ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سوريا بين الحل اليمني
والحل الليبي بقلم / سمير عواد (مراسل الراية
في برلين) : الراية 12-3-2012 يبدو أن التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة
السورية من سابع المستحيلات، في ضوء
أعمال العنف المروعة والتقارير
الواردة إلى الخارج عن جرائم القتل
والتعذيب والدمار والاعتقالات
الجماعية. النظام السوري واثق نتيجة
الدعم السياسي الذي يحظى به من روسيا
الخائفة على خسارة حليفها الوحيد في
الشرق الأوسط، أنه سينتصر في النهاية،
وهذا الانتصار يتجلى في احتفاظه
بالسلطة. كما أن المعارضة السورية التي
بدأت تتسلح وتكسب تأييدا متناميا من
المجتمع الدولي، واثقة بأنها سوف تطيح
بنظام بشار الأسد. موقف الجانبين يعرقل
أية تسوية سلمية للأزمة. الأسد وأتباعه
رفعوا شعار: النصر أو الموت. تتعالى كل يوم الأصوات المطالبة بتدخل
عسكري من الخارج لحماية المدنيين في
سوريا، ووقف المجازر ضدهم. في نفس
الوقت يحذر كثير من المراقبين من أن
تسليح المعارضة سوف يتسبب باستفحال
الكارثة. لكن هناك من يسأل عن حق، ما
إذا الرئيس السوري ترك لمعارضيه خيارا
آخر في ضوء العنف المفرط الذي تمارسه
قواته وشبيحته ضد الذين بدأوا
الاحتجاج سلميا، ونادوا بتحقيق
إصلاحات، ولم ينادوا في البداية بسقوط
النظام إلا بعدما رد النظام بالرصاص
والقمع على هذه المطالب المشروعة. وتوضح مأساة مدينة حمص، أنه من الصعب أن
تنجح المعارضة السورية إذا حصلت على
السلاح بوقف آلة القتل التي يملكها
النظام، وسوف يرى في ذلك فرصة ليدعم
قوته العسكرية ضد معارضيه، وهو لا يخشى
دك المناطق الآهلة بالسكان، ومستعد
لإزالة مدن بأكملها من الوجود. علاوة
على أن تسليح المعارضة سيدفع بالبلاد
إلى حرب أهلية وسوف يبرر له بذلك سبب
استخدام آلته العسكرية كما فعل والده
في حماة قبل ثلاثين سنة وقضى على أكثر
من عشرين ألف مواطن بحجة التصدي إلى
الإخوان المسلمين. في الأيام الأخيرة ازداد عدد مبادرات وقف
العنف في سوريا وجميعها موجودة الآن
على طاولة الرئيس السوري، وهي تبدأ
بالحل اليمني وتنتهي بالحل الليبي. وبعد أن استبعد الرئيس الأمريكي باراك
أوباما التدخل عسكريا في سوريا لحماية
المدنيين، عاد وطلب قبل أيام دراسة هذه
الإمكانية. بعد عودة كوفي أنان مبعوث
الأمم المتحدة لسوريا، خالي الوفاض من
زيارة الأسد في دمشق، وحذر من تدهور
الوضع في ضوء ما سمعه من الرئيس
السوري، بات واضحا أن الأسد أضاع فرصة
جديدة لتسوية سلمية للنزاع. وبذلك يكون
قد أضاع أكثر من مائة فرصة، إلى حد أن
أقرب المقربين منه بدأوا يتخلون عن"السفينة
الغارقة". في بحر الأسبوع المنصرم
ظهر عبدو حسام الدين نائب وزير النفط
السوري في شريط فيديو قال إنه قرر
الانشقاق عن النظام بعدما عمل فيه 33
سنة، وأعلن انضمامه إلى صفوف المعارضة.
المؤكد أنه لن يكون الأخير وأن السفينة
بدأت فعلا تغرق. وقال هايكو فيمين
الباحث السياسي في معهد السياسة
والبحوث في برلين الذي يعتبر مطبخ
الأفكار السياسية ويزود الحكومة
والبرلمان بالتقارير والدراسات
والتحليلات، أن خطوة انشقاق نائب وزير
النفط السوري، ضربة معنوية لنظام
الأسد رغم محاولة البعض التقليل من
أهميتها. قبل شهرين أعلن مسؤول سوري
انشقاقه عن الأسد وانضمامه في صفوف
المعارضة. عبدو حسام الدين أعلى منه
مرتبة ودعا في رسالته زملاءه إلى
النجاة من"السفينة الغارقة" وهذا
يزيد الضغط الداخلي على النظام، والذي
هو برأي الباحث الألماني بديل لتدخل
عسكري من الخارج. لكن فرص التغيير من الداخل ضعيفة جدا،
فالجيش ما زال مواليا للنظام. ولا
يتوقع أحد عودة سوريا تحت قيادة الأسد
إلى سابق عهدها. فقد حكمها حافظ الأسد
بقبضة من حديد، وتحالف مع إيران، وسيطر
على لبنان وجعل لها دورا مركزيا بحيث
لا حل لأي نزاع في المنطقة ممكن بدونها.
أما اليوم فإن الصورة تغيرت تماما، فقد
تمزقت صورة سوريا بعد اغتيال رئيس
الوزراء اللبناني رفيق الحريري ومنذ
عام يطالب الشعب السوري بنهاية النظام
وأصبحت سوريا ساحة صراع على النفوذ بين
قوى أجنبية. الولايات المتحدة ودول عربية محافظة تريد
إسقاط النظام وإضعاف النظام الإيراني،
وكذلك تركيا التي تشعر بقلق من تنامي
دور الأكراد والعراق يخشى انتقال
الصراع إلى داخل أراضيه والأردن يخشى
أن تقطع سوريا عنه المياه. وتمارس
روسيا والصين فصلا من فصول الحرب
الباردة. كما الأزمة السورية أصبحت
اختبارا جديدا لمجلس الأمن الدولي. ولا
يتوقع الباحث الألماني هايكو فيمين أن
يصدر عنه قرار يدعو إلى تدخل عسكري في
سوريا وأبلغ الأسد التلفزيون الأمريكي
ABC مؤخرا أنه لا يكترث لما يقوله
مجلس الأمن الدولي، ولم يكن يقول هذا
الكلام لولا يقينه بالدعم الأعمى الذي
تقدمه له روسيا والصين. الرئيس التونسي منصف المرزوقي الذي
اندلعت شرارة الثورات العربية في
بلاده، اقترح الحل اليمني، بأن يحصل
بشار الأسد على حماية من الملاحقة
والعقاب شرط مقابل تخليه عن السلطة.
لكن الحل الليبي يقترب مع إضاعة بشار
الأسد فرصة تلو الأخرى، وهو لم يجلب
غضب السوريين في الداخل والخارج عليه،
وإنما العرب والولايات المتحدة
والاتحاد الأوروبي، وتسبب في بدء حرب
باردة جديدة بين الشرق والغرب، تظهر
ملامحها في ما يحدث بسوريا. لكن ينبغي
على الأسد الحذر من لعبة روسيا والصين
في مجلس الأمن الدولي وعليه قراءة
التاريخ الحديث. فقد كانت روسيا تحمي
نظام ألمانيا الشرقية لمدى أربعين
سنة، ثم تخلت فجأة عنه بعدما اكتشفت أن
استمرار حمايته يضر بمصالحها، وانهار
نظام ألمانيا الشرقية في بضعة أيام. ================= «امتحان» الثورة
السورية: سقوط الأقنعة!! د. عبدالله القفاري الرياض 12-3-2012 من يرى اليوم
غير هذا فلا أمل في أن يرى شيئاً ذا بال.
وسيظل أسيراً لأهواء وانفعالات
التهريج السياسي وأضاليل الشعارات،
التي لازالت تدافع عن أحلاف الممانعة!!..التي
تواجه هذه الأيام أصعب أيامها وأكثرها
حرجاً وأشدها انحساراً في محيط شعبي
عربي .. يظل هو الحس الأنقى والأصدق في
مرحلة هي الأهم والأخطر لم يحدث على مر العقود الأخيرة أن انكشفت
فيه علاقات وتهاوت فيه رموز وسياسات،
وعَلِق مثقفون وسياسيون وكتاب وحزبيون
في امتحان يشبه امتحان الثورة السورية. ولن يتأتى هذا الاكتشاف إلا لمن يؤمن بحق
الانسان بالحياة حراً مؤمناً بذاته
وقدرته على صناعة عالمه وهو يقاوم
الاستبداد والظلم والطغيان. وقد يتطور
هذا الاكتشاف من حيز الاختبار الخاص
والفردي إلى حيز الشعور الجمْعي العام.
وإلا فماذا عن شعوب المنطقة العربية
التي بلغت حداً من الشحن والكراهية
لمواقف أحلاف نظام الجور والظلم، التي
وقفت إلى جانب الجلاد، وتنكرت للضحية.
باعت شعارات الحرية والمقاومة
والكرامة لصالح تحالفات كشفت عن وجهها
القبيح ولازالت. ألا يجب أن تقرأ بعناية مشاعر الكراهية،
التي لايمكن إلا أن تتحول إلى مواقف
بعد أن تتجاوز رصيد الكراهية والحنق
والرفض في مشاعر وعقول تتعاطف مع مأساة
الشعب السوري الذي يتعرض لمؤامرة كبرى
لا نظير لها من أجل إخضاعه لنصف قرن آخر
من سطوة نظام الجور والطغيان؟ دولياً، يتكشف النظام العالمي عن سقوط
أخلاقي ذريع. تتكشف لهذا العالم العربي
الذي سكنه بعض الاحترام لبعض النماذج
الغربية أنها مهما أبدت حالة من الرفض
للنظم الدكتاتورية والقمعية فهي تخضع
لسياسات تضع مصالحها وتحالفاتها في
رأس أولوياتها. ما عداه يكفي فيه بضعة
بيانات من الشجب والتنديد. هناك محاولة واضحة لتعطيل أي مسار حقيقي
يمكن أن ينقذ الشعب من جلاده. الواهمون
فقط هم الذين ينتظرون من الولايات
المتحدة الامريكية أن تتخذ موقفا
عمليا يمكن أن يؤدي إلى حماية ثورة شعب
بعد هذا التدمير الشامل لأدنى مقومات
الصمود أمام جحيم الإبادة. ليسا فقط هما نظاميْ روسيا والصين
الضالعين في مشهد استدامة تعذيب وقتل
الشعب السوري. فهذان النظامان لا يمكن
القول إنهما سقطا أخلاقياً، لأنهما لم
يعرفا يوما احتراما حقيقيا لحقوق
الانسان، أو التزاما بقضاياه. هناك وريث لاتحاد سوفياتي بأسنان نووية
ورداء قيصري جديد. وهناك قوة اقتصادية
متمددة تعظم عوائدها وتتحاشى كل ما
يذكّرها بحقوق الانسان. ربما تكون
خسارتهما الحقيقية في تبديد ذلك الوهم
الذي سكن شعوب المنطقة طويلا بأنهما
أقرب لهما في مناصرة قضاياهم من الغرب
الذي زرع اسرائيل في خاصرة المنطقة،
ورهن سياسته ونفوذه لتدور مع مصالحها
ولحماية تفوقها والتغطية على
انتهاكاتها. إن "وصمة عار" في سجل النظام الروسي
والصيني تبدو مخففة، فهما لم يعيرا
يوما قضايا الانسان وحقوقه أهمية خاصة.
النظام الروسي يقترب احيانا في تعامله
مع قضايا المنطقة من سلوك النظام
المافوي. أما النظام الصيني فهو لازال
مسكوناً بهاجس ميدان "تيان آن مين".
إنهما ضد الشعوب ومع الانظمة القمعية..
وفي الحالة السورية تكشفت أبشع مؤامرة
دولية لإعادة شعب مظلوم لبيت طاعة نظام
المافيا الأصغر المتحالف مع نظام
المافيا الأكبر. رهانات لا أخلاقية
وضمن مواقع دولية يتم تقاسم النفوذ
والمصالح والأدوار.. بغض النظر عن حجم
المأساة. تتساقط أقنعة وتتراخى أخرى... مواقف
ملتبسة، وقرارات معطلة، وسلوك سياسي
لا يوحي بأن ثمة قضية إنسانية.. مهما
بلغ حجم الظلم ومهما كان عدد الضحايا
ومهما بدا مشهد المدن التي تدك الواحدة
تلو الاخرى كارثياً. اإقليميا، تبدو الخسائر أكبر بكثير.
الخاسر الأكبر نظام الجمهورية
الايرانية وحليفه حزب الله. يبدو أن ما
حاول النظام الايراني صناعته خلال
عقود يتهاوى خلال شهور. التعاطف الشعبي
العربي مع النظام الايراني لم يكن خفاء.
كانت قضية المقاومة اللبنانية
والفلسطينية هي المدخل الذي نفذت منه
إيران إلى ضمير الشعوب العربية. كشفت الثورة السورية عن أن النظام
الايراني ليس صديقا ولا حليفا ولا
مؤتمنا على أي مجهود في سبيل ممانعة
اسرائيل ناهيك عن تحرير فلسطين. وجد
الشعب السوري الثائر على نظام القمع
والظلم والطغيان أن من يدعم ويقوي ويضخ
الحياة في شرايين نظام الاسد للإجهاز
على الشعب هو النظام الايراني عبر
روابط خفية وظاهرة من التحالفات
السياسية والطائفية. كسرت الثورة السورية التعاطف العربي
الشعبي مع النظام الايراني. هناك حالة
اصطفاف تعززت في المنطقة بتأثير من
التدخل الايراني لدعم صمود النظام في
وجه ثورة غير مسبوقة. كيف لنظام
الجمهورية الايرانية أن يقاوم إرادة
شعب لا ينشد أكثر من حريته وامتلاك
إرادته في تقرير مصيره؟ إذا لم يكن هذا استكبارا على حق الشعوب
فما هو الاستكبار؟ منظمات المقاومة الفلسطينية التي تحظى
بدعم ايران كحماس بدأت تتخذ خطوات تنأى
بها عن كابوس وآثار نظام الرعب
والارهاب المسلط على الشعب السوري. تهاوى القناع اليوم بما لا يدع مجالا للشك
ان نظام الجمهورية الايرانية لم يكن
ولن يكون مستهدفاً تحرير فلسطين أو دعم
المقاومة من أجل التحرير. كان هدفه أن
يكون على حدود اسرائيل من أجل تحقيق
مكاسب وتمرير سياسات وتعزيز نفوذ،
وتطوير أدوات ضغط يساوم عليها من أجل
البقاء والهيمنة والتمكين وحصد أكبر
المواقع في صراع اقليمي واضح الاهداف
والمعالم، وحدوده لايمكن تجاوزها. حرق العلم الايراني بجوار علم روسيا
والصين وحزب الله اللبناني، ليس فقط
تعبيرا عن حنق وغضب شعب ثائر على
تحالفات تقتل أجمل وأعظم ما في هذا
الانسان.. إنه يعني أيضا سقوط اقنعة
عاثت تضليلا في مشاعر الشعب العربي
طيلة العقدين الاخيرين. حزب الله. خسر كثيرا بعد ذلك التعاطف
الكبير والشعبية الواسعة للحزب طيلة
عقدين. لم تعد أعلام حزب الله تُحمل في
القاهرة أو عمان أو مدن سورية الثائرة
لترفرف اعترافا بدور الحزب في مقاومة
الكيان الاسرائيلي. انها تُجلب من أجل
حرقها في مشهد عام يوحي بحجم خسارة
التعاطف الشعبي العربي والتحول في
الشعور والمواقف من النقيض إلى النقيض. أي ممانعة وأية مقاومة وأي خطاب يمكن أن
يستعيده سيد الحزب في خضم هذه المواجهة
التي كشفت عن عمق طائفي وتحالف قمعي
دموي من أجل إجهاض ثورة شعب لم يطلب
اكثر من حريته. كلما ظهر سيد الحزب في خطاباته التي اصبحت
حالة سائلة هلامية تستعيد شعارات لم
يعد لها ذلك التأثير ناهيك عن التصديق...
وهو يتحدث عن الكيان الاسرائيلي
والدور الامريكي في ضرب المقاومة
والممانعة والعدوان على سورية.. ومتى؟
في خضم مأساة الشعب السوري، حيث تدك
المدن على رؤوس ساكنيها.. تساءلت هل بقي
هناك من يصدق هذا الإفك الكبير؟ أيه مقاومة وممانعة هذه، وسيد المقاومة
يقتل أنبل ما في الانسان العربي. أي دور
إسرائيلي، والفيتو الاسرائيلي من
التغيير في سورية لم يعد خفاء في وقت
كُشفت فيه الاقنعة وتهاوت فيه
الاكاذيب؟ أي دور امريكي، والدور
الامريكي يساهم بشكل أو بآخر في إنقاذ
النظام السوري، وكأنه يستعجله لإنجاز
مهمته في دك آخر حصون الممانعة الشعبية
تحسبا لتطورات لايمكن التحكم بمسارها؟ حزب المقاومة يقاوم مَن اليوم؟ إنه اليوم
شريك في مقاومة إرادة شعبية تطلب
تحريرها من قيدها الطويل. حزب المقاومة
والممانعة ليس سوى حلقة في حلف
استراتيجي لا يخفي نزعته الطائفية
وتجمعه أهداف الممول الكبير - ايران -
ويحظى بعين الرضا الامريكية. من يرى اليوم غير هذا فلا أمل في أن يرى
شيئا ذا بال. وسيظل أسيراً لأهواء
وانفعالات التهريج السياسي وأضاليل
الشعارات، التي لازالت تدافع عن أحلاف
الممانعة!!.. التي تواجه هذه الأيام
أصعب أيامها وأكثرها حرجا وأشدها
انحسارا في محيط شعبي عربي .. يظل هو
الحس الأنقى والأصدق في مرحلة هي الأهم
والأخطر. ================= رحيل الأسد.. وأبعاد
الحرب الأهلية أنور بن ماجد عشفي عكاظ 12-3-2012 هناك فرق بين رحيل الرئيس بشار وحمله على
الرحيل، فرحيل الأسد كفيل بأن يبعد
الحرب الأهلية ، لكن حمله على الرحيل
بالقوة قد يتسبب في إشعال حرب أهلية ،
فرحيل الأسد يفتح باب الحوار بين
السلطة والثورة. واليوم يقف العالم أمام أربع مجموعات
للمقاومة في سورية هي ،السلطة وتتمثل
في الرئيس بشار، والمعارضة وهي متعددة
ومختلفة، لكن أقوى هذه المجموعات على
الساحة هي المجلس الوطني السوري،
والجيش السوري الحر ويمثله العقيد
رياض الأسعد ،والثورة وتتمثل في هيئة
سرية داخل سورية تقود الثورة بذكاء
وحكمة. فالسلطة تتمتع بدهاء وصلف أخذت تركز على
الرئيس بشار ليكون كبش الفداء ، فإذا
احتدم الأمر ولم يبق إلا الرضوخ
للمطالب ، أُبعد الرئيس بشار وحُمِّل
جميع الأخطاء ، وهو ما حدث بعد أحداث
حماه عندما حمَّل النظام يومها (رفعت
الأسد) جميع الأخطاء ومنحه حفنة من
الدولارات، وأُبعد إلى الخارج ،وهدأت
الأمور في الداخل. فمعظم دول العالم لا تريد تغيير النظام،
بل إصلاح النظام وأن يتحول بشكل
دراماتيكي إلى الديمقراطية، فإسرائيل
لا ترغب في تغيير النظام لأنه وفّر
الحماية للحدود مع إسرائيل أربعين
عاماً، أما الولايات المتحدة فقد كانت
على وفاق مع الرئيس حافظ الأسد، وقد
أسرّ ذلك الملحق العسكري الأمريكي
بدمشق عام 1982م للعقيد الأمريكي (حيدر
الفرا) المدرس بمعهد اللغات العسكري
بكاليفورنيا عندما أبدى مخاوفه من
حضور العشاء، قال له (لاتقلق إنه رجلنا). ولو نظرنا إلى روسيا لوجدنا أنها ترفض
تغيير النظام لأنها لا تريد أن تخسر
مكاسبها في سوريا وعلى رأسها قاعدة
طرطوس، كما أن سوريا تمثل سوقاً للسلاح
الروسي ،فكيف ترضى برحيل الأسد وتغيير
النظام ، كما أن الصين وروسيا تخشيان
من انتقال العدوى إليهما، وقد قال رئيس
الاستخبارات الروسي للأسد: إذا دمرت
مدينة فحاذر أن يخرج منها أحد من
الأحياء. • رئيس مركز الشرق الأوسط
للدراسات الاستراتيجية ================= عبد الحليم قنديل 2012-03-11 القدس العربي انخلع قلبي لصورة الصبي الباسل الناطقة
بالهول العظيم الذي يجري في سورية
الآن، باكيا حزينا، في ذروة انفعاله
ولوعته على استشهاد أبيه وأسرته برصاص
قوات النظام السوري، ومصمما على الأخذ
بالثأر لأهله من بشار شخصيا . إنها دائرة الدم والنار التي يشعلها نظام
آيل للسقوط، ومصمم على حرق سورية كلها،
وتدميرها بشرا وحجرا، معتقدا أنه ينجو
بنفسه، ومتوهما أنه يحقق النصر في
ميادين الدم، بينما يلحق بنفسه
الهزيمة الكاسحة، ويخرج من التاريخ
مجللا بالعار الذي يستحقه . تصور النظام السوري لفرط
غباوته أنه
ينتصر بتدمير 'حمص' قلعة الثورة، وجرد
حملة أخرى لتدمير 'إدلب'، وعلى ظن أن
التدمير الوحشي المنهجي، وقتل الآلاف،
وجرح عشرات الألوف، وإشاعة الفزع، على
ظن أن الهجوم العسكري سوف يقتل الثورة،
ويطفئ شعلتها، ويضمن لحكم العائلة
الناهبة طول البقاء، بينما هو يحفر
قبره بيديه، ويعجل بإجراءات ومراسم
الدفن . وليست القصة في معارضات الخارج أو
الداخل، ولا في الجيش الحر، ولا في
المجلس الأعلى، ولا في التعبئة
العربية والدولية ضد نظام بشار، فهذه
كلها مشاهد مختلطة، فيها الصالح
والطالح، وفيها الطيب والخبيث، ولا
تريد كلها بالضرورة
خيرا لسورية، وما من تدخل دولي
عسكري بالذات يمكن
أن يكون مفيدا لقضية الثورة، وبقدر ما
يحمل الفائدة الأكبر للنظام المتداعي،
ويعطيه الفرصة للإيغال في دم
السوريين، وتغطية جرائمه بإدعاء
الدفاع عن سورية ووحدتها وترابها
المقدس، خاصة أن السابقة القريبة في
ليبيا تبدو مفزعة بنتائجها، وفتحت
الباب لتقسيم ليبيا وإفناء دولتها
ونهب ثرواتها، وبأبشع مما فعل المقبور
معمر القذافي . ليس هذا كله هو الموضوع، بل مايجري على
الأرض هو أصل القصة، و'حمص' البطلة التي
اعتقد النظام أنه دمرها، حمص ذاتها هي
التي تقود الثورة، و'حي بابا عمرو' الذي
استحال أنقاضا هو أيقونة الثورة، ودم 'حمص'
السيال هو فتيل الثورة، والتي تنتقل
شعلتها الآن من ضيعة إلى ضيعة، ومن
مدينة إلى مدينة، ومن الشمال والجنوب
إلى القلب السوري، ومن 'درعا' إلى ريف
دمشق، ومن 'دوما' إلى 'حي المزة'، ومن
المدن الصغيرة إلى دمشق الكبرى، دمشق
التي بدت صامته شهورا طويلة ثقيلة
حزينة، وبدأت في التململ قرب نهاية
العام الأول للثورة، بدأت تخرج عن نص
الصمت، وإن كانت تحركاتها إلى الآن في
حكم البشائر الأولى، فغدا تنهض
بعنفوانها الكاسح المزلزل، وتنهض معها
حلب، فقد نجحت مدن الشمال والجنوب في
إنهاك النظام الطاغي، وكسبت حرب
الثورة بالنقاط، وتنتظر الفوز الأكيد
بالضربة القاضية حين تثور حلب ودمشق . فقضية سورية ليست محض مأساة إنسانية،
وقتلى السوريين ليسوا مجرد ضحايا،
انهم شهداء عند الرب وعند الشعب، ودمهم
الزكي هو الذي يحرر سورية من أغلالها،
ويطلقها من أصفادها، ويعيد النجوم إلى
مداراتها، ويؤكد الطبيعة الوطنية
الذاتية للثورة، والتي تجمع كرامة
الوطن إلى كرامة إنسانه في قبضة يد
الثائرين، والذين لا يزيدهم القمع إلا
ثباتا، ولا يخيفهم الموت الذي هو أفضل
من المذلة، ولا ترعبهم دبابات النظام،
ولا قواته، ولا حقده الأعمى الهمجي
المدمر للأخضر واليابس، ولا جنونه
الدموي الذي يفوق طبع مصاصي الدماء،
فسورية اليوم ليست هي التي كانت في
أوائل ثمانينيات القرن العشرين، وقتها
كان بوسع نظام الأسد
الأب أن
يدمر حماة في مذبحة تقشعر لذكرها
الأبدان، وأن يخيف السوريين بما جرى في
حماة، وأن يروع رغبة الثورة عليه، وكان
التعتيم وفرض الصمت وسيلته وغايته،
وهو مالم يعد ممكنا اليوم، وحتى لو
ارتكب نظام الأسد الإبن
ألف مذبحة مماثلة، فالثورة
السورية تنهض اليوم في سياق وزمن مختلف
تماما، وتتصل بالنسب القومي لثورات
جماهير الربيع العربي، وبالثورة
الهائلة في وسائل الاتصال، والتي جعلت
الثورات كما
الحروب على
الهواء، وجعلت مشاهد القتل منقولة
بالصوت والصورة، تماما كمشاهد الصمود،
وقوافل المتظاهرين الثائرين المتحدية
للخطر، ومشاهد الدراما المتدافعة،
وبكل عناصر الأسى والنبل والحماسة
فيها، هذه المشاهد في مجموعها، وفي
تدفقها اليومي، تخترق حواجز العين
والقلب، وتزيد الجرأة والتصميم،
وتضاعف موجات الثورة، ولا تدفعها
لتراجع كما يظن الذين فاتهم قطار
الزمن، وسكنوا في أزمنة خوف انقضت
عهودها . ولا يشك أحد في أن النظام السوري سوف
يواصل غباوته، ووحشيته، واعتماده على
نظرية الحل الأمني والعسكري، وهو بذلك
لايحل مشكلته التي لا حل لها، بل يحل
نفسه، ويختصر في بقية عمره، ويستعجل
نهايته، ولا تبدو أمامه سوى فرص نهاية
أكيدة، يستبعد منها
بحكم الطبع الغلاب
صور النهايات الأقل بؤسا، ويمضي في
ثبات إلى أسوأ النهايات، وحيث لن ينفعه
دعم أصدقاء من خارج سورية، ولا حتى
نصير في الداخل، ولا حتى الحروب
الطائفية التي يندفع إليها، فسوف تكون
جماعة بشار الأسد عبئا على الجميع،
وضحية مفضلة للكافة، وبمن فيهم طائفة
العلويين ذاتها، فسورية ليست كحال
العراق بتركيبه الطائفي الإثني بالغ
التعقيد، وفي التكوين السوري عناصر
استقرار هائلة، ففيه عمود فقري تمثله
الأغلبية المسلمة السنية، والتي تصوغ
الإيقاع الأساسي في لحن الامتزاج
الوطني السوري، وأي مخاطرة بالصدام
معها تعني خسارة مؤكدة للآخرين،
وتيارات التفكير والعمل فيها لها
طبيعة وطنية غلابة، وطبعها العروبي
يجعلها بمثابة صمام الأمان للوحدة
الوطنية السورية . وربما لا يكون ممكنا الآن افتعال حديث عن
حوار مع النظام، فلم تعد جماعة بشار
تمثل نظاما سياسيا، ولا حتى دعوى
حزبية، بل جماعة من اللصوص والقتلة
المحترفين، وعصابة من المجرمين،
تستعين بالتدخل الأجنبي لكفالة
اغتصابها للحكم، وتريد أن تدمر سورية
وتقتل السوريين جميعا، ولن يفلح
القتلة حتى في استمرار سيطرتهم على
الجيش النظامي، وسوف تتوالى انشقاقات
السياسة والسلاح، وتحقق الثورة نصرها
النهائي. ' كاتب مصري ================= مهمة أنان هل تكون
الفرصة الأخيرة؟ الإثنين, 12 مارس 2012 جورج سمعان الحياة خطوةٌ على طريق طويل اتفاقُ وزير
الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمجلس
الوزاري العربي على خمس نقاط ستشكل
أساساً مشروع قرار في مجلس الأمن. لكن
المهم أن يوافق الطرفان المعنيان،
النظام السوري والمعارضة على هذا «الاتفاق».
كلاهما كان يأمل غير ذلك، وكلاهما كفيل
بإحباطه، وربما إحباط مهمة المبعوث
الدولي-العربي كوفي أنان يكون بموجة
عنف جديدة طاحنة. يتيح الاتفاق مزيداً من الوقت، أو نوعاً
من الهدنة والمهادنة التي يحتاج إليها
اللاعبون في الخارج، ولعل أهم ما فيه
أن الأزمة السورية دخلت مرحلة «المفاوضات»
بين هؤلاء بصرف النظر عما ستسفر عنه
العمليات العسكرية على الأرض، فحتى لو
قدر للنظام أن يواصل «نجاحاته»
العسكرية وأن يطيل بعض عمره، فإنه سيظل
عاجزاً عن ترسيخ الهدوء وإعادة عقارب
الساعة إلى الوراء. يمكنه أن يلحق إدلب
وريفها بمصير حمص وغيرها لكنه سيظل
عاجزاً عن إسكات البؤر الأمنية
وعمليات الكر والفر التي لن يكون في
مقدوره أن يحسم أمرها، سواء توحدت
المعارضة أم لم تتوحد. محطتان قريبتان ستؤشران إلى مسار الأزمة:
أولاهما إحياء الذكرى السنوية الأولى
للحراك، الخميس المقبل. ستؤشر
المناسبة إلى «حدود النصر» العسكري
الذي حققه النظام في حمص وغيرها، وإلى
مدى قدرة الشارع على الاستمرار في ظل
موازين القوى على الأرض. وثانيتهما
محاولة المعارضة بمعظم أطيافها عقد
لقاء في القاهرة يسبق «المؤتمر الثاني
لأصدقاء سورية» في تركيا، من أجل
الخروج ليس بجسم واحد لها بالضرورة، بل
بوثيقة تحمل قواسمها المشتركة. إذا
أثبت الحراك حيويته في هذين
الاستحقاقين سيكون النظام أمام مرحلة
جديدة أقسى، وسيكون على المبعوث
الدولي تالياً أن ينتقل فوراً إلى
البحث عن حل سياسي. يعرف كوفي أنان، مثلما تعرف موسكو وبكين،
اللتان شددتا على وجوب دعمه بقوة، أن
مهمته ليست محصورة بوقف العنف وتسهيل
وصول المساعدات، على الرغم من أن هذا
جانب إنساني ملح. الجانب الآخر هو
السعي إلى حوار لتنفيذ منطوق مبادرة
الجامعة العربية التي تبنتها الأمم
المتحدة بقرار دولي فُوض إلى الأمين
العام السابق للمنظمة الدولية السعي
إلى تنفيذه. ويعرف هؤلاء جميعاً أن
المعارضة السورية عندما ترفض الحوار
مع النظام إنما تستجيب لحركة الشارع.
إنها تسير خلفه وليس أمامه ما دام أنها
عجزت حتى الآن عن توحيد صفوفها وعن
تقديم قيادة يمكنها التحكم بمزاج هذا
الشارع واستثمار تضحياته خطواتٍ
سياسيةً فاعلة. لم يتحدث المبعوث الدولي-العربي حتى الآن
عن تغيير النظام، تحدث عن وجوب إطلاق
الحوار وهو يعرف جيداً أن معظم أطياف
المعارضة، داخلاً أو خارجاً، لا
يمكنها القبول بحوار لا يؤول إلى
انتقال السلطة. ولا شك في أنه سمع في
لقائه معارضين في الداخل، أنهم يدعون
إلى تغيير سلمي للنظام مع تمسكهم برفض
التدخل الخارجي، فالمعارضة لا تستطيع
الوقوف في مواجهة الشارع. في المقابل،
يرفض النظام الاعتراف بمن يسميهم «العصابات»،
فهل يقدر أنان على كسر هذه المعادلة؟
تكاد مهمته تكون مستحيلة، إذ لا مفر من
ابتداع حل يتصف بمصداقية وينال ثقة
الطرفين، خصوصاً الشارع، فهل يبدأ
بالعودة إلى فكرة المرحلة الانتقالية؟
يتطلب ذلك إقناع رموز النظام بأنهم
باتوا جزءاً من الأزمة وأن عليهم
التنحي بعد هذه المرحلة، كما وإقناع
المعارضة بإعطاء فرصة للحوار بدل «العسكرة».
ويتطلب أيضاً توفير ضماناتٍ خارجية
مقنعة من أصدقاء النظام و... خصومه،
ومواكبةً ورعاية دوليتين للتنفيذ
شبيهتين بما حصل في اليمن، وتطمينات
لكل مكونات الشعب السوري، بأكثريته
وأقلياته، ولكل المعنيين بمصالحهم،
وأساسها الحفاظ على وحدة سورية
واستقرارها ودورها. مهمة كوفي أنان مفصلية في تحديد مسار
الأزمة. قد يعجل فشله في انزلاق سورية
إلى ما لا يرغب فيه أهلها واللاعبون
الكبار، فتداعيات الفوضى أو الحرب
الأهلية وآثارها لن تبقي حساباتٍ
ومصالحَ لأحد، وقد تكون مهمته الفرصة
الأخيرة للخروج بتسوية تجنب الجميع
الثمن الغالي، والسقوط في المحظور.
وإذا صدقت نيات التحرك العربي والدولي
المحموم، وإذا أقر المتصارعون بعجزهم
عن الحسم المنشود، قد لا تواجه سورية
هذا الخيار المحتوم. بعد سنة كاملة، يتضح كم أن الأزمة السورية
ليست ملفاً داخلياً أوعربياً فحسب،
فقد دخلت في مفاوضات اللاعبين
الإقليميين والدوليين، وباتت مرتبطة
ارتباطاً عضوياً بملفات كثيرة أخرى،
وليس مبالغة القول إن من بين أبرز
نتائجها أنها سترسم ملامح النظام
الإقليمي الذي بدأ يتشكل مع «الربيع
العربي»، وباتت في سلة واحدة مع
الملفات الكبرى: من الدرع الصاروخية في
أوروبا، إلى تسوية القضية الفلسطينية
الجامدة، إلى الملف النووي الإيراني،
فالصراع على آسيا الوسطى بغازها
ونفطها ومستقبل أنظمتها... وحتى المحيط
الهادئ وقواه الصاعدة هناك، وكل هذه
بدورها ملفات تحدد شكل النظام الدولي. كان ملفتاً منذ «مؤتمر أصدقاء سورية» في
تونس، تبدُّل لهجة الخطاب السياسي
الأميركي والغربي عموماً، الذي بدا
لبعضهم أنه يكاد يتطابق والموقف
الروسي من أزمة سورية، خصوصاً لجهة
معارضة تسليح المعارضة والإصرار على
الحل السياسي الديبلوماسي. صحيح أن هذا
الخطاب لم يكفّ عن الدعوة إلى رحيل
الأسد، لكن ضغوطه على دمشق ودعمه
السياسي للمعارضة بدلت قواعد الاشتباك
الاقليمي بين ما سمي «المشروع
الأميركي» ومشروع «الممانعة»،
فالدوائر الغربية التي سعت لسنوات بلا
جدوى للفصل بين دمشق وطهران، كانت ترى
في إضعاف سورية أو إسقاط نظامها بديلاً
من خيار الحرب على الجمهورية
الإسلامية، لأن ذلك يعني قطع جملة من «الأذرع
الإيرانية» في المنطقة. اليوم، وبعد
سنة على اندلاع الأزمة، يمكن هذه
الدوائر أن تبدي شيئاً من الارتياح إلى
ما تحقق من أهدافها، وأولها أن دمشق لم
تعد ولن تعود كما كانت قبل الحراك.
وسواء طال أمد النظام أم قصر، فسيكون
منشغلاً طوال أيامه بما يحفظ له رأسه،
ولن يكون بالتالي ظهيراً تعتدّ به
إيران. أبعد من ذلك، بات مفتاح الملف السوري في
يد موسكو بعدما كان في العقد الأخير
ورقة في يد طهران، وهو ما يريح واشنطن
في التعامل مع الكرملي، الذي وإن أصر
على البحث في جملة من الملفات
والمساومة فيها... ولكن ليس على قاعدة
مقايضة ملف هنا بملف هناك، فإن ما
يقلقه ليس توسع «الناتو» ودروعه
وخسارة آخر مواقعه ومصالحه في الشرق
الأوسط فقط، بل يقلقه انزلاق المنطقة
إلى صراع مذهبي، مثلما يقلقه مصير
الأقليات، لأن الآثار المدمرة لما
تشهده المنطقة يؤثر على روسيا أيضاً،
كما عبر لافروف في القاهرة مساء السبت،
كما يهمه أيضاً حماية القانون الدولي
وليس حماية أي نظام! إنه وقت للمفاوضات. هذا ما تريده أميركا
وروسيا والصين وأوروبا وتركيا، وهذا
ما تحتاج إليه الإدارة الأميركية
المنشغلة بالانتخابات الرئاسية،
ومثلها إدارة نيقولا ساركوزي... بعدما
حسم المرشد علي خامنئي الصراع في طهران
بين المحافظين بإضعاف محمود أحمدي
نجاد، وبعدما حسم فلاديمير بوتين
معركة «العودة المظفرة» إلى الكرملين.
إنه وقت للمفاوضات: خامنئي رحب بإعلان
الرئيس باراك أوباما استبعاده الخيار
العسكري لتسوية الملف النووي، وتوافقت
إيران والدول الخمس الكبرى وألمانيا
على جولة جديدة من المحادثات الشهر
المقبل في إسطنبول، و «اللجنة
الرباعية» ستجتمع اليوم أو غداً -كما
أعلن لافروف- لعلها تحرك مسيرة
المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية. الاتفاق العربي-الروسي يفتح باب التفاوض
واسعاً، ونقاطه الخمس كما أعلنها
لافروف ورئيس الوزراء وزير الخارجية
القطري الشيخ حمد بن جاسم، ستشكل مشروع
قرار في مجلس الأمن، كما قال الأمين
العام للجامعة العربية. خطا الطرفان
العربي والروسي خطوة إلى منتصف
الطريق، لم تدعُ الجامعة في الاتفاق
إلى تنحي الرئيس بشار الأسد، كما نصت «مبادرتها
الثانية» مطلع السنة، فيما أخرج
الروسي من جعبته ثانيةً «المبادرة
الأولى» التي أُعلنت نهاية العام
الماضي ورسمت خريطة طريق لتغيير سلمي
على الطريقة اليمنية، وأكد دعمه مهمة
أنان، وهو يعرف، وإن لم يصرح، أن
مرجعيتها قرار الأمم المتحدة الذي
تبنى «المبادرة الثانية». وارتضى صيغة
«وقف العنف من أي مصدر كان» بدل تبنيه
شعارالنظام عن «العصابات المسلحة». وفي حين أكد الشيخ حمد المرجعيات
المعتمدة لكوفي انان، وهي قرار
الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16
شباط (فبراير) الماضي، وخطة العمل
العربية في 2 تشرين الثاني (نوفمبر)
الماضي، وقرارات الجامعة في 22 كانون
الثاني (يناير) و12 شباط الماضيين،
اكتفى الوزير الروسي بالتعبير عن أمله
بأن تؤدي مهمة أنان إلى بداية حوار «من
دون استباق النتائج»! قد تؤدي هذه إلى
بقاء النظام لفترة أو رحيله سريعاً.
وحض على استغلال النفوذ لدى المقتتلين.
أطال في شرح موقف بلاده وعزا استخدامها
«الفيتو» إلى عدم إعطاء فرصة لمشروع
القرار الذي سقط. وعرج على مؤتمر تونس،
وفاتَه أن يعزو مقاطعته إلى خوف موسكو
من تصرف «أصدقاء سورية» خارج إطار
الأمم المتحدة! لكن بعض هذا التغيير في
الموقفين العربي والروسي لم يعلن
صراحة، مما سيتيح ل «الشياطين» الخروج
من التفسيرات والتفاصيل عندما يحين
وقت تنفيذ ما يمكن أن يتوصل إليه
المبعوث الدولي-العربي. فهل ينجح أنان
في ترويض «الشياطين»؟ وهل يمارس
اللاعبون الكبار نفوذهم على
المتصارعين فيستعجلون الحل لينصرفوا
إلى شؤون أخرى؟ ================= الإثنين, 12 مارس 2012 غسان شربل الحياة فظاعة المشاهد الوافدة من سورية يجب ألا
تحجب الرؤية. مشاعر الإدانة
والاستنكار يجب ألا تعطل القدرة على
القراءة. لنفترض أن صحافياً أجرى على
مدى أسبوع اتصالات بمسؤولين في الدول
المجاورة للحريق السوري وأرفقها
بحوارات مع معنيين بالأزمة يتوزعون
على مواقع متباينة. تساعد هذه الجولة
على إجراء جردة حساب لحصيلة السنة
الأولى من الأزمة السورية الدامية. - الأزمة السورية عميقة ومركبة ومعقدة.
إنها في جانب منها واحدة من محطات «الربيع
العربي»، أي احتجاجات على احتكار حزب
واحد للسلطة تحرسه قبضة أمنية صارمة.
إنها في وجه ثانٍ معركة حول موقع سورية
في الإقليم. ثمة من يتعامل مع سورية
بصفتها حلقة متقدمة في الهجوم
الإيراني المفتوح منذ عقود. إنها في
وجهها الثالث أزمة تجاذب دولي تحاول
روسيا من خلالها ترميم موقعها في
الإقليم واعتراض زحف «الربيع الإسلامي»
باتجاه الجوار الروسي. - أصابت الأزمة النظام السوري بأضرار
بالغة وأعطاب شديدة. قبل الشرارة كانت
سورية لاعباً إقليمياً بارزاًَ يتكئ
على استقرار صارم في الداخل وأوراق
يمتلكها خارج حدوده. اليوم سورية ملعب
لنزاع داخلي مرير وتجاذبات على أرضها.
مقعدها في الجامعة العربية شاغر. هيبة
أجهزتها أصيبت بثقوب. قدرتها على
استعادة الاستقرار الصارم موضع شك
عميق. - أضاع النظام السوري فرصة كانت متاحة في
الأسبوعين اللذين أعقبا شرارة درعا. لو
بادر إلى إسقاط المادة الثامنة وسارع
إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة
شخصية مقبولة ومن خارج الحزب مع ضبط
شهوات الأجهزة الأمنية، لمَا انتقلت
الاحتجاجات من المطالبة بإصلاح النظام
إلى إسقاطه. - لولا خشبة الإنقاذ الروسية، لا
الإيرانية، لغرق النظام في عزلة خانقة.
ينطلق موقف موسكو من حسابات
استراتيجية. تريد الاحتفاظ بموقعها.
جازفت بالاصطدام بالمعسكر العربي –
الغربي لكنها امتلكت مفتاح الحل أو
المعبر الإلزامي إليه. هذا لا يعني
أبداً أن تكون حسابات موسكو ودمشق
متطابقة تماماً في المرحلة المقبلة. ثم
إن النظام الذي تقاضى عائدات التحالف
مع إيران يدفع حالياً ضريبة التحالف
معها. - أساء النظام تقدير التحولات التي أحدثها
«الربيع العربي» في عدد من الدول وفي
المزاج العام. كما أساء تقدير ذيول
التوتر السنّي – الشيعي في الإقليم. - نجح النظام في منع قيام بنغازي سورية
وتظاهرات مليونية، لكن طريقته البالغة
القسوة في التعامل مع الاحتجاجات
جعلته يخسر معركته على الشاشات ولدى
الرأي العام العربي والإسلامي والغربي. - نجح النظام في إقناع دول ومجموعات
وأقليات بأن اقتلاعه عبر تدخل دولي
يرشّح سورية للعرقنة أو الأفغنة أو
الصوملة، أي قيام فوضى دموية في قلب
العالم العربي وعلى حدود إسرائيل. - تمكن النظام من الاحتفاظ بقدر من
التأييد الشعبي الملتف حول آلة عسكرية
وأمنية شديدة التماسك على رغم
الانشقاقات التي لم تلامس عصب عموده
الفقري. - أظهر النظام قدرة على توجيه ضربات مدمرة
إلى مدن وأحياء ومناطق لكنه لم ينجح في
إخماد الاحتجاجات وتقديم برنامج مقبول
للخروج من الأزمة. الخروج مشروط بإعادة
توزيع السلطة والقرار على المكوّنات.
ثمة من يرى حاجة إلى «طائف سوري» يقتدي
ب «الطائف اللبناني» لجهة توزيع مهام
الأمن والسياسة الخارجية والاقتصاد
والإدارة، لتفادي تقسيم الدولة والأرض. - لم تتمكن المعارضة على مدى عام من اقتلاع
النظام لكنه لم يتمكن من اغتيال
إصرارها على الاحتجاج وسط الركام. نجحت
المعارضة في الحصول على تأييد عربي
ودولي واسع لكن غياب أي رغبة في التدخل
العسكري رسَمَ حدوداً صارمة لدور
الخارج وبعض الدول المجاورة، خصوصاً
تركيا. أظهرت المعارضة قدرة على خوض
معركة استنزاف طويلة ومكلفة ضد النظام
لكنها عجزت عن بلورة إطار متماسك حول
رؤية موحدة تطمئن القلقين في الداخل
والخارج. في المقابل أظهر النظام قدرة
على خوض صراع طويل على رغم الضغوط
الدولية والتدهور الاقتصادي المتسارع. ربما تساعد جردة الحساب هذه على تفسير
اتفاق النقاط الخمس بين سيرغي لافروف
ووزراء الخارجية العرب. وربما تساعد
على فهم ميزان القوى الذي لا بد أن يؤثر
في جهود كوفي أنان. معارضة غير قادرة
حتى الآن على اقتلاع النظام. ونظام غير
قادر حتى الآن على اقتلاع المعارضة.
يصعب على النظام التراجع بعد ما فعل.
يصعب على المعارضة التراجع بعد ما قدمت.
مأزق داخلي واختبار إقليمي قاسٍ
وتجاذب دولي. إنها الصورة عشية الذكرى
الأولى لانطلاق الأزمة الدامية التي
تختلف عما سبقها من معارك «الربيع
العربي». ================= الأحد, 11 مارس 2012 عبدالله إسكندر الحياة مع وصول كل زائر الى دمشق بهدف البحث في
الازمة التي تنهي عامها الاول، تتزايد
مطاردة المحتجين والمعارضين ويشتد
القصف على اماكن تجمعهم. وذلك في رسالة
من الحكم في دمشق الى الشعب السوري
مفادها بأن لا شيء يفيدكم ولا شيء
ترجونه من هذه الزيارات، ولن تنالوا
سوى القصف والمطاردة... الى ان تذعنوا
للسلطة. ولم يشذ وصول الموفد الدولي -
العربي كوفي أنان عن هذه المعادلة. اذ
حملت الأنباء معلومات عن مجازر عشية
الوصول وعن حشود تستهدف مناطق جديدة
تؤوي المعارضة. وحتى خلال لقاء انان
الرئيس بشار الأسد كانت المدفعية تدك
المدنيين. ومع كل حديث عن ضرورة الضغط على النظام
لوقف قتل المدنيين، تخرج موسكو
للتنديد بالتدخل السافر في الشأن
السوري. وكأن وقف قتل المدنيين لا
يستقيم الا بحرب من الخارج، وليس بقرار
وقناعة من الحاكم. وجاء وزير الخارجية
الروسي سيرغي لافروف الى القاهرة
ليقنع الوزراء العرب بهذه النظرية،
ويبرر موقف بلاده من عدم اعطاء
الاولوية لوقف القتل، معيداً الى
الاسماع «معلومات» بلاده عن عصابات
مسلحة وتدريبات في دول عربية. في هذا المعنى، يأتي التحرك الروسي، كما
ظهر من مناقشات مجلس الامن واعتراضات
موسكو على مشاريع القرارت التي طرحت
عليه وكما ظهر من التصويت في الجمعية
العامة، ليشكل درعاً واقية من مهمة
انان، على رغم ان الاولويات التي حددها
الاخير وما يمكن ان يقترحه غير ملزمة
لأحد، خصوصاً للحكم السوري، ما دامت
غير مرتبطة بقرار من مجلس الامن. حتى ربما يمكن القول ان ثمة مشكلة في تعدد
اهداف مهمة انان، خصوصاً بعدما بات
مسلّماً به ان الحكم السوري ماض في
سياسة القتل. ولم تعد اي مهمة اخرى غير
وقف القتل ذات معنى، لأن الاستمرار في
العمل الحربي يعني نفياً قاطعاً
للحوار والسماح بالممرات الانسانية،
كما يحاول انان ان يقنع القيادة
السورية. وربما لذلك، استقبلت دمشق الموفد الاممي -
العربي بوضعه أمام خيارين: ان يعلن ما
كان سبق ان اعلنه رئيس فريق المراقبين
العرب الجنرال السوداني الدابي ويتحول
اداة في دعاية النظام السوري. او ان
يستخلص انان ما يجب استخلاصه من ضرورة
وقف القتل فيتحول الى اداة في ايدي «المشيخات
الخليجية»، على نحو ما تحذر التعليقات
الرسمية السورية. في اي حال، من غير المتوقع ان تستجيب دمشق
لما يمكن ان يقترحه انان اكثر من
استجابتها لمهمة المراقبين العرب
سابقاً ومهمة فاليري آموس مسؤولة
الشؤون الانسانية في الامم المتحدة
قبل ايام. ليظل الحل الامني هو المعتمد، بالاستناد
الى موقفين، روسي وصيني، لا يزالان
يمنعان اي اجراءات دولية ملزمة للحكم
السوري، في شأن سحب جيشه وآلياته
الثقيلة من الشوارع. وليظل التعتيم
ومنع اي شهادة مستقلة عما يعانيه
السكان على يدي جيش بلدهم وميليشياته
على امتداد البلاد. واذا كان منع عمل
الصحافيين هو القاعدة، فكيف يمكن
السماح بعمل فرق انقاذ انسانية، قبل ان
تتولى هذه القوات بنفسها تنظيف ما
فعلته، كما حصل في حي بابا عمرو في حمص. وما دام الموقف الرسمي كذلك، كيف يمكن
انان ان يقنع الحكم السوري بفتح ممرات
آمنة للمساعدات الانسانية؟ وفي هذا
الوضع اي حوار سياسي يمكن ان ينطلق
وصولاً الى تسوية سلمية؟ وهل يمكن
ببساطة القول عفا الله عن قتل اكثر من
8500 شخص واعتقال الآلاف وتشريد عشرات
الآلاف داخل البلاد وخارجها؟ ================= الإثنين, 12 مارس 2012 جميل الذيابي الحياة عندما ذاع خبر انشقاق 10 ضباط كبار من
الجيش السوري بينهم 4 عمداء وعقيدان
ولجوئهم إلى تركيا، بالتزامن مع إعلان
انشقاق مساعد وزير النفط السوري،
اتصلت بصديق في المجلس الوطني السوري،
وهذا الصديق الثائر مصاب بالمرارات
والإحباطات من سنوات، لكنه لا يزال
يجيد التواصل والتحليل والتفاؤل،
ويُبدي شجاعة في مواقفه ضد نظام الأسد.
يرى أن نظام الأسد سيرحل وأن نسبة
كبيرة جداً من الشعب السوري أصبحت
ثائرة وستحطم الأصنام قريباً. يتساءل
كيف أن الأسد يصر على مخالفة حقيقة
الشارع، وحجم المتظاهرين وانشقاق ضباط
الجيش، على رغم أنه يعلم أن الثورة
السورية ليس لها من أب إلا الشعب
الباحث عن الكرامة والحرية والحقوق
المفقودة. يقول إن الثورة صمدت عاماً
وستصمد أكثر وأكثر، ولو قتل الشعب كله
وتخلى العالم كله. يقول لا أستغرب
تصريحات الأسد الأخيرة التي يؤكد فيها
أن أي حوار سياسي أو عملية سياسية لن
تنجح طالما هنالك مجموعات إرهابية
وعصابات مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى،
متسائلاً بسخرية: أليس من يقصف الشعب
بالدبابات والصواريخ، ويهدم المنازل
ويقتحم المدن ويمنع عن الناس الماء
والغذاء ويقطع عنهم الكهرباء هو شبيحة
النظام وعصابته. ثم يتعجب كيف لا يخجل
هذا النظام من بث إشاعة «المندسِّين»،
حتى إنه يحاول إلى اليوم أن يصور الشعب
السوري بأنه «مسلح ومندس». يبشر هذا
الصديق الفاعل بأن المعلومات التي
لديه تشير إلى أن نظام الأسد ورجال
القصر بدا الذعر يدب في قلوبهم بعد أن
شعروا باقتراب الحبل من غاربهم ووصول
التظاهرات إلى حدود القصر الجمهوري. وليل أمس، اتصلتُ بمسؤول في الأمم
المتحدة سبق أن التقيته أخيراً في
عاصمة خليجية، وكتبت ما دار بيني وبينه
على حلقتين في مقالة بعنوان: «دردشة
ليست للنشر». هذا المسؤول مشكلته أنه
لا يتحدث إلا قليلاً، ويفضل عدم ذكر
اسمه. استنتجت هذه المرة من حديثه أن «الحل
الأخير» يلوح في الأفق، وأن الضغط
العربي على روسيا، ولا سيما الخليجي
بدأ يؤثر فيها ويقلقها مع تزايد
الكراهية لها في الشارع العربي،
مؤكداً ما ورد عن أن وزير الخارجية
الروسي لافروف في لقائه الأخير بوزراء
الخارجية العرب في القاهرة، أشار إلى
أن بلاده تعتمد المبادرة العربية التي
تنص على نقل صلاحيات الأسد إلى نائبه
ضمن مهمة كوفي أنان، معتبراً هذا
تقدماً عملياً ملموساً. مطالب الشعب السوري واضحة. والمطالب
العربية والدولية واضحة. وأكاذيب
النظام السوري ومكابرته وجرائمه واضحة.
الحل لم يعد وقف العنف والوحشية فقط،
وإنما المطلب الأساس رحيل نظام الأسد
ومحاسبة عصابته، حتى تنعم سورية
بالهدوء والاستقرار. الجامعة العربية حتى الآن لم ينجح فيها
أحد، حتى رئيس فريق المراقبين العرب
المرسل إلى سورية الفريق الدابي ما إن
وصل إلى دمشق حتى أصبح يدعى ب «الشبيح»،
إذ تحولت مهمته من المراقبة لمصلحة
الشعب إلى المنافحة عن النظام. وهناك
مواقف دول عربية، مثل العراق ولبنان
والجزائر خائبة، ودول عربية أخرى مثل
مصر تائهة! يحسب للسعودية وشقيقاتها دول مجلس
التعاون الخليجي صرامة خطابها منذ
البداية، وشجاعة مواقفها في مواجهة
موقف روسيا والصين من الأزمة السورية.
في القاهرة اتهم سعود الفيصل مجدداً
موسكو وبكين، بأنهما يمنحان النظام
السوري رخصة القتل ضد الشعب من دون
شفقة أو رحمة، من خلال مواقفهما
المتراخية والمتخاذلة تجاه وحشية
النظام. كما يحسب لقطر أيضاً دورها
وتبنيها مقترحات قوية، مثل دعوتها إلى
إرسال قوات عربية ودولية إلى سورية. اليوم في نيويورك يعود الملف السوري بقوة
إلى مجلس الأمن مع اجتماع وزراء خارجية
الدول الدائمة العضوية، في جلسة مخصصة
لبحث «الشرق الأوسط: تحديات وفرص»،
وستكون الأزمة السورية على رأس
أولوياتها. لا شك في أن الموقف الروسي
طرأ عليه بعض التغير، لكن ينتظر من
موسكو اتخاذ خطوات إنسانية جادة
لإنهاء الأزمة الحالية، لا الاستمرار
في ترخيص القتل والدفاع عن نظام مجرم
سقط في عيون شعبه ولم يعد يعترف به، بعد
أن اتسعت رقعة التظاهرات وتزايدت
الانشقاقات جراء جرائم القتل والتعذيب. الأوضاع في سورية بالنسبة إلى النظام بين
التعقيد والتصعيد، أما الثوار فتبدو
كل الحلول بالنسبة إليهم متساوية، ولم
يعودوا يخشون شيئاً بعد أن شهدوا
القتل، وقرروا الثأر بعد أن جمعوا
أشلاء شهدائهم وأعلنوا أنهم للموت
فداء. والحقيقة أن المسألة السورية لم تعد
تحتاج إلى حل معادلة رياضية معقدة. ولن
تعود سورية مستقرة إلا برحيل نظام
الأسد وزمرته، وهو ما يجب أن يكون عليه
موقف مجلس الأمن الدولي خلال اجتماعه
اليوم في نيويورك. الأكيد أن خريطة الحل السياسي أو الحل
الأخير التي تساعد الشعب السوري، يجب
أن تبدأ من الاعتراف بالمجلس الوطني
السوري ومساندة المعارضة بالمال
وتسليحها علناً في حال إفشال النظام
لمهمة أنان، واستمراره في رفض اعتماد
المبادرة العربية التي تنص على نقل
صلاحيات الرئيس لنائبه. twitter|@JameelTheyabi ================= مهمة «الدابي 2».. هدية
السنة الأولى للسوريين إياد أبو شقرا الشرق الاوسط 12-3-2012 «في نهاية المطاف لن نتذكر كلمات
أعدائنا، بل صمت أصدقائنا» (مارتن لوثر كينغ الابن) بالأمس، مع اقتراب الثورة السورية من
إكمال سنتها الأولى، كان المشهد في مقر
جامعة الدول العربية مؤلما.. بل مخجلا. لا أدري ما نوقش في الكواليس بعيدا عن
الإعلام، لكنني سمعت وشاهدت على شاشة
التلفزيون كلمة وزير الخارجية الروسي،
سيرغي لافروف، أمام وزراء الخارجية
العرب. ثم التصريح الصحافي المُقتضَب
الذي تُليَت فيه النقاط الخمس «المتفق»
عليها بين الجامعة وموسكو. مثل كل مبادرات جامعة الدول العربية
بقيادة أمينها العام نبيل العربي إزاء
سوريا، خلال الأشهر ال12 الأخيرة، كانت
هذه المناسبة خذلانا بشعا آخر للشعب
السوري ونضاله البطولي. ولقد «تألق»
الدكتور العربي، الذي بات على كل منا
أن يمسك قلبه بيده هلعا كلما عرض
اقتراحا أو اجترح مبادرة أو أدلى
بتصريح، مجددا في اختيار أسوأ توقيت
لزيارة لافروف. وكان الأمين العام قد
تكلم قبل أيام عن «مؤشرات على تغير في
موقف موسكو»، ولكن خلال ساعات معدودات
صدر نفي قاطع لحدوث أي تغيير.. من
الخارجية الروسية نفسها. وبالأمس، بينما كان الموفد الدولي
العربي، كوفي أنان، الأمين العام
السابق للأمم المتحدة، يبدأ «وساطته» -
الفاشلة سلفا - في دمشق، ويلتقي رأس
النظام السوري، كان لافروف يكرر أمام
وزراء الخارجية العرب بصفاقة غير
مسبوقة «ثوابت» موسكو إزاء نظام الأسد
في دمشق. وهي الثوابت التي أدت
لاستخدامها «الفيتو» مرتين خلال بضعة
أشهر.. مما أتاح للأسد قتل ألوف أخرى من
الأبرياء وتدمير مزيد من المدن
والبلدات والقرى. لا حاجة للتساؤل عن سبب تفاؤل العربي
ومعطياته، فمتابعة «إدارته» البائسة
للعمل الدبلوماسي العربي تجعل من أي
مساءلة جدية خطوة عديمة الجدوى.
فالرجل، على ما يظهر، لا يدرك خطورة ما
يعنيه استمرار نظام بشار الأسد. لكن ما
يزيد الطين بلة أنه يتصرف متأثرا
بالمنظور السياسي المتخبط
للدبلوماسية المصرية - منذ بعض الوقت -
إزاء تعقيدات أزمات المشرق العربي.
وهذا ما عبرت عنه قبل أيام تصريحات
وزير الخارجية المصري، محمد كامل
عمرو، الرافضة تسليح المعارضة السورية
«لمنع نشوب حرب أهلية!». سقوط عشرات الألوف من القتلى والمختفين
لا يعني في قاموس الوزير عمرو، وقبله
الدكتور العربي، وجود «حرب أهلية»
فعلية، مع أن ثمة رئيس جمهورية مصريا
معزولا يواجه اليوم، من قفص الاتهام
بالذات، تهمة إصدار أوامر بإطلاق
النار على المتظاهرين! ولكن «استقالة»
الدبلوماسية المصرية من مسؤولياتها
الإقليمية ليست ابنة البارحة. فعلى
الرغم من ثقل مصر القومي والإقليمي،
غابت تصوراتها الاستراتيجية
ومبادراتها، لفترة غير قصيرة، عن
الفضاء الجيو - سياسي العربي منذ سنوات
طويلة إبان فترة حكم مترهل وضيق الأفق. هنا من الواجب القول إن مصر ليست الجهة
الملومة الوحيدة. مصر مقصرة فقط، وهي
مقصرة أولا وأخيرا بحق نفسها. كما
ينبغي القول إنها في ظروفها الراهنة قد
تكون معذورة. أما غيرها من القوى المفترض بها أنها
معنية بالدفاع عن الشعب السوري، أو تلك
التي تزعم الدفاع عن حق الشعوب في
تقرير مصيرها وترسيخ الديمقراطية
وحمايتها، فهي إما متواطئة مع حكام
دمشق.. أو ضالعة في مؤامرة ضد الشعب
السوري. روسيا والصين وإيران دول صريحة في دعمها
الفعلي للنظام السوري، ومباركتها قمعه
الوحشي لأسباب متنوعة، لا حاجة
لتكرارها، إلا أن الضربة الموجعة التي
تلقتها الثورة السورية، أشرف الثورات
العربية وأشجعها على الإطلاق، جاءت من
جهات كان كثيرون يتصورون أنها ستحميها. الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تكن
في الماضي تتعاطف مع الثورات الشعبية
على امتداد العالم الثالث، غيرت
مواقفها وأخذت تؤيد حق الشعوب في تقرير
مصيرها بعد انتهاء الحرب الباردة
وانفرادها بزعامة العالم عام 1989. إذ
سقط من قاموسها ادعاء «اضطرارها»
للسكوت على الأنظمة الديكتاتورية،
بعدما انهار مبرر الحاجة إلى التصدي
للتغلغل الشيوعي في آسيا وأفريقيا
وأميركا اللاتينية. وحقا، بمجرد
انهيار «جدار برلين» ومن ثم سقوط
الاتحاد السوفياتي، نجح اليسار في
الوصول إلى الحكم في غالبية دول أميركا
الجنوبية، وعلى رأسها الدولتان
الأكبر؛ البرازيل والأرجنتين، بل خلال
العقدين الأخيرين لم يحكم اليمين إلا
دولة واحدة فقط في القارة هي كولومبيا. وفي المنطقة العربية، والشرق الأوسط
عموما، بعد تراجع مد اليسار التقليدي
برز اليمين الديني، ممثلا في الأحزاب
والقوى الدينية بديلا طبيعيا وشبه
حتمي للأنظمة العسكريتارية و«الجملوكية»،
أي الجمهوريات الملكية القائمة على
العائلة والطائفة والقبيلة.. التي زعمت
في يوم من الأيام أنها «ثورية» هاجس
وجودها وحلم حياتها تحرير فلسطين
وتوحيد الأمة (!؟). في إيران، أزاحت «الثورة الإسلامية» حكم
الشاه.. مع أن بدايتها الديمقراطية «الشورَوية»
تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى حكم
الأجهزة الأمنية وتسلط «الحرس الثوري»
وانحصار التنافس على السلطة ضمن
القيادات المحافظة الإقصائية الرافضة
للرأي الآخر. ولم تلبث تركيا أن سارت
على طريق «الإسلام السياسي» بنسخته
السنية ووجهه المعتدل الواقعي، القادر
على التعايش مع إرث أتاتورك العلماني.
أما في إسرائيل، الكيان اليهودي
التوراتي، فاندثر حزب العمل
الاشتراكي، الذي كان في العقود الأولى
من عمر الكيان «حزب السلطة» الطبيعي،
وغدت القوى التوراتية اليمينية
القاعدة الصلبة التي يعتمد عليها
اليمين المسيطر على الساحة. هذه الخلفية، أسهمت بطريقة أو بأخرى في
خلق بيئة ما عُرف ب«الربيع العربي»،
بعدما وصلت «الجملوكيات»
والعسكريتاريات المترهلة إلى طريق
مسدود، واصطدمت بإدارة أميركية
ليبرالية زعمت ذات يوم أنها حقا تؤمن
بحقوق الإنسان، وعلى رأسها حقه بتقرير
مصيره. وبالفعل، سحَبَت هذه الإدارة بسرعة فائقة
البساط من تحت قدمي نظامين طالما
اعتبرهما خصومهما «تابعَين» لواشنطن،
في تونس ثم مصر. ثم قادت تحالفا عسكريا
أسقط سلطة غاشمة متخلفة في ليبيا بدأت
عهدها «ثورة ضباط شباب» راديكالية
لتنتهي نسخة مشوهة حتى عن «الديكتاتوريات
الأبوية» في هايتي (دوفالييه) ومالاوي (باندا)
وساحل العاج (هوفويت بوانيي). ولكن فجأة، بعد تشجيع وحماسة منقطعي
النظير وصلا إلى حد التحريض، انكشفت
أولويات واشنطن إزاء سوريا، حيث حكم
منذ 1970 أحد أقسى الأنظمة الأمنية
التسلطية في الشرق الأوسط. خلال 12 شهرا من الانتفاضة البطولية للشعب
السوري الثائر تدرج الموقف الرسمي
الأميركي - ومعه الخطاب السياسي لدول
الاتحاد الأوروبي - نزولا، من التشجيع
والمباركة على الثورة والوعود بالدعم،
إلى الاكتفاء بانتقاد النظام وفرض
عقوبات محدودة الوقع على رموزه،
فالتمنيات بزواله قريبا، وصولا إلى
الإعراب صراحة عن المخاوف من نجاح
ثورته لئلا يستفيد منها الأصوليون
الإسلاميون! هل هناك تفسير لهذا الموقف؟ طبعا، إنه
خطاب تقديم الاعتماد والاستجداء
الرخيص للأصوات الانتخابية، الذي
ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما
أمام «آيباك»، أقوى جماعات «اللوبي»
الإسرائيلي، في واشنطن. فإسرائيل ضد
إسقاط الحكم الذي قدم لها أفضل الخدمات
على امتداد 42 سنة. هذا هو التفسير. وهو يندرج، بالتتابع، على
موقفي الاتحاد الأوروبي وتركيا.. التي
تستضيف المؤتمر التالي ل«أصدقاء سوريا». وصدق مَن قال: «رب اكفني شر أصدقائي.. أما
أعدائي فأنا كفيل بهم!». ================= أوباما المشكلة وليس
روسيا وحدها طارق الحميد الشرق الاوسط 12-3-2012 لا يمكن إلقاء اللوم على روسيا وحدها في
الحالة السورية، فإحدى أكبر المشاكل
أيضا هي إدارة الرئيس أوباما، الذي
يضيع فرصة ذهبية للتخلص من أهم معوقي
استقرار المنطقة؛ بشار الأسد، وهو أمر
يمس الأمن القومي الأميركي أيضا. لكن
الواضح أن أوباما غير معني بأمن
المنطقة، الذي هو امتداد للأمن الدولي
ككل، خصوصا أن الفوضى في سوريا تعني
أنها فوضى تطل على المتوسط، فأوباما
مشغول أكثر بإعادة انتخابه. الإدارة الأميركية وجهت من اللوم
للمعارضة السورية بمقدار ما وجهته
للأسد، إن لم يكن أكثر. والأدهى،
والفضيحة الكبرى، أن إدارة أوباما هي
من قال بوجود «القاعدة» في سوريا، رغم
أن «القاعدة» عربدت في العراق برعاية
نظام الأسد، لكن عندما نقول فضيحة، فهل
تعلمون لماذا؟ ها هي صحيفة «واشنطن
بوست» الأميركية تنقل عن عاملين في
الاستخبارات الأميركية أن الدليل
الوحيد الموجود لدى واشنطن على وجود «القاعدة»
في سوريا هو أسلوب - نعم أسلوب - التفجير
الذي وقع في دمشق، فقط لا غير! وعليه،
فإن إدارة أوباما هي التي تطالب
المعارضة بتوحيد صفوفها، وهي - أي
واشنطن - تعي أن توحيد المعارضة يتطلب
دعما دوليا، وعملا جادا، أي غرفة
عمليات، وليس تصريحات. إشكالية الإدارة الأميركية الحالية أنها
تشتهر بالقراءة الخاطئة لأحداث
المنطقة، ويكفي أن نتأمل هنا تعامل
أوباما مع الثورة الخضراء، فبدلا من
دعمها نجد أنه قرر الانسحاب من العراق
ليتركه بيد المالكي وطهران! وبالنسبة
لسوريا فإن إدارة أوباما تقول إن نظام
الأسد متماسك، وهذا أمر متوقع حاليا
لعدة أسباب، منها أن واشنطن تعلم بمدى
دعم إيران للأسد، بالسلاح والمال،
والرجال، والمعدات، وكل الطاقات، وعبر
العراق، مما يصعب من انشقاق أي مسؤول
سوري وهو لا يرى موقفا جادا من أوباما،
الذي يعارض تسليح المعارضة، ولم يعلن
أن سقوط الطاغية مسألة أمن قومي؟ كيف يمكن أن تنشق فرق عسكرية متكاملة ولا
توجد منطقة عازلة، أو حدودية، تضمن
حماية من ينشق، وتساعدهم ليعيدوا
ترتيب صفوفهم؟ فمن كان ينشق في ليبيا
يذهب إلى بنغازي، لكن أين يذهب من ينشق
في سوريا؟ فإذا أرادت إدارة أوباما
رؤية انشقاقات فارقة، وبشكل سريع،
فعليها اتخاذ موقف صارم، وعليها تذكّر
أنه في فترة بوش الابن، عندما لوح
بالعصا للأسد، بعد اغتيال الحريري،
وكانت المحكمة الدولية قاب قوسين أو
أدنى، فكر غازي كنعان وقتها
بالانقلاب، ولذا تمت تصفيته! فأين
العصا اليوم، وأين المحكمة؟ الأمر الآخر أنه بقراءة التاريخ القريب
سنجد أن أحدا لم ينشق على صدام حسين
قبيل الغزو الأميركي، وحتى في أيامه
الأولى، لأن العراقيين وقتها كانوا
يعون أنهم وعوائلهم سيبادون، ونظام
الأسد أسوأ من صدام في ذلك، فكيف يمكن
أن يتحرك السوريون وهم لا يرون مواقف
جدية من واشنطن؟ لذا، فالإشكالية ليست من روسيا وحدها،
وإنما من تردد أوباما، وإدارته، التي
تقرأ الأحداث بطريقة خاطئة، حيث تترك
السوريين وحدهم أمام جرائم النظام
الأسدي، وتضيع أكبر فرصة لخلق
الاستقرار بالمنطقة، وقطع يد طهران
منها. فمن يشرح ذلك لأوباما؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |