ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
اجتماع باريس.. الخروج
دون نتائج حقيقية 2012-04-21 الوطن السعودية اجتماع مجموعة أصدقاء سورية في باريس خرج
دون نتيجة حقيقية رغم إعادة تأكيده على
المواقف وعلى الالتزام بدعم المبعوث
المشترك لسورية كوفي عنان، وخطته التي
وصفها الاجتماع بأنها الحل الأخير،
وهو وصف يدعو للاستغراب في ظل كون
الهدنة المفترضة طبقا لخطة عنان لم يتم
الالتزام بها إطلاقا، ولا تزال سورية
تشهد وقوع قتلى من المدنيين العزل
نتيجة استخدام النظام السوري لآلة
القتل والقمع العسكرية باستخدام
المعدات العسكرية الثقيلة والقصف
المدفعي ضد المدنيين. روسيا التي لا تزال الحليف الأكبر للنظام
السوري تقول إن الهدنة قائمة رغم وجود
بعض الانتهاكات لوقف إطلاق النار، وهو
تصريح مستفز للخارجية الروسية، وكأن
خرق الهدنة بحدود معينة أمر مقبول،
والسؤال: من الذي يملك تعيين مثل تلك
الحدود؟ الوضع السوري مأساوي ويتطلب
تحركا ودعوات جادة، ومن الواضح أن خطة
عنان فشلت، وأن النظام السوري لم ولن
يلتزم بها، وهذا ما يستدعي وقفة جادة
على الأرض وليس فقط من خلال الاجتماعات
والمواقف السياسية. تشديد الأمير سعود الفيصل في كلمته على
تسليح المعارضة يمثل الموقف الحقيقي
القادرعلى تحجيم النظام السوري، فأي
دعوة لا تقابلها إمكانية استخدام
السلاح مع النظام السوري لن تغير شيئا
على الأرض، فالأمير سعود شدد على أهمية
مساعدة السوريين في الدفاع عن أنفسهم
إذا كان المجتمع الدولي لا يملك القدرة
على الدفاع عنهم، وهذا الأمر الذي يمكن
القيام به من أجل معالجة الوضع في
سورية. خروج اجتماع أصدقاء سورية في باريس
بالتلويح بفرض عقوبات تحت الفصل
السابع من ميثاق الأمم المتحدة هو أمر
جيد، وإن كان لا يزال يدور في فلك
التصريحات والمواقف السياسية،
والمطلوب هو تحرك على الأرض، فمطالبة
الأمير سعود الفيصل بتسليح المعارضة
لا تختلف في جوهرها عن استخدام الفصل
السابع، والمطلوب هو أن تبدأ مجموعة
أصدقاء سورية باتخاذ خطوات جادة
للوقوف مع المملكة في مسألة مساعدة
السوريين للدفاع عن أنفسهم، وذلك
كخطوة أولى نحو معالجة الوضع في سورية،
والضغط على نظام الأسد الذي انتهك كل
الاتفاقيات والالتزامات حتى الآن. ================= مع الأحداث .. رسالةٌ
لأسماء الأسد بقلم/ بابكر عيسى: الراية 12-4-2012 خلال محاضرة في القانون الدولي بكلية
الحقوق في السبعينيات حول الجدل
الدائر دار نقاش حول أحقيّة المرأة في
التصويت والترشّح لكافة المناصب سواء
في المنظمات الدولية أو الإقليمية
والمواقع القيادية داخل بلادها، وتأتي
أهمية استحقاق المرأة لهذا الامتياز
كونها منحازةً بالفطرة وبالضرورة ضدّ
الحروب بكافة أشكالها، وباعتبار أن
وقود تلك الحروب هو أبوها أو زوجها أو
أخوها أو ابنها، فهي المتضرّرة الأولى
بصورة شخصية جدًا من الحرب ومن الويلات
التي تنجم عنها، ومن اللوعة والحزن
والأسى الذي تتسبّب فيه، فالحرب تُمثل
القسوة والبربرية والعنف الذي لا
يتناسب مع رقة المرأة وعذوبتها
ونفورها الطبيعي من رؤية الدماء
ومشاهدة الفظائع والجرائم. عندما صوّتت الأمم المتحدة في منتصف
القرن الذي مضى بإعطاء المرأة هذا الحق
في التصويت والانتخاب وفي تولي
المناصب القيادية فرح العالم بهذه
النتيجة، وعبر المسيرة الأممية وتجارب
الشعوب لم يتحقّق المطلوب فأشعلت
العديد من النساء الحروب وساهمن في زرع
الكراهية والبغضاء، والتاريخ مملوء
بأسماء هؤلاء النساء في آسيا وفي الشرق
الأوسط على وجه التحديد، وكان
لإفريقيا حظ مماثل، ولم تقف رقة المرأة
ولا نعومتها ضدّ القتل والكراهية، ولم
يتحقّق الهدف المنشود من المسعى
الأممي. طفحت هذه الواقعة على جدار الذاكرة وأنا
أُطالع الرسالة التي بعثت بها زوجات
سفراء ونجوم سينما إلى السيدة الأولى
في سوريا أسماء الأسد يدعونها إلى
اتخاذ موقف من أجل السلام في بلادها
وضد القمع الدامي الذي يقف زوجها
الرئيس السوري بشار الأسد خلفه. شريط الفيديو الذي تضمّن الرسالة والذي
أُعدّ بمهارة وشاهده أكثر من عشرات
الآلاف عبر موقع يوتيوب تتوالى فيه صور
زوجة الرئيس الأنيقة مقابل صور أطفال
قُتلوا في الانتفاضة السورية
المستمرّة منذ 13 شهرًا، وتقول الرواية:
"بعض النساء يولين اهتمامهن
بالأناقة والبعض الآخر يولين الاهتمام
بشعبهن".. والمعروف عن أسماء البالغة
من العمر 36 عامًا اهتمامها بالموضة
ومتابعتها لأرقى مُصممي الأزياء
الباريسيين. ويقول الفيديو الذي أُعدّ بمبادرة من
زوجتي السفيرين البريطاني والألماني
في الأمم المتحدة "إنّ بعض النساء
يناضلن من أجل صورتهن والبعض الآخر
يناضلن للبقاء، أوقفي زوجك ومؤيديه،
توقفي عن الوقوف جانبًا، لا أحد يهتم
بصورتك، بل نهتم بتحركاتك".. وقالت
زوجة السفير الألماني: "نريد من
النساء حول العالم أن يُوجهن رسالة
واضحة إلى أسماء الأسد بضرورة وقف سفك
الدماء"، وأضافت: "عبر هذه
الرسالة نريد منها أن تكون قدوة حسنة
وترفع صوتها". في تقديري أنّ هذه مبادرة ذكية أخذت حقّها
في الانتشار ولابدّ أنها بلغت مسامع
أسماء الأسد، لا أحد يدري هل ستُعيد
النظر في صور الأطفال السوريين الذين
قُتلوا بدم بارد على أيدي الشبيّحة
وفلول نظام زوجها الدمويين في كل المدن
والبلدات السورية أم ستتابع اهتمامها
بمجلات الموضة دون أن تكترث وكأن هؤلاء
الأطفال ليسوا أطفالها، والفظائع التي
تُرتكب ليست في وطنها وعليها أن تهمس
في أذن زوجها وبكل الصدق والمحبة: "أنه
آن أوان الرحيل، وأنّ سوريا الوطن أغلى
من شهوة السلطة والمجد الزائف". ================= يوسف الكويليت الرياض 21-4-2012 أفضل المتفائلين
بالأوضاع العربية، لا يجزم برؤية
المستقبل، كيف سيكون؟ نظام ديموقراطي،
أم ديني يعطي بعض المؤشرات
للديموقراطية، أم تعددي تتساوى فيه
الفرص، أم عسكري يعيد سيرة تعطيل الحكم
المدني، كما جرى في تركيا، وباكستان
والجزائر؟.. الأمن بدول الربيع صار هماً وطنياً،
فالأجهزة القديمة التي سرح ضباطها
وبعض جنودها، ودوائر المباحث
والاستخبارات التي نالها التغيير، لم
تعوضها السلطات الجديدة ببديل قادر
على حفظ الأمن، وما جرى يشبه تسريح
الجيش العراقي بعد الاحتلال الأمريكي،
والذي خلق فراغاً هائلاً اشغلته «مليشيات»
الطوائف، والقاعدة لإغراقه بالدماء
والخراب.. وعدا مصر فجيوش هذه الدول منقسمة على
بعضها، فريق مؤيد للسلطات الماضية،
وأخرى مع النظام الجديد، لكن بشروط
وامتيازات تمنحهم الأفضلية والاقتصاد
في أدنى مستوياته، خاصة التي تعتمد على
تصدير منتجاتها الزراعية واستقبال
وفود السياح، والصناعة العربية عدا «البتروكيماويات»
ليس لها تأثير كبير على الاقتصاد لأنها
غير منافس للصين والهند، وحتى الدول
ذات التقاليد الصناعية الكبرى.. الوضع السياسي منقسم، سقوط أحزاب ونشوء
أخرى، لكن بولاءات مختلفة، بعضها يدخل
في تحالفات مع دول إقليمية، وتريد
استبعاد كل من يعارضها ولا ترى في
أصحاب الأديان والعقائد، إلاّ أقليات
معرض حقوقها للانكار، والحكومات
الجديدة تواجه ضغطاً ملحاً لتأمين
الاحتياجات الأساسية، وآخر خارجياً
يريد ان يقدم معونات باشتراطات جديدة،
والحلقات تضيق على صانعي القرار، لأن
الاجماع على حلول توافقية ليست
موجودة، وهذا الفراغ الكبير حوّل
مواسم الربيع إلى خريف قد تسقط آخر
ورقة منه، وتنكشف الأحوال!! صحيح ان حالات التغيير، والمصاحبة
للثورات تسقط المفاهيم والأدوار
القديمة، وتواجه مشاكل وجود، وتحديد
هويات وأنظمة ويلحقها عجز تام في
المشاريع والأمن، وهي مرحلة عدم
استقرار، لكنها غير مخيفة أو مقلقة لكن
في الحالة العربية برزت صور سلبية
فتاوى لا تراعي الفروق وموازين القوى،
وفصائل قبلية ومذهبية وعرقية تريد
الاستئثار بالكتلة والتهامها
وبرلمانات وحكومات مؤقتة لا تدري كيف
تضبط الايقاع وفي حالة تيهها لا تعلم
ماهي الأولويات للأمن، للغذاء، لتفاقم
العجز المالي وخلو صناديقها المالية
من الاحتياطيات، ومواجهة معارضة
تتهمها بالتقصير؟ الحالة الضبابية لم تنقشع من هذه الدول،
والمنفذ خارج الحسابات، ومالم يوجد
رابط بين القوى المختلفة، والاتجاه
إلى تشكيل حكومات عمل وتسيير للمرحلة
الراهنة، فالأمور تتجه للتأزيم،
والمستقبل غير الواضح..! ================= تصورات متداولة.. رحيل
الأسد مقابل بقاء حكم الطائفة
العلوية! صالح القلاب 20 نيسان 2012 القدس الألاعيب ذاتها
والمناورات نفسها، إذ إن ما حصل مع
المراقبين العرب ها هو يتكرر مع طليعة
المراقبين الدوليين الذين استقبلوا –
وهم في طريقهم إلى دمشق - بتكثيف القصف
على مدينة حمص وإشعال بؤر التوتر
جميعها ومواصلة عزف مقطوعة المجموعات
الإرهابية إياها والقول إن القوات
السورية الباسلة!! سوف تمنع هذه
المجموعات من الاستمرار باعتداءاتها،
ومع كل هذا فقد أظهر الجيش الحر
التزاما شديدا بوقف إطلاق النار
المتفق عليه بموجب بنود خطة كوفي عنان
رغم استمرار جيش النظام وشبيحته
بعملياتهم العسكرية السابقة ولكن
بوتيرة عالية. في اليوم الذي وصلت فيه طليعة المراقبين
الدوليين إلى العاصمة السورية، أي
مساء يوم الأحد الماضي، سقط 28 قتيلا من
أبناء الشعب السوري، غالبيتهم في حمص
وفي درعا، وكذلك وكبداية لإغراق مهمة
كوفي عنان في التفصيلات الثانوية، فقد
بادر الناطقون الرسميون باسم نظام
بشار الأسد إلى قول ما كانوا قالوه في
بداية مهمة المراقبين العرب، وهو أن
سوريا لا تضمن سلامة هؤلاء المراقبين
الدوليين، وأنها تريد معرفة مسبقة
بالدول التي ينتمون إليها، وأنها لن
تسمح لهم بالانتقال من مكان إلى مكان
آخر وزيارة أي موقع من دون التنسيق مع
الجهات السورية الأمنية المعنية. وهكذا، فإن ما استقبل به نظام بشار طليعة
المراقبين الدوليين من تأكيدات على
عدم وقف العمليات العسكرية مع من
يسميهم «المجموعات الإرهابية المسلحة»
وعلى عدم ضمان سلامة هؤلاء المراقبين
والإصرار على المعرفة المسبقة بأسماء
الدول التي ينتمون إليها، يدل على أن
هذا النظام مستمر في ألاعيبه
ومناوراته السابقة، وأنه عازم على
إفشال هذه المبادرة الدولية، كما كان
أفشل المبادرة العربية، وأنه مصر على
المضي بالحلول الأمنية والعسكرية حتى
النهاية. ثم وفي هذا السياق ذاته، فإن المؤكد أن
روسيا تنصب ومنذ الآن «كمينا»
للاجتماع الدولي، الذي تقرر عقده في
الأسبوع المقبل لإصدار قرار جديد
بإرسال ما تبقى من المراقبين بحيث يصبح
العدد الكلي 250 مراقبا، وبحيث تثار
مهمة هؤلاء المراقبين مرة أخرى، وكذلك
الأمر بالنسبة لجنسياتهم ولضمان
سلامتهم وضرورة تنسيقهم المسبق مع
الأجهزة الأمنية المعنية بخصوص تنقلهم
في الأراضي والمناطق السورية. وكل هذا، واستنادا إلى كل هذه الحجج
واعتمادا على المناورات والألاعيب
التي أفشلت وأجهضت المبادرة العربية
قبل أن تحقق ولو خطوة واحدة، فإنه غير
متوقع وعلى الإطلاق أن يلتزم نظام بشار
الأسد حتى بالبند الأول من خطة كوفي
أنان، الذي ينص على وقف فوري لإطلاق
النار وسحب القوات النظامية إلى
معسكراتها التي كانت ترابط فيها قبل
انفجار هذه في (آذار) من العام الماضي،
والمعروف أن هذا البند كان يجب أن يتم
تنفيذه في العاشر من هذا الشهر وقد
مددت هذه المهلة لإعطاء فرصة لحسن
النيات حتى الثاني عشر منه، لكن أي شيء
لم يحصل، والمؤكد أن أي شيء بالنسبة
لهذا الأمر لن يحصل، لأن هذا النظام
كان قد اتخذ قرارا منذ البدايات
باستبعاد أي حل سلمي لا يحقق له عودة
الأمور إلى ما كانت عليه قبل بداية هذه
الانتفاضة الشعبية. وهنا فإن ما يشير إلى أن مصيرا كمصير
المبادرة العربية ينتظر مهمة المبعوث
العربي الدولي كوفي عنان هو أن كل
مندوبي الدول الدائمة العضوية في مجلس
الأمن، باستثناء مندوبي روسيا والصين،
قد أعربوا عن اعتقاد يصل إلى حدود
اليقين بأن النظام السوري سيفشل هذه
المهمة، وأنه مصر على المضي بقتل شعبه
حتى النهاية، وأنه لا يريد إصلاحا ولا
تغييرا، وأنه سيواصل مناوراته
وألاعيبه بالطرق السابقة ذاتها،
مبتدئا كل هذا بإدخال مهمة المراقبين
في دوامة لا نهاية لها من التفصيلات
والاشتراطات لتكون نهايتها كنهاية
مهمة المراقبين العرب البائسة
المعروفة. وإزاء هذا كله، فإن ما يجمع عليه بعض
الذين لهم إطلالة قريبة على الأوضاع في
سوريا هو أن هذه الأزمة التي باتت أزمة
دولية وإقليمية ستبقى مفتوحة على شتى
الاحتمالات، وإن من بين هذه
الاحتمالات إما أن تتحرك تركيا بعد
توفير غطاء عربي بالإمكانات المتاحة
والمتوفرة لإنشاء المنطقة المحمية
التي يجري الحديث عنها ولتحويل الجيش
الحر إلى قوة عسكرية فاعلة هذا إذا
توفرت إمكانية اللجوء إلى عمل عسكري
جراحي من قبل حلف شمالي الأطلسي على
اعتبار أن الدولة التركية التي تم
الاعتداء على أراضيها من قبل جيش
النظام السوري مرات عدة عضو فيه. وهنا وقد وصلت الأمور إلى كل هذا الحجم من
التعقيدات إقليميا ودوليا وفي سوريا
نفسها فإن بعضا من كبار المسؤولين
العرب السابقين الذين كانت تربطهم
علاقات عمل وأيضا علاقات صداقة مع
الرئيس السوري السابق حافظ الأسد
وكبار مساعديه، والذين بحكم هذه
العلاقات لهم معرفة واسعة وبأدق
التفاصيل بالشؤون الداخلية السورية لا
يستبعدون أن يتقدم الآن خيار الانقلاب
العسكري الإنقاذي الذي بقي متوقعا
ومطروحا منذ بداية انفجار هذه الأزمة.
ويقول هؤلاء إن كل هذه المماطلات التي
تواجه بها خطة كوفي عنان تدل على أن
الأمور باتت تفلت ولأول مرة من يد بشار
الأسد، وأن القرار لم يعد قراره، وأن
هناك من بين كبار جنرالات جيشه من
باتوا ليس يفكرون فقط، بل ويعملون على
التضحية به لضمان أن يبقى الحكم في يد
الطائفة العلوية، وهذا ما كان أشار
إليه رفعت الأسد، عم الرئيس الحالي،
والذي يعيش في المنافي الأوروبية منذ
عام 1984، في الآونة الأخيرة أكثر من مرة. وحول ما كان من الممكن أن يكون صاحب الحظ
الأوفر من بين كبار الجنرالات
العلويين في حال الاتفاق نهائيا على
التضحية بالرئيس السوري الحالي لقاء
بقاء حكم الطائفة العلوية، قال مسؤول
عربي سابق إنه سأل الجنرال مصطفى طلاس
الذي كان وزيرا للدفاع عما حصل بعد
وفاة الأسد الأب كي يتم تعديل الدستور
السوري خلال دقائق والمجيء ببشار
الأسد وعمره 34 عاما رئيسا لدولة عربية
محورية وأساسية كسوريا، وذلك مع أنه لم
يخضع للتهيئة التي خضع لها شقيقه باسل
الذي توفي في حادث سيارة على طريق مطار
دمشق الدولي كما هو معروف. ووفقا لهذا المسؤول العربي السابق
الكبير، فإن رد مصطفى طلاس على سؤاله
كان بأن أشار إلى أنه استدعي على عجل،
وأنه ذهب مسرعا إلى القصر الجمهوري
ليفاجأ بأن حافظ الأسد الذي بقي يعاني
من مرض عضال لسنوات طويلة قد توفي، وأن
الجنرالات العلويين من قادة الفرق
العسكرية كانوا يملأون ردهات القصر،
وأن كل واحد منهم يطرح نفسه على أنه
البديل الأحق للرئيس الراحل، ولذلك
وتلافيا للصدام والاحتكام إلى
الثكنات، فقد تم الاتفاق على
الاستنجاد ب«المجلس الملي» للطائفة
العلوية الذي أشار إلى ضرورة اختيار
بشار الأسد لأنه الأضعف من بين كل
المرشحين والذين يرشحون أنفسهم لموقع
رئاسة الجمهورية، وكذلك لأنه خلافا
لما حصل لاحقا لا يشكل خطرا على تطلعات
وطموحات أي من هؤلاء!! والآن وإذا كانت هناك محاولات بالفعل
للتضحية بالرئيس بشار الأسد من أجل
ضمان عدم خروج الحكم من يد الطائفة
العلوية، كما أشار إلى هذا رفعت الأسد
وبصراحة أكثر من مرة في الآونة
الأخيرة، فإن السؤال الذي يجب ترك
الإجابة عنه للأيام المقبلة التي قد
تكون غير بعيدة هو: من سيكون يا ترى
الرقم الثانوي والضعيف الذي سيرسو
عليه الخيار هذه المرة من بين كبار
الجنرالات العلويين؟ ثم وهل إن مثل هذا
الحل المستغرب سيكون بموافقة عربية
ودولية وبموافقة إيران وروسيا
الاتحادية؟! ================= حسين العودات التاريخ: 21 أبريل 2012 البيان اعتقلت السلطة منذ الأسابيع الأولى
للانتفاضة السورية، وقبل أن يشتد
عودها، وتتجذر مطالبها، الصف الأول من
قادتها في مختلف المحافظات، وهكذا
حُرمت الثورة من الصف الأول من قادتها.
وبعد اشتداد الانتفاضة والحراك
الشعبي، قامت السلطة من جديد باعتقال
القادة من الصف الثاني أو أبقتهم في
السجن حتى الآن، وحرمت الحراك الشعبي
أيضاً من الصف الثاني من قيادته، وكان
قد مضى على الثورة بضعة أشهر، فبدأت
فصائل المعارضة السياسية بتأسيس نفسها
وقيام تكتلاتها واتحاداتها، وتأسست
هيئة التنسيق الوطني في الداخل،
والمجلس الوطني السوري في الخارج،
وتصدى كل منهما لقيادة الحراك الشعبي
بطريقته. ولذلك اعتمد الحراك الشعبي على مبادرات
المعارضة واعتبرها قيادته، ولم يفرز
قيادة جديدة بعد تصفية الصفين الأول
والثاني من قياداته السابقة، على أمل
أن تقوده منظمات المعارضة السياسية
إلى الخلاص وتحقيق الأهداف. وأخذ هذا
الحراك ينتظر أن تلعب قيادات المعارضة
السياسية دوراً قيادياً حقيقياً، وأن
تضع برنامجاً واضحاً لهذا الحراك
وتقرر أسلوباً ناجعاً لنضاله. لكن واقع الحال كان غير ذلك، فالمعارضة
الداخلية (هيئة التنسيق) والمؤلفة من
أكثر من عشرة أحزاب يسارية وقومية،
كانت جميعها تعمل تحت الأرض وبشكل سري
خلال أربعة عقود، وهي تحمل على كاهلها
تقاليد النضال السابق وأساليبه
وأهدافه، ولم تستطع أن تقيم علاقات
جدية وواسعة ونوعية مع تنسيقيات
الثورة أو تلتقط عقل الثوار
وأساليبهم، أو تحدّث أهدافها
وأساليبها في ضوء الظروف القائمة. وبقيت تنظيماً تقليدياً بطيء الحركة
تفصله عن الحراك الشعبي هوة تضيق وتتسع
حسب الحالات. أما المجلس الوطني السوري
(معارضة الخارج) فمشكلته أكثر تعقيداً،
ذلك أن تنظيمين من تنظيماته فقط (الإخوان
المسلمون وحزب الشعب) لهما تجارب
نضالية وتاريخ نضالي، أما بقية أعضائه
فهم إما هواة سياسة أو أصدقاء مواقف
عربية وأجنبية أخرى. بالإضافة لبعض الليبراليين السوريين
الذين يعيشون في الخارج. والسمة العامة
لأعضاء المجلس هي أن أغلبهم يعيش في
الخارج (وبعضهم ولد فيه) ولا يعرف بدقة
ظروف الداخل وتطوراته، وفي الحالات
كلها لم يستطع المجلس الوطني استيعاب
مجريات الأحداث السورية ووضع برنامج
مناسب لها أو ملامح أساليب عمل جديدة،
واستسهل بعض أعضائه اللجوء إلى حل سريع
للأزمة السورية وهو طلب التدخل
الأجنبي حتى لو كان عسكرياً، ورفض
باستمرار وحدة المعارضة السورية
الداخلية والخارجية وذلك بسبب الضغوط
الواقعة عليه من قبل جهات غير سورية. ولأن أي وحدة (لو تحققت) ستضعف التيار
الإسلامي لحساب التيارات القومية
واليسارية الداخلية، وأخيراً بسبب أن
القوى الخارجية أمنت له وسائل الإعلام
والدعاية والدعم السياسي العربي
والدولي، مما أصابه بالغرور، وأخذ
يزعم أنه الممثل الشرعي الوحيد للشعب
السوري، وراهن على التدخل الخارجي
مفترضاً أنه (أي التدخل )غب الطلب،
وسيسقط النظام وسيكلفه هو بحكم سورية. وتبنى بدون تبصر الشعارات التي يطرحها
الشارع، ومعلوم أن الظلم الذي يواجهه
الشارع والقتل والاعتقال والتعذيب
وحرق البيوت وانتهاك الحرمات جعله
يطرح شعارات متطرفة جداً، تصلح لأن
تكون برنامجاً سياسياً متكاملاً.
وهكذا لم تعوض المعارضة الداخلية
والخارجية عن فقدان الحراك الشعبي
الصفين الأول والثاني من قيادته. وإن صح هذا السرد يصح الزعم أن الحراك
الشعبي السوري، ينشط بدون برنامج ولا
أسلوب عمل ولا قيادة، وأن قيادات
المعارضة القائمة الآن خدعته عندما
أوحت إليه أن النظام على أبواب السقوط
حتى لو كان بواسطة الغزو الأجنبي، كما
أدت سياستها بشكل غير مباشر لمنعه من
إفراز قيادة أو قيادات جديدة، أو البحث
عن برامج شاملة وكاملة من شأنها إحداث
تصدع في النظام، ولم تُخلق بذلك الوحدة
المطلوبة والتلاحم المطلوب بين الحراك
الشعبي وبين قيادات المعارضة
التقليدية وشبه التقليدية، بل سببت
لها الإحباط والخيبة وبقيت العفوية
والشعور الوطني الفياض، وعدم قبول
الظلم هي العوامل المحركة للثورة وذات
الفعالية العالية في حراكها. تكاد الأزمة السورية الآن أن تكون
مستعصية، فالسلطات ترفض التنازل عن أي
شيء مما استولت عليه، من السلطة
والثروة، وأصدرت قوانين اعتبرتها
إصلاحية، وهي لا رائحة للإصلاح فيها، و
تنم عن عدم وعي واضعيها بمعاني الدستور
والأحزاب والحريات والدولة والحكومة
والعلاقة بينها، وبدور مؤسسات المجتمع
المدني، وباستحالة غض النظر عن فصل
السلطات في هذا العصر، وضرورة طي صفحة
الاستبداد وجمع السلطات في يد واحدة،
وقد يكون واضعو هذه القوانين يسعون لأن
ينصبون أنفسهم أوصياء على الشعب
والنظام السياسي وعلى السلطة الحاكمة
أيضاً. كما يسيطر على أذهانهم وهمُ إمكانية
القضاء على الحراك الشعبي وعلى الثورة
بالحل الأمني، والعسف، والقصف،
والاعتقال والتعذيب وهكذا، ومن خلال
تجربة السنة التي مرت، تزيد هذه
الممارسات اشتعال الثورة، وتؤسس لفراق
وطلاق بائن بين الشعب والسلطة
السياسية. ================= هل يخفض العنفَ ويزيد
القيودَ على قوات النظام؟ .. مخطط
عنان... أمام مناورات الأسد! جورج لوبيز أستاذ بجامعة نوتردام
الأميركية، وعضو سابق في لجنة أممية
للعقوبات ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان
ساينس مونيتور» تاريخ النشر: السبت 21 أبريل 2012 الاتحاد يمثل القرار الذي أصدره مجلس الأمن
الدولي بالإجماع، والقاضي بإرسال
مراقبين دوليين إلى سوريا في إطار مخطط
كوفي عنان للسلام، خطوةً إيجابية إلى
الأمام. كما يُظهر وصول المراقبين
الستة الأوائل يوم الاثنين جدية عدة
دول في إنهاء أعمال القتل في سوريا. غير
أنه من أجل خلق هذه الإمكانية، أُضطر
المجلس على نحو غير مفاجئ للانخراط في
اتصالات دبلوماسية مع الأسد واصل
خلالها هذا الأخير فرض معظم شروطه، على
المدى القصير على الأقل. والواقع أن أي خطوة تروم الحد من أعمال
قتل السوريين أو إنهائها هي مرحب بها،
لكن على المرء ألا يكون ساذجاً ويظن أن
المراقبين -حتى وإن سُمح لهم بالدخول
إلى سوريا بكامل عددهم البالغ 250
مراقباً- يمثلون نصراً للأجانب الذين
يحاولون كبح الأسد أو تنحيته. فمن خلال
سماحه بقدوم المراقبين الأمميين، يقبل
الأسد ما يبدو للوهلة الأولى تنازلاً
أو حتى انتكاسة سياسية، غير أن الأسد
يعتقد أن هذه الخطوة تجعله أساسياً ولا
غنى عنه لمستقبل سوريا وتزيد من فرص
بقائه شخصياً وسياسياً. وقد شرع الرئيس
السوري منذ بعض الوقت في استغلال هذا
التطور والتلاعب به من أجل جعل نفسه
مركزياً ومهماً أكثر للعملية السياسية
السورية المقبلة، علماً بأنه كلما
راكم مزيداً من الوقت والخيارات، زادت
فرص بقائه. فهو يستطيع الاعتراض على
مراقبين معينين يعتقد أن جنسيتهم تثير
شكوكاً بشأن حيادهم في فريق المراقبة
الأممي. كما أن لديه تأثير كبير على
تحديد وجهة المراقبين، والوقت المحدد
لذلك. وفي الوقت الراهن على الأقل،
فإنه وحده يستطيع تحديد ما إن كانت أي
مفاوضات مع أي من قوى المعارضة ستحدث. ثم إن تكثيف الأسد لقصف مناطق لمدن قبل
قدوم المراقبين ولَّد شكوكاً
وانتقادات لهذا الجهد الأممي باعتباره
غير ذي أهمية في ظل الظروف الحالية. كما
أن رعاة الأسد الروس لم يسمحوا سوى
بتحرك محدود لمجلس الأمن الدولي، حيث
عمدت الدول الغربية إلى تخفيف كل مطلب
مهم موجه للأسد من أجل تأمين موافقة
الروس. بيد أن وجود المراقبين ليس عديم الجدوى.
ذلك أن عمل المراقبين التوثيقي وغيره،
لاسيما في ما يخص مطالبة كل الأطراف
المتناحرة بإنهاء أعمال معينة، يمكن
أن يؤدي إلى خفض أعمال القتل.
وبالتالي، فالمراقبون يوفرون صدعاً
أولاً صغيراً فيما كان في الماضي باباً
مغلقاً للقمع السوري. غير أن التحدي
اليوم هو كيف يستطيع عنان وحلفاؤه
استغلال هذا الصدع من أجل خفض أعمال
العنف، وإدانة انتهاكات وقف إطلاق
النار، وزيادة القيود على قوات الأسد.
للمساعدة على هذا الأمر، يتعين على
الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها أن
تدفع الأسد إلى الاستجابة لكل طلب
والضغط عليه من أجل التعاون مع كل نقطة
في مخطط عنان. كما يتعين على
دبلوماسيين آخرين أن يحذوا حذو
السفيرة الأميركية سوزان رايس التي
فضحت كل انتهاك من قبل الأسد
لالتزاماته الإنسانية. وفي هذا الإطار، فإن التقرير الأخير
الشجاع لفريق منظمة هيومان رايتس ووتش
الذي وثق العشرات من عمليات الإعدام
بدون محاكمة في سوريا خلال مارس
الماضي، ينبغي أن ينشر على نطاق دولي
واسع. كما يجب أن تصدر دعوة عالمية إلى
المحكمة الجنائية الدولية حتى تقوم
بتوجيه التهم رسمياً لقادة الشرطة
والجيش الذين يتزعمون عمليات قتل مثل
هذه. هذا في حين سيتعين على مبادرات
أخرى أن تغتنم الحقائق الموجودة منذ
بعض الوقت من أجل إضعاف تكتيكات الأسد. وعلى سبيل المثال، فإن وجود مراقبين
أمميين قد يعيد إيقاظ الجامعة العربية
ويقويها من جديد حتى تضيق الفضاء
العسكري والسياسي المتاح للأسد. بل إن
وقفاً جزئياً لإطلاق النار قد يسمح
لعدد أكبر من موظفي القوات المسلحة
السورية بمغادرتها أو الانشقاق عنها
مقارنة مع عدد من استطاعوا القيام بذلك
تحت ظروف تواصل القتال الحالية. الاحتجاجات التي عمت عدداً من المدن
السورية عقب صلاة الجمعة الأسبوع
الماضي تُظهر للأسد بلا شك كلفة وقف
إطلاق النار من قبل قواته حتى ولو كان
وقفاً محدوداً. فرغم انتصاراته
القمعية، فإن الشعب لا يخاف من العودة
إلى الشوارع بأعداد هامة. ومما لا شك
فيه أن أعدادهم ستزيد وأن أعمالهم
ستزداد جرأة كل يوم جمعة وفي كل جنازة.
لذلك، فعلى المراقبين وعنان أن يضمنوا
حق المحتجين السلميين كمرتكز للحوار
السياسي مع المعارضة. كما يتعين على عنان والولايات المتحدة
والآخرين أن يستمروا في الحوار مع
الروس. ذلك أنه رغم الدعم الشفهي
للأسد، فإن ثمة بعض المؤشرات على أن
صبر الروس معه بدأ ينفد. فالأسد يعتقد
بفائدة ادعائه بأنه يحارب الإرهابيين
وبأن بقاءه فقط يوفر الأمل في
المستقبل؛ لكن روسيا تخشى مثل هذه
الفوضى وتداعياتها الإقليمية، وهو ما
قد يجعلها منفتحة على استراتيجيات
مختلفة مع سوريا. ثم إنه إذا كان الأسد قد واجه كل خطوة إلى
الأمام اتخذها الأجانب من أجل إنهاء
العنف في سوريا حتى الآن، فإن إفراطه
في الثقة وحساباته الخاطئة سيهزمانه
في الأخير، مثلما هزما قادة آخرين من
قبله، علماً بأن الأجانب يستطيعون
تسريع هذه النهاية عبر سد كل فضاء صغير
قد يحاول الأسد استغلاله والمناورة
فيه. وفي الوقت الراهن، قد يستطيع
الأسد تجنب قيود مراقبي السلام
الأمميين، غير أنه مع مزيد من التحرك
الدولي المركز والمبتكر لدعم
المراقبين ومخطط عنان، فإنه لن يستطيع
القيام بذلك على المديين المتوسط
والطويل. ================= تساؤلات حول الموقف
الأميركي من الثورة السورية علي العبدالله() المستقبل 21-4-2012 بين القول بأن على الاسد التنحي، والقبول
بخطة المبعوث الدولي العربي، واعتبار
الحوار بين النظام وجميع اطياف
المعارضة الذي ورد في الخطة، للاتفاق
على حل سياسي، مخرجاً من الانزلاق الى
حرب اهلية، فجوة واسعة. فما الذي يحكم
الموقف الاميركي من الثورة السورية
وما هو خيار واشنطن السوري؟. في البداية يجب ان نقر ان محددات السياسة
الأميركية في منطقتنا هي: النفط،
وتدفقه بسلاسة ودون عراقيل، وباسعار
مقبولة، وأمن إسرائيل. وان كلا الهدفين
محقق بوجود النظام السوري. غير أن هذا
النظام ارتكب، من وجهة نظر أميركا،
خطيئة التحالف مع إيران، ومع حركات
إرهابية- بالنسبة لقضية الإرهاب لدى
أميركا تصنيف يشتمل على أصناف: جماعات
إرهابية، ودول ترعى الإرهاب، ودول
تتبنى عقيدة تولد الإرهاب، وقد وضعت
سوريا أيام بوش الابن في خانة دولة
ترعى الإرهاب وتتبنى عقيدة تولد
الإرهاب - وقد قام رئيس النظام الحالي،
في إطار العلاقة مع إيران، بنقلة
إضافية جعلت سوريا تابعة لإيران،
حولها إلى ورقة إيرانية في الحسابات
الإقليمية والدولية. على هذه الخلفية يمكن تحديد الأهداف التي
تسعى أميركا لتحقيقها من تعاطيها مع
الملف السوري: إعادة سوريا إلى موقعها
في الدائرة العربية، وفي موقع قريب من
الدول التي توصف بالاعتدال، والهدف
تطويق إيران والحد من طموحها
الإقليمي، وحشر حزب الله ودفعه للتحول
إلى حزب سياسي لبناني. وهذا قد يتحقق
دون اسقاط النظام، حيث يمكن تحقيقه
بإضعافه، ودفعه لقبول صفقة تخرجه من
موقعه الحالي إلى الموقع المطلوب، مع
إجراء تعديل على بنيته السياسية:
تعددية شكلية أو مسيطر عليها. فإسقاط
النظام ليس مطروحا على جدول اعمال
اميركا إلا اذا رفض النظام الصفقة
وتمسك بعلاقاته الايرانية. اما العوامل التي تحكم الموقف الاميركي
الراهن فيمكن تحديدها بالمصالح
القريبة والبعيدة. ففي المصالح
مستويات آنية قريبة وأخرى بعيدة، مع
ملاحظة تداخلها وترابطها بحيث لا يمكن
الفصل بينها. في المستوى الأول القريب -
هناك نظام معروف بالنسبة لواشنطن، فقد
سبق وتعاملت معه، ولعب ادواراً مفيدة،
وقدم خدمات كبيرة مثل ضرب منظمة
التحرير الفلسطينية وتدمير المشروع
الوطني الفلسطيني، واستنزاف عراق صدام
حسين، وتهديد الاردن، وابتزاز دول
الخليج... الخ، وقدم النظام السوري -
معلومات مفيدة عن الحركات الإرهابية.
لذا فان بقاءه معدلا ينطوي على نقاط
مفيدة في التعاطي معه خاصة لجهة عقد
تسوية مع إسرائيل. فإذا نجحت عملية
إبعاده عن إيران فسيصبح ضعيفا وقابلا
للتشكيل كعجينة طيعة، بينما دعم وصول
بديل إلى السلطة ينطوي على مغامرة.
فالمعارضة السورية متعددة المشارب
السياسية، وموقفها من إسرائيل غامض،
فهي تتحدث عن استعادة الجولان بالطرق
المشروعة كجزء من برنامجها المستقبلي،
وهذا قد يفجر حروبا جديدة في الشرق
الأوسط تهدد امن إسرائيل، وترفع أسعار
النفط، إن لم تؤد إلى وقف تدفقه لفترة
من الزمن. وإذا ربط هذا مع احتمال وصول
الإسلاميين إلى السلطة في سورية، وهو
احتمال قوي، فان الدائرة حول إسرائيل
ستغلق على أنظمة إسلامية ما قد يعنيه
ذلك من انفجار حروب على خلفية دينية
يكون الإسلام السني الاكثري رأس
حربتها. وهذا خطر حتى على الدول
العربية المعتدلة، وعلى النفط وتدفقه
وأسعاره من جهة ومن جهة ثانية فان
احتمال امتداد تأثيره إلى المناطق
الإسلامية الأخرى ،خاصة آسيا الوسطى،
كبير، وخطير على المصالح الأميركية
الإستراتيجية والنفطية كذلك. أما على المستوى الثاني- البعيد- فإنها
تسعى الى التعامل مع مخاوف العرب من
تنامي النفوذ الإقليمي الإيراني، إلى
إشعال حريق عربي ايراني بجعل مواجهة
ايران اولوية، واستثمار ذلك في اضعاف
الموقف الايراني التفاوضي واجبار
ايران على القبول بحل لملفها النووي
بصيغة تستجيب للمطالب الاميركية
الاوروبية وتحد من الطموحات الايرانية
بالتحول الى قوة اقليمية عظمى، كما
تسعى واشنطن - الى صدام عربي روسي يبعد
الروس عن المنطقة، وهذا قد يقود إلى
حرب أسعار في مجال الطاقة يخفض
الأسعار، وما يترتب على ذلك من
ايجابيات مباشرة : الحصول على نفط
باسعار منخفضة، وخفض العائدات المالية
الروسية، وهذا سينعكس على قدرات روسيا
العسكرية والتنموية، ويحد من
إمكاناتها على العمل في الساحة
الدولية (يمكن سحب هذا السيناريو على
الصين مع إلحاق ضرر اكبر بها، نتيجة
احتياجاتها المتزايد للطاقة،
بحرمانها من الحصول على النفط من
الخليج والحد من نموها واضعاف قدرتها
على المنافسة الاقتصادية). تقودنا المواقف والتصريحات الاميركية
المتضاربة الى استنتاج السيناريوهات
التي تعمل عليها وهي سيناريو رئيس،
وآخر احتياطي، اما الرئيس فالسعي
لإضعاف النظام ومساومته على ثمن بقائه
معدلا، معدلا هنا ليست من أجل الشعب
السوري بل من أجل صورة أميركا لأنها
تريد أن تظهر بمظهر من عمل على تحقيق
التغيير الديمقراطي في سوريا،
فالتصريحات عن مخاطر التدخل العسكري،
والتذرع بقدرات الجيش السوري التي
أعلنها البنتاغون، والحديث عن
المعارضة الضعيفة، وغير الموحدة،
والتخوف من حرب أهلية في حال تسليح
المعارضة، وتسلل القاعدة الى سورية،
كلها قنابل دخان، ذلك إن الهدف المرحلي
لواشنطن هو استنزاف النظام وانتظار
لحظة نضوجه للمساومة، وقبوله بشروط
البقاء التي ستعرض عليه، فإذا قبل
بالصفقة الرزمة، بما فيها تعديلات
هيكلية وسياسية، فسيسوق الاتفاق على
انه تحقيق لمطالب الثورة في التغيير
الديمقراطي. وأما إذا رفض ونجح،
بمساعدة روسية إيرانية، في الدفاع عن
بقائه في وجه الثورة الشعبية فان
السيناريو البديل، والذي المح إليه
وزير الدفاع الأميركي في شهادته أمام
الكونغرس (خطط عسكرية جاهزة) ألا وهو
التدخل جاهز والراية جاهزة: إنقاذ
الشعب السوري من نظام يقتله. سيأتي
التدخل بعد أن يكون عدد الشهداء قد
ارتفع، كما هو متوقع في الشهور
القادمة، إلى رقم فلكي، ناهيك عن تدمير
شبه كامل للبنية التحتية السورية على
يد النظام خلال محاولته سحق الثورة. وهذا يفسر التأرجح والنوسان الأميركي في
تعامله مع الثورة السورية وتطوراتها
وعدم وجود خط واحد يحكم هذا التعامل
بحيث يركز على هدف محدد ويصعد بالضغط
من اجل تحقيقه، فبعد إدانة ممارسات
النظام وجرائمه والسعي لعزله سياسيا،
وفرض عقوبات اقتصادية للتأثير على
قدراته الاقتصادية والتعبوية،وفرض
عقوبات شخصية على مسؤولين أمنيين
وعسكريين، وتاليا على سياسيين، في سعي
منها لدفعهم لتحدي رئيس النظام أو
الانشقاق عنه، والضغط على رئيس النظام
برفع الشرعية عن النظام والتلويح
بإحالته إلى المحكمة الجنائية
الدولية، والتعامل مع المعارضة
والتلميح بوجود بديل للنظام، بعد كل
هذا عادت واشنطن الى تبني حل سياسي
متفاوض عليه بين النظام وجميع اطياف
المعارضة كما جاء في خطة السيد انان.
وهذا يعني عدم وجود قرار اميركي بإسقاط
النظام. بالطبع سيكون لهذا السيناريو آثار سلبية
كبيرة على المواجهة الدائرة في سورية
حيث ستمتد المواجهة، وسيتصاعد عنف
النظام وبطشه بالمواطنين العزل،
وسيسعى لاستغلال المراوحة في المكان،
أو التخاذل الدولي، في إنهاء
التظاهرات، والقضاء على كتائب الجيش
السوري الحر ما سيعني قتل أعداد
متزايدة من السوريين، وتدمير الكثير
من المدن والبلدات والقرى، ربما يكون
خروج سورية من الصراع محطمة جزءاً من
الخطة الأميركية بحيث تستغرق عملية
إعادة البناء عقودا، وهذا يقلل مخاطر
التغيير على إسرائيل. كما سيكون له أثر
سلبي مباشر، وان بدرجة أقل، على دول
الجوار التي ستستقبل لاجئين وجرحى
بأعداد كبيرة، وهذا سيثير لها مشكلات
وعدم استقرار نتيجة للتعاطف الذي نشأ
بين شعوب هذه الدول مع الشعب السوري،
والذي يتوقع أن يزداد مع تزايد عدد
الضحايا وتكرار المجازر، ما قد يدفع
هذه الدول للانخراط في الصراع بطريقة
مباشرة أو غير مباشرة. وهذا سيفيد
أميركا بحيث تدير صراعا بالوكالة دون
أن تدفع أي ثمن فيه بل قد تستفيد من
خلال صفقات السلاح التي ستحتاجها
القوى المنخرطة فيه، ناهيك عن تأمين
خطوط إمدادها وتموينها... الخ. أما
الاثر البعيد والعميق لهذا الموقف
فيتوقف على المدة الزمنية التي
سيستغرقها الصراع وعلى النتيجة
النهائية له ومن سيكون المنتصر ومن
سيكون المهزوم محليا واقليميا. في كل الحالات فان الشعب السوري سيدفع
ضريبة دم باهظة ثمنا لتحرره وخلاصه من
نظام مستبد وفاسد وتحقيق الاستقلال
الثاني: الاستقلال من استعمار داخلي
جثم على صدره عقودا. ================= من عوامل قوة الحراك:
الشعب أقوى من النظام (1) ميشيل كيلو السفير 21-4-2012 أثارت قوة الحراك الشعبي السوري ذهول
ودهشة العالم. وكنت قد قلت في مقالة: إن
الانتفاضة الفلسطينية كانت إحدى
المدارس الكبرى التي تعلم الشعب
السوري فيها شجاعة التمرد والثورة،
فاعترض صديق فلسطيني على قولي وأخبرني
إن الانتفاضة كانت بحق مدرسة تعلم
العرب فيها الحرية والمقاومة، لكن
دروسها لا تقارن، أقله من حيث حجمها
وتضحياتها، بما يعلمه الشعب السوري
اليوم لغيره من العرب والأجانب، ودلل
على ذلك بمقارنات حول عدد الشهداء،
وحجم ونمط العنف الذي استخدم في
الحالتين الفلسطينية والسورية. تنبع قوة السوريين من الطابع المجتمعي
لتمردهم، الذي يكاد يكون شاملا،
ويستند إلى اعتقاد يتقاسمه قسم كبير
جدا من بنات وأبناء الشعب، يرى أن
النظام الراهن لم يعد قابلا للحياة،
وأنه فقد طابعه الوظيفي وشرعيته ودوره
التاريخي والعملي، وفقد بالتالي قدرته
على فعل أي شيء إيجابي للسوريات
والسوريين، وفقد حتى قدرته على إطلاق
وعود صادقة يستطيع الالتزام بتحقيقها
فيصدقها الشعب. ومن يفقد دوره وشرعيته
وقبول الناس به يفقد حقه في الوجود.
إذاً، فإن أهم ما يميز الحراك الشعبي
السوري هو شموله وعمقه، اللذان مكناه
من الاستمرار طيلة عام ونيف، وجعلاه
يبدو كأنه لم يعد ينتمي إلى زمن النظام
القائم، بل إلى الزمن التالي له، زمن
النظام القادم، رغم ما يقال عن قوة
السلطة الأمنية والعسكرية، التي تأخذ
صورة عنف يتعاظم انتشاره من مكان لآخر،
مع أن العنف نادرا ما يكون دليل قوة، بل
يكون غالبا دليل ضعف وارتباك عندما
يستخدم لحل ازمات سياسية واجتماعية،
لا تحل بغير السياسة وأدوات عمل
اجتماعي يمليها ويوجهها العقل الوطني
وحده . هذا الطابع المجتمعي العام هو نقطة قوة
الحراك، الذي ليس حزبيا أو فئويا أو
طبقيا او نخبويا، وإنما حشد قوى
المجتمعين المدني والأهلي ووحد
نضالهما طيلة عام واجها خلاله أهوال
سياسات أمنية مخيفة، أطاحت بجزء كبير
من المجتمع المدني، وخاصة شبابه، في
حين واصل المجتمع الأهلي تمرده
واحتجاجه، وتحمل ما لم يكن يخطر ببال
أحد أنه يستطيع تحمله، وصمد في وجه
ضغوط قاتلة، مع أنه كان يبدو بعيدا جدا
عن السياسة، سعيدا بعزلته وبعده عن
الشأن العام وهمومه، وعن السلطة
وأجهزتها وأحزابها. هذه نقطة ثانية من نقاط قوة الحراك الشعبي:
فقد أوصل قيم الحداثة، وخاصة منها قيم
المواطنة والحرية والمدنية
والديموقراطية، إلى مواطن المجتمع
الاهلي، الذي فرض عليه الجهل بها، خلال
نصف قرن، هي عمر النظام السائد، وابعد
عن السياسة وأغرق في وعود جذابة هطلت
عليه من سماء السلطة. وحين شعر باليأس
يلف وجوده، وبالحرمان يفقده حقوقه،
عاد إلى الشأن العام من بوابة قيم
الحداثة والمجتمع المدني، طالبا حصته
من الحرية والكرامة والعدالة، وباذلا
دماءه في سبيل نمط جديد من الحكم يكون
مشاركا ومسؤولا فيه. تعرض المجتمع المدني الذي قاد الحراك
وشارك بكثافة شديدة فيه لما يشبه
الإبادة على يد قوات الأمن، على أمل أن
يتراجع مع تلاشي دوره ودور المجتمع
الأهلي إلى درجة تمكن النظام من إخماد
تمردهما، لكن هذا المجتمع لم يخرج من
الصراع، بينما أفلح المجتمع المدني في
البقاء على رأس الحراك في مناطق كثيرة،
بفضل نمط غير مركزي من القيادة، مرن
وقابل للتجدد الذاتي التلقائي، استحال
معه توجيه ضربة حاسمة إليه تدمر جهازه
العصبي فتبقى كتل المناضلين الكبرى في
حال من الشلل، على غرار ما كان يحدث
خلال حملات النظام ضد المعارضة
الحزبية، عندما كان اعتقال القيادة،
جهاز الحزب العصبي، يفضي إلى شل بقية
أعضائه، وخاصة قاعدته، فيسهل عندئذ
رصدها وملاحقة عناصرها الناشطة واحدا
بعد آخر. هنا، وبسبب انتشار الجهاز العصبي القيادي
واتساع صفوفه واكتسابه طابعا محليا،
لم يتح اعتقال أعضاء منه تقويض جسده،
أي المجتمع الأهلي، ولم يحل دون تبلور
قيادات بديلة، حتى أنه ليبدو اليوم أن
القضاء على هذا الجهاز يتطلب القضاء
على المجتمع نفسه، خاصة بعد ان برزت
عناصر كثيرة من المجتمع الأهلي، كقوى
قيادية موهوبة، عوضت النقص في القيادة
الشبابية المدنية، وتمكنت من قيادة
ومواصلة الحراك محليا وبالتنسيق مع
المناطق القريبة، وحالت دون تراجع
الاحتجاج والتمرد في معظم مناطق
سوريا، بل وضمت أفواجا جديدة من
المتظاهرين إلى الصفوف المرابطة في
الشوارع، التي عجز النظام عن إخراجها
منها وكسر شوكتها، رغم التصعيد
العسكري/ الحربي المتواصل، الذي لجأ
إليه خلال العام المنصرم. بوحدة المجتمعين المدني والأهلي، التي
كانت تعني وحدة القيادة الحديثة مع
السوريين العاديين من سكان الأرياف
والمدن على مختلف أسمائها، وببلورة
أشكال من النضال تتناسب والحاجة إلى
الرد على حملات النظام الأمنية، وبروز
قوى ميدانية عجزت خبرات النظام
الأمنية عن القضاء عليها، وبصيانة
خلفية السوريين الوطنية المشتركة،
فشلت سياسات التحريض الطائفي في تفجير
التناقضات بين ابناء الوطن الواحد في
جعلها تتخذ صورة اقتتال أعمى يغطي مجمل
مناطق البلاد، رغم وقوع بعض التوتر
الشديد أحيانا هنا أو هناك، وحدوث
تعديات محدودة مناهضة للروح الوطنية
وللحمة المجتمعية. هذا الفشل كان نتيجة
من أهم نتائج قوة الحراك، المستمدة من
قوة المجتمع ومن تضامنه، وهو سيبقى
برهانا على عمق انتماء السوريين بعضهم
إلى بعض، وعجز سنوات الشحن التفريقي
والتمييزي الطويلة والمركزة عن دفعهم
إلى تبني أنماط سلوك تقوض ولاءاتهم
المشتركة والعليا، وتحل محلها ولاءات
ثانوية أو دنيا لا يستقيم وجود وطني
موحد معها، ولا تبقى وحدة وطنية في
ظلها. لم تقم في سوريا حروب أو معارك طائفية،
ويرجح أن لا تقوم في المستقبل أيضا،
لأسباب كثيرة، ربما كان أهمها أن
النظام لم يعد يلبي حاجة أغلبية
المواطنين الساحقة إلى الحرية والأمان
والعدل، ولا يمثل أي قطاع مجتمعي محدد،
بل هو نظام من يديرونه وينتفعون منه،
من مختلف الأطياف والمصالح والتيارات
والمذاهب. نظام هؤلاء الذين انفصلوا عن
شعبهم بمجمله، ووضعوا أنفسهم في
مواجهته، وتفننوا في تخويف أقلياته
المذهبية من اغلبيته الدينية، وها هم
يحصدون الخيبة ويقاتلون كممثلي سلطة
تغربت عن شعبها ضد أغلبيته العظمى،
ويفعلون ذلك باسم نظامهم المغلق
والاستبعادي، الذي ينتمي إلى ماض لم
يعد قادرا على الاستمرار، في حين
يناضلون هم باسم مستقبل مفتوح على
الحرية، يعد حتى أهل السلطة بموقع
مضمون من العمل السياسي والمشاركة في
إدارة شؤون سوريا القادمة. تنبع قوة الحراك من مستقبليته وماضوية
النظام، ويستمد عزيمته من مجتمعيته
التي تتيح له مواجهة فئوية السلطة
وطابعها الأقلوي كسلطة تمثل مصالح
المنتفعين بها دون غيرهم من فئات
الشعب، وتعيش من الإكراه والقمع اكثر
مما تعيش من قبول المواطنين العام،
الذي يلغي انتفاؤه شرعيتها، بينما
يبدو الحراك شرعيا بفضل أعداد
المشاركين فيه وإصراراهم على التخلص
من الاستبداد، وانتمائهم إلى بدائله
من عوالم حرة ومفتوحة، يحقق الفرد فيها
ذاته كمواطن حر ومنتج بعد أن حرم من حقه
في أن يكون فردا ومواطنا وحرا ومنتجا،
ومساويا لغيره، بسبب النظام وخياراته
وسياساته. اثار صديق قبل مدة مسألة الفترة الزمنية
التي استغرقها الحراك، وتحدث عن قوة
السلطة، التي وصف أجهزتها بالمتماسكة،
وعن صمودها طيلة عام كامل. لو أن أحدا
سأل هذا الصديق في الأول من آذار عام 2011
عن احتمال نشوب انتفاضة شعبية في سوريا
قد تدوم يومين، لأجابه: هذا احتمال
يكاد يكون مستحيلا، بل هو الاستحالة
عينها. واليوم، يصعب القفز من فوق
واقعة أن الشعب صمد خلال عام عصيب مضى،
وأن مجتمعا يفعل ذلك هو بالتأكيد
والقطع أقوى من سلطته، لأنه دخل
المعركة دون استعداد يجاري ولو من بعيد
استعداداتها طيلة نيف ونصف قرن،
لمواجهة حالة كالتي تعيشها سوريا
اليوم، لكنه بقي عصيا على الإركاع، في
واقعة تعتبر إعجازية بجميع المعايير،
تؤكد أن زمنا جديدا يبزغ في سماء
العرب، تقرر شعوبهم اليوم ملامحه
وتضحي بالغالي والرخيص في سبيل قدومه،
سيكون عكس زمن وعدهم بالحرية، وأتاهم
باستبداد جثم بلا رحمة على قلوبهم
وعقولهم وأرواحهم، ينفضون اليوم نيره
عن كاهلهم، ليس كي يصيروا أحرارا، بل
لأنهم أحرار ويصبون لإقامة مجال سياسي
بديل: حر حقا ووطني حقا ومستقل حقا،
سيكون قيامه أعظم علامات قوتهم، التي
تبهر العالم. كاتب وسياسي سوريا ================= سوريا: غد مشرق رغم
المرحلة المظلمة علي حماده 2012-04-21 النهار ابدأ اليوم بإقتطاف نصّين، حول الوضع
الراهن للثورة السورية، الاول للناشطة
السياسية فرح الأتاسي تعبّر فيه عن
خيبة من مهمة المبعوث الدولي العربي
كوفي أنان استناداً الى انها في الاساس
أتت على أسس خاطئة. تقول فرح الاتاسي في
صفحتها على الفايسبوك: "مهمة كوفي
عنان لإدارة ما يسمونه "الأزمة"
السورية وليس التوصل الى حل "الأزمة
السورية"، وأشبهها بمجموعة من
الاطباء الذين يرون جسداً تشتعل فيه
النار ويحترق، فيقومون بالحديث عن
العمليات التجميلية بدل العمل على
إطفاء الحريق اولاً ثم معالجة الجسد
المحترق. لا افهم كيف سيجرون عمليات
"تجميلية" لجسد متفحم يحترق
ومازلت النار ملتهبة ومشتعلة في هذا
الجسد. هم لا يريدون إطفاء النار
وحديثهم ينصب على "تجميل" الجسد
الذي يحترق ويموت! وحدهم السوريون
قادرون على إطفاء النار ومعالجة الجسد
بسواعد وطنية وادوات جراحة محلية
الصنع، ولا مانع من ممرضين من الخارج
اذا كان هدفهم الخالص هو إنقاذ الجسد
والوطن السوري فعلاً وليس التحايل
للقضاء عليه". و في موقع آخر، اقرأ للمفكر العربي عزمي
بشارة الذي اختلفنا ذات يوم معه حول
تقييمه لسياسة بشار الاسد في لبنان،
وكان الأخير يمعن وحلفاءه في لبنان في
قتل الاستقلاليين. واليوم يمعن بشار في
قتل السوريين، تماماً كما فعل ذلك
والده حافظ الاسد على مدى أربعة عقود،
ويكتشف عزمي بشارة ربما ان ما كنا
نؤكده في ذروة صراعنا مع بشار وحلفائه
هنا، ان النظام يتمتع بمظلة اسرائيلية
ودولية غير اعتيادية، كان صحيحاً. وهنا
اقتبس لعزمي بشارة نصاً مقتضباً وجدته
على حائط فايسبوك يعود الى مواطنة
سورية تعيش خارج بلادها ولا تخفي
مواقفها الحادة تجاه نظام بشار الاسد،
والنص يعكس صورة قاتمة: "كنا نعتقد
بسذاجة ان احداث حماه في الثمانينات ما
كانت لتحدث لو ان الانترنيت كان
موجوداً تحولت سوريا عام
٢٠١١ الى دولة تحت المجهر،
الكل يشاهد ما يجري من اعمال القتل
التي تمارس ضد الشعب السوري الأعزل
والقتل ما زال مستمراً. منذ سنة
والعالم المتمدن يتحفنا بتصريحات
مضحكة، لا أحد يريد للقتل ان يتوقف،
ولسنا أكثر حظاً من أهل حماه في
الثمانينات. ربما الانترنت كان مفيداً
فقط على الصعيد الداخلي حيث ناصرت
المدن السورية بعضها و انتشرت الثورة
في أنحاء البلاد، مما جعلها عصية على
العصابة الحاكمة." صحيح أن الصورة التي يرسمها عزمي بشارة
تعبّر عن إحساس عميق بخيبة من المواقف
الخارجية التي لا تزال تكتفي بالعمل
الديبلوماسي، فيما صار من الواضح ان
الحل مع النظام في سوريا عسكري. و من
هنا نعود الى مناشدة الدول العربية
التي تعلن باستمرار عن نيّة لمساعدة
السوريين في الدفاع عن أنفسهم، أن
الوقت هو وقت أفعال لا أقوال، وان
الصواب يقتضي تسليحاً مكثفا ل"الجيش
السوري الحر" اليوم قبل غد. ================= سميح صعب 2012-04-21 النهار اذا كانت الاسباب التاريخية والموضوعية
أملت على الولايات المتحدة ان تسلم
بدور روسي في عملية التغيير في سوريا
عكس ما حدث في دول عربية اخرى شهدت
احتجاجات، فإن هذا لا يعني بصورة من
الصور ان واشنطن راغبة في تسهيل الحل
الروسي او في رفع الضغط عن النظام
السوري بالسماح للمعارضة في الخارج
بدخول حوار مع السلطات. الخيار الاميركي حيال سوريا كان ولا يزال
الرهان على القوة الناعمة لاحداث
التغيير وعدم التدخل العسكري المباشر
من دون التخلي عن التلويح به من حين الى
آخر وسيلة من وسائل زيادة الضغط على
دمشق ومن خلالها على موسكو كي تضغط
بدورها على النظام السوري. هنا لا يعود مستغرباً ان تنتزع واشنطن من
موسكو موافقة على قرار لمجلس الامن
بنشر مراقبين دوليين على الاراضي
السورية، وان تواصل في الوقت عينه
عملية الضغط عبر "المؤتمر الدولي
لاصدقاء الشعب السوري" او عبر
اجتماعات على غرار اجتماع باريس او فرض
المزيد من العقوبات وتقديم المساعدات
"غير القاتلة" للمعارضة السورية. هذا يثبت ان واشنطن تضغط على الحل الروسي
الذي يتمثل في خطة كوفي انان، وتشوش
على مسار التنفيذ، من غير ان يعني ذلك
ان في امكان واشنطن بلوغ هدفها المتمثل
في اقصاه باسقاط النظام، ومن غير ان
تسمح لموسكو بالمضي في حلها الذي يؤمن
فترة انتقالية تتيح بقاء الرئيس بشار
الاسد. مثل هذا السلوك من شأنه إطالة أمد أزمة لا
يمكن التكهن في أي اتجاهات يمكن أن
تتصاعد. فالعجز الاميركي عن فرض حل على
الطريقة الليبية او اليمنية، يدفع
واشنطن الى مسايرة الافكار الروسية
للحل من دون التخلي عن واقع الاستمرار
في الضغط بوسائل اخرى على النظام
السوري وفي مقدمها عدم السماح لمعارضة
الخارج بالجلوس مع النظام. ولئن كان انطلاق الحوار بين السوريين
البداية نحو التفتيش عن حل شامل
للأزمة، فإن واشنطن تبقي ورقة ممانعة
المعارضة الخارجية في يدها، وتستكشف
في الوقت عينه هوية المعارضة المسلحة
في الداخل وتقاربها بمساعدات من النوع
غير القتالي، لأنها تخشى اذا ما أقدمت
على ارسال اسلحة ان تقع هذه الاسلحة في
أيدي عناصر اسلامية متشددة تناصب
اميركا العداء. ولو كانت اميركا متيقنة
من الوجهة التي ستصل اليها الاسلحة لما
ترددت في ارسالها ولما كانت قبلت ولو
موقتاً بمهمة انان. لهذه الاسباب وغيرها ينصب الهمّ الاميركي
على ابقاء الازمة السورية مفتوحة في
انتظار ظروف افضل للتدخل. حتى الآن لا تزال أميركا تتصرف حيال الوضع
وكأنها اللاعب الوحيد! ================= إسرائيل مع مؤسس النظام
لا إبنه سركيس نعوم 2012-04-21 النهار "لا يعني الموقف المؤيد لطرحنا
المتعلّق بحل الصراع الفلسطيني –
الإسرائيلي عند عدد من "العسكريين
الاميركيين تدخلاً منهم في السياسة"،
أجاب الباحث الاميركي والناشط على خط
عملية السلام الشرق الأوسطية والمناهض
في الوقت نفسه لمواقف بنيامين نتنياهو.
واضاف: "كما لا يعني ان العسكر
الاميركي سيتخذ مواقف منفردة او
مناقضة لمواقف السلطة السياسية. لكنه
قد يدفع في اتجاه حل للقضية الفلسطينية
حرصاً على مصالح اميركا وخصوصاً اذا
انتخب الشعب الاميركي أوباما رئيساً
لولاية ثانية. أوباما كان التقى
فريقنا، وهم مسؤولون وموظفون كبار
سابقون وبعضهم عَمِلَ مستشاراً له. وهم
يعرفون مواقفه جيداً لكنهم يعرفون في
الوقت نفسه أن ظروفه لا تسمح له بتحقيق
انجازات في الموضوع الفلسطيني –
الإسرائيلي. لكنه سيجد نفسه في ولايته
الرئاسية الثانية مضطراً لتحقيق إنجاز
في هذا المجال". سألتُ: كيف ترى أثر
ضربة اسرائيل العسكرية لايران؟ أجاب:
"اسرائيل تقول انها ستضرب ايران.
باراك أوباما قال، حتى الآن على الاقل،
انه لا يؤيد الضربة. قال ان علاقة
اسرائيل واميركا غير قابلة للكسر (Unbreakable). لكنه لم يقل انه يؤيد الخيار
العسكري لنتنياهو. قال مؤكداً انه
سيمنع ايران من الحصول على سلاح نووي،
وأنه لن يعمل على احتوائها اي لن يسمح
لها بالتحوّل نووية عسكرياً بحيث يضطر
الى انتهاج سياسة احتواء لها، كما هي
الحال مع كوريا الشمالية. في النهاية
هناك دول عدة عندها سلاح نووي ومنها
الهند وباكستان. لماذا لا لإيران"؟
هل ستضرب إسرائيل ايران؟ سألتُ. اجاب:
"هل تعتقد فعلاً انها ستضربها"؟
أجبتُ: مسؤولون كبار فيها يقولون انهم
سيفعلون ذلك حماية لها وحفاظاً على
دورها. ردّ: "إسرائيل تمتلك مئات من
الرؤوس النووية ولا تضرب بها. امتلاك
ايران صاروخاً واحداً أو أكثر
واستعمالها اياه ضد اسرائيل سيجعلان
الاخيرة تبيدها عن الخريطة. ضربة
نتنياهو لإيران لا بد ان تورط اميركا
عسكرياً. لا أدري ماذا سيكون موقف
أوباما من نتنياهو بعد تنفيذه الضربة،
وخصوصاً إذا حصلت بعد انتخابه لولاية
ثانية. لن يكون نتنياهو مسروراً جداً.
في اي حال عاد نتنياهو من واشنطن
خائباً ومنزعجاً جداً. أتى وفي ذهنه ان
مرشحاً جمهورياً سيفوز برئاسة اميركا
وليس أوباما. والجمهوريون يقولون انهم
مستعدون للتوقيع على شيك "على بياض"
لاسرائيل ونتنياهو. وعقد في واشنطن
اجتماعات بعضها مع اعضاء في الكونغرس
أدرك خلالها الحظوظ الضعيفة
للجمهوريين في الوصول الى البيت
الابيض. الطريق ليست مقفلة امام "تفكيرنا
ومقاربتنا لحل النزاع الإسرائيلي –
الفلسطيني" كما يظهر. على كل حال
سنستمر في الضغط على الادارة
الاميركية وفي محاولة اقناعها، اي
ادارة، بالعمل لحل قضية فلسطين، وذلك
انطلاقاً من إيماننا بضرورة بقاء
اسرائيل آمنة ومستقرة وبضرورة قيام
دولة فلسطينية قابلة للحياة مع
تعديلات حدودية طفيفة متبادلة. لكن في
حال اليأس من اميركا، أو في حال عدم
استجابتها الكاملة واستمرارها في
الوقوع في أفخاخ اسرائيل (مثل نبحث في
هذا الموضوع ولا نبحث في ذاك) فاننا
سنستمر في التحرّك. كان على اوباما
القول لنتنياهو: تريد البحث في الحدود
اولاً حسناً تعالى لنبحث فيها. علينا،
تعبئة الدول الاوروبية التي ترفض تعنت
نتنياهو رغم محبتها لاسرائيل، وذلك كي
تضغط على اسرائيل وعلى اميركا لانجاز
السلام. وقد كوّنا، الى المجموعة
الاميركية التي تضم اشخاصاً مهمين،
مجموعة اوروبية. وهي تعمل في الاتجاه
الذي شرحته لك. طبعاً يحلم كل إسرائيلي
بالحل الأردني اي الاردن دولة
فلسطينية بديلة. لكن تحقيق ذلك ليس
سهلاً. فهل تريد اسرائيل دولة فلسطينية
(اردنية) اسلامية بل راديكالية
باسلامها على حدودها، ومعادية لها"؟. ماذا في جعبة مسؤول في منظمة يهودية
اميركية تتبنى مواقف اسرائيل وتدافع
عنها؟ كان مُقِلّاً في الكلام هذه
المرة. قال: "كانت اسرائيل في السابق
وخصوصاً ايام حافظ الاسد مع استمرار
النظام السوري لأن البديل منه اسوأ.
والبديل مؤلف من "اخوان مسلمين"
وسلفيين. لكنها لم تعد كذلك الآن. هي مع
ذهاب هذا النظام بل مع سقوطه وخصوصاً
بعدما تسلّم بشار السلطة. ذلك انه وضع
النظام ومعه سوريا في يد ايران. وايران
هي العدو الأول لإسرائيل في نظرها. اخذ
بشار من أبيه دولة ونظاماً واستقراراً
وعلاقات جيدة اجمالاً مع العالم، وأخذ
منه دولة شريكة لايران بنسبة 50 في
المئة على الاقل. هل تعرف الى ماذا حوّل بشار سوريا
ونظامها؟ سألتُ. بماذا أجاب؟ ================= نحو الاستقلال الثاني..
مستقبل سورية الجديدة يصنع اليوم د. عبدالله تركماني 2012-04-20 القدس العربي مرت الذكرى السادسة والستون للاستقلال
الوطني الأول لسورية في 17 أبريل/نيسان
في الوقت الذي يوجد فيه أكثر من أحد عشر
ألف شهيد حتى الآن، منهم: أكثر من 800
طفل، وأكثر من 700 امرأةً، وأكثر من 500
قضوا تحت التعذيب، مع 65 ألف مفقود
وأكثر من 35 ألف جريح و212 ألف معتقل
وأكثر من مليون شخص نازح داخل البلاد
وما يتجاوز ال 200000 ألف لاجئ ومشرد خارج
سورية. وإذا كان من المبكّر أن نجري حساباً
لوقائع وتطورات الثورة السورية التي
انطلقت في آذار/مارس 2011، لأنّ فيها
الكثير من التعرجات والتعقيدات، فإنّ
ما يميّز اللحظة الراهنة هو الحراك
الشعبي السوري غير المسبوق الذي يمكن
أن يبلور البديل الوطني الديمقراطي،
الممكن والضروري، نحو الاستقلال
الثاني لسورية. فالثابت أنّ حراكاً
إنسانياً رائعاً جرى بحجم كبير
وتضحيات كبيرة، ويتجه نحو مواطن سوري
جديد، ووعي سوري جديد، بما ينطوي عليه
ذلك من تألق للوطنية السورية ذات العمق
العربي والإنساني. لقد جاءت الثورة
السورية من وعي تشكّل في مكان عميق من
العقل والوجدان الشعبيين، وهو مكان لم
يعد قادراً على تحمّل أو فهم دواعي
استمرار الاستبداد المستفحل منذ أربعة
عقود. كما أنها تحمل ميزة إضافية، على
غيرها من الثورات العربية الأخرى، في
أنها كشفت حالة التزييف التي كانت
تكتسب بها سلطة الاستبداد شرعية
مزوّرة، بحجة الممانعة ومحاربة العدو
الصهيوني. لقد تشكلت قيادات شابة قادرة على استيعاب
معطيات التحول العالمي نحو
الديمقراطية، وتمسك بزمام الأمور
وتتحكم بحركتها حسب المتغيّرات، رغم
وجود حالات تشويش فردية. وتكتسب هذه
القيادات الخبرة اللازمة، في سياق
عملها وتراكم خبراتها، بالاحتكاك مع
المخضرمين من المعارضين السياسيين
والمثقفين ونشطاء المجتمع المدني
السوري، فتنجز أعمالاً مشهودة. وهي
تعرف أنّ هذا الليل السوري الطويل لن
ينجلي بسرعة، وأنّ أمامها مهمات شاقة
وتضحيات كبرى، لكنها تعرف أيضاً أنّ لا
عودة إلى الوراء، وأنّ لا خيار أمامها
سوى مواجهة ظلام هذا الليل الطويل
بالصمود والتحدي والتفاؤل. إنّ الحالة السورية، التي دفعت الشعب
السوري للثورة، مزمنة عمرها أكثر من 40
سنة، وهي أزمة تطال كل نواحي الحياة
السياسية والاجتماعية والاقتصادية
والثقافية. والشعب السوري قرر تصفية
الحساب مع مسببيها، من خلال الانتقال
بسورية من حال الاستبداد والدولة
الأمنية إلى حال الحرية والدولة
المدنية التعددية - الديمقراطية عبر
حوار جاد ومسؤول، تتمثل فيه جميع
الأطراف السياسية وقوى المجتمع المدني
وممثلي الشباب الثائر. ويمكننا اليوم استخلاص عدد من العِبر من
يوميات الثورة ومن أشكال تعامل سلطة
الاستبداد معها: فهي الأكثر تمدداً على
الصعيد الأفقي، أو الانتشار الجغرافي،
بالمقارنة مع باقي الثورات العربية.
وهي الأكثر مثابرة رغم التعرض لسادية
الأجهزة الأمنية المدعومة بميليشيات 'الشبيحة'
في مواجهتها. وهي الأكثر قدرة - إلى
الآن - على المحافظة على طابعها السلمي
العام وتجنّب الانزلاق نحو المواجهات
المسلحة وأعمال الثأر الواسعة النطاق،
رغم فظاعة ما يتعرض له المشاركون
وعائلاتهم، ورغم محاولات النظام
المتكررة لجر الناس إلى أعمال
انتقامية تضاعف التشنج الطائفي وتزيد
من خوف المترددين، فيتاح المجال أمام
الأجهزة الأمنية والشبيحة للمزيد من
البطش والإجرام ضد المتظاهرين من دون
أدنى تمييز. وفي هذا السياق، من المفيد
الإشارة إلى أنّ ظهور الجيش السوري
الحر لم يكن سوى تعبيراً عن حق الشعب
السوري في الدفاع عن نفسه، إذ أنّ ضباط
وجنود هذا الجيش كانوا قد رفضوا إطلاق
النار على شعبهم وشكلوا، مع مدنيين
متطوعين، الجيش الحر للدفاع عن
المدنيين. وهي كذلك الأكثر اعتماداً
على الذات لتغطية أنشطتها وفعالياتها
نتيجة منع النظام لوسائل الإعلام
المستقلة من التواجد في سورية، وهي
الأكثر إنتاجية وإبداعاً في الشعارات
والأغاني الشعبية، والأكثر تعبيراً عن
تضامن داخلي تشهره لجانها وتنسيقياتها
مداورة في مواجهة استهدافات النظام
للمدن والبلدات والقرى والمناطق، وهي
الثورة الأكثر حضوراً للنساء في
المواقع القيادية لتنسيقيات الثورة.
وإذ نتحدث اليوم عن هذه الثورة فلا بد
لنا من أن نرى بأنّ العفوية كانت
طابعها الطاغي، وما أن سلكت طريقها
وكونت جمهورها حتى بدأ الوعي المطابق
لحاجات التقدم يحتل مكان العفوية لدى
أقسام واسعة من جمهورها. وتبقى الثورة هي الفاعل الأساسي في سورية
اليوم وهي أيضاً الصانعة لقيم جديدة
على طريق الاستقلال الثاني: الحرية
والكرامة والمساواة والعدالة،
ولشرعية جديدة قائمة على المواطنة. ففي
سورية الجديدة لن تكون مصادرة حرية
الرأي مقبولة، ولن يكون سجن صاحب الرأي
ممكناً بلا مقاومة، ولن يكون انتهاك
حقوق الإنسان مقبولاً، ولن يكون
السكوت عن الفساد والتسلط أمراً
طبيعياً. وفي سورية الجديدة لن يقبل
الناس بعدم المشاركة، بل سيتصرفون
انطلاقاً من حقهم الطبيعي في الكرامة
والعدالة والمساواة التامة في وطنهم. لن تكون سورية بعد اليوم مزرعة لأحد، كما
كانت لعقود طويلة، وإنما وطن الحرية
والكرامة لجميع أبنائها. لن تكون بلد
التمييز والظلم والإقصاء، بل وطناً
واحداً لشعب سوري موحد، لا حديث فيه عن
أكثرية وأقلية بل مواطنية ومساواة، لا
يراعي في معاملته مع أبنائه أي اعتبار
قومي أو مذهبي أو طائفي أو مناطقي، ولا
اعتبار فيه إلا للكفاءة والإخلاص،
والمقدرة على البذل والتضحية في سبيل
المجموع. سيحمي دستور سورية الجديدة
حقوق كل مكوّنات المجتمع السوري، حيث
سينال فيها الأكراد والآشوريون
والتركمان ما حُرموا منه من حقوق وما
عانوه من تمييز. ستُفصل في سورية
الجديدة السلطات القضائية والتشريعية
والتنفيذية، وستحاسَب فيها الحكومة
المقصّرة وستكون السلطة بيد الشعب
يقرر من يحكمه عبر صناديق الاقتراع.
ستكون سورية المستقبل دولة الحق
والقانون، يتساوى فيها الجميع أمام
القضاء المستقل، ويكون للجميع الحق
ذاته في تشكيل المنظمات والأحزاب
والجمعيات، والمشاركة في صنع القرار. ومن غير الممكن تصور تغيير ديمقراطي ناجح
في سورية بمعزل عن عودة الروح إلى
المجتمع المدني، وضمان مؤسساته
المستقلة عن سلطة الدولة، كي يسترد
المجتمع السوري حراكه السياسي
والثقافي، بما يخدم إعادة بناء الدولة
الوطنية السورية الحديثة. وفي المرحلة الانتقالية من الاستبداد إلى
الديمقراطية لا ينبغي توجيه طاقات
الشعب السوري لتصفية الحساب مع الماضي
وإهمال تحديات الحاضر وتأجيل التفكير
في آفاق المستقبل، لأنّ تصفية الحساب
مع الماضي ينبغي، استعانة بخبرات
الدول الأخرى التي انتقلت من السلطوية
إلى الديمقراطية، ألا تؤدي في النهاية
إلى تفكيك الدولة ذاتها. إنّ الحل في أيدي الشعب السوري وممثله
المجلس الوطني السوري وتنسيقيات
الثورة في الميدان، وخطة طريقنا واضحة:
- الاستمرار في ثورتنا وتظاهرتنا الشعبية
حتى يرغَم بشار الأسد على الرحيل أو
تفويض سلطته وتطبيق خريطة الطريق
العربية التي يحاول المبعوث الأممي
والعربي تطبيقها. - يأتي بعد ذلك تشكيل 'مجلس رئاسي' من
شخصيات ورموز وطنية معروفة وممثلة
لمختلف أطياف الشعب، يقوم بتكليف
حكومة انتقالية بمشاركة شخصيات من
السياسيين والتكنوقراط الذين لم
يعادوا الثورة، حكومة تدير شؤون
البلاد وتحافظ على كيان الدولة
ومؤسساتها. - تشكل هيئة وطنية للحقيقة والعدالة
والمصالحة بمشاركة هيئات المجتمع
المدني، مهمتها التحقيق في الجرائم
ومعالجة الآثار القانونية والنفسية
لإرهاب السلطة الماضية، وقطع الطريق
على أية أعمال انتقامية أو طائفية،
والعمل على مصالحة أبناء الشعب
والمساعدة على ترميم الشعور الوطني
والقيم الإنسانية التي زعزعتها المحنة. - تنتهي المرحلة الانتقالية بإجراء
انتخابات، بعد تشكيل هيئة مستقلة
للإشراف عليها، بوجود مراقبين عرب
ودوليين، لاختيار أعضاء جمعية
تأسيسية، تتولى اختيار رئيس جديد
للبلاد، وتعيين حكومة تمثيلية ووضع
دستور على أساس النظام البرلماني
الديمقراطي التعددي، وضمان قيام
الدولة المدنية في سورية. - سنعمل مع مؤسسات الدولة المعنية في
الحفاظ على أمن البلاد وأمان
المواطنين منذ اليوم الأول، ولن
نتساهل في حالات الانتقام أو التمييز
مهما كان شكله. وفي سياق ذلك يبدو أنّ ثمة قاسماً مشتركاً
يجمع المعارضة السورية بكل أطيافها:
الطابع السلمي العام للثورة، تغيير
النظام، إقامة دولة مدنية - تعددية -
ديمقراطية تصون حقوق الإنسان وحرياته
وتساوي بين جميع السوريين. وهذا ما
عبّرت عنه وثيقة ' العهد الوطني لسورية
الجديدة ' التي ارتضتها أطياف واسعة من
المعارضة أواخر الشهر الماضي في
اسطنبول، أما الاختلاف في التفاصيل
فهي مسألة طبيعية وبديهية، لا بل
ضرورية لحياة ديمقراطية سليمة وتعددية. إنّ مستقبل سورية يُصنع اليوم، سورية
الجديدة التي نتمناها، نطمح إليها
ونعمل من أجلها، سورية الحرية لا سورية
الاستعباد، سورية الكرامة لا سورية
التمييز، سورية المحبة لا سورية
الحقد، سورية الأخوة لا سورية
الضغينة، سورية التقدم لا سورية
التخلف. ' كاتب وباحث سوري مقيم في تونس ================= والآن، نقدم لكم عملية
السلام السورية السبت, 21 أبريل 2012 جمال خاشقجي * الحياة أهلاً وسهلاً بكم في «عملية» السلام
السورية. لكي تفهموها جيداً، يجب أن
تقرأوا تاريخ وتفاصيل عملية السلام
البوسنية وهي معقدة واستغرقت نحو 5
أعوام، أو النسخة الكوسوفية المختصرة
التي استمرت لعام ونصف عام فقط. ولكن إياكم والمقارنة أو حتى الاطلاع على
تفاصيل عملية السلام العربية
الإسرائيلية، فهذه حالة استثنائية
تماماً مثل الطرف الإسرائيلي فيها،
وهو فوق المحاسبة والتدقيق ويتمتع
بحماية أميركية تشمل الحماية من
الفيتو وقبول كل أعذاره ومبرراته. للأسف أن فنون التسويف وتمييع عملية
السلام التي طورتها واستخدمتها
إسرائيل متاحة للنظام السوري محاكاتها
والاستفادة منها، بخاصة أنه يتحول كل
يوم إلى «قوة احتلال» فاقداً موقعه
السابق كنظام شرعي حاكم وإن كان قمعياً
وطائفياً. بالطبع هناك فوارق تصب
لمصلحة إسرائيل مثل أنها ديموقراطية
على الأقل في إطار الشعب اليهودي
وتستخدم الرصاص المطاطي في مواجهة
المتظاهرين، وكل الأمرين يفتقدهما
النظام السوري فليس هو بالديموقراطي
مع قاعدته «العلوية» ولم يتورع عن
استخدام الرصاص الحي من أول يوم
للتظاهرات. وليس في ذلك تبرير أو تقليل لجرائم
إسرائيل وإنما مقاربة مستحقة بين
نظامي احتلال. لعملية السلام السورية مبادرة محددة، هي
خطة المبعوث الأممي والعربي كوفي
أنان، وما لم يحافظ الثوار السوريون
على زخم قضيتهم داخلياً وخارجياً،
فسوف يستبدل الإعلام أخبارهم بأخبار «عملية
السلام». سنسمع تصريحات من نوع: على النظام السوري أن يكون إيجابياً أكثر
مع «عملية السلام». «عملية السلام» تتعرض لصعوبات ولكنها لم
تمت. نريد من الروس دعم «عملية السلام». كثير من الدول ستجد في «اهتمامها» بعملية
السلام ما يعفيها من التزاماتها
الأخلاقية حيال الوضع السوري المتردي،
فليس ضرورياً أن نفتح ممرات آمنة
مثلاً، طالما أننا سنتحدث في مؤتمر ما
قادم عن ضرورة فتح ممرات آمنة. بالرغم من أهمية «عملية السلام» يجب أن
تنتبه المعارضة السورية ألا تكون
بديلاً عن التدخل الذي يريدونه لإسقاط
النظام، وألا يطمئنوا كثيراً حتى
لتصريح وزيرة الخارجية الأميركية
هيلاري كلينتون أن ما من «عملية» إلا
ولها سقف زمني، فلعمليات السلام «حياة»
تتطور فيها وإليها، طالما أن هناك
اعتمادات مالية وسكرتارية وسفراء
متقاعدين يوكل إليهم إعداد شتى
التقارير، لتقديمها في الاجتماع
التالي لمجلس الأمن والذي تسبقه
مشاورات مع الروس والصينيين، وهكذا
دواليك. ما سبق كان القراءة السلبية ل «عملية
السلام» والتي ينبغي الحذر ألا تقع
فيها القضية السورية، ولكن هناك قراءة
أخرى، واقعية، هي أن «العملية» ضرورية
للديبلوماسية الدولية، إن الدينامكية
التي يعبر بها «المجتمع الدولي» عن
اهتمامه بقضية ما، كما أنها توفر
التبرير الذي تهرب إليه القوى القادرة
على التدخل لشرح أسباب عدم تدخلها حتى
الآن. وأخيراً تعطي مزيداً من الوقت، لعل
جنرالاً ما وأكثر لم يعودوا يحتملون
الوضع المتردي فينجحون بانقلاب أو
تمرد يحسم الصراع ويكفي المعنيين شرور
التدخل وكلفته. وحتى ذلك الحين أمامنا «عملية السلام»
وتحديداً خطة كوفي أنان التي يريد
أصدقاء سورية الذين اجتمعوا بباريس
الخميس الماضي تنفيذها بصرامة، فإلى
أين تتجه الخطة؟ يمكن أن تتجه إلى سبيلين، الأول وهو ما
تدعو إليه الخطة، وقف لإطلاق النار
وحماية المتظاهرين، ثم جلوس الحكومة
والمعارضة على طاولة المفاوضات. السبيل الثاني هو تدخل عسكري مباشر تحت
البند السابع لمجلس الأمن (وهو ما يمكن
المراهنة عليه من واقع قراءة التاريخ
لهذا النوع من الأنظمة من صربيا
ميلوسوفيتش إلى ليبيا القذافي). البداية لم تكن جيدة، إذ دعم الروس مرة
أخرى النظام في تفريغ أهم مواد الخطة،
وهو إرسال فريق للمراقبة من بعض
محتواها وشروطها، فأصر النظام على ما
يسميه «سيادة» الدولة في تحديد متى
وأين وكيف يتنقل الفريق فوق الأراضي
السورية، ما أدى إلى احتجاج ثم اعتذار
الجنرال النروجي روبرت مود والمعروف
بصلابته، عن قيادة فريق التفتيش وفق
شروط النظام. في باريس ونيويورك يحاول أصدقاء سورية
إعادة بعض الشروط وإعطاء أسنان
للفريق، وتمكينه من حرية التنقل براً
وجواً داخل سورية. إذا ما انتشر المراقبون، وأسسوا مراكز
مراقبة دائمة لهم - وهما ما لم تفعله
بعثة مراقبي الجامعة العربية في واحدة
من أهم أخطائها وهي كثيرة - ستخرج كل
تلك المناطق من سيطرة النظام، وهو ما
يدعو إلى التشاؤم، إذ كيف سيقبل النظام
بهكذا نهاية؟ ربما لم يملك اختياراً،
ربما لديه حل بديل؟ هو أن يفقد كل سورية
ويحافظ على بعضها، وتحديداً الساحل
والجبل حيث تتركز الطائفة العلوية. لا
بد أن النظام استعد ليوم كهذا وفي
المنطقة من الأسلحة ما يمكنها من
الدفاع عن «الدولة» الجديدة القديمة،
ويستطيع أن يهدد جيرانه. صورة قاتمة
ووصفة لتدخلات إقليمية تقلب كل
التوقعات، مثل أن تتفق إيران وإسرائيل
على حماية تلك الدولة! حينها سيجلس بشار الأسد وأركان طائفته
يتفاوض مع المجلس الوطني وهيئة
التنسيق وغيرهما من المعارضات
السورية، ممثلاً للطائفة وليس للنظام
الذي تركه في دمشق. الاحتمال الآخر أقل سوءاً، أن تفشل مهمة
أنان، ويرسل المراقبون تقريرهم إلى
نيويورك يؤكدون ما نعرفه ونراه
جميعاً، أن النظام هو الذي يقصف شعبه،
ويطلبون اتخاذ قرار أممي بحماية الشعب
السوري. على الأقل ورغم صعوبة ذلك التدخل فإنه
سيستهدف النظام وحده ومكوناته،
وسيحافظ على الدولة السورية ووحدتها. * كاتب سعودي ================= المطلوب من الأسد مطلوب
من المالكي السبت, 21 أبريل 2012 مصطفى زين الحياة قرار إيران والدول الست المعنية بملفها
نقل المفاوضات إلى بغداد شكلت دعماً
قوياً لحكومة نوري المالكي الذي يخوض
صراعاً داخلياً مع قوى مناهضة لطهران
وتوجهاتها السياسية في الإقليم. وأوحت
بأن الطرفين متوافقان على أن يعود
العراق إلى لعب دور الدولة المستقرة
القادرة، وسط هذه الفوضى التي تضرب
الشرق الأوسط. لا بل إن إيران ذهبت إلى
أبعد من ذلك حين أعربت عن استعدادها
لتسوية «سريعة»، وأكد سكرتير مجلس
تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، أن
بغداد ستعلب دوراً كبيراً في هذه
التسوية، خلال المفاوضات. وقال: «نظراً
إلى أن أصدقاءنا في تركيا لم يفوا ببعض
اتفاقاتنا، من الأفضل إجراء المحادثات
في دولة صديقة أخرى». الواقع أن التوافق الأميركي-الإيراني على
أن تكون بغداد مقراً للمفاوضات، لا
يعني أنها ستكون سهلة أو أن التسوية
ستحصل بفضل العراقيين (إذا حصلت)، بل
يعني أن لكلا الطرفين مصلحة في دعم
النظام العراقي. الولايات المتحدة
تريد التأكيد أن حربها لم تكن عبثية،
وأنها حولت العراق إلى دولة ذات شأن في
السياسة الدولية والإقليمية، فيما
تريد إيران اعترافاً دولياً بدورها في
هذا البلد العربي الذي يشكل نموذجاً
لتلاقي مصالحها مع الغرب، أو لتقاسم
النفوذ في المنطقة. أما المسؤولون العراقيون، وفي مقدمهم
المالكي، فيرون في عقد المفاوضات
دعماً لهم في مواجهة خصومهم في الداخل.
وهذا ما أكدوه حين أعلنوا عودة العراق
إلى محيطه، بعد القمة العربية، وبعد
عقود طويلة من الحروب والعقوبات
والعزلة وخروجه من المعادلة الإقليمية. كانت تصريحاتهم متفائلة جداً، بل كان
مبالغاً فيها إلى حد المزاح، على رغم
علمهم أن عودة بغداد إلى محيطها العربي
شبه مستحيلة الآن لأن توجهاتها
السياسية لا تتوافق وتوجهات هذا
المحيط فالمطلوب من المالكي أن يواجه
النفوذ الإيراني في بلاده. وأن لا يفتح
الأسواق أمام البضائع السورية، ومطلوب
منه أيضاً أن لا يحول العراق إلى جزء من
منظومة إقليمية يناهضها هذا المحيط. واضح أن بغداد لا تستطيع، وحكومتها لا
تريد، مغادرة هذه المنظومة، لذا
استبعدت من أي محادثات أو خطط تتعلق
بالبحرين أو اليمن أو الإمارات أو
سورية، ولذا دعا مجلس التعاون الخليجي
المغرب والأردن للانضمام إليه، علماً
أن العراق أولى بذلك، بحكم وقوعه على
الخليج. شكوك الخليجيين في مواقف
المالكي كبيرة جداً ويرون أن العراق،
بسياسته الحالية، يشكل جسراً لتواصل
المحور المناهض لكل سياساتهم، فضلاً
عن عرقلته خطط تركيا والدول التي
اجتاحها ربيع الإسلاميين. ويرى
الخليجيون أن سعي المالكي إلى تكريس
هذا الواقع يعني تكريساً ل «الهلال»
الذي حذر منه العاهل الأردني. ويعني
أيضاً خرقاً جيواستراتيجياً تصدت له
الولايات المتحدة وتركيا وإيران
الشاه، أيام الحرب الباردة في القرن
الماضي، وتتصدى له الآن مع دول مجلس
التعاون، فيما ترى فيه موسكو فرصة
ذهبية للعودة إلى الحلبة الدولية في
بداية الحرب الباردة الجديدة. المطلوب من المالكي كي يعود العراق إلى
محيطه هو ذاته المطلوب من النظام
السوري: الابتعاد عن إيران، حتى لو
عقدت المفاوضات حول ملفها النووي في
بغداد بالتوافق مع واشنطن. وكل
المؤشرات تؤكد أن جيران العراق، عدا
إيران وسورية بطبيعة الحال، لن يبقوا
مكتوفي الأيدي إذا استمر المالكي في
سياسته. ================ الشعب السوري يستحق ما
هو أفضل ؟! عريب الرنتاوي الدستور 21-4-2012 يستحق الشعب السوري نظاماً أفضل من هذا
النظام الجاثم على صدره بقوة الحديد
والنار...هذا ما اعتدنا، وكثيرون
غيرنا، على قوله وترديده صبح مساء...لكننا
قلما انتبهنا إلى أن هذا الشعب الصابر
والمناضل والمبدع، يستحق كذلك، معارضة
أفضل من هذه المعارضة التي يصعب عليها
بعد أربعة عشر من التضحيات والشهادة،
وشلال لم يتوقف من الدماء الزكية، أن
تضع خلافاتها جانباً، وأن تلتقي على
كلمة سواء فيما بينها. وأصدقكم القول من دون تحامل أو افتئات أو
تردد، أن وضع المعارضة البائس، هو أحد
الأسباب الجوهرية ل”طول عمر” النظام،
وإن ظل الحال على هذا المنوال، وهذا
احتمال راجح، فليس من المُستبعد
أبداً، أن تواجه ثورة الشعب السوري،
مصير الثورات المغدورة، وهي كثيرة في
التاريخ. إن أنت جمعت “الفيتوات المتبادلة” بين
المعارضات والمعارضين السوريين، لن
يسعك دعوة خمسة أشخاص إلى مائدة غداء...وإن
أنت أصغيت للاتهامات المتبادلة بينهم،
لن يبقى “وطني” واحد في صفوفهم....وإن
أنت سعيت في بلورة “رؤية مشتركة لهم من
صفحة واحدة، حتى وإن كانت على شكل
تمنيات ومناشدات، لما وجدت من يوقعها
من بين “قبائل المعارضة” وأفخاذها
التي لا تكف عن التناسل من ضلعها، إلا
فريق بعينه أو لون واحد. وزاد الطين بلة، أن بعض عواصم المنطقة، من
إقليمية وعربية، بدأت تجد ضالتها في
انقسامات المعارضة وتشرذمها، فأخذت
تبحث لنفسها عن “حصة” و”نصيب”...هذا
محسوب على قطر، وذاك على السعودية،
وثالث على تركيا، ورابع على باريس
وخامس على واشنطن، وبعض من تبقى خارج
هذه الارتباطات، وليس جميعهم بالطبع،
محسوب على سوريا، و”مهجوس” بمصالح
شعبها ومستقبلها. قبل اندلاع الثورة السورية، لم تكن
المعارضة موحدة...لكن الاتفاق فيما
بينها كان ممكنا، برغم فواصل العقيدة
والبرامج والإيديولوجيا، ولقد حصل ذلك
مراراً وتكراراً في مطلع العقد الفائت
وأوسطه...لكن بعد اندلاع الثورة، ولمّا
صارت الوحدة شرطاً ومقدمة لانتصارها،
بدا التوافق أمراً صعباً، يلامس ضفاف
المستحيل...وبدا أن المعارضين، قد
دخلوا في حرب داحس والغبراء على تقاسم
جلد الدب قبل اصطياده...لا بل أن بعضهم،
مأخوذاً بما لم يعهده ويعتد عليه من
قبل، من مال “سهل ورخيص” وجاه وأضواء،
يكاد يفقد رشده، بعد أن فقد بوصلته،
وهو يتصرف اليوم، كما لو أنه سيصبح “ديكتاتور”
العهد القادم، أو أحد أعضاء الحلقة
الضيقة القريبة منه. وبلغ الأمر ببعض “المكونات” القومية في
المعارضة أن أخذت تتعامل مع سوريا كما
لو كانت “رجل المشرق المريض”، الذي
يتعين الاتفاق على توزيع تركته، قبل
رحيله...هذا يحدثك عن تقرير المصير،
وذاك يريد لكل مجموعة قومية أو إثنية
أن يعترف بها أمةً مستقلة، تحشر وحدها
يوم القيامة...وفي غياب أي أرقام رسمية
موثوقة، تستمع لأرقام عن الأقليات في
سوريا، تجعل الوجود العربي في سوريا،
نادراً أو حتى سالباً. قبل نهاية الشهر الجاري، من المفترض أن
يدعو الأمين العام للجامعة العربية
المعارضة لاجتماع موسع وشامل، لبحث
أمر وحدتها، وذلك بناء على قرار وزاري
عربي صدر مؤخراً...لا أدري إن كان
الاجتماع سيعقد أم لا؟...ولا ندري إن
كان سيظفر بالنجاح في حال التئامه...لكن
التجارب السابقة، قريبها وبعيدها، لا
تبعث على التفاؤل، بأن اختراقاً على
هذا الطريق قد يتحقق. المجلس الوطني يعتبر نفسه ممثلاً شرعياً
وحيداً للشعب السوري، وهو لا يريد حتى
مجرد استخدام تعبير وحدة المعارضة،
كونه الإطار المُجسّد لوحدتها...وفي
أعلى درجات التساهل والتنازل، يمكن له
أن يقبل باستكمال بنائه وتوسيعه بضم من
بقي خارجه إلى صفوفه...أما القوى
الأخرى، فهي ترفض أن تمنح المجلس هذه
الشرعية، لأسباب (واتهامات) عدة، تبدأ
بارتباطاته التركية والقطرية، ولا
تنتهي بنزعات أفراده ومكوناته
للهيمنة، ناهيك عن تفضيله لخيار
العسكرة والتسليح والتدخل العسكري
الدولي. لا ندري كيف ستنتهي الجولة المقبلة من “مشروع”
وحدة المعارضة السورية، لكن يبدو أن
الأشقاء السوريين، يغذون الخطى على
دروب أشقائهم الفلسطينيين، الذين مضى
على آخر محاولاتهم لاستعادة وحدتهم
الوطنية، أزيد من خمس سنوات، من دون أن
يصلوا إلى “مطرح” محدد...كان الله في
عوننا. ================= إذا اجتمع الناتو في
تركيا سيفهم الأسد! طارق الحميد الشرق الاوسط 21-4-2012 من الواضح أن هناك استنفارا دوليا مختلفا
تجاه ما يحدث بسوريا، وتحديدا اجتماع
باريس الأخير، الذي أبرز مميزاته أنه
جاء مختصرا، ولغة بيانه الختامي جاءت
مختلفة، خصوصا عندما اعتبرت مهمة أنان
«الفرصة الأخيرة»، لكن السؤال هو: هل
هي فعلا الفرصة الأخيرة التي ستمنح
للأسد؟ فحديث وزيرة الخارجية الأميركية في باريس
كان مهما، حيث دعت إلى التحرك مرة أخرى
في مجلس الأمن من أجل استصدار قرار
جديد خاص بالأوضاع السورية، وتحت
الفصل السابع، وهو ما يعني استخدام
القوة العسكرية، وبالطبع كانت الوزيرة
الأميركية واقعية وهي تتوقع أن تقوم
موسكو باستخدام الفيتو مجددا، مما
يعني، وبحسب الوزيرة كلينتون، ضرورة
تفعيل معاهدة الدفاع المشترك لحلف
شمال الأطلسي، وذلك بسبب القصف السوري
«المشين»، بحسب كلينتون، لمنطقة على
الحدود مع تركيا، حيث أعلنت كلينتون أن
أنقرة «تفكر رسميا في تفعيل المادة
الرابعة من معاهدة الحلف الأطلسي». وبالطبع فهذا كلام مهم جدا، خصوصا أن هناك
جملة تصريحات صدرت أول من أمس من
قيادات عسكرية أميركية بأن كل
الخيارات على الطاولة، وهناك أيضا
التصريحات الغربية، ومنها تصريحات
الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي طالب
بتوفير الممرات الآمنة في سوريا، مما
يعني أن فرص التدخل الخارجي قد باتت
واسعة الآن، خصوصا أن مهمة أنان غدت
فاشلة فعليا، وبحاجة إلى أن تنعى
رسميا، لكن بالتأكيد السؤال الآن هو:
هل يفهم الأسد كل هذه التصريحات،
ويأخذها على محمل الجد، ويستجيب
للمبادرات الدبلوماسية؟ الإجابة
الطبيعية هي لا، فطالما أن لا خطوات
حقيقية على الأرض فإن الأسد لن يلتزم
بأي مبادرة، وما يجب أن نتأكد منه هو
أنه طالما لم يستمع الأسد لأزيز
الطائرات بسماء دمشق فإنه لن يقدم على
أي خطوة جادة لإنهاء العنف، والجرائم
المرتكبة بحق السوريين. والأمر لا ينطبق على الأسد وحده، بل وعلى
الدوائر المقربة منه أيضا، وأركان
أمنه، فطالما أنه لا يوجد تحرك عسكري
حقيقي لوقف آلة القتل، ولا توجد ممرات
آمنة، أو مناطق عازلة في سوريا، فمن
الطبيعي ألا نرى انشقاقات «كبرى» في
الأسماء أو الرتب بالنظام الأسدي،
فالسؤال المنطقي المطروح، والمكرر،
منذ ثلاثة عشر شهرا من عمر الثورة
السورية هو: أين يذهب من ينشق من
الوزراء، أو الضباط الكبار، وبالطبع
عوائلهم؟ ففي ليبيا كانت هناك بنغازي،
أما في الحالة السورية فها هو الأسد
يقوم بقصف حمص يوميا، رغم مهلة أنان،
حيث من الواضح أن الأسد يريد إحراق حمص
لكي لا تكون عاصمة الثورة، أو بنغازي
السورية. وعليه، فرغم أهمية كل ما قيل في اجتماع
باريس، فإن بشار الأسد لن يذعن، أو
يستوعب، خطورة الموقف، وجدية المجتمع
الدولي، إلا إذا رأى أول اجتماع للناتو
يعقد في تركيا، وتحت عنوان الوضع
التركي - السوري، حينها سيعي الأسد أن
عجلة التغيير قد انطلقت، وأن اليوم غير
الأمس. هذه هي اللغة الوحيدة التي سيفهمها
الأسد، ولا شيء غير ذلك. ================= "المجلس الوطني"
ودرس الثورة السورية منار الرشواني الغد الاردنية 21-4-2012 بعد ما يزيد على عام على اندلاع الثورة
السورية، لا يبدو النظام قادراً على
استيعاب الدرس الأهم، والمتمثل في فشل
الحل الأمني في إخماد هذه الثورة
ابتداء. وحتى في حال نجاحه، فإنه لن
يكون سوى نجاح هش وقصير الأمد جداً،
بسبب طول مدة المعالجة الأمنية،
وانتشار الضحايا على امتداد المدن
والبلدات السورية، بخلاف تجربة حماة
1982، حين بقيت المذبحة مقتصرة على مدينة
واحدة أساساً. على الطرف الآخر، يبدو ذات الفشل وعدم
القدرة على استيعاب دروس الثورة
السورية لدى معارضة المجلس الوطني
السوري تحديداً، باستمرار تعويل هذه
المعارضة على التدخل الأجنبي سبيلاً
لنجاح الثورة. إذ يبدو جلياً أن
تصريحات الإدانة الغربية الجوفاء
للنظام السوري، لا يوازيها إلا
تأكيدات المسؤولين الأميركيين، كما
الأوروبيين، بعدم الرغبة أو القدرة
على التدخل عسكرياً في سورية وفق
النموذج الليبي. والمسؤولون الأميركيون الذين يرتبط بهم
أساساً تحقق التدخل الأجنبي في سورية،
يستندون إلى رأي عام أميركي يرفض
تماماً هذا التدخل. إذ بحسب استطلاع
لمعهد "بيو" صادر الشهر الماضي،
فإن 64 % من المستطلعة آراؤهم، ويتوزعون على
الحزبين الديمقراطي والجمهوري،
يرفضون أي شكل لتدخل أميركي عسكري في
سورية (مقابل تأييد 25 %)، بما في ذلك
مجرد تسليح المعارضة السورية (بنسبة 63 %
مقابل تأييد 29 %). وإذا كان هذا الموقف بعد عام على الثورة
السورية، وسقوط أكثر من عشرة آلاف
شهيد، فعلى معارضة المجلس الوطني أن لا
تعتمد أبداً على وحشية النظام لتغيير
الرأي العام الأميركي، ومواصلة
استجداء التدخل الأجنبي، لاسيما أن
الإحصاء الصادر في 13 نيسان الحالي عن
"مركز تميز الصحافة" التابع لمعهد
"بيو" أيضاً، يشير صراحة إلى
هامشية الثورة السورية في وسائل
الإعلام الأميركية، حتى مقارنة بثورتي
مصر وليبيا. إذ لم تتجاوز أخبار الثورة
السورية نسبة 3 % من التغطية الإخبارية
في الولايات المتحدة إلا مرة واحدة،
وبلغت 7 %، في شباط الماضي، نتيجة مقتل
صحفيين غربيين اثنين في حمص، وقرار
الولايات المتحدة إغلاق سفارتها في
دمشق. ربما يقال هنا إن موقف الرأي العام
الأميركي بشأن سورية اليوم لا يكاد
يختلف عن موقفه عشية اتخاذ قرار من حلف
"الناتو"، بقيادة الولايات
المتحدة، بالتدخل عسكرياً للإطاحة
بالقذافي. لكن هذه الحجة الصحيحة تعيد
طرح التحديات المعروفة بشأن الحالة
السورية، والمتمثلة في غياب قرار دولي
صادر عن مجلس الأمن خلافاً للوضع في
ليبيا؛ وتعقد المواقف الإقليمية
والدولية بشأن سورية مع اقتراب موعد
انتخابات الرئاسة الأميركية، بما يمنع
قرار تدخل عسكري يحمل إمكانية تفجير
صراع إقليمي وحرب دولية بالوكالة لا
تعرف نهايتهما. ومن ثم، لا يبقى من "أمل"
بحدوث تدخل أجنبي إلا وفق أحد شرطين أو
كليهما: ارتكاب النظام السوري مذبحة لا
يملك العالم السكوت أمامها؛ أو تنفيذ
هذا التدخل وفق أجندة أوسع، تتعلق
بإيران خصوصاً، وتجعل من سورية ساحة
معركة في حرب أوسع. فهل تقبل معارضة
المجلس الوطني بأي من الخيارين؟ كما أن سر استمرار الثورة السورية هو
أسسها الوطنية، فإن نجاحها بإسقاط
النظام نحو الكرامة والحرية وليس نحو
الدمار أو المجهول، لا يبدو ممكناً إلا
بالتزام هذه الأسس؛ أي عبر توسيع
نطاقها وطنياً وشعبياً، وليس ثمة خيار
آخر ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |