ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المراقبون الدوليون
والتجربة العربية 2012-04-16 الوطن السعودية أكثر المتفائلين بالتعاطي الدولي مع
الأزمة السورية لديهم هاجس، وأسئلة
كثيرة حول مهمة بعثة المراقبين
الدوليين الذين بدؤوا منذ أمس الوصول
إلى سورية بناء على قرار مجلس الأمن
رقم 2042 الذي اتخذ بالإجماع. التجربة السابقة مع بعثة المراقبين العرب
لا تبشر بالخير، حيث استخدمها النظام
مطية لتنفيذ المزيد من عمليات القتل
والإرهاب ضد المتظاهرين الذين كانوا
في وقتها لا يحملون السلاح، فكيف
سيتعاطى النظام مع بعض مزاعم من يرون
أن الثورة خرجت من نطاقها السلمي وأصبح
لها جناحها العسكري المتمثل ب"الجيش
الحر" وجناحها السياسي المتمثل ب"المجلس
الوطني"؟ نتمنى الخير للأشقاء السوريين والخروج من
الأزمة بأقل الخسائر، ولكن التمنيات
والآمال صعبة التحقيق في ظل الهيمنة
العسكرية للنظام الذي يمتلك آلة كبيرة
من الدمار والتخريب ما زالت صورها
قائمة في بابا عمرو وحلب وإدلب وجسر
الشغور ودرعا، ويملك من القوة
السياسية المدعومة من القطبين الروسي
والصيني، وقوة دعم عسكرية جاهزة
للتدخل في أية لحظة من الجارة
الإقليمية إيران، ما يؤهله للانقضاض
على أي قرار لا يصب في مصلحته ويلمع
صورته أمام الرأي العام العالمي، بعد
أن أصبحت صورته سوداء أمام شعبه
والشعوب العربية كافة. إن تجربة المراقبين العرب، كانت فضيحة
للنظام وللقيمين على البعثة ومن اؤتمن
على نقل الحقيقة كما هي ودون تحريف،
ونتمنى للمراقبين الدوليين أن يخرجوا
بنتيجة مخالفة للمراقبين العرب، سيما
أن المجال ما زال مفتوحا أمام النظام
للعب على القرار الدولي عبر وضع الشروط
و"الفيتوات" على جنسية
المراقبين، وهذه نقطة حساسة على
المجتمع الدولي عدم التساهل حيالها. إن العالم الحر يعول كثيرا على نجاح خطة
المبعوث الدولي والعربي المشترك كوفي
عنان، وعلى المجتمع الدولي ألا يخذل،
ولو لمرة واحدة من يتعلق بحباله. ================= هل تقرر تركيا مصير نظام
الأسد ؟ الراية 16-4-2012 بقلم : سمير عواد (مراسل الراية في برلين) تتردد الولايات المتحدة الأمريكية
وأوروبا منذ اندلاع الأزمة السورية في
اتخاذ القرارات اللازمة لوقف جرائم
نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري. وخلافاً لدورهما
الفعّال في الإطاحة بنظام معمر
القذافي في ليبيا، يبدو أنهما تركا دفة
الأمور لتركيا. ولا يُنتظر من جامعة
الدول العربية في ظل الرئاسة الجديدة
من قبل العراق (المتعاطف مع نظام الأسد)أن
تفعل شيئا مثيرا كما فعلت ضد نظام
القذافي. ويُلاحظ أن رئيس
الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بدأ
يتعامل باهتمام أكبر مع الأزمة في
البلد الجار، وبينما يحث على مساعدة
النازحين السوريين إلى بلاده، وجه
تهديدات إلى الرئيس السوري باستخدام
القوة، ولأن تركيا تنتمي إلى حلف شمال
الأطلسي"ناتو" من المحتمل جر
التحالف العسكري الغربي إلى نزاع
عسكري مع النظام السوري. يبدو هذا من
وجهة نظر معارضي الأسد الحل المناسب في
ضوء التقاعس الدولي، وهذه خطوة تلفت
نظر المراقبين إلى أن تركيا تعزز
مكانتها كقوة طليعية في منطقة الشرق
الأوسط. سبب التهديدات التركية الأخيرة، هو الصور
المرعبة التي وزعتها وكالات الأنباء
العالمية قبل أيام التقطت على الحدود
السورية التركية، ظهر فيها آلاف
السوريين يفرون من بطش نظام الأسد
محاولين الوصول إلى الأراضي التركية،
حيث أطلق جنود الأسد النار عليهم ما
أدى إلى إصابة الكثير منهم بجراح،
وتحدث آخرون عند الوصول إلى "بر
الأمان" أن جنود الأسد يمارسون
التعذيب ضد معارضي النظام ويمارسون
الإعدام ضدهم كما يغتصبون الفتيات. كما تقوم تركيا بعمل إنساني، حيث أقامت
الخيام للاجئين وشيدت المستشفيات
الميدانية لتطبيب الجرحى وتساعد ما
تستطيعه. وهي بذلك تُظهر للأوروبيين
كيفية التعامل بالحسنى مع اللاجئين
حيث فشلت أوروبا فشلاً ذريعاً بذلك
عندما تدفقت أعداد اللاجئين من تونس
وليبيا بعد اندلاع "الربيع العربي"
وكيف تعاملت معهم السلطات والناس في
إيطاليا الأمر الذي دفع منظمات حقوق
الإنسان إلى انتقاد سياسة الاتحاد
الأوروبي في إغلاق حدوده أمام
اللاجئين، واليوم تدافع تركيا التي
يرفض الأوروبيون ضمها إلى الاتحاد
الأوروبي عن المبادئ التي ينسبها
الغرب لنفسه وتساعد اللاجئين السوريين
دون تردد رغم أن هذا العبء كبير عليها
من الصعب أن تستمر بتحمله وحيدة. ولأن الولايات المتحدة وأوروبا لا
تتصرفان كما تتمنى المعارضة السورية
فإن مصير نظام الأسد ربما هو اليوم بيد
أنقره. كتب المؤرخ البريطاني تيموثي جارتون آش
في صحيفة"غارديان" البريطانية أن
أوروبا تركت سوريا لمصير عثماني وأضاف
منتقداً: كان ينبغي على الغرب القيام
قبل أسابيع بوضع نهاية لجرائم القتل في
سوريا من خلال تدخل عسكري. لكن خلافاً
لليبيا يفتقد الغرب إلى الإرادة
السياسية. الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره
الفرنسي نيكولا ساركوزي منهمكان
بالحملة الانتخابية للفوز بولاية
جديدة في منصبيهما، وألمانيا رفضت
المشاركة في الحرب ضد القذافي
وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها إذا
تم التخطيط لحرب ضد نظام الأسد وكلما
ترتب تشكيل ائتلاف دولي راحت تلعب دور
مناهض الحروب. لذا تتحمل قوى أخرى عبء الأزمة السورية
وفي هذا السياق أعرب جارتون آش عن
توقعاته بأن تصبح تركيا بالنسبة
لمنطقة الشرق الأوسط أكثر أهمية من
بريطانيا وإيران أكثر أهمية من فرنسا
والسعودية أكثر أهمية من فرنسا وروسيا
أكثر أهمية من الولايات المتحدة. ويعتقد بعض المراقبين أنه في ضوء التردد
الأمريكي والأوروبي في استخدام القوة
ضد نظام الأسد لحماية المدنيين، بدأ
ينشأ نظام عالمي جديد، من الشرق الأوسط. وقد لفت الأنظار كيف أن أردوغان قام خلال
زيارته الأخيرة إلى الصين وهي إلى جانب
روسيا تقفان لجانب الأسد، بالتصريح
بعد مصرع سوريين كانا يحاولان الفرار
إلى الأراضي التركية على أيدي جنود
النظام السوري أن الناتو يتحمل
مسؤولية لحماية الحدود التركية، وبذلك
هدد لأول مرة بجر التحالف العسكري
الغربي إلى حرب ضد نظام الأسد. ويعتقد البعض أن
الناتو قد لا يأخذ مقتل سوريين اثنين
كدافع للتدخل لكن إذا نشأ نزاع عسكري
بين تركيا والنظام السوري سوف ينشأ وضع
جديد من الصعب أن يتهرب الناتو من
واجبات مساندة أحد أعضائه. لكن أردوغان سياسي براغماتي من الطراز
الأول وقد اكتسب خبرة واسعة في العمل
السياسي منذ توليه السلطة في تركيا قبل
عشرة أعوام، وهو لا يقصد جر الناتو إلى
حرب وإنما يحذر بشار الأسد من
الاستمرار بتجاهل مطالب المجتمع
الدولي بالعمل في وقف قتل المدنيين
والتنحي عن منصبه وإفساح المجال أمام
عهد جديد يتفق عليه السوريون، وإذا لم
يفعل ذلك عليه معرفة قدرات تركيا كما
رسالة رئيس الوزراء التركي للغرب أن
بلاده هي التي تحدد اليوم سياسة الشرق
الأوسط. وقد كشفت تهديدات أردوغان للأسد أن بلاده
تدرس منذ أشهر كيفية تبرير القانون
الدولي لعمل عسكري ضد نظام، وهي تملك
أوفر الفرص من جنود الناتو، لكونها
أبرمت مع سوريا اتفاقية في عام 1998 خلال
ذروة الحرب التركية الكردية. تقول المادة الأولى من اتفاق"أضنه"
أن سوريا لا تسمح بالمساس بأمن
واستقرار تركيا، كما أن الاتفاق ينص
على السماح للقوات التركية بالتوغل
مسافة 15 كلم داخل الأراضي السورية
لتعقب"الإرهابيين" ولا حق لسوريا
العمل بخطوة مماثلة. ويعتقد المراقبون أن نشوء نزاع مسلح بين
البلدين مرهون بالوقت وبعوامل الأزمة.
ويعلم أردوغان أنه في ظل العجز الدولي
والعربي على وجه الخصوص سوف يكسب قلوب
العرب خاصة السوريين وفي الوقت الحالي
يبدو المنقذ الوحيد. ================= رأي الراية الراية 16-4-2012 لا يبدو الطريق أمام مهمة المراقبين
الدوليين الذين وصلت طلائعهم إلى دمشق
لمراقبة وقف إطلاق النار مفروشاً
بالورود، فالعنف مازال سيد الموقف في
المدن والبلدات السورية وقوات النظام
التي لم تنسحب من المدن والبلدات حسب
مبادرة كوفي عنان ما زالت تقصف وتستهدف
المدنيين حيث لم يتوقف سقوط الضحايا
رغم دخول المبادرة حيز التطبيق. إن ما يهدد بفشل مهمة المراقبين عدم وجود
اتفاق رسمي على وقف إطلاق النار بين
قوات النظام والجيش السوري الحر الذي
يقوم بالدفاع عن المدنيين كما أن
استمرار النظام في استخدام العنف دفع
بالمجتمع الدولي إلى التشكيك في إرادة
النظام في سوريا احترام وقف إطلاق
النار ووقف سيل الدم المتواصل منذ أكثر
من عام. النظام السوري الذي وافق على قرار مجلس
الأمن الخاص بنشر المراقبين الدوليين
ومن قبل على مبادرة المبعوث الدولي
ومبعوث الجامعة العربية مطالب أن يفي
بكل التزاماته ويثبت رغبته الأكيدة في
التخلي عن خيار العنف ومواجهة
الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية
والتغيير بالرصاص. إن استمرار قصف المدن وتواصل سقوط
الضحايا المدنيين بقدر ما يعمق الأزمة
ويزيد من تداعياتها السلبية على سوريا
فإنه سيدفع بالبلاد إلى الهاوية والى
المستقبل المجهول. قرار مجلس الأمن رقم 2042 الذي سمح بنشر
مراقبين لمراقبة وقف إطلاق النار في
سوريا طالب الحكومة السورية أن تنفذ
بشكل واضح كامل التزاماتها المتفق
عليها كوفي عنان داعياً إياها إلى وقف
تحريك القوات باتجاه المراكز السكنية
والكف عن استخدام كافة أنواع الأسلحة
الثقيلة في هذه المراكز وبدء سحب
التجمعات العسكرية من داخل المراكز
السكنية ومن حولها من أجل تسهيل التوصل
إلى وقف مستدام للعنف وهو ما لم ينفذه
النظام السوري حتى الآن. لقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان
كي مون عن "قلقه الشديد" إزاء
الوضع على الأرض في سوريا خاصة في
مدينة حلب التي تعرضت لقصف عنيف من
قوات النظام. ففي الوقت الذي كانت فيه طلائع المراقبين
قد وصلت إلى دمشق للبدء في مهمتها خرق
النظام وقف إطلاق النار ما أدى إلى
سقوط عدد من الضحايا المدنيين الأمر
الذي إذا استمر سيعقد مهمة المراقبين
لوقف إطلاق النار. إن وقف القتل والعنف وقصف المدن والبلدات
الثائرة وعدم اعتراف النظام بوجود
حركة احتجاجية واسعة النطاق في
البلاد، واستمراره في القول إن "عصابات
إرهابية مسلحة" تزرع الفوضى والعنف
في البلاد سيؤدي إلى فشل مبادرة كوفي
عنان ومن ثم وقوع سوريا في الفوضى. ================= السوري المشرد..أين
الواجب العربي تجاهه؟! يوسف الكويليت الرياض 16-4-2012 الشعب السوري
كريم ونبيل، وهي خاصية في تركيبته
العربية التي رفعت راية القومية
بمعناها المطلق عندما جاءت الأنظمة،
منذ الاستقلال، أن لا منع على دخول أي
عربي بدون حواجز أو تعقيدات، ولم يكتف
بهذه الخاصية فقط عندما جاءه اللاجئون
الفلسطينيون، بعد النكبة بمئات
الآلاف، وعاشوا مواطنين بدون فرز عن
المواطن السوري.. أثناء الحرب الأهلية اللبنانية آوى
السوريون العديد من اللاجئين
اللبنانيين وغيرهم بدون استثناء مسيحي
أو مسلم أو غيرهما، وأثناء احتلال
العراق وصل إلى المدن السورية أعداد
مهولة من الهاربين من جحيم الحروب شبه
الأهلية بالقتل على الهوية بسبب
الصراعات الطائفية والقومية، وقبل
ذلك، وأثناء أزمة إيلول الأسود، كانت
سوريا حاضنة من هربوا من الأردن، وتحمل
تبعات هذه الأعداد الكبيرة على
ميزانية بلد ليس غنياً بالمفهوم
العام، تضحية عالية من شعب كبير القلب.. الآن المحنة التي عصفت بالشعب السوري من
نظامه الذي يقتل بدون تحديد من أجل
بقائه، وينفذ مشروع تهجير وتصفيات
جسدية تحسباً لبناء دولته العلوية،
وإبعاد كل ما لا ينتمي لها، خلق هجرة
كبيرة بلغت مليون لاجئ في كل من تركيا،
ولبنان، والأردن مع إغلاق حدود العراق
تبعاً لتضامنها مع حكومة الأسد، وعدم
الاعتراف بالجميل عندما بقي
العراقيون، وإلى الآن ضيوف الشعب
السوري، في هذه المأساة يجب أن تكون
مسؤولية العرب جميعاً إذ المساعدات
العاجلة هي الحل المؤقت، لأن مبدأ
السلطة يقوم على خلق أزمات للدول التي
تؤوي الهاربين من عنف دولتهم، وما قامت
به يشبه إلى حد كبير ما فعلته إسرائيل
بإبعاد الفلسطينيين على أمل توطينهم
في ملاجئهم، والحكم السوري خطط لمثل
هذه العمليات، وعمل على خلق بيئة صراع
طائفي، وقومي حتى أن الأكراد ظلوا بلا
حقوق أو حتى تجنيس مما جعلهم يبادرون
إلى المقاومة السلمية والعسكرية.. نعرف مدى الحالة النفسية والاجتماعية
عندما تتساقط الأسلحة على الآمنين ثم
يضطرون للهرب واللجوء لدول حدودية،
وكيف يواجهون مصيرا قاسيا للتلاؤم مع
المكان ومعاناة المعيشة والطقس، وأكثر
منها الغربة عن الوطن الذي يعتبر
الهاجس الأهم لأي مواطن يشرد من مكانه،
وكيف يحدد وجهته وكيف يكسب قوت أبنائه
وأهله، وهل يبقى يعيش على المعونات من
المنظمات الإنسانية فقط؟! الأمة العربية غنية والشعب السوري صاحب
حق عليها، لأنه السباق في كرم الضيافة
لأي عربي، وبالتالي إذا كان الواقع خلق
لاجئين يحتاجون لكل شيء، فمن العار أن
تبادر الأمم المتحدة أو البلدان التي
قبلت لجوء هذه الأعداد، دون دور عربي
عاجل وسريع بتأمين كافة احتياجات
اللاجئين، وهو واجب وليس منة، لإشعار
هؤلاء بأن محنتهم ليست أبدية، وأن هناك
من يقف معهم عاطفياً وعملياً.. ================= تركيا والحسابات
الاستراتيجية في سوريا مروان قبلان عكاظ 16-4-2012 أثارت اعتداءات الجيش السوري النظامي على
الأراضي التركية علامات استفهام حول
موقف القيادة التركية من الأزمة
السورية، خصوصا أن أنقرة باتت الحضن
الأول لأقطاب المعارضة السورية، وكذلك
تصريحات بعض المسؤولين حول إمكانية
تدخل الناتو للحفاظ على الحدود، ومع
تفاقم الأزمة السورية يتساءل البعض عن
الموقف التركي أكثر دول الجوار تضررا
بما يجري على الساحة السورية سواء من
الناحية الإنسانية أو العسكرية؟ مع تحول الأزمة السورية إلى شأن إقليمي
ودولي بامتياز، وجدت تركيا نفسها في
خضم الصراعات وظنت أنها قادرة على
تجاوزها. فمنذ وصول حزب العدالة إلى
السلطة، اعتمدت حكومة أنقرة سياسة «تصفير
المشاكل» مع الجيران. ويقوم جوهر هذه
السياسة على أساس أن تعظيم مكاسب
التعاون الاقتصادي بالدرجة الأولى مع
الجوار الإقليمي سوف يؤدي إلى تقليص
أهمية النزاعات التي تدور بمجملها حول
قضايا جيو سياسية. وبالفعل، مع دخول
العام 2011 بدا أن هذه السياسة تحقق
نجاحات كبيرة،. كما سمحت هذه السياسة
لتركيا بتأمين احتياجاتها من الطاقة (نفط
وغاز) عبر عقود طويلة الأجل مع إيران.
هذا الأمر حرر تركيا جزئيا من إمدادات
الطاقة الروسية التي حاولت استخدامها
بشكل متزايد خلال الآونة الأخيرة
كوسيلة ضغط سياسية على الأتراك. كما
سمحت هذه السياسة لأنقرة بتعظيم
نفوذها السياسي إلى درجة تحولت فيها
إلى وسيط مقبول للمساهمة بحل الملف
النووي الإيراني، ومرة أخرى كانت
موسكو المتضرر الأكبر من الدينامية
التركية التي أزاحتها عن موقعها كوسيط
وحيد في الملف النووي الإيراني. لكن أنقرة تفاجأت كما غيرها بهبوب رياح
التغيير في العالم العربي وبدت شديدة
الارتباك عندما وصلت هذه الرياح إلى
ليبيا تحديدا، ففي تونس ومصر لم يكن
للأتراك مصالح كبيرة تضطرهم إلى اتخاذ
مواقف واضحة من الثورات التي أطاحت
نظاميهما، لكن الأمر اختلف جذريا في
ليبيا التي لم يبد أن الأتراك متحمسون
للتغيير فيها خوفا على مصالحهم
الاقتصادية. لكن ومع وضوح مصير النظام
الليبي، قرر الأتراك السير باتجاه
الريح. ورغم أهمية ليبيا للأتراك، إلا أن سوريا
شكلت التحدي الأكبر لسياستهم في عموم
الشرق الأوسط. فحكومة أردوغان التي
تعلمت من الدرس الليبي سارعت إلى إعلان
تأييدها للتغيير في دمشق، إلا أنها بدت
شديدة الحذر في موقفها الجديد، أخذا في
الاعتبار الاصطفافات الإقليمية
والدولية الناشئة عن الأزمة السورية.
في هذه الحالة وجدت تركيا نفسها في
مواجهة معادلات القوة التي حاولت أن
تنساها في خضم سياسة «تصفير مشاكل»
التي حاولت اتباعها مع الجيران. زيارة
أردوغان الأخيرة إلى إيران كشفت بوضوح
عن مدى التوتر الذي يشوب العلاقات بين
البلدين، فردا على سوء استقبال طهران
لأردوغان قررت أنقرة الانضمام إلى
العقوبات التي فرضها الغرب على صادرات
إيران من النفط عبر تخفيض وارداتها
منها بنسبة 20 % بعد أن كانت وافقت على
نشر الدرع الصاروخي الأمريكي على
أراضيها في خطوة اعتبرتها طهران موجهة
إليها. أما فيما يتعلق بالعلاقات التركية
الروسية فهي أعقد من أن يتم اختصارها
بالنفط أو اغتباط موسكو بعودة التوتر
إلى علاقات طهران بأنقرة بعد فترة من
الدفء بلغت أوجها بتصويت تركيا ضد قرار
مجلس الأمن 1929 الذي فرض مزيدا من
العقوبات على طهران بسبب برنامجها
النووي. في الموضوع السوري تحديدا يبدو
أن مخاوف موسكو من وصول نظام حليف
لأنقرة في دمشق يشكل العامل الحاسم في
التشدد الذي أبدته روسيا في مجلس الأمن
دفاعا عن النظام السوري. فموسكو التي
تنظر إلى تركيا كخصم تاريخي تريد
الحيلولة دون أن تجني هذه الأخيرة ثمار
التغييرات التي تجري في عموم الشرق
الأوسط وذلك على حساب موسكو ومصالحها
وهو ما يبدو حاصلا الآن. مواقف طهران وموسكو هي ما حالت حتى الآن
دون اتخاذ تركيا خطوات فعلية فيما
يرتبط بالأزمة السورية،. لكن الموقف
التركي الذي يبدو شديد الحرج من كثرة
التصريحات وقلة التحركات سوف يصل
قريبا إلى مرحلة يضطر فيها إلى فعل شيء
ما وإلا أضاع كل المكاسب التي أمكن
تحقيقها خلال فترة الربيع الذي يوشك إن
يتحول إلى صيف قائظ. ================= خالد أبوكريم التاريخ: 16 أبريل 2012 البيان إذا كان الشعار المضاد المحفور على الحجر
وجلود البشر معا "الأسد أو نحرق
البلد"، وإذا كانت جدران الشوارع
التي حرثتها الدبابات، تلطخت بشعار
"الشعب يريد تربية من جديد"، فأي
فرصة لمبادرة كوفي عنان وما تتضمنه من
حوار؟ هذه الذهنية التي تقود الصراع في سوريا،
تواصل وصفة القبضة الأمنية الداخلية
والدبلوماسية الحريرية خارجياً،
ومعها يحار المراقبون في المسار
السياسي الدولي، منذ تفجر الأزمة
السورية ولغاية القرار الأخير لمجلس
الأمن. في البداية، حين أطلقت درعا شرارة
الاحتجاجات، انهالت تصريحات "الخارجيات"
الأطلسية بغضبها على الرئيس السوري
بشار الأسد ومطالبته الصريحة بالتنحي،
ثم مع حدوث ما يمكن وصفه ب"الانتكاسة
الثورية" للشارع السوري، حين نجح
النظام في استدراجه لحلبة السلاح،
تناوب الخفوت على المواقف الدولية تحت
وطأة هواجس الحرب الأهلية واتساعها
إلى عموم المنطقة، وهو التهديد الذي
كان الأسد لوح به للمنادين بتقويض
نظامه. ومع وصول مستوى البطش إلى حدود لا يحتملها
الضمير العالمي، رجح التتبع المنطقي
للأحداث، أن خطة شيطانية وراء هذا
الصبر العجيب على سقوط ما معدله مئة
ضحية في سوريا يوميا، تقوم على إعطاء
فرصة للقذائف والرصاص لتعيد سوريا
قرناً إلى للوراء، فيرث النظام الجديد
تركة أثقل من أن تتيح له ولو ثقباً
للتنفس خارجيا، وبالتالي نسيان
الجولان وحزب الله وثقافة "الممانعة"،
والغرق تماما في إصلاح المرافق
والنفوس. ها هي مبادرة عنان تنبت لها أرجل تمشي على
الأرض، بنجاح مجلس الأمن في تبني قرار
نشر مراقبين عسكريين للإشراف على وقف
النار في سوريا، واللافت هو الإجماع،
أي سقوط الدرع الروسي الصيني الحامي
للنظام السوري. فهل هناك أمر قلب
الموازين الدولية؟ قبل أسبوعين ردت وزيرة الخارجية
الأميركية هيلاري كلينتون على سؤال
صحافي في الرياض، بالقول حرفيا "الروس
في أيدينا"، لكنها بالطبع لم تفصح عن
الثمن الذي قبضه الثعلب فلاديمير
بوتين، ليلين تصلب الكرملين ويتراخى
"الفيتو". ثاني الإشارات انطلقت من إسطنبول، حين
أشيع التفاؤل و"الأجواء الإيجابية"
بين المفاوضين الأوروبيين
والإيرانيين بشأن ملف طهران النووي،
رغم صدور مواقف متشددة قبل نحو الشهر
من قبل القيادة الإيرانية، ما يشي
بصفقة ربما باع الحليف حليفه في
إطارها، مقابل سلامة بوشهر وغيره. تحرك تركي أردني مواز، لكن هذه المرة
يتركز في محاولة التدقيق في هويات
الهاربين من سوريا إلى أراضي البلدين،
حتى لا يفرغ خيار الانشقاقات في الجيش
السوري من هدفه الأصلي، وبالتالي
تتحول المناطق الحدودية الأردنية
والتركية مع سوريا إلى معسكرات للجنود
المنشقين، بدل بقائهم في بلادهم
والبدء في رص وتنظيم الصفوف. كل العوامل هذه تؤشر إلى مرحلة حسم تقترب،
اصطفاف دولي يبدو أكثر حزما هذه المرة،
فمع موعد نشر هذا المقال تكون طليعة
المراقبين الدوليين قد وصلت إلى
سوريا، ما يعني تحييد الدبابات وإن
لبست لبوس "المدرعات المدنية"،
وتاليا فتح المجال أمام الجماهير
لتعود إلى هدير الشارع المدوي، بينما
الفخ المنصوب لأي حماقة من قوات النظام
يقضي بمناطق عازلة وتسوية الأرض أمام
سيل الانشقاقات العسكرية شمالا
وجنوبا، على وقع التهديد الوارد في
القرار الدولي الجديد ب"خطوات أخرى". بقي سر هو الأهم؛ هل اكتملت الدائرة
الدولية في الداخل السوري، عبر تبلور
قيادة بديلة تجنب سوريا التشرذم،
وتحمل الوصفة الديمقراطية المطلوبة..
وربما المرسومة؟ ================= رأي البيان التاريخ: 16 أبريل 2012 البيان فتح تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار
بنشر مراقبين في سوريا، باب الأمل
مجدداً حول إمكانية توفير بيئة سياسية
ملائمة لمخرج غير عسكري أو أمني للأزمة
في سوريا. ورغم أن عدد المراقبين سيكون بحدود 30
عسكرياً غير مسلحين، إلا أنه لا يمكن
مقارنتها مع التجربة السابقة
للمراقبين العرب، حيث لم يبرز انقسام
على هوية المراقبين الدوليين كما حدث
مع تجربة مراقبي جامعة الدول العربية.
وبالتالي فإن بعض الأحكام المسبقة
المتشائمة حول القرار الجديد وقياسه
بتجربة الجامعة العربية، ليس في محله.
وهذا ليس تشكيكاً في مهنية المراقبين
العرب، بل إن قرار مجلس الأمن صدر بعد
إدراك الدول الكبرى أنه لا يمكن لجهة
واحدة فرض رؤيتها للحل في سوريا. هذه
القناعة لم تكن موجودة لدى الأطراف
الدولية المعنية بالصراع في سوريا،
عندما صدر قرار إرسال مراقبي الجامعة
العربية. ومما يقلل من منسوب التشاؤم، أن هذا أول
قرار يوافق عليه المجلس منذ أن بدأت
الانتفاضة على حكم الرئيس بشار الأسد
قبل 13 شهرا، حيث استخدمت موسكو وبكين
حقهما في النقض (الفيتو) مرتين، لمنع
صدور قرارين ينددان بقمع المحتجين. إذاً، الأرضية الدولية باتت مهيأة لتقبل
ما يتوصل إليه السوريون (النظام
والمعارضة) من توافق على حل برعاية
دولية، والخطوة الأولى لذلك تبدأ من
الالتزام بقرار وقف إطلاق النار بموجب
خطة المبعوث العربي الأممي كوفي أنان.
وللأسف، لم يكن هناك التزام كامل من
الحكومة السورية بالهدنة التي دخلت
حيز التنفيذ منذ يوم الخميس الماضي،
فيما لم تذكر التقارير أي خروقات واضحة
من جانب المعارضين للنظام، باستثناء
حادثة اغتيال وحالة خطف من دون أن
تتبنى أي جهة مسؤوليتها عنهما. إن نجاح مسعى المراقبين يجب أن يترافق مع
إبداء دمشق لنوايا طيبة وإيجابية
ومشجعة لعمل هذه البعثة التي تعتبر
الفرصة الأخيرة، بحسب تصريحات
وتلميحات دول حليفة وغير حليفة
للنظام، وإذا فشلت فسيدفع ذلك المجتمع
الدولي إلى «ضبط إيقاع الفوضى» التي
ستنفجر إذا انعدم أي أفق لحل سلمي في
سوريا. ================= ميشيل كيلو السفير 16-4-2012 ليست روسيا كأميركا: في كل ما يتعلق بوجود
سوريا كدولة وكمجتمع. ليس لدى أميركا
أي حرص على وجود سوريا الدولة
والمجتمع، بل هي تشجع أي فعل يمكن أن
يفضي إلى تقويضهما ودمارهما، ما دام
الصراع في المنطقة يتصل بإسرائيل،
التي لا شك في أنها تريد إطالة أمد
الصراع في سوريا وتؤيد إضفاء طابع عنيف
عليه، لأن من غير الممكن تدمير سوريا
دولة ومجتمعا من خلال ثورة سلمية، خاصة
إن كانت تطالب بالحرية وترى فيها أساسا
حديثا لإعادة تجديدها في زمن متغير،
بعد نصف قرن من الفشل والهزائم، تسبب
بها نظام لم يجد ما يواجه به شعبه غير
قدر متصاعد من العنف والقتل والتهجير
والانتقام، من دون مراعاة المصالح
العليا للبلاد والعباد. هذه النقطة المهمة تضعنا امام استنتاجين: - ليست لروسيا في سوريا الأهداف عينها
التي لأميركا، بل إن أهداف روسيا
معاكسة لأهداف الأخيرة، لأنها لا
تستطيع أن توافق على تقويض دولتنا
ومجتمعنا، ولا تقدر إلا أن تكون مع
استمرارهما وبقائهما، موحدين ومحميين
بطبيعة الحال، حرصا على مصالحها
الخاصة. ليست روسيا ضالعة في خطط
صهيونية مدعومة أميركيا تتصل بتمزيق
المشرق العربي وتدمير بنيته القومية
والوطنية، وليس في تاريخ علاقاتها
معنا ما يشير إلى رغبتها في شيء كهذا أو
عملها من أجله. وإذا كانت تقترف اليوم
الأخطاء، فإن أخطاءها، التي لا يجوز أن
تسامح عنها، تقع على صعيد آخر غير
تدمير سوريا دولة ومجتمعا. - لا يجوز أن نتعامل مع روسيا وكأنها عدو
يريد تدميرنا. ولا يسوغ تاريخنا معها
تعاملا كهذا. ومن غير المقبول اعتبارها
مسؤولة عن مأساتنا، بينما نرى في
أميركا دولة تريد حمايتنا، حريصة على
وجودنا ومستعدة للتدخل عسكريا
لحمايتنا. ليس صحيحا ما تعتقده اليوم
قطاعات واسعة من مواطنينا حول روسيا
واميركا، ليس فقط لأنه عكس الواقع
والحقيقة، بل لأن للخطأ فيه عواقب
خطيرة على مستقبل الحراك السوري ووجود
دولتنا ومجتمعنا. ليست روسيا كأميركا في هذه النقطة
الفائقة الأهمية، التي تحدد مواقف
الدولتين، فتجعل الثانية عديمة
الاكتراث بمصير سوريا، وبالتالي قليلة
الاهتمام بإنهاء الصراع الدائر فيها،
قبل انهيار بنى دولتها ومجتمعها،
بينما لا تفعل روسيا الشيء نفسه،
وترتكب أخطاء جدية ليس في المسائل التي
تتعلق بوجود دولتنا ومجتمعنا، بل
بالصراع الدائر منذ نيف وعام في وطننا،
وتعتقد روسيا خطأ أن استمرار السلطة
الراهنة يضمن وجودها ونفوذها في
بلادنا وفي المشرق، لأن هذه السلطة
تحول دون قيام حكومة للإسلام السياسي
على مقربة من حدودها الجنوبية، بما
يمكن أن تمثله من مخاطر داخلية روسية،
بينما الصحيح أن نمط الحكم البعثي
الاستبدادي هو الذي يحرك ويحرض
الحركات الأصولية من جميع الأنواع،
بما في ذلك العلماني والدهري منها، وأن
طريقة معالجة الأزمة السورية بالأمن
والجيش واقتحام القرى والمدن وقتل
المواطنين الأبرياء هي التي نشرت نار
العنف والتطرف من أقصى شرق إلى أقصى
غرب، ومن أقصى شمال إلى أقصى جنوب
سوريا، وأدت إلى بروز انقسام مجتمعي
وسياسي يزداد عمقا وتفجرا بمقدار ما
يمعن النظام في اعتماد الأمن وسيلة
عملية لسياساته، بينما فتح الحل
الأمني الباب واسعا أمام التدخل
الخارجي في الشأن السوري، هذا إذا ما
تجاهلنا التدخل العسكري الإيراني إلى
جانب السلطة، وهو اليوم مباشر وكثيف
ويمكن أن يعطي طهران مكانة تقريرية في
بت مصير الأزمة السورية، بمعنى أنه قد
يحول دون إيجاد حل بجهود جهات سورية
رسمية ومعارضة، ويمد من عمر الاقتتال
الداخلي في بلادنا، ما دامت إيران
تدافع عن نفسها في الخندق السوري
المتقدم، وتخشى أن يفضي إنهاء الأزمة
بحل سياسي إلى فتح دفتر أزماتها،
الداخلية منها، وتلك التي ورطتها
قياداتها فيها مع عالم خارجي لا شك في
أنه يعد نفسه للمعركة ضدها. يتنكر الروس لتاريخ طويل من الصداقة
جمعهم بالسوريين ودولتهم قبل الانقلاب
العسكري الذي أوصل البعث إلى السلطة
بعقد كامل، ويتناسون أن سوريا عقدت أول
صفقة سلاح معهم عام 1954، قبل مصر بأشهر
عديدة، وأنها اعترفت بجمهورية الصين
الشعبية قبل مصر، مع أن الاعتراف
بالصين كان يومذاك محرما أميركيا لا
يجوز الاقتراب منه تحت أي سبب، وأن
المعارضة السورية لا تتطلع إلى إخراج
روسيا من بلادها، بل ترى فيها قوة
توازن مع الغرب بوسعها مساعدتها على
حماية استقلال الدولة السورية الوطني،
بعد تغيير النظام، وأنها كذلك مصدر
رئيس للعون العسكري والمدني، وستكون
جهة تسهم في إعادة بنائها، علما بأن
أخطاء روسيا الحالية تأخذها إلى موقع
يجعل من الصعب على أصدقائها الدفاع عن
ضرورة وأهمية الإبقاء على علاقات
مميزة معها. والغريب، أن روسيا تتبنى
موقفا يؤيد النظام إلى حد يحول بينها
وبين استنكار أو إدانة ما يرتكبه من
جرائم ضد شعبه، ويقترفه من أخطاء قاتلة
في التعامل مع مأزق غير أمني ولا يعالج
أصلا بالأمن، وأنها تنسب إلى الشعب
المطالب بحقوقه نوايا ليست لديه،
وتنظيمات لا محل لها في صفوفه، وتلصق
بالإخوان المسلمين السوريين صفات
يعلنون رفضهم لها، ويقدمون الأدلة على
أنها ليست من سياساتهم، بدل أن تقيم
حوارا معهم تتلمس خلاله حقيقتهم
وحقيقة مواقفهم، وما هم على استعداد
لقبوله في سوريا الحرة، وفيه كثير مما
يمكن أن يبعث الاطمئنان لديها . يقوم الموقف الروسي على الفكرة الجوهرية
التالية: لن نتمسك بأسرة الأسد أو حتى
بالنظام السوري، إن كانت سوريا
القادمة ستقدم لنا ما يقدمه هو لنا، أو
أكثر منه، وستقيم حكما مستقرا ومعتدلا
يريد الحفاظ على التوازنات والعلاقات
الدولية القائمة في المنطقة والبحر
المتوسط .إذا لم تكن هناك ضمانات بأن
حكما كهذا هو الذي سيلي النظام الحالي،
فإننا سنتمسك بالوضع الراهن، وسندافع
عنه بكل ما لدينا من قدرات، وهي كثيرة.
هكذا، يكون من الأهمية بمكان أن تدخل
المعارضة في حوار عميق وذي مصداقية مع
روسيا، يطاول مستقبل علاقاتها مع
بلادنا، يكفل مواقعها تجاه أميركا
ويؤكد أننا لن نصبح أداة بيد تركيا
واستراتيجياتها الإقليمية والقومية،
وأن دولتنا ستكون عربية التوجه وإن
مارست سياسات صداقة وأخوة مع العالم
الإسلامي وحافظت على قيم ومنطلقات
إسلامية في سلوكها المحلي والدولي. أن
الساحة الرئيسة لسياسات سوريا القادمة
ستكون بالدرجة الأولى المجال العربي،
وإن أفادت من التجربة التركية في ما
يتعلق بتنظيم العلاقة بين الدين
والنزعات القومية والمدنية
والعلمانية والجمهورية، كما في مجال
الاقتصاد الحر والانفتاح على العالم...
الخ. هذا ما تطلبه روسيا، وهو يسير الدفع، إن
كان بديله حرق بلادنا وتدمير دولتها
ومجتمعها، بيد النظام والغرب... وصمت
روسيا الذي يحدث الانطباع بأنه قبول
بما يجري. هل نبادر إلى دفع هذا الثمن،
مع أننا ندفعه منذ وقت طويل، وندفعه
اليوم أيضا، لكن الجهة التي تفيد منه
هي النظام لا الشعب ومشروع الحرية
العتيد؟. بسبب مكانتها من بلادنا ونظامها القائم،
تستطيع روسيا لعب دور فريد في حل
أزمتنا، فهل نساعدها على ذلك أم نقف
حجرة عثرة في طريقها، لمجرد أنها تعلن
عزمها على مساندة النظام إلى أن يوجد
بديل؟ ترى: ألا يملي علينا واجبنا
الوطني أن نكون هذا البديل؟ كاتب ومعارض سوري ================= رمزي الغزوي الدستور 16-4-2012 ما زال أصاحب نظرية (المؤامرة) يتمترسون
خلف مقولة، أن ما يجري في سوريا ليس إلا
صناعة من لدن الوهم السينمائي، أو
فبركة من خيال كاتب جامح. وأن قوافل
الشهداء الذين يوارون الثرى، ليسوا
إلا ممثلين بلداء، أو (كمبرساً) رخيصين
ارتضوا الانخراط في جوقة تمثيل
عالمية، لا هم لها إلا الإيقاع
بالقيادة الحكيمة لهذا النظام. وما زالوا يشككون في كل شيء: في مساحة ثقب
أحدثته رصاصة خرقت صدر شاب في العشرين،
قبل أن يسجى كوردة مقصوفة في حضن أمه
وعويل ذويه. ويرون الدبابات الرابضة
بين البيوت مجسمات كرتونية صنعت بيد
العملاء، لتعطي فرصة للتدخل في آخر
قلاع الصمود العربي الممانع، وما
زالوا يشككون في لون الدماء المتخثرة
في تضاريس الوجوه وجنبات النعوش وضيق
الطرقات، فهي ليست إلا ماء طماطم أريق
بليل. وما زال بعضهم لا يعترفون أن الشهداء لم
يتجاوزوا أصابع اليدين عددا، وأن صور
أزقة وساحات وشوارع درعا وحمص
والقابون وجسر الشغور وغيرها من بؤر
الثورة، ليست إلا أماكن وهمية أقيمت
خصيصاً لتحاكي مشاهدنا السينمائية.
وما زال يقتلني قهرا قولهم: إن النظام
الأسدي نظام ممانع. في الفيزياء لدينا مصطلح الممانعة
الشهير، وهي المقاومة التي يبديها
الجسم حين يمر فيه تيار كهربائي، وإذا
أجزنا أن خطر العدو الاسرائيلي، هو هذا
التيار المفترض، في نظر الذين يكيلون
بعدة مكاييل، ولا يؤمنون أن الشعوب
المهزومة من الداخل، لا يمكنها أن
تنتصر على عدو خارجي مهما تضاءل شأنه.
إذا تخيلنا هذا، فعلينا أن نقدر شكل
وحجم الممانعة الباسلة والبطلة
والصاخبة الحمراء، التي أبداها هذا
النظام ضد عدوه مدى أربعة عقود وأزيد. هو نظام ممانع حقاً، ممانع لأية بؤرة حق
تريد شهقة الحياة، ولكل ذرة حرية
مشتهاة. ممانع بالرصاص لكل من يرفع
الرأس، وممانع أن يتخلى عن وهمه،
وكذبه، وعنجهيته، وشراسته، وساديته،
وأسديته على أهله وناسه، ممانع أن يترك
تيار الحرية ليمر في بلد عريق عراقة
حروف الكتابة، وصهيل الحضارة. سيسقط الأسد مدوياً، لأنه علا في الباطل،
وشاط في الغي. وسينسى ككل الطغاة من
قبله. وستبقى التحية خالدة بفم التاريخ
للشعب السوري الباسل، الذي واجه
الدبابة بصدر عارٍ. تحية لشعب شجاع خرج
للمواجهة والممانعة ، وهو يعرف أن
الرصاص يتحمحم ليسكن رؤوس أبنائه
وأطفاله وحياته. تحية للذين أخافوا
خوفهم، وحدقوا في حريتهم، ومانعوا
الباطل وأخمدوه. ================= الوضع السوري القائم..
إلى متى؟! سلطان الحطاب الرأي الاردنية 16-4-2012 هل ستظل الأوضاع في سوريا تراوح في مستنقع
الدماء وتظل المهمة الدولية احصاء عدد
القتلى أو الشهداء أو الجرحى أو محاولة
معرفة من هي الجهة التي تقوم بهذا. أدرك الطرفان التركي والأردني أن الحل
السياسي للأزمة السورية هو المخرج فقد
تغير الخطابان التركي والسوري بدرجات
متفاوتة ولعل ذلك لكون الطرفين يحسان
بالمأساة السورية ويعيشانها أكثر من
أي أطراف أخرى.. فحدود البلدين يعبرها
اللاجئون السوريون الذين يحتاجون الى
الحماية والايواء والمساعدة وليس الى
استمرار الخطب والوعود والانتظار.. ربما يطول ليل السوريين فالنظام يشتري
الوقت ويجد دعماً سياسياً ما زال
قائماً ومستمراً حتى الآن من طرف بلدين
عضوين دائمين في الأمم المتحدة هما
روسيا والصين ورغم كل الضغوط التي يجري
الحديث عنها على البلدين الا أنها لم
تصل حد جعلهما يراجعان موقفهما ..بل ان
الموقف الروسي ما زال يرى استمرار
الوقوف الى جانب النظام السوري وهذا ما
عكسته لقاءات وزير الخارجية السوري مع
نظيره الروسي أخيراً كما ان الصين عبرت
عن نفس الموقف من خلال تصريحات جديدة
للخارجية الصينية .. بموازاة ذلك ما زال هناك دعم مادي عسكري
ومدني ولوجستي ايراني لسوريا وبمشاركة
عراقية تتفهم العلاقة الايرانية
السورية وتحرص عليها ويضاف الى ذلك دعم
وتأييد حزب الله للنظام السوري على
أكثر من مستوى أبرزها ابقاء التوازن في
لبنان لصالح بقاء النافذة السورية
مفتوحة ولصالح بقاء قوى سياسية عديدة
تؤيد النظام السوري في مواجهة قوى أخرى
تقف ضده..وتوازن الردع هذا ليستفيد منه
النظام السوري .. اكثر الاطراف تضرراً هو الشعب السوري
الذي يعيش المعاناة والقتل والحصار
وظرف المعيشة الصعبة وقد وصل عدد
السوريين الذين أصابتهم أضرار الحرب
مباشرة اكثر من مليون سوري وهناك مئات
الالاف يتوزعون على المنافي وخاصة في
تركيا والأردن حيث يزيد عدد اللاجئين
السوريين الى الأردن عن مائة ألف لم
تتوفر لهم فرص الايواء والعيش وما زالت
أوضاعهم تثير الكثير من الأسئلة عن
غياب المجتمع الدولي الذي يكتفي
بالتصريحات.. عشرات الوفود الدولية الرسمية ومن منظمات
المجتمع المدني الدولي غير الرسمية
زارت مناطق الحدود السورية الاردنية
وكتبت تقارير وصورت، وهناك تقارير
عديدة تتدفق على سفارات الدول
الاجنبية وهناك مبعوثون لهذه السفارات
يصلون الى الحدود ويتفقدون التجمعات
اللاجئة وآخر هذه الوفود السفير
الفرنسي ايريك شوفالييه الذي حطت
رحاله في مدينة الرمثا وتحاور مع بعض
اللاجئين عبر الترجمة واصطحب صوراً
ملتقطة وأدلى بتصريحات وأطلق وعوداً
عن مساعدات ستصل .. زيارة السفير استطلاعية وهناك زيارات
سبقت لسفراء آخرين من العرب والاجانب
وزيارات آخرى في الطريق واوضاع
اللاجئين السوريين ما زالت على حالها
من البؤس والمعاناة والافتقار لشروط
الحياة الانسانية وقد يتضاعف الأمر
سوءاً فهؤلاء اللاجئون بحاجة الى
حماية والى أمن بعدما جرى الاعتداء على
اللاجئين السوريين على الحدود التركية
اذ لا ضمانات ان يقع عليهم عدوان أو
يندس في صفوفهم وبين ظهرانيهم عملاء
يلحقون بهم الأذى وقد أثبتت التقارير
أن عدة محاولات جرت لولا بعض اليقظة. مع استمرار الحالة السورية وعقم الحل
السياسي وعدم توفره حتى الان فإن أوضاع
اللاجئين السوريين الذين يزدادون لا
بد من مناقشتها بشكل جاد وموضوعي
بعيداً عن الفزعة وحتى وطأة الحالة
السياسية ومفارقاتها بل لا بد من
الالتفات للحالة الانسانية المتفاقمة
واذا كان المجتمع الغربي ممثلاً في
الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي
الذي تتقدمه الحماسة الفرنسية لم يقدم
للمعارضة السورية سوى الدعم الخطابي
وقرارات لم توقف القتل حتى الان ..فهل
يمكن لهذه الاطراف مساعدة اللاجئين
السوريين عملياً وبمساعدات لوجستية
واضحة وسريعة؟..لماذا لا تفترض هذه
الاطراف أن زلزالاً وقع وان تسونامي قد
حصل وان ذلك يستلزم تدفق المساعدات
وتوفير شروط الايواء؟..ماذا ينتظر
هؤلاء ؟ أين الجدية؟ ولماذا يظل العبء
على الاردن وحده الذي قدم كل ما في
استطاعته؟..حان الوقت لانخراط دول
وبشكل رسمي وملموس لمساعدة هؤلاء
اللاجئين فلا يكفي ما يقدمه الهلال
الاحمر الاماراتي ومساعدات شبيهة من
منظمات سعودية وكويتية ذات طابع
انساني وديني..على المجتمع الدولي ان
يؤكد ارادته في الوقوف الانساني الى
جانب هؤلاء اللاجئين ليثبت مصداقيته
بدل استمرار الكلام في زمن القتل.. ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 16-4-2012 القرار الذي اُتخذ بإرسال مراقبين إلى
سوريا ،الذي احتفل به شبيحة النظام
السوري وأعوانهم في الخارج، يشكل حلقة
جديدة في سلسلة هذا الصراع الذي غدا
ومنذ البدايات إقليمياً ودولياً قد
تكون أخطر الحلقات على الإطلاق فمهمة
كوفي أنان أرادتها الدول التي وقفت
وراءها «كميناً» لإيقاع بشار الأسد في
المصيدة وتوفير مبررات مقنعة لإجراء
قد يتخذ الطابع العسكري إن ليس من قبل
مجلس الأمن بسبب «الفيتو» الروسي
الجاهز دائماً وأبداً فمن قبل حلف
الأطلسي أو من قبل تركيا مدعومة بغطاء
عربي على الأقل. الآن بعد هذا القرار تدنت إمكانية أن
يستمر هذا النظام بالاعيبه ومناوراته
السابقة المعهودة ثم وأن الأمر ،على
غير ما كانت عليه المبادرة العربية وما
كان عليه وضع المراقبين العرب، بات
محكوماً بقرار دولي وباشتراطات من
الصعب التملص منها تضمنتها النقاط
الست المتعلقة بمهمة كوفي أنان وهذا
يعني أن القادم سيكون أعظم وأنه سيكون
أمام بشار الأسد خياران فإما الالتزام
بكل هذه النقاط وهذا يعني أن عليه أن
يهيئ نفسه لوداع لدمشق لا لقاء بعده
وإما اللجوء إلى المناورات التي بقي
يلجأ إليها على مدى عام مضى وأكثر
فيكون هذا الخيار طامة كبرى وإجراءً
عسكرياً هو يعرف أن «سيناريوهاته»
أصبحت جاهزة بكل احتمالاتها المتوقعة
وغير المتوقعة. لقد أصبحت سوريا ،بموجب هذا القرار، تحت
الوصاية الدولية ولعل ما يعرفه هذا
النظام ،الذي بقي يتحدث عن المعارضة
حتى في البدايات عندما كانت كل أنشطتها
لا تزال في هيئة مظاهرات سلمية على
أنها عصابات مسلحة لا يمكن الاعتراف
بها أو التفاوض معها، أن موافقته على
ما أقره مجلس الأمن بالإجماع تعني
تسليمه واعترافه بوجود طرف آخر يسيطر
على جزءٍ من البلاد وتعني أيضاً تسليمه
واعترافه بالجيش الحر الذي يضمن له
القرار الدولي سيطرةً على المناطق
التي يسيطر عليها مما يعني الاعتراف
بأنها غدت محكومة من قبل طرفين وليس من
قبل طرف واحد. ما كان على هذا النظام ،لو أنه يرى أبعد من
أرنبة انفه، أنْ يلجأ إلى التصعيد منذ
اللحظة الأولى وأن يتعامل مع الأمور
بالطريقة التي تعامل بها الرئيس
السابق حافظ الأسد مع تحركات «حماه» في
عام1982 ،التي بدل استيعابها ب»فَرْكةِ
إذن» فقط إن لم تكن هناك إمكانية
لاستيعابها بالتنفيس البطيء
والاستجابة لبعض المطالب «المعقولة»،
ذهب فوراً إلى الحد الأقصى فكانت
النتيجة مذبحة أزهقت أرواح عشرات
الألوف من الأبرياء ودماراً لا تزال
آثاره ماثلة للعيان رغم مرور كل هذه
الأعوام الطويلة. وما كان عليه ،أي هذا النظام، أن يلجأ إلى
المناورات والألاعيب التي كان يبرع
بها في البدايات ،كاحتلاله لبنان لنحو
ربع قرن وأكثر، ثم تأتي النتائج كارثية
بانسحاب جيشه من هذا البلد بصورة مهينة
في عام 2005 وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم
1559، لإحباط المبادرة العربية وإحباط
خطوة المراقبين العرب لتكون النتيجة
قراراً دولياً أصبحت سوريا بموجبه تحت
الوصاية الدولية وهو قرار إن لن يتم
الالتزام به حرفياً فإن النتائج قد
تكون تدخلاً عسكرياً ومناطق محمية
وبالطبع نهاية لحكم بشار الأسد الذي
اعْتَقَدَ انه بإتباع درس «حماه»
سيضمن سيطرة طويلة الأمد وإيصال هذا
الحكم الذي أورثه إياه والده إلى ابنه
حافظ «الصغير»... وعاشت الأسماء!!. هناك مثل يقول:»واوي بلع موس.. بعد عشاه
تسمع إعواه» وحقيقة أن هذا القرار الذي
بُلِّعَ لهذا النظام السوري سيكون
بوابة نهاية قريبة ف»التدويل» في مثل
هذه الحالات هو استدراج للعبة دولية في
غاية الخطورة كانت قد لعبتها أنظمة لم
تحسن التصرف لا مع شعوبها ولا مع
مستجدات الأوضاع الطارئة التي داهمتها
فكانت النتائج شاهدة على سوء ما جرى..
وها هي نهاية القذافي لا تزال حية في
الأذهان وماثلة للعيان!! ================= دور تركي مرتقب في حل
الازمة السورية نور الحلبي 2012-04-15 القدس العربي تركيا... تلك الدولة التي كانت من أقرب
الدول للنظام السوري قبل اندلاع
الاحتجاجات باتت اليوم من ألد خصومه
وجزءا من الأزمة على حد قول
وزيرالخارجية السورية وليد المعلم حين
صرح بأن تركيا جزء من المشكلة
باستقبالها للعصابات المسلحة على
أراضيها ولم يكتف المعلم بذلك وإنما
اتهمها بالقيام بتدريبهم وتجنيدهم
أيضا، بعكس الواقع الذي تتكلم عنه بعض
قيادات الجيش الحر من التشديد عليهم في
الأراضي التركية ... تركيا... التي لم تتوان لحظة عن تقديم
النصح للأسد واستخدام كافة الأساليب
لإقناعه بخطورة اللجوء للحل الأمني
تجاه الاحتجاجات الشعبية- رغم النقد
الموجه إليها من قبل الشارع السوري
بعدم تقديم حلول ناجعة وعملية لإيقاف
القتل والتنكيل، إلا أنها كانت
بالنسبة للنظام صديقا وفيا وحقيقيا
فكانت كمن ينطبق عليه المثل: ( صديقك من
صدقك ).. فأراك الواقع بصورته الحقيقية
بعيدا عن المراوغة وتشويه الواقع من
أجل تطبيق أجندات ومصالح خاصة من خلال
إغراق النظام في شر أفعاله كما تفعل
إيران وروسيا والصين- أصحاب الأجندات
السياسية النفوذية والاقتصادية في
المنطقة كما تصفهم المعارضة السورية،
فباتت بسبب مساندتها للشعب السوري من
ألد أعدائه . لكن السؤال الذي يطرح نفسه على الساحة
السياسية اليوم : هل ستلعب تركيا دورا
فاعلا في حل الأزمة السورية في المرحلة
المقبلة؟ خاصة وأن المتتبع لسير
الأزمة السورية يحكم بفشل مهمة أنان
منذ بدايتها، فمن أحد أسباب النقد لها
أنها ساوت بين الجلاد والضحية، ليس ذلك
فحسب بل صورت الأزمة كما تصفها الدول
المؤيدة للنظام وكما يصورها النظام
للعالم :على شاكلة نزاع وصراع بين
طرفين متكافئين في عتادهما وأهدافهما،
وكما قيل في تحليل آخر: أن تلك المهمة
قد اتخذت كذريعة من المجتمع الغربي
لمنع التدخل العسكري في سوريا أولا
ولمنع تدفق السلاح للجيش الحر ثانيا،
كما أن السبب الرئيسي الذي يحكم على
تلك المهمة بالفشل هو أن تلك النقاط
الست التي نصت عليها المبادرة مستحيلة
التنفيذ لاستحالة تنفيذ أولها وهو:
إيقاف النظام لآلة القتل المانعة من
سقوطه، خصوصا بعدما غرق في دماء
السوريين ونكل بهم أشد تنكيل وهذا ما
يدركه الغرب تماما، وحتى إن وافق
النظام عليها مرغما إلا أنه لن يتخلى
عن حلوله الأمنية التي انتفض بسببها
الشعب السوري وإنما سيغير من تكتيكها
فقط ، وربما قد يسحب آلياته من كافة
المدن ويشدد قبضته على العاصمة دمشق
كونها العاصمة السياسية للنظام وعلى
حلب- العاصمة الاقتصادية لسوريا- فهما
اللتان تحكمان على سقوط النظام في
النهاية. فمع عجز مهمة أنان عن إيقاف القتل وتزايد
الهجمة العسكرية على المدن السورية
الساخنة من قبل النظام يزداد عدد
اللاجئين في دول الجوار يوما بعد يوم
ودون توقف، خصوصا في تركيا التي
يقدرعدد اللاجئين فيها اليوم بنحو
خمسة وعشرين ألفا مما بدأ يشكل عبئا
يتنامى مع عجز الدولة التركية عن تلبية
كافة احتياجاتهم، وهذا من أحد أسباب
زيارة أنان للمخيمات فيها من أجل
الاطلاع على أوضاعهم، إضافة لشعور
تركيا بتنامي قوة قيادات الجيش الحر
على أراضيها مما يشكل خوفا قد تلمح
أسبابه من خلال حادثة إطلاق الرصاص على
مخيم ( كيليس) الذي وقع منذ فترة، مع
محاولة تكرار مثل هذه الحوادث من قبل
قوات النظام في الفترة الأخيرة، في
خطوة تخويفية للسلطات التركية برسالة
مفادها استعداد النظام لإشعال حرب على
الحدود التركية، في حال قيام السلطات
التركية باتخاذ خطوات عملية إزاء
الأزمة السورية، فلم تصدر تركيا في
البداية استنكارا أو ردا صلبا إزاء تلك
الحادثة مما يعبر عن تخوف وتردد في شأن
اتخاذ المواقف اللازمة إزاء آثار
الأزمة في أراضيها بشكل عام، أو ربما
تمهل حذر لرؤية مدى فاعلية مهمة أنان،
خصوصا وأن الدول العظمى لم تعطها
الغطاء الذي تبحث عنه حتى الآن للقيام
بأي خطوات عملية أوعسكرية بل على العكس
تماما؛ فما زالت أمريكا تخوف العالم من
اندلاع حرب إقليمية في حال وقوع أي
تدخل عسكري في سوريا وتقوم بتضخيم
الخطر الإيراني في الوقت الذي لن تتجرأ
فيه إيران على القيام بحرب ضد تركيا في
جبهة واحدة مع العرب وخصوصا مع دول
الخليج، وفي ظل حربها النووية مع
أمريكا وحلفائها أيضا، والذي يقال عنه:
أنه قد زاد لهيبه في ظل الأزمة السورية
لهذا الغرض. التخوفات التركية تلك إضافة للهجمات
الكردية المتكررة التي حاول النظام
السوري تخويف تركيا من إشعالها منذ
بداية الثورة في حال تدخلها، وتخشى
تركيا اليوم من تكرارها في تلك الفترة،
قد لحظها المراقبون من خلال الجولة
التي قام بها أردوغان قبل مؤتمر أصدقاء
سوريا الثاني لواشنطن وإيران... إذ
يقرأون فيها قيام جلسات ومحادثات خفية
إزاء تلك التخوفات ومحاولة تركيا
الضغط على الغرب لحلها، تلمح ذلك من
خلال إصرار أردوغان على ضرورة إقامة
منطقة عازلة آمنة لللاجئين وإنشاء
ممرات لوصول المساعدات الإنسانية
للمناطق المنكوبة، رغم طلب المعارضة
لتلك الحلول منذ بداية نشوء مشكلة
اللاجئين السوريين وازدياد العنف، فما
قرأه المراقبون والمحللون من ثمار تلك
الجولة : إضافة لرفض الدول لها وعدم
إعطاء تركيا الغطاء الذي تحتاجه
لتطبيقها، حدوث اتفاق مضمر على أن تلك
الخطوات قد تكون من ضمن مهمة أنان أو
ربما ستكون المرحلة التالية بعد فشل
تلك المبادرة لجعلها خطوة مبررة أمام
العالم. والخوف الذي تلمحه اليوم من الرافضين لأي
تدخل عسكري في سوريا: أن يكون فشل مهمة
أنان ذريعة مبررة لدخول قوات حفظ سلام
غربي يرافقه دخول أمريكي محتمل كما
يدور الحديث من احتمال إرسال أمريكا
لقواتها الموجودة في الجولان لحماية
اسرائيل إلى الأراضي السورية في
المرحلة المقبلة، فتصبح مهمة أنان
بذلك كمبادرة ملغومة يراها هؤلاء
المعارضون متزامنة مع تخوف أمريكي على
إسرائيل من خلال شعورها بتنامي قوة
المعارضة يوما بعد يوم خصوصا في جانبها
العسكري، إذ يلمح ذلك من خلال خطاب
كلينتون في مؤتمر أصدقاء سوريا
الثاني، الذي ذكرت فيه ( بأن المعارضة
السورية قد بدأت تقوى وأن على النظام
أن ينفذ تلك المبادرة )، إذ تدرك أمريكا
أن الخطوة التي قام بها المجلس الوطني
في توحيد المعارضة وتوضيح ملامح
الدولة المقبلة للسوريين وللعالم،
وكذا وثيقة الإخوان التطمينية السابقة
للمؤتمر، والخطوة الأهم التي عملت
عليها المعارضة وهي اتحاد المجلس
الوطني مع الجيش الحر من خلال مجلس
عسكري قيادي موحد للكتائب والترحيب
والتأييد الشعبي في الداخل السوري
الذي لقيته تلك الخطوات رغم تأخرها من
شأنها أن تجعل المعارضة أقوى وأكثر
ترابطا وتجعل النظام أكثر خشية من ذي
قبل، فمن شأن خطوة مشابهة لخطوة
المنطقة العازلة تنامي الجانب العسكري
للثورة من خلال تشجيع كافة المؤسسات
العسكرية إلى الانشقاق عن النظام إن
وجدت منطقة آمنة لهم من بطش النظام -
حسب ما يعبر عنه الكثير من الشخصيات
العسكرية والأمنية بشكل سري لقيادات
الجيش الحر- وهذا ما جعل مبادرة أنان
المهداة للنظام من واشنطن الفرصة
الأخيرة له بسبب الضغط العالمي
والتركي خصوصا الذي تواجهه الدول
الغربية اليوم لحل الأزمة... وهذا ما
أشارت له كلينتون في خطابها - إن فهم
النظام ذلك - في خطوة ضاغطة عليه لتنفيذ
تلك المبادرة ومحذرة، رغم إدراك
واشنطن تماما لاستحالة تنفيذ تلك
المبادرة من قبل النظام ... وربما أن تركيا قد قرأت تلك الخطوة التي
يعد لها الغرب مما يجعلها اليوم أكثر
إصرارا لتقديم حل المنطقة العازلة،
وربما يكون ذلك أحد أسباب زيارة
أردوغان للسعودية في خطوة هامة تحمل في
طياتها الكثير من الأهمية على الساحة
السياسية العربية . وما نراه اليوم أن العنف الذي قام به
النظام على الحدود التركية والذي من
المتوقع أنه سيزيد من وتيرته في الأيام
المقبلة، سيكون الشرر والمبرر لتركيا
للقيام بما أرادت إقامته من مناطق
عازلة للسوريين الهاربين من بطش
النظام بحجة انتهاك السيادة التركية
ونحو ذلك، تلك الخطوة وإن كانت ستأتي
متأخرة أو أجبرت السلطات التركية على
القيام بها بسبب الظروف المحيطة بها
إلا أنها ستكون فاعلة في ظل تزايد
العنف في المناطق السورية وخطوة سيقبل
ويرحب بها السوريون في الوقت الذي سدت
فيه كل أبواب الحلول العربية والدولية
العملية المنقذة للشعب السوري من
البطش والقتل بعيدا عن الحسابات
السياسية والنفوذية...، ولعل السوريين
يجدون في مثلها خطوة قد تكون الأكثر
أمانا من التدخل لقوات عسكرية أمريكية
أو فرنسية... أو دخول حلف الناتو في خوف
من أحداث لم تمح من ذاكرة العرب
والسوريين في العراق وليبيا...، فما
يقوله السوريون المعارضون للتدخل
الأجنبي اليوم ( أننا نقبل بتدخل دولة
كتركيا والتي تعتبر على الأقل دولة
مسلمة وديمقراطية دون القبول بتدخل
غيرها ) فهل سيكون الفرج المرتقب
للسوريين الذين يصرخون كل يوم ( ما لنا
غيرك يا الله ) في جعبة تركيا؟ أم سنضطر
لاستقبال الأسوأ وهو القوات الأمريكية
الموجودة في الجولان لحماية اسرائيل
والأسوأ أدهى وأمرّ، فعلى النظام
اليوم أن يعي خطورة المرحلة المقبلة
وأن يترك السوريون يقررون مصيرهم
ومستقبل بلادهم دون أن يجر البلاد
للأسوأ والأمرّ. ' كاتبة سورية ================= سؤال 'ثوري' ساذج: ما
مصيرُ القاتل بعد منعه من القتل؟ مطاع صفدي 2012-04-15 القدس العربي لماذا لا يريد أكثر الناس أن يصدقوا أن
النظام القاتل سوف يتوقف عن القتل.
ليست المسألة عائدة إلى فقدان الثقة
بوعود النظام التي كذبها هو نفسه في كل
مهلة أعطيت له كيما يصحّح ممارسته،
لكنه يضاعف من وحشيتها بالكم والكيف
معاً. هذه الممارسة ليست جديدة، لم
تطرأ على سلوكه مع انطلاق الثورة ضده. ماذا يفعل نظام القتل إن كفّ عن القتل. فهو
منذ أن استولى صاحب النظام على الدولة
السورية قبل أربعين عاماً ونيف تم
تدشين عهده بقتل أقرب شريك وصديق له،
والحكم على بقية أعضاء القيادة
العسكرية والحزبية آنذاك بالقتل
الطويل المؤبد في سجن المزة، لم يخرج
أحد منهم إلا بعد عقود إلى المستشفى أو
إلى القبر الترابي الأخير. ثم جرى تعميم القتل على مجمل حياة
السوريين، بأشكاله المادية
والمعنوية، الاجتماعية والثقافية،
الإنسانية والحضارية. لقد سُحبت من السوريين ملكيّتهُم لوطنهم
وكرامتهم، جملة وتفصيلا، بات معظمهم
أشبه بالمهجّرين وهم في عقر دارهم،
والمهمشين في كل شأن عام يمسّ أبسطَ
مصالحهم الطبيعية، ومطامحهم السياسية
والثقافية. لقد جرى تمليكُ سورية
للأُسرة الحاكمة وأتباعها، بالموافقة
الدولية (الشرعية) على الأمر الواقع! أسوأ أعراض الانحطاط المداهم للنهضة
العربية الثانية، كونُها أنتجت قسراً
عنها أو بإرادتها، أظلمَ إقطاعٍ سلطوي
عرفه تاريخ الاستبداد العالمي. وكان
النظام الأسدي الأسروي رائداً متميزاً
لشتى النُسَخ الأخرى المتسلطة على
أكثرية دول الاستقلال العربي الجديد. فإجهاضُ النهضة بات المحرك (التاريخي)
عندما تحقّق حرمانُها من مجتمعاتها
الحرة، أمست دولُ الاستقلال ملكياتٍ
خاصة لحكامها. فكان لا بد لهذا النوع من
الإقطاع السلطوي المطلق أن يدخل في
صراع النفي الدائم لمنافسه وغريمه
الأنطولوجي الذي هو الشعب. ينحل كلُّ من مفهوم الأمن القومي وأمن
الدولة إلى مجرد الحماية المستديمة
لهذه العلاقة البائسة بين قمة لاغية
لقاعدة هرمها، وهذه القاعدة نفسها،
الموجودة حكماً وواقعاً، ولكنها
الممنوعة من أبسط حقوقها الطبيعية
والمكتسبة إنسانياً إجتماعياً معاً. قامت الثورة من أجل هدفٍ واحد، هو منع
النظام من ممارسة القتل. كان خوفه
الأعظم من أن تنجح الثورة في قتله
سلمياً. فكان تفظيع القمع إلى ما يتعدى
كل حدوده، طلباً في أن تتساوى الثورة
معه حينما يلجأ بعضُها إلى العسْكَرة. لكن هذه العسْكَرة المتحققة جزئياً،
التزمت حدودَ الدفاع عن النفس، بينما
عمّت مفاعيلُ الحراك الثوري المدني،
غالبيةَ العمق الجماهيري. تضاعفت
عزلةَ الأسرة المسيطرة، فقدت صلتها
العضوية الزائفة بالدولة، بعد أن
أعلنت الحرب على شعبها. انحدرت قطعاتُ
الجيش المقاتلة إلي هيكلةِ ميليشياتٍ
شعبوية أخرى تستبيح كل المحرمات
الدولية والأخلاقية. كلما أوغلت (
الأسرة) في سعار الدم والنار والخراب
كلما ازدادت قرباً من نهايتها. لكن البطش يصير غاية في ذاته، وأصحابه
يظنون أنهم أحرار في ممارسته، وأنهم
منتصرون ماداموا يحصدون أجساداً صريعة
تحت مناجلهم. فالقتلة المحترفون لا
يعبأون بالنتائج، تهمّهم أفعالهم
وحدها. ما داموا قاتلين فهم المنتصرون،
وضحاياهم هم المهزومون. ذلك هو منطق
الحد الأعلى لبلوغِ الطغيان ذروةَ
غبائه، موازِنةً لذروة عنفه الجنوني،
إذ يعتقد أنه قادر على فعل كل شيء، أي
على خراب كل شيء، حتى أَمْنِهِ الأخير
في النهاية. والواقع، إن أربعة عشر شهراً من أدمى
وأوحش ما عرفته أيام العرب العجاف
المعاصرة، بَرَعَ خلالها قتلةُ النظام
المسعورون في تمزيق آخر الأقنعة
السياسية الزائفة الساترة لوجوه
ذئابهم من سادتهم المعلنين أو
المتوارين وراء السُّجُف الاقليمية أو
الدولية. لم يحدث أن أصبحت شعارات التقدم العربي
أرخصَ بضاعةٍ شعارية ابْتذلَها
قياديون تكشفوا عن سفاحين من طراز أجبن
جبناء وحوش التاريخ، هؤلاء (الأبطال)،
غُزاةُ القرى والمدن والأحياء الآمنة،
ثمّ تفريغها من أهاليها، ذبْحُ
أطفالها، اغتصابُ نسائها، تعذيب كل
لحم حي لأضعف المخلوقات الواقعة تحت
مخالب الذئاب البشرية المسعورة. هذه المشهديات المريعة لا شيء يمكن أن
يحجب تفاصيلها الفظيعة. لا الهدنة
الهشة، ولا هذه العودة السخيفة إلى
اللغة الدبلوماسية التي يتداولها
زبائن المؤسسات الدولية. ليس ثمة صيغة
اتفاق أو تفاهم يمكنها أن تعقد حوارات
عقيمة بين الجلادين وضحاياهم. أما
الخطط التكتيكية والإستراتيجية
اللاعبة خارج حدود معارك الدم والمصير
العام، فهي لن تستطيع أن توقف حرباً لم
تحقق هدفها لأي من أطرافها، ولن تمنع
استئنافها بأقسى حالاتها عند أقل خطوة
أو هفوة، قد يرتكبُها أحدُ الخصمين
المتنازعين. يريد السوري أن يفهم هذه الهدنة أنها ربما
توقف الحرب الإبادية التي يشنها
النظام على الشعب الآمن، لكنها لن
تمنع، ولا تستطيع أن تمنع ثورة
الجماهير الغاضبة. في حين يعتقد النظام
أنه موشك على استعادة شرعيته ما أن
يحكم الغرب مجدداً على أهلية النظام
لإستئناف دوره المعهود، بصفته
الالتباسية المميزة لحكمه خلال أربعة
عقود كان خلالها محوراً مركزياً في
استتباب أهم مصالح الغرب في المشرق،
بدءاً من صيانة مستقبل إسرائيل. بل
ربما يجنح خيال النظام إلى ما هو أبعد
من منجزات (تراثه) الماضي، إذ سوف يرشح
نفسه لأن يكون المنجلَ الحاصد لأزهار
الربيع العربي أينما وكيفما أينعت
ثوراتُه القادمة، بعد أن نجح في إمتحان
إنزال الضربة القاضية في واحدةٍ من أهم
وأعظم ثوراته. فلماذا إذن لن يفوز
ثانية بأفضل جوائز الثقة لدى كبار سادة
العالم. هؤلاء الذين لا يرون ثمة وسيلة
لدرء فجائيات الربيع العربي. أفضل من
استنبات حقل الأشواك المسمومة في حقول
أزهاره ومواسمه عينها. قد تصحُّ هذه الصفحةُ المخيالية من أحلام
الطغاة كلما أوغلوا أكثر في تطبيق
عقيدة التوحيد بين القتل والنصر، هكذا:
إقتلْ تنتصر، لا تقتل فتنهزم! أخطر ما
يخشاه عبيد هذه العقيدة في لحظة (الهدنة)
الدولية المفروضة هو أن يغدو منع حرب
النظام شرطاً لاستئناف ثورة الشارع
الأهلي السلمي. هذا الوضع لا قِبَلَ
لأرباب النظام أن يتحملوه لا آنياً ولا
مرحلياً. وهم إن اضطروا للإنصياع
شكلياً، فإنهم سيمارسون نوع الحرب
الأخرى الأخفى، حيثما يعممون مصائد
شبّيحة الظلام في أحياء المدن
والأرياف، يمارسون الاعتقالات
الفردية والجماعية، والاغتيالات،
ينشرون شبكيات الاختطاف والإخفاء. فلا
حماية لظهور الجماهير وعائلاتهم، إن
لم يتمأسسْ نضالُ ثوارهم في منظمات
المقاومة الشعبية الشاملة، حيثما
تُفرض أشكالُ المقاطعة المتنوعة على
كل علاقة رسمية أو عمومية بين فعاليات
المجتمع المدني وسلطات الفئة الحاكمة،
بما يؤول إلى إحكام عزلة هذه السلطات
خارج كل مشروعية للدولة والمجتمع في آن
واحد. هذا مع العلم أن عزلة النظام ليست مستجدة،
هو اختارها لذاته ولحكمه منذ أن قرر
الاستئثار بالدولة أسروياً وفئوياً،
مكوِّناً بذلك نوعاً من طبقة أقلوية
عنصرية متحكمة في مختلف مقدرات البلاد
وأرزاق مواطنيها. فلما اندلعت الثورة
أخيراً انقلبت هذه العزلة إلى قطبية
عدوانية مطلقة خاضت وتخوض حروب القتل
ضد غالبية شعبها. فكان رد الثورة هو إسقاط النظام، وإدانة
أربابه بجرائم الإبادة المنظمة ضد
الإنسانية. لكن مازال هذا الردّ بدون
أجوبة حاسمة، تائهاً ما بين خطوط
الصراع المحتدمة أو المكبوتة. فلا حديث
فورياً عمن انتصر أو انهزم حقاً أو
فعلاً. والمشكلة التي يتعذر على النظام الإقرار
بها علنياً بالنسبة لمصيره العاجل هي
ما إذا كان التدخل الدولي مصرّاً على
إزاحته كلياً، أو أنه سيُبقي عليه
كنظام حكم مع اضطراره للتنازل عن بعض
رموزه، ويخصّ شخص رئيسه بالذات. هذا
بعض الحل الذي تنتظره قيادات معارضة
كثيرة، دون التمعن بنتائجه شبه
الكارثية. هل يفتدي النظامُ نفسَه بالتخلي عن
زعيمه، ولكن السؤال الأهم هو المتعلق
بالثورة، وليس بالمعارضة. حتى وإن كانت
الثانية تدعي تمثيلها للأولى.
فالإدعاء لا دليل عليه سلباً أو
إيجاباً إلا بقدر ما تثبت الثورة أنها
لا تزال سيدةَ الشارع الجماهيري
السلمي، وبالتالي فهي وحدَها المؤهّلة
لوظيفة المرجعية الشرعية لكل معارضة
صادقة مع ذاتها أولاً، سواء كانت داخل
حدود الوطن أو خارجه. فالخلط بين منطق الثورة وأحابيل
المناورة، هو البضاعة السياسوية
المسيطرة عادة على (مفاوضات) ما يسمَّى
ب مرحلة الانتقال المنتظرة لما سيأتي
بعد النجاح النسبي للهدنة الراهنة،
غير أنه مثلما لا يصدق أحد من مسؤولي
الغرب المتابعين، إلتزامَ الأسد
بتنفيذ البند الأول من مبادرة أنان،
بسحب آلة الحرب من شوارع المدن
وأحيائها، فإن النظام نفسه لا يعرف كيف
يمكنه الصمود طيلة مرحلة الانتقال
المفترضة، في الوقت الذي تستعيد
الجماهير حرية التظاهر والمطالبة
الصارخة، والمنادية بإسقاطه جملةً
وتفصيلاً، دونما التمييز بينه وبين
رئيسه. إنها إذن الانطلاقة بالأزمة نحو مناورات
الحلول والمواقف السياسية، عندئذٍ لن
يبقى أبطالُها محصورين ضمن هذا
الثلاثي المباشر: الثورة والمعارضة
والنظام، لن يظلوا وحدهم في الساحة،
فالأطراف الإقليمية والدولية متحفّزة
جميعها للفوز بحصص من كعكة أية صيغة
توافقية، يرسو عليها (بازار) الصفقات
المتضاربة، الواضحة المعالم في
مقدماتها المبتذلة منذ الأمس واليوم،
وغير المجهولة النتائج التي سيتحمّل
أعباءها المريبة سلفاً، هذا الشعبُ
المضحّي بشبابه ومصالحه الراهنة
العاجلة، أملاً باسترداد الحرية التي
هي أم المصالح الكبرى لعموم المجتمع
والأمة الأعظم، المنتمي هو إليها. هل إذا توقفت حرب القمع ستفوز الثورة، أم
أن (السياسة) ستكون لها بالمرصاد. لكن
الأمل عظيم بشبيبة الشام الذين
اكتسبوا ما هو أهم وأبقى من تجارب
شيوخهم، وهم يصارعون في جحيمِ أبشع
مجزرة مستديمة لأربعة عشر شهراً،
عانوا خلالها كلّ فظائع بعض النوع
الإنساني المرتدّ إلى أظلم حقبة من
وحشيته المطلقة، ولكن بكل وعيه
وإرادته الشيطانية وحدها، هذه المرة!
ليس لهم أن يتعلموا فقط من دروس
النكسات لثورات عربية سابقة ومعاصرة
لانتفاضتهم بل تزيدهم معرفة بأسرار
التغيير البنيوي، تجربتُهم الذاتية
عينها. إذ أصبح مستقبل الربيع العربي كله
متوقفاً على تحولات الثورة السورية.
فأي قرار سينتهي إليه جدل الحلول
المنتظرة في بلاد الشام، ستكون
علاماتٍ فارقةً في طريق مستقبل هذا
الربيع ومواسمه الطموحة القادمة.
والشام في عين العاصفة كعادتها
تاريخياً. ' مفكر عربي مقيم في باريس ================= يجب انجاح مهمة
المراقبين الدوليين رأي القدس 2012-04-15 القدس العربي يبدأ فريق المراقبين الدوليين عمله في
سورية ابتداء من اليوم في مهمة الهدف
منها التأكد من التزام جميع الاطراف
بوقف اطلاق النار الذي جرى العمل به
يوم الخميس الماضي. السلطات السورية تقول انها ملتزمة
بالكامل بهذا الاتفاق، ولكنها لن
تتهاون مع الجماعات المسلحة التي
تواصل عملياتها العسكرية ضد النظام في
تهديد واضح الاهداف والمعاني. المعارضة تؤكد الشيء نفسه ولكنها تتحدث
في الوقت نفسه عن عدم التزام النظام
بوقف اطلاق النار، وتشير الى قيام
دباباته بقصف احياء في مدينة حمص يوم
امس، لكن منظمات حقوقية دولية تقول
انها، اي قوات المعارضة، هاجمت مركزا
للشرطة في منطقة حلب. قوات المراقبين الدوليين التي تشكلت
بقرار من مجلس الامن الدولي ومن
المتوقع ان يرتفع تعدادها الى اكثر من
250 مراقبا، من المفترض ان تزور مواقع
الخروقات والمواجهات العسكرية، وتقدم
تقارير مفصلة عن مشاهداتها. مهمة المراقبين الدوليين صعبة للغاية،
وسيجد فريق المراقبين نفسه وسط حقل
الغام، فالنظام السوري لا يثق بهم وان
كان لا يظهر ذلك علانية، ويريد ان يكون
له رأي في تحديد المناطق التي
سيزورونها، والا فانه لا يضمن سلامة
هؤلاء. الخوف من المراقبين الدوليين يعود الى
تجربة المفتشين الدوليين في العراق
خاصة في الفترة التي سبقت الاحتلال
الامريكي لبغداد، حيث تصرف هؤلاء
بعنجهية وتعمدوا فرض شروط تعجيزية على
النظام، بل مارسوا اعمالا مهينة
واستفزازية من بينها الاصرار على
تفتيش غرف نوم رأس النظام بحجة البحث
عن اسلحة الدمار الشامل التي تبين عدم
وجودها، ومعرفة القوى الغربية مسبقا
لهذه الحقيقة. اتفاق اطلاق النار الهش يواجه اختبارا
صعبا في الايام القليلة المقبلة،
واعراب السيد كوفي عنان مبعوث الامم
المتحدة الى سورية عن قلقه من جراء
الخروقات والقصف مبرر، لان انهيار هذا
الاتفاق يعني انهيار مبادرته للتوصل
الى حل سياسي للازمة يؤدي الى حقن
الدماء. لا احد يريد العودة الى الايام والاشهر
الماضية التي سبقت التوصل الى الاتفاق
المذكور، حيث كان يسقط عشرات القتلى
يوميا، ولكن من الواضح ان الجانبين
سواء في النظام او المعارضة يملكان
نوايا جدية لانجاحه والجلوس الى مائدة
الحوار، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية،
فالطرفان لا يعترفان ببعضهما البعض،
وكل طرف يريد انهاء الآخر، مما يجعل
مسألة الجلوس الى مائدة الحوار معقدة
للغاية. النظام السوري لا يثق بالمجتمع الدولي
وبالتالي ينظر بعين الريبة والشك الى
فرق المفتشين الدوليين، ولهذا فان على
الجهة التي تقف خلفهم وتدعم مهمتهم
العمل على تجنب اي عمل استفزازي من
شأنه ان يؤدي الى نتائج كارثية، ابرزها
انهيار وقف اطلاق النار او تعرض
عناصرها لخطر القتل. مهمة المراقبين العرب فشلت لان المعارضة
السورية ومعها بعض الدول العربية نظرت
اليها بعين الشك، وحكمت عليها بالفشل
قبل ان تبدأ، ومهمة المراقبين
الدوليين قد تواجه المصير نفسه اذا
تواصلت عملية التشكيك فيها من قبل
النظام او المعارضة او الاثنين معا. مهمة المراقبين الدوليين هذه يجب ان
تتوفر لها كل اسباب النجاح خاصة من قبل
النظام السوري، لان البديل لفشلها
كارثي بكل معنى الكلمة، اللهم اذا كان
المجتمع الدولي والنظام نفسه يريدان
حربا اهلية طائفية، وتحويل سورية الى
دولة فاشلة. ================= مهمة أنان ومحادثات
إسطنبول وجدت لتبقى Mon, 16 أبريل 2012 جورج سمعان الحياة كان متوقعاً أن يتبنى مجلس الأمن
بالإجماع قراراً بإرسال مراقبين
دوليين إلى سورية. هو صورة أخرى عن
الإجماع الذي يتسلح به كوفي أنان. كان
من المبكر إعلان فشل مهمته. لا مصلحة
لأحد من أولئك الذين وقفوا خلفها،
دوليين وإقليميين، في أن يستعجلوا
نعيها. لم يُستنفَد الخيار السياسي
والديبلوماسي. بل يجب ألا يستنفد بهذه
السرعة، أياً كانت الخروقات اليومية
لوقف النار وأعمال العنف. فلا أحد من
اللاعبين يملك بدائل لمعالجة الأزمة.
جميعهم توافقوا على أنها الفرصة
الأخيرة... وعدم استغلالها حتى النهاية
يعني انزلاق حتمي إلى حرب أهلية
واحتمال انهيار الدولة وزعزعة
الاستقرار في المنطقة كلها. ولا أحد
منهم يملك وسيلة يمكن أن تدفع بالنظام
إلى الانهيار، مثلما ليس في جعبة
النظام ومن يواليه ويدعمه ما يمكن أن
يوقف الحراك ويلحق به هزيمة ساحقة. المطلوب ألا يقطع أحد مسيرة التفاوض أياً
كانت العقبات، ومهما بدا أن الحل
السياسي شبه مستحيل. هذا التفاوض في
الأزمة السورية يواكبه تفاوضٌ موازٍ
في الملف النووي الإيراني انتهى أيضاً
بخلاف المراحل السابقة من الحوار.
مايكا مان الناطق الرسمي باسم وزيرة
خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين
أشتون، وصف محادثات اسطنبول بأنها «تختلف
تماماً» عن سابقتها قبل 15 شهراً، وأن «المبادئ
لإجراء مفاوضات جديدة متوافرة»، و «كل
الدول أبدى الرغبة في عقد اجتماعات
ثنائية». التفاوض إذاً حاجة لجميع الأطراف الذين
هم أنفسهم في الملفين السوري
والإيراني، دوليين وإقليميين. فلا
الولايات المتحدة وحلفاؤها كفوا عن
التشديد على الحل الديبلوماسي مع
طهران ودمشق، مترافقاً مع سيل من
العقوبات. ولا روسيا وحلفاؤها توقفوا
عن صد ما يعدونه «هجمة غربية» على
النظامين الإيراني والسوري، متمسكين
بالقانون الدولي ووجوب عدم التدخل في
الشؤون الداخلية للدول. ويعرف الروس أن
توكُّؤهم على ما يعدونه مواثيق دولية
قد لا يفيد طويلاً في وقف موجة التغيير
التي تجتاح العالم العربي والحراك
الداخلي في سورية تالياً، ولا في وقف
سعي أميركا والدول الأوروبية إلى
مزاوجة هذه التطورات مع مصالحهم
السياسية والاقتصادية والعسكرية. وفي
حين تبدو الدول الغربية أكثر
براغماتية، تبدو روسيا كأنها لا تود
مفارقة مفاهيم وأدوات السياسة
السوفياتية في مقارعة ما تسميه «انعدام
الأخلاق» في سياسات الغرب، كما عبر
بوتين ومسؤولون روس في مناسبات عدة.
لعل هذه الديبلوماسية القديمة تعيد
إليهم الكثير مما فقدوا منذ سقوط الحرب
الباردة. واضح من محادثات اسطنبول أن الحرص على
مواصلة الديبلوماسية دورها لا يقتصر
على أميركا وشركائها، بل تحتاج إيران
أيضاً إلى البقاء في مربع الحوار لئلا
ينتقل خصومها مستقبلاً عندما تتوافر
الظروف إلى المواجهة التي لا يرغب أحد
حتى الآن في الوصول إليها. لذلك عادت
طهران إلى طاولة الحوار بعد غياب طويل
ومعاندة. ولذلك أيضاً انضمت إلى
الإجماع الدولي على مهمة كوفي أنان.
ولم يبق أمام النظام السوري سوى
التجاوب مع هذا الاجماع، أياً كانت
النيات ومدى صدقها في التزام منطوق هذه
المهمة الدولية-العربية. كما ليس أمام
المعارضة غير التجاوب مع هذه الرغبة
الدولية. ولا حاجة إلى رفع الصوت ومزيد
من الخلاف على موضوع التدخل الدولي على
غرار ما حصل في ليبيا، فالتدخل الخارجي
ليس متوافراً وينتظر من يفتح له
الأبواب، لا من الحلف الأطلسي ولا من
تركيا. مهمة المبعوث الدولي-العربي وجدت لتبقى
حية حتى تتبدل المعطيات والظروف
المحيطة بكل ملفات المنطقة وليس
الأزمة السورية وحدها. لا تملك واشنطن
حلاًّ، ولا موسكو، لذلك يحرص الجميع
على عدم استعجال فشل المهمة. روسيا
كفيلة بإقناع الرئيس بشار الأسد
بتوفير الحد الأدنى من الشروط لانتشار
المراقبين الدوليين ومن ثم الإعداد
لإطلاق عملية سياسية ستطول بالتأكيد...
حتى ينجلي ليس غبار الحوار المتجدد بين
إيران والدول الست الكبار في شأن ملفها
النووي، بل حتى ينجلي غبار السباق
الرئاسي في الولايات المتحدة وفرنسا.
وحتى يرسم فلاديمير بوتين العائد إلى
الكرملين صورة حكومته الجديدة وملامح
إستراتيجيته وسلم أولوياته، في ضوء
كثير من التطورات، الحالي منها
والقادم. كما أن حكومة رجب طيب أردوغان
تحتاج هي الأخرى إلى تنفس الصعداء بعد
انهيار كل مقومات ديبلوماسيتها التي
بشرت بها طوال عقد من الزمن. مثلما
تحتاج إلى ترتيب البيت الداخلي. تجاوزت الأزمة السورية النماذج التي
أفرزها «الربيع العربي»، من تونس إلى
مصر وليبيا واليمن. من هنا يبدو أفق
الحلول مسدوداً، ومآل الحراك مفتوحاً
على المجهول. ميزان القوى سيظل قائماً
على توازنه الحالي ما لم تحدث مفاجأة
كبرى: أهل الحراك على تصميمهم الذي لا
يلين، رغم آلاف الضحايا والمعتقلين
واللاجئين في الداخل والخارج، والنظام
المصمم على خياره الأمني ورفضه
الاعتراف بالأزمة ما دام خصومه في
الخارج لا يفكرون لحظة في التدخل
العسكري، ولم يستطيعوا فتح كوة في
الجدار الروسي، بل قد يكونون مرتاحين
إلى ما حققه الحراك حتى الآن، فالوضع
السوري الغارق في الفوضى عطل دور دمشق
في لبنان وفلسطين والعراق، وبات عبئاً
على إيران الحليف اللصيق الذي يجهد
للحفاظ على ميزان القوى القائم في
المواجهة المفتوحة مع الولايات
المتحدة. قد تفرز الأزمة السورية نموذج حل مختلفاً
تماماً يبدو شبه مستحيل بعد سيل من
الدماء والدمار وبعد هذا التصدع الذي
أصاب العلاقة بين النظام وأهله من جهة
والشريحة الكبرى من السوريين. ولعل
أقسى ما في الخطوات اللاحقة للهدنة
الحالية أو لوقف الأعمال العسكرية هو
الانخراط في الحوار أو البحث عن حل
سياسي يسمح في نهاية المطاف بترسيخ ما
يمكن أن يشكل تسوية «لا غالب ولا مغلوب».
وفي هذا المجال هناك من لا يتوقع
تقدماً سوى برفع مستوى مهمة أنان. كأن
يكلف رعاية حل لا يفرضه النظام ولا
ترسمه المعارضة. أي أن يقوم ما يشبه
الوصاية، أو الرعاية التي يقرها مجلس
الأمن لإجراء الإصلاحات المطلوبة تؤدي
في النهاية إلى التغيير المنشود، على
أن تراعى مصالح كل المكونات السورية،
الطائفية والمذهبية والعرقية. أي أن
توزع عليها المواقع والمناصب على
طريقة «المحاصصة» اللبنانية أو
العراقية. وإذا كان على القوى الكبرى، خصوصاً
روسيا، أن تحافظ على مصالحها في آخر
موقع لها في الشرق الأوسط، فليس أمامها
سوى الدفع في اتجاه هذه الوصاية
الدولية لابتداع حل يضمن لها هذه
المصالح، بضمانه مصالح القوى التي
وقفت إلى جانب النظام حتى اليوم. أما
السعي إلى حل يرحل معه الرئيس بعد
مرحلة انتقالية، على أن تبقى التركيبة
القائمة للنظام فتلك وصفة لن تنفع بقدر
ما قد تدفع نحو قيام «كوريا شمالية» في
الشرق الأوسط... ولكن مع قلاقل
واضطرابات لا تستقر معها لا البلاد ولا
جيرانها ولا الشرق الأوسط. إن قراءة متأنية لما جرى حتى اليوم في
سورية تثبت أن الصراع ورفع التحدي حتى
النهاية سيفضيان إلى خيارات لا يروق
لأحد التفكير فيها. فبعض السوريين يرفض
الحديث عن إمكان انزلاق البلاد إلى حرب
أهلية مفتوحة ومدمرة، على رغم أن نذرها
وصورها قائمة في ما يحدث اليوم. وبعض
آخر يكابر ويعاند في رفض الاعتراف
بالواقع وما يحتمه من تغيير. يهرب مع
النظام إلى الحديث عن «المؤامرة»
لإعادة رسم خريطة المنطقة وتغيير
الحدود التي رسمها اتفاق سايكس-بيكو
البريطاني الفرنسي. علماً أن الحرب
الأهلية، قد تقود إذا اهتز ميزان القوى
القائم داخلياً وخارجياً، إلى كسر
القوس الإيراني القائم من طهران إلى
بيروت مروراً ببغداد ودمشق ليستقيم
السد السني من العراق وسورية... ولبنان
في وجه الجمهورية الإسلامية. أو قد
تقود إلى تعزيز هذا القوس، إذا أعيد
رسم خريطة سورية وتواصل خط الساحل من
اللاذقية إلى بانياس فطرطوس... وحمص
التي تشكل عقدة الوصل مع لبنان وبقاعه،
مثلما تشكل صلة الوصل بين عاصمتي
الشمال السوري وجنوبه فضلاً عن الداخل
الشرقي. وعندها يصبح ذاك السد بين فكي
كماشة. هل هذا ما يريده نظام الرئيس
الأسد وأهله الذين «يواجهون مؤامرة
خارجية» لتدمير البلاد؟ أم هذا ما
يريده خصوم النظام الذين يرفضون منطق
الاحتراب الداخلي والتفتيت أيضاً؟ ================= أزمة سوريا عند واشنطن..
قبل أي جهة أخرى إياد أبو شقرا الشرق الاوسط 16-4-2012 «زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا.. أبشر بطول
سلامة يا مربع» (جرير) عندما وصفت قبل أسابيع قليلة مهمة كوفي
أنان لتسوية الأزمة السورية بأنها «مهمة
الدابي 2»، كنت أحاول أن أكون واقعيا في
تخميني من دون استخفاف.. أو سوء ظن يرد
في غير محله. فأنا من المؤمنين بأن «الطبع يغلب التطبع».
وبما يخص نظاما عايشته - عن قرب ومن بعد
- لأكثر من 40 سنة، تيقنت أن «قول الشيء
وفعل نقيضه» عادة ترسخت في طبيعته، بل
هي جزء لا يتجزأ من كيميائه الحيوية.
وبناء عليه يغدو ضربا من الغباء أن
يتوقع منه الراصد أي شكل من أشكال
الالتزام، فما بالك إذا بني الالتزام
المزعوم على إنكار الحقائق؟! منذ 13 شهرا يركز الإعلام السوري الرسمي،
وشبه الرسمي، على شهداء القوات
الأمنية والجيش - رحمهم الله جميعا - من
دون أن يشير، ولو من قبيل «رفع العتب»،
إلى وجود ضحايا مدنيين.. تجاوز عددهم «الرسمي»
عشرة الآلاف قتيل. سمعنا عن «مندسين» و«إرهابيين» و«مؤامرة
إسلاميين أصوليين» وتسلل «متسللين» من
لبنان أولا، ثم من تركيا. ولكن لم تكن
هناك إجابات شافية عن سبب ل«اندساس»
الأطفال إلى درجة تبرر خطفهم ثم قتلهم. لم تكن هناك توضيحات مقنعة عن سبب إصرار «المندسين»
البالغين على مهاجمة مظاهرات معارضي
النظام.. بينما يتركون «عراضات»
التأييد له تمر بسلام. لم يكلف النظام نفسه عناء تفسير كيفية
تمدد «مؤامرة» بهذه الخطورة في دولة
يديرها عدد محترم جدا من أجهزة
الاستخبارات.. من القامشلي في أقصى
الشمال الشرقي إلى اللاذقية في أقصى
الغرب، ومن اللاذقية إلى درعا في أقصى
الجنوب، مرورا بإدلب وحماه وحمص وريف
دمشق.. و.. و.. إلخ. لم نسمع كيف يمكن لأشخاص مثل جورج صبرا أو
فارس الحلو أو ريما فليحان أو فدوى
سليمان أن يكونوا «أصوليين» أو «سلفيين»..
أو كيف امتدت «الأصولية» إلى سلمية،
قاعدة الإسماعيليين في سوريا، حتى بات
ضروريا قصفها بالدبابات. وتكرارا، سمعنا خلال الأشهر الماضية من
الإعلام الرسمي وشبه الرسمي السوري،
أن المظاهرات التي سيرت تأييدا للرئيس
بشار الأسد إنما حشدت وسيرت دعما ل«خطط
الإصلاح» (!).. الإصلاح؟! إصلاح ماذا؟! هل كانت هناك عيوب ما تحتاج
إلى إصلاح؟!.. وإذا كان هو الحال، أليس
غريبا أنه قبل «الربيع العربي» - الذي
فقد اليوم الكثير من براعمه وشذاه -
كانت سياسات الرئيس «كاملة الأوصاف»
تستحق المبايعة بلا نقاش، مشفوعة
بأكثر من 90 في المائة من أصوات
الاستفتاءات المعلبة؟! إصلاح ماذا.. طالما أن «الخطوة الإصلاحية»
الأولى تمثلت بإعادة تشكيل حكومة من «المدرسة»
نفسها، برئاسة وزير «حزبي» في الحكومة
السابقة، و«وزراء سيادة» كلهم من «الطاقم
القديم».. الذي يفترض أن الإصلاح مطلوب
من أجل التخلص منه؟! ما علينا. هذا كله صار من الماضي. نحن الآن أمام وضع جديد، مع إقرار خطة نشر
المراقبين الدوليين «وفق شروط احترام
السيادة السورية»، كما طمأننا مشكورا
السيد بشار الجعفري، والحمد لله. ماذا ينتظر السوريون من «الفصل الأول» من
«خطة كوفي أنان»؟ وهل هو الشيء نفسه
الذي ينتظره منها المجتمع الدولي؟ بداية، الشعب السوري، الذي عجم عود «الحكم
الأسدي» منذ خريف 1970 وأدرك أن لا «أنصاف
حلول» ترتجى منه، أراد من انتفاضته
احترام حقه في حياة حرة كريمة داخل
بلده. وعلى رأس قائمة أولويات الحياة
الحرة الكريمة.. المحافظة على سلامته
وكرامته، ومن ثم إتاحة المجال له
للتعبير عن رأيه وخياراته. وهذا الشعب
يفهم أيضا أن خطة أنان «خطة واحدة
متكاملة» لا مجال لتجزئتها والانتقاء
منها استنسابيا، والتعامل معها على
مراحل. ولكن منذ إعلان النظام «موافقته»
الاضطرارية «المشروطة» على الخطة،
واصل التصدي للمتظاهرين السلميين،
واستمر قصف المدن. كذلك ظلت «الآلة
العسكرية» القمعية بقضها وقضيضها من
مدفعية ودبابات وطيران عمودي و«شبيحة»
داخل المدن والقرى وما حولها. وهذا
يعني أن الالتزام الكلامي لا يتوازى مع
الواقع على الأرض، حتى بالنسبة لأولئك
الذين يريدون رؤية الكأس نصف ملأى لا
نصف فارغة. وهنا يأتي دور المراقبين الدوليين، الذين
يؤمل أن يكونوا أكثر من مجرد «شاهد ما
شافش حاجة»، كحال بعض أفراد بعثة
الدابي الذين حالت حفاوة النظام
المفرطة بهم، وحرصه على تكريمهم، دون
مشاهدتهم صورة ما يحدث كاملة. أمور كثيرة يمكن أن تقلق الراصد المتابع
بشأن عمل المراقبين، ابتداء من شكل
التفويض المعطى لهم، واستتباعا عددهم
وحرية حركتهم - في ظل «احترام السيادة»
طبعا - وجنسياتهم ومدى استقلاليتهم عن
القرارات التي التزمت بها حكومات
دولهم، مع النظام أو ضده، ثم قدرتهم
على التمييز بين «المندس» (؟) و«الشبيح»
من المسلحين بثياب مدنية. كيف سيتيسر
للمراقب ذلك طالما أن أحدا من الجانبين
لا يحمل «بطاقة هوية» أو «أمر مهمة»
يحددان واقعه.. اللهم إلا إذا أتيحت لهم
مشاهدة نقلهم بحافلات تتحرك بحماية
الدبابات والمدرعات، أو تواكبها، أو
تتبعها؟! بل كيف يمكن التأكد من أن «مدنيا»
يرتكب هذه الجريمة أو تلك وليس عسكريا
أو رجل أمن بزي مدني؟! أصلا لا وجود لاتفاق رسمي لوقف إطلاق
النار، إذا كان لنا الكلام عن «طرفين»
متساويين متواجهين.. كما تود موسكو
وبكين إقناعنا. وانطلاقا من انعدام
الثقة عند المعارضة بنيات النظام،
وإنكار النظام وجود معارضة حقيقية،
ناهيك عن انشقاق عسكريين لرفضهم
مهاجمة أهلهم، تبدو احتمالات مثل هذا
الاتفاق بعيدة. ثم نأتي إلى مسألة تجزئة «خطة أنان». وهنا
نحن أمام محيط متلاطم من فرص المناورة
المتاحة للنظام في ظل التراخي
الأميركي المكشوف والمشبوه إزاء
المشاغبتين الروسية والصينية. وهذا
بجانب مقاربة أنان نفسه، وهي مقاربة
رخوة باهتة تتعمد تجنب الحسم والقطع،
وتبدو وكأنها تتوسل التعاون توسلا، كي
لا نقول تتسوله تسولا. عمليا كوفي أنان يملأ فراغا.. لا أكثر ولا
أقل. إنه يملأ فراغ الانكفاء التواطئي
الأميركي، بناء على رغبات إسرائيلية
بإبقاء الوضع الإقليمي على حاله، ومن
ثم استثمار الاستقطاب الطائفي الحاد
بين تشدد شيعي وتشدد سني يتقوى كل
منهما بالآخر. ثم ترحيل فرصة أي صدام -
مستبعد أصلا - مع إيران، واستغلال
واشنطن تحمس موسكو وبكين للعب دور «القوى
الكبرى» للاختباء خلفهما.. وتحميلهما
تبعات تنامي الكراهية في العالم
الإسلامي. هذا الموقف الأميركي، ما لم يطرأ أي تعديل
جذري عليه خلال الأيام والأسابيع
القليلة المقبلة، سيواصل تكبيل تركيا،
وسيزيد من مضي دمشق قدما في طريق النحر
والانتحار. Teaser : ملاحظة: أرجو مراجعة هذه الجملة (بداية،
الشعب السوري، الذي عجم عود «الحكم
الأسدي») ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 16-4-2012 ها هو نظام الأسد يواصل التلاعب بالمجتمع
الدولي، وخلفه بالطبع مجلس الأمن،
مثلما تلاعب بالجامعة العربية من قبل،
حيث قبل كل مهلة ومبادرة، مع إفراغها
من محتواها، ومواصلة القتل والتدمير،
فها هو الأسد يواصل قصف حمص، بينما
يفاوض على تفاصيل المراقبين الدوليين! فكل ما سيفعله الأسد بقرار مجلس الأمن
إرسال مراقبين هو إغراق المجتمع
الدولي بالتفاصيل، فمن عدد المراقبين
إلى جنسياتهم، ثم تحركاتهم، وسلامتهم،
وهكذا، فكل ما يريده الأسد هو شراء
الوقت لنظامه، ومواصلة القتل على أمل
إخماد الثورة، والتي ثبت أنها بعيدة عن
النهاية فعلا، والدليل عدد السوريين
الذين نزلوا بمظاهرات الجمعة الماضية.
فتلك المظاهرات بحد ذاتها كانت رسالة
للنظام الأسدي، ودائرته المقربة، أكثر
من كونها رسالة للخارج. ومفاد تلك
الرسالة أن لا أمل للأسد، حيث عقد
السوريون العزم على إنهاء حقبته
السيئة، ورغم كل العنف. هكذا كانت
رسالة جمعة «ثورة لكل السوريين»،
فالجميع، من حول الأسد، أو المؤملون
ببقائه، قد وصلتهم الرسالة، خصوصا
ونحن نشهد أكثر من 800 نقطة تظاهر
بالجمعة الماضية، حيث تشير تلك
المظاهرات إلى أن السوريين عقدوا
العزم على اقتلاع نظام الطاغية من
جذوره. ولذا فإن فكرة إرسال المراقبين الدوليين
ليست بالسيئة، لكن عدد المراقبين هو
السيئ، فما الذي بوسع ثلاثين مراقبا،
أو حتى مائتين وخمسين، فعله بسوريا؟
فالمفروض أن يصار إلى إرسال ما لا يقل
عن ثلاثة آلاف مراقب دولي لضمان حماية
أكبر للسوريين، وحينها يكون المجتمع
الدولي قد قلب الطاولة على الأسد
وألاعيبه، التي من أبرزها إغراق
الجميع بالتفاصيل. فإذا كان المجتمع
الدولي، وتحديدا الدول الفاعلة، غير
راغبة في التدخل العسكري الآن، فمن باب
أولى عليها أن تشغل الأسد بنفسه، بدلا
من أن تتركه هو يشغل الجميع بالتفاصيل،
بينما هو يواصل القتل، خصوصا أن هناك
قناعة بواشنطن، وبعض العواصم الغربية،
بأن الأسد لم يقبل بهدنة أنان إلا من
أجل إعطاء قواته فرصة للراحة، ولرفع
الضغط عن روسيا. وعليه فالسؤال هو:
لماذا يمنح الأسد الفرصة تلو الأخرى
دون تضييق الخناق عليه، خصوصا أن قواته
لم تتوقف لحظة عن قصف المدن وقتل
السوريين؟ وكما قلنا من قبل يوم قبل الأسد هدنة أنان
بأنها: فاصل ونواصل، فإن خطته اليوم هي
لالتقاط الأنفاس وإغراق الجميع
بالتفاصيل، ومن هنا فواجب المجتمع
الدولي، وتحديدا الدول المعنية،
الإسراع بتسليح الثوار السوريين، ووضع
أسنان ومخالب للقرارات الدولية لكي لا
تكون مجرد عملية منح فرص للأسد الذي لا
تتوقف قواته عن القتل لحظة. وبالطبع
فإن حيل الأسد لإغراق الجميع
بالتفاصيل لا تعد دليل قوة أو نجاح، بل
إنها دليل على أن الأسد أشبه ما يكون
بواقع في حفرة، ويواصل الحفر، أي أنه
في ورطة، وبطريقه للسقوط، لكن
الإشكالية الوحيدة التي تواجه الجميع
اليوم هي حمام الدم السوري الذي لا
يتوقف، ولذا فلا بد من خطوات حقيقية
لوقف آلة القتل تلك، وأول خطة هي عدم
إعطاء الأسد فرصة ليغرق الجميع
بالتفاصيل. ================= عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 16-4-2012 هل تاهت آمال السوريين لأن ثورتهم تأخر
حسمها، وبعد أن استهلكت أربع ثورات
عربية ضخمة مشاعر العالم وحماسه.. بعد
مفاجأة الثورة التونسية، وضخامة ثورة
المصريين، وبعد دراما ميدان التغيير
في صنعاء، وأنهار الدماء في ثورة
الليبيين ضد القذافي؟ أم أن حماس العالم، والغرب تحديدا، خبا
بسبب إنجاب الثورات ديمقراطيات مشوهة،
وفزعهم من مواليدها الجديدة، يرون
فيها جيوبا أصولية إسلامية سرقت ثورات
شبابية ليبرالية؟ ثورة الشعب السوري هي أصعب الثورات
وأخطرها. كل شيء يقف ضدها من الملل،
والتوجس، والخيبات، والحسابات
السياسية والحروب الإقليمية والدولية.
والأسوأ أن التاريخ ليس في صف السوريين
المنتفضين، فروسيا تبحث عن مكان لها في
منطقتنا بعد أن غابت عنه ثلاثة عقود،
وكانت تهيمن على سبع دول عربية آنذاك. أحيانا للتاريخ يد في التغيير. عام 1990
تاريخ مهم، فقد غزا صدام حسين جارته
الكويت، عندما كانت المنطقة في فراغ
سياسي بتهاوي الاتحاد السوفياتي الذي
لم يعد خطرا. ظن صدام أنه في ظل الفراغ
قادر على فرض واقع جديد، والحقيقة لم
يكن مخطئا لولا أن الظروف وقفت ضده. سعى
مبكرا إلى طمأنة الدول الكبرى،
وتحديدا الولايات المتحدة، أن خلافه
مع الكويت خلاف بين دولتين تاريخهما
مشترك، ولن يضر بمصالح الغرب ومستعد
لتقديم ما يلزم من ضمانات لذلك. أيضا
نظامه لم يعد محسوبا على الاتحاد
السوفياتي. وتطورت علاقة صدام بواشنطن
نفطا وسلاحا ودبلوماسيا، فهي التي
ساعدته للنجاة من هزيمة الحرب مع إيران
بعد ثماني سنوات صعبة. في أسبوع الغزو
الأول كان للسفير السعودي الأسبق بندر
بن سلطان دور خطير. فقد سد الباب أمام
رسل صدام وحلفائه العرب الذين تقاطروا
على واشنطن يطرحون وعودا ومبررات
هدفها الحقيقي تمكين صدام من الغنيمة.
وعندما سأل بوش سفير السعودية الذي شن
حملة دبلوماسية على كل الأصعدة في
واشنطن واستعان برئيسة وزراء بريطانيا
ثاتشر التي طارت للولايات المتحدة
وقالت للرئيس جورج بوش الأب تحثه على
ألا يتردد ويساوم «هذا ليس الوقت لتبدو
مرتبكا». وبدوره سأل بوش بندر متشككا
هل أنتم مستعدون أن نرسل لكم قوات
أميركية تحارب صدام؟ رد عليه السفير «نعم..
إذا كنتم مستعدين لإرسال قوات ضخمة».
كانت هناك مخاوف لها ما يبررها أن
يمتنع الأميركيون عن التدخل ويقبلوا
بحلول ووساطات كانت مطروحة، خاصة أن
الفرنسيين والروس وغيرهم يدفعون بفكرة
الحل السلمي الذي سيترك الكويت لصدام. اليوم غير الأمس، وتوازنات القوى اختلفت.
الروس يتخذون من الثورة السورية رسالة
لإعلان عودتهم، فهم خرجوا مع خروج صدام
من الكويت ويريدون العودة مع الحفاظ
على نظام الأسد. ويعتقدون أنهم خسروا
ليبيا القذافي خديعة، عندما غير
السفراء في ليلة اجتماع مجلس الأمن
مشروع القرار من «شجب» فقط إلى السماح
ب«حماية المدنيين»، وكانت ذريعة
للتدخل العسكري الذي أسقط نظام العقيد.
لكن رهان الروس على أنظمة بشعة مثل
القذافي والأسد ما كان سيمنح الدولة
العظمى عودة دائمة في هذا الزمن. لا أقول فات تاريخ التغيير للشعب السوري،
لكن أرى أن الاعتماد على التدخل
الخارجي صار ضعيفا بسبب رفض الروس
تحديدا. وليس أمامه سوى مواصلة محاصرة
النظام الذي سنراه ينهار في لحظة
مفاجئة. السوريون بأنفسهم سيغيرون
التاريخ. ================= سمير عطا الله الشرق الاوسط 16-4-2012 بادئ ذي بدء، كما قالت العرب، شكرا لمجلس
الأمن بعموم فروعه ودوله الكبرى
والمتوسطة، لأنه توافق بعد عام حول
الموت في سوريا. وشكرا لدمشق أنها خفضت
عدد القتلى اليوميين إلى الخمس. وإنما
نشكر لعل ينقص، في هذه الحال، عدد
الضحايا إلى الصفر، ويتذكر الجيش
العربي السوري أن حمص وحماه وإدلب
وأريافها، أجزاء من بلده وشعبه وأهله. لا نفع من التساؤل.. فلا ميتا يحيي ولا
مدينة يبني ولا ألما يزيل ولا لوعة
يخفف. لكن من طبائع البشر أنهم في
الكوارث يتساءلون: ماذا لو أن النظام
السوري تدارك حادثة أطفال درعا، فأصغى
إليهم بدل أن يقتلع أظافرهم؟ وماذا لو
ترك علي فرزات يرسم بدل أن يحيل
الكاريكاتير على الشبيحة؟ وماذا لو
أقدم الرئيس السوري على إعلان الإصلاح
فورا بدل أن يمضي ساعة في شرح فوائد «السرعة
لا التسرع» وكأن تلبية مطالب عمرها نصف
قرن تسرع أحمق وسرعة هوجاء؟ نظروا أين نحن بعد عام من الكلام عن
السيادة ورفض التدخل الخارجي
والمؤامرة الكونية وإزالة أوروبا عن
الخارطة: نوعان من المراقبين
الدوليين؛ النوع الأول بين الدولة
والعدو الإسرائيلي في الجولان، والنوع
الثاني بين الدولة والناس، في شوارع
المدن والأرياف. «مراقبون» دوليون بعد
المراقبين العرب، ولكن «من دول
موضوعية» كما تمنى واشتهى واشترط وزير
الخارجية السوري وصاحب مبدأ تعديل
خريطة العالم وإزالة القارة الأوروبية. مراقبون دوليون وسفارات العالم مغلقة،
بما فيها اليابان. وروسيا نفسها توافق
على قرار دولي للفصل بين النظام
والعصابات المسلحة التي دفعت حتى الآن
عشرة آلاف قتيل وآلاف الجرحى
والمعتقلين والنازحين. أي سيادة هي تلك
التي تقبل مشهد المخيمات والنزوح إلى
جميع بلدان الجوار؟ أي كرامة وطنية مع
سقوط عشرة آلاف إنسان بينهم نساء
وأطفال؟ أي عبث سياسي ووطني هذه
المكابرة التي تجر خلفها أنهار الدماء
منذ اللحظة الأولى؟ تسلح النظام السوري بأن المنطقة كلها سوف
تشتعل إذا استمرت المؤامرة عليه.. ماذا
ينفعه إذا خربت المنطقة كلها.. إذا كانت
سوريا أيضا سوف تخرب؟ كم كان أفضل
لسوريا أن يتمعن النظام في مطالب
أهلها، وطلب المتآمرين: وقف العنف
والدخول في حوار حقيقي مع الناس وإزالة
آثار التكبر والغطرسة من الدستور
والسلطة؟ ماذا لو عزلت الدولة رمزا أو
رمزين من رموز العنف والقمع وسوء
السمعة؟ ماذا لو حل خطاب الالتقاء محل
خطب التبرير؟ ماذا لو قبلت النصيحة بدل
تكرار الذريعة؟ هل هذا أفضل الآن؟ مراقبون دوليون وسط
الركام الداخلي ومراقبون آخرون في
الجولان؟ أليست الكلمة الطيبة أجمل من
الدبابات، والإصغاء إلى الناس أجدى من
الإصغاء إلى عويل الأطفال والأمهات؟ =============== حسين شبكشي الشرق الاوسط 16-4-2012 في المسألة السورية لا بد من «ربط» الأمور
ببعضها لفهم الصورة بشكل أوضح، فاليوم
بعد تصريح وتقرير مندوب الأمم المتحدة
وجامعة الدول العربية المشترك كوفي
أنان بأن النظام في سوريا لم ينصَع
كاملا ليطبق شروط وخطة عنان واستمر في
إرسال قواته للمناطق المختلفة وإطلاق
النار على المتظاهرين بشكل قمعي واضح،
وهو استمرار لنفس النهج الدموي الذي
اتبعه منذ انطلاقة الثورة السورية
لأكثر من عام الآن مما استدعى أن يطلب
من الأمم المتحدة أن ترسل مجموعة من
المراقبين للتأكد من التزام النظام
السوري بالتطبيق الفعلي والحقيقي
لمبادرة كوفي أنان كاملة. وهنا عادت السياسة لتتدخل في خطوات تنفيذ
هذا الأمر على الأرض ليكون نافذا
وفعالا ومؤثرا ومجديا، فالطلب الأساسي
كان أن يكون نوعية المراقبين الذين
سيتم إرسالهم عسكريين، إلا أن روسيا (طبعا
وكالعادة) أبدت اعتراضها الشديد على
هذه النقطة، وطلبت أن يكون المراقبون
مدنيين واكتفت بأن يكون عدد المراقبين
المرسلين 25 مراقبا فقط، علما وللتذكير
والتاريخ وخلال أزمة كوسوفو (وهي منطقة
تبلغ مساحتها نصف مساحة محافظة حمص فقط)
تم إرسال عدد ثلاثة آلاف مراقب لها. في عوالم «السباكة السياسية» تلعب روسيا
دور السباك الفني التنفيذي الأول
للنظام السوري، فلافروف وزير خارجيتها
أصبح هو فعليا المتحدث الرسمي الأول عن
النظام السوري وسياساته، وبات ما يصدر
منه وعلى لسانه أهم بكثير مما سوف
يقوله وزير خارجية النظام السوري وليد
المعلم، بل وحتى أهم مما سيصرح به رئيس
النظام بشار الأسد نفسه، الذي فقد
مصداقيته المرة تلو الأخرى في مواقف
وتصريحات سابقة. واليوم تلجأ روسيا إلى فتح «صمامات»
الملف الإيراني النووي لتنفيس الضغط
وتسريب الهواء الساخن منه لصالح
الموقف الدولي ضد نظام بشار الأسد
ودمويته المرعبة بحق شعبه، ويبدو جليا
أن هناك تناغما ملعوبا و«مهضوما» في
لغة الإشارات بين إسرائيل وروسيا
وإيران، فمنذ تصريح رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه
وحكومته قررا «تأجيل» أي ضربة عسكرية
ضد إيران إلى السنة المقبلة «لمنح»
الفرصة للدبلوماسية الدولية أن تحقق
نتائج ملموسة في هذا الأمر، وخلف
الكواليس كانت مجاميع من «الخبراء
الشرق أوسطيين» المحسوبين وبقوة على
الحكومة الإسرائيلية وهم من
التنفيذيين السابقين في الخارجية
والأمن القومي والأكاديميين الحاليين
يحذرون من السقوط الخطير لنظام بشار
الأسد وتحول سوريا من منطقة محسوبة «المخاطر»
على إسرائيل إلى منطقة مفتوحة
الاحتمالات، يتعرض وقتها الأمن
الإسرائيلي لشتى أنواع المخاطر بشكل
غير محسوب ومخيف. وبدأ الخطاب الأميركي يتحول ويهدأ ليركز
على الجوانب الإنسانية والإغاثية بدلا
من إنهاء شرعية بشار الأسد ونظامه
وإزالته من المشهد السياسي، وفتحت
روسيا المشهد بشكل أكثر درامية
بتنسيقها مع الحليف الإيراني لالتقاط
مبادرة المباحثات مع الأطراف الدولية
عن برنامجها النووي والتخصيب وحجمه
وهل سيعقد في إسطنبول أو في بغداد، وهل
تغضب تركيا أم شعب بغداد، وكانت
السباكة السياسية الروسية تحقق
نتائجها في تخفيف «الضغط» على بشار
الأسد ونظامه، وتم «دوليا» من أميركا
وروسيا تحديدا تجريم أي محاولة لتسليح
«الجيش السوري الحر» بينما كانت روسيا
وإيران والعراق وحزب الله يواصلون
جهودهم بدعمهم المستمر في تسليح نوعي
للجيش الأسدي وآلة القمع الأكثر دموية
في العالم اليوم، دون أن يكون لهذا
الأمر أي اعتراض أخلاقي أو سياسي عليه
ليكشف العالم أن ازدواجيته ما هي إلا
نفاق دنيء ورخيص، وبذلك يستوي النظام «المقاوم»
الأسدي في نفس الخانة مع النظام
الإسرائيلي، كلاهما يتم النفاق من
أجله بازدواجية فجة، وكيل بمكيالين
دنيء لا يكسبهما في أعين العالم أي نوع
من الجدارة ولا المصداقية ولا أي نوع
من الشرعية أبدا، بل على العكس يؤكد
مكانتهما «الشيطانية» وأهمية وضرورة
الخلاص منها. لم يكذب أو يخطئ رامي مخلوف ابن خال بشار
الأسد حين زل لسانه بأصدق ما صرح به
النظام خلال أحداث الثورة السورية،
وقال: «إن أمن سوريا من أمن إسرائيل»،
ولكنه كان يقصد أن أمن نظام الأسد
تحديدا وليس أمن سوريا! السباكة
السياسية مهما كانت الفهلوة فيها ذكية
واستثنائية إلا أن الحلول ستنفذ إذا لم
يتم معالجة أصل المشكلة، لأن «الانفجار
الكبير» يتأخر ولا يتأجل! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |