ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تاريخ النشر: الجمعة 09 مارس 2012 جيفري كمب الاتحاد وفقاً لبعض التقديرات المتداولة فإن ما
يزيد عن 7500 سوري قد لقوا مصرعهم خلال
شهور الانتفاضة السورية ضد حكم الأسد،
لقي معظمهم حتفه على أيدي النظام
الحالي. وعلى الرغم من هذه الخسائر
البشرية الفادحة، وسقوط مدينة حمص
المحاصرة، فإن تحدي المعارضة ما زال
مستمراً، كما أن الانتفاضة لا تبدو
عليها أي علامة تدل على أنها في طريقها
للانتهاء. وكانت السعودية وقطر هما الدولتان الأكثر
صرامة في موقفيهما من النظام السوري،
حيث دعتا علناً على لسان كبار
مسؤوليهما لإرسال الأسلحة إلى
المعارضة السورية إذا ما توافرت لديها
القدرة على تنظيم نفسها في كيان متماسك
ومنضبط. أما الولايات المتحدة وأوروبا فكانتا أقل
رغبة في مسألة إمدادات السلاح، لكنهما
رغم ذلك تزعمتا الجهود الرامية لتعزيز
المقاطعة السياسية والدبلوماسية
للأسد وحاشيته. ومن المتوقع أن يستمر النظام السوري
قابضاً على زمام السيطرة، طالما ظل
يتمتع بتأييد الأقليات، وخصوصاً
الأقليتين العلوية والمسيحية اللتين
تخشيان التعرض لتطهير عرقي إذا ما سقط
النظام الحالي. وقد لوحظ أن النظام السوري كان يعرض -متشفياً-
على شاشات التلفزة، أي صورة يتمكن من
الحصول عليها لمتمرد بلحية، كما لو كان
يريد أن يثبت أن الانتفاضة ضده تتم
بقيادة الإسلاميين. وينبغي أن يشار هنا
إلى أن المتمردين قد أضروا بسمعتهم
كثيراً ولم يستفيدوا شيئاً عندما
كتبوا على الواجهات والجدران عبارات
مسيئة للأقليات السورية! إلى ذلك يحصل الأسد على دعم حيوي من روسيا
والصين في المحافل الدولية، وخصوصاً
مجلس الأمن الدولي، وهو ما يدعو للقول
بأن احتمالات التدخل الدولي تكاد
تنعدم، إذا ما استمرت هاتان القوتان
العظميان تقفان في طريق ذلك. وربما تكون إيران أحد أهم أصدقاء أو حلفاء
الأسد، حيث تقدم لحكومته المحاصرة
السلاح، والتدريب، والاستخبارات،
والنفط، علاوة على أنها معنية بشكل
مباشر بالصراع ونتيجته. فسقوط الأسد
سيكون بمثابة كارثة للملالي ووكيلهم
في لبنان "حزب الله". أما وكيلهم
الآخر، حركة "حماس" في فلسطين،
فقد تخلى عن الأسد، وأخلى مكاتبه في
دمشق بالفعل، وهو ما مثل مؤشراً مزعجاً
على مدى العزلة التي أصبح النظام
السوري يعانيها، وهي عزلة سوف تستمر في
التفاقم خصوصاً بعد أن تكشفت –وما
زالت تتكشف- فظائع النظام وانتهاكاته
الجسيمة لحقوق الإنسان، وباتت مرئية
للكافة. ومن الأمور العاجلة التي تستدعى
الاهتمام، بمصير اللاجئين السوريين
الذين يفرون الى لبنان، وتركيا،
والأردن. وهذا الاهتمام لا يتعلق فقط
بتلبية احتياجات هؤلاء اللاجئين
الإنسانية الملحة، وإنما أيضاً
بالتعامل مع حقيقة أن وجودهم ذاته -إذا
ما امتد لفترة طويلة- سوف تترتب عنه
تداعيات سياسية على الأوضاع الداخلية
للدول التي تستضيفهم، وعلى وجه الخصوص
لبنان والأردن. فالأردن على سبيل المثال استقبل آلاف
اللاجئين السوريين الذين كانوا يحملون
أوراقاً ثبوتية، وهو ما كان يوفر وسيلة
ما للحكومة الأردنية للتحكم في
أعدادهم، وتحديد وضعهم في البلاد،
ونوعية مهنهم. والذي يقلق الأردن حقاً هم الفلسطينيون
الذين يزيد عددهم عن 300 ألف، يعيشون في
معسكرات للاجئين قريبة من الحدود مع
الأردن، والذين قد يجدون أنفسهم
مضطرين للنزوح نحو أماكن أخرى إذا ما
استمر منسوب العنف والفوضى على تصاعده
في المناطق السورية القريبة منهم. وفي لبنان، انفجر العنف بالفعل في مدينة
طرابلس بين أبناء الطائفتين السنية
والعلوية اللتين تقطنان المدينة .
ويمكن توقع المزيد من النزاعات
الطائفية، في طرابلس وفي مناطق أخرى من
لبنان إذا ما استمر تدفق اللاجئين في
التزايد. وهذا الوضع يجعل "حزب الله"
في موقف محرج للغاية، لإنه وإن كان
يعتمد اعتماداً كلياً على إيران
وسوريا في حصوله على الدعم، إلا أنه
يسعى لتعزيز نفوذه السياسي في لبنان. والمشكلة في هذا السياق هي أنه لا الأردن
ولا لبنان قادر على التأثير بشكل مباشر
على الوضع في سوريا. والدولة التي يمكن
التعويل عليها في هذا الأمر هي تركيا
التي أنفقت سنوات من الاستثمار
الدبلوماسي في نظام الأسد قبل أن تنحاز
للحراك الشعبي السوري المطالب
بالديمقراطية. وفي بداية الأزمة وعد
الأسد الأتراك بإجراء إصلاحات على
نظامه، وبوضع نهاية لحملة القمع التي
يمارسها ضد المحتجين، لكنه لم يلتزم
بوعوده واستمر في التصرف بنفس الطريقة
التي كان يتصرف بها من قبل. وبالطبع لم تبتلع أنقرة أن تكون عرضة
للكذب عليها من قبل الأسد، لذا فهي
تقوم رداً على تلك "الخيانة"،
ولأسباب أخرى، باستقبال المتمردين
السوريين في الوقت الراهن. ومن خلال
تقديم المزيد من المساندة من جانب
الأمم المتحدة والحصول على دعم واضح من
قبل دول كثيرة، يمكن دفع تركيا دفعاً
إلى تبني سياسة تدخلية في سوريا بدلاً
من الاكتفاء فحسب بتوفير ملاذ آمن
للاجئين السوريين الذين يفرون إليها
هرباً من ويلات القتال. وموقف تركيا الصارم ضد النظام السوري،
أدى لموضعة علاقاتها مع إيران في وضع
جديد خصوصاً بعد أن أوضحت بجلاء أنها
سوف تلعب دوراً أكثر أهمية في السياسات
الإقليمية، قد يتضمن استخدام "القوة
الصلبة" بالإضافة ل"القوة
الناعمة" التي دأبت على استخدامها
طيلة العقود الماضية. ومن غير المتوقع حدوث اختراق في الحرب
الأهلية السورية، إلا إذا ما اقتنعت
الأقليات السورية، والطبقة التجارية
الغنية في البلاد، بأن وضعها سوف يكون
أفضل حالاً تحت نظام يهيمن عليه السنة.
لذا، يجب على المعارضة السورية،
والداعمين الدوليين في نفس الوقت،
إقناع تلك الأقليات بقدرتهم على إسقاط
نظام الأسد دونما حاجة لحمام دم جديد. ================= الراية القطرية التاريخ: 09 مارس 2012 يُمكن اعتبار مهمّة موفد الأمم المتحدة
والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان
الذي سيزور دمشق بعد يومين الفرصة
الأخيرة أمام النظام السوري ليُعيد
حساباته ويُوقف عمليات القتل واستخدام
الأسلحة الثقيلة في مواجهة مطالب
الشعب السوري بالحرية والديمقراطية
والتغيير. لقد أضاع النظام السوري على مدى الأشهر
الماضية منذ انطلاق الثورة السورية
بسبب تعنّته ومماطلته وإصراره على
استخدام العنف في مواجهة الثورة
الشعبية العديد من الفرص لوقف سيل
الدماء التي تجري في سوريا والشروع في
حوار وطني شامل بين مختلف أطياف الشعب
السوري يُخرج سوريا من المأزق الذي
وصلت إليه. حيث رفض المبادرة العربية
لحل الأزمة جملة وتفصيلاً وأفشل مهمّة
المراقبين العرب من خلال استمراره في
ممارسة القتل والترويع ضدّ المدنيين. إن المراهنة على استمرار انقسام المجتمع
الدولي على طريقة معالجة الأزمة في
سوريا والركون إلى الفيتو الروسي -
الصيني المزدوج لا يُمكن أن يحمي
النظام السوري من عواقب استمراره في
عمليات القتل والبطش التي يتعرّض لها
المدنيون في سوريا فصبر المجتمع
الدولي سينفد إن عاجلاً أو آجلاً وسيجد
النظام السوري نفسه يتعرّض لما هو أكبر
وأقسى من العقوبات الاقتصادية والعزلة
السياسية. ما يجب أن يسمعه موفد الأمم المتحدة
والجامعة العربية كوفي أنان في دمشق
ليس رواية المؤامرة الخارجية التي
تستهدف النظام في سوريا أو رواية
العصابات المسلحة التي تُمارس الإرهاب
وتقتل المدنيين وهي رواية لا يُصدّقها
أحد، بل الرغبة في التوصّل إلى مخرج
حقيقي من الأزمة والاعتراف بثورة
الشعب السوري ومطالبه العادلة. الحكم على نجاح مهمّة كوفي أنان الصعبة أو
فشلها يكمن في قدرته على إقناع النظام
السوري بوقف العنف الذي أسفر عن سقوط
أكثر من 8500 قتيل منذ بدء الحركة
الاحتجاجية الشعبية في منتصف مارس 2011
بما يُمهّد للتوصّل إلى حلول سياسية
تحقق مطالب الشعب السوري العادلة. إن استمرار النظام السوري في استخدام
العنف والقتل ورفضه الإصغاء لمطالب
الناس بالتغيير ومواصلة حصار المدن
واقتحامها بعد قصفها بالأسلحة الثقيلة
واعتقال المواطنين والنشطاء
السياسيين وتعذيبهم حتى الموت يفرغ
مهمّة المبعوث الدولي والعربي من
مضمونها ويُحوّلها إلى فرصة أخرى
تُضاف إلى قائمة الفرص الضائعة لتلافي
انفجار الأوضاع في سوريا لكن ضياعها
يعني في المقابل أنها ستكون المسمار
الأخير في نعش النظام السوري الذي بدأ
يتصدّع بالفعل. ================ رندى حيدر 2012-03-09 النهار برزت في الفترة الأخيرة داخل إسرائيل
أصوات تدعو الحكومة الإسرائيلية الى
تقديم المساعدات الإنسانية للمواطنين
السوريين الفارين من العنف وأعمال
القتل والباحثين عن ملاذ آمن، باعلان
فتح الحدود في الجولان مع سوريا
لإستقبال اللاجئين واقامة مخيمات خاصة
بهم، وتأمين الحماية لهم، على غرار ما
فعلته تركيا، وما يفعله الأردن ولبنان
لاحتضان موجة نزوح السوريين من مناطق
القتال الى مناطق آمنة. وكان قد سبق لوزير الخارجية الاسرائيلي
أفيغدور ليبرمان ان ابدى استعداده
لتقديم المساعدة الإنسانية إلى أي
مواطن سوري يطلبها، بينما التزمت
الحكومة الإسرائيلية الصمت حيال ما
يجري في سوريا وحاولت قدر الإمكان
الامتناع عن الادلاء بأي موقف أو تصريح
علني يمكن أن يعتبر تدخلاً في الشؤون
الداخلية السورية. في هذه الأثناء بدأ
يبرز جدل بين المؤيدين لتقديم
المساعدة الانسانية للسوريين وفتح
الحدود أمامهم، والرافضين لذلك رفضاً
قاطعا. إذ يرى الرافضون فكرة تقديم
المساعدة أن الشعب السوري شديد العداء
لإسرائيل، وأن المعارضة السورية لا
يمكن أن تكون من أصدقائها. ويتذكر
أصحاب هذا الرأي التجربة الإسرائيلية
الفاشلة في تقديم المساعدة الى
المسيحيين في لبنان خلال الحرب
الأهلية، والتي انتهت باحتلال إسرائيل
لجنوب لبنان أكثر من 18 سنة وتكبيدها
خسائر بشرية كبيرة. من الصعب اعتبار الكلام الإسرائيلي عن
تقديم مساعدات إنسانية إلى الشعب
السوري من باب التعبير عن موقف "أخلاقي
إنساني" وخصوصا في ضوء ممارساتها
اليومية غير الأخلاقية وغير الإنسانية
في حق الشعب الفلسطيني. من هنا السؤال
عن الدلالة الفعلية للمواقف
الإسرائيلية في هذا المجال. على المستوى النظري، يمكن تفسير هذا
الكلام بأنه نتيجة لانعكاسات الثورات
العربية، والدرس الذي تعلمه
الإسرائيليون بضرورة ايلاء المزيد من
الاهتمام لما يجري داخل المجتمعات
العربية المحيطة بهم وليس تركيز
الاهتمام على دوائر القرار والطبقة
السياسية الحاكمة. أما على الصعيد
العملي، فيمكن ادخال هذا الكلام في
دائرة النقاش الدائر في شأن ما بعد
نظام بشار الأسد. فإذا كانت إسرائيل
عاجزة عن التأثير في الأحداث التي
تشهدها سوريا، فهناك من يعتقد أن عليها
على الأقل الايحاء بصورة غير مباشرة
بوقوفها ضد نظام الأسد. لكن كل ذلك لا يحجب الحقيقة القائلة ان
المواجهة الشرسة التي تخوضها إسرائيل
ضد السلاح النووي الإيراني أعطت سقوط
نظام بشار الأسد، حليف إيران، في نظر
إسرائيل قيمة عسكرية واستراتيجية تفوق
من حيث أهميتها المخاطر التي قد
تواجهها إسرائيل جراء الفوضى الناتجة
عن سقوط هذا النظام. ================= الجمعة، 09 آذار 2012 01:50 أكرم السواعير السبيل الفاضل المكرم رجب طيب حفظه الله.. لا يخفى عليك ما يحصل في البلد المسلم
المجاور لبلدك سوريا من قتل للرجال
والشيوخ والنساء والأطفال، بلا رحمة
ولا شفقة وبطريقة همجية عنيفة، ومن
تدمير للبيوت ومن ترويع للآمنين. وهذه
العمليات الظالمة على جوارك المسلم
ليست وليدة اليوم أو البارحة أو الشهر
الفائت، بل هي مستمرة منذ ما يقارب
العام، وجرائم القتل تقع بشكل يومي
والعدد آخذ في الارتفاع، فمن عشرة إلى
عشرين ثم صارت تقارب المئة يوميا،
وأحيانا تزيد عن ذلك، مما راكم العدد
فيما يقارب ثماني آلاف شهيد، والجرحى
يتم الإجهاز عليهم، وجثث الموتى يتم
خطفها وإخفاؤها، ومن يُعتقل من
المواطنين، وهم بعشرات الآلاف، يتلقّى
العذاب الفظيع الذي لا يمكن وصفه وهم
في حكم الأموات. وأما قبل هذا العام، فكان الشعب يعيش في
رعب وخوف تحت ظل نظام طائفي استبدادي
نشر الفساد والرشوة والجوع والحاجة
حتى صارت هذه الأشياء طبيعية غير
مستنكرة. وقد تابعت كغيري على مدار العام ردود
الحكام في مختلف أنحاء العالم على هذه
الأحداث، غير أنّي كنت أخص حكام تركيا
بمزيد من الاهتمام، وما ذلك إلاّ
لشعوري بطيب معادنهم، وبخلفياتهم
الإسلامية التي لا تخفى، وبقربهم من
مركز الأحداث، ولأنّهم ورثة
الإمبراطورية العثمانية العظيمة،
ولأنّا توقّعنا منهم أن يكون لهم بصمات
ظاهرة في الواقع الإسلامي الحديث،
إلاّ أنني تفاجأت بردود أفعالهم التي
لم تتجاوز الكلام والاستنكار والرسائل
والزيارات، ولم تقدّم أو تؤخّر في
الواقع السوري المؤلم. أنا أعتقد يا أخي الحاكم المسلم في تركيا
أنّ موقفكم أمام الله يجب أن يكون
مختلفا عن بقية مواقف الحكام، فأنتم
حكام مسلمون ملتزمون تعرفون الحق من
الباطل وتعرفون واجباتكم، ثم أنتم
تحكمون دولة قوية متقدمة يحسب لها ألف
حساب هي تركيا، وأنتم أيضا جيران سوريا
المسلمة ويجب عليكم شرعا إنقاذها ورفع
الظلم عنها، ففروض العين في الجهاد
تتسع على شكل دوائر مركزها منطقة
الحدث، وأنتم في الدائرة الأقرب، وسوف
يسألكم الله يوم القيامة بشكل فردي
شخصي: ماذا فعلت يا أردوغان لتنصر
الأطفال والنساء والشيوخ الذين
يقتلون؟ ولن ينفعك الاحتجاج بأنّ
موازين القوى في المنطقة لا تسمح، وأنّ
دول الكفر العظمى لا تأذن لي! وأنّ خطوط
الحدود الوهمية التي رسمها الكفار لا
يمكنني تجاوزها، فقد تجاوزت الدول
الكبيرة هذه الأيام كل الحدود وقطعت
البحار وأسقطت دولا وأنظمة من العراق
وأفغانستان والقوقاز إلى ليبيا.
وتذكّر في تاريخ تركيا الحديث كيف نصر
البطل أربكان إخوانه في قبرص في يوم من
الأيام بغارات الطائرات ولم يبالِ
بالأرض ومن فيها، وها قد مرّ عام على
لقائه وجه ربه وستلاقون الله مثله! تذكّر أيام الزمن الجميل عندما اعتدى
الكفار على المسلمين في عمورية التي
تقع في أطراف بلادكم، وكيف صرخت تركية
مسلمة (وامعتصماه) فحمل الصرخة مسلم
وبلّغها المعتصم، ذلك الخليفة البطل
الذين أخواله من الأتراك، وأمر بتجهيز
جيش أوله في عمورية وآخره في بغداد،
ونصر المسلمين وأحرق رايات الكفر وشتت
شملهم! وها في سوريا آلاف الصرخات انطلقت تستنصر
بكم (بأردوغان) وتنادي: أين الإسلام!
أين المسلمون! أين الحكام! واإسلاماه!
واإيماناه! واقرآناه! ما في غيرك يا
الله! فهل خلت الدروب من الأبطال! وهل خلت ديار
المسلمين من الأحرار! فهل من مجيب؟ وهل
من اسطنبول ومن أنقرة يأتينا الجواب؟
لن نفقد الأمل بتركيا العزيزة! ولن
نفقد الأمل بأردوغان! وسنتوقع منهما
الكثير، لأن قلوبهما الصالحة المؤمنة
تحمل الكثير من الخير والنخوة والهمة
والعزيمة والبطولة! ألا يمكن رصد رأس الأفعى أو الأفاعي
السامة ثم... لن نقترح على القيادة المسلمة في تركيا،
فقيادتها مخلصة وقلوبها طاهرة
وأرواحها محلّقة وعقولها نظيفة،
وننتظر منها في الأيام القادمة
الكثير، وسوف يسجّل التاريخ، وسيرى
الله وملائكته ورسوله والمؤمنون ما
سيفعله أردوغان ومن معه من المساعدين
ومن شعب تركيا المسلم، وسوف يسألهم
الله أيضا يوم القيامة. أبقاكم الله ذخرا ونصيرا للحق والخير
والمستضعفين. ================= عام على الثورة الشعبية
السورية غياث نعيسة 2012-03-08 القدس العربي اقتحم جيش النظام السوري حي بابا عمرو في
حمص في اليوم الأول من شهر أذار بعد نحو
شهر من الحصار والقصف. ولم تكن
المقاومة البطولية للسكان وللجنود
المنشقين والثوار المسلحين مفاجئة،
لأن هذا الحي، على شاكلة ألاف الاحياء
الاخرى، حي يقطنه المفقرون والمستغلون
والمهمشون الذين لا يخافون من فقدان
شيء لهم سوى قيودهم. لقد ضجت وسائل اعلام الطغمة الحاكمة
ابتهاجا ب'انتصارها' وقدمت جريمتها في
سحق بابا عمرو بوصفه نصرا لها على 'الارهابيين'،
وهي صفة تطلقها السلطة على الجنود
المنشقين والمحتجين السلميين. من
جهته، اعلن العقيد المنشق رياض الاسعد
اللاجئ في تركيا، والناطق باسم الجيش
السوري الحر عن ان سقوط الحي حصل نتيجة
'الانسحاب التكتيكي' للأخير. والحال، ليس هنالك من مدعاة للفخر، بل هو
جريمة بشعة بحق الانسانية، ما ارتكبته
قوات السلطة من جرائم وتدمير لحي يقطنه
مدنيون محاصرون تماما ويتعرضون للقصف
اليومي، ولا يدافع عنه سوى بضعة مئات
من الثوار المسلحين بسلاح خفيف في
مواجهة جيش محترف جرار. وما الاهمية
العسكرية لاجتياح حي واحد والتبجح
بالنصر مع تواجد الاف اخرى ثائرة على
امتداد سوريا؟ لقد جاء الرد الحاسم
للجماهير الثائرة في اليوم التالي
لاجتياح جيش الطغمة لحمص حيث رصد في 2
أذار 619 نقطة لانطلاق المظاهرات
السلمية .فأي انتصار هذا؟ أما تصريح العقيد المنشق رياض الاسعد فهو
تعبير عسكري غير موفق لوصف معركة هي
اصلا غير تقليدية لأنها لا تعني مواجهة
بين جيشين، بل هي حرب يشنها جيش نظامي
ضد جماهير الشعب، جزء ضئيل منها يحمل
السلاح الخفيف للدفاع عن نفسه. ولاشك
أن سقوط حمص في ايدي جيش الطغمة هو ضربة
قاسية ولكنه مجرد هزيمة في معركة واحدة
من الصراع الطويل الدائر بين الجماهير
الثائرة والنظام الدكتاتوري. وهذا ما
يعيد، وبإلحاح، قضية ضرورة توحيد
مجموعات الجنود المنشقين والمدنيين
المسلحين المشتتة تحت قيادة عسكرية
ميدانية واحدة تكون هي نفسها ملتزمة
بالقيادة السياسية للتنسيقيات
الثورية الميدانية، فلا هيئة التنسيق
للتغيير الديمقراطي تعير الامر كله
اهتماما يذكر بل تركز نشاطها على العمل
الدبلوماسي مع الاطراف الاقليمية
والدولية الحليفة للنظام، ولا المجلس
العسكري التابع للمجلس الوطني السوري
الناشط في المنفى الذي أعلن الاخير عنه
أستطاع أن يرى النور، في وقت أعلنت فيه
دولتان من الدول الراعية للمجلس
الوطني السوري، هما قطر والسعودية
،دعوتهما الى تسليح 'المعارضة'، لتفاقم
دعوتهما هذه من حالة تأرجح مواقف
المجلس بين الشيء ونقيضه . فالدول
الراعية للمجلس الوطني السوري لا
تمتلك نفس المقاربة للوضع السوري.
فدعوة حكومتي قطر والسعودية لتسليح
المعارضة انما تعني عمليا بالنسبة
لهما التيارات المقربة لهما وهي
التيارات السلفية والجهادية
المتشددة، بينما نجد أن فرنسا والدول
الغربية معها والى حد ما تركيا ترى،
حتى هذه اللحظة، في التسليح وفي هذه
التيارات خطرا على استقرار المنطقة
وعلى أمن دولة اسرائيل ويفضلون
سيناريو اضعاف سوريا مجتمعا ودولة
وتشجيع نوع ما من 'الانتقال المنظم'، ما
يعني تغيير للنظام بشراكة قسم من داخل
النظام نفسه. مر عام على الثورة والنظام رغم تصدعه، لم
ينهار بعد، فالانشقاقات داخل الطاقم
السياسي شبه معدومة وانشقاقات
العسكريين ما تزال نسبيا غير واسعة مع
قليل من الضباط ذوي الرتب العسكرية
الرفيعة. اذن، يطرح السؤال التالي نفسه:
ما هي الاسس الاخرى الداعمة للنظام
بخلاف قوته العسكرية واجهزته الأمنية
وجبهة احزابه الموالية وحلفائه
الاقليميين او الدوليين، التي توفر له
دعما داخليا في مواجهة الثورة
الشعبية؟ لقد لاحظ اغلب المتابعين للشأن السوري
الضعف النسبي للاحتجاجات التي تعرفها
المدينتان الاكبر في سوريا حلب ودمشق
مقارنة بحقيقة انهما مدينتان يقطنهما
نحو اقل قليلا من نصف سكان البلاد .
ومما لا شك فيه ان مركزة السلطة لقوات
قمعها فيهما واحكام قبضتها امنيا
عليهما منذ عقود يشكلان عاملا هاما في
اعاقة تطور الاحتجاجات فيهما. ولكن
قوات النظام ووحشيته لم تمنع نمو
الاحتجاجات في مدن اخرى. و الحال، فان وجود طبقة اجتماعية اساسية
داعمة للسلطة بل وحاضنتها يتم تغافله
في اغلب التحليلات، وهو ان هاتين
المدينتين تتمركز فيهما ايضا
البرجوازية 'الخاصة' السورية التي لا
يلغي من حقيقة دعمها الواضح للنظام
الدكتاتوري بعض الاخبار التي تواردت
عن تبرع بعض 'الاغنياء' للثورة، وهي
حالات قليلة اشبه ما تكون بمحاولة
لإراحة ضمائرهم. هنالك منذ عقود نوع ما من 'العقد' بين هذه
البرجوازية المرتبطة عضويا بالسلطة
وبين الدكتاتورية ما يزال صالحا وهو:
دعوا الحكم لنا لندعكم تغتنون بلا حدود. اذ التقى في 29 شباط وفد رسمي رفيع المستوى
ضم كل من وزير الدفاع ونائبه ورئيس
مجلس الامن القومي ووزير الداخلية مع
ممثلي البرجوازية في حلب بناء على
طلبهم واستجاب ممثلي الدكتاتورية
لطلبات البرجوازية في تأمين أمنها
وازدهار اعمالها، رغم حالة المقاطعة
التي يعيشها الاقتصاد السوري المتدهور
والوضع الثوري السائد. واعلنت السلطات
بعد يومين من هذا الاجتماع عن تشكيل
هيئة لإقرار سياسة اقتصادية للبلاد،
طبعا لا تضر بمصالح البرجوازية وخاصة
مع تأزم الوضع الاقتصادي، تشمل اساسا
ممثلي هذه البرجوازية مثل راتب الشلاح.
و اخيرا، فان هذه البرجوازية هي التي تمول
مليشيات الشبيحة الفاشية الموالية
للنظام وتساهم في اليات التأطير
الاقتصادي والاجتماعي والايديولوجي
للسكان لصالح الدكتاتورية. في حين أن الطبقة الوسطى كانت قد عرفت
تفككا حادا في العقدين الاخيرين خصوصا
نتيجة السياسات النيوليبرالية التي
شهدتها سوريا. انخرط جزء منها في
الثورة منذ اندلاعها ولا سيما قطاعات
من شرائحها الدنيا والمهمشة. بينما
اتخذ قسم اخر منها، ولا سيما شرائحها
العليا، موقفا مؤيدا للنظام او بقي
مترددا، وخاصة ان رب عمل غالبيتها هو
الدولة نفسها، او خشية وقلقا من
التغيير ومستقبل مجهول. في المقابل، قامت دكتاتورية عائلة الاسد
منذ استلام الاسد الاب للسلطة
بانقلابه عام 1970 بتشجيع ورعاية
المؤسسات الدينية الرسمية الاسلامية
والمسيحية. بل وشجعت، علاوة على ذلك،
على انبعاث تيارات دينية 'شعبية' غير
مسيسة ان لم تكن موالية للسلطة . فقد
شهدت البلاد بين عامي 1970 و2000 حمى
حكومية لبناء المساجد، حيث افتتح
حوالي 12 ألف مسجد خلال هذه الفترة،
وافتتح اكثر من الف وحدة من معاهد
الاسد لتعليم القرآن في كل المحافظات
السورية. ليس غريبا اذن الموقف المؤيد للدكتاتورية
الذي اتخذته المراتبية الدينية
الرسمية الاسلامية (السنية والشيعية
والدرزية) وبالأخص الموقف الداعم لها
من قبل مفتي الجمهورية الشيخ احمد بدر
الدين حسون والشيخ محمد البوطي. كما أعلنت الكنائس السورية (الشرقية
والغربية والانجليكانية) بإعلان مشترك
لها موقفا مؤيدا للسلطة. حتى المطران
الماروني بشارة الراعي اعلن مرارا
وتكرارا موقفا مؤيدا للنظام السوري.
والشيء نفسه يقال بخصوص المراتبية
الدينية العليا للشيعة والدروز. هذا
الموقف المساند للدكتاتورية من
الهيئات الدينية الرسمية العليا لم
يمنع العديد من رجال الدين (من كافة
الاديان والمذاهب) من المرتبات
الدينية الادنى من مساعدة ودعم الثورة.
لكن مما لا ريب فيه بأن موقف المؤسسة
الدينية الرسمية (لكل الاديان
والمذاهب) يشكل، اضافة الى موقف
البرجوازية الخاصة، عاملان هامان من
عوامل الدعم والاسناد للنظام، ويلعبان
دورا سلبيا مؤثرا على تطور الثورة
ومعيقا لانتصارها، وهما مكونان من
مكونات الثورة المضادة. فالثورة في بلادنا ثورة شعبية حقيقية.
فهي، وقبل أي شيء أخر، ثورة الجماهير
المفقرة والمستغلة والمهمشة. ولأنها
ثورة اجتماعية عميقة وجذرية فإنها
تواجه ثورة مضادة تضم اضافة الى النظام
الدكتاتوري الدموي وحلفائه الداخليين
والخارجيين، البلدان الرجعية العربية
وحلفائها. وهذا ما يطرح بشكل ملح على
جدول أعمال الثورة الشعبية السورية
ضرورة بناء القيادة الجماهيرية
الثورية القادرة على السير بالثورة
الى مطافها النهائي بإسقاط النظام
وتحقيق الحرية والمساواة والعدالة
الاجتماعية. في سياق السيرورة الثورية الجارية منذ
عام، ابتدعت الجماهير الثائرة اشكال
تنظيمها من الاسفل مثل التنسيقيات
لتنظيم الاحتجاجات ومؤخرا المجالس
المحلية لإدارة شؤون حياة السكان في
المناطق المنتفضة، ولعل الربط، او
الدمج، بين هذين الشكلين من التنظيم
الذاتي الجماهيري في اطار واحد قد اصبح
ضروريا، بحيث يمكنه القيام بوظائف
تنظيم الاحتجاجات والدفاع الذاتي (المقاومة
الشعبية) وادارة شؤون حياة السكان في
أن معا. وبمعنى اخر، أصبح مطلوبا وملحا
العمل على توفير الشروط الملائمة
لتكوين سلطة بديلة من الاسفل. وكل قوى
اليسار الثوري في سورية مدعوة
للانخراط في هذه المهمة العاجلة. ================= البطريرك الماروني
وانتفاضة السوريين الجمعة, 09 مارس 2012 الياس حرفوش الحياة لا شك في ان لدى بطريرك الموارنة فهماً
خاصاً لمعنى الديموقراطية وشروطها غير
ذلك الذي يعرفه سائر الناس. ففي حديث
صحافي اخير لم يتردد البطريرك بشارة
الراعي في وصف النظام السوري بأنه «اقرب
شيء الى الديموقراطية» بين الانظمة
العربية، مبرراً ذلك بأن سورية لا تقول
انها دولة اسلامية ولكن دين رئيس
الدولة هو الاسلام. والغريب ان الراعي يناقض نفسه في الحديث
ذاته اذ يعترف بأن نظام البعث السوري
هو «نظام متشدد وديكتاتوري». لكنه
يستطرد في دفاع واضح عن هذا النظام،
فيقول: «لكن يوجد مثله كثير في العالم
العربي». وفضلاً عن ان دفاع الراعي عن «ديموقراطية»
نظام دمشق يغفل الطبيعة المذهبية لهذا
النظام، والتي تتحكم بانتماء المفاصل
الاساسية في اجهزته السياسية
والامنية، فإن هذا الدفاع يتجاهل
حقيقة ان اي نظام عربي آخر، باستثناء
حكم البعث السابق في العراق، لم يرتكب،
بل لا يجرؤ على ان يرتكب بحق شعبه ما
يرتكبه النظام السوري. وفي تبنّ شبه كامل لمقولات الاعلام
السوري، لا ينسى الراعي الاشارة الى «الاصلاحات»
التي يقوم بها نظام الرئيس بشار الأسد،
ويتبرّع بإبلاغنا ان الرئيس السوري
اعلن عن هذه الاصلاحات منذ آذار (الماضي).
لكنه يغفل الاشارة الى انه منذ بدأت
هذه «الاصلاحات» الى اليوم، سقط في
المدن السورية اكثر من 8 آلاف قتيل. ليست هذه هي المرة الاولى التي ينبري فيها
البطريرك الماروني الى الدفاع عن
النظام السوري والى التشكيك في مصير
ثورات «الربيع العربي»، واتهامها
بأنها تتحول الى «شتاء». لقد سبق ان
ادلى بالأقوال نفسها خلال زيارة له الى
باريس في الصيف الماضي بعد لقاء مع
الرئيس الفرنسي وقبل زيارة قام بها الى
الولايات المتحدة. وأثارت مواقفه
انتقادات واسعة من الدولتين اللتين
كانت مواقفهما معروفة من النظام
السوري. وانتهى الامر الى مقاطعة شبه
كاملة للراعي من جانب كبار المسؤولين
الاميركيين. بعد ذلك اجتهدت الدوائر الإعلامية في
بكركي للإيحاء بأن الكلام الذي نقل عن
البطريرك تم تحريفه، مع انه قاله
مباشرة عبر احدى الاذاعات الفرنسية.
وتكرر الامر نفسه بعد الحديث الاخير،
في محاولة لنفي التصريحات التي اثارت
جدلاً وانتقادات واسعة، داخل لبنان
وخارجه. غير ان الوكالة التي حصلت على
تصريحات الراعي أصرت على ان عملها
المهني لا يسمح ب «تصحيح» حديث مسجل
لديها بصوت قائله. وكما حصل خلال زيارتي باريس وواشنطن،
تأتي التصريحات الاخيرة للبطريرك
كمقدمة غير موفقة للزيارة التي يقوم
بها الى الاردن والتي يفترض ان يزور
بعدها قطر والكويت. ومواقف الدول
الثلاث وقادتها معروفة من الانتفاضة
السورية ومن نظام الرئيس بشار الأسد.
وهو ما كان يقضي، ولو من قبيل اللياقة
والديبلوماسية، ان يوفر البطريرك على
نفسه وعلى منصبه الحرج الذي سيواجهه
خلال لقاء هؤلاء القادة. ان إصرار الراعي على مواقفه من انتفاضة
الشعب السوري يعني ان ما يقوله الرجل
ليس زلة لسان او تخبطاً يرافق عادة
تولي منصب جديد. انه بهذا الموقف يغامر
بوضع الطائفة التي يمثلها في موقع لا
تُحسد عليه، هو موقع المدافع عن الجلاد
ضد الضحية، وعن الظلم ضد قيم العدل
والحق، وعن حق الحاكم في استعباد الناس.
وبالتأكيد، فإن دفاعاً كهذا لا صلة له
بتعاليم الدين المسيحي ولا بأبسط
المبادئ الانسانية التي تدعو الى
مناصرة المظلوم ضد الظالم. فوق ذلك يسيء موقف البطريرك الراعي الى
الدور الوطني الذي طالما لعبته
البطريركية المارونية في دفاعها عن
سيادة البلد ورفض اي تبعية للخارج. اذ
انه يدفع قسماً كبيراً من اللبنانيين،
مسلمين ومسيحيين، الى الحذر حيال
التعامل مع مقام ديني يتبنى مواقف
منحازة كهذه. ليس هذا فقط. بل ان الراعي يغامر كذلك
باستعداء اي نظام مقبل في دمشق،
وباستعداء الحكومات التي قامت على
أنقاض انظمة القمع السابقة في المنطقة
العربية. والغريب انه اذ يدعو الى
حماية الوجود المسيحي في الشرق، فإن
تصريحاته لا تؤدي الا الى زيادة القلق
على هذا الوجود، من خلال خلق حالة عداء
مجانية مع المحيط الواسع الذي يعيش فيه
المسيحيون. ================= مراد يتكين الشرق الاوسط 9-3-2012 صرح البيت الأبيض قبل أيام بأن الولايات
المتحدة لا تحبذ التدخل العسكري في
سوريا، وأنها تفضل بدلا من ذلك ممارسة
مزيد من الضغوط على نظام بشار الأسد
ومحاولة فرض العزلة عليه حتى يتوقف عن
هجومه على شعبه. ولم يكن هذا مجرد رد من الرئيس الأميركي
باراك أوباما على السيناتور جون
ماكين، الذي قال في الخامس من مارس (آذار)،
إن الولايات المتحدة قد تدرس شن ضربات
جوية لإزعاج دمشق - على غرار ما تم
تطبيقه بالبلقان في تسعينات القرن
الماضي - بل كان هذا ردا غير مباشر على
روسيا (والصين أيضا)، اللتين تعارضان
صدور أي قرار من مجلس الأمن بشأن سوريا
نتيجة مخاوف من أن يؤدي هذا إلى عملية
عسكرية على غرار ما حدث في ليبيا العام
الماضي، ويشمل هذا مقترح «الممر
الإنساني» الذي سيستلزم على الأقل
وجود حماية مادية للمساعدات. ويبدو حث رئيس الوزراء التركي رجب طيب
أردوغان قبل أيام على مد ممر إنساني
فوري قبيل التصريح الذي أعلنته
الولايات المتحدة بمثابة دعوة للمجتمع
الدولي لكي يقوم بتعزيز المساعي
الدبلوماسية، بدلا من أن تقدم تركيا أي
خطة ملموسة لضمان إمكانية وصول
المساعدات إلى الشعب السوري عبر
الأراضي التركية. وتعتبر تركيا أيضا
جزءا من المساعي الدولية الرامية إلى
إجبار بشار الأسد على وقف ممارساته
التي يقوم بها منذ قرابة العام، مع
تحبيذ تنازله عن السلطة من أجل مصلحة
بلاده، وهو ما من شأنه أن يفي بالمطالب
الروسية أيضا في ما يتعلق برغبتها في
عدم السماح بسقوط النظام. وكجزء من تلك المساعي الدولية التي
تبذلها جامعة الدول العربية والاتحاد
الأوروبي والأمم المتحدة، من المقرر
أن يذهب كوفي عنان، الأمين العام
السابق للأمم المتحدة، إلى دمشق في
العاشر من مارس (آذار)، في نفس اليوم
الذي يلتقي فيه سيرغي لافروف، وزير
الخارجية الروسي، نظراءه بجامعة الدول
العربية في القاهرة. وقالت جريدة «حرييت ديلي نيوز» التركية
نقلا عن مصادرها، إن عنان سيقدم عرضا
يكفل نوعا من الخروج المشرف لبشار
الأسد من أجل إنهاء الأزمة والمأساة
الإنسانية التي تجري في بلده. وتعتبر
الرسالة التي بعث بها نائب وزير الشؤون
الخارجية الصيني، زاي جون، قبل أيام
إلى دمشق خطوة من أجل تهيئة الأسد
للعرض الذي سيقدمه عنان. يأتي هذا بالتوازي مع العرض الذي سبق أن
قدمه الرئيس التركي عبد الله غل
الأسبوع الماضي، حين اقترح «النموذج
اليمني» على بشار الأسد، وهو ترك
السلطة لنائبه. وأظهرت رسالة الأسد قبل أيام أنه يجد بعض
الصعوبة في تقبل الأمر، فتعهده ب«سحق
الإرهابيين» مع تطبيق مزيد من
الإصلاحات يعطي مؤشرات مختلطة إلى
العالم الخارجي. ومع ذلك، منح التغير في الموقف الأميركي
قبل أيام بشار الأسد فرصة أخرى لإنقاذ
بلاده وشعبه من مزيد من الدماء
والعزلة، وما زال الأسد يمتلك مساحة
للمناورة، ولديه فرصة للوصول إلى خروج
مشرف ومهلة لإعادة النظر في موقفه،
وعليه أن يستغل ذلك قبل فوات الأوان،
من أجل مصلحة المنطقة المحيطة بأكملها
أيضا. يذكر أن هذه الرسالة التي بعث بها أوباما
إلى سوريا تنطبق أيضا بشكل أو بآخر على
إيران (وإسرائيل كذلك)، حيث لا يرغب في
جر الولايات المتحدة إلى صراع عسكري
آخر - على الأقل حتى نهاية الانتخابات
خريف العام الجاري. * بالاتفاق مع صحيفة «حرييت
ديلي نيوز» التركية ================= أنان بطل مسرحية الجامعة
الجديد عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 9-3-2012 لم تتعظ الجامعة العربية من الأذى الذي
ألحقته بالشعب السوري من جراء فضيحة
مهمة أحمد الدابي، الجنرال من النظام
السوداني. مسرحية المراقبين تلك هي
التي أسهمت في إنقاذ النظام السوري
بتقارير زورت الحقيقة لتغطية جرائمه،
زاعمة أن المحتجين قتلة مثل الحكومة،
وساعد التقرير المندوب الروسي لتبرير
استخدام الفيتو، وأعطى قوات الأسد
الضوء الأخضر ليستخدم قواته الثقيلة
ليقتل المزيد من المدنيين السوريين. ها هي الجامعة الآن تعود بمهزلة أكبر.
أرسلت إلى الأمين العام السابق للأمم
المتحدة كوفي أنان، ليتسلم في بيت
تقاعده الدعوة ربما الوحيدة التي تصله
منذ خروجه من مكتبه في نيويورك، ليشارك
في مهمة وساطة في سوريا. أنان، للعلم،
هو الآخر مثل الدابي سمعته أحاطت بها
شبهات لها علاقة بمبيعات النفط مقابل
الغذاء في العراق خلال عمله، ولم يجدد
له بعدها في وظيفته كأمين عام للأمم
المتحدة. كما استدعي من تقاعده
الدبلوماسي الفلسطيني المتقاعد ناصر
القدوة ليشاركه المهمة. الجامعة العربية بقيادة نبيل العربي، بكل
أسف، هي حصان طروادة، تنفذ رغبات
الإيرانيين والروس. هذه المهام، أو
المسرحيات، التي تخترعها الجامعة،
نجحت فقط في تغطية جرائم النظام السوري
ومنحه المزيد من الوقت، وأعطت
الانطباع للعالم أن منظمة العرب
الكبرى ليست متأكدة مَن يقتل مَن في
سوريا، وأنها تملك حلا عربيا. الحل
الذي يتحمس له الأمين العام العربي هو
نفس الحل الإيراني، فكرته إيجاد تعاون
بين النظام والمعارضة، بحيث يبقى فيه
الأسد رئيسا ويدير الأجهزة الأمنية
والعسكرية وتعطى المعارضة حصة في
الحكومة. طبعا من يعرف النظام يدرك أنه
حتى رئيس الحكومة، وهو شخص آخر غير
الأسد، منصب لا قيمة له. عمليا، مشروع التفاوض الذي يجاهد العربي
من أجله والإطار الذي صممه للتفاوض
فيه، يعتبر - في أقصى حالات نجاحاته -
خيارا يستحيل أن يقبل به الشعب السوري،
حيث يبقي فيه النظام بأركانه. سينجح
العربي بإيقاظ أنان من غفوته
والاستعانة به وسيطا في شيء واحد، سفك
المزيد من الدماء. فالنظام في دمشق
سيعتبرها رخصة ثانية من العربي لإكمال
عمليات القتل، لأنه يظن أن المهمة إذا
فرضت نتائجها بعد ستة أشهر من الآن، أو
أبعد من ذلك، فسيضطر للتنازل عن بضعة
مقاعد وزارية، مثل التجارة والزراعة
والمواصلات. الطعن في الظهر الذي يمارسه الأمين العام
للجامعة العربية، برغبته أو رغما عنه،
أسوأ مما يفعله النظام السوري، هذه هي
الحقيقة بكل ألم وحسرة. لقد مكن العربي
الروس والإيرانيين - بتبنيه مشاريعهم -
من إنقاذ نظام الأسد الذي كان يتهاوى.
وأوقف فرصة معاقبة النظام التي تم
الاتفاق عليها قبل أربعة أشهر بأغلبية
ساحقة بطرد النظام السوري من الجامعة
العربية. سيلام العربي، وستلام
الجامعة، بعد سقوط النظام على هذه
الأدوار المخزية، وسيواجه وجامعته
أمهات وأهالي آلاف الضحايا الذين
يعرفون أنه كان السبب في إطالة أمد
النزاع وقتل فلذات أكبادهم. ما يحدث في سوريا لا علاقة له بمؤامرات،
كما يشاع في أوساطه وكما يزعم المفكر
هيكل، ولا يمكن أن ينظر إلى الحدث
الدامي خارج حقيقة؛ هي أن النظام
السوري بطبيعته الإجرامية يرتكب
عمليات إبادة، يقتل مدنيين عامدا بلا
رحمة. يقتل عوائل كاملة بأطفالها، فقط
لمجرد الانتقام أو الترويع. المؤامرة ليست في إسقاط نظام وحشي بل في
مساندته. ================= البطاركة والدين
والأخلاق والنظام السوري رضوان السيد الشرق الاوسط 9-3-2012 منذ اللحظة الأولى للثورة السورية اتخذ
بطاركة الأرثوذكس والكاثوليك
والموارنة مواقف ضدها وضد الشعب
السوري الثائر، وذكروا سببين لذلك:
التخوف على المسيحيين من التطرف
الإسلامي، والغرام بالرئيس بشار الأسد
المستنير والإنساني وحبيب المؤمنين
وحاميهم! وأضاف لحام بطريرك الروم
الكاثوليك إلى ذلك: الوقوف مع نظام
الممانعة والمقاومة، بينما أضاف
بطريرك الموارنة إلى ذلك: ضرورة سلاح
حزب الله لتحرير الأرض، ولمنع توطين
الفلسطينيين في لبنان! ومنذ ذلك الحين
جرت في النهر مياه كثيرة، اضطرت بابا
الفاتيكان إلى استنكار القمع وسفك
الدم في سوريا، بينما أصر البطاركة
السالفو الذكر على امتداح الأسد
بمناسبة ودون مناسبة. إلى أن ذكر
البطرك الراعي قبل ثلاثة أيام أسبابا
راجحة من وجهة نظره للتحزب لنظام
الطغيان، والأسباب هي أن ما يسمى
بالربيع ليس ربيعا، وإلا فكيف يهجّر
مليون مسيحي من العراق؟ وأنه لا مبرر
للحملة على النظام السوري الذي أقدم
على الإصلاح منذ شهر مارس (آذار) الماضي.
وصحيح أن نظام الأسد ديكتاتوري مثل
سائر الأنظمة، لكن سائر الدساتير
العربية تذكر أن دين الدولة هو
الإسلام، في حين أن دستور الأسد يكتفي
باعتبار أن دين رئيس الدولة الإسلام! إن الطريف والمخيف في الوقت نفسه أن هؤلاء
الأشاوس ما ذكروا شيئا عن سفك الدم،
ولا عن حقوق الإنسان، ولا أبهوا
لرعاياهم وعلاقاتهم بالمسلمين
ومستقبلهم وسط الأمة العربية. وقالوا
عمليا إنهم يفضلون التبعية لحكومات
الأقليات العلوية والشيعية، على
حكومات الحرية وحقوق الإنسان وحكم
القانون والمواطنة التي تعرضها
الأكثريات القديمة - الجديدة. ثم إنهم
نسبوا تخويف المسيحيين وتهجيرهم إلى
المسلمين الذين ما حكمت أكثريتهم منذ
خمسين عاما، وإنما تهجّر المسيحيون في
ظل حكم الأقليات، ورضوا هم وأجهزتهم -
وليس الجمهور المسيحي - بالدونية
والذمية والاستتباع لضباط المخابرات
في لبنان وسوريا. ثم إنهم – وبدلا من
الصمت على الأقل - راحوا يزايدون على
أبناء أمتهم بأنه لو زال حزب الأسد، أو
ذهب سلاح حزب الله، فإن المقاومة
والتحرير سيتعرضان للتهديد والانقضاء! إن المفروض أن المسيحية الكاثوليكية (والطوائف
الشرقية الملتحقة بالفاتيكان) قد دخلت
في تراث العلمانية أو فصل الدين عن
الدولة بعد صراع عنيف مع البروتستانت
والدول الوطنية لنحو ثلاثمائة عام. أما
الواقع فهو أن المؤسسات الدينية
المشرقية الملتحقة بالفاتيكان أصرّت
دائما على الطائفية وعلى التمييز بحجة
حاجتها إلى ضمانات من الأكثرية
الإسلامية، حتى لا يعاملوا معاملة أهل
الذمة. لكن في حين كان المسيحيون في
سوريا والعراق في زمن الاستقلال
يلعبون أدوارا رئيسية في المجتمع
والدولة، عادوا مع حكم الضباط
والحزبيين إلى وضع التبعية والذمية.
وقد بلغ من جبروت الأنظمة الجديدة
عليهم أنها صارت تتدخل في انتخابات
وتعيينات المناصب الكنسية ولدى
الكاثوليك والأرثوذكس على حد سواء. وفي
لبنان بالذات فإن المسيحيين الموارنة
عانوا أشد المعاناة في زمن الوصاية
السورية على لبنان. أما في لبنان فإن
حالة التوازن القوية الواقعة في أصل
النظام إنما تعود إلى تسليم المسلمين
بها وإصرارهم على العيش المشترك
والمناصفة في شتى الظروف، وبعد حرب
أهلية طاحنة. لقد تزعزعت في الحرب أمور كثيرة وكثيرة
جدا إلا قضايا العيش المشترك
والمناصفة التي حصلت في دستور الطائف
(1990) على المزيد من التقوية والتأصيل.
وما كان شركاء المسيحيين في هذه القسمة
إلا المسلمين الذين يخشاهم البطرك
الراعي الآن، ويريد الاستعانة عليهم
وعلى الفلسطينيين بسلاح حزب الله! وقد
كان البطرك لحام ذو الأصل السوري
مطرانا للكاثوليك بالقدس، وكانت
مواقفه محمودة ومشهودة. لكن مواقفه هذه
تغيرت بعد صيرورته بطريركا، رغم
انتقال مقر البطريركية من دمشق إلى
لبنان! وكيف ينضوي لحام تحت ولاء الحكم
البعثي الأسدي، إذا كان حريصا على
فلسطين والقدس، وهو يعرف تماما عمل
البعث السوري على الخصوص على تقسيم
الحركة الوطنية الفلسطينية، وتفتيت
النضال الفلسطيني وشرذمة الفلسطينيين
إلى ما لا نهاية؟! هناك أربعة أمور يمكن لها أن تعلل مواقف
بطرك الكاثوليك، وبطرك الموارنة على
الخصوص، وهي: الاستتباع الحاصل من جانب
النظام السوري للكنائس في العقود
الأربعة الماضية، ومواقف البابا
الحالي من الإسلام والسياسات في الشرق
الأوسط، والثقافة الاستشراقية لدى
كبار رجالات الكنيسة أو التي تعلموها
منذ الصغر في المعاهد الفاتيكانية
والأوروبية، وعدم التعوّد على العيش
في ظل نظام للحرية والانفتاح. فبالنسبة
إلى العامل الأول (الاستتباع) يتساوى
في ذلك الكنسيون و«أرباب الشعائر
الدينية» من المسلمين، كما يسميهم
النظام السوري. فقد خضعت هذه الهياكل
لدى المسيحيين (الأرثوذكس والكاثوليك
والموارنة) والمسلمين (السنة
والأقليات الأخرى) للأجهزة الأمنية
والسياسية للنظام، وما جرؤ أحد من
هؤلاء الشيوخ والكهنة على التمرد
والاستقلال باستثناء البطريرك
الماروني السابق نصر الله بطرس صفير. وإذا كان للبطرك الأرثوذكسي هزيم بعض
العذر بسبب تقدمه في السن، فإنه لا عذر
للبوطي وحسون ولحام والراعي (والراعي
على الخصوص!)، إلا إذا اعتبرنا العلائق
الغامضة والمتشابكة التي نسجها هؤلاء
جميعا مع النظام الأمني الذي كان سائدا
في سوريا ولبنان. وقد تعودوا على ردود
الأفعال هذه طوال عقود، بحيث ما عادت
هناك حاجة لأن يدعوهم رجالات الأسد كل
يوم لتأييده! وهؤلاء المستتبعون لا
يستطيعون الخروج من «الحالة» التي ما
عادت في وعيهم إمكانية للتمرد عليها،
أو تكشف الأجهزة الأمنية عن العلائق
السابقة. وهناك العاملان الثاني والثالث اللذان
ذكرناهما والمتعلقان بموقف البابا
الحالي الجاف من الإسلام من جهة،
وثقافة البطاركة والمطارنة
الاستشراقية المعادية للإسلام،
باستثناء قلة قليلة منهم، من جهة ثانية.
لقد تميز هنري لامنس من بين المستشرقين
والمبشرين الكاثوليك بالمحبة
للأمويين والتحزب لهم في وجه أهل البيت.
وكانت حجته الظاهرة أنهم عرب عروبيون
ما كانوا يميزون ضد المسيحيين، أما
الواقع فإن هذا الحب كان لاعتقاده أن
الأمويين ليسوا مسلمين حقا، وهم في
أحسن الأحوال ضعيفو الدين! وعلى هذا
النحو يفكر هؤلاء الكهنة الشيوخ
بالأقليات الدينية الإسلامية، أي أن
هؤلاء (مثل العلويين والشيعة) لا تسود
بينهم الاعتبارات الدينية كأولوية في
التعامل مع المسيحيين بخلاف السنة أو
ما يسميه المستشرقون: أرثوذكسية سنية! وهناك من يعتبر هذا الخوف من «أهل السنة»
تاريخيا، ويعيده إلى ممارسات
العثمانيين، إنما هناك أيضا من يعتبر
هذا الخوف ناجما عن صعود الأصولية
الإسلامية والإسلام السياسي في
العقدين الأخيرين. وهنا نأتي للاعتبار
الرابع: الدين في ظل الحرية، فرجال
الدين المسيحيون والمسلمون - إلا قلة
ناهضة منهم - ما تعودوا على العيش
الديني والاجتماعي والسياسي الرحب في
ظل الحرية. وكانوا يكتفون بحسن العلاقة
بالحاكم وأجهزته. وهم مضطرون الآن إلى
التعامل مع القوى الاجتماعية كلها،
وقد أرعب ذلك رجال الدين المسيحيين
والمسلمين على حد سواء. وقد عبر عن ذلك
البابا شنودة عندما دعا الأقباط
للرضوخ لحسني مبارك، وهو يدعوهم الآن
للرضوخ للمجلس العسكري بمصر. فليس من
المنتظر أن يستطيع هؤلاء الشيوخ
والكهنة إدراك متغيرات الزمان
والمكان، وما عادت عندهم الشجاعة
لإعادة بناء مؤسساتهم بطرائق
ديمقراطية وفعالة. إن تصريحات الراعي ولحام لا تريد منافقة
حزب الله والأسد من جهة، كما أنها ليست
ناجمة بشكل بحت عن الخوف، وإنما هي
العادة التي ألفوها في الخمول
والامتيازات لأشخاصهم ومواقعهم وليس
للمسيحيين أو المسلمين. وليس من
المنتظر أن يستطيعوا التغير والإقبال
على البناء من جديد. لكن شبان المسلمين
والمسيحيين يعملون معا في الثورة
السورية، مثل شبان الأقباط في الثورة
المصرية، وهذا هو المهم والباقي: «
فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ
جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ
النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ». ================= الذاكرة البصرية
ليوميات الثورة السورية عيسى الشعيبي الغد الاردنية 9-3-2012 كنتُ قبل نحو شهر من اليوم قد نوهت بموقع
إلكتروني يسمى "أجندة 25 يناير"،
أسسه في الواقع الافتراضي مطورون
مصريون من شباب ثورة ميدان التحرير، كي
يضع بين أيدي متصفحي الشبكة
العنكبوتية كل ما له صلة بأحداث الثورة
وتطوراتها الجارية، وذلك في موقع
واحد، يوفر على المتابع عناء التجوال
بين خطوط الربط المختلفة، ويغنيه حتى
عن متابعة شاشة التلفزيون أو قراءة
الصحف اليومية، بدون أن يفوته حدث أو
تفلت منه صورة معنية. وقد تمنيت لو أن هذا المنتج الإلكتروني،
الذي بات مصدر معلومات موثوقا به في
مصر، لديه نظير مكافئ له يخص الثورة
السورية، التي هي أشد حاجة إلى مثل هذا
المصدر الإعلامي من أي ثورة عربية
أخرى، نظراً لمنع سلطات القمع في دمشق
دخول أي صحفي أو مراسل مستقل، وقيامها
فيما بعد بشن حرب لا هوادة فيها ضد
الصورة لا تقل ضراوة عن حربها الوحشية
ضد المتظاهرين، في محاولة يائسة من
الدكتاتور لتقليد ما فعلته يدا والده
في حماة قبل نحو ثلاثة عقود ماضية، وسط
تكتم شديد وتعتيم إعلامي كامل. ولم تمض سوى أيام فقط حتى عثرتُ على ضالتي
المنشودة، حيث وجدتُ أن هناك بالفعل
شبابا من ثورة الكرامة السورية قد
أسسوا مدونة معنية أساساً بالصور
ومقاطع الفيديو الخاصة بفعاليات هذه
الثورة العظيمة، أكثر من عنايتها
بالأخبار التي لا حصر لها، إدراكاً من
هؤلاء الناشطين البواسل لأهمية الصورة
في إطار المعركة الجارية على الشاشة،
كونها أكثر بلاغة مما يجري عليه الحال
في المدن والأحياء المطوقة بأرتال
الدبابات وقطعان الشبيحة. ولا يقوم هذا الموقع بوظيفة إعلامية
فائقة الأهمية فقط، حيث يتم نقل الصور
والمقاطع المصورة إلى الرأي العام
أولاً بأول، وإنما يقوم أيضاً بمهمة لا
تقل إلحاحاً، وهي توثيق جرائم النظام
وانتهاكاته الفظة لحقوق الإنسان، ما
سيوفر في النهاية دلائل لا يرقى إليها
الشك، عندما تتم إحالة الطاغية
وزبانيته إلى المحكمة الجنائية
الدولية وإدانته المؤكدة، بناءً على
قرائن وإثباتات يشرف على تصنيفها من
الآن نشطاء حقوق إنسان ومنظمات حقوقية
دولية. وتزداد أهمية هذه التسجيلات البصرية التي
يوفرها مواطنون عاديون يجازفون
بحياتهم من أجل التقاط صورة هنا أو
مشهد فيديو هناك، كونها تتسرب إلى
الخارج في حمأة الهجوم الإعلامي
الرسمي الذي تحاول فيه قنوات التلفزة
الخشبية إياها تضليل المشاهدين،
والتشكيك بالمشاهد المبثوثة، ناهيك عن
إنكار وجود شيء ما في حمص أو غيرها،
وذلك على نحو ما تورط به السيد حسن
نصرالله في دفاعه المتهافت عن قاتل
الأطفال ومروع النساء في عموم الديار
السورية. في واقع الأمر نحن أمام فيض هائل من الصور
المبثوثة على مواقع التواصل الاجتماعي
و"يوتيوب"، تأتي من مختلف المدن
والأحياء والبلدات التي لم نكن نسمع
بأسمائها من قبل، الأمر الذي تتجلى فيه
أهمية مثل هذه المدونات والمواقع التي
يجري فيها فحص الأشرطة والتثبت من
صدقيتها قبل النشر، وهو ما يشكل في حد
ذاته إبداعاً من إبداعات هذه الثورة،
التي ستترك للأجيال اللاحقة وثائق
بصرية تزداد جودتها مع مرور الوقت، حول
كل ما عاناه الشعب السوري قبل أن يظفر
بكرامته وينال حقه في الحرية. وهكذا، يبدو من الواقعي القول بثقة
وطيدة، أن عدسة الهاتف المحمول باتت
اليوم لا تقل مضاءً عن سائر الأسلحة
التي يمتلكها الطغاة، وأن ما جرى في
حماة العام 1982 من أهوال وفظائع، لم
يتسن لأحد أن يوثقها بالصور
الفوتوغرافية، وظلت نسياً منسياً من
الذاكرة البصرية إلى الأبد، لن يحدث
هذه المرة في شقيقتها حمص، ولا في
الرستن وإدلب ودرعا وغيرها من المدن
السورية، وذلك كله بفضل ثورة
الاتصالات أولاً، وشجاعة المواطنين
المراسلين ثانياً، وتعاظم سلطة
الإعلام وقدرته الفائقة على البيان
وإبلاغ الرسالة كاملة غير منقوصة. ======================= طارق محمد الناصر الرياض 8-3-2012 لا أرى، صراحة،
أي وجاهة في الجدل الدائر حول الخشية
من انزلاق سوريا إلى حرب أهلية في حال
تم تسليح المعارضة السورية. فسوريا في
طريقها المحتوم، للأسف، للانزلاق لتلك
الحرب تحت وطأة الآلة العسكرية للنظام
سواء تم تسليح المعارضة أم لم يتم. مناهضو تسليح المعارضة الوطنية السورية
يجادلون، محقين، بان تفريق السلاح بين
الأيدي مهمة سهلة إلا ان إعادة جمعه
منها مهمة شبه مستحيلة. ويجادلون بان
التسليح من المؤكد بان يساهم في نشوء
جماعات مسلحة قائمة على أيدلوجيات أو
عرقيات مختلفة ستتقاتل فيما بينها على
تحقيق أجندتها بمجرد سقوط النظام. خشية مناهضي التسليح، وهم ليسوا بالضرورة
من أنصار النظام، تقوم على ان التسليح
سيصب مزيداً من الوقود على النار
السورية المتقدة، وان من الأفضل إجبار
المعارضة والنظام على الجلوس على
طاولة التفاوض لإخراج البلاد من النفق
الذي جرها النظام إليه. هذا كلام جميل. إلا انه مستحيل التطبيق في
الحالة السورية لسببين رئيسيين. الأول
هو النظام السوري جعل من الصعب جدا على
مواطنيه أن يغفروا له الوحشية التي
ارتكب بها مجازره ضدهم. فالطلاق المضمخ
بدماء الشهداء بين النظام والشعب قد
وقع، ولا مجال الآن لأي تسوية يمكن لها
أن تبقي الأسد في موقعه ولو لفترة
انتقالية. أما السبب الثاني فهو ان التفاوض مع
النظام لن يجدي لأنه، ببساطة، لن
يتفاوض على بنود مبادرة الجامعة
العربية الداعية لتنحيه، كما انه،
وهذا هو الأهم، مشهور بعدم احترامه
لأيّ من تعهداته. إذ لدى المجتمع
الدولي، وخاصة لدى المملكة، تاريخ
طويل من التعهدات السورية المنتهكة مع
بشار الأسد. فالرجل لا ينفك عن الكذب
حتى ما عادت لعهوده أي قيمة. ثم إن الحديث عن إمكانية التفاوض مع
النظام وانتظار تغليبه للحكمة هو حديث
متأخر جدا. فالمتابع للثورة السورية
يجد بان زخمها يتزايد باستمرار على
كامل التراب السوري. والنجاح المخضب
بدماء الأبرياء الذي حققه النظام في
بابا عمرو لن يستمر، إذ سبق له أن اقتحم
الرستن لكن أهلها أعادوا تحريرها من
قبضته بمجرد تحرك آلة قتل النظام خارج
المدينة. تسليح المعارضة الوطنية السورية شر لا بد
منه. فالتسليح سيستنزف النظام ويضعف
معنوياته، وهو كذلك سيشجع المزيد من
أفراد جيشه المترددين على الانشقاق
عنه متى ما تبين لهم ان بإمكان
المعارضة حمايتهم. ما زال لدى نظام الأسد بصيص من أمل للنجاة.
لكن هذا الأمل سيخبو عندما تتمكن
المعارضة السورية من توحيد صفوفها
وتقديم برنامج يوضح سياستها بعد سقوطه.
إن فعل قبل أن يفعلوا فقد يتمكن الأسد
من النجاة بجلده. ================= الشرق القطرية التاريخ: 08 مارس 2012 ثمة تحركات سياسية وإنسانية مكثفة تشهدها
الازمة السورية هذه الايام نأمل ان
تثمر وتفضى الى تغيرات إيجابية فى
مواقف النظام السورى ، تعيده الى صوت
الحكمة والعقل، بدلا من الاستمرار فى
عناده وتفضيله لصوت الرصاص ولغة
الدمار والموت التى مازالت تفتك
بالابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ
، فما احوجنا اليوم الى خطوة مسؤولة من
القيادة السورية توقف نزيف الدم
وتنفتح على المبادرات العربية وخاصة
قرارات الجامعة العربية التى ما زالت
حتى اللحظة تمسك (بشعرة معاوية) فى
تعاملها مع النظام. فبالامس اختتم مندوبو الجامعة العربية
أعمال اجتماعهم التحضيري للوزاري
العربي الذي تنطلق اعماله السبت
المقبل، حيث أعدوا مشروعات القرارات
التي يناقشها الوزاري. وقد رفع
المندوبون الدائمون الملف السوري
بكافة تطوراته إلى وزراء الخارجية
العرب للبت فيه خلال اجتماع مجلس
الجامعة. كما زار دمشق امس
مبعوث صينى برسالة من الخارجية
الصينية "تتعلق برؤية الصين ذات
النقاط الست بشأن إيجاد حل سياسي
للأزمة بسوريا". ووسط هذا التحرك
الدبلوماسى زارت فاليري اموس مسؤولة
الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة —
بعد طول انتظار — امس مدينة حمص وتجولت
فى احياء المدينة وخاصة حي بابا عمر،
الذى تعرض للقصف خلال الايام الماضية. حيث فوجئ الوفد بأن معظم سكان الحى غادروه
الى مناطق أخرى. كما يلتقى غدا بالقاهرة كوفى عنان موفد
الامم المتحدة والامين العام للجامعة
العربية نبيل العربي، ثم بعض وزراء
الخارجية العرب الجمعة، قبل ان يتوجه
السبت الى سوريا لبدء مهمته التى
تستهدف بالاساس اقناع حكام دمشق
بالتعاطى الايجابى مع القرارات
العربية والدولية ولجم آلة الموت التى
تحصد ارواح الابرياء، والسماح
للوكالات الانسانية بممارسة مهامها
والدخول الى المدن المتضررة لإيصال
مساعداتها الى السكان. وتأتى هذه التحركات الاقليمة والدولية فى
وقت تتصاعد فيه الممارسات القمعية
التى تشنها قوات النظام ضد المدن
والبلدات المنتفضة، حيث سقط امس سبعة
قتلى، كما واصلت القوات عمليات الدهم
والاقتحامات في مناطق عدة، وسط تخوفات
من عمليات واسعة النطاق على محافظة
ادلب، وعليه فانه يحدونا الامل فى ان
يتحلى حكام سوريا ببعض الحكمة والتعقل
لوقف نزيف الدم الذى ازهق ارواح نحو 8500
قتيل، غالبيتهم من المدنيين منذ
اندلاع الازمة، ونتطلع الى ان يبدي
قادة سوريا شيئا من المرونة باتخاذ
اجراءات بناء ثقة على الارض بتنفيذ
استحقاقات المبادرة العربية لمساعدة
انفسهم على النجاة من بين انياب تلك
الازمة. ويأتى فى مقدمة
ذلك الاستماع الى رغبات الشعب السورى
المتطلع نحو الحرية والطامح الى
التغيير، ولذلك قال كلمته ممهورة
بدماء الثوار. الحل اذن فى سوريا بيد
النظام وحده وعليه ان يستجيب لإرادة
شعبه والكف عن لغة الرصاص والدمار التى
زادت من عزلة النظام وشوهت صورته امام
المجتمع الدولى. زيارة كوفى عنان
لسوريا بعد غد تمثل باعتقادنا فرصة
تاريخية جديدة للاسد ومهربا له، فهل
يغتنمها ام يهدرها — بعناده — كما فعل
من قبل؟! ================= الأزمة السورية...ضغوط
من أجل تدخل عسكري كارن دي يانج - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن
بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس" الاتحاد 8-3-2012 في أعقاب انتخابات عطلة نهاية الأسبوع في
روسيا، أعلنت إدارة أوباما يوم
الاثنين الماضي أنها ستجدد الجهود
الرامية إلى إقناع موسكو بالتعاون مع
الجهود الدولية ضد سوريا، حيث قالت
المتحدثة باسم الخارجية الأميركية
فيكتوريا نولاند: "إنه شيء نتوقع
العمل عليه بشكل فوري تقريباً مع
الجانب الروسي". وأشارت إلى أن روسيا، التي استعملت "الفيتو"
ضد قرارين للأمم المتحدة بشأن سوريا،
كانت "منشغلة" بانتخاباتها
الرئاسية. وفي ما بدا رسالة منسقة،
أعلن مسؤولون بريطانيون وفرنسيون
الشيء نفسه تقريباً. وتأتي هذه الدعوات في وقت عبر فيه الآلاف
من اللاجئين الحدود السورية إلى لبنان
وتركيا والأردن فراراً من الهجمات
المتواصلة التي تشنها قوات الأسد. وفي هذه الأثناء، أعلنت سوريا أنها ستسمح
ل"فاليري آموس" منسقة الشؤون
الإنسانية في الأمم المتحدة بالدخول
إلى دمشق من أجل زيارة من يومين، يفترض
أن تتم خلال هذا الأسبوع. والجدير بالذكر هنا أن السلطات السورية
سمحت لبعض عمال المنظمات الإنسانية
بدخول أجزاء من مدينة حمص، معقل
المعارضة الذي سقط بين أيدي القوات
الحكومية الأسبوع الماضي بعد شهر من
القصف المدفعي. غير أنه مازال ممنوعاً
على عمال المنظمات الإنسانية دخول حي
بابا عمرو الذي تعرض لأعنف هجوم. وبينما واصلت الولايات المتحدة وآخرون
الضغط على الأسد من أجل السماح بدخول
المساعدات الإنسانية، جادل السيناتور
جون ماكين (الجمهوري عن ولاية أريزونا)
بأن مثل هذه الجهود تجاوزتها الأحداث
على الأرض، داعياً الولايات المتحدة
إلى تنظيم وتزعم ضربات جوية من أجل "حماية
المراكز السكانية المهمة" وإقامة
"ملاذات آمنة" في المناطق
الشمالية تستطيع عناصر مسلحة تنتمي
إلى المعارضة العمل انطلاقاً منها. وقال "ماكين" من على أرضية مجلس
الشيوخ إن على الرئيس الأميركي "أن
يعلن بشكل صريح لا لبس فيه أنه لن يُسمح
للأسد تحت أي ظروف بإنهاء ما بدأه، وأن
الولايات المتحدة مستعدة لاستعمال
الوزن الكامل لقوتنا الجوية". وقال "ماكين" إن الإرادة الأميركية
للتدخل ستشجع "بلدانا أخرى على
القيام بالشيء نفسه". وفي بيان صحفي
صدر مساء الاثنين الماضي، عُلم أن
السيناتورة "لينزي جراهام" (وهي
جمهورية عن ولاية كارولاينا الجنوبية)
وجوزيف ليبرمان (المستقل عن ولاية
كونيكتيكت) وقعا لاحقاً على هذا البيان. وعلى الرغم من أن عدداً من المشرعين "الجمهوريين"
بشكل أساسي والمرشحين الرئاسيين "الجمهوريين"
قد دعوا إلى تحرك أكثر صرامة من قبل
إدارة أوباما بشأن سوريا، فإن "ماكين"
ذهب أبعد من ذلك في حثه على القيام
بضربات جوية إذ قال: "هناك دائماً
أسباب كثيرة لعدم القيام بأي شيء...
فنحن نعلم أن المعارضة منقسمة، ونعلم
أن المقاومة المسلحة داخل سوريا تفتقر
إلى الانسجام أو القيادة والسيطرة،
ونعلم أن بعض عناصر المعارضة قد تتعاطف
مع أيديولوجيات متطرفة عنيفة أو لديها
أفكار سوداوية عن الانتقام الطائفي،
ونعلم أن العديد من جيران سوريا
المباشرين مازالوا حذرين، ونعلم أن
الشعب الأميركي مل وتعب من الحرب". كما اعترف "ماكين" بأن أي عمليات
جوية في سوريا ستتطلب تدمير الدفاعات
الجوية المعتبرة لذلك البلد. إدارة
أوباما أشارت إلى كل تلك الأسباب في
رفضها لتدخل عسكري مباشر من قبل
الولايات المتحدة أو دول أخرى تقف إلى
جانب الجيش السوري الحر المعارض. ورغم أن "ماكين" أشار إلى حملتي
القصف الجوي اللتين نفذتهما الولايات
المتحدة و"الناتو" في البلقان
خلال التسعينيات، وفي ليبيا العام
الماضي وسط ظروف مماثلة لمذابح
المدنيين، إلا أن تلك العمليات تمت في
إطار تفويض من قبل الأمم المتحدة أو
بتعاون مع حلف شمال الأطلسي. وخلال زيارة إلى واشنطن الأسبوع الماضي،
أعاد أمين عام "الناتو" أندريس
فوج راسموسن التأكيد على تصميم الحلف
على عدم التدخل في سوريا. كما حال "الفيتو"
الروسي دون موافقة الأمم المتحدة حتى
على المطالبة بضرورة تنحي الأسد. هذا ولم يصدر عن رئيس الوزراء الروسي
فلاديمير بوتين، الذي أعيد انتخابه
للرئاسة يوم الأحد، أي مؤشر على أنه قد
يغير آراءه أو يوقف شحنات الأسلحة إلى
الحكومة السورية. وفي رسالة عبر "تويتر"
يوم الاثنين الماضي، دعا نائب وزير
الخارجية الروسي "جينادي جاتيلوف"
إلى تعديلات في مسودة قرار يتم تداوله
حالياً في مجلس الأمن الدولي ويطالب
القوات السورية بوقف الهجمات ضد
المدنيين والسماح بدخول عمال
المساعدات. وفي الأمم المتحدة، قالت
متحدثة باسم "آموس" إنه من غير
الواضح مع من ستلتقي في دمشق أو ما إن
كان سيسمح لها برؤية الظروف في أكثر
المناطق التي تعرضت للقصف مثل حمص. هذا ومن المنتظر أن يقوم الأمين العام
السابق للأمم المتحدة كوفي أنان،
مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية
المشترك المكلف بالأزمة السورية،
بزيارة إلى دمشق يوم السبت المقبل في
إطار جهد رفيع المستوى يروم التفاوض
حول صفقة سياسية تنهي العنف في البلاد. ================= علي حماده 2012-03-08 النهار تسارعت الاحداث والمآسي في سوريا حتى بات
مشهد النازحين من المدن والقرى
المحاصرة التي تتعرض لكل أنواع القصف
مألوفاً، بحيث تتزايد وتيرة نزوح
السوريين الهاربين من دموية النظام في
كل اتجاه. ففي الاردن أرقام تصل الى
الأربعين ألفاً. وفي تركيا خمسة وعشرون
ألفاً وأكثر، وفي لبنان تجاوزت
الأعداد العشرة آلاف منذ مدة، وترتفع
يوماً بعد يوم مع استمرار الحملة
العسكرية على قرى محافظتي حمص وحماه. في الاردن وتركيا جرى استيعاب أعداد
كبيرة من النازحين من دون إشكالات،
بفعل مناصرة الشعبين الاردني والتركي
للثورة وتعاطفهما مع المضطهدين في
سوريا. أما في لبنان، فمنذ البداية
ارتبكت الحكومة بفعل وجود أكثرية فيها
تناصر النظام وتعادي الثورة في سوريا.
وبالفعل، شهدت الأشهر الماضية تواطؤاً
من الأجهزة الأمنية والعسكرية
اللبنانية مع المخابرات السورية، كما
ان الحكومة ما فعلت شيئاً لافتاً
لاستيعاب مشكلة النازحين، ومن ضمنهم
ناشطون هاربون من موت محتّم في سوريا.
وحدها الهيئات الأهلية وبعض القوى
السياسية المؤيدة للثورة أمنت بيئة
حاضنة للنازحين في الشمال والبقاع
الاوسط، وحمت الناشطين من خطر الخطف أو
الاعتقال. ومع ذلك حصلت أعمال خطف
لناشطين وبقيت محدودة نظراً الى
استعداد القوى المؤيّدة للثورة
لمواجهة كل تواطؤ أو عمل أمني يخدم
نظام بشار الأسد. غير أن وجود بيئة شعبية حاضنة للنازحين
والناشطين ما عاد يكفي، فالأعداد
كبيرة وفي تزايد مطرد، والفريق
المؤيّد للنظام متوتر جداً لأن
الحقائق على الأرض تشير الى ان تفوقاً
عسكرياً للنظام لا يكفي لحسم معركة ضد
الثورة، فالحملات العسكرية، على
دمويتها، لم تفرمل الحالة الثورية في
البلاد، بل ضاعفت من زخمها، وخصوصا مع
تزايد القتل والإعدامات والاعتقالات
واجتياح مدن وقرى بأساليب جيوش
الاحتلال. واليوم ليس مطروحاً بالنسبة الى لبنان أن
تبنى مخيمات على نسق المخيمات
التركية، بل المطلوب اجتراح صيغة
توازن بين الاستيعاب في المناطق كافة،
وتأمين الدعم الانساني الضروري من
مأكل وملبس ومدرسة تتعاون فيه الدولة
اللبنانية مع دول وجهات داعمة، مثل دول
مجلس التعاون الخليجي وهيئات الاغاثة
الدولية. فاستمرار الوضع على ما هو في
سوريا سيرفع عاجلاً أم آجلاً أعداد
النازحين الهاربين من إجرام النظام
هناك وبالتالي أصبح من الضروري وضع
آليات لمواجهة المرحلة المقبلة وعدم
ترك أهلنا النازحين السوريين من دون
عناية حقيقية. أما في ما يتعلق
بالناشطين، فالمطلوب من الحكومة ومن
الأسلاك الأمنية والعسكرية، التي ما
يزال بعضها يتلقى الأوامر من
المخابرات السورية، التنبه جيداً
للعواقب الوخيمة التي يمكن ان تنشأ عن
أعمالها. فنحن لا نريد ان يكون لبنان
منطلقاً لأعمال أمنية أو عسكرية،
لكننا لن نقبل بإسكات الأصوات
المعارضة من أرض لبنان، وقوتنا هي
تأييد معظم اللبنانيين للثورة ضد بشار
الأسد. ================= افتتاحية- «الإيكونومست» الدستور 8-3-2012 في حمص يدفنون موتاهم تحت غطاء الظلام،
وذلك حتى لا يصبح المعزُّون هم الضحايا
الجدد. إن قوات الحكومة السورية تخطط
لضرب العيادات المؤقتة، حيث الأرض
مبقعة بالدم. والثوار في حمص لديهم
أسلحة، غير أنها لا تضاهي دبابات الجيش.
حتى إن المجزرة تبدو، بين سكان
المدينة، بحيث لا يكون عنف الدولة
موجَّهاً ضد إرادة الشعب. لم يُظهِر العالم الخارجيّ، من عاره، أيّ
حل. التصويت على قرارفي مجلس الأمن
الدولي في الرابع من شباط الحالي
لإدانة الرئيس السوريّ بشار الأسد،
ودعوته إلى تسليم السلطة لنائبه، فشل
بفضل حق النقض الذي استخدمته روسيا
والصين. بالنسبة للرئيس الأسد فقد كان
ذلك هو الحصانة التي يحتاج إليها
لمضاعفة القتل. وفي وقت سابق انتهت
مهمة بعثة آيلةٌ للسقوط، من قبل
الجتمعة العربية إلى سوريا بالتخاصم.
وكانت الانقسامات انتزعت التعاون
الدوليّ بمجرد أن عمّت اضطرابات
الربيع العربيّ، وجعلت هذا التعاون
ضرورياً. إنّ الشعب السوريّ يستحق ما هو أفضل. ومع
ارتفاع عدد القتلى على نحو سريع عن 7,000
قتيل فإنّه تقع على العالم مسؤولية
التصرف.، وله في ذلك مصلحة؛ فسوريا
تحتل موقعاً حيوياً في الشرق الأوسط:
فهي موجودة بين تركيا، والأردن،
والعراق، و»إسرائيل»، ولبنان،
ومتحالفة مع روسيا وإيران. إنّ البلد
مرجل من الأديان، والطوائف، والمذاهب
التي تغلي بالأحقاد والرِّيَب.
والكثير من الأقليات السورية تحتمي
بطائفة الأسد العلوية لخشيتها تصفية
حسابات الطائفة السنية السوريية، وهي
أكبر الطوائف، في حال انتصارها. إنّ حرباً أهلية طويلة المدى في سوريا
ستغذي فوضى وصراعاً دينياً في جزء غير
مستقر من العالم. لذلك فإن إزاحة الرئيس الأسد من السلطة في
أسرع وقت هو أمرٌ ضروري. لقد فوّت عليه
التفاوض مع شعبه من أجل التوصل إلى
تسوية الخلافات بطريق الإصلاح ورفع
مستوى الديمقراطية. إنّ تكراره اللجوء
إلى العنف أكسبه عدم ثقة أبديّ من قبل
غالبية شعبه. وأية حرية يكتسبونها
ستتحول إلى وسيلة لمقاومته. إذن، فإنّ
من مصلحة سوريا والمنطقة أن يكون الهدف
هو خلع الرئيس الأسد وتقليل الخسائر في
الأرواح، على حد سواء. وما يبعث على
الأسف هو أن هذين الهدفين حتى الآن على
طرفي نقيض. كدأب الطغاة، سيكون لدى الرئيس الأسد
أفضليتان: الأولى استعداده لفعل كل ما
يمكنُ من أجل إخماد الثروة. ففي حين كانت القوات في ميدان التحرير
بالقاهرة غير راغبة في إطلاق النار على
الجماهير، كان الجنود السوريون غارقين
في الدم. وبرغم أن بعضهم غيروا ولاءهم
بدلاً من قتل مواطنيهم، فإنّ الرئيس
الأسد يحكم وحدات منشقة، وضباطاً
موالين نسبياً، وكذلك المدرعات،
والمدفعية الثقيلة والقوات الجوية؛
والثوار السوريون غير المنظمين لم
يستطيعوا هزم هؤلاء في مواجهات مباشرة.
أمّا الأفضلية الثانية فهي افتقار
الأطراف الأخرى للوحدة ليس في الأمم
المتحدة والجامعة العربية فحسب، بل
داخل المعرضة السورية أيضاً. المجلس
الوطنيّ السوريّ جماعات في المنافى
منقسمة، بوجود سُلطة محدودة في مكان
يسمونه الوطن. وفي سوريا توجد ميليشيات
من هنا وهناك، وعصابات بالإضافة إلى
الجيش السوريّ الحرّ، الذي يتكون
أساساً من جنود انشقوا على النظام. إنّ الرَّدَّ الأكثر مباشرة هو موازنة
المعركة بغَمْرِ سوريا بالأسلحة أو،
ربما، فقصف قوات الأسد في ثُكُناتهم.
غير أن هذا التركيز على قوة النيران
يمكن أنْ يكون في مصلحة الرئيس الأسد:
فالأراضي التي أشدّ ما يَرغب في القتال
عليها هي أراضٍ عسكرية. إنّ القصف
الأجنبيّ يمكن أن يُشبِع دوافع
الغرباء لفعل شيء ما أيِّ شيء لإظهار
غضبهم. لكنْ حتى في ليبيا، التي لها خط
أمامي ومنطقة أكثر عرضة لهجوم جويّ،
استغرق القصفَ وقتٌ طويل لإضعاف قوات
القذافي؛ في سوريا يمكن أن يكون لمثل
ذلك القصف قيمة أقلُّ. يمكن أن يأتيَ الوقت الذي يكون فيه لتزويد
المعارضة بالأسلحة جدوى، لكنّ مثل هذه
السياسة لن تحوِّل المعارضة فجأة إلى
قوة قتالية. ثم إنّ بلداً غارقاً
بالأسلحة قد يعمُّه العنف الذي دأب
العالم على تجنبه. فالبنادق التي
تدفّقَتْ إلى أفغانستان لتسليح السكان
المحليين ضد الاتحاد السوفييتيّ ساعدت
في خلق الفوضى التي فرَّختْ طالبان. من الأفضل مهاجمة نظام الأسد حيث هو عُرضة
لذلك بطريق خلع ما يدعمه من الأقليات
السورية، وداعميه في الخارج على حد
السواء، خاصة في روسيا، وهي رأس
المدافعين عنه في مجلس الأمن الدوليّ.
إنّ كلاًّ من علويِّي سوريا وفلاديمير
بوتِن يتمسكون بهذا الديكتاتور لأنهم
يعتقدون أنه برغم أخطائه أفضل من
البديل. ومع ذلك فسوريا، في ظلّ حكم
الأسد، ليس لها مستقبل. أدتْ محاولاته
لتحديث الاقتصاد، قبل الربيع العربيّ،
إلى إثراء زمرة من رفاقه غير أنها لم
تفعل إلا القليل للسوريين العاديين.
وإذا شَهِدَ نهاية لانتفاضة اليوم،
فإنه سيُترَك ليحكم بلداً معزولاً،
وفقيراً، ومتوعِّداً بالغضب. ومن
المؤكد أنّ المعارضة تقَدِر على تقديم
عدد كاف من السوريين من العقائد كافة
مستقبلاً أفضل من ذلك.
لجعل ذلك الوعدِ موثوقاً، على المعارضة
السورية المنقسمة أن تتحد. فجماعة
اتصال من القوى الخارجية جنباً إلى جنب
مع المعارضة يمكن توصل المال إلى
سوريا، وكذلك يمكن أن تساعد في
الاتصالات والعمليات اللوجستية. وبصوت
واحد وزعيم موثوق، بإمكان المعارضة
السَّعْيُ في سبيل التأكيد للتجار،
والأكراد والمسيحيين الذين يدعمون
الأسد أنهم سيكونون أكثر أماناً وأكثر
ازدهاراً من دونه. الروسيون، كذلك،
يمكن أن يغيروا مواقفهم. السيد بوتِن
ينعُم بالقوف إلى جانب الغرب المتدخل،
ليس أقله من أجل أسباب سياسية محلية،
بل لأن التمسك برئيس محكوم عليه بالفشل
سيكلف روسيا قاعدتها البحرية للتزويد
في طرطوس بالإضافة إلى صادراتها من
الأسلحة. وكلما كثر المنشقون عن النظام
من كبار المسؤولين ومن ضباط الجيش كان
احتمال أنْ يغيّر السيد بوتِن، كذلك،
مواقفه أكبر. وللمساعدة في إقناعهم،
فإنّ على تركيا بمباركة من الناتو
والجامعة العربية أنْ تنشئ منطقة
آمنةً في الشمال الغربي من سوريا
وتدافع عنها. وهنالك يستطيع جيش سوريا
الحر أنْ يدرب المقاتلين، وكذلك يمكن
لمعارضة ذات موثوقية أن تتشكل فيها.
إنّ تركيا تبدو راغبة في فعل ذلك، بشرط
حصولها على دعمٍ غربيّ. هذه المنطقة
الآمنة ستكون مماثلة للتي أنشئتْ
للأكراد في شمال العراق؛ ولسوف يعاني
الرئيس الأسد إذا هاجمها. هذا الملاذ مُحَمَّل بالمخاطر فقط في حال
انقسام المعارضة على نحو شديد. بيد أنه
من المحتمل أن يتسبب في سفك الدماء على
نحو أقل مما يحدث بسبب الانخراط
المباشر في حرب أهلية تسمح للرئيس
الأسد أن يذبح شعبه بتصميم. إنّ هذه
الرقعة من سوريا (المنطقة الصغيرة
الحرة) ستكون الدليل القويّ على أنّ
أيام الرئيس الأسد الوحشيةَ معدودةٌ. ================== ليس دفاعا عن المجلس
الوطني السوري د. بشير موسى نافع 2012-03-07 القدس العربي منذ الإعلان عن ولادته الثانية في تشرين
أول/أكتوبر الماضي، الذي صاحب توسيع
مظلته وانضواء قوى وشخصيات نافذة ضمن
إطاره، أخذ المجلس الوطني في احتلال
موقع متقدم في الخارطة السياسية
السورية. تلقى المجلس دعماً شعبياً بارزاً بعد
ساعات من الإعلان، ونظرت إليه قطاعات
واسعة في الحركة الشعبية السورية على
أنه الممثل الأكثر مصداقية للثورة.
اليوم ترتفع أصوات داخل الحراك
الشعبي، ومن بعض الشخصيات السياسية
المعارضة في الخارج، بل وفي أوساط
المجلس نفسه، توجه الانتقاد لقيادة
المجلس ونهجه السياسي. فأين تصيب هذه
الأصوات وأين تخطىء، وهل يستدعي أداء
المجلس مثل هذا الانقلاب في الموقف منه
ومن قيادته؟ بدأ المجلس الوطني خطواته الأولى في خريف
العام الماضي وسط جدل سوري وعربي حول
ماهية المعارضة والجهة الأحق بتمثيل
الحراك الشعبي والحديث باسمه. ولأن
وجود هيئة التنسيق سبق وجود المجلس،
ولأن الهيئة، كما المجلس، كانت إطاراً
لعدد من القوى والأحزاب والشخصيات،
فقد وجد المجلس نفسه في تنافس غير
إرادي مع الهيئة. وبغض النظر عن الأسئلة التي أثيرت، ولم
تزل تثار، حول علاقة بعض أحزاب وشخصيات
الهيئة مع النظام، فالحقيقة أن
الاختلافات بين برنامجي المجلس الوطني
وهيئة التنسيق جرى تضخيمها إلى حد كبير.
وربما لعب بعض الناطقين باسم الهيئة
الدور الأكبر في تضخيم هذه الخلافات،
سيما ما يتعلق بمسألة التدخل العسكري
الأجنبي. مهما كان الأمر، فالذي حدث في النهاية أن
الشعب السوري نفسه كان من تعهد حسم
الجدل؛ وبدا واضحاً خلال الأسابيع
التالية على الإعلان عن المجلس أن
أغلبية المتظاهرين ونشطاء الحركة
الشعبية تضع ثقتها في المجلس وليس
الهيئة. وبالرغم من أن الجامعة
العربية، التي تسارعت خطاها تجاه
الأزمة السورية منذ منتصف الصيف
الماضي، بعد أشهر طويلة من التلكؤ،
ألحت في البداية، وبصورة ملموسة، من
أجل توحيد المعارضة، فسرعان ما أخذت
الموقف الشعبي في الاعتبار وباتت
تتعامل مع المجلس باعتباره الممثل
الأكثر مصداقية للحركة الشعبية. بيد أن المجلس ارتكب سلسلة من الأخطاء
خلال الشهور القليلة من عمره القصير.
تمثل الخطأ الأول في أن المجلس تحرك
وكأنه ذراع سياسي خارجياً ودبلوماسياً
للثورة السورية، ولم يبذل جهداً
كافياً لتحمل مسؤولياته تجاه الحركة
الشعبية ذاتها. ربما وقعت قيادة
المجلس، كما العديد من السوريين
والعرب، في خطأ تقدير طبيعة المعركة
الدائرة من أجل تغيير سورية، وفي تقدير
الفترة الزمنية التي يتطلبها انتصار
الشعب وثورته. كانت حركة الثورة العربية في تونس ومصر
أطاحت بنظامي حكم البلدين خلال أسابيع
قليلة؛ وحتى في ليبيا واليمن، حيث طال
أمد الثورتين شهوراً، وبالرغم من أن
ليبيا انتهت إلى تدخل عسكري خارجي، لم
يكن ثمة شك أن نظامي الحكم في البلدين
قد سقطا منذ الشهور الأولى للثورتين،
وأن ما أخر عملية التغيير كان تدخلات
إقليمية ودولية. وربما ساد اعتقاد مبكر
أن سورية لن تخرج عن المسار العام
لمصائر حركة الثورة العربية، وأن
عملية التغيير لن تأخذ أكثر من شهور. في
هذا الاثناء، كان النظام السوري قد
أصبح أكثر عنفاً ودموية واستهتاراً
بمسؤولياته تجاه الشعب وحقوق هذا
الشعب الأولية، تعاظمت خسائر السوريين
في المدن والبلدات والأحياء الثائرة،
وصار من الضروري بذل جهود أكبر
للمحافظة على استمرار الثورة ومحاولة
تخفيف آلام الشعب ودعم جهود الناشطين.
ولكن المجلس لم يقم بواجبه في هذا
المجال كما يجب، مما خلق فجوة متسعة
بينه وبين جموع الشعب. هناك بالطبع أعذار لمثل هذا الغياب
النسبي، ليست كلها غير صحيحة؛ مثل عدم
توفر الموارد الكافية، وتعقيدات
الاتصال بين الخارج والداخل، وعجز
المجلس في عمره القصير عن حشد الكوادر
الضرورية لمثل هذه المتابعة لشؤون
الثورة والشعب اليومية. ولكن الحقيقة
أن المجلس لم يبذل الجهد الكافي لإيجاد
الموارد؛ بمعنى أنه لم يقف ليضع الدول
العربية، أو الرأي العام العربي، الذي
انحاز بأغلبيته العظمى إلى جانب الشعب
السوري، أمام مسؤوليات سد حاجات شعب
يستنزف يومياً، بعبء متصاعد من
الشهداء والجرحى وفقدان المعاش
والموارد، حتى تلك الضرورية لمجرد
الحياة والوجود. لم تعمل هيئات المجلس
الإغاثية كما ينبغي، ولم ينجح المجلس
في إقامة شبكة اتصال وتنظيم، ولو
بمستوى متواضع من الكفاءة، مع فعاليات
الثورة، ولم يؤسس مركزاً إعلامياً
قادراً على توحيد خطاب أعضائه وخطاب
الثوار في الداخل، وظل تعامل المجلس مع
الملف الاجتماعي الطائفي مقتصراً على
المناسبات والتوجيه السياسي العام. بيد أن أكبر أخطاء المجلس تمثل في عدم
إداركه المبكر للأهمية المتزايدة
لظاهرة الجيش السوري الحر. أصر المجلس
في البداية، وأعاد التوكيد على سلمية
الثورة السورية، باعتبار سلمية الثورة
فضيلة لا تعلوها فضيلة أخرى، سواء من
وجهة نظر الثقافة العالمية السائدة أو
من وجهة نظر الضمير العربي الإسلامي.
ولكن الواقع كان يتطور شيئاً فشيئاً
نحو وجهة أخرى؛ فقد أدى العنف الدموي
الأهوج، والمستديم، لأجهزة النظام
وآلته العسكرية، إلى انشقاقات متزايدة
في صفوف الجيش السوري، وإلى توجه
مجموعات صغيرة من الأهالي إلى حمل
السلاح، في محاولة متواضعة وشجاعة
للدفاع عن النفس. طوال شهور، نادى
السوريون جيشهم ويتوسلون ضميره للوقوف
إلى جانب الثورة ورفض الانصياع
لسياسات النظام. ومع نهاية العام الماضي، كان الجيش قد فقد
مخزونه الأخلاقي وموقعه الرمزي في وعي
السوريين، وأصبحت مواجهة عنف الجيش
ومحاولة كبح جماح قواته هماً يومياً
للحركة الشعبية. وحتى والشعب يهتف في
مظاهراته اليومية للجيش الحر، لم يبذل
المجلس جهداً كافياً لتنظيم العلاقة
مع قوى هذا الجيش وبناء مركز قيادي
فعال لجماعاته، وإفساح موقع ضروري له
في أطره المختلفة. وسرعان ما تحول ملف
الجيش الحر من رافد قوة للمجلس
واستراتيجية عمله إلى أزمة تثقل
العلاقات داخل المجلس، وبين المجلس
والشارع السوري. هذا كله صحيح، وربما يمكن تعداد ما هو
أكثر من أخطاء المجلس. ولكن الصحيح
أيضاً أن المجلس الوطني لم يصنع
الثورة، وقد جاء تأسيسه بعد شهور طويلة
على اندلاع الحركة الشعبية. بمعنى أن
المجلس ولد وهو يلهث من أجل اللحاق
بالحراك الشعبي والاستجابة
لمتطلباته، سياسياً واجتماعياً
وتنظيمياً. كما أن المجلس ليست حزباً
أو قوة سياسية متجذرة، بل إطاراّ
إئتلافياً لعديد من القوى والأحزاب
والشخصيات والفعاليات. وبخلاف مثيلاته
من الإئتلافات التي قادت النضال
الوطني في الجزائر وفلسطين، مثلاً،
ولد المجلس بدون قوة قائدة، تشكل مركز
الثقل وتتحمل العبء الأكبر لتحديد
الطريق. ولكن المجلس نجح إلى حد بعيد في
أن يصبح مظلة لتيارات الساحة السياسية
المختلفة، وللجماعات السورية الإثنية
والطائفية كافة. وبالنظر إلى المجلس
الوطني الليبي، الذي منح اعترافاً
وتقديراً سريعاً من العرب والعالم،
فإن المجلس الوطني السوري أكثر
تمثيلية وتعبيراً عن الشعب السوري
وتعدداته السياسية والاجتماعية.
وإضافة إلى وجود أكاديمي سوري محترم،
يلقى قبولاً من أغلب التيارات
السياسية السورية، على رأس مكتبه
التنفيذي، فإن قيادات المجلس وكوادره
الرئيسية، وباستثناءات قليلة
ومتوقعة، ذات تاريخ نضالي لا يمكن
تجاهله، تمتلك كفاءات سياسية ملموسة،
وتتمتع بلياقة معتبرة لتمثيل شعبها. وليس ثمة شك أن المجلس، ومنذ لحظة تأسيسه،
رفع راية الثورة السورية عالياً في
المجالين العربي والدولي، وأصبح قوة
ضغط بالغة الأهمية للارتفاع بمستوى
الموقف العربي من الثورة السورية؛
تماماً كما ساهم في وضع العالم أمام
مسؤولياته تجاه الجرائم التي ترتكب ضد
الشعب السوري. في مسار الثورة العربية المتسارع، ينسى
كثيرون كيف تتطور المواقف والسياسات.
ولكن المؤكد أن الصيغة الثالثة
للمبادرة العربية تجاه سورية، التي
أصبحت مركز الحركة السياسية العربية
والدولية، تختلف جوهرياً عن الصيغة
الأولى؛ وأن عمل المجلس الحثيث، ساهم
مساهمة لا يمكن تجاهلها في وضع حد
لتخبطات موقف المجموعة العربية من
مجريات الثورة السورية وأحداثها، بما
في ذلك حلقة المراقبين العرب المؤسفة. إحدى أبرز القضايا المثارة في الآونة
الأخيرة حول أداء المجلس هي تلك
المتعلقة بالدعوة إلى تدخل عسكري
خارجي، سواء بهدف توفير حماية أكبر
وأكثر فعالية للشعب، أو بهدف مد يد
العون لإسقاط النظام، أو لكلا الهدفين.
مسألة الدعوة للتدخل الخارجي كما هو
معروف ليست محل اتفاق في الساحة
السياسية السورية المعارضة، حتى وإن
رفعت لها لافتات ما في عدد من
التظاهرات. ويمكن القول، بالرغم من عدم
توفر مؤشرات إحصائية يعتد بها، أن
الأغلبية الساحقة من الرأي العام
العربي ترفض التدخل الأجنبي العسكري
في سورية. سورية، كما أصبح من المبتذل التكرار،
ليست ليبيا ولا البوسنة ولا كوسوفو.
والأهم من ذلك كله، وكما سبقت الإشارة
في هذا الموقع، فإن التدخل الأجنبي ليس
في انتظار دعوة من أحد ولا إلحاح من جهة.
وما لم تتطور الأمور بصورة مخالفة
كلية، فليس ثمة من دليل على أن قوة
إقليمية أو دولية على استعداد للتدخل
العسكري في سورية لأي هدف من الأهداف.
بكلمة أخرى، يبدو توظيف هذه المسألة
للهجوم على المجلس الوطني وقيادته
توظيفاً في غير محله كلية. الاحتمال
الأرجح في المرحلة الحالية أن تبادر
دول عربية لتوفير المساعدة للجيش الحر
ومجموعاته المختلفة. وبالرغم من تباطؤ
المجلس المبكر، فهناك جهود ملموسة
تبذل الآن لبناء علاقة أفضل مع الجيش
الحر وإيجاد صيغة أفضل لتوفير موقع له
في الإطار السياسي للمجلس. مثل هذه
المهمة لن تكون سهلة، على أية حال،
فالضباط، حتى أولئك الذين يملكون
ضمائر حية للانشقاق عن جيشهم
والانحياز للشعب، ليسوا دائماً كائنات
سهلة للتعامل معها. ما قد يبدو ضرورياً الآن أن يتذكر الجميع
أهمية المجلس الوطني وأهمية دوره في
قيادة الثورة السورية وتحقيق أهدافها.
نظام الحكم هو المشكلة التي يعاني منها
السوريون وليس المجلس الوطني. ================= سهيل كيوان 2012-03-07 القدس العربي من حقك أن تذبحنا، وأن تستخدم كل مكرك
وأسلحتك البيضاء والسوداء والحمراء،
فهي مُعدة أصلا لرقابنا، من حقك أن
تدافع عن نفسك فهذا حق مشروع للإنسان
والحيوان حتى الزواحف والهوام، هل
رأيت الصرصار كيف يدافع عن نفسه!هل
انتبهت كيف ينقلب على ظهره ويتظاهر
بالموت ليكسب الحياة، وما هي حياة
الصرصار مقارنة بحياتك العظيمة!هل
رأيت الحشرات التي تبث روائح كريهة،
والنحلة التي تدافع عن نفسها بعمل
انتحاري، هل رأيت حرذونًا وهو يحمل بين
فكيه خشبة بالعرض كي يحرم الأفعى من
ابتلاعه! من حقك أن تقتلنا، ثم تدّعي أن
القتلى كانوا مسلحين وكانوا ينوون
شرًا باستقرار البلاد والعباد، كانوا
يقطعون الطرق ويعتدون على أعراض
الناس، وقد وصلت توجّهات كثيرة من
بسطاء الشعب إليك كي تتدخل، وبعد
مشاورات وضغوط كبيرة اتخذتَ القرار
الأصعب وأرسلت جيشك الرحيم ليعمل
بسرعة على إنقاذ المسالمين من قبضة
الأشرار، من حقك أن تعتقل وتحقق مع
عشرات الآلاف، لتفصل بين الخبيث
والطيب، من حقك أن تكافئ الأخيار
وتعاقب الأشرار، والعقاب قد يكون
سجنًا إداريًا لعدة أشهر أو سنوات، أو
محاكمة ميدانية وحتى إعدامًا،
والإعدام الميداني هو أفضل وأقصر
الطرق لأنه الأسلم والأقل وجع راس،
يدّعي أحد ضباطك الميدانيين أن القتيل
كان مسلحًا ورفض الانصياع للأوامر،
وبعد تحذيره مرات، تم تبادل إطلاق
النار معه فلقي حتفه، والجنود الرحماء
سمحوا لوالديه ولعدد من أقاربه أن
يلمّوا جثمانه ليلا وأن يدفنوه كما
يليق بجثة ميت حتى لو كان عدوّا. من حقك أن تحاصر مدينة أو مخيمًا أو قرية
أو حيًا قبل اقتحامه بدباباتك، كي لا
يتعرّض جنودك الأبرياء للخطر، الحصار
قبل الهجوم يهدف إلى حقن الدماء، فهو
يستنزف معنويات المحاصرين ومواردهم
وطاقاتهم، ويسبب ضغطًا معنويًا
وماديًا هائلا عليهم، يستمر الحصار
حتى نفاد الوقود والغذاء والماء
والدواء، وحتى يشعر المحاصرون أنه لا
نصير لهم، ولن يستطيع أحد أن يقدّم لهم
يد العون، فليبدعوا بالدعاء إلى ربّهم
كما يشاؤون، ولكن لا وقود ولا غذاء ولا
سلاح إلا بيدك، حتى الماء لولا هطول
الأمطار والثلوج. للحصار فوائد سياسية
وعسكرية جمة، فهو يعطي فكرة للعالم إذا
كان يهمه الأمر أن المحاصرين قوة
عسكرية كبيرة، ولهذا السبب فإن قواتك
النظامية التي تعتبر من أقوى جيوش
المنطقة تقف عاجزة عن اقتحام الحي،
وهذا يخفف من التعاطف مع المحاصرين إلى
حد كبير، بل وستجد من يقول 'اذبحوهم'،
ثم إن ردود الفعل تضعف عندما يطول
الحصار، الناس يعتادون الأمر وينتقل
الخبر من الرأس إلى قاع نشرات الأخبار،
بل إن كثيرًا من وكالات الأنباء سوف
تتناساه لأنه لم يعد جاذبًا للمستمعين
أو القراء والمشاهدين سريعي الملل، قد
يضيفون جملة واحدة عابرة خلال النشرة'
هذا ومن جهة أخرى فما زالت قوات ال(.......)
تحاصر المنطقة التي لجأ إليها عشرات 'المسلحين'
منذ أسابيع. لا أحد من الناس خارج هذا الحصار مهما كان
متعاطفًا سيعيش معاناة المحاصرين
ويقدّرها، فأنت في يوم عادي بدون حصار
ولاحرب وفي نظام طبي متقدم تحتاج
للوقوف ساعات لإجراء فحص طبي بسيط
وعادي، فإذا احتجت لما هو أكثر من
الفحص البسيط، صورة لكليتك أو لعمودك
الفقري مثلا، قد يستغرق الأمر أياما،
فكيف الحال والقصف المدفعي فوق رؤوس
أهالي الحي! كيف وهناك جرحى يزدادون في
كل ساعة، ولا كهرباء ولا دماء ولا
مستشفى، بل لنفرض أن هناك مستشفى، فما
هي قدرة استيعابه!وما هو عدد الأطباء
والممرضات فيه، وما هو احتياطي الدواء
والأوكسجين الذي يملكه!ثم ما المشكلة
برميه بعدة قذائف 'بطريق الخطأ'!
فالجميع يخطئون. لا أحد خارج الحصار يعرف أو يستطيع أن
يعرف ما هو حجم الخراب الذي يسببه
القصف، فالإعلام ممنوع من الدخول، فقط
أنت الذي توزّع المعلومات، وإذا تجاسر
إعلامي ودخل الحصار وعاش مع الناس،
فذنبه على جنبه، لأنه يصبح أهم هدف لدى
ضبّاطك، طبعًا يقتلونه بالغلط، وهو
يتحمل المسؤولية، لأنه دخل بدون إذنك
فدفع ثمن مغامرته، ثم تصدر بيانًا
توضّح فيه أن قتل الصحافي هو أمر مؤسف
ولم يكن مقصودًا، 'لا علم لنا بوجود
صحافيين في هذه المواقع الخطرة'. طبعا
أنت تعرف وتراقب المكالمات الهاتفية
الأرضية واللاسلكية وتعرف أن هناك
صحافيين وتعرف بالضبط أين يقيمون
وتراقب تحركاتهم، بل وتوكل مهمة
التخلص منهم لوحدةٍ خاصة. سيقول الجنود فيما بعد إن الكاميرا التي
حملها الصحافي كانت تشبه قذيفة مضادة
للدروع فالتبس الأمر عليهم، على كل حال
تمضي أسابيع على الحصار، ويقترب الأمر
من نهايته، فقد ملّ العالم والناس سماع
أخبار الحصار والمحاصرين الذين أنهكوا
وصاروا يطلبون الخلاص بأي طريقة كانت،
كان بإمكانك السماح للمدنيين أن
يخرجوا من الحصار عن طريق منظمات
دولية، ولكنك تريد معاقبة المدنيين
الذين سمحوا لل'مخربين' بأن يكونوا
بينهم، ولكي يكونوا عبرة للآخرين، ثم
إن المحاصرين من المدنيين يشكلون
عبئًا على المقاومين، لأنهم مسؤولون
عن طعامهم وعلاجهم، كل جريح إضافي هو
عبء عليهم، وقد ينتج عن هذا خلافات
داخلية فيما بينهم، سوف تقول إن هناك
مقاومة شرسة جدًا لم تكن متوقعة، وإن
المحاصرين يستعملون أسلحة جديدة،
لتبرر القصف بدباباتك التي تتقدم ببطء
لتسوي الأبنية بالأرض، وتشق طرقًا
جديدة في الحي المحاصر حتى إذهال سكانه
وكل من سيراه فيما بعد، تهدم وتمشّط
وتطلق القذائف، تخرج مجموعة من الناس
رجالا ونساء وأطفالا رافعين أيديهم
مستسلمين، ضعفاء جوعى، يلعب معهم
ضباطك لعبة الشر والخير، يأمرهم ضابط
شرير بالاصطفاف على جدار أو في ساحة
وتبدأ اللعبة، يتم قتل شابين أو ثلاثة
شبان، وحينئذ يتدخل الضابط (الطيب)
ويرفض هذا التصرف الهمجي ويحتج بل
ويصرخ على الضابط الذي أصدر الأوامر
بالقتل ويقول إنك أنت شخصيًا ترفض هذا
التصرف، فينجو بقية من الناس، بعدها
سيذكر الناس أن ضابطًا طيبًا من جيشك
أنقذهم من موت محقق، ثم تأخذ واحدًا أو
أكثر من الناجين وتستغل جوعه وعطشه
وجرحه ومعنوياته الهابطة وأفكاره
المشتتة وخوفه على حياته كي يهاجم
المسلحين'الغرباء'، ولا بأس من القول
إنهم ينتمون للقاعدة، وخرّبوا حياة
سكان الحي الذين عاشوا كل عمرهم بأمان
وسلام حتى أتى هؤلاء الحاقدون
والزعران الذين لا نعرف أصلهم من
فصلهم، تجعل الشاهد يبكي على الشاشة
وهو يشكر جنودك وضباطك الذين أنقذوه من
موت حتمي وحموا أطفاله وعرضه، ثم يناشد
كل صاحب ضمير بعدم السماح لهؤلاء 'المخربين'أن
يدخلوا في حياة الناس، ويطالب الجيش
والشرطة وقوى الأمن كلها بإعادة
الأمان والاستقرار المفقودين. أخيرًاعزيزي القارئ، لك أن تتبنى هذا
المشهد في حي بابا عمرو في حمص السورية
في هذه الأيام ولك أن تتبناه في مخيم
جنين عام 2002 أو في أحد أحياء غزة عام 2009،
ولك أن تتبناه في الفلوجة العراقية،
وفي مدن عربية كثيرة في أيام وسنوات
حبلى قادمة. ================= لمن الغلبة في سورية ...
لروسيا أم لإيران؟ الخميس, 08 مارس 2012 عبد الوهاب بدرخان * الحياة في سياق «الفيتو» الغبي الذي شهرته
روسيا والصين صار حتى التدخل «الإنساني»
صعباً ومعوّقاً، إن لم يكن مستحيلاً في
سورية، بالكاد يحتمل نظام دمشق وجود
الصليب الأحمر والهلال الأحمر، لأنهما
يشكلان ضغطاً في الداخل على عمليات
القتل بدم بارد والإعدامات الميدانية،
فكيف يوافق على فرق خارجية تأتي
بالمساعدات للمناطق المنكوبة. بالنسبة
الى النظام، لا يشكل الإغاثيون سوى فرق
من الشهود الدخلاء الذين سيقاسمونه
احتكار السيطرة، وسيكون عليه أن يفرض
لائحة شروط طويلة وشديدة للتحكم
بعملهم، فهو لا يرى ضرورة لأي مساعدة
أو إغاثة، لأن من يعتبرهم العالم
منكوبين بالقمع والقتل والقصف
والتهجير هم في نظر النظام مجرد
متمردين خارجين عن الطاعة، وما عليهم
ببساطة، سوى أن يمّحوا من الوجود. لكن «التدخل الإنساني»، المشروط بموافقة
من القتلة، ورغم أنه لا يزال مجرد
تمنٍّ، هو أقصى ما استطاعه المجتمع
الدولي. سيكون على كوفي أنان أن يقبّل
الأيدي والأقدام للتوصل الى اتفاق
بشأنه، فهذا نظام مستقوٍ باستقالة
العالم وعجزه عن اختراق جداره، وبات
يعتبر أن الاستعداد الصريح المعلن عن
تسليح «الجيش الحرّ» يسوّغ له الإسراع
في الحسم العسكري ومضاعفة الوحشية في
ارتكاب المجازر، بل تعمّد بث أشرطة
التنكيل بالمدنيين الذين غامروا
بالبقاء في بيوتهم في بابا عمرو. جمع «شبّيحته»
خلاصات الإجرام وتجاربه، من روسيا في
الشيشان، ومن صربيا في البوسنة، ومن
راوندا، ومن اسرائيل في الضفة والقطاع...
الى حد أن زعيم المافيا الروسية–الإسرائيلية
أفيغدور ليبرمان «صُدم» مما يجري،
باعتباره «لا يطاق»، وتذكّر فجأة أنه
يعيش في القرن الحادي والعشرين،
متناسياً أن الاحتلال الاسرائيلي
يتعامل مع الفلسطينيين بعقلية القرون
الوسطى وما قبلها. على هذا المنوال، قد لا يجد «أصدقاء سورية»
داعياً لعقد مؤتمرهم الثاني في
إسطنبول، وربما لن يجدوا ما يقولونه،
إذ إنهم كرروا في تونس ثرثرة كل ما
ثرثروه خلال سنة، وستكون مهزلة كبرى أن
يعودوا الى الرطانة ذاتها فيما يكون
قتلة النظام راكموا بضعة آلاف أخرى من
الضحايا مستهزئين بكل المؤتمرات التي
لا تكفّ عن طمأنتهم بأنهم يستطيعون
مواصلة الولوغ في الدم، فللقتلة روس
وصينيون وإيرانيون يحمونهم ويحولون
دون أي محاسبة لهم، وحتى حين بدا أن
الصين فضلت الخروج عن الصمت بعد مجازر
بابا عمرو، وجرى التأهب لرؤية تعديل ما
في مقاربتها للأزمة، إذا بها تحبط
الجميع ب «أفكار روسية» مقلّدة
ومستهلكة. جهدت «الأفكار الصينية» لإقامة توازن
عنفي بين النظام والشعب، مشددة على
احترام سيادة سورية، سواء في المساعدة
الإنسانية للمدنيين أو في رفض التدخل
الخارجي. لكن عن أي سيادة يجري الحديث
هنا، فالنظام كشف سورية، حتى لم يعد
مفهوماً مَن يحكمها واقعياً طالما أن
النظام نفسه يعوّل على روسيا وإيران،
كما كان عوّل على تركيا، وكما عوّل
دائماً على مساندة إسرائيل ليتجاوز
أزماته التي لم تكن يوماً داخلية ولم
تهدد أبداً وجوده في السلطة. وفي أي
حال، تأخرت بكين في «اللامبادرة» التي
طرحتها، لأن «أمبراطور» روسيا
فلاديمير بوتين أرسل قبيل معاودة
تتويجه إشاراتٍ فُهم منها أن ما قبل
الانتخابات قد لا يكون كما بعده، الى
النظام السوري. هل هذا سراب آخر في صحراء الأزمة السورية
ومجاهلها؟ أم خدعة؟ أم صحوة في «ضمير»
الديبلوماسية المافياوية؟ وهل يمكن
الوثوق بموسكو عندما يتعلّق الأمر
بكرامة الشعوب وحريتها؟ لو أجدى قبلها
الوثوق بالولايات المتحدة لبدت
المجازفة مع روسيا ممكنة. الأرجح أن «التغيير»
سيكون متدرجاً، ولن يبادر الى تنازلات
جوهرية، ورغم أن موسكو رهنت مصالحها
بهذا النظام السوري، لكنها لا تجهل أنه
آفلٌ لا يستطيع الاستمرار بعدما أصبح
أشبه بقوة احتلال. لذلك، إذا كان لا بد
من تغيير هذا النظام، فقد تفضّل روسيا
أن يتمّ بإرادتها وبمشاركتها، وقد
تضطر الى هذا الإجراء إذا ارادت فعلاً
ترجيح «الحل السياسي»، فمثل هذا الحل
لا بد أن يقوم على قاعدة نقل السلطة
لكنه لن يبصر النور ولن ينطلق اذا كان
شرطه (الروسي) أن يبقى بشار الأسد
رئيساً، فبقاؤه لا يساعد الحل ولا يعني
سوى أن الأجهزة الأمنية برؤوسها
الحالية ستتحكّم بهذا الحل. هناك فرصة
ل «تفاهم» مبدئي عربي-روسي (في
الاجتماع الوزاري بعد غد السبت)، لأن
العناصر المطروحة للحل متقاربة، أما
الفارق، فيتمثل عربياً في انعدام
الثقة بالرئيس السوري والحلقة
القيادية المحيطة به. واقعياً، لدى موسكو فرصة لا تنطوي على
خيارات كثيرة، واذا لم تنتهزها فإنها
ستتحوّل الى مخاطر وخسائر كثيرة،
فالشعب السوري يحمّلها منذ الآن
مسؤولية دماء ضحاياه واحتقارها
لتضحياته، لكنها تستطيع أن تبذل جهداً
لتحسين صورتها وسمعتها سورياً وعربياً
اذا تمايزت عن هذا النظام الدموي،
ويعني ذلك أن تستخدم نفوذها لإجراء
تغيير أولي من داخله. لكن النظام سيكون
متحسباً لمثل هذا الاحتمال، وسيقاومه
بالشراسة نفسها التي يتعامل بها مع
الشعب، فلا يبقى له عندئذ إلا الحليف
الإيراني الذي لا خيار آخر له سوى
الحفاظ على نظام الأسد. قد لا يدور صراع علني على سورية بين روسيا
وإيران، لكن الأكيد أنهما لا تنطلقان
من مواقف متطابقة ولا من أهداف متماثلة
ولا من مصالح متكافئة في التعاطي مع
الأزمة السورية. والأكيد أيضاً، أن
المرشد الايراني لن يقول كما قال
بوتين، إن «لا علاقة خاصة» تربطه
بالنظام السوري. صحيح أنهما يقدمان
اليه ما يحتاجه من وسائل القتل
والتدمير، ويدعمان حسمه العسكري ضد
الشعب، لكن الصحيح أيضاً أن روسيا
اعتمدت ديبلوماسية لا تمكن إدامتها
الى ما لا نهاية مهما كان حيّزها «المبدئي»
كبيراً. أما إيران، فمعنيّة مباشرة
بحياة النظام وبموته، وتعوّل عليه،
سواء في نفوذها الإقليمي أو لإبعاد
المخاطر عن «حزب الله» في لبنان. وعلى
ذلك، اذا تعذّر التوفيق بين رؤيتي
روسيا وإيران ل «التغيير» في سورية، قد
يدور سباق بينهما الى رسم معالم أي
تعديلات داخل النظام. وهنا ستكون
الأرجحية لإيران، فالنظام لن يتعامل
مع أي موقف روسي قد يشكّل تضييقاً عليه. في مقال سابق (الحياة 16/6/2011)، كان التساؤل:
«من يحسم في سورية... تركيا أم ايران؟»،
واختار النظام أن يتخلى عن الصديق
التركي لمصلحة الحليف الإيراني، وذلك
بالتزامن مع بداية لجوئه الى حليف آخر
هو الروسي، رغم ما كان بينهما من جفاء
بسبب مواقف سابقة لموسكو (منها تحديداً
عدم تعطيلها إنشاء المحكمة الدولية
الخاصة بالاغتيالات السياسية في لبنان)،
وقد يخسر هذا الحليف في المرحلة
المقبلة، وإن حافظ عليه مصدراً للسلاح.
* كاتب وصحافي
لبناني ================= سوسن الأبطح الشرق الاوسط 8-3-2012 في أحد مستشفيات طرابلس عشرات الجرحى
السوريين؛ بعضهم بلا أطراف.. ثمة من فقد
بصره.. هناك من هو معلق بين الحياة
والموت، وثمة من قضى في الطريق. «نحن
محظوظون»، يقول من ما زال منهم يقوى
على الكلام.. «الوصول من بابا عمرو إلى
هنا هو من نصيب المدللين فقط». الخوف
على من تبقى من أهلهم هناك يكمم
أفواههم. لم أفهم جيدا أي درب جهنمي سلك
هؤلاء للوصول إلى لبنان، إلا بعد أن
قرأت الرواية الطويلة المرعبة التي
قصها الصحافيان الفرنسيان الناجيان من
هلاك حمص. نفق مظلم من ثلاثة كيلومترات
بارتفاع متر ونصف هو الطريق الوحيد
الآمن الذي كان ممكنا لتهريب البشر
خارج جحيم بابا عمرو المحاصر بالنار
والموت. النفق ليس آمنا تماما؛ فقد تم
قصفه وكشفه في نهاية المطاف وفي داخله
عشرات الفارين. يومان بعدها من المشي
في الثلج والصقيع لمن قطع النفق.. ثمة
من حمل يده نصف المقطوعة، أو رجله
المعلقة بالكاد بباقي جسده. الروايات
قاهرة، لكنها تبقى مبتورة وقاصرة
ومرتجفة. النظام ما زال قادرا على
تكميم أفواه حتى الهاربين. هؤلاء هم المدللون إذن، فماذا عمن لم
يحالفه الحظ؟ حتى دفن الموتى يتم في
السر أحيانا. الوضع الإنساني في سوريا
يفوق كل ما يروى. يتجاوز حتى ما يقال
إنه مبالغات الناشطين على «فيس بوك».
النظام يدك الأحياء بحجة مقاتلة
العصابات المسلحة. المسلحون لا قوة لهم
على مواجهة الدبابات. سيناريو بابا
عمرو مرشح للتكرار في كل الأحياء التي
يتمترس فيها الجيش الحر مع متطوعيه
والراغبين في القتال. تسليح المعارضين
بالسلاح الثقيل عبر الحدود اللبنانية
أو التركية أو العراقية ما زال ضربا من
الخيال. السيناريو الليبي بعيد هو
الآخر، في انتظار أن تنتهي الاحتفالات
الانتخابية في بلاد الأجانب. لا شيء
يشي بأن تغيرا دراماتيكيا في المواقف
السياسية الدولية يمكن أن يحدث على
المدى القريب. النظام السوري ماض في
معركته العسكرية التي بمقدوره أن
يربحها، بحسب ما يقول ناشطون على الأرض..
لا؛ بل حذر هؤلاء منذ البداية من أن
النظام بوسعه أن ينهي الثورة، أو في
أحسن الأحوال أن يبقى ينهكها وتنهكه
لسنوات. مع ذلك، المعارضون المقاتلون
ليسوا على استعداد للتراجع ولو ماتوا
جميعهم. أخبرني أحدهم أنه فقد شقيقيه
تحت التعذيب، فيما هو مشلول ولا يقوى
على الحركة، «لكننا لن نسكت». الدم يجر
الدم، والانتقام يتغذى على الانتقام. خبراء إيرانيون وروس يساعدون الجيش
السوري، ومقاتلون إسلاميون يتسللون
عبر الحدود السورية لمعاضدة إخوانهم
في المعارضة، هذا ما يقوله مقاتلون من
المعارضة. تبقى المعركة غير متكافئة،
ومعدل الضحايا سيكون حتما إلى ارتفاع،
مع اشتداد وطيس المواجهات بين
الجانبين. وصول كوفي أنان السبت إلى دمشق، ومبادرته
الدبلوماسية التي اشترط أن لا ترافقها
أي مبادرة أخرى، هي بارقة الأمل
الوحيدة في الظلام السوري الحالك. تخوين المعارضة بعضها بعضا لا يبشر بخير
كبير. عدم قدرة سلاحها الحالي، رغم
العمليات الانتحارية التي لجأت إليها،
وحرب العصابات التي تقوم بها، على
زحزحة النظام، وإن تمكنت من تشتيته،
يربكها إلى حد كبير. تسليح المعارضة
على نطاق واسع سيكون من نتائجه
المباشرة، احتدام المزيد من المعارك
المسلحة، ورفع عدد القتلى، وتفاقم
معاناة المدنيين وتهجيرهم. المشكلة أن المعارضين لا شيء يجمعهم، غير
رغبتهم المستميتة في إسقاط النظام.
وبعد ذلك يعترفون جميعهم أن لا قائد
لهم، أو هيئة توحدهم، أو مشروعا وطنيا
واضحا يلتفون حوله. المعارضة غاضبة لأن
الانشقاقات في الجيش ما زالت دون
المستوى المأمول، ولأن المنطقة
الشرقية، لا تبدو عازمة على الانخراط
الفاعل في الثورة، هذا عدا هدوء دمشق
وحمص. «مع ذلك لن تتزعزع إرادتنا»؛
يقول أحد المقاتلين. النقمة كبيرة
واليد قصيرة. المقاتلون في غالبيتهم
متطوعون غير متمرسين. يخبرني أحدهم أنه
أعطي سلاحا لا يعرف كيف يستخدمه.. توقف
في منتصف الطريق وطلب استبدال مسدس
برشاشه. «هذا غاية ما أعرف استخدامه،
لكنني أردت نجدة الآخرين والمساهمة في
الثورة كغيري من الشبان». أمثال هذا
الشاب المتحمس كثر، مقابل جيش مدرب على
القتال. درب الآلام السوري يبدو طويلا ومكلفا. على
المعارضة السورية الوطنية، أن تحزم
أمرها.. أن تتساءل عن الفائدة التي
جنتها حتى اليوم من أسلحة خفيفة بأيدي
غير محترفين مقابل الدبابات؟ وما
السيناريوهات الممكنة إن وزع السلاح
بشكل أكبر على الناس؟ هل ستشهر بعض
المعارضة السلاح ضد بعض، كما يحدث الآن
وإن كانت الظاهرة لا تزال على نطاق
ضيق؟ من بمقدوره أن يضبط التسلح؟ وكيف؟
الغضب المحموم لمقاتلة بشار الأسد، لا
يكفي وحده لإنقاذ سوريا وتجنيب
السوريين الأسوأ. البيت الأبيض يقول إن «الولايات المتحدة
تركز حاليا على المبادرات السياسية
والدبلوماسية بشأن الأزمة في سوريا،
لا على التدخل العسكري»، وروسيا تعلن
أنه «على الدول الغربية أن لا تتوقع
تغيرا في موقفها بشأن سوريا» بعد فوز
بوتين، فيما تركيا تعتبر، على لسان
كبير مستشاري الرئيس عبد الله غل، أن «إنشاء
ممرات إنسانية يحتاج قرارا دوليا»،
ويقول المستشار إرشاد هورموزلو أيضا
إن «فصائل المجتمع السوري والمقاومة
السورية لا تحبذ التدخل الخارجي
وتسديد ضربات عسكرية لسوريا، ونحن
نفضل أن يكون الحل داخليا». هذا يعني باختصار أن الكرة في ملعب
المعارضة اليوم، وعليها تقع مسؤولية
إعادة النظر في استراتيجياتها لمواجهة
نظام، بمقدوره أن يهزمها عسكريا، لكنه
لا يستطيع إنهاءها شعبيا، وعلى هذا
يفترض أن تبني رؤاها، كي تجنب المدنيين
الهلاك. ثمة من سيقول إن المسؤولية تقع
على النظام. هذا صحيح من حيث المبدأ،
لكن إذا كان النظام من الصنف الذي
يتحمل مسؤولياته، ويعرف كيف يصغي
لمطالب شعبه، ويحمي مصالحهم، فلماذا
قامت الثورة ضده أصلا؟ ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 8-3-2012 يتردد الحديث كثيرا هذه الأيام عن ضرورة
تطمين الأقليات السورية لتتخلى عن
نظام بشار الأسد، والحقيقة أنه من
الصعب القول بأن الأقليات كلها مع
الأسد، بقدر ما أنها مترددة باتخاذ
موقف حاسم. فبكل تأكيد، أن تلك
الأقليات - وتحديدا العلوية والمسيحية
- ترى أن مركب الأسد يغرق لا محالة. أفضل عملية تطمين لتلك الأقليات هي
المشاركة في رسم مستقبل «سوريا ما بعد
الأسد» بنفسها، وذلك من خلال إعلان
الأقليات موقفا واضحا. فعلى تلك
الأقليات أن تقول كلمتها الآن، من أجل
الحفاظ على سوريا ككل، وضمان مستقبلها
هناك. فالأسد ساقط لا محالة، وكل
المؤشرات تؤكد ذلك، حتى إن وثائق «ويكيليكس»
الأخيرة تثبت أن طهران نفسها باتت
تحاول تدبر أمرها من أجل مرحلة «سوريا
ما بعد الأسد». أمام الأقليات السورية -
وتحديدا العلويين والمسيحيين - تجربة
حديثة تدل على خطورة قراءة المشهد
السياسي بالأماني، أو إنكار الوقائع،
وهي التجربة السنية في «عراق ما بعد
صدام حسين»، حيث قرر السنة هناك - خطأ -
مقاطعة العملية السياسية في أولى
لحظاتها، وها هم يدفعون الثمن إلى الآن. لذا، فإن بإمكان الأقليات السورية، أن
يكونوا غير ومختلفين عن سنة العراق،
وذلك من خلال المشاركة الآن، وليس
بالضرورة علنا، فبعض كبار ضباط معمر
القذافي أسهموا في إسقاطه من دون أن
يعلنوا ذلك، وبالتنسيق مع الثوار
الليبيين، والطرق بالطبع كثيرة، المهم
أن تضمن الأقليات مستقبلها بنفسها.
وبالطبع، من واجب كل السوريين ضمان
وحدة سوريا، واندماج نسيجها
الاجتماعي، لتكون سوريا دولة قانون،
لا دولة أكثرية وأقلية، فالأحقاد لا
تعمر الأوطان. ومن هنا، فإن أفضل من يضمن مستقبل أقليات
سوريا، الأقليات نفسها، ومن خلال
مشاركتها في هذه الثورة الحقيقية،
التي قُدم فيها من التضحيات الكثير،
فما يحدث في سوريا اليوم هو أن الأقلية
تفتك بالأكثرية. وهناك من يحتج على هذا
المنطق، لكنه يتناسى أن أكثر من يكرس
لهذا المنطق هم المدافعون عن
الأقليات، وعلى طريقة «كلمة حق يراد
بها باطل». فكيف تتم المطالبة بضرورة
تطمين الأقلية بينما تذبح الأكثرية؟
منطق لا يستقيم. ولذا؛ فمن المهم أن تقوم الأقليات بتطمين
نفسها من خلال وضع قدم لها في مشروع
سوريا ما بعد الأسد، لا من خلال التمسك
بالطاغية. وبالطبع من الصعب القول إن
أقليات سوريا مع الطاغية، وإنما
الإشكالية هي في القراءة الخاطئة
للمشهد السياسي من بعض الأقليات
السورية، أو إنكار الواقع، لكن بكل
تأكيد هناك مؤشرات تقول إن بعض
الأقليات السورية تشارك هي أيضا في
الثورة، فقبل أمس كان هناك خبر مهم عن
تشكيل أول سرية علوية ب«الجيش الحر». مختصر الحديث أن أفضل من يطمئن أقليات
سوريا الأقليات نفسها حين تقول كلمتها
الحاسمة، وتسهم في رسم مستقبل «سوريا
ما بعد الأسد»، أما التردد، والقول بأن
هذه ثورة سنية، فهو ليس في مصلحة
سوريا، وأهلها، والمنطقة ككل، فيجب أن
ينال الطاغية جزاءه، وتطوي هذه
المنطقة صفحة رديئة من صفحاتها. ================= عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 8-3-2012 الروس والأميركيون وأمين الجامعة
العربية وأمين منظمة التعاون الإسلامي
وغيرهم، كلهم يستنكرون ما يحدث في
سوريا ثم يأخذون نفسا عميقا ويتمتمون..
الوضع معقد، الخوف من حرب أهلية، وحرب
طائفية، وإقليميا حساس جدا على أوضاع
الدول المجاورة. وهذه كلها قائمة
تبريرات للإحجام عن التدخل العسكري
وإنقاذ الشعب السوري الذي يذبح على
مرأى من العالم. وإذا كانت تلك القراءات صحيحة فإنها تعني
أيضا أن الحالة السورية تستوجب التدخل
وليس العكس. فالوضع المتأزم في حالة
ولادة ولا بد أن ينجب شيئا ما. الحالة الخطرة ونذر الحرب الأهلية تبرران
التدخل لا العكس. وهنا يصبح التدخل
الدولي عملا إيجابيا وأكثر إلحاحا.
التدخل يعني عمليا ترجيح كفة جماعة
معارضة أو تجمع من الجماعات، وتمكينها
مقابل التزامها بالشروط الدولية بهدف
وقف أي انتقامات أو حروب طائفية أو
نزاعات تقسيمية. هذا ما حدث في ليبيا،
التي لولا غلبة الكلمة الدولية
وقدرتها على ترجيح كفة على أخرى، ولولا
فرضها شروط إدارة الحرب والتزامات
النصر، لولا هذا كله لبقيت ليبيا في
حروب بين القبائل والأقاليم على
القيادة والنفوذ، ولكانت الانتقامات
أفظع. وحتى ما تشهده ليبيا اليوم من جدل
ومحاولات تقسيم داخل الدولة هو عمل
عبثي محكوم عليه بالفشل بفضل الالتزام
الدولي بحدود ونظام ليبيا الجديد. الوضع في سوريا بالغ الخطورة بسبب ترك
النظام يفتك بالناس، والقوى تتشكل في
فراغ، ثم سينهار النظام وتصبح البلاد
مثل مائدة يتصارع عليها الجميع دفعة
واحدة. حينها سيكون صعبا استدعاء قوات
دولية لإطفاء الحرائق، ومنع الحرب
الأهلية أو الطائفية، وستصبح دول
المنطقة في وضع أخطر. وكل من يتحدث عن مخاوفه من وضع سوريا،
يريد أن يبرر بها تقاعسه مثل الغرب، أو
يريد تخويف الآخرين من التدخل مثل
إيران أو العراق. سوريا في ثورة منذ عام
لن تنطفئ جذوتها إلا بسقوط النظام،
والجميع يعرف أنه انتهى رغم صموده
بالمزيد من القتل والدم. وحتى تركيا، التي تتردد في التدخل لأنها
في حاجة إلى تفويض دولي ومشاركة عسكرية
أوسع، تشعر اليوم أنها تدفع الثمن بسبب
طول الأزمة. فالنظامان السوري
والإيراني نجحا في تنشيط الجماعات
الكردية الانفصالية المختبئة في
العراق وسوريا وتنفيذ عمليات إرهابية
في الأراضي التركية. وهما وراء تأجيج
الأزمات في الخليج والتهديد بتخريب
الوضع في لبنان. والأسوأ أن النظام
السوري نجح في تعميق الكراهية داخل
مكونات الشعب السوري بالمذابح
والتخويف الطائفي. ولو أن النظام أُسقط
في العام الماضي لأصبحنا أمام أمر واقع
جديد أقل إشكالا على الشعب السوري
والشعوب المجاورة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |