ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 01/04/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

الرياض.. واشنطن.. أنقرة.. مثلث الحل

2012-03-31

الوطن السعودية

من الطبيعي أن تكون النتائج التي خلصت إليها القمة العربية في بغداد، خارج حسابات تجمعين مهمين سيعقد أولهما في الرياض اليوم، ويجمع وزراء خارجية دول مجلس التعاون مع نظيرتهم الأميركية هيلاري كلينتون، والآخر تشهده مدينة إسطنبول التركية ل"أصدقاء سورية" غدا الأحد، وهما الاجتماعان اللذان ستكون الأزمة السورية محورهما الأول.

ودون النظر إلى البيان الصادر عن القمة العربية الأخيرة، يمكن القول بأن نتائجها تأتي امتدادا للإخفاق العام في وضع حد لما يجري في سورية، فمنذ أشهر، والعرب يحاولون من خلال جامعتهم، أن يحققوا اختراقا في جدار الأزمة السورية، دون فائدة، فخاضوا حربا من أجل صياغة المبادرة، ودخلوا في أخرى لأجل إقرار "بروتوكول المراقبين"، ونقلوا الملف إلى مجلس الأمن، والنتيجة زيادة مضطردة في أعداد القتلى السوريين يوما بعد آخر.

اليوم، تتحمل دول بعينها مسؤولية تاريخية إزاء عمليات الإبادة التي يمارسها النظام السوري ضد أبناء شعبه، يحملها على ذلك حالة التشرذم التي تعيشها المعارضة السورية التي لم تتمكن هي الأخرى من توحيد صفوفها، مما صعب من عملية أن يكون هناك بديل "مدني" جاهز لاستلام السلطة بعد سقوط نظام بشار الأسد.

الوضع في سورية، لا يحتاج بعد اليوم إلى مبادرات جديدة، فهاهو النظام السوري يتلكأ في تنفيذ خطة المبعوث الأممي العربي إلى سورية كوفي عنان، وسط تنامي القلق من استمرار المظاهر العسكرية، وهو أمر كان متوقعا، فيما تتجه الأنظار يوم الاثنين إلى مجلس الأمن الدولي ترقبا لما سيقوله عنان للأسرة الدولية.

وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي سيجلسون اليوم على طاولة واحدة مع نظيرتهم الأميركية، في اجتماع يعقد على وقع موقف جديد لواشنطن، دعت فيه الأسد للتنحي سواء طبقت خطة عنان أو لم تطبق، وهو ما لم تكن أميركا تريد قوله في الماضي، وهذا يعني أنها أصبحت جزءا أساسيا من الموقف الدافع لتغيير النظام السوري استجابة لتطلعات الشعب الذي ينادي منذ أكثر من عام بهذا الأمر، مدفوعا هذه المرة بدعوات عدد من المشرعين الجمهوريين في الكونغرس لتدخل جوي، وتقديم الأسلحة للمعارضة السورية، غير أن صورة التحركات الجديدة، قبل انتهاء اجتماع "أصدقاء سورية" في إسطنبول يوم غد، وما يمكن أن يخرج به من نتائج لن تكتمل.

=================

أمريكا وأمن الشرق الأوسط

يوسف الكويليت

الرياض

31-3-2012

 لم تتبدل الدور الأمريكي في العالم، رغم بروز منافسين جدد، وفي منطقتنا العربية تتداخل مع كل السياسات، سواء ما يتصل بأمن إسرائيل الذي تبني عليه قواعد تحركها، أو الأزمات الناشئة الأخرى، وفي الحالة السورية، لا نجد أمريكا تشكل حضوراً أساسياً يردع السلطة من قتل شعبها حتى أن الرأي العام العربي يشعر بتواطؤ مع روسيا والصين على استمرار الأوضاع بلا تدخل..

(هيلاري كلينتون) وزيرة الخارجية الأمريكية ستطرح موضوع سوريا في حوار مع دول الخليج العربي بالرياض، لكن كيف تعالج القضية، والسيناريو المعد لها يبقى دون أمل في تحرك أمريكي صحيح، وحتى المبررات التي تطرحها والتخوف من حرب أهلية طائفية ليست إلا أوهاماً، لأن الثورات العربية لم تعط هذه الصورة، ووصول التيار الإسلامي لحكوماتها أبعد شبه الخلافات التي توصل إلى حروب، وما يجري في ليبيا صراع قبائل لا خلافات مذهبية ودينية، وسوريا عاشت سنوات طويلة لم تشهد صراعات قومية ومذهبية، لكن مبررات أمريكا تبقى ضمن دائرة مصالحها؟..

فالأسد يفكر بجدية في تقسيم سوريا إلى دولة الساحل العلوية، ودولة سنية في المدن ذات الأغلبية الإسلامية، ودولة للأكراد، وتلتقي هذه الاستراتيجية مع الرغبة الإسرائيلية، إن لم يكن ثمة تنسيق معها مبكراً على هذه الخطة، لكن ماذا لو تم ذلك، واشتعلت نيران الحرب الطائفية فعلاً، وكيف تواجه إسرائيل متطرفين قد يضرون بأمنها، وما هي الاحتمالات بدخول قوى إقليمية وخارجية تضع سوريا بؤرة تطرف من كل القوى إسلامية أو غيرها؟..

تحرك أمريكا يجنبها غضب عربي - إسلامي متصاعد، فقد ابتكرت مبررات غزو العراق لما هو أتفه من الوضع السوري، وقبل ذلك عملت حظراً جوياً أعاق ضربات صدام لشعبه دون خسائر تذكر، وهي قادرة على تحييد قوة الأسد ضد شعبه بنفس السيناريو..

قطعاً الوزيرة الأمريكية تعرف أن دول الخليج بادرت بقطع العلاقات وسحب السفراء، ولها موقف ثابت من الوضع السوري يوصف بأنه الأكثر صراحة بين الأفكار الأخرى، وخطة عنان التي بوركت بالقمة العربية لن تنجح لأن مناورة السلطة للطروحات الماضية، سوف تطبق على هذه الخطة وإفشالها، والدور الروسي - الصيني ليس أكثر من حائط صد ضد الأهداف الأطلسية وفقاً لما يطرحانه، والعرب منقسمون، وحتى لو اتفقوا فهم صوت بلا معنى، وأمريكا تدرس هذه التوجهات وتريد أن يكون دورها دبلوماسياً يسقط أي فعل آخر، بهذه الحال ما جدوى الحوار الخليجي الأمريكي إذا كان سيعيد نفس الألفاظ والأفكار؟..

الشعب السوري يساق إلى أن يكون الضحية، والقوى الدولية ترى ما يجري شأناً داخلياً، لكن لماذا تحركت في كل الاتجاهات عندما تعتبر الجرائم ضد الإنسانية شأناً دولياً، وتستثني سوريا من ذلك؟ أم هي لعبة السياسة تطبق حيث المصالح فقط؟!

=================

«باب عزيزية» بشار الأسد

عامر أرناؤوط

عكاظ

31-3-2012

زيارة بشار الأسد إلى حي بابا عمرو، المدمر والمشرد أهله، ذكرت بالخروج المدوي والصارخ الدرامي التمثيلي للعقيد الليبي معمر القذافي من حصن باب العزيزية، وتجواله في استعراض علني في شوارع العاصمة طرابلس، وذلك قبيل سقوطه المريع واندحاره منها. هذه «العراضة» المتماثلة المتشابهة، تفتقد أدنى مقومات الإثارة المطلوبة، في بلد صار فيه رئيسه غريبا متحدثا كرئيس لوكالة غوث للاجئين، حضر مشهد الخراب، وأراد التخفيف من آلام المنكوبين فيه!!.الرئيس الأسد بات اليوم خارج الخدمة، على مستوى الوعي وإدراك ما يحيط به، فلا هو صاحب القرار في البقاء، ولا هو بقادر على إقناع شعبه بالعودة إلى المنازل والخنوع مجددا للعبة الموت والرعب، محاطا كما في مشهد زيارته بجنرالات الفساد والمال والطائفية، المستعدين دوما للفرار والتخلي عنه، تماما كما فعل المحيطون بالقذافي، فانتهى به الأمر الى ما وصل إليه. المشكلة السياسية الكبيرة في سورية، أن قيادتها «المفترضة» لا تريد الاعتراف والإقرار بالهزيمة، وأن معارضتها لا تعرف كيف تنتصر!، وحده الشعب وفقط الشعب هو الحقيقة الواضحة والعارف لما يريد؛ يريد إسقاط البطش والإتيان بالحرية، يريد الحياة بكرامة، ولا يريد الذلة ولا الاستضعاف أو نهب خيراته وثرواته، باسم «الممانعة» و «المقاومة» و «العروبة» وغيرها مما أسيء إلى معانيه وقيمه من هؤلاء الكذابين. بالأمس نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن نتانياهو، سعيه لإقناع الغرب بعدم التخلي عن الأسد، وتفضيله بقاءه في السلطة، فيما يطالب الشعب السوري العرب والمسلمين وكل شعوب الأرض، الانتصار لإرادته وطموحاته في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم وتخليه عن الأسد وزمرته. فهنيئا للأسد بحليفه «وعرابه» والمجد والخلود والانتصار لشهداء الثورة. و علينا الإدراك أن الغرب لا يقدم المساعدة على طبق من ذهب إنما عبر صفقات ورزمة مصالح قد تكون مبررة في بعض الأحيان، لكن ليس من الحكمة إيداع جهودنا وتضحياتنا لمن أعطى الأسد لأكثر من عام فرصة تلتها أخرى ليسحق شعبه. الاعتراف بإنجازات الثورة السورية هو قدر التاريخ ولن نجد لسنة الله تبديلا.

=================

حل الأزمة السورية محك القمة العربية

أ.د. سامي سعيد حبيب

السبت 31/03/2012

المدينة

عقدت يوم الخميس الماضي بالمنطقة الخضراء في بغداد في أجواء أمنية مشددة و شبه حظر شامل للتجوال في شوارع عاصمة الرشيد القمة العربية الثالثة و العشرون بحضور تسعة رؤساء عرب من أصل اثنين و عشرين ملكاً و أميراً و رئيساً ، هذا التدني في التمثيل الرسمي و التشديد الأمني يختزل في نظر المراقب الوضع السياسي و الأمني للمنطقة العربية ككل التي تعيش فرقة سياسية موهنة و غياباً كاملاً للمواقف العربية المشتركة ، و يعكس ما تعيشه بعض دولها من أزمات عنف و قتل يومي ، و تعود القمة العربية لبغداد بعد انقطاع اثنتين و عشرين سنة وبعد أن استوطنت المشاكل العراق والمنطقة العربية و بعد أن تحولت العراق إلى مقاطعات «كنتونات» طائفية و ترأسها حكومة طائفية بامتياز تجاهر بطائفيتها ، و تزامن معها تفجير عنيف بالقرب من السفارة الإيرانية بالمنطقة الخضراء ، وبالرغم من كل ذلك يظل ثمة بصيص أمل تتطلع إليه الجماهير العربية إلى خطوات في الاتجاه الصحيح و إلى وقفة عربية جماعية لمساعدة الشعب السوري الذي يعيش حملات إبادة جماعية في مواجهة مظاهراته السلمية المطالبة بزوال نظام الأسد الطائفي يسقط فيها من الشعب السوري مئات الشهداء يومياً على الحصول على تطلعاته المشروعة.

عربياً ، القتال في ليبيا لا يزال حتى بعد زوال نظام القذافي يندلع بين القبائل وبين المجموعات المسلحة و بين المناطق و المناطق المجاورة بين الفينة و الفينة و يسقط فيه عشرات القتلى و مئات الجرحى و البلاد معرضة بسبب تلك الحماقات للتقسيم إلى دويلات متناحرة . و الصراع بين العسكريين في مصرالذين لم يتقبلوا حقيقةً الديموقراطية التي جاءت بها الثورة و لابنتائج الانتخابات الشفافة التي جاءت بها و بين الإسلاميين في تصاعد مخيف يجعل المرء يتوجس على مستقبل مصر و على مستقبل وحدتها ، و العنف الدموي لم ينقطع تماماً عن اليمن الشقيق حتى بعد سريان المبادرة الخليجية و تنحي الرئيس اليمني السابق على عبد الله صالح الذي لا يزال يتدخل في شؤون البلاد السياسية , و جرح الصومال لم يزل نازفاً من عشرين سنة و نيف دون بارقة أمل تلوح في الأفق القريب لحقن دماء أبناء ذلك البلد المسلم أو في تنميته ، و السودان الشقيق تتكالب عليه المؤامرات الخارجية و الداخلية و لا يزال بعد انفصال الجنوب على شفير حرب مع الجنوب و كأن شيئاً لم يحصل ، و سوريا الشقيقة و ما أدراك ما سوريا التي تشهد أعمال إبادة جماعية بشكل يومي حتى أثناء انعقاد مؤتمر القمة ببغداد ، و بادر نظامها الحاكم عشية إنعقاد المؤتمربإعلان عدم قبوله بقرارات القمة الجماعية.

أكد القادة العرب المجتمعون في المؤتمر على سلمية الحل للأزمة السورية و تأكيد عرض الحل السياسي السائد عالمياً بشأن الملف السوري ، و آخر تطوراته ما عرف بخطة كوفي عنان ذات الست نقاط لوقف العنف و بدء حوار سياسي مع الإبقاء على الرئيس بشار الأسد على سدة الرئاسة في سوريا ، و قال اكمل الدين احسان اوغلو الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي عنها ان ( الاجماع الدولي على المقترحات الستة التي تقدم بها عنان وموافقة الحكومة السورية عليها امر يبعث على الامل ونتمنى ان تصدق النوايا هذه المرة ).

لكن السؤال الذي يطرح نفسه على المؤتمرين ببغداد و على «المجتمع الدولي» و هو الأمر المتوقع استقراءً من سلوك النظام السوري و كل الأنظمة الدكتاتورية المماثلة التي لا تعرف سوى لون الدم القاني صبغة للحياة و تمزيق الأشلاء و الاعتداء على الأعراض ، ماذا لو نكص النظام السوري على عقبيه و تنصل من مواعيده حتى بعد إعلان الرئيس بشار الأسد قبول سوريا لخطة عنان و الالتزام بها ، و استمر النظام في الإبادة الجماعية و القتل و الاعتداء على الأعراض و سجن الأبرياء و تخريب بنية البلاد التحتية ؟ إن الاستجابة لهذا التساؤل تشكل المحك الحقيقي لنجاح القمة.

=================

الأزمة السورية... في الأجندات الإقليمية والدولية

آليس فوردهام - بيروت

كارن دي يانج - واشنطن

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

تاريخ النشر: السبت 31 مارس 2012

الاتحاد

وصل رئيس الوزراء التركي إلى إيران يوم الخميس الماضي من أجل محادثات يهيمن عليها موضوع العنف في سوريا، في حين قدم أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون لقمة الجامعة العربية التي عُقدت في بغداد مخططاً مدعوماً من المنظمة الدولية ويروم إنهاء القتال في سوريا أيضاً، هذا بينما توجهت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى المنطقة من أجل مناقشات تركز على الأزمة ذاتها.

رئيس الوزراء التركي أردوجان التقى مع رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني في طهران وناقش معه سبل "المساعدة على حل مشاكل معقدة في المنطقة"، حسب ما أفادت وسائل إعلام إيرانية تابعة للحكومة. وقال وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي للصحفيين في طهران إن إيران متفائلة بشأن مخطط السلام المؤلف من ست نقاط، والذي قدمه كوفي عنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية المشترك إلى سوريا. مخطط لقي موافقة المسؤولين السوريين، وإن كانت دعوته إلى إنهاء الأعمال القتالية لم تطبق بعد. وكانت وسائل إعلام سورية قد نقلت يوم الخميس عن الرئيس بشار الأسد قوله إنه "لن يدخر جهداً لإنجاح هذه المهمة، إذ من المؤمل أن تساهم في عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد".

والجدير بالذكر هنا أن زعماء تركيا يضغطون على الأسد من أجل التنحي، متهمين إياه بتزعم حملة قمع وحشية ضد انتفاضة أتمت عامها الأول. لكن إيران مازالت من أشد المناصرين للأسد. غير أن تركيا وإيران، وهما دولتان متجاورتان تجمعهما علاقات تجارية قوية، من غير المرجح أن تسمحا لخلافاتهما حول الملف السوري بتبديد سنوات من العمل المشترك في سبيل بناء علاقات جيدة، كما يقول هنري كاركي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ليهاي، والذي يضيف أن رغبة البلدين المتبادلة في الحفاظ على علاقات جيدة يمكن أن تعني أن تركيا واحدة من الدول القليلة التي تتمتع بنفوذ ويمكن أن تؤثر على موقف إيران.

ويقول باركي في هذا الصدد: "إن تركيا تعتمد كثيراً على إيران بخصوص الطاقة، في حين تعتمد إيران على تصدير الوقود إلى تركيا"، مضيفاً: "لو كنتُ الأسد، لشعرت بالقلق. ذلك أنه إذا أقنع الأتراك الإيرانيين بأن أمر الأسد قد انتهى، فإن الأتراك قد يقولون: حسناً، لنبحث عن حل بديل يمكنكم التعايش معه".

الأزمة السورية تصدرت أيضاً أجندة اجتماعات الجامعة العربية في بغداد، حيث اجتمع الزعماء العرب وسط إجراءات أمنية مشددة ضمن قمة مؤجلة من العام الماضي. وخلال هذه القمة، حث بان كي مون سوريا، والتي لم تكن حاضرة بسبب تعليق عضويتها في الجامعة، على الاستجابة لدعوة عنان إلى إنهاء الأعمال القتالية ووقف يومي لإطلاق النار قصد السماح لوصول المساعدات الإنسانية. ونقلت وكالات أنباء دولية عن كي مون قوله في هذا الإطار: "إن العالم ينتظر ترجمة الالتزامات إلى واقع".

وفي هذه الأثناء، تواصل العنف داخل سوريا، حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الموجود مقره في بريطانيا أن 23 مدنيًا قُتلوا عبر البلاد يوم الخميس، من بينهم خمسة في منطقة قلعة المضيق بالقرب من مدينة حماة التي كانت ساحة معارك طاحنة بين قوات الأمن ومحتجين مسلحين في الأسبوع الماضي. وإضافة إلى ذلك، قُتل تسعة متمردين مسلحين و15 عضواً من الجيش السوري، من بينهم ضابطان اغتيلا في مدينة حلب.

وفي لندن، أعلن وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج مساء الخميس أن بريطانيا ستقدم ما يعادل نحو 800 ألف دولار من المساعدات غير المميتة للمعارضة داخل سوريا بقيادة المجلس الوطني السوري، المؤثر والمنقسم في الآن نفسه.

ومن جانبه، أشار الرئيس الأميركي باراك أوباما في قمة حول الأمن النووي عقدت في كوريا الجنوبية هذا الأسبوع إلى أن الولايات المتحدة أيضاً ستكون مستعدة لتوسيع دعمها إلى المعارضة السورية وتقديم مساعدات على شكل تكنولوجيا الاتصالات ومساعدات طبية.

هذا ومن المتوقع أن تكون ثمة مزيد من المناقشات حول هذه المخططات في اجتماع أصدقاء سوريا لزعماء المعارضة وممثلي البلدان المؤيدة في اسطنبول يوم الأحد.

ويعد الاجتماع الذي سينعقد في تركيا تتمةً لاجتماع تونس الشهر الماضي الذي ضم أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية ولم يحرز سوى تقدم طفيف نحو اتفاق بشأن سبل مساعدة المعارضة السورية.

ذلك أن بعض الدول دعت إلى إرسال أسلحة إلى مقاتلي المعارضة السورية، لكن أعضاء آخرين في الجامعة العربية ومسؤولين أميركيين وأوروبيين عبروا عن قلقهم بشأن وحدة المعارضة وأهدافها، وشددوا على ضرورة استنفاد الجهود غير العنيفة للضغط على الأسد أولاً.

هذه الخلافات ما زالت قائمة ومن غير المرجح أن تزول خلال زيارة كلينتون هذا الأسبوع إلى السعودية، حيث توقفت في طريقها إلى اسطنبول. والأرجح أن لقاء الجمعة بين كلينتون والملك عبدالله تركز حول الموضوع السوري، في وقت تعيد فيه الوزيرة كلينتون التأكيد على علاقات تزداد قوة ومتانة بين السعودية والولايات المتحدة حول جهود محاربة الإرهاب ومواضيع أخرى.

وقد قامت أطراف أمدت المعارضة السورية بالمال لشراء الأسلحة، بتداول مقترح خلال الأيام الأخيرة يدعو إلى إقامة "منطقة آمنة" على الجانب السوري من الحدود التركية حيث يمكن تجميع وتوزيع المساعدات العسكرية والإنسانية التي تذهب للمتمردين وحيث يمكن تدريب قوات المعارضة المسلحة. ورغم أنهم لا يطعنون في التقييمات السلبية بشأن مقاتلي المعارضة، فإن السعوديين يجادلون بأن جهود مساعدتهم وتوحيدهم وتدريبهم ستكون أسهل بكثير في موقع واحد.

غير أن ذلك المقترح لم يقابل بتأييد كبير. وفي هذا السياق، قال مسؤول رفيع من إدارة أوباما، اشترط عدم الكشف عن اسمه، إنه "إذا كنت ستقيم مناطق آمنة داخل سوريا، فالأمر يتعلق هنا بعملية عسكرية"، مضيفاً القول: "وإذا كان الأمر يشمل بلداناً مجاورة، فحري بالبلدان المجاورة أن تتحدث عن هذا الموضوع، وليس دولاً أخرى". والموقف الأميركي الذي سيعلن عنه في اجتماع اسطنبول، يتمثل في أن ثمة حاجة إلى مزيد من الوقت لاختبار استجابة الأسد لمخطط عنان وقياس تأثير تشديد العقوبات على النظام السوري.

وفي هذا الإطار، قال المسؤول الأميركي إن البعض "يرغب كثيراً في أن ننهض ونقول إن بشار سيتنحى غداً. لكن ذلك لن يحدث... فما نقوم به هنا هو زيادة الضغط السياسي على الأسد، حيث نعمل على موضوع إيصال المساعدات الإنسانية والدفع بالعملية الانتقالية إلى الأمام". ومؤتمر اسطنبول، يقول المسؤول الأميركي، "يمثل طريقة بالنسبة لنا لنعترف علناً بذلك النوع من الزخم".

والجدير بالذكر هنا أن تركيا مترددة أيضاً في الموافقة على أي استعمال رسمي لأراضيها من قبل قوات المعارضة السورية بدون تفويض دولي، يستحب أن يكون صادراً عن مجلس الأمن الدولي.

هذا ومن المرتقب أن تلتقي كلينتون اليوم في الرياض مع الأعضاء الست لمجلس التعاون الخليجي. وإضافة إلى سوريا، يرغب أعضاء المجلس أيضاً في مناقشة موضوع إيران. فنظراً لاتفاق حكومة طهران ومجموعة 5 + 1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) على عقد محادثات حول البرنامج النووي الإيراني، ف"إننا نرغب في سماع بيان ما" حول سياسة الولايات المتحدة، كما يقول دبلوماسي رفيع من المنطقة، متسائلاً: "ماذا سيحدث إذا نجحت المحادثات؟ وماذا سيحدث إذا فشلت؟".

وقال الدبلوماسي أيضاً: "إننا نسمع طوال الوقت أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالحصول على سلاح نووي، وأن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل وحظر الانتشار النووي"، مضيفاً: "كما أننا نسمع كل الأسباب الوجيهة لقيام الولايات المتحدة بما في وسعها لمنع حدوث هذا الأمر، لكننا لا نبدو جزءاً من عملية نقل الرسائل... نريد أن نعرف ما هو المخطط".

=================

لماذا الإصرار الروسي على الانتقام من الشعب السوري؟

خيرالله خيرالله

المستقبل

31-3-2012

يتحدث الرئيس الروسي المنتهية ولايته ديمتري ميدفيديف عن "قصر نظر" لدى اولئك الذين يعتقدون ان تخلي الرئيس بشّار الاسد عن السلطة لن يحلّ الازمة في سوريا.

في الواقع، ان كلام الرئيس الروسي، المنتهية ولايته والذي سيعود قريبا رئيسا للوزراء، يلامس الحقيقة في حدود معيّنة. نعم ان استقالة الاسد الابن لا تحلّ الازمة، لكنها خطوة اولى لا غنى عنها على طريق الحل. ولذلك من الافضل للرئيس الروسي التخلي عن التذاكي والسعي في الوقت ذاته الى محاولة استيعاب ان هناك شيئا ما انتهى في سوريا وان النظام غير قابل للاصلاح. اكثر من ذلك، عليه الاعتراف بانّ على بشّار الاسد الرحيل اليوم قبل غد نظرا الى ان وجوده في السلطة لا يمكن ان يأخذ سوريا سوى الى حرب أهلية ستنتهي بتفتيت هذا البلد المهم. هذا البلد الذي تدعي روسيا انها حريصة عليه بمقدار ما كانت حريصة على النظام العائلي- البعثي الذي اقامه صدّام حسين في العراق!

كان مفترضا في الروس ان يكونوا اكثر إلماما بالوضع السوري. كان مفترضا بهم الاعتراف أولاً ان الشعب السوري واحد وانه لا يسعى الى اقامة حكم سنّي كما يدعي وزير الخارجية سيرغي لافروف. اذا كان من ايجابية لكلام لافروف فانه كشف مدى الجهل الروسي في سوريا.

قبل كلّ شيء، ان نسبة تزيد على خمسة وسبعين بالمئة من السوريين تنتمي الى اهل السنّة. هذا واقع ليس في الإمكان تجاهله شاء لافروف ذلك أم أبى. البقية من ابناء الشعب السوري تنتمي الى الاقليات العلوية والمسيحية والدرزية والاسماعيلية. هناك سنّة اكراد وهناك اقلّية شركسية ايضا. ولكن في نهاية المطاف، هناك اكثرية كبيرة في سوريا من العرب السنّة. ما الذي يريده وزير الخارجية الروسي عمليا؟ هل يريد القول ان ليس من حق السنة ان يكونوا في السلطة، وان المصالح الروسية تتعارض مع وجود أهل السنّة في سوريا في مواقع عليا وان ليس ما يلبّي هذه المصالح سوى بقاء الوضع في سوريا على ما هو عليه منذ ما يزيد على اربعة عقود؟

كيف يمكن لدولة مثل روسيا ان ترفض التعاطي مع الواقع السوري كما هو وان تبحث عن كيفية المحافظة على نظام انتهت صلاحيته منذ فترة طويلة؟ ربّما كان ميدفيديف ولافروف ومعهما الرئيس الجديد- القديم فلاديمير بوتين يصدقون ان الشعب السوري يعشق حياة الذلّ ويعشق معها بشّار الاسد وان لدى الاخير ما يقدّمه للشعب السوري ولسوريا غير ما فعلته القوات التابعة له في حيّ باب عمرو في حمص. هل بلغت الوقاحة بالمسؤولين الروس الترويج لنظام بائس عاجز عن حلّ اي مشكلة تعاني منها سوريا في الداخل والخارج؟

يبدو ان الروس لا يريدون ان يتعلموا شيئا من الماضي القريب. فالسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح بشكل يومي مرتبط اوّلا واخيرا بشرعية النظام الذي تدعمه موسكو. مثل هذه الشرعية غير قائمة لسبب في غاية البساطة عائد الى ان النظام القائم منبثق عن انقلاب عسكري نفّذ في الثامن من آذار- مارس 1963، اي قبل تسعة واربعين عاما. تدرّج هذا النظام الذي بدأ بعثيا مدنيا الى نظام عسكري يستبعد الضباط السنّة الآتين من المدن الكبرى على رأسها دمشق وحلب وحمص وحماة. بعد ذلك، استُبعد الدروز. وفي مرحلة معيّنة، صار مطلوبا استبعاد الاسماعيليين. انتهى الامر بسيطرة ثلاثة ضبّاط علويين على رأس هرم السلطة هم محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الاسد.

منذ العام 1970، تفرّد الأسد الأب بالسلطة. انتهى من محمد عمران ووضع صلاح جديد في السجن. عالج كل المشاكل ما عدا مشاكل سوريا التي صار عدد سكانها في السنة 2012 نحو ثلاثة وعشرين مليونا بعدما كان عددهم في العام 1970 ستة ملايين نسمة.

ليس لدى النظام السوري الذي تحول منذ وفاة حافظ الاسد الى نظام العائلة الواحدة اي خيار غير الرحيل. انه نظام غير قادر لا على الحرب ولا على السلام ولا على التعاطي مع الواقع السوري والعربي. هل يكفي ان يكون هذا النظام تابعا لإيران كي يصبح شرعيا من وجهة نظر روسيا؟

سبق لموسكو ان دعمت انظمة انتهت صلاحيتها. ايام الاتحاد السوفياتي السعيد الذكر، دعمت الصومال في عهد محمد سياد بري، ثم انتفلت الى دعم اثيوبيا في عهد منغيستو هايلي مريم. ومنذ العام 1970 حتى العام 1990، استثمرت في النظام القائم في ما كان يسمّى "جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية". ورط الاتحاد السوفياتي العرب، في مقدّمهم مصر، في حروب لا طائل منها. من الواضح ان السوفيات والروس لم يتعلّموا شيئا من التجارب التي خاضوها في المنطقة، بما في ذلك تجربتهم مع نظام البعث العراقي الذي ربطتهم به معاهدة صداقة وتعاون وقعت في العام 1972.

يمكن لروسيا ان تطيل من عمر النظام السوري. لكنها لا يمكن ان تبقي النظام على قيد الحياة الى ما لا نهاية. ما تفعله روسيا حاليا يتعارض مع منطق التاريخ لا لشيء سوى لانّ قضيّة سوريا هي قضيّة شعب اوّلا. هل تفهم موسكو هذه المعادلة البسيطة ام تتمسّك بموقفها الهادف الى إدخال سوريا في حرب أهلية تنتهي بتفتيتها؟ المؤسف انه كلما مرّ يوم تزداد مخاطر الحرب الاهلية في سوريا. انها حرب بغيضة سيدفع الشعب السوري ثمنها. لماذا هذا الاصرار الروسي على الانتقام من الشعب السوري؟

=================

القمة فشلت في الامتحان السوري!

راجح الخوري

2012-03-31

النهار

اهم ما "أنجزته" القمة العربية في بغداد ذلك المشهد المتناقض، الذي جسدته تلك الصورة التذكارية عندما جلس الحاضرون من قادة ووزراء امام جدارية فخمة تعكس خطوط "الارابيسك" في تشكيل فني بديع، يتوسطهم المشير عمر حسن احمد البشير المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بما يعكس تقريباً بؤس الحال على مستوى القرار العربي ومؤسسة القمة!

لن يجادل احد هوشيار زيباري الذي استفاض في الحديث عن "النجاح المنقطع النظير الذي حققته القمة"، فهو كوزير للخارجية العراقية مضطر الى اسباغ مثل هذه الكلمات على قمة اقل من عادية، ليس بسبب المشاركة المتواضعة للزعماء العرب فيها، بل بسبب تواضع فعالية هذه المؤسسة التي تعكس ارادة الدول العربية امام العالم، وخصوصاً الآن في مرحلة التحولات العاصفة في اكثر من بلد عربي.

كانت اكثر الكلمات تداولاً في اليومين الماضيين: "ان العراق عاد الى العرب وان العرب عادوا الى العراق بعد غياب 22 عاماً". ولكن واقع الاحوال في العراق كما في الدول العربية يستدعي القول: "عودة وبأي حال انت يا عودة"؟ ذلك ان عدداً من الدول العربية دخل مرحلة تحوّل وتغيير في الانظمة والقيادات يغلب عليها الغموض وتسودها فوضى مرحلية ليس من الواضح متى تنتهي وكيف، بينما يقف عدد آخر على ابواب تغيير ليس من المعروف كيف ومتى يبدأ، ذلك ان رياح ما سمي "الربيع العربي" لم تتوقف بعد وان كانت تعصف دماً الآن في سوريا!

قمة بغداد سقطت في الامتحان السوري وهو طبعاً الاكثر إلحاحاً في هذه المرحلة، سقطت لا لأن سوريا رفضت سلفاً اي قرار يصدر عنها، ولا لأن بعض الكلمات التي ألقيت فيها كانت على طريقة النعامة اللبنانية والنأي بالنفس، بل لأن محاولات احياء روح "المبادرة العربية" التي دعت الرئيس بشار الاسد في 22 كانون الثاني الماضي الى التنحي لصالح نائبه فشلت تماماً، بعدما تم دفنها في مقبرة كوفي انان ونقاطه الست التي فتحت مع دمشق طريقاً من الردود والرد على الردود لن ينتهي، فها هو الاسد يوافق على خطة انان لكنه لا ينفذ فيوقف النار، بل يدفع بدبابات الى المدن والاحياء في سياق الحل العسكري ثم يفاجىء انان بالقول: وافقنا ولكن لنا ملاحظات والشياطين تكمن عادة في الملاحظات!

وفي حين وقف زيباري ينفض قميص عثمان العربي من المأساة السورية مكرراً القول: "ان الازمة دخلت دائرة التدويل" وهي مدولة اصلاً على يد روسيا، كان انان يوسع خريطة زياراته الى العواصم بما يعطي الاسد مزيداً من الوقت، بينما اعلنت موسكو انه وحده الذي يقرر تمديد مهمته او عدم تمديدها، وان اجتماع "اصدقاء سوريا" في تركيا لا يمكن ان يلغي دور مجلس الامن حيث تقيم حاجز "الفيتو" في وجه اي قرار!

=================

خطة أنان وتمديد القتل

علي حماده

2012-03-31

النهار

قبل النظام في سوريا خطة المبعوث العربي - الدولي كوفي أنان المؤلفة من ستة بنود، لكنه قبلها وفق ما جاء في رسالة بشار الاسد الى قمة دول "البريكس" في نيودلهي مرفقة بملاحظاته، فضلا عن شرط "اجراء مشاورات شاملة حول التفاصيل المتعلقة بالانتقال من تطبيق عناصر الخطة وفق تفاهم شامل". ويستفاد من كلام بشار انه يحمّل خطة أنان اثقالا جديدة تمنحه مزيدا من الوقت قبل ان يبدأ بتطبيق الشرط الاول والاهم المتمثل بوقف القتل. وعلى جاري العادة التي لطالما اعتمدها الاسرائيليون في مفاوضاتهم مع الفلسطينيين بإغراق الخطط بتفاصيل وتفاصيل تفاصيل وقد تعلم حافظ الاسد من الاسرائيليين هذا النمط في التفاوض ايضا على جاري العادة يستمر القتل في سوريا والعالم يتفرج من دون ان يفعل شيئا جديا لايقاف المجزرة.

ومع ان خطة أنان تشكل بمعنى من المعاني ضربة للمعارضة السورية وطعنة لشهداء الثورة بتجاهلها بند تنحي الاسد، ومنحها النظام حق تفاوض مع المعارضة وكأن دماء عشرة آلاف شهيد ذهبت سدى في كواليس لعبة الامم، فإن كل بند من البنود الستة يمثل مقتلا لبشار والنظام، اذ ان مجرد وقف القتل وادخال مراقبين دوليين، ومعهم وسائل الاعلام العالمية بحرية تامة، سيمنح السوريين فرصة ذهبية للنزول الى الشارع بالملايين ومحاصرة النظام شعبيا في كل مكان، بدءا من دمشق نفسها. هذا ما يعرفه النظام حق معرفة، ولذلك فإنه يعلن قبولا لفظيا لخطة كوفي أنان ثم يلجأ الى شراء الوقت بالتفاوض على كل بند من البنود، طارحا اشتراطات من قبيل المطالبة بتجفيف منابع دعم ما يسميه "الارهاب" تمويلا وتسليحا! ويعلم كوفي أنان ان بشار يحاول التشاطر وكسب مزيد من الوقت أملا في سحق الثورة عسكريا قبل الوصول الى طاولة المفاوضات، وخصوصا انه ربح نقطة جوهرية من خلال خطة أنان التي تعاملت مع النظام باعتباره لا يزال شرعيا، اقله حتى اللحظة. لكن هذا المكسب، على اهميته، موقت ولا يمكن البناء عليه اذا لم يتم سحق الثورة عسكريا وبسرعة، وهذا بالتحديد ما يستحيل على بشار وجنرالاته تحقيقه في ظل التوازن الذي تؤمنه البيئة الشعبية الحاضنة للثورة في معركتها ضد اعتى الانظمة المشرقية قوة وتسليحا وهمجية في القتل. فانعدام التوازن في السلاح والقدرات العسكرية يقابله مدد شعبي هائل وتصميم ملايين السوريين على التخلّص من بشار وبطانته، وانهاء مراسم دفن "جمهورية حافظ الاسد".

ان الاسابيع المقبلة مفصلية على اكثر من مستوى: بداية لجهة لملمة شمل المعارضة بشكل نهائي، ويتوقع ان يكون مؤتمر اصدقاء سوريا يوم غد مناسبة لابراز مشهد معارض جدي. ثم يأتي دور استكمال اجراءات تمويل وتسليح الجيش الحر كي يصير قوة ميدانية قادرة على منع جيش الاسد من سحق الثورة، ومواصلة شق جيشه من الداخل. وتبقى المفارقة ان كل الاطراف يوافقون على خطة أنان ويعملون على أساس أنها فشلت قبل أن تبدأ.

=================

من دير ياسين الى بابا عمرو««'الظلم لا وطن له

خليل الوافي

2012-03-30

القدس العربي

منذ عرفت أن الحياة تستحق أن تعاش، والظلم يكبر في عيون أصحابه، دون أن يكترثوا للمهانة التي يشعر بها كل من يعجز على الدفاع عن نفسه، لأن سلطة قهرية تفرض نفسها عليه منذ ولادته، وتسهر على رعايته في حرمانه من متاع الدنيا، ومن كرامة عيش زهيد، ولا يشعرون بالضيق وتأنيب الضمير، ومحاسبة النفس الشريرة التي تعشش في صدورهم، وما'إقترفته أيديهم الملطخة بدماء من صرخوا يوما في وجه الخوف الذي يسكن أجسادهم المتعبة بهمًٌ الإنتظار، وترقب الآتي الذي لم يعد له الحق في العودة إلى الديار.

إنهم، صانعوا الموت في الغرف المظلمة، وفي الدهاليز المنسية، تختزل صمت السنين التي مضت، وتكتنز الزوايا الآسنة تردد الصدى لذاكرة حافلة بصدأ الصرخات المبحوحة، تشق عتمة المسالك الضائعة في الأنين المتزايد، كلما فتحت شهية التعذيب سياط المراجعة الأولى لمبادئ السيرة النظيفة في الدروب الهامشية، والخارجة عن تغطية العيون الشاردة في مكامن الإفصاح، وإبطال أسباب النجاح للعثور على دليل الجريمة، وأثر القتل في محيط لا يتعدى مساحة الكف، تنطق الكائنات بوجع يتمرد عن طرق المشاكسة، وإفتعال مظاهر الفتنة في ربوع خريطة مقسمة مسبقا قبل إندلاع ثورة الربيع العربي، والتشويش على الصورة القديمة/الجديدة في واجهة الأحداث التي تصنع نفسها داخل دواليب المكاشفة البريئة في المظهر الخارجي، أما عن شكلها الجواني، فإن خطاب السياسة يكشف قليلا عن هول المخططات الرامية في تقليص دور الشعب في أي عملية تضر بمصالح الآخر ضمن عملية المواجهة الخفية، التي تتحكم في خيوط اللعبة السياسية.

هناك من يرى أن الظلم زاد الطغاة، وآخرون يعتبرونه خوفا من الإنزياح الذي يطاردهم كل ليلة، يسقط الحلم من أبراجه العالية، ويسكن رأس من ركبوا المجد جماجم مهشمة، تروي تفاصيل المذبحة في تل الزعتر،ودير ياسين، وفي قانا، وأخرى في صبرا وشتيلا، ووصولا إلى الحرب على غزة، وما يجري الآن في دوما وباب عمرو، حماة وحمص والقرى المجاورة لريف دمشق، الصورة تختلف عما جرى في لبنان وفلسطين، والنظام في سوريا يشن حربا قذرة على شعبه، وتكشف الجرائم التي ارتكبت في حق المدنيين عن ثقافة الحقد والكراهية التي يتمتع بها الجيش النظامي، الذي كان يعتبر الجيش العربي القوي في منطقة الشرق الأوسط، وما يزال يحمل هذه الميزة التي وظفها وللأسف ضد شعبه، وبذلك تسقط كل الألقاب والأعمال التي قام بها في الحروب العربية التي حدثت في أواخر القرن الماضي.

لقد تأخرنا في فهم قيمة الإنسان على وجه الأرض،وحاولنا أن نستفيد من أخطاء الماضي، وإدراك ما فات، لكن الطابع الوحشي والبدائي يتجلى في نوعية الممارسات اللإنسانية التي تفاجئنا كل يوم، وتطلعنا عليها القنوات الفضائية بدافع الإجتهاد في تحقيق مصداقية الخبر، و دون أن تدري تسوق جرائم القتل، وبشاعة الظلم في إختيار الصور، رغم أن الحقيقة أفظع بكثير مما يمارس على أرض الواقع، والشهادات التي يرويها الناجون تؤكد حجم السادية في الإنتقام، ومعاقبة كل من رفع صوته للمطالبة بالكرامة والحرية والعدالة الإجتماعية ....

وهل نحن أمام عودة الحروب الأهلية، وفوضى الحياة التي كانت في العصور الموغلة في القدم ؟،أسئلة كثيرة تؤرق الضمائرالحية عن تمادي الإنسان الذي يملك سلطة القرار، بأن يختار شعبه حسب مقاسه الخاص، وكل من يرفع رأسه في حضرة السلطة فالسيف أولى بعنقه قبل أن ينقلب العرش عن مالكه، ويخسر السلطة قبل الجاه،ويضيع حق الشعب في هوايات الظالم التي تموت معه، و إلى الأبد.

=================

كيف نكمل صنع الثورة السورية؟

مازن كم الماز

2012-03-30

القدس العربي

لا شك أن ما فعله السوريون طوال العام الأخير شيء خارق بالفعل وإن نسبيا، كما كل الشعوب التي ثارت وتثور على طغاتها .. لا شك أن كل الكلام عن التغيير، عن غد أو مستقبل مختلف وربما أفضل، كان مجرد هراء قبل الثورة، لا شك أن كل التنظير وكل المنظرين، كل السياسيين وكل المعارضين، الذين ينتظر أن يكون منهم سادة سورية المستقبل، كانوا أشبه بنكرات قبل الثورة، إذا كان من فعل أو حدث أقرب للمعجزة في هذا العالم فإنها الثورة ..

وحدهم الثوار، ليس فقط بتضحياتهم، بل أساسا بجرأتهم وبشجاعتهم، هم من يمنح كل الكلام عن الغد والتغيير، عن الحرية وعن العدالة، معنى واقعيا بالفعل أكثر من مجرد كلمات قيلت وتقال فقط، لكن الموضوع لا يقتصر فقط على قيم العدالة والحرية التي طالما داعبت النخب وخاصة الفقراء والمضطهدين في أحلامهم المستحيلة، اللامعقولة، بل أيضا قيم أخرى لسادة قدامى وآخرين جدد، في هذا العالم عدد هائل من الأشخاص المولعين بالسيادة ومن الخطابات المولعة بالسيادة لدرجة أنهم يطرحون المشكلة على الشكل التالي: من يستحق أن يكون السيد، أو من هو السيد الأفضل، طبعا يطرح السؤال بحيث أن هذا الأفضل يفترض أن يكون لصالح من سيخضعون لهذا السيد.. من الصعب أن ينصب المرء نفسه قاضيا على الآخرين، أو حكما عليهم، هذا ينطوي على ممارسة سلطوية واضحة، ليس فقط أنه يعرف أكثر، بل أنه يستطيع تقرير حياة الآخرين أفضل مما يمكنهم هم أن يفعلوه، ليس هذا إلا زعم سلطوي تافه رددته كل الديكتاتوريات في كل مكان وزمان.. إن هذا الحكم يصح أكثر عندما نخاطب ثوارا يصنعون التاريخ، لا أدري أي صنف من البشر يمكنه أن يمارس مثل هذه الفوقية مع الثوار لينصب نفسه سيدا 'مطاعا' على بشر يناضلون ويموتون في سبيل الحرية، لكن البعض يقول مع ذلك: إن هناك من يفعل هذا وبنجاح كبير مع الثوار السوريين، الذين يبدو أنهم لا يقدرون حقيقة وضخامة ما فعلوه ويفعلوه.

يجب ألا ننسى أننا ما زلنا نعيش في حضارة أو ثقافة أو مجتمعات الاستعراض أو الفرجة Spectacle كما كان يسميها المفكر الراديكالي الفرنسي غي ديبورد أو الإيهام كما سماها الفيلسوف جان بوريارد، حيث تبدو الصورة الافتراضية أكثر واقعية من الواقع اليومي المعاش، بل ومسيطرة أو متفوقة عليه، لقد أنتجت ثقافة الاستعراض صورها أيضا فيما يتعلق بالثورة السورية، هذه الصور الافتراضية التي قد تبدو لنا وللثوار أنفسهم أكثر واقعية من مشهد الموت الذي يلاحق المتظاهرين السوريين حتى بيوتهم، بينما هي تعبير عن مصالح وثقافة سائدة ليس إلا، إنها تعيد إنتاج الواقع وتزيفه في نفس الوقت، إنها تحاول انتزاع البطولة الحقيقية من الثوار الفعليين بجعلهم ملحق لصورها، لشخوصها (لأبطالها) الافتراضيين، وفي النهاية لأولوية مصالحها ..

أحد مشاكلنا اليوم هو أن الكثيرين باتوا يقبلون ذلك الخلط بل ذلك التشويش، بين مصالح الجماهير السورية وبين مصالح القوى المعادية لنظام الأسد أو مؤيديه الروس أو الإيرانيين، بين البطل الحقيقي للثورة السورية وبين 'الأبطال' الافتراضيين بحيث بات انتقاد الأخيرين يعتبر انتقادا للثورة ولأبطالها الحقيقيين.

إن جزءا مهما من الدفاع اليوم عن الثورة السورية وعن ثوارها يقوم على مواجهة هذا الخلط بالتحديد .. لا شك أيضا أن الكثيرين، خاصة ممن هم خارج سورية أو من 'الثوار الفيسبوكيين' يضطرون، باحثين عن خلاص 'افتراضي' أو عن كبش فداء لإحساسهم بالعجز وجزئيا بالذنب، إلى الهروب إلى الأمام عبر لعبة ذهنية يحاولون فيها التماهي مع الثورة، مع الثوار، عن طريق محاولة إظهار الثورة السورية خالية من الشوائب، شيء ما أشبه ب'كائن أسطوري' 'فعل أو حدث فوق إنساني'، 'فوق تاريخي'، هكذا يمسخون هذا الفعل الإنساني بامتياز والتاريخي بامتياز لكي يعبروا عن 'إيمانهم' به .. إن الثورة في الحقيقة ليست إلا فعل دخول الناس إلى التاريخ، إلى حيز الفعل الحقيقي، المؤثر والتاريخي، إنها فعل جماهيري بالأساس، وبالضرورة، تحدث الثورة فقط عندما تصبح مقاومة أي نظام استبدادي أو استغلالي جماهيرية أكثر ما يمكن، عندما تتحرك غالبية المجتمع مقاومة للسلطة التي تضطهدها، وأي شيء، سياسة، تكتيك أو مشروع أو خطاب أقلية فيها، يفقدها أو ينزع عنها هذه الصفة يعني اختزالها إلى صراع بين أقليات من أجل السيطرة على الغالبية السلبية، الأمر الذي لا يمكن بحال أن يسمى ثورة ..

الثوار على حق أيضا لأنهم ينهضون في وجه جلادهم لينتزعوا حريتهم، الثورة لا تجعلهم معصومين، إن عملية اكتشاف الأخطاء والنضال لإصلاحها من خلال نضالهم وبحثهم الشجاع والدؤوب عن الطريق إلى حريتهم الحقيقية هو الذي يحدد لهم هذا الطريق ... أكثر من ذلك، في وجه نظام فاشي بالدرجة التي كشف عنها نظام الأسد وفي ظل تواطؤ صامت أو مشاركة مباشرة في قمعها من قوى هذا العالم الفاعلة، لا يمكن للثورة السورية أن تنتصر على خصمها الدموي دون أن تحتفظ بطابعها الشعبي الجماهيري، دون أن تبقى وتتسع كفعل مقاومة تشمل معظم الجماهير السورية ..

=================

سورية: لو انتصر الجلاد!

السبت, 31 مارس 2012

عصام الخفاجي *

الحياة

تراجعت أخبار التظاهرات التي كانت تشهدها المدن والبلدات السورية يومياً منذ اندلاع ثورتها. لم نعد نسمع غير أخبار أكثر دموية لا تتعلق بقمع المتظاهرين ومقتل أو إصابة بعضهم، بل صار المشهد أكثر بشاعة وإثارة للقلق على مصير الثورة: قصف عنيف لمدن وأحياء بل تدمير بعضها بالكامل، يليه إعلان النظام «تحرير» سكان تلك المناطق من «الإرهابيين» وإعادة النظام إليها. وليس من باب المصادفة أن المحافظات التي تم احتلالها حتى الآن محاذية لدول الجوار: درعا وحمص وإدلب وقد جاء دور دير الزور الآن.

في المقابل، تطغى أخبار عشرات ألوف اللاجئين العابرين للحدود فضلاً عن الهاربين من محافظاتهم إلى أخرى داخل سورية نفسها. هكذا حولت السلطة السورية ما بدأ ثورة شعبية سلمية إلى حرب حقيقية يخوضها جيشها في مواجهة جماهير عزلاء تسندها قوى مسلحة تبحث يائسة عن مصادر تسليح وتمويل تمكنها من خوض حرب عصابات مشكوك في نتائجها وتتطلب، إن حافظت على استمراريتها، زمناً طويلاً حتى تحقق بعضاً من أهدافها في إركاع النظام وإجبار المتحكمين به على التنحي عن سدة الحكم.

يبدأ مقال نشرته «الواشنطن بوست» قبل أيام برسم صورة قاتمة. «يوماً بعد يوم، يتابع الجيش السوري الحر عملياته القتالية ضد النظام، ولكن يوماً بعد آخر، تشح ذخيرتنا فنضطر إلى ترك مواقعنا»، يقول جندي لجأ إلى تركيا مع خمسة من رفاقه بعد أن استنفدوا ما لديهم من رصاص.

تتبادر إلى الذهن فوراً الحالة الثورية الليبية: نظام حافظ على درجة من الاستقرار عبر القمع الشرس وإغداق المنافع على أنصاره بالطبع، لكنّه جيّش حشداً من المضللين بادّعاءاته العقائدية كذلك، ما دفع الثورة السلمية المنطلقة من بنغازي إلى رفع السلاح ومواجهة ماكنة عسكرية وحشية تعلل التدمير بمواجهة عملاء الاستعمار والقاعدة.

لكن ثمة مثالاً أكثر إيلاماً ترددت في طرحه خوفاً من أن يثير التباساً يوحي بأني أشير إلى حتمية ما، هو عراق 1991، فيما أدعو إلى استحضاره وسيلة لاستخلاص الدروس.

في ذلك العام الكئيب تعرض النظام البعثي إلى أكبر هزائمه وذهب ممثلوه صاغرين ليوقعوا وثيقة استسلام في خيمة صفوان الشهيرة. تتالت الأحداث العاصفة المعروفة لمراقبي الشأن العراقي واندلعت ثورة عفوية أفرغ فيها الشعب كل مظالمه المختزنة طوال أكثر من عقدين وحرر أربع عشرة من ثماني عشرة محافظة خلال أقل من شهر. ودخلت إيران على خط الثورة داعمة قوات بدر المؤتمرة بأمرها. وبرغم ذلك لم تستطع الأخيرة التمدد إلى أبعد من البصرة.

أما الغرب، وقوات التحالف التي خاضت الحرب لتحرير الكويت فكان دورها مشيناً. كانت تحتل سدس أراضي العراق، لكن اتفاقية الاستسلام سمحت للنظام المهزوم باستخدام أكثر الأسلحة فتكاً في مواجهة الانتفاضات الداخلية وهي طائرات الهيلكوبتر.

انهارت الثورة وغرق الشعب، لا الثوار وحدهم، بالدماء ونزح عشرات الألوف لاجئين إلى إيران والعربية السعودية. ولأن مفردة «إرهابي» لم تكن قد دخلت بعد في قاموس التهم العقائدية، اختار إعلام صدام حسين تسمية الثورة «صفحة الغدر والخيانة».

درس أول: لم تصل الثورة إلى المركز العصبي للنظام، أي العاصمة، بحكم القبضة الحديدية التي أحاطها بها ولأن العاصمة كانت مقطّعة الأوصال بعد أن تمزقت وسائل الاتصال والنقل بين مناطقها الشاسعة بفضل الحرب التي دمّرت تلك الوسائل.

ودرس ثان: إن الثورة لم تنجح، برغم كل التطمينات التي قدمتها في كسب العرب السنّة، وبعض المساهمين فيها يرفعون شعارات استفزازية مثل «نريد حاكم جعفري».

ودرس ثالث: إن المعارضة تظاهرت بالحفاظ على وحدتها، لكن ثمة فرقاً شاسعاً بين التظاهر وبين الواقع الذي يدركه الناس بالغريزة. لا أزال أذكر الصورة الفوتوغرافية الملتقطة لثلاثة وجوه باسمة في مؤتمر بيروت للمعارضة حين كانت الثورة في أوجها. كان «مام» جلال الطالباني يتوسط السيدين باقر الحكيم إلى يمينه وعزيز محمد سكرتير الحزب الشيوعي إلى يساره: معارضة تضم الأكراد والدينيين والعلمانيين بوصفهم القوى الرئيسة فيها. واستباقاً لأي استنتاج متسرع، لم يكن ميلان ميزان القوى لمصلحة الدينيين الشيعة محسوماً بعد لأن أي قوة سياسية لم تستطع الادعاء بأنها لعبت دوراً قيادياً في الثورة العفوية بما فيها الأكراد. وأذكر أنني سألت الصديق فلك الدين كاكائي القيادي في الحزب الديموقراطي الكردستاني آنذاك، وكنا معاً في مؤتمر بيروت، عن سبب إحجام الحزبين الكرديين عن قيادة الانتفاضة ففسّر لي الأمر بخوفهما من أن يتحملا أمام شعبهما مسؤولية التسبب في قصف جديد لكردستان بالأسلحة الكيماوية. ومع ذلك سرعان ما تحولت تلك الصورة إلى كاريكاتير.

هنا يصبّ درس رابع، هو الأهم في رأيي، من حيث علاقته المباشرة بمجريات الثورة السورية: دور العالم في إحباط أو دعم الثورة.

اتخذت دول العالم العربي موقفاً شديد العداء من الانتفاضة مفترضة أن الأخيرة ستحيل العراق إلى بلد تابع لإيران في حال انتصر الشعب على نظام كانوا يريدون إزاحته، ولكن عبر انقلاب عسكري لا يقلب موازين القوى جذرياً. واحتدم صراع داخل الإدارة الأميركية حول الموقف مما يجرى انتصر فيه الرأي المساند لرأي دول الجوار على أساس أن عدواً تعرفه خير من صديق لا تعرفه.

ودفع العراقيون ثمناً باهظاً لم يتمثل في تحمّل ثلاث عشرة سنة أخرى من جوع الحصار ووحشية النظام فحسب، بل في النتائج التي حصدوا إثر سقوط صدام حسين. انتقل جل المعارضة التي أرادت، وكان بوسعها، البقاء فاعلة، إلى إيران. وما كان للعلمانيين بالطبع القيام بذلك. وتزايد دورها حتى كاد يمحو الأخيرين ويغدو تعبير المعارضة مرادفاً لحركة الإسلام الشيعي.

وسقط صدام فاندفعت قوى الإسلام السياسي الشيعي إلى ساحة فرغت من غيرها، ومعها اندفع نفوذ من آزروها وقدموا الدعم لها طوال السنوات السابقة وحصد العرب وأميركا الثمن المر. لم يطلب ثوار 1991 من الآخرين القتال بالنيابة عنهم، ولا طالبوا بتحويل العراق إلى ساحة يتصارعون فيها على النفوذ مع إيران.

كان المطلوب أن تسمح لهم قوات التحالف بالاستيلاء على أسلحة غنموها من أجهزة النظام عوض تدميرها لئلا تسقط في أيديهم، وكان مطلوباً بالدرجة الأولى إرسال رسالة واضحة للنظام بأن سحق المدنيين واحتلال المدن بعد تدميرها سيجابه بردع عسكري سريع. لكن الخوف من نفوذ إيراني كان محدوداً حينذاك، أدى إلى تحول البلد مرتعاً للأخيرة بعد 2003.

سيقال إن الفيتو الروسي والصيني يعيقان رداً كهذا في حالة سورية. وهو قول محق. وسيقال إن تدخلاً كهذا سيزعزع الاستقرار في المنطقة، وهو قول غير محق لأن استقرار المنطقة تزعزع منذ الآن. لكن بوسع الناتو، وتركيا المجاورة لسورية والمساندة للثورة عضو فيه، أن توجه إنذاراً كهذا قد يدفع روسيا إلى أخذ الأمر بعين الجد. لن تنتصر سورية من غير دعم كهذا قد يتطلب توجيه ضربات موجعة إلى المراكز العصبية لنظام يعوّل العالم فيه عبثاً على العزّل وحدهم لإسقاطه.

=================

روسيا تواجه الغرب من فوق جبل قاسيون!

السبت, 31 مارس 2012

سليم نصار *

الحياة

مع افتتاح مؤتمر القمة العربية في بغداد، ووصول رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان الى طهران، فوجئ سكان مدينة حمص بزيارة الرئيس بشار الأسد الى حي بابا عمرو.

وكان وصوله المبكر عبر الطريق البري (160 كلم)، متجاوزاً بذلك حملات المعارضة التي تصفه دائماً بأنه رهين القصر في دمشق. لذلك اراد الإيحاء للمبعوث الاممي – العربي كوفي انان بأن الامور طبيعية في سورية، وبان النظام يسيطر على الوضع الداخلي، بعكس ما تدعيه قيادة المجلس الوطني.

ويرى المحللون ان الهدف الرمزي لهذه الزيارة المفاجئة، يكمن في توقيتها المتزامن مع عقد مؤتمر اسطنبول بحيث تقتنع المعارضة بأن الاسد انتهى من حربه العسكرية، وانتقل الى شن حرب ديبلوماسية. ومعنى هذا ان خيار الموافقة على خطة انان لم يكن سوى بداية تحول تكتيكي ساهمت موسكو وبكين في دعمه وتشجيعه.

ويؤكد المراسلون الذين شاهدوا حصار مدينة حمص، ان الاسد كان يعتبرها نقطة استراتيجية مهمة، تماماً مثل «مصراتة» الليبية... وأن الاستيلاء عليها من جانب المتمردين يشكل مدخلاً لإسقاط نظامه. وهذا ما توقعه قائد «الجيش السوري الحر» رياض الاسعد، الذي اعترف بأن سيطرة الجيش النظامي على حمص تساعد على إجهاض الثورة.

وتعتبر حمص، في نظر المؤرخين، مدينة مفتوحة على مختلف المجالات، الأمر الذي شجع الانتداب الفرنسي على اعلانها عاصمة ثانية لسورية. كل هذا بسبب موقعها الاستراتيجي المميز وقدرتها على لعب دور مؤثر كونها تقع وسط تقاطع طرق بين دمشق وشمال البلاد. وقد حاولت المعارضة استغلال هذا الدور أثناء تطويق دمشق وحلب، المدينتين اللتين حافظتا على عزلتهما عن الثورة طوال ثمانية اشهر تقريباً.

ومع ان حمص تعتبر المدينة الثالثة من حيث حجمها السكاني (مليون وربع مليون نسمة)... إلا ان مركزها الصناعي المتقدم منحها اهمية خاصة لدى حزب البعث وخصومه. ذلك ان الدولة ترى فيها منطقة عبور حيوية للسلع المصدرة الى تركيا ودول الخليج. مثلما ترى فيها ايضاً موقع استهداف للمعارضة التي ضربت مصافي النفط اكثر من خمس مرات. وكان من الطبيعي ان يتحدى المجلس الوطني قوات النظام في حمص باعتبارها تضم غالبية سنّية تتعاون دائماً مع سنة طرابلس. علماً ان نسبة العلويين لا تتعدى ال 25 في المئة من سكان حمص. وهم يسيطرون على المراكز الادارية الاساسية في المحافظة، الامر الذي يثير استياء الطبقة السنية الشعبية التي يعيش معظم ابنائها على عمليات التهريب عبر الحدود مع لبنان. من هنا القول ان حرص النظام على استعادة حمص وعزلها ليس اكثر من محاولة عسكرية امنية لإعاقة نشاط الجيش السوري الحر، ومنعه من الحصول على السلاح المهرب.

على كل حال، تبقى زيارة بشار الأسد الى حي بابا عمرو، مجرد خطوة رمزية اراد من خلالها اقناع المجتمع الدولي بأنه وحده يملك زمام الحكم، علماً ان قواته هجّرت ثلثي سكان الحي البالغ عددهم اربعين ألفاً. ويقول مدير مجموعة الابحاث والدراسات في ليون الفرنسية فايرس بلانش، ان بشار الأسد تعمّد إلغاء اهمية نضال حمص، مثلما ألغى والده الصورة الرمزية لمدينة حماة عام 1982. يومها تم قمع حركة «الاخوان المسلمين» في شكل دموي تسبب في مقتل عدد كبير من المتمردين.

قبل وصوله الى بغداد، صرح امين عام الجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، بأن مؤتمر القمة لن يطلب تنحي الرئيس بشار الأسد، مؤكداً ان هذا الموضوع غير مطروح اصلاً.

ويبدو ان المقالة التي كتبها وزير خارجية بريطانيا وليام هيغ في الصحيفة الاسرائيلية «يديعوت احرونوت» هي التي اثارت اعتراض دمشق، خصوصاً بعدما اعلن الوزير الفرنسي آلان جوبيه تأييده لاقتراح زميله. ويقضي اقتراح هيغ بضرورة تنحي بشار الأسد عن كرسي الحكم، «من اجل الحفاظ على مصالح بلاده ووحدة الشعب». واعتبر الوزير البريطاني «ان مذابح حمص اثبتت بما لا يقبل الشك، ان الاسد فقد شرعيته، ولا يجوز استمراره في منصب القيادة». ولكنه استدرك في مقالته ليؤكد ان دول الاتحاد الاوروبي لن تتدخل عسكرياً في سورية مثلما فعلت في ليبيا. وعزا هذا الموقف الى خطورة انفجار حرب اهلية في حال اتسعت رقعة القتال لتشمل العراق وتركيا ولبنان والاردن.

في هذا السياق، توقع الاسد ان يكون موقف الدول الاوروبية منسجماً مع الموقف الاميركي المرتبك. ولكنه فوجئ بازدواجية سياسة اوباما الخارجية التي تتعارض في بعض جوانبها مع سياسية اوروبا تجاه سورية. ذلك ان «البنتاغون» لم يخف اعتراضه على اي تدخل عسكري، على نحو ما حدث في البوسنة وكوسوفو. وتستند وزارة الدفاع الاميركية في ذرائعها الى سلسلة معطيات اهمها: استبعاد تسليح المعارضة السورية، والإحجام عن فرض حظر للطيران او توجيه ضربات جوية لقواعد النظام، كما حدث في ليبيا. او حتى الامتناع عن فتح معابر انسانية يلجأ اليها الهاربون من النظام الذي قتل حتى الآن عشرة آلاف مدني على الاقل.

وتقدر أعداد اللاجئين – وفق مصادر الامم المتحدة – بأكثر من مئة ألف شخص موزعين كالآتي: قرابة 80 ألفاً في الاردن، و 20 الفاً في تركيا و 15 الفاً في لبنان. وقد دعت المنظمة الدولية الى جمع تبرعات بقيمة 84 مليون دولار مساعدة عاجلة للسوريين في الاردن ولبنان وتركيا والعراق. كما اتفق على تنفيذ برنامج عمل مشترك بقيادة المفوضية تساهم فيه وكالات تابعة للأمم المتحدة، اضافة الى 27 منظمة غير حكومية.

وقالت مصادر البنتاغون ايضاً، ان من المستبعد شن حرب ضد المنشآت الايرانية والروسية في سورية. في حين هاجم شيوخ الحزب الجمهوري «سياسة النعامة» التي تمارسها ادارة اوباما، داعين واشنطن الى تشكيل حلف دولي، على نحو ما فعل الرئيس بيل كلينتون في كوسوفو، من اجل تجاوز «الفيتو» الروسي – الصيني في مجلس الامن. وقال صقور الحزب الجمهوري، ان حياد الولايات المتحدة سيشجع روسيا على مضاعفة حضورها العسكري في المتوسط، ويدفع جماعة «القاعدة» الى التسلل من لبنان والعراق للاستيلاء على المناطق الخارجة على سلطة الأسد.

بين الملاحظات المقلقة التي سجلها القمر الاصطناعي الاميركي منذ شهرين، استئناف عمل الخبراء الروس في محطة الرادار المثبتة فوق قمة جبل قاسيون على بعد مسافة قصيرة من مكتب الرئيس بشار الأسد.

ويعود تاريخ إنشاء هذه المحطة المعروفة باسم «سيغما» الى اواخر الستينات عقب هزيمة 1967. وقد برزت الحاجة الى اعتمادها في عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي سمح للخبراء السوفيات بتشغيلها على امل توفير معلومات استخبارية موثوقة لحماية سورية من أي هجوم اسرائيلي مباغت.

ويذكر ان هذه المحطة لعبت دوراً مهماً في ترجيح التفوق العربي في حرب اكتوبر 1973. وهي تغذي سورية بالمعلومات حول نشاط اسرائيل النووي في «ديمونا»، وفي مراقبة النشاط الاستخباري الاميركي في لبنان.

قبل عشر سنوات قامت موسكو بإقفال محطات مماثلة في فيتنام الشمالية وكوبا ونيكاراغوا، بسبب ارتفاع كلفة تشغيلها. ومع وصول بشار الاسد الى الحكم، طلب الرئيس السوري اعادة تشغيل محطة «سيغما» في جبل قاسيون، عارضاً تخصيص قطعة ارض في شمال البلاد، من اجل بناء محطة اخرى توفر التغطية الكاملة للقواعد العسكرية في تركيا. واعتبرت موسكو ان المحطة الثانية بمثابة رد على محطة الانذار المبكر التي انشئت في تركيا على بعد 160 كلم من الحدود السورية. ومن المؤكد ان روسيا تستعملها كجزء من الرد على منظومة الدرع الصاروخية الاميركية.

الشهر الماضي، اعربت الصحف الفرنسية عن تزايد قلق الرئيس ساركوزي من تدفق الخبراء الروس الى سورية بحجة تشغيل المحطتين. وقد نقلت هذه الهواجس الى قيادة «الناتو» في بروكسل التي اعتبرت ان حماية نظام الاسد شكلت جبهة روسية لمواجهة الحلف الاطلسي على البحر المتوسط. خصوصاً بعدما ارتهن النظام للقيادة الروسية، تماماً مثلما ارتهن نظام كوريا الشمالية لوصاية الصين ومراقبتها. وهذا ما جعل كل طرق الحلول التي يقبل بها النظام السوري، تمر بموسكو. ومعنى هذا ان الازمة الحالية لن تحلها سياسياً خطة كوفي انان، ما لم تشعر موسكو وبكين بأن مصالحهما مؤمنة في المنطقة.

وفي هذه الحال، لا يتردد بوتين في الإعراب عن سخطه لفقدان حليفين مهمين هما صدام حسين ومعمر القذافي. لهذا السبب لن يسمح لنفسه بارتكاب خطأ ثالث في سورية. وهدفه من كل هذا اقناع الغرب بأنه لا يستطيع انهاء الازمة من دون تعاون روسيا والصين.

يقول نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف، ان بلاده مع الصين صوتتا خمس مرات على مشاريع عقوبات ضد ايران. والسبب انهما تشتركان في رأي موحد بأن تهديد العالم بالسلاح النووي يهدد الاقتصاد العالمي ويمهد لاندلاع حرب اقليمية طويلة. ومن اجل تحقيق خطوات السلام، يحاول اوباما اقناع بوتين بأنه على استعداد لترتيب مستقبل سورية، شرط ان تنأى بنفسها عن ايران.

ومثل هذا الإجراء، كما يقول المحللون، يقتضي صوغ مصلحة مشتركة يخدم تحقيقها الدولتين معاً.

والنتيجة النهائية كما تتوقعها موسكو، قد تتبلور بإقدام واشنطن على دفع الثمن لها من طريق استمرار نفوذها في سورية... مقابل ان تساعدها موسكو على ازاحة الأسد، الامر الذي يبعد تلقائياً النفوذ الايراني عن جبهة المتوسط.

وهذا ما تريده كل الدول المتورطة بهذه الأزمة...

=================

الغراب الأبيض في سوريا

محمد الرميحي

الشرق الاوسط

31-3-2012

ملخص المعضلة السورية أن هناك في دمشق من يظن أن المشكلات الجديدة يمكن حلها باستخدام حلول قديمة، هذا غير ممكن، كما لا يمكن العثور على غراب أبيض. عرض كوفي أنان في نقاطه الست وهي باختصار وتتابع كما لخصها كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة، في الكويت الأسبوع الماضي، تتكون من: سحب القوات السورية إلى ثكناتها ووقف القتل، السماح بممرات آمنة ودائمة لغوث المنكوبين والمحتاجين للمساعدة من أفراد الشعب السوري، السماح للتعبير الحر والسلمي دون معوق لجماعات الشعب السوري في كل المدن والقرى، السماح لوسائل الإعلام العربية والعالمية بالدخول الحر غير المعوق إلى سوريا، وجود مراقبين على الأرض لتطبيق الاتفاق، وأخيرا الدخول في حوار سياسي مع المعارضة السورية.

تلك هي النقاط الست المقدمة من كوفي أنان الذي يحمل تمثيل جهتين؛ الجامعة العربية والأمم المتحدة، ومن خلفهما معظم دول العالم. طاف كوفي أنان نصف الكرة الأرضية تقريبا، من أجل إدماج القوى الكبرى المترددة في إيجاد حل لمسلسل القتل في سوريا سريع وناجع لقبول أفكاره. كوفي أنان له خبرة طويلة في الدبلوماسية الدولية، ويستطيع على الأقل نظريا أن يلبس أفكاره (المرة) شيئا من السكر المحلى حتى يستطيع النظام السوري، وهو من هو، أن يبلع الوصفة دون كثير من الشعور بالمرارة. إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة. النظام في سوريا تعلم وصفة هي ربما إيرانية بامتياز، هي وصفة شراء الوقت، فعلى الرغم من تصريح كوفي أنان الذي بشر به بعض الأطراف قبل أن يعلنه، وهو قبول النظام السوري بخطته السداسية، لم تعلن دمشق قبولها الرسمي بعد، بل استمرت في مسلسل القتل (للإرهابيين)، كما تصفهم وسائل الإعلام الرسمية والمؤيدة لها في كل من طهران وبيروت، على أمل دمشقي أن يسير أنان في الإعلان الإيجابي وتسير القوات السورية في القتل المبرمج إلى حين تصفية كاملة لكل المعارضة الحية، بعدها تصبح خطة أنان ليست ذات قيمة على الأرض.

أي مراقب فطن سوف يصل إلى نتيجة أنه من الصعب، إن لم يكن من المستحيل قبول خطة كوفي أنان وتنفيذها على الأرض، لسبب واقعي، حيث إن قبول عنصر واحد منها مضر بالنظام، أما قبول أكثر من عنصر واحد منها فهو قاتل للنظام، ما بالك أن طبقت جميعها، لن يبقى النظام كثيرا بعد ذلك. كوفي أنان يعرف ذلك وأيضا دمشق وحلفاؤها يعرفونه، فماذا تفيد إذن مبادرة أنان؟ هي في الحقيقة مفيدة من جانبين، الأول دولي، حيث إن روسيا تستطيع أن تسير معها وتوافق عليها مغلفة رفضها السابق بالقول إن خطة كوفي أنان لم تطلب من الرئيس السوري التنحي وتسليم السلطة لآخرين، وهذا ما كانت تعترض عليه روسيا، كما جاء في المبادرة العربية الأولى، وذلك فيه صون لكرامة روسيا وحفظ لماء وجهها الدولي، والثاني سوري، وهو كسب الوقت الذي يستغرقه الأخذ والرد في أي الخطوات التي اقترحها أنان تنفذ أولا، سحب الجيش أم سحب قوات المعارضة أم تهيئة مراقبين دوليين، ومن أي الدول ومن يمول العمليات تلك، وذلك كله يأخذ وقتا لعل فيه متسعا للتصفية الشاملة الكاملة للمعارضة.

المراهنة على الوقت سلاح ذو حدين؛ الأول أن تعطي النظام السوري وحلفاءه متسعا للتفكير والتدبير والعمل، لعل بعض المتغيرات الدولية تصرف النظر عن مركز الصراع في سوريا وتنقله إلى مكان آخر، وثانيا أن يطول الأمر بالمعارضة السورية فيتشقق نسيجها في الخارج وتوهن عزيمتها ويقل التأييد الدولي لها، وأيضا توهن عزيمة الجيش الحر ومنتسبيه، فيلقي السلاح ويتفرق آحادا إلى المنافي الباردة، ذلك كله حد ممكن التفكير فيه، أما الحد الثاني فهو الذي يقول إن المراهنة على الزمن هي لصالح المعارضة، فها هي المعارضة تحتفل بمرور سنة كاملة دون أن يبدو منها الوهن، بل على العكس يشتد عودها ويصلب قوامها وتتجمع أكثر إقناعا من السابق وتضع لها القواعد التي سوف تبنى على أثرها سوريا المستقبل، وهذا ينقذها (أي الوقت) من السرعة التي أخذها التغيير في كل من تونس ومصر، حيث أصبحت المعارضة فجأة في القيادة المعنوية دون خطط ولا أفكار متفق عليها. الوقت هنا لصالح المعارضة للحشد وتصفية المنظور المستقبلي والاتفاق عليه، بل وربما وضع دستور مؤقت يحمل كل القوى السورية الاجتماعية والسياسية على قبوله. أما الوقت الدولي فهو أيضا بحاجة إلى أن يركب في القافلة التي تريد أن تقدم حلا دوليا بعض الدول المترددة أو التي كانت معارضة، فحين يذهب كوفي أنان مرة أخرى، الرجل الذي يعرف العمل الدولي خير معرفة، إلى مجلس الأمن ليقول رغم كل التنازلات ورغم كل الحراك الدولي الذي وافق على ما اقترحت، فإن النظام ماطل وسوّف وزادت شهيته للقتل، فنحن أمام تصفية ومجازر لن تنتهي، وقتها يتهيأ المجتمع الدولي لأخذ خطوات أكثر جدية وأوسع جماعية في ضوء توافق للجوار الإقليمي المباشر لسوريا الذي يمكن له التذرع بعشرات الآلاف الذين لاذوا وسوف يلوذون به فرارا من القمع. وقتها سيكون المسرح الدولي جاهزا لزيادة ليس عزلة النظام ولكن لعزله بأكمله. لقد تعلم العالم من دروس كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، وأضاف إلى معرفته معرفة سوف يوظفها في الجانب السوري الذي لا يزال يبحث عن غراب أبيض في آثار الدمار والدماء التي تكاد تصل إلى كل المستوطنات البشرية السورية، وحتى يعرف أنه لا يوجد غراب أبيض يخرج سوريا إلى الحرية.

آخر الكلام:

أول قمة تعقد بعد الربيع العربي تغير الكثير من لهجتها وموقفها عن القمم العربية السابقة، قال نوري المالكي إنه ليس هناك مكان لدولة الحزب الواحد، كما قال نبيل العربي، إشارة إلى اقتراحات كوفي أنان لسوريا، إنها تستوجب الالتزام الجدي والتطبيق الفوري، وكلام واضح كثير تجاه القضية السورية يظهر للمتابع أن جوا جديدا وغير مسبوق قد ساد.

=================

إيران ولبننة سوريا!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

31-3-2012

ها هي إيران تدخل على خط الثورة السورية علنا، بعد أن كانت تتحرك بشكل سري، بدعم الأسد بالمعدات والسلاح، وأكثر. اليوم قررت طهران أن تطل برأسها سياسيا، حيث تحذر المجتمع الدولي، والدول الإقليمية، من أي تدخل أحادي في سوريا، وتعرض إمكانية المساعدة هناك؛ فلماذا تفعل إيران ذلك الآن؟

الأسباب واضحة، فطهران تريد إرسال رسالة علنية للأتراك، وقبل مؤتمر أصدقاء سوريا، مفادها التحذير من أي خطوات عملية، كما أن إيران تريد إرسال رسائل تهديد لدول الخليج، وتحديدا السعودية وقطر، لكي لا تقوما بدعم الثوار السوريين فعليا. والأمر الآخر أن طهران تريد القول إنها قادرة على إقناع الأسد بأمر ما، وهذه نقطة غير واضحة، فهل ستقوم إيران مثلا بإقناع الأسد بالرحيل؟ أمر لا يمكن تصديقه، أم أن طهران باتت مقتنعة فعليا بأن الأسد كرت محروق، ومن أجل تقليل الخسائر ما بعد سقوطه فلا بد أن يكون لإيران دور ما الآن؟ وقد يقول البعض: هذا جنون، وهنا يكون السؤال: كيف تجرؤ إيران على قول ما قالته إذن؟

والإجابة هنا أيضا واضحة، فبقدر ما ترى طهران صلابة الثورة السورية فإنها، أي إيران، لا تلمس جدية من الرئيس أوباما بضرورة التدخل في سوريا، وترى أن الأميركيين باتوا يختبئون خلف مهمة أنان، مما جعل إيران تعتقد أن هذه فرصتها أيضا للتدخل. والحقيقة أن الأسد قد كفى الجميع عناء القول إنه غير جاد حين قبل مبادرة أنان، وها هو الأسد نفسه يقول إنه لا بد من مناقشة مبادرة أنان، بعد أن قال إنه قبلها، مما جعل الخارجية الأميركية تعبر عن خيبة أملها، وخيبة الأمل هي في أن يصدق أحد ما، أيا كان، وعود الأسد. تأكد طهران من عدم جدية أوباما هو ما جعلها تتجرأ لتحويل سوريا إلى لبنان جديد، أي أنه لا بد من جلوس القوى الإقليمية على طاولة واحدة للتفاوض على مستقبل سوريا، كما يحدث عند تشكيل أي حكومة لبنانية، وهذا خطأ فادح، بل إن الاستجابة له جريمة، فيجب ألا يسمح لإيران بفعل ذلك، مثلما سمح لها بالسيطرة على العراق.

ما يجب أن يتنبه له الأميركيون يتلخص في رؤية مهمة لأحد الضباط السوريين المنشقين، حيث يقول: «بمجرد إعلان واشنطن عن إقلاع طائرة (أواكس)، أو طائرة من غير طيار، للتحليق فوق دمشق، وباقي سوريا، بهدف رصد المواقع العسكرية التي يعتقد بأنها تعطي الأوامر باستهداف المدنيين، فحينها سيدهش العالم من حجم الانشقاقات بالجيش»، وربما سرع ذلك بعملية انقلابية أيضا. ولذا فإن ما يجب على أوباما، وأوروبا، والسعودية، وقطر، وتركيا، إعلانه صراحة، أن الأسد لن يفلت كما أفلت بعد اغتيال رفيق الحريري، وأنه سيرحل بأي طريقة كانت، حينها ستتسارع الأمور بشكل حقيقي، وخصوصا إذا تم الشروع فعليا في تسليح الثوار على الأرض، عدا عن ذلك يعني أننا بتنا نسلم دولنا العربية، الواحدة تلو الأخرى، لإيران، وهذه جريمة بحق مستقبلنا وأمننا.

=================

غاب الأسد وحضرت سوريا

حسين علي الحمداني

الشرق الاوسط

31-3-2012

محاور عدة تضمنها البيان الختامي لقمة بغداد، ولكن يمكننا القول بأن الملف السوري كان الأكثر حضورا في قمة بغداد العربية من خلال تبني الزعماء والقادة العرب خطة كوفي أنان من جهة وإدانتهم للقمع الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه منذ أكثر من عام من جهة ثانية، وهو ما يشكل عملية ضغط سياسي على النظام في سوريا الذي بدا أكثر عزلة في محيطه العربي والإقليمي وهذه العزلة دفعته لأن يستبق القمة العربية بإعلان رفضه أي مبادرات ومقترحات وتوصيات تصدر منها دون أن ينتظر انعقادها الرسمي وهو ما يؤكد تخبط هذا النظام في تصرفاته وسلوكياته التي لم تعد تصلح للمرحلة التاريخية التي تمر بها سوريا والمنطقة برمتها وأيضا أنه يدرك جيدا أن ممارساته القمعية لم تعد مقبولة ولا يمكن النظر إليها على أنها شأن داخلي لا يمكن التحدث به، خاصة إن قضية حقوق الإنسان لم تعد من القضايا الداخلية التي لا يحق للدول مناقشتها بقدر ما هي قضية مجتمع دولي يجد أن أي انتهاكات تحصل في أي دولة من الدول تعني الجميع، وعملية الدفاع عن حقوق الإنسان مسألة تخص جميع الدول والهيئات والمنظمات خاصة أن النظام الأمني والعسكري ارتكب مجزرة بابا عمرو ضد المدنيين وهي جريمة ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية وتتطلب مساءلة المسؤولين عن ارتكابها وعدم إفلاتهم من العقاب والتحذير من مغبة تكرار مثل هذه الجريمة في مناطق أخرى بسوريا، خاصة أن هنالك مجازر أخرى من الممكن أن يرتكبها هذا النظام في الأيام والأسابيع المقبلة خاصة أن ثورة الشعب السوري مستمرة دون توقف.

ورغم غياب سوريا رسميا عن القمة بسبب تعليق عضويتها من قبل الجامعة العربية، فإن ملفها حضر بقوة سواء في خطب رؤساء الوفود أو في البيان الختامي، ولم يجد النظام في سوريا من يدافع عنه كما كان في السابق لأن الكثير من الحقائق قد كشفت وباتت حرية الشعب السوري قضية دولية وملفها يناقش في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بسبب رفض النظام السوري المبادرات العربية المتعددة والتي كانت ترمي لوقف العنف وإجراء الإصلاحات المطلوبة، وهذا ما يجعل مراهنة النظام في دمشق على العلاقات الثنائية مع بعض الدول مراهنة فاشلة لأن الدول العربية التي حضرت قمة بغداد لم تختلف في القضية السورية وأجمعت على ضرورة منح الشعب السوري حرية اختيار نظامه السياسي بأسلوب ديمقراطي بعيدا عن القمع والبطش والتنكيل والمجازر الدموية التي ترتكب يوميا وبالتالي لن يجد الأسد حليفا له داخل المنظومة العربية التي أجمعت على إدانته بقوة.

وأجد أن ما خرج به القادة العرب في قمة بغداد حول سوريا يمثل الفرصة الأخيرة لنظام بشار الأسد لأن يعي حقيقة الأمور كما هي في أرض الواقع وأن يبتعد عن سياسة القبول النظري والإعلامي للمبادرات التي لا تجد طريقا لها في أرض الواقع، خاصة أن النظام في سوريا وافق على خطة كوفي أنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية، وهذه الموافقة نظرية وليست واقعية، إذ ما زالت عمليات القتل والقمع مستمرة حتى يومنا هذا وبالتالي فإن القبول النظري ما هو إلا محاولة لكسب مزيد من الوقت على حساب أرواح الشعب في سوريا.

ووجدنا أن كلمة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي كانت الأشد حضورا لدى المتلقي في العالم العربي لأنها عبرت بشكل صادق وحقيقي عن طبيعة النظام السوري وتفكيره، إذ إنه لا يريد شيئا قدر إطالة الصراع ليتحول إلى حرب طاحنة يستطيع إدارتها إلى أطول وقت ممكن والتفاوض حول نهايتها من موقع القوة، ووجدنا أن السيد المرزوقي هو الوحيد من الزعماء العرب الذي طالب صراحة بتنحي الأسد عن الحكم وإفساح المجال لتداول سلمي للسلطة في هذا البلد الذي أغرقه الأسد بالدم ولا يشم منه سوى رائحة الموت الممزوجة بالبارود المستورد من روسيا.

=================

حضرت سورية.. وغاب الربيع العربي!

منار الرشواني

الغد الاردنية

31-3-2012

خلافاً لكل المعلن سابقاً، لاسيما من قبل المسؤولين العراقيين أصحاب الاستضافة، حضرت "سورية الثورة" بقوة في مؤتمر القمة العربية في بغداد، مقابل غياب كامل للربيع العربي الذي إليه تنتمي الثورة السورية ذاتها، بل وتفرض حضوره حقيقة -لا شعاراً أو تاريخاً قريباً- على المنطقة والعالم ككل.

وغياب الربيع العربي، كما يظهر في البنود التسعة والأربعين التي تضمنها "إعلان بغداد"، ليس إلا دليلاً كافياً على غياب إدراك النظام العربي الرسمي لأسباب المخاض الذي دخله العالم العربي منذ الثورة التونسية، وأبعاد هذا المخاض وامتداداته ومآلاته. وهو من ثم، غياب يعبر، في أحسن الظروف، عن العجز عن تقديم رؤية وبرامج لتجاوز مرحلة عدم الاستقرار التي تعانيها كثير من الدول العربية منذ بداية العام الماضي، بل والسماح بجعل انعدام الاستقرار شاملا للمنطقة ككل، وخارجا عن كل سيطرة.

الحديث هنا طبعاً هو عن "غياب" وضع، أو على الأقل محاولة وضع، آلية فعلية للعمل التنموي العربي المشترك، والذي يمثل المتطلب الأهم ليس لإنقاذ ومساعدة دول محددة فحسب، على نحو ما تضمن إعلان بغداد، بل ودرء المخاطر العابرة لكل الحدود، وتوفير التكاليف الباهظة التي ستدفعها الدول العربية كافة، بما فيها تلك التي تظن أن رياح الربيع العربي لن تطالها.

ولعل المفارقة المضحكة المبكية أن "قمة الربيع العربي" -كما يفترض أن يكون مضمونها تبعاً لتوقيتها- لم تكتف باستحضار إنشاء كل القمم السابقة في إعلانها، بل جاءت قاصرة حتى على صعيد هذا الإنشاء عما تضمنه آخر إعلانات قمم "عصر الاستبداد العربي"، وتحديداً فيما يتعلق بالعمل العربي المشترك.

فإذا كانت قمة بغداد قد "أكدت".. و"دعت".. و"وعدت".. و"حرصت".. على العمل العربي المشترك بجوانبه كافة، فإن "إعلان سرت"-القذافي الصادر في آذار 2010، قد تضمن إيجاد "آلية محددة" لمتابعة مقترح "إقامة اتحاد الدول العربية/ الاتحاد العربي"، تتمثل في لجنة من خمسة زعماء عرب إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، تتولى الإشراف "على إعداد وثيقة تطوير منظومة العمل العربي المشترك". وربما تكون المفارقة الأكبر داخل هذه المفارقة، أن مقدمَي الاقتراح الوحدوي لم يكونا إلا اثنين من قادة الأنظمة الاستبدادية الزائلة؛ معمر القذافي وعلي عبدالله صالح!

كان يفترض بقمة بغداد أن تمثل تدشيناً ل"ربيع النظام السياسي العربي"، بمباشرة إنجاز التكامل الإقليمي الفعلي؛ ليس من باب المنة والخيرية والإحسان لبعض الدول ذات المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الملحة، بل من باب المصالح القُطرية الخاصة جداً لكل دولة عربية، حتى تلك التي تظن نفسها في مأمن من الاضطراب المتفجر. تكفي دليلاً هنا ظاهرة "الإرهاب" التي ما تزال تشغل بؤرة اهتمام الدول العربية كافة، والتي كان من المفترض، لو توفر الوعي والإرادة الكافيان، أن تجعل من ربيع الأنظمة ربيع الشعوب منذ عقد على الأقل.

آن للنظام الرسمي العربي الإقرار بأن عهداً عربياً جديداً قد بدأ، وأن الخيار المتاح اليوم هو بين وحدة التنمية والإنجاز، أو وحدة الاضطراب وعدم الاستقرار إلى أجل غير معلوم!

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ