ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 28/03/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

ومن يعفو عن بشار الأسد؟

علي حماده

2012-03-27

النهار

في آخر الأنباء السوريالية ان بشار الأسد يعد العدة لتوجيه خطاب الى السوريين يعلن فيه وقف العمليات العسكرية، فضلا عن عفو عام عن كل من المعارضين وحاملي السلاح من غير المتورطين بدماء السوريين بالقتل والخطف وما شابه...

ليست المرة الاولى يتحدث النظام، وبالتحديد بشار الأسد عن عفو بحق المعارضين. وليست المرة الاولى يحاول الايحاء أن النظام سيعلن الانتصار على المؤامرة. وليست المرة الاولى يبلغ خطاب بشار ومحيطه درجة متقدمة في الغربة عن الواقع وهو يجهد ليثبت ان النظام لا يزال موجودا، او ان جمهورية حافظ الاسد لم تمت. ففي مناسبات سابقة سمعنا هذا النوع من الخطاب الهذياني للنظام، واستمرت الثورة، بل انها توسعت وتجذرت وصارت سوريا بأسرها ساحة حرية كبيرة في مواجهة قتلة الاطفال. فلقد تحدث بشار في السابق عن عفو عام وواصل قتل الاطفال والنساء والشيوخ والشباب بلا هوادة. وفي المرة الاولى التي سمعناه يعلن عن عفو عام، وجهنا اليه مع ملايين السوريين والعرب سؤالا بسيطا هو الآتي: ومن يعفو عنك يا بشار؟

نعم، هذا هو السؤال الحقيقي الذي يتعين توجيهه الى قاتل الاطفال في سوريا. وعليه لا نستغرب ان تكون الحزمة الاخيرة من العقوبات الاوروبية طالت نساء العائلة، من الام الى الاخت فالزوجة، دلالة على ان المشكلة الحقيقية صارت مع ما يمثله بشار الاسد كعائلة وزمرة وبطانة وإرث. فالسوريون يصارعون العائلة وليس عناصر الجيش الذين يدمرون مدنهم وأحياءهم وقراهم. فللقتل المنهجي المنظّم أب شرعي هو بشار الاسد ومحيطه المباشر والإرث الأسود الذي يحملانه.

انه لأمر مضحك للغاية ان يتلفظ قاتل الأطفال بكلمة "عفو" وان يتوهم انه سيفلت من عقاب السوريين القاسي له ولكل من شارك في قتل المواطنين العزل. والحال ان من يعتقد ان في سوريا نظاما حقيقيا لا يزال قائما، هو واهم أيضا، لأن الثورة باتت شاملة حتى تحولت الارض كلها معادية لبشار الاسد وبطانته وجيشه. ومن الاستحالة ان يتحقق انتصار لمن يمتلك القوة العسكرية موقتا. فالارض تهتز تحت اقدام الطغاة، والشعب لن يعود الى المنازل قبل اقتلاع قتلة الاطفال من مكانهم.

هذا ليس شعرا ولا تنظيراً من بعيد. انه الواقع بكل تجرد، لأن ثورة السوريين لن تكون نصف ثورة بل ثورة كاملة مهما طال الزمن. ان الزمن يعمل لمصلحة الشعب لا الطغاة.

لقد كان حرياً بقاتل الاطفال ان يطلب العفو من الشعب ومن آلاف الشهداء وذويهم، فهو أحوج ما يكون الى عفوهم، لأن النهاية ستكون حزينة جدا على ما قال ذات يوم دميتري ميدفيديف...

ان سوريا مقبلة على عصر الحرية، وجمهورية حافظ الاسد صفحة سوداء من تاريخ سوريا ستطوى نهائياً.

=================

عن «إخوان» سورية..أيضاً!

صالح القلاب

الرأي الاردنية

27-3-2012

في إيضاح للوثيقة السياسية التي أعلنها «إخوان» سوريا الأحد الماضي أشار المراقب العام لهذه الجماعة رياض الشقفة إلى أن هذه «الجماعة» لا فرق لديها بأن يأتي إلى الرئاسة ،أي رئاسة الدولة، مسيحيٌّ أو مسلم أو امرأة مادام أن الفائز يستحق منصبه نتيجة تصويت شعبي وهو قال أيضاً :إن المجتمع السوري لم يكن يوماً طائفياً ففارس الخوري (الماروني من جنوب لبنان) انتُخب مرات عدة رئيساً للحكومة لأنه كان كفؤاً ولم يرفضه أحد لمسيحيته.

وكانت هذه الوثيقة المشار إليها قد تضمنت عشر مبادئ أساسية تعتبر تطوراً هائلاً في فكر «إخوان» سوريا وتوجهاتهم قياساً بمواقف وتوجهات إخوانهم في الأردن الذين لا زالوا يتمترسون في خنادقهم القديمة لدى تأسيس جماعتهم كامتداد لـ»إخوان» مصر قبل نحو سبعين عاماً وكل هذا مع أن العالم ومعه منطقتنا هذه قد شهدا تحولات وتطورات جوهرية قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها وحتى الآن.

وهذه المبادئ العشر ،التي التزم بها الإخوان السوريون بالنسبة لدولة المستقبل، هي: أن تكون هذه الدولة مدنية حديثة وديموقراطية وتعددية وتداولية وذات نظام جمهوري نيابي ودولة مواطنة ومساواة يحق لأي مواطن فيها الوصول إلى أعلى المناصب ويتساوى فيها الرجال والنساء وتتمتع فيها المرأة بحقوقها كاملة ودولة تلتزم بحقوق الإنسان وتقوم على الحوار والمشاركة حيث لا استئثار ولا إقصاء ولا مغالبة ويكون فيها الشعب سيد نفسه وصاحب قراره وهو الذي يختار طريقه ويقرر مستقبله دون وصاية من حاكم مستبد أو حزب واحد أو مجموعة متسلطة.

وأيضاً دولةٌ تحترم المؤسسات وتقوم على أساس فصل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية ودولة تعاون وأُلفة ومحبة تنبذ الإرهاب وتحاربه وتحترم العهود والمواثيق والمعاهدات الدولية ودولة العدالة وسيادة القانون لا مكان فيها للأحقاد ولا مجال فيها لثأر أو انتقام.

ولعل أهم ما جاء في هذه الوثيقة ،التي تعتبر ثورة فعلية وحقيقية في فكر ومنطلقات الإخوان المسلمين ليس في سوريا وإنما في العالم بأسره هي أنها نصّت على حرية الاعتقاد والعبادة وحرية التفكير والتعبير وحرية الإعلام والمشاركة السياسية وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية لا يُضام فيها مواطن لا في عقيدته ولا في عبادته ولا يضيّق عليه في خاصٍ أو عام من أمره.

وهذا يعني انه لا صحة لما بقي النظام السوري يخوّف به المكونات الاجتماعية السورية من غير المسلمين السنة ولما بقيت أبواق هذا النظام تروج له لتشويه هذه الثورة التي هي الثورة الشعبية الفعلية والحقيقية من بين كل ثورات الربيع العربي ،مع الاحترام والتقدير لها كلها ولشهدائها كلهم، فعندما يلزم الإخوان المسلمون السوريون أنفسهم بضمان حرية العقيدة وحرية ممارستها فإنهم ينتقلون بحزبهم إلى مستوى الأحزاب الديموقراطية والتعددية وأيضاً المدنية و»العلمانية» في الدول الغربية والشرقية المتقدمة.

كما ويعني أيضاً انه على «إخواننا» هنا أن يفتحوا قلوبهم وعقولهم لهذه الرياح الجميلة التي بدأت تهبُّ علينا من «إخوتنا» في الشمال فالتغيير الذي يطالبون به يجب أن يبدأوه بأنفسهم بالخروج من الخنادق القديمة وبالانسجام مع معطيات الألفية الثالثة... إن التمسك بهذه الصيغ التنظيمية القديمة وبهذه التطلعات التي عفا عليها الزمن وحان وقت إعادة النظر فيها سيبقيهم على مسافة بعيدة عن مفاهيم هذا العصر واستحقاقاته وسيبقي على تنظيم بوجهي عملته تنظيم دروشة سياسية غير قادر على مواكبة ركب المرحلة المستجدة وينهمك في مضغ نظريات سلفية سياسياً أصبحت خارج إطار المرحلة الزمنية الحالية وليست لها القدرة على تلبية تطلعات الشعب الأردني في هذه المرحلة المصيرية!!

=================

مآلات الثورة السورية

محمد الزباخ

2012-03-26

القدس العربي

كي نقارب بروح موضوعية مآلات الثورية السورية، لا بد أولا من بيان لواقع الصراع السياسي الراهن في سورية، ذلك أن الحكم على شيء فرع عن تصوره، ويمكن عموما بيانه من خلال العناصر التالية:

1- واقع النظام: على خلاف كل الثورات العربية التي جرت في تونس ومصر واليمن وليبيا، حافظ النظام الأسدي في سورية على مقدار كبير جدا من تماسك مؤسساته القيادية، وهناك أسباب عامة لذلك، وأخرى خاصة. فأما الأسباب العامة، فتتجلى في عاملين رئيسيين هما:

أ- سيادة فكر الطاعة للقائد/ الإمام: والعجيب الغريب أن جل العلمانيين و'الديانيين' يشتركون في ذلك، كل من رؤيته الفلسفية. إن حزب البعث يتمسك ببشار الأسد مثلما تتمسك كل الأحزاب التوليتارية بـ'الزعيم الملهم'، والعلويون يتمسكون به لأنه في نظرهم إمام حلت في ذاته روح الله، والسنة الرسميون، صوفيون وغير صوفيون، يتمسكون به، أو بالأحرى يبررون تمسكهم به، من منطلق أنه ولي الأمر الشرعي الذي لا يحل الخروج عليه ما دام لم يكشف عن 'كفر بواح'. ويلتقي هؤلاء جميعا في المنابر الإعلامية الأسدية لتزييف وعي الجماهير، مؤيدين في ذلك بعدد من الإعلاميين المرتشين والفنانين الأنانيين والقومجيين المتعصبين.

ب- شدة بطش النظام: وهذا مما لا يختلف عليه عاقلان، فالنظام الأسدي قبيل قيام الثورة كان يحصي على الناس أنفاسهم، وكان يأخذهم بالظنة أخذا أليما، وأقل شيء يمكن أن يفعله لقمع خصومه أن يقطع عنهم أرزاقهم، وفي مقدمة ذلك فصلهم من الوظيفة العمومية والإيعاز إلى أوليائه البرجوازيين بطردهم من شركاتهم الأخطبوطية.

أما الأسباب الخاصة فترتبط بكل مؤسسة على حدة، وهكذا يعود تماسك المؤسسة العسكرية الأمنية بالدرجة الأولى لكون جل قياداتها من الطائفة العلوية، ويعود تماسك المؤسسة الاقتصادية السياسية لكون جل أعمدتها من الفاسدين الذين لم ينبن 'نجاحهم' على الوسائل المشروعة، بل على ارتباطهم العضوي بالنظام الأسدي.

2- واقع المعارضة: تضم المعارضة السورية تلوينات متعددة يمكن اختزالها في معارضة فعلية داخلية تتمثل في الثوار السلميين والثوار المسلحين (يؤطر جلهم الجيش الحر)، وفي معارضة قولية خارجية تتمثل أساسا في المجلس الوطني السوري (قوامه من الإخوان المسلمين والليبراليين) الذي يؤيد التدخل الخارجي، وهيئة التنسيق الوطنية التي ترفض التدخل الخارجي، ويبدو أن علاقة المعارضة الداخلية طيبة إلى حد ما مع المجلس الوطني السوري، وسيئة إلى حد كبير مع هيئة التنسيق الوطنية.

وعموما لم تنجح المعارضة السورية إلى الآن في استقطاب عملي للفئة العريضة الصامتة من الشعب السوري إليها، ولها نصيب من المسؤولية في ذلك، ولا تتمثل هذه المسؤولية في ضعف منسوب التمثيلية لديها، فهي في الجملة تنبذ الخطاب الطائفي وتدعو لمحاربة الفساد والاستبداد، ولا يتمثل في ضعف منسوب الفاعلية، فقد أبان الكثير من المعارضين عن تضحيات عظيمة لأجل قضيتهم العادلة، وإنما يتمثل في ضعف منسوب المصداقية عند بعض أفرادها، وقد تمكن النظام الأسدي في هذا الجانب من تصيد فضائح لهؤلاء وعمل على تضخيمها وتأويلها بخبث بالغ، ومن أبرز ما يضرب منسوب المصداقية لدى هؤلاء عند بعض السوريين، شر لا بد منه، وهو التعاون مع بعض الأنظمة الاستبدادية العربية ومع بعض الدول الإمبريالية الغربية للإطاحة بالنظام السوري.

3- واقع الشعب: الناظر في خريطة الثورة السورية يلمس أن جل السنة هم ضد النظام الأسدي، وأن جل العلويين معه، وأن بقية الأقليات الأخرى مترددة بين دعمه أو لزوم الحياد. وهذا الانقسام العمودي طبيعي ومنطقي، فالسنة هم الأكثرية التي لا تحكم، والعلويون هم الأقلية التي تحكم، وبقية الأقليات مبثوثة في المناطق السنية من جهة، وتخاف من التحول عن العلمانية إلى الحكم الإسلامي. ويلمس هذا الناظر أيضا فرقا واضحا بين سنة الأطراف وسنة المركز، فقد قام سنة الأطراف، ومنذ الأسابيع الأولى للثورة السورية، بحراك ثوري نشط ومستمر. أما سنة المركز الموجودون في مدن دمشق وحلب والرقة، فقد اختار جلهم تعاطفا صامتا مع الحراك الثوري. وقد حار الكثيرون في حل لغز هذا التعاطف الصامت، بل اندهشوا لما رأوا مظاهرات مليونية تخرج من هذه المدن مؤيدة للنظام الأسدي، والحق أن هذا اللغز محير حقا، فعلم نفس الجماعات، يفترض أن تتحرك في أبناء هذه المدن العصبية الدينية ضد الطائفة العلوية التي تسحق 'إخوانهم' في مدن الأطراف، ولكن هذا افتراض اختزالي وبدائي، والذي يحل هذا اللغز إلى حد ما هو خلخلة مفهوم السلطة وتمطيطه ليشمل كل ميادين الحياة على الطريقة الفوكوية. إن كثيرا من سنة المركز يمتازون بنمط حياة متحرر، ويحظون بمقدار أكبر من الرفاهية الاجتماعية، وهذا كاف لأن يجعل بعضهم يتحفظ على ثورة يرون أنها تنغص عليهم ما هم فيه من 'نعمة'، وتهدد بإحلال القيم 'الرجعية' محل القيم 'التقدمية'. وهناك فريق من سنة المركز على خلاف السابقين، يقدر رجال الدين ويقلدهم، وكثير من هؤلاء، وفي مقدمتهم الشيخ البوطي، يوالون النظام الأسدي بشكل مثير للدهشة. وهناك فريق ثالث، وهم الأغلبية، قد أصابهم الوهن وتجذر في نفوسهم، والوهن كما في حديث شريف، هو حب الدنيا وكراهية الموت، ومن حاله هكذا لن يحرك ساكنا إزاء قبضة أمنية وعسكرية رهيبة لا تبقي ولا تذر.

4- الواقع الخارجي: باستثناء المحايدين، نجد أن القوى الإقليمية والدولية منقسمة إلى فسطاطين كبيرين؛ فسطاط داعم للنظام، ويتمثل إقليميا في عموم الشيعة الإماميين والعلويين، ودوليا في روسيا والصين. وفسطاط داعم للمعارضة، ويتمثل إقليميا في عموم السنة السلفيين والحركيين، ودوليا في أمريكا والاتحاد الأوربي. وإذا كانت القوى الداعمة للنظام قد حسمت أمرها في الدفاع عنه إلى آخر مدى، فإن القوى الداعمة للمعارضة مترددة في خيارها هذا، ويعود ذلك لأسباب عديدة أبرزها الخوف من أن يكون البديل هو الإسلاميون، والانشطارات المتوالية للمعارضة، وأيضا الخوف من أن تلحقها بالضرر تبعات الوضع المعقد في سوريا. وعموما، استفاد النظام الأسدي كثيرا جدا من دعم أوليائه له، فيما لم تستفد المعارضة من داعميها إلا شيئا قليلا.

وانطلاقا مما سبق، فإنه يمكن إحصاء خمسة سيناريوهات رئيسية للثورة السورية يمكن توزيعها كما يلي:

1- حسم الصراع في أمد قصير:

أ- السيناريو الأول، انتصار الثورة: يمكن أن يقع بصورة يسيرة إذا انقض الشعب السوري بكافة طوائفه على النظام الأسدي، وهذا ما يبدو مستبعدا جدا. ويمكن أن يقع ذلك بصورة أقل يسرا، إذا انقض عليه سنة المركز انقضاضا عارما، وهنا تظل وحدة سوريا رهينة بالموقف التركي تجاه سكان الساحل العلويين، حيث سيعمد هؤلاء لتشكيل دولة علوية يمكن أن تتمدد داخل الأراضي التركية، وهذا ما يبدو أن النظام التركي يتحاشى من الآن وقوعه بأي ثمن كان.

ب- السيناريو الثاني، إخماد الثورة: هو خيار مستبعد الوقوع، لكن تجارب التاريخ تنبئ عن إمكان حدوثه. إن ذلك كان سيقع مبكرا لولا انشقاق طائفة من الجند عن الجيش النظامي وانضمام بعض الثوار إليهم، وليس أدل على ذلك مدينة حماة التي لم يعد يتظاهر فيها إلا نفر يسير من الناس بعد أن خرج فيها في شهور مضت مئات الآلاف من الثوار. وفي إمكان النظام الأسدي القضاء على الجنود المنشقين إذا نجح من جهة في وقف نزيف انشقاق المزيد منهم من جهة، ونجح من جهة أخرى في منع تسليحهم بأسلحة نوعية من الخارج.

ج- السيناريو الثاني، حل توافقي: على الطريقة اليمينة مع بعض التعديلات، وهذا ما تقدمت به فعلا الجامعة العربية إلى مجلس الأمن بمبادرة من مجلس التعاون الخليجي، دون أن يقبله النظام الأسدي ولا حلفاؤه الإقليميون والدوليون، ولا يبدو أنهم سيقبلونه في الأمد القريب، لأن قبول الديموقراطية بحق يعني موت هذا النظام سياسيا، ومن بعد ذلك محاكمته قضائيا.

2- استمرار الصراع لامد طويل:

أ- السيناريو الأول؛ حرب أهلية: أي أن يتمركز السنة في مناطقهم بعد تحريرها من النظام الأسدي، وأن تتمركز الأقليات العلوية والكردية والدرزية في مناطقها، ويقع بين السنة وهذه الأقليات (وخاصة مع الاقلية العلوية) صراع في مناطق التماس، بحيث يسعى السنة لإخضاع كل سوريا لسلطتهم، وتسعى الأقليات للاستقلال في أكبر مجال جغرافي ممكن. ويمكن لهذه الحرب الأهلية لأن تتحول إلى حرب إقليمية طائفية إذا ألقت إحدى الدول الإقليمية بكل ثقلها في الثورة السورية لصالح النظام أو لصالح المعارضة، وهذا ما يبدو أن كل هذه الدول تتحاشاه نظرا لتكلفته العالية جدا.

ب- السيناريو الثاني؛ حرب عصابات: أي أن يستمر الصراع على ما هو عليه حاليا لسنين طويلة، بحيث تظل سوريا كلها خاضعة للنظام وغير خاضعة له في نفس الآن، أي أن يتمكن النظام من إخضاع منطقة متمردة لفترة من الوقت في الوقت الذي يسيطر فيه الثوار على منطقة أخرى لفترة من الوقت، وأن يستطيع النظام قتل أو اعتقال من شاء من الناس في الوقت الذي تقدر فيه المعارضة على ضرب النظام وأعوانه بين الفينة والأخرى. إنها معركة كر وفر، معركة عض على الأصابع، قد تنتهي في بضع سنوات، وقد تطول لعشرات السنين. والذي تكشفه المعطيات الميدانية والاستراتيجية أن استمرار الصراع لأمد طويل مرفوض من كل القوى الإقليمية والدولية، وبالتالي لن يتعدى حصوله -لو حصل - بضع سنوات، وأرجح السيناريوهات أن سنة المركز سينضمون تدريجيا إلى الحراك الثوري، وأن الأقليات غير العلوية ستلزم الحياد إلى آخر المطاف، وأن الطائفة العلوية ستتمترس في منطقة الساحل، وحينها ستتدخل تركيا بصرامة تامة منعا لقيام دولة علوية فيها.

=================

سوريا.. السجن الكبير

طارق الحميد

الشرق الاوسط

27-3-2012

تسلم المبعوث الأممي إلى سوريا السيد كوفي عنان رد النظام الأسدي على مقترحاته ذات النقاط الست، لكن لم يكشف حتى اللحظة عن فحوى الرد، ولا نعلم ما إذا كان هذه المرة مكتوبا، أم إنه رد «بلا ورقة» كما فعل نظام الطاغية من قبل.. لكن هل هذا أمر يبعث على التفاؤل، كما يعتقد البعض؟

لا أعتقد، فمن يتهم محطة «سي إن إن» التلفزيونية بأنها تقف خلف تفجير خط أنابيب في سوريا، لا يمكن أن ننتظر منه أي حلول منطقية. فالنظام الأسدي يريد شراء الوقت كعادته؛ فها هو يحول سوريا كلها إلى سجن كبير، حيث يمنع من هم تحت سن 42 عاما من مغادرة البلاد، وحيث يبدو أن سجون الطاغية امتلأت عن بكرة أبيها، ومثلها الملاعب، والمدارس، التي يسجن فيها السوريين، فلم يعد يجد النظام سجونا إضافية لقمع السوريين، فقام بتحويل سوريا كلها إلى سجن كبير. فكيف يمكن بعد كل ذلك التعويل على مهمة السيد عنان!

فطوال عام كامل من عمر الثورة لم يقدم النظام الأسدي ما يثبت أنه يستوعب ما يحدث فعليا على الأرض، فالنظام يعتقد أن القتل والترهيب هما الحل.. ولذا، فلا أمل بأن يتعاون النظام مع مهمة السيد عنان التي تصفها روسيا بأنها الفرصة الأخيرة قبل وقوع الحرب الأهلية في سوريا. والحقيقة أن الحرب واقعة أصلا على الأرض، لكنها ليست حربا أهلية، بل هي حرب نظام إجرامي مدجج بالأسلحة، ومدعوم من روسيا وطهران، وكل هدفه هو قمع السوريين الثائرين عليه. ولذا، فإنه يجب عدم التعويل على مهمة السيد عنان، وذلك ليس تشكيكا فيه، بل لأنه ليس لدى النظام الأسدي ما يقدمه، فلا شيء يجلب الحلول في سوريا اليوم إلا رحيل الأسد، وعدا ذلك، فهو مضيعة وقت، وأرواح، وتعريض مستقبل سوريا كلها للخطر.

فهمُّ النظام الأسدي اليوم ليس حل الأزمة، بل القضاء عليها أمنيا، وهو غير قادر على ذلك، رغم ضعف تسليح الجيش الحر، حيث بات من الملاحظ أنه في كل مرة يقول فيها النظام إنه سيطر على مدينة سورية، نجده يعود لقصفها مرة أخرى، مما يعني أن النظام فاقد السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد. ومن هنا، فليس المهم رد النظام الأسدي، أو ما تقوله موسكو، المهم هنا هو ما يدور على الأرض، فهناك يتشكل الواقع، وهناك تحسم الأمور.

لا يمكن التعويل على مهمة عنان والقتل، والقصف، والتجويع، والإهانة، جزء من يوم السوريين، وعلى مدى عام كامل، ولا يمكن التعويل على مهمة عنان وعمليات التهجير في حمص مستمرة بشكل يجعل المراقب يتساءل: هل هذه هي خطة ترتيب الدولة العلوية التي تحدث كثيرون عنها؟

ومن هنا نقول: رد النظام الأسدي على خطة عنان، أم لم يرد، كلها عملية شراء وقت للأسد، وإطالة لمعاناة السوريين.. ولذا، فإن أفضل وسيلة للحفاظ على سوريا الكيان هي سرعة حسم رحيل طاغية دمشق.

=================

مشهديات سورية

النهار اللبنانية

عبده وازن

27-3-2012

سقط الشاب أرضاً برصاص جنود النظام السوري الذين كانوا يتربّصون بالمتظاهرين، وسقط من يده هاتفه الخليوي... وعندما نجح رفاقه الشبّان في سحبه عن الرصيف، مخاطرين بحياتهم، لم يبالوا بـ «الموبايل» الذي ظل مرمياً على الأرض. كان الشاب على ما بدا في المشهد التلفزيوني الذي بثته إحدى الفضائيات العربية، يصوّر بجهازه الصغير الهجوم الذي يشنّه جنود النظام على المتظاهرين العزّل... لكنّ الرصاص كان أسرع من عدسة «الموبايل» فأسقط الشاب الذي راح يتخبط بدمائه. «الموبايل» لم يلتقط حتماً هذه اللحظات الأليمة كما تفعل الكاميرات السينمائية، بل اكتفى بما صوّره الشاب قبل مقتله. لكنّ «الموبايل» الآخر الذي كان يصوّر به المشهد أحد رفاق الشهيد، ظل مصوّباً على «الموبايل» الذي سقط على الرصيف. هذه لقطة سينمائية رهيبة، على رغم ضعفها التقني أو هشاشتها. «موبايل» يصور «موبايل» الشاب الذي سقط للحين، وكأنّه يحيّيه بعدما حيّا الشهيد الذي سحب جثمانه عن الرصيف. «موبايل» يصور «موبايل» آخر فقد صاحبَه، الشابَ المتظاهرَ والمناضلَ الذي لا سلاح معه سوى هذا السلاح الرمزيّ...

أصبح «الموبايل» نجم الثورات الشعبية والانتفاضات والتظاهرات. هذه الآلة الصغيرة غدت أشدّ فعلاً من كاميرات التلفزيون. إنها قادرة على التغلغل بين الصفوف، جهاراً أو بسرية، تنقل التفاصيل بدقّة وتفضح آثام جنود النظام، الذين يقتلون ويدمّرون بلا رحمة... لقد أوجد المتظاهرون «وظيفة» لم تكن متوقّعة لهذا «الموبايل» الذي وجد أصلاً للتواصل والتهاتف والكلام الحميم.

في مشهد مأسوي سابق سقطت امرأة عجوز برصاص أولئك الجنود ومن فمها سقط «طاقم» اسنانها... إنها لم تعد بحاجة إليه بعدما قضت مضرّجة بدمائها. أما «الموبايل» الذي سقط من يد الشاب فهو السلاح الوحيد الذي يملكه هؤلاء المتظاهرون العزّل. إنه وسيلتهم الوحيدة لفضح بربرية جنود النظام...

الفضائية السورية الرسمية تكاد تكون الشاشة الأشد هزالاً وهزلاً. وأطرف لحظاتها عندما تستضيف سياسيين وإعلاميين و «مثقفين» لبنانيين ينتمون الى «طقم» البعث اللبناني. يشعر هؤلاء، عندما يطلّون عبر شاشة النظام هذه، بأنهم يؤدّون واجباً قومياً بعثياً، فيمعنون في الخطابة «الدونكيشوتية»، مهدّدين ومتوعّدين، ثم لا يلبثون أن يطمئنوا المشاهدين بأن النظام باق وأن عمره طويل... إنهم متفائلون دوماً، شديدو التفاؤل، يتحدثون بثقة كبيرة ويجزمون... وأطل أحدهم مرّة يخطب في إحدى التظاهرات التي اصطنعها النظام، فامتدح وأشاد، واقتدح وذمّ، وكلّه يقين بأن النصر آت وأن سورية ستتحرّر من «الإرهابيين» الذين يعيثون خراباً.

لعل هؤلاء البعثيين اللبنانيين، الذين يستعين بهم إعلام النظام السوري ليدعم «رسالته» ويرسّخ معركته الفضائية، هم خير دليل على إفلاس هذا الإعلام. حتى الجمهور البعثي السوري لا يأخذ بهم وبآرائهم وأكاذيبهم وتهريجاتهم... هذا الجمهور ليس غبياً ولو نشأ في كنف النظام.

على شاشة الفضائية السورية الرسمية نفسها شاهدت شعراء وأدباء بعثيين، يكيلون المديح للنظام ورموزه. بعض هؤلاء معروفون بهواهم الحزبي وانتمائهم البعثي العريق، وقد أفادوا كثيراً من السلطة التي منحهم إياها النظام... اما الآخرون فهم من الأسماء المحترمة أدبياً، على رغم بعثيتهم التي سيقوا إليها، ولكن برضاهم... لقد بالغ بعض هؤلاء في الدفاع عن النظام وعلمانيته وفي مهاجمة المعارضة لا سيما الدينية أو «الإخوانية»... وهؤلاء يعلمون جيداً أن الشعب السوري هو الشعب العربي الأقل عرضة لـ «التطيّف» و «التمذهب»، حتى وإن اخترقته جماعات متطرفة. وحتى الآن فشل المصطادون في ماء الطائفية العكر، فشلوا في رهانهم على الانقسام الطائفي والمذهبي...

لا أدري ماذا سيكون مستقبل مثقفي النظام السوري لاحقاً؟

القناة التلفزيونية نفسها دأبت في الأيام الأخيرة على بث لقطات ومشاهد تظهر فيها سيدات «بعثيات»، محاطات بأطفال، يغدقن عليهم بالهدايا. لقطات ومشاهد كثيرة تبثها القناة السورية الرسمية تُظهر الحب الكبير الذي يكنه النظام السوري للأطفال... أتراهم هم أنفسهم الذين شاهدناهم في الصور وعلى الشاشات الأخرى مقتولين ومذبوحين وممزّقين إرباً إرباً...؟

كنت أشاهد التلفزيون عندما صرختُ أمام مشهد دموي هائل ظننت أنه يحصل في غزّة، هناك حيث جنود الاحتلال الإسرائيلي لا يرحمون البشر ولا الحجر... ولكن سرعان ما تبيّن لي أن المشهد حصل في حمص...

ما أشد غدر هذا الزمن، لم يعد المشاهد العربي يفرّق بين مجزرة تحصل في غزّة وأخرى في حمص.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ