتو الروسي
والصيني، فإن اجتماع أصدقاء سوريا
أظهر أن انقسام المعارضة ليس بالصورة
التي يخشاها مؤيدو الثورة، وأنه على
العكس يعكس تنوعا مطابقا للحالة
السورية، حيث الاختلاف ليس صراعا
وإنما هو جزء من العملية التفاوضية
لجماعات سياسية يوجد ما يجمعها في
إسقاط النظام أكثر مما يفرقها. وكان
هذا المشهد هو الذي جعل في النهاية
روسيا والصين توافقان على قرار للأمم
المتحدة بمد العون الإنساني للمحاصرين
في سوريا. هكذا تبدو الصورة معقدة، ولكنها لا تغطي
على إمكانية المفاجآت التي قد تسبب
تمردا داخل الجيش السوري أو عمليات
للخلاص من القيادة السورية، بالاغتيال
أو بالاختيار، بعد أن يتأكد الجميع من
النهاية الحتمية. فلم يعد ممكنا تصور
عودة الأمور إلى مجراها مرة أخرى، أو
كما كانت عليه، أو أن يقبل أحد دستورا
يعطي رئيس الجمهورية 14 عاما إضافية،
وكل ذلك بعد كل ما نُزف من دماء وضاع من
شهداء. المسألة هي أن النظام سوف يسقط
حتما، وبقي متى، وبأي تكلفة؟ وهذه
الأخيرة يمكن تقليلها بإدارة أفضل
للملف الطائفي وحماية المدنيين
والصمود في وجه الآلة العسكرية
الجبارة. وجهة النظر السائدة هذه يوجد استثناءات
عليها، فسوريا هي الحلقة الخامسة من «الربيع
العربي». وفي الحلقات الأربع السابقة،
لم تكن النتائج دوما مريحة لكثيرين في
المجتمع الدولي، الذي لم يكن مستعدا
لتقديم كل هذا التأييد. سوف يجد الدول
العربية الواحدة بعد الأخرى تسقط في يد
قوى إسلامية لم يعلم أحد بعد متى ستكون
معتدلة أو متطرفة، وهل تعيش دائما في
مرحلة الجهاد الأصغر أم أنها سوف تدخل
مباشرة بعد حكم البلاد إلى مرحلة
الجهاد الأكبر للتنمية والتعمير
والتقدم. ولذا فإن أحدا لا يبدو
متعجلا، أو على استعداد لتقديم تضحيات
كبرى لحسم المعركة السورية عن طريق حظر
جوي فوق الأجواء السورية أو منع جحافل
الدبابات السورية من الانقضاض على
المدن السورية الواحدة بعد الأخرى. ما يمكن عمله حتى الآن هو سلسلة إضافية من
الضغوط البسيطة والمتوسطة، ولكنها
التي لا تشمل تدخلا عسكريا أو ثمنا قد
يدفع أطرافا أخرى للتدخل في المنطقة
نفسها بحيث لا تصير المسألة معركة دمشق
فقط، وإنما معركة بغداد وبيروت أيضا.
مثل ذلك يمثل مانعا إضافيا، ومن ثم فإن
العبء الأكبر في تغيير النظام السوري
سوف يظل واقعا على الثورة السورية
ذاتها التي سوف تدخل في معركة عض
للأصابع مع النظام السوري. لا يوجد ما
يؤكد أن الإنهاك والإرهاق لم يعد ثقيلا
على الشعب السوري، الذي ظل يقاتل عاما
كاملا الآن دون وجود ضوء مؤكد في نهاية
النفق. أو هكذا يقول مثل هذا المنطق،
ولكن التجربة تثبت دائما، ولدينا الآن
تجارب كثيرة، أن الانهيار حينما يأتي
يكون سريعا وقاصما، بحيث لا يكون هناك
نجاة للنظام بعده. ================= هل توقف الربيع العربي
عند أبواب دمشق؟! باسم الجسر الشرق الاوسط 7-3-2012 هل توقف الربيع العربي عند أبواب دمشق؟
وهل باتت الحرب الأهلية المصير
المحتوم الذي ينتظر الشعب السوري؟! وهل
زاد تدويل المسألة السورية تعقيدا لها
وصعوبة في حلها؟ أسئلة باتت تطرح جديا
بعد الموقف الروسي – الصيني المعطل في
مجلس الأمن، والنتائج السلبية لمؤتمر
الدول الصديقة لسوريا في تونس، لا سيما
بعد تصاعد عمليات العنف في الأيام
الأخيرة والحديث عن تسليح القوى
الشعبية السورية المعارضة!! إن ما حدث في تونس ومصر وأدى إلى سقوط
الأنظمة الحاكمة فيهما يعتبر «نزهة»
مقارنة بما يحدث وسيحدث في سوريا قبل
تغيير نظام الحكم فيها. وما حدث في
ليبيا – وربما بسبب تدخل طائرات حلف
الأطلسي - يبدو أقل مما ينتظر سوريا من
تقاتل داخلي، بسبب إحجام الدول الكبرى
عن التدخل لوقف سفك الدماء فيها. لقد خرجت «المسألة السورية» عن كونها
انتفاضة شعبية بوجه نظام حكم سلطوي
حزبي جائر، لتتحول إلى مسألة إقليمية،
فدولية، أعادت المنطقة إلى زمن الحرب
الباردة بين الشرق والغرب، مضافا
إليها أبعاد الاستراتيجيتين:
الإيرانية والإسرائيلية، وربما أيضا
التركية. من هنا بات من الصعب جدا سحب أي خيط من
شبكة المسألة السورية المعقدة دون
تحريك المصالح الاستراتيجية
الإقليمية والدولية، وخاصة دون الأخذ
بعين الاعتبار تأثير المشروع النووي
الإيراني على إسرائيل، وبالتالي على
السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. إن الولايات المتحدة – لا سيما في هذه
السنة الانتخابية - ليست مستعدة للتدخل
العسكري في سوريا، ولا لتوجيه ضربة على
المنشآت النووية الإيرانية، ولا
السماح لإسرائيل بالقيام بهذه الضربة،
نظرا لما قد يترتب عنها من رد الفعل
الإيراني، ومن تداعيات على الخليج
والمنطقة، ولكن إسرائيل لم تحسم أمرها
بعد، فيما إذا كان بقاء النظام الحاكم
في سوريا أفضل لها من سقوطه، لا سيما
إذا كان النظام الذي سيحل محله هو نظام
إسلاموي، ولا شك في أن «فتور» الموقف
الأميركي الفعلي بالنسبة للمعارضة
السورية إنما يعود إلى تردد أو حيرة
إسرائيل، بالإضافة إلى حسابات
استراتيجية أخرى. صحيح أن المصالح هي التي تحرك الدول
والحكومات، ولكن هناك الرأي العام
العالمي، الذي بات على اتصال يومي
بالأحداث والقادر على التأثير على
حكوماته، كما أن هناك المبادئ التي
قامت عليها المنظمات الدولية، كالأمم
المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الدولية
والمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان،
وكل هذا «الجانب المبدئي» أو هذه القوى
المعنوية يقف علنا إلى جانب الشعب
السوري المنتفض، وضد السياسة التي
يتبعها النظام السوري الحاكم، فهل
تتغلب المبادئ على المصالح، والقيم
الإنسانية على الحسابات السياسية
التكتيكية؟ أم أن مصلحة إسرائيل سوف
تتغلب على كل المصالح، الأميركية منها
والأوروبية والعربية، وتكون هي العامل
المرجح لموقف واشنطن؟ لقد رحبت العواصم الغربية بالربيع
العربي، وراهنت على أن الأجيال
العربية التي انتفضت ضد الأنظمة
الديكتاتورية التي حكمتها، أو بالأحرى
ظلمتها، إنما ستختار الديمقراطية
التعددية طريقة للحكم، ولكن صعود
الأحزاب الإسلامية باتجاه تسلم الحكم
في مصر وتونس وليبيا خفف من حماس
الغرب، بل وأثار قلق دول كبرى كروسيا،
التي باتت تخشى من اقتراب «الخطر
الإسلاموي» منها، لا سيما أن تنظيم
القاعدة جدد نشاطه - كما يقال - في أكثر
من بلد عربي أو إسلامي. إن انسحاب القوات الأميركية من العراق،
وبعد عامين من أفغانستان، يترك جزءا
كبيرا من الشرق الأوسط تحت رحمة إيران
والعراق الذي يحكمه حزب موال أو متحالف
مذهبيا مع إيران، ومن هنا فإن مسألة
النظام الحاكم في سوريا لم تعد مسألة
سورية، ولا حتى عربية، بل أصبحت مسألة
شرق أوسطية ودولية في آن معا. بعض المنظرين السياسيين يرسمون ثلاثة
مصائر للمسألة السورية: مصير أول هو أن
يتحول القتال المحتدم إلى حرب أهلية
تستمر لأشهر وربما أعوام، تغذي إيران
النظام فيها بالأسلحة والمال، وتمد
بعض الدول العربية والغربية المعارضين
أيضا بالسلاح، ومصير ثان وهو انتظار
مآل المشروع النووي الإيراني وردود
فعل واشنطن وتل أبيب عليه، أما المصير
الثالث فهو أن تفقأ إسرائيل الدملة -
كما يقال - أي أن تقوم بعملية عسكرية
تفجر الأوضاع برمتها وتؤدي إلى مؤتمر
دولي حول الشرق الأوسط، تحل المسألة
السورية من خلاله. ولن تكون هذه المرة الأولى التي تقرر فيها
إسرائيل عسكريا نهاية مرحلة سياسية
تاريخية عربية، وبداية مرحلة أخرى. ================= سوريا: الخيار الصربي
والشطرنج السياسي عثمان ميرغني الشرق الاوسط 7-3-2012 مناظر القتل والدمار الآتية من سوريا،
وصور اللاجئين الهاربين من المعارك،
تصيب المرء بالحزن والإحباط، خصوصا في
ظل الشلل الدولي الواضح إزاء الأزمة
المستفحلة، الذي فهمه النظام السوري
على أنه رخصة لتصعيد حملته العسكرية
وهجومه على المدن المنتفضة غير مبالٍ
بأعداد القتلى المتزايدة ولا بالدمار
الهائل الذي تحدثه آلته العسكرية التي
لم تُستخدم بهذه الشراسة لاستعادة
الجولان المحتل من نظام يباهي بشعارات
المقاومة والممانعة. وإذا كانت هذه
المناظر مدعاة للغضب من تردي الحال ومن
جيوش لا تُستخدم إلا ضد شعوبها
ولاستباحة الدم العربي، فإن هناك أيضا
ما يدعو للإحباط من الشطرنج السياسي
الذي يدور على سوريا وحول أزمتها. خذ على سبيل المثال موقف حلف «الناتو»
بأنه لن يتدخل حتى لو صدر تفويض من
الأمم المتحدة، أو الانتقادات العنيفة
التي وجهتها كل من واشنطن ولندن وباريس
لروسيا والصين على استخدامهما «الفيتو»
لعرقلة صدور قرار من مجلس الأمن يتبنى
مبادرة الجامعة العربية. فإذا كان «الفيتو»
الروسي - الصيني فُسر على أنه بمثابة
ضوء أخضر للنظام السوري لتصعيد حملته
العسكرية على المدن والمواطنين، فإن
تصريحات أمين عام حلف «الناتو» طمأنت
أيضا النظام السوري بأنه لن يواجه أكثر
من العقوبات وبيانات الشجب والإدانة،
وأن التعامل معه لن يكون مثل القذافي
أو على غرار الرئيس الصربي سلوبودان
ميلوسيفيتش. موقف أمين حلف «الناتو» لم يكن عزفا
نشازا، بل جاء متسقا مع مواقف غالبية
العواصم الغربية، وبالأخص واشنطن
ولندن اللتان قادتا حملة الإدانات
للأسد والعقوبات على نظامه، لكنهما
استبعدتا في الوقت ذاته أي خيار عسكري،
بل وعارضتا حتى فكرة تسليح المعارضة
السورية على أساس أن هذا التسليح سيدفع
بالمزيد من السلاح إلى ميدان المواجهة
من دون أن يؤدي بالضرورة إلى إسقاط
النظام الذي يملك ترسانة عسكرية هائلة
تجعل ميزان القوة في مصلحته. كما حذرت
هذه العواصم الغربية من احتمال انزلاق
الوضع في سوريا إلى الحرب الأهلية إذا
تدفقت الأسلحة إلى جماعات المعارضة
التي لا يزال الغرب يقول إنها غير
موحدة، وبالتالي غير قادرة على
التنسيق الفاعل وضبط السلاح وطمأنة
مختلف مكونات المجتمع السوري. هذه الحجج لا تقدم حلا لمحنة السوريين
الذين يواجهون بطش النظام المتزايد،
بل إنها تبدو واهية عندما نسمع واشنطن
تتحدث عن دعم إيران المتزايد لنظام
الأسد وتقديمها المساعدة له لكي يدحر
الانتفاضة التي تهدد قبضته على
السلطة، أو نرى بعض التقارير التي تشير
إلى إمدادات أسلحة روسية تصل إلى دمشق.
فهل يستمر دعم النظام من قبل حلفائه
بينما يُمنع هذا الدعم عن المعارضة
ويستمر قتل المدنيين وتدمير المدن؟ الدول الغربية، وعلى وجه الخصوص أميركا
وبريطانيا وفرنسا، عندما أرادت
الإطاحة بنظام القذافي لم تعترض على
تسليح المعارضة الليبية، بل إنها قادت
عملية حلف «الناتو» الجوية لتدمير
كتائب القذافي وتوفير الدعم والإسناد
للثورة الليبية، وبالتالي تمكينها من
الإطاحة بالنظام. قد يرد البعض بالقول
إن الدول الغربية استندت إلى قرار مجلس
الأمن بشأن ليبيا واستخدمته كغطاء
لعملية «الناتو» الجوية، وإن قرارا
كهذا بشأن سوريا لم يكن متاحا صدوره
بسبب موقفي روسيا والصين واستخدامهما
«الفيتو». الواقع أن الحملة الغربية
على موسكو وبكين هي جزء من لعبة
المصالح وشد الحبل الدولية؛ لأن
المواقف بين هذه الأطراف إن اختلفت في
الدوافع والأهداف إلا أنها تتلاقى في
رفض خيار التدخل العسكري في الأزمة
السورية. واشنطن ولندن ربما لا تريدان
الخيار العسكري لأنهما تراعيان مصالح
إسرائيل ومخاوفها من حدوث انفلات في
سوريا يؤدي إلى وضع مضطرب على حدودها.
أما روسيا والصين فلأنهما تشعران
بأنهما خُدعتا في القرار المتعلق
بليبيا، الذي استغله الغرب كغطاء
لحملته العسكرية، ولأنهما ترفضان أن
تظهرا وكأنهما بلا قوة أمام الغرب على
الساحة الدولية. وفي هذا الصدد لا بد من
الإشارة إلى أن حديث موسكو عن أنها
تعارض استخدام الأمم المتحدة للتدخل
في الدول الأخرى وتغيير أنظمة الحكم
فيها، لا يعدو كونه موقفا للخطابة
السياسية؛ لأن موسكو تدخلت ولا تزال
تتدخل في شؤون دول جوارها وقامت
بعمليات عسكرية أو أمنية في بعض هذه
الدول وعملت على الإطاحة بأنظمة فيها. الحملة الغربية على موقفي روسيا والصين
واستخدامهما «الفيتو» بشأن سوريا لم
تخلُ من انتهازية سياسية، على أساس وضع
كل مسؤولية الشلل الدولي على كاهل
البلدين واعتبارهما المعرقل لحل
الأزمة السورية، وبالتالي صرف الأنظار
عن أن موقف العواصم الغربية يسهم أيضا
في زيادة معاناة السوريين؛ لأن دمشق
عندما تسمع تصريحات واضحة برفض خيار
التدخل العسكري والاعتراض على تسليح
المعارضة، تجد فيها ما يشجعها على
تصعيد حملتها العسكرية؛ فالغرب إذا
أراد التدخل لم يكن ليتوقف أمام «الفيتو»
الروسي - الصيني مثلما فعل في أزمة
يوغوسلافيا السابقة. ففي مارس (آذار) 1999
قادت الولايات المتحدة وبريطانيا
وفرنسا حملة عسكرية جوية استمرت ثلاثة
أشهر تقريبا ضد نظام الرئيس الصربي
ميلوسيفيتش من دون قرار من مجلس الأمن؛
لأن روسيا والصين أيضا كانتا تعارضان
التدخل العسكري. وقتها بررت واشنطن
ولندن وباريس عمليات «الناتو» بوصفها
تدخلا إنسانيا لمنع جرائم التهجير
والتطهير العرقي ضد ألبان كوسوفو،
ولإجبار نظام ميلوسيفيتش على وقف
عملياته العسكرية وسحب قواته من
كوسوفو. ولم تتوقف عمليات «الناتو» إلا
بعد إجبار ميلوسيفيتش على الانسحاب،
وعلى الرغم من ذلك لم ينجُ من الملاحقة
بتهم ارتكاب جرائم حرب، ومن المقاطعة
والضغوط التي أدت إلى تجدد مظاهرات
واسعة ضده أدت للإطاحة به ثم تسليمه
لاحقا للمحاكمة في لاهاي؛ حيث انتهى
ميتا في زنزانته قبل أن تنتهي محاكمته. إنها لعبة المصالح والشطرنج السياسي
الدولي التي يدفع الشعب السوري ثمنها
اليوم بينما نظامه يرتكب المذابح،
والعالم يقف مترددا في تسليح المعارضة
وعاجزا عن منع القتل والدمار. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |