ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 27/03/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

مراهقة موسكو السياسية

عيسى سوادي

الوطن السعودية

26-3-2012

هرول السيد كوفي عنان إلى روسيا حاملا مشروعه ذا النقاط الخمس، مدعوما من قبل مجلس الأمن

هرول السيد كوفي عنان إلى روسيا حاملا مشروعه ذا النقاط الخمس، مدعوما من قبل مجلس الأمن، وبموافقة روسيا التي جرت فيها أمس مسرحية كبرى للتواطؤ على دماء الأبرياء في سوريا. ويقول قائل: كيف ذلك وروسيا دعمت خطة عنان؟ والجواب لمن تفاءل بتغير خطاب الدبلوماسية الروسية تجاه الأسد، بأن الدب الروسي يتخبط، وموسكو لم تثق بعد، ولا تريد أن تثق أو تفكر في البدائل الافتراضية لمصالحها الاستراتيجية، ومزاياها التي منحها لها "الأسدان". بل إن ما يقوم به وزير الخارجية سيرجي لافروف هذه الأيام من "تهويش" و "تجديف سياسي"، هو مجرد ذر للرماد في العيون، حتى لا يرى العالم حجم الفشل الذي وصلت إليه موسكو بسبب وقوفها مع الأسد في قتله لشعبه، من جهة، وعدم قدرتها على حل الأزمة سياسيا، من جهة أخرى، وعرقلتها لكل مبادرة أو مشروع يخرجان الأسد من المعادلة! وغضبها حين تطرح فكرة عسكرة الثورة. وأخيرا انتقادها لإغلاق السفارات الخليجية في دمشق، وآخر الأثافي القول ب"الخشية من دولة سنية سورية"! ما هذه المراهقة السياسية المتأخرة التي تجتاح موسكو؟ ألا تعلم أن الأسد سيمرغ وجهها السياسي في وحل جرائمه، وعبر نقاط عنان الخمس المدعومة من الروس أنفسهم، فالأسد لن ينفذ واحدة من النقاط لأن ذلك يعني سقوطه، وإن لم يكن منها إلا السماح بالتظاهر، وإيقاف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المدن.

إن إصرار موسكو على سلمية الحل يبدو مثاليا للمأخوذين بالشعارات، لكنه اليوم أمر صعب جدا حصوله دون تنحي الأسد، ووقف القتل، فالشعب يذبح منذ أكثر من عام، وما زال يخرج للتظاهر كل يوم، فكيف به لو أمن على نفسه من القتل؟

نبوءة: عنان سيسافر كثيرا.. ثم سيتلكأ قليلا.. قبل أن يعلن تعثر خطته، بسبب تفاصيل صغيرة طلبت (روسيا، عفوا سوريا) إضافتها إلى مبادرة النقاط الخمس، وسيكون لوليد المعلم ذلك.. لكن خطة الأممي العجوز للحل السلمي ستفشل.. ذلك الفشل سيقود إلى مسرحية هزلية جديدة، بطلها مبعوث أممي جديد ونص جديد تجري كتابته حاليا في بكين ربما وربما في واشنطن، ليبقى السؤال: من يوقف تلك المسرحيات ويخرج عن النص؟

=================

مهمة كوفي عنان

رأي الراية

الراية

26-3-2012

يشكل تحذير الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف من أن خطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا كوفي عنان تشكل الفرصة الأخيرة لتجنب "حرب أهلية" نوعا من التغيير الطفيف في الموقف الروسي الذي كان داعما وما زال لتفسير النظام السوري الذي يصف ما يجري في سوريا من تظاهرات سلمية مطالبة بالحرية والديمقراطية والتغيير بأنه مؤامرات خارجية.

مهمة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان في سوريا تتألف من شقين الأول وقف أعمال القتل والعنف والشق الثاني يتعلق ببدء حوار سياسي بين جميع الأطراف السورية للخروج من الأزمة وبالتالي فإن موسكوتصبح مطالبة الآن بعد الدعم الكامل الذي قدمه مدفيديف لمهمة عنان بأن تضغط على النظام السوري لوقف عمليات القتل المستمرة والمتواصلة والتي لم تتوقف حتى خلال وجود عنان في دمشق أووجوده في موسكو.

لقد حدد عنان الهدف الأساس من زيارته إلى موسكوحينما أكد حاجته لدعم قوي من روسيا للنجاح في مهمته من أجل وقف العنف في سوريا ولتجنيبها حربا أهلية دامية بدأت بوادرها تلوح في الأفق.

التأييد الروسي والصيني لخطة عنان لا يكفي لتحقيق انفراجة في الأزمة السورية فالمطلوب الآن من الحليفين موسكووبكين إقناع النظام السوري بالتوقف عن القتل وقصف المدن السورية بالأسلحة الثقيلة وهو ما سيوفر فرصة حقيقية لبدء حلحلة الأزمة السورية.

خطة كوفي عنان التي لم يعلن النظام السوري رسميا قبولها بعد، توفر مخرجا حقيقيا للنظام السوري إذا أراد أن يجنب سوريا مزيدا من الدم فالخطة الني نالت دعما دوليا كبيرا تدعوإلى وقف العنف والقتل وسحب الجنود من المدن والبلدات وإنهاء استخدام الأسلحة الثقيلة فيها ، وضمان تقديم المساعدة الإنسانية لجميع المناطق المتضررة من القتال وتنفيذ هدنة يومية مدتها ساعتان لتقديم المساعدة الإنسانية وتكثيف وتيرة الإفراج عن المحتجزين تعسفا بما في ذلك الفئات المستضعفة من السكان والأشخاص المشاركين في احتجاجات سلمية وضمان حرية تنقل الصحافيين في كافة أرجاء البلاد وعدم اتباع سياسة تمييزية في منحهم التأشيرات وضمان حرية تكوين الجمعيات والحق في التظاهر السلمي المضمونين قانونا. والالتزام بعملية سياسية لمعالجة التطلعات المشروعة للشعب السوري.

بانتظار نتائج زيارة عنان إلى بكين بعد موسكوفإن مهمة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية تبدوصعبة وشائكة خاصة مع إصرار النظام السوري عن استخدام خيار العنف كوسيلة لإخماد الثورة السورية إلا أن مهمته بالفعل ستكون الفرصة الأخيرة لسوريا لتجنب حرب أهلية دامية وطويلة الأمد.

=================

ماذا لو وئدت الثورة السورية؟

د.عبدالله القفاري

الرياض

26-3-2012

 بعد أن بدأت الأمور تتضح أكثر، وبعد أن التقط نظام الأسد الضوء الأخضر لحصار وتدمير مدن الثورة.. وهو يتقدم مدعوماً بموقف دولي موارب من الولايات المتحدة الامريكية، وبدعم مباشر من روسيا التي تجاوزت دعم النظام إلى التحريض على الأكثرية السنية في سورية.. ناهيك عن ايران التي لم تتوقف عن إمداد النظام السوري بالسلاح والمال منذ بدء الثورة.. وبعد تلك المجازر البشعة التي لا يندى لها الجبين فقط، ولكن تسحق آخر مقومات الانسانية.. وتذوي في صورها ومشاهدها وعذاباتها مفردات الاستنكار أو الاحتجاج أو الرفض، وترحل بالضمير إلى حيث كهوف البغي والعدوان الفظيع والأليم..

لا تنتظروا أيها المشغولون بالإنسان يوماً تشرق فيه شمس الحرية اذا وئدت هذه الثورة. سيكون هذا النظام وحلفه المشبوه حرباً على كل بادرة او ملمح تحرر في هذه المنطقة. سيكون مؤامرة كبرى على الاكثرية في بلدان عربية مجاورة. سيكون انتقاما فظيعا من كل صوت دعَم وساعد ورغب أن يرى سورية خالية من نظام الطغيان والظلم الطويل

بعد كل ما جرى ويجري ألا يراودكم سؤال: ماذا لو وئدت هذه الثورة؟ ماذا لو أنهى النظام مهمته بعد هذه المجازر والتدمير المقصود لمدن الثورة بدعم طائفي وسياسي ومادي واستراتيجي وأمام صمت دولي مريب، وظاهرة تنديد صوتية تخفي أكثر مما تبين، وأمام تخاذل عربي تحت أوهام وحسابات خاطئة..

كيف سنرى سورية فيما اذا تحقق لنظام الاسد ولأحلافه الاقليميين والدوليين وأد هذه الثورة التي بذلت وقدمت ما لا يتخيل أن يقوى عليه بشر، ولا ينتظر من مجتمع محاصر، ولن يُقوى على الصبر عليه واستدامة فعله مهما بلغت التضحيات دون عون ومدد.

إذا ما تحقق للنظام وأد هذه الثورة بعد كل هذه التضحيات الكبرى، فانتظروا ليلا طويلا معتما. فسيكون هناك طوق سيزداد شراسة وعنفا، فحلف ، طهران - بغداد - دمشق - بيروت، سيتمكن من إحكام قبضته على المنطقة، وسيتفاقم الصراع الاقليمي الذي يستنزف قدرات منطقة لم تتعافَ ولن تتعافى قريبا من أزماتها المتلاحقة، وستصبح مجالا لصراع يوقظ في بيئة هشة أعنف أنواع الصراع الطائفي.

إن جرائم التدمير والتهجير والذبح والاغتصاب وقتل الاطفال بطريقة وحشية في كرم الزيتون وكرم اللوز في حمص وإدلب لا يقوى عليها سوى من يحمل حقدا دفينا تغذيه نزعة طائفية طاغية. هل ثمة أوهام بعد اليوم على قدرة هذه النزعة في تأجيج الصراع حتى الوقوع في شرك حروب طائفية مريرة وقاتلة؟!

إذا خرج نظام الاسد منتصرا في معركته الكبرى مع شعبه، فسنرى سلوكا آخر لا يقل بشاعة وشراسة وعنفا وتأمرا. ثمة سيناريوهات مرعبة. سياسة تدمير مدن الثورة مسألة مقصودة لذاتها. القتل والتدمير والتهجير تحمل ملامح مشروع تفتيت الاكثرية بعد كسر شوكتها. وزرع مكونات مغايرة داخل جسد مدن متجانسة، وبعثرة المكون العربي السني لصالح مكونات يمكن التحكم فيها وربطها بالنظام.

عقدة النظام السوري تتركز في المدن الثائرة المتواصلة. حمص وإدلب وحماة.. المجهود العسكري الموجه لتدمير اجزاء كبيرة من تلك المدن وعملية التهجير وإعادة التوطين فيما بعد، تحتمل مشروعا يعمل على إفراغ تلك المدن تدريجيا من تجانسها الإثني الغالب مع إعادة توزيع وتفتيت الاكثرية العربية السنية.

أعتذر عن استخدام مصطلحات قد تبدو طائفية.. ولكنها التفسير الكامن لتوجيه القوة التدميرية نحو تلك المدن حتى تحولت إلى أنقاض.

هناك مجهود كبير وخطير منذ الغزو الامريكي للعراق. انتزعت السلطة من عرب العراق السنة وتعزز محور طهران وبغداد على قاعدة الاحلاف الطائفية، وعبر مقاومة اسرائيل في جنوب لبنان تركزت مشروعية سلاح حزب الله الشيعي في لبنان، وأصبح بنفوذ وقوة وإمكانات تفوق إمكانات الدولة اللبنانية ذاتها.. بل هو يقبض اليوم على خناق الدولة اللبنانية. أما نظام الاسد فعزز انتقال السلطة في العراق للطائفة الشيعية من نفوذه وتحالفه مع ايران.

تحويل مجريات الثورة السورية من ملامح انتفاضة سلمية إلى مواجهة عسكرية مع الاكثرية عملية مقصودة استهدفها النظام منذ اليوم الاول. إنها العملية الضرورة لكسر شوكة الحضور العربي السني من إمكانية استعادة سورية، كما هي العملية الضرورة لإعادة توزيع خريطة القوى الإثنية بما يكفل تشتيت الامتداد العربي السني المتجانس لصالح عملية تفتيت منظم يُمكّن هذا التحالف من إحكام قبضته على المنطقة لأمد بعيد.

لا تستهينوا بهذا النظام، إنه لا يخوض معركة احتواء لآثار ثورة شعبية قدر ما هي معركة بقاء للنظام والحلف الذي يقف خلفه. ولا تستهينوا بقدرة هذا الحلف اذا ما وضع كافة اإمكاناته المادية والعسكرية والسياسية لدعم نظام الاسد لأنه بدونه سيخسر كل ما بناه خلال السنوات الماضية.

هذا الحلف لا يستهدف وأد انتفاضة شعبية تشكل خطرا على نظام حليف فقط.. بقدر ما يخوض معركة كبرى لتأكيد سيطرته على منطقة ممتدة من مياه الخليج العربي وحتى البحر المتوسط.. ثمة مشروع يتجاوز الحلف السياسي الآني إلى مستوى القدرة على التحكم بمستقبل منطقة عبر تذويب وتفتيت ونزع مخاطر الأكثرية الرافضة لصالح الأقلية النافذة والحاكمة.

كما انه من منظور إسرائيل والقوى الدولية الداعمة لها، منسجم مع أهدافها في بناء جدار طائفي، يُقسم المنطقة فعليا إلى دول أو دويلات متحالفة أو متصارعة لأمد بعيد، وهو ما يحقق لإسرائيل أهدافها في عزل وحجز طوفان بشري متجانس وممتد حتى عمق فلسطين.

يُجمع هذا الحلف الطائفي الذي يحظى برضا ودعم اسرائيلي.. على وأد انبثاق حلم دولة تخرج من حضن الطائفة المستترة بواجهة نظام لا يمت للعلمنة بصلة إلى حضن مجتمع تعددي طبيعي ستعيد فيه الأكثرية دورها وتأثيرها.

علمانية نظام الاسد أكذوبة لا تقل عن أكذوبة نظام المقاومة والممانعة.

يعتمد النظام في بقائه على عناصر موالية ترتكز في موالاتها على جامع الطائفة أو انتهازية المصالح المشتركة، أو تحت وطأة مخاوف الانتقام المرعب من شبيحة النظام وجلاوزته.

جغرافية الثورة السورية تقول إن مشروع النظام القادم في حال نجاحه في وأد الثورة الشعبية، هو سحق الأكثرية وقمعها واإذلالها وتفتيتها حتى لا تقوم لها قائمة.. وإذا هُزم وفتت هذا المكوّن العروبي الواسع.. فعلى العرب الآخرين ألا ينتظروا سوى الخناق يزيد وطأة على رقابهم.

بوأد الثورة السورية سيكون الحلم العربي بأن ثمة مجتمعات تنهض من كابوس عقود العتمة والإظلام حلما بعيد المنال.

لا تنتظروا ايها المشغولون بالإنسان يوماً تشرق فيه شمس الحرية اذا وئدت هذه الثورة. سيكون هذا النظام وحلفه المشبوه حربا على كل بادرة او ملمح تحرر في هذه المنطقة. سيكون مؤامرة كبرى على الأكثرية في بلدان عربية مجاورة. سيكون انتقاما فظيعا من كل صوت دعَم وساعد ورغب أن يرى سورية خالية من نظام الطغيان والظلم الطويل.

إن الوقت لازال متاحا لمنع هذا الاحتمال الكابوس.. إلا ان التصدي لهذا السيناريو يجب ان يكون بمستوى الدعم الذي يقدمه حلف نظام الاسد. لتكن معركة استنزاف طويلة يدفع فيها النظام وحلفه الثمن ويتجرع المرارة كما يجرعها للأكثرية التي عانت الظلم والتشريد والقتل والاستباحة.

الاستسلام لفكرة وأد الثورة هو الخطر الأكبر على السوريين الثائرين وعلى الأكثرية وعلى حلم الربيع العربي الذي توارى تحت وطأة كابوس المواجهة الدموية البشعة والتدمير المنظم.

لتذهب الاموال والسلاح حيث يجب ان تذهب، لتكن معركة طويلة حتى كسر عظم النظام واأحلافه. لتكن هدفا استراتيجيا لإنقاذ بلاد الشام من مخطط لن يحكم قبضته فقط على رقاب اخواننا في سورية، ولكن سيحكم قبضته على رقابنا يوما ما اذا ما ترك له ان يقرر نتيجة هذه المعركة.

أما التراخي والانتظار والبحث في أروقة المجتمع الدولي عن مخرج، بينما النظام وحلفاؤه يجهزون على بقية الثورة ويدمرون مدنها ويقتلون وينتهكون ويشردون أهلها.. فإنه بمثابة هزيمة كبرى ليس لأحرار سورية الذين يدفعون الثمن وحدهم بعد ان تخلى عنهم العالم، ولكن لكل عربي يحلم بأن يستعيد نبض العروبة ألقه بوجه أكثر انسانية وحرية وكرامة.. وهو يتخلص من أكثر النظم بشاعةً ودموية..

=================

مؤيدو النظام وخصومه يجمعون على إخفاق مهمة أنان .. هل تحتمل الأزمة السورية الاستمرار الى الخريف المقبل؟

روزانا بومنصف

2012-03-25

النهار

هل يمكن ان تنتظر الازمة السورية انتهاء الانتخابات الفرنسية الشهر المقبل والاهم انتهاء الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني المقبل من اجل ان تتضح معالم انهاء الازمة ووضع النظام السوري؟

السؤال يستند الى واقع ان هذه الانتخابات تعيق او تقيّد الادارتين الفرنسية وأكثر الادارة الاميركية التي لا يصدق أحد عدم قدرتها على حسم الوضع في سوريا لو شاءت لولا ان هناك وفقاً لما يعتقد كثر مراعاة لما ترغب فيه اسرائيل لجهة الابقاء على النظام الحالي في سوريا، علماً ان مصادر ديبلوماسية تقول ان اسرائيل توافق الغرب على تقويمه للوضع السوري ومصير نظامه. ونظرا الى التأثير الاسرائيلي في الانتخابات الاميركية فان الادارة الاميركية لن تخوض بقوة او تقود اي عملية يمكن ان تؤدي الى انهاء ما يجري في سوريا راهناً. لكن بعد الانتخابات وسط ترجيحات مبدئية بعودة باراك اوباما الى الرئاسة الاميركية من اجل ولاية ثانية، فان الامر سيكون محسوماً الى حد كبير نتيجة تحرره من القيود السياسية الراهنة، علماً ان هناك انتقادات اميركية داخلية للأداء الاميركي حتى الآن في موضوع سوريا من زاوية خدمته او عدم خدمته لمصالح الاميركيين، في المنطقة في فكفكة المحور الايراني السوري. والانشغال الفرنسي والاميركي بالانتخابات في البلدين لا تسمح بايلاء اهمية كبيرة في سلم الاولويات لدى كل من الادارة الفرنسية والاميركية ولو انهما تنخرطان في ابقاء الحركة الدولية على سوريا والضوء مسلطاً على ما يجري فيها. لكن اذا بقي الوضع الراهن في سوريا على ما هو عليه حتى تشرين الثاني المقبل اي ما بعد الانتخابات الاميركية فمن غير المرجح وفقاً لما تخشى مصادر معنية ان يبقى الاداء الاميركي او الغربي عموماً على ما هو عليه. اذ سيتعذر على الولايات المتحدة البقاء في المقاعد الخلفية في ما يتعلق بهذه الأزمة خصوصا أن الاداء المتمثل في الضغوط الاقتصادية والديبلوماسية استنفد الكثير مما يملك من اوراق وصولاً الى العقوبات على نساء عائلة الرئيس السوري في خطوة يراها كثر من دون نتائج، وان كانت بمعنى رمزي، كون القيود المماثلة على حركة التنقل مزعجة الى حد كبير في رأي القائمين بها ولو بدت صغيرة وغير ذي اهمية. لكن هذه العقوبات تعبر عن نفاد اوراق العقوبات والخطوات الديبلوماسية الى حد بعيد.

والسؤال مقلق بالنسبة الى كثر، ولو ان هناك اقراراً بأن الازمة السورية طويلة أكان ممن يدعم النظام او ممن يعارضه. لكن تحديد مهلة زمنية لاشهر عدة يعني عملياً ان الوضع سيبقى على حاله من دون تغيير ملموس بحيث يمكن ان يؤدي امتداد الازمة الى تحرك من أجل وقفها بعد الانتخابات الاميركية يختلف عما قبلها. فحلفاء النظام في لبنان استندوا الى ترحيب صحيفة "تشرين" السورية بالبيان الذي صدر عن مجلس الامن، والذي اعتبرته لمصلحة النظام وضد خصومه من الافرقاء الدوليين وان البيان هزيمة لهم من اجل التأكيد ان الدعم الروسي لا يزال قوياً ولا يساوم على بقاء النظام. كما استندوا الى ما اعلنته موسكو من جهة حول رسالتها الى المبعوث الدولي كوفي انان حول ضرورة وقف دعم الغرب للمعارضة السورية كشرط ضروري لنجاح مهمته، والاّ فان الشكوك تبقى قوية بهذا النجاح، وايضاً الى استمرار تأكيد روسيا رفضها التدخل العسكري في سوريا. ومع ان أياً من الدول الكبرى لم تذكر النية بالتدخل العسكري في سوريا في اي وقت مبررة ذلك بأن سوريا هي غير ليبيا، فان كلام روسيا يندرج في اطار التضييق على اي قرارات محتملة لمجموعة اصدقاء سوريا التي ستجتمع في اسطنبول يوم الأحد المقبل في الاول من نيسان أكان ما يتعلق بدعم المعارضة من خلال التسليح او المال او حتى اقامة ممرات انسانية آمنة باعتبار ان روسيا تعتبر أيا من هذه الخطوات ممهدا للتدخل العسكري على غرار القرار الذي اتخذ من اجل ليبيا بحماية المدنيين وادى الى تدخل قوات حلف شمال الاطلسي لاطاحة الرئيس معمر القذافي. وقد ارتاح هؤلاء ايضاً الى انتقاد روسيا تقرير لجنة حقوق الانسان حول سوريا بعد موافقتها على البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الامن. ويعتبر هؤلاء ايضاً ان النظام السوري يحسم امنياً انطلاقاً أخيراً من حمص وصولا الى ادلب وسواها من المناطق بحيث لن يلبث ان يستتب له الوضع لجهة السيطرة على الارض وان عامل الوقت مهم جدا بالنسبة اليه من اجل ربح المعركة وهو ما توفره له روسيا حتى الآن وفق ما يقول هؤلاء.

في المقابل فان السؤال مقلق بالنسبة الى خصوم النظام ولو اقروا ايضاً بأن الازمة السورية قد تستمر اشهراً طويلة، وربما اكثر، لأن ذلك يعني ان الأمر سيكون مكلفاً جداً بالنسبة الى سوريا وبالنسبة الى لبنان وكل جوار سوريا ايضاً نظراً الى ما يتسبب به ذلك من تداعيات داخلية على الشعب وطوائفه كما على الجيش. فالنظام اعتبر البيان الرئاسي لمصلحته لكن فاته ما يتوجب عليه القيام به وأبرزه وقف العنف والسماح بالتظاهرات السلمية التي تعني في حال اتاحة المجال لها اسقاطه بسهولة، خصوصاً مع وصول التظاهرات الى دمشق. ولذلك يتوافق طرفا المعادلة اي من يدعم النظام ومن يعارضه على ان مهمة انان لن تتكلل بالنجاح. وسيظهر هذا الحال قريبا وفق ما تقول مصادر معنية. اذ ان مهمته لم ترتبط واقع الأمر بمهلة محددة رفضت روسيا وجودها لكن مهمته ليست مفتوحة على اشهر. وتقول مصادر معنية ان المسألة لن تتأخر في الظهور بعد الزيارتين اللتين يقوم بهما انان لكل من روسيا والصين علما ان النظام السوري لم يلتزم وقف النار وفق البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الامن ولو انه اعتبره لمصلحته، بل ان العدد اليومي للقتلى بقي على حاله. وهذه المسألة يحتمل او يرجح ان تبرز معالمها قبل مؤتمر اسطنبول الاحد المقبل. اذ في ضوء الاتصالات التي سيقوم بها انان ستبرز سريعاً من خلال النبرة التي ستعتمد في المؤتمر نتائج هذه الاتصالات، علماً ان روسيا بدأت انتقادات مبكرة له في موقف مماثل لذلك الذي اتخذته ازاء المؤتمر الاول لاصدقاء سوريا في تونس قبل بضعة اسابيع.

وقياس احتمالات بقاء الازمة حتى الخريف المقبل يتم على أساس المصالح السياسية المباشرة علماً ان التداعيات الاقتصادية خطيرة جداً بحيث يمكن ان يعاني لبنان اكثر مما يعانيه حتى الآن سياسياً واقتصادياً ايضاً.

=================

تحية ل «إخوان» سورية!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

26-3-2012

كنت قد توجهت بطلب أكثر من مرة إلى الإخوان المسلمين السوريين بأن يُظهروا حقيقة مواقفهم تجاه مستقبل بلدهم آخرها في مقال لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية ،عدد يوم الخميس الماضي، وعنوانه :إخوان سوريا غير «إخوانهم» وعليهم تبديد مخاوف الأقليات الدينية. ولقد قلت في هذا المقال :وإن ما يفعله النظام السوري الآن هو تخويف الأقلية المسيحية والأقليات المذهبية الأخرى كالدروز الموحدين والعلويين والاسماعيليين والشيعة من أن «الإخوان» قادمون وان مصير هذه الأقليات إن اسْقط هؤلاء هذا النظام وفازوا بالحكم هو التهجير من وطنهم التاريخي على غرار ما حصل مع مسيحيي العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين وغزو القوات الأميركية.

ولقد قلت :ولذلك فإن المطلوب من «إخوان» سوريا بخاصة هو أن يُظهروا ما يطمئن الأقليات المسيحية والأقليات الأخرى كالعلويين والاسماعيليين والدروز على مستقبلهم في هذه البلاد التي هي بلادهم والتي هم فيها منذ فجر التاريخ وأن يُعلنوا أنهم مع التعددية والديموقراطية ومع الاحتكام إلى صناديق الاقتراع من أجل ضمان التداول على السلطة والقبول بالآخر ومع حق المرأة كعضو فاعل في المجتمع...إن المطلوب هو تبديد كل هذه المخاوف التي بقي يروجها نظام بشار الأسد ومعه بقايا «الأعوان» العرب وهو أيضاً تبديد مخاوف الغرب المصاب بفزع «الاسلامو-فوبيا» لكثرة ما تعرض له من ضغط ما بقيت إسرائيل تروجه بعد كارثة سبتمبر (أيلول) عام 2001.

ولقد قلت أيضاً :إنه غير جائز أن يبقى موقف «إخوان» سوريا محاطاً بشيءٍ من الضبابية إن بالنسبة لطبيعة النظام البديل وإن بالنسبة لمشكلة المخاوف التي تساور الأقليات الدينية فالضرورة تقضي التأكيد على أن مستقبل هذا البلد هو للسوريين كلهم وأن الشعب السوري بكل فئاته وألوانه العرقية والدينية والمذهبية هو مَنْ يختار صيغة نظامه من خلال صناديق الاقتراع وعلى أساس ديموقراطية فعلية وتعددية صحيحة.

وبعد يوم من نشر هذا المقال اتصل بي رئيس تحرير «الشرق الأوسط» الصديق طارق الحميِّد وأبلغني بأن استجابة «الإخوان» السوريين على مطالبك هي في الطريق وأنها بما ستتضمنه ستكون مفاجأة كبيرة وستكون الصفعة القوية على أفواه الذين بقوا يخوفون السوريين والعرب والعالم وكل معنيٍّ ومهتم بأن الاستبداد الديني قادم إلى سوريا وإنه على الأقليات الدينية أن تهيئ نفسها للرحيل... وهكذا ولم تمضِ سوى ساعات حتى تم التأكيد على أن هؤلاء قد أعدوا وثيقة ستعلَن قريباً تتضمن التزامهم ب»دولة ديموقراطية تعددية حديثة».

وحقيقة أن الإعلان عن هذا الالتزام الهام جداً كان متوقعاً حتى وإنْ لم أبقَ ألحُّ على «إخوان» سوريا أن ينأوا بأنفسهم عن المفاهيم «القرضاوية» التقليدية وأن يأخذوا بالتجربة الاردوغانية-التركية بما فيها علمانيتها فهؤلاء لهم تجربتهم الخاصة المعمدة بالدماء وأشدها وأقساها تجربة مذابح حماة في عام1982 وما تلاها من ملاحقات منذ ذلك الحين وحتى الآن وهؤلاء يعرفون أن الشعب السوري المكافح لا يمكن أن يقبل باستبدال استبداد باستبداد جديد آخر... وهنا فإنه لابد من تقدير هذا الموقف لهذه «الجماعة» التي يُنتظَر منها المزيد.

ثم ولأن الثورة السورية تختلف عن كل ثورات الربيع العربي فإن الخطوة التالية التي من المتوقع أن يبادر إليها «الإخوان» ،الذين هم إخوان لكل الذين يتطلعون لغد مشرقٍ لهذا البلد العزيز ولشعبه العظيم، هي الإعلان عن إنشاء تنظيم في هيئة جبهة وطنية عنوانها التغيير والديموقراطية يستوعب كل مكونات المجتمع السوري من مسيحيين ودروزٍ واسماعيليين وأكراد وعلويين وشيعة وَترْكِ «الجماعة» لتكون جماعة دعوية بعيدة عن السياسة ووفقاً لوجهة نظر بعض القياديين الذين فكوا ارتباطهم التنظيمي ب»الجماعة» المصرية مثل مرشح الرئاسة عبد المنعم أبو الفتوح والنائب السابق للمرشد العام محمد حبيب.

=================

إعادة تموضع على أبواب «معركة دمشق»!

الإثنين, 26 مارس 2012

جورج سمعان

الحياة

الذين لمسوا بداية تغير بسيط أو بطيء في موقف روسيا من الأزمة السورية نظروا بعين واحدة. كان عليهم أن يسجلوا أيضاً بداية تغير أميركي وأوروبي وتركي من الأزمة. كلا الموقفين يقترب أحدهما من الآخر. والموقف الدولي الواحد وراء البيان الرئاسي لمجلس الأمن، أي وراء مهمة كوفي أنان لم يكن الدليل الأول والوحيد إلى هذا التغير في المعسكرين. فمنذ المؤتمر الأول ل «أصدقاء سورية» في تونس عبّر المشاركون عن رفضهم أي تدخل عسكري خارجي في الأزمة. كانوا يلتقون مع موقف مماثل لموسكو وبكين. وفي حين كان الموقف الغربي قاطعاً في رفض تسليح المعارضة، من دون التخلي عن دعوة الرئيس الأسد إلى التنحي، كان الموقف الروسي يكرر انتقاداته للأسد لكنه كان قاطعاً ولا يزال في رفض فكرة التغيير من الخارج.

ويعلم الطرفان الغربي والروسي أن التغيير من الداخل، بعد سنة كاملة من التظاهرات السلمية ثم من العنف والقتال، يكاد يكون مستحيلاً استحالة عودة سورية إلى ما كانت قبل الخامس عشر من آذار (مارس) 2011. فلا يختلف النظام في سورية عما كان نظيراه في «عراق صدام» و «ليبيا القذافي». ولا يختلف أحد على أن التغيير في بغداد وطرابلس لم يكن ليحدث لولا التدخل الأميركي والأوروبي. الاصطفاف وراء مهمة المبعوث الدولي - العربي تشبه الاصطفاف وراء تحرك الجامعة العربية قبل أشهر. إنها تعفي هذين الطرفين من مسؤولياتهما الحقيقية، السياسية والاخلاقية. فهذا يلقي بالمسؤولية على النظام وذاك يلقيها على المعارضة التي لم تنجح في توحيد صفوفها. ويتناسى كلاهما أن هذه كانت صدى للحراك الداخلي الذي لن يتوقف سواء تشرذمت المعارضة أكثر مما هي عليه اليوم، أو توحدت في جسم واحد أو توافقت على وثيقة أو مشروع سياسي واضح.

كأن ثمة قراراً لم يحن أوانه بعد. أو كأن ثمة تسوية خارجية لم تنضج ظروفها لئلا نغالي في القول إن ثمة «مؤامرة» لإعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة بأكملها. والسودان نموذج ينعش مجدداً ذكرى «الأيام الخوالي» في جنوب اليمن. ويحرك جهوية في ليبيا يفترض أن صفحتها طويت مع توحيد «أقاليم» البلاد الثلاثة قبل نحو ستين عاماً. ولا يغيب عن الصورة ما حدث ويتجدد كل يوم في العراق بين أقاليمه وأتنياته ومذاهبه... وحديث الجهوية والمذاهب والطوائف يطول في عرض المنطقة وطولها.

وإذا لم يكن صحيحاً أن القرار بالتغيير في دمشق لم يصدر في العواصم المعنية والفاعلة، فإن الصحيح أن النظام يكاد يتحول عبئاً على الجميع. بل يستدرج اجماعاً دولياً على مواجهته عاجلاً أم آجلاً بمواصلته اللعب على التناقضات في الداخل والخارج، فيما يستغل الوقت مطلقاً العنان لآلته العسكرية والأمنية. والصحيح أيضاً أن الراغبين في إسقاطه، كما الراغبين في ترك الأمر لأهل البلاد، يخشون أن يستتبع انهيار النظام انهيار الدولة وتفككها. والنذر كما واضح بعد سنة من الأزمة أن الطرفين المتصارعين لم يتورعا عن ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ترقى إلى جرائم الحرب. ولا يرغب اللاعبون الدوليون في أن يروا مزيداً من الدماء في حال الانهيار الكامل، وأن يروا هذه تفيض إلى ما وراء الحدود، في ظل التوتر المتصاعد في العراق، والصراع المكبوت والضغوط والمهيأ للإنفجار في لبنان... وكذا في الأردن وغيرها من دول الجوار القريب والبعيد.

والمأزق يتمثل حتى الآن في استحالة إسقاط النظام من دون سقوط الدولة كلها. فعلى مدى أربعين عاماً أفرغ النظام سورية من كل فعل سياسي. بل سخر معظم النشاط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لخدمته. لذلك ليس غريباً غياب أي زعامة داخلية في صفوف المنتفضين قادرة على قيادة الحراك. لم تظهر قيادات أو ائتلافات أو قوى يمكن أن تشكل عنواناً للمتصارعين في الداخل والخارج. أو ترسم خريطة طريق جامعة كما حصل في تونس ومصر وليبيا. حتى المعارضة في الخارج تبدو بعد مرور سنة متخلفة عن ركب الداخل مسافة... سنة. وفي ظل شبه انعدام أي تصدع حقيقي في الكتلة العسكرية التي تشكل عماد النظام، تبدو القوى المسلحة التي تقاتل الأجهزة الرسمية مشتتة بلا قيادة أو مرجعية واضحة. إنه التخبط الكامل للمعارضة التي تشعر بأن المجتمع الدولي خذلها، بل تشعر أكثر بأنه يعلق تخاذله على شماعة تصدع صفوفها... وتالياً صعوبة الرهان عليها في المرحلة الانتقالية... فكيف الحال بعد رحيل النظام؟!

ويخشى مع انتشار الميليشيات الطائفية والمذهبية أن تواصل هذه الميليشيات صراعها حتى بعد سقوط النظام، كما هي الحال في ليبيا حيث القتال بين القبائل يعوق قيام النظام الديموقراطي المنشود. بل بات يهدد وحدة البلاد بعدما أعلنت جماعات في برقة قيام فيديرالية ينظر إليها معظم الليبيين أنها الخطوة الأولى نحو تفتيت البلاد وليس إعادة صيغة وحدتها. ويخشى أن يؤدي تدفق اللاجئين إلى دول الجوار إلى مشاكل أمنية ترفع وتيرة التوتر العابر للحدود، وتجر إلى تورط الدول المضيفة أو جماعات مذهبية في الشأن السوري. كما أنه يبعث الحرارة في الصراع المذهبي المكبوت في كل الإقليم. لذلك ثمة أصوات تنادي بربط المساعدات للمعارضة المسلحة باستعداد هذه المعارضة لتوحيد صفوفها وتشكيل قيادة موحدة تمكن الخارج من المساهمة في إدارة عملياته راهناً، ثم المشاركة في بناء أجندتها للمرحلة الانتقالية وما بعدها.

بالطبع لا ينتظر أحد الترياق من العراق الذي يستضيف القمة العربية آخر الأسبوع... على وقع أصوات الطبول القريبة التي عادت تقرع في البحرين! فضلاً عن طبول «الأقاليم» العراقية. لكن المؤسف أن الترياق قد لا يأتي من المؤتمر الثاني ل «اصدقاء سورية» الذي يعقد مطلع الشهر المقبل. وليس ما يشير إلى أن كوفي أنان سيوفق في مهمته، لأن الجانب الإنساني - على أهميته وإلحاحه - ليس هو الحل. وتوافق أهل الداخل على تسوية يكاد يكون شبه مستحيل بعد الدماء التي أريقت وبعد «التطهير» الذي تشهده مدن ودساكر وبلدات! وشبه مستحيل ما لم تتوافر صيغة كتلك التي حكمت الثورة والمرحلة الانتقالية في مصر. هنا قامت معادلة ضمنت عدم انهيار الدولة. قام ما يشبه «الترويكا» – إذا صح التعبير - بين المؤسسة العسكرية و «الجماعة» والخارج ممثلاً بالولايات المتحدة. وكل «الأزمات» التي شهدتها القاهرة كان لهذه الأطراف الثلاثة نصيب في تسويتها. وكان آخر مثال على ذلك الأزمة التي نشبت بعد توقيف عدد من الناشطين في جمعيات مدنية تتلقى دعماً أميركياً. وقد حلت الأزمة بين أركان هذه «الترويكا»... وأطلق المعتقلون ووعدت واشنطن باستئناف المساعدات لمصر.

والسؤال هل يمكن أن تتوافر «ترويكا» مشابهة في سورية؟ لا ترغب روسيا في العمل على تغيير النظام في الأفق المنظور ما لم ترَ إمكان قيام «ترويكا» مشابهة لتلك القائمة في مصر. أي أن يكون لموسكو دور مشابه لدور واشنطن في القاهرة. بل أكثر من ذلك لا ترغب في أن ترى القوى الإسلامية هي الطرف الثالث إذا نجحت هي، أو حدث أن تصدعت قبضة «الحرس» أو الدائرة الضيقة التي تحمي النظام. لأنها عبرت وتعبر صراحة عن خشيتها من صعود «الاسلاميين» إلى سدة الحكم في دول الحراك العربي، من ليبيا إلى اليمن مروراً بتونس ومصر.

ما لم تتوافر مثل هذه المعادلة سيبقى التغيير المطلوب في سورية بعيد المنال. لا يعني ذلك أن الحراك فشل وأن النظام نجح في إخماد الثورة. يعني ذلك أن سورية ستظل تجرجر أيامها ولياليها بين القتلى والدمار المتنقل من منطقة إلى أخرى... إلا إذا حصل انهيار مفاجئ، أو طرأ تبدل في قواعد لعبة الاحتراب على وقع ما تشهده دمشق من حراك يتوقع بعضهم أن تتصاعد وتيرته مع تدفق المسلحين والسلاح إلى معظم أحياء العاصمة التي أنشأت لها المعارضة المسلحة «مجلساً عسكرياً» قبل أيام.

التعويل ليس فقط على الموقف الروسي الذي بدأ يقترب من الاجماع الدولي وإن بخجل أو ببطء. التعويل على «الأصدقاء» الذين سيجتمعون في تركيا قريباً. فموسكو التي جددت حملتها على المعارضة السورية أخذت بطريقها مجدداً مجموعة «الأصدقاء» لأنها تخشى سعي بعضهم إلى العمل خارج إطار الأمم المتحدة. خصوصاً أن تركيا تطالب ب «خطة جماعية» دولية في إطار تلويحها بإقامة ممرات آمنة. هل تستطيع المعارضة و «أصدقاؤها» ملاقاة روسيا في منتصف الطريق؟ هم يعرفون أن فلاديمير بوتين بالغ في استخدام خطاب متشدد، وذهب بعيداً في رفع سقف التحدي وإطلاق التهديدات يميناً وشمالاً. ويعرفون أن الزعيم الروسي يحتاج الآن إلى إعادة تموضع في مواجهة المعارضة الداخلية، وإعادة تبريد الأجواء في العلاقات التي رفع وتيرتها موقف موسكو المتشدد إلى جانب النظام في دمشق. لكن تغييراً مثل هذا يستدعي بعض الوقت، وشيئاً من التدرج. فالذي رفع وتيرة ماكينته وأدواته في مواجهة الغرب لا يمكنه أن يستخدم مكابحه دفعة واحدة... فهل ثمة مجال لتحاشي مواصلة الصدام مع موسكو؟ ألا تحتاج المعارضة و «أصدقاؤها» إلى إعادة تموضع؟

=================

أيها العلويون مستقبلكم أغلى من بشار الأسد

منذر عيد الزمالكاني

الشرق الاوسط

26-3-2012

إنه نظام عائلي طائفي، بكلمتين اثنتين يمكن وصف النظام في سوريا منذ نشأته الأولى وحتى اليوم، وهذا ما اعتمده الباحثون العرب والأجانب، وأهم من ذلك هي خبرة السوريين أنفسهم واللبنانيين والفلسطينيين معه لأربعين سنة أو تزيد، فهو عائلي طائفي، وليس طائفيا عائليا، أي بتقديم العائلة على الطائفة، فالطائفة تلحق وتحيط وتحمي العائلة، فهي تماما كالغلاف المحيط بالنواة يحميها ويؤمن بقاءها. وبمعنى سياسي، الطائفة أداة في خدمة العائلة لإحكام النفوذ والسيطرة وضمان البقاء، ولكن عند التولي أو التمرد فالسجن حتى الموت أو القتل هو المصير.

وبمقارنة سلوك النظام مع رفعت الأسد، ومع كل من علي حيدر، وغازي كنعان، أو حتى صلاح جديد الذي كان وراء تمكين حافظ الأسد في الجيش، وهو من أعاد إليه مكانته بعد استبعاده من قبل آخرين، نجد هذه الحقيقة جلية وواضحة، وهذه السياسة هي عند الأب والابن سواء، فقد تم عزل علي حيدر رغم خدماته الجليلة للنظام بسبب انتقاده لباسل الأسد، وتم قتل غازي كنعان رغم كل ما قدمه للنظام في سوريا ولبنان بسبب خلافه مع بشار الأسد على خلفية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكن رفعت الأسد، صاحب التمرد الأخطر ومحاولة الانقلاب الأكبر في حياة حافظ الأسد، لم يتم سجنه ولا قتله، بل تم مجرد استبعاده من سوريا، وحتى دون عزله من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، فقط لأنه من العائلة، ولم يكن يسمح حتى بإطلاق كلمة خائن عليه أو عميل، أو أنه متعاون مع الغرب، رغم أن ما أقدم عليه في الثمانينات كان من أكبر ما هدد حكم حافظ الأسد، وذلك بسبب انقسام الولاءات في الطائفة العلوية، قسم مع حافظ الأسد والآخر مع رفعت الأسد، ودخول الطائفة العلوية في صراعات هددت وجود العائلة.

لا أريد في هذا المقام قراءة التاريخ السوري المعاصر بعد الاستقلال حتى لا نستذكر المآسي، ونستذكر غفلة وبلاهة أغلب حكامنا في تلك الفترة التي شابت وطنيتهم الصادقة بلا شك. لكن أحب أن أذكر بأكبر عملية تطهير قام بها صلاح جديد وحافظ الأسد للجيش الوطني السوري (هكذا يجب أن يكون اسمه) من الضباط السنة، وأقول كلمة تطهير، لأنها كانت كذلك، وهكذا وصفها كبار الباحثين في الشأن السوري، وهذا ما دلت عليه النتائج بالأمس واليوم، فلولا تطهير الجيش من الضباط السنة لما استطاع حافظ الأسد وصلاح جديد من القيام بانقلاب 1966، ولما استطاع حافظ الأسد بعد غدره بصلاح جديد من القيام بانقلاب عام 1970، ولما استطاع بشار الأسد من وراثة الحكم عام 2000 ميلادية. حكام مغفلون تمرر عليهم أكبر جريمة بتاريخ سوريا يدفع ثمنها اليوم مئات الآلاف من أحفادهم.

والمشكلة لم تكن أبدا في العلويين أنفسهم في مرحلة ما قبل ثورة 15 مارس (آذار)، فالثورة لم تقم ضدهم أصلا، بل المشكلة كانت في النظام نفسه وفي بنيته وسلوكه، لكن خلال مسيرة الثورة كانت المشكلة وما زالت في العلويين أنفسهم أكثر مما هي في النظام وذلك بسبب انحيازهم إلى جانبه وربط بقائهم ببقائه. وهذا لعمري خطأ كبير يدل على القراءة السياسية غير الرشيدة لوجهاء الطائفة العلوية وكبرائها، أو أنه يغرر بهم من قبل النظام أو أطراف إقليمية أخرى، وفي كلتا الحالتين فإنها لا تنذر بخير لا على الطائفة ولا على سوريا إذا ما استمر هذا التوجه لديهم وتجاهلوا الحقائق على الأرض التي تتلخص في ثلاثة بنود هي:

1) النظام في سوريا، طال الزمن أم قصر، زائل لا محالة، فالشرعية انتفضت عنه محليا وعربيا ودوليا، لكن العلويين باقون كأحد مكونات الشعب السوري شاء من شاء وأبى من أبى. وهذه الحقيقة أتمنى أن يدركها العلويون أكثر مما يدركها غيرهم، وأن يعملوا ما تمليه عليهم هذه الحقيقة القدرية لا ما يمليه عليهم النظام، أو أطراف أخرى سيجدونها سرابا.

2) سوريا ليست لبنان أو العراق من حيث التنوع الطائفي لبنيتها الديموغرافية، ففي لبنان والعراق توجد بنية ديموغرافية ذات تنوع طائفي متوازن إلى حد كبير، وبمعنى سياسي، العراق ثنائي القطبية، ولبنان متعدد القطبية طائفيا، وهذا ما أمد بعمر الحروب الطائفية فيهما وأخرج الطوائف جميعا بلا غالب أو مغلوب، أما في سوريا فالوضع مختلف تماما حيث يوجد سواد سني ساحق (أحادي القطبية) لا ينازعه أي تكتل آخر، جاعلا أي حرب طائفية محتملة لها نتيجة واحدة، وواحدة فقط، ألا وهي غلبة الأكثرية على الأقلية مهما تحصنت هذه الأقلية أو تلك بما عندها من سلاح أو عتاد، ومهما كان الدعم الخارجي لها كبيرا. لأن العامل الديموغرافي يبقى السلاح الأقوى، فهو الحقيقة وهو الواقع الأبقى.

3) فكرة تقسيم سوريا وقيام دولة علوية أمر لا يمكن تحقيقه، فمشكلة التمركز والتوزع الطائفي في سوريا معقدة جدا، وقبل التفكير في مشروع قيام الدولة يجب دراسة عوامل أمنها وبقائها ومقومات وجودها من دخل وموارد وغير ذلك، إضافة إلى أن تقسيم سوريا يستدعي إعادة تقسيم الدول المجاورة، وخصوصا لبنان والعراق، بسبب الامتداد والتعقيد الإقليمي للطوائف الدينية والأطياف العرقية المكونة لهم جميعا.

إذن فالعيش المشترك هو قدر الشعب السوري، ومن هذه الحقيقة وإليها يجب أن تنطلق رؤية وسياسات زعماء الطوائف وكبرائها، وخصوصا الطائفة العلوية، وأن يجعلوا من قدر التعايش طريقا نحو التواؤم والبناء لا التدمير والفناء.

الشعب السوري واحد، هكذا ردد السوريون منذ اليوم الأول لمسيرة ثورتهم العظيمة، نفوا عن أنفسهم الطائفة والعرقية، علت أصواتهم بالوحدة الوطنية وأثبتوها عملا حقيقيا بعد عام على الثورة. ولم يستجيبوا لدعوات النظام الاستفزازية والمتكررة دوما للوقوع في براثن الفتن والاقتتال، أثبتوا أنهم رجال المرحلة، وأنهم أطهر من أي نزعة انتقامية ذات صبغة طائفية، أعلنوا أنها ستكون بعد الثورة فتنة أهلية لا طائفية، كما قالت الأستاذة الفاضلة نوال السباعي، بمعنى فتنة بين الثوار المنتصرين وبين المتآمرين والمتخاذلين، كل مع عشيرته وأهله. فأهل درعا مع فاروق الشرع وأقرانه، وأهل دمشق مع وليد المعلم، وأهل حلب مع أحمد حسون، والكرد مع البوطي، وهكذا. إنها معركة كل الشرفاء ضد كل المتخاذلين.

كان أقصر طريقا على الثوار أن يعلنوها ثورة طائفية لو أنهم أرادوها كذلك لا أن يخفوها، لأن النظام سيرد عليهم طائفيا، وهذا ما كان سيسرع من انكساره وسقوطه. وعندما تكون المسألة طائفية فالكل يعرف طائفته، والكل يعرف موقعه، وما هو عمله، لكنها لم تكن كذلك، ولن تكون طالما سادت الحكمة والتعقل، وقبل كل شيء إدراك سوء العاقبة.

* باحث في مركز الدراسات السورية في جامعة سانت أندروز بالمملكة المتحدة

=================

ما الذي فعله إخوان سوريا؟

طارق الحميد

الشرق الاوسط

26-3-2012

الوثيقة التي قدمها الإخوان المسلمون في سوريا (مشروع عهد وميثاق) والتي تقول بمدنية الدولة بعد بشار الأسد، وحق الأقليات والمرأة، وضمان ألا تكون ديمقراطية سوريا تعسف الأكثرية على الأقلية، ليست حدثا سوريا فحسب، بل هي ثورة الإخوان أنفسهم الذين ألقوا بصخرة كبيرة في ماء الإخوان الراكد بكل مكان.

إخوان سوريا أثبتوا أنهم غير، مثلما يقال بأن سوريا غير، لكنهم أيضا وجهوا رسالة واضحة للتنظيم الأم، وتحديدا في مصر، وباقي دول العالم العربي، وكذلك إخوان الخليج، الواضحين منهم والمخادعين.. فما قدمه إخوان سوريا في وثيقتهم هو رسالة تطمين لكل أطياف المجتمع السوري، وكذلك للمجتمع الدولي، لكنهم أيضا ضربوا عصافير بحجر، مثلما أنهم حطموا مفاهيم كانت هي نقطة إدانة الإخوان، في كل مكان.

وثيقة إخوان سوريا تعني أن الدولة هي الوطن الأم، وليس مفهوم إلغاء الدولة، أو «طز في مصر» كما قال ذات مرة مرشد إخوان مصر. وبالتالي، فإنه لا بيعة، أو هكذا يفترض، للمرشد، وإنما هناك عقد اجتماعي بين الدولة والناس، وشرعه الدستور. وثيقة إخوان سوريا أيضا تعني أن الدين لله والوطن للجميع، فلا إقصاء، ولا مزايدات، وإنما يكسب سدة الحكم من يقدم مشروعا تستفيد منه الدولة، ومواطنوها. فشعار «الإسلام هو الحل» لا يسدد فاتورة جوال، ولا يفتح مدرسة، وإنما العمل، والتفاني، وفق رؤية واضحة، وعبر مفهوم التعايش المشترك، والتواصل مع المجتمع الدولي، هو الذي يبني دولة، لا أن تكون سوريا منبوذة دوليا، وحليفة لساكني الأقبية، والكهوف، على غرار حسن نصر الله، ومن هم على شاكلته.

وثيقة إخوان سوريا رسالة مهمة لإخوان مصر الذين يسيرون على نفس خطى نظام مبارك، حيث الإقصاء، والاستئثار بكل شيء، وحتى لو كان بصناديق الاقتراع. فالقضية هنا هي قضية بناء وطن، وليس استغلال اللحظة، فالأوطان لا تبنى باستغلال اللحظات، وإنما ينفع ذلك في الحروب، أما بناء الدولة، وكتابة دستورها فليس بمعركة، بل هو رؤية مستقبلية، حيث تكتب الدساتير للمستقبل، وليس للماضي.

ومن هنا، فإن وثيقة إخوان سوريا مهمة، ورسالة تطمين للسوريين، بجميع مشاربهم، وأديانهم، وطوائفهم، مثلما أنها مطمئنة للجوار السوري، وتحديدا لبنان والأردن، أما العراق فهو من يحتاج إلى تطمين السوريين، وليس العكس. وعندما نقول إن وثيقة إخوان سوريا مطمئنة، ومتقدمة، ولو على الورق، فلأنها جاءت متقدمة على رؤية كل الإخوان في المنطقة، وإن لم تكن أكثر وضوحا من رؤية إخوان تركيا، فهي تقاربهم، كما أنها ستكون مطمئنة للمجتمع الدولي، وبمثابة المشذبة لأي تيار إسلامي آخر في سوريا. فمن يشذ سيكون لونه صارخا، كما أن تلك الوثيقة ستشكل انفراجة لكل من اليمن وليبيا وتونس، ورسالة إحراج لإخوان مصر، لأن نسختهم تبدو الأكثر تأخرا. أما خليجيا، فإن الوثيقة تعد بمثابة الجرس لهم، فها هم إخوان سوريا، وبعد عقود من الصراع مع النظام الأسدي يقرون بمفهوم الدولة، والحقوق، للمرأة تحديدا، والأقليات، فما بال إخوان الخليج المستقر يريدون نقض مفهوم الدولة والمواطنة؟!

حقا.. إنه حدث كبير!

=================

المخاوف من سنة سوريا وإخوانها

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

26-3-2012

المؤتمر الصحافي الذي عقدته قيادة الإخوان المسلمين السورية في تركيا، أمس، كان خطوة مهمة، لأنها أخيرا أجابت عن المخاوف التي تزداد مع تزايد قناعة الكثيرين بأن نظام الأسد زائل، ومع تزايد المخاوف باحتمال أن يرثه نظام ديني سني معادٍ لأبناء الطوائف الأخرى. سوريا بلد متنوع الأعراق والأديان والطوائف، وفي حال قيام دولة دينية، فإن تمزق سوريا سيكون أمرا حتميا، أو هكذا يخشى.

لكن قيادة «الإخوان» استبقت ساعة سقوط النظام وإعلان النظام البديل، وقررت أن تكشف أوراقها وتتعهد أمام العالم، والأهم أمام الشعب السوري، بأنها ستقبل بنظام تعددي ديمقراطي يتساوى فيه الجميع. وتجاوز «الإخوان» في التزامهم بميثاق علني أن يقبلوا بنظام مدني لا يحدد حتى من هو رئيس الجمهورية السورية المقبلة. أي أنه لن يشترط للمتقدم أن يكون مسلما، بل يقبلون أن يترشح ويكون مسيحيا أو من أي طائفة وشرطه الوحيد المواطنة السورية.

وقد نقول إننا عهدنا «الإخوان» ماهرين في اللعب السياسي، وقد يغيرون مواقفهم، وربما ينقضون ميثاقهم عند وصولهم لدمشق. صحيح، لكن لا يوجد أيضا ما يمكن أن يفعله ويقدمه لنا «الإخوان» أكثر من إعلان تعهدهم على الملأ، كما فعلوا أمس، في إسطنبول. هذا أقصى ما يمكن أن نحصل عليه من فريق أساسي معارض للنظام الحالي، وله قواعد شعبية، وهي خطوة شجاعة، يستحقون التقدير عليها.

وبذلك يكون الإخوان السوريون متقدمين على رفاقهم من «إخوان مصر» و«إخوان الأردن» وغيرهم، بقبولهم بقواعد العمل الديمقراطي الذي يسمح لجميع السوريين بالانخراط في الدولة والسياسية بالتساوي. بل يتقدم «الإخوان»، بعد بيانهم، أمس، على النظام السوري الذي يزعم أنه حامي الأقليات من الجماعات الإسلامية، حيث إن الدستور السوري (كما هو) يشترط أن يكون رئيس الجمهورية مسلما. الأمر الذي شغل الرئيس الراحل، حافظ الأسد، واضطر مرات إلى الإعلان في خطب عامة أنه مسلم يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وذلك للرد على المتشككين في إيمانه والرد على أصحاب المواقف الطائفية المعادية للعلويين.

على «الإخوان»، ومعهم بقية مكونات المعارضة السورية أن يقبلوا بمفهوم الدولة للجميع، وأن يدركوا أن أكبر خطر يواجههم اليوم، قبل غد، هو إقناع الجميع بأن المستقبل لن يبنى على طائفية يتسيد فيها سني على علوي أو مسلم على مسيحي أو عربي على كردي أو تركماني.

ومن المفيد التذكير بأن الذي حافظ على وحدة العراق بعد إسقاط نظام صدام البعثي هو إصرار كل دول المنطقة، والقوى العراقية المختلفة، والمنظمات الدولية، على وحدة العراق. لهذا السبب لم يتمزق بعد.

أما سوريا، فإنها متروكة لأهلها فقط؛ إن شاءوا حافظوا عليها موحدة، وإن تقاتلوا مزقوها إلى دويلات حيث لا توجد قوى إقليمية حريصة على وحدة البلاد ومستعدة لضمانها والدفاع عنها. بل إن هناك من له مصلحة في تقسيم سوريا، مثل إسرائيل التي قد تجد في تقسيم سوريا وإيجاد شريط من الدويلات على حدودها، وبجوارها، خير ضمانة لاستمرارها في احتلال الجولان وسلامة أمنها لعقود طويلة مقبلة. لهذا لا يوجد عند القوى الوطنية المعارضة، بما فيها الإخوان المسلمون، من خيار سوى رسم قواعد العمل والعلاقة ضمن إطار الدولة الجديدة من الآن، وطمأنة كل السوريين على أن سقوط الأسد ونظامه الشرير سيفتح آفاقا أوسع لمواطنة حقيقية.

نظام الأسد ليس علويا لأن في ذلك ظلما للعلويين الذين يعيش أكثرهم مهمشا وتحت نفس الظروف الصعبة. نظام الأسد نظام أمني قمعي فقير، استمر هكذا منذ أربعة عقود. في العالم يشبهه فقط نظام كوريا الشمالية، حيث يحكم الناس أجهزة أمنية وعسكرية تتحكم في تفاصيل حياتهم الدقيقة.

بالقضاء على نظام الأسد تتفتح الآفاق رحبة لبناء بلد عربي أوسطي حديث منفتح متطور.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ