ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
يحيى الأمير الوطن السعودية 3-4-2012 الوحدة الحقيقية تأخذ قيمتها من كونها
اتحادا للمتنوع والمختلف وليست اتحادا
للمتشابه والمتماثل، وهذه أبرز عوامل
القوة في التجربة الوحدوية السعودية
التي قادها بكل اقتدار وبمنطق مدني
مبكر المغفور له بإذن الله تعالى الملك
عبد العزيز كان القرار الصادر منذ أسبوع والقاضي
بإغلاق قناة فضائية بسبب تهجمها على
أحد المذاهب في المملكة قرارا واقعيا
وشجاعا، ويشير إلى أن أبرز وسائل
التعامل مع الشحن الطائفي تتمثل أولا
في إغلاق منابره ووسائله، وهو واقع
يحدث في مختلف دول العالم التي تحارب
كل مصدر للعنصرية والتحزبات بمختلف
أشكالها. أبرز ما يميز المملكة العربية السعودية
أن المتفق عليه واحد، ولكن المختلف
عليه كثير ومتعدد، وهذا هو شأن الدولة
الحديثة وواقعها، فهي ليست دولة طائفة
بعينها ولا دولة فرقة دون الأخرى، إنها
دولة الجميع المتنوع الذي يجعل من
وحدته الوطنية وسمته الوطنية دائرة
كبرى يتحد فيها الهدف والمصير
والمصلحة والانتماء. ما عدا ذلك يعتبر
إطلاق أية تصنيفات مذهبية أو طائفية
مدخلا واسعا للإضرار بالواقع الوطني. إن الوحدة الحقيقية تأخذ قيمتها من كونها
اتحادا للمتنوع والمختلف وليست اتحادا
للمتشابه والمتماثل، ذلك المتنوع الذي
يشكل التنويعات المذهبية والمناطقية
والثقافية والاجتماعية، وهذه أبرز
عوامل القوة في التجربة الوحدوية
السعودية التي قادها بكل اقتدار وذكاء
بل وبمنطق مدني مبكر المغفور له بإذن
الله تعالى الملك عبد العزيز. وقد تنبه النظام الأساسي للحكم لذلك
مبكرا والمادة الثانية عشرة منه تحمل
نصا واضحا يؤكد أن ( تعزيز الوحدة واجب،
وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفتنة
والفرقة والانقسام) وهو ما لا يمكن أن
يتحقق إلا بمثل هذه المواقف السريعة
والمباشرة من كل منبر إعلامي يحول
الطائفية إلى قضية. في الغالب، لا يمكن أن تتناول مذهبا من
وجهة نظر مذهب آخر دون الإساءة إليه،
ذلك أن طبيعة الإرث التاريخي
للمذهبيات في الإسلام قائمة على كثير
من التناحر والتبديع والتفسيق. وبعض كتب التاريخ تحمل كثيرا من القصص
والمواقف التي لو أردنا استعادتها
الآن لأدخلتنا في إشكالية كبرى لأنها
ستحفز كل مذهب للدفاع عن مذهبه، وهنا
يتحول ذلك الاختلاف إلى معركة أبرز
ضحاياها هي الوحدة الوطنية. هنا تأتي مشكلة بعض الوعاظ الذين تتوقف
مهاراتهم العلمية والبحثية عند
استدعاء القصص وقراءتها وحفظها وإعادة
بثها على الأسماع، وتلك إحدى أزمات
الوعاظ عبر التاريخ، لأنهم لا ينتجون
أي شكل من أشكال المعرفة بقدر ما هم
وسيلة للترديد والتكرار. بكل شجاعة، لا بد من القول: إننا قد
ارتكبنا أخطاءً فيما مضى، حدث ذلك حين
كان فهمنا للدولة الحديثة لا يزال غضا
ومبكرا، وهذا شأن كل الكيانات الحديثة
التي انطلقت من واقع ثقافي تقليدي، ومع
ترسخ حضور المؤسسات ودورها في حياتنا،
أدركنا أن من مصادر قوة هذا الوطن هو ما
يحويه من تنوع، وبالتالي فالقضية ليست
في الاعتراف بالتنوع ولا بالخوف منه،
ولكنها تكمن حقيقة في كيفية إدارة ذلك
التنوع. ليس المطلوب من أي مذهب أن يقتنع بالمذهب
الآخر، على الإطلاق، لكن القضية تكمن
في التعايش والقبول، أما التصدي لما
يراه البعض ضلالات لدى المذاهب
المخالفة ممن هم من أبناء وطنه ففي ذلك
تجن على قيمة الوحدة ومعانيها
ومحدداتها، إضافة إلى أن أقل درجات
الوعي تؤكد باستمرار أن التنوع
والاختلاف سنة كونية لا يمكن طمسها. مقاطع الفيديو التي انتشرت عن تلك
الحلقات التي أدت إلى إغلاق القناة
تحمل كثيرا من الأخطاء حيث ينطلق
المتحدثون من فكرة أن ما لديهم من
قناعات هو الحق الأوحد الذي يجب دعوة
الجميع للإيمان به والتخلي عما لديهم،
والحديث عن الخوف على المخالف وطلب
الهداية له. إن مثل هذه الأفكار المثالية هي أبرز مدخل
للتناحر لأن من تختلف معه هو أيضا يرى
أنه على حق وأنك على باطل. مما يعني أن
التعامل الأبرز لا يتم إلا من خلال
التعايش والقبول فالدولة واقع،
وواقعها يقضي بأن التنوع أبرز أركانها. ================= سمر يزبك الوطن السعودية 3-4-2012 لم يعد خافياً أن الحديث عن عسكرة الثورة
السورية، أمر لا يدخل من باب السجال
واختلاف الآراء لم يعد خافياً أن الحديث عن عسكرة الثورة
السورية، أمر لا يدخل من باب السجال
واختلاف الآراء، بل من باب الحديث في
أمر واقع أجُبر الناس عليه، فالناس
الذين بدؤوا ثورتهم السلمية، ورفعوا
اللافتات الوطنية المدنية لشهور
طويلة، لم تصمد أمام القصف المدفعي
العنيف على المدن، ولا أمام المجازر
الوحشية التي لم يتوقف النظام يوماً عن
ارتكابها في المدن المنتفضة، واضطروا
لحمل السلاح، ليس للدفاع عن أنفسهم
فقط، بل لتشكيل حماية عسكرية
للمتظاهرين السلميين. وإن كانت سلمية الثورة تسير جنباً إلى جنب
مع العسكرة، فلا بد من الاعتراف أن
مظاهر الثورة السلمية تتراجع كل يوم،
أمام وحشية ما يقوم به النظام،
والنشاطات المدنية السلمية الثورية،
رغم قلتها ما يزال لها التأثير الكبير
على الرؤية الأخلاقية، التي بدأت منها
الثورة. وإن كان حمل السلاح أمرا حاصلا لا بد منه،
بعد انشقاق الجنود، وانقسام الجيش إلى
جيشين: الحر والنظامي، فلا بد من
الاعتراف أيضاً أن هناك مشكلة أكبر
يعاني منها الجيش المنشق، وتحتاج إلى
تأمل وحل سريع، لا تتمثل فقط في
التحولات النوعية في مسار الثورة، بل
تتلخص في إعادة مآلات هذه الثورة، إلى
خطها الصحيح، حتى بوجود السلاح،
بعيداً عن الانقسام والاقتتال الأهلي
والطائفي، الذي يسعى إليه النظام بشكل
ممنهج. أهم هذه الخطوات الإقرار بحقيقة الفوضى
الناجمة عن الانشقاق المتزايد في
الجيش، وانضمام الكثير من المدنيين
غير المدربين إلى صفوف الجيش الحر،
ومنهم جماعات في غالبيتها تم قتل
عائلاتها وتهجيرها وقصف بيوتها. هذا
الانضمام لا يشكل تكتيكاً منضبطاً
واستراتيجياً في حلقات الجيش المنشق،
بل هناك جماعات مسلحة تعمل بشكل منفرد
بعيداً عن مركزية الجيش الحر، وقرارات
قياداته، وتقوم بأعمال عسكرية غير
خاضعة لرقيب وحسيب. تشكل هذه المجموعات سؤالاً مخيفا
للكثيرين من أنصار الثورة السورية،
بعيداً عن حالات رفض العسكرة، وحمل
السلاح التي ينادي بها البعض ، لكن
وجود هذه الجماعات يجعل من إمكانية
الفوضى التي تترافق مع السلاح بمزيد من
القتل، وحالات الانتقام، فالعنف ينتج
ثقافته المضادة العنيفة التي يجب
ضبطها ورفضها وتحليل آلياتها، للتخفيف
منها ما أمكن. وبغض النظر عن الأهداف التي تسعى إليها
هذه الجماعات المسلحة من دفاع عن
المدنيين، أو محاولة استرداد
المخطوفين من قبل عصابات الأمن
والشبيحة،، فهناك ما يخيف في تركها
بعيدة عن مركزية وسلطة الجيش الحر،
خاصة بعد حالات التجييش الطائفي التي
يقوم بها النظام، كما يحصل في "حمص"
حيث أدت الهجمات الوحشية والمجازر،
التي يرتكبها النظام في الأحياء ذات
البعد الطائفي الواحد، إلى احتقان
وكراهية بين الأهالي، وبرزت بعض ردات
الفعل الانتقامية المسلحة، قد يكون من
الخطورة عدم الإشارة إليها، أو
الإقرار بوجودها ومعالجتها بشكل سريع،
وهذا يتطلب الانتباه إلى بنية الجيش
الحر نفسه، وتنظيم صفوفه وترتيبها،
على أساس أنها النواة المستقبلية
للجيش الوطني السوري، بعيداً عن
الانتماءات الطائفية أو الانتقامية،
وربط خطة الجيش الحر، بأعمال المعارضة
السياسية والمتمثلة في الغالب بالمجلس
الوطني، وهو ما حصل مؤخراً في "مؤتمر
أصدقاء سورية" الأخير في إسطنبول،
حيث تمت الإشارة بشكل واضح إلى ارتباط
المجلس بالجيش الحرّ، والدعم الذي
يقدمه له، وهي خطوة إن كانت حقيقية
وفعلية، وذات منهجية واضحة الخطوات
والتنفيذ، ستكون لها نتائجها
الإيجابية، بغض النظر عن الاتفاق مع
سياسة واستراتيجية المجلس الوطني أو
الاختلاف معها، لكن الغطاء السياسي
للجيش أمر لا بد منه، ليجتمع العقل
والقوة معاً، هذا في حال اعترفنا
فعلاً، بأن الجيش الحر يشكل قوة، وليس
حتى الآن مجرد جماعات رفضت أوامر القتل
وتحمل سلاحاً بسيطاً، وتقوم بالدفاع
عن النفس وعن المتظاهرين، وأحياناً
تقوم بغارات هجومية على بعض المواقع
العسكرية النظامية. ومن المبكر الحكم على نتيجة هذا التحالف
بين العسكر المنشق والمجلس الوطني،
لأنه ما يزال تحالفا لفظياً، ولم نشهد
أي واقع له، سوى التصريحات المؤيدة،
لكن أي خطوة من شأنها ضبط الحركة
العسكرية للجنود المنشقين وفق رؤية
سياسية، ودفعها باتجاه الدفاع عن
النفس والسلمية، هو أمر محمود ولصالح
الشعب السوري. ربما يبدو هذا الكلام ضرباً من الخيال
والرومانسية، بعد سنة من القتل
والتشريد والتهجير، أن نطلب الانضباط
من الناس، الذين يريدون أن يحتموا بما
يجعلهم وأطفالهم على قيد الحياة، ولكن
أن تبدأ الثورة بالتغاضي عن مشاكلها،
أمر سوف ينهيها، ويؤدي بها إلى مآلات
لا تحمد عقباها، ليس على صعيد السلم
الأهلي فقط، بل وعلى صعيد مستقبل هذه
الثورة، التي بدأت من أجل كرامة وحرية
الشعب، ويجب أن تنتهي بإسقاط النظام،
وبداية الطريق نحو هذه الحرية
والكرامة. ================= أصدقاء سوريا... الأفعال
بعد الأقوال كارين دي يوج - إسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز
سيرفيس» تاريخ النشر: الثلاثاء 03 أبريل
2012 الاتحاد وافقت دول الخليج العربي على تخصيص
ملايين الدولارات لدفع رواتب شهرية
لمقاتلي الجيش السوري الحر والتشجيع
على المزيد من الانشقاقات في صفوف جيش
الأسد، وذلك حسب ما أفاد مشاركون في
المؤتمر الدولي حول الأزمة السورية
الذي استضافته تركيا يوم أول من أمس (الأحد).
وتعتبر هذه الأموال التي سيستفيد منها
الجيش السوري الحر هي الأولى من نوعها
التي تتلقاها الثورة السورية في إطار
المساندة الدولية للثوار، وأضاف مسؤولون حضروا مؤتمر أصدقاء سوريا
في إسطنبول أن التمويل المهم الذي حصل
عليه الثوار سيوجه أيضاً لشراء ما يلزم
من أسلحة يحتاجها المنشقون عن جيش
النظام لتأمين الدفاع عن المدنيين
العزل، ولاسيما في ظل النقص الكبير في
الذخيرة الذي يعاني منه الجيش السوري
الحر. ودائماً في سياق المساعدات المقدمة إلى
الثورة السورية أعلنت وزيرة الخارجية
الأميركية، هيلاري كلينتون، أن بلادها
ستساهم بمبلغ 12,2 مليون دولار إضافي
كمساعدات إنسانية تقدم إلى سوريا ليصل
بذلك إجمالي حجم المساعدات المالية
الأميركية منذ بداية الثورة السورية
قبل أكثر من عام إلى 25 مليون دولار، هذا
بالإضافة إلى مد المقاتلين بمعدات
الاتصال، حسب قول الوزيرة ل"مساعدة
النشطاء على تنظيم أنفسهم والفرار من
هجمات النظام، والتواصل مع العالم
الخارجي". وقد حرص وزراء خارجية ومسؤولون بارزون
لأكثر من ثمانين دولة حضرت مؤتمر
أصدقاء سوريا على تحذير حكومة الأسد من
أن الوقت بدأ ينفد، وبأنه يتعين عليها
الالتزام بوقف العنف المستمر لأكثر من
عام ضد المواطنين الأبرياء. ولكن خلف
الأبواب المغلقة حرص المسؤولون أيضاً
على مناقشة الخطوات التالية في حال ظل
الوضع على ما هو عليه، كما هو متوقع،
وإذا واصل نظام الأسد قمع المتظاهرين
دون اكتراث بالشرعية الدولية. وفي البيان الختامي الصادر عن مجموعة
أصدقاء سوريا أكد المشاركون أن "الفرصة
ليست مفتوحة على نحو لا نهائي"،
محذرين من "العودة إلى مجلس الأمن
الدولي إذا استمر القتل". فعلى رغم موافقة الأسد قبل أكثر من أسبوع
على وقف العنف ضد المدنيين والسماح
بمرور آمن للمساعدات الإنسانية والبدء
في مفاوضات مع المعارضة لانتقال سلمي
للسلطة ما زال النظام، حسب ما جاء في
البيان، يرتكب التجاوزات الخطيرة، ومن
المتوقع أن يرفع كوفي عنان، المبعوث
المشترك للأمم المتحدة والجامعة
العربية إلى سوريا، تقريره حول تطورات
الوضع إلى مجلس الأمن الدولي في أية
لحظة، وهو ما دفع مجموعة أصدقاء سوريا
في بيانها إلى حثه على "تحديد جدول
زمني بالنسبة للخطوات التالية إذا
استمر القتل". وأشار الأعضاء النافذون في مجموعة أصدقاء
سوريا إلى ضرورة تحديد موعد نهائي لا
يتعدى أسابيع لاحترام الأسد
لالتزاماته. ويبدو أن ما وصفه البيان بمحاولات النظام
المستمرة للتلاعب بالمجتمع الدولي
وخداعه رفع مستوى الحزم لدى
المشاركين، ولاسيما الولايات المتحدة
التي طالما أصرت على ضرورة تنحي الأسد
عن السلطة. وفي جميع تدخلات ممثلي الدول المشاركة في
المؤتمر تردد صدى ما دعا إليه رئيس
الحكومة التركية، أردوغان، من ضرورة
التحرك الحاسم لحل الأزمة السورية،
هذا على رغم أن الاقتراحات التي برزت
في المؤتمر لم تختلف في الحقيقة عن تلك
التي اتفق عليها في اللقاء الأول
لمجموعة أصدقاء سوريا في تونس،
فالمجتمع الدولي ما زال إلى الآن
متحفظاً إزاء التدخل العسكري في
سوريا، وإن كان المسؤولون قد اتفقوا
على مجموعة من الخطوات لتشديد الضغط
على الأسد مثل تقديم الدعم للمقاتلين
وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى
الشعب السوري. وعندما سئل أردوغان عما إذا كانت مقاومة
حكومته لفكرة إقامة مناطق آمنة على
الحدود مع سوريا قد خفت أجاب قائلاً:
"سنرى ما سيحدث خلال الأيام
المقبلة، ولاسيما فيما يتعلق بمهمة
كوفي عنان، ثم سننظر لاحقاً في البدائل". هذا وسيتم توزيع الأموال التي التزمت بها
كل من الولايات المتحدة والدول
العربية وخاصة الدول الخليجية من خلال
المجلس الوطني السوري، وذلك على رغم
المشاكل التي ما زال يواجهها المجلس
بسبب مخاوف الأقليات الدينية
والعرقية، فقد سبق لهذه الأقليات أن
عبرت عن قلقها من سيطرة الأغلبية
السنية على المجلس. كما أن عدداً من
ممثلي الأقليات انسحبوا من المجلس
الوطني السوري خلال المؤتمر الذي
عقدته المعارضة السورية في تركيا قبل
أسبوع، متهمين المجلس بانعدام
الشفافية والديمقراطية داخله. ومع أن المساهمة العربية لم يُعلن عنها
رسميّاً خلال المؤتمر، إلا أن رئيس
المجلس، برهان غليون، ألمح إليها بشكل
غير مباشر، قائلاً: "إن المجلس
الوطني السوري سيتولى دفع رواتب
الضباط والجنود وباقي أعضاء الجيش
السوري الحر". وفي خطابه الحماسي
أمام الحضور ناشد غليون المجتمع
الدولي "بتوفير الوسائل المناسبة
للشعب السوري للدفاع عن نفسه". وقد تقرر في أعقاب اجتماع المعارضة قبل
أسبوع إنشاء المجلس الوطني السوري
للجنة إعادة هيكلة يُناط بها رفع نسبة
الشفافية في أعمال المجلس. واتفق
أصدقاء سوريا أيضاً على مجموعة من
المبادرات في لقائهم الأخير، بما في
ذلك تشكيل مجموعة عمل لتنسيق العقوبات
المفروضة من قبل الولايات المتحدة
وباقي الدول على نظام الأسد، كما تم
استحداث برنامج يدرب السوريين على جمع
المعلومات حول الفظاعات التي يرتكبها
النظام لاستخدامها لاحقاً ضد الأسد
وأعوانه في ملاحقات قضائية أمام
المحاكم المحلية والدولية. ================= آراء متداولة لنشطاء
الثورة السورية شمس الدين الكيلاني المستقبل 3-4-2012 يتحدث، حالياً، أنصار الثورة السورية، عن
مستقبل سوريا بلغة واثقة بالنصر، في
غمرة الحسم العسكري الذي أعلنه النظام
خياراً وحيداً لمجابهة المظاهرات
العارمة التي ما فتئت تتسع وتشمل
المدينة والريف السوريين، ينطلقون في
تقديراتهم تلك من فرضية أساسية هي: أن
النظام الراهن في سوريا لم يعد له
مستقبل، يكفي التدليل على ذلك أن
السوريين باتوا يتعاملون معه كقوة
احتلال، صمموا على مجابهته حتى نيل
استقلالهم وحريتهم، مهما كلفهم ذلك من
دم ودموع، وبالمقابل ان النظام يتعامل
مع السوريين كأعداء لا يردعه رادع
تجاههم، ووفَّر لهم ما يلزمه من سلاح
القتل. غير أن النظام يستنزف قواه
يومياً ويزداد ضعفاً، بينما تكتسب
الثورة مزيداً من القوة والصلابة على
مرِّ الأيام. ومن هذه الفرضية الأساسية
ينطلقون للإجابة عن الأسئلة المتعلقة
بالوجهة التي ستتخذها سوريا في تحولها.
وهم يعولون على (الكتلة التاريخية)
التي شكلتها الثورة وعلى القوى
القيادية التي يمكن، من خلالها،
تلمُّس ملامح التغيير الديمقراطي،
علماً أن مفاهيم الديمقراطية والحريات
العامة والتعددية وتداول السلطة صارت
مهيمنة على مواقف السوريين السياسية،
على ضوء تجربة الماضي والحاضر. المسألة الأولى التي يلفت أنصار الثورة
النظر إليها، هي ان الكتلة الشعبية
التي تمخضت عنها ثورة 15 آذار أصبحت
الواقعة السياسية الأكبر، فرضت نفسها
كسلطة شرعية مستقبلية في مواجهة قوة
النظام وشرعيته المُتآكلة. لا تدين هذه
الكتلة في ولادتها للمعارضة القديمة
لا في نشاطها الجماهيري، ولا في
تأثيراتها الأيديولوجية المتقادمة.
فقد استطاعت هذه الكتلة الثورية
تمثُّل التجارب السياسية والفكرية
للمعارضة دون أن تنغمس في إخفاقاتها،
بل وجذبت إلى صفوفها القوى الحية
المتجددة فيها خاصة أنصار (إعلان دمشق)
وصفوفه القيادية والحزبية، وتخلّى
عنها اليسار الراديكالي والناصري (حزب
الاتحاد الاشتراكي)، وبعض المثقفين
الذين ساهموا في تجربة ربيع دمشق في
الترويج لمفهوم (المجتمع المدني).
هؤلاء اكتفوا بالقيام بدور (المعلِّم)،
فبعد ان كتبوا الكثير عن الثورة وحلموا
طويلاً بها تنكروا لها عند حدوثها،
بخروج الشعب من القمقم. لقد قام
بالثورة السورية الإنسان السوري
العادي، والشباب الذي خبر وسائل
الاتصال الحديثة بكل غناها وتعقيداتها
ورهافتها. فلا تُدين لوجودها لأحد من
قوى المعارضة. من هنا تحولت (الكتلة
الثورية) التي أحدثت الثورة إلى مرجعية
وحيدة ومصدر لكل السلطات، فهي الترجمة
الملموسة لمفهوم الشعب. اقتصرت
المعارضة، منذ مذبحة 1980-1982، على مقالات
في صحف سورية سرية لا يقرأها سوى
المئات تحت طائلة الملاحقة والاعتقال. المسألة الثانية لديهم، هي أن الكتلة
الثورية التي صنعت الثورة أصبحت
المرجعية لأي عمل يتعلق بمستقبل
التغيير في سوريا، والعامل الحاسم بل
الوحيد الذي قلب الأوضاع الراكدة،
ووقف مقابل النظام ينازعه السيطرة على
مستقبل سوريا، وقد منحت الكتلة
الثورية (المجلس الوطني السوري)،
استناداً إلى ثقلها المرجعي، الشرعية
الشعبية اللازمة عندما خصَّصت جمعة
باسم (المجلس الوطني يمثلني)، وهذه (الكتلة
الثورة) يمكنها أن تنزع الشرعية عن
المجلس الوطني متى رأته ينحرف عن
أهدافها، وبالمقابل نزعت الشرعية عن (هيئة
التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي)،
عندما رفعت شعار: (هيئة التنسيق لا
تمثلني) في تظاهراتها العارمة، فجردت
بذلك (الهيئة ) من أي طابع تمثيلي. طبعاً
هذا لا يقلل من حق هذه الهيئة التي
تشكلت من الناصريين وبعض الراديكاليين
من اليسار الماركسي في التعبير عن
خياراتها، التي لا تُلزم سوى أعضائها.
فأصبح (المجلس الوطني) بذلك الإطار
السياسي الجامع لقوى الثورة السورية
في الداخل والخارج، جمع في صفوفه
التيارات الفكرية التي يزخر بها
الاجتماع السياسي السوري من (إعلان
دمشق) إلى الإخوان المسلمين
واليساريين والقوميين والأكراد،
مُزوَّداً بالشرعية الشعبية اللازمة،
فاحتل الموقع القيادي الموجه والمحاور
باسم الثورة. لذا يصبح التشكك بشرعية
المجلس الوطني لا معنى له. فلا توجد في
سوريا سوى قوتين فاعلتين على الأرض،
قوى آفلة يمثلها النظام من جانب، وقوى
الثورة السورية يمثلها المجلس الوطني
السوري من الجانب الآخر، أما خارج
هاتين القوتين فلا توجد سوى قوى
هامشية، بصرف النظر عن آرائها، لا
تمثِّل إلا نفسها، فهي قائدة بلا جمهور. لهذا يبدو لأنصار الثورية، طالما أن
المسألة اليوم تتعلق بالثورة وممثليها
وليس بالمعارضة التي خارج دائرة الفعل
والتأثير، فإنه من غير الجائز، أن
تشترط الجامعة العربية أو الهيئات
الدولية الأخرى على (المجلس الوطني) كي
تعترف به أن يقوم بتوحيد المعارضة،
والدخول بمساومة مع (هيئة التنسيق)،
وذلك لأن هذا الاقتراح مرفوض من الثورة
التي صرحت أكثر من مرة أن (هيئة التنسيق
لا تمثلني)، ولأن المجلس الوطني سيفقد
شرعيته إذا ما أقدم على تلك المساومة.
المهم لدى الثورة الحفاظ على إطار
قيادي ديمقراطي جامع للسوريين، وهو ما
يوفره لها (المجلس الوطني السوري)،
الذي يمكن أن يوفر ضمانة للسوريين كي
لا يحدث فراغ في (السلطة/القوة)، عند
انهيار للنظام، ويسهِّل من عملية
الانتقال إلى الديمقراطية، علماً أن
وحدة القيادة /الزعامة التي تحظى
بالقبول الشعبي هي عنصر لا بد منه
لنجاح مرحلة الانتقال الديمقراطية. المسألة الثالثة لدى مناصري الثورة،
تتعلق بتوفير القوة/المؤسسة العسكرية
التي تمنح المجلس الوطني، أو المستوى
السياسي للثورة القدرة على تأمين وحدة
البلد،بتوفير النظام في حال سقوط
السلطة.فيلفتون النظر، في هذا السياق،
إلى (الجيش السوري الحر) كنواةً للجيش
الوطني السوري المقبل، باعتباره ضمانة
لتوفير وحدة الدولة لاسيما أنه يلقى
الاحترام والتأييد من قبل السوريين
الثائرين. وهم يرون أن هذا الجيش - الذي
انشق عن الجيش النظامي لرفضه قتل
المتظاهرين وشكل عنصر حماية لهم -
يمكنه إذا ما بقي محافظاً على وحدته
القيادية، وانضباطه العسكري التراتبي
أن يغلق الباب أمام النشاط الإرهابي
التكفيري، وأمام احتمال التفكك، ويؤسس
قاعدة صلبة لمؤسسة الدولة العسكرية،
تساهم في دعم المرحلة الانتقال
للديمقراطية. ================= علي حماده 2012-04-03 النهار بالامس ابلغ الموفد الدولي - العربي لحل
الازمة السورية كوفي انان اعضاء مجلس
الامن بمهلة زمنية تنتهي في العاشر من
نيسان الحالي كي تنسحب قوات النظام من
المدن وتوقف تقدمها في المناطق
المأهولة، على ان تتبعها مهلة ٤٨
ساعة لوقف كامل لاطلاق النار. وحسبما
نقل عن ديبلوماسيين في نيويورك، فإن
انان تلقى رسالة من وزير خارجية النظام
وليد المعلم تضمنت عبارة "اعادة
الانتشار" لوصف حركة القوات، على ان
تبدأ فورا. وفي المقابل جاء في معلومات
متصلة ان النظام طالب انان بالاستحصال
على موافقة من المعارضة السورية بوقف
النار فورا. بمعنى آخر، جرى ربط
الالتزام الجديد بمعارضة ما حملت
السلاح إلا دفاعا عن النفس، وهي لا
تقارن عددا وعدة بجيش النظام. ولا بد
هنا من الاشارة الى موقف روسيا الجديد
في ما يتعلق بخطة كوفي انان، وقد جرى
فيه رفض وضع اي مهل زمنية او انذارات
لتطبيق خطة انان. في استنتاج اول نتوقف مليا عند موقف
الروسي الرافض للمهل الزمنية لتطبيق
الخطة، لانه يشير ضمنا الى ان النظام
مدعوم من روسيا والصين وهو غير جاد في
تطبيق خطة انان ولا سيما لجهة وقف
النار، ومن هنا مسارعة الروس الى تأمين
شبكة امان للنظام باجهاض المساعي لوضع
مهل زمنية من مجلس الامن. فموسكو تعرف
جيدا ان النظام غير قادر على وقف
النار، ولا هو قادر على الانسحاب جديا
من المدن والقرى والمناطق ذات الثقل
الثوري، علما ان سوريا كلها، باستثناء
مناطق الساحل العلوية الطابع، هي في
حالة ثورة ضاعف القتل المتمادي
والوحشية بكل صنوفها تصميم الشعب على
مواصلتها. و بالعودة الى المهلة التي
جرى الاتفاق بشأنها بين انان ونظام
سوريا، يستوقفنا طول المدة التي
يطلبها النظام لوقف القتل. بمعنى آخر،
انه يطلب رخصة جديدة لمواصلة قتل
السوريين في ظل "شرعية" يمنحها له
قبول المجتمع الدولي بالمهلة. ومن جهة
أخرى، يكون حاول افراغ نتائج "مؤتمر
اصدقاء الشعب السوري بطبعته الثانية
في اسطنبول من زخمه، ولا سيما انه شكل
منطلقا رسميا لولادة معارضة سورية
معترف بها رسميا، وكذلك لانطلاق عملية
دعم الجيش السوري الحر علنا وبمباركة
ضمنية حتى من الدول التي عارضت
كالولايات المتحدة او الاحلاف كبرى
كحلف شمال الاطلسي الذي اعاد امينه
العام تأكيد معارضة تسليح الثورة
السورية، فيما بدأت روسيا الكشف عن
انيابها بإرسال مدمرة حاملة صواريخ،
في ما يبدو انه رد على اعلان دول مجلس
التعاون الخليجي تمويل الجيش الحر
بالرواتب والتسليح. ان الصورة الراهنة حول سوريا تشير الى أن
خطة انان لن تنفذ، وان مجلس الامن
سيبقى معطلا، وان الحرب على الارض
لاسقاط النظام سوف تُخاض تحت دخان
المواقف المعلنة الرافضة تسليح معارضة.
لقد بدأت مرحلة المواجهة الحقيقية. و في الانتظار ستكون خطة كوفي انان
والمهلة الزمنية الجديدة مهلة لمزيد
من القتل تحت انظار مجلس الامن: مهمة
الثورة السورية تغيير موازين القوى
على الارض، هذا هو الاهم ================= راجح الخوري 2012-04-03 النهار لم يكن كافياً ان يدعو "مؤتمر اصدقاء
الشعب السوري" في اسطنبول الى "تحديد
جدول زمني للخطوات المقبلة بما فيها
العودة الى مجلس الامن اذا استمرت
عمليات القتل في سوريا". اولاً لأن
عمليات القتل مستمرة لا بل مزدهرة،
والدليل هو سقوط 71 قتيلاً في يوم
الاجتماع، وثانياً لأن ثلاثاً من
الدول الخمس الكبرى شاركت في المؤتمر
وهي اميركا وفرنسا وبريطانيا، وكان في
وسعها على الاقل اقتراح تلك المهلة
التي تستعجلها معظم الدول التي شاركت
في المؤتمر. وعلى رغم كل ما قيل عن تقدم
في اعمال المؤتمر، الا ان القراءة
المتأنية في خلفياته وقراراته تفيد
انه كان يمشي بين النقاط المتعارضة
ودعا الى الشيء وعكسه. اولاً: لأن تحديد مهلة زمنية للنظام كي
ينفذ مقترحات أنان سيحتاج الى مدة
اضافية تدخل طبعاً في رصيد الحل
العسكري الذي يواصل اجتياح المدن
والاحياء. فمن المعروف ان الاسد وافق
على نقاط أنان الست، لكنه أبدى ملاحظات
عليها وسيصل وفد دولي الى دمشق للبحث
فيها! ثانياً : صحيح ان المؤتمر اعترف بالمجلس
الوطني السوري ممثلاً شرعياً لجميع
السوريين ومحاوراً رئيسياً مع المجتمع
الدولي، لكنه لم يعتبره الممثل"الوحيد"
للشعب السوري، بما يبقي الباب مفتوحاً
ربما لمحاورة النظام عبر مهمة أنان
الذي لم يحضر المؤتمر كي يحتفظ بخطوط
اتصاله مع الاسد. ثالثاً: صحيح ان معظم الذين حضروا المؤتمر
تمسكوا بالموقف الذي يعارض تسليح
المعارضة وقرروا دعمها بالمال واجهزة
الاتصالات، لكنهم ابرزوا تناقضاً في
الموقف عندما اكدوا دعمهم "التدابير
المشروعة التي يقوم بها الشعب السوري
من اجل حماية نفسه"، وهذه التدابير
تتمثل في العمليات العسكرية التي
ينفذها الجيش السوري الحر! رابعاً: كان التناقض صارخاً لا بل مضحكاً
في موقف الجامعة العربية عندما اعلن
نبيل العربي انه يطالب مجلس الأمن
بالتدخل وفق الفصل السابع من ميثاق
الامم المتحدة لوقف حمام الدم في
سوريا، وهذه دعوة صريحة الى التدخل
العسكري الدولي، ثم ختم كلامه بالقول
إن الجامعة العربية تعارض التدخلات
الخارجية في الأزمة السورية ! هذه التناقضات ليست في الواقع إلا نتيجة
تجاذبات سيطرت على كواليس المؤتمر
ومواقف الدول الغربية. فمن المعروف ان
اميركا والدول الاوروبية لا تريد ان
تنزلق سوريا الى حرب اهلية شاملة قد
تجر الى تدخلات خارجية واقليمية تشعل
حريقاً يصعب حصر اضراره، وفي هذا
السياق ثمة مؤشرات متزايدة على اقتراب
روسي وصيني وحتى ايراني من الخلاصة
الاميركية والعربية التي تقول: إن لا
الأسد قادر على الحسم العسكري بعد هذا
الطوفان من القتلى والدماء، ولا
المعارضة قادرة على اسقاطه، ولهذا ليس
هناك من مخرج سوى تعاون اميركا وروسيا
لدفعه الى الخروج من الحكم عبر بوابة
أنان وبمواكبة دولية من مجلس الامن ! ================= الميثاق السياسي: وثيقة
العهد لإخوان سورية نموذجا صلاح الدين الزبير 2012-04-02 القدس العربي تعتبر وثيقة الإخوان المسلمين في سوريا
التي تم الإعلان عنها في 25 آذار/ مارس
2012 نقلة نوعية في مسار الحركة
الإسلامية بما هي آلية حوارية لتوحيد
الصف السياسي للمعارضة السورية
بالخارج وتنسيق جهوده. وهي بلا شك
مبادرة لها إسقاطات وتطمينات على
المواطن السوري بالداخل، كما أنها
كغطاء سياسي توازي مجريات الحل
الميداني الذي انخرطت فيه كتائب الجيش
السوري الحر دفاعا عن المدنيين الذي
استباحتهم الآلة الدموية للنظام
الأسدي. وإذا كانت هناك بعض القراءات التي تعتقد
بأن وثيقة الإخوان هي رسالة للالتواء،
أو مزايدة 'للاحتكار السياسوي' و'الاحتواء
الشعبوي'، أو رسائل مشفرة للدول
الغربية أكثر منها مبادرة للدفع بعجلة
توحيد صفوف المعارضة سياسيا، فإن
الأمر لا يعدو أن يكون إلا حكما
استباقيا ومحاكمة للنوايا أكثر من أنه
قراءة متمهلة ومنح فرصة الإنصات لطرف
سياسي له حضوره في الساحة السياسية
السورية. صحيح أن جزءا مهما من النخبة السياسية
السورية يخشى من عنف الإسلاميين
وإحتكارهم للمشهد السياسي، وإقصائهم
لمن يعارضهم على ضوء ما حدث بالتجربة
الإيرانية والسودانية والأفغانية،
وعلى غرار ما يسوقه الإعلام، ويرى
بأنهم تهديد للحياة السياسية ولقيم
الحرية والديمقراطية، وامتداد
للرجعية التي تهدد بتفجير المجتمع،
غير أن هذه رؤية تجاوزها الدهر ولا
تتجاوب مع تطورات الأحداث الجارية..
لأن الإسلاميين ببساطة رقم مهم في
معادلة التغيير داخل الأنظمة العربية
لا يجب تجاهلهم. ويبقى المشكل المطروح بحدة على رأس
الأولويات لدى هذه النخبة السياسية هي
قضية موقف الإخوان المسلمين من
المسألة الديمقراطية، وتأثير ذلك على
مجموع الحياة الاجتماعية بما لا يفتح
مجالا للرجعية ولا يقيد من أبواب
الحرية. حتى يتسنى لهم خوض غمار أي
تجربة تواثقية مع الإخوان المسلمين
موثوق بها، ولعل هذه المسألة تم
الإجابة عنها في وثيقة العهد السورية
التي طرحها الإخوان. الانخراط في مشروع الميثاق السياسي
كأولولية ملحة للفرقاء السوريين الذين
يمثلون كافة التوجهات السياسية
والطائفية والعقدية يجب أن تكون له
قضية مصيرية واحدة، شقها الأول مرتبط
بخلاص الشعب السوري من حمام الدم الذي
يعيشه اليوم تحت نيران القصف
والتقتيل، ومن محنة الحكم الأحادي
والمستبد الذي لا يعترف بوجود الآخر
إلا من منطوق نظرية 'إما أن أحكمكم أو
أن أقتلكم'. وشقها الثاني مرتبط بإعادة
بناء ما هدمته معركة إسقاط النظام. ويبقى توافق الفرقاء على قضية تحرير
وتطهير البلاد بكافة الوسائل المشروعة
كنقطة أولى، لأنها أصل الداء، وأهم ما
يجب الوقوف عليه، ثم تصفى الأجواء في
أفق صياغة الحل لنقاش القضايا الملحة،
وهي إعادة الإعمار وخلق أليات لانتشال
المدن والقرى التي تضررت جدا من عدوان
النظام البائد، وبحث سبل التحديث،
وفتح أفاق الاستثمار، حتى لا يتم
الوقوع في الفراغ الاقتصادي لبلاد
تضررت بنيتها التحتية بشكل كارثي، ثم
يتم الانتقال لبحث إمكانات التحرر من
التبعية الاقتصادية وتحقيق العدالة
الاجتماعية. لا بد من صيانة حقوق الأقليات كأولوية
والاعتراف بهوياتهم ضمن وحدة البلاد
بما لا يفتح أي مجال للتفرقة أو
المحاصصة الطائفية على غرار ما يحدث
الآن في ليبيا. الميثاق السياسي يقوم على أساس المحاسبة
المتبادلة لأطيافه على ضوء الالتزامات
التي طرحت فيه أمام الشعب، ولمصلحة
الشعب. وهي مسؤولية محاسب عليها، تمثل
رأي الشعب واختياره بعيدا عن اختيارات
نخبوية قد تكون نشازا على المجتمع
السوري. الميثاق السياسي يجيبنا عن السؤال
المحوري لقضايا التحرير وما يتبعها من
إشكالات مرتبطة بإعادة الإعمار
والتنمية وبناء المشروع المجتمعي
السوري المتناسق سياسيا، المتسامح
عقديا، المتنوع طائفيا. وبعيدا عن الحسابات الخاصة والإقصاء
والاستفراد بالقرار؛ ننتقل جميعا كشعب
واحد بكل ثقة وعزم من مرحلة المحاصصة
والأجندات الخاصة، إلى النظر صوب
الأفق الواسع والنقلة البعيدة، ومنها
إلى مرحلة الانخراط في الواقع بكل
إيجابية بسواعد متراصة تريد البناء من
الأساس وعلى أمتن أساس. احترام أطراف الميثاق كفيل بإنجاحه،
ومعالم الاحترام تتضح من بداياته
والصيغ المطروحة لذلك. لما بعد النظام الأسدي نقول: 'لا خلاص للشعب السوري إلا بإشراك كافة
أطيافه بصغيرها وكبيرها كقاعدة عريضة
للزحف نحو الحرية والكرامة والعدالة
الاجتماعية، فكل حديث عن التغيير هذر
بدون قاعدة يتفق عليها السواد الأعظم.
وينهض لإخراجها من حيز الأمل إلى حيز
التطبيق أطياف الميثاق السياسي'. سوريا دولة مسلمة مسألة متفق عليها من
الأصل بحكم التاريخ والحاضر، وهي على
ذلك لا يجب أن تقصي حقوق الأقليات بقدر
ما تحافظ على حقوقهم المنتهكة من قبل
النظام البائد، ولا أن ترفع شعارا
إسلاميا يلخص في أن 'الإسلام هو الحل'،
قد يحسبه باقي الشركاء إقصاء لهم مادام
يسوق اليوم كفزاعة القرن 21. كما لا يجب
اتهام من يزعم أنه مسلم في دينه ما دام
حلف الفضول يجمع العلماني بالإسلامي،
ويوفي المروءة حقها. ميثاق سياسي على ملأ من الناس لا يُتهم
فيه أحد في دينه ولا في فكره، وللشعب
الحكم الفصل. أين توضع وثيقة العهد للإخوان المسلمين
من تحديات الميثاق السياسي؟ وكيف
سيتفاعل معها باقي أطياف المعارضة
السورية بكافة ألوانها وطوائفها؟ ' كاتب وباحث مغربي ================= اعلان مبكر لانتهاء
الازمة السورية رأي القدس 2012-04-02 القدس العربي حدد كوفي عنان مبعوث الامم المتحدة
والجامعة العربية يوم العاشر من الشهر
الحالي، اي بعد اسبوع من الآن تقريبا،
مهلة للنظام السوري لتطبيق النقاط
الست التي وردت في مبادرته لحقن الدماء
ووقف اعمال القتل، وبدء الحوار من اجل
الوصول الى تسوية سياسية سلمية للازمة
السورية، ولكن السيد عنان والمؤسستين
الداعمتين له، لم يحددوا جميعا
الاجراء الذي سيتم اتخاذه في حال فشل
النظام في تطبيق هذه النقاط. السيد عنان يريد من مجلس الامن الدولي دعم
قرار المهلة هذا الذي وافقت عليه سورية
وينسى في الوقت نفسه، وهو الامين
العام، ان هناك عضوين في المجلس هما
روسيا والصين تقفان بقوة في وجه اي
قرار يمكن ان يأتي في غير صالح النظام
السوري. السيد جهاد مقدسي المتحدث باسم الخارجية
السورية قال ان الازمة في سورية انتهت،
وان السلطات الحاكمة قضت على 'الجماعات
الارهابية' وسيطرت على الاوضاع في
مختلف انحاء البلاد، الامر الذي
يذكرنا بتصريحات مماثلة للرئيس
الامريكي السابق جورج بوش الابن، بعد
اكتمال احتلال بلاده للعراق في نيسان (ابريل)
عام 2003، مع الفارق الكبير بين المنصبين
والرجلين والبلدين. تصريحات السيد مقدسي قد تكون سابقة
لاوانها، واذا كان ما قاله دقيقا، فانه
لا حاجة لمبادرة السيد عنان اساسا
وتطبيق نقاطها الست بالتالي، ما هو
مطلوب فقط هو نصب طاولة المفاوضات بين
السلطة والمعارضة التي اعتمدها مؤتمر
اصدقاء سورية في اسطنبول كممثل للشعب
السوري. لا نعتقد ان السيد عنان قد اصاب بتحديد
اسبوع فقط كمهلة لتطبيق مبادرة على هذه
الدرجة من الاهمية والتعقيد، ولا نؤمن
ايضا بان موافقة النظام السوري عليها
تتسم بالجدية، لان الطرفين، اي السيد
عنان والنظام، يبحثان عن مهلة جديدة
لكسب الوقت لا اكثر ولا اقل، كل
لاسبابه، فالسيد عنان يريد ان يطيل من
امد مهمته المتعثرة، والنظام يريد ان
يكمل خطته للقضاء على الانتفاضة. نفهم مهلة السيد عنان لو انه حدد الخطوات
التي يمكن ان يقدم عليها في حال فشل
النظام في تطبيق خطته، وانجاح مهمته
بالتالي، ولكن لم يفصح المسؤول الاممي
مطلقا عن اي اجراءات عقابية ضد النظام
السوري في حال نكوصه عن تعهداته
الجديدة في وقف اطلاق النار. من المرجح ان السيد عنان لا يملك في جعبته
اي اجراءات عقابية، خاصة بعد ان اعلن
اندريس فوغ راسموسن الامين العام لحلف
الاطلسي امس ان حلف الناتو ليس لديه اي
خطط للتدخل عسكريا في سورية مهما كان
الامر. وذهب الى ما هو ابعد من ذلك
عندما اكد معارضته تسليح المعارضة
السورية، محذرا من خطر انتشار الاسلحة
في المنطقة، مشددا على رغبته في رؤية 'حل
سلمي سياسي' للازمة في سورية. فاذا كان حلف الاطلسي الذي حسم الامر في
ليبيا لصالح المعارضة لا يريد التدخل،
والادارة الامريكية تعارض ارسال اي
اسلحة للمعارضة ايضا خشية وقوعها في
ايدي تنظيمات متشددة مثل تنظيم 'القاعدة'،
ومصر اكبر دولة اقليمية عربية تشاطرها
الرأي نفسه، فكيف ستكون مهلة السيد
عنان فاعلة وتحظى بالاحترام من قبل
النظام السوري؟ الانتفاضة السورية يجب ان تطلق على
جمعتها القادمة جمعة الخذلان الدولي
والعربي للمرة الثانية او الثالثة، او
جمعة فشل مهمة كوفي عنان. ================= السرّ الذي كشفه وزير
الخارجية الروسي! الثلاثاء, 03 أبريل 2012 عبدالعزيز التويجري * الحياة لم يلق كلامٌ قاله أخيراً السيد سيرغي
لافروف، وزير الخارجية الروسي حول
الوضع في سورية، ردودَ الفعل التي
تتناسب مع ما انطوى عليه من خطورة
بالغة على المستويين الأمني السياسي
والاستراتيجي الثقافي. فقد قال الوزير
الروسي: «إن الوضع سيكون خطيراً إذا ما
وصل إلى الحكم في سورية قادة من السنّة».
ولعل هذه هي المرة الأولى التي يتحدث
فيها وزير خارجية دولة كبرى بكلام
يعدُّ، بالمقاييس الديبلوماسية،
كلاماً خارج حدود اللياقة والحصافة،
وبالمقاييس الموضوعية، كلاماً مغرضاً
ومتحيزاً لا سند له في الواقع. ذلك أن
التحذير من وصول السنّة إلى الحكم في
سورية، يُوحي بأن الخطر الكبير إنما
يكمن في السنّة تحديداً، ما يعني أن
دول المنطقة كلها، باستثناء إيران
والعراق وسورية، هي دول تشكل خطراً على
الأمن والسلم الدوليين لأنّ حكامها من
السنّة. وفي ذلك تطاولٌ على دول ذات
سيادة كاملة، وعلى مئات الملايين من
المسلمين الذين يشكلون الغالبية
العظمى لمسلمي العالم، الأمر الذي
يتعارض كلياً مع الأعراف
الديبلوماسية، بل يتعارض في المقام
الأول، مع القانون الدولي، ومع ميثاق
الأمم المتحدة. وإذا كان رئيس الديبلوماسية الروسية قد
سقط هذه السقطة التي لا تُغتفر لمثله،
فإنه من جهة أخرى، كشف عن خبايا ظلت
محجوبة، أو لنقل بقيت مغيَّبة ردحاً من
الزمن بفعل فاعل، بينما هي من صميم
السياسة الخارجية – والداخلية أيضاً -
التي تعتمدها الدولة الروسية، ليس
اليوم فقط، وليس في عهد الاتحاد
السوفياتي المنهار فحسب، بل في عهد
الإمبراطورية الروسية التي كانت تعامل
الشعوب الإسلامية في المنطقة، معاملة
الدولة المستعمرة الطامعة في جيرانها
والمحتلة لمناطق مجاورة لها، بدافع من
الكراهية للإسلام لا أقل ولا أكثر. وهي
السياسة التي لا تزال تفرض نفسها على
الاختيارات الروسية منذ القرن السابع
عشر وحتى اليوم، على رغم تغيّر الظروف
والأنظمة والخريطة الجيوسياسية في
الإقليم. إن الكراهية للإسلام في هذا المقام، تعني
الكراهية للسنّة لا للشيعة. ذلك أن
المنطق الذي يحكم السياسة الروسية في
كل المراحل المتعاقبة، هو أن الخطر
يأتي من المسلمين السنّة، ولا يأتي من
المسلمين الشيعة. وهذه مسألة دقيقة قد
لا يتنبَّه اليها المراقبون، خصوصاً
تلك الفئة منهم التي تنظر إلى الأحداث
من خلال رؤية محدودة قاصرة عن استيعاب
كل جوانب الصورة واستبطان الدوافع
التاريخية والعوامل الثقافية
والنوازع الدينية التي تتجمع في الحدث
موضع التصريح أو التعليق أو التحليل. ولذلك كان رئيس الديبلوماسية الروسية،
حين حذر المجتمع الدولي من وصول السنّة
إلى الحكم في سورية، واقعاً تحت تأثير
هذه العناصر الضاغطة والعوامل المؤثرة
في الفكر الروسي الحديث والمعاصر،
والتي لها انعكاسات في القرارات التي
تتخذها الدولة المركزية في موسكو. فمن
أين يأتي الخطر على سورية وعلى دول
الإقليم، كما قال وزير خارجية روسيا،
في حال إذا ما وصل المسلمون السنّة إلى
إسقاط النظام وتولي الحكم؟ فهل لمجرد
أنهم ليسوا شيعة وإنما هم سنّة؟ أم أن
المقصود هو اعتلاء الإخوان المسلمين
سدة الحكم؟ فمن هم الإخوان المسلمون
السوريون إذاً؟ هل هم أجانب ينتمون إلى
شعب آخر غير الشعب السوري؟ أم هل هم «إرهابيون»
يسعون في الأرض خراباً، كما يدّعي
النظام الطائفي، ولذلك وجب الحذر منهم
والحيلولة دون وصولهم إلى حكم سورية؟
أم أن المقصود تحديداً هم السنّة على
الإطلاق، سواء أكانوا من الإخوان أم من
غير الإخوان، وهم غالبية الشعب السوري
كما يعلم الجميع إلا السيد سيرغي
لافروف؟ إن التلويح بخطر المسلمين السنّة في
المسألة السورية، يخدم النظام القمعي
الطائفي الجاثم على صدر الشعب السوري،
كما يخدم في الوقت نفسه، الأهداف
الاستراتيجية لإسرائيل التي تبيَّن
تماماً، أنها تحمي هذا النظام، كما
يخدم هذا التلويح بالخطر المهدد
للمنطقة، المشككين داخل القوى العظمى
الغربية التي لم تحسم أمرها حتى الآن
وتتخذ الموقف المطلوب منها أن تقفه
إزاء ما يجري في سورية من انتفاضة
شعبية عارمة ضد هذا النظام الذي يرتكب
الجرائم البشعة في شكل يومي لا مثيل له
في الأنظمة الديكتاتورية القمعية. إن الشعب السوري بجميع أطيافه السياسية
وطوائفه الدينية، ينتفض منذ أكثر من
سنة، ضد النظام الاستبدادي الذي يلقى
الحماية من إسرائيل ومن روسيا والصين
وإيران وأتباعها في المنطقة. فليست
المسألة إذاً مسألة متعلقة بفئة محددة
أو جماعة معينة، ولكنه الشعب السوري
المنتفض الرافض للظلم وللقهر وللقمع
ولمصادرة الحريات ولاستحواذ فئة
محدودة جداً من المنتفعين، على مقاليد
الحكم والمال ورقاب العباد. فما
الإخوان المسلمون إلا طيف سياسي واحد
وجماعة دينية واحدة، وهم جزء من
المعارضة، وليسوا هم كل المعارضة.
ولذلك فإن مَن سيحكم سورية في المستقبل
القريب، سيكون ممثلاً لمجموع الشعب
السوري، وليس ممثلاً لجماعة موصوفة
وفصيل سياسي واحد. ولعل البيان الذي
أصدره الإخوان المسلمون في سورية
وتعهدوا فيه بإقامة دولة ديموقراطية
مدنية تعددية بعد رحيل نظام القمع
الطائفي، واحترام حقوق الإنسان
والحريات وإقرار دستور مدني يحمي حقوق
الأفراد والجماعات، لعل هذا البيان
جاء ردّاً مفحماً وصادماً لرئيس
الديبلوماسية الروسية. وهو البيان
الذي لقي ترحيباً دولياً واسعاً، مما
أحرج المسؤول الروسي الذي من المؤكد
أنه لا ينطق عن هوى نفسه، وإنما يعبر عن
حقيقة ثابتة من حقائق الياسة التي
تتبعها بلاده عبر الأزمان المتعاقبة.
وهو بذلك كشف عن سر من الأسرار الكامنة
وراء الديبلوماسية الروسية التي خرجت
عن الإجماع الدولي، وتنكرت لمبادئ
حقوق الإنسان ولميثاق الأمم المتحدة،
حين وقفت إلى جانب النظام الطائفي
الاستبدادي في سورية، ورفضت الاعتراف
بالمعارضة السورية والإقرار بحق الشعب
السوري في الحياة الحرة الكريمة. فهل نقول إن الكراهية للمسلمين السنّة،
هي الدافع وراء الموقف الذي تتخذه
موسكو حيال الوضع المأسوي المتفجّر في
سورية؟ وهل يعقل أن تكون هذه الدولة
العظمى تتصرف في المسائل الدولية، تحت
تأثير هذه النزعة المتوارثة من عهد
الإمبراطورية الروسية التي كانت تناصب
الدولة العثمانية العداء السافر؟ وهل
ثمة من علاقة بين الموقف الروسي
والموقف الإيراني والموقف الإسرائيلي
مما يجري في سورية؟ إذا كانت طهران تتصرف بدافع طائفي
بالدرجة الأولى، لدعم النظام القمعي
في دمشق، وكانت إسرائيل تنحاز إلى هذا
النظام لأنه يحمي مصالحها، فإن موسكو
تتصرف هي الأخرى بدافع الكراهية
للإسلام الذي يمثل السنّة فيه
الغالبية العظمى. وذلك هو السر الذي
كشفه وزير خارجية روسيا بقصد أو بغير
قصد. * أكاديمي سعودي ================= حسين شبكشي الشرق الاوسط 3-4-2012 على الرغم من التزايد الواضح والمزعج في
أعداد ضحايا القتل على أيدي جيش
الطاغية الأسدي في سوريا، الذي يسبب
الإحباط والحزن، فإن هناك أسبابا
موضوعية ومهمة تدعو للتفاؤل وإدراك أن
المجتمع الدولي يخطو، ولو ببطء،
باتجاه الخلاص من نظام بشار الأسد
الدموي وزمرته الإجرامية. ولعل النتائج اللافتة التي خرج بها مؤتمر
أصدقاء سوريا الذي أنهى أعماله مؤخرا
في إسطنبول بتركيا، والتي كان أبرزها
الاعتراف الصريح من 83 دولة بأن المجلس
الوطني السوري هو «ممثل شرعي للشعب
السوري»، وبذلك يتم انتزاع الشرعية من
نظام الأسد، وكذلك طلب سقف زمني لتنفيذ
خطة مبادرة كوفي أنان لسوريا، والسماح
بتوصيل مواد إغاثية ووسائل اتصال
متقدمة للجيش السوري الحر وللاجئين
السوريين على الحدود، واستحداث صندوق
مالي ضخم لتمويل رواتب ومصاريف الجيش
السوري الحر، ولجنة من 11 دولة لبحث
التسليح النوعي له. هذه كلها وغيرها من
النقاط الأخرى التي ستتم الإضافة
إليها قريبا جدا عند عقد لقاء مؤتمر
أصدقاء سوريا الثالث، تؤكد أن
المسامير يتواصل دقها الواحد تلو
الآخر في نعش النظام الأسدي الذي لا
يزال، بلا رحمة ولا هوادة، يواصل قصف
مدن بلاده وقراها، وقتل شعبه وتشريده
بشكل أقرب للوحشية منها إلى الحوكمة
المسؤولة، ويؤكد بشكل يومي متواصل أنه
نظام لا مكان له اليوم وسط الأمم
العاقلة والمحترمة، وأن زواله،
وإزالته، هو للخير العام والصالح
العام أيضا. الروس تزداد قناعتهم بأنهم يحاربون رأيا
عاما عالميا، وأنهم بدفاعهم المستميت
عن نظام لا يمكن الدفاع عنه إنما هم
يخسرون من إرثهم ومن رصيدهم السياسي ما
يصعب معه تعويضه مستقبلا، وبالتالي هم
باتوا اليوم على يقين أنهم لن يتمكنوا
من الدفاع عن الأسد بشكل مستمر وأبدي،
وخصوصا في ظل استمراره على النهج
القمعي والدموي الذي هو عليه اليوم. ولكن تبقى المواقف المريبة جدا لبعض
الدول المحيطة بالجوار السوري بشكل أو
بآخر؛ فبينما اختار العالم في معظمه
الالتفاف مع الشعب السوري ودعم حقه في
العيش بكرامة وطلب الحرية والتأمل
بشكل أفضل في العلاقة بين الدولة
والمواطن، تختلف عن علاقة الجلاد
والضحية، أو العبد وسيده، اختارت
إيران والعراق ولبنان الدفاع عن الأسد
وعن نظامه، كل غنى عن هذا الموقف
بطريقته، فالزعيم السياسي الإيراني
علي خامنئي صرح بشكل واضح أنه يقف مع
بشار الأسد ونظامه، ويدعمه كاملا حتى
النهاية، بينما تعجب رئيس الوزراء
العراقي نوري المالكي وسأل: ولماذا
يسقط بشار الأسد؟ وكأن السؤال يبدو
مستحيلا ولا يمكن طرحه أبدا! وما الفرق
بين بشار الأسد وبين صدام حسين ومعمر
القذافي وحسني مبارك وزين العابدين بن
علي وعلي عبد الله صالح؟ وكذلك صرح حسن
نصر الله قائد حركة حزب الله، تلك
الكتلة المؤثرة والمتحكمة في الحكومة
اللبنانية اليوم: إن النظام السوري باق
لأنه انتصر على الفتنة التي خرجت عليه
بسبب المؤامرة الدولية على سوريا. كل هذه المواقف المؤيدة للنظام السوري
إنما تؤيد وتؤكد أن النظام غريب وخارج
الإطار الأخلاقي والشرعي، ولا يؤيدها
إلا من كان يرى أن النظام «محق وعلى حق». الوقت في صالح الشعب السوري وليس في صالح
النظام، فأعداد القتلى في ازدياد،
والشعب السوري خرج من القمقم كالمارد
ولن يعود للوراء دون تحقيق المطالب
كاملة، وهي تغيير النظام ولا شيء سوى
تغيير النظام، نعم هناك من يقف في صف
الأسد ويجهر بتأييده أو يمنع إسقاطه،
ولكن أعداد المؤيدين للخلاص منه في
ازدياد، والحراك العملي الحقيقي
لتمكين الثوار من هذا الإنجاز يزداد
وضوحا وبالتدريج، وهو خط لا عودة عنه،
ليس فقط للثوار السوريين ولكن للشرفاء
حول العالم أجمع. ================= افرضوا عقوبات على نوري
المالكي طارق الحميد الشرق الاوسط 3-4-2012 بعد قرابة ثلاثة أيام من انفضاض القمة
العربية ببغداد، شن نوري المالكي،
رئيس الوزراء العراقي، هجوما، بل قُل
تطاولا، على كل من السعودية وقطر،
اللتين وصفهما ب«هاتان الدولتان»،
وذلك دفاعا عن نظام بشار الأسد البعثي!
المالكي لم يتهجم على السعودية وقطر
فحسب، بل إنه يقول عن نظام الطاغية
الأسد: «لم يسقط، ولن يسقط، ولماذا
يسقط؟». نعم يقول: «لماذا يسقط؟». بعد قرابة عشرة
آلاف قتيل سوري، ومليون محتاج
للمساعدات الإنسانية الفورية، وما
يفوق المائة ألف لاجئ، يقول المالكي،
الذي سبق أن اتهم الأسد بأن نظامه يقف
خلف الإرهاب ببغداد، وهدد باللجوء
لمجلس الأمن بسبب ذلك، يقول المالكي
اليوم عن الأسد: «ولماذا يسقط؟»..
الحقيقة أن ما يفعله المالكي يعتبر
دليلا على ألا أمل بالوثوق بالحكومة
العراقية الحالية، وتحت أي ظرف، وذلك
لعدة أسباب.. فإذا كان المالكي حريصا،
وهذا أمر لا يصدَّق، على سلامة سوريا
والمنطقة ككل، حين يقول، محذرا، إن
محاولة إسقاط الأسد بالقوة ستؤدي إلى «أزمة
تراكمية بالمنطقة»، فالمعلوم أن وصول
حزب المالكي نفسه للحكم في العراق هو
نتاج تدخل قوة خارجية أسقطت صدام حسين،
وهي أميركا، كما أن حكومة المالكي
نفسها بقيت بالحكم نتيجة الضغط
الإيراني، على الرغم من خسارة المالكي
نفسه في الانتخابات وبفارق صوت عن إياد
علاوي، فكيف يخشى الآن على المنطقة من
إسقاط الأسد بالقوة؟ وكيف يهاجم المالكي السعودية وقطر بعد
انتهاء القمة العربية ببغداد، وبعد
حضور ممثلين عن البلدين بتلك القمة،
خصوصا أن مواقفهم كانت سابقة للقمة،
بينما المالكي هو من أعلنت حكومته قبل
القمة في بغداد أنها لا يمكن أن تدافع
عن الأسد؟ فكيف انقلب اليوم، وبعد
قرابة ثلاثة أيام من قمة بغداد، على
السعودية وقطر؟ فهذا بالطبع خداع
واضح، ودليل على وجوب عدم الثقة في
حكومة المالكي، الذي لو تجرأ وهاجم «هاتان
الدولتان» قبل قمة بغداد لكانت الأمور
مختلفة عمَّا سارت عليه. والأمر الآخر
لضرورة عدم الوثوق في حكومة المالكي،
وهو أهم من كل شيء، أن الحكومة
العراقية هي من يقوم بتأمين ممر آمن
للأسلحة الإيرانية إلى نظام الأسد،
وهذا ما ذكره أحد الشهود من المسؤولين
السوريين المنشقين أمام مؤتمر أصدقاء
سوريا بإسطنبول! وعليه، فكيف يمكن الوثوق في حكومة عراقية
تدعي الديمقراطية، وتطارد «سُنة»
العراق بحجة الانتماء للبعث، بينما
تدافع اليوم عن البعث السوري، وتؤمن له
طريق السلاح؟ فما الذي يجمع بين حكومة
بغداد والأسد عدا عن الطائفية للأسف؟ وعليه، فلا بد من فرض عقوبة على المالكي
نفسه، وليس العراق، فلا بد أن يبدأ
الخليجيون بمقاطعة المالكي وحكومته،
وحتى رئاسة العراق للجامعة العربية
ليست بذات قيمة الآن بالشأن السوري؛
لذا فلا بد من معاقبة كل من يقف مع
طاغية دمشق، وأولهم حكومة المالكي. قاطعوه لكي لا تسمحوا بظهور صدام جديد، أو
بشار آخر. ================= محمد الرميحي الشرق الاوسط 3-4-3012 الحيرة التي تنتاب البعض، وأنا منهم، كيف
يستطيع متخذ القرار الإيراني تبرير ما
يحدث في سوريا أمام شعبه من قتل
واستهتار بالأرواح! الإيرانيون، وخاصة
أبناء المدن والمثقفين منهم وقادة
السياسة والرأي، ليسوا بهذه السذاجة
حتى لا تستحضر ذاكرتهم ما حدث قبل نيف
وثلاثين عاما في مدن إيران، ومقارنتها
بما يحدث اليوم في المدن السورية. صحيح
أن التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن الصحيح
أيضا أن الشعوب تعيد تجارب بعضها دون
أن يتعظ أحد. خلال سنة بين يناير (كانون الثاني) عام 1978
ويناير (كانون الثاني) 1979 قتل في
مظاهرات طهران والمدن الإيرانية
الأخرى جراء الاحتجاجات الشعبية على
حكم الشاه ما عدده أكثر قليلا من مائتي
شخص، وقتها - أي قبل ثلاثة عقود - انتفض
العالم ضد تلك الوحشية، وأنا هنا قد
عدت من خلال الإحصاءات شبه الرسمية إلى
من قتل جراء الوحشية العسكرية
الإيرانية، لست معنيا بمن قتل في
المصادمات، ومنها أربعمائة شخص من
الشيعة العرب في عبدان في سينما روكسي
في شهر أغسطس (آب) 1978، حسب قناعاتي، فإن
قتل شخص دون جريرة أو مائة شخص سيان فهو
عمل إجرامي واحد يتساوى في فيه القاتل
مع المجرم. إنما العودة اليوم إلى
الأرقام، فإن نسبة من قتل في سوريا في
العام الماضي إلى من قتل في إيران تبلغ
1 إلى 10 على الأقل، حسب الإحصاءات
المؤكدة التي جاءت بها لجان التحقيق
بعد نجاح الثورة الإيرانية. صحيح أن
الثورة بعد ذلك قتلت في الإعدامات (الرسمية)
الآلاف التي علقت على أعواد المشانق أو
بثلة الإعدام بالرصاص. إلا أن ما أشير
إليه هو أن سجل الرئيس السوري في «حقوق
الإنسان» أكثر سوادا - نسبيا - بمراحل
من سجل محمد رضا شاه، وهو أمر يعرفه
جيدا القابضون على السلطة اليوم في
طهران، ومع ذلك فإن تأييدهم لا يلين
لمثل هذا الاختراق الشائن لحقوق
الإنسان السوري، وقتها اختار الشاه أن
يوقف آلة القتل ويخرج من البلد، في وقت
لم تتطور فيه وسائل الاتصال كمثل يومنا
هذا الذي تصفعنا فيه يوميا جثث القتلى
السوريين ونشاط حفاري القبور التي
تتسع من أجل مزيد من الجثث. المقارنة لا تنتهي هنا، فقد ثارت الشعوب
الإيرانية على بلاد يحكمها حزب واحد هو
راستخير وبالعربية البعث، ولا يرى من
يحكم إيران الآن، غضاضة، أن تحكم سوريا
بحزب واحد راستخيري أيضا أي بعثي، شعب
تعددي يريد الحرية في وقت تمتعت فيه
بها شعوب كثيرة، في الوقت نفسه لا
يتبين للمبعوثين الإيرانيين الذي
يغشون دمشق في الأشهر الأخيرة أن هناك
«هدوءا ساخطا» في المدن السورية، منعه
من السخط الحقيقي والعلني قنابل ورصاص
القوات الموالية للنظام لا غير! هل اختلفت الأقيسة لدى كبار النظام
الإيراني ليروا أن ملكا قد تخلى عن
حكمه لأنه يرغب ألا يقتل المزيد من
شعبه، ويروا في نفس الوقت جمهوريا من
المفروض أنه أتى إلى الحكم من خلال
انتخاب شعبي، تتخلى عنه الكتلة
الشعبية الأكبر، ومع ذلك يريد إخضاعهم
بالنار والحديد والقتل لحكم قد ملوه! المحطة الأخيرة للأماني السورية أن يحصل
الشعب على حرية تتيح له الحديث بما
يعتقده والحكم بمن يختاره، وتأمين
عيشه، وأن يكون له مؤسسات أمنية همها
الأول والأخير الحفاظ على أرواح الشعب
وممتلكاته، لا كل همها تأمين الحاكم
وتكميم أفواه معارضيه، وهي أمان ليست
خارجة عن السياق لا الإقليمي ولا
الدولي، كما أنها ليست بعيدة عن رغبة
الجماهير الإيرانية في تلك الأيام
الخوالي التي خرج فيها الشارع
الإيراني في عامي 1978 و1979 ليطالب بنفس
مطالب السوريين اليوم. المؤسف أن
الظاهر الإيراني اليوم على مسافة
كبيرة من الباطن، فلا هو بمضار الدماء
التي تراق يوميا ويضج لها العالم ما
دام يرى أن النظام القائم يحقق له
تبعية غير مسبوقة ويتيح له الإطلالة
على البحر المتوسط بأقل الأثمان حتى
على حساب نهر من الدماء السورية! الوطن مودات ولقد سقطت المودة بين الحاكم
والمحكوم في سوريا، فتلك الفجوة التي
تتسع يوما بعد يوم، لن يملأها كلام
معسول أو وعود لا تتحقق، لم يبق من
الوطن السوري ما يتيح أو يبيح عقلا
بقاء النظام القائم بعد أكثر من عام من
الذبح والتصفية والملاحقة والتسويف
والكذب. لقد أنهك الاقتصاد السوري
وتفرق معظم الأصدقاء القدماء وتبرأ
الأقربون، وانتشرت قوائم المقاطعة
لشخوص القيادة في سوريا عالميا، كمثل
انتشار اللحود في الأرض السورية
للشهداء، في هذا الجو من الأفضل أن
يفكر الجميع في البديل، فشاه إيران كان
أرحم نسبيا من شاه دمشق الذي ما زال
يختار مشترياته من المخازن الكبرى
وكأن شيئا لم يحدث، لقد حدث أيها الشاه
الجديد ولا مفر من الاعتراف بأن ما حدث
عميق ومهلك ولا عودة بعده إلى ما كان بل
إلى ما سوف يكون! بقي تفسير الموقف
الإيراني، فهو إما هجرة دون رجعة عما
دافع عنه شهداء الثورة الإيرانية في
الأيام الخوالي الذين طالبوا بالحرية،
وبذلك إنتاج نفس النظام الشاهنشاهي في
ثياب جديدة أو هو شيء من الانتهازية
السياسية التي لا يهمها كم من الجثث
تلقى في الشوارع السورية ما دامت
مصالحها مؤمنة، وكلاهما بعد عن ما يتوق
إليه المواطن الإيراني! آخر الكلام: الحديث المتطاير من بعض الإخوة السوريين
في المحطات الفضائية ليس هذا وقته أو
مكانه، فالنقد الموجه للمعارضة يصب في
النهاية - مهما حسنت النيات - في خانة
النظام، خاصة إن كان غير موضوعي.. حلوا
خلافاتكم بعد تحرير الوطن وعلى أرضه لا
في الفضائيات أمام مرأى ومسمع العدو
والصاحب! ================= علي إبراهيم الشرق الاوسط 3-4-2012 لا يختلف موقف موسكو من نتائج مؤتمر
أصدقاء سوريا الذي عقد في إسطنبول،
والمنتقد لنتائجه، عن المواقف السابقة
التي اتخذتها فيما يتعلق بالأزمة
هناك، بما في ذلك عرقلتها، مع الصين،
صدور قرار غربي عربي من مجلس الأمن. لكن الانتقادات غلفت موقفا جديدا، هو
الذي يستحق التوقف أمامه ويحتاج من
النظام السوري قراءته جيدا، وهو دعوة
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف
للرئيس السوري، بشار الأسد، إلى أن
يبادر هو أولا إلى سحب قواته من المدن
السورية، وأن يأخذ هو الخطوة الأولى،
على أن يتبع ذلك وبسرعة سحب المعارضة
قواتها هي أيضا. هذا التطور جاء بعد أسبوع من الدراما
السياسية من جانب النظام في سوريا فهو
قبل مقترحات كوفي أنان، المبعوث
الدولي والعربي، الذي قدم تقريره أمس
إلى مجلس الأمن, ثم عاد وطلب التفاوض
على شروط تنفيذ البنود الستة لخطة
أنان، التي تتضمن سحب القوات من المدن،
معتبرا أن قوات النظام ستنسحب عندما
تهدأ الأمور في هذه المدن ويعود
الاستقرار. ورد المتحدث باسم أنان على
تصريحات النظام بأن الطرف الأقوى هو
الذي يبادر، وأن التنفيذ يجب أن يكون
فوريا. وكان واضحا أن النظام يماطل ومستمر في
سياسته التي انتهجها منذ بداية
الأزمة، وهي إعلان قبول المبادرات،
مثلما حدث مع المبادرة العربية ثم
إجهاضها والتسويف فيها بغرض شراء
الوقت، على أمل إجهاض الثورة والقضاء
عليها بحيث لا يكون هناك ما يمكن
التفاوض حوله. هذه السياسة استهلكت وقتا، لكنها ضاعفت
نزيف الدم والخراب والدمار الذي نراه
حاليا في المدن السورية المنتفضة
المنكوبة، كما أنها أفقدت النظام أي
تعاطف أو مصداقية حتى لدى حلفائه أو
أصدقائه السابقين الذين ملوا هذه
اللعبة التي يتضح أنها لن تؤدي إلى
شيء، سوى توسع نهر الدم. والموقف الروسي الجديد يظهر أن موسكو،
التي تجاوبت مع الخطة العربية ثم خطة
أنان، بدأت تمل من سياسات النظام الذي
يتضح أنه غير قادر على رؤية أي حل سوى
الحل الأمني، ولا يستطيع أن يتصور (لسبب
أو آخر) حلا سياسيا يعرف أن نتيجته
المؤكدة تغيير النظام أو هيكل القيادة
على الأقل في الفترة الانتقالية. هذا الموقف يظهر أن روسيا تتململ من مواقف
النظام، وأنها تشعر بحجم الضغط الذي
تواجهه دوليا وإقليميا، بسبب تقديمها
مظلة لحمايته من الشرعية, وتدرك أنها
لا تستطيع أن تستمر في ذلك طويلا. والسؤال: هل يستوعب النظام النصيحة (ويسحب
قواته أولا) التي جاءت هذه المرة من
حليفه؟ كل الدلائل تؤشر على أن النظام
غير قادر على ذلك، فرهانه كان دائما
على استخدام القوة، وهذه السياسة هي
التي أدت عمليا إلى عسكرة الثورة
السورية، وقبول المجتمع الدولي حق
المعارضة في الدفاع عن نفسه على الرغم
من معارضته ذلك لفترة طويلة، بسبب
المخاوف من الحرب الأهلية. لقد طرحت المعارضة من جانبها؛ سواء عن
طريق بيانات الجيش الحر أو الأطراف
السياسية المعارضة، استعدادها لوقف
القتال إذا توقفت قوات النظام عن قصف
المدن واقتحامها، وبالتالي فإنها من
ناحيتها ليس لديها مشكلة في تنفيذ الشق
الثاني من الطلب الروسي. المشكلة الحقيقية هي في النظام الذي حفر
لنفسه حفرة عميقة لا يستطيع الخروج
منها؛ فبعد الاستخدام المكثف للقوة ضد
ثورة استمرت لشهور طويلة سلمية، يدرك
هذا النظام أن الخروج من المدن يعني
خروج المتظاهرين مجددا بكثافة سلميا،
وقد يحتلون ساحات رئيسية في دمشق
والمدن الكبرى، أي عودة الطابع السلمي
للثورة وإسقاطه، وهو ما حاول جاهدا
منعه بالعسكرة والحديث عن العصابات
المسلحة. مع ذلك، فإن القراءة الصحيحة لنصيحة أو
طلب موسكو بسحب القوات أولا هي إشعار
أي أصوات قلقة أو عاقلة في النظام بأن
عليها التفكير في أن معركتكم خاسرة ولا
تعولوا علينا في الوقوف طويلا معكم،
ففكروا ماذا أنتم فاعلون، بما في ذلك
القفز من السفينة الغارقة! ============================ ثبات الموقف السعودي من
الأزمة السورية 2012-04-02 الوطن السعودية ما قاله وزير الخارجية الأمير سعود
الفيصل في مؤتمر إسطنبول أمس، لم يخرج
عن المواقف الثابتة للمملكة منذ بدء
الانتفاضة السورية في 16 مارس من العام
الماضي. كان الموقف السعودي، وما يزال منحازا إلى
جانب الشعب السوري، وإن اختلفت
التعبيرات التي جسدت هذا الموقف، وهو
واضح فيما أبداه خادم الحرمين
الشريفين أكثر من مرة، من حق الشعب
السوري في تقرير مصيره ونيل حريته
وإرساء الديموقراطية التي غابت عن
المشهد السوري منذ أربعة عقود. الإحساس الذي بدأ يستشعره الثوار
السوريون بعد شهور القتال والمواجهة،
والشعور الذي بدأ يحسه المنتفضون في
شوارع المدن السورية، هو تخلي المجتمع
الدولي عن حركتهم، خاصة بعد الجرائم
البشعة التي ارتكبت في بابا عمرو وحماة
وإدلب وغيرها، مما يدفع المملكة نحو
اتخاذ قرارات حاسمة، تضع حدا لجرائم
الجلاد، وتنقذ ما يمكن إنقاذه من البنى
التحتية السورية، عبر قطع الطريق على
ما يريده النظام، وهو تحويل الثورة إلى
حرب أهلية، من خلال تأجيج المشاعر
الطائفية والمذهبية بين أبناء الشعب
السوري الواحد. في كل المؤتمرات والاجتماعات ذات الصلة
بالأزمة السورية، لم يتغير الموقف
السعودي، وبقي في سياقه الطبيعي،
ولخصه الأمير سعود الفيصل في كلمته
التي ألقاها أمام مؤتمر أصدقاء سورية
في إسطنبول، وهو قائم على معادلة الجمع
بين السعي للتخفيف من المعاناة وتوفير
الحد الأدنى من وسائل الدفاع المشروع
لمن هم هدف لآلة القتل، وأدوات القمع
التي يمارسها النظام السوري. وهي دعوة صريحة من المملكة للعمل في
اتجاهين: الأول حماية المواطنين
السوريين في الداخل والالتفات إلى
اللاجئين الذين غطوا الأراضي الأردنية
واللبنانية والتركية عبر تقديم
المساعدات الإنسانية، وهو غير متوافر
بدون تأمين الممرات الإنسانية،
والثاني العمل على تأمين من تبقى في
الداخل عبر السعي الدولي لحماية
أمنية، وهو ما لن يتحقق إلا عبر
التسليح وتزويد المعارضة المسلحة
المتمثلة بالجيش السوري الحر بوسائل
الاتصال الحديثة التي تمكنها من
التواصل اليومي المستمر، والثالث عبر
الاتفاق الدولي وخاصة في مجلس الأمن
على وضع حد لعمليات القتل المستمرة ضد
الشعب السوري بالوسائل التي يراها
مناسبة، بعد أن تتخلى روسيا والصين عن
حق النقض الذي أطال أمد الأزمة، وأسقط
المزيد من الضحايا. ================= رأي الراية الراية 2-4-2012 أضفت قرارات مؤتمر أصدقاء الشعب السوري
الذي عقد في إسطنبول وشاركت فيه"83"دولة
مزيدًا من العزلة الدولية والضغط على
النظام السوري المستمر في مواجهة
الاحتجاجات الشعبية بالقتل. لقد قدم المؤتمر الدعم الكامل لتطبيق خطة
الموفد الدولي الخاص إلى سوريا كوفي
عنان، مطالبًا بتحديد جدول زمني
لخطواتها المقبلة ومعترفًا بالمجلس
الوطني السوري ممثلاً شرعيًا للسوريين.
وهو ما يعني أن شرعية النظام السوري قد
سقطت دوليًا بعد أن سقطت شعبيًا بصورة
كبيرة وألا مجال أمامه سوى الانصياع
لمطالب الشعب السوري بالحرية
والديمقراطية والتغيير. إن من غير المقبول استمرار سياسة شراء
الوقت والمماطلة والتسويف من قبل
النظام الذي سبق وأعلن عن موافقته على
مبادرة الموفد الدولي المشترك للأمم
المتحدة والجامعة العربية، لكنه ظل
مستمرًا في عمليات القتل والقمع وحصار
المدن وقصفها بالأسلحة الثقيلة. لقد دعا معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل
ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية
في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر أصدقاء
الشعب السوري إلى ضرورة تحديد وقت
وجدول زمني لمهمة كوفي عنان إذ إنه من
غير المقبول أو المعقول أن يستمر
النظام في عمليات القتل في الوقت الذي
يتحدث فيه عن السلام وعن قبوله
بالمبادرة. كما لفت معالي رئيس الوزراء إلى أن "
أساليب النظام السوري في شراء الوقت
يجب ألا تنطلي على أحد، مشددًا على"
أن طول أمد الأزمة السورية ليس في
مصلحة سوريا ولا مصلحة دول المنطقة ولا
المجتمع الدولي". إن الشعب السوري الذي يتعرض للقتل
والتهجير يحتاج من المجتمع الدولي
إجراءات عملية سريعة تمنع النظام من
الاستمرار في خيار العنف والقتل وتسمح
بوصول المساعدات الإنسانية والغذائية
والطبية إلى المدنيين في المدن
والبلدات المنكوبة ففاعلية جهود
الإغاثة الإنسانية للشعب السوري رغم
دعم المجتمع الدولي لها ما تزال معطلة
بسبب سياسات النظام. إن دقة المرحلة الراهنة، والظرف المأساوي
المتفاقم الذي يمر به الشعب السوري يجب
أن تدفع المجتمع الدولي إلى إقامة
مناطق آمنة على الأراضي السورية
وإرسال قوات عربية أممية مشتركة لحفظ
السلام والارتقاء بأساليب الضغط
السياسي والاقتصادي على النظام لحمله
على الانصياع إلى إرادة الشعب السوري
في التطلع إلى الإصلاح والديمقراطية
واحترام حقوق الإنسان. يخطئ النظام كثيرًا إذا استمر بالاستخفاف
بإرادة المجتمع الدولي وتصميمه على
وضع حد لأعمال القتل والعنف المستمرين
في المدن والبلدات السورية، فالإجماع
على دعم مطالب الشعب السوري الذي تحقق
في مؤتمر إسطنبول والاعتراف بالمجلس
الوطني ممثلاً شرعيًا للشعب السوري
يعني بداية النهاية للنظام. ================= يوسف الكويليت الرياض 2-4-2012 لم ينتج مؤتمر
أصدقاء الشعب السوري المنعقد بتونس
إلا مضاعفة أعداد القتلى وتمادي روسيا
في حماية النظام بتسخير قاعدتها
العسكرية ووسائل تجسسها التقنية،
وتدريب وتسليح القتلة، إلا استهتاراً
بالمجتمع الدولي من دولة عضو في مجلس
الأمن، وقد لحقتها الصين بموقف سياسي
كداعم معنوي، وإيران دخلت المعركة
بإرسال عناصر من حرسها الثوري وتوظيف
إمكاناتها أن تأخذ دور الفاعل المباشر
في قتل الشعب السوري، بينما الآخرون
مجرد أصوات بلا صدى.. اجتماع اسطنبول، رغم وجاهة الحضور العربي
والدولي، إلا أن اللهجة عامة باستثناء
موقف المملكة وتركيا ودول الخليج،
وأقل الواجبات المفترض أن يعتمدها
الاجتماع الاعتراف، دولياً، بالمجلس
الوطني، وسحب السفراء، والتضييق
الاقتصادي، وتسليح المعارضة، وهي
مطالب مشروعة أمام عمليات القتل
المستمرة، والمعالجة لا تتم بمنح رخص
للنظام يجد فيها ميوعة للموقف الدولي
تعطيه حق التصرف المطلق، وقضية
التعويل على مشروع عنان لن تكون أكثر
من حوار سياسي قابل للتمطيط
والمماحكات على الطريقة الإيرانية
بحواراتها مع القوى الكبرى حول
مشروعها النووي، وسوريا تجاه مثل هذه
المواقف بارعة بالتسويف والتنصل متى
رأت أن الاتجاه يعاكس أهدافها.. لقد وضع العراق تحت الفصل السابع زمن صدام
بصدور قرار من مجلس الأمن، ويمكن تطبيق
القرار على سوريا بنفس الكيفية،
ويحتاج فقط إلى تصميم يوازن بين حماية
الشعب السوري من سلطته بإرادة دولية
تطبق قراراتها بحزم، وإلا فإن
الاجتماع مجرد شكل سياسي ينتقص قيمة
المواثيق التي تؤكد على وضع آليات
تراعي المبادئ، وإلا لماذا أعد
الاجتماع وتم الحضور بهذه الكثافة
الدولية، إذا كانت النتائج مجرد تمرير
أقوال دبلوماسية لا ترقى للمسؤولية
الأدبية والأخلاقية تجاه شعب يواجه
الموت بسبب مطالب مشروعة.. سوريا ليست بلداً عاش في الظل، بل ظلت
أساساً تقاس عليه معايير الأمن القومي
العربي برمته، وبالتالي إذا كانت بذات
الأهمية، استراتيجياً، فإن تركها
لفوضى نظام بربري وغير إنساني، سوف
يخلق وضعاً أكثر خطورة، لأن عمر
النظام، مهما تمدد أو عاش منته من ذهن
الإنسان السوري والعربي، لأن الدمار
والقتل والتهجير شهادات إدانة، وحافز
يجعل الرد، حتى لوسيط الحكم، خلق بدائل
انتقام جديدة سوف تطال كل الرموز التي
مررت أو تعمدت الجريمة، ومن الوهم أن
عشرات الآلاف من الشهداء وأضعافهم من
السجناء، ومن خربت ونهبت منازلهم
ومحلاتهم، سوف يكتفون ب«عفا الله عما
سلف» لأن طبيعة الحكم ستخلق الثارات
بأساليب مواجهة مختلفة، وهي طبيعة أي
حكم قمعي تجدد المواجهات معه وفق
أساليب مبتكرة.. المجتمع الدولي، لا يهمه عدد القتلى،
وخلاف أعضاء مجلس الأمن أعطت روسيا، ما
بعد الاتحاد السوفيتي، موقع قدم،
وكذلك الصين، لكن الغرب صاحب
الاختبارات الكثيرة في إحراج الدولتين
بتدخلات سابقة، ليس لديه الرغبة أصلاً
بحماية الشعب السوري ووجد في (الفيتو)
ذريعة تتوافق مع الموقف المعارض،
وتعطيه حق التخلي عن أي رد فعل إيجابي،
والضحية، في كل الأحوال الشعب السوري!! ================= أنور بن ماجد عشفي عكاظ 2-4-2012 ليس من شك أن الوضع السوري شديد التعقيد
على الرغم من العنف الذي تمارسه
السلطة، فهناك صعوبات تواجه التدخل
العسكري، أو حتى تسليح المعارضة التي
تنادى بها دول المنطقة. لكن ذلك ليس
بالمستحيل. فالنظام نجح في تأمين عدد من الموالين له،
كما أنه يواصل القمع والمحافظة على
مستوى الصراع عند خط لا يحرك المجتمع
الدولي للتدخل كما حدث في ليبيا.
فالثوار الليبيون تمكنوا من تأمين
قاعدة واضحة لهم في بنغازي. كما كان لهم
هدف واضح، بالإضافة إلى أن ليبيا تقع
على أبواب أوروبا مما سمح للناتو
بالتدخل. ومع كل ذلك فالمعارضة أخذت تتفق على وثيقة
العهد لسورية بعد الأسد، وروسيا ألانت
قليلا من موقفها، مما يدل على أنها
أصبحت في شك من بقاء النظام في سورية،
خصوصا أن النظام وعد وزير الخارجية
الروسي الذي قام بزيارة دمشق منذ
أسابيع أنه قادر على إخماد الثورة
وإنهاء المعارضة خلال أيام بدءا من حمص
لكنه فشل في ذلك. أما في المحيط العربي فإن مؤتمر القمة في
بغداد، وتغير الموقف العراقي والتراجع
الصيني أرغم الأسد على قبول خطة عنان
ونقاطها الست، مع الاعتقاد أن هذا
القبول لا يتجاوز كونه مناورة لكسب
الوقت، خصوصا أن خطة عنان لم تجدول
زمنيا، ففي البند الأول متسع للمناورة
لأنه ينص على الالتزام بالعمل مع
المبعوث الدولي في عملية سياسية
شاملة، أما وقف القتال تحت إشراف الأمم
المتحدة فهذا يعني أن المظاهرات
السلمية سوف تتزايد، وهذا ما لا يرضى
به النظام، أما وصول المساعدات
والإفراج عن المعتقلين وضمان حرية
التنقل فيمكن قبوله من النظام السوري. إن مجرد قبول الأسد بنقاط عنان يمثل ضعفا
للنظام، كما أن إقدامه على زيارة حمص
يمثل مغامرة غير محسوبه. كان يريد
خلالها أن يثبت أن حمص عاصمة الثورة
أصبحت تحت السيطرة، لكنه فوجئ بإطلاق
النار وألغى الزيارة، مما دل ذلك على
أن النظام أصبح في وضع حرج. كما أن التآكل تزايد من قبل عدد الخارجين
من الجيش، ومن الحرس الجمهوري أيضا،
وقد أكدت بعض التقارير الموثقة من
صحيفة التايمز أن هناك مفاوضات سرية
تجري من قبل المعارضة مع أشخاص من داخل
النظام للانضمام إليهم، وقد سجلت
نجاحا حول ذلك، لكن بعض هؤلاء يعوقهم
بقاء أسرهم عرضة للانتقام، لكن من لم
يتمكن من الخروج أخذ يقدم المساعدة
للمعارضة وتسريب المعلومات. لهذا فإن العد التنازلي لسقوط النظام في
سورية أخذت تزداد وتيرته، لكنه لن يكون
خلال أيام. ================= الدور الروسي في دعم
النظام السوري د. عبدالإله محمد جدع الإثنين 02/04/2012 المدينة تتخذ الأزمة السورية التي ألقت بظلالها
الكئيبة منحى خطيراً..، ففي الوقت الذي
ما تزال فيه مجازر النظام السوري
تستشري وتمارس أبشع أنواع القتل
والتعذيب للشعب يتخلى المجتمع الدولي
عن مسؤوليته التي يفترض أن يضطلع بها
في هذا المشهد الأليم .، غير أننا
كمسلمين وعرب لابد أن نستوعب الدروس
التي يلّقنها الغرب في كل حين لنا دون
أن نستفيد منها وما موقفه التخاذلي بل
والداعم للعدو الصهيوني وانتهاكاته
ببعيد..وما هذا على الغرب والشرق بجديد
أو غريب !!فما هو إذن البارق الخطير
الذي يلوح في سماء المنطقة؟! إن
القراءات للمشهد الدرامي المتسارع
تؤكد أن ثمة ما يحاك ضدها فعلى الرغم من
رد الحكومة السورية على خطة المبعوث
المشترك للأمم المتحدة والجامعة
العربية (كوفي عنان) وعزمه دراسة الرد
إلا أن (روسيا) الحليف لنظام سوريا تلقي
بثقلها مجدداً وراء خطة عنان ذات
النقاط الست وتعتمد عليها دون غيرها
تسويفاً ومماطلة..فقد اعتبر الرئيس
الروسي (ديمتري مدفيديف) أن مهمة
المبعوث قد تكون هي الفرصة الأخيرة
لتجنب هذا البلد حرباً أهلية دموية
طويلة ..في الوقت الذي يعبر فيه نائب
وزير خارجيته (غينادي غاتيلوف) عن
ارتياح بلاده لعمل المبعوث والمطالبة
بمنحه الفرصة وسيتم النظر مستقبلا
فيما إذا لزم الأمر لأي فعل إضافي من
قبل مجلس الأمن..، كل ذلك دون وضع سقف
زمني محدد..مما يؤكد مدى التسويف الذي
يمارسه الروس..، فضلاً عن نوايا (بكين)التي
يزمع المبعوث زيارتها ..مما يطيل أمد
المعاناة وقد أثبتت التجارب في
الصراعات السابقة والمستمرة لعنف
واستبداد إسرائيل أن ليس ثمة أمل في
تلك المساعي وأن الغرب متى شاء اتخذ
القرار للتدخل وحسم الأمر كما فعل في
العراق ثم في ليبيا التي التقت فيها
المصالح مع توجهاته !!..أما المؤشر
الآخر في المنحى الخطير الذي تشهده
الأزمة..فهو اللعب من قبل (الروس) على
وتر الحرب الطائفية لتأجيج الصراع فهم
يثيرون الفتنة بالتحذير من أن سقوط
النظام السوري العلوي سوف يهدد بظهور
نظام إسلامي سني في سوريا الأمر الذي
يضر بالفئات الأخرى ومنها العلويون في
الشام والمسيحيون والدروز في لبنان
والمنطقة حولها وهي بمثابة شرارة
يحاول الروس إطلاقها لتأجيج فتنة
طائفية وبالتالي إشعال حرب طويلة في
المنطقة وهي وسيلة ضغط على الدول
العربية المعتدلة التي تريد إنقاذ
الشام من براثن المجازر ..حتى تخشى
المضي قدماً في مساعيها..الأمر الذي
ينذر مجدداً بأن ثمة خطة لبث روح
الفتنة ..ولابد من استدراك المنطقة لما
يحاك في الخفاء ضدها..رغم إعلان الرئيس
(أوباما) ورئيس الوزراء التركي عن
تأييدهما لتقديم مساعدة غير عسكرية
للمعارضة السورية ودعوتهما للانتقال
إلى حكومة شرعية في سوريا وتلك مسوّغات
لإطالة أمد الأزمة ..ويبدو أن جماعة
الإخوان المسلمين قد استشعرت خطورة ما
يحاك فقد أعلنت قبل أيام من اجتماع
أصدقاء سوريا في اسطنبول في وثيقة
سمّتها (عهد وميثاق) تُعدّ بمثابة
مشروعها السياسي لما بعد مرحلة النظام
السوري الحالي ..تعهدت فيها الالتزام
بقيام دولة مدنية تعددية وديمقراطية
مع المساواة بين جميع المواطنين بكل
أطيافهم ومذاهبهم أو تياراتهم الفكرية..وهي
تطمينات محمودة في ظل تأجيج الروس لنار
الفتنة الطائفية.. فهل يريد الروس
الانتقام من المسلمين السنة لقاء
مواقفهم المتعددة السابقة في
أفغانستان والشيشان وغيرهما؟! أم
إيجاد مقعد جديد تريد السياسة الروسية
الجديدة أن تحتله في المجلس العالمي
يحقق لها الدور المفقود الذي خسرته في
الماضي؟..إن الموقف والمؤشرات تقتضي
المزيد من اللحمة الوطنية في شعوبنا
العربية الإسلامية والحذر من أي فتنة
تطال المنطقة يسعى إليها الغرب والشرق
بكل توجهاته الأيديولوجية والسياسية
لإعادة رسم الخريطة خاصة وأن تصريحات
كيسينجر الأخيرة عن الحرب الكبرى قد
جاءت بمثابة تحذير يرعب الشعوب
العربية ويفت من عزمها وتحالفها.. دوحة الشعر... هم العدو فهل نصغي..،فنحذرهم..؟ فالوهم في يدهم..والحقد..والشرر ================= هنري جيه. باركي أستاذ العلاقات الدولية في
جامعة ليهاي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم.
سي. تي. إنترناشيونال" تاريخ النشر: الإثنين 02 أبريل
2012 الاتحاد يزداد الجدل حول ما يتعين عمله بشأن
الأزمة المتفاقمة في سوريا، كما يبدو
التوافق حول كيفية حلها أمراً أكثر
صعوبة. ويدور هذا الجدل حول ما إذا كان
يتعين تسليح المتمردين أم لا؟ فإدارة
أوباما وبعض حلفائها يعارضون هذا
الحل، رغم الأصوات النافذة في المجتمع
الدولي التي هالها ما يحدث من مذابح
يومية. والمشكلة لا تكمن في مزايا تسليح
المعارضة أو الاكتفاء بمساعدتها بطرق
أخرى، وإنما في المقاربة التي يتبعها
المجتمع الدولي. فالاكتفاء بصنع
السياسة بأسلوب تراكمي، وفقاً لتطورات
الأحداث على الأرض، سوف يقود العالم
إلى طريق لن تحمد عقباه. والسؤال الهام لا يتعلق بما يحدث هنا
والآن، وإنما بالاتجاه الذي تمضي إليه
سوريا في الأمد القصير. ورغم أننا قد لا
نعرف الإجابة الدقيقة عن ذلك، فإن غاية
ما يمكننا عمله هو أن نتوقع حدوث أسوأ
السيناريوهات. والمهمة الشاقة التي
تواجهنا هي صياغة سياسات مصممة وفقاً
لما نستطيعه للحيلولة دون تبلور تلك
المحصلات. وهناك محصلتان هما الأرجح حدوثاً خلال
الأشهر الستة القادمة: الأولى أن يضعف
نظام الأسد بازدياد، ويواصل استخدام
العنف لقمع التمرد. وعندما تتنقل قواته
من مدينة لأخرى مواصلةً قتل المدنيين،
فالمتوقع أن يموت عدة آلاف إضافيين من
السوريين، وهو عدد مرشح للزيادة إذا ما
تم تسليح المعارضة. والمحصلة الثانية هي أن يكون نظام الأسد
قد رحل بالفعل خلال الأشهر الستة
القادمة، وحينها سوف تؤدي المرارات
والاستقطابات الطائفية التي أحدثها
إلى حمام دم، وذلك عندما يقوم المسلمون
السنة بالانتقام من كل من وقف إلى جانب
نظام الأسد. وفي حالة الفوضى العارمة
التي ستنشأ عن ذلك، وغياب معارضة
منظمة، فالمتوقع أن تكون الحرب
الطائفية هي سيدة الموقف. قد تكون هناك محصلات أخرى، منها مثلاً
اندلاع نيران صراع إقليمي إذا ما اختار
الأسد، بدافع اليأس، خوض صراع مع
إسرائيل، بيد أن التحدي المطروح الآن
هو أن يتم تصميم سياسات تمنع
السيناريوهات الأكثر سوءاً من التحقق
على أرض الوقع. ما نعرفه حالياً على وجه اليقين، هو أن
النظام السوري يعتقد أنه يحقق
انتصاراً وهو ما لا يعطيه أي حافز
بالتالي للدخول في مفاوضات. ومن
المتوقع أن يتم استخدام مهمة الوساطة
التي يقوم بها عنان لكسب مزيد من الوقت
من قبل النظام السوري. وباستثناء حدوث موجة هجرة ضخمة تقدر
بمئات الآلاف من اللاجئين، يمكن
للنظام الاعتماد على روسيا لإعاقة
مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ أي إجراء
ذي معنى. أما المعارضة السورية فهي
منقسمة وغير منظمة، وليس لديها سوى
سيطرة محدودة على الجماعات المقاتلة. ما نحتاج للقيام به هو أن نظهر لجميع
الأطراف أنه سوف يكون هناك ثمن باهظ
يتمثل في مقتل آلاف الأرواح السورية،
وغير ذلك من تداعيات وخيمة ستترتب على
عدم الامتثال للمطالب الدولية. وفيما
يلي خمسة مقترحات يمكن تقديمها ل"مجموعة
أصدقاء سوريا"، والمكونة من عشرات
الدول الساعية لإيجاد مخرج من الأزمة
الدامية، وللمساعدة على تحقيق هذا
الهدف في المدى المتوسط: المقترح الأول: البدء في حملة إعلامية
كثيفة في مختلف أنحاء العالم، ليس فقط
لإبراز جرائم الأسد ومعاونيه، وإنما
لعزل روسيا والصين والضغط عليهما،
وذلك لاستمرارهما في تأييد الأسد. الثاني: البدء في تعريف الأشخاص
المتورطين في المذابح بالاسم، على أن
يتم حصر قائمة الأسماء تلك في البداية
على كبار المعاونين، لإعطاء الآخرين
فرصة لإعادة تعديل خياراتهم، وإلا
واجهوا عواقب وخيمة. الثالث: البدء في الاستعداد لإجراء
محاكمات للجرائم المرتكبة ضد
الإنسانية في المحكمة الجنائية
الدولية. الرابع: البدء في العمل من أجل تكوين قوات
حفظ سلام عربية تركية عريضة القاعدة
للتدخل في حال ما إذا ما اندلعت حرب
أهلية عقب سقوط النظام، أو لخلق ملاذات
آمنة لحماية المدنيين. الخامس: إعطاء المعارضة حوافز على التوقف
عن المنازعات الداخلية، ولكي تضم
المزيد من الشرائح والمكونات الأخرى
إليها، أي تصبح أكثر إدماجية وتعمل على
حل الخلافات من خلال إتاحة الفرصة
لأطرافها المختلفة. هذه المقترحات قد تنجح وقد لا تنجح، لكن
ما أود التأكيد عليه هو أن المجتمع
الدولي بحاجة لخطة عمل يسير عليها. أما
صنع السياسات بشكل عشوائي وارتجالي
ووفقاً لتطورات الموقف وبطريقة
تراكمية، فلن يوصلنا لشيء. ================= أميركا والمشهد العربي...
دعوة للابتكار هنري كيسنجر وزير الخارجية ومستشار الأمن
القومي الأميركي الأسبق ينشر بترتيب خاص مع خدمة "تريبيون
ميديا سيرفس" تاريخ النشر: الإثنين 02 أبريل
2012 الاتحاد كان للأحداث العربية جوانب عديدة، ليس
أقلها، إعادة تعريف مبادئ السياسة
الخارجية الأميركية التي ظلت سائدة
إلى ما قبل اندلاع أحداثه. وفي الوقت
الذي تنسحب فيه واشنطن من مجهودها
العسكري في العراق وأفغانستان، والذي
تم الاضطلاع به على أساس أهميته للأمن
القومي الأميركي (بصرف النظر عن مدى
الاختلاف والاتفاق مع هذا المبدأ)،
فإنها تعيد في الوقت نفسه الانخراط
مجدداً في شؤون عدة دول أخرى، (وإن على
نحو غير مؤكد) باسم التدخل الإنساني. والسؤال هنا هو: هل ستحل عملية إعادة
البناء الديمقراطي محل مصالح الأمن
القومي كمرجعية أساسية لسياسات أميركا
في الشرق الأوسط؟ وهل إعادة البناء
الديمقراطي هو ما يمثله ما يسمى ب"الربيع
العربي" في الحقيقة؟ وما هو معياره
في ذلك؟ الإجماع السائد والمتزايد على الدوام هو
أن الولايات المتحدة ملتزمة أخلاقياً
بالوقوف لجانب الحركات الثورية في
الشرق الأوسط، كنوع من التعويض عن
سياساتها إبان حقبة الحرب الباردة
التي تعاونت خلالها مع أنظمة غير
ديمقراطية لأغراض أمنية، كما أن
قيامها، كما يُزعم، بدعم حكومات هشة
باسم الاستقرار، ولَّد في النهاية عدم
استقرار طويل الأمد. ما جرى في العالم العربي، يُقدم بشكل عام،
على أنه ثورة إقليمية بقيادة الشباب،
تنتصر للمبادئ الليبرالية
الديمقراطية. مع ذلك، نجد أن ليبيا
مثلاً ليست محكومة بمثل هذه القوى، بل
هي قادرة بالكاد على الاستمرار كدولة.
ولا ينطبق هذا الأمر على مصر أيضاً،
لأن أغلبيتها الانتخابية (التي قد تكون
دائمة) إسلامية في غالبيتها العظمى.
كذلك نجد أن الديمقراطيين لم يتمكنوا
من أن يكونوا العنصر السائد في
المعارضة السورية، علاوة على ذلك ،نجد
أن إجماع الجامعة العربية بشأن سوريا
ليس مصوغاً من قبل الدول التي كانت
تتميز في السابق بممارسة الديمقراطية،
أو الدفاع عنها، وإنما جاء كي يعكس
الصراع المستمر منذ ما يزيد عن ألف عام
بين الشيعة والسُنة، إذ يحاول استرداد
السيطرة السُنية مجدداً من أيدي
الأغلبية الشيعية. وهذا تحديداً هو
السبب الذي يجعل العديد من الأقليات في
العالم العربي مثل الدروز والأكراد
والمسيحيين يشعرون بالقلق بشأن
احتمالات تغيير النظام في سوريا. ما يمكن قوله إن هذا التلاقي لطائفة من
أصحاب المظالم المتنوعة الذين يرفعون
شعارات عامة، لم يتحول بعد إلى محصلة
ديمقراطية، وأنه كلما كان حجم الدمار
الذي يلحق بالنظام القائم هائلاً،
كلما ازدادت صعوبة تأسيس السلطة
المحلية، وكلما ازدادت احتمالات
اللجوء للقوة، وفرض أيديولوجية ذات
صبغة عالمية، وكلما أصبح المجتمع
بالتالي أكثر تشظياً، وتزايدت إغراءات
تعزيز الوحدة من خلال التماشي مع رؤية
هي مزيج من نزعات إسلاموية وقومية،
تستهدف القيم والأهداف الغربية. إن الثورات تقاس بمحطتها النهائية أي
بمآلاتها وليس بأصلها أو منبتها، أي
تقاس بمحصلتها وليس بشعاراتها
ودعواتها. والهموم الإنسانية لا تلغي الحاجة للربط
ما بين المصلحة القومية وبين مفهوم
النظام العالمي. وفيما يتعلق
بالولايات المتحدة، فإن عقيدة التدخل
الإنساني العام في ثورات الشرق الأوسط
سيثبت أنها غير قابلة للاستدامة، ما لم
يتم ربطها بمفهوم الأمن القومي
الأميركي. والتدخل يحتاج إلى النظر في
الأهمية الاستراتيجية، والتماسك
المجتمعي للدولة التي يتم فيها
التدخل، وتقييم ما يمكن بناؤه بشكل
مقنع، كي يحل محل النظام القديم. لقد جفل الرأي العام الأميركي بالفعل
أمام نطاق المجهودات المطلوبة لتحويل
فيتنام، والعراق وأفغانستان. فهل
نعتقد أن أي انخراط أميركي استراتيجي
أقل وضوحاً، ويدعي تنصله عن هدف السعي
لتحقيق مصلحة قومية أميركية، سيجعل من
عملية بناء الأمم أقل تعقيداً مما هي
عليه الآن؟... أم أننا سنلجأ إلى إدعاء
أنه لا شأن لنا بالأمر طالما أن
الآليات التي جاءت بتلك الحكومات كانت
آليات انتخابية؟ وإذا ما كان الأمر
كذلك، فكيف نتجنب مخاطر دعم نوع جديد
من الإطلاقية المقننة، من خلال
استفتاءات مهنْدَسة؟ هذه الموضوعات
وغيرها كانت غائبة لحد كبير من الحوار
الدائر بشأن السياسة الخارجية
الأميركية تجاه تطورات المشهد العربي. وإجابة السؤال المتعلق بما إذا كانت
الأحداث العربية ستؤدي بالفعل لتعزيز
مجال الحريات الشخصية أم أنها ستستبدل
السلطوية الإقطاعية بعهد جديد من
الحكم المطلق القائم على استفتاءات
مهندسة وأغلبيات دائمة ذات قاعدة
طائفية، لن يمكن معرفتها فقط من خلال
التصريحات والبيانات العامة المبدئية
للقوى الثورية. فالقوى السياسية
الأصولية التقليدية، المعززة بتحالف
مع الثوريين الراديكاليين، تهدد
بالهيمنة على العملية برمتها، في حين
تتعرض الشبكة الاجتماعية للعناصر التي
شكلت البداية الثورية، للتهميش. يجب على أميركا أن تشجع الطموحات
الإقليمية للتغير السياسي، ولكن ليس
من الحكمة من جانبها أن تسعى إلى نتيجة
متماثلة في كل دولة، تتم بالوتيرة
ذاتها. أميركا ستخدم قيمها جيداً،
وربما على نحو أكثر نجاعة، من خلال
تقديم المشورة الهادئة، أكثر مما يمكن
أن تخدمها من خلال التصريحات
والبيانات العامة، التي قد تنتج في
النهاية إحساساً بالحصار لمن توجه
لمصلحته تلك التصريحات والبيانات. ولا
يعد هذا تخلياً عن مبدأ تفصيل الموقف
الأميركي على أساس مبدأ "أن لكل دولة
خصوصيتها"، الذي يتم مناغمته مع
العوامل الأخرى ذات العلاقة، بما في
ذلك الأمن القومي، لأن هذا تحديداً هو
ما يمثل جوهر السياسة الخارجية
الخلاقة. لما يزيد عن نصف قرن، كانت السياسة
الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط
تهتدي بعدة أهداف أمنية جوهرية هي:
أولاً الحيلولة دون بروز أي دولة في
الإقليم كقوة مهيمنة، ثانياً، تأمين
التدفق الحر لمصادر الطاقة التي
مازالت ذات أهمية حيوية لتسيير دولاب
الاقتصاد العالمي، ثالثاً، محاولة
التوسط من أجل التوصل لتسوية سلمية
دائمة بين إسرائيل وجيرانها بما في ذلك
التوصل لتسوية مع العرب الفلسطينيين. خلال العقد الماضي برزت إيران باعتبارها
التحدي الرئيسي للأهداف الثلاثة
المذكورة. ويلزم القول هنا إن هذه
المصالح لم تُمح جراء التطورات
العربية الراهنة، وإنما أصبح تحقيقها
أكثر إلحاحاً في الحقيقة عما كان عليه
من قبل. وأي عملية تنتهي بأن تصبح الحكومات
الإقليمية إما ضعيفة أكثر من اللازم،
أو معادية للغرب أكثر مما ينبغي، أثناء
توجهها العملية- لمنح دعم لهذه
المحصلات، وبما يؤدي لأن تتحول
الشراكة مع أميركا إلى أمر غير مرحب
به، يجب أن تثير المخاوف الأميركية
الاستراتيجية، بصرف النظر عن الآليات
الانتخابية التي تأتي بمثل تلك
الحكومات للسلطة. وفي إطار هذه الحدود
العامة، يمكن القول إن السياسة
الأميركية أمامها مجال كبير في
الحقيقة للخلق والإبداع، فيما يتعلق
بتعزيز القيم الإنسانية والديمقراطية. ويجب على الولايات المتحدة أن تكون
مستعدة للتعامل مع الحكومات الإسلامية
ولكنها أيضاً لها الحرية في اتباع مبدأ
معياري من مبادئ السياسة الخارجية
التقليدية، لتكييف موقفها بحيث يكون
على تواز مع مصالحها، ومع أعمال
الحكومة ذات الشأن. في التحليل الأخير، يمكن القول إن المسلك
الذي اتبعته الولايات المتحدة خلال
الانتفاضات العربية كان ناجحاً، من
حيث إنه قد تجنب وضع أميركا كعقبة تقف
حائلاً أمام التحولات العربية. وليس
هذا بالإنجاز البسيط بحل وإنما هو فقط
مكون واحد من مكونات المقاربة الناجحة. في نهاية المطاف سيتم الحكم على السياسة
الأميركية أيضاً من خلال معرفة ما إذا
كان ما سيبرز من الأحداث العربية،
سيؤدي لتحسين مسؤولية الدولة
المُصْلحَة، تجاه النظام العالمي
والمؤسسات الإنسانية. ================= وثيقة" الإخوان
المسلمين" وُضعت برعاية عربية ..
الضمانات موجّهة إلى الأقليات وبديل
للنظام روزانا بومنصف 2012-04-02 النهار اهتمت مراجع سياسية وديبلوماسية عربية
بمعرفة رد الفعل على الوثيقة السياسية
التي اعلنها الاخوان المسلمون في
سوريا وتوجهت بالاسئلة المناسبة الى
سياسيين مسيحيين وغير مسيحيين علما ان
الاستهداف واضح لمعرفة الرأي المسيحي
قبل سواه. فالهدف من هذه الوثيقة هو
توجيه رسائل مطمئنة الى الداخل السوري
والدول المجاورة فضلا عن الغرب بقدر ما
هو عرض للمشروع المستقبلي للاخوان في
سوريا بعد سقوط النظام. ففي ظل البحث
الغربي المستمر عن البديل المناسب قدم
"الاخوان" وثيقة رأى فيها مراقبون
غربيون عوامل مهمة لطمأنتهم مماثلة
لتلك التي يرتاحون اليها لدى "الاخوان
المسلمين" في تونس والتي ادرجت في
الدستور الجديد لتونس بعد الثورة، او
كما هي الحال في تركيا. ويهتم العالم
الغربي بان يرى حكما للاخوان المسلمين
في سوريا اذا فازوا في الانتخابات بعد
سقوط النظام يكون مماثلا للحكم التركي.
وهذا ما فاتحت به مرجعيات سياسية غربية
مرجعيات روحية لبنانية على قاعدة ان
النموذج التركي هو الذي تود ان تراه في
سوريا مستقبلا. وكشف هذا الاهتمام العربي الرسمي وفق
مصادر معنية مدى انخراط بعض الدول
العربية المعنية على نحو مباشر بما
يجري في سوريا من خلال المساعدة في
تقديم اجوبة عن الاسئلة المقلقة التي
تثيرها المرحلة المستقبلية في سوريا.
فالوثيقة جاءت في توقيتها ومضمونها
قبل انعقاد مؤتمر اسطنبول الداعم
للمعارضة السورية من اجل ان تستبق
المواقف وفي ظل حرص غربي واقليمي على
توجيه رسائل مطمئنة الى الاقليات في
سوريا لمساعدتها في رؤية ما تذهب اليه
سوريا والانفكاك عن النظام. ومع ان هذا
الهم اقليمي كبير فانه كان ولا يزال
هما غربيا ايضا في الدرجة الاولى، على
رغم تأكيد مصادر ديبلوماسية غربية ان
اي ضمانات لا يمكن ان يقدمها الغرب لا
الى المسيحيين ولا الى سواهم في سوريا،
ولكن خصوصا الى المسيحيين لان هذه
الضمانات يمكن ان تنقلب ضدهم لجهة
استغلالها الحتمي من النظام السوري في
الدرجة الاولى اذ تقدم اليه ذرائع
لاتهام الغرب بالتدخل ولاحقا قد تكون
الاتهامات ممن يخلفه ربما على قاعدة ان
الغرب يعيد استعمار المنطقة. لذلك فان
الدول المعنية خصوصا الاوروبية منها
حرصت على ان تقوم الدول العربية ذات
الغالبية السنية بتقديمها الضمانات
غير المباشرة الى المسيحيين والدروز
وسواهم، على قاعدة ان مستقبل سوريا لا
يحمل مخاوف على مصيرهم وفق ما يروج
النظام بل هو متاح للجميع على قاعدة
المساواة. ولذلك صيغت وثيقة "الاخوان
المسلمين" بعناية ادهشت كثيرين
وشكلت مفاجأة عامة ولم تحصل من دون
رعاية اقليمية وعربية باعتبار ان
الرعاية الاقليمية والعربية لهذا
الخطاب هي الضمانات التي يمكن ان
تقدمها دول المنطقة ولا تستطيع ان تفعل
اكثر، علما ان بعض الدول المعنية افادت
من جولة البطريرك الماروني بشارة
الراعي الاخيرة من اجل ان تسلط الضوء
على معنى هذه الوثيقة واهميتها من هذه
الزاوية. ولذلك اعتبرت دول عدة الوثيقة
متقدمة جدا ومهمة في مضمونها خصوصا في
توجهها للبنان نتيجة وجود طائفة
مسيحية مؤثرة من موقعها على المسيحيين
في العالم العربي ولمعاناة لبنان
والمسيحيين منهم في شكل خاص من النظام
السوري الذين "دجنهم سياسيا"
وطوعهم لمصلحة الالتحاق به خلال
وصايته على لبنان، مما ادى الى خسارة
موقعهم السياسي المؤثر تاريخيا. لكن
هذه الوثيقة اصابت اهدافا عدة في الوقت
نفسه. فهي من جهة سحبت من يد النظام السوري
اوراقا يخيف بها الاقليات في بلاده من
زاوية ان مشروع "الاخوان المسلمين"
ليس تحويل سوريا الى جمهورية اصولية بل
على النقيض من ذلك. كما سحبت من يده
ورقة الاتهامات بان خصومه مجموعة "ارهابيين"
اصوليين ينوون العودة بسوريا الى
الوراء. فهذه الوثيقة تتقدم في بنودها
على مجموعة الاصلاحات التي قدمها
النظام وينوي تقديمها. فاذا كان من
تنافس سياسي حقيقي وربما انتخابي فان
وثيقة "الاخوان" تتقدم باشواط على
ما قدمه النظام. ويسري سحب مضمون
الوثيقة الذرائع من جهة اخرى على حلفاء
النظام في لبنان. اذ ان السؤال الكبير
لمن يمكن ان يشكك من هؤلاء في مضمون
الوثيقة وصدقية القيمين عليها ان هذا
التشكيك مردود على اصحابه، باعتبار ان
تطوير الحليف الاساسي للنظام السوري
في لبنان اي "حزب الله" خطابه
السياسي ومشروعه القائم والداعي في
الاصل الى اقامة جمهورية اسلامية في
لبنان عاد وتخلى عنه وفقا للتطورات في
لبنان والمنطقة ولا تسمح في المقابل
بالتشكيك بتطور خطاب جماعة الاخوان
المسلمين في سوريا. فكيف يمكن الركون
الى مشروع الحزب الاصلي والاساسي في
هذا الاطار والتغيير الذي ادخله على
هذا المشروع ولا يجوز التعامل بالمثل
مع مشروع متطور ل"الاخوان المسلمين"؟
فهذا الاخير كما ذاك، والتطور الذي
ادخله الحزب على خطابه السياسي
ومشروعه يقدمه حليفه المسيحي كأحد
المبررات للتحالف معه. وهذا الامر
يفترض ان يشجع الاقليات في سوريا على
ان لبنان يقدم نموذجا جانبيا اخر من
ضمن هذا المشهد السياسي ايضا. ================= 3 - أميركا لن تكرِّر في
سوريا تجربتها العراقية سركيس نعوم 2012-04-02 النهار رد الديبلوماسي الاميركي العتيق
والمتقاعد نفسه والباحث حالياً، على
إشاراتي الى قدرة النظام السوري على
التعرض عسكرياً للمناطق الآمنة التي
قد تقيمها تركيا داخل سوريا، قال: "اوافقك
على ذلك. الا انه في وقت ما ستُنشأ
المناطق الآمنة. أما السبب الأساسي
لعدم رغبة اميركا في استعمال القوة ضد
النظام في سوريا فهو عدم وجود معارضة
موحّدة. هناك معارضات غالبيتها تتألف
من شعراء وحالمين ويساريين وتروتسكيين
وديموقراطيين واسلاميين. وليست عند
هؤلاء "اجندة" وطنية معينة. في
العراق حاولنا منذ التسعينات، وكنت
انا ضمن الأفرقاء الذين حاولوا، توحيد
المعارضة العراقية، أو بالأحرى حاولنا
ايجادها وركّبنا الى حد ما معارضة كان
"الجلبي" من أركانها، وتبين بعد
فترة ان عمل اثنتي عشرة سنة قد تبخَّر.
فالمعارضة فرطت وذابت كأنها لم تكن.
أميركا ليست مستعدة لتكرار هذه
التجربة في سوريا". علقت: اسرائيل لا
تحبّذ سقوط نظام الأسد خوفاً من حلول
الاسلاميين مكانه. الحل الأفضل لها اذا
استمر تدهور الأوضاع في سوريا هو حرب
أهلية تستنزف الاسلاميين وتستنزف
الجيش السوري. الأمر الذي ينهي سوريا
الدور القومي اذ ستجد نفسها مضطرة بعد
سنوات من الاقتتال الداخلي الى العمل
لاعادة بناء الدولة والشعب والكيان.
انطلاقاً من ذلك الا تعتقد ان احد
اسباب احجام أميركا عن اللجوء الى
القوة العسكرية لاسقاط نظام الأسد قد
يكون الموقف الاسرائيلي المذكور
اعلاه؟ أجاب: "قد يكون ذلك سبباً غير
مباشر وربما غير رئيسي. لكن السبب
المباشر والرئيسي هو ان اميركا طفح
كيلها من الحرب (Fed
up) واستعمال القوة ومقتل الآلاف
من أبنائها، ومن صرف المليارات بل
التريليونات من الدولارات على الخارج.
خرجنا من العراق عسكرياً. وسنخرج من
افغانستان. ربما نحن مستعدون للتضحية
"شوي" اكثر في افغانستان ولكن ليس
الى مدى طويل. نحن لسنا استعماريين على
نسق فرنسا وبريطانيا. ليست شغلتنا بناء
الدول والمؤسسات. نحن نشترك في حرب
ونخرج عندما تنتهي. في الحرب العالمية
الثانية ابقينا الشعب الاميركي مؤيداً
لاشتراكنا فيها لأننا كنا متأكدين
اننا سنخرج فور انتهائها. في حرب الخليج حصل الشيء نفسه. الرئيس
جورج بوش الأب قال انتصرنا في الحرب
وهزمنا صدام حسين وحرَّرنا الكويت.
ونفَّذنا الى الوراء دُر". ثم سأل:
"ما رأيك في ما يقال عن امكان اسقاط
علويين بشار الاسد وعن عرض هؤلاء
الحوار لاحقاً على الآخرين؟". أجبت:
في رأيي صارت غالبية العلويين
السوريين مع بشار رغم ان قسماً مهماً
منهم قد لا يكونون معه عملياً. والسبب
ان الحرب الدائرة اتخذت منحى مذهبياً
ولأن خسارة بشار ستكون خسارة لهم
جميعاً. أي ان السنَّة في حال انتصارهم
سيمارسون في حق العلويين، وذلك في
رأيهم طبعاً، قمعاً مماثلاً يقولون ان
هؤلاء مارسوه معهم. والسبب الثاني هو
ان اقتراحاً كالذي ذكرت كان يمكن ان
يجد اصداء متجاوبة لو عُرض في الاشهر
الأولى للأزمة التي تعصف بسوريا منذ
نيف وسنة. أما الآن فإن "الغالبية"
الثائرة لن تقبل ان يكون ل"الأقلية"
دور مستقل وخصوصاً في المجالين الأمني
والعسكري وإن من داخل النظام
والمؤسسات. ذلك ان دوراً كهذا قد يبقي
سيطرة الأقلية على البلاد عملياً رغم
التداول النظري للسلطة السياسية. علّق
الديبلوماسي الاميركي العتيق
والمتقاعد نفسه والباحث حالياً: "على
كل كان هناك في ليبيا مجلس وطني
انتقالي ساعدناه نحن. لكن الليبيين
أسسوه. ورغم فوضويته مثل نفسه وشعب
بلاده في العالم. اميركا لم تخترع هذا
المجلس. ولم يكن في اميركا جالية ليبية
واسعة ضاغطة على الادارة. اما السوريون
فلهم جالية واسعة ومهمة في اميركا.
غالبيتها مسيحية. وهي إما مع نظام بشار
الاسد وإما خائفة من الاسلاميين. وهذا
امر يأخذه الاميركيون في الاعتبار
وخصوصاً في سنة انتخابات رئاسية". هل هناك اتصالات
اميركية – سورية، والمقصود هنا مع
النظام السوري؟ سألت. أجاب: "ليس على
حد علمي سفارتنا لا تزال مفتوحة في
دمشق رغم سحب السفير طاقمه منها لاسباب
امنية واضحة. والسفير، وهو روبيرت
فورد، باقٍ في واشنطن. السفارة تعمل،
ربما تُوجِّه بعض الرسائل (Messages) من خلال السفارة. اما اقنية
الاتصال الخلفية فلا أعرف حقيقة اذا
كانت موجودة أو لا". لننتقل الى
موضوع آخر، قلت. هل اسرائيل من الغباء
بحيث تتحدى التحذيرات الاميركية او
تتجاهلها وتوجه ضربة عسكرية الى ايران
النووية؟ بماذا أجاب؟ ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 2-4-2012 في سنوات سابقة ،تعود لفترة ما بعد بدايات
ثمانينات القرن الماضي نشرت صحيفة «الشرق
الأوسط» رسماً «كاريكاتورياً» للفنان
اللبناني المبدع محمود كحيل، الذي رحل
عن هذه الدنيا وهو في ذروة عطائه،
يُظهر فيه الرئيس اللبناني وهو يصافح
ظلّ يد وزير الخارجية الأميركي وهو
يمدها ليصافح الرئيس السوري السابق
حافظ الأسد وكانت وقتها السيطرة
السورية على لبنان ،عسكريا وأمنياً
وسياسياً، مُحكمة وشاملة. كانت الولايات المتحدة تكتفي في تلك
الفترة ،التي امتدت منذ منتصف
ثمانينات القرن الماضي وحتى إخراج
القوات السورية من بيروت بعد اغتيال
رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق
الحريري في عام 2005 وفقاً لقرار مجلس
الأمن الدولي رقم 1559، بإرسال مبعوثيها
إلى دمشق حتى وإن كان الأمر يتعلق
بالدولة اللبنانية فقرار هذا البلد
كان في العاصمة السورية وفي يد حافظ
الأسد وبعد وفاته انتقل إلى يد ابنه
بشار وقد جرت العادة أن يذهب إلى بيروت
بعد كل زيارة من زيارات أحد المسؤولين
الأميركيين إلى العاصمة السورية موظف
سوري إلى بيروت ليبلغ المسؤولين
اللبنانيين ومن بينهم رئيس الجمهورية
ببعض ما يرى الرئيس السوري أن هناك
ضرورة لإبلاغهم به وإطلاعهم عليه. كانت الدولة اللبنانية في تلك الفترة
وبكل ما فيها جزءاً من سورية وكان قرار
لبنان في دمشق وكان الرئيس اللبناني
مجرد موظف من الدرجة الأولى لدى دوائر
المخابرات السورية وكذلك الأمر
بالنسبة لرئيس الوزراء وكل وزرائه بمن
فيهم وزير الخارجية وهذا من المفترض أن
يكشف النقاب عنه وبكل تفاصيله نائب
الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام
،الذي انتهت به الأمور إلى حياة
المنافي في باريس، في مذكراته عن لبنان
التي يقال أنها وصلت إلى الألوف من
الصفحات. الآن دارت الدوائر وانقلبت الأمور وغدا
قرار «دمشق العرب» في طهران وبات
اللاعبون الدوليّون ،المعنيون
بالأوضاع السورية المتفاقمة، يذهبون
إلى إيران للتحاور مع الولي الفقيه
وكبار المسؤولين الإيرانيين هناك
ويذهبون أيضاً إلى موسكو والى بكين مما
يؤكد أن قرار مستقبل هذه الدولة
العربية الفعلي لم يعد في يد رئيسها
بشار الأسد بل في يد إيران وروسيا
والصين وأن من أراد التعاطي الفعلي مع
هذا الأمر فإن عليه الذهاب إلى عواصم
هذه الدول كما فعل المبعوث الدولي
والعربي كوفي أنان وكما فعل رجب طيب
أردوغان. والمستغرب أن كبار المسؤولين السوريين
وفي مقدمتهم الرئيس بشار الأسد نفسه لا
زالوا يُصرون على رفض تدويل الأزمة
السورية المتفاقمة والمستفحلة وكل هذا
رغم ترحيبهم بمهمة أنان واستعدادهم
للتعاون من اجل تطبيقها وإنْ من قبيل
إفراغها من محتواها وجعل نهايتها
كنهاية المبادرة العربية التي أغرقتها
دمشق في التفاصيل المملة وجعلت
نهايتها هذه النهاية المأساوية. لقد اتضح أن إيران لاعب رئيسيٌّ في دمشق
حتى قبل انفجار هذه الأزمة التي تحولت
إلى هذه الثورة المشتعلة في البلاد من
أقصاها إلى أقصاها ففي ثمانينات القرن
الماضي كان السفير الإيراني في
العاصمة السورية محمد حسن أختري ،الذي
كان أيضاً ممثلاً للإمام الخميني
أيضاً، هو الذي «يحكم ويرْسم» وكان هو
صاحب القرارات الصعبة إن بالنسبة
لشؤون المنطقة ومن بينها الشأن
الفلسطيني والشأن اللبناني والشأن
العراقي وإن بالنسبة للقضايا الدولية
المتعلقة بالأوضاع في الشرق الأوسط
ولهذا وعندما يقول مرشد الثورة
الإيرانية السيد علي خامنئي الآن أن
بلاده ستدافع عن النظام السوري فإنه
يقصد أنها ستدافع عن نظامها وعن قرارها
وعن مشروعها الإقليمي وعن مصالحها
الإستراتيجية المتعددة. ================= أنان وراء 'اوسلو' ثانية
في سورية؟ مطاع صفدي 2012-04-01 القدس العربي يفرح أنصار الأسد أن تحرك أنان لا يتضمن
تنحيه أو اعتزاله. وبالتالي فالنظام
قائم ومستمر، وكأن الثورة هبت
كالعاصفة، دمرت وقتلت، ولكنها خمدت
ورحلت. وإهرام الاستبداد/الفساد يغطي
دمشق ويحفظ قمته. هذه الواقعة مسؤول
عنها النظام الدولي. بما يعني أن
افتراقاً في الطبيعة والحقيقة معاً،
سوف يتميز به هذا النظام الدولي عن
آمال الثورة وأهدافها. فهو له برنامجه
الخاص بالنسبة لما يحدث في سورية ، لن
يشكل قادة هذا النظام صفاً واحداً مع
دعاة الثورة وشبابها. وقد ارتكب بعض
هؤلاء خطأ جسيماً عندما اعتقدوا أن
ساسة الغرب أصبحوا رهن إشاراتهم. ليست
غزارة التصريحات المهددة للأسد
والآمرة بتنحيه كافية لأن تنفّذ
الأفعالُ ما تردده الأقوال. إذا كان شعب سورية حسم أمره في معظمه إزاء
النظام، فإنه لم يتقبل خسائره بآلاف
أرواح القتلى والجرحى والمهجرين
والمعاقين، إلا تحت هالة الأمل
بالحرية والكرامة، والثقة الواقعية
بإمكانية النصر؛ وعندما قرر الشباب
السوري مواجهة رصاص المستبدين
الفاسدين بالصدور العارية، لم يكونوا
يتصورون أن يقف أعداء العرب المزمنين
إلى جانب قضية التحرر الوطني من بقايا
الاستعمار الداخلي. كان دخول هؤلاء 'الأغراب'
دفعة واحدة أو متقاربة على شعارات
الثورة وتحركاتها، نذيرَ شؤم لكل من
يتحلى ببصيرة إستراتيجية سليمة. أليس من النقائض السياسية، بل من أعجب
غرائبها أن يصطفّ صانعو الاستبداد
وحماته، وحلفاؤه المزمنون، إلى جانب
أعدائه بين عشية وضحاها. أن يتحول بعضٌ
من معارضيه إلي ثوار لا يرضون بأقل من
إطاحة النظام بكامل قياداته وأجهزته.
ومع ذلك لم يكن أحد متجرئاً على تحويل
شكوكه إلى صدوع في جدار هذا الاصطفاف
الموصوف بالإقليمي أو الدولي، ما عدا
مواقف روسيا والصين التي اعْتبرت شاذة
عن التوافق، ليس الدبلوماسي فقط، بل
الأخلاقي في النادي الكوني. خلال أشهر قليلة من توالي المواجهات
الشارعية مع زبانية الحكم الأسدي،
تكوّن نوع من رأي عام عابر لحدود الأمم
والدول، ومتابع لأحداث تلك المواجهات،
وكان يبدو موحداً وراء هدف إسقاط شخص
الرئيس، كأنما الأمر بات تحصيل حاصل،
وقد عزز مسؤولو الغرب هذا الاعتقاد
بتصريحاتهم اليومية تقريباً، هل كان
هؤلاء مخدوعين بظواهر الحقائق، أو كان
بعضهم متورطاً عن قصد في مسعى تصعيدي
للصراع، من وسائله الضغطُ على أعصاب
السلطة المحاصرة في قصور دمشق، بما
يزيد من خوف رجالها وإرباكهم وصولاً
بهم إلى أشكال من الانهيار الذاتي
والتخلي عن المراكز والنجاة بالنفس،
بدلاً عن الوقوع في المصير المحتوم. هذه الحقبة من تهاويل الإعلام ومبالغات
السياسة، وتضافر المسرحات من كل مشهد
بقصد تحريفه والتلاعب بعناصره وفق
أهواء ناشريها، كادت أن تُخرج الثورةَ
من واقعها الفعلي، وتجعلَها موضعَ
استغلالٍ واستثمار سياسوي من قبل
خلائط من الأطراف، من هم معها ومن هم من
تُجارها وموظفيها، أو حتى من أعدائها،
إلى جانب أشباهٍ من مناصريها. بل يمكن
الاستخلاص من كل هذه العواصف الغبارية
والدموية معاً، أن أعداء الثوار
الأصليين من ساسة الغرب والعرب لم
يتخلوا أبداً عن عدواتهم التقليدية
لأي نصر شعبي. لم يكونوا، كما ادّعوا،
أنهم باحثون عن الحلول الناجعة، كانوا
ضد كل حل حقيقي سلفاً. كان الهدف هو
إضعاف طرفيْ الصراع في وقت واحد. لا
ليقضي أحدهما على الآخر، بل لجعل كل
منهما يعيد تبعيته القديمة لسادة
اللعبة الكبار. وهكذا كان. فقد تسلم
كوفي أنان قيادة السفينة التائهة
للمشكلات الدولية المستعصية، أُنيطت
به، ثانية مهمّة تشكيل نوع القيادة
العالمية الثالثة، ما فوق كل من
قيادتيْ النظام والثورة. لن تتكرر
مأساة العراق بحذافيرها لكن جوهر
اللعبة سيظل عينه. ليس هزيمة النظام أو
الثورة، بل هزيمة سورية كوطن ودولة
وحضارة. المرحلة الراهنة عنوانها استهلاكيٌ خالص
لمجمل الأوضاع العربية، والسياسية
منها على الخصوص، وقد تنسحب على أحوال
الثورات كذلك، وإن كان بعضها لا يزال
مفعماً بآمال التغيير، وليس
بإمكانياته الفعلية. وما يراد لثورة
سورية هي المراوحة في دائرة الاستنزاف
لقواها الشعبية، حتى لا يتبقَّى
لشرائح المعارضة السياسية، العائمة
فوقها، ما تستند إليه من قوى فاعلة على
الأرض. ذلك ما يتأمّله أهلُ النظام
كذلك. فالرهان على اختفاء منطق 'البؤر
المحررة' يعني انتصار آلة القمع قبل
المضيّ نحو غابة الحلول الدبلوماسية.
ما تشبث به عقل النظام منذ البداية، هو
إنكار الحراك الجماهيري من أساسه، حتى
عندما تثبت وجودَه تظاهراتٌ شارعية
هنا أو هناك، فإن القمع يعدمها فورياً.
غير أن كل مخطط استهلاكي لا بد أن يرتدّ
على أصحابه في نهاية جولته. فالقمع
غالباً ما يُبلي أدواته قبل أن يجهز
على موضوعاته نهائياً. ذلك درسٌ تاريخي
عريق. ربما، سوف يُضطر النظامُ إلى وقف حدة
القمع المسلّح، تحت ضغط التسوية
الدولية، وهو الأمر الوحيد في هذه
التسوية، الذي قد تفيد منه الثورةُ
لتعيد جماهيرها إلى الشوارع. لكن في
هذه الحالة ما الضمانة المانعة للنظام
من استئناف الإبادة الدموية. فالحلقة
المفرغة ماثلة للعيان، وسوف يسقط فيها
كل تدبير دبلوماسي مفروض من خارج
الميدان المفتوح بين الشعب وطواغيته.
فقد برهنت كل الصراعات الشعبية
والإقليمية المندلعة في وطن العرب،
ومنذ أن أقيمت سلطة معاهدة كمب ديفيد،
كالحاكمة الأولى بأمرها في استراتيجية
المستقبل الجيوسياسي لكامل القارة
العربية، وعمقها الإسلامي، برهنت
وقائعها، الدموية منها تحديداً، أنها
لا تغلق جروحاً معينة إلا لتفتح ما هو
أعمق منها لتطلق جراثيمها الأشد
تلويثاً وفتكاً بخلايا الحياة العامة
لهذا القطر أو ذاك. الغرب لا يحيد شعرة عن موقعه في المركز
الذي اختاره، كحارس ديمومي لحاكمية
هذه الاستراتيجية. لا يمكنه أن يتقبل
أي حراك لشأن عام في هذه القارة من دون
إذنه. وإذا وقع الحراك فلن يتركه
منتجاً وحيداً لوقائعه. وإذا مزقت بعضُ
هذه الوقائع الشبكاتِ التي تصطادها
أحياناً، عمد الصيادون الأشاوس إلى
تقطيع أوصال التيار الجارف، وتحويله
إلى مستنقعات آسنة بجراثيمها. كان ذلك
هو الغرب الجبار ماقبل براكين الربيع
العربي. فقد اطمأن إلى أن العرب ربما
صدقوا أخيراً أن أفضل ما تُتوّج به
نهضتهُم المغدورة هو الانصياع الطوعي
لسلطان الأمر الواقع. فالاستبداد لم
يكن مجرد نظام حكم فوقي، فردي أو فتوي،
بات أشبه بطريقة تعاملٍ، ناظمةٍ
لفعاليات المؤسسات، والجماعات فيما
بينها. وبالتالي لا يصيب الفسادُ جهازَ
الدولة وحدَه، بل يكاد يعمّ العلاقاتِ
الاعتبارية ما بين الأفراد، يحلّ
مكانَ الأخلاق والقيم المعتادة، أو
أنه يستخدمها أقنعة لصفقاته أو
مناوراته، وخاصة على مستوى المراكز
القيادية أو التوجيهية في المجالات
العامة أو العلاقات البيذاتية ما بين
الأفراد وجماعاتهم. ما يعني أن الدولة
الفاسدة أفسدت مجتمعها معها. لكن تظل
للاستبداد وظيفةُ حمايةِ أصحاب الدولة
الفاسدة هذه، في حين يفقد مجتمع الفساد
حسّ الرقابة على سلوكه بعد أن أفقده
الاستبداد كل قدرة رقابة على مسالك
دولته وأجهزتها. هذه الحالة من الخدر
الشمولي الذي لَفَّ ظواهر الأمور في
معظم أقطار العرب، خدعت العقل الغربي.
كما ضللت الطلائع العربية نفسها كذلك.
فكان أن تشاركا معاً في إطلاق حكم
معرفي، قبل أن يكون معيارياً، أن
النهضة العربية المعاصرة قد اغتالت
وعودها بيدها. تحولت إلى آلة ضخمة
جبارة، رافلة بكل بوارق الحداثة،
لكنها موكولة فقط لإعادة إنتاج
إنحطاطها القروسطي، مُجدَّداً
بألاعيب ثقافة افتراضية تتعامل بأشباه
الأفاهيم والأشياء العظيمة، دون أن
يكون لها أفهوم أو شيء ما. لكن عندما انبثق 'الربيع' من تحت جموديات
الشتاء، لم تجىء الثورة مجرد فُجاءة
لامنطقية، سرعان ما راحت دلالاتها
تنقضّ على عادات الغرب في طقسنة وإصدار
الأحكام المعرفية بموت التاريخ العربي
تحت أنقاض حاضره، المزعوم انبعاثاً
نهضوياً، عن خيلاء أنانية قوموية
فارغة. بعض الفكر الاستراتيجي الغربي يفخر أنه
مُجرَّب عريق في قراءةِ، ليس ما بين
سطور الوقائع فحسب. بل ما لم تكتبه هذه
السطور بعد. لكن أتى مستقبل الثورة
القريب، بل شبه الفوري، بما لا يمكن
لأي تخطيط مسبق أن يعد العدة
لاستقباله، لإدارته ما فوق إرادته. من يستطيع من عباقرة الغرب أن يحدد منذ
الآن مساراتِ الثورة العربية، وإلى
أين ستؤدي نجاحاتها، وحتى إخفاقاتها
إن وقعت. وهذه قصة أخرى لن تخلو كذلك من
المضاعفات والأخطار غير القابلة
للإحباط المسبق بسهولة. لكن إخماد
الثورة حالياً في مركزها 'القومي'
سورية، هو هدف أنطولوجي بالنسبة
لمستقبل العلاقة بين الغرب عامة،
وجنوبه أو شرقه المتوسطي؛ حول هذه
النقطة بالذات ينبغي إعادةُ الفهم
لتناقضات المواقف المسماة عالمية إزاء
التحولات السورية. فقد أمكن للغرب أن
يبتلع هزائمه (الاستراتيجية) مع ثورات
الشمال الأفريقي العربية، لكنه لن
يبقى على هذه الحالة مع انتقال بركان
النار إلى صميم المشرق. من هنا تبرز
حركية (أنان) كوسيلة ثالثة مافوق قمع
النظام وبطولات الثورة. وقد تتسمَّى
هذه الوسيلة بالحل السياسي الذي يكفل
الأمن للجميع؛ لكن مع بقاء كل قوة وراء
متراسها بانتظار الفرصة الجديدة.
مهمةُ هذا الحل الآنية تتلخص في
استعادة الغرب من وراء مصطلحه الأثير:
المجتمع الدولي، الإمساكَ بزمام
المبادرة. حينها، ربما سوف تكون الثورة
هي الخاسر الكبير في غابة الصفقات (الدولية)
الآتية. فهي لم تكتسب بعْدُ مواقعَ
جيوسياسية في ساحات الصراع، بينما لا
يزال النظام قابضاً على ناصية الدولة.
الأمر الذي سيجعل مكتسبات الحل
السياسي تنصبّ في صالحه بالدرجة
الأولى. بينما يرّشح النظام نفسه مرة
أخرى ليكون الأداة الاضطرارية للحفاظ
على خارطة توازن القوى لإقليم المشرق،
كما خططت صورتَها الافتراضية معاهدةُ
كمب ديفيد. ماذا يتبقى للثورة إذن؟ إنه أمل واحد، هو
قدرتها على استئناف النضال الجماهيري،
انطلاقاً من حفاظها على ثروتها
الإنسانية من جماهيريها الشبابية، بما
يمكنها من سيادتها على نفسها، من
تمتعها بحريتها الكاملة التي اكتسبتها
خلال عام البطولات والتضحيات الكبرى.
فما هي ثورة الكرامة والحرية، إن لم
تكن هي أولاً فعلَ الحرية عينها. أما
النظام فسوف يسعى إلى إعادة تبعيته
للآمر الدولي، ولكن عارياً هذه المرة،
ليس من دعاوى 'الممانعة' الزائفة فقط،
بل مجرداً من الشرعيتين القانونية
والوطنية الأخلاقية معاً. ذلك هو
التأسيس الموضوعي في رصيد التغيير
التاريخي الذي اكتسبته سورية الشعب
والوطن. وسوف تنهل منه قواها، كلُّ
متغيرات الغد القريب والبعيد. ' مفكر عربي مقيم في باريس ================= Mon, 02 أبريل 2012 جميل الذيابي الحياة هل من مصلحة أميركا إطالة نزف الدم في
سورية؟ لماذا ظهرت أخيراً وكأنها تريد
ربط المسألة السورية بالملف الإيراني؟!
لماذا الموقف الأميركي لا يتحرك إلى
الأمام منذ أشهر ولا يتعدى الكلام
والطلب «المخفف» من بشار الأسد، لوقف
العنف ومغادرة السلطة؟! هل نجحت روسيا
في «تقزيم» الموقف الأميركي أم ماذا
يحدث؟! خلال المؤتمر الصحافي المشترك لوزيرة
الخارجية الأميركية السيدة هيلاري
كلينتون مع وزير الخارجية السعودي على
هامش الاجتماع الوزاري الأول لمنتدى
التعاون الاستراتيجي بين دول مجلس
التعاون الخليجي والولايات المتحدة
الذي عُقد في الرياض (السبت) الماضي،
حاولتُ جيداً كغيري فهم الموقف
الأميركي من الثورة السورية، لكن
السيدة كلينتون أفسدت تلك المحاولة،
إذ ظهرت بلغة فضفاضة وتعابير
ديبلوماسية مراوغة تصل إلى القفز على
الواقع «الدموي» اليومي. راوغتْ
كلينتون عند الإجابات عن أسئلة
الصحافيين الموجِّهة إليها عن موقف
بلادها من تسليح المعارضة، وكأنها
تسير على حقول ألغام ولا تفضل الإفصاح
عن خطة العمل المقبلة، للضغط على نظام
دموي يقتل شعبه على مرأى ومسمع من
العالم أجمع. ذهبت خلال المؤتمر
بالإجابات نحو الموقف من إيران وخطورة
برنامجها النووي وتدخلها في شؤون
جيرانها وتقويضها للأمن الإقليمي
والدولي، وكأنه تبعث رسالة توضح أن
الملف الإيراني هو الأولوية الراهنة
لدى بلادها قبل الاتفاق على الخطوات
اللازمة لمساندة الثورة السورية ووقف
سفك دماء الأبرياء. أوضحت دول الخليج لواشنطن أن الحل الأسرع
لانتهاء معاناة الإنسان السوري وحماية
المدنيين من جرائم نظام الأسد القبول
بفكرة تسليح المعارضة ودعمها، فيأتي
الرد مراوغاً وكأن «الأذن صماء والعين
عمياء» وإيران أولاً ومعاناة السوريين
ثانياً. كان المتوقع أن تعمل واشنطن
جاهدةً على تغيير الموقف الروسي
ديبلوماسياً، لكن ما بدا في اجتماع
الرياض أن الذي تغير هو الموقف
الأميركي، إذ لا يزال موقف البيت
الأبيض من الثورة السورية تشوبه
ضبابية، ولا يميل إلى مصلحة المعارضة
مطلقاً. في اجتماع الرياض بدلاً من أن تخرج الدول
الخليجية بمؤازرة أميركية واضحة للشعب
السوري نحو إنقاذه من قبضة «شبِّيحة»
النظام القاتلة، أعلن تشكيل لجنة
أمنية مشتركة مع واشنطن لدرس بناء
منظومة درع صاروخية لحماية دول
المنطقة، في رسالة لإيران لمنع
تدخلاتها في شؤون دول المجلس واليمن
وبعض دول المنطقة، فيما لم يعلن أي جهد
أو خطة لمساعدة السوريين، وأحيل الأمر
على مؤتمر إسطنبول. يعتقد البعض بأن لدى واشنطن خطة لا تريد
الإفصاح عنها، حتى لا تعترض عليها
روسيا مبكراً، لكن ما يبدو حقيقة أن
أميركا سائح يحمل شيكات «ضغط»، بحثاً
عن مصالحه فقط. ما حدث في الرياض أن
واشنطن ربطت بين الملفين الإيراني
والسوري، ومنحت الأولوية للموضوع
الإيراني، عبر مهمة إنشاء منظومة درع
صاروخية بالستية في الخليج. مؤشرات أولوية الملف الإيراني لدى البيت
الأبيض في المرحلة الراهنة تتضح من
خلال تصريح كلينتون بأن «التزام
الولايات المتحدة تجاه شعوب ودول
الخليج قوي كالصخرة لا يهتز»، محذرةً
من أن «نافذة الفرصة لحل سلمي مع إيران
لن تبقى مفتوحة للأبد». الأكيد أن الشعوب العربية لم تعد تريد
سماع توصيفات يومية للماسأة السورية
بقدر ما تتعطش لرؤية نظام الأسد يتهاوى
وتتساقط رموزه وثورة تنتصر. الشعب
السوري الثائر لا يعوّل كثيراً على أي
موقف عربي وربما دولي مثلما يعوّل على
المواقف الخليجية الواضحة منذ
البداية، طالما أن القرارات الدولية
لم تنصفه، بل ظلت تنصف الجلاّد وتغتال
الضحية، ولا سيما أن عامل الزمن لا
يصبُّ في مصلحة الشعب السوري، وهو ما
يحتم على المعارضة سرعة تجاوز
الخلافات الضيقة، لأن لعبة المصالح
تحضر في المسألة السورية إلى جانب صراع
الدببة الكبار على النفوذ في المنطقة. حقيقة الأمر أن الموقف الأميركي من
الثورة السورية متخاذل حتى الآن ولا
يتجاوز أكثر من الكلام الذي تقول أكبرَ
منه دولٌ صغيرة وأخرى هامشية، وطالما
أن المؤشرات تميل إلى أن واشنطن لا ترى
تسليح المعارضة قبل أن تتوحد مواقفها
وتتعزز قوتها وقيادتها، يتحتم على
الدول الخليجية حض الدول العربية
والإسلامية المهتمة اتخاذ موقف تاريخي
ينتصر للإنسان السوري بالتزامن مع سلك
طرقات ديبلوماسية جديدة تتجاوز بطء
الموقف الأميركي والدعم الروسي لنظام
بشار، ولتكن دول الخليج «عراب» هذا
العمل الذي ينبغي أن تتطابق فيه
الأقوال والأفعال وألا تتضعضع مواقف
دول الخليج النشطة التي وُفِّقت منذ
البداية في طرد سفراء النظام السوري
وإغلاق سفاراته أو إعادة سفرائها مع
الخروج بخطاب صلب متماسك تردد صداه في
أوساط المتظاهرين وأربكَ زوايا القصر
الجمهوري، وعبَّد الطريق لأصدقاء
سورية في إسطنبول الاعتراف بالمجلس
الوطني ممثلاً للشعب السوري. ================= الدين لله والوطن
للجميع.. عن «وثيقة إخوان سوريا» أكرم البني الشرق الاوسط 2-4-2012 لاقت وثيقة «عهد وميثاق» التي أعلنتها
جماعة الإخوان المسلمين السوريين
ارتياحا كبيرا في مختلف الأوساط بعد أن
حسمت خيار الجماعة بمجتمع المواطنة
وبدولة مدنية يتساوى فيها الجميع
رجالا ونساء وعلى اختلاف أعراقهم
ودياناتهم ومذاهبهم واتجاهاتهم،
قاطعة التأويلات المشككة حول مستقبل
الأقليات، وداعية لإرساء علاقة وطنية
معاصرة وآمنة بين مكونات المجتمع
السوري من دون تمييز أو تفريق،
والالتزام بمبادئ حقوق الإنسان
وبدستور يضمن الحريات ويكرس دولة
ديمقراطية تعددية تداولية يسودها
القانون، لا مكان فيها للأحقاد والعنف
والانتقام. وما يعطي هذه الوثيقة أهمية متميزة وقيمة
خاصة: أولا: أنها جاءت استكمالا لمراجعات نقدية
عديدة، فكرية وسياسية، أجراها الإخوان
المسلمون خلال السنوات العشر الأخيرة،
بدأت بموجز المشروع السياسي لسوريا
المستقبل، ثم ما يعزز مصداقية هذه
الوثيقة أنها أعلنت في أجواء ثورات
شعبية لها وجه إسلامي واضح، يشجع عادة
جماعات الإسلام السياسي على الاستئثار
والاستفراد، ناهيكم عن أنها تعلن في
مناخ يميل نحو الاعتدال الديني ويخلص
يوما بعد يوم إلى تحديد سمات تيار
الإسلام السياسي القابل للحياة، على
قاعدة فشل الأساليب العنيفة في تحقيق
نتائج ملموسة لتعديل توازنات القوى
وعجز مشروع الدولة الإسلامية عن قيادة
المجتمعات وتلبية احتياجاتها
الحديثة، وتكفي هنا المقارنة بين
الأزمات المتراكمة التي وصلت إليها
إيران والسودان والصومال وغزة وغيرها،
وبين نجاح الخيار الإسلامي التركي في
قيادة دولة علمانية، وهو الخيار الذي
بدأ يحفر عميقا في وجدان المسلمين
ويغذي نمو تيارات على صورته ومثاله. ثانيا: كونها وثيقة خالية من أي التباسات
أو اجتزاء للمسألة الديمقراطية كنظام
حكم، من دون أي محاولة لخلق مقارنة
وتعارض بينها وبين الشورى مثلا، بخلاف
ما عرف عند تيارات إسلامية دأبت على
الاستقواء باجتهادات خاصة في تفسير «وأمرهم
شورى بينهم» للالتفاف على بعض
الاستحقاقات الديمقراطية، والأهم
أنها تجاوزت الدستور السوري وأظهرت
الاستعداد لقبول من يحتل موقع مسؤولية
حتى في أعلى الهرم السلطوي، أيا كان
جنسه أو دينه. ثالثا: من التجربة العيانية السورية يجب
الاعتراف بأن الإخوان السوريين يملكون
بالمقارنة مع غيرهم ماضيا ديمقراطيا،
فخلال الفترتين الديمقراطيتين
القصيرتين الوحيدتين اللتين عرفتهما
سوريا - ما قبل الوحدة مع مصر أعوام 1954 -
1958، ثم أقل من عامين تليا الانفصال 1961 -
1963 - شاركت هذه الجماعة في العملية
الديمقراطية والانتخابات النيابية
واحترمت نتائجها وكان لها عدد من
المندوبين في البرلمان السوري. رابعا: يفترض أن نأخذ في الاعتبار أن
غالبية قادة الإخوان المسلمين
وكوادرهم عاشت في المنافي، ويرجح أن
احتكاكهم لسنوات طويلة بالثقافة
والحضارة الأوروبية ترك بصمات مهمة
على أفكارهم ومواقفهم وحساباتهم،
ونضيف في هذا الإسهاب أثر تجربة السجون
ودورها في تعريف العديد من كوادر
الإخوان المسلمين على الآخر المختلف،
مما أدى إلى تغير سلوك الكثيرين منهم،
طبعا الذين بقوا على قيد الحياة ولم
تطلهم عقوبة الإعدام، وانتقلوا من
عدوانية لافتة وعناد في تطبيق تقاليد
الحياة الإسلامية على الجميع، إلى
اقتناع أو تفهم لحقوق الآخر وخصوصيته.
وأبعد من ذلك لعبت تجربة عيشهم المشترك
مع سجناء من تيارات سياسية أخرى دورها
في تشجيعهم على المراجعة وانتقاد
الماضي وبناء ثقة بطرائق الحوار
والعمل السلمي، ولا شك في أن غياب
الحياة الديمقراطية بصفتها المناخ
الصحيح لتعريف الأحزاب السياسية بعضها
ببعض وتشذيب اندفاعاتها المرضية
وسلوكها، هو ما أعطى تجربة السجن هذا
الدور وتلك القيمة! وعلى الرغم مما سبق، فثمة من لا يزال يشكك
بنيات هذه الجماعة ويعتبر أنها تضمر
غير ما تظهر، ويتخوف من أن يفضي منحها
الثقة لتهديد مشروع التغيير
الديمقراطي برمته، مذكرا مرة بتاريخها
الزاخر بعصبيتها الآيديولوجية
الدينية وبأساليبها الإقصائية
والعنفية، ومرة بضعف قواعد الحياة
الديمقراطية في بنيتها التنظيمية، في
إشارة للقيمة الكبيرة وربما المقدسة
التي يحتلها قسم الطاعة والولاء
المفترض أن يؤديه كل منتسب إلى صفوفها،
ويذكر مرة ثالثة باسم هذا التنظيم ذي
المدلول الطائفي ومرجعيته
الآيديولوجية التي تجعله ساحة خصبة
لنمو اجتهادات أو ظهور اندفاعات تهدد
خياره الديمقراطي وتنتصر للعقلية
القديمة وطرائقها، ومرة أخيرة بغموض
موقفها وعدم جرأتها في لفظ عبارة «فصل
الدين عن الدولة»، ثم عدم الوضوح حول
دور الإسلام في التشريع وحدود تدخله في
الحياة الاجتماعية والمدنية. لكنها طعنة توجه للديمقراطية حين يستمر
البعض في تقويم هذه الجماعة بدلالة
خيارها الآيديولوجي أو استنادا فقط
إلى ماضيها العنفي وممارساتها
الإقصائية، أو حين لا يتمعن جيدا في
مراجعاتها النقدية المتكررة وفي ما نص
عليه عهدها وميثاقها، بصفته تحولا
نوعيا طال فكريا وسياسيا معظم مستويات
عملها، أهدافا وآليات ووسائل، فلا أحد
يملك الحق في تقرير أهلية الآخرين
لتقبل الديمقراطية، ولا اشتراطات
لضمان صحة الحياة الديمقراطية وعافية
دعاتها سوى إشهار الإيمان بها
والتأكيد على الالتزام بقواعدها
وقوانينها. في العديد من الحوارات يذكر الناس بعضهم
بعضا بمحطات كان للمسلمين فيها دورهم
الواضح في حماية أصحاب الديانات
والمذاهب الأخرى، وفي حماية دور
العبادة، وفي الدفاع عن حقهم في إقامة
صلواتهم وشعائرهم وإلجام بعض الغوغاء
من الإساءة لهم، وفي احترام وصول الآخر
المختلف إلى موقع أو منصب كبير، كل هذه
القصص عن التعايش بين الديانات
والمذاهب مهمة وذات دلالة، لكن
المطلوب صار اليوم أبعد من ذلك بكثير،
المطلوب أن يتباهى الجميع ليس بقدرة أي
طرف على حماية ورعاية الآخر المختلف،
بل بحماسته لبناء دولة تضمن المساواة
والحماية الحقوقية والقانونية للجميع
من دون تمييز، والتباهي بدور كل طرف في
الدفاع عن المواطن المتساوي من دون
النظر إلى جنسه أو مذهبه أو دينه أو
قوميته. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 2-4-2012 نستطيع القول اليوم بأن لحظة الجد والعمل
دوليا قد انطلقت من إسطنبول في اتجاه
إنهاء مرحلة سيئة من مراحل منطقتنا،
وتحديدا نظام بشار الأسد، فمؤتمر
أصدقاء سوريا بالأمس مثل نقطة انطلاقة
للرد على جرائم الأسد وقواته، كما مثل
رسالة واضحة، وهي أن رحيل الأسد حتمي. بالأمس أسقط مؤتمر إسطنبول، الممثل
بثمانين دولة، الشرعية كاملة عن نظام
الأسد حين اعترف بالمجلس الوطني ممثلا
وحيدا عن الشعب السوري، وبادر المجلس
فورا للتعهد بتقديم رواتب مالية للجيش
الحر، مما يعني ضمنيا أن الدعم المالي
قد تحقق. والأمر الآخر المهم أيضا أن
مؤتمر أصدقاء سوريا قد طالب بتحديد سقف
زمني لمهمة السيد كوفي أنان، أي أنها
لن تكون مفلوتة بلا زمن، وهذه بحد
ذاتها صفعة حقيقية للنظام الأسدي الذي
تبجح بالقول إنه لا قيمة لمهمة أنان،
وبأن النظام قد حقق النصر ميدانيا، كما
قال شبيحة النظام الأسدي، سواء حسن نصر
الله في لبنان أو المتحدث باسم خارجية
النظام جهاد المقدسي. وبالأمس سمعنا
هيلاري كلينتون تقول إنه على الأسد أن
يتنحى، وسمعنا السيد رجب طيب أردوغان
يقول إن تركيا لن تقبل بأي خطة تؤدي إلى
بقاء الأسد في الحكم، وأهمية حديث رئيس
الوزراء التركي تحديدا، تكمن في أنه لم
يقلها علنا وحسب، بل قالها في طهران،
ولم يسمع من الإيرانيين تهديدا، بل كان
الرد الإيراني: «حسنا.. ومن بديل الأسد؟»،
مما يعني أن طهران باتت تعي جيدا أن
الأسد قد انتهى. وبالطبع فإن هذه كلها رسائل مهمة سيفهمها
من هم حول بشار الأسد أكثر من الأسد
نفسه، الذي بات من الواضح أنه مفصول عن
الواقع. ومعلوماتي الخاصة تشير إلى أنه
اليوم سيصار إلى تفعيل فكرة مجموعة
العمل الخاصة بمتابعة الشأن السوري،
وهي المجموعة التي كانت مقررة في مؤتمر
أصدقاء سوريا بتونس، وكتبت عنها في
حينها، مما يعني أنه ستكون هناك غرفة
عمليات خاصة، وهذا يعني أن التحركات
المقبلة ستكون محددة وواضحة، بل فعالة
جدا، ويفترض أن تصب في خدمة الثوار على
الأرض، وبكل الأشكال، فعندما تقول
أميركا إنها ستدعم الثوار بالاتصالات،
وليس الأسلحة، فالاتصالات مهمة بأهمية
الأسلحة، بل هي عنصر قاتل ضد النظام
الأسدي الذي يستعين بأجهزة إيرانية
تحد من اتصالات الثوار، وتحركاتهم. الأمر الآخر، سيكون هناك تحرك فوري من قبل
تلك المجموعة المحددة للتواصل مع كل من
الصين وروسيا، وهذا أمر مهم، أيا كان
الموقف من موسكو، كما سيصار إلى تشكيل
ما يشبه الصندوق لدعم السوريين، وكل
يدعم بما يراه مناسبا، مما يعني أن
الباب قد فتح للدعم «المؤثر». ولذا فإنه يمكن القول إن مؤتمر إسطنبول قد
نجح، ومثل صفعة حقيقية لتبجحات النظام
الأسدي الأخيرة، كما يعني أن لحظة
العمل الجاد قد انطلقت من إسطنبول،
ليتخلص السوريون، والمنطقة، من هذا
النظام الإجرامي. وعليه فنحن في انتظار التحركات الملموسة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |