ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سيكولوجية الاستبداد
وجرائم الإبادة الجماعية وليد فتيحي الوطن السعودية 14-4-2012 ما يحدث في سورية هو نتيجة متوقعة لخمسةِ
عقود من حكم طغاةٍ مستبدين، وتكوين جيش
من المرتزقة العبيد الذين لا يعصون
الأوامر مهما كانت، بل إنّهم يقومون
بواجبهم تجاه سيدهم كعبيد لا يفكرون
لحظة فيما يفعلون شهد المسرح الإنساني على مر العصور جرائم
إبادات جماعية يندى لها جبين الدهر..
هذه الجرائم كانت وما زالت محط أنظار
كثيرٍ من علماء النفس في محاولة لفهم
كيفية تحكم فردٍ أو مجموعةٍ صغيرة
بعقولِ الآلاف لتنفيذ أوامرهم في
إبادة شعب بأسره.. فلا "نيرون" ولا
"هولاكو" ولا "ستالين" أو "موسيليني"
ولا الرئيس الصربي "ميلوسوفيتش"
ولا "صدام حسين" كان باستطاعتهم
تنفيذ جرائم الإبادة الجماعية بمفردهم
دون من يطيع أوامرهم.. فكيف استطاع
هؤلاء الطغاة التحكم في عقول الآلاف
لتنفيذ جرائمهم؟ لقد وجدت الدّراسات النّفسية أن هناك
عوامل وأبعاداً سيكولوجية مشتركة في
جميع الإبادات الجماعية، ولفهمها لا
بدّ من فهم سيكولوجية السلطة
الاستبدادية وسيكولوجية الطّاعة. أمّا سيكولوجية السّلطة الاستبدادية في
الأنظمة الديكتاتورية أو
التوتاليتارية فهي أبشع أنواع
الاستبداد، وهي تؤدي إلى تغيير في سلوك
الأفراد في المجتمع نظراً للمحيط الذي
تخلقه. ومن سمات وخصائص السلطة
الاستبدادية الخوف والحذر وعدم الثقة
بالجماهير وخداعهم والمكر بهم
واستخدام العنف والقمع ضد كل مناوئ
لسلطتها، وكونها تدرك أن الشعوب ستثور
عليها إن توفّرت لها الظّروف، فإنها
تلجأ إلى تشويه الحقائق باستخدام كل
الوسائل المُتاحة، وخاصة الإعلام،
لتزييف وعي الجماهير وضمان وقوفهم إلى
جانب النظام ضد من يسمونهم بأعداء
السلطة، وبذلك يُستخدم الإعلام كوسيلة
للترغيب والترهيب وتطويعِ الجماهير
لإرادة المستبد. ويعمد المستبِد إلى منع الاجتماعات
والتجمعات الثقافية والإعلام الحر،
واتخاذ كافة السبل لزرعِ الإحساسِ في
المواطن أنه غريبٌ في وطنه، بل وإجبار
المواطنين على الخسة والهوان والضَّعة
والذُّلِ، ونشر الجواسيس في كل مكان،
وإغراء المواطنين بعضهم ببعض لزعزعة
الثقة بين أفراد المجتمع، فيأمن
الطاغية المستبِد على نفسه، وغالباً
ما يكون المستبِد مصاباً بواحدٍ أو
أكثر من الأمراض السّيكولوجية مثل
الشخصية النرجسية أو البارانوية أو
الميكيافيلية أو السّيكوباثية. وفي كثير من الأحيان يجمع الطاغية
المستبد صفاتٍ مشتركةٍ يصنِّفها علماء
النفس والاجتماع تحت بند "الشخصيّة
البارانوية الملوّثة بسمات سيكوباثية
ونرجسية." أما الشخصية البارانوية (Paranoid Personality) فتكون غالباً نتاج طفولة
مضطربة افتقدت دفء أحد الأبوين أو
كليهما، فيتعلم الطفل (طاغية المستقبل)
عدم جدوى التّعاون مع الآخرين أو الثقة
بهم، وأن العالم من حوله يتَّسم
بالقسوة والعدوانية، ولا مكان إلا
للقوي المُستَبد. والشّخصية
البارانوية لا تعرف النّيات الحسنة..
فتُحقّر العواطف مثل الحب والرّحمة
والتّعاطف وتصبح القيمة السائدة عندها
هي القوة والسّيطرة. وبالنسبة للشخصية النرجسيّة فهي شخصيةٌ
مفرطةٌ بحبِّ الذّات والإحساس
بالفوقية والأفضلية على الجميع. وفيما
يخص الشّخصيّة الميكيافيلية فهي شخصية
معقّدة انتهازيّة من سِماتِها
الرئيسية أنها تؤمن بنظرية "الغاية
تبرر الوسيلة." أما سيكولوجية الطّاعة فهي تدرس دواعي
انصياع الآلاف من البشر لرغبات وأوامر
المُيول العُدوانية لمن بيدهم صنع
القرار ولتفسير الإبادة الجماعية، فإن
الفرد في هذه المجتمعات غالباً ما
يُبرر لنفسه ما يفعله بإلقاء اللوم على
القادة الذين يصدرون الأوامر، وتؤكد
الدراسات ما للثقافة والدين في
المجتمع من ترسيخ مفهوم الطّاعة
والخضوع عند شريحة واسعة في المجتمع
عندما تستغل لصالح السلطة الاستبدادية. تبدأ القصة بوصول طاغية مستبد إلى سدّة
الحكم.. وبحكم شخصيته المريضة فإنه
يجذب إليه العبيد من الرجال، وبما أنه
يحمل نَفساً وضيعةً خاويةً فإنه يشعر
دائماً بالخواء النّفسي والعاطفي،
يحاول أن يملأ هذا الخواء بإخضاع عدد
أكبر من الناس تحت سلطته ولكنه لا يجدُ
الإشباع، فيستمرُّ في محاولاته ليوسّع
من إخضاع أكبر عدد ممكن من البشر ولكن
لا فائدة.. يزداد عنده الإحساس.. يشعر
بالخواء الدّاخلي ويدخل في دائرةٍ
مفرغةٍ ويشعر بالشّقاء والاكتئاب،
وتزيد القوة التي يملكها من انحرافه
النفسي فيزدادُ فيه الغدر والخديعة
واللّؤم والظلم والفجور، فلا يعرف
الصّداقة ولا الإخلاص ولا الوفاء
بالوعود، فالنّاس كلهم خونة يريدون
إسقاطه عن عرشه، ولذلك تجد كثيراً من
هؤلاء يقتلون أقرب الناس إليهم دون أي
رحمة أو شفقة أو ندم. كما أن الطاغية يجتذب حوله أخسّ الناس
وأوضعهم وأشدّهم خُبثاً، يرضون أن
يكونوا له عبيداً ليكونوا هم أسياداً
على من تحتهم، وهلم جراً.. حتى تجد
المجتمع كله لا يعدو إلا أن تُصبح
الغالبية العظمى فيه عبيداً لمن فوقهم
وأسياداً لمن تحتهم، ولا يبقى من
الأحرار إلا من في السُّجون أو
المُختفين عن الأعين قدر المستطاع. وتتم البرمجة الاجتماعية لصناعة الإنسان
"النموذجي" لهذا المجتمع المستبد
أو كما يُطلِق عليه كتاب "حرّر ذاتك..
منك" بالفيل "المطيع". ويشرحه
كالتالي "يعتاد فيل السّيرك منذ
صغره ربطه بشجرةٍ كبيرةٍ بواسطة حبلٍ
غليظٍ ومتينٍ لكي لا يتحرك من مكانه،
ويحاول الفيل مرّات عديدة التحرّر من
قيدِهِ ولكنه يعجز عن ذلك نظراً لأن
الحبل متين والشجرة قوية ولكونه صغيرا.
وعندما يكبر هذا الفيل ويصبح بطبيعته
قادراً على اقتلاع الشجرة أو قطعِ
أغلظِ الحبالِ بسهولة إلا أنه لا
يستطيع التحرّر من قيده حتى لو ربط
بحبلٍ رقيقٍ وبعمودٍ هش. والسّبب في
ذلك أنه قد زرع مراراً أو تكراراً في
"اللاوعي" عند الفيل فكرة عجزه عن
التحرر من قيده منذ صغره، حتى أصبحت
جزءاً من نظام معتقداته التي لا تقبل
التشكيك في كبره". وكذلك الحال في
المجتمعات الديكتاتورية.. يتم تأطير
وضبط جميع أفراد المجتمع من خلال
الإيحاء والإعلام الموجّه والإعلان
والثّواب والعقاب، فيصبح إنسان هذا
المجتمع كالفيل المُطيع لا يدرك
قوّته، وقد تأصّلت فيه فكرة عجزه عن
اكتساب حريته. إن مجتمعاً ما لكي ينفك من قبضة المستبدّ
وزبانيته يحتاج إلى تضحيات كبيرة..
لأنه سيواجَهُ بأعدادٍ كبيرةٍ من
العبيد للطاغية لا يجدون أي حرجٍ أو
خوفٍ أو رادعٍ من ارتكاب أفظع وأبشع
الجرائم ضد الإنسان الذي يأبى أن يرضخ
ويركع للطاغية. وما يحدث في سورية في أيامنا هذه هو
نتيجةٌ متوقّعة لخمسةِ عقود من حكام
طغاةٍ مستبدين، وتكوين جيش من
المرتزقة العبيد الذين لا يعصون
الأوامر مهما كانت، بل إنّهم يقومون
بواجبهم تجاه سيّدهم كعبيدٍ لا
يفكّرون لحظةً فيما يفعلون فيقترفون
أسوأ جرائم الحرب ضد مدنيين.. لا
يفرِّقون بين شيخ أو امرأة أو طفل،
القتل عندهم رحمة والتعذيب فنٌ ومتعة
وتقطيع الأطراف وإحداث العاهات
المستديمة جزءٌ لا يتجزأ من طقوس
الولاء لسيّدهم. لقد رأيت بأم عيني في سورية بعض آثار
أعمال هؤلاء المجرمين.. وما خفي داخل
سورية مما ستكشفه الأيام أكثر بكثير. سيذهب بشار الأسد كما ذهب الطّغاة من قبله
أجمعين، وسيبقى الشعب السوري الحرّ
الأبي ليسطر التاريخ أنه شعب استطاع أن
يقول للطاغية (لا) وينفكّ من قبضته، على
الرغم من صعوبتها، لأنه آثر الموت حراً
على الحياة ذليلاً تحت حكم طاغية مستبد
مجرم فاسق. ================= الشرق القطرية التاريخ: 14 أبريل 2012 لم تمنع عمليات الانتشار الأمني الكثيف،
واستمرار ضخامة الحواجز العسكرية في
المدن والبلدات السورية، وعدم سحب
الجيش والأسلحة الثقيلة لإعادتها إلى
ثكناتها، أمس، عشرات آلاف من
المتظاهرين السوريين المناهضين لنظام
الرئيس بشار الأسد من الخروج إلى
الشوارع في جمعة جديدة، كان شعارُها
"ثورة لكل السوريين". إن اليوم الثاني من سريان تطبيق خطة كوفي
عنان، يكشف بجلاء أن نظام بشار الأسد
لا يزال يواصل خرق البند الأول الذي
ينص على وقف العنف وسحب الجيش والأسلحة
من المدن، ناهيك عن بقية البنود. فقد
دوّى صوت الرصاص في أكثر من منطقة،
وأسفر ذلك عن سقوط قتلى وجرحى، وحاصرت
قوات الأمن والجيش التي انتشرت بكثافة
بكل آلياتها في المدن والبلدات
والمساجد، وقمعت السكان والمصلين في
محاولة لمنعهم من التظاهر. أما فيما
يتعلق بالبنود الأخرى، فان التزام
دمشق لا يزال صفراً كبيراً، حيث ترتفع
النداءات والمناشدات الموجهة للنظام
بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية
ووسائل الإعلام إلى سوريا، والإفراج
عن المعتقلين على خلفية الأحداث،
والسماح بالتظاهر السلمي. المهم أنه ورغم عدم التزام النظام السوري
ببنود خطة المبعوث الدولي والعربي
المشترك كوفي عنان كاملة، واستمرار
سقوط قتلى بإطلاق النار على
المعارضين، فإن تزايد عدد السوريين
المشاركين في المظاهرات المطالبة
بالتغيير وإسقاط نظام البعث الحاكم،
تبعث نوعاً من الأمل في رجوع الثورة
السورية إلى طريقها الأول وهو طريق
الانتفاضة "السلمية" للتعبير عن
رغبة الشعب في التغيير، بعد أن أجبر
بعض المعارضين في الأشهر الأخيرة على
حمل السلاح دفاعاً عن النفس في مواجهة
آلة القمع الدموي والتقتيل، إثر
الحملة العسكرية واسعة النطاق التي
شنها النظام بدباباته وأسلحته الثقيلة
على البلدات الثائرة. إن التحركات السياسية النشطة التي جرت
على الصعيدين الإقليمي والدولي يوم
أمس، خصوصاً المحادثات التي أجراها
معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني
رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية مع
كل من كوفي عنان ونبيل العربي أمين عام
الجامعة العربية، وأحمد داود أوغلو
وزيرالخارجية التركي، والقمة
السعودية التركية التي استضافتها
الرياض أمس، فضلاً عن المباحثات التي
تدور على الساحة الدولية، سواء في
نيويورك أو في بقية العواصم الكبرى،
ينبغي أن تعمل كلها في اتجاه واحد.. وهو
الضغط على النظام السوري لوقف سياسة
"المراوغة"، وإرغامه على الوفاء
بتعهداته التي قطعها أمام المجتمع
الدولي. ================= تاريخ النشر: السبت 14 أبريل 2012 السير سيريل تاونسيند الاتحاد تسلم كوفي عنان منصب أمين عام الأمم
المتحدة في عام 1997، وكان الأمينَ العام
الوحيد الذي صعد وتدرج في المناصب عبر
المنظمة الأممية إلى أن بلغ القمة. وهو
ابن زعيم مهم في دولة غانا، أي ما كان
يسمى "ساحل الذهب"؛ وقد خلفه على
رأس الأمم المتحدة بان كي مون في نهاية
2006. والواقع أن موافقة كوفي عنان على تمثيل
الأمم المتحدة والجامعة العربية في
مساعي البحث عن طريقة سلمية ومتفاوض
بشأنها لحل الأزمة في سوريا جاءت
منسجمة مع طباع وخصال الأمين العام
السابق الموهوب والمثير للإعجاب؛ ولكن
لاشك أنه يدرك جيداً أن فرص نجاح شخصي
يحققه في هذه المهمة بالذات تبدو
محدودة للغاية، وأن المستقبل المرجح
لسوريا يكمن في مخاطر نشوب حرب أهلية
مروعة لأشهر عديدة ترتكب فيها أعمال
قتل وتدمير. فحتى الآن، قتل أكثر من 9
آلاف شخص في النزاع، هذا في وقت منحت
فيه تركيا اللجوء لمثل هذا العدد على
الأقل من الفارين من نظام الأسد. وقد أدى كوفي عنان زيارة إلى كل من
نيويورك ودمشق وبكين، وأعتقدُ أنه
بادر بالاتصال بعدد كبير من الأشخاص
وتلقى منهم نصائح في تلك المدن وغيرها.
كما حضر قمة الجامعة العربية التي عقدت
في العاصمة العراقية بغداد مؤخراً. وفي منتصف مارس الماضي، وضع عنان مخطط
سلام من ست نقاط يشمل انسحاباً للقوات
التابعة للحكومة السورية، بأسلحتها
الثقيلة، من التجمعات السكانية
الكبيرة. كما اقترح وقفاً للقتال لمدة
ساعتين كل يوم وذلك من أجل إفساح
المجال لمرور المساعدات الإنسانية. وإضافة إلى ذلك، يريد عنان من الرئيس
الأسد أن يقود عملية إصلاح من أجل
تلبية رغبات وتطلعات الشعب السوري،
على أن يرافق ذلك إفراج سريع عن
الأشخاص الذين اعتقلوا أثناء
الانتفاضة. وعلى نحو أكثر إثارة للجدل،
دعا عنان إلى إشراف الأمم المتحدة على
وقف للنزاع من أجل حماية السكان
المدنيين. ولهذا الغرض، فإن نحو 250
مراقباً دوليّاً قد يتم نشرهم داخل
سوريا، كما يُفترض أن يُمنح الصحافيون
الأجانب حرية التحرك داخلها أيضاً. ومثلما توقع معظم الخبراء، فقد وافق
الرئيس الأسد على المخطط المؤلف من ست
نقاط ولكنه استمر في العنف، علماً بأنه
قبل بضعة أسابيع فقط على ذلك كان قد وعد
الجامعةَ العربية بإنهاء النزاع ولكنه
استمر في قصف حمص، التي تعتبر ثالث
أكبر مدينة سورية. وعلى رغم أن حلفاء سوريا القلائل
المتبقين مثل إيران وروسيا والصين
وافقوا على مخطط عنان -إضافة إلى
المجلس الوطني السوري، الذي يمثل
المجموعة المعارضة الرئيسية- ولكن على
الأرض لم تكن ثمة نهاية للقتال.
فالرئيس السوري على ما يبدو لا يعترف
بالتزامات أو مهل؛ والمخطط، في نظره،
نواياه جيدة ولكنه خال من معنى حقيقي
يمكن أن يقلق بشأنه. ذلك أنه في الوقت
الذي كانت تتم فيه دراسة مخطط عنان
بعناية في عواصم الغرب والعالم
العربي، كانت ثمة تقارير تتحدث عن
ملاحقة القوات السورية لمقاتلين ثوار
إلى داخل الأراضي اللبنانية. ولكنني واثق من أن كوفي عنان يدرك جيداً
أن المشكلة الأساسية في سوريا تكمن في
حقيقة أن نظام الأسد، وبعد أن فشل في
منح البلاد برنامجا حقيقيّاً
للإصلاحات السياسية والاجتماعية، بات
يستعمل الجيش حاليّاً في محاولة لسحق
المحتجين المدنيين والمسلحين القلائل
نسبيّاً الذين يدعمونهم. والحال أن
تسوية سلمية بين الجانبين غير
المتكافئين مستحيلة ولابد من أن يقوم
الرئيس الأسد بالتنحي عن الحكم. والواقع أنه ما كان يمكن كسب الدعم
الدبلوماسي المهم الذي حشده كوفي عنان
من خلال المطالبة صراحة بتنحي الأسد؛
غير أنه سيكون من الضروري أن يتوحد
المجتمع الدولي الآن في التشديد على
ضرورة رحيل الرئيس السوري، بعد أن تطبق
الضغوط السياسية والاقتصادية
والدبلوماسية الإضافية على نحو صارم.
فكوفي عنان لم يحقق المستحيل، ولكنه
دفع الأحداث إلى الأمام. وكان اجتماع لوزراء الخارجية قد عُقد في
إسطنبول تحت شعار "أصدقاء الشعب
السوري" في أوائل شهر أبريل؛ وهو
اجتماع حظي بدعم 70 دولة عربية وغربية
واستهل بالضغط على الأسد من أجل تطبيق
مخطط عنان. غير أن تلفزيون الدولة
السورية وصف هذه القمة المهمة
باعتبارها اجتماعا ل"أعداء سوريا". واليوم، يزعم النظام السوري أن ما يصفه ب"المجموعات
الإرهابية المسلحة" قد هُزمت، ويدعو
في الوقت نفسه هذه المجموعات نفسها إلى
إلقاء السلاح. غير أن الأسد، الذي تصرف
مثلما كان متوقعاً منه خلال الثلاثة
عشر شهرا الماضية، يبدو أنه أخذ يغير
موقفه، وذلك لأنه على رغم أنه قبل
بمخطط عنان مبدئيّاً، إلا أنه بات يرغب
الآن في أن يتم نزع السلاح قبل الشروع
في تطبيق المخطط. ومن الواضح جداً أن سوريا مختلفة عن
ليبيا؛ غير أن الحرب الأهلية الخبيثة
بدأت تتخذ منعطفاً جديداً في وقت لن
يحاول فيه الجيش السوري الحر، الآخذة
أعداده في الارتفاع بشكل مطرد، من الآن
فصاعداً الدفاع عن أجزاء من المدن
الصديقة فحسب، ================= الثورة السورية.. وحكاية
البجعة السوداء غازي دحمان دمشق المستقبل 14-4-2012 يميل الكثير من مراقبي الوضع السوري إلى
رسم صورة سوداوية لمسار الثورة
ومآلاتها، وذلك إنطلاقاً من حقيقة
مواجهتها لنظام قمعي يسعى إلى ضربها
بشتى الوسائل، بما فيها حتى تلك التي
لم تخطر على بال، وتلطياً خلف هذه
الواقعة، باعتبارها معطى ثابتا في
الحالة السورية، وغيرها من المعطيات
المتناثرة والمتنافرة بنفس الآن، يتم
نسج الكثير من السيناريوات المعقدة
لمستقبل الثورة السورية . وثمة معطيات يجري محاولة نزعها من سياقات
إقليمية ودولية ومن ثم توضيبها ليصار
إلى إدراجها في خانة معطيات تحليل
الحالة السورية، مثل الصراع الدولي
على مناطق النفوذ في العالم، ونهوض قوة
جديدة ذات مصالح كونية، ناهيك عن
الحديث عن الحالة الإيرانية التي يجري
تصويرها على أنها قوة بأربع أرجل وحزمة
من الأذرعة التي تمتد من أرخبيل هرمز
إلى أرخبيلات العالم الإستراتيجية
الاخرى . غير أن ما يجري لا يعدو أن يكون أكثر من
محاولة مكشوفة لقيام أجهزة ومختبرات
لتصنيع معطيات معينة وبعث الروح فيها
لتمرير أزمة معينة باتت تضرب أركان
تحالف معلوم طالما استند على
البروبوغندا واعتبرها طريقه الثالث
للهيمنة (الطريقان الاخران العنف تجاه
البيئة المحلية، وإنجاز الصفقات مع
البيئات الخارجية)، وإلا من أين جاءت
هذه الإستفاقة المفاجئة للقوى النائمة
أو تلك التي تحبو للحصول على مكانة في
تراتبية القوى العالمية بمساعدة
أميركية!، أليست هذه استباقية
افتراضية هدفها تحصيل أكبر قدر من
المعطيات التحليلية؟ والواقع، فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك
فشل جملة الأنماط التحليلية التي
تستند إلى إسلوب جمع المعطيات ومحاولة
منهجتها بطريقة منظمة وهو ما أثبتته
وقائع الثورات التي ضربت العالم (منذ
ثورة الأرز في لبنان والثورات الملونة)
وكذلك ثورات الربيع العربي، وكان (نسيم
نيكولاس طالب) قد أوضح هذه القضية في
كتابه نظرية (البجعة السوداء)والتي
أشار فيها إلى صعوبة التنبؤ بالأحداث
النادرة ". علماً أن مصطلح البجعة
السوداء يأتي من الافتراض الأوروبي في
القرن 17 أن "جميع البجع أبيض. في هذا
السياق، مصطلح بجعة سوداء كان رمزا
لشيء ما كان مستحيلا أو لا يمكن أن يوجد.
في القرن 18، اكتشاف البجع الأسود في
أستراليا الغربية غيرت على المدى
ضمنياً في اتجاه أن الاستحالة
المتصورة في الواقع قد حان أن يتم
تجاوزها. الثورة السورية يمكن وصفها ب(البجعة
السوداء) سواء من حادثة ولادتها الاولى
التي جاءت من دون التبشير بالحمل ولا
باللقاح، أقله لم يجر تدوين هذه
الوقائع في دفاتر نظار النظام
وسجلاته، مروراً بصمودها الإسطوري في
ظل ضربات النظام القاسية والقاتلة،
وانتهاءً بانتصارها الذي باتت بشائره
الأولى بالتمظهر رغم محاولات إغراقها
المستمرة في المستنقعات التي ما انفك
النظام يصنعها في مواجهتها . وحتى لا نبدو كمن يقول كلاماً في التنجيم
وبصيغ إنشائية، فإننا نؤكد للمتشككين
ونزيد علمهم بالوقائع التالية : أولاً - إن الثورة في سوريا تحولت إلى نمط
حياة، بمعنى أن الحالة الثورية لم تعد
مجرد حالة وظيفية تهدف إلى إسقاط
النظام الحالي، بل أصبحت جزءاً من
مكونات الشخصية السورية المستقبلية،
وذلك إنطلاقاً من الإكتشاف الذي وضع
السوريون يدهم عليه وهو أن حالة الموات
الشاملة التي عاشتها البلاد السورية
يحتاج الخروج منها ماهو أكبر من إسقاط
النظام الحالي، وإلا فإنهم لن يفعلوا
سوى العبور من مستنقعات الموت
والإذلال إلى مستنقعات أسنة أخرى يكمن
فيها الموت المتربص بمستقبلهم . ثانياً أن حركية الثورة في سوريا لا تحترم
كثيراً جملة المعطيات الموصوفة ولا
تلقي لها أذناً، وما يدلل على هذه
الحقيقة صيرورة الثورة ومسار نضجها
وإكتمالها، حتى عمت دمشق وحلب، وكذلك
حركيتها في حمص وإدلب وحماه ودرعا
وصمودها الإسطوري رغم المراهنة على
تعبها وإرهاقها، فهي كل يوم تبدأ من
جديد، هناك قريتان في سوريا أنصح
المتابعين أن يأخذوهما كمؤشر لحالة
الثورة السورية أفضل من كل المعطيات عن
القوى الصاعدة والنازلة (قرية تسيل في
درعا) و(قرية كناكر في ريف دمشق) هاتان
القريتان لا يتجاوز عدد سكان كل منهما
عشرة آلاف، اجتاحتهما قوات النظام
عشرات المرات لم يبق فيهما شباب خارج
المعتقلات والقبور، كان النظام
يضربهما في الليل ضرباً مبرحاً ويخرج
سكانهما في الصباح التالي يعرجون من
شدة الألم لكنهم يهتفون ثانية بإسقاط
النظام . ثالثاً بات في قناعة السوريين وترسخ على
الأرض أن هذا النظام ليس أكثر من قوى
مذخرة بأسلحة وذخائر باتت تفيض عن
قدرتها على الاستخدام، نظام يحمي
مراكزه الأمنية بالدشم، يعربد نهاراً،
ويختبئ خلف السواتر ليلاً، نظام يرهب
المواطنين نهاراً ويبيت الليل
مذعوراً، نظام يستقيل في الليل عن
مهماته إلا حماية نفسه... مؤقتاً سوريا
تمارس الحرية ليلاً . =-================ خطة أنان لا تحمل حلاً
ولو لجمت العنف موقتاً .. وجهتا نظر
للمعارضة حول الأزمة الطويلة روزانا بومنصف 2012-04-14 النهار ينقل بعض المتصلين بأركان المعارضة
السورية اقتناعهم بانه على رغم وضع
الازمة السورية على جدول اولويات مجلس
الامن والدول الكبرى، فان احدا لن
يتولى الامور مكانهم من اجل نقل بلادهم
من مكان الى اخر.. اذ لا ينظرون الى واقع
ما يجري من ضمن ما يشيعه كثر وما ساهمت
بعض التطورات في اضفائه من ان ما يجري
يندرج في اطار صراع دولي اي اميركي
روسي او اقليمي اي عربي ايراني بل هو
ثورة داخلية على نظام تحكم بالوضع
السوري لاكثر من اربعة عقود معيدين ما
يجري الى واقع الثورة من ضمن الانظمة
العربية التي فجرها الربيع العربي.
وهذا الواقع لا ينفي احباطا لدى بعض
فئات المعارضة من الاداء الدولي او
العربي ازاء ما يجري في سوريا. اذ ان
الولايات المتحدة هي اكثر من يتسبب
بهذا الاحباط في ظل ما يعتقد انه تخل
غربي حقيقي وفق ما يصفه هؤلاء عن دعم
المعارضة السورية في مقابل تردد تركي
لا يبدو واضح الاسباب على رغم الدعم
الذي قدمته تركيا على صعد عدة وفي
مقابل عدم انسجام الموقف العربي مما
يجري في سوريا بين ما يعلن في شأنه وما
ينطبق تنفيذه على الارض خصوصا ان بعض
الزعماء العرب تحدثوا بلهجة قاسية جدا
في الآونة الاخيرة وبدوا كأنهم يرفضون
النأي الغربي عن دعم المعارضة السورية
وتسليحها. الا ان ترجمة ذلك على الارض
بدت بطيئة وغير متوافقة مع ما اعلن من
مواقف حادة في هذا الاطار اقله وفق ما
ينقل عن اركان في المعارضة. خلاصة هذه المواقف ساهمت وفق ما تقول
مصادر معنية في الموافقة على خطة
المبعوث المشترك للامم المتحدة
والجامعة العربية كوفي انان من اجل
هدنة في سوريا توقف اطلاق النار والعنف.
الا ان لا اوهام حقيقية لدى المعارضة
بان النظام سيلبي متطلبات الخطة بكل
بنودها نظرا الى تداعياتها الخطيرة
عليه علما ان هناك وجهتي نظر اساسيتين
في هذا الاطار لدى المعارضة. احدى
وجهات النظر هذه تفيد وفي ضوء ما جرى من
فظائع على الارض وما تركت هذه الفظائع
من آثار ان تطول الازمة السورية اولا
لان خطة انان لا تحمل حلا سياسيا حتى
الآن وان الحل الذي يقترحه النظام او
اقترحه حتى الآن غير قابل للتطبيق
بدليل البحث في ايفاد مراقبين دوليين
لمراقبة وقف النار بين فريقين على
الارض بمعنى ان النظام لم يعد وحده
ممثلا للسوريين فيما الحل المطروح في
حال كان هناك حل من جانب النظام هو وجهة
نظر فريق لا يوافق عليه الفريق الاخر. وتبعا لاصحاب وجهة النظر هذه فان غياب افق
الحل السياسي حتى اشعار آخر وكذلك غياب
اي اقتراحات جدية تتناول امكان انشاء
مناطق عازلة او ممرات انسانية او ايضا
تسليح المعارضة يفيد بانه لن يحصل اي
شيء في المدى القريب او المتوسط بل
ستبقى الامور في كر وفر تبعا لما
يفتعله النظام من جهة ولما تعتقد
المعارضة انها تستطيع تحقيقه من جهة
اخرى عبر تنفيذ حق التظاهر الذي كفلته
لها خطة انان. ولذلك يتخوف اصحاب وجهة
النظر هذه من ان يؤدي طول مدة الهدنة
النسبية في غياب اي حلول نتيجة
الاقتناع بأن النظام لن يدخل اي حل
يعتقد انه يمكنه تجاوزه وعدم التنازل
فيه الى امتداد هذه الحال الى سنة او
اكثر بقليل مع ترجيح احتمال ان تبرز
مظاهر الحرب الاهلية اكثر فاكثر مع
تداعيات خطيرة سبق للبعض ان ذكرها او
اشار اليها اي اقامة كانتون علوي مستقل
يضم اللاذقية وطرطوس وجبل العلويين من
دون ان يعني ذلك تقسيم سوريا على غرار
ما سعى البعض في ليبيا اخيرا الى
القيام به. اصحاب وجهة النظر الاخرى من ضمن المعارضة
او بالاحرى المعارضة الاخرى غير
المعارضة الاولى لا تعتقد بهذا
الاحتمال التقسيمي وتستبعده حتى لو
نشأت حرب اهلية كاملة المواصفات نظرا
الى صعوبة تجمع ابناء الطائفة العلوية
في الاماكن المذكورة. ويبدي هؤلاء
اقتناعهم وفق ما ينقل عنهم بأن تنفيذ
النظام السوري خطة انان وعدم اخلاله
بها يحمل في طياته فرصا حقيقية وجدية
لتحقيق المعارضة مكاسب لمصلحتها. اذ ان
اضطراره الى وقف النار سينشط
التظاهرات السلمية ضده مما يؤدي على
نحو بديهي الى تحقيق المعارضة نقاطا
ايجابية في خانتها وعودته الى اطلاق
النار عليها سيؤدي الى تغيير في
المواقف الدولية ضده واحراج حلفائه
الدوليين كما سيحرج الولايات المتحدة
والغرب عموما الذي تعتبر هذه المعارضة
ايضا انه متقاعس وغير متحمس لمساعدة
السوريين في وجه النظام لاعتبارات
متعددة. وفي الانتظار فان الوضع الصعب على الارض
في سوريا ايضا مع احصاءات دولية تفيد
عن حاجة اكثر من مليون سوري الى
مساعدات انسانية فورية في حين يتم
التداول في هروب اكثر من 40 الف مسيحي من
حمص وحدها الى قرى داخل سوريا نتيجة
التدمير الذي لحق بالمدينة الى جانب
تهجير سوريين من طوائف اخرى الى الداخل
والخارج ايضا فضلا عن بقاء الافرقاء
على استنفارهم، كل ذلك يستمر في رسم
علامات استفهام كبيرة حول المرحلة
القريبة في سوريا من دون اجوبة واضحة. ================= علي حماده 2012-04-14 النهار عادت التظاهرات الى الشوارع والساحات بعد
أقل من 48 ساعة على دخول وقف اطلاق النار
حيّز التنفيذ النظري في سوريا. صحيح ان
وتيرة القتل تدنت مقارنة مع المرحلة
الاخيرة، ولكن القتل مستمر ومعه
الاعتقال ومحاصرة المدن والبلدات، وقد
بيّنت آليات المراقبة للثورة السورية
هذا الامر بالصوت والصورة والبيّنات
المفصلة بالخروقات من النظام. واذا
استمر الوضع على الوتيرة نفسها من
القتل حتى الاسبوع المقبل، فإن
التظاهرات التي ستخرج يوم الجمعة
المقبل ستكون مليونية. هذا الواقع
يعرفه النظام الذي يتلمس اليوم ان قتل
ما يزيد على اثني عشر ألفاً من
السوريين العزّل واعتقال عشرات
الآلاف، وتدمير مدن وبلدات بكاملها لن
يعيد الشعب الى زمن الخوف والصمت. وقد
احسنت المعارضة، ولا سيما "الجيش
الحر" باحترام وقف النار حتى لو جرى
التحرّش من قوات بشار، لان المكاسب
المتوخاة من تراجع وتيرة القتل اكبر
بكثير من مواصلة التصادم العسكري مع
نظام يقول البعض من اركانه انه لن يرف
له جفن حتى لو قضى على ربع الشعب السوري
في سبيل الابقاء على النظام. والسؤال المطروح الآن، هل يستمر النظام
في احترامه الجزئي لخطة كوفي انان؟
بالطبع انه احترام اقل من جزئي، اذ لم
يتوقف القتل، بل تراجع مقارنة بما سبق،
ولكن المشكلة التي يواجهها النظام
تتمثل في قيام مهمة مراقبين دوليين على
الارض للتحقق من احترام وقف النار، وفي
الوقت عينه يبقى "الجيش الحر" بين
الاهل وسط احتضان شعبي لا يحظى به جيش
بشار. اكثر من ذلك، فإن البنود الاخرى
في خطة انان كفتح ممرات انسانية وفتح
البلاد امام الاعلام العالمي بالترافق
مع حرية التظاهر السلمي، كلها عناصر لا
تصب في مصلحة نظام لا يملك سوى اداة
القتل لمنع انتقال سوريا نحو عصر حرية
الكرامة. هذا يؤشر الى اننا لا نزال في
مرحلة يمكن ان تشهد انقلاباً
دراماتيكياً في تعامل بشار مع خطة
انان، باعتبار ان خطة انان لو بلغت
نهاياتها فإنها لن تفضي سوى الى إغراق
شوارع سوريا بالتظاهرات العارمة
الهادفة لاسقاط النظام سلمياً. ولن
يكون النظام قادراً على قتل الناس
بوتيرة عالية في حضور مراقبين دوليين
سيزداد عددهم مع مرور الوقت. ان النظام نظام قاتل، واقلّ ما يستحق هو
جرجرة أركانه، وفي مقدمهم بشارة الاسد
امام المحاكم الدولية، وفي الاثناء،
وقبل تفكيك آلة القتل التي يمسك بها،
ينبغي رفع مستوى دعم "الجيش السوري
الحر". بالمال. السلاح النوعي من اجل
ايصال رسالة الى بشار والقيادة
الروسية ان خيار القتل المتمادي سيكون
له ثمن باهظ من الآن فصاعداً. ان من اول
واجبات الدول والجهات الداعمة لهدف
اسقاط نظام بشار الاسد ادراك مسألة
اساسية، هي ان جمهورية حافظ الاسد غير
قابلة لاعادة التأهيل، وخيارها الاول
هو القتل والارهاب والترهيب، من هنا
دعوتنا الصارخة الى المضي في تمويل جيش
حر وتسليحه بأقصى سرعة بسلاح ذي نوعية
عالية. وقديماً قيل، على من يريد
السلام ان يتحضر للحرب. ================= عريب الرنتاوي الدستور 14-4-2012 قَبٍلَ النظام السوري بخطة كوفي عنان
كارهاً...حيث أعلن التزامه بوقف إطلاق
النار على مضض...ليس هنالك مشروع سياسي
جدي لدى النظام لحل الأزمة السورية،
ونأمل أن يكون قد وصل للاستنتاج بعد
ثلاثة عشر شهراً من المواجهات
الدامية، بأن طريق الحل الأمني /
العسكري، غير نافذ وقد يودي بوحدة
البلاد ويعصف بمصائر العباد. التحدي الأكبر الذي سيواجه النظام في
سعيه لتنفيذ الخطة، يتجلى بشقين: أمني،
ويتعلق بالتأكد من عدم استخدام
المعارضة المسلحة لوقف النار لتحقيق
المزيد من الانتشار والتسلح والتدريب
والتقاط الأنفاس...أما الشق الثاني،
فسياسي، ويتجلى في الخشية من خروج
ملايين السوريين، أو مئات الأولوف
منهم، في تظاهرات مطالبة بإسقاطه،
قَبِل السماح لها طالما أنها سلمية،
بيد أنها كفيلة إن اندلعت بإلحاق ما
عجزت المعارضة المسلحة عن إحداثه من
خسائر في أوساط النظام، تفكيكاً
لبنيته وإحكاماً لأطواق العزلة
المضروبة من حوله. النظام يريد وقف النار، ولكنه يريد أشياء
أخرى إلى جانبه...هو لم يكف عن النظر
للمعارضة كعصابات إجرامية مسلحة...وهو
لن يقبل ببقاء جيوب ومناطق ومساحات من
الأرض السورية تحت سيطرة المعارضة
وسلطتها...وهو لا يريد أن يَجري التعامل
مع المعارضة كندٍ للنظام، وفي ظني أن
النظام سيجد صعوبة في “حفظ أعصابه”
واستمرار الالتزام بالتهدئة...وقد
تنهار “الهدنة الهشة” بأسرع ما يظن
كثيرون، سيما وأن الاستفزاز والتحريض
والتعبئة لن تتوقف من قبل خصومه، بل
ربما تشهد تصعيداً أعلى من أية مرحلة
مضت، ودائما بهدف إخراج النظام عن طوره. في المقابل، المعارضة السورية المسلحة،
أُنهكت واستُنزفت خلال العام الفائت...فقدت
مساحات واسعة من مناطق سيطرتها
ونفوذها...سقطت قلاعها الواحدة تلو
الأخرى في أيدي النظام...وهي بحاجة
لفرصة لالتقاط الأنفاس، ولملمة الصفوف
وإعادة ترتيب نسقها القتالي لمواجهة
المرحلة المقبلة...المعارضة المسلحة،
لن تلقي السلاح، ولن تعود إلى “بيت
الطاعة”...هي تريد فرصة إقليمية ودولية
أفضل لتصعيد هجماتها وحسم المواجهة مع
النظام، والتهدئة التي قبلت الالتزام
بها، ليست سوى استراحة محارب، تعود
بعدها أشد مضاءً إلى ميادين النزال
والقتال، أو على الأقل هكذا يتمنى
أنصارها ونشطاؤها. لا أحد يريد التهدئة طائعاً...جميع
الأطراف قبلت بها مكرهة...والجميع يريد
أن يستثمرها إلى أقصى حد ممكن...وكل طرف
يريد للطرف الثاني أن يبادر لخرقها،
وأن يتحمل تبعات ذلك...النظام للمضي في
خياره الأمني/العسكري الذي أظهر حتى
الآن بأنه لا خيار آخر لديه....والمعارضة
لاستعجال التسلح والعسكرة واستدعاء
التدخل الدولي وفرض ممرات إنسانية
وملاذات آمنة في العمق السوري. لذا فإن “وقف إطلاق النار”، من وجهة نظر
معظم الخبراء والمراقبين، ليس سوى “هدنة
هشة ومؤقتة”...ويُعتقد على نظام واسع،
بأنها سرعان ما ستنهار، لتعود الأطراف
إلى المربع الأول للأزمة، ولكن بضراوة
أشد وعنف أوسع نطاقاً. واشنطن وموسكو تريدان التهدئة، ولكل
منهما أهدافها ومراميها...الأولى،
تريدها ل”تقطيع الوقت” حتى انتهاء
موسم الانتخابات الرئاسية في تشرين
الثاني المقبل...والثانية تستعجلها،
للخلاص من أزمة أثقلت كاهل
دبلوماسيتها واستنزفتها بالكامل،
فضلاً بالطبع عن رهانات موسكو على
إمكانية إفلات النظام من خطر السقوط أو
المحاسبة والمساءلة على مصائر عشرة
آلاف قتيل سقطوا حتى الآن في أتون
الأزمة. في المقابل، ثمة دول ثلاث، لا تبدو سعيدة
بأي تقدم أو نجاح تحققه مهمة عنان...فهي
ناصبت المبعوث وأفكاره الست، أشد
العداء منذ اليوم الأول لتعيينه...قطر
والسعودية، ما زالتا على عهدهما
المؤيد للعسكرة والتسليح واستدعاء
التدخل الدولي، فيما تقف أنقرة على
عتبات استدعاء الأطلسي لفرض ممرات
ومناطق عازلة، متذرعة باعتداءات الجيش
السوري التي طاولت الأراضي التركية...الدول
الثلاث، ضاقت ذرعاً بمهمة عنان، وهي
تعمل على إحباطه، وليس مستبعداً أن
يصدر أمر العمليات لبعض أطراف
المعارضة المؤيدة لهذا المحور بخرق
التهدئة...عندها ستتولى الماكينة
الإعلامية، أمر تقرير من المسؤول عن
الخروقات والانتهاكات، وإحاطته بكل ما
يليق به من صور نمطية، اعتاد إعلام هذه
الدول، على بثها وترويجها على أوسع
نطاق ممكن. كثيرون يريدون لمبادرة كوفي عنان أن تأخذ
حيز التنفيذ قولاً وفعلاً...هؤلاء
يخشون انزلاق سوريا إلى حافة الفوضى
والفلتان والانقسام، مثلما يريدون أن
يزيحوا عن أكتافهم وزر قضية جديدة، بعد
أن ناخت رقابهم وأكتافهم، بأعباء
القضية الفلسطينية، ولأزيد من مائة
عام من الصراع. وفي ظني أن مبادرة كوفي عنان، تشكل فرصة
أخيرة، على تواضعها، للخروج بسوريا من
نفق الأزمة المظلم...قلنا ذلك من قبل،
وهو قول اكتسب مصداقية أعلى، بعد أن
جنح فريقا الأزمة إلى خيار الحوار
والتفاوض والمعالجة السلمية، ولو
ظاهرياً على الأقل...نقول ذلك من منطلق
الإيمان الشديد، بأن مبادرة كوفي لا
تمتلك حظوظاً قوية تستند إليها، وأن
تحوّلها إلى “فرصة أخيرة لسوريا”
تستوجب الكثير من النيات الحسنة، على
ضفتي الانقسام السوري، فهل تتغلب
النوايا الطيبة والمصلحة العليا، على
الحسابات الأضيق محلياً والمطامع
الأبشع إقليمياً ودولياً...سؤال لن
يطول انتظارنا لمعرفة جوابه. التاريخ : 14-04-2012 ================= ياسر الزعاترة الدستور 14-4-2012 ليس ثمة عاقل كان يتوقع أن يوقف بشار
الأسد آلة القتل الدموية؛ التي تمعن
قتلا في الشعب السوري على خلفية
الاستجابة المعلنة لخطة المبعوث
العربي والدولي (كوفي أنان)، وهي
الاستجابة التي تأتي نتاج قناعة
النظام بقدرته على المناورة وكسب
الوقت خوفا من خسارة الحلفاء الدوليين
الذين يحرجهم تعنته واستمراره في
برنامج الحل الأمني. ثمة جانب بالغ الأهمية في مبادرة كوفي
أنان يؤكد أن النظام لن يستجيب لها بأي
حال. إنه ذلك المتعلق بإخراج الجيش من
المدن والسماح بالاحتجاج السلمي، وهو
جانب لو طبقه النظام لتدفق الملايين
إلى الشوارع وتدحرجت الأوضاع نحو
نهايته الحتمية. يدرك النظام أن ما تروجه أبواقه حول
الأقلية المعارضة والأكثرية المؤيدة،
وحول الطبقة المتوسطة في دمشق وحلب ما
هو إلا هراء في هراء، وأن ما يحول بين
الناس وبين النزول إلى الشوارع
بالملايين ليس سوى الخوف من الموت،
وقبله الاعتقال الذي يبدو في ذاكرة
السوريين أسوأ بكثير من الموت، وإلا
فأين سكان حماة الذين خرجوا عن بكرة
أبيهم قبل شهور، ولماذا لم ينزلوا بذات
الزخم بعد ذلك، بينما كان شبابهم
الثائر يكتفي بمسيرات محدودة، وإن تكن
كثيرة العدد نهارا وليلا (يوم أمس خرج
مئات الآلاف في مسيرات متفرقة رغم بقاء
الجيش في الشوارع)؟! لقد عوَّل النظام منذ البداية على عسكرة
الانتفاضة الشعبية، الأمر الذي يسمح
له بمواصلة القتل اليومي الذي يحول بين
الناس وبين المشاركة الجماهيرية
الواسعة في الثورة، مع ركون إلى قوته
وقدرته الأمنية التي تمنحها إيران
بخبرائها وأسلحتها ومالها مزيدا من
القوة. وفي سياق المبادرة والتعاطي معها كان
النظام ولا يزال يعول على استمرار
الأعمال العسكرية من طرف المجموعات
المسلحة، الأمر الذي يبرر مضيه في
برنامج القتل، وهي فكرة لم تكن مجدية
بعد أن أعلن الجيش السوري الحر التزامه
بوقف النار، فيما كان المشهد مختلفا في
الجانب الآخر الذي واصل آلة القتل، بما
في ذلك يوم أمس الجمعة، مع قناعة
الجميع بأن من العبث مقارنة مجموعات
مسلحة بأدوات بسيطة مع جيش يقصف المدن
بالمدافع الثقيلة والدبابات،
والمشاهد التي تبث في الإنترنت تشير
إلى حرب حقيقية لا تبررها المواجهة مع
شبان يحملون الأسلحة الخفيفة، لاسيما
أن كل الكلام الذي قيل عن التسليح لا
زال حبرا على ورق، إذ لم يحصل الجيش
السوري الحر على أسلحة قادرة على صنع
مواجهة تنطوي على قدر ولو محدود من
التوازن. ولا خلاف على أن النظام
السوري باختراقاته القوية في قوى
المعارضة، بما فيها المسلحة، يدرك أن
هناك مجموعاتٍ ليست تابعة للجيش
السوري الحر ولا تأتمر بأمره، يمكن
استغلال وجودها في ترويج مقولة
المواجهة مع مجموعات إرهابية وليس
انتفاضة شعبية. اليوم يتأكد العالم أجمع أن القتل هو من
صنع النظام، وأن الجزء الأكبر من
الثورة لا زال سلميا، ولا يعرف إن كان
فشل مهمة كوفي أنان سيؤثر في خريطة
المواقف الدولية، أم ستبقى على حالها،
لاسيما الدعم الروسي والصيني للنظام،
مع رفض غربي لتسليح المعارضة، الأمر
الذي يؤثر بدوره على الموقفين العربي
والتركي. لا حل أمام هذه المعضلة سوى استمرار
التعويل على الذات، مع ما يتيسر من دعم
خارجي، الأمر الذي ينبغي أن يترجم في
فعاليات شعبية أكثر قوة في الداخل، مع
استهداف بنية النظام الأمنية (إذا لم
يتوقف القتل) في معركة استنزاف ستؤدي
إلى انهياره مهما طال أمدها. وهنا
نتوقع أن يبادر السوريون إلى مظاهرات
حاشدة مع تراجع حدة القتل خوف ردود
الفعل الدولية، الأمر الذي بدأ أمس
الجمعة، ويمكن أن يستمر بعد ذلك لإثبات
رفض النظام للخطة وعدم التزامه
ببنودها. لن يقبل السوريون بعد كل هذه التضحيات
بحكم بشار الأسد وبنيته الأمنية
والطائفية، ومن يعتقد ذلك واهم إلى حد
كبير، وهذه الجحافل من الشبان الذين
يخرجون بوجوههم المكشوفة لم يعد
أمامهم غير استمرار القتال حتى
الشهادة أو الانتصار. التاريخ : 14-04-2012 ================= كيف يصل المتظاهرون
السوريون إلى الساحات وهي محاطة
بالجيش والأمن والشبيحة ؟ ليث الشريف' 2012-04-13 القدس العربي لماذا لا يملأ المتظاهرون السوريون
الساحات في المدن الرئيسية كدمشق وحلب
؟ سؤال طرحه أحد شبيحة النظام السوري
ليستدل على عدم وجود ثورة في سورية. فمنذ بداية الثورة في الخامس عشر من آذار
العام الماضي حرص النظام السوري على
عدم إتاحة الفرصة أمام المتظاهرين
ليصلو ا إلى أي ساحة كنوع من الاستفادة
من الثورات التي اندلعت في بلدان سبقته
كتونس ومصر، حيث كان للميادين
والساحات كلمة الفصل في هذا الموضوع.. وأظهرت التسريبات التي نشرتها صحيفة 'الغارديان'
البريطانية أن النظام يتلقى النصائح
من أحد المقربين منه ويدعى حسين مرتضى -
وهو صحفي يعمل في تلفزيون العالم
الإيراني - لإحتلال الساحات العامة،
قبل أن يصل إليها المتظاهرون . فمن درعا مهد الثورة السورية حاول
المتظاهرون الاعتصام أمام الجامع
العمري، حيث لم يطل مكوثهم هناك بعد أن
توجه إليهم الجيش بقضه وقضيضه.... وقتل
النظام عشرات الأشخاص حتى استطاع
إخلاء ساحة درعا البلد من المعتصمين. ساحة الساعة الشهيرة في حمص بن الوليد
والتي تم تحويلها إلى ساحة الحرية،
كانت أولى الميادين التي تم الاعتصام
فيها فعليا، ولم يستطع الناظم إخلاءها
إلى بعد مجزرة راح ضحيتها نحو أربعة
عشر متظاهرا، وهذه المجزرة مصورة
وموجودة على اليوتيوب لمن أراد التحقق. في دمشق حاول المتظاهرون عدة مرات الوصول
إلى ساحة العباسيين لكن دون جدوى،
نتيجة وجود أعداد كبيرة من الأمن
والشبيحة في تلك الساحة التي يوجد فيها
ستاد العباسيين الدولي، والذي أصبح
بدوره ملعبا ولكن للأمن والجيش، بعد أن
تم منع اللعب فيه، حتى يتم داخله فرز
المعتقلين على الفروع الأمنية، وفي
أحد المرات حاول أهالي حي جوبر الدمشقي
المجاور للعباسيين الوصول إلى
الميدان، ولكن أيضا وقعت هناك مجزرة
راح ضحيتها عدة أشخاص، والمجزرة موثقة
بفيديو على اليوتيوب .... والساحة الأخرى الكبيرة في دمشق هي ساحة
الأمويين وهي بطبيعة الحال محاطة
بكثير من الثكنات العسكرية، منها
قيادة الأركان، كونها يوجد فيها
الإذاعة والتلفزيون، وبالإضافة إلى
هذا يتواجد فيها أيام الجمعة عدد كبير
من الشبيحة الذين يتجمعون في أرض ملعب
دمشق الدولي القريب جدا من تلك الساحة،
فكيف باستطاعة المتظاهرين العزل
الوصول إلى هكذا ساحات ؟!. المحافظتان اللتان الوحيدتان اللتان تم
فيهما الاعتصام في الساحات هي حماة
ودير الزور، ففي ساحة العاصي بمدينة
أبي الفداء التي تجمع فيها مئات الآلاف
قبل أن يقتحم النظام حماة في بداية شهر
رمضان المبارك وسقط حينها نحو ثلاثمئة
شهيد في ثلاثة أيام، وكذلك حصل في دير
الزور شرق سورية ليسقط عشرات الشهداء. هذا التضييق على المتظاهرين، وتقطيع
أوصال المدن بالحواجز دفع الثائرين
للتجمع في الأحياء الفرعية والقرى كل
على حدا،حتى تجمع في سورية أكثر من
سبعمئة نقطة تظاهر، وبلغ عدد
المتظاهرين في أحد الجمع حوالي أربعة
ملايين حسب رويترز، حري بهكذا ثورة أن
لا تستطيع قوة في العالم القضاء عليها....
وإذا كان أبواق النظام السوري يتبجحون
بعدم وصول الناس إلى الساحات،فليسمحوا
بالتظاهر السلمي ويدخلوا وسائل
الإعلام العالمية لتغطي دون قيد أو
شرط، فالمتظاهر السوري هو مشروع شهيد
أو معتقل أو مصاب، يعني ببساطة من
يتظاهر هو فدائي بكل ما للكلمة من
معنى، ما دفع بعض المراقبين ليقول إن
المتظاهر السوري الواحد يعادل مئة أو
أكثر في غير ظروف وغير بلدان .... ' كاتب سوري ================= أفكار الأمم البسيطة في
سورية المعقدة مالك التريكي 2012-04-13 القدس العربي انهزم الحزب الاشتراكي الفرنسي في
الانتخابات البرلمانية عام 1993، فاضطر
الرئيس فرانسوا ميتران، قبل عامين من
انتهاء ولايته الأخيرة، إلى تقاسم
السلطة مع حكومة يمينية برئاسة ادوارد
بالادور. كانت تلك تجربة 'المساكنة'
الثانية بعد مساكنة أولى، من عام 1986
إلى 1988، مع حكومة جاك شيراك. وقد كانت
النقاشات تتركز آنذاك حول ما إذا كان
ادوارد بالادور سينجز وعده لرفيق دربه
جاك شيراك بعدم منافسته على أصوات
اليمين في انتخابات الرئاسة عام 1995،
وحول ما إن كان السياسي الاشتراكي
المرموق، رئيس المفوضية الأوروبية،
جاك ديلور سيلبي رغبة صديقه ميتران في
أن يكون هو حامل لواء الحزب الاشتراكي.
وبينما كنا يوما خائضين في هذا النقاش:
من سيكون الفائز، شيراك، أم بالادور،
أم جوسبان؟ بينما كنا كذلك، إذا بصديق
صحافي سوري من الظرفاء يقول: لا تتعبوا
أنفسكم في كثرة التحليلات والتكهنات،
فإنها لن تكون إلا من نصيب... باسل! كان باسل الأسد آنذاك ابن أبيه. كان ملء
السمع والبصر. أمل سورية المستقبل
وزعيمها المنتظر. إلا أنه ما لبث أن
كان، منذ أوائل عام 1994، من القصة ما
تعرفون، ومنذ منتصف عام ألفين من
الإصلاح والانفتاح على يدي شقيقه ما
تشهدون. لهذا لن يكون من الصعب التنبؤ
بهوية الفائز بانتخابات الشهر القادم
في فرنسا. إذ يمكن من اليوم الجزم بأنها
لن تكون إلا من نصيب بشار... ذلك أن
الأكيد أن مستأجر قصر الاليزيه
الجديد، أيا كان، سوف لن يأتي إلا
وبشار جالس في مكانه الرئاسي لا يريم.
هذا، على ما يبدو، هو ما انقشع عنه غبار
'اللعبة الكبرى': لعبة الأمم المنهمكة
في أزماتها الدائمة وانتخاباتها
الدوارة، والمنشغلة بنفطها (اللاموجود
هنا) وبإسرائيلها التي رأت في ما يرى
النائم شعوبا وقبائل من الأعداء
الأصوليين الزاحفين، فصاحت بأمم الغرب
التي أجفلها فرط الانفلات الشعبي: أن 'تمسكوا
بمشؤومكم لا يأتينّكم من هو أشوم منه'. ولأن هذه الأمم 'متحدة' في تكرار الإنذار
تلو الإنذار الدبلوماسي، وفي عدم
التفريق بين حالات تقرير المصير،
ليبية كانت أم كوسوفية أم سورية أم
بحرينية، ولأنها عليمة بأن عنان رجل
طيب في المنصب وأنه أطيب خارجه، فقد
أوكلت إليه أمر خوض معركة تربيع
الدوائر منفردا بعد أن دججته بأحدث جيل
من أسلحة 'الأفكار البسيطة في الشرق
المعقد': ما عليك إلا أن تستحلف كل من
صادف أنه مستعد لأن يحلف... على ألا
تتأخر في استخلاص النتائج إلا بقدر ما
يلزم من وقت لكتابة التقرير وترجمته
إلى اللغات المعتمدة. ولا ينتاب هذه الأمم قلق مبالغ فيه بشأن 'السلام
والأمن الدوليين' إلا من احتمال وحيد،
هو أن تهاجم دولة القنبلة النووية
الافتراضية دولة الرؤس النووية
الفعلية التي لا تعدّ حتى لا تحصى. ذلك
أن الدولة الأولى تلتزم بقواعد لعبة
حظر الانتشار النووي التزاما منقوصا
وربما تظهر غير ما تضمر لمستقبل وشيك
جدا- مستقبل بلغ من شدة قربه أن 'الخبراء'
ثبتوا منذ عام 1999 على الإنذار بأن
القنبلة الإيرانية سوف تنتج في غضون
عام أو عامين على أقصى تقدير. أما
الدولة الثانية، فإن الحكم سعيد هانىء
بأنها تزدريه كل الازدراء لأن لديها
عذرا غير قبيح، هو أنه لا علم لها بوجود
لعبة حظر الانتشار هذه أصلا، ناهيك عن
التزام قواعدها واجتناب محرماتها. كما لا ينتاب 'المجتمع الدولي' قلق زائد عن
الحاجة بشأن الاستقرار الإقليمي،
باعتبار أن الضغوط الدبلوماسية سوف
تفعل فعلها. وإن لم يكف ذلك، فإن سلاح
العقوبات الاقتصادية سوف يحدث الأثر
المطلوب بنفس النجاعة المجربة مرارا
وتكرارا على مدى عقود وعقود، خصوصا في
كوبا وفي كوريا الشمالية. ولعل مما
يعزز هذا الاعتقاد المسطح تسطيح الأرض
ما قبل الكوبرنكية أن العقوبات تشمل
هذه المرة ما لا يمكن أن تقوم للطغم
الحاكمة معه قائمة: حرمان الأمهات
والزوجات من متعة الحج إلى 'بلد الجن
والملائكة' وما جاوره أو شابهه من
بلدان الإدمان على الأفراح والمسرات! ورغم أن حلف الأطلسي لم يعد متحالفا إلا
مع رغبة كبار القوم في عدم الانجرار
إلى تدخل عسكري تنادي بوجوبه تركيا
الفتاة، فإنه لا يزال تاركا أمر إطلاق
التصريحات مفتوحا على نقائض
الاحتمالات، حتى بلغ الأمر بالمؤرخ
البريطاني تيموثي غارتون-آش أن يقول إن
القوى الغربية قد استسلمت و'أسلمت
سورية إلى مصير عثماني'. ================= السبت, 14 أبريل 2012 الياس حرفوش الحياة مياه كثيرة مرت تحت جسر العلاقات التركية
الإيرانية منذ انفجار الأزمة السورية.
والقطبان الكبيران في المنطقة اللذان
كانا يراهنان على علاقات وثيقة يمكن
بناؤها بين نظام الجمهورية الإسلامية
وأول حزب إسلامي يصل إلى الحكم في
أنقره منذ تأسيس الجمهورية التركية،
فشلا في الحفاظ على التحسن الذي طرأ
على هذه العلاقات بعد الزلزال الذي
أحدثته الانتفاضة السورية في تحالفات
دول المنطقة، وما نتج منه من انعكاسات
على العلاقات المتأزمة أصلاً بين
مختلف الانتماءات المذهبية في مجتمعات
هذه الدول. استطاعت علاقات أنقرة وطهران أن تبحر
بهدوء وسط العاصفة التي خلّفها الغزو
الأميركي للعراق. ولم يقف الانتماء
الأطلسي للدولة التركية حائلاً دون أن
يقول رجب طيب أردوغان لا للقوات
الأميركية التي كانت ترغب في عبور
أراضيه إلى البلد المحتل. وفوق ذلك،
زاد في التقدير الذي حظي به رئيس
الحكومة التركي في نظر «الممانعين»
مواقفه من الممارسات العدوانية
الإسرائيلية، سواء خلال الحرب على
لبنان عام 2006 أو في موقفه من الحرب على
قطاع غزة في آخر عام 2008. كانت أنقرة في
ذلك الوقت هي العاصمة التي يشار إليها
كعنوان للقوة والعنفوان في وجه
الولايات المتحدة، فهي الدولة
الأطلسية القادرة في الوقت ذاته على أن
تتحدى المصالح الأميركية وأن تتعامل
مع أوروبا والغرب عموماً تعامل الند
للند. فضلاً عن كونها الدولة القادرة
على التصدي للغطرسة الإسرائيلية، كما
أظهرت المواجهة بين البلدين في شأن «أسطول
الحرية». غير أن كل ذلك كان قبل الانقلاب الذي حدث
في تحالفات الكتل في المنطقة، والذي
دفع تركيا إلى جانب وإيران إلى الجانب
الآخر. ولم يعد صعباً تبيّن الهوية
المذهبية لهذه التحالفات الجديدة، ولا
متابعة الخطوات الحادة في التعبير عن
التناقضات والخلافات، كما تظهر
التهديدات الإيرانية لمنطقة الخليج،
وآخر مظاهر التحدي كانت الزيارة التي
قام بها الرئيس أحمدي نجاد إلى جزيرة
أبو موسى المتنازع عليها مع الإمارات،
وهي الأولى لرئيس إيراني، وكما يؤكد
الرد التصعيدي من قبل دول الخليج على
التدخلات الإيرانية في شؤونها وعلى
ممارسات العنف التي يرتكبها النظام
السوري. لقد كانت الأزمة السورية محكاً حقيقياً
لمدى اتساع هوة التناقض بين النظام
التركي، الإسلامي طبعاً، ولكنه نظام
حاكم بقوة صناديق الاقتراع والاحتكام
إلى الشعب، وبين أنظمة وتيارات «الممانعة»،
والتي يديرها النظام الإيراني،
والحاكمة بقوة الشعارات والاستخفاف
بالحقوق والمطالب الوطنية. هذا
التناقض هو الذي أخذ يدفع أنقرة شيئاً
فشيئاً إلى الدفاع عن المبادئ
الديموقراطية لنظامها في وجه الغلوّ
الذي أظهرته السلطات السورية في قمعها
لمطالب المحتجين من مواطنيها. وهو ما
عبر عنه المسؤولون الأتراك في اكثر من
مناسبة بالقول انهم لا يستطيعون
الدفاع عن نظام يفعل ما يفعله نظام
دمشق بحق مواطنيه. لقد أوصل هذا
التناقض المبدئي الموقف التركي إلى حد
القطيعة الكاملة مع النظام السوري،
على رغم العلاقات الوثيقة السابقة،
حتى وصل الأمر بأنقرة إلى التلويح
بالمطالبة بحماية الحلف الأطلسي
لحدودها، في وجه الاختراقات السورية
الأخيرة، وعلى رغم ما بين علاقات تركيا
والأطلسي من سلبيات سابقة. في ظل هذا المناخ، تعقد اليوم في إسطنبول
المحادثات المتعلقة بالملف النووي
الإيراني، وهي التي كانت طهران قد دعت
إلى نقلها إلى عاصمة أخرى (ذكرت بغداد
مثالاً) في رد صريح على مواقف أنقرة.
وهو ما رد عليه أردوغان متهماً طهران
بالمراوغة ونقص الأمانة، ليضيف: «هذه
ليست ديبلوماسية ... إن لها اسماً آخر لا
احب أن اذكره هنا!» وليس صعباً، في مناخ كهذا، توقع الفشل
لهذه المحادثات، ليس فقط بسبب المكان
الذي تم اختياره لاستضافتها، بل فوق
ذلك لأن إيران، وعلى رغم الضغوط
الاقتصادية التي تتعرض لها، لا تملك
التنازل في ملف صار ورقة مهمة في
التفاوض مع الغرب على دورها ونفوذها في
المنطقة. ================= السبت, 14 أبريل 2012 علي الشهابي * الحياة بعدما يفشل أنان في مهمته، وهو سيفشل،
سينفتح الباب أمام بداية ترتيبات
التدخل العسكري الغربي في سورية. هذا
ليس تبشيراً للراغبين بهذا التدخل
لإسقاط النظام، ولا تحذيراً لرافضيه،
ناهيك عن محاولة تخويف النظام. لكنه
المنطق الذي ستندفع الأمور باتجاهه
بفعل النظام. وأهم ما يشجعه على ذلك انه
ينظر إلى الوقائع، ويتعامل مع مجريات
الأمور، بالطريقة التي يرغب بها ان
تكون. فهو يبني كل سياسته على بداهة أن
الغرب لن يتدخل عسكرياً، ومثل هذه
البداهة بلاهة. صحيح أن كل السياسيين والعسكريين
الغربيين أكدوا انهم ليسوا بوارد
التدخل العسكري في سورية من دون قرار
من مجلس الأمن، وأن موسكو أكدت أنها لن
تسمح بصدوره. لكنّ اليقين بأن هذا
الوضع نهائي سذاجة. فبعدما منعت موسكو
مجلس الأمن من اتخاذ أي قرار يتيح له
التدخل السياسي في سورية، عادت وسمحت
له أن يسرح ويمرح سياسياً من الباب
الإنساني – مهمة أنان. ليس هذا فحسب،
بل إنها توافقت مع الغرب على إرسال ما
يشبه الإنذار إلى النظام السوري «يطلب
مجلس الأمن من المبعوث (أنان) أن يطلع
المجلس بانتظام، وفي الوقت المناسب،
على ما يحرزه من تقدم في مهمته. وعلى
ضوء هذه التقارير سينظر مجلس الأمن
باتخاذ تدابير أخرى». هذا ما نصّ عليه
البيان الرئاسي لمجلس الأمن حول سورية
في 21/3/2012، وبالتالي باتت الأمور رهناً
بنتائج مهمة أنان، هذه التي ستنجم عن
كيفية تعاطي النظام معها. تنطلق هذه المهمة من بداهة شرعية النظام،
لأنها دخلت على خط الأزمة السورية من
الباب الإنساني، لكنّ تفاصيلها
السياسية تنتقص من هذه الشرعية. وكلما
تعاطى معها في شكل إيجابي، كلما أوغلت
في انتقاصها منها. مثلاً، ما أن وافق
النظام على خطة انان، حتى سارع مجلس
الأمن إلى إصدار بيان رئاسيٍ ثانٍ في 5
نيسان (أبريل) يطالب فيه النظام أولاً
بوقف تحركات الجنود نحو المراكز
السكنية، وثانياً بإنهاء استخدام
الأسلحة الثقيلة فيها، وأخيراً الشروع
بسحب الحشود العسكرية من المراكز
السكنية وحولها. كل هذا مطلوب تنفيذه
بما لا يتعدى 10 نيسان، فماذا سيفعل
النظام؟ الكل يتمنى أن يتوصل إلى الاتفاق مع
المعارضة على كيفية إنهاء ديكتاتوريته
من خلال تحديد جدول زمني للاجراءات
المطلوب تنفيذها في المرحلة
الانتقالية، وفي مقدمها حل الأجهزة
الأمنية. ما يعني أن يقتنع بأن
السوريين مصممون على جعل سورية بلداً
ديموقراطياً، وأن يتعامل فعلاً بحسب
هذه القناعة. لكنّ سلوك النظام ليس فيه
ما يسند هذه الأمنية. فقد رأيناه، طوال
عام كامل، يصب جهده في اللعب على حبال
التناقضات الدولية التي بدأ ملعبها
يضيق. وفي هذه الأثناء كان يعتمد الحل
الأمني – العسكري، ويسوّف بخطوات
الانتقال إلى الديموقراطية من خلال
وضعه العربة أمام الحصان. هذا ما قام به
بإجراءاته الثلاثة البارزة، التي كان
القصد منها الإيحاء بأنه يعمل على جعل
سورية بلداً ديموقراطياً. فأصدر أولاً
قانوناً جديداً لللانتخابات، ثم
قانوناً لتشكيل الأحزاب وختمها بتغيير
الدستور. سأتغاضى عن كونه هو وحده الذي يُصدر
ويُغيّر، ما يضمر أنه يتعامل وكأنه
الممثل السياسي الوحيد لكل السوريين.
لو أن الأمر كذلك، ما الداعي إذاً
للديموقراطية السياسية؟ على كل حال
لنعاين الاجراءات. من الطبيعي أن تتناقش الأحزاب بقانون
الانتخابات وتتفق عليه، لأنها معنية
بالانتخابات ونتائجها. فشكل القائمة
والدائرة الانتخابية يؤثران في
نتيجتها. لكنّ النظام، باعتباره
ممثلاً لحزب البعث، لا يريد أن يناقش
اي حزب معارض بهذا القانون حتى لو كان
الأخير تتوافر فيه المواصفات المطلوبة
للترخيص ويوافق على شروط النظام. ما
يعني أنه كان يتعين على النظام إصدار
قانون الأحزاب قبل قانون الانتخابات.
وكذا الحال مع قانون الأحزاب: لقد
أصدره في ظل الدستور القديم، الذي تنص
مادته الثامنة على أن حزب البعث قائد
الدولة والمجتمع. وبالتالي، كل حزب
تقدم للحصول على ترخيص رسمي من الطبيعي
أنه موافق على ذاك الدستور. ما يعني أن
عليه تقديم فروض الطاعة للنظام قبل أن
يعترف النظام بشرعيته. فلو كان يزمع
السير بسورية على طريق الديموقراطية،
ولو بطريقته، لعكس هذا التسلسل بتغيير
الدستور اولاً. هذا الشكل من وضع العربة امام الحصان ليس
صدفة، ولا نتاج قلة خبرة. وإنما هو
سياسة مدروسة كي يظل النظام «يتكرر، من
دون ان يتغير» على حد تعبير مهدي عامل.
لكل هذه الأسباب، ستحدث معجزة إن التزم
النظام بتطبيق الخطة التي أناط مجلس
الأمن بالسيد أنان مهمة رعايتها
والإشراف على تنفيذها. عندما جاء المراقبون العرب، خرج المزيد
من السوريين إلى الشوارع. هذا ما قاموا
به ليس فقط تعبيراً عن احتجاجهم على
النظام، بل الأهم كي يرى المراقبون
أنهم يحتجون وكيف يتعامل النظام مع
احتجاجاتهم. هذا ما فعلوه امام مراقبي
الجامعة العربية، التي يعلمون أنها
بلا أسنان. وقتها اضر بقضيتهم، جزئياً،
وجود بعض المسلحين بينهم ل «حمايتهم».
فهل سيحتمل النظام تدفق مئات الآلاف
إلى الشوارع أمام المراقبين الدوليين،
في ظل الغياب التام للسلاح والمسلحين؟
وهل سيقبل النظام التفاوض مع المعارضة
في ظل وجود هذه الآلاف في الشوارع؟ هذه
هي المعجزة التي ينتظر حدوثها الجميع. * كاتب سوري ================= عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 14-4-2012 الجديد في المشهد السوري الدامي وجود
مبعوث دولي، وبالتالي يفترض أننا أمام
احتمالين؛ نهاية العنف والقبول بحل
سلمي، أو استمرار القتل والعودة
للمواجهات بين النظام والشعب. هذا من
الناحية النظرية، أما على أرض الواقع،
فإننا أمام احتمال واحد فقط وإحدى
نتيجتين. مبادرة المبعوث كوفي أنان
ستفشل في وقف القتل، والنتيجة إما أن
يقتنع المجتمع الدولي بأن النظام رافض
وبالتالي يجيز التدخل لإنهاء المأساة،
أو يستمر الانقسام الدولي بسبب وقوف
الروس إلى جانب بشار الأسد ومعظم
العالم يقف متفرجا على شعب يُذبح.
والثاني هو الأرجح. لا أحد يعتقد بجدية وقف إطلاق النار، ولا
أحد يصدق به، بما في ذلك صاحب المبادرة
نفسه مندوب الأمم المتحدة كوفي أنان،
وسرعان ما ستنهار الهدنة والمبادرة
لاحقا. لو كان النظام جادا في التفاوض كان
بإمكانه أن يفعل ذلك وهو يطلق النار،
وكان الأرجح أن يهدي المهمة لحليفه
الروسي لا لمندوب أممي. أما لماذا قبل
المبادرة فذلك فقط للاستمرار في كسب
المزيد من الوقت، وتدوير دعوى
الجماعات المسلحة لتبرير الحرب من
جانبه، وتخفيف الضغط عن حليفته موسكو. أما أهمية مبادرة أنان، فإنها قد تكون آخر
المبادرات، إلا من واحدة أخيرة، وهي
مبادرة إنقاذ النظام إذا حاصر الثوار
العاصمة دمشق، هنا تصبح جادة، والنظام
هو نفسه من سيدعو إليها. مسألة تعتمد
على قدرة السوريين على الاستمرار في
مظاهراتهم، وقدرة الثوار على تغيير
ميزان المعركة، أمران يصعب أن نقدر كم
سيستغرقان من الوقت، لكننا بكل تأكيد
أمام شعب لا يكلّ، على الرغم من جسامة
الثمن. أما مبادرة أنان، فمجرد وسيلة أخرى تخدم
النظام وحده، حيث يظهر أنه قبل بها،
وتعاون معها بتخفيف المواجهات، وسيسعى
لترويج مزاعمه بوجود جماعات مسلحة
منتشرة تدعمها دول الخليج والغرب. ولا
قيمة للمبادرة طالما أن الموقف الروسي
واضح وصريح بأنه سيستخدم الفيتو ضد أي
قرار يدين الأسد. ولهذا يتبقى على المجموعة الدولية التي
تدرك مخاطر الأزمة السورية على
المنطقة والعالم، وتلك التي تشعر
بآلام الإنسان السوري وتريد وقف
المجزرة، أن تعرف أنه لا يوجد سوى حل
فاعل واحد، وهو دعم الثوار السوريين
والتعجيل بإنهاء المأساة. النظام لن
يقف حتى يخسر، هذه حقيقة جلية. يشعر أنه
الآن قادر على استخدام أكثر من نصف
مليون من قواته الأمنية والعسكرية
وأسلحته الثقيلة، بما فيها الطائرات
المقاتلة والمروحيات والدبابات لقصف
المدن دون رادع. لو نظرنا في علاقة المبادرات السابقة،
والوساطات المختلفة، بتصرف النظام،
نجد أنها منحته ثقة في نفسه برفع مستوى
العنف والقتل. فهو في البداية كان
يستخدم الشبيحة، وهي جماعات مرتبطة
بالنظام تشارك في المواجهات بملابسها
المدنية حتى لا يقع لوم القتل على
النظام. ثم صار يسمح لقواته الأمنية
بالمشاركة في إطلاق النار علانية.
ولاحقا استدعى الجيش ونشره في المدن
والأرياف بعد أن كبر حجم المظاهرات،
وبلغت في بعضها أكثر من نصف مليون، كما
حدث في حماه. بعدها، صار مشهد استخدام
الدبابات والمدافع في قصف الأحياء
المدنية عاديا يمارس بشكل شبه يومي في
مناطق مختلفة من البلاد. وحديثا، زاد
النظام من قوة النيران، فلجأ إلى
استخدام المقاتلات الحربية وطائرات
الهليكوبتر. السبب أن النظام كان يخشى
في البداية من عواقب التدخل الدولي،
وأمامه سوابق مثل البوسنة وليبيا. وبعد
أن وجد أن الروس والصينيين مستعدون
للدفاع عنه في مجلس الأمن، مهما
استخدم، لم يعد يبالي بنوعية الأسلحة
وضخامة المجازر التي ترتكبها قواته. وعلى الرغم من أنه استخدم كل درجات العنف
لأكثر من عام، فإننا نرى فشله في كبح
جماح الثورة، وبالتالي النظام يطيل من
عمره فقط ولا يديم بقاءه. وإطالة
الأزمة ستنجح في نشر الفوضى في البلاد،
وهي الذريعة التي تتذرع بها الكثير من
الدول لتبرير الامتناع عن التدخل، في
حين أن عدم التدخل أو عدم دعم الثوار في
الحقيقة يتسبب في إطالة الأزمة ودخول
جماعات فوضوية، مثل الجماعات الجهادية
وغيرها. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |