ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 11/03/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

ماذا سيقدم "عنان" لسورية؟

2012-03-10

الوطن السعودية

ينعقد اليوم السبت اجتماع وزراء الخارجية العرب في دورتهم العادية في جامعة الدول العربية، تمهيدا للقمة العربية التي من المزمع أن تعقد في بغداد في نهاية شهر مارس الحالي. ورغم تنوع الملفات المطروحة على أجندة الاجتماع يظل الشأن السوري هو الأبرز والأهم، خاصة في ظل بعض التطورات الأخيرة على هذا الصعيد، وأبرزها تعيين الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان مبعوثاً خاصاً مشتركا من كل من الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية إلى سورية. يباشر عنان مهامه بعد لقائه بعدد من الوزراء العرب اليوم، وعلى رأسهم وزير خارجية المملكة الأمير سعود الفيصل، حيث سبق والتقى نبيل العربي يوم الخميس الماضي.

مهمة عنان لن تكون سهلة في ظل التعنت الروسي المستمر والذي بدا واضحا من خلال بعض التصريحات الأخيرة التي وردت على لسان المسؤولين الروس بخصوص رفض مشروع القرار المقدم من الولايات المتحدة بشأن سورية في مجلس الأمن.

تعيين وزير الخارجية الفلسطيني السابق ناصر القدوة نائبا لعنان في مهمته أمر إيجابي، نظرا لما يتمتع به الرجل من خبرة وقدرة على ضمان استمرار الرؤية العربية في الحل، وبهذا الوفد رفيع المستوى يضع العالم النظام السوري أمام استحقاق أخير لمعالجة الوضع.

هذه المعالجة ليست - بأي حال من الأحوال - تتعلق فقط بوقف العنف، كما يحاول البعض تصوير المهمة، فالهدف من هذا التدخل الدبلوماسي الذي يمثل القشة الأخيرة هو الخروج بحل سياسي متكامل يحقق طموح الشعب السوري، فالحالة الإنسانية وصلت لمرحلة متردية كما وصفتها وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، فاليري آموس، حين علقت بأن حي بابا عمرو على سبيل المثال أصبح خرابا. مثل هذا الوضع لم يعد يتعلق فقط بوقف العنف بل بحل متكامل لا بد أن يترجم بنموذج مشابه لليمن على الأقل لمرحلة انتقالية على رأسها خروج بشار الأسد من الحكم، وهو الأمر الذي شدد عليه مؤتمر أصدقاء سورية.

عنان مطالب اليوم بتقديم صيغة حل نهائي للوضع في سورية، وعدم تمكنه من ذلك بسبب تعنت النظام السوري سيشكل الضربة النهائية لكل الجهود، ولا بد أن تترجم بإحدى خطوتين: إما قرار وتحرك دولي ضد النظام السوري تقف فيه روسيا مع العدالة والشرعية الدولية، وإما أن تتحول سورية لساحة حرب يشنها النظام على شعبه، وفي هذه الحالة لن تقف المملكة مكتوفة الأيدي أمام هذا الأمر.

=================

روسيا.. والصين..سياسة الترضيات الفاشلة..!

يوسف الكويليت

الرياض

10-3-2012

  روسيا حاولت استرضاء دول الخليج العربي بإرسال مندوب يشرح موقفها من سوريا، لكنها شعرت بعدم الموافقة على استقباله لأن الموقف الروسي لم يتغير، وعملية الالتفاف على الأوضاع السورية بجمل غير مفيدة، لا يغير من الواقع، وحاولت أيضاً إقناع أطراف عربية بجدوى موقفها لكنها وجدت ما يعاكس آراءها..

الصين، والتي أدركت مدى السخط العربي منها، وكيف أنها دخلت مسار روسيا، شعرت بالحرج بارسال مندوب يزور المملكة ومصر وفرنسا، ومع ذلك فاللغة التي سيسمعها المندوب قد لا تتغير، بل إنها هي الخاسر الأكبر سياسياً واقتصادياً إذا ما سارت الأمور باتجاه التصعيد بزعم أن أمريكا وأوروبا تحتكران السياسة الدولية، وهذا ما جعل النزاع بين القوى الخارجية، ينعكس سلباً على مجريات الأحداث السورية، وإلا بماذا تفسر تأييد قتل شعب مقابل المحافظة على حليف سلطوي وديكتاتور ينزع إلى الإبادة المتعمدة؟!

فالعرب لا يريدون من الصين وروسيا حسنات، أو هبات، بل موقف أخلاقي، وإلا كلا البلدين لديه سجل مماثل لما يجري في سوريا، ومع ذلك لم يتدخل العرب بشؤونهما صيانة للعلاقات والصداقات، لكن الموقف المستجد جعل الرؤية العربية متفقة أن خلاف الأطراف الدولية لم يكن يراعي الأسد فقط بل وجدوها لعبة تصفية حسابات بين خصوم محتملين، والغريب أنه في الحرب العالمية الثانية، ورغم تباين العقائد والأيديولوجات شكل الغرب مع الاتحاد السوفييتي تحالفاً ضد النازية وحلفائها، وكان المد العسكري الأمريكي كبيراً ساعد على صد النازيين من الأراضي السوفييتية ثم هزيمتهم..

نحن لا نطالب الروس والصينيين الوقوف بأي اتجاه يغاير مصالح الشعب السوري، إذا كانا يريدان دفع مصالحهما إلى الأمام وقد خسرا ليبيا لذات الأسباب وهما يكرران نفس الخطأ مع حتمية زوال سلطة وبقاء شعب مهما كانت النتائج..

مشكلة البلدين أنهما يحاولات مساواة الجلاد مع الضحية، وهذا بأعراف وأدبيات المبادئ والأخلاق والقوانين مرفوض لتعارضه مع الحق العام، بل دفعا الشعب العربي إلى أن يجعل من الغرب صديقاً متوازناً في سياساته، وقد جاء الدافع من تصرف البلدين اللذين يعتقدان أن عسف الأمور باتجاه مضاد يزيد من تأييدهما وأن الشعب العربي سوف يتجاوز الخلاف معهما بالنسيان وهذا تقدير خاطئ، لأن الشعب السوري لديه حافز أن يضعهما في خانة الأعداء بناء على سلوكهما ومواقفهما..

لقد ربح الغرب من خلال أخطاء الشرق، ويبقى الرهان على المستقبل أي أن الروس والصينيين لن يجدوا من يبرر مواقفهم، لأن الوعي المنتشر سلاح مضاد وهذه المرة مع الشعب العربي كله..

=================

الوضع السوري

عبدالله ابو السمح

عكاظ

10-3-2012

الحكومة السعودية لم تقصر في المنافحة عن الشعب السوري المضطهد والذي يتحمل بشجاعة أفظع أنواع المحاربة والقتل والتعذيب من نظام الأسد الدموي، ذلك النظام الوحشي الذي لا يتردد في إبادة الشعب السوري الأعزل أو الركوع لسيطرته وظلمه، لم تقصر الحكومة السعودية في المنافحة والدفاع عن قضية الثورة السورية في المنظمات الدولية والإبلاغ عن مظالم نظام الأسد والطلب إلى دول العالم القيام بواجبهم الإنساني للوقوف بجانب الشعب المظلوم ضد ظالميه، ومازالت تعمل بجهد مخلص في ذلك الاتجاه ما هو معلن وما هو بدبلوماسية للضغط وإقناع الدول الكبرى للتدخل لحسم الموقف ونصرة الثورة، ولكن الحالة السورية والوضع المأساوي فيها يتطلب مزيدا من الدعم المادي بجمع التبرعات لإنقاذ المستضعفين وبالوقوف بجانب الجيش السوري الحر وتدعيمه بالسلاح وإنشاء قواعد في الدول المؤازرة لتدريب عناصره، والعمل على إنشاء ممرات آمنة في دول مجاورة في الأردن وتركيا، إن القول بأن تسليح الثورة السورية قد يؤدي إلى حرب أهلية هو قول واه لا سند له ولا دليل، بل كلما طالت مدة المقاومة السلمية التي يدعون لها زاد عدد القتل في الشعب وتهديم المدن كما هو حاصل الآن في حمص وادلب وغيرهما، الحل العسكري والعنف والشراسة معتقد ومنهج نظام الأسد ولن يحيد عنه، ولن يترك الحكم إلا بالبتر فقد رفض كل الحلول السلمية، الذين يقولون بمقاومة سلمية إنما يقدمون شعبا أعزل إلى مجزرة نظام بطاش جائر.

الحل هو في الاعتراف بالجيش السوري الحر ودعمه وإيجاد قواعد لتدريب السوريين على مواجهة النار بالنار، لن يردع الظالم إلا قوة تواجهه وتكسر شوكته.

=================

المؤتمر القطري لحزب البعث

حسين العودات

التاريخ: 10 مارس 2012

البيان

يعقد خلال هذا الأسبوع المؤتمر القطري الحادي عشر لحزب البعث العربي الاشتراكي، في دورة انعقاد عادية تأخرت سنتين عن موعدها الطبيعي، حسب النظام الداخلي للحزب الذي يقضي بعقد المؤتمر القطري كل خمس سنوات. وكان آخر مؤتمر عقد عام 2005.

كانت للمؤتمر القطري صلاحيات نظرية واسعة جداً قبل تعديل الدستور السوري الشهر الماضي، الذي كان ينص على أن حزب البعث هو القائد للسلطة والمجتمع, فمن صلاحياته وضع السياسة العامة للبلاد للسنوات الخمس التالية بما فيها السياسات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والإدارية, والخطط الخمسية للدولة, والتوجهات السياسية العامة وكل ما يتعلق بمسيرة الدولة والمجتمع بين مؤتمرين, فضلاً عن انتخاب القيادة القطرية، ولا يعرف الآن ماذا سيقرر المؤتمر الحادي عشر تجاه هذه الصلاحيات التي لم تعد منوطة به.

إن صلاحيات المؤتمر الواسعة هذه، لم يكن معمولاً بها في الواقع، لأنه لم يعد للمؤتمر ولا للقيادة منذ تولي الرئيس الراحل حافظ الأسد السلطة الفرصة لممارسة صلاحياتهما إلا شكلياً وحسب رغبة الرئيس المسبقة، كما لم يعد لهما الحرية في اتخاذ القرارات التي يريدانها، وأصبح تنفيذ قرارات المؤتمر أمراً غير ملزم عملياً.

واستمر هذا التقليد في عهد الرئيس بشار الأسد, وذلك لأن الرئيس يقبض على كل شيء في إدارة الدولة السورية، وله صلاحيات غير محدودة في مختلف المجالات بما فيها إصدار التشريعات ، وكان المؤتمر خلال الأربعين عاماً الماضية خيمة لشرعية السلطة لا أكثر ولا أقل.

فمثلاً اتخذ المؤتمر القطري العاشر السابق الذي عقد عام 2005 قرارات في غاية الأهمية، كان من شأنها لو نفذت سد الذرائع، وقطع الطريق على ثورة السوريين الحالية واحتجاجاتهم التي انطلقت بعد ست سنوات من انعقاد المؤتمر، فقد أقر المؤتمر في ذلك الوقت إلغاء قانون الطوارئ أو تعديله، ووضع خطة لمكافحة الفساد.

وإصدار قوانين جديدة للأحزاب وللمطبوعات، وإعادة النظر ببعض مواد الدستور وبقانون الانتخابات، وعدم الإصرار على إنجاح قوائم الحزب والجبهة الوطنية في كل انتخابات سواء كانت نيابية أم إدارة محلية، هذا فضلاً عن قراره الشهير بتبني سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي.

وفي الخلاصة قرر المؤتمر وضع أسس لمرحلة جديدة تشرك الناس جزئياً في السلطة والثروة، كما كان من المأمول أن تتطور هذه القرارات وتحدث انفتاحاً أكثر، وديمقراطية أكثر، وتحترم حريات الناس ومصالحهم.

مع الأسف الشديد، لم ينفذ أي قرار من قرارات المؤتمر، ومازالت غامضة أسباب الالتفاف عليها أو معرفة الجهات أو الأشخاص الذين عطلوا تنفيذها، رغم الوعود الكبيرة والكثيرة التي وعد بها الرئيس بتنفيذ هذه القرارات وبقي الحال في الواقع .

كما هو الحال، أي بقيت الأحكام العرفية وتحكم الأمن برقاب الناس ومصالحهم وحرياتهم وحياتهم، وهيمنته على السلطة والدولة، حتى تجاوز عدد المهن الخاصة والعامة التي تحتاج لموافقة أمنية (113) مهنة بما فيها فتح محل للحلاقة أو العمل في كشك بيع الصحف والسجائر، وصولاً إلى العمل في مؤسسات الدولة، ومروراً بالموافقة على حفلات الزواج.

وفي الوقت نفسه بقيت أساليب الانتخابات والتداخل بين السلطات والتضييق على الحريات العامة والحريات الصحفية والإعلامية ومنع تأسيس الأحزاب والتجمعات ومنظمات المجتمع المدني وغيرها كما كانت قبل المؤتمر، وكأن المؤتمر لم يقرر شيئاً تجاهها، باستثناء قرار واحد نفذ بكامله تنفيذاً مخالفاً لفهم المؤتمر له وهو قرار اقتصاد السوق الاجتماعي، فقد نفذ بدون الاجتماعي.

وساد اقتصاد السوق الحياة الاقتصادية السورية، مما فتح الأبواب للاستيراد بدون حدود، وعملياً رفعت الحماية عن الصناعات السورية وأطلقت الأسعار، وتعزز الاحتكار، مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع الأسعار والقضاء نهائياً عن بقايا الطبقة الوسطى.

وزيادة ثروات الأغنياء الجدد، وتراجعت مؤسسات القطاع العام التي كانت تحل مشاكل عديدة للطبقات الدنيا السورية ولفقرائها، وتسد الحد الأدنى من حاجاتها. وفي الحالات كلها بقيت الأمور بعد المؤتمر العاشر وحتى الآن كما كانت قبله، بل تراكمت الصعوبات أمام النظام والدولة والشعب.

وزاد هذا التراكم فخلق شروطاً موضوعية لشكوى الناس، ثم نقدهم للسياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فضلاً عن نقدهم للسلطة، مما أدى في النهاية إلى انطلاق الانتفاضة الشعبية في منتصف مارس الماضي، التي ربما كان بالإمكان أن لا تحدث لو نفذت السلطة مقررات المؤتمر العاشر التي كانت يمكن أن تشكل في الواقع الخطوة الأولى على طريق الإصلاح.

يعتقد كثيرون من المراقبين في سوريا أن المؤتمر الحادي عشر سيعيد إقرار مقررات المؤتمر العاشر، بالإضافة إلى مقررات أخرى تتعلق بالأزمة السورية الحالية وبرؤية السلطة والحزب لأسلوب حلها، وطرق مواجهة الحراك الشعبي الجماهيري، وهذا ربما يقتضي سياسة داخلية جديدة، وكذلك سياسة عربية وإقليمية ودولية، بعد التطورات العاصفة التي أحاطت بالداخل السوري وبعلاقات السلطة السياسية السورية بالدول العربية والأجنبية.

كما من المتوقع تشكيل حكومة جديدة بعد انتهاء المؤتمر، وقد أشار الرئيس الأسد بخطابه قبل أسبوعين إلى أن هذه الحكومة ستضم وزراء من المعارضة كخطوة في طريق التغيير.

إلا أن تيارات المعارضة الرئيسية صرحت بأنها لن تشارك في أية حكومة. لأن الإصلاح بنظرها هو التغيير الجدي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وليس في تعيين وزراء من المعارضة، وترى أن إصلاح النظام لا يكون بزيادة عدد الوزراء المعارضين وإنما بإعادة النظر بالبنية العامة لسياسات النظام في مختلف جوانب الحياة.

=================

"مسؤولية الحماية" في سوريا

جيمس بي. رودولف

محامي أميركي مهتم بالقانون الدولي وحقوق الإنسان

ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"

تاريخ النشر: السبت 10 مارس 2012

الاتحاد

إذا ما كانت ثمة حاجة في يوم من الأيام إلى استعمال المبدأ القانوني الدولي المعروف ب"مسؤولية الحماية"، فلا شك أنها حاجة ماسة هذه الأيام في المأساة التي تتكشف فصولها تباعاً في سوريا. ذلك أن آلاف الرجال والنساء والأطفال يتعرضون بشكل ممنهج لإطلاق النار والتعذيب والقتل على أيدي قوات الحكومة السورية، وذلك في محاولة منها لقمع ما تعتبره انتفاضة خطيرة وغير شرعية ضد نظام الحكم. صحيح أن مبدأ مسؤولية الحماية، في هذه المرحلة من تطوره، ليس ركناً قانونياً قائماً بذاته، غير أن وضعه كقاعدة صاعدة في القانون الدولي بات يحظى بقبول واسع.

وبالطبع، فإن السياسيين في الولايات المتحدة وبلدان أخرى مترددون في الانخراط في جولة أخرى من التدخل العسكري. فقد جادل وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن دمبزي، يوم الأربعاء الماضي أمام لجنة القوات لمسلحة التابعة لمجلس الشيوخ، بأن أي تدخل عسكري يمكن أن يزيد من أعباء جيش أميركي يعاني أصلاً من الإجهاد، وأنه قد يؤجج الوضع بشكل كبير على الأرض في سوريا عبر إشعال حرب أهلية. وإضافة إلى ذلك، فإن سوريا تمتلك على ما يقال خمسة أضعاف ما كانت تمتلكه ليبيا من حيث الدفاعات الجوية، لذلك فإنه يمكن تفهم لماذا تربك فكرة مزيد من "الجنود على الأرض" الناسَ. غير أنه رغم هذه التحديات، فإن الواجب الأخلاقي الذي تأسس عليه مبدأ "مسؤولية الحماية" مازال يُرغم العالم على الرد والتحرك.

"مسؤولية الحماية" مفهوم جديد نسبياً في القانون الدولي، حيث يعود ظهوره لأول مرة في صيغته الجنينية إلى تصريحات أدلى بها أمين عام الأمم المتحدة السابق بطرس بطرس غالي في عام 1992. ورغم أنه انتُقد لاحقاً لعدم تحركه بخصوص الإبادة الجماعية في رواندا، إلا أن تصريحاته الأولى اعترفت بترابط النظام الدولي، بحيث أن أي فظاعة داخلية تحدث في أي مكان من العالم يمكن أن يكون لها تأثير في كل مكان: "الحروب الأهلية لم تعد أهلية، والمذابح التي تتسبب فيها لن تترك العالمَ غير مكترث بعد اليوم".

وواصل خلفه الأمين العام كوفي أنان توسيع هذا المبدأ وترسيخه من بعده.

وظهر التجسيد الحالي ل"مسؤولية الحماية" في تقرير اللجنة الدولية حول التدخل وسيادة الدول، وهي لجنة أُنشئت في 2001 تحت رعاية الحكومة الكندية، لكنها تضم أعضاء آخرين من الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكانت المشكلة المركزية المطروحة تتعلق، من جهة، بفكرة جد مترسخة هي السيادة (وهو حق يتفوق ويسمو على ما سواه من الحقوق الأخرى تقريباً) ومن جهة أخرى، الرغبة العفوية والتلقائية في التدخل باسم مجموعة محاصَرة من الناس.

وهكذا كان على التقرير أن يجد حلاً وسطاً، لكنه لم يفعل ذلك عبر قلب القانون الدولي رأساً على عقب، وإنما عبر إعادة تعريف السيادة حتى تشمل عنصر المسؤولية، أي أن السيادة مازالت تتعلق بالسيطرة الحصرية على تراب محدد، لكنها باتت اليوم تشمل أيضاً المسؤوليةَ الرئيسية للدول في حماية مواطنيها مما يسمى الفظاعات الجماعية، مثل المذابح والجرائم ضد الإنسانية. وإذا لم تستطع دولة ما أو لم ترغب في القيام بهذه المسؤولية الأساسية، فإن المبدأ التقليدي المتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول يتراجع إلى الخلف، ويصبح من مسؤولية المجتمع الدولي الرد والتحرك. ويبدأ هذا الرد بأقل التدابير "تطفلاً"، مثل الضغوط الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية. غير أنه إذا ما وُجد أن هذه التدابير غير مجدية، فإنه يمكن وينبغي استعمال تدابير أكثر شراسة، ومن ذلك استعمال القوة العسكرية.

وفي حالة سوريا، تقوم حكومة الأسد على نحو متعمد باستهداف مواطنيها بالقصف والأسلحة الرشاشة والحصار وقطع الإمدادات عن البلدات التي يُنظر إليها على أنها غير موالية للنظام. وفي حي بابا عمرو في مدينة حمص، على سبيل المثال، تحاول القوات الحكومية إزالة و"تطهير" كل أشكال المقاومة التي يأتي جزء كبير منها من مئات المنشقين العسكريين والمواطنين العاديين الذي ضاقوا ذرعاً بما يعتبرونه وحشية من قبل النظام واعتداءاته على شعبه.

وفي حالة "انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة"، فمن الواضح أن تذرع سوريا بالسيادة هو أمرٌ غير موفق وفي غير محله. لذلك، يتعين على المجتمع الدولي اليوم أن يتحمل المسؤولية التي تخلت عنها سوريا على نحو سافر، بعبارة أخرى، يتعين على مجلس الأمن الدولي، وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استعمال القوة في وجه أي تهديد للسلام أو خرق له، أن يتحرك نيابة عن شعب سوريا المحاصَر.

=================

سوريا: نقد المرحلة السابقة ومهمات المستقبل

د. نقولا زيدان

المستقبل

10-3-2012

يتساءل التقدميون العرب ودعاة التغيير وأنصار الربيع العربي بقلق مبرر ومحق، وفي اللحظة التاريخية الراهنة عن مآل الانتفاضة الشعبية السورية وهي ما زالت تقارع من دون هوادة النظام الأسدي الفاشي في دمشق. فقد انقضت حوالى السنة، وما زال النزيف مستمراً، وحمامات الدم تتصاعد على طول امتداد الساحة السورية. فبعد سقوط النظام التونسي والمصري والليبي، وإبرام التسوية اليمنية التي أنهت حكم علي عبد الله صالح، ساد اعتقاد مبالغ في التفاؤل فأقر قراءة خاطئة للمعطيات العربية والدولية في دنو سقوط النظام السوري. فالآلة العسكرية السورية، وسواعدها الأمنية والمخابراتية وما استطاع النظام دفعه الى ساحات المواجهة في المدن والأرياف الثائرة لسحق الجموع الغاضبة والمتدفقة ببسالة مثيرة للإعجاب، مكنته من استفراد كل مدينة ومنطقة، الواحدة تلو الأخرى، أضف الى ذلك أن المعارضة السورية، بمجلسها الوطني وسائر الهيئات الأخرى، ما زالت تقود الحركة الثورية تحديداً من الخارج. كما أن الجيش السوري الحر، رغم التضحيات الميدانية التي يبذلها في الداخل لم يتمكن من زعزعة كاملة للجيش الرسمي الذي دأبت الأسرة الحاكمة على امتداد أربعين سنة على تنظيمه وترتيب صفوفه وإحكام قبضة الأجهزة الأمنية عليه لتسهر على ولائه للنظام ولاء مطلقاً. وبالمقابل ما زال يسيطر على قيادة المعارضة رعيل كامل من المثقفين والمفكرين المنتمين "للانتلجنسيا" السورية في ظل غياب ملحوظ للكادرات النقابية والفلاحية، وهما العنصران البالغا الأهمية والضروريان لإدارة المعركة الداخلية. فلم نشهد اطلاقاً قيادات نقابية بارزة تحتل موقعاً قيادياً في المجلس الوطني أو سائر التنسيقيات المعارضة الأخرى، ما يضعف الثورة ويطيل أمر سقوط النظام.

ربما نكون قد استسهلنا المعركة الدائرة مع النظام، واعتقدنا خطأ بإمكانية سقوطه القريب والوشيك، وعلينا الإقرار بأن ذلك هو تقدير غير دقيق، لا بل ساهم في هذا التقدير الخاطئ حالة من الترقب والميوعة تسود الصف العربي. فالزخم الشعبي السوري الثائر على النظام ظل على الدوام وعلى امتداد شهور كاملة من الزمن يتساوق مع ضجيج إعلامي عربي لم يجد ترجمته ببلورة دعم لوجستي فعلي في داخل سوريا وعلى أرض المعركة. فالنظام السوري استطاع إحاطة نفسه وتسوير سوريا بالعديد من دول الجوار التي، إما تقدم، الدعم والعون له وتتواطأ معه في مواجهة الثورة، أو تكتفي بالزعاق الإعلامي انسجاماً مع مصالحها الإقليمية والدولية.

فالسلطة القائمة في العراق والتي هي ثمرة تفاهم أميركي إيراني والتي يُفترض بها مقارعة حزب البعث "مصدر كل الشرور" هناك، أمدت نظام دمشق بما يحتاجه من مقاتلي الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وأعادت الى النظام البعثي السوري ما كان أرسله إليها من عناصر القاعدة خلال حربي الخليج الثانية والثالثة لمقارعة الأميركيين، لا بل استمات في أروقة الجامعة العربية في الدفاع عن مواقف دمشق. كما أن نظام قوى الأمر الواقع في لبنان، علاوة على الدعم الإعلامي الرسمي والخاص ووضعه الديبلوماسية اللبنانية في خدمة نظام دمشق ما زال يقدم للسلطة هناك خدمات مصرفية واقتصادية هي بحاجة ماسة إليها للاستمرار. ولعل الموقف التركي حيال الأزمة الثورية هو المادة الأكثر إثارة للالتباس والحيرة والإحباط. فبعد التصاعد الحاد في مواقف المسؤولين الأتراك والنبرة العالية التي رافقت تهديداتهم للنظام السوري والتلويح بغير مناسبة بالتدخل العسكري، بل احتضان تركيا للمجلس الوطني السوري وقيادة الجيش السوري الحر، وإيواء النازحين السوريين، إذا بنظام أنقرة يتلهى ذات اليمين وذات اليسار تارة بملاحقة حزب العمال الكردستاني وطوراً بلعب دور الوسيط بين طهران والغرب للحؤول دون مواجهة عسكرية بينهما على خلفية نشاط طهران النووي، فتوقّف التلويح بالتدخل العسكري في سوريا وأصبح الزعماء الأتراك أشد الدعاة لتسوية سياسية للأزمة السورية. أما الأردن الذي قضت مضاجعه المطالب الشعبية المطالبة بالحد من الفساد وتصاعد تحركات الإسلاميين فأصبح همه الحفاظ على أمنه الداخلي واستقراره فجاءت مصالحته مع حماس لتعزز هذا الاستقرار.

بالطبع كان لافتاً ومؤثراً موقف بعض الدول العربية كالدعم المالي القطري السخي وتحرك الدوحة الديبلوماسي على الصعيد الدولي، بالإضافة لموقف دول التعاون الخليجي بعد طرد السفراء السوريين والمحادثات الروسية الخليجية المزمع عقدها حول الأزمة السورية بالإضافة الى الدعم المالي الليبي واستضافة تونس لمؤتمر أصدقاء الشعب السوري... إلا أن كل هذا النشاط لا يخفف عملياً من وطأة معاناة الشعب السوري ولا من مشكلات الانتفاضة. لقد أصبح جلياً، خصوصاً أمام المنعطف الدولي الراهن الذي تقف فيه روسيا والصين كلياً الى جانب النظام السوري أن ثمة إعادة قراءة عميقة وضرورية لكل جوانب المعطى السوري بما فيه المعارضة أياً كانت تلاوينها والجيش السوري الحر مهما كانت تعثراته واستخلاص الدروس من المرحلة السابقة. إن الغرب وبالأخص أميركا ليسوا في صدد لا التدخل العسكري ولا حتى تسليح المعارضة ولا لاجيش السوري الحر.

إن على الانتفاضة الثورية أن تعتمد على نفسها، وأن تعيد تنظيم صفوفها، وتوحيد معارضتها على قاعدة برنامج الحد الأدنى المرحلي، وأن تختار هي قياداتها الشعبية الدورية المجربة، وأن تنبذ الشحن الطائفي والمذهبي حتى ولو كان أمراً واقعاً مريراً، وأن تنتقل الى الداخل السوري، لأن الداخل هو المحك والمعيار ودليل الصدقية. عندها ستدرك جماهير سوريا بتجربتها الخاصة صحة الخط الثوري الجديد، فتخرج جميع المدن وكل الأرياف من قمقمها وسيسقط النظام.

=================

لماذا يدور الغرب خلسة حول الأسد؟

بول فاليلي ()

ترجمة: صلاح تقي الدين

() عن "الإندبندنت" 26 شباط 2012

المستقبل

10-3-2012

الحديث عن "تعقيد ودقة" القضية السورية أوصل المسألة إلى شلل سياسي ولن يساعد مدينة حمص.

بعض الأشخاص غير محظوظين بكل بساطة. يولدون في الأماكن الخطأ. مثل مدينة حمص السورية حيث قتل ما لا يقل عن 1770 شخصاً منذ بدء القوات الحكومية قصفها الوحشي للمدينة قبل ثلاثة أسابيع. وخلال العام الماضي بأكمله، أردت آلة القتل الخاصة بالرئيس السوري بشار الأسد في محاولة وحشية لقمع الانتفاضة المطالبة برحيل، آلاف الأشخاص "باستخفاف ومن دون شفقة" كما قالت المراسلة الحربية المخضرمة ماري كوفلين في رسالة لها من حمص قبل أن تتمكن قوات نظام الأسد من قتلها.

وأثبت الذين ولدوا في مدينة بنغازي الليبية أنهم كانوا محظوظين أكثر. حاكمهم المستبد كان العقيد معمر القذافي. وعندما أعلن عن نيته بتصفية معارضيه ومحوهم عن وجه الأرض، قرر الغرب التدخل. تولت طائرات الناتو (حلف شمال الأطلسي) قصف القوات الجوية ودبابات القذافي لمنع سقوط بنغازي وقتل سكانها. لكن الأسد في سوريا بالمقابل، يبدو أنه ينجو بجرائمه. فلنسأل أنفسنا السؤال الغبي: لماذا كان التدخل في ليبيا مقبولاً في حينه، وليس مقبولاً في سوريا اليوم؟

وقالت (وزيرة الخارجية الأميركية) هيلاري كلينتون أخيراً إن فكرة أن تكون سوريا مثل ليبيا "تشبيه خاطئ". ما الذي تملكه ليبيا وليس موجوداً في سوريا إذن؟ النفط هو الجواب الواضح. لكن هناك ما هو أكثر من ذلك. القذافي كان مغامراً مجنوناً على مدار السنوات، واكتسب عداوة كل أقرانه العرب تقريباً وجيرانه الأوروبيين إلى درجة لم يعد فيها هناك من يحزن لرحيله. لم يكن لديه فعلاً سجل لمجازر جماعية بخلاف الأسد وعائلته في سوريا، لكنه كان هدفاً سهلاً.

والأسد هو ولد أكبر في ملعب المدرسة إن صح التعبير. ولدى سوريا جيش جاهز عداده نحو ربع مليون جندي، وأسلحة كيمائية وغاز الأعصاب. كما لديها أصحاب أكبر منها في الملعب. واتصل وزيرا خارجية أكبر حليفين لها، روسيا والصين، ببعضهما بعضاً أخيراً، "لإعاة تأكيد موقفهما الموحد". وأرسل كلاهما مبعوثين إلى دمشق، كما استخدما حق النقض في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرار يدين انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الأسد، على الأرجح لأنهما لا يرغبان في أن تتدخل أي "دولة" أخرى للتدقيق في سجلهما الخاص في الشيشان والتيبت.

وروسيا هي الأكثر عناداً. فبعدما خسرت معظم حلفائها في الشرق الأوسط، تراها مصممة على الاحتفاظ بسوريا حيث لديها القاعدة البحرية الوحيدة على البحر المتوسط. وفي العام الماضي، كانت نسبة 10% من إجمالي مبيعات الأسلحة الروسية إلى الخارج التي بلغت 3.8 مليارات دولار إلى سوريا. وتبلغ قيمة الاستثمارات الروسية في البنية التحتية وقطاعات الطاقة والسياحة في سوريا سنوياً نحو 20 مليار دولار.

ثم هناك إيران. في الأسبوع الماضي وفي استفزاز متعمد، أرسلت سفينتين حربيتين عبر قناة السويس إلى المتوسط، لكي ترسوا في ميناء طرطوس السوري حيث ينهمك نحو 600 بحار روسي في إعادة تحديث القاعدة السوفياتية السابقة في الميناء. وغالباً ما يوصف الأسد بأنه معزول بسبب اتخاذ الجامعة العربية موقفاً حاسماً ضده. لكن هذا يعني نسيان إيران. وفي منطقة منقسمة بين السنة والشيعة، فإن الشيعة يهيمنون على إيران واليوم العراق، وهم ينظرون إلى الأسد على أنه حليفهم الرئيسي، وهو الممر الذي يصلون عبره إلى حزب الله في لبنان، التنظيم الشيعي المسلح الذي يرعب إسرائيل.

وهذا يفسر الشلل السياسي للغرب تجاه سوريا. ومعظم حلفاء الغرب التقليديين هم العرب السنة من المملكة السعودية مروراً بسائر دول الخليج وصولاً إلى الأردن ومصر. ومعظم الثوار السوريين من السنة. لكن كذلك هو تنظيم القاعدة. ويخشى المسؤولون الغربيون أن يضم التحالف غير المتجانس المعارض للأسد بعض القوى الجهادية وهو الخوف الذي عزّزه التصريح الأخير لرئيس تنظيم القاعدة الجديد أيمن الظواهري الذي تعهّد القتال ضد "النظام السرطاني الخبيث" للأسد. وهذا لم يساعد سكان حمص إطلاقاً.

هناك داخل الدوائر الديبلوماسية حديث لا ينتهي حول تعقيدات وظروف القضية السورية. وبمواجهة التصميم القاسي للأسد وحلفائه، نقدم أعذاراً: المعارضة السورية أضعف بكثير ومتفتتة بخلاف الثوار الليبيين. والمعارضة السورية المعروفة أكثر من غيرها، المجلس الوطني السوري، مزيج من المثقفين، الليبراليين، الناشطين، الإسلاميين والأقليات الدينية التي لا تتقاسم سوى الكراهية للأسد. وهم منقسمون حول التفاوض مع الأسد وحول طلب التدخل العسكري الأجنبي وكثير من الأمور غيرها.

إن تسليح المعارضة مبكر، حسبما تقول واشنطن، واضعة نصب أعينها كيف أنها قدمت صواريخ أرض- جو للثوار بغية طرد السوفيات من أفغانستان ثم شاهدوا كيف أن المجاهدين الطيبين تحولوا إلى طالبان سيئين تحت أنظارهم. والبريطانيون ليسوا أقل ارتباكاً: تبيّن أن أحد المحررين الرئيسيين لليبيا هو أحد الذين سلمتهم الحكومة البريطانية إلى القذافي بوصفه إرهابياً.

ثم هناك مشكلة أخرى. التمرد السوري يتفشى في كل مكان، من ضواحي عشرات المدن الكبرى إلى الأراضي المحاذية للحدود مع لبنان، الأردن وتركيا، والتي بإمكان الأسد السيطرة عليها بسهولة لكنه لا يقدر على الاحتفاظ بها. هذا جيد لكنه يعني أنه لا توجد خطوط معركة واضحة المعالم كما لا توجد مناطق واسعة تسيطر عليها المعارضة يمكن حمايتها على النمط الليبي بواسطة "مناطق حظر طيران".

وعمليات القتل التي تتم في سوريا، تنفذ في مناطق مكتظة على يد بعض القوات الخاصة المتمرسة في عمليات قمع التمرد. والطائرات الحربية الفرنسية والطائرات من دون طيار الأميركية ستكون أقل فعالية مع هذه القوات عما كانت عليه ضد القذافي. وتحمل الغارات احتمال إيقاع عدد كبير من الضحايا المدنيين كما أن طائرات الناتو ستتعرض لصواريخ مضادة روسية الصنع ومتقدمة تكنولوجياً كما من طائرات حربية روسية يقودها "مستشارون" روس على الأرجح. وقد تأخذ هذه المعركة كل أبعاد الحرب بالوكالة ليس بين الشيعة والسنة فحسب، بل بين حكومة بوتين غير الشعبية التواقة لاستعادة الدعم الشعبي في بلادها من خلال بضع ضربات ضد أهداف أميركية سهلة.

وسط ذلك يبدو مخيفاً بالنسبة للقادة الغربيين. ويخشون أن لا يكون الغضب المعنوي أساساً كافياً لسياسة خارجية جدية. من الأسهل ترك السكان في حمص يموتون في ظل أصوات عالية من الاستهجان والغضب وفرك الأيادي العاجزة من أوروبا وأميركا. لقد فعلنا ذلك من قبل في رواندا، سيربينتسا وفي مدينة حماه السورية حين ذبح والد الرئيس الأسد (الرئيس الراحل حافظ) نحو 20 ألف شخص قبل ثلاثين عاماً للأسباب نفسها لانتفاضة اليوم.

"لا يوجد من يمكنه أن يفهم كيف أن المجتمع الدولي يسمح بحدوث ذلك" هذا ما قالته ماري كوفلين بغضب قبل يوم واحد من مقتلها. يمكننا أن نسلح الثوار كما فعل الفرنسيون والقطريون في ليبيا، أو يمكننا أن نقف متفرجين إلى أن يصبح التبني السني السوري للقاعدة نبوءة محققة. وفي الحالتين يبدو أنه مهما سيحدث سيكون الأمر متأخراً بالنسبة لأهالي حمص.

العالم مليء بالأشخاص غير المحظوظين الذين لم يكن لهم فرصة اختيار أهاليهم من مقاطعة سوري البريطانية عوضاً عن أهالٍ في سوريا. وقليلون هم من يملكون فرصة اختيار المكان الذي يريدون أن يعيشوا فيه أو كما في حالة الزميلة الشجاعة ماري كوفلين، المكان الذي يريدون أن يموتوا فيه. لكن سكان حمص العاجزين لا يملكون أي خيار. إنهم غير محظوظين على الإطلاق.

=================

اربعة عناصر في خطة أنان لسوريا .. إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية

روزانا بومنصف

2012-03-10

النهار

تكتسب الزيارة المرتقبة للمبعوث المشترك للامين العام للامم المتحدة والجامعة العربية كوفي انان الى دمشق اهمية نسبية تكمل او تتكامل مع اللقاء المرتقب لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزراء الخارجية العرب في القاهرة ودون الاثنين عقبات كبيرة ليس واضحا ان كان ممكنا حلها ام لا وعلى اي قاعدة يمكن ان يتم ذلك. فهناك ما يبرر التعويل على هذا او ذاك من التحركين على قاعدة الاقتناع العام بجملة امور من بينها ان التعويل على انقلاب عسكري على النظام لم ينجح ولم تعد فرصه قائمة. ثم ان الولايات المتحدة وبناء على مواقفها المعلنة من الازمة السورية التي تطاول انقسام المعارضة او التذرع بوجود عناصر من القاعدة فيها او غياب التظاهرات المليونية متجاهلة بأن اي تظاهرة مهما ضمت في سوريا توازي مليونيات في اماكن اخرى وما الى ذلك من الحجج التي قدمتها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تسمح بمد عمر النظام السوري. في حين ان السبب الاكثر ترجيحا في اعتبارات المراقبين بات يكمن في عدم حسم اسرائيل موقفها لجهة ضرورة رحيل الرئيس بشار الاسد وسيطرة الافضلية في الرأي الاسرائيلية على اي اعتبار اخر. في حين ان لقاء لافروف مع الوزراء العرب يثير بدوره التساؤلات عن سبب هذا اللقاء خصوصا في ضوء الاتهامات التي ساقتها روسيا قبل ايام قليلة للمملكة العربية السعودية التي سبق ان انتقدت الموقف الروسي في مجلس الامن الذي حال دون تبني خريطة الطريق العربية لانتقال سلمي في سوريا. وتاليا فان الاسئلة جدية حول مغزى هذا اللقاء وما اذا كان يعبر عن استعداد روسي لاقناع النظام السوري بالدخول في تسوية سياسية ام ان لافروف يأتي من اجل تأكيد موقف بلاده.

مصادر ديبلوماسية مطلعة تكشف ان انان لا يأتي على قاعدة فراغ اي من دون مشروع او افكار في جيبه من اجل تسوية سلمية للازمة في سوريا على رغم ان تساؤلات تثار حول ماهية المهمة التي يقوم بها او الافكار التي يحملها لجهة اي افكار محتملة يحمل وهل هي الاقتراحات العربية للحل او سواها من الاقتراحات في ظل اختلاف دولي يعبر عنه رفض روسيا للمبادرة العربية للانتقال السلمي في سوريا. وهل يعني دعم روسيا قيام انان بهذه المهمة انها توافق على الافكار التي يحمل او انها تريده ان يقوم بجهد ديبلوماسي من اجل ان تفك عزلة النظام ديبلوماسيا وتدفع به الى واجهة من يمتلك الموقع الذي يمكنه من التفاوض او انه يتعين على انان ان يقنع روسيا اولا بما يحمله؟

وتتحدث المعطيات المتوافرة لدى هذه المصادرعن انه في الشق المتعلق بلقاء لافروف مع وزراء الخارجية العرب في القاهرة اليوم فان سقف الحوار مرتبط في شكل اساسي بواقع اقتناع الروس بوجهة النظر العربية تحت وطأة الاندفاع الى الخيار الاخر الذي هاجمه الروس ورفضوه وهو تلويح كل من المملكة السعودية وقطر بامكان تسليح المعارضة السورية في حال فشل الخيار السلمي. ومن المهم ان تقتنع روسيا بذلك من اجل ان تمارس ضغوطها على النظام السوري في هذا الاطار على اساس ان هذا الاخير لم يعد يقدم على اي خطوة ما لم تكن بحض من روسيا او بضغوطها كما حصل في محطات عدة في الاشهر الاخيرة او تحت غطائها السياسي. ومن المهم ان تقتنع روسيا بذلك من اجل قيامها بدورها على هذا الصعيد لتفادي المماطلة التي يمكن ان يلجأ اليها النظام السوري عبر زيارة انان الذي يمكن ان يحمله على زيارات اخرى على سبيل كسب الوقت ليس الا فضلا عن ان النظام يوحي عبر سيطرته على حي بابا عمرو في حمص انه استعاد السيطرة وباتت تتملكه نشوة احتمال النجاح في حال استطاع القيام بحملات عسكرية على مدن اخرى وربح المزيد من الوقت والارض بحيث لن يكون في مصلحته التفاوض في الوقت الراهن على اي تسوية.

في المقابل فان ما يحمله انان ينطوي على خطة تقوم على اربعة عناصر من دون ان يعني ذلك انه سيطرحها في لقائه المرتقب مع الرئيس السوري. اذ ان الامر يتوقف على ما سيجده المبعوث الدولي العربي في دمشق وما اذا كان ذلك يتصل بوجود استعداد لدى النظام لمفاوضات تؤدي الى تسوية سياسية ام ان انتصاره على بابا عمرو يفيد بعدم استعداده لذلك بحيث قد يعمد انان الى تجنب وضع ما لديه على طاولة البحث من اجل عدم حرقه على رغم ان مضمونه هو الخطة القديمة انما باضافة عنصر او بند جوهري جديد يتصل بدور الاجهزة الامنية والجيش. فالخطة تقوم على مرحلة انتقالية تتضمن في خطوطها العريضة الاتي:

- تأليف حكومة وحدة وطنية تضم الجميع كمرحلة اولى.

- اجراء انتخابات رئاسية مبكرة واجراء انتخابات نيابية مبكرة وكلا الانتخابين باشراف مراقبة دولية.

- اعادة هيكلة الاجهزة الامنية والعسكرية والتفاوض على دور للاجهزة الامنية والجيش مختلف عما يقومان به راهنا بحيث يسبق وضع هذا البند موضع التنفيذ اجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية كون هذه الاجهزة لا يمكن الركون اليها لكي تكون هي الراعية في المرحلة الانتقالية.

- تأمين تأليف لجان تعمل على المصالحة ووضع الاسس لتأمين سير المؤسسات والقضاء وفق اسس تضمن الاستمرارية وتأمين الانتقال الى المرحلة الجديدة في الوقت نفسه.

وما لم يجد انان جهوزية لذلك فان مهمته قد تكون انسانية فحسب.

=================

سوريا تقع في اللبننة؟!

راجح الخوري

2012-03-10

النهار

تراوح سوريا عند بوابة "اللبننة" وقد لا يطول الوقت لتدخل جحيم الحرب الاهلية التي يحذر منها الجميع دون ان يفعلوا شيئاً لمنعها، فاذا استمرت حال العنف والقتل على ما هي، وهي مستمرة لا بل الى تصاعد، فان "اللبننة" لن تلبث ان تضرب سوريا لزمن طويل.

منذ اندلاع الأزمة دخل الجيش السوري مثلاً الى درعا مراراً، وفي كل مرة كانت تعود الى المطالبة باسقاط النظام. وكما درعا كذلك حماه وحمص وإدلب وحلب وريف دمشق، وهذا يؤكد ان الحل العسكري الذي يسابق سلحفائية الحلول والمبادرات المقترحة، لن يتمكن من إعادة سيطرة النظام لأن سفك الدم كصعود السلم الكهربائي يقود دائماً الى فوق، فالمؤشر اليومي للقتلى ارتفع من عشرة الى مئة!

وسط هذه المأساة ومع استيقاظ الماضي المذهبي البغيض، أخذت أشباح الحرب الأهلية تحوم فوق سوريا في وقت ليس في العالم غير الترّهات الممتدة من موسكو الى واشنطن مروراً بالجامعة العربية. وهكذا مثلاً يخرج محمد أحمد الدابي من سوريا ليدخل كوفي أنان برعاية نبيل العربي المتخصص في بعثات شهود الزور، يرسلها الى سوريا تضييعاً للوقت أو توفيراً لمزيد من الوقت أمام الحل العسكري، وكل ذلك باسم الجامعة العربية المنقسمة حول تسليح المعارضة والعاجزة عن توفير ولو ضمادة لجرح ينزف في حمص.

واذا كان "الفيتو" الروسي - الصيني قد جاء مثل رش الملح في الجرح السوري، فان استخراج كوفي أنان من الاستيداع (وهو المتورط في فضائح النفط مقابل الغذاء للعراقيين) يجيء كتبنيج للغضب المتزايد أمام هول المذابح، وآخر المصابين بالهول فاليري آموس، التي خرجت من ركام حمص وهي تسأل: أين هم أهالي بابا عمرو؟!

اليوم يصل أنان الى سوريا مثقلاً بالتمنيات أو بالترّهات، وخصوصاً عندما يدعوالمعارضة الى مشاركته في البحث عن "حل يحقق طموحات الشعب" في وقت يرفع النظام وتيرة الحل العسكري كمدخل وحيد الى الإصلاح. ويقول أنان إنه سيبذل قصارى جهده للتعجيل في وقف القتل رغم معرفته ومعرفة نبيل العربي أنه غير قادر على وقف رصاصة، وهو يعارض تسليح المعارضة لأن التسليح عنده "دواء أسوأ من الداء" بما يعني ان على السوريين ان يموتوا ب"الداء" في صمت!

أي حل الآن بعد إحالة أميركا الأسد ومعاونيه الكبار على محكمة لجرائم الحرب وبعد إصرار النظام على إحالة معارضيه لملاقاة وجه ربهم؟

وعندما تعارض أميركا وأوروبا وروسيا والصين وإيران وتركيا ومصر وتونس التدخل العسكري رغم كل المذابح والمآسي، فان ذلك يشكّل وصفة دقيقة لحرب أهلية لن تحول دونها مطالبة سيرغي لافروف الحازمة والمفاجئة الأسد بوضع حد للعنف في المناطق المأهولة!

=================

عن «الإرهابيين» والحل السياسي في سوريا

ياسر الزعاترة

الدستور

10-3-2012

“الدمار هناك هائل.. ذلك الجزء من حمص دمِّر تماما وأنا أرغب بشدة في معرفة ما الذي حدث للناس الذين يعيشون في ذلك الجزء من المدينة”. كان هذا ما قالته “فاليري آموس” مسؤولة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة.

بعد مقتل أكثر من 8 آلاف شخص في المواجهات الدامية مع قوات النظام السوري وشبيحته، من بينهم مئات الأطفال والنساء، وبعد عمليات التعذيب والتدمير والترويع التي قام بها النظام منذ اندلاع الانتفاضة، يأتي من يحدثك عن “الإرهابيين” الذين يقاتلون النظام ويفرضون عليه الرد.

سفير إيران في فرنسا يتحدث عن “الإرهابيين” الذين ترسلهم بعض الدول العربية لقتال النظام السوري من أجل إفشال الحل سياسي، بينما يتحدث نائب المندوب الروسي في الأمم المتحدة عن القتال الذي يخوضه بشار الأسد ضد “إرهابيين” يدعمهم تنظيم القاعدة بينهم 15 ألف أجنبي على الأقل سوف يستولون على بلدات في أنحاء سوريا في حالة انسحاب القوات الحكومية منها”.

الشيء المؤكد أن الصراخ الإيراني الروسي لا يتجاوز “البروباغندا” السياسية التي تردد مقولات النظام السوري، فالدول العربية ليست في وارد إرسال “إرهابييها” إلى سوريا، في حين يبدو من العبث الحديث عن 15 ألف “أجنبي” يخوضون القتال ضد قوات النظام.

لكن ذلك لا يغير في حقيقة أن مسألة المقاتلين العرب ستأخذ في التصاعد بمرور الوقت إذا استمر القتال ولم يرحل نظام الأسد بهذه الطريقة أو تلك، الأمر الذي ينطبق بصورة أكبر على مسألة العسكرة التي غدت حقيقة واقعة في الصراع الدائر في سوريا.

من يعتقد أن ما جرى إلى الآن يمكن أن يبقي على الإطار السلمي للثورة السورية واهم إلى حد كبير، ومن يحملون السلاح لا ينتظرون إذنا من أحد، بل إنهم لا ينتظرون حتى الدعم أيضا، وسيقاتلون بما تيسر لهم من سلاح حتى الرمق الأخير.

عندما نتحدث عن ذلك الكم الهائل من الضحايا والمعذبين، فلا يمكن لعاقل أن يعتقد أنهم كانوا مقطوعين من الشجر؛ هم الذين ينتمون إلى أسر وعائلات، ولهم أخوة وأقارب من الطبيعي أن يحملوا السلاح انتقاما من النظام الذي ولغ في دمائهم.

الشيء المؤكد أن العسكرة كانت خيار النظام، وأن الجزء الأول منها كان نتاج اختراقات أحدثها النظام في بعض المجموعات، لكن الأكيد أيضا أن الأمر تجاوز ذلك كله إلى عسكرة واسعة النطاق عمادها المنشقون عن الجيش الذين لم يجدوا غير هذا السبيل دفاعا عن أنفسهم وعائلاتهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه بكل بساطة هو: إلى أين كان بوسع أولئك الآلاف من المقاتلين الذين هربوا من الجيش رفضا لقتل أبناء شعبهم، إلى أين كان بوسعهم أن يذهبوا، وهل يمكن أن يتحولوا إلى لاجئين يسكنون الخيام في دول الجوار؟!

الأمر الطبيعي أن يحملوا السلاح ويواصلوا القتال، كما أن من الطبيعي أن ينضم إليهم آخرون، بينما ينحاز الجمهور المعذب إليهم، ويبتعد بالتدريج عن القائلين بالانتفاضة السلمية، مع أن البعد السلمي للاحتجاجات لا يزال قائما في طول سوريا وعرضها لا ينكره غير الجاحدين الذين يريدون حشر الانتفاضة في إطار القتال المسلح تبريرا لجرائم النظام، مع أن ذلك القتال لا ينخرط فيه سوى القلة من الناس، بينما يؤيده الآخرون بتوفير الحاضنة والهتاف ضد النظام.

هنا يتبدى ذلك الهراء الذي يردده الإيرانيون والروس وبعض معارضة الداخل عن إمكانية الحل السياسي مع نظام لا خيار له سوى البقاء ولو على جثث السوريين ومقدرات بلدهم.

لقد قلنا إن الخيار الإسرائيلي المتبنى من قبل الأطراف الداعمة له في أمريكا والغرب هو تدمير البلد كي لا ينهض من جديد خلال عقود، لكن مسؤولية توفير فرص النجاح لهذا الخيار لا تقع على عاتق الشعب الثائر، ولا على من اضطروا إلى حمل السلاح دفاعا عن أنفسهم أمام آلة القتل البشعة التي تطاردهم في كل مكان.

لقد جاء دستور الأسد التافه الذي حوَّل قيادة البلاد من حزب البعث إلى شخص الرئيس ليؤكد استحالة الحل السياسي، مع إدراكنا لحقيقة أن أي دستور مهما كان لن يغير في واقع الحال شيئا في ظل سيطرة نخبة عائلية وطائفية على الجهاز العسكري والأمني في البلاد.

إن مسؤولية هذا الانفجار الذي يشهده الملف السوري، وصولا إلى ما يشبه الوضع الأفغاني هي مسؤولية النظام وحده، وإذا اعتقد أنه باجتياح حمص والمضي في برنامج القتل ينقذ نفسه فهو واهم. أما الشعب فلم يعد لديه خيار آخر، اللهم سوى المزاوجة بين دعم المقاتلين وبين استمرار الاحتجاج السلمي الذي يؤدي بدوره إلى مزيد من الضحايا، وتبعا له المزيد من الانحياز للخيار العسكري مهما بلغت كلفته.

على من يحرصون على سوريا ودورها وحضورها أن يطالبوا هذا النظام المجرم بالرحيل، وأي كلام آخر، بما فيه الحديث عن حل سياسي يبقي النظام ورئيسه هو محض انحياز للقاتل لا أكثر، فليختر كل أحد المعسكر الذي يقف فيه.

=================

البعث في سنته التاسعة والأربعين

رياض معسعس

2012-03-09

القدس العربي

في صباح الثامن من آذار/مارس 1963 استيقظنا كعادة السوريين تلك الأيام على البلاغ رقم واحد يعلن قيام 'ثورة البعث'، وكنا نحن الطلبة الصغار نسعد بسماع هذه البلاغات المتكررة التي تمنحنا إجازة مدرسية نظرا لمنع التجول. لكن سعادتنا كانت أقل هذه المرة عندما أجبرنا على ترديد شعار البعث يوميا قبل الدخول إلى صفوف الدراسة. في الثالث والعشرين من شباط من العام 1966 استيقظنا مرة أخرى على بلاغ رقم واحد وسعدنا أيضا بالتخلص من حكم البعث، ولكن سعادتنا أقل عندما اكتشفنا أنها كانت 'ثورة الرفاق على الرفاق' بعد أن طرد رجال البعث القومي، وسيطر البعث القطري. وسمعنا همسا أن هناك من يسعى لتطويف الجيش. منذئذ بتنا نسمع قرع طبول الحرب، 'لتحرير فلسطين'، فسعدنا كثيرا عندما قالوا لنا بأننا سنستحم في مياه يافا بعد التحرير.

كيف لا ووزير الدفاع حافظ الأسد يؤكد جاهزية جيشنا لخوض المعركة الفاصلة، رغم ما سمعنا همسا بأنه اغتال رفيق دربه محمد عمران في طرابلس في صراع على السلطة. في الخامس من حزيران/يونيو من ذاك العام استيقظنا على بلاغ رقم واحد يقول: 'اسقطت طائراتنا الباسلة ثلاثين طائرة من طائرات العدو، ثم خمسين، ثم سبعين'. فهللنا وكبرنا وتساءلنا:' هل طائرات العدو تسقط كالذباب لملامستها مبيدات حشرية؟' ولم تمض أيام حتى سمعنا بالفاجعة: بيان يصدر من الإذاعة السورية ويطلب من الجيش السوري الانسحاب من الجولان بعد أن احتلت اسرائيل مدينة القنيطرة ، ولم تكن قد احتلت. ورحنا نشاهد طائرات العدو تحلق فوق سماء دمشق وتمطرنا بقنابلها، أما سلاحنا الجوي فلم نره في أرض أو سماء، واندثر حلمنا بالاستحمام في مياه حيفا ودخلنا في كابوس مرعب.

في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1970 استيقظنا على بلاغ رقم واحد آخر، هذه المرة ليست انقلابا إنها ' حركة تصحيحية' أو ثورة الرفاق على رفاق الرفاق، حافظ الأسد الذي انتصر على اسرائيل في حرب حزيران (لأن إسرائيل لم تحقق أهدافها في إسقاط النظام البعثي الثوري، وإن احتلت الجولان فهذا يعد انتصارا حسب جهابذه البعث' وسمعنا همسا أنه قام بتصفية رفاق دربه وسجن صلاح جديد الذي كان قد أعاد الأسد إلى الخدمة العسكرية وقام بترفيعه من رتبة رائد إلى رتبة لواء دفعة واحدة. منذ ذلك الحين لم نعد نسمع ببلاغ رقم واحد، فعائلة الأسد وضعت يدها على الجيش والحزب. فقط بتنا نسمع همسا بإعدامات بالجملة، التعذيب في أقبية المخابرات، إمتلاء السجون بسجناء الرأي. ثم تم تشكيل سرايا الدفاع برئاسة رفعت الأسد التي كانت مهمتها إخماد أية معارضة، فدخلت في صراع مع أكثر من قوة سياسية ومنها الاخوان المسلمون. فارتكبت مجازر مروعة في سجن تدمر، وسجن درعا، وسجن صيدنايا، ثم المجزرة الكبرى في حماة في شباط/ فبراير1982. في العام 1984 سمعنا همسا أن الأخ رفعت قام بمحاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة بعد مرض أخيه، فأخرج من سورية مع ثلة من أتباعه ومع حقائب مليئة بالدولارات. ثم جاء الأخ الثاني جميل الأسد لينشيء جمعية طائفية تدعو إلى تنصير أهل السنة في مناطق الجزيرة بحجة أنهم كانوا نصيريين وأرغمتهم السلطنة العثمانية على اعتناق الإسلام السني، وباتت تصدر وثائق وشهادات طائفية لمنتسبيها، وبات جميل قائد المساء على غرار أخيه حافظ قائد المسيرة. كما شكل ميليشيات مسلحة وشبكة تهريب من قبرص إلى سورية يرأسها ابنه منذر، وسيطر على تجارة الموانيء التي كان يديرها ابنه فواز، وقد سمعنا همسا أن زوجته الثانية أمل نعمان قد دخلت في صراع مع أولاده على ثروة تقدر بأكثر من ستة مليارات دولار. في 21 كانون الثاني/ يناير من العام 1994 وبعد أن كنا نسمع همسا أن حافظ الأب يهيء بابنه باسل لوراثة الحكم من بعده، بأنه مات ' شهيدا' في حادث مروع على طريق مطار دمشق، لكن الكثير من الهمس كان يشير إلى ان الحادث كان مدبرا من الأقربين.

وكتبت صحيفة لو كانارد اونشينية الفرنسية العالية المصداقية بأن باسل ' الشهيد' كان يملك في البنوك الفرنسية فقط ستة مليارات دولار حاول الأب استردادها سريعا دون ضجيج. ثم سطع نجم الأخوال (أل مخلوف، على نسق آل طرابلسي في تونس) وبرز رجل الأعمال رامي مخلوف الذي تشير بعض المصادر أنه يدير ثورة عائلة الأسد التي تصل إلى أرقام فلكية. في العاشر من حزيران يونيو (وهو يطابق الذكرى الثالثة والثلاثين لانسحاب الجيش السوري مهزوما من الجولان) من العام الفين توفي حافظ الأسد ، وورثه بشار بعد أن عدل الدستور السوري بنصف ساعة ليتطابق وعمر طبيب العيون الشاب الذي يرى المستقبل عن بعد بعينين سليمتين. بعد إثنتي عشرة سنة من حكم طبيب ثاقب النظر تعيش سورية اليوم أكبر ثورة عرفها التاريخ، تدفع كل يوم عشرات الشهداء الذين يسقطون تحت نيران الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، وتنادي جهارا نهارا، بإسقاط النظام البعثي الأسدي، فوقت الهمس قد ولى، 'الشعب يريد إسقاط النظام'، 'الشعب يريد إعدام الرئيس'، ففي الخامس عشر من آذار يكون قد مضى عليها سنة كاملة من القتل والدمار على مرأى ومسمع العالم أجمع دون أن يحرك أحد ساكنا مع ان كل منظمات حقوق الإنسان تؤكد أنه صفة مجرم حرب تنطبق على الرئيس الطبيب.

=================

ضد التسليح: كلام حق يراد به باطل

السبت, 10 مارس 2012

فايز سارة *

الحياة

فكرة التسليح في سورية لا تقود السوريين إلا إلى مكان واحد، وهو مزيد من الدم، حيث كثير من القتلى والجرحى والمشردين، ومزيد من الدمار. وسورية التي عرفها العالم، ستتحول إلى خرائب، يتنقل بين جنباتها أصحاب الأطراف المبتورة والمشوهون وذوو الاحتياجات الخاصة، وقليل من الناس الأسوياء شكلاً والذين يعانون من آثار ما حصل، وبعض من السوريين سيبقون مدججين بالأسلحة، مهووسين بالقتل، فيما هناك آخرون هاربون منه باحثين عن أمان مفقود.

هذه الصورة البشعة لسورية وللسوريين، ستكون محصلة لمسار الدم الذي بدأ فصله الأول في إطلاق النار على المتظاهرين في درعا رداً على مطالبهم برد المظالم ووقف الاعتداءات على كرامتهم، ثم تطور الأمر في فصل لاحق إلى استخدام واسع للقوى الأمنية والعسكرية وجماعات الشبيحة بهدف إخضاع السوريين وإنهاء تظاهراتهم ووقف احتجاجاتهم، قبل أن ينخرط النظام في حرب شاملة على تجمعات سكانية كثيرة تحت شعار محاربة الارهابيين والجماعات المسلحة.

وكان من الطبيعي، وفي ظل العنف الرسمي المتصاعد، أن يذهب بعض الضحايا واليائسين والمغامرين الثائرين إلى السلاح رداً على عنف النظام وقمعه الوحشي، وساعدت في ذلك انشقاقات بعض من منتسبي الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية لأسباب إنسانية أو عقائدية أو شخصية، وتعززت هذه الاتجاهات مع الوقت ومع غياب القادة الأوائل للحراك الشعبي بسبب قتلهم أو اعتقالهم أو تهجيرهم، في وقت كان النظام ساعياً إلى عسكرة الثورة وفعالياتها، مصراً على تعزيز مبررات قمعه الدموي واستخدامه المفرط للقوة ضد المتظاهرين وحواضنهم الاجتماعية. وهكذا أخذت تتوالى تعبيرات تحول الثورة إلى صراع مسلح محدود بين النظام ومسلحين في بعض المناطق السورية، لا سيما في مدينة حمص ومحافظتها.

غير أن هذا التطور السلبي في ثورة السوريين، شهد تصاعداً في الشهرين الأخيرين نتيجة عاملين أساسيين، أولهما فشل كل المبادرات الهادفة إلى معالجة الوضع السوري سواء في المستوى الإقليمي كما حدث في مبادرة الجامعة العربية، أو في المستوى الدولي نتيجة الفيتو الروسي – الصيني في مجلس الأمن، والثاني الزيادات الكبيرة في أعداد ضحايا الأحداث من القتلى والجرحى والمعتقلين والمهجرين إلى دول الجوار بفعل توسع العمليات الأمنية العسكرية، مما زاد في انشقاقات المؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية، ووسع الدعوات إلى التسلح والعسكرة، وتعززت الدعوات الأخيرة بدخول كل من المملكة العربية السعودية وقطر وأطراف دولية أخرى مجال تسليح المعارضة في أعقاب مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي انعقد في تونس أخيراً.

لقد استغلت السلطات السورية تلك الدعوات على نحو واضح من اجل تأكيد أن ثمة تدخلات في الشؤون السورية، وان هذه التدخلات تدعم عسكرة الصراع في البلاد، بما يؤكد فكرتي المؤامرة والجماعات المسلحة، اللتين رددهما النظام والإعلام السوري كلاهما بأشكال مختلفة ومتعددة منذ بداية الأزمة في آذار (مارس) الماضي، قبل أن يتوج الأمر بشكوى السلطات السورية للأمم المتحدة في رسالة وجهتها إليها أخيراً من «وجود مجموعات مسلحة منذ بداية الأحداث تمارس قتل المواطنين الأبرياء بهدف تأجيج مشاعر المواطنين، وتحقيق كسب رخيص على المستويين الإقليمي والدولي»، وأكدت الشكوى، ان تسليح «الإرهابيين وتدريبهم سيقود إلى نتائج كارثية على المنطقة».

وكما هو واضح في موقف السلطات السورية، فإن اعتراضها على فكرة تسليح معارضيها، لا تتضمن أية إشارة إلى وقفها استخدام العنف المفرط في معالجة الأزمة، ولا طرح أية بدائل سياسية أو الاستجابة العملية لمبادرة الجامعة العربية التي كانت قد وافقت عليها من دون تحفظ في وقت سابق، مما يعني أن سياسة السلطات السورية في معارضة التسلح وتوسيع العنف سياسة عرجاء، تسير على قدم واحدة، وهي غير جدية، وتدفع بصورة عملية ليس لاستمرار العنف، بل إلى توسيعه، الأمر الذي يجعل البلاد في مسار الخراب، ويزيد من أعداد الضحايا في المرحلة المقبلة، إذا ترافقت الصراعات الداخلية مع تدخل دولي عسكري مؤكد في ما لو دخلت البلاد الحرب الداخلية.

إن معارضة التسلح تبدو مسألة ضرورية ليس من اجل الحفاظ على الطابع السلمي لثورة السوريين، وللحفاظ على البعد الإنساني والأخلاقي للثورة، بل من اجل التخفيف من حجم الضحايا البشرية والخسائر، لا سيما المادية، التي ستصيب سورية والسوريين. غير أن موقفاً كهذا ينبغي أن يرتبط بوقف قتل السوريين وبالتوجه نحو معالجة سياسية للازمة، وإلا كان الكلام في ممانعة التسلح ورفضه مجرد كلام حق يراد به باطل، كما يظهر في موقف السلطات السورية من معارضة تسليح المعارضة.

* كاتب سوري

=================

عام على الثورة السورية الأكثر صعوبةً وإدهاشاً

السبت, 10 مارس 2012

ماجد كيالي *

الحياة

فيما رفعت الثورة السورية، منذ أيامها الأولى، شعارات مثل: «الشعب السوري ما بينذلّ» و «واحد واحد الشعب السوري واحد» تأكيداً منها على المواطنة وطلب الحرية والكرامة لكل السوريين، ووحدتهم كشعب، إذا بها توصم بالطائفية وتثار حولها شبهة الانضواء في مسار صعود التيارات الإسلامية. أما شبهة المؤامرة الخارجية فأطلقت عليها منذ البداية لكأن النظام السائد ليس له داخل أساساً، وكأن سورية بلد خال من الشعب ومجرّد «جيوبولوتيكا»! وقد شهدنا أن شعب سورية صمد وحيداً، طوال عام كامل، من دون أي ظهير خارجي، وعلى خلاف الإيحاءات المخادعة والادعاءات المغرضة، في مواجهة آلة القتل والتدمير والتنكيل، عكس ما حصل في التعاطي الخارجي مع الثورات الأخرى، التي قامت في بلدان موالية للإدارات الأميركية!

هكذا فإن الثورة السورية كانت صعبة ومعقّدة جداً، ومنبع ذلك ليس قوة النظام العسكرية، فقط، ولا استعداده الهائل للبطش، فحسب، وإنما تكمن صعوبتها، أيضاً، في الآليات التي استطاع النظام عبرها السيطرة على المجالين المجتمعي والدولتي. فطوال العقود الماضية نجح النظام في إلغاء الأفراد «المواطنين» الذين جرى تغريبهم أو ترويعهم أو تنميطهم. كما استطاع احتلال الدولة، وتحويل القطاع العام المدني والعسكري إلى آلة سيطرة واستيعاب.

أما المجال المجتمعي فحال النظام دون تحوّله إلى شعب، بإبقائه عند حدود الانتماءات الأولية (المذهبية والطائفية والاثنية والعشائرية والمناطقية). وقد تمكّن النظام من كل ذلك بانتهاج سياسات «العصا والجزرة» و «فرق تسد»، وعبر إشاعة وتشريع الفساد، التي مكّنته من خلق قاعدة اجتماعية، واسعة نسبياً، مساندة له.

نعم ثمة قاعدة مثل هذه متواطئة مع النظام توهّماً منها إنها بذلك تحافظ على ريعها من الرشوة، المادية والمعنوية، بما يتيح لها نوعية عيش متميّزة، في إطار معيّن من الحرية أو الاستقلالية الشخصية؛ لكن المجرّدة من المعاني السياسية والقانونية.

وتكمن صعوبة الثورة السورية أيضاً في إنها انطلقت من نقطة الصفر، إذ كان الشعب محروماً من السياسة، بالنظر لارتفاع كلفتها عند المعارضة وخواء مضامينها عند الموالاة، ما يفسّر انطلاقها من البيئات الشعبية، ومن خارج النخب السياسية والثقافية، وإنها اندلعت نتيجة تراكم الظلم والإحباط واليأس وانعدام اليقين والغضب، وليس نتيجة مطالبات سياسية أو اقتصادية أو قانونية واضحة.

ولعلّ ما يزيد هذه الثورة صعوبة أنها جاءت عفوية، أي من دون ممهّدات سابقة، أو هياكل تنظيمية محدّدة، أو هيئات قيادية ظاهرة، وافتقدت إلى برامج سياسية واضحة، لكأنّها جاءت مجرّد تلبية لحاجة وجودية، بدليل تركيزها على أوليات الحرية والكرامة والمساواة والمشاركة السياسية، وكأن هدفها تأسيسياً بحتاً، يتوخّى التأسيس لقيامة المواطن والشعب والدولة.

لكن دخول الثورة عامها الثاني، وبعد كل ما جرى، بات يتطلّب تعيين التحديات التي ما زالت تواجهها، وضمن ذلك ضرورة إحداث نقلة نوعية في خطاباتها، إذ لم يعد كافياً الحديث عن مجرّد إسقاط النظام، مثلاً، رغم أن ذلك يشكّل كسراً لا بد منه للخروج من حال الاستعصاء التاريخية في البلد. وفي هذا الإطار ربما بات من المطلوب توضيح مآلات هذه العملية، وشكل سورية المقبلة، فهل هي، مثلاً، دولة مدنيّة للجميع أم دولة دينية؟ هل هي دولة «قومية» أم دولة لكل مواطنيها، من دون أية تمييزات اثنية أو دينية أو عقائدية؟ هل هي دولة ديموقراطية أم دولة استبدادية جديدة؟ وهل سيتأسّس النظام الجديد على إطلاق حريات المواطنين، ومساواتهم أمام القانون، وفي الحقوق والواجبات، أم عكس ذلك؟

التحدّي الآخر الذي ما زالت تواجهه هذه الثورة يتمثل بمدى قدرتها على مخاطبة وتحريك مختلف مكوّنات الشعب السوري، للخروج من كونها ما زالت تمثّل لوناً معيّناً ولو إنه يشكّل أكثرية في المجتمع. وهنا قد يمكن القول إن هذه المشكلة فرضتها الخريطة الجغرافية والبشرية للثورة، لكن مع ذلك فهذه المعضلة تفترض من المعنيين البحث عن حلّ أو عن أجوبة مناسبة لها.

أيضاً، ثمة التحدّي المتعلّق بكيفية الحفاظ على الطابع الشعبي والسلمي للثورة، لا سيما على ضوء تزايد الدعوات إلى التسلّح، وهو أمر ينبغي الحذر في التعامل معه، بالنظر إلى أكلافه وحساسيته، وتأثيره على مستقبل سورية، ووحدتها الوطنية، لا سيّما في ظروف ثورة شعبية عفوية، وتفتقد لهيكلية ولقيادة ولبرنامج.

إن تآكل الطابع الشعبي للثورة يمكن أن يفضي إلى خلق مراكز قوى، ونشوء ظواهر وسلوكيات وثقافات تغذي العنف بين أطراف المجتمع، وهو ما يمكن أن يفتح على منازعات مذهبية وطائفية واثنية تحدث تشقّقات عميقة في المجتمع، وهو وضع لا يخدم بناء مستقبل مشترك لكل السوريين، ولا قيام سورية المستقبل كدولة مدنية، لا دينية ولا عسكرية، لمواطنين أحرار متساوين.

هذا يفترض التمييز بين الدعوة إلى التسلّح والتحول إلى الانتفاضة المسلحة وبين الدفاع المشروع عن النفس، تماماً مثلما ينبغي الانتباه إلى أن الحديث عن التدخّل العسكري الخارجي شيء وطلب الحماية الدولية للمدنيين شيء آخر أيضاً.

يبقى أخيراً أن الثورة وهي تدخل عامها الثاني ما زالت من دون كيانية سياسية واضحة، ومجمع عليها. وهذا يفرض من الكيانات المعنيّة التواضع، واعتبار نفسها مجرّد كيانات موقتة، هدفها تمثيل الثورة والتعبير عنها في المرحلة الانتقالية.

وهذا التواضع يفترض من هذه الكيانات، أيضاً، عدم المبالغة بالادعاء باعتبارها بمثابة قيادة للثورة، وكممثّل شرعي وحيد للشعب، ذلك أن الثورة العفوية، والتي تفتقد للهيكلية، ليس لها قيادة محدّدة، ربما هي تفوض كياناً معيّناً بتمثيلها، لكن هذا الكيان ليس من حقّه الادّعاء بأنه بات في مكانة القيادة. وكما يجري في الواقع فإن الثورة تقود نفسها بنفسها، من خلال ناشطيها على الأرض، أما تمثيل الشعب فهذا أمر من المبكّر الادّعاء به، فضلاً عن أنه يحتاج إلى انتخابات ستأتي لاحقاً.

* كاتب فلسطيني

=================

بوتين يعامل المعارضة السورية كما عامل ثوار الشيشان!

السبت, 10 مارس 2012

سليم نصار *

الحياة

عندما وقف فلاديمير بوتين على منصّة الاحتفال ليعلن فوزه بغالبية مطلقة، تهدّج صوته فجأة، وسالت على خديه دمعتان اثارتا اهتمام المصورين والاعلاميين.

والسبب انه خلال فترة حكمه كرئيس جمهورية ورئيس حكومة، اعطى الانطباع بأنه رجل غليظ القلب مثل ستالين، يصعب عليه ذرف الدموع. لذلك اتفق المعلقون على تفسير هذه المخالفة بأنها اعتذار علني وفعل ندامة تجاه شعب حكمه طوال 16 سنة بالتزوير والترهيب. لهذا فاجأته النتيجة غير المتوقعة (64 في المئة)، خصوصاً عندما ادعى انصاره بأن موجة الصقيع وحدها مسؤولة عن سقوط دمعتين باردتين. كل هذا، لأن سلوكه الاجتماعي كان جزءاً لا يتجزأ من الاسطورة التي بناها حول ماضيه وحاضره.

ويستدل من طبيعة المغامرات الجريئة التي تعمد إظهارها في مختلف وسائل الاعلام، انه انسان بارع في أداء وظيفته منذ اختارته موسكو عميلاً لجهاز الاستخبارات (كي جي بي) في برلين الشرقية. وقام بدوره المنتظم طوال فترة الحرب الباردة. وعندما انهار الاتحاد السوفياتي، سارع بوتين الى خلع رداء الشيوعية والانضمام الى الرئيس الثمل بوريس يلتسن. ثم اقتنص فرصة التحولات، ليفاخر بمعموديته وأرثوذكسيته وصداقته لبطريرك موسكو الراحل الكسي.

في كتابها المثير للجدل، حرصت الفتاة المعارضة ماشا جيسن، على كشف الكثير من الجوانب الخفية التي ساهمت في ترسيخ حكم بوتين. وقسمت كتابها الى ثلاثة فصول تحمل عناوين مختلفة: فصل السرقات وفصل الحقارات، وفصل السموم.

وتدّعي هذه الكاتبة الروسية ان بوتين عمل على تنظيف مؤسسات الدولة من سارقي ايرادات النفط، ولكنه شخصياً استولى على نصيب كبير من ثروات الدولة، وإنما بوسائل قانونية. وفي الفصل الثالث تزعم انه قلد طرق ستالين وبيريا لتصفية خصومه ومعارضي حكمه. ولكنه استخدم سلاح السم بدل الرصاص. وهكذا قضى على النائب الليبرالي يوري ششكوشيكين وأناتولي سوبتشاك وألكسندر ليتفننكو، الذي أدت وفاته الى ازمة مع بريطانيا لأن عملية دسّ السم أُجريت في لندن.

حظي بوتين بشعبية واسعة بين الروس، في اعقاب عملية حصار مدرسة بيسلان عام 2004 التي نفذها شيشانيون وسقط خلالها 334 قتيلاً نصفهم من الاطفال. وكانت تلك الحادثة بمثابة اختبار لسلطته منذ اختاره يلتسن خلفاً له. وخاطب بوتين المواطنين بثقة وجرأة، مؤكداً ان فراغ الحكم لن يحصل في عهده. وحذر معارضيه مهدداً بأن محاولات الخروج على القانون ستجهض بحسم. وهذا ما فعله مع الانفصاليين الشيشان الذين قاموا بسلسلة تفجيرات استهدفت مؤسسات الدولة والابنية السكنية. وقد وصفهم في حينه بالارهابيين متعهداً للشعب بأنه سيلقي بهم في المرحاض.

وعندما شنت الصحف الغربية ضده حملة قاسية بسبب اعتقاله قطب النفط ميخائيل خودركوفسكي، تجاهل كلامها وقال في ذلك: «ان اللص مكانه السجن». ومع ان المعلقين ربطوا قرار الاعتقال بإصرار المتهم على خوض المعركة السياسية ضد بوتين، إلا ان المحكمة عاقبته بسبب عمليات غسل اموال والتهرب من الضرائب.

عندما تولى بوتين منصب رئاسة الحكومة، توقع المراقبون ان تقود ازدواجية الحكم الى صدام بينه وبين صنيعته السياسي الرئيس ديمتري مدفيديف. ولكنه بخلاف هذه التوقعات، لم يحدث ان تجاوز بوتين حدود سلطاته، واكتفى بممارسة هوايات ومغامرات لم يكن في مقدور صديقه رئيس الجمهورية تطبيقها.

ويستدل من الصور التي توزعها وكالات الأنباء، ان بوتين حريص على ابراز قدراته غير السياسية، بهدف التأثير في مشاعر الناس العاديين. مثال ذلك انه يهوى توزيع صور رحلات الصيد مع الوحوش البرية التي توجد في روسيا كالدب القطبي ونمر الثلوج. وفي تلك الرحلات يحب بوتين عرض عضلاته وهو يمتطي الحصان كاشفاً عن صدره العاري.

وفي احدى المرات ظهر وهو يقود غواصة نووية في اعماق بحر الشمال، كما شارك في رحلات غوص خطرة في بحيرة «البايكل» وخليج «تامانسكي» على البحر الاسود. ولم تقتصر مغامراته على قيادة الطائرات والغواصات، وانما تعدتها للمشاركة في سباقات السيارات السريعة «فورمولا واحد». كل ذلك بحيث يكسب شعبية، وتبقى صورته في أذهان الناس.

وقد سئل مرة وهو يتحدث عن رحلة تعقب الحيتان في البحار الباردة، عن الهدف من وراء هذه المخاطرات، فأجاب: الحياة كلها مخاطرة، يا صديقي!

والثابت ان هواية الاستعراض والتباهي اصبحت هواية مغرية بالنسبة الى عميل سري عاش مدة طويلة متخفياً في برلين الشرقية. ومع انه امر عام 2008 بإقفال الصحيفة التي كشفت عن علاقته العاطفية ببطلة الجمباز الينا كابيفا، الا ان إظهاره في شكل «دون جوان» زمانه، امر لم يغضب سوى زوجته الوفية ليودميلا. وقد اضطرت للخروج عن صمتها عندما علمت ان إلينا قد انضمت الى الحزب الذي يتزعمه زوجها، وانها دخلت البرلمان من طريق تشجيع بوتين ودعمه.

في مطلق الاحوال، يرى انصار بوتين ان الحكم على عهده يجب ان يكون من خلال ولايته الجديدة، كونها تمثل المعيار الصحيح الذي يحب «القيصر الاشقر» ان يختتم به حياته السياسية. خصوصاً انه دشن هذه الولاية بإرسال وزير خارجيته سيرغي لافروف الى المنطقة على امل ايجاد حلول مقبولة للأزمة السورية. ولكنه اتبع هذه المحاولة بإعلان ما سبق وذكره في مناسبة اخرى من ان الدول الغربية متهمة بالوقوف الى جانب المعارضة السورية والتخلي عن نظام بشار الأسد. ثم كرر اتهامه للغرب بتأجيج الازمة عبر المساعدة على تسليح من وصفهم ب «المتمردين» على النظام. أي انه اطلق على انصار «المجلس الوطني السوري» الوصف الذي اطلقه على انفصاليي الشيشان الذين عاقبهم بقسوة، وقدم لهم «المراحيض» كحل نهائي!

وهذا معناه ان موسكو ستعارض أي قرار يقضي بتسليح المعارضة السورية، إن كان عبر قرارات مجلس الامن ام عبر جامعة الدول العربية. وقد اعلن لافروف اثناء محادثاته في المنطقة، ان بلاده تتمسك بموقفها المبدئي الذي يساوي في المسؤولية بين السلطة والمعارضة.

وقد فسر برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري موقف روسيا، بأنه ضوء اخضر لدعم نظام بشار الأسد... وتأييد كامل لمهمة استخدام الجيش في عمليات قمع المتظاهرين. وبما ان عدد الجيش النظامي يزيد على نصف مليون جندي، مزودين بأسلحة ثقيلة استعداداً لخوض حرب مع اسرائيل... فإن عمليات سحق المعارضة ستستأنف من جديد بهدف اقناع واشنطن وحليفاتها بأن دور روسيا المعطل سيبعث من جديد.

في هذا الاطار، يمكن النظر الى الموقف الروسي تجاه النظام السوري كموقفه المؤيد للنظام الايراني. لهذا حذر الغرب من مغبة ضرب المفاعلات النووية الايرانية، خوفاً من تدفق النازحين الى المناطق المجاورة... بل خوفاً من إشعال حرب اقليمية يصعب تقدير تبعاتها.

حدث اثناء الإعداد لانتخابات الرئاسة في روسيا، ان وزع انصار بوتين منشورات تحمل خريطة الاتحاد الفيدرالي الروسي مقسماً الى 25 جزءاً، ثم اتهموا المعارضة الموالية للغرب بأنها تتآمر لتقسيم روسيا مثلما تتآمر المعارضة في الشيشان وسورية لتقسيم هذين البلدين. واعتبر بوتين في احد خطبه الانتخابية، ان المتظاهرين ضده يمثلون الطابور الخامس الموكل اليه مهمة تفكيك روسيا وتعبيد الطريق امام اجتياح قوات الناتو لها.

وعندما سأله رئيس تحرير صحيفة «التايمز» البريطانية جيمس هاردنيغ عن خلافه مع ادارة اوباما، اجابه بوتين بأن الدرع الصاروخية الاميركية تستهدف قوة الردع النووية الروسية. واعترف بأن مباحثاته مع اوباما ساعدت على انضمام موسكو الى منطمة التجارة العالمية، والى توقيع معاهدة خفض الاسلحة النووية، ولكنها لم تقنع واشنطن بتقديم ضمانات خطية لموسكو، تؤكد فيها ان نظامها الصاروخي لا يستهدف بلادنا.

يختلف المعلقون على صدقية اعلان المواقف المعادية للولايات المتحدة، وما اذا كان توقيتها مرتبطاً بانتخابات الرئاسة فقط. ويرى بعضهم ان اللهجة الحادة التي تعاطى بها الرئيس بوتين مع الدول الغربية، كانت نابعة من حاجته الى تأجيج المشاعر الراكدة. وهذا ما يفسر إصراره على تقديم دوره كمدافع عن روسيا في وجه الاعتداءات الخارجية. بل هذا ما يفسر استخدامه حق الفيتو في مجلس الامن، لأنه «لن يخون روسيا مهما بلغ عدد القتلى في سورية»!

وبناء على هذا التصور، يجد فلاديمير بوتين اوجه شبه بينه وبين بشار الأسد. ذلك ان كليهما يرى نفسه ضحية مؤامرة خارجية، كما يقول الكسندر شوميلين، الخبير في شؤون العالم العربي. وعليه تعيد الانتفاضة السورية الى اذهان الروس صورة الثورات الملونة في جورجيا وأوكرانيا.

ولكن الديبلوماسيين الروس المطلعين على تفاصيل الملف السوري، لا يصدقون نظرية المؤامرة، ويعتبرون توقيت اعلانها مجرد خطاب اعلامي يراد من ورائه استقطاب الناخبين. في حين ان الزيارة السابقة التي قام بها الى دمشق وزير الخارجية سيرغي لافروف ورئيس الاستخبارات ميخائيل فرادكوف لم تتطرق الى هذا الموضوع. وإنما تركزت على ضرورة مفاوضة المعارضة في حال تفاقمت الاوضاع الامنية، واضطرت روسيا الى نقل بشار الأسد وعائلته خارج البلاد.

يقول خبراء الاقتصاد العالمي، ان الولايات المتحدة تسعى حالياً الى زعزعة الثقة بالدولة الروسية، قبل ان تتفق مع الصين على إنشاء كتلة من دول آسيوية وشرق اوسطية يمكن ان تشكل عائقاً للتمدد الاقتصادي الغربي. صحيح ان ارتفاع اسعار النفط قد افاد روسيا وإيران... ولكن الصحيح ايضاً ان حكومة بوتين اتفقت مع الشركات على تجميد اسعار مشتقات النفط بهدف تفادي الاضرابات والاضطرابات، وبما ان التوقعات الاقتصادية في روسيا مرتبطة بالوضع السياسي والامني، فإن الدلائل الاجتماعية تشير الى احتمال ازدياد عدد التظاهرات والاحتجاجات الشعبية. ومثل هذه الاعمال ستعزز مخاوف المستثمرين وتضاعف حجم الاموال المهربة الى الخارج، والتي قدرت السنة الماضية بأكثر من 84 بليون دولار.

وفي هذا السياق، يعترف وزير المال الروسي السابق الكسي كودرين بأن الدولة في عهد الرئيس بوتين، ستضطر الى التعامل مع مشاكل اقتصادية معقدة تتطلب نفقات كبيرة من موازنة يصعب عليها تأمينها.

لهذا السبب وسواه يرى المراقبون ان بوتين استخدم السياسة لتأمين فوزه في انتخابات الرئاسة... وأن اوباما قد يستخدم الاقتصاد الروسي لزعزعة الثقة بإمراطورية وهمية يسعى بوتين الى انتشالها من تحت أنقاض الاتحاد السوفياتي.

=================

«أفغنة» سوريا!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

10-3-2012

كما حذرنا سابقا.. فكلما تأخر سقوط بشار الأسد فإن ثمن سقوطه سيكون مكلفا أكثر، فالبعض يحذر من أن تصبح سوريا مثل الصومال، لكن من يتأمل الأحداث هناك، وحجم التخاذل الدولي، سيرى أن أقرب نموذج ينتظر سوريا هو أفغانستان.

فكلما تأخر الحسم، وطالت معاناة السوريين، بتنا أقرب للنموذج الأفغاني، وقد يقول البعض إن تسليح المعارضة السورية هو ما من شأنه خلق النموذج الأفغاني، وهذا غير صحيح إطلاقا، فما جعل أفغانستان على النحو الذي أصبحت عليه لم يكن تسليح من لقبوا ب«المجاهدين»، وإنما السبب هو إهمال أفغانستان بعد دحر السوفيات الغزاة وقتها. فتجاهل المقاتلين بأفغانستان كان هو الإشكالية، وليس السبب، تجاهلهم أخرج بن لادن والظواهري وغيرهما، فعندما تكون سياسات الغرب مبنية فقط على خدمة الأجندة الانتخابية فعلينا توقع عالم مليء بالفوضى والحروب، والدليل ها هو الغرب يعود ليطلق مؤتمر الصومال بعد قرابة أكثر من عشرين عاما من تجاهلها يوم فر بيل كلينتون خوفا على نتائج الانتخابات! ولو تصرف بوش الأب بنفس منطق كلينتون لما دحر صدام حسين من الكويت!

وعليه، فإن ما يجعل سوريا أقرب للنموذج الأفغاني، في حال تأخر إسقاط الأسد، هو عدة اعتبارات، لا يمكن تجاهلها؛ فرغم أن العراق أعلن مؤخرا عدم اكتراثه بالأسد، فإن بغداد أعادت جنودا سوريين منشقين لدمشق، والدافع واضح، فإما هناك ضغط إيراني، وإما أنها الطائفية، وكلاهما واحد. وهنا مهم التذكير بتصريح مسؤول شيعي لبناني لم تسمه «رويترز» قبل أيام، حيث قال: «لا سوريا بعد الأسد». وأكيد أن هذا رأي حزب الله أيضا، حيث سيفعلون المستحيل لكي لا تكون هناك سوريا بعد الأسد، وعلى خطى العراق وحزب الله ستكون إيران. وهنا يتضح أن سوريا واقعة بين كماشتي حلفاء إيران، وعملائها! وعلى القارئ هنا بالطبع تذكر موقع إسرائيل على الخريطة!

هذا الدعم الإيراني، الشيعي، سيعني تأجيج الحس الطائفي لدى السنة بسوريا، والعراق أيضا، ولبنان، وكل المنطقة، مما يعني أننا أمام معركة طائفية، وحينها لن تكون الأوضاع بسوريا كما كانت في لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري، فهناك كانت عقلانية آل الحريري التي أرادت أن تصور تصفية والدهم على أنها اغتيال سياسي، وليس دينيا، ومثلهم فعلت السعودية، بل دفعت بهذا الاتجاه، رغم أنه معلوم أن الاغتيال كان سياسيا - طائفيا، فالحريري كان زعيم السنة بلبنان، وحليف السعودية، وأيا كانت جريمة اغتياله حماقة سياسية، إلا أن كل الوقائع تقول إن المستفيد منها هو كل من إيران، والأسد، وحزب الله.

ومن هنا، فإذا تذكرنا أيضا أن بسوريا عشائر، بعضها ضارب بجذور التاريخ والجغرافيا، سواء بالعراق، أو الأردن، وإلى السعودية، فهنا علينا أن نتيقن أنه كلما تأخر سقوط الأسد كانت التكلفة عالية، والنموذج الأقرب هو أفغانستان، مع انتظار بن لادن، وظواهري، وزرقاوي، جدد، بل وأسوأ.

الخلاصة أنه كلما تأخر سقوط الطاغية كان الثمن باهظا.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ