ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
وسمة الإدانة نازحون
سوريون يوثقون وحشية نظام الأسد
بأعضائهم الممزقة ... "الشبيحة" لا
يعرفون المظاهرات السلمية ويحبون سفك
الدماء عمّان: عبدالقادر عياد، علوان
السهيمي 2012-04-23 الوطن السعودية للذاكرة سلطة مرعبة. وهذا، ربما، ما يعمل
عليه النظام السوري؛ أن يخلّف شعبا ذا
ذاكرة مليئة بالخدوش. فلم يكن يتوانى
عن قتل الناس، أو تركهم يواجهون الحياة
بأعضاء ناقصة، مثل أن يقطعوا يد شاب،
أو ساقه، ليتركوه على قارعة الذكرى
إنسانا مشوّها حتى من ذكريات جميلة
تجاه هذه الثورة، وهو الأمر الذي بات
وثيقة إثبات لجرائم النظام الأسدي. بكاء ساق يتيمة يحكي خالد سليمان العزاوي وهو أحد الثوار
من مدينة دير الزور شرق سورية، قصته في
المعتقل ويقول: "خرجت في مظاهرة في
مدينة دير الزور، وكانت مظاهرتنا
سلمية، لكن النظام لم يعترف يوما
بالمظاهرات السلمية، فسجلوا اسمي في
سجلاتهم، وبقوا لأكثر من شهر ونصف
الشهر يتربصون بي في الطرقات وعند
معارفي، لكنهم لم يستطيعوا إلقاء
القبض علي". ويضيف وهو يمسك ببقايا
رجله المقصوصة من المنتصف: "بعد شهر
تقريبا، كنت عائداً إلى منزلي راكباً
دراجتي النارية، وحين هممت بالدخول
إلى المنزل تفاجأت بعدد كبير من عناصر
الأمن ينهالون علي ضرباً وركلاً،
ففقدت الوعي، ولم أصحُ إلا وأنا بين 4
جدران، وتأكدت حينها بأنني في المعتقل". كنا نسمع حديث هذا الرجل الذي لم يغفر له
كبر سنه، وهو يتألم من فقد ساقه
اليسرى، وكان يقول: "لم يقدروا حتى
كبر سني، فبقيت في المعتقل 11 يوماً
فقط، وخرجت من المعتقل بعد أن بتروا
ساقي اليسرى من عند الركبة، وهي كما
ترون الآن". يردف بمرارة: "ساقي الآن لا تهمني
إطلاقا، ما يهمني أن يسقط الطاغية،
عندها سأعرف كيف انتصر لنفسي من ذلك
الضابط الذي أمر ببتر ساقي، وأنا أعرف
اسمه جيداً، ولن أنساه أبداً، وستكون
إصابتي دليل إثبات جريمته". كان في تلك الشقة التي دلفنا إليها، عدد
كبير من المصابين والمشوهين، وكان
العزاوي أول هؤلاء المصابين الذين
يسيرون في الطرقات بأعضاء ناقصة،
لنسمع بعده حديث زاهر الحريري الذي كان
مبتسماً على رغم فقدانه كفه اليمنى. الحياة بكف واحدة كانت حكاية زاهر الحريري لا تقل عن
الحكايات الأخرى بشاعة، لكنها تكشف
جانباً آخر من منظومة النظام السوري.
ويقول: "لم أشارك في الثورة بشكل
فعلي كفرد من أفراد الجيش الحر، إنما
كنت مع مجموعة من الشباب نساعد الجيش
الحر في داعل (شمال سورية) أثناء موقعة
تبادلوا فيها النار مع شبيحة النظام،
كنا نقف خلف أفراد الجيش الحر، ونمدهم
بالماء، والأكل، ونساعد في سحب الجرحى
منهم، لأننا لم نكن نملك سلاحا
للمشاركة، وفي لحظة من اللحظات أصيب
أحد أفراد الجيش الحر فتقدمت لسحبه إلى
خارج المواجهة لإسعافه، وأثناء تقدمي
لم أنتبه لأحد الشبيحة الذي كان
متمركزاً فوق أحد البنايات الحكومية،
فأطلق علي النار بشكل مخيف، وأثناء ذلك
اخترقت رصاصة كفي اليمنى، وقطعت أوتار
أصابعي". وتابع: "حملني أحد أفراد المجموعة بعد
ذلك، وسحبني للمستشفى الميداني في
داعل، وقام الطبيب بإسعافي بطريقة
بدائية، لكنه أخبرني بأنه ينبغي علي
الذهاب إلى دمشق لمعالجة يدي بطريقة
أفضل مما يقدمه المستشفى الميداني،
ويمكن لو تأخرت أن تصاب يدي
بالغرغرينا، وطمأنني بأن إصابتي ليست
كبيرة، فبمجرد إجراء إعادة لربط أوتار
يدي يمكن أن تعود يدي سليمة". ويضيف
"اضطررت أن أذهب إلى دمشق لعلاج يدي،
وقمت باستخدام بطاقة أخي الشخصية
لأنني كنت مطلوباً للنظام، وحينما
دخلت إلى المستشفى، سألوني عن سبب
إصابتي فكذبت عليهم بأن سببها كان
نتيجة سقوط آلة نستخدمها في الحصاد،
وأعتقد أنهم لم يصدقوا ذلك، بقيت لأقل
من 24 ساعة في المستشفى، حيث أدخلوني
إلى غرفة العمليات يريدون معالجة
أوتار يدي، لكنني حينما خرجت من غرفة
العمليات، وصحوت من المخدر أكتشفت
بأنهم بتروا كفي اليمنى كاملة عقابا لي
على كذبي". أحشاء على الأرض بعد ذلك تحدث لنا ماجد الشيخ عن حكايته،
لكن ما أرعبنا حقا هو حينما قام هذا
الرجل بالكشف عن بطنه، كان مشهد بطنه
مروّعاً. بدأ يسرد ما حصل له قائلا: "أنا
من محافظة صغيرة تدعى كناكر، وهي
بالمناسبة المحافظة التي خرج منها
رئيس الوزراء السوري حاليا". ويردف
"كنا نخرج في مظاهرات سلمية كل يوم
جمعة، لم نرفع يوما السلاح في وجه
النظام أبدا، إنما كنا نخرج في
المظاهرات ونردد الهتافات فقط، لكن
هذا النظام لا يعرف المظاهرات
السلمية، فهو نظام يحب سفك الدماء فقط".
ويكمل الشيخ حديثه: "ذات يوم داهم
الشبيحة حيّنا، فأخذوا بقصف الحي
بطريقة عشوائية، فكل ما كان يتحرك في
حينا أطلقوا عليه النار، حتى الحجارة
أطلقوا عليها النار، وهدّموا البيوت،
وروّعوا الناس، قبل أن يبتدئ القصف كنا
نسير في مظاهرة، وعندما سمعنا صوت
إطلاق النار تفرقنا جميعا، ولكن لسوء
حظي أصابتني عدة طلقات في بطني، هتّكت
أحشائي الداخلية جميعها، فسقطت على
الأرض، وبدأت أرى أحشائي وهي تنساب على
الأرض". كان شيئا مرعبا حقا، ومنظر بطنه مؤلم بشكل
لا يصدق، فأخذ يكمل الحديث بقوله: "أجريت
لي إلى الآن ما يقارب 13 عملية جراحية
لإعادة ترميم أحشائي المتهتكة، وبقي
لي عدة عمليات يريدون من خلالها زرع
شبكات داخل بطني لتحتوي أحشائي
الداخلية التي لم يعد لها شيء يحتويها". الإيمان.. رغم نقصان الأعضاء انتقلنا بعد ذلك إلى أحد الأحياء في مدينة
عمان بعد إجراء عدة اتصالات، بالكاد
وصلنا إلى منزل الثائر أبو عمر
الميداني، دخلنا إلى البيت فوجدنا
أمامنا شاباً في العقد الثالث من العمر
فقد كفّه اليسرى، وأصبعين من أصابع يده
اليمنى، استقبلنا بحفاوة، وأخذ يحدثنا
عن حكايته، قال إنه من منطقة ريف دمشق،
وشارك كثيراً في الثورة مع والدته التي
كانت تقدّم المساعدات للثوار. وتحدث
أبو عمر عن الهجوم الذي فقد فيه أعضاءه
قائلا: "ذات يوم قام الشبيحة بمداهمة
حيّنا، واشتبكنا معهم في مبادلة
لإطلاق النار، وأثناء ذلك الاشتباك
أصابتني رصاصة في يدي اليسرى، إضافة
إلى رصاصة طيّرت أصابع يدي اليمنى، لكن
الحمد لله على كل حال". وأثناء
مقابلتنا له بدأ يواصل الحديث عبر
برنامج (سكايبي) مع زملائه الثوار، رغم
فقدانه يده، كان يساهم معهم في إمدادهم
ببعض المعلومات التي يحتاجونها، أو
بالمال الذي يستطيع توفيره. الطعام مقابل السلاح أثناء حديثنا مع "أبو عمر الميداني"
عن تجربته، انبرت لنا أمه بالحديث،
كانت متحمسة جداً للثورة رغم ما حصل
لابنها، وكان تتحدث بإيمان لا مثيل له،
أخبرتنا عن حكاياتها قبل أن تخرج من
دمشق مجبرة لمرافقة ابنها: كيف كانت
تمد الثوار بالطعام والشراب، وكانت
توفر للأسر المنكوبة في الثورة المأكل
والمشرب، وكيف حاولوا اعتقالها أكثر
من مرة لكنها استطاعت الهرب. وتضيف "كل
ما أريده الآن أن يتم توفير بعض
الحاجيات البسيطة من أدوات لإعداد
الطعام، وسأقوم بصنع بعض المأكولات
وبيعها على الناس هنا لأوفر أي مبلغ
يمكنني أن أرسله للثوار في دمشق
ليقوموا بشراء السلاح، ولن أتوقف عن
هذا العمل حتى يخرج الأسد وشبيحته من
سورية". عوير: النظام يقتل بيد ويوقع الاتفاقات
بأخرى "الوطن" التقت الناشط السوري يسار
عوير، أول مصابي الثورة السورية في
مدينة درعا، والذي ما زال يعالج من
إصابته. عوير تعهد خلال حديثه بمواصلة فضح
ممارسات النظام السوري، وكذلك النظام
الإيراني الذي يقف خلفه ويمده بالسلاح
والرجال، وقال عوير: "كل هذه
الإصابات والأطراف والأجساد الممزقة
شاهد إثبات وإدانة ضد وحشية وجرائم
النظام السوري الذي لم يتوقف حتى
اللحظة عن منهجه في القتل وسفك الدماء
البريئة، برغم كذبه المتواصل وادعائه
الالتزام بالاتفاقات وآخرها اتفاق
عنان، فهو نظام يوقع الاتفاقات بيد
ويقتل بالأخرى". كان الناشط عوير يحمل بيده مقذوفا من مصنع
في إيران، وهو الذي أخرجه الأطباء من
قدمه أثناء العملية، حيث ذكر بأن هذا
المقذوف من المصانع الحربية الإيرانية
التي تواصل دعم النظام السوري في حربه
على شعبه. وختم عوير حديثه ل "الوطن" بأن
الأردن تشهد نزوح مئات العائلات
السورية كل ليلة، ومعظم النازحين لا
يجدون أماكن للإقامة فيضطرون إلى
استئجار شقق سكنية بمبالغ باهظة،
والمساعدات التي توفر لهم أقل من
احتياجاتهم بكثير، مؤكداً أن حكومة
وشعب الأردن يقدمون ما باستطاعتهم من
مساعدات ووقفوا موقفا إنسانيا مشرفا
من النازحين السوريين، إلا أن الأمور
تزداد سوءاً بسبب تزايد النزوح ونقص
الإمكانات. "الوطن" تكرم الزميل عمر الزبيدي
نظير تغطيته الأحداث من الداخل السوري الرياض: الوطن كرمت صحيفة "الوطن" أمس، بحضور رئيس
التحرير طلال آل الشيخ، المحرر
السياسي بمركز الرياض الإقليمي عمر
الزبيدي، نظير تميزه بتغطية الأحداث
في الداخل السوري والتي نشرتها
الصحيفة على مدار الأيام الماضية على
شكل حلقات، حيث قامت بتسليمه شهادة شكر
وتقدير على جهوده، إضافة إلى صرف
مكافأة مالية. وعبر الزميل الزبيدي عن بالغ سعادته بهذا
التكريم، مفيداً أنه يحمله مسؤولية
مضاعفة من أجل خدمة الحرف والقارئ في
آن، مضيفا أن خطوته في دخول سورية التي
تواجه وضعا أمنيا حرجا، تأتي انطلاقا
من حرصه على توثيق الأحداث على أرض
الواقع هناك على ذات النمط المهني الذي
يمتاز به الخط العام لصحيفة "الوطن"
بكل حيادية ودون انحياز. وأكد رئيس التحرير أن خطوة "الوطن"
في تكريم الزميل الزبيدي تأتي في إطار
حرص سمو رئيس مجلس إدارة مؤسسة عسير
للصحافة والنشر، الأمير بندر بن خالد،
ومتابعة واهتمام مديرها العام حاتم
مؤمنة، في تكريم كل الأعمال المميزة،
مشيدا بالدور الذي أداه بقية الزملاء
الذين كانت لهم أعمال مشابهة في مناطق
تقع تحت طائلة الخطر؛ ومنهم: عبدالقادر
عياد، علوان السهيمي، صالح صوان،
عبدالله النهدي، والزميلة فاطمة حوحو
من لبنان. ================= القرار 2043.. مهلة إضافية
للقتل 2012-04-23 12:00 AM الوطن السعودية منذ انطلاقة الثورة السورية، قبل سنة وما
يقرب من الشهرين، كان هناك شعور لدى
المراقبين أن النظام يستطيع المناورة
وإطالة أمد الأزمة، وأن سقوطه ليس
بسهولة ما تصوره الشعب المتعطش للحرية
والديموقراطية وتناوب السلطة. فالنظام يملك وسائل كثيرة في الداخل:
الجيش والأمن والإدارة ومفاصل السلطة،
وفي الخارج محصن بتحالفاته مع روسيا
والصين وإيران والعراق وحزب الله
اللبناني الممسك بتفاصيل السياسة
الخارجية اللبنانية بعد أن أقصى بقوة
السلاح الأكثرية البرلمانية وحل محلها. إذاً، كان النظام يدرك أن قرارا من مجلس
الأمن لن يصدر بإدانته والمطالبة
برحيله، وبرز ذلك جليا في الفيتو
الروسي الصيني المشترك، وأن الجامعة
العربية أضعف من أن تجرد جيوشا لإسقاطه
بالرغم من سقوطه داخل مؤسساتها. بقي الاعتماد على دخول الناتو في حرب
شبيهة بما جرى في ليبيا المتنفس الأخير
للثورة السورية، ولكن هذا الأمل سقط
بفضل الفيتو الأميركي غير المعلن،
والذي يرجعه البعض إلى الحملة
الانتخابية الرئاسية التي يخوضها
الرئيس باراك أوباما، ولكن الحقيقة
تعود إلى مفصل أساسي، أن الولايات
المتحدة لا تسعى إلى إسقاط النظام
السوري الذي بقيت جبهته هادئة على جبهة
الجولان لأكثر من أربعين عاما، وهو
الأمر الذي يهم واشنطن وإسرائيل في آن
معا. كان القرار 2043 الذي اتخذه مجلس الأمن مساء
أول من أمس، واضحا في هذا المجال. فهو
وإن أقر إرسال 300 مراقب دولي إلى سورية،
فهو بالتالي أعطى النظام فترة إضافية
للقتل لمدة 90 يوميا، مما يعيد طرح
السؤال الأساسي: هل حقا أن الولايات
المتحدة والغرب والناتو يسعون إلى
إسقاط النظام السوري؟ ليس كل ما يعلن في السياسات الدولية
صحيحا، فمصالح الدول تبقى فوق كل
اعتبار، والضحايا الذين يسقطون في
شوارع حمص وحماة وإدلب ودرعا، لا
يبكيهم إلا أهلهم. ================= الراية 23-4-2012 بقلم : سمير عواد (مراسل الراية في برلين) بذلت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية
الأمريكية قصارى جهدها في مؤتمر
أصدقاء سوريا الأخير في العاصمة
الفرنسية، لتقنع العالم أن المجتمع
الدولي موحد في مسعاه لتصعيد الضغط على
نظام بشار الأسد كي يوقف حمام الدم ضد
الشعب السوري. وقالت: يجب أن
نعمل بحدة أكثر ضد نظام الأسد. إما
تلتزم دمشق بقرار وقف إطلاق النار
وتتعاون مع المبعوث الخاص للأمم
المتحدة كوفي عنان وتقبل تنفيذ النقاط
الست التي وردت في خطته، أو أن واشنطن
سوف تطلب من مجلس الأمن الدولي القيام
بخطوات جديدة ضد نظام الأسد. ثم تذكرت
كلينتون وجود استمرار التأييد الروسي
والصيني لنظام الأسد الذي يتم على حساب
دماء الشعب السوري وقالت: واضح بالنسبة
إلي أن هذا مشروع فرض عقوبات مهدد
بالفشل إذا تم استخدام الفيتو. وهكذا يدور النقاش منذ أشهر حول احتمال
تدخل عسكري دولي في سوريا داخل حلقة
مفرغة. قبل ثمانية أشهر وتحديدا في
أغسطس 2011 طلب الرئيس الأمريكي باراك
أوباما من بشار الأسد التنحي عن منصبه
وبذلك أثار عند الأمريكيين
والأوروبيين والعرب احتمال مواصلة
العمل في إضعاف الأسد، لكن لم يحصل شيء
منذ ذلك الوقت. صحيح أن العقوبات الغربية والعربية أضعفت
الاقتصاد السوري كثيرا، واليوم تساوي
قيمة الليرة السورية نصف قيمتها قبل
الأزمة، وحسب أقوال بعض الدبلوماسيين
الأجانب بدأت دمشق تبيع احتياطها من
الذهب، لكن بعض المراقبين يعتقدون أن
الخطوات التي اتخذتها الولايات
المتحدة وأوروبا من طرف واحد فإنها
تحقق النجاح على مدى قصير فقط. ليس سرا أن مفتاح الحل بيد روسيا والصين،
هذا التحالف الذي يقف في مواجهة
التحالف الغربي في مجلس الأمن الدولي
ويعطل كل محاولة للضغط على الأسد.
وهكذا باتت الأزمة السورية أزمة دولية
تتشابك فيها المصالح ويستفيد الأسد من
هذا الوضع طالما ليس هناك وفاق بين
الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس
الأمن الدولي على ما يحدث في سوريا.
فيما يعرف الشعب السوري اليوم أن روسيا
والصين تقفان ضد مصالحه، فإن الغرب لا
يظهر منه أكثر من قرارات سياسية رمزية
لا تخدش نظام الأسد. يوم الجمعة الماضي قتل جيش الأسد عشرات
المواطنين السوريين في عدد من المدن
المنتفضة ضد نظامه. واتهم التلفزيون
السوري الرسمي الثوار بخرق قرار وقف
إطلاق النار وقال إن عشرة من أفراد
الجيش النظامي لقوا حتفهم في هجوم
للثوار على باص بالشطر الجنوبي الغربي
من البلاد. في ضوء العنف المتواصل في سوريا وسقوط
أكثر من عشرة آلاف قتيل غالبيتهم من
المدنيين منذ بدء الانتفاضة الشعبية
في مارس 2011، لا أحد يتوقع نجاح مهمة
المراقبين الدوليين لسبب وجيه وهو أن
بشار الأسد نفسه لا يأخذها على محمل
الجد وحاول أن يملي على عنان عدد
أفرادها وحصر تحركاتهم ويعتقد
المراقبون أنه 300 مراقب عدد غير كاف على
ضوء العنف المنتشر في مختلف المناطق
السورية ولا يتفق أيضا مع المساحة
الواسعة لسوريا التي يعيش فيها 23 مليون
نسمة. ولمجرد المقارنة
في مدينة الخليل الفلسطينية يعيش فيها
180 ألف نسمة يعمل فيها 180 من المراقبين
الدوليين لحماية سكانها الفلسطينيين
من الاعتداءات الدائمة التي يقوم بها
المستوطنون الصهاينة. وإذا أراد عنان
إرسال مراقبين استنادا إلى عدد السكان
يتعين على الأمم المتحدة إرسال 23 ألف
مراقب وليس 300. وقبل وصول العدد الكامل للمراقبين
الدوليين إلى سوريا رمى نظام الأسد حجر
عثرة جديد عندما قال وزير الخارجية
وليد المعلم إن المراقبين يجب أن
ينتموا إلى بلدان"محايدة" وهو
يريدهم من البرازيل وروسيا والصين
والهند. كثير من العرب والمعارضين
السوريين بالذات يقولون إن مهمة
المراقبين الدوليين تشبه إلى حد كبير
المهمة الفاشلة للمراقبين العرب. نفس المصير قد تتعرض له مهمة مراقبي الأمم
المتحدة. أول اتفاق تم التوقيع عليه في
دمشق بين النظام وممثلين عن الأمم
المتحدة يوم الخميس الماضي يمنح
النظام إمكانية إنهاء مهمة المراقبين
الدوليين إذا شعر أن المهمة تمس سيادته
الوطنية،وهو ما يستطيع زعمه في أي وقت
إذا أحس أن مهمة عنان تحاول فضح جرائمه
ضد شعبه. كذلك فإن النظام لا يضمن أمن
المراقبين الدوليين. هذا الحصر لتحركات المراقبين الدوليين
يذكّر المراقبين بمهمة الأمم المتحدة
قبل عشرين سنة في البوسنة والهرسك. في
ذلك الوقت أرسلت الأمم المتحدة قوات
القبعات الزرقاء ومن مهامها كان
مراقبة وقف إطلاق النار بين أطراف
الحرب التي أشعلها صرب البوسنة، وكذلك
تأمين إرساليات المساعدة الإنسانية
لمسلمي البوسنة المحاصرين في مناطقهم. ورغم زيادة عدد أفراد القبعات الزرقاء
فإن العنف لم يتوقف. والسبب أن مهمة
الهيئة الدولية لا تملك تفويضا قويا
ولم يكن بوسعهم الرد بالنار على
المعتدين الصرب لحماية المدنيين، لذلك
وقعت مجزرة"سربرنتيتشا" أمام
أعين قوة صغيرة من الجنود الدوليين
الهولنديين ومات في المجزرة ثمانية
آلاف من الرجال والشبيبة البوسنيين. حتى أن أحمد فوزي المتحدث باسم عنان اعترف
أن الأحداث في سوريا تذكره بحرب
البوسنة في التسعينيات. رغم ذلك يواصل
الأمريكان والأوروبيون المراهنة على
مهمة عنان وهم يعرفون أنها لن تحقق
النجاح وهناك من يقول إنها فشلت قبل أن
تبدأ. ================= هامش المناورة يضيق على
النظام السوري رأي الراية الراية 23-4-2012 يؤكد الانتقاد شديد اللهجة الذي وجهه
مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية
كوفي عنان إلى السلطات السورية التي
دعاها إلى التوقف "نهائيا" عن
استخدام الأسلحة الثقيلة والقيام كما
تعهدت بسحب هذه الأسلحة ووحداتها
المسلحة من المناطق السكنية إلى
استمرار مماطلة النظام السوري وتعنته
في تطبيق المبادرة ذات النقاط الست
التي وافق عليها وتعد المخرج الوحيد
المتفق عليه دولياً لخروج سوريا من
الأزمة. إن التنفيذ الكامل للمبادرة هو ما ينتظره
المجتمع الدولي الذي منح النظام
السوري أكثر من مهلة وأكثر من فرصة على
مدى أكثر من عام ونيف، وكانت النتيجة
دائماً مزيداً من الضحايا المدنيين
ومزيداً من اقتحامات المدن والبلدات
وحصارها وقصفها، وهو ما تسبب في لجوء
عشرات الآلاف من السوريين إلى دول
الجوار. هامش المناورة بات يضيق أمام النظام
السوري بعد صدور قرار مجلس الأمن
الدولي رقم 2043 الذي نص على نشر 300 مراقب
في المدن والبلدات السورية ودعوة
المجلس إلى توفير الظروف الملائمة
لانتشار البعثة الدولية. إن استمرار عمليات اقتحام المدن واستهداف
المدنيين وقتلهم يؤكد الانطباع أن
النظام السوري غير معني بوقف العنف
وترسيخ وقف إطلاق النار الهش وأنه لا
يزال يعتقد أن الخيار العسكري هو
الوسيلة الوحيدة لمواجهة الاحتجاجات
الشعبية المطالبة بالحرية
والديمقراطية والتغيير في سوريا. كما أن تواصل خروق وقف إطلاق النار في عدد
من المناطق السورية وسقوط المزيد من
الضحايا يؤشر إلى حجم التحدي الذي
يواجه نجاح خطة كوفي عنان التي تعد
الفرصة الأخيرة لمنع سوريا من
الانزلاق في الحرب الأهلية ومنع
التدخل العسكري الخارجي كحل أخير قد
يلجأ إليه المجتمع الدولي لوقف
المذبحة المستمرة. المطلوب ليس فقط أن يتوقف القصف ويخيم
الهدوء في الوقت الذي يزور به
المراقبون المدن والبلدات السورية بل
الوقف الكامل والدائم والمستمر لإطلاق
النار سواء في وجود المراقبين أو عدم
وجودهم والالتزام الكامل والأمين
وبدون شروط بمبادرة المبعوث الدولي
والعربي كوفي عنان وهو الالتزام الذي
يؤسس لمرحلة جديدة في سوريا، وقد يساهم
في إعادة الثقة بين النظام والشعب
السوري وهي المهمة الصعبة وإن لم تكن
المستحيلة بعد أكثر من عام على محنة
الشعب السوري والثمن الغالي الذي دفعه
ولا يزال على يد قوات النظام من أجل نيل
حريته وكرامته وحقه في الحياة الحرة
الكريمة. ================= د.عبدالله القفاري الرياض 23-4-2012 الواقع العربي،
والمشرقي منه تحديداً، تحيطه مخاوف
وهواجس ومخاطر التفتيت والإنهاك
الداخلي المستمر. ألقت تلك المخاوف
بظلالها بعد الغزو الامريكي للعراق..
وتفاقمت مع تطور الأحداث في الثورة
السورية، التي يختلط فيها التحالف
السياسي بالاستراتيجي بالطائفي لوأد
الثورة السورية بشكل يصعب الفصل بين
تلك المكونات. ثمة محاولة لبناء جدران عازلة تخترق
المنطقة العربية.. فهل هناك مشروع لوضع
المنطقة على تماس مع نزاعات طائفية
وأثنية تبدد ما تبقى لها من قوى؟
المقروء اليوم في هذا المشهد الدموي أن
ما يشكل حلفاً للمقاومة والممانعة
أصبح حلفاً لعزل الأكثرية وتوفير بيئة
قاتلة تجعل الصراع القادم في المنطقة
على الهويات الصغرى بعد تدمير وتحطيم
الهوية الكبرى الانقسام المذهبي في المشرق العربي لم
يكن له ذلك الحضور او التأثير حتى
نهاية السبعينيات الميلادية من القرن
الماضي. الأحزاب القومية والوطنية
واليسارية في العراق أو لبنان أو سورية
كانت تعج بجيل تجاوز الطائفي والاثني.
إلا أن مولد الجمهورية الإسلامية
الايرانية، وفشل النظام القومي العربي..
ساهما بشكل كبير في نمو الأحزاب
والتكوينات ذات المرجعية الدينية
الطائفية. لقد رأينا هذا في العراق وفي
لبنان وفي كل منطقة يمكن أن يستثمر
فيها النظام الإيراني التنوع الطائفي
في المنطقة العربية. المرحلة الأخطر التي تمر بها مسألة
الاصطفاف الطائفي، ما نراه اليوم في
سورية. الحلف المقاوم لحقوق الأكثرية
وصل إلى حد مكشوف في عملية واسعة
تستهدف التدمير والتهجير والتطهير..
وربما ترتب عليه تغيير ملامح
ديموغرافية للأبد يجعل من الأكثرية
مشتتة ومنقسمة ومعزولة ومُهجَّرة، ومن
الأقلية سلطة قهر معممة على ما تبقى من
أكثرية مسحوقة منهكة يتوزع ما تبقى
منها في مناطق محاصرة أو يتعرض للتهجير
المستمر .. وكأننا أمام مشاهد نكبة
جديدة. المواجهة في سورية اليوم ليست مواجهة بين
نظام دكتاتوري وشعب أعزل خرج منذ أكثر
من عام يطلب إنصافه وحريته وكرامته
وحلمه بمغادرة هذا الكابوس الذي طال
لأربعة عقود. النظام الدكتاتوري مهما
بلغ تسلطه وقسوته وعنفه لايمكن له أن
يصل إلى مرحلة تدمير مقومات الحياة
والقتل على الهوية والتهجير الجماعي.
هناك ما هو أبعد وأخطر. هناك محاولة
للاستيلاء على سورية كما تم الاستيلاء
على العراق. هناك اليوم محاولة محمومة
لبناء الجدران العازلة والملتهبة
والمضطربة لأمد طويل. إن من أصعب الأمور على من يحلم بأوطان بلا
نزعات طائفية تزرع الخوف والقلق
والتوجس.. يستعيد فيها المواطن العربي
ملامحه كإنسان قبل أي شيء آخر... أن يرى
مسار التطورات يقود المشرق العربي إلى
صراع على الهويات الطائفية.. وهي من
أخطر الصراعات، وأكثرها تعقيدا
وأكثرها ميلا للتقسيم والتفتيت
والانهاك المتبادل. قدم الغزو الأمريكي للعراق الفرصة
المثالية لتعزيز النفوذ الطائفي، وغذى
صراعا طائفيا تحت أوهام الديمقراطية.
مارست الاحزاب الطائفية دورا خطيرا في
إسقاط العراق في حضن الطائفة. هل كان
المخطط ينطوي على تقسيم المشرق العربي
إلى مناطق نفوذ ذات سمة طائفية، لتبقى
الضمانة أن يظل في عهدة الاخضاع إلى
الابد.؟ لقد اختُطف العراق من عهدة نظام سلطوي لا
يحمل مرجعية ذات هوية طائفية، إلى عهدة
نظام ضعيف ذي نزعة طائفية. ألا توحي
التطورات أن ترحيل العراق لحكم
الطائفة بعد حكم الدكتاتور كان هدفا
أمريكياً - إسرائيلياً إيرانياً؟! ظل نظام صدام حسين يترنح تحت وطأة سنوات
الحصار. كان الغزو الامريكي عملا
استباقيا يحول دون استيلاء الجيش
العراقي على الحكم، وهو الاحتمال
السيئ للأمريكان والاسرائيليين
والايرانيين معا. ألم يكن هذا لو حصل
يعني إعادة تأهيل العراق على نحو
مختلف؟.. وعندها ستذهب الفرصة السانحة
لإعادة رسم ملامح دولة عراقية تتجسد
اليوم بهذا الوضع الأقرب إلى حالة
الدولة الفاشلة المنقسمة على نفسها. جاء الغزو مشروعا استباقيا لا علاقة له
بالقاعدة وأكذوبة اسلحة الدمار الشامل.
كان المطلوب ليس رأس النظام العراقي..
كان المطلوب حينها تغيير الحكم جذرياً
في العراق، كانتون كردي منفصل مقنن
دستورياً، ودستور يدفع للفيدرالية
والتقسيم مستقبلا.. كان مشروعا للتفتيت
والتقسيم حتى لا تقوم للعراق قائمة.
ألم يكن يشكل هذا الضمانة الكبرى لأمن
اسرائيل؟ كان المطلوب تحييد العراق
العربي من مشهد الصراع العربي -
الاسرائيلي وإلى الأبد. وإذا كان بناء عراق عربي قوي ظل هاجسا
مقلقا لإسرائيل، فإن رعاية نظام طائفي
يعزل العراق عن امتداده الطبيعي ويحول
دون تلاقيه مع الأكثرية العربية
المتجانسة في بلاد الشام حتى فلسطين
المحتلة.. يشكل هدفا استراتيجيا لأمن
اسرائيل. أما في سورية، فقد كانت مسألة التدريع
الطائفي للنظام سابقة، وبدأ العمل
عليها بالتعاون مع النظام الايراني
بوقت مبكر. كان الأسد الأب يدرك أن حكم
الطائفة في سورية مهدد من أكثرية عربية
سنية، ومن خلال شبكة تحالفات معقدة
استطاع أن يجهض حركة معارضة مسلحة
معزولة يقودها الاخوان المسلمون بعد
تدمير حماة عام 1982. لم يتوانَ الأسد الأب من استثمار الثورة
الايرانية التي جاءت بالخميني وكرست
مفهوم الدولة الدينية المذهبية في حكم
ايران. كان يدرك أن نظامه في مهب الريح
دون هذا المدد الذي يجمع بين أطراف
تستعيد المظلومية الطائفية لتقتص من
التاريخ. وجد ضالته في الطائفة الشيعية
اللبنانية، حيث أُوقظ الحس الطائفي
لدى جيل جديد بدأ ينهمر من حوزات
ومراكز الإعداد والتكوين في طهران وقم
يحمل معه مشروع الطائفة تحت عنوان
المقاومة. وما أبهر وأكثر ألقاً من
عنوان المقاومة. كانت استراتيجية بناء حزب الله تقوم على
ثلاثة عناصر: مقاومة محدودة لإسرائيل
لتحرير جنوب لبنان، تُمكِّن الحزب من
بناء قوة عسكرية ضاربة، وتنظف الجنوب
اللبناني من القوى الفلسطينية، وتمكنه
من بسط نفوذه وسيطرته على الارض.
مشروعية المقاومة قدمت مشروعية السلاح
ومن ثم السيطرة بالتحالف المرحلي مع
بعض القوى المستفيدة من نفوذه وحمايته
على القرار في لبنان. أما العنصر
الثاني، فهو تمكين النفوذ الإيراني في
لبنان ووضع إيران على حدود إسرائيل في
أي مواجهة تهدد النظام أو مشروعاته أو
نفوذه في المنطقة. أما العنصر الثالث
فهو دعم نظام الأسد من أية مخاطر
تهدده، خاصة وهو يعتمد على نفوذ أقلية
وتحالفات هشة في الداخل لا يضمن ولاءها
المستمر. عملياً، ليس هناك حزب بعث حاكم في سورية
اليوم. لقد غادر الحزب مواقعه في سورية
منذ السبعينيات عندما بدأ نظام الأسد
الأب سعيا محموما لتغليب نفوذ
الطائفية / الأقلية على مفاصل المؤسسة
الأمنية والجيش. سقط الحزب في العراق
في قبضة العشيرة، وسقط في سورية في
قبضة الطائفة. عندما شعر النظام السوري في الأسابيع
الأولى باستحالة مواجهة متظاهرين
سلميين حركت أحلامهم بالتحرر موجة
الانتفاضات والثورات الشعبية في
البلدان العربية في تونس ومصر وليبيا
واليمن.. تفتق عقله عن تحويل تلك
المواجهة إلى حالة صراع مع جماعات
مذهبية وعصابات إجرامية.. لقد حانت إذن ساعة مواجهة الأكثرية - مع
العمل على تحييد الأكراد والطوائف
الاخرى - بحرب قاصمة تبدد قواهم
وتعزلهم وتفرقهم وتهجرهم وتشتت شملهم
وتجعل ما تبقى منهم جزراً معزولة تفتقر
لأدنى درجات القدرة على مواصلة
حياتها، ناهيك عن قدرتها على مقاومة
النظام. ثمة محاولة لبناء جدران عازلة تخترق
المنطقة العربية.. فهل هناك مشروع لوضع
المنطقة على تماس مع نزاعات طائفية
وأثنية تبدد ما تبقى لها من قوى؟ المقروء اليوم في هذا المشهد الدموي أن ما
يشكل حلفاً للمقاومة والممانعة أصبح
حلفاً لعزل الأكثرية وتوفير بيئة
قاتلة تجعل الصراع القادم في المنطقة
على الهويات الصغرى بعد تدمير وتحطيم
الهوية الكبرى.. ================= وتتكرر
لعبة القوى في المنطقة العربية!! يوسف الكويليت الرياض 23-4-2012 المنطقة العربية
حبلى بالمفاجآت المتسارعة، انقسامات
وتحالفات، وغرق بالهوامش على حساب
بناء مجتمع متحد يسعى للتنمية والحرية
والنماذج كثيرة قبل وبعد الربيع
العربي بخلق مناخات غير مستقرة.. فالحكم بالعراق لا يريد اظهار وجهه
العربي، حتى في القمة العربية ظل الصوت
الإيراني حاضراً وبقوة وحكومة المالكي
افتعلت العديد من الخلافات مع الدول
العربية، وأنشأت حزاماً في الداخل من
الطائفة الشيعية يعادي أي طرف يخالف
مسيرة الدولة واحتكارها السلطة، وآخر
التقليعات تحول المالكي إلى ناطق باسم
إيران لخلق صدام سياسي مع اردوغان،
وهذا يضعنا أمام احتمال صراع قادم بين
تركيا وإيران ميدانه سوريا والعراق،
وهي أبجديات نشوء قوى إقليمية في محيط
غير مستقر، لأن الوضع العربي لا يرتكز
على قوة تمنع الآخرين تسيده، وبالتالي
إذا كانت تركيا دولة علمانية يحكمها
حزب إسلامي سني، فإيران تحكم بالمذهب
الشيعي، لكنه إطار لحقيقة قومية
فارسية شوفينية تعادي بالعلن كل طرح
لمشروع عربي، ولو كان خاصية وطنية.. تاريخنا العربي الحديث قام نظام حكمه على
تحالفات مع الغرب وأمريكا
الرأسماليين، مقابل تحالف مضاد مع دول
المنظومة الشيوعية، وكلا الطرفين كان
يمرر مصالحهما وفق متواليات سياسية
وأمنية محكمة، لكننا العضو الخاسر
بينهما، والآن نشأ تحالف غير رسمي سني
مع تركيا باعتبارها وجها تقبله
الأكثرية العربية، مقابل حلف معلن بين
حكومتي الأسد، والمالكي مع إيران، في
حين العروبة أخذت اتهام أنها سنية
بحتة، لأن الشعب السوري الذي يحاول
إضافة ثورته للربيع الجديد، اعتبر
عدواً للعلويين والمسيحيين والأكراد
الذين طاردتهم الحكومات السابقة وسلبت
حقهم، فكانت القومية الكردية أعلى من
سنية المذهب، وهو أحد إشكالات سوريا،
والعراق يريد أن يغيب العروبة لنفس
السبب، ويزيد عليها أن الطائفة مصدر
سلطات الوطني لتحتكرها.. إيران مع حلفائها أكثر تنظيماً ووضوحاً
في الأهداف بحكم أقلية المذهب والسير
بتصدير الثورة وفق منظومة عمل اتجهت
إلى جميع الدول العربية، حنابلة
ومالكية، وشافعية، وهو ما ولد حذراً
جديداً، بأن إيران تبحث عن دور أكبر من
حجمها، وتركيا تنظر للموضوع من زوايا
مختلفة، سياسية، وأمنية، ومذهبية
أيضاً، وحتمية وجود منافسة بين
القوتين الإقليميتين بدأت معالمها
تتضح أكثر وفقاً لايقاع الوضع بسوريا،
وهاجس خلق نواة حكومة كردية في شمال
العراق، يدفعها إلى تأييد حق السنة في
العراق ودعمهم كمعادل لما يجري من
مخططات عراقية بغطاء إيراني.. القوى الدولية ليست غائبة، فالغرب لا
يهمه صراع المذاهب، لكنه يرفض بروز قوة
تخل بمصالحه ونفوذه، وروسيا والصين
وجدتا في إيران والعراق وسوريا موطئ
قدم لرسم أدوارهما في المستقبل لنزع
احتكار الغرب، وأمتنا الجليلة هي رقعة
الشطرنج الذي يتقابل بها اللاعبون على
جني أرباحهم، وتكرار تقاسم تركة الأمة
المريضة.. ================= أصدقاء سوريا
والمراقبون.. الفرصة الأخيرة للأسد جوان يوسف عكاظ 23-4-2012 الحدث: انتهى اجتماع أصدقاء سوريا في
باريس إلى التلويح مجددا باتخاذ
إجراءات عقابية أشد ضد النظام السوري
الذي لم ينفذ بنود خطة أنان، ومن ضمنها
اللجوء إلى مجلس الأمن للتأكيد على
تنفيذ الخطة تحت طائلة الفصل السابع،
وفي مجلس الأمن تم الموافقة على نشر 300
مراقب في سوريا، فهل كان اجتماع باريس
على قدر التحدي، وهل إرسال 300 مراقب
لسوريا هي الفرصة الأخيرة للأسد قبل
اللجوء إلى القوة؟ ليس هناك شك أن اجتماع أصدقاء سوريا في
باريس كان إيجابيا في بيانه الختامي
لناحية إيجاد خطة بديلة في حال فشلت
خطة عنان على الرغم من عدم تحديد ما هي
هذه الخطة أو التصور لها، لكن الانتقال
عموما إلى إيجاد بدائل هو بحد ذاته
خطوة إيجابية بالنسبة للمؤتمرات
السابقة. وإن كل الأمل من اجتماع
أصدقاء سوريا هو إيجاد حل خارج مجلس
الأمن خصوصا أن الجميع يعلم الموقفين
الروسي والصيني وهناك تجارب سابقة في
هذا الصدد منها تجربة العراق وتجربة
كوسوفو وصربيا، وقد حدثت فيها تدخلات
خارج نطاق مجلس الأمن عبر تكتلات أوجدت
الحل للمشكلة الصربية والعراقية، وحتى
الآن فإن المعرقل الأساسي بالنسية
للأزمة السورية هما روسيا والصين،
وفيما يتعلق بموافقة الأمم المتحدة
إرسال 300 مراقب لسوريا فإن هذا يصب في
صالح استمرار القتل والبطش الأسدي ضد
الشعب . هناك تخوف كبير من امتداد فترة
الأزمة وبالتالي دخول سوريا في حرب
أهلية، بعدما بدأت تحدث استقطابات
طائفية، وقد تكون له في امتدادات
إقليمية وبما أن سوريا تضم قوميات
وطوائف مختلفة، لذلك فإنه في حال لم
تصل خطة عنان إلى نتائجها الإيجابية قد
تحدث فعلا حرب إقليمية. وللأسف أن الحرب الأهلية قد بدأت في مدينة
حمص منذ أكثر من شهرين، فالعنف غير
المقبول من قبل النظام دفع الأمور إلى
الحرب الأهلية هناك، ودفع أيضا الثوار
إلى ردود أفعال لمواجهة عنف النظام.
ومن هنا فإننا نتخوف من هذا الموضوع
وهو ما يدفعنا إلى مطالبة المجتمع
الدولي للتدخل سريعا قبل أن ننتقل إلى
الخطوة الأخطر والتي هي أشد مرارة، أي
الحرب الأهلية أو التطهير العرقي.
ونتمنى أن لا تفشل تجربة المراقبين
الدوليين في سوريا لأن لدينا تجربة
سابقة مع بعثة المراقبين العربية التي
فشلت فشلا ذريعا. ومن الواضح أن النظام
السوري في أزمة منذ بداية الثورة، وحتى
الآن يحاول أن يلعب بعامل الوقت، وأن
يلتف على الأزمة. والجميع يذكر تصريحات
النظام عند دخول المراقبين إلى سوريا
عندما قال إنه غير مسؤول عن حياتهم،
وهذا الأمر يضع المجتمع الدولي ويضعنا
أيضا كثوار في سوريا أمام التخوف
الدائم من أن النظام لن يلتزم بهذه
المبادرات ولن يسمح للمراقبين
الدوليين بالقيام بعملهم، وبالتالي
فإن بداية الفشل هي من النظام ومنذ
لحظة وصول المراقبين الدوليين. ونحن
أيضا نجد أن المجتمع الدولي يتلكأ في
هذا الموضوع فالقوى الدولية لديها
أقمار اصطناعية وطائرات بدون طيار
ومجموعة هائلة من التكنولوجيا تستطيع
أن تراقب دون أن يدخل أي مراقب دولي إلى
سوريا. مع ذلك، ومنذ بدء عمل المراقبين الدوليين
لا يزال النظام السوري مستمرا في
عملياته العسكرية، لذلك فإذا كان عمل
المراقبين فقط هو معرفة عدد القتلى
فبالتأكيد أن التجربة ستفشل خصوصا أن
عمل المراقبين هو مراقبة انسحاب
القوات العسكرية والأمنية من الشوارع
وأن تعاد المدرعات إلى الثكنات. فعمل
المراقبين لا يكون بإحصاء عدد القتلى
وإذا لم يستطع المراقب الدولي أن يعطي
تقريرا فوريا بالوضع في سوريا وأن يقوم
المجتمع الدولي بفرض أجندة المبادرة
فستفشل هذه التجربة أيضا ونحن لا نتمنى
فشلها، فالشعب السوري يترقب المرحلة
المقبلة ويخشى من أن تتحول سوريا إلى
كتلة لهيب ونحن نتطلع إلى المجتمع
الدولي أن يتدخل لحل هذه الأزمة لا أن
يراقب هذه الأزمة، إذ بات لدى الشعب
السوري عدم ثقة بما يقوم به المجتمع
الدولي. ================= دمشق غازي دحمان المستقبل 23-4-2012 يجهّز النظام السوري، بالتعاون مع حلفائه
الإقليميين، منظومة متكاملة من
البلاغات والبيانات، التي تشبه البيان
رقم واحد في عصر الإنقلابات، وذلك في
محاولة إلتفافية على حقيقة الأوضاع في
سوريا، بقصد إنتاج حقيقة خاصة به،
واعتبارها أساساً للتفاوض مع المجتمع
الدولي، ومن خلفه السوريون الثائرون
عليه. مفاد هذه الحقيقة، سيطرة النظام على
الوضع وانتهاء الأمر لصالحه، وأن
قضايا من نوع تنحي رأس النظام أو إسقاط
النظام برمته، أصبحت وراءه، وما على
الأخرين سوى ان يبحثوا عن مخرج "لحفظ
ماء الوجه" على اعتبار أن النظام قد
قضى على الثورة وانتهى الأمر إلى غير
رجعة، بل أن النظام خرج أقوى مما كان
وعلى الأخرين ان يتحسسوا رؤوسهم ! وقد تم تدشين هذه المنظومة والإعلان عن
بدء العمل بها عقب زيارة رأس النظام
إلى "بابا عمرو"، ثم تبعتها
تصريحات حسن نصرالله عن سيطرة النظام
على الوضع، وتأكيد الناطق بإسم
الخارجية السورية بأن معركة إسقاط
الدولة قد إنتهت!، لتكملها بعد ذلك
تصريحات كل من المالكي ولافروف، ما
يؤكد أن صدور أمر عمليات واحد لكل هذه
الأطراف. وفي الحقيقة لا يعدو هذا النمط من
البروباغندا السياسية كونه نوعاً من
استراتيجية الهروب إلى الأمام،
المقصود بها إغراق الطرف الأخر في حالة
من الإحباط، والإيهام بأن الأمور على
الارض قد آلت لمصلحة النظام، والواضح
أن جلاوزة النظام وكهنته قد بنوا هذه
الرواية بناءً على قراءتهم للواقع
الدولي، وحالة العجز الكبيرة التي
يصدر عنها هذا الواقع في معالجته
للأزمة السورية، وليس بناءً على وقائع
الميدان في سوريا والتي هي بإتجاه
مختلف تماماً. لم يلمس الواقفون على الأرض السورية أي
تغيرات من هذا القبيل، بل على العكس،
ثمة معطيات باتت ثابتة تؤكد بأن النظام
يمر في أسوأ أحواله، وأن الثورة رغم كل
الجراح التي أصابتها نتيجة القتل
والتدمير الممنهجين، باتت أكثر قدرة
على التجذر والصمود واقتراباً من
الأهداف التي رسمتها لنفسها، وإذا كان
النظام يجعل من دخوله إلى بابا عمرو
معياراً لإنتصاره، فالحقيقة أن أحداً
في سوريا لم يتوقع أن يصمد هذا الحي
أمام قوة غاشمة أكثر من ساعات معدودة،
أما وقد صمد قرابة الشهر فذلك أعطى
مؤشراً عكسياً لقوى الثورة، استفادت
من تجربته، وهي تفتتح عشرات بابا عمرو
في أنحاء سوريا الأربعة. إضافة الى ذلك، فإن الجيش الحر بالنسبة
للنظام بات أشبه بعدو شبحي قد يستنزف
ذخائره وعتاده دون أن يحقق انتصارات
واضحة عليه لما يمتلكه من مرونة في
التنظيم والحركة. ثم أن المكون العسكري في الثورة السورية
هو مكون طارئ أفرزته حالة التمرد داخل
الجيش نتيجة عصيان الاوامر القاضية
بقتل المدنيين، ولم يكن في حساب الثورة
أو من ضمن خياراتها، وقد عملت الثورة
على تطوير قدراتها في مسارات ومسالك
مختلفة، وأصبح الجيش الحر فيما بعد
إضافة لقوة الثورة وليس ركيزتها
الأساسية. ترى أين الثورة التي انتهت في سوريا، وما
هي ملامح نهايتها؟ هل في إخلاء حمص
وإدلب وحماة ودرعا من سكانها؟ هل هي في
تكدس هؤلاء المهجرين في دمشق وحلب؟ ألا
يدرك النظام أن الثورة بدأت تعيد صياغة
نفسها بتنظيم أكبر، وانها أضافت إلى
محفزاتها قوة جديدة؟ ألم يرَ النظام أن
الثورة صارت تحت شرفة قصر الرئاسة؟ ================= مهلة الأشهر الثلاثة مع
المراقبين متعدّدة الوجه .. شراء
الوقت سلاح مزدوج للنظام والدول
الكبرى روزانا بومنصف 2012-04-23 النهار لا تخفي مصادر سياسية مواكبة للوضع
السوري ان قرار مجلس الامن بالموافقة
على ارسال 300 مراقب الى سوريا لمراقبة
الهدنة لمدة ثلاثة اشهر هي بمثابة مهلة
او بالاحرى فرصة للنظام من اجل ان "يشتري"
نفسه وفق التعبير الشعبي الى حد ما. اذ
ان مسؤوليته المباشرة عن سقوط اكثر من
عشرة آلاف قتيل في سوريا لا تسمح بأن
يستعيد الموقع نفسه سابقا في حضن
المجموعة الدولية، لكنه كسب نسبيا
انحسار او تراجع طلب تنحيته او رحيله
علنا او كشرط ضروري لاي حل مستقبلي
واشراكه كطرف في ذلك في ضوء التقويم
الذي اجرته مجموعة الدول الكبرى
للاسلوب او للمقاربة اللذين اعتمدتهما
مع النظام خلال سنة من التطورات
المأسوية في سوريا، ومن دون التراجع عن
الهدف النهائي حتى اليوم. لكن هذه
المهلة توفر له في حال التزم وقفا
للنار وفق خطة الموفد المشترك للامم
المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي
انان ان يعيد ترميم وضعه السياسي بعض
الشيء، خصوصا ان البروتوكول الذي وقعه
النظام مع الامم المتحدة حول عمل
المراقبين يرجح كفة النظام بقوة في
التعاطي والمعارضين وضرورة التزامهم
خطة انان ايضاً، ويعطيه اولوية مرجحة
لمصلحته وان كان مبدأ مساواته
بالمعارضة ووضعه هو تحت الرقابة
الدولية امراً يناله في الجوهر. ومضمون
البروتوكول المرجح لاولوية النظام امر
لم تفت المصادر السياسية ملاحظته، اذ
ترى انه لا يمكن هذا البروتوكول ان
يكون افضل مما تضمن لان لا قرار في مجلس
الامن يسمح للمراقبين بأن يتعدوا على
شرعية الحكومة ولا يمكن بعثة المراقبة
ان تساوي بين الدولة والمعارضة في كل
التفاصيل، إذ لا تزال للنظام قدرة على
التحكم في مفاصل الوضع السوري وتاليا
فان المراقبين مقيدون لهذه الجهة. وجل
ما تفيد بعثة المراقبين في هذا الاطار
ان تكون بمثابة العيون التي تراقب، وان
تكون رادعا للعنف الذي يعتمده النظام
ضد مواطنيه، مع التشديد على انه اذا
فشل في تنفيذ وقف النار وظل يستهدف
مواطنيه فقد يؤدي ذلك الى قرار اخر في
مجلس الامن الى جانب اقتناع روسيا بذلك
ومساهمتها بطريقة اخرى في قرار
بأسنان، اي بعقوبات دولية. وقد حاولت الدول الكبرى الاعضاء في
مجموعة اصدقاء سوريا ان تواكب هذه
القرارات التي اتخذت في مجلس الامن
بقرارات اخرى لا تظهر تهاونا في
التعامل مع النظام ومن اجل الضغط عليه
للامتثال لخطة انان، وكذلك فعلت دول
الاتحاد الاوروبي التي تستعد لاتخاذ
مجموعة جديدة من العقوبات التي تستهدف
النظام او ابرز اركانه والمتعاونين
معه. فهناك اجتماع اخر في ايار لمجموعة
اصدقاء سوريا في واشنطن، ثم هناك
مراجعة دورية كل 15 يوما لتنفيذ خطة
انان. و توجه هذه القرارات رسالة قوية
ضاغطة على روسيا ايضا من اجل ان تعمل
بدورها للضغط على النظام كي يمتثل لخطة
انان، خصوصا ان هناك من يعتبر ان الدول
الغربية راجعت تقويمها لطريقة تعاملها
مع روسيا، والذي اعتبرته المصادر
تهاونا بموقع موسكو اذ حاولت الضغط
عليها في البدء من اجل التعاون في
الموضوع السوري، في حين انها تتحمل
مسؤولية اخرى من خلال افساح المجال
لدور لها في التزام النظام بخطة انان
وفي قدرتها على الجمع بين هذا الاخير
وبين المعارضة السورية على طاولة حوار.
والامر هو في الواقع كما ترى المصادر
المعنية نقطة امتحان للنظام والمعارضة
على السواء في ضوء تساؤلات اذا كانت
هذه الاخيرة تستطيع ان تزخم معارضتها
في وجه النظام على النحو الذي يكشف مدى
التهديد الذي يواجهه النظام لاستمراره
وبقائه وفي ضوء تساؤلات ما اذا كان
النظام لن يبتدع الاسباب والذرائع
لمنع انطلاق التظاهرات، باعتبار انه
لم يلجأ الى العنف في الاصل قبل سنة
وثلاثة اشهر الا لردع المعارضة
الشعبية ضد نظامه وهناك شكوك دولية
كبيرة بان يسمح ذلك او ان يلتزم وقفا
للنار يكشف مدى الرفض له في العمق. ================= ياسر الزعاترة الدستور 23-4-2012 ما يقرب من ستين شهيدا ارتقوا إلى العلا
في جمعة “سننتصر ويُهزم الأسد”، فيما
لم يكن بالإمكان الجزم بعدد المعتقلين.
وفيما لم يتوقف القتل طوال الأيام
الماضية منذ بدء تنفيذ خطة “كوفي أنان”،
وإن تراجع بعض الشيء، إلا أن عدد
المعتقلين زاد بشكل ملحوظ، وبالطبع
خشية تشجيع الناس على النزول إلى
الشوارع؛ هم الذين يعتبر الاعتقال
عندهم أسوأ بكثير من الموت. يعتقد النظام أن بوسعه من خلال استمرار
سياسة الاعتقال والقتل “المبرر
باستمرار الهجمات المسلحة”، يعتقد أن
بوسعه الالتفاف على خطة أنان، وهو
محظور لا ينبغي اعتباره أمرا صعبا في
دولة أمنية توظف ما يقرب من 200 ألف شبيح
يتحركون وفق منظومة معينة من أجل حماية
النظام، إلى جانب الجيش والأجهزة
الأمنية. إن الأزمة الحقيقية التي تواجهها الثورة
إلى الآن هي تلك المتعلقة بوجود مئات
الآلاف من العناصر المخلصين للنظام،
والذين يرون مصلحتهم في بقائه، ويتركز
هؤلاء في الطائفة العلوية على وجه
التحديد، مع بعض عناصر الأقليات
الأخرى، وبعض من باعوا أنفسهم للشيطان
من الأكثرية السنية. ولما كان الأمر على هذا النحو، فإن أحدا
من المنخرطين في الثورة لا يأمن على
نفسه، إذ ينحصر مصيره بين المطاردة
والاعتقال والموت، وفي كل الحالات هو
لا يشبه البتة نظراءه في المدن العربية
الأخرى، ممن كان بوسعهم الذهاب إلى
ميادين الاعتصام والتظاهر ثم العودة
إلى بيوتهم سالمين في معظم الأحيان. السوريون ليسو جميعا على درجة واحدة من
القابلية للتضحية، وأن تفرز الجماهير
كل هذه الجحافل من الشبان المقبلين على
الشهادة، فذلك أمر عظيم من دون شك،
فيما تكتفي البقية بتوفير الحاضنة
للثورة، مع المشاركة في أشكال معينة من
الاحتجاج لا تفضي إلى الموت أو
الاعتقال. من هنا، ولهذه الاعتبارات جميعا يميل جمع
كبير من السوريين إلى عسكرة الثورة، هم
الذين يدركون أنه ما من نظام من
الأنظمة التي سقطت كان يتمتع بهذا الكم
من التأييد في الوسط الشعبي، أعني
تأييد فئات تربط مصيرها بمصيره. النظام يتلاعب بالمراقبين الدوليين،
ويتلاعب بالمظاهرات أيضا، إذ من ذا
الذي يمكنه التفريق بين المتظاهر
المعارض للنظام، وبين جحافل من
المندسين لا همَّ له سوى التقاط الصور
والأسماء التي تجعل أصحابها برسم
الاعتقال في اليوم التالي أو في نفس
اليوم. سيقول البعض إن ذلك يؤكد أن النظام لن
يسقط، بدليل ما سبق وذكرناه، معطوفا
على الدعم الإيراني الاستثنائي (تسليحا
وتخطيطا ومباشرة لعمليات المراقبة
للإنترنت وشبكات الاتصال)، وبدليل أنه
متماسك إلى الآن ولم تحدث فيه انشقاقات
ذات بال، وهذه الأخيرة جزء من نسقه
الأمني البشع، إذ أن تفكير أي مسؤول
بالانشقاق لن يؤثر عليه وحده، بل سيطال
إخوته وأخواته والكثير من أقاربه،
الأمر الذي يدفعه إلى التفكير ألف مرة
قبل أن يشرع في خطوة من هذا النوع. لا شك أن توقف القتل بشكل نهائي أو حتى شبه
نهائي، وإخراج الجيش من الشوارع
والسماح بالاحتجاج السلمي سيؤدي إلى
تدفق الملايين نحو الشوارع والساحات،
لكن ذلك لا يبدو متوقعا بحال، إذ أن
حركة المراقبين حتى بعد رفع عددهم إلى
300 بقرار من مجلس الأمن لن تغطي مساحة
الأرض السورية، وحين ينتقلون من ساحة
إلى أخرى سيجري التعامل مع الساحة
الأولى بذات الوسائل التقليدية. كما أن
خوف الناس من خروج المراقبين وانتقام
النظام ممن نزل إلى الشوارع بعد ذلك
سيدفعهم إلى التردد أيضا. من هنا فإن على المجتمع الدولي أن يكف عن
سياسة ترك الذئب والقص على الأثر، إذ
أن استمرار القتل وبقاء عشرات الآلاف
من المعتقلين قيد السجون مع استمرار
الاعتقالات اليومية، ينبغي أن يكون
كافيا للدلالة على الجريمة التي
يرتكبها بشار الأسد بحق شعبه. في ضوء ذلك، وفي حال لم تؤد خطة أنان إلى
توقف القتل بشكل نهائي، ومعه عمليات
الاعتقال اليومية، فإن تسليح الثوار
هو الحل، وفي هذه الحال لن يتمكن
النظام من مواجهة حرب استنزاف لأمد
طويل، وستكون نهايته قريبة من دون شك،
مع أن التضحيات ستكون أكبر. وقبل أن يخرج علينا من يتباكى على الدم
السوري نقول له إن عليه إذا كان حريصا
على سوريا وشعبها أن يبادر إلى دعوة
النظام الدكتاتوري الفاسد المجرم إلى
الرحيل، وإلا فهو شريك في الجريمة،
تماما مثل الشبيحة ورجال الأمن الذين
يقتلون الناس في الشوارع. التاريخ : 23-04-2012 ================= رخصة مجانية للقتل لمدة
3 شهور! رجا طلب الرأي الاردنية 23-4-2012 بعد اكثر من 13 شهرا من عمر الثورة في سوريا
وتجاوز عدد الشهداء رقم الثلاثة عشر
الفا اي بمعدل الف شهيد شهريا مازال
العالم بما في ذلك مجلس الامن يدور حول
نفسه عاجزا عن اتخاذ الاجراءات
الكفيلة بحماية المدنيين العزل من آلة
القتل التي أطلقها النظام، ويبدو ان
روسيا نجحت في ادخال مجلس الامن والامم
المتحدة في ملهاة عالم « المراقبين «،
وكأن ما يجرى في سوريا بحاجة فقط
لمراقبين يرونه ويرفعون التقارير. وقرار مجلس الامن الاخير الذي اتخذه
المجلس مساء السبت الماضي بارسال 300
مراقب مدني الى سوريا خلال 90 يوما،
قرار يبعث على الاحباط، فهو يقزم
القضية برمتها ويحولها الى قضية «
مراقبة «، وقبل ذلك خطة عنان واليات
تطبيقها، وقبلها خطة الجامعة العربية
والمراقبين العرب، فهي كلها مشاريع
رقابية نجح النظام بالمماطلة والكذب
والمراوغة من التغلب عليها والفرار من
تبعاتها، وبقى النظام طوال عمل
المراقبين العرب والدوليين يمارس
عمليات القتل والقصف والاعتقال
والتنكيل وكان شيئا لم يكن. قرار مجلس الامن الاخير بزيادة المراقبين
مثل خطة عنان ومثل الخطة العربية خلا
من بند العقوبات، فالنظام مطمئن الى
انه ليس في خطر طالما ان القرارات
العربية او الدولية التي تتخذ هي
قرارات ذات طابع إجرائي وتتطلب موافقة
النظام والتعاون معه، وتخلو من اية
بنود او قرارات ذات طابع عقابي، واذا
ما قرانا قرار مجلس الامن المشار اليه
نجده يتضمن فقرة صغيرة لا تحمل دلالات
عقابية فيما اذا اخل النظام في تعاونه
مع المراقبين او اذا استمر النظام في
قتل المدنيين العزل وهو شيء لم يتوقف
عنه اصلا، هذه الفقرة تقول انه في حال
التأكد من عدم تعاون النظام او خرقه
اتفاق وقف اطلاق النار وهو حاصل فعلا
فانه « سيبحث في خطوات اخرى حسب الحاجة
«، وهي صيغة ادخلتها روسيا بديلا عن
بند عقوبات محددة كانت تنوى المجموعة
الأوروبية وضعها في نص القرار. ماذا يعني ذلك؟ يعني ما يلي : اولا: ان مسلسل القتل لن يتوقف بل على
العكس سوف يزداد ووحشية النظام سوف
تتضاعف في سباق مع الزمن لانهاء الثورة
والقضاء عليها. ثانيا: في الحسابات الزمنية والسياسية
ووفق قرار مجلس الامن فان هذا القرار
رخصة قتل مجانية للنظام ودون حسيب او
رقيب لمدة 3 اشهر. ثالثا: هذا القرار في الوقت نفسه رسالة
محبطة وسلبية للغاية للثوار ولكل
السوريين من انهم مشروع قتلى ولكن هذه
المرة بموافقة دولية وبصمت دولي لمدة 3
شهور. بعد الثلاثة شهور سيصار بعدها لتحديد
الخطوات اللاحقة والتي لن تكون خطوات
رادعة للنظام بكل تأكيد طالما ان روسيا
اليوم وفي موقفها من الملف السوري
اثبتت انها هي صاحبة القول الفصل وان
ادارة اوباما الضعيفة ليست في وارد
معاقبة النظام السوري بأكثر من
تصريحات وعقوبات اقتصادية انتقائية
ذات طابع إعلامي اكثر منها عقوبات
فعليه. لا يستطيع المرء امام هكذا مشهد الا القول
كان الله في عون الشعب السوري البطل
على اشهره الثلاثة القادمة، وهي
الفرصة المجانية الممنوحة دوليا
للنظام لابادة الثورة. ================= المالكي في طهران: الاسد
خط احمر! محمد صادق الحسيني 2012-04-22 القدس العربي نوري المالكي رئيسا للقمة العربية في
طهران اول عاصمة يزورها بعد انتهاء
اعمال القمة وفي ذلك دلالات عديدة منها
ما يغيظ الكارهين لمحور المقاومة
وبتحديد اكثر لما يسمى بالمحور السوري
الايراني ومنها ما يثلج صدر المدافعين
عن سلاح المقاومة وعرين الاسد! صحيح ان المالكي يزور ايران باعتباره
رئيسا لوزراء العراق وفي اطار اللجنة
العليا المشتركة لكنه يزورها ايضا
للتفاهم والتنسيق مع طهران على آلية
ادارة الحوار في الجولة الثانية
والاهم بين طهران ومجموعة الخمسة زائد
واحد المقررة في العاصمة العراقية
بغداد في الثالث والعشرين من ايار
القادم! ثم انه يزورها ايضا وايضا لمناقشة
المسألة السورية التي لبغداد كلام
كثير له حولها بعد ان قبل بمساومة
استبعاد البحرين عن مناقشات القمة
وتحمل مناقشة الملف السوري يوم القمة
مقابل سكوت العرب عن مناقشة الشأن
العراقي الداخلي! فيما اليوم يرى ان احد اهم حلفاء عرب
الحرب على الاسد والسكوت على محرقة
البحرين بحجة انها مسألة بحرينية
داخلية اي اردوغان يشن حملة شرسة عليه
انطلاقا من شأن عراقي داخلي بحت، وهو
امر يؤكد كلام المالكي الشهير غداة
انعقاد القمة عندما قال: ان من يطالب
باسقاط الاسد اليوم سيفكر باسقاط
آخرين في اول فرصة سانحة له! وعليه يصبح من حق المالكي ان يقول اليوم
لكل المتدخلين في الشأنين السوري
والعراقي من عرب واتراك ان الاولى به
هو اطلاقا من موقعه الجديد كرئيس للقمة
العربية ان يناقش المسألتين السورية
والعراقية مع كل من يراهم اصدقاء
حقيقيين لهذين الشعبين ابتداء من
الجارة والصديقة طهران وصولا الى بكين
وموسكو الحليفتين. صحيح ان كل المسائل التي سيناقشها
المالكي في طهران ستكون مهمة وربما
بشكل متساو من وجهة نظر المالكي على
الاقل، الا ان حضور المسألة السورية
سيكون هو الاقوى لابسبب رغبة الطرفين
المتحاورين وانما بسبب اشتداد الصراع
على سوريا ودورها في المرحلة الراهنة
بل والقادمة من ايام الزمن الصعب! من جهة اخرى فان لعبة الكر والفر مع
الرئيس بشار الاسد من جانب القوى
الدولية والاقليمية التي صنفت نفسها 'صديقة
للشعب السوري' وبين القوى الداعمة
والمساندة لسوريا شعبا وحكومة ودولة
في اوجها رغم مرور ثلاثة عشر شهراعليها!
واذ يظهر من التقارير الواردة من
ميادين المواجهة المفتوحة بان الحسم
العسكري في الداخل قد حسم لصالح الاسد
من جهة وان الامريكيين بخاصة
والغربيين عموما لم يعد بامكانهم
اللجوء الى الخيار العسكري انطلاقا من
الخارج، فقد قرر المصممون على شعار'لا
حل للمسألة السورية من دون تنحي الاسد'
فتح كل خيارات المواجهة الدعائية
والديبلوماسية والحرب الاعلامية
للوصول الى اهدافهم! ولما كانت مبادرة
انان هي السقف الذي يحكم مسار تطور
المسألة السورية على المسرح المكشوف
على الاقل، فان مثلث قطر السعودية
تركيا قرر الاطاحة بهذا السقف باي ثمن
كان وتحميل مهمة فشل خطة انان للنظام
السوري! في هذه الاثناء ثمة من ظن نفسه محنكا في
هذا المثلث وقرر ان يلعب على وتر: 'اذا
ما اردنا المحافظة على امن سوريا
واستقرارها وامن واستقرار المنطقة
لابد من التضحية بالاسد' وذلك في
محاولة لاستمالة اطراف محسوبة على
مثلث الداعمين لسورية الا وهم الروس
والايرانيون والصينيون! يخطئ هؤلاء كثيرا بعد كل الذي حصل من
مجازر طائفية وقتل على الهوية وترويع
للمواطنين الآمنين باسم الثورة
السورية! هذا على المستوى الداخلي اما على المستوى
الخارجي فيزداد الامر استحالة في
امكانية تغيير قناعات اي من حلفاء
سوريا في تغيير موقفهم بعد ان كشف مثلث
الحرب على الاسد نواياهم الحقيقية من
وراء ذلك والتي ظهرت في العديد من
المحطات على انها انما تريده من وراء
الاطاحة بالاسد هو الهيمنة على
استقلالية القرار على كل دولة او قوة
في العالم تفكر في الخروج على الاحادية
الامريكية وبالتالي تحويل الجميع الى
اقمار واتباع لامبراطورية تخشى
الانهيار عمليا اذا ما انفض العالم من
حولها! هكذا هي الحال مع العراق مثلا وهو الدولة
التي يفترض بها ان تكون صديقة للولايات
المتحدة الامريكية او ليست عدوة لها
على الاقل وبالتالي كان يمكن ان تكون
مرشحة للانضمام الى محور الذين صنفوا
انفسهم 'اصدقاء الشعب السوري ' فاذا بها
اي العراق تتحول مع كل يوم يمر الى سند
اساسي لسورية الدولة والنظام الحاكم
حليف ايران الاساسي وجسر العبور الى
المقاومتين اللبنانية والفلسطينية،
وخصم لدود لتركيا التي تواصل دفع
فاتورة خسائرها على كل الصعد منذ
ارتكابها خطيئة الحلم بالامبرطورية
العثمانية الجديدة! وقس على ذلك سائر دول العالم، والسبب ان
هذا المثلث المعادي لسوريا الاسد نسي
ان المقولة التي يدعي ويزعم الدفاع
عنها هي مقولة الثورة والحرية
والتحرر، وان الف باء هذه المقولات هو
استقلالية القرار، واستقلالية القرار هذه ستتحول مع الايام
الى قنابل تتفجر بوجه هذا المثلث
الاقليمي الآنف الذكر وسيده
الامبريالي حتى من قبل دول صنفت نفسها
حتى الآن مع هذا المثلث مثل تونس ومصر
واليمن وليبيا و... الخ! ذلك ان من قام بالثورة الاولى ومن تجرأ
على الطاغية الاول والمتجبر الاقرب
ومن تذوق طعم الحرية والتحرر لن يستطيع
ان يستبدل طاغية بطاغية ولا جبروت
بجبروت وبالتأكيد لن يستبدل حريته
وتحرره على المستوى المحلي بتبعية
لخارج ان لم يكن اسوأ مما كان عنده فهو
المنبع الذي كان يغذي فساد الداخل لديه
ويسنده كلما كان يقترب من السقوط! ================= Mon, 23 أبريل 2012 علي العبدالله * الحياة لم تكن الثورة السورية فعلاً مخططاً،
كما لم تكن ثمرة لجهد قوى منظمة، بل
بدأت كرد فعل عفوي على تجاوزات
واستفزازات قام بها رجال النظام
وإهانات تعرض لها سوريون إن في سوق
الحريقة الدمشقي أو في مدينة درعا على
أيدي أجهزة النظام. غير أن هذه البداية غير المنظمة أو غير
المخطط لها لم تمنع المواطنين
السوريين من الانخراط في الثورة
والتعبير عن تطلعهم للحرية والكرامة
وكشف ما في نفوسهم من توق للخلاص من
الاستبداد، ومن استعداد للتضحية لبلوغ
هذا الهدف النبيل، كما كشف ضخامة القوة
الكامنة في الشعب والتي منحت
المواطنين القدرة على التعاطي مع
تطورات المواجهة وما ترتب عليها من
خسائر بشرية ومادية كبيرة. لقد تطورت ردود الفعل والعفوية مع مرور
الوقت إلى إدراك للحظة السياسية التي
تمر بها سورية في ضوء تداعيات الربيع
العربي، ورد النظام العنيف على احتجاج
المواطنين على الظلم والإذلال، وما
عكسه من ازدراء للشعب ورفض لأبسط حقوق
المواطن: الاحتجاج على الظلم
والإذلال، وما جسده من عمق الهوة التي
تفصل النظام عن الشعب. وهذا قاد إلى
تكثيف الإحساس بوطأة الظلم والمذلة
وجعل استمرار الحالة غير ممكن أو
مقبول، وغدا التعايش مع النظام
مستحيلاً. عبر المواطنون السوريون بالمشاركة في
التظاهرات وبالتضحيات الكبيرة التي
قدموها عن تبلور وعي عميق بطبيعة
المواجهة القائمة وأبعادها وغدا هدفها
تغيير الوضع القائم وإقامة نظام بديل
يضمن لهم الحرية والكرامة، العدل
والمساواة، وينهي القمع والتمييز
والاستئثار بخيرات البلد من قبل فئة
محدودة لا تتجاوز نسبتها ال 5 في المئة
من الشعب السوري. وقد تجلى هذا التبلور
في الوعي بعدة مظاهر لعل أهمها: 1 – الشعارات التي رفعت حيث تطورت
بالتوازي مع إدراك القوى الاجتماعية
التي نزلت إلى الشوارع لطبيعة التغيير
المطلوب وأن الحل المناسب للحالة
السورية ليس إقالة رئيس فرع أمن ارتكب
أخطاء بحق المواطنين أو إقالة موظف
استغل موقعه الوظيفي وارتشي بل إقالة
النظام بما هو نظام سياسي مرتكز نظرياً
إلى مبدأ الحزب الواحد بينما هو عملياً
نظام فئوي. نظام أسرة محاطة بمجموعة من
المنتفعين والانتهازيين. فالحرية
والكرامة لن تتحققا من دون إقالته.
فأسماء الجمع والشعارات والهتافات
والأغاني (أغاني الشهيد إبراهيم
القاشوش الشهيرة يلا ارحل يا بشار)
تجاوزت في محتواها العرائض التي
قدمتها الوفود التي التقت رئيس النظام
في بداية الأزمة والتي ركزت على رفع
حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين
السياسيين وإطلاق الحريات العامة (عريضة
مدينة درعا، ووفد أهالي حي جوبر
الدمشقي، ووفد مدينة حمص). بدأت
التحركات الاحتجاجية بالمطالبة
بمعاقبة المخطئين ومحاسبة الفاسدين
وتحولت إلى محاسبة النظام وإسقاطه. 2 – تشكيل بنى تنظيمية (لجان التنسيق
المحلية، اتحاد التنسيقيات، المجلس
الأعلى لقيادة الثورة.... الخ) وتحديد
مهماتها: تنسيق النشاطات الميدانية من
تجهيز الأعلام واللافتات ومكبرات
الصوت، وتنظيم التغطية الإعلامية عبر
توفير أجهزة تصوير وبث مباشر وغير
مباشر، وتوفير خدمات طبية، إسعافات
أولية، ثم مستشفيات ميدانية استدعاها
تزايد عدد الإصابات وملاحقة النظام
للجرحى في المستشفيات الحكومية
والخاصة، وتنظيم عملية اختيار اسم
للجمع عبر استفتاء على الإنترنت،
وتنظيم عمليات إغاثة للمتضررين، إن
لأسر الشهداء أو أسر المعتقلين
والجرحى أو لأصحاب البيوت والممتلكات
التي تعرضت، مع تصعيد النظام لأعماله
الوحشية والتنكيلية بالثوار والشعب،
للتدمير أو النهب أو الإتلاف ... الخ،
غطت معظم الأراضي السورية، إنشاء
عشرات المواقع على الشبكة العنكبوتية
بمختلف أنواعها لتغطية الأحداث
والتواصل بين الثوار، وبين الثوار
والمواطنين، نشير إلى صحيفة أنشأتها
تنسيقية داريا تحت اسم «عنب بلدي». 3 - تطوير دور التنسيقيات وتوسيع نشاطها
ليشمل الجانب السياسي عبر تشكيل مكاتب
سياسية وإصدار أوراق تعكس وجهة نظر هذه
البنى التنظيمية في الوضع الراهن
والبديل المطلوب والتأكيد على الخيار
الديموقراطي والدولة المدنية
والتعددية والتداول على السلطة
والاحتكام إلى صناديق الاقتراع كبديل
للنظام القائم (رؤية لجان التنسيق
المحلية لمستقبل سورية السياسي التي
صدرت في 11/6/2011 على سبيل المثال لا الحصر).
بالإضافة إلى البيانات الدورية وغير
الدورية التي تصدرها، ومطالبتها
بتشكيل إطار سياسي للمعارضة يتحدث
باسم الثورة مع العالم الخارجي، ويعرض
قضية الشعب السوري، ومطالبه على
المجتمع الدولي. من هنا كانت مباركة
الثوار لتشكيل المجلس الوطني السوري
واعتباره ممثلاً للثورة ورفع شعار «المجلس
الوطني السوري يمثلني» كعنوان للجمعة
التي تلت تشكيل المجلس مباشرة. 4 – تقبل التضحيات الضخمة التي دفعت إلى
الآن إن بعدد الشهداء والجرحى
والعاهات الدائمة والاعتقالات
التعسفية والمفقودين والمعاناة
اليومية مع القصف والدمار والجوع
والبرد والتشرد وخسارة محصول العمر
بتدمير مصادر الرزق وفرص الحياة. تقبل
الانخراط في ملحمة شاملة والذهاب
بعيداً في رهان تحدي الموت. فقد أعلن
مراراً أن للحرية ثمناً ونيلها يستحق
كل هذه التضحيات العظيمة. 5 – استمرار الحركات الاحتجاجية
وانتشارها ليشمل معظم أراضي سورية،
وامتدادها الزمني، الذي غطى سنة كاملة
وما زال في عنفوانه على رغم العنف
الوحشي والقتل المنهجي وسياسة الأرض
المحروقة التي اتبعها النظام رداً على
استمرار الثورة، وتفننه في قتل
المواطنين ذبحاً وحرقاً وتدمير البيوت
وإتلاف الممتلكات ونهبها واغتصاب
الأطفال ذكوراً وإناثاً. لذا يمكن
اعتبار استمرار الثورة السمة الأهم في
تصوير طبيعة الحدث السوري باعتباره
ثورة شعبية كاملة الأوصاف والمعاني. تعكس السمات المذكورة أعلاه، بعد كسر
جدار الخوف، من تجذر مطالب الثوار إلى
المشاركة الشعبية الواسعة التي عكست
خروج المواطنين من حالة العزلة
واللامبالاة، وتحولهم إلى مواطنين
إيجابيين وفاعلين، مروراً بفعاليات
التعاون والتضامن والتكاتف في التعاطي
مع تبعات المواجهة. إن الشعب السوري
يخوض ثورة عن وعي كامل ناهيك عن إصراره
على بلوغ أهدافه في الحرية والكرامة. ================= تهديدات أردوغان بديلاً
من ديبلوماسية أوغلو؟ Mon, 23 أبريل 2012 جورج سمعان الحياة مع الموجة الجديدة من التوتر بين أنقرة
وبغداد، لن تعود الأبواب الشرقية
لتركيا مفتوحة على مصراعيها. أصيبت «ديبلوماسية
داود أوغلو» في الأعوام الثلاثة
الأخيرة، بنكسات متتالية. باتت في
مواجهة مفتوحة في أكثر من جبهة. من
إسرائيل إلى روسيا مروراً بإيران
والعراق وسورية. وستكون أمام خيارات
حاسمة كلما تبلورت الخريطة الجديدة
للشرق الأوسط الكبير في ضوء المتغيرات
التي تشهدها المنطقة وتداعياتها
المتوقعة و... المفاجئة. لم تكن تركيا مرة في مثل هذا الوضع الدقيق.
سعى «حزب العدالة والتنمية» منذ العام
2002 إلى تحويلها قوةً لا غنى عنها بين
عالمين، وموقعاً استراتيجياً بين
الشرق والغرب. وأقامت على تخوم متناقضة
أو متصارعة. سعت إلى الاقتراب من
أوروبا من دون أن تهتز علاقاتها
المتينة مع الولايات المتحدة من جهة،
وبناء شراكة استراتيجية مع دول الجوار
في الشرق الأوسط الكبير وتخوم الاتحاد
السوفياتي السابق في آسيا الوسطى
ودولها الإسلامية والقوقاز من جهة
أخرى. وحققت الشيء الكثير، من دورها في
كوسوفو إلى العراق وأفغانستان، إلى
توسطها في عملية السلام في الشرق
الأوسط، وتوسطها في الملف النووي
الإيراني. وسهلت «سياسة صفر مشاكل»
لاقتصادها وتجارتها أن تتقدم وتنمو
سريعاً. حتى بدا أن أنقرة لم تعد تستعجل
استجابة شروط الاتحاد الأوروبي للحصول
على عضويتها فيه. أفادت تركيا من تفكك النظام الإقليمي في
الشرق الأوسط. ومن الصراع المتصاعد بين
الغرب والجمهورية الإسلامية. ومن
الضعف الذي أصاب روسيا بعد انهيار
الاتحاد السوفياتي. ولكن مع تبدل
الصورة جذرياً في المنطقة، مع انطلاق «الربيع
العربي»، وجدت نفسها على مفترق طرق. لم
يعد متاحاً لها أن تقيم في عالمين، أو
على خطين متنافرين لا يبدو أنهما
سيلتقيان. لم يعد متاحاً لها أن تجمع
المتناقضات في سياسة واحدة. لا يمكنها
مثلاً أن تستضيف بعض منظومة الدرع
الصاروخية الأطلسية وأن تطمئن روسيا،
أو إيران إلى حيادها وقدرتها على
التوسط في الملف النووي في آن. ولا
يمكنها أن تقدم نفسها نموذجاً لأنظمة «الربيع
العربي» الجديدة، وأن ترعى المعارضة
السورية في معركة إسقاط النظام في دمشق
وأن تتوافق مع موسكو وطهران على مستقبل
الوضع في سورية. ولا يمكنها أن تقيم
تنسيقاً واسعاً مع دول الجامعة
العربية، ولا سيما منها الخليجية، وأن
تقنع القيادة الإيرانية بأنها تقف على
مسافة متساوية من الجميع. لقد عبر أهل «الربيع العربي» عن صعود
الإسلام السياسي السنّي الذي لن يكون
بأية حال إلى جانب إيران التي خسرت
الكثير من التعاطف العربي معها لأسباب
عدة. بينها هذا الدعم المطلق للنظام في
دمشق، وانتهاج سياسة تصعيد مع جيرانها
الخليجيين والتي كان آخرها زيارة
الرئيس أحمدي نجاد جزيرة أبو موسى
الإماراتية المحتلة. فضلاً عن
التهديدات التي تطلقها يومياً، مرة في
اتجاه البحرين وجيرانها وطوراً في
اتجاه تركيا التي تقدم نفسها «نموذجاً»
للأنظمة الصاعدة في العالم العربي. ولا
يخفى انزعاج طهران من الترويج العربي
والغربي لهذا النموذج «المعتدل» الذي
تمثله تركيا. وكذلك الأمر بالنسبة إلى
روسيا التي لا ترتاح إلى تأييد أنقرة
وترحيبها بالحراك العربي. لم يؤدّ «الربيع العربي» وحده إلى توتر
بين تركيا وإيران، ولا موقفهما
المتناقض من الأزمة السورية فاقم
المشكلة، بل زاد الأمر تعقيداً بعد
استقبال تركيا منظومة الدرع الصاروخية
الأطلسية التي ترى إليها الجمهورية
الإسلامية وروسيا أنها تستهدفهما
بالدرجة الأولى. ووسعت أنقرة خط
المواجهة مع طهران. التطورات في العراق
فتحت باباً جديداً للتوتر. رئيس
الوزراء رجب طيب أردوغان لم يستقبل
نائب الرئيس طارق الهاشمي الذي تطالب
به بغداد لمحاكمته فقط، بل انضم إلى
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في
توجيه انتقادات لاذعة إلى رئيس
الوزراء العراقي نوري المالكي. ولم
تخلُ التصريحات المتبادلة بينهما من
لهجة مذهبية تفاقم الصراع المذهبي في
المنطقة كلها. هكذا اصطفت أنقرة بوضوح
مع عواصم عربية وخليجية خصوصاً في
مواجهة سياسة زعيم دولة «القانون»
ومواقفه المتماهية مع مواقف إيران. ولا حاجة إلى شرح الأسباب التي تدفع تركيا
إلى الهجوم على حكومة المالكي. وقفت
بالأساس خلف كتلة «العراقية» وزعيمها
أياد علاوي. ولم تكن مرتاحة إلى الدعم
الإيراني الذي حصل عليه زعيم «دولة
القانون». ولم ترق لحكومة أردوغان
بالطبع سياسة الإقصاء والاستئثار التي
ينهجها المالكي. ولم يرق لها أن تبالغ
حكومته في الدفاع عن النظام السوري.
ولا تطمئنها بالتأكيد سياسته حيال
جيرانه الخليجيين وحيال أزمة البحرين.
وأبعد من ذلك تخشى أنقرة أن يختل
التوازن أو صيغة «المحاصصة» الحالية
بما يؤدي إلى اهتزاز العلاقات بين
مكونات العراق الطائفية والمذهبية
والاتنية، وتكريس غلبة طرف على آخر بما
يكرس أرجحية النفوذ الإيراني في هذا
البلد ويهدد وحدته واستقلاله، مع ما
يترك ذلك من انعكاسات على كل الجيران
وعلى رأسهم تركيا. لم يطل شهر العسل بين أنقرة وطهران. سعى
أردوغان عبثاً قبل سنتين مع البرازيل
إلى إبعاد كأس العقوبات عن إيران،
بخلاف الرغبة الغربية... واعترضت طهران
قبل أيام على استضافة اسطنبول
المحادثات الأخيرة مع الدول الخمس
الكبرى وألمانيا، ونجحت في نقل
الاجتماع الثاني إلى بغداد. كذلك لم
ترَ النور «جبهة المقاومة» التي
أعلنها أحمدي نجاد في زيارته لبنان قبل
سنتين ووضع في مصافها تركيا إلى جانب
لبنان وسورية والعراق. ولكن على رغم
ذلك يبقى هناك خيط رفيع يربط بين
البلدين، فكلاهما يحتاج إلى الآخر.
فحجم التبادل التجاري بينهما بلغ
العام الماضي نحو 16 بليون دولار. إيران
تحتاج إلى تركيا في ظل الحصار
والعقوبات. وهذه لا تريد قطع شعرة
معاوية. فهي تستورد جلَّ حاجاتها
النفطية والغازية من الجمهورية
الإسلامية (خط أنابيب الغاز من تبريز
إلى أنقرة) ومن... روسيا أيضاً. فضلاً عن
موضوع الأكراد في العراق الذي حتم
ويحتم التنسيق بين البلدين لمواجهة
أية طموحات كردية بقيام دولة مستقلة. إن رفع وتيرة الاصطفاف في الشرق الأوسط،
والفرز الدولي حيال ما يشهده من
تطورات، سيدفعان بتركيا إلى إعادة
النظر في سياستها وديبلوماسيتها. كلما
طالت الأزمة في سورية، وكلما تعقدت
الأوضاع في العراق، وكلما تعززت
العلاقات بين إيران وروسيا وقوى
آسيوية أخرى مثل الصين وغيرها، وجدت
تركيا نفسها مضطرة إلى تغيير سياستها
جذرياً، وإلى تغيير وجهتها ربما. فهل
تيمم مجدداً نحو أوروبا والأطلسي
عموماً، أم تنخرط في تعميق علاقاتها
المتنامية مع الدول العربية... التي ترى
إليها قوة يمكن أن تعدل ميزان القوى
المختل لمصلحة الجمهورية الإسلامية
الإيرانية؟ إن سياسة التهديدات والتحذيرات والتلويح
بالتدخل التي أطلقها أردوغان في حملته
على حكومة المالكي، لن تغير في واقع
الأمر شيئاً بمقدار ما تشي بضعف تركيا
وارتباكها في ضوء الإخفاقات التي منيت
بها سياساتها الخارجية بعدما كانت
حققت إنجازات في السنوات التي سبقت هذا
التبدل الجذري في خريطة المنطقة. ولا
حاجة إلى التذكير بما آلت إليه مواقف
أنقرة من إسرائيل والتهديدات التي
أطلقت من أجل فك الحصار عن غزة منذ
الحرب الإسرائيلية على القطاع نهاية
عام 2008 ومطلع عام 2009، وبعد جريمة
السفينة «مرمرة». ولا حاجة إلى التذكير
بسيل التهديدات التي أطلقها المسؤولون
الأتراك غداة اندلاع الحراك في سورية...
حتى ظن بعضهم أن تركيا ستحرك قواتها
قريباً لحماية المتظاهرين، بل للعمل
على إسقاط النظام في دمشق. ================= فايز سارة الشرق الاوسط 23-4-2012 شكلت الأزمة السورية منذ بدايتها في مارس
(آذار) 2011 بوابة ارتباك سياسي لدول
الجوار السوري، وكان التعبير الأبرز
في ارتباك الجوار ما ظهر على سياسة
تركيا، أكبر دول الجوار وصاحبة أطول
حدود مع سوريا والبلد الذي كان الأكثر
قربا من نظام دمشق في السنوات العشر
التي سبقت الأزمة، بينما ظهر الأردن
باعتباره أكثر دول الجوار قدرة على كتم
تعبيرات ارتباكه، وبين الحد الأعلى
الذي مثلته حالة تركيا والحد الأدنى
الأردني، راوحت الحالة العراقية
واللبنانية كجاري سوريا في الشرق
والغرب على التوالي. كان الأبرز في موقف تركيا عند بدء الأزمة،
محاولة القادة الأتراك وثيقي الصلة
والعلاقة مع كبار المسؤولين السوريين،
الدخول على خط النصح للسلطة السورية
بضرورة المعالجة السياسية للأزمة، ثم
صعدت اللهجة التركية خارج النصيحة
لتبلغ حد الاصطفاف إلى جانب الحراك
الشعبي، وصولا إلى التهديد المبطن في
مواجهة الحل العسكري الأمني، وصارت
تركيا أكثر دول الجوار تعاملا مع فصائل
من المعارضة السورية، والأكثر حضورا
في الأنشطة الإقليمية والدولية
الهادفة لمعالجة الأزمة في سوريا، كما
هو موقعها في مؤتمر أصدقاء الشعب
السوري. وكانت تناقضات الموقف العراقي حيال
الأزمة ظاهرة، وامتد طيفها ما بين
الصمت والدعوة إلى الحل عبر الحوار،
وصولا إلى التأييد المضمر للنظام،
طبقا لتصريحات أدلى بها رئيس الوزراء
نوري المالكي. فيما حاول الموقف
اللبناني الابتعاد عن اتخاذ موقف جاد
حيال الأزمة، فاخترعت الرسمية
اللبنانية خطابها القائل بالنأي عن
اتخاذ موقف رسمي حيال الأزمة، لكن في
بعض تجليات الأزمة داخل لبنان كما في
قضية اللاجئين، لم يكن بمقدور الحكومة
إثبات أنها غير معنية بالوضع في سوريا. وبدا الموقف الأردني حيال الأزمة السورية
وتداعياتها شديد الحذر، وكان الصمت
التعبير الأبرز عن ارتباك موقف
الأردن، ولم يخفف منه تصريح الملك عبد
الله حول ضرورة تنحي الأسد الذي لم
يكرره، ولا قام أي من المسؤولين
بالأردن بالإشارة إليه أو تكرار
مضمونه لاحقا، لكن ذلك لا يمنع من قول
إن الأردن استقبل العدد الأكبر من
اللاجئين السوريين مقارنة بدول الجوار. والموقف الإسرائيلي إزاء الأزمة السورية
لم يختلف كثيرا في نظرته المرتبكة إزاء
الوضع في سوريا واحتمالاته، وهو وضع
عبر عن نفسه بانقسام داخل النخبة
الحاكمة وفي النخبة السياسية
والثقافية، حيث بدت أكثرية تعارض
إسقاط النظام، وأقلية تبشر بقرب سقوطه. وباستثناء الموقف الإسرائيلي الذي له بعض
الخصوصيات في ظروفه وفي تعامله مع
الأزمة في سوريا، فإن دول الجوار
الأخرى أبدت سياسات مرتبكة في
مواقفها، وهو أمر يعود إلى مجموعة
عوامل، أولها وأبرزها هو عدم وجود موقف
دولي حاسم وتردد واضح إزاء الوضع في
سوريا، وهو أمر ينطبق على الدول
الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة
التي غلب على مواقفها النوسان ما بين
مواقف قوية وأخرى ضعيفة، وفي كل
الحالات كانت المواقف تفتقر لإرادة
سياسية كافية، تثبت جدية أصحابها ممن
عارضوا السياسة الأمنية العسكرية
للنظام، وطالبوا بتنحي الأسد أو إسقاط
النظام. والعامل الثاني يبدو في مخاوف دول الجوار
من تدخلات يمكن أن تقوم بها السلطات
السورية في تلك البلدان عبر تنظيمات
وجماعات سياسية مسلحة طالما كانت
قريبة أو ذات علاقة مع سلطات دمشق، مثل
حزب العمال الكردستاني في تركيا، وحزب
الله وحلفائه في لبنان، وتنظيمات
عراقية بينها جيش المهدي وآخرون، وبعض
المنظمات الفلسطينية مثل جماعة جبريل
في الأردن. والعامل الثالث تمثله مخاوف دول الجوار
من احتمالات النظام الذي سيرث نظام
البعث الحالي، وأغلب التقديرات تتجه
حاليا إلى قول إن الإسلاميين هم الذين
سيكونون ورثة العهد الحالي على نحو ما
حدث في مصر وليبيا وتونس، التي جاء
الإسلاميون إلى السلطة فيها جميعا،
وهو أمر يرعب أغلب الجوار السوري، على
الرغم من أن أمرا كهذا ليس مسلَّما،
كما أن تيار الإسلام السوري لا يشبه في
أهم ملامحه أمثاله في البلدان
المجاورة، الأمر الذي لا يبرر قلق
البعض منه. والعامل الرابع يبدو في مجموعة ارتباطات
وعلاقات تربط دول الجوار بشبكة سياسية
أو اقتصادية قريبة من شبكة النظام في
سوريا، على نحو ما هي علاقة العراق
بإيران، وعلاقة تركيا في الجانب
الاقتصادي مع روسيا وإيران، البلدين
اللذين يزودان تركيا بالنفط والغار،
وهم أكثر حلفاء دمشق إقليميا ودوليا. والعامل الخامس يستند إلى وجود أزمة
اقتصادية في بلدان الجوار، وهو شديد
الوضوح في الحالتين الأردنية
واللبنانية، لكنه مستتر بالنسبة للوضع
العراقي بسبب الكم الهائل من موارد
النفط الذي يغطي على الأزمة
الاقتصادية من جوانب مختلفة، وهناك
مخاوف تركية جدية من احتمالات سلبية
على واقع الاقتصاد التركي الناهض
بزخم، فيما لو مضت تركيا إلى موقف جدي
يعادي النظام في دمشق، ويدخل في مواجهة
معه. إن العوامل التي تلقي بظلالها على دول
الجوار السوري، تجعل تلك الدول مرتبكة
في مواقفها وسياساتها حيال الأزمة،
غير أن تغييرا حاسما في الموقف الغربي،
ولا سيما من جانب الولايات المتحدة، من
شأنه أن يبدل ويغير مواقف دول الجوار
كلها أو أكثرها، سواء كان الموقف في
نصرة التغيير في سوريا أو نحو إصلاح
النظام الحالي، وهو أمر غير ممكن. ================= وفد «المذعورين»
الدوليين في سوريا! طارق الحميد الشرق الاوسط 23-4-2012 بدلا من أن يقوم وفد المراقبين الدوليين
إلى سوريا بمراقبة وقف إطلاق النار
هناك من قبل القوات الأسدية، وفقا
لمبادرة أنان، وجدنا أن الجيش الحر هو
من يقوم بحماية المراقبين الدوليين
ذوي الخوذات الزرقاء، وتحديدا في حمص،
وبوجود رئيس الوفد العقيد أحمد حميش! حيث يظهر شريط على «يوتيوب» عملية
استهداف المراقبين من خلال إطلاق
النار عليهم من قبل قوات طاغية دمشق،
بينما يقوم أفراد من الجيش الحر بتشكيل
دروع جسدية لحمايتهم حيث أصابهم
الذعر، بل إن شريط الفيديو يظهر أحد
أفراد الجيش الحر وهو يحمي أحد
المراقبين من إطلاق النار، ويطمئنه
بالقول: «لا تخف»! وبالطبع فإن كل من
يشاهد ذلك المقطع على «يوتيوب» سيشعر
بحجم السخرية، حيث إن شر البلية ما
يضحك، لا سيما عندما يتحول وفد
المراقبين المحسوبين على الأمم
المتحدة إلى وفد «المذعورين»، في
إهانة أسدية واضحة لمجلس الأمن،
والمجتمع الدولي، خصوصا أن استهداف
الوفد حدث في نفس اليوم الذي أقر فيه
مجلس الأمن إرسال مزيد من المراقبين
إلى سوريا! فهل يمكن بعد كل ذلك القول
إن هناك فائدة مرجوة من إرسال
المراقبين الدوليين إلى سوريا؟ بكل
تأكيد إن هذا أمر غير وارد. فالقصف الأسدي على حمص، ودرعا، وحماه،
وغيرها، مستمر، والقتل بشكل يومي،
فكيف يمكن بعد كل ذلك القول إن وفد
المراقبين سيقوم بأي دور، أو إنه
سيتأكد من التزام الأسد بمبادرة أنان؟
فاستهداف المراقبين الدوليين، وإطلاق
النار عليهم في حمص، يعني أن الأسد قد
أطلق النار على مهمة أنان. ولذا فلا يجب
أن يعول عليها، أو يتم الانتظار لمدة
ثلاثة أشهر، وهو الوقت المحدد لمهمة
المراقبين بحسب قرار مجلس الأمن.
فالأسد لم ينتظر حتى أياما معدودة حتى
أطلقت قواته النار على المراقبين «المذعورين»! الطريف أن واشنطن تقول إن صبرها قد نفد،
وإنها لن تجدد مهلة المراقبين بعد
تسعين يوما من الآن، أي أن واشنطن بدأت
تتفاوض من الآن على تجديد مهمة
المراقبين التي يفترض أن تنتهي بعد
ثلاثة أشهر! وهذا هو العبث بعينه، إن لم
يكن استخفافا بدماء السوريين الذين
يقتلون منذ قرابة ثلاثة عشر شهرا بلا
توقف، حتى مع وجود وفد «المذعورين»
الدوليين، الذين رفضوا المراقبة يوم
الجمعة الماضي، رغم المظاهرات الحاشدة
ضد الأسد، إذ نقل عن رئيس فريق
المراقبين قوله إن فريقه لن يقوم
بجولات ميدانية «كي لا يؤدي وجودنا إلى
تصعيد»! فهل هذا مزاح؟! بل هل بات
مطلوبا من الجيش الحر أن يحمي وفد «المذعورين»
الدوليين من قوات الأسد أيضا؟! الواضح أن وفد «المذعورين» لن يقدم أو
يؤخر في سوريا، خصوصا بهذا العدد
والمستوى، ومحق أمير قطر حين يقول إن
فرص نجاح أنان لا تتجاوز ال3 في المائة،
فما يجب أن يعيه الجميع هو أن الأسد لا
يفهم إلا لغة القوة، وما عدا ذلك هو
رخصة قتل، ومضيعة للوقت، وتعميق
للأزمة السورية. ================= عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 23-4-2012 هذه المرة منحوا نظام بشار الأسد ثلاثة
أشهر أخرى، أي صار بإمكان قواته القتل
والتدمير حتى شهر أغسطس (آب) المقبل.
وفي نهاية الصيف على الثلاثمائة مراقب
دولي أن يكتبوا استنتاجهم، الاستنتاج
الذي يعرفه الجميع، أن قوات النظام
تستخدم العنف، تطلق النار على
المتظاهرين وتقصف أحياءهم. وسيكون من
بين المراقبين من يسجل أن هناك جماعات
مسلحة دون أخذ في الاعتبار أن الناس
تدافع عن نفسها في داخل أحيائها. لن تعود المداولات في مجلس الأمن إلا بعد
أغسطس، أي سينتهي الربيع وينتهي
الصيف، وفي الخريف سيعود المجلس
لمراجعة تقارير المراقبين. وسيكون
الاجتماع حينها وسط نفس الجدل إذا كان
النظام السوري يمارس العنف أم لا، في
وقت كلنا نعرف أنه يمارس الإبادة، لا
العنف فقط. الإبادة، الكلمة التي كررها
الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل
أيام مشيرا إلى أن ما تفعله قوات الأسد
في مدينة حمص الآن عملية إبادة بتفريغ
المدينة من سكانها. حيث يتم استهداف
أحياء سكنية بالقذائف على الرغم من أنه
لا يوجد مقاتلون هناك منذ تدمير حي
بابا عمرو والخالدية والبياضة. تقصف
منازلها بعشوائية ووحشية منذ إعلان
وقف إطلاق النار في العاشر من شهر
أبريل (نيسان) وإلى اليوم، مما يؤكد
أنها خطة لتفريغ أحياء في المدينة من
سكانها. والمأساة أن قوات جيش النظام لا تكتفي
بتدمير الأحياء، بل تقوم بمطاردة
المدنيين عندما يريدون الهرب بحثا عن
النجاة، وهذا لا يحدث في محيط حمص فقط،
أو على حدود تركيا، بل في كل مكان. قبل
يومين لاحقت قوات من الجيش اللاجئين
الذين كانوا يحاولون النزوح من درعا،
ووضعت القوات كمينا بعد أن تجاوزوا
الطريق الحربي بمئات الأمتار في
طريقهم إلى الحدود، وقد كان النازحون
مجموعة من العائلات، نحو 200 شخص، عبر
الحدود 56 شخصا فقط وصلوا إلى المخيم،
وعادت البقية بعد أن طاردتهم قوات
الجيش إلى سوريا، وهناك قامت قوات
الأمن باعتقال ما يقارب 35 شخصا من
العائدين. أي أنهم في أحيائهم ويلاحقون
عندما يفرون لاجئين. ما الحل أمام هذا الوضع المأساوي؟ الأمم
المتحدة تمنح النظام ثلاثة أشهر دون أن
تقول ماذا سيحدث بعد ذلك. كل ما نعرفه
أن اجتماعات مجلس الأمن ستعقد في
سبتمبر (أيلول) للبحث في تقرير
المراقبين الدوليين، ثم ماذا؟ في أحسن
الأحوال سيتم التصويت على قرار يعاقب
النظام السوري، والنتيجة شبه مؤكدة
بفيتو روسي. هذه نهاية رحلة المراقبين،
بلا شيء. وعلى الأرجح سيضطر مجلس
الأمن، بسبب استمرار القتل والتدمير،
إلى الانعقاد وعقد جلسات متابعة في شهر
ديسمبر (كانون الأول) حيث تبدأ إجازات
نهاية العام. لنكن واقعيين، الوضع لا يمكن أن يترك
مستمرا في انتظار الحل السلمي الذي
يروج له الأمين العام للجامعة العربية
بدعوى أن الدول ترفض التدخل والقتال.
وهو مخطئ في حساباته وسيأتي يوم صعب لن
يغفر له الناس ما فعله وما قاله. ما
نراه فعلا عملا متعمدا لإنقاذ النظام
السوري تمارسه مجموعة من الحكومات
العربية والأجنبية. ومع أن هذه الجماعة
عجزت حتى الآن عن وقف الثورة السورية،
على الرغم من أنها أمدت نظام بشار
بالمال والعتاد والرجال والوقت
والدعاية، فإنها نجحت في شيء واحد فقط؛
في إراقة المزيد من الدماء. السوريون
لن يتعايشوا مع هذا النظام، والنظام لن
يقبل بالتنازل عن السلطة، وبالتالي عن
أي حل سلمي يمكن أن يوقع، كما يزعم
الأمين العام نبيل العربي. إن الحل الوحيد القديم الذي لم يفعل بعد
هو تمكين السوريين من الدفاع عن
أنفسهم؛ لأنها الوسيلة الوحيدة للجم
الآلة العسكرية والأمنية السورية
المتوحشة، ولأنها آلة الضغط القادرة
على إقناع الروس والبقية أن يتخلوا عن
رجلهم في دمشق. ======================== وثيقة ترضي القوى
الكبرى وتنقذ النظام ... خطة أنان
التوافقية تبدو محاولة لاغتيال الثورة
السورية السبت, 21 أبريل 2012 الحياة مصطفى العاني * مبدأ إرسال مراقبين دوليين إلى سورية،
بناءً على الشروط والصيغة التي تم
إقرارها في قرار مجلس الأمن الدولي
الرقم 2042، الذي صدر في 14 نيسان (أبريل)،
ليس في نظرنا وسيلة ناجعة للتعامل مع
الأزمة السورية، فالقرار المذكور
تبنى، وبشكل أساسي، خطة النقاط الست
التي قدمها ممثل الأمم المتحدة
والجامعة العربية السيد كوفي أنان،
الذي كلف في أواخر شباط (فبراير) مهمة
تقصي الحقائق ومحاولة إيجاد مخرج
للأزمة السورية. وهنا يبدو أن القصور الأساسي في جهود
المنظمة الدولية في التعامل مع الأزمة
السورية يكمن في خطة المبعوث الدولي
أنان نفسها التي ظهرت إلى العلن في
أواخر آذار (مارس)، فالخطة ولدت في ظروف
دولية يشوبها الخلاف والصراع بين
الدول الخمس العظمى حول الموقف من
الثورة السورية، وجاءت إثر فشل مجلس
الأمن الدولي في اتخاذ قرارات حاسمة
للتعامل مع الأزمة السورية، إذ لعب
الفيتو الروسي - الصيني المزدوج دوراً
مهماً في تعطيل آلية مجلس الأمن، لذا
فإن الخطة صيغت بطريقة تضمن موافقة
جميع الأطراف المتصارعة، إذ جاءت «وثيقة
توافقية»، وكعادة الوثائق التوافقية،
التي هدفها إرضاء جميع الأطراف من أجل
ضمان تمريرها، فإنها تكون عادة وثائق
ضعيفة، وتستخدم لغة غير محددة
المعالم، وتصاغ على أساس العموميات،
ما يسمح لجميع الأطراف بتفسير محتواها
كما يحلو لهم، وبما يخدم مصالحهم. وهنا
تكمن خطورة هذه الوثيقة وتكمن عناصر
فشلها المحتمل، وما دامت مهمة فريق
المراقبين الدوليين هي تنفيذ «خطة
أنان»، والاستدلال بمضمونها، فإن هذه
المهمة ستكون صعبة التنفيذ، ومحفوفة
بالمخاطر، وقد تسير نحو فشلها المحتوم
خلال فترة قصيرة. ومنذ اللحظات الأولى لإقرار الخطة برزت
تفسيرات متضاربة لمضمون الوثيقة
ولهدفها النهائي، ولأسلوب تنفيذها على
أرض الواقع، ونتيجة للفجوات المتعمدة
التي تضمنتها الخطة، حاول النظام
السوري استغلال عناصر الغموض في
الوثيقة لفرض شروط جديدة، تستند على
تفسيرات النظام لمضمونها، منها محاولة
فرض وجوب نزع سلاح المعارضة أو «الإرهابيين»
كمدخل لتنفيذ الخطة، وقد حاول النظام،
عبر ممثله الرسمي في الأمم المتحدة،
الإصرار على «أن خطة أنان لا تتحدث عن
الحكومة السورية وحسب، بل عن كل
الأطراف، وأنها تتضمن حصول خطوات من كل
الأطراف، وعلى كل طرف أن يقوم بما
يترتب عليه فيها»، لذا طالب النظام
المبعوث الدولي بالحصول على تعهدات من
الدول التي تدعم الانتفاضة، وتمت
تسمية هذه الدول بكونها تركيا، وقطر،
والمملكة العربية السعودية، كما طالب
بوجوب تقديم هذه الدول الثلاث «ضمانات
بالتزامها وقف تمويل وتسليح المجموعات
الإرهابية»، كشرط لتنفيذ بنودها. وسنتناول في البحث النقاط والمبادئ
الأساسية التي تم اعتمادها في «خطة
أنان»، فهذه الخطة قامت على مبدأ «حماية واحترام
السيادة السورية»، وهذا المصطلح ممكن
تفسيره باتجاهات متعددة، فالمفهوم
العام والمنطقي لهذا المصطلح هو
الدلالة على عدم السماح بالتدخل
الخارجي، لكن تفسير النظام السوري
لهذا المصطلح هو أن احترام السيادة
يعني احترام «سلطة الدولة»، وهذا يعني
احترام «سلطة النظام الحاكم»، وتم
تفسير أي إشارة إلى «سورية» بكونها
تعني «الحكومة السورية»، وهذا يعني
بالتحديد «النظام السوري»، لذا جاءت
التصريحات الرسمية لمسؤولين في النظام
السوري لتؤكد هذا المفهوم وتقول إن «الثوابت
السورية، أن يتم كل شيء ضمن السيادة
السورية وما نراه لسيادة سورية»، وأن
وجود المراقبين في سورية «في مصلحتها،
خصوصاً أن ذلك يتم ضمن السيادة السورية»،
أي ضمن سلطة وسيطرة النظام، مشيرين إلى
نية النظام بفرض السيطرة التامة على
نشاطات المراقبين الدوليين، ومؤكدين «أنه
سيكون لسورية الحق في أن توافق أو لا
توافق على جنسية المراقبين، وسيتم
الاتفاق إزاء مدة البروتوكول، وأن
يكون تمديده بموافقة الطرفين»، أي
بموافقة النظام السوري والأمم المتحدة. وهدد النظام بأن توفير الحماية لفريق
المراقبين سيكون مشروطاً بسيطرة
النظام السوري وأجهزته الأمنية على
تحركات فريق المراقبين، إذ أكدت
المتحدثة الرسمية أنه «لا يمكن لسورية
أن تكون مسؤولة عن أمن هؤلاء المراقبين
إلا إذا شاركت ونسقت الخطوات كافة على
الأرض»، ضمن هذا المفهوم فقدت خطة أنان
فعاليتها في التعامل مع طرفي النزاع
بشكل متوازن أو متعادل، وجاءت الخطة
بحصيلة نهائية تهدف الى حماية النظام
من ثورة الشعب، وليس الى حماية الشعب
من بطش النظام وإرهابه. تضارب التفسيرات القضية الثانية تكمن في تضارب التفسيرات
حول مفاهيم وأهداف النقطة الأولى من
خطة أنان ذات النقاط الست، إذ تستوجب
هذه الفقرة «الالتزام بالتعاون مع
المبعوث في عملية سياسية تشمل كل
الأطياف السورية لتلبية التطلعات
المشروعة للشعب السوري وتهدئة مخاوفه»،
وهذه اللغة تشكل نقطة خلاف أساسية حول
أهداف «العملية السياسية»، فالمعارضة
السورية تفهم أن هدف العملية السياسية
وعملية التفاوض يجب أن يتركز على إعداد
آلية لانتقال السلطة، أي رحيل النظام
بطريقة توافقية، وهو ما طالبت به
المبادرة العربية. من وجهة نظر النظام، هدف العملية
السياسية هو «إدخال إصلاحات سياسية
يقوم بها النظام»، ويعتقد أقطاب
النظام أن هذه الإصلاحات قد تم تبني
معظمها من النظام خلال الأشهر
الماضية، وتمثلت في تعديلات دستورية
وقانونية تم إقرارها، وما على
المعارضة إلا الاعتراف بهذه الإصلاحات
والتعاون مع النظام لتطبيقها على
الأرض. وجاء قرار مجلس الأمن الدولي
الرقم 2024 الصادر في 14 نيسان ليعزز
اعتقاد النظام السوري بحقه في قيادة
العملية السياسية الإصلاحية، فقد نص
القرار على وجوب «تسهيل الانتقال
السياسي بقيادة سورية نحو نظام سياسي
ديموقراطي تعددي، يتمتع فيه المواطنون
بالمساواة بصرف النظر عن انتماءاتهم
أو أعراقهم أو معتقداتهم»، ومن وجهة
نظر النظام السوري أنه يقوم بهذه
المهمة عبر التعديلات الدستورية
والقوانين الجديدة التي تم تبنيها، أو
التي لا تزال في مرحلة الإعداد. والقضية الأكثر خطورة تكمن في الفقرة
الثانية من خطة أنان، إذ دعت هذه
الفقرة إلى «الالتزام بوقف القتال
والتوصل بشكل عاجل إلى وقف فعال للعنف
المسلح بكل أشكاله من كل الأطراف تحت
إشراف الأمم المتحدة لحماية المدنيين
وتحقيق الاستقرار في البلاد»، وهنا
يأتي دور فريق المراقبين الدوليين
لتنفيذ «وقف القتال» و «وقف العنف
المسلح»، فما يحدث في سورية هو ثورة
وانتفاضة شعب ضد النظام، وليس أمراً
مألوفاًَ للأمم المتحدة أو لآلية
المراقبة والتحقق التابعة للمنظمة
الدولية العمل ضمن هذا الإطار،
فالمراقبون الدوليون سيواجهون مصاعب
كبيرة في «توثيق الانتهاكات» أو «تطبيق
وقف القتال والعنف». مراقبو الأمم المتحدة عملوا في بيئات
الحرب الأهلية التي تحتوي في معظم
الحالات «خطوط تماس»، أو «خطوط مواجهة
عسكرية» يمكن من خلال مراقبتها التحقق
وتوثيق الانتهاكات. وعملوا أيضاً في
بيئة الحروب بين الدول، حيث خطوط
مواجهة واضحة يمكن مراقبتها والتحقق
من وقف القتال. في الحال السورية فإن
الأمر مختلف، وبشكل جذري. ما تشهده
سورية ثورة شعب، والمواجهة قائمة في كل
شارع وقرية ومدينة في طول البلاد
وعرضها، لا توجد خطوط مواجهة محددة
يمكن مراقبتها، وهناك أكثر من 600 «بؤرة
احتجاجات» مستمرة ضد النظام، وهذه
كلها نقاط اشتباك ومواجهات بين الشعب
وقوات النظام. الثورة السورية لا تزال، في عمومها، ثورة
سلمية، فالنشاطات العسكرية وعمليات
المقاومة المسلحة ضد قوات النظام لم
تبدأ إلا في آب (أغسطس) 2011، حين ظهرت
تشكيلات الجيش السوري الحر، أي بعد
مرور أكثر من ستة أشهر على انطلاق
الثورة الشعبية، وخلال فترة سلمية
الثورة قتلت قوات النظام أكثر من 5000 من
السكان المدنيين العزل. مصطلحات عسكرية في العلوم العسكرية هناك ثلاثة مصطلحات
تحكم مفهوم «فك الاشتباك» بين الأطراف
المتقاتلة. الأول: هو مفهوم «وقف إطلاق
النار»، أو «وقف القتال»، ويعني بقاء
القوات في مواقعها مع التوقف عن إطلاق
النار، والثاني: هو مصطلح «إعادة
الانتشار»، ويعني تحرك القوات إلى
مواقع جديدة على مسافة ما من خط
المواجهة والتمركز في أماكن يتم
الاتفاق عليها وتسهل مراقبتها،
والثالث: هو مصطلح «الانسحاب»، ويعني
عودة القوات إلى معسكراتها السابقة
وانتهاء دورها العسكري. لجأت خطة أنان إلى أسلوب ملتوٍ، ووظفت لغة
غير دقيقة المعالم، إذ تجنبت استخدام
المصطلحات المتعارف عليها في مهمات «فك
الاشتباك»، فالجزء الثاني من الفقرة
الثانية من الخطة المذكورة نص على ما
يأتي: «ولتحقيق هذه الغاية (أي وقف
القتال) على الحكومة السورية أن توقف
على الفور تحركات القوات نحو المراكز
السكنية وإنهاء استخدام الأسلحة
الثقيلة داخلها، وبدء سحب التجمعات
العسكرية من داخل وحول المراكز
السكنية». فالإشارة إلى وجوب «توقف تحركات القوات
نحو المراكز السكنية» يعني بالمفهوم
العسكري إيقاف إرسال التعزيزات
العسكرية، والإشارة إلى إنهاء استخدام
الأسلحة الثقيلة داخل المناطق السكنية
يعني إمكان وجود واستخدام أنواع
الأسلحة الأخرى (الخفيفة والمتوسطة)،
وهذا ما صرحت به مصادر النظام عن نيتها
سحب «الأسلحة الثقيلة» فقط، والإشارة
إلى «بدء سحب التجمعات العسكرية من
داخل المراكز السكانية وحولها»، يعني
في أقصى مفهومه «إعادة انتشار» قوات
النظام خارج المناطق السكنية أو
حولها، فلم تطالب الخطة بوجوب «انسحاب»
قوات النظام وعودتها إلى معسكراتها،
كما طالبت المبادرة العربية بشكل
محدد، بل سمحت خطة أنان لها بالبقاء في
محيط المدن، ولم تفرض أي قيود على
إعادة تحركها إلى المراكز السكانية.
ولم تتناول الخطة الجزء المهم والخطر
من قدرات النظام السوري المتمثل في
القوات الأمنية أو القوات غير
النظامية، مثل عناصر الشبيحة
والمليشيات الحزبية، وأشارت بشكل حصري
إلى «التجمعات العسكرية»، وهنا أصرت
مصادر النظام أن الخطة «لا تتطلب سحب
كامل الوحدات العسكرية». وأشارت الخطة في بندها الثالث إلى وجوب «ضمان
تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت
الملائم لكل المناطق المتضررة من
القتال»، وفي بندها الرابع إلى «تكثيف
وتيرة وحجم الإفراج عن الأشخاص
المحتجزين تعسفياً»، والبند الخامس
أشار إلى «ضمان حرية حركة الصحافيين»،
وعهدت إلى النظام مهمة التعاون لتحقيق
هذه البنود. ويبقى البند السادس والأخير من «خطة أنان»
مثيراً للاستغراب والسخرية، فقد نص
على «احترام حرية التجمع وحق التظاهر
سلمياً كما يكفل القانون»، والجملة
الأخيرة من نص البند «كما يكفل القانون»
هي بيت القصيد. فقد أعلن النظام
السوري، عبر بيان صدر عن وزارة
الداخلية، وأشار إلى مضمون المادة
السادسة من خطة أنان، وجوب حصول
العناصر التي تنوي التظاهر على «ترخيص
من الجهات المختصة»، ودعت الوزارة
المواطنين «إلى التقيد بالقانون
الناظم له وعدم التظاهر إلا بعد الحصول
على ترخيص من الجهات المختصة، وفقاً
لقانون التظاهر السلمي، وحرصاً على
ضمان سلامة المواطنين وممارسة هذا
الحق بشكل حضاري»، وهنا تظهر سخرية هذه
الفقرة، فهي تفترض قيام الشعب السوري
بأكمله بتقديم طلبات إلى الأجهزة
الأمنية السورية من أجل الحصول على
تراخيص مسبقة تتضمن موافقة سلطات
النظام بالتظاهر، والمطالبة بإسقاط
النظام. * مدير قسم الدراسات الأمنية
والدفاعية في «مركز الخليج للأبحاث» ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |