ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
2012-03-18 الوطن السعودية تصريح المبعوث الدولي للأمم المتحدة
وجامعة الدول العربية إلى سورية كوفي
عنان بأن الردود السورية على مقترحاته
مخيبة للآمال هو نذير ومؤشر بأن النظام
السوري يسير في نفس الطريق القديم من
حيث إضاعة الوقت واللعب على الأطراف من
أجل تعطيل أي جهد نحو الحل، في ظل
استمرار نهجه المعتمد على آلة القتل
العنيفة، وهذا العنف الذي ينتهجه
النظام السوري هو السبب الرئيس خلف
العنف المضاد الذي يواجه به
المتظاهرون النظام من أجل الدفاع عن
أنفسهم. النظام السوري يريد أن يقود سورية نحو حرب
أهلية من باب هدم المعبد على رؤوس
الكل، فالهجمات العسكرية الأخيرة
للنظام على المواطنين توضح بجلاء هذا
التوجه الذي يحاول دفع المجتمع السوري
بأكمله نحو حافة اللاعودة، حيث لم يعد
اليوم من خيار أمام المواطنين سوى حمل
السلاح أمام آلة القتل والقمع
العسكرية للنظام، والنظام بذلك يختار
طريق الحرب والمواجهة العسكرية بدلا
من الاستماع لصوت العقل والقبول
بالخطة العربية التي ضمنت للنظام
خروجا آمنا مقابل إنقاذ سورية. نظام الأسد يوسع دائرة المواجهة بدلا من
التعامل مع الأطراف الدولية لحل
المسألة، فالتفجيرات التي شهدتها دمشق
أمس وسارع النظام عبرها بإلقاء اللوم
على تنظيم القاعدة، هو أمر يوضح الخطاب
الآخذ بالتطور من قبل النظام السوري
الذي يبطن بمثل هذا الخطاب تهديدا
ضمنيا بإشعال سورية بالإرهاب إذا ما
استمر الضغط عليه، وهذا التخويف الذي
يستهدف المجتمع الدولي في المقام
الأول خدعة مفضوحة لن تنطلي على
المطلعين على بواطن الأمور، ومحاولة
النظام السوري هذه توضح بشكل جلي أن
المنطق الذي يتبعه النظام لا يزال كما
هو دون أي تغيير، فالنظام السوري لا
يزال على تعنته ورفضه. هذا التعنت والرفض واضح أيضا من الرد
المخيب له على نقاط كوفي عنان، رغم
الدعوة الروسية للاستجابة لهذه النقاط.
والسؤال المحوري الآن هو: ماذا بعد
نقاط عنان؟ وهل سيقتنع العالم بعد رفض
السوريين أن السبيل الوحيد هو تحرك
دولي واضح وقوي ضد سورية؟ أم أن بعض
الأطراف الدولية ستظل على موقفها الذي
لن يتسبب في النهاية سوى في إضاعة مزيد
من الوقت وإراقة مزيد من الدماء؟ ================= رأي الراية الراية 18-3-2012 يُؤكّد تصاعد وتيرة الأحداث في المدن
والبلدات السورية وارتفاع عدد الضحايا
مع توسّع الاحتجاجات والتظاهرات
الشعبية المطالبة بالتغيير ضرورة
توحيد المجتمع الدولي باتجاه الضغط
على النظام السوري من أجل وقف العنف
وشلال الدم المتواصل في سوريا. إن توصيف المبعوث الدولي كوفي أنان للردّ
السوري على مقترحاته أنه "مخيّب
للآمال" يُلقي مسؤولية أخلاقية على أعضاء مجلس
الأمن الدولي للارتقاء إلى مستوى
مسؤولياتهم كجهة مهمّتها حفظ الأمن
والسلم العالميين للخروج بقرار دولي
يدعم المبادرة العربية لحل الأزمة
السورية ويسمح بإرسال قوات حفظ سلام
عربية ودولية إلى المدن والبلدات
السورية لحماية الشعب السوري من القتل
. لقد ردّ النظام السوري بعنف على توسّع
التظاهرات والاحتجاجات الشعبية
المطالبة بالحرية والتغيير التي
انتقلت إلى مدن شرق سوريا وبالتحديد
إلى مدينتي الرقة والحسكة حيث كان
القتل بالرصاص مصير المتظاهرين ما
يُؤكّد إصرار النظام السوري على خياره
العسكري كوسيلة لإخماد الثورة الشعبية
السورية رغم أنه فشل في إخمادها منذ
عام كامل. على الرغم من أنه من المبكّر الجزم بالجهة
التي تقف وراء التفجيريين الإرهابيين
اللذين شهدتهما دمشق يوم أمس وأسفرا عن
وقوع عشرات الضحايا إلا أنه يُمكن
الجزم بأن الجهة التي تقف وراءهما تسعى
إلى خلط الأوراق وتأكيد رواية النظام
السوري عن مؤامرة خارجية تستهدفه
كتبرير لاستخدام النظام قبضته
الحديدية لقمع الثورة السورية ووصمها
بالإرهاب. إن استمرار القتل والعنف والنزوح
والاعتقال الذي يتعرّض له أبناء الشعب
السوري منذ عام كامل مع رفض النظام
السوري التجاوب مع جميع المبادرات
والجهود الساعية لوقف العنف والقتل
كخيار في مواجهة الاحتجاجات أو
المماطلة والتسويف في التعاطي مع
الجهود العربية والدولية التي تُبذل
على هذا الصعيد يتطلب من حلفاء النظام
السوري وخاصة روسيا والصين إعادة
النظر في مواقفهما الداعمة للنظام
السوري والتي ساهمت بشكل واضح في
استمرار دوّامة العنف والقتل
المتواصلة في سوريا . لقد استخدم النظام السوري الدعم الروسي
والصيني كغطاء سياسي ليُواصل خياره
العسكري غير آبه بسقوط الضحايا الذين
قاربوا عشرة آلاف قتيل خلال عام كامل
غير عشرات آلاف الجرحى والنازحين
والمعتقلين في السجون. إن من حق الشعب السوري الذي يُطالب
بالحرية والديمقراطية والتغيير والذي
قدّم أرواح أبنائه وبناته على مذبح
الحرية يملك أن يُقرّر مصيره ومستقبله
بنفسه ومن الواجب على المجتمع الدولي
أن يدعم خياره الحر ويمنع بكل السبل
والوسائل النظام السوري من قتل شعبه. ================= سربرنيتشا متنقلة في
سورية ... من المسؤول؟ د. محمد علوش الرأي العام 18-3-2012 خلال مؤتمرها الصحافي في نيويورك، قالت
فاليري آموس مبعوثة الأمين العام للأم
المتحدة للشؤون الإنسانية الى سورية
إن عضواً في فريقها الذي زار معها بابا
عمرو في حمص أسرّ لها أن ما رآه في الحي
المنكوب ذكره بسربرنيتشا البوسنية
التي تعرضت لتطهير ديني على يد
الميلشيات الصربية في التسعينات. وفي
الوقت الذي كانت آموس تتحدث فيه كانت
شاشات الفضائيات تغص بالصور المروعة
للمجزرة التي وقعت في كرم الزيتون في
حمص. تلتها مجزرة أخرى في ادلب لا تقل
بشاعة ثم اخرى وأخرى. ناجٍ وحيد من
مجزرة كرم الزيتون قال: إن شبيحة
مؤيدين للنظام ارتكبوا المجزرة، وفقاً
لما جاء في تقرير عرضته شبكة ال«بي بي
سي» البريطانية. المجرزة ليست جديدة،
حصل مثلها من قبل في جسر الشغور ودرعا
وحماة والرستن. لم يعد أحد ينكر وجود جرائم ضد الإنسانية
تقع بشكل ممنهج في سورية، مع بقاء
الجدل حول هوية الفاعل. فالنظام لا
يتوانى في اتهام العصابات المسلحة
ووسائل الإعلام العربي والدولي
بالمشاركة في القتل. ويتساءل مؤيدو
النظام عن المبرر الذي قد يدفع الحكومة
السورية لقتل الأطفال واغتصاب النساء
ومن ثم قتلهن؟ أوليس في ذلك تحريض
للناس للانتفاضة عليه؟ يتابع هؤلاء: ألم تعترف آموس ان بعض
المواطنين الذين لاقتهم في بابا عمرو
شكوا لها من ممارسات العصابات المسلحة
ضد أهل الحي؟ ألم تؤكد جهات غربية
ودولية وجود مجموعات مسلحة بعضها
مرتبط بتنظيم القاعدة على الأرض
السورية؟ ألم يذكر تقرير الأمم
المتحدة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أن
المعارضة قامت ببعض الانتهاكات؟ ويتساءل مؤيدو النظام بريبة: هل من الصدفة
دائماً ان تتزامن المجازر مع كل مرة
يطرح فيها الملف السوري امام المحافل
الإقليمية والدولية كما حصل قبيل
اجتماعات الجامعة العربية، وكذلك مجلس
الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة؟
الحال عينه تكرر قبل مؤتمر اصدقاء
سورية في تونس. أسئلة مشروعة ومنطقية وتنسجم مع تصريح
الأسد الشهير لقناة ABC الأميركية: «مجنون من يأمر
بقتل شعبه». في المقابل نتساءل، ليس من
باب المحاججة والتشكيك، وانما انسجام
مع المنطق الذي يطرحه مؤيدو النظام
السوري، إذا كانت العصابات المسلحة
تقف وراء المجزرة، لماذا من نجا من
المجزرة، وكذا أهالي الضحايا ألقوا
باللائمة على النظام؟ ولماذا لم يسرع
النظام الى بث وعرض المجزرة على وسائله
الإعلامية قبل عرض الفضائيات المغرضة
والمتآمرة لها؟ وقد عهدنا من وسائل
اعلامه سرعة فائقة وغير منطقية في بث
صور لتفجيرات دمشق وحلب. ثم لماذا لم
تقع المجزرة إلا بعد سيطرة قوات الأمن
والشبيحة على المنطقة المنكوبة؟وما
مصلحة الجيش السوري الحر في قتل
المدنيين ونحن نرى التظاهرات الداعمة
له في المدن والقرى السورية؟ حجج النظام تنهار أمام التساؤلات الآنفة
ليبقى أمامنا فرضيتان، إما ان المجازر
التي تقع هي من أفعال عصابات مسلحة
مؤيدة للنظام لكنها خرجت عن السيطرة
وباتت مستقلة ماليا وسياسيا، أو أن ذلك
من تخطيط وإخراج كامل للنظام. وإذا كانت الفرضية الأولى صحيحة فلماذا
يرفض النظام تعريتها إذا كانت اعمالها
تهدد بتمزيق النسيج الوطني السوري؟
أوليس التستر على هذه المجموعات
سيزيدها امعانا في القتل والتخريب
طالما انها تجد في السلطة من يحميها؟ الفرضية الأخيرة، أن النظام المسيطر على
الأرض ويرغب في السيطرة على الفضاء،
وفقاً لما قال بشار الأسد يوم
الاستفتاء على الدستور، هو المدبر
والمخرج لهذه المجازر، ولا يهمه أصلا
اجتماعات الأمم المتحدة أو الجامعة
العربية حتى يهتم بتوقيت انعقادها.
والمبرر المنطقي لهذا القتل الوحشي
والممنهج هو اعادة المواطن السوري الى
قفص الخوف والرعب الذي عاشه خلال اربعة
عقود. وقد نجح ذلك في حماة عام 1982. كما
نجح، كما يقول البعض، في لجم الحراك
الذي شهدته كل من درعا وحمص والرستن
وجسر الشغور حيث لم يعد الحراك فيها
اليوم كما كان في بداية الأحداث. ================= / إطلالة / ارحل يا بشار
ارحل !! علي محمد الفيروز الرأي العام 18-3-2012 عندما كنا نتحدث عن الرئيس المصري
المخلوع حسني مبارك وكيفية تصرفه مع
شعبه بسبب تمسكه بالكرسي الرئاسي، كنا
نستغرب من أفعاله الغريبة، ولكن حينما
نقارن الوضع بينه وبين الرئيس السوري
بشار الأسد نجد أن الفرق بينهما شاسع
وأكبر بما كنا نتصوره أو يتصوره العقل،
فشتان ما بينهما، فاليوم لننظر ما يحدث
للشعب السوري من تعذيب وقتل وإبادة
كاملة من خلال هجوم عسكري متواصل من
النظام الحاكم بين القرى والأحياء
السورية كافة مثل مدينة حمص التي خرجت
منها مجزرة كرم الزيتون وتكدست بها جثث
الضحايا من أطفال ونساء وشيوخ وبشاعة
ما ارتكب فيها من انتهاكات صارخة لحقوق
الإنسان منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية
السورية والعجيب فيه حدوثه بعد ساعات
قليلة من لقاء مبعوث الأمم المتحدة
والجامعة العربية كوفي أنان مع الرئيس
الأسد والذي رافقته النصيحة!! في حين
تواصل القوات الموالية للنظام الحاكم
هجومها الهمجي على محافظتي إدلب
والقابون وقتل العشرات من الأبرياء من
دون شفقة في عملية عسكرية واسعة، ففي
كل يوم تستمر الاشتباكات العنيفة ما
بين عناصر الجيش السوري الحر «المعارض»
وبين القوات الموالية لنظام بشار بين
القرى والمدن والشوارع والعاصمة دمشق
تشهد استنفاراً غير مسبوق والنتيجة
استشهاد العشرات من الشعب الأبرياء،
والسؤال هنا: أين منظمات ومؤسسات حقوق
الإنسان الدولية من هذه الإبادة
الشعبية في المناطق المتفرقة من
البلاد، فمنذ انطلاق الشرارة الأولى
للثورة السورية ضد النظام الحاكم
والمدن تتساقط أسقفها ومبانيها على
رؤوس أصحابها وساكنيها كأوراق الشجر
دون حسيب ولا حتى مراعاة لمن فيها سواء
كان من السوريين أو من الجاليات
العربية والأجنبية، انني من هذه
الكوارث استغرب حقاً من سكوت الأمة
العربية والأمة الإسلامية عما يحدث من
اعتداءات شبيحة النظام الحاكم خصوصاً
عما يستخدم من معدات عسكرية ثقيلة من
دبابات وعربات وناقلات وأسلحة ثقيلة
ضد شعب مدني آمن بينما محاصر من كل جانب...
نحن اليوم نعيش في عصر التكنولوجيا
والفضائيات انتشر فيه كل قنوات المرئي
والمسموع في كل مكان ولا مجال لشيء أن
يمر مرور الكرام ولا أحد يستطيع التستر
على غيره، فكل خطوط التواصل مفتوحة
أمام البشر في العالم والعالم يشاهد،
ومن العار أن نشاهد ما يحدث الآن في
سورية من انتهاكات غير انسانية تنتهك
فيها الحرمات والأعراض ونحن فقط نشاهد
ولا نحرك ساكناً، فما بالك حينما
يكونون هؤلاء عرباً ومسلمين، ألا
يعتبر هذا السلوك الإجرامي عاراً على
الأمة العربية والإسلامية؟ للأسف نحن
في زمن قد غابت فيه القيم والثوابت
والأعراف الإسلامية، فأصبح القتل وسفك
الدماء والدمار والقوة والتشرذم هي
لغة العصر، لعن الله هذه الأنظمة
الفاسدة والمجرمة التي لا نجني من
ورائها سوى العار وشماتة الأعداء!!!
بالله عليكم كيف يأتينا السلام؟!! أين
حقوق الإنسان العربي المسلم أمام آلة
القتل والدمار الذي تسببه العصابات
الأسدية في سورية؟! مع الأسف أصبح الرئيس بشار وزمرته
الفاسدة يسرحون ويمرحون بإجرامهم بين
المدن السورية دون حسيب ولا عقاب،
واليوم يسعى هذا النظام البعثي إلى سفك
دماء الشعب السوري بأكمله والعيون
العربية تتفرج وهي مكتوفة الأيدي...
تشير أنباء الى استعداد الرئيس بشار
وزبانيته للهروب في طائرات خاصة أعدت
تجهيزها بالكامل لهم للهروب في أي لحظة
يشعرون بها أنهم محاصرون، ولكن قبل
الهروب نريد أن نوجه له تهانينا
الخالصة لصدور الدستور السوري المقبور
الذي كتبه أعوانه بأيدٍ ملطخة بدماء
السوريين الأحرار!! حينما وصل مبعوث
الأمم المتحدة والجامعة العربية السيد
كوفي أنان إلى سورية حذر على المطالبة
بوقف القتال واستنزاف المزيد من
الدماء والذي في النهاية يؤدي الى حرب
أهلية مدمرة من أجل التوصل الى حل
يحترم تطلعات الشعب السوري، وأشار ان
الحرب الأهلية قد تمتد وتحرق المنطقة
بأسرها، ولكن ... هل من مجيب؟!! نحن
بدورنا نكرر ما قاله السيد كوفي أنان
للرئيس بشار الأسد: «يابشار انك لا
تستطيع تغيير اتجاه الريح... فغيّر وجهة
السفينة» ان سورية متوجهة نحو التغيير
والاصلاح من الداخل وهذا سيكون بيد
الشعب السوري الحر الذي قدّم آلاف
الشهداء ليرحل نظام الأسد القمعي
وأعوانه المجرمون ولا محيد عن هذا
المطلب الشعبي... ارحل يا بشار ارحل واترك الشعب السوري
الحر يحدد مصيره قبل أن تصبح عبرة لمن
يعتبر... فهل وصلت الرسالة؟!! ================= خيرالله خيرالله الرأي العام 18-3-2012 إنه نصف قرن من التاريخ يعيد السوريون
الآن اعادة كتابته بدمهم بعدما حاول
النظام الزائل حرمانهم من اعزّ ما
يمتلكونه، اي من الحرية والكرامة. قبل
تسع واربعين سنة، في الثامن من آذار-
مارس 1963، سقطت سورية تحت حكم البعث
الذي كان نفّذ قبل ذلك بشهر انقلابا في
العراق لا يزال البلد يعاني من نتائجه
السلبية حتى يومنا هذا. استكمل الانقلاب البعثي الاوّل في العراق
عملية القضاء على اي امل باستعادة
البلد لوجهه الحضاري ومؤسسات الدولة
التي دمرها المجرمون الذين انقلبوا
على النظام الملكي في الرابع عشر من
تموز - يوليو 1958. اما في سورية، فقد استكمل الانقلاب
البعثي بدوره عملية القضاء على ايّ امل
بعودة سورية الى الحياة الديموقراطية
واعادة بناء مؤسسات الدولة المدنية
بديلا من التركيز على المؤسسات
الامنية. تلك المؤسسات التي تطورت
وتضخّمت في ظلّ الوحدة التعيسة مع مصر.
تبيّن مع مرور الوقت ان تلك الوحدة لم
تكن سوى وحدة بين اجهزة المخابرات
والقمع والبطش في الدولتين راح ضحيتها
المصريون والسوريون. كان الثامن من آذار 1963 يوما مشؤوما في
سورية. تطوّر حكم البعث من حكم مدني الى
حكم عسكري يستبعد الضباط الآتين من
المدن الكبرى، على رأسها دمشق، لمصلحة
ضباط الريف الراغبين في الانتقام من
المدينة. في خلال اقلّ من ثلاث سنوات،
استطاع الضباط العلويون على رأسهم
محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الاسد
الاستئثار بالسلطة، الى ان جاء اليوم
الذي تخلّص فيه الاسد من عمران ثم من
جديد واحكم قبضته على السلطة وانفرد
بها. اعتمد في البداية على مظاهر
الاعتدال ورفض الشعارات اليسارية التي
جعلت العرب عموما، في مقدمهم المملكة
العربية السعودية، ينفرون وقتذاك من
سورية. ظهر مع مرور الوقت ان النظام السوري الذي
نشأ عن انقلاب الثامن من آذار - مارس 1963
لم يتغيّر قيد انملة. كلّ ما في الامر
ان حافظ الاسد استطاع ابتداء من توليه
الحكم في خريف العام 1970 ابتكار وظيفة
جديدة لسورية بدأت بايجاد توازن بين
البعثين السوري والعراقي. تطوّر هذا
الدور مع وصول صدّام حسين الى الرئاسة
في العراق في العام 1979 ودخوله في حرب مع
ايران. امتلك الاسد الاب منذ 1979 مزيدا
من الاوراق استخدمها في المجالين
اللبناني والفلسطيني، خصوصا بعدما وقف
الى جانب ايران- الخميني في حربها مع
العراق. ما زاد في اهمية سورية الغباء المنقطع
النظير للبعث العراقي. لم يستوعب البعث
العراقي الذي كان عائليا ومناطقيا
ايضا، اكان ذلك في ايام احمد حسن البكر
او خليفته صدّام حسين، شيئا من النتائج
التي ترتبت على حرب تشرين الاوّل -
اكتوبر 1973 ولا اتفاق فصل القوات الذي
توصلت اليه سورية مع اسرائيل في العام
1974 ولا الاسباب التي دفعت انور
السادات، حليف حافظ الاسد في حرب العام
1973، الى الذهاب الى القدس المحتلة
وإلقاء خطاب في الكنيست في العام 1977. لم يفهم حتى كيف استطاع حافظ الاسد اقناع
هنري كيسينجر بالطرق المباشرة او غير
المباشرة ان عليه توفير الضوء الاخضر
الاسرائيلي للجيش السوري كي يدخل
الاراضي اللبنانية بحجة ان المطلوب «وضع
اليد على مسلحي منظمة التحرير
الفلسطينية» تفاديا لنزاع اقليمي. في البدء، كان انقلاب الثامن من مارس
والعقلية المتخلفة التي تحكّمت بالذين
نفّذوه. كان الهدف السلطة ولا شيء آخر
غير السلطة. من اجل الاحتفاظ بالسلطة،
كان مطلوبا تدجين الشعب السوري ثم
اختلاق قضايا «قومية»، كي يهرب حاكم
سورية الى خارج باستمرار. لم يكن لدى
حاكم سورية، اي حافظ الاسد بين 1970 و2000،
ثم بشّار الاسد بين 2000 و2012 اي خيار آخر
غير السعي الى الغاء الآخر في الداخل.
ما الذي يستطيع عمله نظام يعاني من عجز
عن حلّ اي مشكلة داخلية في سورية من جهة
ومن كونه يعاني من انه ليس سوى ممثل
لاقلّية، ثم لمجموعة عائلية صغيرة جدا
من جهة اخرى؟ في مواجهة مشاكله وازماته المعقدة التي
تفاقمت ابتداء من العام 2003، عندما شنت
ادارة بوش الابن حربها على العراق، لم
يجد البعث السوري، بحلته الجديدة،
مكانا يهرب اليه سوى لبنان. كان
الاعتقاد السائد لدى بشّار الاسد ان
النظام السوري سيكون قادرا على
استعادة هيبته ودوره الاقليمي انطلاقا
من الوطن الصغير. في البدء كانت جريمة
التمديد للرئيس اللبناني اميل لحود،
على الرغم من القرار 1559 الصادر عن مجلس
الامن. جاء بعد ذلك اغتيال الرئيس رفيق
الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط-
فبراير 2005، كذلك الجرائم الاخرى التي
طالت اللبنانيين الشرفاء حقّا. في تلك
المرحلة بالذات، جاء الثامن من آذار
اللبناني حين انزل «حزب الله»
الايراني عناصره وتوابعه الى الشارع
لتغطية جريمة اغتيال الحريري وارهاب
اللبنانيين وترويعهم نيابة عن النظام
السوري... كان الثامن من آذار - مارس اللبناني
محاولة انقلابية بكل معنى الكلمة
تندرج في سياق الثامن من آذار السوري.
تكمن مشكلة النظام السوري في رفضه
الاعتراف بان العالم تغيّر والمنطقة
تغيّرت وسورية تغيّرت. لم يعد ممكنا
تكرار الثامن من آذار 1963 السوري في
لبنان في الثامن من آذار 2005. لم يدرك النظام السوري ان المقاومة
الحقيقية في لبنان هي مقاومة
اللبنانيين لثقافة الموت التي يحاول
محور طهران - دمشق فرضها عليهم. رفض
اللبنانيون تكرار الثامن من آذار على
ارضهم. حطموا الثامن من آذار السورية
ومحاولة تكرارها على ارضهم. نقل اللبنانيون تجربتهم الحضارية، اي «ثورة
الارز»، التي تجسّد قبل اي شيء آخر
الانتماء الى ثقافة الحياة الى
المنطقة، بما في ذلك سورية. ففي لبنان
تحطّم صنم الثامن من آذار السوري قبل
ان يحطمه السوريون منذ سنة. من بيروت، بيروت سمير قصير وجورج حاوي
وجبران تويني وبيار امين الجميّل
ووليد عيدو وانطوان غانم ووسام عيد
والشهداء الاحياء مروان حمادة والياس
المرّ ومي شدياق، من ساحة الحرية التي
اتسعت في الرابع عشر من مارس 2005 لنصف
الشعب اللبناني، من كلّ الطوائف
والمذاهب والمناطق والطبقات
الاجتماعية، ينبلج فجر جديد للمنطقة. انه فجر الحرية ولفظ ثقافة الموت. بين
الذين يرسمون معالم هذا الفجر بكلّ
شجاعة، شخص يرمز الى «لبنان اوّلا»
اسمه سعد الدين رفيق الحريري. لم يتردد
سعد الحريري لحظة، بكل جرأة ووضوح ليس
بعده وضوح، في الوقوف مع الشعب السوري
وثورته المجيدة التي ستعيد سورية الى
السوريين اوّلا. ستعود سورية قلب
العروبة النابض فعلا، العروبة
الحضارية البعيدة عن كل متاجرة
بالسوريين واللبنانيين والفلسطينيين
وكلّ من تقع اليد عليه عن طريق الارهاب
والترهيب... * كاتب لبناني مقيم في لندن ================= د. وائل مرزا الأحد 18/03/2012 المدينة يُصرّ الشعب السوري الثائر أن يُعبّر عن
نفسه بالفعل والموقف بدل التعبير
بالكلمات. تلك هي الرسالة التي أرسلها
هذا الشعب حين خرج يوم الجمعة الماضي
يتظاهر سلمياً بمئات الآلاف، وفي جميع
أنحاء سورية. تنظر إلى هذه الصورة، وتتأمل فيما كتبتَه
عن الثورة السورية على مدى شهور، فتدرك
أنك لم تكن مخطئاً. لم تكن مخطئاً حين وصفت هذه الثورة
بالملحمة السورية الكبرى. وحين تكلّمت
عن شعبٍ يكتب بدايةً حقيقية أخرى
لتاريخه العظيم، يقدّم من خلالها
نموذجاً إنسانياً يُحتذى سيتحدث عنه
التاريخ طويلاً. وأن السوريين يقدّمون
في هذه الملحمة الراقية، بحياتهم
وسلوكهم وممارساتهم ومواقفهم نمطاً من
الفعل الإنساني السامي يطمح لتحقيقه
كل شعبٍ يتوق للحرية والكرامة. لم تكن مُخطئاً حين أكّدت المرة تلو
الأخرى أن المقام ليس مقام الكتابة
الأدبية، وأن كل كلامٍ منمقٍ سيكون
تافهاً وقاصراً عن التعبير. وأن كل
ماتكتبه ويكتبه غيرك ليس سوى محاولة
متواضعة لنستقرئ جميعاً، وبإجلال،
ظاهرةً اجتماعية إنسانية فريدةً أصبحت
لها مفرداتها ونحويتها ولغتها الخاصة.
ظاهرةً تبدو الحاجة ماسةً لدراستها من
جانب علماء الاجتماع في كل المجالات،
لأنها تتجاوز الفعل السياسي المباشر
الذي يركّز عليه الكثيرون، وتقدّم
أمثلةً وشواهد على ولادةٍ جديدةٍ
لواقعٍ إنسانيٍ جديد. لم تكن مُخطئاً حين استقرأت بعض ملامح هذا
الواقع الذي يعمل السوريون لإيجاده.
وأنه واقعٌ لا تتنافر فيه بالضرورة
مقوّمات الأصالة مع مقوّمات المعاصرة،
ولا يشتبك فيه لزاماً التاريخ
بالحاضر، ولا تتناقض فيه وجوباً
متطلبات الدنيا مع متطلبات الآخرة،
ولا تتضارب فيه عوامل الهوية الذاتية
مع مقتضيات العلاقة مع الآخر.. لم تكن مُخطئاً حين رأيت كيف تحاول
الملحمة السورية أن تلغي ثقافةً
حدّيةً تنظر إلى العالم والحياة من
خلال الثنائيات المتناقضة وتخلق
مكانها ثقافةً جديدة.ثقافةً تهضم
إمكانية أن يكون شعبٌ أصيلاً ومعاصراً
في الوقت نفسه، وتتصور إمكانية أن يعيش
شعبٌ حاضرهُ وزمانه بكل الحيوية
المطلوبة، وأن يكون في الوقت نفسه
ممتلئاً بعبق التاريخ.ثقافةٍ تفهم أنه
يمكن لشعبٍ أن يحيا في هذه الدنيا
حياةً طيبةً، ملؤها الخير والحق
والعدل والحرية والجمال، ثم تكون تلك
الحياة بحدّ ذاتها طريقاً إلى نعيم
الآخرة الموعود للصالحين المصلحين من
بني البشر.ثقافةٍ تدرك أنه يمكن لشعبٍ
أن يحافظ على كل خصائص ومقومات هويته
الذاتية، وأن ينفتح في الوقت نفسه على
الآخر في هذا العالم أياً كان، ويتفاعل
معه أخذاً وعطاءً، بكل الطلاقة وبكل
الحيوية، دون أن يكون هذا بالضرورة
سبيلاً لذوبان الهوية وضياع الخصوصيات. لم تكن مُخطئاً حين أبصرت كيف يفدي السوري
أخاه فعلياً وهو يرفع في درعا شعار (بالروح
بالدم نفديك ياحمص) وكيف يتكرر الفداء
من منطقةٍ إلى أخرى. وكيف رأيتَ في هذا
المشهد العفوي العجيب لقطةً باهرة من
المشهد السوري. بل ورمزيةً إنسانية
كبرى تلفت نظر البشرية في كل مكان. خاصة
ونحن نتحدث عن بشريةٍ مثقلة بهموم
مادية غيّبت في عالمها مثل هذه المعاني. لم تكن مُخطئاً حين تحدثتَ عن السقوط
المدوي لورقة المقاومة من قبل النظام،
وعن سقوط حاجز الخوف لدى الشعب السوري،
وكيف يُعتبر هذا مكسباً هائلاً ومفرق
طريق نفسي متميز في عملية قيام الدول
ونهوض المجتمعات، لأنه الأداة الرئيسة
لظهور إرادةٍ جمعيةٍ على التغيير
الجذري لايمكن أن يقف في وجهها بعد
حاجز الخوف حاجز، مهما طال الطريق. لم تكن مخطئاً حين أعدتَ تفسير مصطلح (المندسّين)
الذي اخترعه النظام، وخرجتَ من ذلك إلى
أن هذا الشعب البطل وجد أخيراً، وبعد
عقودٍ من الصبر والمعاناة والتعب،
فِراشهُ الأصلي الذي كان يبحث عنه.
فراش الكرامة والحرية والوحدة الوطنية.
وجدتَ كيف يشرح الله من عليائه صدر
الشعب السوري اليوم، فيرمي عن ظهره وزر
أثقالٍ أنقضته من القهر والذلّ
والهوان، ويندسُّ في ذلك الفراش،
ملتحفاً بكل مافي طاقة الإنسان على هذه
الأرض من معاني العزّة والشجاعة
والبطولة والتضحية والفداء.فيشعر
بالدفء بعد بردٍ قارسٍ طويل، وتنفجر
عبقريته بألف طريقة وطريقة لتُظهر
للعالم نموذجاً فريداً عما يمكن أن
تفعله الشعوب حين يشتعل شوقها إلى
الحرية. كلمةٌ واضحة هي مناطُ التكريم
الإنساني الفريد على هذه الأرض،
ولاتحتاج إلى تعريفٍ تطلبه أبواقٌ
تافهة لاتستحق أن تُذكر بأكثر من هاتين
الكلمتين. لم تكن مُخطئاً حين شعرت بأنه لاغرابة بعد
كل هذا أن يرفع الله في عليائه ذكرَ هذا
الشعب البطل. وأنه ليس كثيراً أن يمنّ
عليه بعد هذا العسر بيُسرين، يَنصَب
معهما ليساهم في تقديم نموذجٍ جديدٍ
للوجود البشري على هذه الأرض، يرغبُ
إلى خالق الإنسان، ويرغبُ في رؤيته كل
إنسان واقعاً حقيقياً. لم تكن مخطئاً حين احترتَ فيما تقول وفيما
تكتب وفيمَ تتحدث وأنت تحاول أن تختصر
الملحمة السورية العظيمة في مقال من
صفحتين. ثم حين قرأت تعريفاً آخر
للملحمة يقول بأنها: «قصة شعرية طويلة
مليئة بالأحداث غالباً ما تقص حكايات
شعب من الشعوب في بداية تاريخه»،
فشعرتَ أن السوريين ماضون لابدّ في
كتابة قصتهم وصناعة ملحمتهم التاريخية
بطريقتهم وأبجديتهم الخاصة. وأخيراً، لم تكن مخطئاً حين تساءلتَ ثم
وجدتَ الجواب: هل يكون مانتحدث عنه
غريباً وكثيراً ومبالغاً فيه؟ قد يظن
البعض ذلك، وخاصةً ممن عاشوا عقوداً
بعقليةٍ تستكثر على نفسها القدرة على
التغيير، وتستكثر على ثقافتها أن تكون
فيها ينابيع جديدة للحياة البشرية،
وأن يكون لإنسانها قولٌ ودورٌ في عملية
تدافع الحضارات.رغم هذا، يكفينا أملاً
أن ثمة جيلاً عربياً جديداً يفهم
عمّاذا نتحدث، لأنه هو الذي ألهمنا
بفعلهِ ابتداءً أن نقول مانقول. ================= ما وراء الموقف الصيني
تجاه سوريا تاريخ النشر: الأحد 18 مارس 2012 د. عبدالله المدني الاتحاد على ضوء الموقف الذي وقفته بكين في مجلس
الأمن الدولي مع النظام السوري، وضد
قرار الأغلبية بإدانة هذا النظام
ومعاقبته على أعماله المتوحشة ضد شعبه
الأعزل التواق للحرية، تعالت تساؤلات
عن سر الموقف الصيني ودواعيه، خصوصاً
وأن سوريا لا تمثل للصين أهمية
اقتصادية، أو تجارية، أو نفطية، أو
استراتيجية كبرى كما هو الحال بالنسبة
لروسيا الاتحادية التي اتخذت موقفاً
مشابهاً. فمصالح الصين النفطية
والتجارية هي مع دول الخليج العربية (فاقت
قيمة مبادلاتها التجارية في عام 2009
المائة مليار دولار)، ومصالحها
الاقتصادية والتجارية والاستثمارية
هي بالدرجة الأولى مع الغرب والولايات
المتحدة (جل الاستثمارات الأجنبية
القادمة إلى الصين مصدرها الولايات
المتحدة، كما وأن الأخيرة هي الشريك
التجاري الأهم للصين). وكل هذه الدول
تقف ضد النظام السوري وسياساته
القمعية. الصين، رغم كل التحولات الاقتصادية
والتنموية الكبيرة التي حدثت فيها
ونقلتها من دولة زراعية فقيرة، إلى قوة
عظمى ذات مكانة مرموقة في النظام
الدولي، فإنها لم تدشن إصلاحات سياسية
كبيرة. وما واقعة ساحة "تيانان مين" في
يونيو من عام 1989، حينما دهست دبابات
الجيش الأحمر أمام مرأى ومسمع وسائل
الإعلام العالمية أجساد المحتجين من
الشبيبة الصينية سوى دليل على صحة ما
نقول، دعك من ملاحقة النظام لجماعة "الفاولون
جونج" الروحية المعارضة، ومتمردي
إقليمي التبت وتشينجيانج (تركستان
الشرقية). صحيح أن جمهورية الصين الشعبية التي
أقامها "المعلم" ماو عام 1949 على
أنقاض جمهورية الصين الوطنية بقيادة
الماريشال الملهم "تشيان كاي شيك"
تحمس لها الكثيرون في العالم العربي
على اعتبار أنه إنجاز وانتصار ونموذج
للمقاومة ضد القوى الاستعمارية
والامبريالية، لكن الصحيح أيضاً أن
ولادة ذلك النظام كانت ذات كلف بشرية
عالية، وذلك حينما أطلق ثورته
الثقافية في منتصف الستينيات. وهذا
يشبه إلى حد ما ما فعله حزب "البعث"
بعد وصوله إلى السلطة في دمشق في 8 مارس
1963، وما فعلته الأحزاب الانقلابية
العربية المشابهة الأخرى حينما جاءت
إلى الحكم على ظهر الدبابات تحت شعارات
الوحدة والحرية والتحرير والتخلص من
الاستعمار والرجعية، فقضت
براديكاليتها على خيرة رجالات الأمة،
وبددت ثرواتها في المغامرات الطائشة،
ونشرت الفساد والرعب والخوف، وأوقفت
عجلة الحياة النيابية الوليدة. بل إن
هذه الأنظمة ارتكبت مجازر مشابهة لتلك
التي وقعت في "الثورة الثقافية".
ولعل تدمير الرئيس السوري البعثي
الأسبق "أمين الحافظ" لمنازل
وجوامع مدينة حماة فوق رؤوس أبنائها في
عام 1964، وتدمير الأسد الأب للمدينة
ذاتها بالطائرات الحربية وقتل ما لا
يقل عن 40 ألفاً من أبنائها في عام 1982،
وما يرتكبه الأسد الابن من مجازر يومية
في مختلف أرجاء القطر السوري خير شاهد. البعض، بطبيعة الحال، يضع الموقف الصيني
في إطار ما عرف عن الإنسان الصيني من
حذر وترو في اتخاذ القرار خوفاً من
احتمالات الخسارة، وفي سياق التروي
الصيني لعلنا نتذكر ما كتبه رئيس
الحكومة الصينية في مارس 2007 في مقال
منشور حينما قال "بالنسبة لبلد كبير
ومعقد التركيب كالصين، فمن الأفضل أن
تأتي الديمقراطية في صورة خطوات
متدرجة، ومتوازية مع تحقيق العدالة
الاجتماعية والاقتصادية لجماهير
الشعب". لكننا هنا لا نتحدث عن الإصلاح السياسي
وإنما عن الموقف من حدث مأساوي يندى له
الجبين. ثم هل التروي والتردد في اتخاذ
موقف سريع وحاسم إلى جانب الشعب الليبي
في ثورته ضد نظام القذافي حفظ لبكين
مصالحها في هذا البلد النفطي الكبير
وجنبها الخسائر؟ الجواب طبعاً لا!
فموقفها ذلك كانت له تداعيات على
شركاتها الكبرى التي خرجت اليوم
نهائياً من دائرة التفضيل فيما يتعلق
بمشاريع إعادة بناء ليبيا. البعض الآخر يفسر أسباب الموقف الصيني في
مجلس الأمن تجاه الأوضاع في سوريا، بأن
بكين لم ترد أن تؤسس لسابقة تتيح
لخصومها الغربيين التدخل في شؤونها
الداخلية بحجة حماية الحريات وحقوق
الإنسان وحياة المدنيين فيما لو انتفض
الصينيون ضد نظامهم يوماً ما، فهي جد
حساسة من هذا الموضوع لاسيما وأن هناك
شواهد كثيرة على خروقاتها لحقوق
الإنسان داخل البر الصيني وفي هونج
كونج والتيبت وتركستان الشرقية، مما
يستخدمه الإعلام الغربي ضدها. ويجب ألا ننسى في هذا السياق أن بكين
كثيراً ما ردت على التقارير الغربية
الخاصة بانتهاكات الحقوق والحريات في
أراضيها بإيراد شواهد مماثلة من
الغرب، لعل آخره ما حدث في الشهر
الفائت حينما جندت القيادة الصينية
وسائلها الإعلامية للحديث المكثف عن
الاعتقالات التي جرت في بريطانيا
والولايات المتحدة بحق المتظاهرين ضد
جشع الأغنياء والرأسماليين. وهذا نفس
ما فعلته أجهزة الإعلام الرسمية
السورية حينما علقت على تلك الأحداث
قائلة "أين ضمائركم يا من تتهمون
سوريا الحرة والبطلة بالكذب والبهتان".
لكن يبقى السؤال القائم هو أن كل هذا لا
يمكن أن يوجد تبريراً للموقف الصيني
حيال الأوضاع في سوريا. ففي الأخيرة
شعب يقتل بدم بارد، ومذابح تجري أمام
كاميرات الإعلام، وأحياء تقصف
بالطيران الحربي والمدفعية الثقيلة،
وليس مجرد اصطدامات بين قوات الأمن
وحفنة من المشاغبين فرقتها الشرطة
بالهروات كما في أوروبا وأميركا. ================= ماجد كيالي المستقبل 18-3-2012 أنا فلسطيني سوري، أي لاجئ في سوريا، ولكن
بمعنى ملتبس وغريب ومفارق. فلم آتِ إلى
سوريا من بلد آخر، ولم أحصل قطّ (وأنا
أشارف على الستّين) على أيّة جنسية
أخرى، فقط "لجأت" إليها مباشرة من
بطن أمي، حيث "وطني" الأوّل! ومع أن سوريا بلد يتغنّى بالقومية
العربية، ويستهويها القول بأنها "قلب
العروبة النابض"، فأنا مازلت لاجئاً
فيها، وهذا انطبق على أولادي ثم أحفادي.
المشكلة أن فلسطينيتي، مثل كل
الفلسطينيين السوريين، ليس لها معنى
قانوني، أو دولتي، وإنما هي كذلك بمعنى
هوياتي، أي بمعنى الوطنية/السياسية،
وهي فلسطينية افتراضية، بانتظار الذي
يأتي أو لا يأتي، بخاصّة بعد حصر هذه
الصفة بفلسطينيي الضفة والقطاع (بعد
إقامة السلطة). أما مشكلتي مع سوريّتي، فهي إنني بمنزلة
المقيم، الضيف، الموجود خارج الحيّز
القانوني والسياسي للمواطنة السورية،
من دون أن أفهم هذا التناقض المتمثّل
بكوني لاجئاً بين بني قومي. ولعل ما
يخفّف من هذا التأزّم الوجودي واقع أن
السوريين أنفسهم لا يتواجدون في حيّز
المواطنة أصلاً، لذا فمن شابهك بنفسه
ما ظلم، حيث أننا نحن (كلاجئين) وإياهم
في حيّز المواطنة الشكليّة أو
الافتراضية. لهذا كله، ولأسباب سياسية وثقافية
وفولكلورية وسيكولوجية واجتماعية
وتاريخية، فإنني أنا الفلسطيني السوري
لطالما شعرت بأنني مصري أحياناً،
وتونسي وجزائري في بعض الأحيان،
وبأنني لبناني في أحيانٍ كثيرة، مع ذلك
فإن سوريّتي هي الوحيدة التي ظلّت على
الدوام تنازع أو تنافس أو تحاكي
فلسطينيّتي. قبل أكثر من نصف قرن، جئت من والدين
فلسطينيين لاجئين، حيث ولدت في حيّ باب
"قنّسرين" (أحد أبواب المدينة
القديمة في حلب)، وعشت في حي "الكلّاسة"
الشعبي، ودرست الابتدائية في مدرسة
اليرموك في الحيّ ذاته، ثم في إعدادية
عبد الرحمن الغافقي (في حي المشارقة)
وبعدها في ثانوية المتنبي (في حي
الجميليّة). أما في دمشق فقد درست في
جامعتها، في قسم التاريخ في كلية
الآداب، وسكنت في أكثر من حيّ فيها، في
ركن الدين والقصاع ودمّر ومخيم
اليرموك والديماس. وفي سوريا تدرّبت في
معسكرات "فتح" في مصياف وغوطة
دمشق، وكوّنت صداقات في حلب ودمشق وحمص
واللاذقية وحماه وادلب والرقّة ودرعا،
فلي في كل هذه الأماكن ذكريات حميمة
وحياة كاملة وعوالم جميلة. كل ما فيّ لا يفرّقني عن أيّ سوري لا في
النشأة والدراسة ولا في المعاش
والسياسة، لا في الواقع والحياة ولا في
الأحلام والآمال، سوى أنني رضيت بقدري
بتعيين هويتي كفلسطيني، مثل غيري، وهي
الهوية التي بتّ أعمل وأحرص على
اصطناعها، وتنميتها، في حياتي
وصداقاتي وتخيّلاتي وآمالي. لكنني في غضون ذلك لم أكن أشعر بأنني
أحاول أن اكبت سوريّتي، لصالح
فلسطينيّتي. كما لم أكن أشعر بأنّ
سوريّتي، تسكن فيّ، وتتملكني بما لا
يقل عن فلسطينيّتي. فما أن اندلعت ثورة
السوريين، التي جاءت مفاجئة جداً،
وشجاعة جداً، ومدهشة جداً، بدءاً من
درعا إلى دوما وبرزة والقابون وحرستا
والحجر الأسود والزبداني والضمير
والرستن وتلبيسة واللاذقية، وصولاً
إلى حمص وحماه وادلب والقامشلي وريف
حلب والرقّة ودير الزور والبوكمال،
حتى باتت فلسطينيّتي تغار من سوريّتي،
وباتت سوريّتي تفيض حتى على
فلسطينيّتي. اللافت إنني في خضم هذا التنافس
والانفصام والتمزّق، الذي كنت أتحسّب
منه، وجدت نفسي إزاء توليفة لافتة
ولطيفة ومدهشة حقاً، إذ لم أشعر يوماً
بأن سوريّتي وفلسطينيّتي تتكاملان
وتتصالحان وتنسجمان مثلما هما الآن،
في التماهي مع نشيد الحرية الذي يصدح
به شعبي في سوريا؛ ومن دون الحاجة الى
جواز سفر. فقد وجدتني طوال العام الماضي من عمري
وكأنني أعيش هوى جديداً وعمراً جديداً
وأملاً جديداً، لكأنها "عودة الروح"،
إذ باتت مشاعري وهمومي وتوجّساتي
وآمالي متوزّعة بين شعبي في فلسطين
وشعبي في سوريا. وهكذا بكيت سوريّتي،
في العام الماضي، كما لم ابك يوماً
فلسطينيتي، وحتى إنني ربّما استبشرت
لسوريّتي كما لم استبشر يوما
لفلسطينيّتي، ورغم ذلك فإن
فلسطينيّتي، التي لطالما كانت عزيزة
علّي، تسامحت مع سوريّتي، وأفسحت لي
مجالاً للبكاء والألم والغضب والأمل. ما كان يمكن لي، أنا الفلسطيني، أن أكون
على الحياد إزاء الثورات التي تحاول
تحرير شعوبنا من عقدة الخوف، ومن ربقة
أنظمة الاستبداد والفساد، التي
أضاعتنا وهمّشتنا وقيّدتنا، ففلسطين
ليست مجرّد قطعة من الأرض، ولا مجرد
ذاكرة موروثة، فلسطين هي معنى للحرية،
أيضاً، هي أمل بمستقبل متخيّل، ولا
معنى لفلسطين بدون أمل وبدون حرية. والأمر أن الثورات جرفتني إلى معمعانها
تابعاً هوى قلبي. لم اشعر البتّة بأن في
ذلك نقضاً لعهد "عدم التدخّل في
الشؤون الداخلية"، الذي صكّته
القيادة الفلسطينية في يوم ما، لأن
الحق في الحياة والحرية والكرامة هي
حقوق إنسانية، وجودية، قبل سياسية. لذا
فإذا كنت انشد الحرية لشعبي في فلسطين،
وإذا كنت مع حرية الشعوب في كوريا (الشمالية
والجنوبية) والصين والمكسيك وروسيا
والولايات المتحدة، وفي السعودية
والبحرين وجزر القمر وزيمبابوي، وفي
أي بلد في العالم، فالأحرى لي أن أكون
مع حرية شعبي في سوريا. هكذا، وقبل أيام قليلة، وفي يوم المذبحة
في كرم الزيتون في حمص، شنّت إسرائيل
هجمتها على حي الزيتون في غزة. وأحسب
بأنني ما أحسست في عمري بهذا القدر من
القهر مثلما أحسست في ذاك اليوم. مصدر
القهر ليس حجم المأساة التي يعيشها
شعبي في فلسطين وسوريا فقط، وإنما في
المقارنة الصارخة، الجارحة، فشعبي في
فلسطين يقتل على يد إسرائيل، لكن
إسرائيل هذه، العدوّة والمصطنعة
والحقيرة، لا تقتل شعبها! في اليوم
المذكور بات أصدقائي في حمص يسألوني (عبر
السكايب والفيسبوك) عما يجري في غزة،
وأصدقائي في غزة يسألوني عما يجري في
حمص. وهكذا تماهت فلسطينيتي مع سوريتي في نشيد
واحد. ================= في ذكراها السنوية
الأولى النظام يواصل القمع .. الثورة
السورية... مواجهة بنهايات مفتوحة باتريك جيه. ماكدونيل - بيروت بول ريتشتر - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «أم. سي. إنترناشيونال» تاريخ النشر: الأحد 18 مارس 2012 الاتحاد بعد انقضاء عام على اندلاع الانتفاضة
السورية، بدا لافتاً للنظر إلى حد
كبير، أن نظام الأسد، هو الذي اهتم
بالاحتفال بذكراها، لا المعارضة
السورية، كما قد يتوقع. وكانت التجمعات الصاخبة المؤيدة للأسد،
التي انطلقت في شوارع العاصمة دمشق،
وغيرها من المدن السورية هي آخر علامات
الاحتفال الصادرة عن حكومة توصف في
الخارج على نطاق واسع، بأنها محاصرة أو
محكوم عليها بالسقوط. ولكن في الوقت
الذي أُطيحت فيه أربعة نظم عربية من
السلطة خلال الأربعة عشر شهراً
الماضية، تمكن نظام الأسد العنيد في
التشبث بالسلطة، على رغم حركة
الانتفاضة المحتدمة التي اجتاحت
مساحات كبيرة من سوريا ونجحت في
السيطرة على مناطق عديدة، مؤقتاً على
الأقل. وسبب مشاعر "الظفر" التي بدت واضحة
يوم الخميس الماضي في شوارع دمشق، هي
تلك النتائج التي تحققت في ساحات
المعارك في محافظتي إدلب وحمص
المضطربتين، بعد أن تمكنت القوات
الحكومية المزودة بالدبابات
والمدفعية من دحر قوات المعارضين
المسلحة بالبنادق الآلية، والقنابل
اليدوية وإجلائها من "المناطق
المحررة" في المحافظتين المذكورتين. و"كانت الرصاصة الواحدة التي تنطلق من
بندقية كلاشنكوف تُقابل بقذيفة من
دبابة" بحسب ما قال "مازن أرجا"
الناشط الإعلامي السوري المعارض في
سياق وصفه لشراسة قوات الأسد. وبعد أن توقعوا في البداية أن الرئيس
السوري سوف يتنحى سريعاً عن السلطة،
يقر الرسميون في واشنطن وغيرها من
العواصم الغربية الآن بأنه قد ينجح في
الاستمرار والبقاء في السلطة لوقت ليس
بالقصير. وقال مسؤول أميركي رفض الكشف
عن هويته "إن قبضة حكومة الأسد ما
تزال قوية على جهازها الأمني ويمكن
توقع أنها ستقاتل حتى النهاية". وكان تطور المعارضة من مجرد حركة احتجاج
إلى انتفاضة مسلحة شملت أجزاء عديدة من
البلاد، قد مثل تحديّاً صعباً لقوات
الأمن السورية التي فقدت ما يقرب من 2000
من أفرادها، وفقاً للأرقام الحكومية.
ولكن البعض في سوريا يقولون إن الطبيعة
التي يزداد عنفها لقوات المعارضة قد
أدت إلى إبعاد كثير من أبناء الطبقة
الوسطى السورية عن الاستمرار في تأييد
المعارضة خوفاً من اندلاع العنف
الطائفي، وسيادة حالة من الفوضى على
النمط العراقي، إذا ما سقط نظام الأسد. ولكن على رغم أن الوضع يبدو أفضل الآن
لنظام الأسد، مقارنة بما كان عليه منذ
عدة أسابيع، عندما وصل التمرد المسلح
لأبواب دمشق، إلا أن احتمالات بقاء
حكومته في الأمد الطويل تظل قاتمة -كما
يرى الخبراء. فقوة الأسد تتآكل بانتظام
وسط اقتصاد متداع، وعزلة دبلوماسية،
وقوات تمرد باتت متمرسة الآن على
ممارسة أعمال العنف في ردود فعلها،
كالتخريب وزرع الألغام على جوانب
الطرق -كما يقولون. ولاشك أن هناك ارتياحاً يسود الآن القصر
الرئاسي في دمشق الذي أثخنته المعارك
بسبب استمرار حالة الجمود الدولي حيال
كيفية التعامل مع الوضع الذي يزداد
تعقيداً في سوريا. ولكن الشروخ الجديدة التي ظهرت في صفوف
المعارضة السورية المنقسمة على نفسها
انقساماً عميقاً لم تساعد قضية الثورة
على نظام الأسد. وكانت أكثر تلك
الشروخ، هي تلك التي طالت المجلس
الوطني السوري الذي يمثل المظلة
الجامعة الأكبر لفصائل المعارضة، الذي
شهد انشقاقات كبيرة الأسبوع الماضي. وفي معرض تبرير استقالته وصف "هيثم
المالح" المعارض البارز، المجلس
الوطني السوري بأنه "أوتوقراطي"،
ولا يختلف من هذه الناحية عن حزب "البعث"
السوري الحاكم. وقال المالح أيضاً "إن المجلس لا يريد
أن يكون ممثلاً للفريق الديمقراطي"،
أما على الأرض، فإن الأسد يواجه معارضة
تتفق على هدف واحد، هو الإطاحة به. وعلى
رغم أن قوات المعارضة تعاني من نقص
السلاح والمعدات، إلا أن احتمال
حصولها على المزيد منها بات وشيكاً
للغاية، بعد أن أعلنت دولتان عربيتان
دعمهما لتسليح قوات الثوار. ويقول بعض الخبراء إنه قد يتبين أن
الانتصارات الأخيرة التي حققتها قوات
الأسد هي في حقيقتها انتصارات جوفاء،
طالما أن تلك القوات المنتشرة على
امتداد مساحة كبيرة، تضطر في نهاية
المطاف لسحب أجزاء من وحداتها لإطفاء
نيران الانتفاضة المندلعة في أماكن
أخرى. وكان الأسد قد أثبت أن حكومته لن تتردد
للحظة في اتخاذ أي خطوات مهما بدت
قاسية في سبيل المحافظة على السلطة.
وهذه الحقيقة يعبر عنها ارتفاع حصيلة
القتلى التي بلغت 8000 قتيل منذ أن
اندلعت الانتفاضة - كما تقول مصادر
الأمم المتحدة. ويقول "أنور البني" المحامي البارز
المتخصص في الدفاع عن قضايا حقوق
الإنسان، وهو معارض للنظام في دمشق:
"إن النظام سيستمر في القتل إذا لم
يوقفه أحد". ويؤكد قادة المعارضة لنظام الأسد أنه
ليست لديهم أي خطط للتراجع، وأن
إصلاحات الأسد المقترحة مثل الدستور
الجديد، والانتخابات البرلمانية لم
يكن لها تأثير يذكر في وضع حد
لمطالبتهم بإقصائه عن السلطة. ويقول "بيتر هارلنج" من "مجموعة
الأزمات الدولية" التي تتخذ من
العاصمة البلجيكية بروكسل مقراً لها:
"إن المشكلة التي يواجهها النظام
السوري تتمثل في حقيقة انفصال علاقته
مع قطاع كبير من شعبه... وعلى ما يبدو أن
النظام لا يحقق أي تقدم في إصلاح هذه
العلاقة المشروخة". ================= ألان دليتروز الشرق الاوسط 18-3-2012 يؤمل الآن، ولا سيما بعد الانتهاء من
الانتخابات الروسية، أن يفسح الخطاب
الانتخابي بشأن الأزمة السورية المجال
أمام سياسة روسية خارجية فعالة بشأن
واحدة من أخطر الأزمات حاليا. بعد «الفيتو» الذي شهرته لحماية نظام
بشار الأسد في مجلس الأمن، قاطعت موسكو
الاجتماع الأول ل«أصدقاء سوريا»،
معلنة بشكل لا لبس فيه أنها لن تشارك في
اجتماع غير رسمي على تلك الدرجة من
العدائية للرئيس السوري. إلا أنها في
الوقت نفسه لم تطلق أي مبادرة
دبلوماسية لنزع فتيل الوضع الذي يزداد
تفجرا يوما بعد آخر. ولتصوير نفسها على
أنها الصديق الحقيقي الوحيد لسوريا،
فإن أفعالها تقتصر في الوقت الراهن على
دعم الأسد على الرغم من إدارة الأخير
الكارثية للأزمة في البلاد. إن ترك
الوضع يتطور على هواه في منطقة غاية في
التعقيد، قد يفضي إلى حرب أهلية واسعة
النطاق ذات عواقب وخيمة لا تعد ولا
تحصى، ليس على سوريا وحدها فحسب، وإنما
على المنطقة بأسرها. حان الوقت لموسكو
أن تنخرط على نحو بناء واستغلال أول
زيارة لكوفي أنان إلى دمشق لإرسال
رسالة واضحة للنظام السوري تعبر عن
دعمها المطلق لمهمة الأمين العام
السابق للأمم المتحدة. لدى روسيا من الأسباب ما يكفي لتنظر بعين
الريبة إلى الغرب.. أولا، ترى موسكو
أنها لعبت دورا بناء عندما مررت قرار
1973 الأممي بشأن ليبيا لتتفاجأ في ما
بعد بمدى انتهاك غارات منظمة حلف شمال
الأطلسي لنص وروح هذا القرار والتي
استمرت حتى سقط النظام واغتيل القذافي.
لا تزال موسكو مقتنعة ليس بامتلاك
الأسد للوسائل الكافية للبقاء في
السلطة فحسب، بل وبأنه يمثل أفضل درع
ضد الجماعات الجهادية التي تهدد
بتفكيك سوريا. لا تثق موسكو بالمعارضة
وترى أن دعم الغرب لها ينبع من غياب
الوعي السياسي الذي من شأنه إغراق
سوريا في حالة من الفوضى العارمة كالتي
أغرقت العراق في أعقاب الغزو الأميركي.
أخيرا، كانت روسيا حتى وقت قريب في خضم
حملة انتخابية تعين خلالها على «الثنائي»
في السلطة مواجهة اللغط الذي أثارته
الطبقة الوسطى الساخطة والتي استمرت
بالتظاهر على مرمى حجر من الكرملين
للمطالبة بالمزيد من الشفافية
والديمقراطية الحقيقية في السلطة.. وفي
هذه الأجواء المتوترة، أراد بوتين ألا
يظهر بمظهر اللين على الساحة الدولية. مثلت الأزمة السورية للسلطات الروسية
فرصة لتقديم نفسها كقوة عظمى ليس من
خلال تصديها للغرب فحسب، وإنما أيضا في
مقدرتها على حشد تأييد الصين لمواقفها.
يعرض التلفزيون الروسي الوضع في سوريا
على أنه وقبل كل شيء مواجهة جديدة بين
الشرق والغرب لا يمكن لموسكو فيها أن
تتراجع عن موقفها. وإن كان لنا أن نصدق
الأخبار المسائية على القناة الأولى،
فإن المشكلة الرئيسية في سوريا تكمن في
تصميم الغرب، الذي ساهم في إسقاط عدة
رؤساء عرب بما فيهم الحلفاء الأكثر
إخلاصا لأميركا، على دمقرطة الشرق
الأوسط بشق الأنفس، وخصوصا على إزاحة
زعيم البلد الوحيد في المنطقة حيث لدى
موسكو مصالح اقتصادية وعسكرية
وجيواستراتيجية مهمة. وتلاقي وجهة النظر تلك صدى واسعا في أوساط
الفئات المجتمعية البارزة في موسكو
التي تحلل وتنشر عن السياسة الخارجية
الروسية.. حيث ينظر إلى الثورات
العربية في المقام الأول من منظور لعبة
جيواستراتيجية للكبار، تشغل فيها
الصحوة الاجتماعية في العالم العربي
ومطالبها بالإصلاح وردود الحكومات
العنيفة، المقعد الخلفي، تاركة
القيادة لمخاوف القوى الخارجية
الغربية. ثمة سؤال جوهري لا يزال ينتظر إجابة: إلى
أي مدى ستستمر روسيا في دعمها لنظام
يقوم بمفاقمة الأزمة يوما بعد يوم؟..
نظام تزيد أساليبه من عمق الشرخ في
نسيج المجتمع السوري، وتفتح الأبواب
على مصراعيها أمام الجماعات الإرهابية
التي تخشاها موسكو والتي يجد فيها
النظام أبطالا لروايته القائلة إنه لا
يشهر سلاحه في وجه المتظاهرين
السلميين، وإنما في وجه إسلاميين
خطيرين. تم سرد هذه الرواية بلغة أكثر
دبلوماسية لوزير الخارجية الروسي مما
دفع الأخير إلى تأييد النظام السوري في
الدفاع عن نفسه وفي الحفاظ على وحدة
تراب بلاده. بالطبع يمكن لموسكو بكل سهولة أن تشير إلى
الأخطاء التي ارتكبها الغرب وإلى
المخاطر التي ينطوي عليها نهج سيستند
من جديد على الانخراط المباشر في حرب
أهلية. يزيد افتتان الغرب الحالي بصحوة
الشعوب العربية، بعدما ساندوا وقاموا
بتسليح حكام المنطقة الأكثر استبدادا
وتعطشا للدماء لعقود، يزيد من سخرية
موسكو. إلا أنها حتى اللحظة لا تبدو
قادرة على تقديم بديل حقيقي لمقترحات
الجامعة العربية والغرب. ويظهر قصف
مدينة حمص في أعقاب «الفيتو» الصيني -
الروسي في مجلس الأمن كيف تفسر دمشق
هذا الدعم على أنه تفويض مطلق للقمع
الوحشي. يزيد هذا الدعم غير المشروط -
وخاصة أنه لا يأتي مصحوبا لا بمبادرة
سياسية ولا دبلوماسية من شأنها أن تجبر
الرئيس الأسد على تقديم التنازلات
بشأن السماح للجنة الدولية للصليب
الأحمر بالوصول الفوري إلى جميع مناطق
مدينة حمص مبدئيا، ومن ثم على التفاوض
على رحيله - المخاطر ليس على سوريا التي
يزداد عمق أزمتها فحسب، وإنما أيضا على
الوجود الروسي في العالم العربي.
وتستمر التكاليف السياسية
والاقتصادية الناجمة عن إدارة الأسد
الخرقاء للأزمة الراهنة، وتجعل من
سقوطه أمرا يكاد يكون محتما. الملايين من السوريين الذين قادهم القتل
والتعذيب إلى التطرف مستعدون اليوم
لفعل أي شيء لإسقاط النظام سواء كانوا
يمثلون الأغلبية أو لا. ما سيحل بمصالح
روسيا في سوريا التي ستنبثق من تحت
الأنقاض إذا اقتصر دور موسكو على الدعم
المطلق لنظام يغرق؟.. بالطبع ثمة شريحة
مهمة من السوريين، وخصوصا ممن يعمل في
الأجهزة الأمنية، قرروا الاستمرار في
دعم الأسد مهما كان الثمن. سيمثل أخذ
تطلعات كلا الطرفين في الاعتبار،
واستغلال نفوذ روسيا على الأسد لعقد
مفاوضات مكثفة لتأسيس مرحلة انتقالية
سلمية قابلة للحياة تحديا كبيرا
للدبلوماسيين الروس المخضرمين الذين
يعرفون البلد جيدا مما يمكنهم من
المساهمة في إيجاد مخرج للأزمة يفرضه
الكبار. ولكن قبل الدخول في عملية بهذا الحجم،
يتعين على روسيا أن تستأنف لغة الحوار
مع تركيا وجامعة الدول العربية والغرب.
دعت موسكو علنا لوقف الأعمال
العدائية، وقد أعرب بوتين عن شكه في
قدرة النظام على البقاء في السلطة. يجب
أن ترمي موسكو بثقلها الآن وراء الجهود
التي يبذلها كوفي أنان من خلال إيفاد
دبلوماسي روسي رفيع المستوى على سبيل
المثال. يتعين أن تنبع قوة دفع سياسية
واضحة من قمة هرم السلطة في روسيا. وهنا
يكمن التساؤل المهم: هل ستتولد قوة
الدفع تلك في الأيام المقبلة، لا سيما
بعد زوال حمى الانتخابات في موسكو؟..
ليس ثمة ما هو أقل تأكيدا من ذلك، ولكن
ليس ثمة ما نتمناه أكثر من ذلك. * نائب رئيس «مجموعة الأزمات
الدولية» في بروكسل ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 18-3-2012 على غرار وثائق «ويكيليكس» الأميركية
المسربة، والتي ضربت الدبلوماسية
الدولية ضربة لم تُشف منها بعد، وقدمت
للمتابعين نافذة نادرة للاطلاع على
تفكير بعض الدول وساستها، وكذلك ما
يقال خلف الأبواب المغلقة، تخرج لنا
اليوم الرسائل الإلكترونية المسربة من
بريد بشار الأسد، والمقربين له، لتقدم
نفس هذه النافذة النادرة للاطلاع على
بعض من جوانب التفكير، والحياة، لدى
الأسد، وبالطبع كيف يدير عملياته ضد
الثورة السورية. قصة البريد الإلكتروني الخاص ببشار الأسد
أسميها «أسدليكس»، لأنها ستكون على
غرار «ويكيليكس»، سواء في سوريا أو
لبنان، وحتى في بريطانيا وأميركا، لأن
بعضا من تلك الرسائل يبين الدائرة
الخاصة بالأسد والمنتشرة في تلك البقع
الجغرافية، مما حدا ببعض الصحف
البريطانية إلى أن تطالب بضرورة
التخلص ممن وصفتهم ب«الطابور الخامس»
للنظام الأسدي في لندن. وبالطبع من شأن
«أسدليكس» أن تكشف عن قضايا أخرى،
فالواضح أنه لا تزال هناك مجموعة أخرى
من تلك الرسائل لم تخرج بعد، خصوصا أن
عدد تلك الرسائل كبير جدا، وبالطبع فهي
تنقسم لعدة أقسام، فمنها العائلي،
والفضائحي، وكذلك السياسي، وما يُظهر
أمورا أكثر تعقيدا مثل كيفية التهرب من
الحصار الاقتصادي حتى على المستوى
الفردي! كما أن «أسدليكس» تُذكّر بمفارقة عجيبة
ومهمة، وهي أنه يبدو أن قدر كل طاغية أن
يرى فضائحه بعينيه قبل أن يرحل، حيث
تسقط عنه الهيبة المصطنعة، وذلك جراء
انفصال الطغاة عن الواقع، وتوقعهم
بأنهم أكثر ذكاء من كل العالم المحيط
بهم، فها هو النظام الأسدي، على كافة
المستويات، يرى ما لم يكن يتوقعه من
أسرار، وفضائح، فمن يجرؤ في سوريا،
مثلا، على التفكير في الحياة الخاصة
لمن يحكم دمشق؟ وهذا الأمر حدث لصدام
حسين من قبل، حيث رأى الجنود
الأميركيين يجلسون على كرسيه بالقصر،
ورأى معمر القذافي بعينيه الصور تبث من
منازل أولاده، والثوار الليبيين
يسبحون بأحد قصور أبنائه، واليوم تأتي
قصة «أسدليكس»، وعلى نفس المنوال، وقد
تكون أكثر إثارة! ما يهمنا بالطبع هنا من «أسدليكس» هو الشق
السياسي، فمع التحذير الأميركي للعراق
بسبب استخدام إيران للعراق لتقديم
مساعدة لطاغية دمشق، تأتي إحدى
الرسائل المسربة من البريد الإلكتروني
الأسدي لتبين تقريرا يتحدث عن اجتماع
عقد بدمشق بين مسؤولين من النظام
الأسدي، وإيرانيين، وعراقيين، وذلك
لمناقشة كيفية تقديم مساعدات إيرانية
عبر العراق للنظام الأسدي، ومساعدته
على تجاوز العقوبات الاقتصادية، وذلك
عبر العراق، ومن ضمن المقترحات
المطروحة أن تشرع شركات إيرانية،
وبشكل عاجل، في تعبيد شبكة الطرق بين
العراق وسوريا من أجل تسهيل توصيل
المساعدات الإيرانية للنظام الأسدي.
والمذهل في تلك الرسالة أنها تكشف أن
الاجتماع العراقي - السوري - الإيراني
كان يعقد في الوقت نفسه الذي يزور فيه
رئيس الوزراء العراقي واشنطن، أواخر
العام الماضي، والتقى فيه الرئيس
أوباما! وعليه يبدو أن «أسدليكس» ستقدم لنا
المزيد من الفضائح لنعرف من الذي يتآمر
على الشعب السوري فعليا. ================= سباقات الحل بين الداخل
السوري والخارج فايز سارة الشرق الاوسط 18-3-2012 لعل أهم ما يميز مناسبة الذكرى السنوية
لانطلاق الثورة في سوريا، حضور أزمتها
أمام مفصل مهم من تطورها.. إذ صارت
الأزمة اليوم في سباق بين نهجين أحدهما
داخلي تتابعه السلطات السورية، وآخر
يتابعه المجتمع الدولي. وفي وقت تصر
فيه السلطات السورية على استمرار الحل
الأمني العسكري وتصعيده في معالجة
الأزمة، وحسم الوضع القائم بإعادة
إحكام قبضتها على البلاد بواسطة
القوة، يسعى المجتمع الدولي نحو إيجاد
حل للأزمة، يقوم على خلق آلية عمل
سياسي يوقف استخدام القوة، ويحد من
تداعياتها، قبل أن ينتقل إلى تفاهم
وتوافق بين السلطات السورية
ومعارضيها، يرسم ملامح مرحلة انتقالية. وإذا كانت السلطات السورية ذهبت في
الآونة الأخيرة نحو الاستخدام الأوسع
للقوات العسكرية والأمنية، فشملت
عملياتها مختلف المحافظات، ولا سيما
في محافظات الوسط من حمص مرورا بإدلب
وصولا إلى حلب ثم الرقة، فإن الحراك
الإقليمي والدولي ذهب من جانبه إلى
الحد الأقصى في حراكه منذ اندلاع
الأزمة في ربيع العام الماضي. وعكس التطور السابق في الأهم من تجلياته
أمرين اثنين، أولهما رغبة السلطات
السورية في حسم الوضع من خلال إجراء
تحولات جوهرية في المعالجة الأمنية
العسكرية وأسلوبها المتبع في المناطق
التي تشكل حواضن حركة الاحتجاج
والتظاهر، وتلك التي توجد فيها قوات
الجيش الحر والمتطوعون الذين
يناصرونه، ليس فقط بالاستخدام الأوسع
والمفرط للقوة من خلال إدخال مزيد من
القوات والعتاد في معركة الحسم، بل
أيضا بتبني نهج حصار المناطق، وتكثيف
النيران عليها، وإدامته لأطول فترة
زمنية قبيل الدخول إليها واجتياحها
بشكل كامل، الأمر الذي سيؤدي حسب
التحولات الجديدة إلى تصفية شاملة
لمعارضي النظام من المسلحين والمدنيين
في تلك المناطق على نحو ما حصل في بابا
عمرو بحمص، فقد تحولت إلى منطقة أشباح
مدمرة لا مسلحون فيها ولا مدنيون حتى. والأمر الثاني الذي يعكسه تطور الأزمة
السورية، يتصل بالحراك الإقليمي
والدولي، وقد بات أكثر إحساسا بعمق
الأزمة وبالآثار المدمرة لتطورها
وتداعياتها، خصوصا بعد ذهاب السلطات
السورية إلى الأبعد في خيارها الأمني
العسكري وتوسيعه، وقد بات يهدد
بانفجار الوضع الداخلي إلى أقصى
الحدود، وهو أمر إن حدث سوف تكون له
آثار إقليمية خطيرة، لعل أولها انخراط
فئات وجماعات من دول الجوار السوري
بالأعمال المسلحة في الأراضي السورية،
مما يعني توسيع حدود الصراعات المسلحة
لتشمل بلدان الجوار أو بعضها، إضافة
إلى إدخال عناصر متزايدة في الصراعات
القائمة في سوريا، وهذا سيدفع المنطقة
وكياناتها نحو قاعدة جديدة لتشكل
الكيانات السياسية، هي الأولى من
نوعها في المنطقة منذ اتفاقية «سايكس -
بيكو»، التي رسمت حدود دول المنطقة
بدايات القرن الماضي. وإزاء الأخطار والتحديات التي تفرضها
تطورات الأزمة في سوريا، فإن حراك
المبادرات والجهود تكثف في الفترة
الأخيرة، وكان في عداده المبادرة
الصينية، وجهود المبعوث العربي
والدولي كوفي أنان إلى سوريا، واللقاء
الذي عقده وزراء الخارجية العرب مع
لافروف وزير الخارجية الروسي في
القاهرة، واجتماع «أصدقاء الشعب
السوري» الذي يعقد دورته الثانية
قريبا في تركيا، ومثله اجتماع حلفاء
دمشق الذي يعقد في إيران، ثم المبادرة
التي أطلقها أمين عام حزب الله حسن نصر
الله لمعالجة الأزمة السورية،
والقائمة على فكرة «إلقاء السلاح بشكل
متزامن، ضمن آلية متفق عليها للدخول في
حل سياسي واضح وممنهج». ويعكس تنوع المبادرات والجهود بين أصدقاء
السلطات السورية وخصومها، تشارك
الجميع في القلق إزاء ما يجري والرغبة
في معالجته، وإن كان من مواقع وأهداف
مختلفة، تتراوح ما بين المحافظة على
النظام في إطار حل وسط من موقع أصدقاء
السلطات السورية، وصولا إلى تغيير
النظام حسب خصوم النظام في المستويين
الإقليمي والدولي. ولا يحتاج إلى تأكيد قول إن سباقات الحل
ما بين الداخلي والخارجي ليست سباقات
مفتوحة إلى ما لا نهاية، بمعنى أنه لا
يمكن الاستمرار في طرح المبادرات
الإقليمية والدولية، إذا استمرت
السلطات السورية في نهجها الحالي، أو
إذا اكتفت بالمواقف اللفظية من دون
الانخراط في خطوات عملية هدفها معالجة
الأزمة في صورة حل سياسي، لأن ذلك
سيدفع أصدقاء النظام إلى الانكفاء
واليأس من جهة، ويدفع خصومه إلى التشدد
من جهة أخرى، مما سيجعل الجميع يذهبون
للبحث عن حل ملزم عبر مجلس الأمن
الدولي، وربما خارجه إذا استحالت
التوافقات داخل المجلس، تأكيدا ليأس
الجميع من فكرة ذهاب السلطات السورية
لحل سياسي والإصرار على أنه ليس هناك
من حل سوى توسيع دائرة العنف في سوريا
وفي محيطها. ================= فاروق حجي مصطفى الشرق الاوسط 18-3-2012 ودعت الثورة السورية المثخنة بالجراح
عاما كاملا مملوءا برائحة الدم ومثقلا
بقصص الثوار وعذاباتهم. لم يكن عاما
عاديا بالنسبة للثورة، كما أنه لم يكن
عاديا بالنسبة للناس الذين صاروا قوة
جبارة ومصدرا ملهما لبقاء الثورة
واستمراريتها. والحق أن ما يحدث مع
الثورة السورية يختلف بكل المقاييس
عما حدث مع الثورات العربية من حيث
القتل والتشريد والعذاب والدم... إلخ. في الثلثين الأولين من عمر الثورة،
استطاع هذا الشعب أن يجذب أنظار
الجميع، معتمدا على سلمية ثورته، حيث
لم تكن لدى هذا الشعب العظيم أي نية
لعسكرة ثورته التي أخذت أكثر من منحى..
وفي الثلث الأخير منها ونتيجة لأخذ
الثورة أبعادا إقليمية ودولية، حملت
الثورة أكثر من وجه. لكن لا يهم. من
المنطقي أن تكون لكل ثورة أخطاؤها. إلا
أن صدى الثورة طغى على الأخطاء.
الأخطاء من قبل بعض الأطراف المعارضة
لا تلين من عزيمة الشعب الذي يصر على
نجاح ثورته مهما كانت الأثمان. نتذكر في بداية الثورة كيف كنا نراقب
الثورة اليمنية، ونبدي إعجابنا بإرادة
الشعب اليمني، ونتساءل كيف لا تنزلق
هذه الثورة نحو العسكرة مع توافر
السلاح. وعلى الرغم من ذلك، فإنهم لا
يستخدمون aالسلاح
(تقتني كل عائلة في اليمن السلاح، ولا
تستغرب إن سمعت أنه لا يقتصر على
السلاح المتواضع الخفيف؛ بل الأسلحة
الثقيلة، وأن ثمة عائلات تملك مقدرات
تسليح تعادل مقدرات دول). مفاد ما سلف أنه كانت هناك رغبة لدى ثوار
سوريا في أن لا ينزلقوا نحو العسكرة،
وهم على يقين تام بأن عسكرة الثورة
تعني مقتلها. هذا الخيار سيخدم النظام
أكثر مما يضره حتى وإن كان الثوار
يفتقرون إلى موارد ومصادر الاستمرارية.
لكن ما الفائدة؟ حدث ما كنا نخشاه. لم
يعد الحديث عن عدم المراهنة على
العسكرة والمراهنة على العامل
الإقليمي والدولي يفيد بشيء. لكن على الرغم من ذلك، فإن ثمة حقيقة تقال:
رغم ما حدث، فإن الثوار والمنتفضين ما
زالوا يستمرون بموارد ضحلة في ثورتهم
وبشكل أكثر ضراوة. استطرادا.. الثورة كشفت حقيقتين؛ الأولى:
كم أن إرادة الشعب السوري قوية،
وباستطاعة هذا الشعب أن يفدي بأغلى ما
يملك لأجل الحفاظ على الكرامة. أما
الثانية: زيف ادعاء المواقف الدولية
والإقليمية التي ما إن تدعي شيئا حتى
تفعل نقيضه. ولذلك كان من الأولى للثورة السورية
تصديق هاتين الحقيقتين؛ في الأولى
الإصرار على الرهان على مقدرات الشعب
الذي لا يمل من طلب حقوقه ولديه قوة
للتضحية بالمال والأرواح. وفي الثانية
أن لا تعتمد على ما يصدر من قرارات من
المجتمع الدولي على الرغم من أهميتها. لكن ما العمل؟ إن ثمة دولا في الحقل
الإقليمي والدولي، ساهمت بشكل أو
بآخر، وأثرت على بعض الاتجاهات لتلبيس
عسكرة الثورة؛ الأمر الذي خلق للنظام
حجة وغطاء للقمع والمواجهة مع الثوار.
لم تقف هذه الدول عند هذا الحد، إنما
امتد الأمر لتستخدم الثورة ودم الثوار
أوراقا انتخابية ودعائية، ونتيجة
لذلك، تحولت الثورة من ثورة ذات دلالة
داخلية سورية، إلى ثورة ذات دلالة
إقليمية دولية. ولعل هذا ما يؤكده تقرير «مجموعة الأزمات
الدولية» عن سوريا الصادر في 5 مارس (آذار)
2012؛ إذ قال: «كان الفاعلون الخارجيون
غير فعالين في أحسن الأحوال، وساهموا
في صب الزيت على النار في أسوأ الأحوال.
اختار كثير منهم النظر إلى الأزمة،
بداية، عبر مؤشر مصالحه الاستراتيجية
الإقليمية (من يربح ومن يخسر في حال
سقوط النظام) ولم يفعلوا شيئا يدفع
باتجاه عملية انتقالية تفاوضية». وفي السياق ذاته، يرى ذالك التقرير أن «الاستقطاب
الدولي المتصاعد يتيح للنظام مساحة
مناورة تسمح له بتبني مقاربة، محكومة
بالفشل على المدى البعيد، قوامها مزيج
من إصلاحات محدودة وقمع متصاعد؛ ويفضي
هذا الاستقطاب إلى العسكرة الشاملة
للمعارضة، الذي من شأنه إشعال حرب
أهلية شاملة، وترجيح احتمالات الحرب
الإقليمية بالوكالة التي قد تضرم نارا
هوجاء شديدة الخطورة». مما يؤكد أن بعض
الدول استخدمت بذكاء ودهاء سياساتها،
عبر البروباغاندا، ثوراتنا كما لو
أننا نعمل لأجل إنجاح سياساتهم. ولعل
هذا ما يعرفه المراقب للثورة عند
مقاربته العلاقة مع تركيا وتصريحاتها
بصدد الثورة السورية، خاصة في
انتخاباتها البرلمانية. قد تكون بعض الدول، خاصة بعض الدول
العربية؛ أرادت بصدق أن تكون داعما
للثورة، وكانت تتألم بسقوط الشهداء (المدنيين
والعسكريين)، إلا أن هناك دولا عديدة
نظرت إلى ثورتنا بعيون مصلحية
براغماتية حتى وإن كانت على حساب نزف
دم الناس وعذاباتهم. متناسيةً أنه «ثمة
ضرورة أخلاقية وإنسانية للمبادرة إلى
العمل، أكبر من مصالح أي دولة وأبعد من
أي حسابات استراتيجية»، على حد تعبير
الأميركي الليبرالي من أصل عراقي
كنعان مكية. صحيح أن ثورة تونس العملاقة حققت إنجازات
سياسية مرضية إلى حد ما، ولو استثنينا
تصرفات بعض الإسلاميين خاصة المتطرفين
منهم الذين لا يتوانون عن قمع الناس
وإرغامهم على التمسك ببعض التقاليد
التي لم تعد مقبولة في العصر الحالي،
فإن هذه الثورة رفعت من شأن تونس وصارت
الآن تلعب دورا مستنيرا لعدد من القوى
الثورية. إلا أن الثورة السورية لا تقل
أهمية وزخما عن ثورة تونس.. الثورة
السورية تتحدى المستحيل لكي تغير وجهة
نظر المحلي والإقليمي والدولي عن
حقيقة سوريا ومكوناتها المجتمعية
والسياسية والثقافية.. لتؤكد أن هذا
الشعب يستحق الأفضل دائما!! ================= عيسى الشعيبي الغد الاردنية 18-3-2012 من الموضوعي بداية القول إن اقتحام علبة
البريد الإلكتروني للرئيس السوري،
ونشر محتويات آلاف الرسائل المتبادلة
بين بشار الأسد وعدد محدود من النساء
والرجال الثقات المحيطين به، كان
عملاً من أعمال القرصنة الشائنة،
ونذيراً قوياً للجميع على مختلف
المراتب والمسؤوليات، أن زمن الخصوصية
قد انتهى، وأن أيام الأسرار المكتومة
والدوائر محكمة الإغلاق، قد ولى إلى
غير رجعة، حيث لم يعد في مأمن من ذلك كل
من لديه هاتف محمول أو حساب على الشبكة
العنكبوتية، بمن في ذلك حاملو بطاقات
الائتمان المصرفي. إذ تؤكد هذه
الواقعة المثيرة للفضول حقاً أن ظاهرة
القرصنة المتمادية قد بلغت في الآونة
الأخيرة حداً لا يمكن الحد منه في غمرة
هذا الانفجار في تقنيات ثورة
المعلومات، وذلك بعد أن تمكن الراسخون
في علوم الواقع الافتراضي، من الدخول
برشاقة إلى الأنظمة الآلية الحصينة
وشبكات الاتصال المحمية، وراحوا يفضون
الأسرار وينتهكون الخصوصيات، ويمدون
أيديهم إلى ما في الدوائر المغلقة
والأجهزة والسفارات والبنوك، وسائر ما
كان حتى الأمس القريب داخل الخزائن
الحديدية والصدور طي الكتمان. على أي حال، ليس هذا هو جوهر الأمر في هذه
المعالجة العاجلة لمراسلات الرئيس
السوري المبثوثة الآن عبر الفضاء،
وإنما بيت القصيد هو ما ينطوي عليه
صندوق البريد هذا من مخاطبات وإشارات
ومضامين تصلح في مجموعها لإجراء
مقاربة تحليلية، سياسية وسوسيولوجية،
لعقلية النظام الأمني المغلق على
نفسه، والوقوف من ثمة على عتبة عوالمه
الداخلية المترعة بالخوف والشك،
المتوجسة من الظل، والمفرطة في
انقطاعها عن الواقع الحقيقي. ويزيد من أهمية
مثل هذه القراءة، التي كانت فيما مضى
تقوم على الافتراضات والانطباعات
الخارجية، أنها باتت تستند الآن إلى
مادة خبرية خصبة، جاءت على شكل وثائق
جرى التثبت من صحتها، عززت دفعة واحدة
ما كان رائجاً من قبل حول حقيقة أن أشد
أزمة يواجهها الأسد الابن تدار من جانب
فريق صغير من الأتباع والمريدين،
انبنى هيكله على أساس من الروابط
الشخصية والعائلية والمذهبية، وتموضع
على نحو موازٍ لسلسلة القيادة
السياسية، بل وللمؤسسة الأمنية، إن لم
يكن حل محلها في اتخاذ القرارات
المفصلية. وهكذا يصبح من غير المبالغة في شيء القول
إنه لا يوجد في سورية، نظام بالمعنى
العصري للدولة الحديثة، وإنما هناك
عائلة تحكم بعقلية مافياوية، تلحفت
بالشعارات القومية وخطابات المقاومة
والممانعة، وسخرت الحزب الذي لم يكن
ذات يوم قائداً للدولة والمجتمع،
والبرلمان الذي لم يحسن غير التصفيق
والهتاف للقائد الأبدي، والحكومة التي
لا تمون على شيء، والدستور الذي يمكن
تغييره في ربع ساعة فقط، وذلك كله من
أجل إحكام القبضة الحديدية الباطشة
على سائر مقاليد الأمور. إذ ليس من قبيل
الصدفة مثلاً أن علبة البريد هذه التي
تحتوي على نحو ثلاثين ألف رسالة، لم
تتضمن ولو رسالة واحدة بين الرئيس وأي
من مرؤوسيه، بمن في ذلك أركان المؤسسة
الأمنية، ناهيك عن الجيش، الأمر الذي
يمكن معه الاستنتاج أن الأسد وحده دون
غيره هو الآمر الناهي في إدارة هذه
الأزمة، وذلك على عكس ما حاول كثيرون
إشاعته من قبل، وهو أن الرئيس العصري
المثقف لا يحيط بالصورة الداخلية
تماماً، أو أن شقيقه هو المسؤول عن هذا
المآل من الفظاعات الرهيبة. ولا يتسع المقام لاستعراض كثير من هذه
المراسلات، التي غدت ملك الرأي العام،
ولا بيان هويات وأهواء رجال الرئيس،
حيث الحصة الأكبر منهم لإيران، غير أن
أكثر ما يستحق التوقف عنده، هو امتلاك
المخاطبين بالأزمة السورية برهاناً لا
يرقى إليه الشك مفاده أن النظام
العائلي غير مؤهل للإصلاحات المنشودة،
ليس لأنه لا يرغب في أي إصلاح يحد من
تفرده بمقدرات البلاد والعباد فقط،
وإنما لأنه لا يستطيع ببنيته هذه، التي
لا تشبهها غير بنية النظام العائلي
القائم في كوريا الشمالية، القيام من
تلقاء ذاته بأي إصلاح. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |