ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
إيقاف مجازر الأسد: "كذبة"
أبريل 2012-04-08 الوطن السعودية قد يكون المبعوث الأممي والعربي لحل
الأزمة السورية السيد كوفي عنان، غفل
عن حقيقة أن العالم يعيش هذه الأيام في
شهر أبريل، حينما قال إنه تلقى من نظام
الأسد ما يفيد بدء انسحاب القوات
السورية من المدن، متناسين وعود
النظام التي لم يف بها منذ بداية
الأحداث حتى الآن، والسؤال هنا: هل
يمكن أن يأمر الأسد بسحب قواته من
مدينة أو ريف وهي لا تزال تشكل خطرا
عليه؟! الواقع يقول: لا.. وحي باب عمرو
خير دليل. السوريون استيقظوا أمس على ذات المشهد
الذي ساد ويسود مدن وأرياف بلدهم منذ
أكثر من عام بل وأكثر من ذلك فمجزرة
الأمس أوقعت أكثر من 100 قتيل، القوات
السورية لا تزال تقصف الأحياء وتقتل
المدنيين بلا هوادة، فالرستن محاصرة
وحمص تتعرض للقصف بواسطة الطيران
الحربي، وحماه دخلت على الخط، وكل ذلك
يعني أن الأمورلا تزال في المربع
الأول، وأن كل حديث عن انسحاب أو ما
شابه هو عبارة عن "كذبة" تكشف
زيفها الحقائق على الأرض وليست مجرد
ادعاءات إعلامية، وإن كانت حقيقة فهي
لا تعدو كونها انسحاب تكتيكي من بعض
القرى والأرياف التي بسط النظام
سيطرته عليها بالكامل، ودفع بقواته
الأمنية وشبيحته على أرضها. يسود اعتقاد في أوساط المراقبين أن
التحركات التي يقودها عنان لحل الأزمة
السورية، لن تثمر حلا ولن تأتي بما لم
يستطع أن يأتي به الأوائل، حتى وإن
أوهم نظام الأسد المجتمع الدولي
بالتزامه بنقطة أو اثنتين من بنود خطة
المبعوث الأممي، فحالة فقدان الثقة
ليست وليدة اليوم بل تعود لعام كامل من
المناورات والمراوغات السياسية التي
يمارسها الأسد ونظامه مع كل خطة حل
تطرح لإنهاء الأزمة. يبدو أن المجتمع الدولي استمرأ إعطاء "المهل"
كما استمرأ نظام الأسد "القتل"،
غير أن هناك يومين تفصلان عن انتهاء
مهلة مجلس الأمن لتقييم مدى التزام
الحكومة السورية فاقدة الشرعية ب"الخطة
الأممية العربية"، ودون الخوض في
تكهنات ما ستؤول إليه الأمور بعد غد
الثلاثاء، فيتعين القول إنه على
العالم ألا يمنح مهلة إضافية لنظام
بشار الأسد، فالمهل السابقة أثبتت أن
النظام يتعامل بأقصى درجات الاستخفاف
مع التحركات الرامية لإنهاء الأزمة. اليوم، يبدو المشهد في سورية أكثر غموضا
من ذي قبل، فهناك حكومة يمثلها نظام
الأسد، وأخرى ممثلة بالمجلس الوطني
السوري الذي حظي باعتراف أكثر من 80
دولة وجهة في اجتماع أصدقاء سوريا
الأخير بإسطنبول، وإذا ما بالغنا
بالتفاؤل بانتهاء الأزمة من الناحية
العسكرية والأمنية، فستبقى الأزمة
السياسية المتعلقة بالمرحلة
الانتقالية قائمة، وحينها سيعود
النظام للعب على عامل الوقت من جديد. ================= رأي الراية الراية 8-4-2012 يؤشر التصعيد الخطير الذي يقوم به النظام
في المدن والبلدات السورية والذي أسفر
عن ارتفاع كبير في عدد الضحايا ولجوء
آلاف المواطنين السوريين إلى دول
الجوار عن سعي النظام لاستباق الوقت
وإخماد الثورة السورية المطالبة
بالحرية والتغيير بأي ثمن حتى لو كان
الثمن دماء أبناء الشعب السوري رغم
قبوله خطة المبعوث الدولي والجامعة
العربية كوفي أنان التي تؤكد على ضرورة
وقف العنف والقتل. لقد أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان
كي مون الهجمات الجديدة التي شنها
النظام السوري رغم تعهد دمشق بوقف
عملياتها قبل 10 أبريل، معتبرا أن هذه
الأعمال تمثل انتهاكا لموقف مجلس
الأمن الدولي. حيث خرقت السلطات
السورية من خلال الهجمات التي تشنها ضد
المدنيين الأبرياء، بمن فيهم نساء
وأطفال، الالتزامات التي قدمتها بوضع
حد لاستخدام كل الأسلحة الثقيلة ضد
منازل المدنيين. هجوم قوات النظام على المدن والبلدات
السورية واستهداف بيوت المواطنين
بالأسلحة الثقيلة وإحراق منازل
الناشطين في الثورة السورية أدى تزايد
أعداد النازحين من مدنهم وقراهم
وتزايد أعداد من يقومون بالفرار إلى
دول الجوار وهو ما زاد من تفاقم الأزمة
الإنسانية في المدن والبلدات السورية
وفي مخيمات اللجوء الأمر الذي دفع
بتركيا إلى مطالبة الأمم المتحدة. إلى تكثيف جهودها لمساعدة اللاجئين
السوريين بعد تدفق أعداد قياسية منهم
عبر الحدود بوتيرة عالية. إن استمرار النظام السوري في استخدام
الدبابات والأسلحة الثقيلة في اقتحام
المدن والبلدات السورية الثائرة
واستهداف المواطنين بالقتل يشير بوضوح
إلى أن النظام السوري لا يكترث
بالمجتمع الدولي والرأي العام العالمي
ويصر على المماطلة والتسويف ولعبة
شراء الوقت أملا منه أن يرفع الشعب
السوري راية الاستسلام ويوقف ثورته. إن عدم التزام النظام السوري بمهلة
العاشر من شهر إبريل الجاري كموعد لوقف
العنف والقتل وهي المهلة التي أصبح
مشكوكا في تنفيذها في ظل التطورات
الأخيرة يجب أن يدفع المجتمع الدولي
للاتحاد والخروج بموقف موحد تجاه
معاناة الشعب السوري موقف يوفر له
الحماية من بطش النظام وجبروته. لقد ساهم انقسام المجتمع الدولي حول
طريقة حل المأساة الإنسانية في تشجيع
النظام على تغليب الحل العسكري في
مواجهة الثورة السورية وهو ما أدى
بالتالي إلى تفاقم الأزمة وساهم في
ارتفاع أعداد الضحايا وأعداد النازحين
واللاجئين. ================= الأزمة السورية وسياسة
جبر الخواطر مها بدر الدين الرأي العام 8-4-2012 أيام عديدة بعد السنة مرت على المأساة
السورية، يحمل كل يوم في طياته قصصا
مرعبة عن بعض مما يجري على الأراضي
السورية من جرائم ضد الإنسانية، وتحصى
كل ليلة أعداد القتلى لتزين بها أخبار
القنوات الإخبارية الفضائية التي لم
يعد يظهر على مذيعيها تلك الحرقة في
النبرة أو الحزن في الوجه، بعد أن
أصبحت تلك الأعداد واقعاً يومياً تعود
عليه السوريون احتساباً وصبراً، وتعود
عليه العالم بأسره خزياً وعاراً،
وبنية مبيتة طبخت على نار هادئة لعقود
من سنين القحل السياسي الممل، تحول
المواطن السوري لمجرد رقم مؤهل في أي
لحظة للانضمام لقائمة الشهداء أو
المعتقلين أو اللاجئين. وقمة عربية أخرى عقدت، حملت معها أكثر من
أي وقت مضى رائحة التخاذل العربي الذي
فاحت حتى أزكمت الأنوف بعد سلسلة طويلة
من المهل التي أعطتها للنظام السوري
اللا شرعي طوال عام مضى، ليعمل قتلاً
وتنكيلاً وتشريداً للشعب السوري
العظيم الذي مازال صامداً رغم هول
المصاب بوجه النظام الأسدي المستبد
والعرب المتخاذلين والمجتمع الدولي
المتقاعس عن أداء حقوق المجتمع السوري
المشروعة. فهذه القمة التي عقدت تحت لواء العراق
المتورط في جزء من أحداث سورية الدامية
لم تحرز تقدماً في موقفها وقراراتها
المتعلقة بالأزمة السورية واكتفت
الوفود العربية كعادتها منذ سنين
طويلة بإلقاء خطبها التي حفظت الشعوب
العربية مضمونها المفعم بعبارات الشجب
والاستنكار والدعوة على اللحمة
الوطنية ورص الصفوف لدحر العدو
الإسرائيلي، وحديثاً زادت عليها دعوة
النظام السوري لوقف العنف في إظهار تام
للعجز العربي المخجل تجاه إلزامه
بتطبيق كل المبادرات العربية والخطط
الدولية التي وافق على بنودها وتمنع عن
تنفيذها. وما زيارة بشار الأسد إلى حي بابا عمرو
المغتصب للوقوف على ما ارتكبت يداه،
إلا إدراك منه لهذا العجز العربي وتحد
سافر للمجتمع الدولي، واستفزاز وقح
للشعب السوري المكلوم الذي إن صبر لا
ينام على ضيم، وان قام لا يتقاعس عن
الثأر للدم، وان كان بشار قد داس على
دماء الشهداء المراقة في شوارع بابا
عمرو، ووقف على أطلال بيوت أهله
المكلومين، إنما يرسل رسالة مبطنة إلى
القاصي والداني يتغنى فيها بأمجاده
الإجرامية وقوته الدموية ويصور نفسه
الفاتح الهمام الذي فتح حياً من أحياء
مدينة حمص الصامدة، ويحتفل بنصر مزيف
على شعب أعزل قاومه باستماتة ولم يغلبه
سوى قلة العتاد والدعمين المعنوي
والمادي الذي تخاذل عن تقديمه العرب
الأشقاء والغرب الأصدقاء. ولم يكن مؤتمر أصدقاء سورية الذي عقد في
اسطنبول وبحضور عدد كبير من دول العالم
بأحسن حال من القمة العربية، فها هي
دول العالم تتسابق في الدلو بدلوها في
بئر الأزمة السورية في بحث عبثي لإيجاد
حل ديبلوماسي لمعضلة عسكرية أفرزها
نظام الأسد الذي أكد على مدار العام
السابق أنه نظام أمني استبدادي وعسكري
ديكتاتوري هدفه الوحيد الاستيلاء على
السلطة في سورية وتثبيت أركان حكم
العائلة أولاً والطائفة ثانياً وما
يتبعهما من أصحاب المصالح الاقليمية
ذات الصبغة العقيدية. وبدا التناقض واضحاً بين المواقف المعلنة
والأفعال الباطنة، ففي الوقت الذي
اعترفت فيه أكثرية الدول المجتمعة
بخطوة متأخرة ديبلوماسياً بالمجلس
الوطني السوري كممثل شرعي عن الشعب
السوري، إلا أنها أسقطت من هذا
الاعتراف كلمة «ووحيد» لتترك الباب
موارباً لدخول جبهات معارضة أخرى
مستقبلاً ليعود الجدل حول الانقسامات
التي تعانيها المعارضة السورية، خصوصا
أن هذه الانقسامات كانت لفترة طويلة
مضت المشجب الذي تعلق عليه الدول
الغربية تقاعسها عن دعم المعارضة
السورية سياسياً ومادياً وعسكرياً. كما أظهرت الولايات المتحدة الأميركية
تخبطاً في مواقفها وتذبذباً في
أقوالها تجلى في محاولة هيلاري
كلينتون تحويل مسار القضية السورية
نحو الصراع الإيراني - الأميركي
واختزال المسألة السورية بربطها
بالخطر الإيراني على المنطقة، ورغم
صحة الجزء المتعلق بوجود خطر آتٍ من
الناحية الإيرانية، إلا أن محاولة
كلينتون هذه كان فيها إغفال مشكوك
بتعمده لمنطلقات الثورة السورية التي
اندلعت لتحقيق مصلحة الشعب السوري في
بناء مجتمع ديموقراطي متعدد والقضاء
على احتكار السلطة والتفرد بها،
وتحسين الوضع السياسي والاجتماعي
والاقتصادي السوري بعيداً عن النظام
السوري الذي أدرك الشعب السوري إعاقته
المتعمدة على مدار عقود من الزمن
لتطوير وإصلاح الدولة والمجتمع في
سورية. وكان لتركيا النصيب الأكبر من هذا
التناقض المفضوح، فخلال العام الماضي
كثيراً ما أزبدت تركيا وأرعدت وتوعدت
وهددت، ووعدت وهمدت، ولم يصل للسوريين
منها سوى صوت مبحوح تسمعه خافتاً حيناً
وناشزاً أحياناً أخرى، وتناست ما كان
من أمر الممرات الآمنة والمناطق
العازلة التي وعدت بها الشعب السوري في
تغاض مخجل عن المأساة اليومية التي
تتسارع وتيرتها يومياً بما لا يتناسب
مع سرعتها في التحرك لمساعدة الشعب
السوري المتواجد خصوصا في الجزء
الشمالي من الأراضي السورية المتاخمة
لحدودها، وأصبح من الواضح أن تركيا
ارتضت لنفسها أن تشكل ظلاً عملاقاً
للولايات المتحدة الاميركية في الأزمة
السورية، يتميز هذا الظل بضخامة الشكل
وشدة الالتصاق واتباع حركته لحركة
صاحبه. هذه التناقضات في مواقف دول المجتمع
الدولي بشقيه الغربي والعربي جعلت من
الأزمة السورية سوقاً سياسياً يتم فيه
تبادل المصالح وإبرام الصفقات على
مائدة الدماء السورية التي امتلأت
بجميع أصناف المآسي الإنسانية، وهو ما
خدم النظام الأسدي كثيراً حيث أدرك أن
هذه المائدة قد فتحت شهية المجتمع
الدولي على ملء أطباقه من الطبخة
السورية التي وضعت على نار هادئة
يديرها كوفي أنان في مهمته الشهيرة
ويحاول إنضاجها قبل أن يحرقها النظام
السوري بكذبه المعتاد. فمتى يدرك هذا المجتمع الدولي أن بشار
الأسد قد أمن العقوبة فتمادى في إساءة
الأدب، وأن الشعب السوري المنكوب لم
يعد قادراً على تحمل المزيد من سياسات
الابتزاز والتسويف والمتاجرة بدمه،
وأنه يرفض كل المؤتمرات التي يحاول
فيها الأصدقاء فقط... جبر خاطره؟؟؟ ================= إعادة سورية إلى
السوريين... من اسطنبول خيرالله خيرالله الرأي العام 8-4-2012 شهد «مؤتمر اصدقاء سورية» في اسطنبول
تطوّرا مهمّا. لم يقتصر هذا التطوّر
على الاعتراف ب «المجلس الوطني السوري»
ممثلا شرعيا للشعب السوري، بل تجاوز
ذلك وصولا الى توفير دعم عربي للمجلس
ول «الجيش السوي الحرّ». ظهرت المعارضة
السورية في مؤتمر اسطنبول في وضع افضل
مما كانت عليه في الماضي. تبيّن مرّة
اخرى، بما لا يدع مجالا للشكّ، ان
العنصر الأهمّ في المواجهة مع النظام
السوري هو الشعب السوري نفسه الذي
يواجه على الارض آلة القتل التي
استخدمت طوال نصف قرن في عملية لا هدف
لها سوى اذلاله وحرمانه من ابسط الحقوق
الانسانية. حصل الاستيلاء على السلطة في سورية تحت
شعارات مزيّفة. وضعت مجموعة معيّنة، لا
تمتلك اي شرعية من ايّ نوع كان، يدها
بالقوّة على السلطة باسم فلسطين
احيانا والاشتراكية وتحقيق الوحدة
العربية في احيان اخرى وباسم «المقاومة»
و«الممانعة» في كلّ الاحيان. في
الواقع، لم تكن هناك، طوال تسعة
واربعين عاما، اي نصف قرن تقريبا، سوى
شعارات فارغة استهدفت التغطية على
الطغيان والقتل والاستيلاء على ثروات
البلد وافقار السوريين لتسهيل عملية
استبعادهم. كان مؤتمر اسطنبول محطة اخرى على طريق
اعادة سورية الى السوريين. لم تكن
الخطوة كافية. كيف التعويض عن هذا
التقصير؟ الجواب انه ليس مطلوبا من
العرب ومن المجتمع الدولي سوى تسمية
الاشياء بأسمائها في غياب القدرة على
تقديم دعم مباشر وسخيّ للشعب السوري
الصابر والصامد والذي تحوّل رمزا
للمقاومة والممانعة الحقيقيتين. وهذا
يعني، في طبيعة الحال، الابتعاد اوّلا
عن تصريحات كالتي يطلقها الامين العام
لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل
العربي الذي يقول الشيء وضدّه في أقلّ
من خمسة اسطر! يفترض في العرب ادراك ان الثورة السورية،
التي هي أمّ الثورات العربية، لا يمكن
الاّ ان تنتصر. الاهمّ من ذلك، ادراكهم
ان انتصار الثورة السورية سيكون
التطور الأبرز على الصعيد الاقليمي
منذ سنوات طويلة. سيكون انتصار الثورة
السورية مساهمة في استعادة بعض من
التوازن الاقليمي الذي اختلّ نتيجة
الزلزال العراقي الذي غير موازين
القوى في المنطقة كلّها. هذا الخلل
الذي تكشفه تصريحات رئيس الوزراء
العراقي السيّد نوري المالكي ونصائحه. كان المالكي قبل اشهر قليلة يطالب بتحرك
دولي من اجل مواجهة النظام السوري
ومحاكمة أركانه بحجة الوقوف وراء
ارهاب «القاعدة» في العراق. ها هو
اليوم ينادي بضرورة تفادي اي تسليح
للمقاومة السورية من منطلق ان ذلك يهدد
الاستقرار في المنطقة. ربّما نسي رئيس
الوزراء العراقي الذي تبدّلت مواقفه،
بقدرة قادر قدير، كيف سقط النظام
العائلي- البعثي في العراق في العام 2003.
هل كان المالكي وحزبه المذهبي المسلّح
الذي تدرّب في ايران سيصلان الى السلطة
لولا التدخل الاميركي، او على الأصحّ
من دون الحرب الاميركية على العراق،
وهي حرب كانت ايران شريكا اصيلا في كلّ
مرحلة من مراحلها؟ ليس مطلوبا هذه الايام اعادة فتح النقاش
في شأن هل كان يحقّ للولايات المتحدة
شنّ حرب على العراق واسقاط نظام لم
يترك خطأ لم يرتكبه في حقّ الدول
المجاورة، على رأسها الكويت، او في حقّ
شعبه؟ النقاش الذي يمكن الخوض فيه حاليا مرتبط
بسورية. الثابت ان رئيس الوزراء
العراقي الحالي، الذي يدين لايران
بالكثير ولاميركا بما هو اكثر نظرا الى
انها اعادته الى بلده، هو آخر من يحق له
الكلام عن التدخل الخارجي في سورية
والتحذير منه. قد تكون الفائدة الوحيدة
من نصائحه انكشاف مدى النفوذ الايراني
في العراق، خصوصا مدى تأثيرها على
المالكي نفسه... ما تبدو سورية في حاجة اليه الآن هو
التخلص من النظام في اسرع وقت ممكن. من
الأفضل حصول ذلك في اقرب فرصة لسبب في
غاية البساطة. يعود هذا السبب الى ان
النظام انتهى، نظرا الى انه في مواجهة
مع شعبه اوّلا، وان بقاءه في السلطة
يهدد مستقبل البلد بشكل جدّي. لا فائدة
«من شراء الوقت» الذي يصبّ في عملية
تفتيت سورية لا اكثر ولا اقلّ. لا يزال هناك امل في انقاذ سورية واعادة
الحياة السياسية الى البلد عن طريق
مرحلة انتقالية تمتد لفترة محددة يجري
خلالها الاعداد لحكم ديموقراطي في ظلّ
مؤسسات الدولة ودستور عصري. ليس صحيحا
ما يدعيه النظام عن ان هناك من يريد
اسقاط الدولة في سورية وانه نجح في منع
ذلك. هناك شعب يريد اسقاط النظام
والمحافظة على ما بقي من الدولة
ومؤسساتها التي عمل النظام على
تدميرها بشكل منهجي، خصوصا في السنوات
الاثنين والاربعين الاخيرة. في المقابل، يبدو تمسك النظام بالقتل
والقمع والظلم والاستبداد وممارسته
هذه الهوايات لفترة طويلة، الطريق
الاقصر لتفتيت سورية واثارة الغرائز
المذهبية والطائفية. بين ان يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته
فيوقف آلة القتل وبين الاستماع الى
نصائح نوري المالكي، التي هي كلام
ايراني في نهاية المطاف، او الاستجابة
للمواقف المتذبذبة لروسيا الاتحادية،
تقف سورية عند مفترق طرق. انها مسألة
حياة او موت بالنسبة الى هذا البلد
العربي الذي عانى شعبه طويلا من نظام
لم يكن لديه همّ آخر سوى استعباده من
جهة وابتزاز اللبنانيين خصوصا والعرب
عموما من جهة اخرى. ثمة بين العرب من فهم ذلك باكرا وثمة من
يسعى الى تكريس وضع قائم يجعل من سورية
مستعمرة ايرانية على غرار ما هو حاصل
حاليا في بعض المناطق العراقية وفي
بغداد نفسها. هذا يطرح في طبيعة الحال
السؤال البدهي: سورية الى اين؟ من
الصعب الاجابة عن السؤال نظرا الى ان
كلّ شيء يعتمد على المدة التي
ستستغرقها عملية اسقاط النظام، وهو
ساقط لا محالة. كلّما سقط باكرا، زادت
فرصة استعادة السوريين لسورية. كلّما
طالت الازمة، زادت مخاطر الحرب
الاهلية وزاد نفوذ المتطرفين من كلّ
الفئات. هل هذا ما تريده ايران التي
يشاطرها الروس الرغبة في المتاجرة
بسورية والسوريين الى ما لا نهاية؟ * كاتب لبناني مقيم في لندن ================= محاولة اغتيال جعجع ... هل
قرّرت سورية إحراق لبنان؟! بينة الملحم الرياض 8-4-2012 كان إعلان زعيم
حزب القوات اللبنانية عن محاولة
اغتياله من قناصة مفاجئاً ومخيفاً
للبنانيين. لأن الرسالة ليست لسمير
جعجع فقط وإنما للبنان كله، وهي رسالةٌ
واضحة مفادها أن لبنان سيحترق إن سقط
النظام السوري. وكنتُ قد أشرتُ في مقالات مع بدء الثورة
السورية إلى أن النظام سيحاول جر لبنان
إلى معركته. وتبينت المحاولات منذ أن
حُوّلت المليارات إلى لبنان من أموال
النظام السوري، مروراً بالاغتيالات
للصحافيين أو الاختطاف للسوريين في
لبنان، والآن يصل النظام السوري إلى
ذروة تحديه للبنان بأن يمد يد الغدر
إلى زعيمٍ مسيحي له قطاع عريض من
المؤيدين مثل سمير جعجع. كانت محاولة اغتيال مروان حمادة رسالةً
إلى رفيق الحريري، وكان اغتيال
الحريري رسالةً لوليد جنبلاط،
والرسالة التي أرادوا إيصالها من خلال
محاولة اغتيال جعجع يمكن قراءتها على
مستويين اثنين، المستوى الأول: أن
تحولات السياسيين في لبنان وعلى رأسهم
وليد جنبلاط لايمكن أن تكون مقبولةً،
ومن هنا فإن النظام السوري ربما زرع
ألغامه بوجه قياديين وزعماء في لبنان،
ليثبت لهم أنه ليس قوياً في سورية فقط،
وإنما في لبنان أيضاً، ويريد أن يخبر
اللبنانيين أن النظام السوري قادر على
إشعال حرب أهليةٍ أخرى من خلال شراراتٍ
هي بيده أصلاً، وذلك من خلال الاستعانة
بحلفائه مثل حزب الله الذي يُتهم
باغتيال الحريري. المستوى الآخر: إقليمي وذلك من خلال تحذير
الدول التي تدعم الثورة السورية، من
خلال استهداف الدبلوماسيين أو السياح،
أو اختطاف المواطنين من هذه الدولة أو
تلك، ومن هنا يجعلون لبنان مغلقاً بوجه
الشعوب التي تؤيد حكوماتها الثورة
السورية، لتتعطل من تهديدها السياحة
والاستثمارات، فيوضع لبنان في حرجٍ
كبير. هناك معادلة يشهد عليها التاريخ السياسي
بين سورية ولبنان، وهي أن النظام
السوري ينتفض ويزداد شراسةً في
الاغتيالات والاستهدافات كلّما تقدم
لبنان خطوةً نحو الاستقلال. حدث هذا
عندما حاول رفيق الحريري أن يكسر
الهيمنة السورية فاغتالتْه، وحدث من
قبل مع كمال جنبلاط، ويحدث الآن مع
محاولات اغتيالٍ تحاك منذ فترة طويلة
ضد زعامات مناوئة للنظام السوري.
وللنظام السوري في بيت كل زعيمٍ سياسي
معارض له في لبنان قتيل، ولنتذكر سمير
قصير، جبران تويني، بيير الجميل
وسواهم. ينتفض النظام كلما ازدادت إمكانية
استقلال لبنان، لأن النظام السوري -
كما قالها حافظ الأسد كثيراً - لا يعترف
بلبنان كدولةٍ مستقلة، بل يعتبره
ملحقاً من ملاحق سورية، وهذه هي
المشكلة الكبيرة التي لم يستطع النظام
السوري أن يعترف بها، وحين جاءت الثورة
السورية أصبح النظام كالوحش الجريح
لذا يضرب يميناً وشمالاً من دون تفكيرٍ
أو تمييز. كانوا يقولون إن هناك تلازماً في المصير
والهدف بين لبنان وسورية، وقع بعض
الزعماء اللبنانيين بذلك الفخ، لكن
وحين وعى بعضهم بضرورة استقلال لبنان،
ووضع سفارة لسورية لتكون مثلها مثل أي
دولةٍ أخرى انزعج النظام وأخذ يرتعد.
مع الثورة السورية يحاول النظام أن
يلتفّ على الثورة من خلال إشعال لبنان،
ليكسب من ذلك صرف الأنظار عن الذي يجري
في سورية، ويستفيد أيضاً من نشر الفوضى
ومن ثم تنفيذ الاغتيالات والجرائم
التي يريدها. ولايمكن للنظام أن يدخل
بشراسةٍ في لبنان إلا بدعمٍ من حزب
الله. سمير جعجع قال إن لديه «بعض الشكوك» بحزبٍ
مسلّح في لبنان أن يكون هو وراء محاولة
الاغتيال، وأياً كانت نتائج التحقيق
فإن حزب الله لايمكنه أن ينفّذ عملية
خطيرة مثل هذه ضد زعيمٍ لحزبٍ عريق في
لبنان له تاريخ طويل وصولات وجولات،
لايمكن لحزب الله أن ينفذ اغتيالاً
بمستوى هذه الخطورة من دون الإذن
السوري، أو ربما الأمر السوري، لهذا
كان جعجع مصيباً في تحليله، إذْ درجت
العادة في لبنان أن الاغتيال فيه له
منفِّذون وآمرون، والنظام السوري من
الطبيعي أن يكون قد أمر بمثل هذا
العمل، وخاصةً بعد المؤتمر الذي عُقد
مؤخراً بمناسبة ذكرى حل حزب القوات
اللبنانية، والكلمة التي ألقاها سمير
جعجع كانت موجعةً للنظام السوري لهذا
جاء رده قاسياً إذ خطط للتخلص منه،
وحاول ذلك من خلال العملية الأخيرة
الفاشلة. هناك أحداث ربما يقوم بها النظام السوري
في لبنان، وربما ينجح أو يفشل، لكن
الأكيد أنّ اللبنانيين إذا استمر
اختلافهم الحاد واستمرت مرجعياتهم
للخارج فإنّ لبنان سيبقى مخترقاً من
قبل نظامٍ سوري جريحٍ يترنح بين الحياة
والموت.. ================= يوسف الكويليت الرياض 8-4-2012 في إيران كان دور
«البازار» قوياً في اسقاط نظام الشاه
الذي عرف من تجارب تاريخية كيف غير
الكثير من السياسات والقرارات بتحالف
المال مع المؤسسة الدينية، والشاه كان
أحد الضحايا عندما فكر بإنشاء شركات
كبرى تنهي قوة البازار، فسارعوا
بإسقاطه.. «البازار» السوري الذي اشتهر أخذ نفس
الدور بإسقاط الحكومات بتحالف مع
العسكر عاكس التوقعات بأن أصبح رافداً
لحكومة الأسد، ويرجح البعض أن الوجوه
التقليدية الدمشقية والحلبية التي
كانت تسيطر عليه، حل بديلاً عنها تجار
الطائفة، وهم بالعقيدة والوجود
متشابكون مع بقاء النظام، وأحد روافده
الأساسية، ومن بقي من الوجوه القديمة
لا يشكلون المعيار الذي يقلب السلطة
بسبب ضعفه عما كان في السابق.. تبقى القوى الأخرى الجيش الحر، والمعارضة
في الداخل والخارج، لم يرسموا اتجاهاً
يندمجون مع بعضهم لمواجهة بطش النظام،
وقضية التعويل على مشروع «أنان» حلم
يستحيل تطبيقه إلا بذراع قوة تغير مسار
تفكير النظام وتجبره على التنازل،
وأمام المواقف المائعة من أعضاء مجلس
الأمن، وقدرة حكومة الأسد على التلاعب
بالمواقف سواء عربية أو دولية، وهي
ماهرة بذلك إذا ما استندت على قوى كبرى
وإقليمية، ستبقيها على نفس المواقف.. استمرار القتل لن يتغير، والمهلة التي
تنتهي خلال يومين لن تعمل على زحزحة
موقف الأسد وآلته العسكرية الجهنمية،
وقد قرأ الاتجاهات الدولية، وعرف أنها
تمنحه مهلاً مستمرة ولا يهمها مضاعفة
أعداد الضحايا، لكن الرأي العام
العربي والعالمي، واستمرار المعارك
غير المتكافئة، وزيادة الضغط
الاقتصادي الذي استنزف موارد الدولة،
عوامل أساسية في تغيير مسار القوة.. تركيا التي بدأت مواقفها ساخنة ونارية،
أخذت تسير باتجاه الدبلوماسية المرنة،
وقراءتها الأخيرة للأوضاع السورية
تتطابق مع دول حلف الأطلسي إن لم يكن تم
تنسيق بينهم (وبان كي مون) يتحدث لغة
أسلافه من جلسوا على كرسي أمانة الأمم
المتحدة بإعلان الأسف، ولعله يدرك أن
من يقتل لا يهمه عواطف الآخرين
وتنديدهم، طالما هو من يأخذ زمام
المبادرة ويطوعها لصالحه.. الشعب السوري لا يطلب حسنات، بل يطلب
موقفاً أخلاقياً يتناسب مع نظم حماية
الإنسان وحقوقه، وخلق المبررات
والمخاوف من تطور الأحداث لو سلح الجيش
الحر هي ذرائع منحت الأسد فرص العمل
الإجرامي، وصادقت على أقواله أن ما
يجري في دفاعه محاربة عصابات إجرامية
وأعضاء من القاعدة، بينما المتضرر
ممّا يجري ليس المسلمون العرب بل كل
مكونات الشعب السوري من مسيحيين
وأكراد، وحتى علويين، بالتالي الأمر
يأتي وكأن السلطة تملك صكاً كونياً
ومقدساً على بقائها حتى لو ذهب
الملايين من الشعب السوري، وهذا يدركه
من يضعون القرار وينفذونه، لكن دماء
السوريين لا تهمهم إذا كانت المصالح
تأخذ بحساباتها موازين المكاسب
والخسائر، وروسيا والصين وجدت في
موقفهما قوة دفع في التدخل في العديد
من القضايا الساخنة باعتبار الفرص
متاحة بكسر احتكار الغرب إدارة الصراع
العالمي والتكسب منه. ================= محمد بن هويدن التاريخ: 08 أبريل 2012 البيان لقد اتخذت دول الخليج العربية الأعضاء في
منظومة مجلس التعاون لدول الخليج
العربية مواقف أكثر قوةً وحزماً ضد
النظام السياسي السوري مقارنةً
بالكثير من غيرها من الدول العربية؛
وقدمت الدول الخليجية الدعم السياسي
والمعنوي للشعب السوري المطالب بحريته.
وقد تزعمت هذا التوجه كل من السعودية
وقطر اللتين أصبحتا في طليعة الدول
الخليجية بل والعربية المطالبة
بالتشدد في التعامل مع النظام السوري
من خلال دورها الواضح في رفع الملف
السوري إلى مجلس الأمن للبت فيه،
وتجميد التمثيل الدبلوماسي مع دمشق. والدعوة لتسليح المعارضة السورية
المتمثلة في الجيش السوري الحر،
والاعتراف بالمجلس الوطني السوري
كممثل رسمي ووحيد للشعب السوري. هذا
الموقف الخليجي لم يأتي من فراغ بل كان
وليد مجموعة من الاعتبارات التي كان
لها بالغ الأثر في تبني دول الخليج
العربية لهذا الموقف. أول الاعتبارات الخليجية لهذا الموقف
المتشدد هو الرفض الخليجي لحالة العنف
المنظم الذي يتبعه النظام السياسي في
سوريا ضد الشعب السوري. وهو العنف الذي
لا يمكن للدول الخليجية وفي مقدمتهم
السعودية التي تمثل مركز الثقل
الإسلامي القبول به أو السكوت عنه.
فالمحدد الإنساني كان حاضراً في
الموقف الخليجي تجاه ما يحدث في سوريا
والمرفوض على المستويين الشعبي
والحكومي الخليجي. ثاني الاعتبارات هو أن دول الخليج
العربية ليست ضد تطلعات الشعوب
العربية في الإصلاح، بل كانت مواقفها
من أحداث ما يعرف بالربيع العربي أبرز
مؤشر على دعمها للشعوب وليس للأنظمة،
على الرغم من أن تلك المواقف ينظر
إليها البعض على أنها تضر ببعض المصالح
السياسية والاقتصادية المرتبطة بها.
فدول الخليج لا تعارض طموح الشعوب في
التغيير. ولقد كان هذا الموقف واضحاً من خلال دعم
الدول الخليجية لتطلعات الشعوب
العربية في كل من تونس ومصر وليبيا
واليمن، ودعمها اليوم لتطلعات الشعب
العربي السوري في العيش بكرامة وحرية
وعدالة بعيداً عن حكم الاستبداد. هذا
الإدراك . جاء منطلقاً من قناعة خليجية بأن الوضع
الاجتماعي والاقتصادي للشعوب العربية
لابد أن يتحسن كي يساعد ذلك على دعم
العمل الاقتصادي الخليجي والتبادل
التجاري وينجح الاستثمارات الخليجية
ويقلل من الضغوط الاقتصادية على الدول
الخليجية التي أصبحت تتحمل فواتير دفع
تحسين حياة المواطن العربي في مثل تلك
الدول عن طريق المساعدات المباشرة أو
التحويلات المالية للعمالة العربية في
الأسواق الخليجية. فدول الخليج منفتحة
للتعامل مع أي شكل من أشكال الأنظمة
السياسية التي ترتضي بها الشعوب
العربية. ثالث الاعتبارات في الموقف الخليجي
المتشدد مما يحدث في سوريا هو التخوف
الخليجي من حالة عدم الاستقرار الذي
يمكن أن يولده استمرار العنف في سوريا،
واستثمار العديد من الأطراف الإقليمية
والدولية لتلك الحالة للتوغل في شؤون
المنطقة، الأمر الذي سيجعل سوريا «لبنان»
جديداً أو «عراق» آخر. حالة عدم الاستقرار في سوريا ستؤدي إلى
اندلاع حرب أهلية في ذلك البلد مما
ينذر بتوسع تلك الحرب لدول أخرى في
المنطقة كلبنان والأردن. دول الخليج
بدورها متخوفة من الفلتان الأمني الذي
سيؤدي بالإضرار بمصالح تلك الدول عن
طريق استغلال بعض الدول للوضع في سوريا
للدفع بأجنداتها الطائفية والمذهبية
والعرقية والتي من شأنها أن تلقي
بظلالها على أمن واستقرار الدول
الخليجية. ورابع الاعتبارات هي محاولة ملء الفراغ
الذي خلفه تراجع القيادة الأميركية في
المنطقة مع التردد الأميركي في التدخل
لحسم الأزمة في سوريا لصالح المعارضة.
فالتراجع الأميركي خلق بؤر أزمات
وأعطى رسائل لبعض الدول لتتشدد في
مواقفها في سبيل دعم مصالحها في
المنطقة. فالتراجع الأميركي عن
القيادة حمس روسيا والصين لأخذ زمام
المبادرة. وشجع إيران على التشدد، وجعل العراق يميل
بشكل كامل نحو إيران، وشجع النظام في
سوريا على الاستمرار في استخدام الآلة
العسكرية ضد الشعب السوري مستنجداً
بالسلاح والخبرة الإيرانية والدعم
الروسي. وبالتالي فإن دول الخليج
العربية رأت أنه من الضروري أخذ زمام
المبادرة في تحديد مستقبل المنطقة
العربية وعدم ترك الأمور لدول أخرى
تحاول أن تستثمر الوضع لخلق نظام
إقليمي يحقق مصالحها ويهمش مصالح
الدول العربية أو يحاول كما كان في
السابق شق الصف العربي والتدخل في
شؤونه بشكل مباشر. وخامس الاعتبارات مرتبط أساساً بالنظام
السوري الذي يختلف كل الاختلاف عن بعض
الأنظمة العربية الأخرى التي شهدت
ثورات شعبية ضدها كنظام بن علي في تونس
ومبارك في مصر وصالح في اليمن. فالنظام
السوري أضر بالمصالح العربية بشكل
كبير بسبب تحالفه مع إيران وعدم تغليبه
للمصلحة العربية في تلك العلاقة.
فانحيازه الكامل إلى إيران أضر
بالمصالح العربية رغم الجهود
والمحاولات الخليجية لثنيه عن
الانحياز الكامل والعمل على لعب
بسياسة التوازن التي كان والده حافظ
الأسد يتبعها. تلك هي بعض الاعتبارات التي يمكن أن تفسر
الموقف الخليجي تجاه الأزمة في سوريا.
وفي أقل تقدير دول الخليج لم ترد أن
تبقى بعيدة عن ما يحدث فجاءت مواقفها
تعبيراً عن تلك الرغبة. ================= هل يكفي أن تتغيّر
الأسماء حتى يصبح القتل مشروعاً؟ هلا رشيد أمون() المستقبل 8-4-2012 "الثورة" هي حربُ الحرِّيَّةِ ضدّ
أعدائها، وهي تُستعمل للدلالةِ على
جميع حركات التغيير والتجديد في
الشؤون الاجتماعية والفكريَّة
والسياسيّة و... وهي بمعناها السياسي
الحديث، فعلٌ سياسيّ وعسكريٌّ عنيفٌ
لا يستقيم إلاّ إذا تضمَّن عنصرين
متكاملين: عنصر الهدم، ويهدف إلى إسقاط
النظام السياسي القائم، وعنصر البناء،
ويهدف إلى تسلم السلطة، وتحويل النظرة
الجديدة للمجتمع والقِيَم والعلاقات
الإنسانيَّة أي الأيديولوجيَّة إلى
قوانين ودساتير وأعراف وأنظمة. ولقد قدًّمت الثورةُ الفرنسيَّة للفكر
السياسي، العناصرَ الأساسيَّةِ
لمفهوم الثورة. وأبرزها: 1- أنها عملية
مواجهةٍ سياسيةٍ وعسكريَّةٍ بين الشعب
والحاكم. ويفقد مفهومُ الثورة دلالته
النوعيَّة، إذا لم يتضمَّن إسقاط
الحاكم، ليس بشخصه فحسب، بل والنظام
السياسي والإجتماعي الذي يمثله ويحافظ
عليه ويحرص على استمراره؛ 2- تشكل
مقولةُ الشعب عنصراً رئيسياً في مفهوم
الثورة الرامية إلى هدم الحكم القائم،
أمَّا إذا انحصر الفعلُ الثوريُّ
بأقليَّةٍ من الشعب، ودون أن يكسب
تأييد الأكثريَّة الشعبيّة، فغالباً
ما تنحدر الحركةُ التي أُريد بها ثورة،
إلى درجةِ التمرُّد أو العصيان المدني
الذي لا يُعبِّر عن إرادة الشعب
المشتركة، ولا يتمتع بشرعيتها؛ 3-
تحتاج الثورةُ إلى ممارسة العنف بجميع
درجاته ووسائله، وهذا العنف الثوري
يستمدُّ دوافعه من الأيديولوجيّة
الثوريَّة التي توجِّههُ، والتي ترمي
إلى إرساء قواعد ومفاهيم وقِيَم جديدة
أكثر تقدُّماً وملاءمة للواقع الحضاري
الراهن. هذه هي أبرز العناصر التي تشكل مفهوم "الثورة".
فما هي الأساليب التي يبتدعها النظامُ
السوري للحؤول دون التعامل مع ما يجري
في سوريا على أنه ثورة شعبيّة
حقيقيَّة؟ يستطيع أيُّ مُراقبٍ لمسار الإنتفاضة
السوريّة، أن يلاحظ أنّ السلطة
السياسيّة هناك، تناضل بكلِّ ما أوتيت
من وسائل القوَّة والبطش والقمع
والترهيب، من أجل سلب هذه الحركة
الشعبيَّة كلِّ المقوِّمات التي
تجعلها مستحِقة لاسم "ثورة"، ومن
أجل تحويلها إلى مجرّد حركة عصيانٍ
وشغبٍ وتخريبٍ وإرهابٍ، يُفترض
بالدولة التصدِّي لها بكلِّ عنفٍ،
ومقاومتها بلا هوادة، حماية للسِّلم
والأمن الوطنِيَّيْن. وفي سبيل ذلك،
فإنَّ تلك السلطة تحاول أن تثبت أنَّ
أغلبيَّة الشعب السوري مؤيِّدةٌ لبقاء
النظام ورافضةٌ للانخراط في أيِّ حركة
احتجاج أو اعتراضٍ، وهي، إمعاناً منها
في إظهار أنَّ ما يحدث في الشارع ليس
أكثر من انقسامٍ حاصلٍ بين فئات الشعب
حول قضيَّةٍ معينة، ولا يرقى بأيِّ
حالٍ إلى مستوى "ثورة"، تحرص على
تنظيم المظاهرات الحاشدة المؤيِّدة
للنظام، بُغية إظهار أنَّ هذا الأخير
ما زال يتمتع بالشرعيَّة القانونيَّة
التي يستمدّها من القاعدة الشعبيّة
العريضة التي تساندهُ. وفي الوقت عينه،
فإنَّ هذه السلطة لا تتأخر أبداً في
الإنقضاض بشكلٍ دموي ولا أخلاقي، على
كلّ ما ترى فيه بداية لتشكل نواةٍ
مُولدةٍ لتيار شعبي جارف، يؤكدُ للرأي
العام العالمي بأنَّ الإرادة الشعبيّة
بأكثريتها قد توحَّدت في وجه عدوٍ
واحدٍ، لإنجاز هدفٍ واحد. ولا شكّ أنّ هلع النظام من اتساع دوائر
الإعتراض والرفض التي قد تقتلعه من
جذوره على غرار أشباهه من الأنظمة
الإستبداديّة التي اقتلعها الربيعُ
العربي، هو الذي يدفعه إلى التمادي في
عمليات القتل والتنكيل بشعبه، وليس
بأعدائه، مبرِّراً أفعالهُ
الإجراميَّة تلك، بالإستناد إلى تعريف
العنف الذي ينصُّ على أنه "استخدامُ
القوة بصورةٍ غير مشروعةٍ أو غير
مُطابقةٍ للقانون". فهذا الربط بين
العنف والقانون، يعني أنه إذا كان
العنف فعلاً غير قانوني، فإنَّ
الأفعال الصادرة عن السلطة السياسية
القائمة وعن أجهزتها الأمنيّة، والتي
تتصف بطابع القوة والشدَّة، كالقتل
والقمع والإضطهاد والإعتقال
العشوائي، هي أفعالٌ غير عُنفيَّة،
لأنها قانونيَّة، بمعنى أنها
مُؤَيَّدة ومُبرَّرة بالقوانين التي
تضعها تلك السلطة وتسهر على تطبيقها
وتفرض على الشعب واجب الخضوع لها. ومما
لا شكّ فيه أن هذا التعريف للعنف قد
شجَّع هذا النظام التسلطي على استخدام
المزيد من القوّة الغاشمة؛ وهو الذي
يدفعه إلى رفض أيِّ مبادرةٍ سِلميَّة
للحلّ، من أيِّ جهةٍ أتت، معتبراً
إيَّاها انتهاكاً لسيادة الدولة
وتدخلاً سافراً في شؤونها الداخليَّة،
مدعياً أنَّ من حقِّ الدولة فرض
سيطرتها وهيبتها على المجتمع بكلِّ
الوسائل التي تراها مناسبة. ولا عجب في ذلك، فإنَّ العنف المادي، هو
جزء لا يتجزأ من عقلية النظام في
ممارسة الحكم. ولكنه بالإضافة إلى
العنف المادي الذي نشهد فصوله
الدمويَّة كلّ يوم، عبر شاشات التلفزة
والإنترنت، هناك العنفُ المعنوي الذي
هو أدهى وأشدّ، والذي يُمكِنُ تعريفه
بأنه "كلُّ مبادرةٍ تتدخل بصورةٍ
خطرة في حرية الآخر، وتحاول أن تحرمه
حريَّة التفكير والرأي والتقرير،
وتحوِّلهُ إلى وسيلةٍ أو أداةٍ في
مشروعٍ ما". وهذان النوعان من العنف
يمارسَان على الشعب السوريّ منذ
عهودٍ، من قِبَل الدولة الأمنية
والإستخبارتيَّة التي انقادت إلى
تكريس العنف أو الإرهاب السياسي
باعتباره عنصراً عادياً، وواقعاً لا
يمكن تلافيه، بل يجب اعتياده
والتكيُّف معه. ولمّا كان الإرهاب المؤسَّسي هو الذي
يقود إلى الإرهاب الثوري المضاد، فإنّ
مواجهة أساليب البطش والتنكيل
المُتجَذرَة والمكرَّسة في بنية
النظام الأمني السوري، لا يمكن أن تتمّ
بعيداً عن استخدام بعض العنف الثوري
الذي يستمدُّ شرعِيَّته من
إيديولوجيَّة الثورة، والذي يخضع
لأحكام الحالة الإستثنائية التي يمرُّ
بها المجتمع الثائر، والتي تعطيه حداً
معيناً من الشرعية. ولعل هنا يكمن أساس
الدعوة إلى إيجاد ممرَّات أمنية، وإلى
عسكرة الثورة - وإنْ تكن نتائج هذا
العمل غير محمودة العواقب ولا سيَّما
بعد ترْك المجتمع الدولي الشعب السوري
في عين العاصفة، يواجه مأساته وحيداً،
ويدفع الأثمان الباهظة لصراع إرادات
القوى العظمى، وتضارب مصالحها. والحقيقة أنه من المستحيل على الثوَّار
أن يتمسّكوا برفع شعار "سلميَّة"،
ولا سيّما في مواجهة نظامٍ يشهد له
تاريخهُ غير البعيد بأنه نظامٌ قتل
شعبه بدمٍ بارد، ثم طوى صفحة المجزرة
ومضى في حكمه. وكأنَّ شيئاً لم يحدث،
نظامٌ يعتمد دائماً في تصفية أزماته
على الحلِّ الأمني والعسكري، وعلى
استراتيجيّة الأرض المحروقة، لأنهما
أقصر الطرق إلى هزيمة الخصم وإخضاعه،
وما مأساة حي بابا عمرو في حمص سوى
نموذج صارخ لتلك الإستراتيجية
الجهنميَّة. ولا شكّ أنَّ هذا النظام
يودُّ لو تبقى كلُّ التحرُّكات
الإعتراضيَّة سلميَّة؛ ولو يرفع
المتظاهرون شعار (لَئِنْ بَسَطْتَ
إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا
أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ
لأَقْتُلَكَ)، حتى تسوِّل له نفسُهُ
الفتك بها، وتصيُّد أعضائها العُزَّل
بسهولةٍ وبدون أدنى مقاومة، ولكنه لا
يُمانع في الوقت عينه، من أن يُمارس
المنتفضون بعض العنف للدفاع عن
أنفسهم، كي يستغلَّ هذا الواقع،
فيسارع إلى استحضار شبح القاعدة
والتطرُّف الديني، ويُعطي لنفسه الحق
والذريعة لمواجهة ما يصفه بالجماعات
الإرهابيّة والتخريبيّة، والتي باتت
ذريعة ممجوجة وفاقدة للمصداقيَّة،
ولكن النظام يستخدمها على الدوام
للقضاء على أيِّ تحرُّك يطالب بإسقاطه. ومن الوسائل التي يعتمدها النظام لحرمان
الثورة معناها، هو إنكارُه الدائم
لوجود ثورةٍ شعبيّة، وإلحاحُه على
أنَّ ما يجري ما هو سوى مؤامرة خارجيّة.
ففي الوقت الذي كانت فيه الإنتفاضة في
تونس ومصر وليبيا واليمن، ثورةً
مجيدةً ومباركة أطاحت رؤوس الفساد
وأنصاف الرجال وأزلام الغرب، فإنَّ
انتفاضة الشعب السوري هي مجرّد دسيسةٍ
ومؤامرةٍ كونيَّة غربيَّة وعربيَّة،
مشروعها، إسقاط النظام الداعم لكلِّ
المقاومات في العالم العربي. فكلُّ
القيادات في تلك الدول الثائرة كانت
قياداتٍ متواطئة مع الغرب عملية
لإسرائيل، أما القيادة ها هنا، فهي
قيادة حكيمة عروبيَّة وطنيَّة مقاوِمة
وممانِعة. بل إنَّ هناك تلازماً أو
تطابقاً تاماً بين العروبة والممانعة
والمقاومة، والنظام السوري، بحيث إنه
لا يستطيع أيُّ عقلٍ تصوُّر وجود
أحدهما دون وجود الآخر. وكلُّ مَنْ هم
خارج هذا التطابق الثنائي الفريد، ما
هم سوى مستعربون وعملاء وخوَنة!! ولكن ما بالُ توأم المقاومة والممانعة
هذا، يطالبنا بأن نثور ونغضب لإجرام
إسرائيل وهمجيّتها وبربريَّتها
وعنفها غير المسبوق ضد الشعب
الفلسطيني واللبناني، وبأن نبقى
صامتين متفرجين أمام آلة قتلِهِ التي
كلما سُئلتْ: هل شبعتِ من سفكِ الدم؟
أجابَتْ: القبُور لم تمتلئ بعد، فهل من
مزيد!! وما بالُ البعض ممَّن تحجَّرت
أفئدتهم، وتبلَّدت مشاعرهم، وماتت
ضمائرهم، وتساوى عندهم الدمُ السوري
بالماء، يتجاهلون أنَّ مَنْ يسقطون في
سوريا من قتلى وجرحى هم أهلنا ولحمنا
ودمنا؛ وكيف يسمحون للوحش أن ينهش
لحمنا ودمنا، وأن يُقدِّم الذبائح
البشريَّة كلّ يوم تضحياتٍ باسم
العروبة الكاذبة والممانعة الزائفة،
ثم يقولون لنا: لا تبكوا ولا تنفطر
قلوبكم حزناً واسى على الضحايا
البريئة، إذ يكفيكم عزاءً أنَّ مَنْ
يُقيم حفلة الذبح والقتلِ والسَّحْلِ
والجنون في مدن سوريا وأحيائها
وقراها، ليس عدوَّنا، بل هو شقيقنا
وحليفنا. إنَّه الشقيق الذي حطم كلّ
الشرائع والقِيَم الأخلاقيَّة
والدينيَّة والإنسانيَّة على مذبح
الغباء والعناد والشهوة المريضة إلى
السلطة والحكم. وبالرغم من كلّ شيء، فإنَّ ما يحدث في
سوريا هو ثورة شعبٍ، وليس شغباً. وكلُّ
ضربةٍ من النظام لا تستأصلها، فهي
تقوِّيها. ولا شكّ أنّ ربيع درعا وحمص
وحماة وإدلب وكلّ سوريا، سوف يُزهِرُ
قريباً حرِّيَةً وكرامةً وعدالةً،
وأنّ النظام الطاغية آيلٌ إلى الزوال
والإنقضاء حتماً، شاء أدعياء وحدة
المسار والمصير، أم أبوا. () أستاذة الفلسفة في الجامعة
اللبنانية ================= غازي دحمان المستقبل 8-4-2012 مر على الثورة عام، كان فيه الكثير من
الألم والشجن والحزن، لكنه عام عودة
الروح التي تيبست في قلب جمهورية الخوف
العتيدة لدرجة صار معها الإعتقاد أن
افق الروح، حتى وإن غادرت الجسد، لن
تتجاوز أقبية المخابرات. مر عام على الثورة عانق فيه الأمل حدود
الخيال، صار كل شيء ممكناً، ليس فقط
كسر حواجز الخوف، ولا مقابلة الرصاص
بالأجساد العارية، تلك حالة إنخرط
فيها السوريون وهم يرددون الاهازيج،
ولكن الحلم في ان تصبح سورية وطناً
للامان والعدالة والمساواة، تلك
المعاني التي ماتت دونها أجيال وهي
تعتقد أنها مجرد احلام صيرها حكم
العسكر إلى كوابيس. وبجردة حساب بسيطة، أنجزت الثورة حتى
اللحظة الكثير، وإن الباقي المتمثل
بإسقاط النظام، هو القليل الباقي.
فبرغم كل الموت الذي حصل على ضفافها،
ورغم كل الأسى الذي طاولها، من نزوح
وإخفاء وجرحى وآلام السجون، فإن
الثورة صنعت في مخاضاتها العسيرة
سوريين جدداً غير أولئك التي سعت
مؤسسات الإستبداد إلى تهجينهم وجعلهم
مقيمين دائما في حصن الإستبداد العتيد. السوري الجديد كان اهم إنجازات الثورة
وأروع تجلياتها، فهذا الكائن المولود
في أرض الإستبداد والذي رضع حتى
الثمالة من ثدي الديكتاتورية ونشأ
وترعرع في حضن مؤسسات التدجين الأمني،
أعلن فجأة براءته من كل ما أحاط به قبل
الثورة، ثم إعتذر حتى عن خضوع آبائه
وأجداده لإرادة المستبد وهواه، وقاد
بكل إقتدار ثورة، لا شك أنها ستمثل
تجربة جديدة في إطار ثورات الشعوب ضد
مستبديها. ولعل القدرة على الإحتمال ومواجهة
المصاعب، وإرادة التضحية في سبيل
الخلاص، هي أبرز سمات هذا السوري
الجديد. لكن هذه السمات، على أهميتها،
لا تخفي حقيقة رغبة هؤلاء السوريين إلى
عوالم الحداثة والعصرنة، ويبدو ذلك
جلياً عبر القدرة التنظيمية الهائلة
التي تميز بها الحراك السوري، وهي قدرة
ينطبق عليها وصف السهل الممتنع، بحيث
انها بقدر ما قد تبدو للناظر لها على
أنها أشبه بحراك فوضوي لا رأس له، بقدر
ما تصبح عصية على الكسر لما تتضمنه من
مرونة في الأداء والتنظيم تصبح معها
حتى معرفة مفاصلها الأساسية أو محاولة
إختراق أي من مكوناتها أمراً معقداً
أمام جمهورية الأجهزة الأمنية العديدة
والعتيدة. ولعل، أيضاً، من مؤشرات ميل السوري
الجديد للحداثة، تمسكه بالدولة
المدنية شعاراً وممارسة. وعلى الرغم من
وجود بعض الأطياف الفوضوية او الما قبل
دولتيه على هامش الحراك السوري، ورغم
كل محاولات النظام حرف الثورة عن
مساراتها عبر خلق مسارات بديلة ذات
طوابع طائفية وعشائرية، فإن الثورة
أصرت على سلميتها ومدنيتها، وثمة من
يحاول في هذا الصدد خلط الأوراق عبر
محاولة دمج حالة الإنشقاق العسكري
واعتبارها احد مكونات الثورة ومن ضمن
توجهاتها ومآلاتها وهو ما بات يطلق
عليه "عسكرة الثورة ". إلا ان واقع
الأمر ان المسؤول عن هذه الحالة
هوالنظام نفسه عبر إشراك الجيش في قمع
الثورة، إذ لطالما جرى تحذير النظام من
هذه الخطوة وأثرها في إمكانية إنقسام
الجيش، وكأن النظام كان يسعى إلى خلق
هذه الحالة! ومن منجزات الثورة السورية المهمة، كشفها
وتعريتها للنظام، أخلاقياً وقيمياً.
إذ بالرغم من ان القاصي والداني كان
يعرف مثالب النظام في الفساد
والإستبداد، إلا أن هذا النظام لطالما
زاود على المنطقة برمتها، وليس على
شعبه وحسب، بوطنيته وقوميته وممانعته،
لدرجة أنه ربح المعركة في هذا المجال
وبحكم الأمر الواقع، أو كما يقال
باللغة الدارجة "بالخاوة " حتى
أنه نفذ من فضائح " ويكيليكس "
الشهيرة، والتي يعود السبب الرئيسي
فيها إلى إنخفاض مستوى علاقاته
الدبلوماسية مع واشنطن في السنوات
الاخيرة والإكتفاء بالعلاقات الامنية
البعيدة عن مراسلات الخارجية
الأمريكية ووثائقها. لكن الثورة بصمودها وإستمرارها وضراوتها
كشفت اللثام عن حقيقة هذا النظام،
وطبيعة علاقاته الخفيه، ولا وطنيته أو
قوميته، وحتى الفكرة التي ترسخت زوراً
في عقول الناس عن براعته الدبلوماسية.
إنكشفت بشكل مذهل من ان هذه العبقرية
لم تتعد الحفاظ على المناصب مقابل
القيام بكل الأعمال القذرة في المنطقة
والتي يأنف اللاعبون الآخرون القيام
بها، من نوع تدمير المقاومتين
اللبنانية والفلسطينية، وإنهاك
العراق وتدميره، وتدجين الشعب السوري
وحبسه وراء أسوار الخوف، وسكوته
الدائم على عربدة إسرائيل حتى في
الأجواء السورية، الأمر الذي حول
إسرائيل إلى قوة جبارة وساهم في وهن
نفسية الأمة وترسيخ روح الإنهزام فيها. لقد كشفت الثورة أن النظام أصغر بكثير من
القيم التي يحاول التلطي خلفها. فهذا
النظام الذي أتيحت له الفرصة على مدار
أكثر من خمسين عاماً لم يكن يحمل أي
مشروع وطني واضح، لا في السياسة ولا في
الإقتصاد ولا في السيادة، ولا يوجد
بصيص أمل في أن يصبح له مشروع وطني في
يوم من الأيام، وقد ضيع على البلاد
فرصاً وإمكانات كبيره يتطلب تعويضها
جهداً ومالاً يصعب إتاحتهما بسهولة. مضى عام على الثورة السورية، ثمة أفق
وإحتمالات عدة تواجهها، غير الموت
والإخفاء والنزوح، إحتمالات من نوع
تقسيم البلاد، أو تدمير الأفق
المستقبلي لسوريا، وكذا إدخال البلاد
في أتون حرب أهلية. والواضح أن الثورة
ستبقى على نبل أهدافها، هذا ما يشي به
إستمرار حراكها وزخمه، رغم كثافة
النيران الموجهة إلى صدور أبنائها. ================= الأحد, 08 أبريل 2012 عبدالله إسكندر الحياة من المفترض أن تنتهي في سورية بعد أيام
قليلة، عمليات القتل للمتظاهرين
وملاحقة المعارضين وإطلاق المعتقلين
وفتح البلاد أمام وصول المساعدات
للمنكوبين والصحافة الأجنبية،
وخصوصاً التوصل سريعاً لصيغة
المراقبين الدوليين من أجل مراقبة
التقيد بالنقاط الست التي باتت تلقى
دعماً دولياً بالإجماع. وسير الأمور في
هذا الاتجاه يعني تحولاً في طبيعة
الأزمة من قتال في المدن والأرياف إلى
بدء حوار داخلي بين الحكم وكل أطياف
المعارضة، في ظل ضمان حرية السوريين في
التعبير عن مواقفهم بالتظاهر
والإضراب، وفي إطار إرساء مرحلة
انتقالية تؤسس لدولة القانون ونظام
حكم ديموقراطي تعددي. لكن الأيام السابقة على موعد انتهاء
المهلة التي حددها كوفي أنان، في
العاشر من الشهر الجاري، للحكم
والمعارضة للتقيد بوقف القتال، تجعل
هذا السيناريو الوردي صعب التحقيق، إن
لم يكن مستبعداً بالكامل. وذلك ليس
بسبب ممانعة المعارضة، خصوصاً المجلس
الوطني، للتحادث مع الإدارة السورية
الحالية التي ستكون ممثلة للطرف
الرسمي في أي حوار محتمل، وإنما بفعل
قراءة هذه الإدارة للمرحلة، ولقناعتها
بأنها غير مضطرة إلى تقديم تنازلات لم
تقدمها في السابق، وبأن الحل الأمني
الذي اعتمدته منذ بداية الحركة
الاحتجاجية هو الأمثل بالنسبة إليها. ومن المعتقد بأن إعلان دمشق موافقتها على
خطة أنان جاء في إطار هذه القراءة،
وليس بالتعارض معها. فهذه الموافقة
تشكل نوعاً من الانحناء أمام العاصفة،
بعد انضمام روسيا والصين إلى الإجماع
الدولي والإقليمي في شأن مهمة الموفد
الدولي - العربي. وتتيح إعادة تقوية ما
كان ممكناً أن ينقطع بين دمشق وكل من
موسكو وبكين في حال الرفض للخطة، هذا
من جهة. ومن جهة أخرى، وهذا ما تم
التشديد عليه لدى إعلان الموافقة، ربط
الالتزام بوقف الدعم الخارجي للمعارضة.
وهذا ربط يعرف الجميع أن هدفه فقط
التنصل من الخطة لدى الحاجة. ذلك أن
الدعم الإقليمي والدولي للمعارضة يقع
في صلب الاعتراض على ممارسات النظام،
وأنه مستمر، خصوصاً في وجهه السياسي،
ما دام النظام على حاله. ومن اللافت، في إطار إعلان الموافقة على
خطة أنان، أنه تزامن مع إعلانات تكاد
تكون منسقة عن استحالة إسقاط النظام
السوري عبر الحركة الاحتجاجية
الحالية، صدرت عن القيادة السياسية في
دمشق وعن إيران وعن الحكومة العراقية و
"حزب الله". أي أن النظام السوري
الحالي يقع ضمن أولويات إقليمية
يمثلها هذا التحالف، وليس مجرد مشكلة
داخلية يمكن للحكم في دمشق التصرف فيها
من دون الأخذ في الاعتبار للمصالح
والأهداف التي يعتبرها هذا التحالف
مشروعة بالنسبة إليه. وبما يعني أن
مسألة امتثال الحكم السوري لالتزامات
النقاط الست، وضرورات الحوار
وخلاصاته، ليست مجرد قرار ذاتي لم يتخذ
أصلاً. المداهمات مستمرة، ومستمر أيضاً استخدام
الأسلحة الثقيلة والمدرعات وسلاح
الجو، والقتل لم يتوقف. وحجة الرد على
"المجموعات المسلحة" جاهزة، كما
كان الحال منذ اندلاع الحركة
الاحتجاجية. في مثل هذه الحال، يتجه الوضع إلى
السيناريو الأسوأ، لأن ثمة تمسكاً
سورياً رسمياً، مدعوماً بالتحالف
الإقليمي، بالحل الأمني، ما دام أي حل
آخر سيدخل تعديلاً على بنية النظام،
وتالياً ثغرة كبيرة في التحالف. ويمكن
توقع، في حال الفشل المرجح لإرساء
بداية حل سلمي استناداً إلى خطة أنان،
أن تأخذ المطالبات بالمناطق أو
الممرات الآمنة وحماية المدنيين طابعا
أكثر إلحاحاً وتأييداً، بما يضع
البلاد فعلاً في أتون الانقسام الأهلي
الكبير، وما ينطوي عليه من اقتتال. ولا
يتردد كثر في اعتبار أن مثل هذا الوضع
هو ما يبرر للنظام التمسك بالحل الأمني. ================= قليل من السلاح.. كثير من
الحراك! ميشيل كيلو الشرق الاوسط 8-4-2012 لا هدف لمؤيدي الانتفاضة الشعبية السورية
غير التفكير في حلول للمعضلة التي
يطرحها عليهم استخدام السلاح الرسمي
ضد الشعب الأعزل، وموت بنات وأبناء
الشعب تحت الرصاص، مع أنهم كثيرا ما
يقتلون في منازلهم ومع أسرهم، ومن دون
أن يكونوا قد شاركوا في مظاهرة أو
احتجاج. ما العمل لوقف القتل الكثيف
والمتعاظم، الذي ينتشر في كل مكان من
سوريا ويقضي على الزرع والضرع،
ويستهدف قبل كل شيء حياة المواطنين
العزل، لمجرد أنهم يعلنون رفضهم
الاستمرار في العيش مع الاستبداد،
ورغبتهم في الحرية. وكان التظاهر السلمي الشكل الذي اختاره
المواطن السوري العادي للتعبير عن
تطلعاته، وللاعتراض على ما يقع عليه من
إيذاء وظلم، وللتمرد على سلطة لا تفكر
في تحسين أوضاعه، تسيره وفق مبدأ «جوع
كلبك يتبعك»، وعلى مبادئ سياسة أعلنها
ذات يوم حاكم مغربي هو السلطان
إسماعيل، الذي قال: «من عادانا قتلناه،
ومن والانا عذبناه، والسعيد من لا
يرانا ولا نراه». خرج المواطن متظاهرا،
فانتهجت السلطة سياسة تمنع التظاهر
تستند إلى أكذوبتين بائستين أرادت
لهما أن تتحولا إلى حقائق، هاتان
الأكذوبتان هما: - إن التظاهر يغطي أو يحجب وجود عصابات
مسلحة لا مهرب من القضاء عليها بالقوة،
خاصة أن رجالها متطرفون وإسلاميون
ويستهدفون الشعب الأعزل. بما أن هؤلاء
يندسون بين المتظاهرين، فإن قتلهم حيث
هم يصير أمرا لا مهرب منه، مع ما يمكن
أن ينجم عن ذلك من سقوط متظاهرين
أبرياء، يتحملون وحدهم المسؤولية عن
موتهم بالرصاص الرسمي. - إن التظاهر مشروع وقانوني، إذا ما تم
بموافقة السلطات المختصة كوزارة
الداخلية، لكن المتظاهرين ينزلون إلى
الشارع دون موافقة السلطات الرسمية،
مما يتيح للعصابات فرصة الإفادة من
حراكهم والانقضاض على النظام، الذي
يجد نفسه مجبرا على الدفاع المشروع عن
نفسه، مع ما يترتب على ذلك من نتائج
قاتلة بالنسبة إلى الشعب، ليس الأمن
وشبيحته مسؤولين عنها، حتى إن قتل من
يقتل برصاصهم. بهذه السياسة التي اعتمدت لتبرير قتل
المتظاهرين، تمت تصفية المواطنين بدم
بارد بحجة حمايتهم من عصابات مسلحة
تندس في مظاهراتهم. وبما أن هوية هذه
العصابات لم تحدد في أي وقت، وإن كان
النظام قد قال كلاما مبهما عن
أصوليتها، فإن أي قتيل سقط برصاص الأمن
تحول بقدرة قادر وبصورة آلية إلى أصولي
ومسلح يستحق الموت. يفسر هذا لماذا
انتشر القتل وطال أعدادا متزايدة من
المتظاهرين الأبرياء في كل مكان وصلت
إليه أسلحة السلطة وأجهزتها. ويشرح
الطريقة التي اعتمدها العقل الرسمي في
التعامل مع الشعب، الذي تحول إلى كتلة
أصوليين هائلة العدد، بينما انقلب
أحياؤه من المتظاهرين إلى قتلى
محتملين أو مرشحين للقتل، عقابا لهم
على أصوليتهم المزعومة! إلى هذا، فإن
القول بشرعية التظاهر بعد الحصول على
موافقة مسبقة من وزارة الداخلية، أدى
إلى اعتقال وتعذيب كل من طلب التظاهر
المرخص، فكأن الإعلان كان فخا نصب
للشعب أريد به تمكين السلطة من معرفة
نشطاء المظاهرات وهوية من يحرضون على
المشاركة فيها، تمهيدا لاعتقالهم
ومعاقبتهم، رغم أن مظاهراتهم كانت
جميعها سلمية وغير مسلحة، ولم يكن لأي
طرف إسلامي أو أصولي منظم أي علاقة بها
أو أي دور فيها. كانت المظاهرات السلمية خصم النظام
الرئيس وشكل النضال الذي اختاره الشعب
بعد حادثة درعا المروعة وما أعقبها من
نزول أعداد كبيرة من المواطنين إلى
الشارع، تعبيرا عن رفضها التام
للنظام، ورغبتها في حياة تقوم على
الحرية والعدالة والمساواة. وكانت
السلطة السورية قد وضعت سياسة متكاملة
استهدفت قدرة المواطنين على النزول
إلى الشارع، وخلقت أداة أمنية خاصة
كلفتها بهذه المهمة، سماها الشعب فيما
بعد «الشبيحة»، لكن هؤلاء فشلوا في
تنفيذ ما كلفوا به، باعتبارهم فرق أمن
خاصة تعمل بالتوازي والتقاطع مع الأمن
وأجهزته، فتم عندئذ زج الجيش في
المعركة وكلف بمنع الشعب من التظاهر،
حتى ليمكن القول: إن هدف النظام
الحقيقي كان إما الحيلولة دون وصوله (الشعب)
إلى الشارع، وإما إخراجه منه بالعنف،
بأقصى قدر من العنف يتطلبه بلوغ هذا
الهدف، ليحال بينه وبين التظاهر
السلمي، المعبر عن طموحاته ووحدته
ونبذه العنف. ومع أن نزعة إلى الاستهانة بقيمة التظاهر
وبسلميته نشأت فيما بعد لدى أوساط
متنوعة من المعارضة، أنتجتها ضغوط
النظام العنيفة على عامة الناس،
وسوغتها أعداد القتلى التي لم تعرف
التناقص أو التوقف، بل ازدادت باطراد
واتخذت أشكالا وحشية بكل معنى الكلمة،
فإن النظام واصل اعتبار هذا الضرب من
الحراك عدوه الرئيسي، وعبر عن موقفه من
خلال وضع معايير لإطلاق النار على
الخلق استندت إلى مبدأين هما: منعهم من
بلوغ الساحات العامة للاعتصام فيها،
ومنعهم من تجميع أعداد كبيرة تعطي
الانطباع بأن الشعب فقد ولاءه للسلطة
وشرعت كتله الكبرى تعبر عن رفضها لها. واليوم، وبعد توطد نزوع قوي إلى المطالبة
بتدخل عسكري خارجي يوقف عنف النظام،
وتحوله إلى سياسة رسمية تتبعها أطراف
وازنة في المعارضة، تسود استهانة جدية
بالتظاهر السلمي، الذي صار يعتبر أداة
غير ملائمة لتحقيق مطالب الشعب، في
التقاء غريب آخر بين النظام وبعض
معارضيه، يضاف إلى الالتقاء على نزع
الطابع المجتمعي عن الحراك، والانخراط
في مواقف تتسم بالطائفية، وبالابتعاد
عن الحرية كحاضنة رئيسية للنضال في
سبيل البديل، وبالذهاب إلى السلاح،
الذي عبر عن نفسه بأكثر الصور فظاظة في
رأي ضابط متمرد قال بكل صراحة: «ليست
السلمية طريقنا إلى إسقاط النظام. تغيب
الحرية غيابا شبه تام عن كلام أنصار
العنف والسلاح، بما لا يطمئن إلى
المستقبل، بل هو العنف، الذي سيطاول كل
من لا يقف معنا أو ينضم إلينا من جيش
السلطة». لا مبالغة في القول: إن كل ما حققه الشعب
خلال العام الماضي يعود إلى التظاهر
السلمي، إلى التظاهر وإلى السلمية. ولا
مراء في أن الانتقاص من قيمة التظاهر
يعني عمليا الانتقاص من دور الشعب ورفع
قيمة ومكانة الأدوار البديلة، التي لا
تعتد بالتظاهر السلمي، بل بالعنف
المسلح، علما بأن الرد على العنف
الرسمي كان سينجح بقدر ما ينجح الحراك
الشعبي في زيادة أعداد المتظاهرين في
الشوارع، وزيادة انتشارهم مكانيا
وتكثيف تحركهم زمنيا، وإنقاص أعداد
المحايدين والمتفرجين، وطمأنة
الخائفين من وعلى المستقبل، وزيادة
تضامن بنات وأبناء الشعب وتوطيد
وحدتهم الوطنية وتجسيدها في هيئات
ولجان جامعة تضم مواطنين من مختلف
الأطياف السياسية والدينية
والمجتمعية والإثنية... إلخ، ليس من أجل
تقويض أسطورة النظام الذي يدافع عن
الشعب وحسب، بل كذلك لتقويض معنويات
أتباعه وأجهزته وتفتيت ما له من سند
مجتمعي، ورفع معنويات ودور من يقاومون
سلميا بطش الآلة العسكرية والأجهزة
الأمنية والشبيحة، وأخيرا، لكسب
المزيد من تعاطف الأمم والشعوب التي
تنظر اليوم بإعجاب شديد إلى سلمية
الشعب الشجاع، المتفوق أخلاقيا ومدنيا
على نظامه، وما زال يعبر عن تفوقه
بالتظاهر السلمي، رغم ما يتعرض له من
قتل إجرامي شنيع. ركز النظام على إطفاء التظاهر السلمي،
ونجح نسبيا فيما قصد إليه عن طريق
استعمال غير مقيد للعنف المسلح، رغم
تمسك قطاعات واسعة من السوريات
والسوريين بنهج التظاهر المدني
والإنساني إلى اليوم، أي بعد مرور أكثر
من عام على الحراك، ورغم تنكر كثير من
أنصار العمل المسلح لقيمه ولحوامله
المجتمعية والسياسية. هناك اليوم من يريدون قليلا من التظاهر
وكثيرا من الرصاص، والأصل في
الانتفاضة الشعبية هو الكثير من
المظاهرات والقليل من الرصاص، كي لا
تكون النتائج مأساوية أو كارثية،
وتبتعد قطاعات واسعة من المواطنات
والمواطنين عن دورها المأمول، ويضيع
الناس بين راغب في العنف ومعارض له،
ويتخلى عدد متزايد من المحايدين عن
موقفهم الإيجابي من الحراك، ولا يبقى
في الشوارع غير حملة سلاح أغلبيتهم
الساحقة من الشبيحة وأجهزة الأمن
والجيش، ويفقد العالم موقفه المتعاطف
مع الشعب المضحي، الذي يفضل تحمل الموت
على الشروع في ممارسة القتل، ويضيع كل
ما نزل الشعب إلى الشارع في سبيل
تحقيقه سلميا: الحرية والكرامة
والعدالة. ================= نشر : 08/04/2012 محمد أبو رمان الغد الاردنية لا تعدو أن تكون صيحات الانتصار
التاريخي، التي بدأنا نسمعها من أبواق
النظام السوري في دمشق وخارجها،
وإعلان نهاية "مؤامرة إسقاط الدولة"
(لاحظوا وليس النظام، فهنالك تماه بين
الرئيس والدولة!) قد انتهت، أن تكون
دخاناً كثيفاً للتغطية على قبول
النظام السوري بخطة كوفي أنان، بتأييد
دولي حاشد. خطة أنان تقتضي سحب القوات السورية خلال
أيام معدودة من المدن ومنع العمل
العسكري، بصورة قطعية، مع وجود حقيقي
لمراقبين دوليين، وليس الأمر مثل وفد
جامعة الدول العربية الذي كان هزيلاً
ومنح شرعية للمجازر، وهو ما يعني
التزاماً بسحب الجيش، ما استدعى هذا
التطبيل والتزمير للانتصار وإنهاء
العمليات العسكرية، بينما الصورة
الحقيقية أنّ الأسد مجبر على سحب
قواته، وهنالك غطاء روسي وصيني ودولي
لمهمة أنان، ما يعيد بعثرة حسابات
النظام رأساً على عقب. في واشنطن هنالك توافق داخل الإدارة
الأميركية وبين مراكز التفكير القريبة
منها، باستثناء بعض النواب في
الكونغرس، على استبعاد التدخل العسكري
في الوضع الراهن، وفتح الباب لضغوط
دبلوماسية واقتصادية، والأهم من هذا
حل سياسي من خلال مبادرة أنان، التي إن
طبقت ستكون بمثابة المفتاح الذهبي
لإسقاط النظام السوري. المبادرة فرصة ثمينة للثورة السورية
للحصول على حماية دولية، والتأكيد على
سلميتها ودحض دعاوى النظام بوجود
العصابات المسلحة، وهو ما يستدعي من
الجيش الحر المسارعة إلى إعلان التوقف
عن العمل المسلّح فور وصول المراقبين،
بل والتعاون معهم، لنزع أي حجج للنظام
هناك، لإفشال هذه المهمة. هدفنا اليوم وقبل كل شيء حماية المدنيين
وإبعاد آلة القتل والإبادة عنهم، وهذا
يتحقق بنجاح المهمة، ودور المعارضة
السورية في الخارج حالياً العودة خطوة
إلى وراء، واستبدال مطالب التدخل
العسكري، التي وصلت إلى طريق شبه مغلق
في الوضع الراهن، بتوسعة نطاق عمل
البعثة الدولية، بأن تصبح بحجم كبير
جداً، ومن المجتمع الدولي، وبحضور
إعلامي عالمي واسع، وأن توفر قاعدة
بيانات دقيقة حول أسماء وأعداد
المعتقلين والمفقودين والجرائم
والسجون للضغط على النظام دولياً
وإحراجه أمام العالم أجمع. الخشية التي يبديها الناس اليوم هي أن
يخرج الجيش من الشوارع ويحل محلهم
الأمن، وتبدأ سياسة الاعتقالات
الواسعة، بدلاً من العمل العسكري،
وهذا خوف مشروع جداً ومبرر، ولتوفير
ضمانات ضد هذا السيناريو، فإنّ
المطلوب من المعارضة أن تصمم آليات
واضحة وفاعلة مع فريق أنان لمنع
الاعتقالات والتدخلات الأمنية،
وللتبليغ عنها فور وقوعها، واستدامة
تفتيش مراكز الاعتقال والتعذيب. موقف النظام السوري ضعيف وهش، ولا نخشى من
الحل السياسي، بل المطلوب إنجاح مهمة
أنان، إذ إن دخول أعداد كبيرة من
المراقبين الدوليين سيكشف للعالم أجمع
المجازر المرعبة والقتل والإبادة
والاعتقالات والتعذيب، وستكون فرصة
كبيرة لتسليط الضوء على خطايا هذا
النظام الإجرامي، وستروى في الإعلام
العالمي وفي الأمم المتحدة آلاف القصص
عن المعاناة الإنسانية غير المحتملة
التي وقعت بحق المدنيين والصغار
والنساء والجنود المنشقين وغيرهم. بالطبع، سيحاول النظام السوري المراوغة
والالتفاف على عمل اللجنة، وهذه هي
المعركة القادمة معه، في تثبيته على
الأرض من خلال الوسائل السلمية
والقانونية والإعلامية، وإذا ما تخلى
عن تحايله وقرر طرد المراقبين، فسيكون
موقف روسيا والصين أضعف بكثير، وسيكون
الشعب السوري في موقع أقوى دولياً
وسياسياً، وحصل على قسط من الراحة خارج
الجحيم الحالي. من يتحدثون عن انتصار النظام واهمون
تماماً، لا يمكن أن ينتصر بأي معنى من
المعاني، هو لعب في الوقت الضائع،
والثورة تزداد قوة وعظمة يوماً بعد يوم. ================= الأحد, 08 أبريل 2012 ماجد الجعيد * الحياة الكثير يؤمن بنظرية علم النفس بأن
للإنسان عقلاً باطناً يظهر على السطح
في حالات معلومة كحال النوم أو الثمالة
أو سكرة الموت، ويكشف عن طبيعة النفس
البشرية التي تتظاهر بخلافه في كثير من
الأحيان، لكنّ القليل يعي بأن الأمم
والشعوب كذلك لها عقل باطنّ لا يموت
بموت الأفراد، بل هو دائم بديمومة هذه
الأمم، وهو العنصر الفاعل والموجه
والمفسر في كثير من الأحيان لكثير من
الأحداث التي تعاصرها الشعوب في
علاقتها مع الثقافات والشعوب الأخرى،
وهذا العقل الباطن للشعوب والأمم، على
رغم مخالفته للظاهر في كثير من الأحيان
إلا أنه يظهر على السطح في حالات
كالجهل والتخلف واختلاط الأمم
والثقافات ببعضها البعض، أو في حالات
الانتصار والقوة، فما حدث في سجن أبو
غريب بعد الغزو الأميركي للعراق يفسر
طبيعة العقل الباطن لأميركا التي جاءت
بحجة تحرير المواطن العراقي من نظامه
المستبد! ولذا فكثير ما تهوى الجماهير
ما يشاع على السطح من المواقف المعلنة،
أو ما يعرف بال «بروباغاندا الإعلامية»،
التي تعتبر هي المعطي الأكثر ملاءمة
للجماهير لتفسير الأحداث الدولية
وحدود المصالح البراغماتية بين الدول،
لكنّ العقل الباطن للشعوب هو ما يمكن
من خلاله درس العلاقات الدولية في ما
يعرف لدى المؤسسات البحثية والسياسية
باسم «النظريات السياسية» التي لا
تتعامل مع الظواهر السياسية
والإعلامية فحسب، بل تتجاوز ذلك للبحث
عن خلفيات المشاريع والمنظمات الدولية
وما تهدف إليه. في الحال السورية القائمة مثلاً أصبحت
القضية الطائفية هي المعطى الأساسي
للتحليل والمواقف التي نقرأها ونسمعها
بشكل يومي، فالكثير من التحليلات
السياسية - العقدية تنطلق من قضية أن
إيران تقوم بدعم لوجستي وسياسي ومالي
في سبيل حل الأزمة القائمة سياسياً
بإصلاحات تضمن بقاء نظام الأسد مدة
أطول، وهو النظام المتوافق معها
أيديولوجياً، وتستعين في ذلك بروسيا
والصين بحكم علاقاتها المتينة معهما،
وكذلك أميركا والاتحاد الأوروبي، ترى
أن تغيير النظام الأسدي قد يضر
بالمصالح الأميركية بالمنطقة وبأمن
إسرائيل. ومن هذه المقدمة المتيسرة الفهم يمكن
تفسير الحراك السياسي - الديني لإثارة
القضية الطائفية وتوسيع دائرتها، ظناً
بأن ذلك يمكن أن يسهم في حل هذه الأزمة،
وهناك اتجاه آخر للتحليل يرى بأن هناك
علاقة استراتيجية تجمع بين أميركا -
إيران، وتحالفاً خفياً كان له نتائج
واضحة في الغزو الأميركي لأفغانستان
والعراق، ومن ثم استبعاد أي تحرك
أميركي - أوروبي عسكري ضد إيران أو
مصالحها في المنطقة كسورية. سنحاول في هذه المقالة أن نبحث في العقل
الباطن للتواطؤ الدولي والإقليمي من
القضية السورية، فموقع سورية الجغرافي
بين مشروعين «الأميركي الصهيوني،
الصفوي»، هو النقطة الأبرز لحساسية
هذه المنطقة، فالقضية إذاً قضية
مشاريع أممية في هذه المنطقة، وهي قضية
سياسية أممية بالدرجة الأولى، وليست
قضية طائفية،كما يروج لها البعض،
فسورية تعتبر ذات بعد استراتيجي في
المشروع الصفوي في المنطقة، وهذا ما
يظهر من خلال «الأفق العشريني»، وهي
الخطة الإستراتيجية الإيرانية التي
تفترض أن تكون إيران بحلول عام 2025 هي
الأولى اقتصادياً وعلمياً وتقنياً على
الصعيد الإقليمي، وجعلت صحيفة «كيهان»،
الناطقة باسم المرشد الأعلى للثورة
الإيرانية بأن الأولوية للمشروع
الإيراني في منطقة الخليج العربي «الفارسي»،
ومن ثم في منطقة الشرق الأوسط «العربي»،
فإيران تعي بأن تحركها في الشام يمر
بعقبة تقاطع المصالح في هذه المنطقة مع
المشروع الأميركي الصهيوني الساعي
للحفاظ على سلامة إسرائيل وحدودها،
لذا جعلت منها أولوية ثانية في
مشروعها، لكنّ الرياح تجري بما لا
تشتهي السفن، فالانتفاضة الشعبية في
سورية أربكت الأجندة الإيرانية، التي
كانت ترى أن نظام سورية تابع للنظام
الإيراني، خصوصاً بعد النفوذ الإيراني
في عراق ما بعد صدام، ومن ناحية أخرى
فأميركا والاتحاد الأوروبي يسعيان لأن
تكون هذه المنطقة من العالم داخل
السيطرة الدولية، وأن أي حراك شعبي في
هذه المنطقة سيكون أشبه بالنار
الواقعة في الهشيم، التي لا يمكن تخيل
مآلاتها، ومن جهة أخرى فإيران حليف
استراتيجي لأميركا، وما يثار في
الأوساط الإعلامية من مناوشات بين
الطرفين، وتهديدات وعقوبات، إنما تتم
في العلن لتضليل الرأي العام وإقناع
العالم بأن العلاقة الأميركية -
الإيرانية على شفى جرف هارٍ وإلا بماذا
يُفَسر الصمت الأميركي على عمليات
تخصيب اليورانيوم الإيراني لسنوات
طويلة وإيران تقوم بذلك في العلن، في
الوقت الذي أطاحت فيه أميركا بنظام
صدام حسين لمجرد اشتباه امتلاكه
للأسلحة المحظورة دولياً! ليس معنى هذا أن العلاقة بين الطرفين ستظل
كذلك بصفة أبدية، بل هي علاقة مرحلية
وتقاطع مصالح لا أكثر، فالسياسة
الدولية اليوم تحكمها ال«براغماتية»،
فأثناء الحرب الأميركية على العراق تم
تسليم إدارة الوضع الداخلي في العراق
لإيران، وفي الوقت ذاته لم تشكر إيران
لأميركا هذه الهدية، بل كانت إيران
تدعم بعض فصائل المقاومة السنية
بالسلاح والمال، لأنها تريد ضرب
أميركا من الظهر وإضعاف قوتها
واستغلال الأزمة لضرب عصفورين بحجر:
إدارة شأن العراق، وإرهاق أميركا
مالياً وعسكرياً بالخسائر، وفي السياق
البراغماتي ذاته يفهم الموقف الأميركي
الداعم للأصولية الإسلامية في
أفغانستان، وكيف أن أميركا كانت تسمح
للدعاة بإقامة المحاضرات في أميركا
لدعوة المسلمين للذهاب لقتال الاتحاد
السوفياتي في أفغانستان، وبعد انتهاء
تقاطع المصالح مع الأصولية الإسلامية
رأت أنه لابد من القضاء عليها لأنها
تهدد الأمن الدولي! هي مسألة مصالح
وقتية فقط، وتحالفات استراتيجية
لفترات زمنية معينة ومن ثم يخرج العقل
الباطن في حالات الانتصار والقوة كما
يتضح من كل ما سبق. وتجاه هذه الصورة المعقدة من الأزمة فإن
التعامل مع هذه الأزمة لا يكون بمجرد
تحريك قضية الطائفية وإثارة السجال
الطائفي عبر وسائل الإعلام والقنوات
المتخصصة والمواقع الإلكترونية،
فالتعاطي مع السياسة الدولية والأحداث
الجارية يجب أن ينطلق من رؤى
استراتيجية واضحة - بعيدة المدى تسعى
لحل الأزمات الراهنة والمستقبلية في
آن واحد، ومن هنا يمكن أن أشبه ما يغلب
اليوم على السطح في التعامل مع هذه
الأزمة بالجبل الجليدي الذي ظهر لنا
رأسه الجليدي، فانشغلنا بالرأس
الجليدي (القضية الطائفية) وتناسينا
الجبل الجليدي العريض الذي يمتد في
أعماق المحيط. فنحن اليوم أمام مشاريع أممية تتقاتل
للفوز بهذه المنطقة الجغرافية وإثبات
قوتها لإدارة الصراع، ولذا هل دورنا
فقط أن نهاجم الشيعة كطائفة، وأن نجعل
من الأزمة مواجهة بين «السنة والشيعة»
فقط؟! أم أن نكتفي بكتابة البيانات أو
إقامة ملتقيات لنصرة أهلنا في سورية؟
هل الحل أن نستمع كل جمعة لخطب رنانة
تعبئ الناس طائفياً وتستفز جميع
الطوائف ضدنا؟ الحل لا يمكن أن يكون فردياً، أو أن تقوم
به مجموعة من دون أخرى، بل هو مشروع
نهضوي يجب أن تتوافر فيه «الإرادة» و«الإدارة»
كذلك، ويجب أن تتضافر فيه شعوب الخليج
العربي ككل، وهي المنطقة المعنية من
العالم بكل هذه الموجة من التعقيدات،
ويمكن أن أقترح الحل في اتجاهين: - تفعيل مبادرة الملك عبدالله لإقامة
اتحاد خليجي، وتفعيل هذا المشروع
ليكون مشروعاً نهضوياً يقاوم
المشروعين الصفوي والأميركي في
المنطقة، وألا يكتفي بالحل
الإستراتيجي السياسي والأمني فقط، بل
يجب أن يكون مشروع الاتحاد فكرة
كونفيديرالية تسهم في الارتقاء
بالمنطقة من نواحٍ «سياسية وثقافية
واجتماعية واقتصادية»، فالمرحلة
تستلزم من دول الخليج الظهور بمظهر
الندّ في ظل هذه المشاريع الكبرى
لتطويع المنطقة لمصالحها. - دعم المؤسسات والجمعيات الأهلية التي
تقوم بدور كبير في هذه الأزمة من ناحية
إغاثية وإنسانية واجتماعية، وتوفير
أجواء صحية لعمل مثل هذه المؤسسات
المدنية، لتتحول حماسة الشارعين
الخليجي والعربي تجاه هذه القضية إلى
شكل عمل مدني، تقوم عليه المؤسسات
والجمعيات المدنية والأهلية، وبذلك
نتحول إلى مجتمع مؤسسات مدنية يتحمل
مسؤولية نصرة القضية السورية من جهة،
ويخفف من الضغط السياسي القائم على
حكومات المنطقة من جهةٍ أخرى. وبوضوح استراتيجيات العمل الخليجي
الموحد سيكون من السهل التعامل مع
الأحداث الطارئة كالأزمة السورية
مثلاً، لا أن نكتفي بمجرد المشاهدة،
كما حدث في العراق، فسورية اليوم يمكن
أن تكون عراقاً أخرى بيد المشروع
الصفوي الكبير، الذي يسعى للنفوذ في
المنطقة. وأخيراً أنقل تعليقاً نشرته «الواشنطن
بوست» في 28 - 5 - 2011 لمنى يعقوبيان، وهي
خبيرة سابقة في شؤون الشرق الأوسط لدى
قسم المعلومات التابع لوزارة الخارجية
الأميركية، تقول «إن سورية تعد أهم
بوابة للعالم العربي بالنسبة لإيران،
وخط مواجهة مع إسرائيل... إنه إذا ما خسر
الإيرانيون النظام السوري فإن ذلك
سيشكل نكسة كبيرة لإيران». * مستشار قانوني. ================= جواد البشيتي دنيا الوطن 8-4-2012 الثاني عشر من نيسان الجاري هو "الموعد
الحاسم"؛ فالمُفْتَرَض أنْ يشهد يوم
الخميس المقبل "وقفاً شاملاً (متبادَلاً)
لإطلاق النار" في سورية. إنَّ "ألغاماً" عدَّة مزروعة في "خُطَّة
(كوفي) عنان"، المبعوث الخاص للأمم
المتحدة وجامعة الدول العربية إلى
سورية؛ وأخصُّ بالذِّكْر منها، أيْ من
هذه "الألغام"، "اللغم"
الكامن في النقطة السادسة والأخيرة من
الخُطَّة؛ ففي هذه النقطة التزم نظام
الحكم السوري "احترام حرِّيَّة
التَّجمُّع، وحقِّ التظاهر، سلمياً،
حسبما يَكْفَل القانون". يوم الخميس المقبل، ومع التزام "الوقف (المتبادَل)
الشامل لإطلاق النار"، يُفْتَرَض
أنْ تسعى قوى المعارَضة السورية في
إقامة الدليل الحيِّ والملموس على
أنَّ مُدُن سورية، وفي مقدَّمها "مُدُن
الحراك" التي عانت أكثر من غيرها من
أعمال القمع والبطش التي ارتكبها نظام
حكم بشار في حقِّ أهاليها، ستشهد
مظاهرات شعبية واسعة ضدَّ نظام الحكم
هذا؛ ف "الفرضية"، والتي أراها
صائبة، هي أنَّ أعمال القمع والبطش تلك
هي القَيْد على رغبة قسم كبير، أو
القسم الأكبر، من الشعب السوري في
النزول إلى الشوارع، والاحتشاد في
الميادين والساحات العامة، للمناداة
بالحرِّيَّة، من طريق إطاحة نظام حكم
بشار. أعْلَمُ بوجود قَيْدٍ آخر، صنعه نظام
الحكم السوري، عبر عملياته العسكرية
والأمنية الواسعة والشرسة في داخل "مُدُن
الحراك"، وفي مقدَّمها حمص؛ وهذا
القَيْد هو ما حلَّ بأهالي هذه المُدُن
من مآسي التدمير والتخريب والقتل
والتهجير..؛ وقد يترتَّب على ذلك ألاَّ
يستطيع السكُّان الخروج في مظاهرات
واسعة إلى أنْ يعودوا إلى شيء من
حياتهم اليومية الطبيعية. ومع ذلك، يبقى هذا "اللغم"، ويبقى
قابلاً للانفجار السريع والعاجل؛
فنظام حكم بشار سيَزْعُم، عندئذٍ،
أنَّ "التجمُّع" و"التظاهر"،
لم يَحْدُثا بما يجعلهما "قانونيين"،
أو "مكفولين قانونياً"، وإنْ
اتِّسما بطابع سلمي (من جانب
المتجمِّعين والمتظاهرين). وهذا إنَّما يعني (من وجهة نظر نظام حكم
بشار) أنَّ السلطات السورية يحقُّ لها
ألاَّ تظلَّ ملتزمة "احترام
حرِّيَّة التَّجمُّع وحق التظاهر"؛
وسنسمعهم، عندئذٍ، يقولون إنَّ هذا
الالتزام مشروط بشرطين: "سلمية
التجمُّع والتظاهر"، و"أنْ يكون
مُرخَّصاً لهما (فهذا هو معنى عبارة
"حسبما يَكْفَل القانون")". وحتى يُنْزَع هذا "اللغم" من تلك "النقطة"،
لا بدَّ من أنْ "يُقْنَع" نظام حكم
بشار، بالتي هي أحسن، أو بالتي هي
أسوأ، بأنَّ التظاهُر في زمن الثورة
يُفْقِد الثورة معناها إذا ما قُيِّد
بالحصول على رخصة (مِمَّن يتظاهر الناس
ضده، ومن أجل إطاحته). و"اللغم" نفسه يمكن أنْ ينفجر لسبب
آخر؛ فكيف سيتصرَّف نظام حكم بشار إذا
ما انشقَّ جنود وضباط عن الجيش النظامي
وانتقلوا إلى حمص مثلاً؟ هل سيُجرِّد، عندئذٍ، حملة عسكرية (وأمنية)
لإلقاء القبض عليهم، مع ما يمكن أنْ
يترتَّب على ذلك من نتائج وعواقب؟! إنَّ "الرقابة الدولية (الفعَّالة)"
هي التي تسمح للقائمين بها بأنْ
يتأكَّدوا (وبأنْ يُعْلِنوا من ثمَّ)
أنَّ هذا الطرف هو الذي بدأ بإطلاق
النار، وأنَّ هذه الأسباب هي التي
حَمَلَتْه على البدء بإطلاق النار؛
وهي التي تسمح لهم، أيضاً، بأنْ
يتأكَّدوا بأنفسهم أنَّ الجيش النظامي
(مع القوى والأجهزة الأمنية المختلفة)
قد أعيد انتشاره بما يلغي ويُزيل كل
المظاهر العسكرية التي كانت موجودة
حتى صباح العاشر من نيسان الجاري؛ وفي
هذا الصَّدد، أقول إنَّ نظام الحكم
السوري قد تنازل للمبعوث عنان،
وللجهات التي يُمثِّل، إذ قَبِل (والتزم)
إخراج دباباته وسائر أسلحته الثقيلة
من "مُدُن (ومناطق) الحراك"، عن
هذا "الحقِّ السيادي". أمَّا "الرقابة الإعلامية" فيجب أنْ
تكون حُرَّة من القيود التي بسببها لم
يُسمَح حتى الآن لوسائل الإعلام غير
المنحازة إلى نظام الحكم السوري بدخول
الأراضي السورية، ومزاولة نشاطها
الإعلامي بحرِّيَّة تامة؛ فما يحدث في
سورية من الآن وصاعداً يجب أنْ يكون
مرئياً ومسموعاً عالمياً، وبصرف
النَّظر عمَّا يمكن أنْ تستذرع به
السلطات السورية لمنع وإعاقة وتقييد
"الرقابة الإعلامية (العربية
والدولية)"، التي ستتحدَّى إعلام
نظام حكم بشار أنْ يَعْرِف، عندئذٍ،
كيف يقارعها. تنفيذ "خُطَّة عنان"، وبما يُظْهِر
ويؤكِّد حُسْن نيَّات نظام الحكم،
يمكن أنْ يؤسِّس لوضع جديد، قوامه:
استمرار وتعاظُم الضغوط الشعبية
السلمية (عَبْر التظاهر) ضدَّ نظام حكم
بشار؛ لكن في مناخٍ من "الوقف الشامل
(المتبادَل) لإطلاق النار". وفي هذا الوضع يستطيع كلا الطرفين (الحكم
والمعارَضة) أنْ يُري العالم، ولو من
حيث المبدأ، وزنه الشعبي الحقيقي. ومع نشوء هذا الوضع، واستتبابه، تبدأ،
بحسب "النقطة الأولى" من "خُطَّة
عنان"، "عملية سياسية تشمل كل
الأطراف"، توصُّلاً إلى حلٍّ نهائي (سلمي،
سياسي) ل "الأزمة السورية"؛
وينبغي لنظام الحكم السوري أنْ "يُعيِّن"
محاوِراً، أو مفاوِضاً، عنه، يتمتَّع
بسلطات وصلاحيات تسمح له بالتوصُّل
إلى "اتِّفاق" مع الطرف الآخر،
وهو المعارَضة (بكل مكوِّناتها وقواها). متى (وأين) تبدأ هذه العملية؟ وكيف يمكنها
أنْ تبدأ؟ وهل تستمر إذا ما بدأت؟ تلك الأسئلة والتساؤلات إنَّما هي غيض من
فيض الأسئلة والتساؤلات التي لا أثر
للإجابة عنها في "خُطَّة عنان". ومع ذلك، تَفْتَرِض "خُطَّة عنان"،
إذا ما نُفِّذت على خير وجه، أنْ نرى
نظام حكمٍ يخوض الصراع من أجل البقاء،
بوسائل وطرائق سلمية، وهو واثِقٌ، هذه
المرَّة، بأنَّه سيظل بمنأى عن خطري
"التدخُّل العسكري الخارجي"، و"تسلُّح
(وعسكرة) الانتفاضة ضدَّه". وتَفْتَرِض، أيضاً، أنْ نرى "حراكاً
شعبياً" يتحدَّى قوى المعارَضة أنْ
تجعله أداة ضغط كافية للوصول إلى "حلٍّ"،
يمكن من طريق تنفيذه تغيير نظام الحكم
القائم سلمياً. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |