ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل تغير موقف روسيا بعد
اجتماع العرب مع لافروف؟ 2012-03-11 الوطن السعودية انعقدت أمس الدورة العادية لمجلس جامعة
الدول العربية على المستوى الوزاري،
حضرها وزير الخارجية الروسي سيرجي
لافروف الذي ألقى كلمة أمام المجلس كان
عنوانها الأبرز شرح الموقف الروسي
حيال سورية، والذي أعاد فيه التأكيد
على موقف دولته السابق مع محاولات
لتجميل وتبرير هذا الموقف أمام
الوزراء العرب، لافروف حاول التأكيد
على أن روسيا لا تقف مع أي طرف في سورية
ولكنها مع القانون الدولي، وهو ما دعا
الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية إلى
التشديد في كلمته على تحمل روسيا
المسؤولية الأخلاقية تجاه ما يحدث في
سورية ودعاها للتعاون مع جامعة الدول
العربية في هذا الشأن. اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة تطورات
الملف السوري اجتمعت مع لافروف زهاء
الساعتين، وخرج البيان الصحفي ليشير
إلى توصل اللجنة لاتفاق حول خمس نقاط
هي: الدعوة لوقف العنف وفتح ممرات آمنة
لإيصال المساعدات الإنسانية ودعم جهود
كوفي عنان المبعوث الدولي لسورية من
أجل إطلاق حوار سياسي ورفض التدخل
الخارجي، والأهم هو إنشاء آلية مراقبة
دولية محايدة للوضع، وهذه النقطة
الأخيرة ستشكل البوابة الأهم للتعاون
بين الطرفين. بنود هذا التفاهم رغم أنها لا ترقى
لتطلعات العرب إلا أنها بداية تفتح
الباب لإدخال روسيا ضمن منظومة تعاون
مع الجامعة العربية فيما يخص التعامل
مع الوضع في سورية، وربما هذا هو
المكسب السياسي الأهم الآن، فروسيا
ومن خلال هذا التفاهم باتت ملزمة
بالتعاون مع العرب لمعالجة الوضع
السوري، ورغم عدم تغير الموقف الروسي
إلا أن الاجتماع لم يشهد في المقابل
تعنتا روسيَّا، وإيجاد آليات للتعاون
هو بمثابة تنازل أولي من روسيا تجاه
العرب فيما يخص الموقف من سورية،
والأهم في المرحلة القادمة أن يثمر هذا
الأمر عن تغير في الموقف من جهة وضع ضغط
حقيقي على نظام بشار الأسد للالتزام
ببنود الخطة العربية. الكرة الآن في ملعب جهود المبعوث الدولي
كوفي عنان الذي زار سورية أمس والتقى
بشار الأسد، ولكن تصريحات الأسد بأنه
لا يمكن إنجاح حوار سياسي بوجود من
سماهم جماعات إرهابية هو أول بادرة
لنية النظام السوري تقويض جهود عنان في
هذا الصدد، ولأن روسيا التزمت
بالمساهمة في إنجاح جهود عنان،
فالسؤال: هل سيتغير الموقف فعلا إذا
تطلب الأمر ذلك؟ ================= خورشيد دلي الرأي العام 11-3-2012 عندما بدأت الأزمة السورية قبل نحو عام
اعتقدت تركيا أن لديها ما يكفي من
النفوذ لدى القيادة السورية لإقناعها
بإحداث إصلاحات سريعة وجذرية، وعليه
أرسلت العديد من الوفود السياسية
والأمنية وعلى رأسهم وزير الخارجية
أحمد داود أوغلو إلى دمشق لهذه الغاية،
بل وصل الأمر إلى حد أن أوغلو حمل معه
في احدى الزيارات برنامج حزب العدالة
والتنمية كوصفة للإصلاح في سورية. مع مضي الأشهر وتفاقم الأزمة سرعان ما
تحول الإلحاح التركي على الإصلاح إلى
ضغط سياسي وديبلوماسي ومن ثم توالت
التهديدات التي أطلقها اردوغان وسط
حديثه المتكرر عن الفرصة الأخيرة وعدم
السماح بتكرار ما جرى في حماه وصولا
إلى دعوته الرئيس السوري بشار الأسد
إلى التنحي على غرار ما فعله مع حسني
مبارك، لكن مسار الأزمة السورية وبحكم
تعقيداتها وتشابكها وتداخلها مع
العديد من القضايا الإقليمية والمصالح
الدولية، جعل من الدور التركي دورا
حذرا يحاول التوافق بين السعي إلى
تغيير النظام في دمشق وتجنب التداعيات
على بلاده، نظرا لأن التغيير الجاري
يطول المنطقة بأكملها، وتركيا ليست
استثناء على الرغم من تقدم تجربتها في
الممارسة الديموقراطية على الدول
العربية. الثابت أن الأزمة نقلت العلاقات السورية -
التركية إلى مرحلة شديدة التوتر بعد
سنوات من الوئام وصل إلى حد إقامة مجلس
تعاون استراتيجي وإجراء مناورات
عسكرية مشتركة للمرة الأولى في
التاريخ، فضلا عن علاقة شخصية بين
الأسد وأردوغان، طبعا كل طرف لأسبابه
وتطلعاته الخاصة، فسورية التي كانت
تعيش على وقع الاحتلال الأميركي
للعراق عام 2003 وتحبس أنفاسها بعد
اغتيال الحريري 2005 وجدت في تركيا منفذا
لفك الحصار والضغط عنها بل والتطلع إلى
علاقة مغايرة مع أميركا وسلام مع
إسرائيل عبر تركيا في حين رأت الأخيرة
في سورية جسرا لها للوصول إلى الملفات
الساخنة في المنطقة ولاسيما فلسطين
ولبنان.. وفي الوقت نفسه سوقا خصبة
لبضائعها، خصوصا وان هذا التوجه ينسجم
مع المتغيرات الداخلية في تركيا ورؤية
حزب العدالة والتنمية لخيارات تركيا
السياسية ونظرية صفر المشاكل التي
طرحها أوغلو وقبلها نظرية العمق
الاستراتيجي. اليوم من الواضح أن هذه النظريات لم يعد
لها مكان في العلاقة بين الجانبين،
فتركيا تقول ان علاقاتها مع النظام
السوري وصلت إلى مرحلة اللاعودة وان
المطلوب هو تغيير هذا النظام وكيفية
إدارة مرحلة ما بعده، وهي في سبيل ذلك
اتخذت مجموعة من الخطوات والاجراءات،
فمن جهة فرضت عقوبات على النظام
السوري، ومن جهة ثانية رعت المعارضة
السورية ولاسيما حركة الأخوان
المسلمين وهيأت الظروف لتأسيس المجلس
الوطني السوري، ومن جهة ثالثة احتضنت
الجيش السوري الحر وأقامت مخيمات
للاجئين السوريين في المنطقة الحدودية.
وعلى المستوى السياسي عملت في عدة
اتجاهات، فمن جهة نسقت مع دول الخليج
العربي والجامعة العربية لزيادة
الضغوط على النظام السوري، ومن جهة
ثانية برز ما يشبه تنسيق وتشاور تركي
أميركي بشأن كيفية إدارة الأزمة، ومن
جهة ثالثة اتجهت نحو طهران وموسكو
وبكين للتأثير على مواقفهم المؤيدة
للنظام السوري، وفي كل هذا حرصت أنقرة
على عدم الاصطدام مع النظام السوري
بشكل مباشر، نظرا لمعرفتها بالتداعيات
الكارثية على أمنها الداخلي، فهي
الدولة المجاورة لإيران والعراق
وسورية (حلفاء النظام السوري) حيث
الورقة الكردية التي تشكل قنبلة
تاريخية في الخاصرة التركية والصراع
الطائفي المضمر والقابل للتفجر هنا
وهناك، والبنية التركية بحكم ارثها
الأتاتوركي وحتى سياسة حزب العدالة
والتنمية ليست بعيدة عن مكامن
الانفجار الاجتماعي والسياسي. وعليه
ظلت تركيا تشترط إقامة منطقة أمنية
عازلة داخل الأراضي السورية بتحقيق
جملة شروط، كوحدة المعارضة السورية
ووجود موافقة عربية مسبقة على غرار ما
حصل لليبيا، وضمانات أميركية
وأوروبية، فضلا عن قرار دولي وهو غير
متوافر في ظل الفتيو الروسي والصيني في
مجلس الأمن. في الحديث عن خلفيات السياسية التركية
تجاه الأزمة السورية، ثمة تحليلات
كثيرة، فهناك من يرى ان تركيا أرادت
ركوب موجة الثورات العربية لتحقيق
جملة من الأهداف، وفي المقدمة منها
تحقيق (العثمانية الجديدة) بعد ان
أتاحت ثورات الربيع العربي الفضاء
أمامها للتحرك بقوة تجاه العالم
العربي، سواء على مستوى استثمار
التواصل مع صعود حركات الإخوان
المسلمين إلى سدة المشهد السياسي كما
حصل في مصر وتونس وليبيا حيث تدرك
تركيا ان مثل هذا المشروع لن يكتمل دون
كسر أو إنهاء المحور الممتد من طهران
إلى الضاحية الجنوبية مرورا بدمشق،
ولعل هذا ما دفع بداود أوغلو إلى
الحديث عن بدء أفول (العهد الشيعي)
وبداية عهد (الإحياء السني) بعد زيارته
الأخيرة لطهران، وهو ما دفع بالبعض إلى
الحديث عن إقامة (هلال سني) بدلا من (الهلال
الشيعي) أو على الأقل في مواجهته. فيما
يرى قسم آخر ان تركيا الحليفة
التاريخية لواشنطن ترى أن مشروع إقامة
الشرق الأوسط الكبير بات ممكنا على وقع
ثورات الربيع العربي وان القوة
التركية الناعمة قادرة على قيادة هذا
المشروع في المنطقة لأسباب كثيرة لا
يتسع المجال هنا لتعدادها، وما الحديث
عن النموذج التركي المعتدل الا هو
تجسيد لهذه الرؤية تطلعا إلى المزيد من
الدور والنفوذ الإقليمين. بين السعي التركي إلى تغيير النظام
السوري والحرص من التداعيات بدا الدور
التركي يتراوح بين صورة النمر
الإقليمي الذي يتحرك كلاعب إقليمي خطر
وبين العجز عن التحرك الحقيقي دون قرار
أميركي ودولي وهو ما وضع تركيا في
امتحان مع المصداقية والذات، وفي كل
هذا بات عامل الوقت مهما، فإذا نجح
النظام السوري في قمع الاحتجاجات على
الأرض ووضع نهاية لها على الطريقة
الإيرانية فإن الموقف التركي سيصبح
صعبا ولاسيما في الداخل، فيما إذا
انهار النظام فسيكون ذلك مكسبا كبيرا
لسياسة حزب العدالة والتنمية
وتطلعاتها تجاه العالم العربي. ================= مها بدر الدين الرأي العام 11-3-2012 في منتصف آذار (مارس) الماضي انضم الشعب
السوري إلى قافلة الشعوب العربية التي
أرادت أن تفجر ربيعاً عربياً مزهراً في
بلادهم بعد سنوات قاحلة أحرقت أخضر
البلاد قبل يابسها، وانتفض هذا الشعب
العظيم من سباته العميق الذي فرض عليه
تحت وطأة القمع السياسي والاضطهاد
الاجتماعي الذي تفنن النظام البعثي في
ابتداع طرقه وأساليبه طول أربعين سنة
من احتكاره للسلطة في سورية بدعم
إقليمي ودولي يحقق مصالح سياسية
واقتصادية ودينية للدول الداعمة في
هذه البقعة المهمة من الشرق الأوسط. ورغم معرفة الشعب السوري بطبيعة نظامه
الحاكم الهمجية وسياساته الأمنية
الإجرامية، إلا أنه فضل نار الحرية على
جنة النظام التي تخضبت بدماء أطفال
سورية وشبابها وشيابها، فانطلق ينفض
غبار الزمن الرديء عنه مستعيناً بالله
سبحانه وتعالى وهمة السوريين العالية
التي عرفوا تاريخياً بها عند مطالبتهم
بالحق والفضيلة، وكان اعتقال أطفال
درعا وتعذيبهم وقلع أظافرهم التي
شخبطوا بها على جدران مدارسهم، القشة
التي قسمت ظهر البعير الذي تحمل أعباء
الحكم العائلي خلال سنوات طوال مضت،
وما عاد يطيق صبراً على تجاوزاتهم غير
الأخلاقية التي تخطت حدود المنطق
وتجاوزت كل القيم الإنسانية والضمير
الحر. عام كامل مر على انتفاضة الشعب السوري
وثورته المباركة، تصاعدت خلاله وتيرة
الأحداث بتصاعد رد فعل النظام السوري
تجاه احتجاجات الشارع السوري ومطالبه
المشروعة والسلمية، وظهرت خلاله جميع
خيوط اللعبة السياسية التي تلعب على
الساحة السورية، كما عرف محركو هذه
الخيوط وتوجهاتهم وأهدافهم ومصالحهم
المرتبطة بالنظام السوري ودعمهم
المطلق لبقائه تحقيقاً لهذه المصالح،
كما مرت الثورة بمراحل مختلفة متغيرة
تبعا لتغير سياسة النظام في التعامل مع
هذه الثورة من جهة، وللموقف العربي
والدولي من الثورة من جهة أخرى. فقد بدأت الثورة شعبية سلمية واستمرت
سلميتها لأشهر طويلة رغم إفراط النظام
باستخدام آلته العسكرية وسقوط الآلاف
من الشهداء تحت مرأى ومسمع المجتمع
الدولي عامة، وقد راهن الشعب السوري في
ذلك الوقت بعد تأكده من استهتار النظام
بمطالبه وحقوقه وحتى أرواح أبنائه،
راهن على موقف الدول العربية شعوباً
وحكومات، وزاد الأمل بحل عربي عندما
فتحت الجامعة العربية فاهها بعد عدة
أشهر من نزيف الدم السوري، لكن تباطؤ
الجامعة في اتخاذ قرارات وخطوات عملية
وحاسمة ومنح النظام السوري المهلة تلو
الأخرى جعل هذا النظام يأمن جانب
الجامعة العربية ويرتاح عملياً لضعف
الموقف العربي عامة فيمضي في حله
العسكري الذي لا يعرف سواه منطقاً،
وكان مراقبو الجامعة الذين بعثوا
لاستكشاف حقيقة الواقع مثالاً حياً
على مستوى الأداء العربي الذي لا يرقى
لأدنى إمكانات الدول النامية، وكانت
مبادرتها اليتيمة كمن نطق كفراً بعد أن
صمت دهراً، حيث إنها استنسخت الحل
اليمني وناظرته مع الحالة السورية في
تجاهل مريب لكل نقاط الاختلاف بين
الشعبين والنظامين والظروف الإقليمية
المحيطة بكلا البلدين. وأمام فشل الحل العربي تطلعت عيون
السوريين نحو المجتمع الدولي الذي
انقسم على نفسه تجاه الأزمة السورية،
ولأن المنتصرين يقودون العالم، وقع
الشعب السوري تحت رحمة أعضاء مجلس
الأمن الدائمين التي لم تحركها سيول
الدماء السورية التي استباحها النظام
جهاراً نهاراً، ضارباً عرض الحائط
بالأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية
العمومية مستنداً بهذا على الفيتو
اللعين الذي استخدمته روسيا والصين ضد
ادانته دون مراعاة لأدنى معايير
الأخلاق الإنسانية، بحجة مبدئية
موقفهما من التدخل الخارجي في الشأن
الداخلي السوري، وأمام وابل القصف
المدفعي والصاروخي للمدن السورية
الثائرة ومناشدة الشعب السوري إغاثته
من الدمار الشامل الذي يحيط به لا تنفك
الدول الأوروبية بمطالبة المعارضة
السورية بالتوحد والتوافق مقزمة
الأزمة السورية واختزالها بالاختلاف
النظري بين أطياف هذه المعارضة التي
بدورها أثبت عدم قدرتها على مسايرة
حركة الشارع السوري من جهة، وعلى تقريب
وجهات نظر أطيافها من جهة أخرى ما أدى
إلى انحسار قوتها التمثيلية للشعب
السوري أمام المجتمع الدولي وفقدان
مصداقيتها أمام السوريين الأحرار. هذا التباطؤ في إيجاد الحل السريع للأزمة
السورية المتفاقمة بسرعة عالية، وأمام
استفحال همجية النظام السوري واصراره
على استعباد الشعب السوري والقضاء على
ثورته بقوة الحديد والنار، اضطرت
الثورة السورية التحول من الاحتجاج
السلمي إلى المطالبة بتسليح الجيش
الحر والثوار الأحرار دفاعاً عن الوطن
المستباح وإنقاذاً لمن تبقى من
الأحياء المضطهدين من الأهالي
الصامدين، ورغم مشروعية هذا التحول
وضرورته الملحة بعد أن كثرت الأيدي
الخارجية العابثة بمصير السوريين في
الداخل، وانتشرت العناصر الإيرانية
وميليشات جنوب لبنان بكثرة على
الأراضي السورية تزهق أرواح السوريين
ذبحاً انتقاماً للتاريخ البعيد، إلا
أنه يعتبر تحولاً خطيراً تختتم به
الثورة السورية عامها الأول وتبدأ
عاماً جديداً مع مطلب سوري شعبي وتوجه
عربي رسمي لدعم الجيش الحر المنشق
بالمال والعتاد، بعد أن استشرفت بعض
الدول العربية المستقبل الناري
للمنطقة العربية المعنية بالأحداث
السورية في حال استمرار النظام بنهجه
الإجرامي الدموي المدعوم إقليمياً،
هذا التحول سيغير اتجاه الثورة
السورية نحو منعطف خطير البعد وغامض
المصير، وسيبقي جميع الاحتمالات
مفتوحة لنهاية هذا الظلم البشع الواقع
على الشعب السوري الحر العظيم. ================= يوسف الكويليت الرياض 11-3-2012 وزير الخارجية
الروسي (لافروف) سمع بعد خطابه، كيف كان
الرد السعودي الحازم وبما يشبه نقضاً
لكل ما قاله، وكذلك الموقف القطري الذي
لا يختلف عن اتجاه الأمير سعود الفيصل،
على أن ما جاء من اتفاق على نقاط تعتبر
الحد الأدنى، ولكنها تأتي توافقية،
ويبدو أن الموقف العربي الذي قدرت
روسيا مدى تأثيره على سياستها ومستقبل
علاقاتها جعلها تعيد النظر بما
اعتبرته معركتها مع الطرف الأطلسي.. المخاوف أن يكون ما قدمه الوزير الروسي
غدراً ملطفاً يستطيع نقضه عند أي بادرة
عربية أو غربية - أمريكية، بحيث تفسر
النصوص، وتقتطع من سياقها لتحور
باتجاه آخر، وهو ما عرفناه بالكثير من
قرارات مجلس الأمن، لكن إذا كانت روسيا
جادة بالضغط على حكم الأسد، وساعدت
أنان في مهمته واقتنع النظام أن الدروب
الوعرة التي دخلها لابد أن تتغير، وأن
الحوار مع المعارضة الداخلية
والخارجية لن يعني أنها قبلت التسليم
من خلال فرض القوة والأمر الواقع، لأن
النظام لم يعد بشكله ومضمونه مقبولاً،
إلاّ إذا تغير جذرياً وإلاّ فالعودة
إلى الصدام الخيار الآخر والمنتظر.. الموقف العربي، وإن لم يكن منسجماً بين
أطراف وأخرى إلاّ أنه غيّر المعادلات
الدولية بما في ذلك الحكم السوري، لأنه
يعلم أن الطرف التاريخي الذي انطلق من
تونس بالتغيير، لم يكن مجرد عارض عادي،
وسوريا تحكم بأشرس نظام قمعي وطائفي،
وبالتالي فالتغيير فرصته وحتى اعتماده
على التأييد القادم من روسيا والصين،
وتحالفها مع إيران لن يدوم لأن كلفة
السير خلف نظام مرفوض من أكثريته
الشعبية، يجعل الرهان عليه خطأ
سياسياً واستراتيجياً.. المعارضة السورية منقسمة، وهذا سر ضعفها،
لكن ما جرى من حالة هستيريا النظام،
سيشكل نموذج إدارة جديدة في الداخل حيث
كسرت حواجز التراخي والخوف، وهناك
ثارات يعجز النظام وقفها طالما هو
المعتدي والقاتل، إذا لم يعد النظر
بمسلماته وسلوكه.. الصين، حتى الآن لم تأخذ بالخيارات
الجدية، بأن تفسر موقفها وفق هدف محدد،
وتعلم أن سياسة المناورة خلف روسيا، لا
تساعدها على بناء علاقات إيجابية، بل
ستكون موضع شك في سلوكها السياسي، وهي
حساسة جداً، أمام المؤثرات عليها
وخاصة من دول المنطقة التي لها مصالح
كبرى معها.. إيران تعرف أن اتجاه البوصلة تغيّر،
ومهما منحت وساعدت ووقفت مع النظام،
فالشعب أنهى ثقته بها لأن انحيازها
المبني على تحالف طوائف تتشابه
بالأهداف، لا يعطيها الميزة التي
جعلتها لاعبا داخل النظام وخارجه، بل
حتى حزب الله سيرى أن الطرق ليست سالكة
أمام غضبة شعب راهن على سلطته ودخل
معها في ذبح الشعب السوري.. الجامعة العربية واجهت الموقف بصراحة
تامة، وروسيا المعنية بكل شيء عليها أن
تفهم سياق الأحداث قبل أن تكرر أخطاءها.. ================= الثورة السورية إذ تكشف
المستور د. وائل مرزا الأحد 11/03/2012 المدينة حين نتحدث عن الثورة السورية تحديداً
فإننا نحاول ملامسة ظاهرةٍ جديدةٍ
كلياً، خاصةً إذا أخذنا بالاعتبار كل
مافيها من خصوصيات سياسية وثقافية
واجتماعية وجغرافية. ربما يطول الحديث
ويتشعّب، لكن الأمر ينتهي عند (الملامسة)
وهو أبعد مايكون عن (الإحاطة). قد يكون هذا سبباً لكثيرٍ من المشاعر
المتناقضة التي تراود السوريين وغيرهم
هذه الأيام. فمنذ عامٍ مضى من عمر
الزمان كانت سورية، بسياستها الخارجية
وأوضاعها الداخلية، كتاباً مفتوحاً
سهل القراءة. لكنها اليوم تكاد تكون
لغزاً يُحيّر الكثيرين. وإذا بحثنا عن
شيءٍ حققته هذه الثورة فقد يتمثل في
كشف كثيرٍ مما كان مستوراً في سورية
وعنها. كشفت الثورة أولاً حقيقة نظامٍ كان يملك
أكثر من وجه. فوجهٌ يدّعي الوداعة
والتحضّر، وآخر يبدي ملامح المقاومة
والممانعة، وثالث يتلبّس لبوس
المعاصرة والتقدم. أفلح النظام السوري
ماهراً في اللعب على تناقضات المنطقة
والنظام الدولي عقداً من الزمان،
واستخدم تلك الوجوه بشكلٍ متناوب، إلى
درجةٍ أصبحت فيها شعبيته بين بعض دول
المنطقة كبيرة. كان المشهد سوريالياً
بكل معنى الكلمة، لكن الكذبة كبرت حتى
أصبحت في نظر الكثيرين حقيقةً واقعة،
وصار النظام أشبه بسرطان لبس قناع
الحياة وبات وجوده طبيعياً وعادياً.
لهذا، لم يكن ممكناً كشف حجم الزيف
والتزوير والادّعاء في هذا المجال
بممارسةٍ عادية أياً كانت وفي أي ساحةٍ
جاءت. كان الأمر بحاجةٍ لثورة. وما إن أشعلها
الشعب السوري حتى سقطت الوجوه
والأقنعة، وظهرت حقيقة النظام الأصيلة
واضحةً كالشمس، بكل مافيها من ملامح
القبح والبشاعة والتشويه على جميع
المستويات. والخطير في الموضوع ليس
جانبه الأخلاقي، رغم معانيه المعبّرة،
وإنما أهميته الفائقة كتطورٍ
استراتيجيٍ إقليمي وعالمي بالغ
الأهمية، لأن لسورية دوراً حضارياً
يجب أن تلعبه وستلعبه في نهاية المطاف،
بما لها من رصيدٍ تاريخي وإمكانات
بشرية وموقع مميز في الجغرافيا
السياسية. وهذا ماكان مستحيلاً في ظل
الواقع السابق، وانفتحت أبوابه الآن
رغم كل التضحيات. كشفت الثورة السورية أيضاً، وتكشف
باضطراد، الحاجة لنظامٍ إقليمي وعالمي
سياسي مختلف. وإذا كانت الثورات في مصر
وتونس واليمن وليبيا قد وضعت هذا
النظام أمام استحقاقات جديدة، فإن
الثورة السورية أكّدت بما لايدع
مجالاً للشك الحاجة إلى بلورة نظامٍ
مغاير لايتعامل مع هذه الظاهرة بعقلية
(الاستيعاب والالتفاف). فهذه الممارسة
لم تعد كافيةً على الإطلاق. وإذا
استمرّت فإن العالم بأسره سيواجهُ
تحديات ضخمة لن يمكن مقارنة تحديات
العقد الماضي أمامها في قادم الأيام. . لكن أعظم ماكشفته الثورة السورية يتمثل
في قدرة هذا الشعب على استخراج مخزونه
الحضاري الهائل وإحداث نقلة في منظومة
القيم والمعاني، وفي القدرة على
التنسيق والابتكار والتنظيم، وعلى
استيعاب المراحل وتوزيع الأدوار، وعلى
خلق وتأمين شبكات فريدة ومتطورة
للعلاقات الاجتماعية باتت ترسم ملامح
نسيجه الوطني. لانقلل هنا من قيمة التحديات وحجمها أياً
كانت، وبعناوينها الكثيرة المعروفة.
لكن هذا لايجب أن يلهي العقلاء عن حجم
الكمون الذي أظهرته الثورة، وعن ملامح
سورية الجديدة التي سيُظهرها هذا
الكمون في آخر المطاف. لاتعدم سورية هؤلاء العقلاء، وهم كثرٌ
رغم ضجيج شرائح أخرى. لفت نظري في هذا
الإطار مقولةٌ لأحد أبطال الثورة
المجهولين من قلب حمص أنقلها بتصرف
بسيط ويقول فيما يقول فيها: «لم تعد تروقني الصورة الإعلامية التي
تصنعها وسائل الإعلام عن ثورتنا....فما
أكثر ما يخرج لنا الناطقون الإعلاميون
من هذا التجمع أو ذاك، ليندبوا حظهم
ويشكوا قلة حيلتهم..... هكذا أُخرجت الأمور كلها من سياقها
الأصلي، وتحولت قصتنا من ثوار أبطال ...إلى
شعب أعزل لا حول له ولا قوة.. وباتت
ثورتنا (مأساة إنسانية) تستحق الشفقة
والبكاء في كل نشرة، ونسينا أننا بلغنا
من القوة ما لم نبلغه طيلة عقود ماضية
.... وأن النظام بلغ من الضعف ما لا
يتصوره مرء..من يريد أن ينجح في ثورة لا
يبكي وهو يناشد العالم في التدخل ولا
يوفر مناسبة ولا منبراً إعلامياً ولا
تسمية جمعة إلا ويناشد (ضمائر وأخلاق
العالم) للتدخل… هذه ثورة ياسادة… وكل
ثورة تأتي بمصالح جديدة وتلغي مصالح
قديمة. وهذا يعني بالضرورة وقوف
الكثيرين ضد إفساد مصالحهم ودعم البعض
لأجل إرساء مصالحهم المأمولة.. (ونظام
الأسد بالذات لم ينجح سوى بربط مصالح
العالم معه)..يكفي ندباً وبكاء ورجاءً
واستجداءً.. ولنتحدث بمنطق القوة،
بمنطق الثورة، منطق من أخذ زمام
المبادرة، وصنع واحدة من أعظم الثورات
العربية.....».. كلامٌ معبّرٌ أصيل يُعبر عن روح الثورة
السورية، فالمعطيات التي لدينا تؤكد
بأن الأيام حُبلى بالكثير.. والأمور
تتقدم رغم كل المظاهر.. ومسارات
السياسة المُعلنة لاعلاقة لها في بعض
الأحيان بما يتمّ التحضير له في واقع
الأرض.. هل يعلم الكثيرون معنى أن يدخل
مراسلو الجزيرة والعربية (المناطق
المحررة) في سورية بكل حرية، وأن
ينقلوا الصورة منها؟! هذا مثالٌ
واحدٌ،والمهم ألا يتم السماح لضغط
اللحظة الراهنة أن يدخل الوهن في
النفوس ويُشيع اليأس في قلوب الناس. باختصار، دعونا نتذكر دائماً ونذكّر
الآخرين: الثورة السورية أعظم ثورات
العصر الحديث، فحذار من تقزيم صورة هذه
الثورة بأي حالٍ من الأحوال. ================= الراية القطرية التاريخ: 11 مارس 2012 تشكل الخطة الخماسية بشأن الأزمة في
سوريا التي أعلن عنها معالي رئيس
الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن
جاسم بن جبر آل ثاني ووزير الخارجية
الروسي سيرغي لافروف لتسوية الأزمة
السورية تغيرا حقيقيا في الموقف
الروسي الذي كان حتى الآن السند
الرئيسي للنظام السوري على الساحة
الدولية حيث استخدم حق النقض مرتين
خلال الشهور الأخيرة لمنع مجلس الأمن
من إدانته. إن أمام الجميع فرصة حقيقية لوقف العنف
والقتل الذي يمارسه النظام السوري ضد
شعبه من خلال تطبيق الخطة الخماسية
التي تقوم على أساس وقف العنف من أي
مصدر كان، وإيجاد آلية رقابة محايدة،
وعدم التدخل الأجنبي، وإتاحة وصول
المساعدات الإنسانية لجميع السوريين
بدون إعاقة، والدعم القوي لمهمة عنان
لإطلاق حوار بين الحكومة والمعارضة
استنادا إلى المرجعيات التي اعتمدت من
قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية
وهي قرار الجمعية العامة للأمم
المتحدة الصادر في 16 فبراير الماضي،
وخطة العمل العربية المعتمدة بتاريخ 2
نوفمبر2011، وقرارات الجامعة العربية في
22 يناير و12 فبراير الماضيين. إن أية مماطلة وتسويف من قبل النظام
السوري وعدم التزامه ببنود الخطة
الخماسية التي وافق عليها حليفه
الروسي ستؤكد أن النظام السوري لا يريد
حلا سياسيا للأزمة وأنه ماض في طريق
الخيار العسكري لإجهاض الثورة الشعبية
في سوريا ومطالبها العادلة. لقد أكد معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل
ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية
أن المسؤولية الإنسانية والأخلاقية
تحتم على الدول العربية اتخاذ خطوات
سريعة ومباشرة لحماية أبناء الشعب
السوري وتقديم المساعدات بأنواعها
للدفاع عن نفسه فهو الذي يدفع ثمن
التصعيد العسكري، مشددا في كلمته أمام
الاجتماع الوزاري للدورة العادية
لمجلس جامعة الدول العربية أنه آن
الأوان للأخذ بالمقترح الداعي بإرسال
قوات عربية ودولية إلى سوريا وإيصال
رسالة إلى النظام السوري بأن صبر
العالم "وصبرنا" قد نفد وزمن
السكوت على ممارساته قد ولى. إن ما جرى ويجري في المدن والبلدات
السورية أمام سمع العالم وبصره إبادة
ممنهجة من قبل الحكومة السورية تجب
معها محاسبة مرتكبي هذه الجرائم ضد
الإنسانية وعدم مكافأة النظام السوري
على ذلك فلا يكفي الحديث عن وقف إطلاق
النار فحسب بل وقف فوري للعنف وإطلاق
سراح آلاف المعتقلين وموافقة النظام
السوري الصريحة على المبادرة العربية
لحل الأزمة في سوريا. ================= جيمس زغبي تاريخ النشر: الأحد 11 مارس 2012 الاتحاد تواصل سوريا انحدارها البطيء نحو الهاوية
مع تصاعد العنف وتفاقم المأساة التي لا
تبدو لها نهاية في الأفق، فقد بات
واضحاً اليوم بعد عام تقريباً على
اندلاع الأحداث أنه لا أحد من الأطراف
المتصارعة هناك قادر على حسم المعركة
وتحقيق النصر، ما يؤكد في النهاية صدق
مقولة "أنه لا غالب ولا مغلوب".
وفي بلد مثل سوريا تنخره الانقسامات
العميقة تبرز مجموعة من السيناريوهات
المحتملة للوجهة التي يمكن للأزمة
الحالية أن تسلكها. والسيناريو الأول
مؤداه أن نظام الأقلية سيستمر في القمع
والسيطرة على البلاد، وهو أمر يشبه إلى
حد ما العراق في وقت سابق. والسيناريو
الثاني يذهب إلى احتمال اندلاع حرب
أهلية ممتدة مثلما جرى في لبنان. فيما
يشير السيناريو الثالث إلى احتمال
التوصل إلى هدنة بين جميع الأطراف تضمن
قدراً من التعايش المعقول في وضع يشبه
إلى حد ما الحالة اللبنانية الراهنة.
والسيناريو الرابع هو انبثاق نظام
ديمقراطي كامل مع اندماج جميع
المواطنين باختلافاتهم الدينية
والعرقية في إطار دولة القانون
والمواطنة. وإلى حد الآن، وحسب ما يبدو
من الصورة العامة، تبقى سوريا منجذبة
أكثر إلى السيناريوهين الأول والثاني،
فالنظام من ناحيته تصرف بسوء بالغ
ووحشية مفرطة عندما واجه المظاهرات
السلمية في البداية بالقمع والعنف
الأهوجين، وهذا ما زاد من تأجيج
المعارضة التي لجأت، رداً على بطش
النظام، إلى حمل السلاح واتباع منحى
عسكري واضح، وبالطبع صب ذلك في مصلحة
النظام الذي وجد من المبررات ما يكفي
لمواصلة حملته القمعية. لكن بعدما أدرك النظام أنه لا مناص من
إدخال بعض التغييرات اقترح سلسلة من
المبادرات الإصلاحية الكاذبة، ولأنها
جاءت بإملاءات فوقية وبهدف واضح هو
تعزيز سلطة النظام، فقد رُفضت
الإصلاحات من قبل المعارضة باعتبارها
خطوة متأخرة وغير كافية، أو لأنها مجرد
مناورة مكشوفة من النظام. وفي الحقيقة
أن النظام السوري يبدو طغمة عسكرية
حاكمة أكثر من كونه حكومة مدنية، فليس
حزب "البعث" الذي يدعي إدارة
الدولة سوى هيكل متحجر وفاسد تؤطره
مجموعة من الموظفين المرتعبين من بطش
الآلة العسكرية والخاضعين لليد
الأمنية الطولى للزمرة الحاكمة. أما المعارضة فهي منقسمة أيضاً وغير
فعالة وتتشكل أساساً من مجموعة من
المعارضين المقيمين في المنفى الذي
تآلفوا في إطار مجلس وطني، فيما
المعارضة الداخلية التي كانت ناشطة من
قبل مازالت تجتمع بين الفينة والأخرى
للتعبير عن آرائها في تعاون مع اللجان
التنسيقية التي تنشط في الميدان، وهي
المجموعة المسؤولة عن تنظيم السكان
والخروج في مظاهرات ونقل المعلومات
عما يجري داخل سوريا إلى العالم
الخارجي. وفي الآونة الأخيرة انضم إلى
المعارضة الداخلية الضباط والجنود
الذين انشقوا عن الجيش النظامي،
مشكلين جماعات مسلحة تحارب النظام،
مطلقة بذلك الصراع الدامي الذي تشهده
بعض الأحياء والمدن السورية. وبعد عام
على الثورة يظهر بوضوح أن النظام الذي
فقد أية شرعية لدى الشارع وقسم كبير من
السكان بسبب قمعه الوحشي للمدنيين،
مازال يحظى بتأييد بعض الفئات الأخرى
من الشعب، فيما المعارضة نفسها ليست
مستعدة بعد لتمثيل جميع أطياف الشعب
السوري، ومن هنا تبرز صعوبة الأزمة
السورية واستعصاؤها. والأسوأ من ذلك أن الأزمة السورية التي
بدأت كنوع من التدافع الداخلي بين قوى
سورية ذات رؤى متباينة تحولت مع الوقت
إلى صراع إقليمي ودولي حول سوريا بين
الشرق والغرب، وبين العرب وإيران، مع
دخول البعد الطائفي على الخط. وهكذا في
الوقت الذي حصلت فيه المعارضة على دعم
من أعضاء في الجامعة العربية ومن تركيا
والغرب، يستفيد النظام السوري من
تأييد روسيا والصين وإيران وحلفائها،
الأمر الذي يشعره بالقوة وإمكانية
الاستمرار. والمشكلة أن الأطراف
المنخرطة في هذا الصراع، أو تلك التي
تستعد للانخراط، لا تملك أي جديد تضيفه
لحل الأزمة، أو تغيير المعادلة،
فبالنسبة لأولئك الذين يقترحون تسليح
المعارضة لا يجيبون عن أسئلة جوهرية
مثل تسليح مَن؟ ولأي هدف؟ وقد سبق
لمساعد وزيرة الخارجية الأميركي جيفري
فيلتمان أن حذر خلال شهادته أمام
الكونجرس في الأسبوع الماضي من أن
تسليح المعارضة سيكون بمثابة "صب
الزيت على النار"، مشيراً إلى
التداعيات الخطيرة والدموية لذلك.
ولكن في المقابل أيضاً تجاوز النظام
السوري خط العودة ولا يمكن أبداً
الرجوع إلى ما كان عليه الوضع قبل
الثورة، كما أن مزيداً من الدعم للنظام
من قبل حلفائه يسهم من جانبه في إدامة
القتل والتنكيل. وفيما يواصل الوضع
خروجه عن السيطرة لابد من إشراف خارجي
تحتاجه الأزمة السورية، وهنا يأتي دور
الولايات المتحدة ومعها الجامعة
العربية وتركيا، مع ضرورة إشراك كل من
روسيا والصين. وفي ظل صعوبة الوصول إلى
السيناريو الرابع وتحقق أمل
الديمقراطية الكاملة يبقى الحل الأقرب
هو في التوصل أولاً إلى هدنة تقود إلى
مفاوضات تنتهي بتشكيل ترتيبات جديدة
للحكم، وهذا إلى حد الآن هو أفضل ما
يمكن الوصول إليه، بل قد يكون البديل
الوحيد عن الدخول في حرب أهلية ممتدة
تهز استقرار المنطقة. ولكن كيف يمكن
الوصول إلى هذه التسوية؟ لابد من الضغط على الأطراف المتصارعة
ودفعها إلى وقف إطلاق النار ثم الدخول
في مفاوضات تقود إلى تشكيل حكومة
انتقالية، ولأنه لا أحد سيوافق على هذا
الحل بسهولة، لا النظام ولا المعارضة،
بسبب الشعور المتواصل بإمكانية حسم
المعركة وتحقيق النصر، فإنه لابد من
الضغط الخارجي، وهنا يتعين على
الجميع، الروس والأميركان، أن يدركوا
أن استمرار الأزمة يهدد الأمن
الإقليمي، ولعل البداية الجدية لهذا
التفاهم هو اللقاء المرتقب خلال
الأسبوع الجاري بين الجامعة العربية
والروس الذي ينبغي أن يتم فيه التوافق
على دعم الحل السلمي بأن يضغط كل طرف
على حلفائه داخل سوريا -الروس على
النظام والجامعة العربية على المعارضة-
وذلك حتى لا يتضخم الصراع ويحرق سوريا
والجوار. ================= علي حماده 2012-03-11 النهار كان الاجتماع العلني الذي عقد البارحة في
مقر جامعة الدول العربية في القاهرة
وضم وزراء خارجية العرب الى وزير
الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من
اللقاءات الديبلوماسية التي ستدخل في
كتب تاريخ الديبلوماسية، اذ انبرت
المجموعة العربية في سابقة لم تحصل
قبلا، مقارعة احدى الدول العظمى في
لقاء علني متلفز، وظهرت قوة الدفع
الديبلوماسي لدول مجلس التعاون
الخليجي عبر مداخلة كل من رئيس الوزراء
القطري الشيخ حمد بن جاسم ووزير
الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل
مما شكل موقفا عربيا حاسما لجهة ادانة
النظام في سوريا الذي يقتل شعبه،
ولاسيما بعدما أتى اسقاط مشروع القرار
العربي الاخير في مجلس الامن ب"الفيتو"
الروسي- الصيني المشترك ليمنح بشّار
الاسد رخصة للقتل المنهجي في حق الشعب
الاعزل. وقد شرح حمد بن جاسم ما يسمى"العصابات
المسلحة" المزعومة، أن النظام بقي
يقتل السوريين بالآلاف ولتسعة اشهر
متتالية الى ان بدأت انشقاقات في الجيش
وبدأ الناس ينظمون صفوفهم للدفاع عن
انفسهم. وهذا بالتحديد حق مقدس، اي ان
يدافع الانسان عن حياته وحياة اهله بكل
الوسائل المتاحة امامه. ماذا عن بشار الذي ورث الحكم عن أبيه،
وكأن سوريا بأهلها ملك لشخص وعائلة،
فصار اليوم في عرف العالم قاتل الاطفال
الذي وجب اخراجه من الحكم وجره الى
المحاكم الدولية وإنقاذ سوريا بأهلها
من براثن طغمة مافيوية ما عرفت سوى حشر
السوريين في سجن كبير على مدى أربعة
عقود متتالية؟ في كل الاحوال، كان اللقاء العربي -
الروسي مناسبة ثمينة بعلنيتها، اذ قيل
للافروف ما كان يجب أن يقال، وخصوصا
تشديد سعود الفيصل على الاثر
الدراماتيكي ل"الفيتو" الروسي
على حياة الشعب السوري. خرج اللقاء بخمس نقاط تشكل حلا وسطاً بين
الموقفين وتركز على وقف "العنف"
ودعم مهمة كوفي أنان، ولكن الاهم هو ما
قيل بلسان حمد بن جاسم عاكسا موقفا
عربيا شبه جامع يقضي بالعمل على إرسال
قوات عربية ودولية الى سوريا، وما قيل
بلسان سعود الفيصل عن وجوب دعم
المعارضة السورية وتسليحها. فنقاط
التوافق العربية - الروسية تبدو أشبه
بمناورة من الطرفين لكسب الوقت. فبشار
لن يتنحى، والسوريون لن يقبلوا بأقل من
اسقاط النظام نهائيا مهما كلّف الامر.
ومن جهة أخرى، فإن ما قام به بشار من
تدمير وجرائم ترقى الى مستوى الجرائم
ضد الانسانية حسب مفوضة الشؤون
الانسانية في الامم المتحدة نافي
بيلاي، يجعل من المستحيل بمكان ان يعود
بشار والبطانة الى حكم البلاد،
فالسوريون يعتبرونهم اسرائيليي
الداخل، وسيقاتلونهم حتى النهاية. المرحلة المقبلة هي لتسليح الجيش السوري
الحرّ، وتعميق عزلة النظام، وعزل
الموقف الروسي الذي وما زال موقفا
لأوليغارشية موسكوبية تناصر حالة
مافيوية سورية، وبالتالي فإن روسيا
تستحق أن تواجه عربيا لتخليص سوريا
والسوريين منها اسوة ببشار. ================= ما أقل الثورات وما أكثر
الخيبات! الأحد، 11 آذار 2012 00:55 د. فيصل القاسم السبيل كثيراً ما نسمع المقولة الشهيرة: "إنّ
من ينجز نصف ثورة كمن يحفر قبره بيديه"،
وغالباً ما يسوقون تلك المقولة
للتأكيد على أنّ الثورات التي تندلع
يجب أن لا تتوقف أبداً حتى تنجز كامل
أهدافها، لأن الثورة، برأي المناضل
التاريخي الشهير تشي جيفارا "كالدراجة،
إذا توقّفت سقطت". لكن ليس صحيحاً
أيضاً أنّ كل الثورات تنتهي
بالانتصار، حتى لو استمرت لسنوات
وسنوات، فهناك الكثير من الثورات
العربية التي فشلت رغم التضحيات
الكبيرة التي قدّمتها قرباناً من أجل
التحرر من الظلم والطغيان، فالنضال
الثوري لا يحقق مبتغاه في أحيان كثيرة
لسبب أو لآخر. وبالرغم من إطلاق الرئيس
الأميركي باراك أوباما صفة "الربيع
العربي" على الثورات العربية، إلاّ
أنّ الربيع لم يزهر بشكل طبيعي عملياً
إلاّ في بلدين عربيين فقط لا غير، ألا
وهما تونس ومصر لأسباب لم تتوفر في
بقية الدول العربية كاليمن وليبيا
وسوريا والبحرين. وبالتالي علينا أن
نسلم، بناء على النتائج المختلفة التي
خلّفتها الثورات العربية، بأنّ الرياح
قد تجري بما لا تشتهيه سفن الثوار في
كثير من الأحيان. ولنا في التاريخ
الحديث العديد من الأمثلة التي لا
نسوقها هنا لتحبيط وتثبيط الهمم، بل
لأخذ العبرة من تجارب الماضي التي
انتهت نهايات مأساوية فاشلة. لماذا نسينا أو تناسينا أنّ الشعب
الجزائري قام على مدى عقد التسعينيات
من القرن الماضي بثورة شعبية عظيمة من
أجل التحرر من ربقة جنرالات القتل
والظلم والفساد والإفساد الذين حوّلوا
البلاد إلى ما يشبه المزرعة الخاصة.
كلّنا يتذكّر كيف بدأت الثورة
الجزائرية سلمية نتيجة انقلاب النظام
الحاكم وقتها على نتائج الانتخابات
التي فاز فيها الإسلاميون بشكل ساحق،
فما كان من الإسلاميين ومعهم غالبية
الشعب الجزائري إلاّ أن هبّوا هبّة رجل
واحد ليس للمطالبة فقط بإقرار
النتائج، بل للتخلص من نظام الطغيان
العسكري الذي حكمهم منذ الاستقلال. وقد
استطاع الشعب الجزائري الثائر وقتها
أن ينتصر في الشوارع لفترة من الزمن،
لكن سرعان ما استعادت المؤسسة
العسكرية الحاكمة زمام المبادرة،
وراحت تضرب الثورة في الصميم لتحوّلها
بعد عشر سنوات إلى هباء منثور، خاصة
وأنّه كلما طال أمد الثورة ضاق الشعب
ذرعاً بها وبنتائجها الوخيمة على
حياته اجتماعياً واقتصادياً. عندما رأى جنرالات الجزائر أنّ الثورة
يمكن أن تهدد عرينهم فعلاً، بدؤوا
يلجؤون إلى كل الأساليب القذرة لتفريغ
الثورة من محتواها وتصويرها في عيون
الشعب إلى عمل إرهابي، وذلك من خلال
تحويلها إلى سلسلة من أعمال العنف
والتفجيرات. وكي يضربوا الحركة
الإسلامية ذات الشعبية العالية وقتها
خلقوا جماعات إسلامية أخرى واخترقوها
استخباراتياً وجعلوها تعيث دماراً
وخراباً في البلاد، وذلك كي يجعلوا
الشعب المتعاطف مع الإسلاميين
الثائرين يكفر بالثورة. ويشير باحثون
جزائريون من خلال كتب كثيرة، وخاصة
كتاب "سنوات الدم في الجزائر" إلى
أنّ الاستخبارات والجيش الجزائري كان
يعمل مع جماعات الإرهاب على تفجير
الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية،
ثم يلصق التهمة بالثوار كي يفشل ثورتهم
ويؤلب الشعب عليهم، وقد نجحت المؤسسة
الحاكمة في إخماد الثورة الشعبية بكل
الوسائل والطرق القذرة، خاصة وأنّ
الغرب لم يكن في ذلك الوقت يحبّذ وصول
الإسلاميين إلى السلطة حتى عن طريق
صناديق الاقتراع. وتم الالتفاف على
الانتفاضة الشعبية بإصلاحات هزيلة
للغاية لم تمس جوهر المطالب التي رفعها
الجزائريون في ثورتهم، لا بل إنّ
النظام الجزائري استطاع أن يغيّر وجه
الثورة الشعبية التي استمرت عقداً
كاملاً وراح ضحيتها أكثر من مئتي ألف
قتيل ومئات ألوف المفقودين والمشردين
إلى ما سماها ب"العشرية السوداء"،
وذلك إمعاناً في تشويه الثورة وإحباط
الثوار. ولو نظرنا إلى ما حققته الثورة
الجزائرية لوجدنا أنّها لم تحقق
شيئاً، فجنرالات الأرز والقمح والنفط
ما زالوا يحكمون قبضتهم على الحياة
السياسية والأمنية في البلاد حتى هذه
اللحظة. وفي نفس الفترة التي انطلقت فيها الثورة
الجزائرية، هبّ الشعب العراقي في
انتفاضة عارمة شملت وقتها أربع عشرة
محافظة من أصل ثمان عشرة محافظة
عراقية، وقد استطاع الثوار العراقيون
وقتها إسقاط الحكم المحلي في معظم
المحافظات، لكن نظام الرئيس صدام حسين
وقتها استطاع بقوته العسكرية الضاربة
أن يقضي على الثورة بارتكاب مجازر يندى
لها الجبين لوحشيتها وهمجيتها. وقد
تحجج النظام وقتها بأنّها لم تكن ثورة
شعبية بقدر ما كانت حركة دعمتها إيران،
وهذا طبعاً كلام فارغ، فكل الأنظمة
تحاول تشويه الثورات التي تقوم ضدها
وتصوّرها على أنّها مؤامرات خارجية.
ويروي بعض العراقيين الذين شاركوا في
ثورة 1991 أنّهم كانوا يقفزون فوق الجثث
واللحوم البشرية المتناثرة على الطرق
والشوارع كي يتجنّبوا الدوس عليها. ولا
ننس أنّ الأمريكان وقتها غضّوا الطرف
عن قمع النظام العراقي للثورة، لا بل
كانوا يسهلون الأجواء للطائرات
العراقية كي تقصف الثوار. وبعد تمكّنه
من إخماد الثورة الشعبية على نظامه،
حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين
لمدة ثلاثة عشر عاماً حتى أزاحه
الأمريكان بغزو عسكري كبير عام 2003. وقبل سنوات فقط ثار إقليم دارفور في
السودان للمطالبة بحقوقه المهضومة
والمساواة مع بقية أرجاء البلاد، فما
كان من النظام السوداني إلاّ أن جنّد
جيشه وشبّيحته المعروفين بالجنجاويد
كي يعيثوا قتلاً ودماراً في دارفور،
فأحرقوا مئات القرى وقتلوا مئات
الألوف من المدنيين، وبقي النظام
السوداني في الحكم حتى هذه اللحظة،
والعقاب الوحيد الذي تلقّاه من الأسرة
الدولية اتهامه بارتكاب جرائم بحق
الإنسانية، مما جعل محكمة الجنايات
الدولية تلاحقه دولياً. لكن مع ذلك،
فلم يعرها البشير أيّ اهتمام، بدليل
أنّه يجوب العالم رغماً عن أنف المحكمة
والأمم المتحدة. بعبارة أخرى، فإنّ أيّ نظام يستطيع أن
يواجه الشعب فيما لو ثار ضده، وذلك
بتسليط جيشه وأجهزة أمنه عليه بسهولة
فائقة ويقضي على ثورته. ولولا تدخل حلف
الناتو في ليبيا لكان القذافي حاكماً
حتى الآن حتى لو على أنقاض المدن
الليبية. بعبارة أخرى، فإنّ الذي حرر
ليبيا من الطغيان ليس ثوار الأرض، بل
طائرات الأطلسي التي لولاها لسحقت
قوات القذافي الثوار ودمرت المدن فوق
رؤوسهم. وبالرغم من أنّ الثورة السورية امتدت من
أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال إلاّ
أنّها بعد عام على اندلاعها ما زالت
تراوح مكانها، لأن النظام في سوريا،
كما في ليبيا، قرر استخدام كامل قوته
العسكرية والأمنية لإخمادها. ولو ظل
الأمر على حاله في سوريا لأصبح مصير
الثورة السورية كمصير الثورتين
الجزائرية والعراقية، فالثورات
السلمية لا يمكن أن تنجح في بلدان قرر
حكامها البقاء في السلطة حتى على جماجم
الشعب. طبعاً لا نقول هذا الكلام كدعوة
للتدخل الدولي في سوريا، معاذ الله،
فالغرب ليس جمعيات خيرية، وكل شيء
بثمنه. وكل ما يتمنّاه المرء لسوريا أن
تنتهي أزمتها على الأقل على الطريقة
اليمنية بأقل الخسائر، مع العلم أنّ
الثورة اليمنية دخلت التاريخ ليس
كثورة حقيقية، بل كصفقة مفضوحة بدليل
أنّ الرئيس الجديد فاز ب99 فاصلة 98 من
أصوات الشعب، أيّ أنّ حليمة عادت إلى
عادتها القديمة، وكأنّك يا بو زيد ما
غزيت. ومع ذلك نقول مجبرين: "لم لا،
فما لا يدرك كله لا يترك جلّه". أكرر ثانية أنّ الكلام أعلاه ليس لتثبيط
الهمم، بل للتحذير والتنبيه وأخذ
العبر من تجارب الماضي، فما أكثر العبر
وما أقل الاعتبار! ================= الشارع الأردني والثورة
السورية... محمد حسن التل الدستور 11-3-2012 تقترب الثورة السورية من نهاية عامها
الأول، في مسيرة اقترنت بالدم والقتل
والتشريد والدمار، من قبل نظام يرفض
الحوار مع شعبه، أو بالأحرى، هو لا
يعترف بإنسانية هذا الشعب، وحقه في
الحياة الكريمة، ويقوم باللعب على
جراح هذا الشعب، من خلال حركات تجميلية
لوجه بشع، كإصدار دستور جديد مُتردٍّ،
وعفو عام صوري، وإجراء استفتاءات تحت
وقع القتل ولهيب النار. بأبي ذلك الطفل الذي صرخ منذ يومين في
شوارع حمص، والتقطته شاشات الفضائيات
وهو يقول بأعلى صوته: (ميشااااااان
الله ارحمونا)، وهو بذلك يخاطب أمَّته
والعالم، وكأني به يقرعهم على صمتهم
المشبوه إزاء ما يحدث لأهل الشام، وقد
فقد أهله جراء القصف المجنون على حمص،
وشقيقاتها على باقي الأرض السورية،
التي ما كانت يوماً إلا ملجأ لأمَّتها،
قبل أن تُبتلى بنظام لا يعترف بحرية
ولا بكرامة ولا بعدل ولا مساواة. منذ أكثر من شهر، يلاحظ المراقب ارتفاع
وتيرة القتل والتدمير من قبل النظام في
دمشق، وكأنه يشعر أن نهايته اقتربت،
فيريد أن ينتقم من السوريين بأبشع صورة
ممكنة عقاباً لهم على خروجهم عليه! ومع تصاعد وتيرة القتل في سورية تتصاعد
حدَّة التعاطف مع الشعب السوري
المنكوب بنظامه، وبالذات في شارعنا
الأردني، الذي باتت غالبيته العظمى
تقف موقفاً واضحاً إزاء ما يجري على
أرض الشام، رفضاً للمذابح التي يتعرض
لها الأشقاء السوريون، وعمليات
الإعدام التي لا تفرِّق بين كبير أو
صغير أو رجل أو إمرأة، وما حدث في مسيرة
الجمعة الماضية، أحد الأدلة الواضحة
على موقف الشعب الأردني، ضد المجازر
التي تُرتكب بحق شعب عربي مسلم أعزل،
من قبل طغمة لا تعرف معنى إنسانية
الشعوب، وحقها في الحياة والعدل
والحرية. ولا شكّ أن المجموعات التي كانت تؤيد نظام
الأسد، أصبحت بتراجع كبير أمام الضغط
الشعبي المتعاظم عاطفة وموقفا مع
الشعب السوري الشقيق. وقد انقسمت هذه المجموعات منذ البداية
إلى قسمين، الأول أولئك المرتبطون
بمصالح مع دوائر النظام السوري،
والثاني أولئك الذين يعتبرون نظام
الأسد نظام ممانعة ومقاومة، وهنا لا
نفهم كيف استطاع هذا النظام اقناع
هؤلاء بأنه نظام مقاومة وممانعة؟
فبجردة حساب صغيرة وبسيطة، يتبيّن
للمراقب أن هذا النظام لم يكن يوماً
نظام ممانعة ومقاومة، فكيف يكون
ممانعاً وقد كان أول الذاهبين إلى حفر
الباطن؟ وكيف يكون مقاوماً، وقد كان
أيضاً أول الذاهبين إلى مدريد وإلى
واشنطن (لقاءات الشرع وباراك) إبان
إدارة كلينتون للبيت الأبيض؟ وقبل
اندلاع الثورة الشعبية في سوريا بمدة
قصيرة كان يفاوض الإسرائيليين في
أنقرة. أما قصة المقاومة، فقد وقف النظام السوري
مع حزب الله الذي يرفع «يافطة المقاومة»،
من منظور مصلحي وربما مذهبي، ليزيد
عبثه في الوضع اللبناني، وأما احتضانه
للقيادات الفلسطينية المعارضة للسلطة
الوطنية، فقد كان أيضاً من باب مصلحته،
ومن باب زيادة أوراق اللعب في يده، وفي
أول المنعطف الذي شكلته الثورة
الشعبية في سوريا، كشف عن وجهه وطالب
هذه القيادات بموقف واضح إلى جانبه،
الأمر الذي أوجد القطيعة بين الطرفين. نعتقد جازمين أن من يبرر جرائم النظام في
سوريا، ربما لا تقلُّ جريمته عن جريمة
هذا النظام، فالسكوت عن الدم جريمة،
ليس فقط من الناحية الشرعية، بل جريمة
بحق القومية، وكل الأعراف الإنسانية. السوريون لا يطلبون المستحيل، فهم
يطالبون بحقوقهم في الحرية والكرامة
والتعددية، وهذه أمور مشروعة بكل
القيم السماوية والوضعية. إذا كان نظام الأسد يدعي أنه على رأس نظام
مقاومة وممانعة، ألا يتفق ذلك أيضاً مع
وجوب قيامه باحترام شعبه بمطالبته
بحقوقه المشروعة؟! من يدعي أنه مقاوم
وممانع، عليه أن يغرس قبل أي شيء في
شعبه قيم العدالة والحرية، حتى يستطيع
هذا الشعب الوقوف خلفه في مشروعه، ولكن
ما يحدث في سوريا، لا يشير من قريب أو
من بعيد إلى صدقية ادعاء هذا النظام،
الذي عاث في الشام من حلب إلى درعا
قتلاً وتدميراً وتشريداً. القائمون على النظام في دمشق، يراهنون
على جزء من الموقف الدولي الداعم لهم،
والمتمثل في الصين وروسيا وإيران،
وهذه الدول تخاطب مصالحها في مواقفها،
لا أكثر ولا أقل، فروسيا والصين
تتصارعان مع أميركا والغرب صراع
إرادات في منطقتنا، وهما تعلمان
ومقتنعتان مرحليا، وخصوصاً روسيا، أن
استمرار وجود نظام الأسد يخدم
مصالحهما في هذا الصراع، وفي السياسة
لا يوجد مواقف ثابتة، وما حدث للموقف
الروسي في العراق دليل على ذلك. الروس يقولون ان موقفهم مما يحدث في سوريا
ليس وقوفا مع النظام هناك، بمقدار ما
هو احترام للقانون الدولي بعدم التدخل
في شؤون الدول الداخلية.. وهنا نقول
للروس اين كان هذا الموقف باحترام
القانون الدولي مما حدث في العراق،
وحينما اجتاحوا هم افغانستان، وحينما
دمروا جمهوريات البلقان المسلمة.. واين
هم من القانون الدولي مما ترتكبه
اسرائيل من مجازر في فلسطين. أما إيران فموقفها من النظام السوري،
يأتي من خلال اعتبارها أن هذا النظام
أصبح البوابة السياسية الوحيدة، التي
تمكنها من الولوج إلى المنطقة،
ومحاولة العبث في هذه المنطقة من خلال
تحالفها مع النظام السوري المرتبط بها
مذهبياً، ، كنا نتمنى ألاّ تصل الأمور
في العلاقات بين العرب والمسلمين إلى
هذا الدرك من التمترس، وإيران دولة غير
مرغوب بها عند معظم شعوب المنطقة، لما
تقوم به من محاولة خلط للأوراق، في
أكثر من دولة عربية، ومحاولة تسخير بعض
الأخوة العرب من أصحاب المذهب الشيعي
لخدمة مشروعها المشبوه في المنطقة. وللتاريخ، إن (النمردة والعربدة)
الإيرانية لم تظهرا بهذا الجلاء
والوضوح، إلا بعد احتلال العراق
وإسقاط نظامه، حيث كان لإيران اليد
الطولى في هذه القصة التي سيحكم عليها
التاريخ آجلاً أم عاجلاً، حيث كان
العراق يمثل عامل ردع قوي للمشروع
الإيراني في الوطن العربي، وهذا أحد
الأسباب الرئيسة التي جعلت القيادة
الإيرانية تقف إلى جانب المشروع
الأميركي- الإسرائيلي في إسقاط
واحتلال العراق. نسمع أصواتا هنا وهناك، وآراء تدعي أن
البديل عن نظام الأسد في سوريا دماء
وتقسيم، ويقصد هؤلاء كمن فرّ من (تحت
المطر إلى تحت المزراب!!)، هل كُتب على
الشعب السوري أن يختار بين الأسوأين؟!! إما القبول بنظام الديكتاتور، أو شبح
التقسيم والفوضى، ولا يتحدث أي من
هؤلاء عن عظمة الشعب السوري ووحدته
الأبدية. لقد مرَّ على سوريا ما لم يمر على غيرها من
احتلالات، منذ هولاكو والصليبيين
والفرنسيين، وبقي السوريون يداً
واحدة، وهزموا كل أولئك الجبابرة
بإيمانهم ووحدتهم وثباتهم على أرضهم،
فمن الظلم، بل ومن السخرية أيضا، أن
نسمع مقولة «إما الأسد ونظامه وإما
الخراب»... الشام غير قابلة للخراب ولا
للتقسيم، ولا يعنينا مشارب المعارضة
المختلفة وتوجهاتها. ومن قال أصلاً أن
فرسان المعارضة المتواجدين في دول
الغرب، والذين يطلون علينا في اليوم
عشرات المرات من خلال الفضائيات، هم
الذين سيحكمون سوريا بعد انتصار
الثورة بإذن الله تعالى. السوريون سيختارون طريقة حكمهم بأنفسهم،
ولن يسمحوا لأي أجندة تُفرض عليهم من
الخارج. الشام الشريف بانتظار عهد جديد، كله أمل
وحرية وديمقراطية وعدالة، يليق بشعبها
وعظمته وصبره، الذي حُكم بالحديد
والنار ما يقارب النصف قرن، والذي تقف
الآن خلفه كل الشعوب العربية، لتحقيق
مطامحه في حياة أفضل. ================= يحيى محمود الرأي الاردنية 11-3-2012 ملفت هذا الغياب غير العادي لنائب الرئيس
السوري فاروق الشرع عن الاضواء، في ظرف
يفترض حضوره ولو البروتوكولي على ساحة
النشاط السوري السياسي.فمنذ رئاسة
الشرع لجلسة الحوار اليتيمة مع
المعارضة ،وما تردد عن قيامه بزيارة
سرية الى موسكو لم يعد له اي ظهور يذكر،
ينفي الرواية التي ترددت بشان مقترح
روسي لتوليه ملف الازمة، وبما يبقي على
النظام الحالي مع تعديلات قد يصل ثمنها
الى استبدال الرئيس بشار الاسد
بنائبه، ضمن صفقة توقف الثورة عند هذا
الحد.وبمثل هذا الغياب الذي طال للشرع
عن الواجهة يتاكد الاستنتاج القائل
بان سوريا الان امام خيارين لاثالث
لهما اما استمرار النظام الحالي بكل ما
هو عليه او سقوطه التام. وبالتدقيق في طبيعة الحراك الذي تشهده
الساحة السورية يتضح ان غياب الشرع
يرتبط بغياب مماثل للخطاب السياسي
بمجمله. فحتى وزير الخارجية وليد
المعلم لم يعد يعقد مؤتمراته الصحفية
المنتظمة للدفاع عن النظام وطمأنة
المواطنين الى استبعاد التدخل العسكري
الخارجي ،وصلابة الدعم الذي تتلقاه
سوريا من نصف العالم كما كان يردد
المعلم في المؤتمرات.وبملاحظة ارتفاع
وتيرة النشاطات العسكرية والامنية
بمواجهة المعارضة السورية، يتضح ان
المؤسسة الامنية في سوريا لم تعد لها
الرغبة حتى في استخدام الغطاء السياسي
لمواجهاتها مع المطالبين بتغيير
النظام عبرتنشيط الشرع او المعلم او
غيرهما من المحسوبين على الطائفة
السنية التي ينتمي اليها معظم
الثائرين على النظام . وفي ضوء تفاقم الازمة الاقتصادية وشلل
الحياة الطبيعية في معظم المحافظات
السورية ياتي الغياب الملحوظ ايضا
لرئيس الوزراء واركان الحكومة عن
الحراك الزائد المفترض لتطمين
المواطنين والايحاء بان الحياة تسير
طبيعية، رغم المواجهات مع بعض البؤر
الامنية كما كان يقال في السابق. ومثل
هذا الغياب الملحوظ ايضا يقدم دليلا
اضافيا على الشلل الذي تعيشه مؤسسات
الدولة في سوريا باستثناء المؤسسة
الامنية التي تحتكر القرار .ومع ان
الرئيس السوري يحاول الايحاء بان
الاصلاح السياسي يسير بموازاة
العمليات العسكرية ، الا ان مايجري على
الارض يؤكد عكس ذلك، رغم اصدار الدستور
المعدل الذي لم يعد احد يتذكره او
يحتفل به او يبني نشاطاته السياسية
وفقا له، حيث لانشاطات سياسية من اي
نوع في سوريا . فلا حزب البعث اصبح
بامكانه التحرك بصفته الحزب القائد
بعد سحب هذه الميزة منه في التعديلات
الدستورية، ولا احزاب جديدة وازنة
ظهرت او بصدد الظهور ولا اركان الدولة
وقياداتها تمارس دورها . وفي ضوء هكذا
اوضاع وصلت اليها سوريا بعد نحو عام من
الثورة ، فان الاجابة عن السؤال بشان
غياب فاروق الشرع، حتى عن الواجهة
البروتوكولية السورية، تتصل بخيار
قاتل او مقتول الذي اتخذه النظام
السوري بدون الحاجة الى اي اقنعة ولو
بروتوكولية مثل وقوف الشرع او غيره
امام الكاميرات. ================= أكرم البني الشرق الاوسط 11-3-2012 أعجب لمن راح يفرك يديه فرحا بعد فوز
بوتين، معولا على دور عالمي جديد
للاتحاد الروسي استنادا إلى تواتر
خلافاته مع الغرب على عدد من القضايا،
وأهمها الوضع السوري، وكأنه يمنّي
النفس بأن يشهد العالم في يوم قريب
عودة محمومة إلى سباق التسلح وأجواء
الحرب الباردة، وما قد يتركه تفاقم
الصراع بين القوى العظمى من هامش حركة
وحماية لأنظمة استبدادية اعتادت أن
تعتاش على خلافات الآخرين، ولا تزال
مفتونة بلغة القوة والمكاسرة لتحقيق
الغلبة، فمثل هذا الرهان لا أساس له في
الظروف الراهنة ولا حظ، بل هو نوع من
التبسيط اعتبار الموقف الروسي من
المسألة السورية منعطفا نوعيا أو
بداية لمرحلة جديدة، عنوانها القطيعة
والجفاء مع الغرب بدل الحوار
والتشارك، والأرجح أن الخلاف بين
الطرفين لن يتعدى حقل التنافس المدروس
والتنازع الآمن على بعض حصص السيطرة
والنفوذ، في ظل تشابك مصالحهما وتنامي
قدرتهما على احتواء الأزمات. صحيح أن روسيا تبقى منزعجة بشدة من
خسارتها الحرب الباردة، ويتملكها حنين
قوي إلى وزنها وموقعها العتيق، وأنه لا
يرضيها تفرد الغرب بالهيمنة على
المسرح العالمي، وصحيح أن انزعاجها
الأكبر وسخطها الأشد إنما ينبعان أكثر
من أي شيء من ازدياد النفوذ الغربي في
محيطها الجغرافي وسعي أميركا لتنفيذ
مشروع الدرع الصاروخية في بلدان
أوروبية كانت حتى الأمس القريب تدور في
الفلك الروسي، لكن الصحيح أيضا أن
روسيا اليوم ليست مؤهلة للعب دورها
القديم، ولنقُل ليست بوارد العودة إلى
احتلال موقعها كقطب عالمي منافس،
وتاليا من المبالغة التسرع في رسم صورة
لمستقبل قريب يعود فيه الصراع الغربي -
الروسي ليكون سيد الموقف، ومن الخطأ أن
تخدعنا عبارات أطلقت لفائدة انتخابية،
غرضها الإيحاء بأن سياسة بوتين
وميدفيديف تمكنت من إرجاع روسيا إلى
موقعها كقوة عظمى، ونجحت في إجبار
العالم كله على احترام كلمتها، فكم من
مواقف واندفاعات هجومية جربتها قيادة
الكرملين في غير مناسبة وتراجعت عنها
بسرعة لافتة لحساب دعوات التشارك
والتعاون، ولنتذكر جميعا ما حل
بتهديدات موسكو وتصريحاتها النارية ضد
الدرع الصاروخية؟! لكن ومثلما يجب الاعتراف بأن روسيا اليوم
ليست الاتحاد السوفياتي في حقبتي
السبعينات والثمانينات، يجب الاعتراف
بأنها ليست روسيا التي انكفأ دورها
أواخر القرن الماضي، بل هي دولة نجحت
في معالجة أوضاعها الاقتصادية
المتعثرة، وتمكنت من تسديد غالبية
ديونها وبدء مرحلة من التطور المستقل
والازدهار، ربما ساعدها في ذلك
الارتفاع الكبير في أسعار النفط، لكن
أساسا تحررها من أعباء دورها العالمي،
وهي تاليا تقف اليوم في وضع يؤهلها
للعب دور عالمي أكبر قليلا من الماضي
على حساب التراجع النسبي في أداء
الغرب، بسبب أزمته الاقتصادية
المتفاقمة منذ سنوات، وبسبب تكلفة
التفرد الباهظة في قيادة العالم،
والحرب الواسعة ضد الإرهاب، والفشل في
تحقيق النتائج المرجوة من الحربين على
أفغانستان والعراق. الهاجس الرئيسي لإدارة الكرملين ليس
المبادئ بل ضمان استقرار مصالحها
وتطوير سياسة تحمي هذه المصالح
وتنمّيها، سياسة أقدر على التعاطي
براغماتيا مع أزمات العالم، وتتطلع
لأن تؤخذ مصالحها في الحسبان في تقويم
الأزمات الإقليمية واحتمالات تطورها،
ومن هذه القناة يمكن النظر إلى
خلافاتها مع الغرب، بشأن المسألة
السورية، واستخدامها كورقة ابتزاز
لتشجيعه على الدخول في شراكة بعد أن
خرجت بخفي حنين من ليبيا، بل يجوز
تصنيف هذه السياسة في إطار البحث عن
شروط جديدة لعلاقة بين الطرفين، ودعوة
مستمرة للتعاون، وباب مفتوح أمام طريق
المساومات الذي قد يفضي، في وقت قريب،
إلى توافقات جديدة تناسب الطرفين.
فموسكو اليوم تبدو كما لو أنها تريد
دفع لعبة المصالح إلى مستوى أعلى،
وتوسيع رقعة المنازعة على الحصص
والدور، لكنها في الوقت ذاته غير قادرة
على دفع هذا التحدي كثيرا إلى الأمام،
ولعلها أيضا بعد خلاصها الصعب من
الكارثة الاقتصادية التي حلت بها إثر
انهيار الاتحاد السوفياتي، غير راغبة
في تغيير مسارها التنموي الواعد
والانتقال إلى مرحلة جديدة من سباق
التسلح وسياسات التحدي، فقد جربت هذا
الخيار طويلا ولم يفض إلى نتيجة سوى ما
كابده الشعب الروسي من العذاب
والمعاناة! في ضوء ما سبق، لا يصح القول بأن ثمة حربا
باردة جديدة تلوح في الأفق، لكن ربما
يصح التساؤل: هل نشهد اليوم طي مرحلة
تجاوزت العقدين من الزمن سيطر فيها
القطب الواحد وبدأ التفرد الأميركي
ينحسر لصالح رؤية جديدة تحمل صورة من
صور الشراكة والتعاون بين الدول
العظمى، وهل يعيد هذا الجديد للأمم
المتحدة ومجلس الأمن دورهما في خلق
الحلول والتوافقات حول الملفات
الساخنة، أم لا يزال مثل هذا الاستنتاج
مبكرا، ولا تزال التوجهات الجديدة
للسياسات العالمية تشاد فوق رمال
متحركة، ولما تعرف بعد معنى
الاستقرار؟! والنتيجة أن موسكو اليوم استفادت من
التراجع الغربي، لكن ليس لحساب عودتها
لاحتلال موقع القطب العالمي المعارض،
بل إن قيادة الكرملين تعرف أكثر من
غيرها، خطورة التظاهر أن بلادها باتت
الدولة العظمى المقررة كما كانت أثناء
العهد السوفياتي لمجرد أن الدولة
الأميركية التي كانت تستفرد بمكانة
الدولة العظمى قد أصابها بعض الإنهاك
وتراجع دورها، وهي تعرف جيدا أن
الشراكة والتعاون مع الغرب هما الطريق
الأسلم بدلا من الانبهار بتفوق واهم
وعابر، وتعرف أيضا أن استخدام نبرتها «السوفياتية»
في التحدي لا يمكنها، وحتى إشعار آخر،
أن تتجاوز حدودا ترسمها موضوعيا
توازنات القوى القائمة على الأرض. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 11-3-2012 إعلان وزير الخارجية الروسي ونظيره
القطري في مؤتمر صحافي مشترك أمس في
القاهرة أن روسيا والجامعة العربية
اتفقتا على خمسة أسس لتسوية الأزمة
السورية، من بينها قرارات الجامعة
المتضمنة دعوة بشار الأسد إلى ترك
السلطة، لا يمكن القول إنه انقلاب في
الموقف الروسي، بقدر ما أنه يعد
اختراقا مهما. الدب الروسي لم يستدر بالكامل، وإنما هو
في وضع الاستدارة، وهذه الاستدارة،
وعطفا على ما حدث يوم أمس في القاهرة،
توحي بأن موسكو قد تلعب في سوريا نفس
الدور الذي لعبته الرياض في صنعاء
لخروج علي عبد الله صالح، وتحت غطاء
دولي. جلسة الأمس في القاهرة شهدت
اشتباكا سعوديا - قطريا مع الوزير
الروسي، حيث تصدى كل من الأمير سعود
الفيصل، والشيخ حمد بن جاسم لنظيرهما
الروسي، فدافعا عن المعارضة السورية،
وذكّراه بتاريخ المنطقة، ومواقف بلاده
فيها. بدوره استخدم الوزير الروسي
التاريخ أيضا للدفاع عن بلاده، حيث قال
لافروف إن موسكو لم تكن تستعمر أوطاننا.
لكن دفاعهم عن الأسد أسوأ حتى من
الاستعمار! فهل هذا يعني نهاية المطاف؟
بالطبع لا. اتفاق «الخمس نقاط» العربي - الروسي تكمن
أهميته في ما قيل بعد الإعلان عنه،
فبعد أن أعلن لافروف عن أن الاتفاق
يتضمن: «وقف العنف من أي مصدر كان،
وإنشاء آلية رقابة محايدة، ولا تدخل
خارجيا، وإتاحة المساعدات الإنسانية
لجميع السوريين دون إعاقة، والدعم
الكامل لجهود الموفد الدولي كوفي انان
إلى سوريا استنادا إلى المرجعيات التي
قبلتها الأمم المتحدة والجامعة
العربية»، قال الشيخ حمد - وهذا هو
الأهم - إنه يريد تأكيد أن «المرجعيات
المعتمدة لكوفي انان هي قرار الجمعية
العامة للأمم المتحدة (الصادر) في 16
فبراير (شباط) الماضي، وخطة العمل
العربية (المعتمدة) بتاريخ 2 نوفمبر (تشرين
الثاني) 2011، وقرارات الجامعة العربية
في 22 يناير (كانون الثاني) و12 فبراير
الماضيين». وهذا كله يعني الانتهاء
بترك طاغية دمشق للسلطة. والسؤال كيف
سيتم ذلك، حتى لو تمت العودة لمجلس
الأمن مجددا، بعد أن قبل الروس أمس ما
رفضوه يوم استخدموا الفيتو في مجلس
الأمن، خصوصا أن الاتفاق الروسي -
العربي يقول بأن لا تدخل خارجيا في
سوريا؟ الواضح أننا نعود اليوم إلى ما سبق أن
كتبته هنا قبل أيام بأن واشنطن ترى أن
بمقدور موسكو إخراج الأسد، وفق الصيغة
اليمنية، خصوصا أن معلوماتي تشير إلى
حديث دار بين الروس وأحد المسؤولين
العرب من مدة ليست بعيدة حول سوريا،
وحينها قال الروس إن الأسد ساقط لا
محالة، وهم لا يكترثون بذلك، لكنهم
يرفضون إسقاط النظام ككل! هنا إذن، تقول الحكمة إنه آن الأوان
للجلوس مع الروس وجها لوجه، وليس عبر
البيانات، أو الاجتماعات الجماعية،
فلروسيا مصالح لا بد أن تراعى، وللعرب
مصالح أيضا، وأهمها وقف الجرائم
المرتكبة بحق السوريين، ورحيل الأسد! ولذا، فلا بد من الجلوس مع الروس، الآن
وليس لاحقا. ================= روح السوريين الجديدة:
أبعد من التظاهر! فايز سارة الشرق الاوسط 11-3-2012 الآن وبعد عام من ثورة السوريين الهادفة
إلى تغيير حياتهم ومستقبل بلادهم، قد
يكون من المهم التوقف عند بعض ما حدث في
مفاصله العامة، وما شهدته مجريات
الحياة من تبدلات في حياة أغلب
السوريين، بمن فيهم المقيمون منذ
سنوات طويلة خارج وطنهم، رغم أن كثيرين
قد يقولون إن شيئا لم يحدث في البلاد ما
دام النظام القائم في دمشق لم يتبدل،
ولم تتغير سياساته ومواقفه، وهو يتابع
ادعاءاته عن الإصلاح والتغيير. وفي
الجهة الأخرى لم يغير المحتجون
السوريون من مواقفهم في الإصرار على
التظاهر والاحتجاج والمطالبة بإسقاط
النظام الاستبدادي واستبدال نظام
ديمقراطي تعددي به، يوفر العدالة
والمساواة وحكم القانون، ويوفر الحقوق
السياسية والاجتماعية الفردية
والجماعية للسوريين. ورغم أن التظاهر والاحتجاج هما السمة
الغالبة للحراك العام في المشهد
السوري مقابل القمع الشديد، فإن ثمة
تعبيرات وممارسات تتوالى في الأوساط
السورية الواسعة، يتداخل فيها ما يأتي
تلبية لاحتياجات طارئة مع ما هو مطلوب
في إطار رسم المستقبلات البديلة لحياة
السوريين الراهنة، وتبدو هذه
التعبيرات والممارسات محصلة جهود
مشتركة من طيف سوري واسع، لا يقتصر على
المتظاهرين والمحتجين ومشاركة
المعارضة السياسية، بل يظهر فيه حضور
ملموس لسوريين من خارج التجاذبين
الحادين ممثلين في السلطة وأنصارها من
جهة، والمتظاهرين مع قوى المعارضة
السياسية من جهة ثانية. والمشاركون السوريون من خارج معارضي
السلطة أغلبهم ممن وقفوا خارج الحراك
الشعبي ومؤيديه الداعمين في داخل
البلاد وخارجها. لكن تطورات الأحداث
دفعت بهم للانخراط في تعبيرات
وممارسات تتصل بالثورة وضروراتها، أو
ببعض من نتائجها اللاحقة التي أخذت
تتشكل في الواقع، الأمر الذي يعني أن
ثمة تحولات تجري خارج فعاليات التظاهر
والاحتجاج، وهي تحولات تعبر عنها
المساعدات المادية والعينية وعمليات
الإغاثة الطبية والإنسانية، وكذلك
إقامة البنى والهيئات الاجتماعية
والثقافية والسياسية، التي لا ينضوي
بعضها في الإطار المباشر للصراع
الجاري في سوريا بين السلطة ومعارضيها. إن الأسباب الرئيسية لهذه التحولات إنما
تتمثل في عوامل متعددة ومعقدة تتداخل
فيها الاعتبارات السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
التي طفت على سطح الحياة السورية في
العام الماضي من عمر الثورة، وكان
الأبرز فيها صعود الوطنية السورية،
والتي حاولت من مواقع مختلفة تأكيد
الخصوصية السورية في إجمالي اللوحة
العربية، وجاءت تطورات الوضع لتعطيها
ملامح جديدة لشجاعة السوريين وإصرارهم
على السعي لتغيير حياتهم ورسم
مستقبلات أخرى لأجيالهم القادمة
ولبلادهم، وفرض هذا الوضع نفسه على
السوريين في الداخل والمهاجر، الأمر
الذي يفسر حراك سوريي المهاجر الواضح،
والذي لم يكن حاضرا وملموسا على مدى
سنوات وعقود سابقة. والعامل الثاني يبدو ظاهرا في آثار ما
شهدته البلاد من نتائج للعمليات
الأمنية - العسكرية، حيث وقعت خسائر
بشرية ومادية كبيرة ودمار واسع، يعجز
الذين وقع عليهم أن يحتملوه، مما تطلب
تضامنا واسعا من جانب السوريين
الآخرين في البلاد وفي المهاجر. أما العامل الثالث الذي لا يقل أهمية عن
سابقيه فهو انشغال السوريين واهتمامهم
بما بعد الأحداث الحالية. ذلك أن ما
يحصل الآن في البلاد سوف ينتهي، وسوف
ينتقل السوريون إلى ظروف أخرى، مما
يتطلب - لا سيما من نخبتهم السياسية
والاجتماعية والثقافية - التفكير في ما
ينبغي القيام به من أجل المستقبل، سواء
تعلق الأمر برسم الآفاق والخطط، أو
بإقامة البنى والهيئات اللازمة، والتي
من شأنها توفير فرص أفضل للحياة
المستقبلية. إن تجليات روح السوريين الجديدة فيما هو
أبعد من التظاهر تتجسد إجرائيا في
مساعدة ضحايا السياسات الأمنية -
العسكرية، وتوفير أسس مادية واجتماعية
تجعلهم أقدر باتجاه استعادة حياتهم
عبر توفير الغذاء والدواء واللباس
والسكن، وقبل كل ذلك الأمان، وكلها
مهمات عاجلة تندفع فئات سورية كثيرة
على طريق العمل عليها، لا سيما من
الشباب على نحو ما تفعل «حملة حمص في
قلوبنا» الشبابية وغيرها. والأمر الثاني في تجليات الروح السورية
تمثله مبادرات متنوعة ذات دلالات
سياسية واجتماعية هدفها معالجة
الأوضاع الراهنة على نحو ما كانت عليه
مبادرة المنبر الديمقراطي الوطني
السوري الأخيرة والهادفة إلى توسيع
مساحة الحوار بين السوريين، والمبادرة
بالبحث عن حلول ومعالجات للأزمة
القائمة أو لبعض من تجلياتها، وهو ما
يمثل جزءا من هاجس الهم المستقبلي الذي
يبحث في صورة سوريا القادمة، البلد
الديمقراطية التي تهم وتعني كل مواطن
فيها من دون تمييز من أي نوع كان. السوريون بروحهم الجديدة إنما يعكسون
بعمق ما يتجاوز رغباتهم في تغيير
حياتهم ومستقبل بلدهم، إلى معالجة ما
ينتج عن ذلك من آثار وتداعيات يومية
وإجرائية، قبل أن ينتقلوا للتفكير في
ما سيكون عليه وضعهم المستقبلي في
جوانبه المختلفة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |