ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ناشط
ساهم في الثورة: تربينا على "الحيطان
لها آذان" سوريا
مجرّد عنوان بقلم/
جورج علم الراية 18-4-2012 دوّل
الملف السوري، صدرت بيانات رئاسيّة
ثلاثة عن مجلس الأمن، ثم قرار يقضي
بإرسال مراقبين، طلائعهم قد وصلت إلى
دمشق للإشراف على وقف إطلاق النار، هذا
ليس بقليل، لقد دخلت سوريا لعبة الأمم،
لكن من الباب العريض، إنه زمن
المفاوضات الصعبة على وقع المواجهات،
بإشراف ديبلوماسي محنّك تمّ اختياره
بعناية ليكون موفدًا عربيًّّا -
دوليًّا للإشراف على هذه المهمّة،
وإنجازها، ولو بعد حين، هو كوفي أنان،
وقد ذيّل توقيعه على نقاط ست، تحتاج
كلّ منها إلى آليّة تنفيذيّة، وطاولة
حوار، ومفاوضات شاقة لتأمين موافقة
جميع الأطراف بدءًا من السقف الدولي،
إلى السقف الإقليمي، إلى السقف
العربي، وصولاً إلى الأطراف السوريّة
الداخليّة كافة. دخل
التدويل من نافذة المراقبين، لأن ربيع
سوريا مختلف له مفارقات لم نشهدها في
تونس مثلاً، ولا في مصر، ولا حتى في
ليبيا، أو اليمن، لنعترف بأن محاولة
أولى قد جرت لتطبيق النموذج الليبي عن
طريق استصدار قرار عن مجلس الأمن تحت
الفصل السابع يقضي بتدخّل عسكري
لإسقاط النظام، وإحداث التغيير، إلاّ
أن المحاولة فشلت نتيجة الفيتو الروسي
- الصيني، وحصل اصطفاف غير مسبوق،
محوره الولايات المتحدة، ومعها فرنسا،
والإتحاد الأوروبي، ومجموعة من الدول
العربيّة والإقليميّة، مقابل تكتل
دولي - إقليمي - عربي كبير بزعامة روسيا.
إن مثل هذا الاصطفاف الخطير لم تشهده
أي دولة عربيّة اجتاحتها رياح التغيير
باستثناء سوريا. ولم
يقصّر العرب، اجتماعات متلاحقة على
مستوى وزراء الخارجيّة، ولجنة خاصة
لمتابعة الملف السوري، وسلسلة من
المبادرات التي لم تبصر النور،
والكثير من العقوبات بهدف ممارسة شتى
أنواع الضغط لحمل النظام على وقف
القمع، ولكن من دون جدوى. إن التعاطي
العربي مع الأزمة السورية كان نوعيّا
وفريدا، ولم يمارس مع أي ربيع في أي بلد
عربي من قبل، وقد وظّفت الجامعة الكثير
من رصيدها من دون أن تتمكن من تحقيق ما
تريد، وتكفي الإشارة هنا الى محاولات
ثلاث لا تزال متفاعلة لغاية الآن: فشل
المبادرات العربيّة، وفشل هيئة
المراقبين العرب، وفشل التعاون العربي
- الأمريكي - الأوروبي- الغربي، في
إسقاط النظام عنوة. وبعد الفشل الذريع
الذي منيت به هذه المحاولات الثلاث،
بدأ تحوّل جديد مختلف بجلوس وزيرة
الخارجيّة الأميركيّة هيلاري كلينتون
مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف، وكانت
النتيجة التفاهم على كوفي أنان
للإشراف على مرحلة جديدة في سوريا،
تبدأ بوقف العنف وإطلاق النار، وتنتهي
بإطلاق الحوار. إن
سوريا هي شعار المرحلة التي يشرف عليها
أنان، لكنّ مسيرة الحوار والمفاوضات
طويلة، ولن تخلو من العنف، ومن عمليّة
" شدّ الحبال، وليّ الأذرع"
للتفاهم على عناوين خمسة تتفاعل في
المنطقة. الأول:
لقد نجحت روسيا - وإلى حدّ ما الصين - في
حجز مقعد في الشرق الأوسط كشريك لا
يمكن تجاهله في ترتيب أوضاع دوله، ولو
بنسب معيّنة. الثاني:
إن سوريا قد تحوّلت الى واجهة لصراع
المحاور، وبالتالي لا بدّ من الحوار
بين المعارضة والنظام، ولا بدّ من
إصلاحات جذريّة، ولا بدّ من تحقيق
تداول السلطة، وإذا كان النظام لا يزال
يمثّل فعلا أكثريّة الشعب السوري، فإن
هذه الأكثريّة ستؤمن له الإستمرارية
في الدولة والسلطة... وإلاّ عليه
التخلّي؟!. الثالث:
لا بدّ من التفاهم على الدور الإيراني
في الشرق الأوسط، وأيضا على الدور
التركي، والدور الإسرائيلي. إن هذه
الترويكا قد فرضت نفسها كقوى لا بدّ من
رسم حدود أمنها، ومصالحها، ومجالاتها
الحيويّة، ولو على حساب الدور السوري
نسبيّا، مع رسم وتحديد الخطوط الحمر
المطلوب عدم تجاوزها أيضا، خصوصا في
منطقة الخليج. الرابع:
التفاهم على خريطة إقتصاديّة جديدة
لإقتسام خيرات ومغانم دول المنطقة،
وإعادة توزيع الكوتا النفطيّة في
الشرق الأوسط، إذ لا يُمكن، ولم يعد
جائزًا بعد اليوم الحديث عن أن دولا
مثل الولايات المتحدة تستأثر وحدها
بقطاع النفط، وتحرم منه دولا مثل الصين
وروسيا، إن ما كان ممكنا قبل الربيع
السوري، لم يعد بعده، بعدما أصبحت
المخابرات المركزيّة الروسيّة في قلب
العاصمة السوريّة دمشق، تفاوض الآخرين
من موقع قوة، انطلاقًا من أولوية وقف
العنف، ووقف إراقة الدماء؟!. الخامس:
إن زمن الربيع العربي قد مكّن الشعوب
من إسقاط الأنظمة القمعيّة، وأفسح
المجال لكلّ الشرائح أن تخرج من كهوف
القهر والظلم والإضطهاد الى الهواء
الطلق، تصرخ، تعبّر عن آرائها
ومطالبها وتطلعاتها، وهذا ليس بقليل،
ولكن في موازاة ذلك لا بدّ من الاعتراف
بأن مرحلة انتقاليّة قد بدأت، وهي
مرحلة طويلة ومكلفة، وبدأت الدول
الكبرى بمصادرتها تحت شعار مساعدة
الشعوب المنتفضة على تحقيق تطلعاتها
نحو الحريّة والديموقراطيّة والعدالة
الاجتماعيّة. لقد عادت الحمايات
الدوليّة الى المنطقة، وعادت المنطقة
الى عصور المحميات، ولم يعد مهمًّا متى
يسقط النظام في سوريا وكيف يسقط، ولا
من يحكم سوريا بعد سقوط النظام، بل
المهم كيف يمكن تحرير سوريا من النفوذ
الروسي الذي تغلغل بالأمن، والسياسة،
والإقتصاد، والمفاوضات في البحث عن
التسوية والمصير والمستقبل؟!. ولم
يعد مهمًّا معرفة مصير مهمّة كوفي
أنان، وعمل المراقبين، وما إذا كان
الحوار سينجح، ومعه المفاوضات
والتسوية، بقدر ما المهم معرفة حجم
الانتداب الروسي في سوريا، ومصيره
ومستقبله. إن العنوان هو سوريا، فيما
المفاوضات هي أبعد، وأشمل، هدفها
تسوية دوليّة محتملة حول ملفات كثيرة
ساخنة في المنطقة. _
كاتب لبناني ================= سوريا
تعيد الوهج السياسي لروسيا!! يوسف
الكويليت الرياض 18-4-2012 في
السياسة أحياناً، وليس دائماً تغلب
الدبلوماسية الخشنة الرصاصة القاتلة
،وهذا ما حدث في التكتل الروسي الصيني
مع سوريا وإيران والعراق وعملية
انتزاع نشر مراقبين دوليين، ليست إلا
خطى بطيئة في إنقاذ الشعب السوري، لأن
من يتصرف بالقتل وتجاوز القرارات
أيّاً كان مصدرها، يعد الأقوى، وبذلك
عجز حلف أمريكا، والذي ظل الغالب في
الإجراءات الدولية، سواء جاء على شكل
تدخل عسكري، أو فرض حصار أو مقاطعة على
دول تراها خارج السياق الدولي، أو
بالمعنى الدقيق (مارقة)! ومع ذلك هناك
من يرجح غلبة الروس لنظرائهم الغرب.. المسؤول
الروسي يتكلم وينطق ويهدد، وكأنه
يعيدنا إلى عصر الاتحاد السوفييتي وقد
أعطت سوريا للروس، موقعاً جديداً للعب
على الخارطة الدولية، ولو اعتبرنا ذلك
مجرد أنبوب اختبار لها من قبل حلف
الأطلسي، فهي استطاعت ان تكون مع
مؤيديها شبيهة بقوة حلف وارسو القديم
،لكن هل ذلك صحيح عندما نقيّم موازين
القوى بين الشرق والغرب، إن صح هذا
التقسيم الجديد، ونرى شبه تماثل
بينهما في الاقتصاد والتسلح، والثقل
الدبلوماسي، لنجد اتخاذ حق النفض من
قبل الروس والصينيين أخلّ بقدرة الحلف
المضاد على فرض قرارات محددة؟! سوريا
لم تكن بأهمية ليبيا لدول الأطلسي،
ولذلك جاء تحركها بطيئاً أبقى على
المناورة السياسية أكثر من الفعل
العسكري، وهم يرون في هذا التصرف
واقعية جديدة، وحتى لو اعتقد البعض
أنها منحة للروس ومن معهم لأخذ هذا
الدور، فإنها؛ أي روسيا ومن خلفها
عجزوا أن يبعدوا التضييق الاقتصادي
والتهديد بضربات مختارة تحدد فيما
بعد، على المنشآت الإيرانية مما جعل
الغرب وأمريكا تحديداً هي من تتعامل مع
القضايا الكبرى بندية أكبر، كذلك
الأمر في النزاع مع كوريا الشمالية، لا
نرى التأثير الإيجابي للصين الحاضن
لها،لدرجة ان الحصار الاقتصادي كان
حاداً ومؤثراً، بمعنى ان المجال
الحيوي للشرق، لا يستطيع أن يكون بمنأى
عن قدرة الغرب في التأثير، بل وإحداث
نتائج كبيرة لصالحه.. سوريا،
من حيث الموقع، مؤثرة عربياً، وعلى
حدود جيرانها الأتراك، لكن لا تتميز عن
غيرها في الأهمية، ومع ذلك فالغرب
يجدها فرصة أن يناور ويختبر ويعطي
المهل، ويجعل دور الأمين العام للأمم
المتحدة قوياً، وهذا أغرى الروس
بالتمتع بصوت أعلى، وأدى لأن يكون
الأسد متلاعباً، ومستهتراً أمام
الجهود الدولية، لكن لو حدث أن عُززت
القوى الداخلية المعارضة، بذات الدعم
الذي تلقاه السلطة، لربما تغيرت
الموازين، والأحداث حبلى قد تلد شيئاً
آخر، لكننا في النهاية، ميدان اللعبة
ومجالها في كل المنطقة العربية. ================= الثورة
السورية ما بعد مذبحة عنان مهنا
الحبيل الأربعاء
18/04/2012 المدينة كل
الأطراف الدولية والإقليمية تعلم بأن
مهمة كوفي عنان لن توقف الذبح ولن
تُحرر الضحايا ولن توقف الإرهاب ولن
تمسح على رؤوس الأيتام ولا الصبايا
المغدورات، ولا حتى ستسمح بدفن
الشهداء في مقابر البلدات بعد أن دفنوا
في أكبر جرائم العصر في حدائق منازلهم
وبعض المنازل دُفن فيها كل الأُسر التي
استشهدت بأيدي الغدر والنازية الأسدية
وميليشيات الدعم الإيرانية المتعددة
وأولها حزبها الفاجر في لبنان، نعم قد
تُقلل لأيام عدد الشهداء وقد تُعطي
أجواء مفاوضات كاذبة ويُستدعى للمهمة
من جديد خصم الثورة هيثم مناع وفريقه
بحسب طلب المقاول الروسي والإيراني
اللذين اعتمدا تنصيبه معارضًا للثورة
ويحاور النظام باسمها؟! ومع
ذلك الضجيج للمهمة فإن أطراف المجتمع
الدولي الرئيسية تُلمّح بل تُصرّح
بفشلها ومع ذلك تؤكد عليها؟ فالمتحدثة
باسم البيت الأبيض وهيلاري كلينتون
وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية كلهم
يشككون في مهمة عنان ويصرون على
تنفيذها مع تأكيد قوي حاسم لديهم برفض
تسليح فريق الدفاع عن الضحايا وكلمة
السر الأمينة والوحيدة للإنقاذ وهو
الجيش الحر!! هذه
ليست ألغازا إنما عرض مباشر لفك ألغاز
سحلية الحل الدولي المزعوم للقضية
السورية وهل هناك منطق لإنقاذ الضحايا
أمام مجرم مصاصٍ للدماء غير السعي لفك
أنيابه القذرة من جسد الأطفال والنساء
والرجال العُزل، الجميع يعرف هذا
المنطق ويدرك وخاصة أوروبا وواشنطن
ومن ورائهم خطة تل أبيب السرية، لكن مع
كل ذلك تبقى بوابتهم هم ذاتهم المدار
الروسي الإيراني يشتمونه ويمنحونه كل
الدعم الحقيقي والتنفيذي الذي تُريده
شركات الإبادة الجماعية في روسيا
وميليشيات الخامنئي الإيمانية وقد
أعلن باسم عمامته وولايته بأن النظام
الأسدي ركن إيماني، على المؤمنين!! أن
يهبوا لقتل خصومه من الأطفال والثوار
السوريين، هي ذات الحبكة التي خدم فيها
نبيل العربي المشروع الروسي الإيراني
وقدّم للنظام تصاريح ذبح ومعها
تلميحات لسلاح المعارضة، نفس الخطة
تُنفذ الآن، لكن ما الذي يدفع تلك
الأطراف وقد صرح مسؤولي الغرب أنهم
بالفعل قدموًا إنذارًا لدول الخليج -لم
تستجب له- بعدم تسليح الجيش الحر. القضية
التي تُجمع إسرائيل وإيران وتحرك
الموقف المصلحي للغرب من منظور حماية
إسرائيل أو حتى حماية مصالحهم، أنّ
الذبح والقتل رغم كل الشناعة التي
تُمارس بهما على الشعب لم يعد يعطي
نتيجة حاسمة لإيقاف الثورة بل على
العكس أضحى يغذيها بيمين عهد دائم يهتف
به الرضع الجدد أمام مواكب جنائز
أقرانهم، هذا ليس حديثًا عاطفيًا، إنه
مشهد يستمطر تأكيده يوميًا أمام
المراقب والمحلل السياسي، هناك قضية
عقائدية مركزية للشعب السوري وهي
إسقاط النظام الأسدي ودمغته
الإيرانية، لا يوجد أي تراجع رغم
التقاعس العربي وسلسلة خطابات أردوغان
المفلسة على الطبيعة، لم تتزحزح إرادة
الشعب السوري قيد أنملة. إذن
الذي جمع الطاقية العبرية والعمامة
الإيرانية ليس موسكو، لكنها ترويكة
دولية معتمدة، لعل مبادرة كوفي عنان
تُحقق مخرجًا للنظام وتُبقي مسار
إنقاذ له وللتواطؤ الدولي، والقراءة
العقلية البسيطة تؤكد أن هذا الخيار لا
تدعمه أي صورة من صور المشهد وأنه كان
فقط يُراهن عليه لإنهاك الثورة،
والغريب ورغم سيل الضحايا، الثورة
متماسكة من قلب ميدانها الداخلي متحدة
بين الجيش الحر وحلفائه العسكريين ومع
قيادة حراك الداخل ومناضليها، هنا
يكمن لنا المأزق الذي يخنق طهران
وحدائقها الطائفية وتل أبيب وخشية
موسكو على مزارعها، وبرغم تأخّر
التسليح وتباطؤ الأتراك القاتل يتوسّع
الجيش الحر في خطته الإستراتيجية ونقل
المعارك إلى مواقع حيوية وخطيرة على
النظام واستمرار خلق بؤر متعددة
لتحقيق الزحف الذاتي لصناعة المنطقة
العازلة والتي بات الأتراك ليس
كمبادرة منهم ولكن كاعتراف بالواقع
يحاولون الاقتراب منها والتعاطي معها
بصورة جدية لخلق وضعية أفضل لهم مع
العهد الجديد وقوة الحسم الأكيد، لكن
السؤال المتكرر: متى ينتقل الحديث في
السلاح إلى العمل بعد القول ولماذا
الانتظار؟! هل بقي شك في أن عدو الثوار
يشخص حولهم بالأبصار؟! =============== الوطن
القطرية التاريخ:
18 أبريل 2012 عشرات
الخروقات التي ارتكبها النظام السوري،
مستبقا بدء بعثة المراقبين أعمالها،
تعني أن ما يضمره النظام على غير ما
يعلنه، وأن الهدنة الراهنة هشة، على حد
تشخيص الحليف الروسي، والذي كان يفترض
به أن يوجه أصابع الاتهام لنظام لا
تخفى عليه ألاعيبه ولا ضميره
البلاستيكي، ولا خصاله المجبول عليها،
ولا تاريخه الطافح بالقرف. ومن ثم
فإن التهديد الأميركي بإمكانية إعادة
النظر في خطة عنان، لو استمر النظام
السوري على بطشه وجبروته، والمطالبة
الفرنسية للأمم المتحدة بضرورة كشف
الخروقات العديدة التي ارتكبها النظام
منذ حلول الهدنة الافتراضية، يضعنا
أمام حقيقة أن النظام السوري سوف يعصف
بالجهود الدولية بعد حنثه السابق
بالجهود العربية، ومن ثم فإن
الاستعداد ببدائل أخرى تنقذ الشعب
السوري من تغول النظام تصبح مطلبا
عاقلا وملحا. فالنظام
سوف يستغل محدودية عدد المراقبين،
وصعوبة سيطرتهم على كل خطوط التماس بين
النظام والثوار معارضيه، في استمراء
خرق الهدنة، وفي القيام بعمليات دموية
تجاة كل من رفع صوته مطالبا بالحرية
والعدالة والكرامة. ومن ثم
فإن أقوال قيادات في الجيش الحر بأنهم
قد وضعوا بالفعل خططا بديلة في حال
إخفاق المبعوث الدولي كوفي عنان في
خطته تصبح إجراء استشرافيا له ما
يبرره، ذلك لأن زئبقية النظام تحولت
إلى عادة سلوكية، تنعدم على أثرها
الثقة به، وأفعاله - بل قل جرائمه - على
غير أقواله. ومن
ذلك يمكن القول إن هذه النبرة
التشاؤمية من مصير خطة عنان، تصدر عن
كل الأطراف، بمن في ذلك حلفاؤه، ومن ثم
أيضا ينبغي عربيا أن تتوافر بدائل
وخطط، ومنها التدخل العربي الداعم
تسليحيا للمعارضة السورية، طالما أن
النظام لا يرحم، ولا يترك عنان ينجح. ================= عُلا
شيب الدين () المستقبل 18-4-2012 تفتّحت
القوة المفكرة لدى الثائرين في سوريا،
لتعلن ضرورة "قتل الأب" في هذا
البلد، بالمعنى الذي ذهب إليه (فرويد)
كعملية رمزية من شأنها إحداث قطيعة مع
الماضي، مع نظام أبوي سلطوي. و"قتل
الأب" في سوريا الثورة يعني
الانتقال إلى نظام عقلاني، ديموقراطي،
أسّه ومنتهاه حرية الإنسان/الفرد
وكرامته. وحيث أن "الأب" حافظ
الأسد حكم ردحاً طويلاً من الزمن، وحتى
بعد أن وافته المنية ظلّ حياً يحكم
البلاد والعباد من قبره إن جاز التعبير-،
فإن العقل في تفتحه الثوري اتجه أول ما
اتجه إلى استئصال جذر الآن، أي "قتل
الأب" المؤسِّس لنظام مازالت روحه،
أي الأب، حيّة، نابضة فيه. ربما يكون
هذا التحليل تفسيراً للعنة الثوار
التي حلّت على روح الأب، وتحطيمهم
لتماثيله في المدن والبلدات المختلفة،
ليواصلوا بعدها عميلة "قتل الأب"
مرة أخرى، وفي هذه المرة سيكون الأب،
أباً وابناً في آن معاً. إنه ابن حافظ،
وأبو حافظ، بشار الأسد الذي ما انفك
المحتجون يلعنون روحه أيضاً في إشارة
رمزية إلى فنائه من حياتهم، وما حرق
صوره والسخرية المستمرة منه إلا تأكيد
على الرغبة الدفينة في "قتله"، ما
يعني في نهاية المطاف نزع "الخلود"
عن "القائد الخالد"، ونزع "الألوهة"
عن العائلة الحاكمة وردِّها لله، لله
الأكبر، العالي، والمجرَّد. نلحظ
المفارَقة عينها في ضعضعة الثورة
لمفهوم "الرئيس السيِّد"، وما كان
ليتحدث "السيد" للناس في ساحة
الأمويين، ومن دون ربطة عنق (مثلاً)، لو
لم تقوِّض الثورة ثنائية السيد والعبد
التي جعلت من الإنسان "قرباناً"
يفدي "بالروح والدم" الإله أو
سيِّد البلاد الأعظم. وبهذا يكون
الثوار قد مهدوا السبيل أمام نهوض كل
أشكال الحرية، والمدنية، مدنية تكرّس
العلمانية من حيث هي فصل الله عن
الأشخاص، كما فصل الدين عن الدولة. مع
تفتّح القوة المفكرة بانصرافها إلى
"قتل الأب"، تفتّحت فرديّة تحرِّض
على رصد الذات، وتأمّلها، فهي الآن
تشعر وتفكر وتتبصّر وترفض وتقبل و..و..وتريد.
ويبدو أن الصراع مع الأنا العليا
الأبويّة، المتسلطة أعمق من مجرد صراع
ذي طابع مطلبي أو حاجاتي، فجوهرية
الصراع هنا تتصل بمكانة الإنسان
وماهية وجوده. إنه صراع غايته تفتيت
نظام يماهي بين الناس عبر مساواة
سكونية، سديمية تحيل الأفراد إلى قطيع.
والجدير ذكره في هذا المقام أن الفردية
تفتّحت داخل الجماعة، واتفقت مع
غاياتها، فانتقلت من الاهتمام بمصيرها
الخاص إلى العناية بالمصير العام، فقد
كان المرء صامتاً لعقود وهو بنفسه
جاهل، وفي السياسة لا يبالي. بيد أن هذا
الانطواء الصامت الطويل الأمد مهّد
لنشوب ثورة نيرانها ثنائية الفعل،
الحرق والإنارة، فحيث أن الحرق فعلُ
ترميد - من رماد- لصفحة الماضي، ماضي
الاستبداد والفساد والاستعباد، فإن
الإنارة فعلُ إشراق يشيع ثقافة
التمرّد والاحتجاج الذي يفضي إلى
الديمقراطية التي توفر حياة حرة
كريمة؛ لأن كل تعقّل وكل حياة عقلية
ومعقولة تبدو مستحيلة ما لم يتم أولاً
التسليم بحق الإنسان أن يحيا حياة حرة
كريمة. ومع
الإنارة، هبطت الشعارات الطوبوية
المتعالية حول الصمود والتصدي،
والمقاومة والممانعة، وحول الأمة
العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة،
وحول الحب المقدّس للوطن والحرية؛
لتتبدّل ماهياتها، فتصبح أرضية ،
واقعية، تتلمّس حياة المواطن وتعنيه
في الصميم. باتت الشعارات مع الثورة
لغة تغيير، تغيير في طرائق التفكير،
وأداة لصنع مفاهيم جديدة، وواقع جديد
يتخذ من الجدل لا الخطابة وسيلة
للتثقيف والتأديب، فالتربية الشكلية
التي تعلّم أفكاراً اغترابية تشرّد
الإنسان عن موطنه، وعن تفاصيل عيشه
واهتماماته السياسية، لا بد وأن تضمحل
لتحلّ محلّها التربية العلمية التي
تنفذ إلى لبّ الأشياء، وتحاكي الهمّ
اليومي، وتشحذ العقل بالتأمل المنعتق
من التفسيرات الوهمية للقضايا
السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ناهيك عن ذلك، فإن (التنسيقيات
الميدانية) التي وُلدت من رحم الثورة،
إن هي إلا نواة مجتمع مدني في طور
التشكّل، مجتمع سيكون له الدور الأكبر
في الدولة الديمقراطية مستقبلاً.
ولأول مرة يجد السوري نفسه ذلك "الإنسان
المدني السياسي بالطبع" الذي تكلم
عنه أرسطو قديماً، عبر اكتظاظ الشوارع
بحشود من الأطفال والنساء والشباب
والشيوخ المطالبين بالحرية والعدالة،
أو عبر استحالة بعض الشابات والشبان
إلى نشطاء سياسيين، و"صحفيين
ميدانيين" ينقلون للعالم ما يجري
على الأرض السورية بواسطة هواتف
محمولة توثق الأحداث وتحمِّلها على
شبكة الإنترنت في ظل غياب كامل للإعلام
الحر المستقل. استطاعت
الثورة السورية نقل تأثيرها رغماً عن
المسافات، إذ أنها على ما يبدو علّة
وحيدة تحتوي في وحدتها جميع الأصول
البذرية التي منها ينمو ويتطور كل
موجود جزئي، فلما كان صحيحاً أن
الاستبداد يعيش على الأزمات، ويسدّ
الطريق على أي انفتاح للجزء على الكل،
فالصحيح أيضاً أن ثورة الديمقراطية في
سوريا قد أحيت مشاعر المحبة، والتعاضد
بين أبناء الشعب الواحد بكل مكوناته
وأجزائه (واحد واحد الشعب السوري واحد).
هكذا تأتلف الحياة والمجتمع دائرياً
لا هرميّاً. وفي الحركات الدائرية
والمتنوعة تتوفر كل الأسباب التي تحيي
الروح الفردي وتعتقه، وعند تخوم الروح
الفردي يتحطم صنم الخوف، ولا شك أن
تلاشي الخوف يعني ولوج عصر أفول الدولة
الأمنية، وحلول سيادة الشعب. ومن
الحركات الدائرية والمتنوعة نفسها
تتولّد حركة الذهاب والإياب من المركز
إلى الهامش، ومن الهامش إلى المركز. إن
حركة الذهاب والإياب تلك من شأنها
تحرير الهامش من تسلّط المركز
واحتكاريته. لقد خلقت الثورة في سوريا
مناخاً يسمح بأن تكون العلاقة بين
الهامش والمركز جدلية، تقطع مع السلطة
البعثية التي كرّست الأعلى والأدنى
طيلة عقود، وبنت عليهما تمايزات ظالمة
وباطلة جعلت من المركز مقرّاً لحكم "أبدي"
عبر إذلال الهامش ونهبه وقمعه، لا بل
توسيعه وتكريسه. من هنا كان لا بد من
إسقاط "الأبد والأبدية" من
الأذهان، عبر تظاهرات محتجَّة تضيء
المهمّش المغيَّب، وتؤكد أنه (ما في
للأبد.. ما في للأبد). يعتقد
الفيلسوف الألماني (هايدغر) أن الإنسان
يمكن أن يحيا وجوده على صورتين
مختلفتين، فهو إمّا أن يحيا وجوداً
مُبْتذلاً، تافهاً، لا قلق فيه، وإمّا
أن يحيا وجوداً أصيلاً مُفعماً بالقلق.
وجود يستطيع فيه أن يؤكّد ذاته وأن
يصبح نفسه. وقد لا نجانب الصواب عند
القول إن السوري الذي قرر الثورة على
الوجود المبتذل، التافه، يحيا منذ
أواسط آذار 2011م، وجوداً أصيلاً مفعماً
بالقلق، يثبت فيه قدرته على إسقاط
نظرية القمصان السود، وبؤس الدبابة
والمدفع والرشاش أمام الإرادة
الإنسانية الحرة، أي إرادة الحياة. ================= عبد
الوهاب بدرخان 2012-04-18 النهار تتزايد
المؤشرات الى ان دمشق تعتزم تغيير
منهجها اللبناني لإبلاغ من يلزم دوليا
انها كانت ولا تزال تدير البلد، وانها
عائدة بقوة الى تقرير شأنه الداخلي،
كدليل الى تعافيها من ازمتها وانها لم
تفقد ايا من اوراقها الاقليمية. ومن
جانب آخر تتجه دمشق الى اتخاذ خطوات
عملية دعما لرئيس الوزراء العراقي
نوري المالكي، سواء بتسليمه معارضين
عراقيين مقيمين لديها ومطلوبين امنيا
في بغداد، او ب"مصالحته" مع
مسؤولين عسكريين سابقين ليتمكن من
الظهور كمن يحظى بتأييد وجوه بارزة
ومعروفة من سنّة العراق. يراد
لهذا التوجه الهجومي ان يعلن خروج
النظام السوري من ازمته، لكن يعاني
منسوبا كبيرا من الاوهام ومن الاستناد
الى معطيات مصطنعة او مضخمة. نترك
جانبا ما يتعلق بالعراق حيث بات محسوما
ان اليد العليا فيه لإيران، وان سوريا
تلعب دورا ثانويا تحت السقف الايراني. اما في
لبنان فإن العبث السوري متاح طبعا، من
خلال شريحة واسعة من الحلفاء تبدأ ب"حزب
الله" وحركة "امل" و"التيار"
العوني لتشمل بضع دزينات من الاحزاب
والدكاكين، قبل ان تنتهي في خلايا
الدولة والحكومة. لكن اذا قرر النظام
استخدام لبنان، وارغام حكومته على
الانخراط في معركته ضد شعبه وضد الدول
الغربية، وبانحياز واضح وعلني، فإنه
سيجازف بخسارة المزايا والمكاسب
المتوافرة له حاليا بفضل "الحيادية"
الشكلية الكاذبة التي تشهرها الحكومة
الموالية له. هناك
صيغة وتوازن بنت عليهما دمشق هذه
الحكومة وعملها، وأمكن حلفاؤها ان
يفيدوا منهما، بل ان القوى الدولية
المناوئة للنظام السوري تعايشت معهما
طالما انهما خففا من تداعيات الازمة
على لبنان – حتى الآن – كما أمّنا "استقرارا"
معقولا ساهم في تسكين اوجاع الازمة
الاقتصادية. حتى ان
المعارضة (الاكثرية السابقة) فضلت
مراعاة هذا "الاستقرار" على خوض
معارك سياسية لزعزعة الحكومة. ورغم ان
هذه المعارضة تغامر بخسارة زخمها
وتصاعد نقمة جمهورها، الا ان توازنا
آخر ارتسم عبر خلافات "الحلفاء"
التي تولت زعزعة الحكومة. لكن اي اخلال
سوري بصيغة العمل الحكومي سيستتبع
تغييرا في سياسات الآخرين في الداخل
والخارج. لا شك
ان محاولة اغتيال رئيس حزب "القوات
اللبنانية" الدكتور سمير جعجع شكلت
انذارا اوليا خطيرا، ومن البديهي ان
الشبهات الاولى تتجه الى دمشق
وحلفائها، وطالما انها ظلت مجرد "محاولة"
لم تنجح فإن تحليل اهدافها يقود الى
المستفيدين المفترضين منها ويبقى في
اطار الشبهات. لكن استنكار دمشق
المواقف اللبنانية الرسمية بعد قتل
مصور "تلفزيون الجديد" علي شعبان،
وتدخلها في التعامل الحكومي مع قضية
النازحين، وتوظيف العونيين في حماية
"داتا" اتصالات القتلة، وسعيها
الى اختراق لبناني اكبر للعقوبات
الحالية الدولية على النظام... كل ذلك
وغيره يعزز التوجه الى انهاء سياسة "النأي
بالنفس" وكأن الازمة انتهت في سوريا.
فهل انتهت فعلا؟ وحده النظام يعتقد ذلك. ================= راجح
الخوري 2012-04-18 النهار بعدما
قال الشيخ خليفة بن حمد: "ان فرص نجاح
خطة كوفي انان لوقف العنف في سوريا لا
تتجاوز 3 في المئة" علّق احد
المتشائمين في بيروت بالقول ان امير
قطر يبدو كريماً كعادته لأنه قياساً
بالواقع في سوريا فان نسبة نجاح خطة
انان هي صفر في المئة! في هذا
السياق يكفي ان يتأمل المراقب في اربعة
امور ربما لكي يرى ان الشيخ حمد بدا مثل
حاتم طي في كرمه ونسبة الثلاثة في
المئة: اولاً:
استمرار اطلاق النار والقصف على المدن
والاحياء واستمرار سقوط الضحايا
بوتيرة يومية لا تقل اعدادها عما كانت
قبل خمسة اشهر، ولهذا كان التحذير
الاميركي من ان استمرار اعمال العنف
يتعارض مع الالتزامات السورية امام
انان، واذا استمر ولم يصمد وقف النار
فان ذلك سيؤدي الى اعادة النظر في
مبررات ارسال بعثة المراقبين! ثانياً:
ان الشروط التي وضعتها سوريا لعمل
المراقبين الدوليين ستفضي سريعاً الى
فشل هؤلاء في مهمتهم، ذلك ان دمشق
تشترط الموافقة على جنسيات هؤلاء او
رفضها، ثم انها تريد ان ترسم خطة
تحركهم لكي تتحمل مسؤولية امنهم وهذا
يعني انهم لن يتمكنوا من الاتصال
بالمعارضة المسلحة التي تعتبرها دمشق
عصابات ارهابية! ثالثاً:
ان المجتمع الدولي لا يمارس ما يكفي من
الضغوط التي يمكن ان تساعد في انجاح
مهمة انان، فالدول الغربية ليست على
استعداد لتفعل اكثر مما فعلت وهي لم
تفعل شيئاً تقريباً، وخصوصاً بعدما
وفرت روسيا لها الأعذار المريحة عبر
"الفيتو" وتعطيل مجلس الامن. رابعاً:
ان اجتماع المتابعة لمؤتمر اصدقاء
سوريا الذي عقد في باريس امس راوح عند
حدود الحديث عن العقوبات وهي لن تؤثر
كثيراً في تغيير الوضع والدفع نحو الحل
السياسي. كذلك ان اجتماع لجنة المتابعة
الوزارية العربية في الدوحة لن يضيف
شيئاً الى الواقع الذي يواجه الستار
الحديد الذي يقيمه الروس لحماية
النظام. في أي
حال عندما قال الشيخ حمد من روما: "ان
موقف مجلس الامن غير اخلاقي بإزاء شعب
يقتل كل يوم ويتلقى الصمت فقط"، بدا
وكأنه يحك جروحاً في موسكو التي حمّلها
مسؤولية اجهاض الفرص امام "الشعب
السوري الذي لا يلزمه دعم بالسبل
السياسية بل بالاسلحة"، لهذا بدت
تصريحات سيرغي لافروف امس، وكأنها
تمثل رداً غير مباشر عليه إذ اتهم قوى
خارجية بتقويض جهود كوفي انان. للتذكير
فقط، روسيا هي التي سارعت الى تسليح
النظام وهي التي عطلت دور مجلس الامن
وهي التي تتحمل مسؤولية استمرار
الازمة وهي التي تعطل الحل السياسي
عندما تتمسك بلغتها الخشبية ليطلق
لافروف مثلاً صفة "المتمردين" على
كل المعارضة السورية! ================= معن
البياري الدستور 18-4-2012 يتفاصح
محبون للنظامِ السوريِّ عندما
يتلقَّفون تصريحاتٍ إِسرائيليةً
تُساند تغييره، فيعتدّون بها دليلاً
على جسارةِ حكام دمشق في مناوأَة
إِسرائيل ومن وراءَها، ودليلاُ على «المؤامرة
الكبرى» التي يواجهها النظام المذكور.
وليس المعيبُ في هذا الوهم أَنَّ
الوقوعَ على تصريحاتٍ إِسرائيليةٍ
تُحبِّذُ بقاءَ رئاسةِ بشار الأَسد
أَمرٌ ميسورٌ أَيضاً، بل في تصويبِ
أولئك الشغوفين بما ينسبونَه إِلى
النظامِ من مقاومةٍ وممانعة أَنظارَهم
إِلى ما يُثرثرُ به السياسيون
والعسكريون والمخابراتيون في تل
أَبيب، فيما يُشيحونها عما هو أَوجبُ
وأَوْلى، أَي إِلى ما ينطق به مئات
آلاف السوريون في مظاهراتٍ واحتجاجاتٍ
واسعةٍ، ويُواجهون بالرصاصِ
والقذائفِ في حربٍ لا يستحي الحكمُ
هناك من مواصلتِها بكل صلف. ولا يدري من
يحفلون بما يقولُه هذا المسؤولُ
الاستخباريُّ الإسرائيليُّ المتقاعد
وذاك السياسيُّ الراهن أَو السابق،
وبما يكتبه معلقٌ في مطبوعةٍ عبريةٍ
سيّارة، لا يدرون أَنّهم في هذا،
مقروناً بإِغماضِ أَعينِهم عن أَشواقِ
السوريين إِلى التحرّرِ من النظامِ
القاسي الذي يتوسَّل حكمَهم بآلتِه
الحربيّةِ والأمنيّة، إِنما يقعون في
بعضِ العنصريةِ المقيتة، عندما
يتعامون عن ويلاتِ شعبٍ يُغالب عسفاً
مهولاً منذ أَكثر من عام، فيما ينتشون
بقولٍ لأَيِّ إِسرائيلي يرى ضرراً في
سقوطِ بشار الأَسد على الدولةِ
الصهيونية. لسنا
نحبُّ لأصدقائنا هؤلاءِ أَنْ يلتفتوا
إِلى الفجيعةِ في طلبِ بنيامين
نتانياهو من مئات الأوروبيين
المتضامنين مع الفلسطينيين، وواجهتهم
إِسرائيل بالتضييقِ عليهم ومنع أَعداد
منهم من دخول فلسطين، أَنْ يُناصروا
الشعب السوري، بدلاً مما هم فيه. نرمي
وراءَ ظهورنا هذا الكلامَ الرخيص، من
دون أَنْ نغفلَ عن نحو مليون سوريٍّ
فارين من منازلهم وبلداتِهم وقراهم
ومدنهم، مهجّرين ونازحين ولاجئين في
سوريا نفسها وفي لبنان والأردن
وتركيا، وعن أَزيدَ من عشرة آلاف قضوا
قتلاً في الاعتداءاتِ العسكريةِ التي
لا يُريد النظام إِيقافها. ونظنُّ
أَنَّ التحديقَ في حقائقَ مثل هذه،
معطوفةً على الحقيقةِ المؤكَّدةِ عن
تطلع الجموعِ العريضةِ في الشعب
السوريِّ إِلى الخلاصِ من نظام الأَسد
وعائلته وشبيحته وأَجهزته، هو ما يلزم
أن يكون، فلا يُوجِّه بوصلتَنا
السورية ما يعنُّ على خواطر
الإسرائيليين، كيفما اتفق أَحياناً.
ونحسبُ أَنه مهما بلغَ صخبُ الخارج
بشأن حاضرِ سوريا ومستقبلها، فإِنَّ
الداخل هو الأَوْلى بالإنصات إِليه.
وسوريا، على ما يجدرُ أَنْ يعرفَ
مشايعو النظام فيها، ليست جغرافيا
وشأناً استراتيجياً تنشغلُ به مصالحُ
وخياراتٌ إِقليميةٌ ودولية، بل هي
وطنُ شعبٍ له خياراتُه ومصالحُه
الأَهم. أَنْ
يرى المختصُّ الإسرائيلي بالشؤون
الأمنية، شلومو بروم، أَنَّ لإسرائيلَ
مصلحة استراتيجية في ضربِ محور إِيران
وسوريا وحزب الله، يوازي رأيَ الجنرال
المتقاعد والوزير السابق، إيفي إيتام،
إِنَّ نظام بشار الأسد «أَفضل صيغةِ
حكمٍ بالنسبة لإسرائيل». لسنا بلهاءَ
حتى يُفرحنا هذا الكلام، وكذا احتفاءُ
المعلق، أَمنون رابينوفيتش، بالنظام «الذي
لا يردُّ على اغتيال عماد مغنية وعلى
قصفِ منشأةٍ نوويةٍ في دير الزور».
ونتمنّى على من تغشى عيونَهم
الممانعةُ الجسورةُ لدى هذا النظام
أَنْ لا يبتهجوا كمن شحطَ الذئبَ من
ذيله، حين يُسرفون في تظهيرِ قولِ
عاموس يادلين، الرئيسِ السابق
للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية،
إِنَّ التغيير في سوريا، إِذا حصل،
يعتبرُ تحولاً استراتيجياً إِيجابياً
لإسرائيل. النصيحة لهم أَنْ يسمعوا
هتافاتِ السوريين، في مظاهراتٍ يوميةٍ
وليليةٍ، من أَجل تغيير النظام في
بلدِهم الجريح. ================= د.
محمد احمد جميعان 2012-04-17 القدس
العربي يلاحظ
المراقب للمشهد الدولي والاقليمي
تحولا في المواقف تجاه سورية، يتمثل في
تبني الحلول السياسية، بدل مواقف
سابقة كانت تتبنى تنحي الرئيس او سقوط
النظام بكامله.. لم
يقتصر هذا التحول على دولة دون اخرى،
بل هي مواقف تتبلور وتبرز بوضوح في
احاديث الساسة الغربيين والاتراك وحتى
بعض العرب، والملفت انها لم تعد تتحدث
عن الدم والواقع الانساني المرير،
الذي يمر به الشعب السوري، بقدر ما
اصبح موقفا فيه عمق المكر والدهاء، وله
ابعاده وتبعاته يجدر التوقف عندها
مطولا. تفسير
هذا التحول بالسذاجة اوالبساطة
المعهودة لم تعد مقنعة، المتمثلة
بمبررات يسوقها البعض بأن النظام
السوري تخطى حاجز السقوط، اوان الواقع
السوري غير قابل للتغيير، او حتى تخوف
الغرب من سيطرة الاصوليين على الحكم في
سورية . صحيح
ان سيطرة الاسلاميين على الحكم في
سورية يشكل هاجسا يخوف الغرب، سيما بعد
تكرار المشهد في ليبيا وتونس ومصر،
ولكن بإعتقادي ان الامر اكبر واعظم من
ذلك بكثير فيما يخص الساحة السورية، اذ
ان تحالف النظام هناك مع ايران وحزب
الله يشكل هاجسا اكبر واخطر في المنظور
الغربي، بل يتخطى اكثر ليصل الى ملامح
ما كان يسمى بمشروع الشرق الاوسط
الجديد الذي كان محوره القضاء على
المقاومة وخدمة اسرائيل. لقد
تابع الغرب عنادة الموقف الايراني في
دعمه لبقاء النظام السوري، وكذلك موقف
حزب الله في هذا الاتجاه، وتابع ايضا
ما افرزته هذه المواقف من اصطفاف طائفي
مذهبي فرق الامة وتركها متناحرة، من
يقف مع ومن يقف ضد، وكذلك ملامح عداء
يتبلور متصاعدا تجاه حزب الله كحركة
مقاومة اصبح الحديث فيها صريحا دون
مواربة. هذه
المستجدات والنتائج التي افرزتها حالة
الصراع وسيل الدماء على الساحة، وجدت
لها صدى قويا من القوى الصهيونية ومن
يدور في فلكها، باعتبارها صيدا ثمينا
عجزت عنه في السابق، رغم الخطط
والمشاريع والاموال التي بذلت في هذا
الاطار، الا انها لم تستطع ان تحدث
تحولا في المزاج العام الى نحو عدائي
تجاه ايران وحزب الله ، وهو ما توفر
الآن وتريد ان تعظمه وتصاعده وتجذره . ولن
يتم ذلك الا من خلال التلكؤ في تبني
قرارات تخدم سقوط النظام، وطرح بديل
ذلك حلولا سياسية تعمق حالة الصراع
والدم والحقد والعداء على الساحة
السورية، وبين مكونات الامة سيما
السنة والشيعة، بقصد اضعاف حالة
المقاومة، بل والاجهاز عليها واخراج
ايران من المعادلة وتهيئة الاجواء
لضربها، بما فيها اية مشاريع قادمة
تشكل تهديدا على اسرائيل .. بالطبع،
سوف يعد ويخطط لذلك، هذا اذا لم يكن قد
اعدت الخطط المناسبة لذلك بكل
الاتجاهات، ارى بعض ملامحها؛ في
الظاهر السياسي والاعلامي يتم تبني
حديث سياسي للخروج من الازمة في سورية،
وفي الباطن تعمل هذه القوى جاهدة لدعم
الجيش السوري الحر ومعه مكونات
المجتمع السوري المعادية للنظام
بالسلاح والمال والمعلومات لادامة
القتال واستمرار الصراع ، ليتوج ذلك في
نهاية المطاف بسقوط النظام كليا، ولكن
ايضا وهو الاهم تجذر حالة العداء
الشعبي والسياسي والميداني تجاه ايران
وحزب الله كحركة مقاومة ليجدوا انفسهم
بعد ذلك امام واقع يسهل على اسرائيل
الاجهاز عليهما بسهولة، ناهيك عن
ترتيبات سياسية يمكن اعدادها من خلال
ادامة الصراع هذا على الساحة السورية. مصيدة
محكمة للمقاومة في المستنقع السوري،
تتم من خلال ادامة بقاء النظام هناك،
من خلال الحديث عن حلول سياسية فيما
يجري اعداد وتجهيز وتسليح للشعب هناك. بقاء
النظام في سورية اصبح خدمة كبرى للقوى
الصهيونية، ويتم استثماره بخبث ودهاء،
اذ لم يدرك ويستدرك بمبادرة يتنحى فيها
الرئيس بمباركة ايران وحزب الله وكل من
يريد ان يكون داعما لانقاذ الموقف دون
تسويف او ابطاء، فلن نرى الا تمزقا
وانهيارا وخلافا وعداءا لن ينفع معه
الندم. ================= من
جدار برلين الى بابا عمرو بحمص:
السياحة الثورية نبراس
دلول 2012-04-17 القدس
العربي في
مشهدٍ من المسلسل الكوميدي السوري (مرايا)
للفنان ياسر العظمة، يتباهى بطل احدى
الحلقات بحجر موضوع في علبة مفتوحة
مليئة بالتراب في صالون منزله المفروش
بالآثاث الفخم واللوحات الرائعة لكبار
الرسامين بالاضافة الى التحف الثمينة. كان
ضيوف ذاك الشخص يتساءلون عن سبب وجود
حجر في منزل فخم كهذا، وكان البطل لا
يتوانى عن ابقاء التعريف بحجره حتى أخر
جولته التعريفية بأثاثه الفخم ولوحاته
وتحفه الثمينة، فكان يلتقط الحجر
برشاقة ويقول، ما معناه: هذا الحجر هو
أثمن ما في بيتي!! فهو بقايا من جدار
برلين أتيت به بعد زيارتي لآلمانيا
الموحدة. اذاً،
هو حجر من جدار برلين، ولا عجب اذاً أن
يتباهى أي شخص بوجوده في منزله، ولا
غرابة أيضاً في اعتباره أثمن من كل
اللوحات والتحف والأثاث الفخم ان وجد
في منزلِ أيٍ منا. فقيمة بعض الآشياء
أبداً لاتقدر بكمية العمل الضروري
لانتاجها، كما في المفاهيم الماركسية
المعروفة. كنت قد
تذكرت هذه الحلقة وأنا أسمع من مضيفي
بعض الأخبار السارة عن تعداد الآفكار
الخلاقة التي يبتكرها الشباب المنتمي
لما بات يعرف بالربيع العربي، وعن
المصاعب التي تواجههم في مواجهة قوى
الظلام أو الثورة المضادة وغير ذلك.
توجهت من مضيفي بطلب ابقائي على اتصال
بمعارفه التونسيين لضرورة انشاء
مجموعة ضغط تونسية تتولى حملات
الاهتمام الاعلامي بمدينة سيدي بوزيد
مهد الربيعين التونسي والعربي. اذ يحق
لنا، كشعوب مقهورة على امتداد مساحة لا
بأس بها من الزمن، أن نفتخر ولو لمرة
واحدة بصنيعة بشرية حديثة هي الربيع
العربي. ولعل
أحدى الآفكار الخلاقة في هذا المضمار
هي الاستثمار السياحي في هذا الربيع،
فالآنباء الواردة لنا تتحدث عن تحول
مدينة سيدي بوزيد الى محج لزائري تونس
هذه الآيام، ومع قليل من الآهتمام
تستطيع الحكومة التونسية والمجتمع
المدني هناك تحويل هذه المدينة-المهد
الى مركز جذب سياحي تنافس قرطاج
الآثرية أو الشواطئ الرملية ذات
السماء الصافية المشهورة في صناعة
السياحة التونسية. في مصر
أيضاً هناك منافسة قيد التصعيد بين
تمثال أبو الهول والآهرامات من جهة
وميدان التحرير من جهة ثانية. ومع أنه
الى الآن اقتصر زوار ميدان التحريرفي
الغالب على المسؤولين الآجانب من
سياسيين ودبلوماسيين، الا أنه من
المفيد بمكان تذكير الحكومة المصرية
بأهمية الآستثمار السياحي في هذا
الميدان. للآسف،
وطوال الخمسين عاماً الماضية، كان
مفهوم السياحة في بلداننا له وجهين،
اما سياحة تعتمد بالكامل على البارات
والفنادق المرفهة كما في مصر وتونس
والمغرب ولبنان ،أو سياحة أثرية كما في
سوريا ومصر والى حدٍ ما تونس. مفهوم
صناعة السياحة اذاً يعتبر قاصر عندنا،
ولا أبالغ حينما أقول أن حكومة شمولية
كالحكومة الصينية استثمرت، سياحياً
،جريمتها في ميدان تيان أن مين الشهير
وان بطريقة خجولة جداً. اذاً، فمابالكم
ان استثمرنا نحن في مواقع الانتفاضات
السلمية التي لم يسمح الشباب لآنظمة
الفساد والافساد بتحويلها الى أماكن
شبيهة بتيان ان مين! في
سوريا، اعتمد النظام السوري فقط على
السياحة الأثرية، فحرمت مناطق تمتد من
ريفي حمص وحماة الى اللاذقية وطرطوس
على الخط الساحلي من البرامج السياحية
كون تلك المناطق غير مشهورة بالآثار
التاريخية (رومانية أو عربية) بل
بالطبيعة الخضراء الخلابة. ان تلك
المناطق المذكورة اعتمدت في مواردها
السياحية في الغالب المطلق على
السياحة الداخلية تاركةً زوار وسياح
المنطقة يذهبون باتجاه تركيا
للاستمتاع بالطبيعة الخضراء! اليوم
نحن بحاجة الى اعادة احياء تلك المناطق
سياحياً بالترافق مع مورد سياحي جديد
لا يقل أهمية ويتجلى ببؤر الانتفاضة
السورية. فعلى غرار مدينة سيدي بوزيد
في تونس وميدان التحرير في القاهرة،
فان مدينة كحمص قد تكون مورداً سياحياً
رائداً لما تتضمنه من أحياء منكوبة
وصلت سمعتها الى هوليود نفسها!! ان حييّ
بابا عمرو والخالدية وبسبب من كثرة
الدمار فان حجارة البيوت المهدمة يجب
أن لاتقل أهمية في الترويج السياحي عن
حجارة جدار برلين، ويجب أن تتحول
المدينة كلها الى مركز جذب سياحي على
خارطة السياحة في العالم. ان
المجتمعات الحديثة تخلق مواردها
بنفسها وتعبر عن نجاحها بأفكارها
الخلاقة، فان كانت الطبيعة أعطتنا
روعة خضرة الغابات وجمال زرقة البحار
والسماء، وان كان الآجداد وكل من مر
على أرضنا أعطونا دهشة الآثار والفن
المعماري، فانه من واجبنا اعطاء
حاضرنا ومستقبلنا الآفكار الخلاقة
المبدعة والتي تتركز اليوم في اعادة
انتاج الانسان وصنائعه والتي أهمها
اليوم الربيع العربي. ولعل استثمارنا
في الربيع العربي سياحياً قد يكون
التتويج النهائي لنجاح هذا الربيع
ذاته. اذاً
من سيدي بوزيد الى ميدان التحرير الى
حمص العدية وقبلاً مروراً بدوار
اللؤلؤة في البحرين، هذه كلها مدعوة
لتكون جزءاً من مواردنا السياحية،
وطبعاً نحن بانتظار المزيد من الساحات
والآماكن التي سيجيئها دور التغيير ان
عاجلاً أم أجلاً. ================= أساليب
إدارة النظام السوريّ لأزمته الاربعاء,
18 أبريل 2012 روزا
ياسين حسن * الحياة كما
يتّضح لمتابعي الخطاب الرسمي السوري
فإن النظام يرفض، وبإصرار، وصف الثورة
السورية بأنها ثورة، وذلك منذ يوم
اندلاعها قبل عام ونيف. فهو يؤكد على
الدوام بأنها مجرد أزمة وستنتهي، أو
سيتمكن من إنهائها! الأمر الذي جعله لا
يتوانى عن إقحام جيش البلاد في ذلك حتى
لو راحت قوته ترشح باطراد، وتحوّل مع
الزمن إلى جيش منهك ممزق. وربما بدا
واضحاً أن أداءه يشبه أداء
الديكتاتوريات مع الأزمات التي تلمّ
بحكمها، وليس أداءً مع ثورة تبتغي قلب
النظام وتشريع بوابات الحرية المغلقة
منذ عقود. يعرّف
علم السياسة المعاصرة الأزمات
بتعريفات مختلفة منها: إنها ظرف
انتقالي يتّسم بعدم التوازن، فترة
قلقة، نقطة تحوّل وحالة توتر، أو ظروف
استثنائية تتطلب قرارات ينتج عنها
مواقف جديدة، سلبية أم إيجابية، وما
إلى ذلك من التعريفات التي تلخّص بحق
رؤية النظام للثورة، وبالتالي فإن بعض
أسباب اشتعال الأزمات، التي طرحها
أيضاً علم السياسة المعاصرة، ستكون
أسباباً ل «الأزمة» السورية برأي
النظام، والذي يدلّ على ذلك أساليب
معالجته لها، سواء أكانت أسباباً
إنسانية تشتمل على سوء الاحترام
والتقدير تجاه الشعوب والأفراد، وحب
السيطرة والمركزية الشديدة، وتعارض
أهداف الحكومات مع مصالح الشعوب، أم
أسباباً إدارية تشتمل على سياسات
مالية سيئة، عدم التخطيط الفعال،
والعشوائية في اتخاذ القرارات. فيما
يبدو أن رؤية النظام السوري للأسباب
الموجبة للأزمة جعلته يلتفت إليها
لتفكيكها ب «الأساليب التقليدية»
لإدارة الأزمات. أولى
هذه الطرق كانت «إنكار الأزمة»،
تكثّفت في تعتيم إعلامي لمدة أشهر لكل
ما يقع على الأرض وإنكار حدوثه، وتصدير
فكرة أن الأحوال على أحسن ما يرام. حيث
سيقرأ المواطن السوري، أينما التفت،
لافتات تعجّ بها المدن تتحدث عن أن «سورية
بخير»! هذه الطريقة التقليدية للسيطرة
على الأزمة تتبناها معظم الأنظمة
الديكتاتورية في العالم، ولها شكل آخر
محوّر قليلاً وهو «تبخيس الأزمة» أي
الاعتراف بوجودها ولكن تقليلها
واعتبارها غير مهمة، وهذا ما قام به
الإعلام الرسمي وشبه الرسمي في الأشهر
المتقدمة للثورة، حيث كان ينقل أخبار
التظاهرات ولكن بتقليلها كمّاً
وكيفاً، وينقل أخبار مقتل المدنيين
برصاص «المجموعات الإرهابية»، ولكن
بأعداد لا تشكل إلا جزءاً بسيطاً من
حقيقة الرقم الذي قتله رصاص الأمن
ودبابات الجيش... لكن
أهم طريقة اتبعها النظام السوري في
إدارة أزمته، بالتوازي مع تبخيسها، هي
إخمادها، وهي طريقة عنيفة تقوم على
الصدام العلني مع القوى الأخرى
المتسببة بالأزمة، بغض النظر عن
المشاعر والقيم الإنسانية. وفي
الحقيقة هذا ما تفرّغ للقيام به منذ
شهور الصيف من العام الماضي، وها هو
يتنقل من منطقة إلى أخرى، قصفاً
وضرباً، وهذه من الأسباب التي أدت مع
الزمن إلى تسليح جانب كبير من الثورة
وانشقاقات المؤسسة العسكرية وتشكيل ما
يسمى اليوم «الجيش السوري الحر». وفي
محاولة من النظام السوري لتفريغ
الأزمة، وهي طريقة أخرى من الطرق
التقليدية لإدارة الأزمة، فقد بدأ
مرحلة وضع البدائل التي تتلخّص في وضع
أهداف بديلة لكل اتجاه أو فرقة انبثقت
عن النزاع، ثم مرحلة التفاوض وهي مرحلة
امتصاص واستقطاب لكل قطب، الأمر الذي
يؤدي إلى عزل قوى الأزمة ومنع انتشارها
بين مؤيديها وبالتالي حلّها والقضاء
عليها. وقد حاول النظام السوري،
بشروطه، جرّ الأطراف المعارضة للحوار
معه، عبر الضغط عليها بطرق شتى، كما لم
يوفّر وسيلة لعزل الكثير من القوى
المعارضة، شعبية كانت أم سياسية، إن
بالعنف أو بإطلاق الإشاعات أو باقتراف
أفعال ونسبها للمعارضة أو التقاط
أخطاء حصلت ودفعها إلى الواجهة وغيرها
من الطرق المتعددة التي يبرع فيها،
الأمر الذي ساهم في تصوير الثورة
منحرفة عن مسارها الأساسي، وأسبغ صفات
وملامح قبيحة عليها. على هذا كان تفريغ
الأزمة من مضمونها من أنجح الطرق التي
بدأ النظام السوري مؤخراً باستخدامها.
فمن حيث أن لكل أزمة مضموناً، وهي في
الثورة مضامين اجتماعية سياسية
بالدرجة الأولى ثم مضامين اقتصادية
بالدرجة الثانية، فقد راح النظام يعمل
على تفريغها وإفقادها لهويتها ليفقدها
قوتها، فاستمات لتحويل المضامين
العميقة إلى مجرد غايات طائفية أو
مصالحية أو تخريبية، كما استمات لشق
صفوف الشعب مدعّماً موقفه بتحالفاته
القديمة والموقتة، ثم بإيجاد زعامات
مفتعلة للمعارضة، وربطها بمكاسب ضيقة
لتتحول الأزمة الكبرى إلى أزمات صغيرة
مفتتة! وكما
توضّح مؤخراً من خلال التسريبات
الأمنية فإن النظام السوري لم يوفّر
فرصة الاستفادة من الطرق غير
التقليدية أيضاً لحلّ «أزمته» تلك
التي تتناسب وروح العصر! أهمها طريقة
فرق العمل التي تتطلب وجود أكثر من
خبير ومتخصص في مجالات مختلفة، فأفرز
لكل فرع أمني وظيفة، ولكل مسؤول كبير
وموثوق ومقرّب من هذه الأفرع وظيفة،
كما وزع كتائب الجيش وفرقه على مناطق
الاشتعال وهكذا.. لكن
رغم كل ذلك لا يبدو أن النظام السوري
سينتهي قريباً من هذه «الأزمة»، فعلى
رغم أن الثورة السورية تحولت إلى ما
يشبه الكرة بين أقدام الدول الكبرى،
وغنيمة تتناهشها المصالح الإقليمية،
إلا أن الشعب السوري، سواء أكان مع
الثورة أم ضدها، يستحق بجدارة ما قامت
لأجله الثورة بدئاً، وما دفعت من أجله
عشرات الآلاف من أبنائها ومئات القرى
والبلدات والمدن المهدمة. الشعب
السوري يستحق الحرية والكرامة وذلك
الحلم الجميل الذي يسمى: «الديموقراطية». *
كاتبة وأديبة سوريّة ================= السياسة
الخارجية التركية في بيئة متغيرة د.
معمر فيصل خولي 2012-04-17 القدس
العربي أدركت
تركيا ذاتها في ظل حكومة العدالة
والتنمية التي وصلت إلى السلطة في 19
تشرين الثاني عام 2002، بأنها لم تعد
الدولة الطرفية بالنسبة للدول الغربية
كما كانت عليه في أثناء الحرب الباردة،
ولا دولة جسرية كما أعيد تعريفها من
قبلهم في تسعينيات القرن الماضي،
فالإطار الذي رسمته الدول الغربية
لتركيا في المرحلتين السابقتين،
جعلتها تنتهج على مستوى سياستها
الخارجية دبلوماسية تقليدية قوامها 'دبلوماسية
الحفاظ على الوضع القائم'؛ لتجنب
المشكلات مع الدول المجاورة، فهي لم
تكن مكترثة في ايجاد الحلول لها. ولكن
الأمر تغير كثيراً في ظل حكومة العدالة
والتنمية التي ألقِيَ على عاتقها مهمة
إعادة تعريف تركيا تعريفاً دقيقاً. فهي
تمتلك من المقومات الجغرافية
والتاريخية والثقافية والإستراتيجية
والبشرية والاقتصادية، ما يؤهلها
بجدارة لتكون دولة 'مركز'، بمعنى
حضورها المستمر والفاعل فيما يجري-
وسيجري- من تفاعلات سياسية واقتصادية
وثقافية في بيئتها الإقليمية. ولتحقيق
تلك الرؤية، استندت السياسة الخارجية
التركية لحكومة العدالة والتنمية على
البعد الدبلوماسي و البعد الثقافي
والبعد الاقتصادي. فعلى
المستوى الدبلوماسي، ولكي تضطلع به
كان عليها إعادة ترتيب شؤونها
الداخلية وجوارها المباشر، فقد أولت
حكومة العدالة والتنمية أهمية كبيرة
في تسوية المشكلة الكردية وتعميق مسار
الإصلاحات الديمقراطية على نحو يعيد
الحقوق الثقافية والسياسية ليس
للأكراد فحسب، بل لكل المقومات
العرقية والمذهبية في تركيا. أما عن
حالة العلاقات مع دول الجوار فقد أكد
رئيس وزراء تركيا (رجب طيب أردوغان) على
أهمية السعي إلى التغيير وأهمية مبدأ'
السبق بخطوة واحدة'، الذي أكد عليه
أيضا وزير خارجيته (أحمد داوود اوغلو).
وعلى هذا الأساس، تراجعت تركيا عن مبدأ
المباراة الصفرية في دبلوماسيتها،
ليحل مكانه مبدأ المكاسب المشتركة
الذي يحقق الفائدة للدولتين أو للدول،
وانسجاماً مع المبدأ الجديد استأنفت
تركيا علاقاتها الدبلوماسية مع
أرمينيا، وعملت بجهد كبير لتسوية
المشكلة القبرصية. ولتعزيز مكانة
تركيا الإقليمية كدولة مركز، تبنت
حكومة العدالة والتنمية مبدأ 'خفض
المشكلات مع دول الجوار إلى نقطة الصفر'،
ولعل تقدم علاقاتها الدبلوماسية مع كل
من سورية- التي تراجعت بشكل ملحوظ على
أثر الانتفاضة الشعبية فيها- والعراق
وإيران، دليل واضح على تفعيلها. ولا
يختزل هذا البعد جهد تركيا في معالجة
مشكلاتها على مستوى علاقاتها
الثنائية، وإنما يمتد أيضا على
المستوى الإقليمي، فهو يؤكد على أهمية
التفاوض والحوار اللذين من شأنهما
تقريب وجهات النظر وحل الأزمات بين
الدول وبين القوى السياسية في إطار
الدولة الواحدة. فعلى الجانب الأول،
رعت تركيا مفاوضات السلام غير
المباشرة بين سورية- قبل الانتفاضة
السورية- والكيان الصهيوني، وبينه
وبين السلطة الوطنية الفلسطينية، وبين
إيران والاتحاد الأوروبي والجماعة
الدولية بشأن ملفها النووي- الذي
سترعاه بغداد قريباً بسبب تباين
الموقف الايراني عن التركي في أحداث
الجارية في سورية - ، أما على الجانب
الثاني، شجعت سنة العراق على المشاركة
في ' العملية السياسية' منذ عام 2005م.
ونجاحها في الوساطة بين التيارات
السياسية المختلفة في لبنان في مرحلة
ما بعد العدوان الصهيوني(12 تموز 14 آب
2006)عليه. وانطلاقاً
من هذا الدور المنفتح -على القضايا
الإقليمية- الذي يرفض سياسة الحصار
والإقصاء التي تفرضها الدولة العظمى
والدول الكبرى على الدول والحركات
السياسية المناوئة لسياساتها، فعلى
سبيل المثال رفضت تركيا الحصار الذي
فرضته- ولايزال مفروضا- الولايات
المتحدة الأمريكية وحلفاؤها سواء
كانوا دولا أو فاعلين من غير الدول على
حركة حماس منذ فوزها بالانتخابات
التشريعية الفلسطينية التي أجريت في 25
كانون الثاني عام 2006م، مدركة بأن
مخرجات الحصار ليس إلا مزيدا من تفاقم
حالة عدم الاستقرار الإقليمي. كما يرفض
أيضا سياسة المحاور التي تسعى إلى
تقسيم منطقة الشرق الأوسط على أساس
مذهبي، ويلاحظ أنه عندما يحل رسميون
أتراك في دول تعاني أزمات داخلية، مثل
لبنان أو أفغانستان أو باكستان، فإن كل
الأطراف يبدون ترحيبا للتعامل معهم. وما من
دولة مثل تركيا في الشرق الأوسط يرحب
بها في السعودية ومصر وسورية وإيران
وروسيا! فهي الدولة التي تكاد أن تكون
الوحيدة التي تتمتع بقنوات اتصال مع
القيادات كافة في منطقة الشرق الأوسط
سواء على مستوى الدول أو الفاعلين من
غير الدول. ومرد ذلك يعود إلى وعي
القيادة التركية إلى مصالحها المختلفة.
مما
تقدم لا يعني أن الدبلوماسية التركية
تمر في أفضل أحوالها فمنذ بدء مشهد
التغيير العربي، أصابها بعض الارتباك،
فهي وان استطاعت أن تخرج بأقل التكاليف
الدبلوماسية في كل من الحالة
التونسية، والمصرية، والليبية،
واليمنية، والبحرينية، إلا إنها
اصطدمت في الحالة السورية.إذ صعدت
الدبلوماسية التركية وبشكل تدريجي من
موقفها جراء الانتهاكات الانسانية
التي تركبها ولاتزال- السلطة الحاكمة
في سورية، مطالبة إياها بالتخلي عن حكم
سورية، وعلى أثر هذا التصعيد سيطرت
حالة التوتر في العلاقة بين الدولتين؛
تلك الحالة التي كانت سائدة في
علاقاتهما قبل التوقيع على اتفاق(أضنة)
20 تشرين الأول عام1998، وبهذا الموقف
عمقت الدبلوماسية التركية من تناقضها
مع ايران وروسيا الحليفتين للسلطة
الحاكمة في سورية، فالإطاحة بالرئيس
بشار الأسد يعني لتلك الدولتين، تعطيل
المشروع الإيراني، وخسارة روسيا آخر
حلفائها من الحكام العرب، وتحول سورية
إلى مجال حيوي لتركيا. لذلك
كان رد الفعل الايراني الدبلوماسي على
الموقف التركي من الانتفاضة السورية
أكثر وضوحاً، حيث دعت ايران إلى نقل
المحادثات المتعلقة بملفها النووي من
اسطنبول الراعية له الى بغداد( مثلاً)،
وهو ما رد عليه رئيس وزراء تركيا (رجب
طيب أردوغان) متهماً طهران بالمراوغة
ونقص الأمانة، ليضيف: هذه ليست
ديبلوماسية ... إن لها اسماً آخر لا احب
أن اذكره هنا'. ما أود قوله في هذا
المجال أن مبدأ تصفير المشكلات الذي
يعد أحد أعمدة الدبلوماسية التركية هو
من حيث الواقع أقرب إلى الفلسفة
السياسية منه إلى عالم السياسة، قد
تنخفض المشكلات والأزمات والتوترات
بين الدول لكنها لا تنتهي. أما
على المستوى الثقافي تبنت حكومة
العدالة والتنمية دورا ثقافيا تعاونيا
ذا بعد عالمي، حيث يركز هذا الدور على
العناصر الاستيعابية في الحضارات بدلا
من العناصر الإقصائية القائمة على
استبعاد الآخر. فتركيا بما تمتلكه من
وعيٍ بتراثها الثقافي في مجال التعايش
السلمي، كونها من الناحية التاريخية
احد مواطن التفاعلات بين الحضارات،
وعضواً داخل ثقافات وتقاليد ومؤسسات
الغرب لما يقرب من القرنين، مرشحة
للقيام بدور محوري في تعزيز الحوار
والتلاقي بين الحضارات. ولصدق
هذا التوجه وافقت الحكومة التركية في
تموز 2005، على طلب أسبانيا لرعاية
مبادرة' تحالف الحضارات'، مبينة في
الاجتماع الأول لممثلي تحالف الحضارات
في أسبانيا في تشرين الثاني 2005، أن
القضاء على الإرهاب لن يتحقق إلا
بالتحالف بين الحضارات، وإزالة الصفات
الدينية عن الإرهاب، حيث أن جميع
الأديان ترفض الإرهاب. فالتحالف
بينها يجب أن تعبر عنه سياسات وتحركات
فعلية وملموسة، ولا ينبغي أن يبنى فقط
على الأفكار. وترويجا لتحالف الحضارات
عملت الحكومة التركية على إبراز
أهميته في مختلف المحافل الدولية، ففي
كل تلك المحافل أكد رئيس الوزراء
التركي (رجب طيب اردوغان) على مسؤولية
دولته في التقريب بين الثقافات بحكم
عمقها الجغرافي والتاريخي وسياستها
الخارجية المتعدد الأبعاد، وارتكازها
على التحديث والتعددية والديمقراطية
وحكم القانون واحترام حقوق الإنسان
والحريات الأساسية على مستوى السياسة
الداخلية. أما
على المستوى الاقتصادي اهتمت حكومة
العدالة والتنمية بالبعد الاقتصادي،
باعتبار أن تعزيز علاقات تركيا
الاقتصادية بالعالم، مع تنويع هذه
العلاقات، هو السبيل لتعزيز مكانتها،
فالتعاون الاقتصادي من وجهة نظر (رجب
طيب اردوغان) يعد الوسيلة الناجعة في
معالجة الخلافات و تحقيق التكامل
الاقتصادي، وهو موجه السياسة وليس
العكس كما يرى. وبشكل
عام، يمكن التمييز بين دورين
اقتصاديين أساسيين لحكومة العدالة
والتنمية، أولهما، دور تركيا كمركز
اقتصادي إقليمي حيث أبرمت عددا من
اتفاقيات التجارة الحرة مع سورية قبل
الانتفاضة-، وتونس والمغرب في عام 2004،
ومصر والسلطة الوطنية الفلسطينية في
عام 2005، كما وقعت على عدة اتفاقيات
اقتصادية مع المملكة العربية السعودية
التي تمثل الشريك التجاري الأكثر
أهمية لها، وإيران إذ تعتمد تركيا على
غازها الطبيعي، فهي أكبر خامس شريك
تجاري لها( في حال التعامل مع دول
الإتحاد الأوروبي ككتلة واحدة)،
والبحرين، وسلطنة عمان، والبحرين،
العراق إذ بلغ عدد الاتفاقيات المبرمة
معه 48 اتفاقيه شملت مجالات واسعة
كالطاقة والنقل والصحة والأمن، ووقعت
مع سورية- قبل الانتفاضة- 40 اتفاقية
منها، اتفاقية فتح الحدود المشتركة
وإلغاء التأشيرة بينهما. ثانيهما،
وقعت تركيا مع دول مجلس التعاون
الخليجي في أيار 2005، على اتفاقية
إطارية لتعزيز العلاقات الاقتصادية.
أما فيما يتعلق بدور تركيا كمركز لخطوط
نقل الطاقة، حيث يستند هذا الدور على
الموقع الجغرافي لها، والذي يجعلها
أحد أهم الممرات العالمية لعبور
وتصدير الطاقة المختلفة، ويعزز
مكانتها الإستراتيجية رغم محدودية
الإنتاج التركي من مصادر الطاقة. ومن
أبرز خطوط الأنابيب النفطية والغازية
التي تشترك فيها تركيا مع دول جوارها:
خط أنابيب النفط كركوك- جيهان؛ من
خلاله ينقل النفط والغاز العراقيان
إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، خط أنابيب
غاز إيران- تركيا، بواسطته ينقل الغاز
الإيراني عبر تركيا إلى سورية وأوروبا. ================= معاريف
17/4/2012 صحف
عبرية 2012-04-17 القدس
العربي في
استطلاع أُجري مؤخرا أعرب 26 في المائة
من الاسرائيليين عن معارضتهم لكل تدخل
من دولتهم في القتال في سورية. ضد هذا
القتال وقفت الدول الغربية، الدول
العربية وتركيا، التي تعمل أساسا على
المستوى السياسي. بالمقابل، يتلقى
نظام الاسد مساعدة سياسية، اقتصادية
وعسكرية من ايران ومن حزب الله، باسناد
روسي. فهل اسرائيل، التي حرصت حتى الآن
على الحيادية بالنسبة لسورية، كفيلة
هي ايضا ان تتدخل؟ انهيار
نظام الاسد ينطوي على فضائل هامة
لاسرائيل، وعلى رأسها انهيار محتمل
للحلف بين سورية وايران والذي يعرض
اسرائيل للخطر. بدون سورية سيفقد حزب
الله سندا هاما جدا، ناهيك عن ان نظاما
سورية جديدا، يقوم على أساس اغلبية
سنية، كفيل بأن يتحفظ من مكانة حزب
الله الشيعي والمؤيد لايران في لبنان،
البلاد التي تسعى سورية وايران الى نيل
النفوذ فيها. نظام
سوري جديد كفيل بأن يعاني من عدم
الاستقرار، يدفعه الى صرف الانتباه
نحو اسرائيل، بما في ذلك على المستوى
الامني، مثلا في ظل استغلال مسألة هضبة
الجولان. قلق آخر في اسرائيل هو ان يصل
سلاح من سورية المنهارة الى منظمات
عصابات وارهاب مثل حزب الله، ولا سيما
اذا كان هذا سلاحا كيماويا. لقد
تدخلت اسرائيل في الماضي في حروب أهلية
في دول عربية، بشكل عسكري ايضا. في 1970
جرى صراع حاد في الاردن بين نظام الملك
حسين والمعارضة لديه، م.ت.ف. سورية
اجتاحت الاردن كي تساعد م.ت.ف. اسرائيل
ردعت سورية من مواصلة الاجتياح
للاردن، الامر الذي ساهم في انقاذ
الملك حسين وسمح له بالتركيز على الحاق
الهزيمة ب م.ت.ف. اذا ما جرى الآن اجتياح
لسورية، من تركيا مثلا، فواضح ان
اسرائيل لن تحاول منع هذا. في 1982
دخلت اسرائيل الى لبنان الذي كان غارقا
في حرب أهلية. ضمن أمور اخرى كي تساعد
المسيحيين الموارنة في الصعود الى
الحكم بعد سنوات من العلاقة معهم،
تضمنت نقل السلاح. مثل هذه العلاقة بين
اسرائيل والمعارضة السورية بالتأكيد
لا توجد اليوم. ومع كل حماسة الاخيرة
لاسقاط الاسد، فانها لا تعرب عن الرغبة
في التعاون مع خصمه، اسرائيل، حتى ولا
لهذا الغرض فقط. حتى لو
نشأ تفاهم مع المعارضة السورية، فان
اسرائيل كانت على أي حال سترفض مسبقا
التدخل المباشر الذي من شأنه ان يعرض
للخطر جنود الجيش الاسرائيلي، حتى ولو
بعمل من الجو. كما ان
مجرد اطلاق السلاح والذخيرة فقط، ليس
من انتاج اسرائيل، وبالسر، كان سينطوي
على مخاطرة اذا ما نجح النظام السوري
في وضع اليد على جزء من الارساليات
ليحصل على دليل صلة لها باسرائيل،
كالقبض على أحد ما من المعارضة شارك في
استقبال الارساليات من اسرائيل. هذا
الاكتشاف كان سيخلق توترا شديدا بين
اسرائيل وسورية، والاخيرة كانت لا بد
ستشعل أواره كي تصرف الانتباه عن
أفعالها، بالتوازي مع توجيه الاتهام
لاسرائيل في أنها تتدخل في ما يجري
داخل دولة سيادية وبالمسؤولية عن
استمرار القتال والمعاناة في سورية. وكانت
اسرائيل ستتعرض لانتقاد دولي، بما في
ذلك من الغرب، الذي يمتنع حتى عن تسليح
المعارضة ويخشى من اتساع الصراع في
سورية. من اجل التخريب على الجهود
الموجهة ضدها، كانت سورية ستحاول
احراج الدول العربية وتركيا فتعرضها
كمن توجد في ذات الجانب من المتراس مع
اسرائيل ضد دولة عربية. تشديد
اسرائيل على ايران ومساعي تجنيد الدعم
الدولي الاقصى في صالحها يشكل
اعتبارات اخرى في اتخاذ القرار الذي
يحظى بتأييد الغرب. وبالتالي فان على
اسرائيل ان تُبقي مسألة نقل المؤن
العسكرية للمعارضة في سورية لمن يعنى
بذلك منذ الآن. بالاجمال، دور اسرائيلي
في سورية من شأنه ان يضر أكثر مما يجدي،
ولا سيما اذا تعاظم خطر الاحتكاك بين
اسرائيل وسورية. اذا ما
فكرت اسرائيل بتدخل ما في سورية، لا
ينبغي لهذا ان يكون من اجل أي من
الطرفين بل في صالح مصلحة اسرائيلية
واضحة كاحباط نقل السلاح بشكل عام،
والسلاح المتطور بشكل خاص من سورية الى
حزب الله، وحتى في هذه الحالة فقط اذا
كان الامر ينطوي على مخاطرة منخفضة
المستوى على اسرائيل. عليها ان تستعد
لمواصلة حكم الاسد ولسقوطه في نفس
الوقت دون ان يكون هذا على حسابها،
وبالتأكيد في ظل الامتناع عن خطوة من
شأنها ان تشعل، لهذا السبب فقط، مواجهة
زائدة تماما. '
خبير في شؤون الامن القومي ================= طهران
تفاوض على مكانتها الإقليمية الاربعاء,
18 أبريل 2012 سامي
كوهين * الحياة لم
تخالف محصلةُ المفاوضات الديبلوماسية
التي جرت في إسطنبول حول الملف النووي
الإيراني التوقعات، فالأطراف
المجتمعة، أي ايران والدول الست
الكبرى، اتفقت على بدء فصل جديد من
المفاوضات، ووُضفت مباحثات استمرت
أكثر من 10 ساعات من الجميع بالإيجابية
والبناءة. ولكن المباحثات هذه لم تدخل
صلب الموضوع، ولم تبحث مباشرة تفاصيل
الملف النووي الإيراني، ولكنها تناولت
مبادئ التفاوض، ورسمت خريطة طريق جلسة
المفاوضات المقبلة. ولو أن
لقاء إسطنبول لم يسفر عن مثل هذه
النتيجة، لَتَعاظَمَ التوتر غير
المسبوق في العلاقات بين ايران
والغرب، ولكُنا على حافة اندلاع حرب في
المنطقة. ولعل عدم رغبة الطرفين في
تعاظم التوتر هو وراء احتمال التوصل
الى اتفاق. ولذا، يجوز القول إن اجتماع
اسطنبول هو نقطة تحول في مسار هذه
المفاوضات الجارية منذ نحو 9 أعوام
والتي يُظهر مسارُها أنه لا يمكن حل
ملف ايران النووي في جلسة أو اثنتين.
وإلى موعد اللقاء القادم في بغداد في 23
أيار (مايو)، ستستخدم ايران الوقت
الفاصل بين اجتماعي اسطنبول وبغداد في
تطوير برنامجها النووي، وهي تتوقع من
الغرب أن يخفف ضغوطه وعقوباته عليها. ويأمل
الغرب في أن تُقدم طهران على خطوات
تعزيز ثقة. وتشي التفاصيل برغبة الغرب
في إرجاء موضوع ملف ايران النووي
وتأجيل الحل الى حين انتهاء موسم
الانتخابات الرئاسية في فرنسا
وأميركا، وطي تبعات الازمة الاقتصادية
في اوروبا. وهذه المسائل تجعل الغرب
يتجنب التوتر مع ايران في هذه المرحلة.
وحدها اسرائيل تغرد خارج السرب
الغربي، وتُظهر نفاد صبرها ازاء ايران.
ويُتوقع أن يستمر هذا التفاهم على حل
الملف الايراني من طريق الحوار
والتفاوض في الاشهر القادمة، على وقع
مواصلة طهران تطوير برنامجها النووي
وتشديد الغرب العقوبات. ولا يتوقع حدوث
تغيير حقيقي. فالمفاوضات
ستسير جنباً الى جنب مع فرض العقوبات
وتطوير البرنامج النووي وتخصيب
اليورانيوم، والطرفان يرميان الى كسب
الوقت والحرص على عدم وقوع حرب،
وستواصل طهران الجهر بأن الحصول على
الطاقة النووية هو حقها وأنها تتوسله
من أجل الاغراض السلمية، بينما سيستمر
الغرب في الطعن في ذلك واتهامها بالسعي
الى حيازة قنبلة ذرية. وفي
غياب اجماع دولي على خطورة البرنامج
النووي الايراني، تكسب طهران الوقت،
وثمة دول، ومنها تركيا ورئيس وزرائها،
ترى أن ايران ستحصل على التكنولوجيا
النووية التي تخولها إذا شاءت صنع
القنبلة الذرية، لكنها لن تتجه الى صنع
مثل هذا السلاح، احتراماً لفتوى آية
الله على خامنئي التي تحرم ذلك. وثمة
دول تقول إن طهران تكذب وتخفي نواياها
الحقيقية على ما فعلت في السابق يوم
أخفت نشاطها النووي عن العالم. ولا
يجوز اهمال ربط ايران مفاوضاتها
النووية بتطورات المنطقة، فهي تفاوض
على حل اقليمي وليس فقط على ملفها
النووي. ولذا يسعى الغرب الى تأجيل
الحسم وكسب الوقت على امل ان يسحب بعض
أوراق القوة من يد طهران، وأهمها
الورقة السورية التي لا بد أن تكون
مطروحة على أجندة المفاوضات في الفترة
المقبلة. *
عن «مللييت» التركية، 16/4/2012، إعداد
يوسف الشريف ================= تعثر
السياسة النيو - عثمانية بحرب جورجيا
- روسيا والثورة السورية الاربعاء,
18 أبريل 2012 جان
– سيلفستر مونغرونييه * الحياة تتواتر فصول
النزاع المرتبط بطموحات إيران
النووية، ولا تَلُوح خاتمةٌ لها في
الافق. الجولة الديبلوماسية الجديدة
عُقدت في اسطنبول، ففي الاعوام
الاخيرة سعت تركيا الى أداء دور الوسيط
بين الغرب والنظام الإيراني، ورمت الى
الارتقاء طرفاً ثالثاً في عملية شد
الحبال الإقليمية-الغربية. ولكن، أصاب
الوهن السياسة التركية، فهي تواجه
محيطاً جيو-سياسياً متقلباً وحافلاً
بالعثرات، يحملها على تمتين حلفها مع
الغرب، فهل سيعيد التاريخ نفسه ونشهد
سيرورة استئناف البدء من جديد؟ يقطع
بلوغُ حزب «العدالة والتنمية» السلطةَ
في 2002 وتحوله حزباً حاكماً مهيمناً، مع
الإرث الكمالي (نسبة الى مصطفى كمال
أتاتورك). والقطيعة هذه رمزية أكثر مما
هي وثيقة الصلة بالواقع، فتركيا احتذت
على الغرب ليشتد عودها وتدخل الحداثة
من بابه الأوسع. الثورة الكمالية «من
أعلى» لم يترتب عليها ترتباً «تلقائياً»
التحالفُ مع الدول الغربية، ولكن
الظروف الجيو-سياسية أفضت الى مثل هذا
التحالف في ختام الحرب العالمية
الثانية، فستالين هدَّد سيادة الأتراك
على مضيقي البوسفور والدردنيل، فلجأت
أنقرة الى الولايات المتحدة والتحقت
بخطة مارشال وحلف شمال الاطلسي، كما
انضمت الى استراتيجية «الاحتواء»
الغربية للاتحاد السوفياتي، فتحولت
معقلاً غربياً على خاصرة السوفيات
الجنوبية وشمال الشرق العربي. وتغيرت
الأحوال هذه إثر طي صفحة الحرب الباردة
وانفتاح الدول السوفياتية السابقة على
الغرب، فوُلد التيار «القومي-الإسلامي»
التركي من رحم تعاظم النمو الاقتصادي
التركي منذ عام 2000 ورسوخ الميل الى
الاعتداد بالنسب الثقافي والديني «التركي»
والاضطرابات السياسية، وجَمَعَ قادة
تركيا الجدد بين طَرْق أبواب الاتحاد
الأوروبي وبين توسل خطاب معاد للغرب
واسرائيل لإرساء سلطتهم. وفي واشنطن
والعواصم الاوروبية، ساد الخوف من
خسارة تركيا، كما لاح لهم طيف
العثمانية الجديدة، فعقيدة «العمق
الاستراتيجي» ترمي الى تكريس تركيا
قوة إقليمية لا يستهان بنفوذها على
حدود أوروبا والشرق الاوسط وأوراسيا.
وكانت سياسة «تصفير المشكلات» وأداء
دور الوسيط في تذليل نزاعات دول
الجوار، هما وسيلة بلوغ العقيدة هذه
مآربها. ولقد بدا أن النظريات
الأوراسية تستند الى النقمة التركية–الروسية
على الغرب وعقود الطاقة. وعلى الحدود
الشرقية، بدأ التقارب الايراني–التركي،
وأعلنت أنقرة «تفهمها» سياسة طهران
النووية. والى الجنوب، أبرمت تركيا
مصالحة مع النظام السوري، وهو الداعم
التاريخي ل «حزب العمال الكردستاني»،
ونظمت مناورات عسكرية مشتركة. وسعت
أنقرة الى إنشاء سوق مشتركة شر أوسطية،
وأرادت تحويل أراضيها ممراً اساسياً
للطاقة على تقاطع خطوط النفط الشمالية–الجنوبية
والشرقية–الغربية. والحق
أن الكلام عن «النموذج التركي» أغفل ان
نواة السياسة الخارجية التركية هي
استغلال فجوات ال «ستاتيكو» (الامر
الواقع) الإقليمي وثغراته. وجاءت الحرب
الروسية–الجورجية في آب (اغسطس) 2008،
التي انتهت الى انبعاث النفوذ الروسي
في القوقاز، لتقوّض طموحات تركيا على
حدودها الشمالية، والتزمت «الجمهورية
الشقيقة» أذربيجان سياسات حذرة. وفي
الشرق المعقد والمارق، الذي أراد
مصطفى كمال الابتعاد عنه، زعزعت
الثورات العربية وارتدادتها
الاستراتيجيةَ التركيةَ، فالحوادث
تُفاقِم التنافس المضمر بين أنقرة
وطهران، على خلفية حيازة ايران
التكنولوجيا النووية. والتنافس هذا
تظهر عوارضه في الحرب الاهلية
السورية، التي تتهدد آثارها ومخلفاتها
(حركة اللاجئين والحوادث الحدودية
ودعم دمشق حزب العمال الكردستاني) أمنَ
الاراضي التركية. والحق
أن موقف تركيا إزاء الأزمة السورية هو
مدخل نفوذها الى العالم العربي، على
رغم التباس علاقتها بالمملكة
السعودية، ولكن أنقرة تصطدم في جوارها
القريب بمحور جيو–سياسي قوامه روسيا
وإيران وسورية. خطاب
الحكومة التركية حذر، ولكن قراراتها
في 2011 تشير الى انها تتقرب من الغرب
وتعزز حلفها معه، فإثر التململ
والمماطلة، صدعت انقرة بنشر منظومة
الدرع المضادة للصواريخ الأطلسية على
ارضها وجهاز رادار أميركي فائق
القدرات في الاناضول الشرقي، وقلصت
كمية النفط التي تستوردها من ايران،
وانضمت الى تحالف معسكر العقوبات
الموجهة ضد النظام الايراني. فتركيا
تؤدي اليوم دوراً جغرافياً–سياسياً
بارزاً بجنوب أوراسيا في جوار اوروبا
والاطلسي، والدور هذا يشبه أدواراً
سبق ان أدتها في مراحل تاريخية سابقة.
وإذا أرسي مشروع فلاديمير بوتين
الكبير الرامي الى إنشاء اتحاد أوراسي
محوره روسيا، وتوطد حلف موسكو–طهران،
فإنه سيرسخ دور تركيا معقلاً أطلسياً. وعززت
تركيا علاقاتها بالعالم العربي
السنّي، ولكن الصداقات السياسية هشة،
فهذه المنطقة الانتقالية من العالم،
أي الشرق الاوسط الكبير، لن تجد الى
الاستقرار سبيلاً من غير حلف كبير
وشامل بين القوى الغربية وتركيا. *
باحث في معهد توما مور، عن «لوتان»
السويسرية، 13/4/2012، إعداد منال نحاس ========================== أوفقوا
القتل نريد أن نبني وطناً لكلّ
السوريين موقع
المندسة السورية ريما
دالي ... اعتقلها الأمن ... أمرٌ طبيعي و
اعتدنا عليه منهم, لكن لماذا ؟ لقد
تخضبت باللون الأحمر, و اتجهت نحو مجلس
الشعب, و بمنتهى الرّقي رفعت لافتة
كُتب عليها : أوفقوا
القتل نريد أن نبني وطناً لكلّ
السوريين أمام
مجلس الشعب, مجلس كلّ الشعب !! أو ليس
رجال الأمن و جيش النظام و أزلامه (
سوريين ) و هم يُقتلون يومياً على أيدي (
العصابات المسلحة ) ؟ اذاً,
فلماذا اعتقلوها ؟ لمَ لم ينهوا
اعتصامها بنفس الرقيّ و لو بقليل من
الشدّة, و يفضّوا الناس, و انتهى الأمر
كما بدأ,, ثمّ من
قال لهم, أنها ضدّهم ؟ و أنّ اللافتة
تؤيّد الثورة ؟ و تحمل على اسقاط
النظام ؟ يا ترى,
ما الذي أثار حفيظتهم في تلك اللافتة ؟ طلبها
بأن أوقفوا القتل ؟ أم بناء الوطن ؟ أم
شملها كلّ السوريين ؟ و هل
هذه الطلبات مجتمعة, يختلف عليها أحد
في هذا البلد ؟ و هل من
يوالي الى اليوم, يرى في ايقاف القتل و
بناء الوطن, عمالة للخارج !! هيَ
كانت حريصة على أن تكون رسالتها الى
الجميع, فتحاشت عَلماً ما, أو شعاراً ما,
و رافقها في ذلك رد فعل المارّة ... مع
أني لا اعتقد أنهم أحسنوا دعمها, لكنّ
الأهم في النهاية, أنهم لم يخرّبوا
عليها أداء رسالتها, فاكتفوا بالتصفيق
بدون أي تصرّف قد يهيّج رعاع النظام,
ليبعدوا عنها و عنهم أي أذى, لكن هيهات
!! ثورتنا
بألف لون و لون, و هذا ما يجعلها
أنموذجاً, فرغم علو صوت النار, عادت تلك
الصبيّة الحقوقية لتخترقه, و تخرج بهذا
الشكل السلمي الأنيق, و تعبّر ... ربما, و
أكاد أجزم آسفاً, أنّ ما طلبته ريما لم
يعد يجمع كلّ السوريين ... ======================== “كلنا
شركاء” في تركيا للبحث عن كواليس
سياستها في سوريا 2012/04/16 كلنا
شركاء - لا ثقة
بأي حل تحت وجود بشار الأسد .. - سبب
تأخر تركيا أنها لا تريد رحيل بشار فقط
.. بل تطمح إلى حلول عملية لأغلب مشاكل
الإقليم . -
خيارات كثيرة أمام تركيا من
إستراتيجية بقعة الحبر إلى المناطق
العازلة إلى الناتو إلى الضربات
الموجعة !! - في يد
تركيا أهم ملفات الإقليم الاقتصادية
والسياسية . * * * هناك
عتب كبير على تركيا عند الكثير من
المعارضة السورية لتأخرها واكتفائها
بالتصريحات اللفظية , وهناك تخوين
واتهامات واضحة من الإعلام السوري
والساسة السوريين الموالين لبشار
وحاشيته واتهام لتركيا بنكران الجميل
وبحثها عن أرثها العثماني في سوريا
والدول العربية .. وهناك
حيرة حقيقية في أوساط الشباب السوري من
مواقف تركيا واكتفائها بضبط النفس رغم
كل الاستفزازات النظام واكتفاء
المسؤولين الأتراك بتصريحات نارية لا
تترجم إلى أفعال .. كما أن
أكراد سوريا لديهم آلاف إشارات
الاستفهام بل والاعتراض على ضبابية
الدور التركي في سوريا .. لهذه
الأسباب الكثير كان لابد لكلنا شركاء
من بحث بين كواليس السياسة التركية
لعلنا نصل إلى إجابة لأسئلتنا , من
قصدناهم كانوا في ألأغلب من التيارات
التي تجير القرار التركي الآن , ممن
يسمون جماعة " النوريين " نسبة إلى
بديع الزمان النوري العالم المعروف
والذي كان أحد خصوم كمال أتاتورك
الكبار وتم اعدامه .. ويعتبر
الشيخ " فتخ الله كولان " الآن
الأب الروحي لهؤلاء في تركيا والعالم ,
وتحت ولائه أغلب حزب العدالة وقادته ,
كما يعتبر داوود أوغلو راسم سياسة
هؤلاء نحو المستقبل في الاقتصاد
والسياسة . لن نذكر
في هذا التقرير الأسماء بناء على طلبهم
, وسنتحدث عن أغلب الأسئلة التي تؤرق
السوريين من ناحية السياسة التركية .. - هل
حقاً كلام الساسة الاتراك بدأً من
زعيمهم أردوغان وانتهاء بأقل سياسي هو
مجرد فقاعات إعلامية لا تفيد ولا تساهم
في وقف الدم السوري , أم أن خلف الأكمة
ما وراءها ؟ عن هذا
السؤال تولّى الإجابة أحد مستشاري
وزارة الخارجية التركية قائلاً : هناك
عدم فهم حقيقي لسياسي تركيا الجدد من
أردوغان ومن معه , هؤلاء مولعون بالعمل
في السر ولا يهتمون بما يقال عنهم أو ما
ينقل عنهم أو ما يتهمون به وهذا سبب
نجاحهم في تركيا وفشل خصومهم حتى من
الإسلاميين مثل المرحوم نجم الدين
أربكان الذي كان دائم الحديث عما يريد
فعله في المستقبل ولذلك كان يحاصر قبل
فعل أي شيء , أما هؤلاء فهم يجيدون
تماماً اللعب في السر ويعتبرونها أم
السياسة , فتح الله كولان كان في أمريكا
ممنوعاً من دخول تركيا ومحارباً من
الإعلام التركي والقضاء التركي ومع
ذلك استطاع تأسيس جيل كامل من الأتراك
الجدد عبر مدارس سرية نشرها في تركيا
رغم كل المراقبة الشديدة له ولأنصاره . - لذلك
اتهام أردوغان ومن معه بأنهم يطلقون
مجرد شعارات وكلام خاطئ جداً , فهم لم
يتخلوا عن القذافي حتى اللحظات قبل
الأخيرة بينما تخلوا عن بشار الأسد منذ
اللحظات الأولى , تركيا تحضر نفسها ليس
فقط لرحيل بشار , بل تحضر نفسها لسنوات
العمل الدءوب في سوريا بعد رحيل بشار ,
فليس رحيل بشار المشكلة التي تؤرق
تركيا , بل القادم مابعد بشار هو مايؤخر
قرارات تركيا ويجعلها تحضر نفسها
جيداً وتتأخر في الأعمال الموجهة نحو
النظام السوري .. يقول
لنا هذا المستشار التركي : الدولة
التي تتخلى عن مليار دولار من
استثماراتها في سوريا في لحظات لن
تستطيع اتهامها بأنها تطلق فقاعات
إعلامية - نسأل
الضيف : ماذا
تنتظر تركيا إذن ؟ يجيب ,
تركيا تعرف أن بشار لن يلتزم بأي خطة
ولن يتنحى إلا بوسيلتين فقط وقد ذكرهما
داوود أوغلو لعدد من الزعماء العرب
والأجانب , -
اغتياله من قبل مقربين له من الجيش
والأمن . - أو
ضربات موجعة تقلق راحة من يحميه ؟ ولكن
تركيا لا تريد أن تظهر بمظهر المعتدي
على سوريا , لحساسية هذا الموضوع
بالنسبة لعدد من أقليات سوريا مثل
الأرمن والعلوية والدروز وكذلك
الأكراد , بل تريد أن تظهر بمظهر
المدافعة عن حدودها , وهذا ما يصر عليه
الساسة الأتراك .. الذي
تنتظره تركيا الآن هو الانتهاء من كل
الحلول السياسية وتأكد الداخل السوري
بأغلب تياراته بما فيهم الأكراد من أن
بشار الأسد لن يرحل إلا وقد افنى سوريا
نهائياً , وسيكون دور تركيا وقتها ( دور
المخلّص ) وليس دور المعتدي . - ماهي
خيارات تركيا المتاحة ؟ يجيب
على هذا السؤال أحد العسكريين
المقربين إلى وزير الدفاع التركية ..حيث
يحدثنا أن القيادة العسكرية والسياسية
في مجلس الأمن القومي تجتمع كل أسبوع
وتدرس كل الاحتمالات وأنها صارت في
الأسبوعين الأخيرين تجتمع أكثر من مرة
في الأسبوع وقد حضر اجتماعاتها
الأخيرة سفراء من دول الناتو أيضاً .. وذكر
هذا المصدر لنا أيضاً أن هناك دول
عربية تأخذ تقريراً دورياً من هذه
الاجتماعات أيضاً .. حيث
يتدارس العسكريون طريقة التعامل
السليم وبأقل الخسائر مع المشكلة
السورية . ومن هذه
الحلول التي تطرح : - تدخل
الناتو تحت بند المادة الخامسة التي
تنص على حماية حدود دول الناتو وهذه لا
تحتاج تفويضاً أممياً . -
المنطقة العازلة , وهذه تحتاج لتفويض
دولي أو حتى سكوت دولي يسمح بإنشاء
هكذا منطقة بحجة حماية المدنيين . -
التنسيق مع قادة كبار في الجيش والأمن
للتخلص من بشار الأسد دون تدخل عسكري
وهذه هي الخطة التي تسعى عليها تركيا
منذ أكثر من شهرين . - تأسيس
جيش سوري مجهز بعتاد كامل ويتولى هو
مواجهة السلطة السورية ( حزب العمال
النسخة التركية ) . - ساعة
محددة ( ضربات موجعة حساسة على نقاط
عسكرية مهمة لبشار الأسد يواكبها في
نفس الوقت أعمال ميدانية للجيش الحر
ومظاهرات كبيرة وعارمة واختراقات
كبيرة لمؤسسات الدولة من قبل
المواطنين في نفس الوقت مما يخلخل كل
المؤسسة الأمنية والعسكرية ويجعلها
عاجزة عن فعل أي شيء ..) - نسأل
هذا الخبير العسكري عن المنطقة
العازلة التي تتردد كثيراً في الفترة
الأخيرة فيجيب : تركيا
لديها أحد الحلين لهذه المنطقة
العازلة .. - إما
خيار تورغوت أوزال وقراره الشجاع , إثر
قيام المروحيات العراقية بشن هجمات
على انتفاضة الكرد في شمال العراق
والهجرة المليونية المعروفة صوب تركيا
مما اضطر رئيس تركيا آنذاك تورغوت
أوزال ( الكردي ) إلى المطالبة بإحداث
منطقة " تابونية " عازلة في
الأقليم الكردي من العراق من قبل
المجتمع الدولي , لأسباب انسانية
وسياسية معاً تتعلق بالتواجد الكبير
لملايين الأكراد في تركيا فلاقى نداؤه
ترحيباً من الحكومة البريطانية ودول
أوربية واحراجاً كبيراً لأميركا
لسكوتها على تجاوزات مروحيات صدام
وبتلك المنطقة انقلبت موازين القوى
على صدام حسين .. مشكلة
تركيا في الخيار في سوريا , أنها لم
تستطع بعد تحديد منطقة مناسبة لهكذا
حظر جوي لأن لها حساسيتها مع الأكراد
وهم ينتشرون على أغلب مناطق الحدود . إلا أن
محدثنا يذكر أن العسكريين الأتراك وفي
الاجتماعات الأخيرة قرروا ان حصل
اتفاق دولي على هكذا منطقة أن يكون
بعيداً عن مناطق الأكراد , حتى لا
يعتبره هؤلاء الأكراد نية للهجوم
التركي عليهم ولذلك استقرت آراء
العسكريين على منطقة حدودية شبه طويلة
من تل أبيض في الرقة حتى جرابلس وأعزاز
في حلب , حيث أنها مناطق متناغمة
سكانياً , ولعشائرهم وأسرهم قرابات في
تركيا وعلاقات جيدة جداً , وحسب
مصدرنا هذا هو سبب تركيز السلطة
السورية على الهجوم على الرقة وريف حلب -
الخيار الثاني المتاح للسلطات التركية
بحسب رأي هذا العسكري التركي , ههو خيار
مايعرف عسكرياً ( بنقطة الحبر ) أو بقعة
الحبر .. حسب هذا
العسكري تكون الخطة التركية باختيار
مناطق حدودية في ادلب , مثل جسر الشغور
التي يعتبرها الأتراك مناسبة جداً
لهكذا منطقة لتاريخها المعروف مع أدلب
العداوة مع حافظ أسد الذي همشها وقتل
الكثير من عائلاتها .. حيث
ستقوم هذه المنطقة العازلة بالتمدد
كبقعة الحبر حولها حتى تصل إلى قطع
الطريق على حلب ثم ابتلاع حلب واخراجها
من سيطرة النظام وبالتالي حرمانه من
الرئة التي يتنفس منها اقتصادياً
وسياسياً . ماهي
الرؤية الحالية للأتراك نحو المشكلة
السورية : سألنا
في جولتنا على السياسيين الأتراك هذا
السؤال , الأغلب منهم متفق أن السياسة
التركية بالأغلب تعرف أن الحل السوري
طويل ومكلف ولذلك تراهن عى موضوع
المنطقة العازلة وأن أغلب الساسة
الأتراك يقارنون بشار بصدام حسين , وأن
رحيله سيكون خلال هذه السنة ولكن ليس
خلال أشهر , وسبب
مقارنتهم لبشار الأسد بصدام , أن رحيله
يفترض حصاراً اقتصادياً مكثفاً , وهذا
لم يطبق حتى الآن بشكل فعلي حتى عند بعض
الدول العربية , ولذلك الأوراق التي
تعمل عليها تركيا حالياً : 1- ورقة
الاقتصاد " حيث تتولى تركياً محاصرة
اقتصاد النظام عبر التفاهمات
الاقتصادية مع أقوى حليفين له ايران و
روسيا وهذا ما تعمل عليها الخارجية
التركية سراً , رغم كل التسريبات
الكاذبة التي يروجها الاعلام السوري
عن رفض ايران التعامل مع تركيا واهانة
وفودها , ذكرت لنا مصادر سياسية في
تركيا أن الساسة الأتراك لا يكلفون
انفسهم عناصر الرد على هكذا ترهات لأن
الواقع هو من سيظهر كذبها والدليل على
ذلك أن هناك مئات الاتفاقات
الاقتصادية فوقع مع ايران وأن تركيا هي
الوجهة المالية الحالية للنظام
الايراني وأن كل الاعلام السوري ظهر
كاذباً عشرات المرات وآخرها بعد
تسريبه أن نجاد أهان داوود أوغلو في
زيارته الأخيرة , ليكشف العالم أن
داوود أوغلو عاد من إيران ومعه تفويض
من نجاد بإدارة الملف السياسي
لمفاوضات النووي الايراني مع الغرب
وأمريكا وهي صفقة مهمة جداً لتركيا في
طريق عزل نظام بشار عبر شراء محالفيه . 2-ورقة
الملف النووي الايراني . 3- ورقة
الدرع الصاروخي وملف القوقاز مع روسيا
. 4- ورقة
تحضير معارضة قوية سورية قادرة على
إدارة البلاد بعد رحيل بشار , وهذه
الورقة يشوبها حتى الآن الكثير من
المشاكل التي تحاول تركيا حلها مع
السعودية والجامعة العربية والمعارضة
السورية والاتحاد الأوربي وأمريكا
وروسيا . كيف ترى
تركيا الحل في سوريا ؟ هذا
السؤال طرحناه على مصدر مهم في مركز
أبحاث تابع لوزارة الخارجية التركية ,
حيث فصّل لنا وجهة النظر التركية في
هذا الموضوع : - مشكلة
الحكومة التركية مع المعارضة السورية
بما فيهم المجلس , أن الحكومة التركية
تطلب منهم واقعية سياسية وليس مجرد
آمال وأماني , فكثير في المعارضة
السورية يحسب أن إنهاء النظام السوري
هو بحاجة أيام وقرار في مجلس الأمن
بينما تعلم الحكومة التركية أن إنهاء
النظام السوري يحتاج وقتاً مناسباً
وتدخلاً أكثر من مجلس الأمن , كما أن
هناك تيارات كثيرة في المعارضة تعتبر
أن عملها السياسي فقط على إنهاء بشار
الأسد , بينما تريد تركيا والغرب
والعرب مشاريع أكثر من إنهاء بشار , لأن
هذه الدول تعتبر أن اصلاح ما أفسده
البعث في الاقتصاد والسياسة يحتاج
سنوات كثيرة والكثير من العمل الدؤوب
وهو ما لم تصل إليه الكثير من تيارات
المعارضة بعد . - كما أن
هناك مشكلة بين تركيا والأحزاب
الكردية في سوريا , فهي أحزاب مهمة
ولكنها لم تخرج بعد من عبارة حزب
العمال الكردستاني بسبب قواعده المهمة
في حلب , رغم أن لتركيا علاقات جيدة
جداً بأحزاب كردستان , لذلك تنتظر
تركيا نضوجاً في الأحزاب الكردية
السورية يبعدها عن مظلة حزب تركي كان
النظام السوري وراء تأسيسه ثم الغدر به
وتسليم زعيمه والآن يعملون على إعادة
استخدامهم لمشاريعهم في قمع الانتفاضة
السورية , رغم أن أردوغان صرح مراراً
لرؤساء عدد من الأحزاب الكردية في
كردستان أنه لازال ملتزماً بخارطة
الطرية الكردية التي ذكرها قبل
الاستفتاء الذي جرى في أيلول , ولم تكن
فخاً سياسياً من أجل تمرير الاستفتاء
لحزب العدالة كما يدعي حزب العمال
الكردستاني . - كما أن
هناك مشكلة كبيرة تواجه الاقتصاد
التركي بعد أن تخلى عن استثماراته في
سوريا وخسر الطريق الاستراتيجي الذي
كان يصله بعدد من الدول العربية عبر
سورية , وهي مشكلة ضاغطة الآن على
الحكومة التركية ويحاول معارضو
اردوغان استغلاله من أجل إحراج حزب
العدالة , لذلك سيكون الحل السوري
بالنسبة لتركيا مصحوباً بتعهدات عربية
وأوربية وخليجية بتعويض هذه الخسائر
في تركيا عبر عقود ومشاريع تظهر حزب
العدالة بمظهر الفائز اقتصادياً وليس
المغامر باقتصاد البلد وعسكرة الحدود
.. من أجل
هذه الأسباب المهمة ذكر لنا هذا المصدر
التركي المهم أن تركيا تنتظر نضج
الرؤية الكردية السورية وتفاهمها مع
باقي المعارضة السورية لانضاج مشروع
سوريا القادمة المبنية على حسن
العلاقة مع دول الجوار على مبدأ
المصالح وليس ؟؟؟؟؟ كما أن تركيا تنتظر
رؤية هزة اقتصادية خليجية غربية يعمل
عليها الآن داوود أوغلو , تمنع هزة
الاقتصاد التركي , وكذلك تسمح بدخول
إيران معهم كمستفيد وليس كحصة في
الخليج والمنطقة مما يعزل النظام
السوري تماماً .. لهذه
الأسباب الحل السوري في تركيا أكيد
لكنه بحاجة لمزيد من الوقت وربما
الكثير من الضحايا أيضاً كما ذكر لنا
هذا المصدر التركي المهم . ونضج
المعارضة السورية هو من يلعب دوراً
مهماً في تقليص الوقت والضحايا . ====================== العراق
من معركة التحرير إلى معركة الهوية العرب
القطرية 2012-04-17 د.
محمد عياش الكبيسي تمر هذه
الأيام الذكرى التاسعة لاحتلال
العراق، وهي الذكرى التاسعة أيضا
لانطلاق المقاومة العراقية، حيث انعدم
الفاصل الزمني أو يكاد، فكانت
المقاومة العراقية أسرع ردة فعل في
تاريخ المقاومات المعروفة، وربما يرجع
هذا لطبيعة النفسية العراقية التي لا
تحب الانتظار، ويسعدها حسم الأمور
بسرعة، وأخطر شيء يواجهها هو تعقيد
المسائل وتركيبها، وهذا طبعا على خلاف
النفسية الفارسية البارعة في حياكة
السجاد وحياكة الفلسفة المعقدة
والمواقف الغامضة. انطلقت
المقاومة العراقية كالبركان الثائر،
وتمكنت من شن أكثر من مائة عملية في
اليوم الواحد، هذا المعدل بقي على هذه
الوتيرة لمدة سنتين أو يزيد، وأهلنا في
فلسطين خاصة يعلمون بالضبط ماذا يعني
هذا الرقم. تكبّد
الأميركان خسائر لا تقدر بثمن، ليس في
العدة والعديد، بل تجاوزت هذا إلى كسر (الهيبة
التكنولوجية)، حيث لم تسلم آلياتهم
ودباباتهم الضخمة في أية مواجهة جادة
مع سلاح المقاومة الذي أثبت قدرة
استثنائية في التعامل مع أحدث ما توصلت
إليه المصانع العسكرية الغربية. تكبّد
الأميركان خسائر أخرى في نظامهم
الاقتصادي المتفوق، ومن المراقبين من
يعزو الأزمة الاقتصادية العالمية التي
بدأت بأميركا إلى تلك الخسائر التي مني
بها الأميركان في المستنقع العراقي. خسر
الأميركان شيئا أثمن من كل ما مضى وهو
مصداقيتهم الأخلاقية، فبعد أن أحرجتهم
المقاومة العراقية في الميدان كشفوا
عن وجههم الآخر باستخدام الفسفور
الأبيض مع أهالي الفلوجة، ووسائل
التعذيب البشعة في سجن أبي غريب سيء
الصيت. أحرق
الأميركان أيضا كل وعودهم في تصدير
الديمقراطية، حيث أسسوا نظاما
ثيوقراطيا لا مثيل له، نظاما يرتكز على
مرجعية صامتة لا ترى لها صورة ولا تسمع
منها صوتا، ومذكرات بريمر تصرّح بوضوح
أن الأميركان كانوا في كل صغيرة وكبيرة
على صلة تامة بهذه المرجعية، وقد نتج
عن هذا غلوٌّ طائفي لم تشهده المنطقة
من قبل، وكان لهذه التجربة أثرها في
إرباك وتأخير المشاريع الإصلاحية في
العالم العربي وفي إيران أيضا. لقد
نجحت المقاومة العراقية في حشر القوة
الغازية في الزاوية الضيقة، لكن
المشروع الأميركي الأوسع لم يكن
واضحا، وربما كان المراقبون يناقشون
عددا مفتوحا من الاحتمالات ليس من
بينها تسليم العراق لإيران بهذه
الصورة التي تمت، وهذا هو السؤال الذي
لم يزل بحاجة إلى جواب: ما الذي ربحه
الأميركان في العراق؟ وفي
الطرف المقابل هناك سؤال أكثر إلحاحا،
وهو: ما الذي ربحته المقاومة العراقية
في العراق؟ إذا
تجاوزنا الأهداف المعنوية وما تتضمنه
من الدفاع عن سمعة الأمة وكرامتها
ورفضها الاستسلام للغزو الأجنبي مهما
كان تفوقه العسكري، وهذه ثروة قيمية
عالية أهدتها المقاومة العراقية لكل
عربي ومسلم على أرجاء المعمورة، وهي
التي ستشكل عنوانا للفخر لكل الأجيال
القادمة، لكن إذا نظرنا بحسابات
الواقع –وبمعزل عن قيم المروءة والشرف–
فإن الطرف الوحيد الرابح في هذه
المعركة وبدون خسائر هو الطرف
الإيراني! إيران
لها مشروعها المختلف تماما، والذي
يمكن التعبير عنه بدقة أنه (عملية سطو
منظم على هوية العراق)، وهذا لا شك أخطر
نوع من أنواع الاستعمار، وهو أخطر حتى
من الاحتلال الصهيوني لفلسطين، حيث
غاية ما يهدف إليه الصهاينة الاستيلاء
على الأرض، أما هوية الإنسان
الفلسطيني فهي أبعد عنهم من المستحيل. في هذه
الأرض من أطراف الجزيرة العربية
وبادية الشام إلى بحر قزوين قامت دول
وحضارات موغلة في القدم، وقامت أيضا
حروب سجال لا حصر لها، وقد حفل «العهد
القديم» بروايات كورش «الفارسي»
ونبوخذ نصر «العراقي» كعناوين بارزة
لهذا التاريخ الحضاري والدموي في
الوقت ذاته، واستمر هذا السجال حتى
معركة «ذي قار» التي انتصر فيها العرب
على الفرس قبيل الفتح الإسلامي، وبعد
هذا الفتح تشكلت الهوية الجديدة
للعراق، والتي يمكن رسم ملامحها
الأساس في الآتي: 1- «القادسية»
الرمز والهوية والمعركة الفاصلة،
القادسية هي التي صنعت العراق الجديد،
وصاغت هويته العربية الإسلامية وإلى
اليوم، في القادسية انتصر العرب
المسلمون على الفرس المجوس، وللقادسية
رموزها الكبار: عمر بن الخطاب «الخليفة
ومصدر القرار»، سعد بن أبي وقاص «القيادة
العسكرية»، القعقاع بن عمرو التميمي «الدعم
والإسناد». 2- «البصرة»
والتي بناها عمر بن الخطاب بعد معركة
القادسية مباشرة، لتكون قاعدة متقدمة
للجند، ومركزا للعلم والتربية، ومنها
«عبادان» التي اختارها العبّاد
والزهاد من أهل البصرة مكانا للعبادة!
وفي البصرة رفات خيرة الصحابة كطلحة
والزبير. 3- «الكوفة»
والتي بناها عمر بن الخطاب أيضا، ثم
أصبحت عاصمة الخلافة الإسلامية، حيث
انتقل إليها علي بن أبي طالب واتخذها
عاصمته الجديدة، وفي هذا دلالات
عميقة، فالأرض التي فتحها عمر هي التي
اختارها علي لمشروعه، وهي الأرض التي
ضمت رفاته ورفات أولاده من بعده. هذا،
وقد نشأت في البصرة والكوفة المدرستان
العربيتان المعروفتان باسم هاتين
المدينتين وإلى اليوم. 4- «واسط»
والتي بناها الأمويون مركزا إداريا
متقدما يربط بين الكوفة والبصرة
والأحواز، وهي التي يطلق عليها
العراقيون اليوم «العمارة». 5- «بغداد»
عاصمة الخلافة العباسية، والتي بناها
أبو جعفر المنصور، ومنها انتقل العراق
إلى موقع الريادة على مستوى الأمة
والعالم. 6- «سامراء»
العاصمة العباسية الثانية، والتي
بناها المعتصم الذي ردد العالم اسمه في
(وامعتصماه) عنوانا للمروءة والنخوة
العربية الإسلامية. 7- «دار
الحكمة « و «النظامية» و «المستنصرية»
المدارس العراقية التي كانت مراكز
إشعاع في إنتاج المعرفة ونشرها
وترجمتها، والتي مثلت امتدادا أمينا
لمدرسة ابن مسعود وسعيد بن المسيب وأبي
حنيفة والشافعي والثوري وابن حنبل..
إلخ، والتي خرّجت المئات من المحدثين
والمفسرين والفقهاء والنحاة والأدباء
والأطباء.. إلخ. هذه
النماذج الإسلامية قد تآلفت وتلاحمت
مع تاريخ العراق ومعالمه العريقة في
بابل وأربيل والموصل مدينة النبي يونس
-عليه السلام- وقد ساعد على هذا التلاحم
أن الفتح الإسلامي لم يصطدم بالدولة
العراقية وإنما اصطدم بجيش كسرى الذي
كان محتلا للعراق. هذه هي
الهوية العراقية، وهذا هو العراق الذي
يصارع اليوم من أجل البقاء. أما
المشروع الإيراني فإنه يرى أنه لن
يتمكن من ابتلاع العراق إلا بمسخ هويته
بالكامل، بمعنى أن هذا التاريخ من يوم
القادسية وإلى اليوم يجب أن يمحى،
ومعنى هذا أن العراقيين أنفسهم
سيكونون شيئا آخر مختلفا تماما عما
عرفه الناس عنهم، وأنهم سيخجلون من
تاريخهم ومن كل ما قدموه للعالم! وهذا
ما وصل إليه الشيعة العرب في العراق
وغيره بالفعل، وقد سمع العالم تصريحات
النائب العراقي الشيعي بهاء الأعرجي: (مؤامرة
من عهد أبي بكر إلى أحمد حسن البكر)،
والحقيقة أنه لم يبق لهؤلاء من تأريخهم
العربي إلا واقعة الطف الأليمة، وهذه
الواقعة توظّف اليوم توظيفا سياسيا
يهدف إلى دفع الشيعة بعيدا عن عمقهم
العربي ليرتموا كليا في الحضن
الإيراني، بل ليكونوا جنودا للولي
الفقيه! وكم كنا نتمنى لو أخذ الشيعة من
هذه الواقعة شيئا من القيم الحسينية
الصادقة في مجاهدة الغزاة الطامعين،
وفي المقابل الحلم والرحمة والتواضع
مع المسلمين، ولقد رأينا كيف بايع
الحسن والحسين معاوية بن أبي سفيان
خليفة للمسلمين بعد كل تلك الدماء
والتضحيات. خطة
إيران هذه ليست جديدة، بل تكررت مرارا
عبر التاريخ، وإذا فقدت الأمة ذاكرتها
التاريخية فعليها ألا تنسى تلك
الحركات الشعوبية المتلونة، والتي
تحالفت في نهاية المطاف مع المغول
فسقطت بغداد سقوطها المروّع الأول تحت
أقدام هولاكو (انظر المقال الأسبق على
صحيفة العرب «المواقف العربية
والذاكرة التاريخية المنقسمة»)، كما
سقطت اليوم وبالأدوات ذاتها مع اختلاف
الأسماء والأشكال. إن
الفكرة المحورية التي تنتهجها
الاستراتيجية الإيرانية هي أن هذا
التاريخ كله كان متآمرا على «آل بيت
محمد»، وأن آل البيت لم يجدوا من
يناصرهم إلا إيران! وما على المسلمين
إلا أن يعتذروا عن تاريخهم كله،
وينتصروا لآل البيت ولكن خلف راية
الولي الفقيه! والحقيقة
الأكبر والأخطر أن إيران هنا لا تريد
اختطاف الهوية العراقية فحسب، بل هي
تعمل لاختطاف الإسلام كله لإعادة
تركيبه وصياغته بحيث يصلح كرافعة قوية
لبناء الحلم الإمبراطوري الفارسي. من هنا
تتضح بجلاء طبيعة الصراع الدائر اليوم
في العراق والمنطقة «إنها معركة
الهوية» أو «معركة الإسلام» وليست
قضية بترول أو كهرباء أو خدمات، وعليه
فمن الإسفاف تبسيط المشهد ووضعه تحت
عنوان «المنافسات الحزبية» أو «الأطماع
الشخصية»، أو أنها «خلافات مذهبية» في
فقه الصلاة أو فقه التاريخ. أما
الذين ما زالوا يرددون بأن المقاومة هي
الحل، وأن الانسحاب الأميركي خدعة،
فهؤلاء هم الهاربون من الواقع وتبعاته
الثقيلة، فالمقاومة أدّت ما عليها في
منازلة الجيش الأميركي حتى هزمته، ولم
يبق في العراق من هذا الجيش ما يمكن
استهدافه عسكريا، وإن هذه الشعارات
المرائية باسم المقاومة لم تعد تكلف
أصحابها ثمنا، ولم تعد دليلا على
الشجاعة ولا الوطنية، لكنها في الوقت
ذاته تجر الأمة بعيدا عن المعركة
الحقيقية التي ينبغي أن تخوضها الأمة
بكل إمكاناتها من أجل الحفاظ على
عقيدتها وهويتها وتاريخها، وربما
سيكون الدور الأكبر في هذه المعركة
للفكر العميق، والكلمة الشجاعة، وربما
يتطلب الأمر تضحيات جساما أكبر مما
نتصور، وإن جسد الأمة المخدّر آن له أن
ينتفض ليكتشف الحقيقة بعلم ووعي قبل أن
يجد نفسه خارج التاريخ وخارج
الجغرافيا أيضا. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |