ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
جدوى المراقبين في ظل
استمرار القتل..!! بقلم/ أنور صالح الخطيب* الراية 25-4-2012 تشكل الجريمة التي ارتكبتها قوات النظام
السوري والمتمثلة بإعدام تسعة من
الناشطين السوريين الذين كانوا قد
التقوا وفد المراقبين الدوليين أثناء
زيارتهم لمدينة حماة يوم الأحد الماضي
بعد أن قصفت أحياء في المدينة موقعة 45
قتيلا جريمة ضد الإنسانية وخرقا فاضحا
لالتزام السلطات السورية بتعهداتها
أمام المجتمع الدولي بوقف القتل وعدم
التعرض للناشطين الذين يلتقون فرق
المراقبين واستخفافا بمجلس الأمن
الدولي ومبعوث الأمم المتحدة والجامعة
العربية كوفي عنان. الرابطة السورية لحقوق الإنسان أصدرت
بيانا وزعته على وسائل الإعلام كشفت
فيه عن تعرض مدينة حماة الاثنين لحملة
عسكرية وأمنية كبيرة في اليوم التالي
لزيارة أعضاء لجنة المراقبين الدوليين
الذين زاروا أحياء المدينة والتقوا
أهاليها الذين أطلعوهم على معاناتهم
ونتائج العمليات العسكرية والأمنية
التي تعرضت لها المدينة حيث استهدفت
القوات العسكرية أحياء المدينة بقصف
شديد وتركز القصف بشكل أساسي في حي
الأربعين ومشاع الأربعين وحي البياض
وأسفر عن سقوط أكثر من 45 قتيلا و150
جريحا. ثم قامت القوات العسكرية
والأمنية بمرافقة ميلشيات مدنية مسلحة
موالية للنظام باقتحام حي الأربعين
ومشاع الأربعين واعتقلت العديد من
الناشطين وقامت بعمليات إعدام ميدانية
بحق تسعة من الناشطين الذين قاموا
بلقاء أعضاء وفد المراقبين الدوليين. الجريمة المروعة الجديدة التي ارتكبتها
قوات النظام ضد مدينة حماة وضد
الناشطين السوريين تعد جريمة جديدة ضد
الإنسانية وتضاف إلى سجل الجرائم
المتكررة التي يرتكبها النظام السوري
بحق المدنيين والتي يجب أن لا تمر دون
محاسبة ويجب أن تدفع المجتمع الدولي
للتحرك ضد النظام بكل الصور الممكنة
بعدما ثبت أنه لا يقيم وزنا لتعهداته. مسؤولية الجريمة المروعة التي يجب أن لا
تمر دون عقاب تطرح العديد من الأسئلة
عن دور دور المراقبين الدوليين في حماية الشهود
الذين من المفترض توفير الأمان لهم
وضمان عدم تعرضهم للانتقام والترهيب
من قبل أجهزة الأمن السورية كما تضفي
ظلال من الشك على جدوى مهمة نشر بعثة
المراقبين الموسعة التي أقرها مجلس
الأمن الدولي والتي سيصل عددها إلى 300
مراقب في حال استمرت خروقات النظام
السوري لوقف إطلاق النار الذي من
المفترض أن يكون قد دخل حيز التنفيذ في
الثاني عشر من الشهر الجاري وفي حال
قامت أجهزة النظام وجيشه بإعدام كل
ناشط يجرؤ على اللقاء بالمراقبين وشرح
ما يتعرض له المدنيين وما تتعرض له
المدن والبلدات السورية من قصف ممنهج
وحصار مستمر. الطريق أمام مهمة المراقبين الدوليين
الذين وصلت طلائعهم إلى دمشق لمراقبة
وقف إطلاق النار لا تبدو مفروشة
بالورود فالعنف لا زال سيد الموقف في
المدن والبلدات السورية وقوات النظام
التي لم تنسحب من المدن والبلدات حسب
مبادرة كوفي عنان لا زالت تقصف وتستهدف
المدنيين حيث لم يتوقف سقوط الضحايا
رغم دخول المبادرة حيز التطبيق. إن ما تشهده المدن والبلدات السورية من
استمرار للقتل وحصار المدن والبلدات
وقصفها واستهداف الناشطين بالاعتقال
ومن ثم إعدام الناشطين الذين يلتقون
بفرق المراقبين يبعث على الشك في إرادة النظام في سوريا
احترام وقف إطلاق النار ووقف سيل الدم
المتواصل منذ أكثر من عام وتطبيق
مبادرة المبعوث الدولي ومبعوث الجامعة
العربية. فاستمرار قصف المدن وتواصل سقوط الضحايا
المدنيين بقدر ما يعمق الأزمة ويزيد من
تداعياتها السلبية على سوريا يؤشر إلى
أن النظام السوري يدفع بالبلاد عن سابق
تصور إلى الهاوية والى المستقبل
المجهول. ويؤكد أن كتابات الشبيحة التي
انتشرت على جدران المدن والبلدات
والشوارع في سوريا التي ترد على ثورة
الشعب السوري المطالب بالحرية
والديمقراطية والتغيير بالقول"الأسد
أو لا أحد" لا تمثل رأيا فرديا بقدر
ما تمثل نهج النظام وتعبر عنه فإما أن
يستمر الأسد في السلطة أو تذهب سوريا
إلى الجحيم. لقد فشل المجتمع الدولي في حماية الشعب
السوري وفشله وانقسامه الواضح تجاه ما
يحدث في سوريا دفع النظام إلى مزيد من
التطرف والعنف وقتل المدنيين كخيار
وحيد ينتهجه في وجه الثورة الشعبية
السورية..لكن الشعب السوري الذي خرج عن
بكرة أبيه ضد نظام التسلط
والديكتاتورية لن يقبل أن يفشل وتنكفئ
ثورته وتذهب تضحيات أبنائه سدى وهو
حتما سينتصر رغم تخاذل القريب والبعيد. جريمة حماة التي ارتكبتها قوات النظام ضد
الناشطين وضد أهل المدينة لن تمر دون
حساب فزمن الإفلات من العقاب ولى ودماء
الثوار ستنتصر عاجلا أم آجلا على
الطغاة. *كاتب وصحفي أردني ================= "الصحافي المواطن "
قوة داعمة للمجتمع المدني وللتعبير بقلم/ ريم خليفة* الراية 25-4-2012 المتتبع لتطورات الساحة الداخلية في أكثر
من بلد عربي يجد أن أعداد المتطوعين في
مجال صحافة المواطنة في تزايد يوما بعد
يوم والسبب يرجع إلى ضرب مؤسسات
المجتمع المدني واختراقها من أوجه
مختلفة تسعى فيها الأنظمة إلى إضعافها
ومن ثم استخدامها كغطاء لتسويق الصورة
التي يريد منها النظام التغطية على
ممارساته من قمع وفساد. وظاهرة الصحافي المواطن هذه، هي ظاهرة
جديدة طرأت على المجتمع مع تطور أدوات
الإعلام الجديد مما مكن أي شخص أن يصنع
الخبر من خلال تصوير الحدث مباشرة
والتعليق عليه بينما الأدوات الأخرى
التي صاحبت التطور في أدوات الانترنت
مثل التويتر فشعبيتها في ازدياد داخل
المجتمعات العربية عن الغربية لكون
حرية التعبير مسموعة ومصانة في تلك
المجتمعات عنها في المجتمعات العربية. ففي الغرب المتقدم لا يعتمد الناس كثيرا
على أداة مثل تويتر في التعبير بقدر
أنهم يحتاجونها للتواصل مع الأصدقاء
أو من أجل التعرف والإلمام بما يحصل في
مناطق وبلدان أخرى بعيدة عن قارته
ومكان إقامته، ببساطة التعبير لمواطني
هذه الدول ليس صعبا ففي الحالات
الفردية فإن بإمكان أي شخص أن يجلس في
المكان الذي يريده ويحمل لافتة يعبر
فيها عن اعتراضه أو اعتصامه دون أن
يثير حفيظة أحد بما فيها الدول وهو
مشهد يومي ومكرر. إن صحافة المواطن تطورت لتكون شريكا
حيويا ينافس الإعلام التقليدي في صنع
ونشر الخبر ونقل الحدث بسرعة وقوة
داعمة لمؤسسات المجتمع المدني التي قد
تلجأ إليها لتعزيز فكرة وقضية رأي ما
من أجل نشرها بأكبر نطاق ممكن ومن أجل
لفت انتباه الرأي العام الداخلي
والخارجي وذلك ضمن حملات منظمة أو
عرضها على فناء أكبر من خلال أدوات
الإعلام الجديد. ولو نظرنا إلى بداية صحافة المواطن فقد
بدأت مع ظهور المدونات الالكترونية
على الانترنت " البلوغرز" الذي
يقوم المستخدم من خلاله بكتابة أفكاره
وخواطره دون رقيب التي في كثير من
الأحيان تحولت إلى مساحة حرة تؤثر
وتتأثر مع المحيط ولكنها في أحيان أخرى
تكون ناقدة للدولة أو للمجتمع فيتم
استهداف أصحابها لمجرد الاختلاف في
الرأي والفكرة. ولقد تطورت المدونات لتصبح مع أجواء
مرحلة الصحوة العربية فضاء آخر وبديلا
آخر لصوت المواطن الذي لا يجد فيه
مكانا بالإعلام التقليدي والرسمي
والخاص لذا فقد ظهر تدشين قنوات وشبكات
إخبارية تذيع الخبر وتصنعه من خلال
أحداث الشارع كمصدر رئيسي لأخبارها.
وهي شبكات غير قانونية حتى الصحافي
المواطن بعيد كل البعد عن دراسة
الإعلام ولكن تناقل الخبر والصورة
والحدث يكون من أجل تناقل وجهات نظر
بين الشباب بمختلف التوجهات
والانتماءات وهي مساحة لا تتوفر في
الإعلام التقليدي الذي يعزز فكرة
واحدة وثقافة واحدة وهو أسلوب ما عاد
يجدي أثره مع ثورة الإعلام الجديد. الكثيرون اليوم يصورون الحدث ويكتبونه
عبر الهواتف النقالة ويرفعونها لحظيا
على شبكات التواصل الاجتماعي مثل
تويتر والآن عبر الشبكات الإخبارية أو
صفحات الفيسبوك قبل أن تتناقلها وسائل
الإعلام كالذي حدث ويحدث في بلدان
المنطقة العربية وعلى رأسها مصر. ففي مصر وجدت فكرة استديو مقام على ظهر
سيارة "بيك اب" مفتوحة تجول
الشوارع والمناطق لتنقل آراء وهموم
الناس والشباب وهي فكرة لاقت رواجا
كبيرا خاصا بعد سقوط نظام الرئيس
المخلوع حسني مبارك. ومن أشهر أصحاب هذه الفكرة المستمرة حتى
اليوم " استديو ذيع انت" التي
أسسها مجموعة شباب متطوع عددهم خمسة
أقاموا استديو متنقلا بسيارة تجوب
الشوارع بالقاهرة والمحافظات
المختلفة والديكور الخارجي يمثل كل
شرائح المجتمع على الخروج من سجن
الاستديو لتعبر عن نفسها نظرا لفشل
وسائل الإعلام المختلفة داخل مصر في
التعبير عن الشعب. هذا الاستديو المتنقل يقدم حملات توعوية
اجتماعية وسياسية إضافة إلى برامج
حوارية يصنعها الجمهور وتبث عبر قناة
المبادرة على موقع "يوتيوب".
وتعتبر مبادرة "ذيع انت" أسلوبا
جديدا للتعبير في القضايا المختلفة بل
ويفتح أمامه مجالا لتبادل وجهات النظر
في حل مشاكل اجتماعية وسياسية قد لا
يراد منها الانتشار أو إيصال صوت من
يعيش تحت قهر سياسي واجتماعي ما. إن الصحافي المواطن هو جزء من الشعار الذي
يدعو "اصنع إعلاما بنفسك" وهو ما
حث ويقوم به الشباب المصري من بعد ثورة
25 يناير 2011 وحتى اليوم وهو أيضا جزء من
الصحوة العربية التي بدأت تنشر مفاهيم
حقوق الإنسان وأهمية الحقوق السياسية
والمدنية في صنع مستقبل أفضل يشارك فيه
الجميع بشكل متساو ومنتخب. من هنا يرى المراقبون في ظل المرحلة التي
تعيشها المجتمعات العربية أن صحافة
المواطن تطورت عربيا بدافع التوثيق
لأحداث تريد أن تدافع عن قيمة الإنسان
وحريته وعدالته لذا فإن كثيرا منها
يأتي بدافع الحس الوطني لا بحثا عن
المال والشهرة خاصة في أوساط الشباب
الذي يصور لينقل من خلالها صوته
ومطالبه في مشاركة فعالة حتى أصبح
أداؤه قوة داعمة لمؤسسات المجتمع
المدني ومصدر قلق وتهديد للأنظمة التي
تحارب صوته وتقمع أدوات الإعلام
الجديد بحروب مختلفة انتهت بعضها
ومستمرة مع بعضها الآخر. *كاتبة وإعلامية بحرينية ================= إجراءات حازمة لحماية
الشعب السوري رأي الراية الراية 25-4-2012 جددت دولة قطر موقفها الداعي إلى اتخاذ
إجراءات حازمة لحماية الشعب السوري في
حال عدم امتثال السلطات السورية
لأحكام قرار مجلس الأمن 2043 الذي أذن
بنشر بعثة من المراقبين العسكريين في
سوريا لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار
وتنفيذ خطة كوفي عنان المبعوث المشترك
للأمم المتحدة والجامعة العربية ذات
النقاط الست. الدعوة القطرية جاءت في بيان أدلى به أمام
مجلس الأمن في اجتماعه الذي عقد
لمناقشة الحالة في الشرق الأوسط بما في
ذلك القضية الفلسطينية حيث أكد القائم
بأعمال الوفد الدائم لدولة قطر لدى
الأمم المتحدة على دعم قطر لتنفيذ
قراري مجلس الأمن 2042 و 2043 بشأن إرسال
مراقبين إلى سوريا. المطالبة القطرية بضرورة حماية الشعب
السوري تأتي في الوقت الذي واصلت
الحكومة السورية خرقها لالتزاماتها
وأبقت على القوات العسكرية في المراكز
السكنية وواصلت قصف المدن بالأسلحة
الثقيلة وبالطائرات المروحية، كما
واصلت حملات الاعتقال والتعذيب
والانتهاكات الأخرى وهو ما يؤكد عدم
التزامها بأي من البنود الستة لخطة
المبعوث المشترك كما أشارت إلى ذلك
رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بان
كي مون إلى مجلس الأمن الدولي. لقد دعت دولة قطر ولا زالت منذ انطلاق
الثورة السورية إلى وقف قتل المدنيين
وضرورة أن تتوقف السلطات السورية عن
استخدام الخيار العسكري في وجه
المطالبات الشعبية بالحرية
والديمقراطية والتغيير حرصا على تماسك
الشعب السوري ووحدته وسيادة سوريا
الشقيقة واستقلالها ووحدة أراضيها. إن قيام النظام السوري بقصف البيوت
والمساجد والكنائس بالدبابات وقذائف
الهاون والمدافع والطائرات يشكل جريمة
حرب وإرهاب دولة ضد المدنيين لا يمكن
للمجتمع الدولي السكوت عليها ويجب
السعي لمحاسبة مرتكبيها من خلال
المحاكم الدولية. استمرار القتل والعنف واستهداف المدنيين
وحصار المدن وقصفها حتى في ظل وجود
المراقبين الدوليين وعدم التزام
النظام السوري بسحب الجيش والأسلحة
الثقيلة من المدن وما كشفت عنه رابطة
حقوق الإنسان في سوريا عن إعدام 9 من
الناشطين في مدينة حماة ممن التقوا
بالمراقبين الذين زاروا المدينة
لاستطلاع الأوضاع فيها والتأكد من مدى
التزام النظام بوقف إطلاق النار يرتب
على المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية
كبيرة في السعي لاتخاذ الإجراءات
اللازمة لتوفير الحماية للشعب السوري
من بطش النظام. ================= يوسف الكويليت الرياض 25-4-2012 أنان كفاءة سياسية دولية، وإن فشل في
مساعيه كأمين عام للأمم المتحدة بحل
قضيتي رواندا وكوسفو، وغيرهما، وهو
ليس ذنبه، بل الظرف الدولي والواقع
الخاص لكل مشكلة، ومهمته في سوريا
الأعقد، لأن أعضاء مجلس الأمن منقسمون
أصلاً بين جبهة مؤيدة لنظام الأسد
وتدعمه مادياً وعسكرياً، وبين أخرى
اهتماماتها لا ترقى إلى المسؤولية
الأدبية والأخلاقية تجاه شعب يقتل،
وإن كنا على يقين أن السياسة أصلاً
تقوم على الجانب اللا أخلاقي!! سوريا ساحة مفتوحة على مفاجآت قادمة، قد
لا يحسمها نزاع القوى الدولية بل الشعب
السوري، ولذلك يماطل الأسد بفتح أي
حوار، أو إيقاف الضربات المتوالية
وسحب الجيش، لأن ذلك يتيح للمعارضة لمّ
صفوفها، وإعداد طرق جديدة للتظاهر
والاضطرابات واللجوء إلى المقاومة
العسكرية وفق أسلوب استنزاف السلطة
بالعديد من الوسائط ،وهي الاحتمالات
التي قد توفر غطاءً عربياً وعالمياً
سوف يتزايد إذا طال أمد النزاع.. الروس اختاروا المواجهة بدواعٍ
استراتيجية مختلفة،فقد خرجوا من
العالم، بعد نهاية العصر السوفييتي
بلا أجنحة ولا مؤيدين، ونظر العالم
لروسيا كبقية لدولة مريضة لا تقوى على
منافسة الغرب الذي احتفل بزوال
المنافس التقليدي، وهنا برزت كرامة
الروس باستعادة بريقهم في جعل سوريا
الهدف المباشر الذي لا تقبل أن تخسره
لصالح الغرب، مثلما خسرت ليبيا، ثم إن
موقع سوريا الاستراتيجي، بإطلالتها
على البحر الأبيض، ومقابل دول الأطلسي
وحدودها المشتركة مع تركيا، ودول
عربية أخرى يعطيها فرصة المناورة في
الأدوار المعقدة، إضافة إلى إعطاء
الشعب الروسي نوعاً من الزهو المزيف،
بأن دولتهم بدأت تستعيد قدرات القوة
السوفييتية، ويؤثر كذلك على محيطهم من
الدول التي خرجت عن دائرتها.. الصين بدأت مندفعة خلف روسيا، لكنها أخذت
تتجه إلى أسلوب التصفيات والدبلوماسية
اللينة لأن مصالحها مع الدول العربية
التي ظلت في مواجهة النظام السوري لا
تريد خسارة علاقتها الاقتصادية
الهائلة معها وخاصة بضائعها التي تملأ
أسواق الخليج العربي وغيرها، أو أن
يطرأ مشكل جديد حول إمدادات الطاقة
النفطية والتي هي الذراع الموجعة لها،
ثم إننا لم نعتدْ أن تكون الصين ظلاً
لروسيا، أو الاتحاد السوفييتي السابق،
والتي طالما وقفت ضده حتى على المسائل
الخلافية مع الامبريالية الغربية،
وبالتالي فسوريا ليست القنطرة التي
تعبر منها لتحقيق أهداف عليا لها.. دول الأطلسي غير مبالية بما يجري، إلاّ
بحدود ما تراه خطراً عليها، وفي الحالة
السورية لا توجد هذه المخاوف، إلاّ
ذريعة أن يأتي حكم إسلامي يعادي
إسرائيل، وهو احتمال لا يرقى إلى
الحقيقة، لأن إسرائيل أقوى دولة
عسكرية في المنطقة كلها، وتتجاوز
تركيا وإيران معاً.. الوضع السوري من الاستحالة حله
دبلوماسياً، لأن ملاطفة النظام تعني
إعطاءه جرعات لتقوية عناده، واستمراره
في ضرب شعبه، والنهاية ستكون دعم
المعارضة، لأنها الخيار الوحيد لكسر
شوكته أو إعادته لقاعدة تنفيذ الحقوق.. ================= حلالٌ على إيران حرامٌ
على الشعب الذبيح!! .. اشربوا البحر
سيدخل الثوار دمشق وترفع في قلبها
أعلام شهدائه وفتيته مهنا الحبيل الأربعاء 25/04/2012 المدينة بات ما يصطلح عليه التشبيح الإعلامي
المعادي للثورة السورية إحدى محاور
القصف المستمر على ضحايا الشعب الممتد
نهر دمائهم والمتدفق تحت أنظار العالم
ومراقبيه يخفتُ حينًا ثم يعودُ من جديد
ليأخذ الإرهابي حظّه من جسد الضحايا
المستمرين دون هوادة في تقديم قرابين
الفداء لأجل الحرية وسورية العربية،
وهذا التشبيح الإعلامي ليس المقصود من
ضمنه من يجتهد حدبًا على الثورة دون
إدارة التشكيك في الثوار أو برامجهم
التي تُنفّذ عبر أصعب حراك مقاومة لم
يعرفها التاريخ المعاصر بدءًا بالثورة
الفرنسية وإن قارب المشهد في دمويته
ووحشيته حرب فرنسا على الجزائر وحرب
الطليان الأولى على ليبيا مع استنساخ
ما نفذه الزعيم الهالك القذافي على
ثورة ليبيا الثانية، ولكنّ المشهد
السوري في بعض مضامينه بات يتجاوز
الحدود التي بلغها الإرهاب هناك. فهناك فرق بين بعض التساؤلات المشروعة
وبين التشكيك وبين التباكي المصطنع
الذي يطرحه بعض المحللين والإعلاميين
في بعض الأقطار العربية وفي المهجر،
وهذا النوع من التشبيح هو الذي يُنفّذ
في جدولة منظمة تُقاتل لكي توسّع ثقافة
التشكيك، ووراء الحديث يبرزُ لك حجم
الحدب الذي يجمع بين هذا الإعلامي في
هذه القناة أو تلك الصحيفة على النظام
ذاته وروابط بينه وبين نظام الأسد مع
تركيبته في الحلف الإقليمي الإيراني
وذراعه الرئيسية في حزب بيروت، وهو
ينشط في دوائر العرب ويُعتنى به من
إيران ذاتها لأن التشبيح اللبناني
المباشر من اتباعها في بيروت لم يعد
يستسيغه الرأي العام العربي ولذلك بقي
دور بعض ونشدد على بعض العلمانيين
العرب من قوميين ويساريين وهم قلة لا
يمثلون قطعًا حركة القوميين العرب ولا
اليسار العربي الذي يَعرف لأي معركة
يضحي الشعب السوري. المهم أنّ هذا التشبيح ذا العلاقة
التاريخية مع النظام في احتضانه
المصلحي للعلمانية والطائفية الأُخرى
وليس لأجل العلمانية لكن لحاجته
لتغطية برنامجه الاستئصالي الخاص
لتحقيق حكم الفرد المطلق، فلطالما
دافع هذا التشبيح عن أحقية هذا النظام
في التحالف المطلق مع إيران ضد المساحة
العربية وليس الإسرائيلية ولطالما ردد
أولئك الشبيحة الأكاديميون أنّ من حق
إيران أن تزحف على الخليج العربي
لأنّها قوة في المنطقة وكلٌ يبحث عن
مصالحه، واستمروا في الدفاع عن إيران
الزاحفة حتى مع تقاطعها الفج والبيّن
مع قوات الاحتلال الأمريكي في العراق
وعبر مشروع بريمر السياسي، فمشاعر
الشبيحة لم تَصعد ذات يوم لتطرح هذه
الأسئلة عليهم ولا على فرعهم في
الضاحية الجنوبية من بيروت. أمّا في الثورة السورية المذبوح شعبها
المحاصرة من تل أبيب ومن طهران ومن
النظام فاستمع للأعاجيب!! فلطالما ضجوا على هذه الثورة بخطورة
التدخل العسكري المزعوم.. وحين لم يقع
واتخذت واشنطن موقفًا معاديًا لتسليح
الثورة واتضح حجم هذه الإستراتيجية
الإسرائيلية على الأرض واستفادت فرق
الموت الإيرانية منها، برز موقف خليجي
مختلف رأى أن يُعارض هذا القرار وأن
يُحاول السعي لتسليح الثورة من الأرض
والثروة العربية، هنا قامت قائمة
الشبيحة وتشكيكهم وطعنهم ومع أنّ
القضية مسألة تقاطع يُقرّها كل دينٍ
ومبدأ عربي وإسلامي خاصة أنّها حين
تتحقق وتُدعم من خلالها الثورة
السورية بقوة فهي تستغني بعون الله عن
التدخل العسكري غير القائم أصلًا فهي
تضمن انتقالًا نوعيًّا يُحققه الثوار
السوريون عبر البعد العربي كأرضٍ قبل
أن يكون نظامًا سياسيًّا، هنا حين يرفض
شبيحة الإعلام هذا المنطق الإنساني
الضروري المجرد وقد أباحوا قديما
استباحة إيران لأراض عربية لأجل
مصالحها فمن الخطأ أن نعتقد أن المسألة
عدم فهم أو غبش لأولئك المعمرين في
فلسفة التنظير لدفاتر هذرهم للعهود
البائسة، إنما القضية أنهم يخشون من
حرية هذا الشعب بالفعل ومن قراره
الجديد وعهده المجيد ويكرهونه
ويتقاطعون مع الصهاينة في تمني سقوط
ثورته.. اشربوا البحر سيدخل الثوار
دمشق وترفع في قلبها أعلام شهدائه
وفتيته.. صلى الإله على الشهداء
والثوار وأنجز وعده بقوته. ================= الشرق القطرية التاريخ: 25 أبريل 2012 منذ اندلاع الأزمة في سوريا قبل أكثر من
عام، ظلت دولة قطر تعمل بكل جهدها
لمساعدة سوريا في حل الأزمة؛ انطلاقا
من حرصٍ كامل على سلامة سوريا كدولة
محورية في منطقة حساسة، فضلا عن
العلاقات التي تربط بين البلدين، حيث
أجرى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن
خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى،
اتصالات عديدة مع القيادة السورية في
الأيام الأولى للأزمة، وقدّم اقتراحات
للمساعدة على التعامل بحكمة في حلِّ
الأزمة، لكن الأمور مضت إلى مرحلة أصبح
فيها على قطر أن تختار بين الشعب
والنظام. إن القيادة في سوريا بتجاهُلها لتطلعات
شعبها واختيارها لطريق الحلِّ الأمني
والعسكري في مواجهة الاحتجاجات
والمظاهرات السلميّة، لم تترك
للمبادرات القطرية أو العربية أو حتى
الإقليمية والدولية، التي طرحت في
أوّل أيام الأزمة، فرصة للمساعدة، بل
إنها أدخلت نفسها في نفق مظلم بعدما
أوغلت في القمع وسفك دماء المدنيين
الأبرياء. إن الاتهامات الباطلة التي يكرّرها نظام
البعث الحاكم في سوريا كلّ يومٍ ضد
قطر، ليست سوى محاولات بائسة ويائسة من
هؤلاء لصرف أنظار المجتمع الدولي عن
المجازر والجرائم الفظيعة التي
يرتكبها بشار الأسد وأعوانه بحقّ
الشعب السوري الشقيق. والمؤكد أن أي
اتهامات يوجهها هذا النظام إلى أية
جهة، لن تصرف أنظار العالم عن الإرهاب
الذي تمارسه هذه الدولة بحق شعبها من
قصف للأبرياء في مساكنهم والمصلّين في
مساجدهم وكنائسهم بالدبابات وقذائف
الهاون والمدافع والطائرات. إن مواقف قطر تجاه سوريا مشهودة ولا تحتاج
إلى بيان، وقد كانت وما تزال، تدعم
وتنحاز إلى تطلّعات الشعوب المشروعة، التي برزت
خلال اندلاع الثورات والانتفاضات
العربية أو ما بات يُعرف ب "الربيع
العربي". وقد ظلّت على الدوام تؤكّد
مساندتها للشعب السوري ووحدته وسيادة
سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها،
لكنها، وكما هو معلوم للكافة، لا تدعم
قائداً يقتل ويسفك الدماء. ================= قرارات مجلس الأمن وفرص
إيقاف العنف في سوريا مسعود ضاهر التاريخ: 25 أبريل 2012 البيان بعد أكثر من عام على بداية الأحداث
الدموية في سوريا، نجح مجلس الأمن
الدولي في 14 نيسان (إبريل) 2012 في إصدار
القرار 2042، الذي نص على إرسال مجموعة
مراقبين دوليين، غير مسلحين، تنحصر
مهمتهم في الإشراف على وقف إطلاق النار
الذي دخل أسبوعه الثاني. وفي سياق متصل، تبنى مجلس الأمن بالإجماع
القرار 2043 بتاريخ 21 نيسان 2012، بعد
تنازلات متبادلة من مناصري النظام
السوري ومعارضيه في المجلس، وصولا إلى
حل وسط يحدد عمل بعثة المراقبة الدولية
في سوريا، لمراقبة وقف العنف المسلح
وتطبيق كامل بنود خطة كوفي أنان.
وبموجب القرار الجديد، خول الأمين
العام للأمم المتحدة صلاحيات تقييم
التطورات الجارية في سوريا، ونشر
ثلاثمائة مراقب لمدة تسعين يوما،
والتحقق من التزام كل من الحكومة
السورية والمعارضة بوقف العنف بصورة
تامة، والدخول في مفاوضات مباشرة
لإنهاء الأزمة السورية. صدر القرار بعد مفاوضات صعبة، بسبب تمسك
مندوبي روسيا والصين بمبدأ الحفاظ على
سيادة الحكومة السورية على كامل
أراضيها، ونال موافقة الحكومة السورية
والمعارضة معا لتنفيذ خطة المبعوث
الدولي كوفي أنان. وهو أول قرار دولي
يصدر بالإجماع عن مجلس الأمن بشأن
الأزمة السورية، فأعطى الضوء الأخضر
لنشر مراقبين غير مسلحين في سوريا،
ونشر الأمل مجددا بحل الأزمة السورية
بالطرق الدبلوماسية دون سواها. طالب المجلس السلطات السورية بدخول
المساعدات الإنسانية فورا إلى جميع
المناطق السكنية التي تحتاج إلى
مساعدة، ودعا الأطراف السورية
المتنازعة، الحكومية منها والمعارضة،
إلى التعاون الكامل مع الأمم المتحدة
والمؤسسات الإنسانية التابعة لها،
لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى
المحتاجين. حمل القرار تطورا إيجابيا، لكنه أحيط
بكثير من التشكيك أو التحريض على
استمرار العنف. وذلك يطرح تساؤلات عدة
أبرزها: 1- نال القرار موافقة روسيا والصين بعد أن
منعتا سابقا صدور قرارين عبر
استخدامهما حق الفيتو، وتم تبرير
موقفهما انطلاقا من مبدأ الحفاظ على
سيادة الدولة العضو في الأمم المتحدة
على كامل أراضيها، وعدم التدخل في
شؤونها إلا بموافقتها. وقد حمل القرار
السلطات السورية مباشرة مسؤولية ضمان
أمن المراقبين الدوليين، وحرية تحركهم
بصورة كاملة وفورية، ودعا المعارضة
إلى وقف فوري للعنف المسلح بكل أشكاله،
والمشاركة في بناء نظام سياسي
ديمقراطي في سوريا. 2- أعاد القرار الثقة بمجلس الأمن كمرجع
أساسي لحل النزاعات الدولية. وأوقف
الرهان على تغيير أنظمة الدول
الممانعة للمشروع الأميركي في الشرق
الأوسط وغيرها من مناطق العالم بالقوة
العسكرية. وحذر السلطات السورية من
مجلس الأمن سيراقب عن كثب تنفيذ بنوده
ويتخذ خطوات أخرى إذا دعت الحاجة. 3- أبدت دول عربية معارضة للنظام السوري،
امتعاضها من القرار، وشككت في فرص
نجاحه التي رأت أنها لا تتعدى الثلاثة
في المائة، وأبدت استعدادها لتسليح
المعارضة السورية دفاعا عن الشعب
السوري، ورفض إخضاع المعارضة للنظام
الحاكم. 4- أكدت دول غربية مساندة للمعارضة
السورية، أن العنف سيستمر في سوريا بعد
صدور القرار، في حال أصر النظام على
استخدام العنف ضد شعبه، وشككت في جدية
النظام السوري، وحتى رغبته أصلا في
التزام وقف إطلاق النار، ودعته إلى
التنفيذ الفوري لكامل التزاماته لكي
يستمر الهدوء ويتحول إلى استقرار
حقيقي، وحذرت من الانجرار وراء أوهام
حل دولي ينطلق من مبدأ الحفاظ على
النظام السوري وعدم الإطاحة بقيادته.
لكن الدول الغربية باركت وحدة المجتمع
الدولي الذي أصدر قرارا صارما يظهر
توحيد الموقف الدولي لإلزام النظام
السوري بتنفيذ جميع بنود القرار. 5- في المقابل، شدد حلفاء النظام السوري في
مجلس الأمن، على أهمية صدور القرار بعد
إدخال تعديلات مهمة عليه لجعله أكثر
توازنا. ونبهوا إلى أن المراقبين
الدوليين أمام تحد صعب، يتطلب منهم
إظهار الكثير من المهنية والشجاعة
والموضوعية في عملهم، وأن من واجب مجلس
الأمن حث المعارضة السورية على قدم
المساواة مع الحكومة السورية، لتغيير
سلوك كل منهما تجاه الآخر. فالمطلوب
تنازلات متبادلة من الجانبين انطلاقا
من احترام سيادة سوريا، ومنع كل أشكال
التدخل الخارجي أو محاولة فرض أي نوع
من الحلول المدعومة بقوات عسكرية من
الخارج، وأن من واجب الحكومة
والمعارضة الوفاء بوعودهما تجاه الشعب
السوري، والالتزام بوقف إطلاق النار،
والبدء في حوار إيجابي جدي للخروج من
الأزمة، وعدم وضع العراقيل التي تمنع
تنفيذ خطة أنان بكامل بنودها. لقد أكد مجلس الأمن الدولي التزامه
الكامل بالدعوة إلى التطبيق الفوري
للنقاط الست التي تقدم بها كوفي أنان،
بهدف التوصل إلى وقف كامل للعنف
وانتهاكات حقوق الإنسان. وشدد على
ضرورة وصول المساعدات الإنسانية،
والانتقال السلمي في سوريا لقيام نظام
ديمقراطي تعددي، يتساوى فيه المواطنون
في الحقوق والواجبات بمعزل عن
الانتماء العرقي أو السياسي أو
الديني، وعبر حوار سياسي مكثف بين
الحكومة السورية وكل أطياف المعارضة. فسوريا اليوم
أمام اختبار حقيقي لوقف تدمير الوطن،
انطلاقا من مواقف متشنجة لدى الرؤوس
الحامية في الحكومة والمعارضة معا،
وسيادة سوريا ووحدة أرضها وشعبها
ومؤسساتها، يجب أن تكون مصانة
بالكامل، وذلك يتطلب الإسراع في تنفيذ
خطة أنان، والتعاون الكامل مع
المراقبين الدوليين، لتنفيذ بنود
القرارين الدوليين من جانب الحكومة
والمعارضة معا. ختاما، تضمن القراران 2042 و2043 الصادران عن
مجلس الأمن، إدانة صريحة للعنف من أي
جهة أتى، ومحاسبة من يقوم به. ففتح
نافذة أمل ضيقة، يمكن أن تتسع تدريجيا
في حال اعتبرته الحكومة والمعارضة في
سوريا، خشبة إنقاذ للجميع من مخاطر حرب
أهلية يتم الإعداد لها منذ زمن بعيد،
ويرسم المخططون لها خارطة جديدة للشرق
الأوسط بعد سقوط النظام السوري، تغير
صورة المنطقة لعقود طويلة بما يخدم
المشروع الصهيوني بالدرجة الأولى. والمطلوب أولا وقف الاقتتال الداخلي بكل
أشكاله، وسحب القوات العسكرية من
المدن والمراكز السكنية وعودتها إلى
ثكناتها، والتزام الجميع بوقف نهائي
ودائم لإطلاق النار، ومساعدة
المراقبين الدوليين على تنفيذ مهماتهم
بحرية تامة، والسماح لهم بالتواصل مع
كل أطياف الشعب السوري في جميع المناطق.
ويتحدد مدى نجاح مهمة المراقبين
الدوليين انطلاقا من تقاريرهم اليومية
التي تؤكد على وقف العنف المسلح من قبل
جميع الأطراف، وضمان سلامة فريق
المراقبيين لإنجاز المهمة الموكلة
إليهم. كما يتطلب استمرار الضغوط
الدولية عبر مجلس الأمن، لفرض حل دائم
للأزمة السورية بالطرق الدبلوماسية،
ومنع تحولها إلى نزاع إضافي طويل
الأمد، يهدد مستقبل منطقة الشرق
الأوسط بكامل دولها وشعوبها. ================= تاريخ النشر: الأربعاء 25 أبريل
2012 د.خالص جلبي الاتحاد سؤال ملح كان يؤرقني: من يحكم سوريا
فعلاً، وما طبيعة الحلقة الداخلية
التي تمسك بقبضتها رقبة الشعب السوري؟
ليس ثمة معلومات مؤكدة تتسرب من داخل
هذا التركيب الغامض، لكن وقع بين يدي
بحث نشرته مجلة "دير شبيجل"
الألمانية، يتحدث عن هذه الحلقة
الداخلية، ما قوّى عندي ذلك الهاجس حول
نوعية الأشخاص الذين يديرون البلد من
وراء ستار. قال التقرير إن الحلقة الداخلية محكمة
جداً، ولا يتسرب عنها إلا النزر اليسير
من الأخبار. لكن التقرير يذكر أن بشار
الأسد يشكو كثيراً من أنه لا يستطيع
اتخاذ أي قرار في وجه والدته، فمن هي
والدته؟ إنها أنيسة مخلوف، أرملة حافظ
الأسد. كما يذكر أن هناك شيئاً
متناقضاً يجمع بين الثنائي "آصف
شوكت" وماهر الأسد، وأن تدمير حمص
كان بيد شوكت، لكن بعد أن أصبح على رأس
قسم من الفرقة الرابعة التي يقودها
ماهر، والمشهورة بالتسلح والقمع. فقد
تنازل ماهر لشوكت عن بعضها مقابل
استباحة حمص التي كانت أوامر تدميرها
تنفذ بيد شوكت. ويقول التقرير إن قمة
الهرم الحاكم مكونة من تسعة رهط، منهم
من هو معروف شخصياًَ ومنهم المجهول
للناس والمعروف للحلقة الداخلية فقط. والمهم في كل ذلك أن طبيعة التركيب
الداخلي مجهولة تماماً، ولا يمثل فيها
بشّار إلا واجهة ظاهرة، لكن عليه أن
يوقع القرارات ولو كان مرغماً أو نصف
راض فقط. ويبقى خلف الطاقة وجه ناعم
يذكر بقصة الميدوسا الغرغونية من
الأساطير اليونانية. إنها من تحكم خلف
الكواليس: "السيدة الأولى" التي
حافظت على اللقب وطردت الحمصية زوجة
بشار التي انضمت للعصابة في طمع وغفلة.
إنها تذكر بألينا زوجة تشاوسسكو، فهي
من كانت خلف صعوده وجبروته، ثم خلف
انهياره وإعدامه، لذا أعدمها الثوار
في حفلة ثنائية مع زوجها المغدور. قصة الإفك في القرآن الكريم تعطيني دوماً
مفاتيح الفهم، كما أتذكر كتاب "العبودية
المختارة" لأتيين ديه لابواسييه حين
يفكك آلة الطغيان وكيف تعمل، أو كما
قال الرب فهم رهط يتقاسمون الجريمة
ويغرقون فيها جميعاً، فلا يجدون
مخرجاً إلا بخروج الروح. يقول
لابواسييه هم ستة وربما سبعة، إذا
اختلفوا أشهروا الخناجر، وقد يلجأون
للتصويت فتحصل غلبة الأصوات. إنها
ديمقراطية القراصنة المافيا! في هذا
المجلس التسعوي تحت إمرة كل واحدة
عشرة، وكل واحد من العشرة بإمرته مائة.
وكل واحد من المائة ألفاً... وهكذا
بالتسلسل. يقول القرآن عن حادثة الإفك: "إن الذين
جاءوا بالإفك عصبة منكم" وليس ثمة
فرد منفرد، فآلة الطغيان بناء مركب. ثم
يقول ثانياً إن الإفك الذي جاءوا به
ليس شراً كلياً: "لا تحسبوه شراً لكم
بل هو خير لكم" بل فيه خير، وهنا تنبع
فلسفة كاملة عن الخير والشر وجدليتهما
في الوجود. لكنه يقرر درجات المسؤولية
والإثم المترتب عليها: "لكل أمريء
منهم ما اكتسب من الإثم، والذي تولى
كبره منهم له عذاب عظيم". وكذلك هي الأوضاع في سوريا، فهناك
البيادق الصغار العابثون التافهون،
وهناك من تولى عظيم الأوامر. وفي
القرآن تأكيد متكرر على أن الآخرة هي
دار القرار وأن الحساب فردي: فلا تظلم
نفس مثقال ذرة. وكلهم آتيه يوم القيامة
فرداً. لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم
أول مرة. ================= الأزمة السورية...
واحتمالات التدخل الأميركي نيكولاس بلانفورد - بيروت ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» تاريخ النشر: الأربعاء 25 أبريل
2012 الاتحاد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على
النظام السوري يوم الاثنين الماضي،
فيما يمثل إشارة إلى زيادة الضغط
الدولي على الرئيس السوري، وسط تشاؤم
واسع بشأن مخطط المبعوث الأممي كوفي
عنان للسلام. وكان مجلس الأمن الدولي قد رخص يوم السبت
الماضي بنشر ما يصل إلى 300 مراقب عسكري
غير مسلح من أجل مراقبة اتفاق إطلاق
نار هش دخل حيز التنفيذ رسمياً في
الثاني عشر من أبريل كجزء من مخطط عنان. ولكن أعمال العنف استمرت منذ ذلك الحين في
وقت ألمح فيه مسؤولون أميركيون إلى أن
فشل نظام الأسد في الالتزام بمخطط عنان
المؤلف من ست نقاط يمكن أن يؤدي إلى فرض
عقوبات أممية حتى قبل انقضاء مهلة
التسعين يوماً المحددة لتطبيقه. غير أنه بالنظر إلى الانقسامات الدولية
بشأن كيفية معالجة الأزمة في سوريا،
إضافة إلى الشكوك بشأن قابلية مخطط
عنان للنجاح، فإن السؤال يظل هو: إذا
فشل مخطط السلام، فما هي الخطوة
المقبلة؟ "آندرو تابلر"، الخبير في سوريا من
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يقول:
"لا أحد هنا (في واشنطن) يعتقد أن
مخطط عنان سينجح"، مضيفاً "هذا
المخطط لا يتعاطى مع الداء نفسه.
والداء بسيط للغاية. فلديك نظام تهيمن
عليه أقلية ليست مستعدة للتخلي عن
السلطة، أقلية لديها سجل يمتد على 42
عاماً لم تستطع خلاله تنفيذ الإصلاح". وفي هذه الأثناء، أخذت إدارة أوباما،
التي باتت مقتنعة على نحو متزايد بأن
الوضع مرشح للتدهور - مع ما يمكن أن
ينطوي عليه ذلك من عواقب وخيمة للأمن
الإقليمي- تتجه نحو عمل أكثر حزماً
وتصميماً بخصوص سوريا. تحول يمكن أن
يشجع بلداناً أخرى كانت تنتظر قيادة
أميركية على لعب دور مباشر أكثر في دعم
المعارضة السورية. وللتذكير، فإن مخطط عنان يتضمن دعوات
لوقف إطلاق النار من الجانبين، وإيصال
المساعدات الإنسانية، وعملية لمعالجة
مطالب المعارضة، وإطلاق سراح
المعتقلين السياسيين، والسماح
للصحفيين الأجانب بدخول البلاد،
والسماح بتنظيم مظاهرات سلمية. وعلى
الرغم من أن النظام السوري قبل مخطط
عنان، فإن أعمال العنف تواصلت، وإن
بوتيرة أقل مما قبل، في وقت تقول فيه
الأمم المتحدة إن أكثر من 9 آلاف شخص
ماتوا في سوريا منذ بدء الانتفاضة في
مارس 2011. يشار إلى أن "المجلس الوطني السوري"،
تنظيم المعارضة الرئيسي، رحب ببعثة
المراقبين الأمميين، معتبراً أنه يجب
نشر عدد أكبر من المراقبين وذلك حتى"يسمح
وجودهم للسكان المدنيين بإعادة
التأكيد على حقهم في مظاهرات سلمية".
غير أن تلك هي أكثر نتيجة تخشاها
السلطات السورية، ذلك أنه في حال تم
سحب قوات الأمن السورية وآلياتها
الثقيلة من المدن، فإن محتجي المعارضة
المستقوين بوجود المراقبين التابعين
للأمم المتحدة يمكن أن يستأنفوا
المظاهرات المناوئة للنظام بقوة
وحيوية أكبر مقارنة مع الاحتجاجات
الأولى التي نظمت قبل نحو عام. على أنه إذا امتدت هذه المظاهرات من دون
قيود إلى مدينتي دمشق وحلب، اللتين
تعتبران أكبر مدينتين في سوريا، فإن
نظام الأسد سيجد نفسه أمام وضع خطير
للغاية. ومن جهة أخرى، فإن المعارضة السورية غير
مهتمة بمكون آخر من مخطط عنان يدعو إلى
الحوار مع السلطات السورية. ذلك أنه
بالنسبة للمعارضة، فإن المفاوضات مع
النظام عديمة الجدوى اللهم إلا إذا
كانت مقصورة على مناقشة نهاية سريعة
لحكم الأسد، وهو شرط سترفضه القيادة
السورية. وفي هذا الإطار، يقول أحمد، وهو ناشط سوري
يعيش مختبئاً في شمال لبنان: "لا
جدوى من المحادثات مع النظام. ليس
لدينا ما نتحدث حوله ونحن نريد رحيل
الأسد، هذا كل شيء". وعلى الرغم من أن مخطط عنان مازال في
المراحل الأولى من التطبيق، فإن مشاعر
التشاؤم التي تحيط به دفعت مخططي
السياسات في الولايات المتحدة وأوروبا
إلى بحث ودراسة خيارات بديلة في حال
فشله خلال الأسابيع المقبلة. وحتى
الآن، فقد قصرت إدارة الرئيس أوباما
تحركاتها تجاه سوريا على الخطاب
والعقوبات، رافضة بشكل واضح أن يتم
جرها إلى الشرق الأوسط بعد أشهر فقط
على إنهاء تدخلها العسكري في العراق
وفي وقت شرعت فيه في عملية الخفض
التدريجي لعديد قواتها في أفغانستان. والأكيد أن سوريا، التي تعتبر مرجلاً
يغلي باضطرابات طائفية وإثنية وساحة
معركة إقليمية جديدة صاعدة، تعد ربما
أكثر تعقيداً وخطورة من العراق. وحسب
"راندا سليم"، الباحثة في معهد
الشرق الأوسط بواشنطن وزميلة مؤسسة
"نيو أميركا فاوندايشن" المتخصصة
في الشؤون السورية، فإن النزاع في
سوريا يتميز بثلاثة مكونات: - صراع وجودي بين نظام الأسد، الذي تهيمن
عليه الطائفة العلوية التي تمثل أقلية
في البلاد، ومعارضة سُنية في معظمها
مسلحة تسليحاً خفيفاً. - صراع على النفوذ بين إيران، التي تعد
حليفاً للنظام السوري، والسعودية،
القوة العربية السنية المهيمنة. - اختبار دولي للإرادات بين الولايات
المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة
أخرى، وكلاهما يدعمان نظام الأسد. وتقول راندا سليم:"إذا لم تتغير حالة
اللعب على أي من هذه المستويات بشكل
مهم، فإن المأزق الحالي يمكن أن يستمر
لبعض الوقت"، مضيفة "وفي غضون
ذلك، سيتعمق الاستقطاب الطائفي
وستستمر البلاد في الانزلاق نحو ما بات
يبدو أنه سيناريو لا مفر منه: حرب
طائفية تجمع بين العلويين والسنة مع
إمكانية امتدادها إلى بلدان مجاورة". ================= أنان يعرف طبيعة النظام
السوري.. كذلك بان! خير الله خير الله المسنقبل 25-4-2012 سيزداد عدد المراقبين الدوليين في سوريا
الى ثلاثمئة مراقب، وذلك بموجب قرار
اتخذه مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة بإجماع الأعضاء. يؤكد القرار
أن ثمة حسنات كثيرة للخطة التي طرحها
كوفي أنان المبعوث الدولي والعربي
المكلف معالجة الأزمة السورية. الأكيد
أن من بين هذه الحسنات السعي الى وقف
إراقة الدماء في بلد يؤمن النظام فيه
بأنّ لا خيارات أمامه منذ اليوم الأول
لوصوله الى السلطة قبل اثنين وأربعين
عاماً سوى إلغاء الآخر جسدياً، بما في
ذلك الشعب السوري. ولكن تبقى الحسنة
الأهمّ. تتمثّل هذه الحسنة في أن
العالم يكتشف أخيراً، مع بعض العرب
وغير العرب طبعاً، ما هو هذا النظام
السوري وما هي طبيعته الحقيقية. ما الذي يترتب على هذا الاكتشاف؟ يترتب
أوّلاً الاعتراف بأن النظام السوري
غير قابل للاصلاح لا اليوم ولا غداً
ولا بعد غد، وأن لا مفرّ من مرحلة
انتقالية تبدأ بتسليم الرئيس بشّار
الأسد السلطة. تمهّد تلك المرحلة، أو
هكذا يفترض، لعودة الديموقراطية
والحياة السياسية والاقتصادية
الطبيعية الى بلد مهدد بالتفتت وبحرب
أهلية تطلّ برأسها بين حين وآخر. الأهمّ من ذلك كلّه، أن اكتشاف طبيعة
النظام السوري تعني أن ليس في استطاعة
النظام تنفيذ خطة أنان، أقله لسبب واحد.
يتمثل هذا السبب في عدم قدرة النظام
على سحب قواته و"شبيحته" من المدن
السورية. لذلك، لا أمل يرجى من خطة
الأمين العام السابق للأمم المتحدة،
الذي أصبح مبعوثاً دولياً وعربياً.
فأنان يعرف قبل غيره ما هو النظام
السوري وكيف يتصرّف مع القرارات
الدولية ومع جيرانه. وإذا كان أنان في
حاجة الى من ينعش ذاكرته، فإنّ بان كي
مون الأمين العام الحالي للمنظمة
الدولية يستطيع التكفّل بذلك. ليس لدى النظام السوري ما يقدّمه لا لشعبه
ولا لجيرانه العرب، على رأسهم لبنان أو
تركيا، لا شكّ أن الأردن اوّل من يعرف
ذلك بعدما عانى طويلاً من تصرّفات نظام
كان لا بدّ من ردعه بين حين وآخر
وإفهامه أين عليه أن يتوقّف، أكان ذلك
في عهد الملك الحسين، رحمه الله، أو
الملك عبدالله الثاني. اكتشف الأتراك متأخرين أن لا أمل من
النظام وأن كلّ همه محصور في البحث عن
غطاء، أي غطاء، له في عملية القمع
والقهر التي يمارسها في حق أبناء شعبه.
أما أنان، فإنه يعرف منذ السنة 2000
بالتاكيد، وربما قبل ذلك أن لا أمل
يرجى من النظام السوري الذي لا يمتلك
سياسة أخرى غير الابتزاز. في السنة 2000، انسحبت إسرائيل من جنوب
لبنان تنفيذاً للقرار الرقم 425 الصادر
عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في
العام 1978. حسناً، نفّذت إسرائيل القرار
أخيراً لأسباب مرتبطة باستراتيجية
خاصة بها ذات علاقة بالقضية
الفلسطينية ومنع ياسر عرفات، رحمه
الله، من اتخاذ مواقف مرنة تتجاوب مع
تطلعات الإدارة الأميركية وقتذاك. صدر موقف عن مجلس الأمن بإجماع الأعضاء
يؤكد أن إسرائيل نفّذت القرار 425. ماذا
فعل النظام السوري الراغب في إبقاء
جبهة جنوب لبنان مفتوحة والمتاجرة
باللبنانيين وأهل الجنوب تحديداً؟
اخترع ما يسمّى قضية مزارع شبعا
المحتلة منذ العام 1967، وهي أرض لبنانية
أصلاً، أقلّه في معظمها، لكنها خاضعة
للقرار 242. لقد احتلت القوات السورية
تلك الأرض في العام 1956 وخسرتها في 1967.
الى الآن، لا تزال ترفض توجيه رسالة
الى الأمم المتحدة تؤكد لبنانية الأرض
كي يسهل على لبنان استعادتها عبر الأمم
المتحدة. يعرف أنان ذلك جيّداً ويعرف
ما هو النظام السوري وكيف تعاطى مع
الأمم المتحدة ومجلس الأمن عندما كان
في موقع الأمين العام للمنظمة الدولية. لم يتغيّر شيء في تصرفات النظام السوري.
قبل أيّام قليلة، صدر عن بان كي مون
الأمين العام الحالي للأمم المتحدة
تقرير في غاية الأهمية عن تنفيذ القرار
الرقم 1559 الصادر عن مجلس الأمن في
السنة 2004. الى الآن، لا يزال النظام
السوري يتجاهل الجانب الذي يخصه من
القرار. في مرحلة معيّنة، بدأ يقول إنه
نفّذ الجانب المتعلق به عندما انسحب
عسكرياً من لبنان. نسي أنه لم ينسحب
إلاّ تحت ضغط اللبنانيين الذين
انتفضوا، بأكثريتهم الساحقة، في وجه
الاحتلال والوصاية بعد اغتيال رفيق
الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط-
فبراير 2005. لم تنطل ألاعيب النظام السوري على الأمين
العام الحالي للأمم المتحدة. أشار
بوضوح في تقريره نصف السنوي عن تنفيذ
القرار 1559 الى استمرار تدفق السلاح من
سوريا الى لبنان وتمسك النظام السوري
بإقامة قواعد لفلسطينيين تابعين له في
الأراضي اللبنانية. فوق ذلك كلّه، هناك
رفض سوري لتحديد الحدود مع لبنان
وترسيمها. يستبيح النظام السوري حرمة القرى
والبلدات والمدن السورية ويستبيح
سيادة لبنان. أنان يعرف ذلك. كذلك بان.
إنهما يعرفان، تماماً، مثلما يعرف
اللبنانيون، أن الهدف الوحيد للنظام
السوري كسب الوقت. لذلك، ليست خطة أنان
سوى مرحلة لا بدّ منها في انتظار اليوم
الذي يتخّذ المجتمع الدولي قراره
بالانتهاء من النظام بطريقة أو بأخرى. الأمل كبير بأن لا تطول إضاعة الوقت نظراً
الى أنّ كلّ يوم يمر يعني مزيداً من
الدماء السورية تهرق على يد نظام يعتقد
أن المخرج الوحيد الباقي أمامه يتمثل
في إزالة مدينة مهمّة اسمها حمص من
الوجود! ================= "الأسد "غير كفؤ"...
يقول نعم ولا ينفِّذ" سركيس نعوم 2012-04-25 النهار عن سؤال: ما هي أسباب موقف روسيا من "أزمة"
سوريا وطريقة تطورها؟ الذي وجّهه إليّ
المسؤول الأرفع في أكبر تجمّع
للمنظمات اليهودية الاميركية وأكثرها
فاعلية نفسه، أجبتُ: من الأسباب
الانتخابات الرئاسية لبوتين (مرَّت).
ومنها شعور الحكّام الروس ان اميركا
تعمّدت تهميش بلادهم بعدما اطاحتها عن
عرش الدولة العظمى في العالم، وتعمّدت
تهديدها بايصال حلف شمال الاطلسي الى
حدودها وبنصب درع صاروخية على هذه
الحدود. ومنها رغبة هؤلاء في الانتقام
واستعادة النفوذ في الشرق الأوسط، ومن
هنا عودتهم الى الاهتمام بالقاعدة
الروسية البحرية في طرطوس، وبعلاقاتها
الامنية والعسكرية والتسليحية مع نظام
الاسد بعد طول إهمال. اما في ما يتعلق
بتطور الأوضاع في سوريا فأعتقد ان
الأحداث فيها ستستمر، وستتحوَّل حرباً
اهلية مذهبية طاحنة رغم بعض الهدنات
على الطريقة اللبنانية. لكن النظام لن
يسقط رسمياً وفعلياً لأسباب عدة منها
غياب العمل العسكري الخارجي المنظم،
وولاء الجيش له جراء سيطرة "شعبه"
عليه. إلا أنه سينتهي أي سيفقد اي دور
له داخلياً وخارجياً، وسيتحول اداة ل"حلفائه".
وربما تعيش سوريا بعد ذلك تفتيتاً
واقعياً على طريقة لبنان في اثناء
حروبه الطويلة في العقد الماضي، لا
يعرف احد إذا كان سيتكرّس او سيتحول
تقسيماً، او سيزول لمصلحة دولة مركزية
ل"الغالبية" فيها الدور الاول. ثم
سألتُ: هل اسرائيل التي تعرفها انت
جيداً مع بقاء نظام الاسد؟ أجاب: "صحيح
ذلك". علَّقتُ: لكنها لا تستطيع ان
تحميه خوفاً من أن تؤذيه. ردّ: "نعم".
ثم تناول الحديث الأوضاع في العراق
وعلاقته او دوره بما يجري في المنطقة،
وخصوصاً سوريا والأوضاع في ايران في
ضوء ما يُشاع عن خلافات داخل النظام
وخصوصاً بين المرشد ورئيس الجمهورية،
فكان تعليقه عن ايران: "صار الحرس
الثوري الايراني مثل الجيش المصري. "رجل
اعمال" (Business
man).
ثلث الاقتصاد الايراني في يده. لذلك
فانه لا يفكر الا في المحافظة على
مكتسباته المادية. كما انه لا يفكّر في
دور سياسي على الاقل حتى الآن. تماماً
مثلما يفعل جيش مصر". ماذا في جعبة مسؤول مهم في "ادارة"
اميركية مهمة جدا تعاطى
من زمان مع ملفات شرق أوسطية عدة،
ويتعاطى حالياً مع أكثر من ملف له
علاقة بسوريا ولبنان واحياناً
اسرائيل؟ بدأت اللقاء معه بالقول: كنتَ
مهتماً بموضوع سوريا ولا تزال. زرتَ
دمشق مرات عدة وعقدت اجتماعات مع جهات
رسمية سورية ومع مسؤولين كبار جداً، قد
يكون الرئيس بشار الاسد من بينهم.
انطلاقاً من ذلك كيف تقوِّم الاسد
ونظامه والوضع في بلاده؟ اجاب: "لا
أريد ان أقول ان الاسد هو مثل ملكة
بريطانيا اي يملك ولا يحكم. لكن هناك
اموراً لم يكن يعلم بها، او يقوم بها.
تمّ الحديث معه اكثر من مرة على ضرورة
قيامه بأمور معينة، اصلاحات معقولة
مثلاً وإن غير جذرية، وكان من شأنها
ارضاء الناس ومنع حصول ما حصل ولا يزال
يحصل. لكنه لم يقبل. يقول نعم ولا
ينفِّذ. انه من عالم آخر غير عالم والده
حافظ الاسد. يحاول القيام بأمر معيَّن.
يفشل بعد اصطدامه بعقبات معينة. وبدلاً
من ان يحاول ازالة العقبات فإنه يعود
الى عالمه وهواياته وأصحابه. أريد ان
أقول ان درعا كما كل المناطق التي حصلت
فيها اضطرابات هي مناطق بعثية، أو كان
لحزب البعث فيها وجود كبير ودور كبير.
حصل ما حصل. ولم يقف البعثيون فيها معه
بل ضده. ما فعله في درعا اقرباء لبشار
واركان في النظام لا يمكن قُبوله. كان
عليه القيام بشيء ما لتهدئة الأمور. لم
يفعل. انه غير كفؤ (Incompetent) ولا يعرف. يعتقد بسذاجة ان
العنف والقمع والضرب ينهي الثورة خلال
أيام ويعود كل شيء الى ما كان عليه.
فكّرتُ مرة ان هناك ضرورة لتكرار
المحاولة مع بشار لإقناعه عبر اركان
سلطته بالقيام بأمور عدة تهدىء
الخواطر في البدايات. لكن أوان ذلك كان
فات. ربما ما كنا لنحصل على نتيجة. كل ما
كان يفكِّر فيه الاسد هو ان السلام مع
اسرائيل ربما يسمح بإصلاح بسيط جداً
ليس اكثر. اي لا سلام يعني لا اصلاح".
علَّقتُ: معظم المسؤولين الاميركيين
الذين يتعاطون مع أزمة سوريا يقولون ان
المعارضة لنظام الاسد غير موحّدة،
وكأنهم يلومونها لعدم النجاح حتى الآن
في إنهائه. ذلك غير منصف اذ كيف تتكوَّن
معارضة، قبل الحديث عن توحيدها، في ظل
نظام ديكتاتوري حاكم منذ 42 سنة. بماذا
ردَّ؟ ================= المشهد المضطرب
والمتشابك لشرق المتوسط رضوان السيد الدستور 25-4-2012 في حين كان مجلس الأمن يتخذ قرارين
متواليين بشأن سورية خلال عشرة أيام،
كان الدوليون يجتمعون مع الإيرانيين
باسطنبول من أجل النووي، فيتبادلون
العروض، ويقررون بعثاً للتفاؤل
العودةَ للاجتماع ببغداد في الثالث
والعشرين من أيار القادم. بيد أنّ هذين
التوافُقين الواعدَين، كانا كذلك بحسب
الظاهر وحسْب. إذ بعد التصويت الإجماعي
على قرار المراقبين الدوليين إلى
سورية، اشتبك أعضاءُ مجلس الأمن
الغربيون مع الروس والصينيين، وطال
الاشتباك وتنوعت أطرافُه، مما أَشعر
بعدم وجود اتفاقٍ حتى على القرار
الثاني الذي جرى اتخاذه في أول الجلسة.
فالروس يعتقدون بإمكان الحلّ السياسي
بعد وقْف العنف. والغربيون يرون أنّ
العنف من جانب النظام لن يتوقف، وعلى
الأسد أن يذهب إلى غير رجعة! وهكذا تشعر
سائر الأطراف- بما فيها إسرائيل- أنّ
سورية صارت ساحةً تجتذب سائر الأطراف-
والراغبة وغير الراغبة- للمشاركة فيها!
وباستثناء الطرف العربي، لا يرغب
الآخرون أن ينحسم الصراع الآن، لأنّ
أحداً ليس واثقاً من النصيب الذي سيهبط
في حضنه إذا انحسم الأمر بهذا الاتجاه
أو ذاك. أمّا اجتماع اسطنبول الواعد
بالمتابعة، فإنه محوطٌ أيضاً بشكوكٍ
كبيرة. فإيران فهمت من العروض غير ما
فهمه الأوروبيون والأميركيون وحتى
الروس. ولا يعرف أحدٌ حتى الآن هل اتخذت
إيران قراراً استراتيجياً بالتحول عن
النووي أو تأجيل إنتاجه، أم أنها
مُهادنةٌ يحتاجها الطرفان لتعود
القطيعة في اجتماع بغداد أو بعده. وما
تزال إسرائيل تجزم أن اجتماع اسطنبول
منح إيرانَ”هديةً” لا تستحقها؛ في
حين كشف الاجتماع وما سبقه وما لحقه عن
اندلاع صراعٍ بين إيران وتركيا، بشأن
العراق وبشأن سورية وبشأن الأكراد
وبشأن الدرع الصاروخي الذي أقامه
الأطلسي بتركيا واعتبرته إيران ضدَّها!
وعلى هامش ذلك كُلِّه يرى توني بلير-
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق- أنّ
الصراع على فلسطين ما يزال في قلب
المشهد، وأنه أخطَرُ على المنطقة من
الاضطراب السوري والهياج الإيراني! في
حين يرى وزير الخارجية الإسرائيلي
ليبرمان أنّ الاضطراب المصري هو أخطر
على إسرائيل- في المدى القريب- من
النووي الإيراني ذاته! أين بدأ ذلك كلُّه؟ بدأ الاضطراب ولا شكّ
في مرحلته الجديدة بثورات الرببيع
العربي، والتي استشرفت زمناً جديداً،
وأثارت نزاعات الماضي القريب والبعيد،
وأَشعرت كلَّ الأطراف أنّ الأرض تتحرك
تحت أقدامهم. فإسرائيل التي تتجاذب مع
الفلسطينيين وعينها على إيران وحزب
الله، ثارت لديها مخاوف كبرى من
الثورتين المصرية والسورية. وإيران
التي اعتقدت أنهاحقَّقت مكاسبَ صافيةً
في شتّى الحقول تُعاني من حصارٍ خانق،
واضطربت مناطق نفوذها في العراق
وسورية، وخرجت الرايات التي رفعتها
فوق فلسطين من يدها بالاضطراب السوري،
ومغادرة حماس لشباكها. وتركيا الداخلة
على المشهد آملةً ومؤمِّلة ما أفادت
شيئاً حتى الآن رغم احتضانها للمعارضة
السورية، وللإخوان المسلمين السوريين
والعرب. والعرب الخليجيون وغير
الخليجيين يضيقون ذَرْعاً بهذا الصراع
الإقليمي والدولي الكبير على أرضهم
وفي مناطقهم، ويعملون على أن يتمَّ
التغيير بسرعةٍ لكي يذهب المصطادون في
الماء العِكر. قال شكسبير في مسرحية “ماكبث” إنّ
المصائب لا تأتي فُرادى! لقد حضرت
المشكلات جميعاً كأنما لتعطيل اوإثقال
حركة الشارع العربي. فقد اعتاد الجميع
على الحكام والتسويات معهم، وهو أمرٌ
ما عاد مُتاحاً للأميركيين، فكيف
بالروس والصينيين؟! هل يحتاجُ الأمر
إلى حربٍ أو أكثر، من أجل الإرغام على
السكون والعودة للوضْع السابق؟ الحربُ
لن تُنهي أيَّ مشكلة، بل ستزيدها
استعاراً. ولذلك لجأ الجميع لمجلس
الأمن، رجاءَ التسوية فيه، ما دامت غير
ممكنةٍ على الأرض التي تَغَصُّ
بالجمهور. لكنّ هذا الجمهور يُرغمُ
الجميع على السير باتجاهه، إن لم يكن
بالمليونيات، فبالدم المراق. وعِشْ
رجباً تَرَ عجباً. ================= صالح القلاب الرأي الاردنية 25-4-2012 رغم مرور أكثر من ثلاثة عشر شهراً على
أخطر ما تعرضت له سوريا في كل تاريخها
الحديث فإن موقف إسرائيل إزاء ما بقي
يجري في بلد رئيسي ومحوري في المنطقة
غير معروف على وجه التحديد وهل هي لا
تزال تتمسك بهذا النظام الذي بقي يحرس
احتلالها لهضبة الجولان على مدى كل هذه
الأعوام الطويلة أم أنها تفضل
الانتظار لمعرفة البديل غير المعروف
لا لديها ولا لدى غيرها نظراً لعدم
بروز تيار أو حزب قيادي في هذه
الانتفاضة التي تحولت إلى ثورة شعبية
فعلية وحقيقية؟! في البدايات عندما انطلقت شرارة هذه
الثورة الشاملة يبدو أن إسرائيل مثلها
مثل غيرها لم تأخذ ما جرى في مدينة درعا
الحورانية في الخامس عشر من آذار عام2011
على محمل الجد وهي كانت تعتقد مثلها
مثل غيرها أيضاً أن هذا النظام الأمني
الفئوي عصيٌّ على «تسونامي» الربيع
العربي وأنه يختلف عن نظام زين
العابدين بن علي ونظام حسني مبارك..
وأيضاً عن نظام «الأخ قائد الثورة»
معمر القذافي الذي انتهى نهاية مرعبة
يبدو أنها تنتظر بشار الأسد!! لاشك في أن إسرائيل يهمها كل شيء في سوريا
حتى وإن كان مجرد طرد محافظ من وظيفته
أو تصفية مسؤول وإصدار بيان بأنه انتحر
بإطلاقه ست رصاصات من مسدسه الشخصي على
رأسه أو استبدال ضابط بضابط آخر لكن
ومع أن شرارة درعا قد انتقلت في طول
البلاد وعرضها فإنه يبدو أن
الإسرائيليين مثلهم مثل بعض غيرهم قد
صدَّقوا ما بقي يقوله بعض كبار
المسؤولين السوريين من أن كل ما جرى
بعد الخامس عشر من آذار قبل الماضي قد
أصبح وراء ظهورهم وأن نظام بشار الأسد
راسخ ولم يهتز وأنه بالعنف وبالمزيد من
العنف سيكون مصير هذه الانتفاضة
الجديدة ،غير المتوقعة، كمصير انتفاضة
حماه في عام 1982 التي قمعها حافظ الأسد
بعنف بدائي ضمن له ولأبنه استقراراً
منذ ذلك الحين وعلى مدى نحو ثلاثين
عاماً. لكن ما بات مؤكداً هو أن إسرائيل غدت تعرف
تمام المعرفة أن ما بقيت تعيشه سوريا
على مدى عام وأكثر جديٌّ وليس مجرد
هبَّة عاطفية عابرة وأن نظام بشار
الأسد لم يعد عصيّاً على هذه الرياح
العاتية وأن الأيام المقبلة ستحمل
معها تطورات كثيرة إن بالنسبة لهذا
البلد وإن بالنسبة لهذه المنطقة كلها
لكنها ،أي إسرائيل، مع ذلك بقيت صامتة
وبقيت تراقب الأمور عن بعد وكأن هذا
الذي يجري لا يجري في بلد مجاور وله
انعكاساته المباشرة على الدولة
الإسرائيلية وإنما يجري في جزر «واق
الواق».. فما هو السبب يا ترى؟! إنه لابد من الإشارة إلى أن هناك قناعة
تصل حدود اليقين بأن هناك اتصالات
وعمليات بيع وشراء سياسية قد تمت بين
نظام بشار الأسد وحكومة بنيامين
نتنياهو وأن ما قاله رامي مخلوف حول «أن
أمن إسرائيل من أمن سوريا» قد جرى
تأكيده باتفاقيات شاركت روسيا في
إعدادها والإشراف عليها وبالتالي فإن
المؤكد أيضاً أن الإسرائيليين هم
الذين يقفون وراء تخاذل الرئيس
الأميركي باراك أوباما ووراء مواقفه
المائعة إزاء المذابح المستمرة
والمتصاعدة التي بقي يتعرض لها الشعب
السوري على مدى أكثر من عام. وهذا يعني أنه قد تكون هناك صحة لما يقال
عن أن إسرائيل بعدما غدت غير قادرة على
الاستمرار بضمان بقاء هذا النظام
،الذي بقي يحرس ولسنوات طويلة
احتلالها للجولان، أصبح همّها تأجيل
لحظة الحسم النهائي بقدر الإمكان
لتضمن أن تأكل سوريا نفسها بنفسها وأن
يتحول هذا البلد الذي يشكل خطراً
استراتيجياً عليها حتى على المدى
الأبعد إلى دولة ممزقة ومدمرة.. لكن هذا
لن يحدث إطلاقاً فالشعب السوري يعرف كل
هذه الأمور معرفة أكيدة ولديه من
الوطنية ما يجنب بلده هذه الألاعيب
والمؤامرات الدنيئة. ================= الاربعاء, 25 أبريل 2012 سميح إدز * الحياة لا يمكن الفصل بين الاتهامات التي وجّهها
رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي،
الى أنقرة، والتي اغضبت المسؤولين
الاتراك، عن التطورات في المنطقة. ولا
يمكن اغفال أن التصعيد هذا جاء إثر
زيارة نائب الرئيس العراقي، طارق
الهاشمي، أنقرة، وهو الذي يصفه
المالكي ونظامه القضائي بالارهابي
الهارب. وساهم في هذا التصعيد ميلُ
أنقرة الى توطيد علاقاتها السياسية
والاقتصادية بإقليم كردستان العراق
الذي ازدادت فجوة الخلاف بينه وبين
المالكي اتساعاً، بسبب مشكلة تقاسم
العائدات النفطية بين الحكومة
المركزية والاقليم. والحق أن أبرز العوامل الكامنة وراء هذا
التصعيد هو تعاظم التوتر الطائفي في
المنطقة بين الجبهة التي يمثلها
المالكي، وتلك التي تمثلها تركيا. وقبل
وقت برزت مؤشرات الى أن تركيا دولة
اقليمية تميل الى دعم الدول والأنظمة
والشعوب السنّية في محيطها. ولم يفت
الغرب وأميركا الميل هذا، لكنه لم يثر
تحفظه أو قلقه. فهو يدعم تلك الأنظمة
وتلك الدول السنية، بينما تقف روسيا مع
الطرف الشيعي. لذا، فالحرب الباردة
الطائفية هي حرب بالوكالة عن حرب
عالمية جديدة بدأت ترتسم معالمها
شيئاً فشيئاً. والحرب هذه غير مرتبطة
بالربيع العربي ورياح الديموقراطية
التي تهب على المنطقة، وليس التوتر
قائماً اليوم بين أنظمة ديموقراطية
وأخرى ديكتاتورية في المنطقة، ولا هو
قائم بين معسكر يدعم حركات التحرر وآخر
يقف ضدها. فالحرب الباردة اليوم هي حرب
طائفية اقليمياً وحرب باردة غربية –
شرقية دولياً. ولا يستهان بأهمية
تصريحات رئيس الوزراء التركي، رجب طيب
أردوغان، اثناء زيارته قطر، والتي
ذكّرت حلف شمال الأطلسي بواجبه دعم
تركيا من أجل حماية حدودها بعد تعدي
الجيش السوري على أراضيها. فأردوغان
كان يذكّر الجميع بأن حدود بلاده هي
داخل منظومة «الناتو»، ولو اكتفى
بالاشارة الى الحدود مع سورية، لا يجوز
اغفال ان لتركيا كذلك حدوداً مع العراق
ومع ايران يفترض ب «الناتو» أن يحميها
بموجب اتفاق الدفاع المشترك بين
أعضائه. ولا يساور المراقبين الاتراك
شك بأن طهران أصغت بدقة الى هذه
التصريحات وحللتها جيداً، خصوصاً بعد
الازمة التي اندلعت بينها وبين أنقرة
على خلفية نشر رادار ل «الاطلسي» على
الاراضي التركية. ومحاولة أردوغان
لتجييش «الناتو» ضد سورية لم ترق
للمالكي وطهران و «حزب الله» وحلفائهم
الشيعة في المنطقة، بل أزعجتهم. وهذه
التطورات تشير من غير لبس الى هوية
المعسكر الذي تنتمي اليه تركيا
اقليمياً ودولياً. وتصريحات أردوغان
هذه تؤكد أن تركيا تتمسك بانتمائها الى
حلف «الناتو» الغربي الذي انضمت اليه
قبل أكثر من نصف قرن. وفي ضوء تطورات
الأوضاع المتوترة في المنطقة، يبدو أن
حاجة أنقرة الى هذه المنظمة الدفاعية
الاطلسية ومظلتها تتعاظم ولا تضعف.
وطالما أن اهتمام الغرب بمصادر الطاقة
في المنطقة لن يفتر، لن تتقوض حاجة «الناتو»
الى تركيا، فالحلف يحتاج لتركيا كما
تحتاجه. ولا شك في أن رياح التغيير التي هبّت على
المنطقة لم تحمل معها الاستقرار
والرفاهية بَعد، بل قد تشرّع الأبواب
على مرحلة من التوتر والاضطراب. وتركيا
مسؤولة عن حماية حدودها المطلة على دول
الربيع العربي، ولو بالطرق التقليدية.
ويبدو أن جبه أنقرة مسؤولياتها لم يرق
لبعض دول الجوار. * محلل وصحافي، عن «مللييت»
التركية، 23/4/2012، اعداد يوسف الشريف ================= ربط تقليص الأسلحة
النووية بالتحليلات الاستراتيجية الاربعاء, 25 أبريل 2012 الحياة هنري كيسنجر وبرانت سكوكروفت * سرى أخيراً اتفاق «ستارت» الجديد لضبط
عملية التسلح النووي، ودخل حيز
التنفيذ. ويُقلص تزامن سريان الاتفاق
هذا مع تقليص الولايات المتحدة
نفقاتها الدفاعية عددَ الأسلحة
النووية الأميركية الى أدنى معدلاتها
منذ الخمسينات. ويُقال أن ادارة أوباما
تبحث في احتمال التفاوض على جولة جديدة
من تقليص الأسلحة النووية لتبلغ عتبة
منخفضة لا تزيد على 300 رأس حربي. وثمة
حاجة الى التنبيه الى أن المفاوضات
المستقبلية يفترض أن ترمي الى
الاستقرار الاستراتيجي، وأن ترهن
تقليص عدد الأسلحة النووية بتحليلات
وخلاصات استراتيجية وألا تكتفي بربطه
برغبة مجردة مسبقة. وأياً تكن رؤية
المرء الى مستقبل الأسلحة النووية
ومآلها، هدف السياسة النووية
الأميركية المعاصرة هو ضمان عدم
استخدام السلاح الذري. فالاستقرار
الاستراتيجي ليس رهن عدد الأسلحة
المنخفض، وليس من بنات قلة السلاح.
والحق يقال إن المبالغة في خفض حجم
السلاح النووي قد تؤدي الى اوضاع لا
تستبعد فيها الهجمات الفجائية. أيدنا المصادقة على اتفاق «ستارت»، وندعو
الى التحقق من أن عملية تقليص السلاح
المتفق عليها تعزز الشفافية والقدرة
على التنبؤ بالأخطار المستقبلية.
وواحد من كتبة هذه السطور (كيسنجر) يؤيد
السعي الى التخلص من الأسلحة النووية،
ولو رَهَن التخلص هذا بسلسلة من
الخطوات الممهدة التي تضمن الاستقرار
وتسبق بلوغ مرحلة التخلص من السلاح
الذري، وتشترط أن تلتزم كل مرحلة من
العملية معايير الشفافية والتحقق
وتقويم القدرات ونجاعتها. ويفترض أن يسبق مباشرة المرحلة المقبلة
من السياسة النووية الأميركية، إرساءُ
الاستقرار الاستراتيجي وتعزيزه.
فالاستقرار هذا حافظ على السلام
الدولي وحال دون التوسل بالسلاح
النووي على مدى جيلين. ويفترض بمثل هذه السياسة أن يستند الى
ثماني وقائع: - الاستقرار الاستراتيجي يقتضي الحفاظ
على مقدار كاف من القوة الاستراتيجية
يحتسب حجمها وتحتسب بنيتها أن الضربة
الاستباقية أو الضربة الأولى لا تجعل
الرد مقتصراً على مستوى يلائم المعتدي. - لدى تقويم مستوى الدمار المقبول، لا يسع
الولايات المتحدة افتراض أن قدرات
العدو المحتملة ستلتزم قيماً وحسابات
مماثلة لقيمنا وحساباتنا. ونحتاج الى
عدد كاف من السلاح يهدد ما يُقدره
المعتدي ويرى أنه مهم في كل الظروف.
وحري بنا تجنب التحليل الاستراتيجي
الذي يستند الى حساباتنا فحسب وكأنه (التحليل)
ينظر الى مرآة ويرى انعكاس صورته فيها،
ولا يقيم وزناً لحسابات المعتدي. - لا يجوز جعل بنية القوة الاستراتيجية
الأميركية مقتصرة على حجمها وعدد
السلاح. فهي ترتبط كذلك بنوع من وسائط
النقل. وإذا تغيرت بنية قوة الردع
الأميركية نتيجة تقليص حجم السلاح أو
إثر تنفيذ اتفاقات أو لغيرها من
الدواعي والأسباب، وجب الحفاظ على
تنوع كاف من السلاح يعززه نظام قيادة
وضبط فعّال لضمان اخفاق ضربة استباقية. - التحقق من فعالية القوة واختبارها
وتقويمها تقويماً دقيقاً حيوياً في
تحديد مستوى القوة وتقليص حجمها. ولا
يستهان بأهمية تحديد معدل الشك الذي
يهدد الاستقرار. واليوم، المعدل هذا لم
يتجاوز قدرات نظام التقويم الحالي. - بلغ نظام الحد من الانتشار النووي من
الضعف مبلغ أن عدداً من الدول التي
حازت السلاح النووي تملك ترسانات يفوق
عدد الأسلحة فيها المئة. وحجم هذه
الترسانات يتعاظم. والسؤال هو: ما
مستوى خفض الترسانة النووية الأميركية
الذي يتحول مصدر خطر استراتيجي؟ وما
مترتبات مثل هذا الخفض إذا انفرط عقد
الردع النووي في العلاقات
الاستراتيجية وانهار؟ وهل يشرع مثل
هذا الخفض ابواب الاحتمالات على
تحالفات عدائية بين دول لا يسعها تحدي
الاستقرار الاستراتيجي منفردةً، ولكن
في مقدورها اطاحة المعادلة النووية
إذا اجتمعت (هذه الدول)؟ - والوقائع هذه تشير الى أن تقليص السلاح
النووي الى مستويات لم تحدد بَعد لا
يجوز أن يُقصر على الولايات المتحدة
وروسيا، وهما الدولتان اللتان تملكان
أكبر الترسانات النووية، بالتالي
تترتب عليهما مسؤوليات خاصة. وتبرز
الحاجة الى اشراك الدول الأخرى في
المفاوضات. فالتقليصات الجوهرية التي
يضاهي حجمها تلك المنصوص عليها في «ستارت»،
هي موضوع يدرج على جدول الأعمال الدولي. - الاستقرار الاستراتيجي يتأثر بعدد من
العوامل، منها الدرع الصاروخية وأنظمة
الدفاع الصاروخي وأدوار الأسلحة
النووية التكتيكية وأعدادها. واتُفق
على تقليص عدد هذه الأسلحة والأنظمة.
والرؤوس الحربية التقيلدية الضخمة
والعالية الدقة المحملة على وسائط نقل
طويلة الأمد هي تحد آخر للاستقرار.
ويفترض احتساب الترابط بين هذه
العوامل في المفاوضات المقبلة. - السعي الى عدم خسارة ثقة الدول التي
عوّلت على الحماية النووية الأميركية،
في القدرات الأميركية الرادعة. فإذا
تبددت الثقة وتداعت، قد تنساق (الدول
هذه) الى المساومة مع الخصوم او الى
حيازة قدرات نووية مستقلة. لا شك في أن الأسلحة النووية نافذة في
المشهد الدولي ومؤثرة فيه. فهي جزء من
استراتيجية وواحد من وجوه التفاوض،
وحري بواشنطن مواصلة الاعتبار بعِبر
العقود السبعة الماضية في سياساتها
المستقبلية. * وزير الخارجية
الأميركي بين عامي 1973 و1977، مستشار
الأمن القومي، ومستشار الأمن القومي
في ولايتي الرئيسين جيرالد فورد وجورج
بوش الاب، عن «واشنطن بوست»
الأميركية، 23/4/2012، اعداد منال نحاس ================= الثورة من المُتَخيِّل
إلى الواقع السوري الاربعاء, 25 أبريل 2012 عمر قدور * الحياة يغالب الكثير من السوريين الإحساسَ
بالإحباط بسبب انقضاء مدة طويلة على
انطلاق الثورة من دون أن تلوّح الظروف
بالنهاية القريبة السعيدة لها، إحساس
تم التعبير عنه مراراً بإلقاء اللوم
على الدول العربية أو على المجتمع
الدولي اللذين لم يقوما بما يمليه
الواجب الإنساني والأخلاقي من وجهة
نظر السوريين والمتعاطفين مع ثورتهم.
الثورة بخير، والسوريون أظهروا شجاعة
كبرى في مواجهة القتل اليومي الممنهج،
لكنهم متروكون لقواهم الذاتية التي
يعلم الجميع أنها غير قادرة وحدها على
إسقاط النظام؛ هكذا كأنهم قد ضربوا
موعداً مع العالم الذي خذلهم وتخلّف عن
ملاقاتهم من دون أن يعد بذلك حقاً! بالطبع، لم يتوقع السوريون من نظامهم
تلبية المطالب الأولى للثورة، فذلك
يعني، خلافاً لبنيته، استعداداً منه
للسقوط في شكل سلمي. لكن دموية النظام
كما تجلت منذ اللحظة الأولى، وتصاعدت
بإطراد، لم تكن بالحسبان أيضاً. في
الواقع لم يحمل الثائرون بدايةً سوى
تصورات مبهمة عن مسار الثورة؛ ثمة
إيمان رومانسي بقوة الشعب وبانتصار
الثورة في المحصلة، وفي المقابل ثمة
إدراك بأن ميزان القوى يميل الى مصلحة
النظام الأمني الذي انتفضوا في
مواجهته، والذي لا يتعامل إلا بمنطق
العنف المباشر. لعل التصور الأقرب إلى
الواقعية، والذي ثبت خطؤه أيضاً، أن
النظام سيرتدع عن الاستخدام المفرط
لمخزونه من العنف لأن منطق العصر
والقوى الدولية لم يعودا يسمحان له
بذلك، بينما كانت مراهنة النظام
المستمرة على أن هذا المخزون هو وسيلته
الوحيدة في ابتزاز القوى الدولية
أولاً والثائرين عليه تالياً. وفضلاً عن التكلفة الباهظة من دماء
السوريين ومعتقليهم، فإن طول أمد
الثورة خلّف آثاراً تقع في الصميم
منها، يتضافر في هذا عامل الزمن مع
توالي انضمام شرائح ومناطق جديدة إلى
الثورة، وتعاظم النقمة على السلطة
الحالية بحيث أصبح هدف إسقاطها جامعاً
وملحّاً. مع تعدد مشارب الوافدين إلى
الثورة أضحت عرضة لفقدان دعاوى
الانسجام التي صبغت بداياتها، وإذ
منحها الانتشار الأفقي المتزايد صفة
تمثيلية أعمّ، فإنه قلّل من شدة
الاصطفاف حول شعاراتها الأولى، وأدخل
إليها انحيازات وتوجهات مستحدثة لم
تكن واردة مسبقاً، وبعضها مثار خلاف أو
نزاع بين الثائرين أنفسهم قبل أن يكون
مثار خلاف على المستوى المجتمعي ككل. في وسعنا ردّ جزء من الخلافات إلى قلة
دراية السوريين بأحوالهم، فالنظام
الذي أمسك مفاصل البلد طوال عقود احتكر
لنفسه تقديم الصورة التي يريدها عن
المجتمع، ومنع الأخير من التعبير عن
مكنوناته الحقيقية. خلال هذه المدة كان
الكبت والقمع المباشر يزيدان مساحة
المسكوت عنه، بل يعمقان الانفصام في «الشخصية
السورية»، فأتى بعض شعارات الثورة
تعبيراً صادقاً عن الطموح إلى وطن عصري
ديموقراطي وهوية سورية جامعة، فيما
كان الواقع يفرض شروطه التي سبق للنظام
أن أمعن في اصطناعها من حيث إعادة
إنتاج الهويات الصغرى تحت زعم السيطرة
عليها بالإكراه، وفقط بالإكراه. على سبيل المثال؛ لم تكن قضايا كالقضيتين
الكردية والطائفية تمثلان أولوية ضمن
استحقاقات الثورة، لكن الاندماج
الكردي فيها عاد إلى تمايزه القومي بعد
أشهر من انطلاقتها، وأتى تشكيل «المجلس
الوطني الكردي» تعبيراً صارخاً عن
الافتراق بينه وبين نظيره «السوري».
وإذ لا نستبعد أهمية العوامل الذاتية
والتمييز الذي عانى منه الأكراد، فإنه
يصعب عليهم المضي مع أشقائهم العرب في
مغازلة العدو اللدود، تركيا. أما على
الصعيد الطائفي، وعلى رغم الحرص
الشديد على عدم الانزلاق إلى هذه
الساحة التي أعدها النظام بعناية، فقد
أخفقت الثورة في اجتذاب نسبة مؤثرة من
«الأقليات»، ومع أن الثورة طرحت نفسها
دائماً على أنها لكل السوريين، لكن هذا
كان بعيداً من كونها ثورة كل السوريين،
على الأخص في الجانب الطائفي، وليس من
الحصافة إنكار النزعات الطائفية في
بعض مناطق الاحتكاك الطائفي مترافقة
بنمط من الخطاب الديني، وإن أتت هذه
النزعات في إطار ردود الأفعال أو لم
تكن ذات دلالة عامة على مسار الثورة. صمد النظام لأكثر من سنة حتى الآن
باستخدام العنف المفرط، وما لا ينبغي
أن يغيب عن البال وجودُ فئات اجتماعية
حاضنة وداعمة لهذا العنف. فظاهرة
الشبيحة لم تكن لتستمر لولا وجود بيئة
اجتماعية حامية لها و «متفهمة» لأبشع
أنواع العنف. لقد نال ذلك من سلمية
الثورة، إذ استدعى العنف عنفاً
مضاداً، وقد دللت تجارب مماثلة على حجم
كبير من العنف الكامن الذي تنذر به
الديكتاتوريات عادة، لذا لن يكون
مستغرباً أن تكشف الثورة عن حجم التوتر
الهائل والصراع المجتمعي الذي لم تسنح
له الفرصة من قبل كي يعبّر عن نفسه
بطريقة سلمية، مع ما يمثله هذا من
إنذار شديد يتعلق بالوقت الراهن
وبالفترة الأولى التي ستلي سقوط
النظام. ما لا يجوز إنكاره أن الثورة أيقظت في
المجتمع السوري الكثير من الشيم
الإيجابية، وفجّرت من الطاقات ما يقلب
الصورة السابقة عن مجتمع مستكين أو
خانع، لكن الواقعية تقتضي عدم التوقف
فقط عند الجانب المشرق، وإلا كنا
نستهين بالآثار المديدة لما فعله نظام
الاستبداد والفساد. ليست الثورة عصا
سحرية لتطهر بلمسة المجتمعَ من آفاته
كافة، بل الأقرب إلى الموضوعية أن
يتسرب قسم منه إلى الثورة، بخاصة مع
تقدم الزمن وتراجع الحماسة الأولى لدى
البعض. بل إنها أيضاً لن تكون بمنأى عن
بعض ظواهر الفساد والانتهازية هنا أو
هناك، فالتفوق الأخلاقي لها مقارنة
بالنظام لا يعني نقاءها الأخلاقي
التام؛ وبالضبط لا يعني النقاء
الأخلاقي لجميع المنخرطين فيها،
فالثورة أيضاً مع تقدمها عرضة لتسلل
شتى أنواع الانتهازيين والمتسلقين و «المضاربين»
بمن فيهم انتهازيو النظام الحالي. كرمى للثورة يركز أنصارها على سلبية
المجتمع الدولي تجاهها ويتغاضون عن
السلبيات التي أخذت تظهر من مجتمعها،
فالعبرة كما يرى هؤلاء بالغايات
النبيلة لها، وقد يكون من سوء الحظ أن
يصادف السوريين الآن من المشاكل ما
كانوا سيصادفونه لاحقاً لو أن النظام
سقط سريعاً، وكلما تأخر سقوط الأخير
فذلك سيضعهم أمام استحقاقات أكثر
تعقيداً وسيقلل من رومانسية فكرة
الثورة. باستعارة أدبية؛ بعد أكثر من
سنة تجاوز السوريون رومانسية الغرام
الأولى وباتوا أمام المسؤوليات
الواقعية للزواج! ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 25-4-2012 بلغ الاستهتار بالنظام الأسدي حد توجيه
تهمة إلى معارضة سورية مسيحية
بالانتماء إلى السلفية الجهادية، فهل
بعد هذا الاستهتار أي استهتار؟ وهل
يمكن تصديق مثل هذا النظام الذي امتهن
الكذب، وتزييف الحقائق، وبشكل فج؟ أمر
لا يصدق على الإطلاق! فقبل يومين وجه النظام الأسدي للشابة
السورية المسيحية يارا ميشيل شماس،
الملقبة ب«ياسمينة سوريا»، تهمة
الانتماء للسلفية الجهادية. وتعد يارا
- البالغة من العمر 21 عاما - من الشابات
السوريات اللاتي دعمن الثورة السورية
منذ اندلاعها، متنقلة في أكثر المناطق
تمردا على الأسد. وقصة «ياسمينة سوريا»
هذه تبين أنه من الصعوبة بمكان تصديق
هذا النظام بأي شكل من الأشكال، فهذا
نظام يقول – زورا - إنه حامي الأقليات،
وهذا ما يروج له بعض مسيحيي لبنان
المحسوبين على الأسد في واشنطن. لكنه
يلقي القبض على فتاة مسيحية بتهمة
الانتماء إلى السلفية الجهادية! وهذا النظام، أي نظام الطاغية الأسد،
يقول إنه يقبل مهمة أنان بينما يقوم
بإطلاق النار على وفد المراقبين
الدوليين، أو من سميتهم «المذعورين»،
وبعد كل ذلك يخرج السيد كوفي أنان
ليقول إن على الأسد أن يتجنب اللحظة
الحاسمة، وألا يستخدم الأسلحة الثقيلة
ضد المدنيين، الذين يقتلون يوميا على
يد قوات الأسد، أمر مذهل ومحير، فمن
يكذب على من هنا؟ فإذا كان المجتمع الدولي، ومعه السيد
أنان، يريدان شراء الوقت، فليقولا ذلك
للرأي العام بصراحة، ويبررا أسبابهما.
أما إذا كانا - المجتمع الدولي وأنان -
يصدقان فعلا وعود الأسد فهذه فضيحة لا
تماثلها فضيحة. فقوات الأسد تلعب مع «المذعورين»
الدوليين لعبة القط والفأر، فأينما حل
المراقبون قامت قوات الأسد باستهداف
مدينة سورية أخرى. فمسلسل القتل لم
يتوقف إلى اليوم، وبنفس الوتيرة. والفضيحة لا تقف هنا فقط، بل إن المنطقة،
وتحديدا سوادها الأعظم من السنة،
باتوا يشعرون بأن دماءهم مسترخصة، وأن
المجتمع الدولي يمارس المؤامرة عليهم.
وإذا كان كثير من الساسة العرب لا
يقولون ذلك علنا أمام نظرائهم
الغربيين، فإن هذا ما يشعر به الساسة
خلف الأبواب المغلقة، ومعهم المثقفون،
والأهم الرأي العام العربي. وقد تعمق
هذا الشعور كثيرا بعد التصريحات
الشهيرة لوزير الخارجية الروسي التي
قال فيها إن بعض دول المنطقة تريد
تنصيب حكم سني في سوريا بعد سقوط الأسد. والأمر لا يقف هنا، بل إن البعض، في
منطقتنا، بدأ يردد أسماء معينة من
الكتاب الغربيين، وتحديدا
الأميركيين، الذين اشتهروا بمتابعة
قضايا المنطقة بعد أحداث الإرهاب في
الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في
أميركا، وكتبوا كثيرا عن الأنظمة
السنية في المنطقة، والفكر السني
عموما، بينما يلتزم هؤلاء الكتاب
الصحافيون الآن الصمت المطبق حيال ما
يحدث من جرائم فظيعة في سوريا، رغم
مقتل ما يزيد على أحد عشر ألف سوري. فهل ما زال المجتمع الدولي، والسيد أنان،
يصدقان الطاغية الأسد حتى وهو يتهم
اليوم فتاة مسيحية بالانتماء إلى
السلفية الجهادية، ويعتقدان بأنه
سيلتزم بأي اتفاق، أو هدنة؟ أمر محير،
ومذهل حقا! ================= ريتشارد كوهين الشرق الاوسط 25-4-2012 منذ نحو شهر، منع الاتحاد الأوروبي زوجة
بشار الأسد أسماء، ونساء آخرين من
أقاربه من التسوق وشراء سلع فاخرة في
أوروبا، في محاولة منه لإثبات حزمه.
لسبب ما، لم ينجح منعهم من الشراء من «ديور»
و«أرماني» و«برادا» في إسقاط نظام
الأسد أو وضع حد للهجمات المستمرة ضد
المدنيين. وفرض الأوروبيون - بدعم من
إدارة أوباما - حظرا على تصدير السلع
الفاخرة إلى سوريا، مع ذلك لم يتوقف
القتل. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في
مقالها الافتتاحي خبر فرض الحظر على
تلك السلع على نحو يتسم بالجدية، وكأنه
حصار بحري، مما يعد مثالا على ذهابنا
إلى أرض الأحلام، ففي الحلم كان الحاكم
المستبد الذي يحارب من أجل بقائه وبقاء
أسرته سيجلس على طاولة المفاوضات لأنه
مضطر إلى التوقيع عليه بقلمه «المونت
بلانك». طبيعة الحال، تم اتخاذ إجراءات ومقاطعات
أكثر عملية، لكن من الجيد ألا ننسى أن
المقاطعة الحازمة التي فرضت على نظام
صدام حسين لمدة 12 عاما لم تنجح في
إسقاطه، وتطلّب الأمر غزو العراق.
وهنا، يكمن الدرس المستفاد. بهذه
الحتمية الجامدة، تسير الأزمة السورية
على نحو متوقع، حيث ظهرت منذ عام
مؤشرات الثورة من خلال الاضطرابات
التي حدثت في درعا وما تبعتها من
مظاهرات في العاصمة دمشق، وكان رد قوات
الأمن عنيفا كما هو متوقع أيضا. أدى هذا
إلى سلسلة من التوقعات الوردية غير
الواقعية، حيث قالت الإدارة الأميركية
وحكومات الدول الغربية إن الأسد
سيتنحي قريبا وسرعان ما ستنفرج الأزمة.
مع ذلك، لم يحدث أي من هذا. قُتل حتى الآن 9 آلاف شخص وأكثرهم من
المدنيين، بينما فر عدد لا يحصى من
البلاد طلبا للجوء أو فقط من أجل جرعة
ماء في الأردن أو تركيا. واستخدم
الأسد، الذي لا يتمتع بأي شرعية، جيشه
ووجه أسلحته ضد شعبه. لقد قصف المنازل
والمستشفيات الميدانية. وقتل القناصة
أكثر الناس فضولا، حيث تم استهداف
الصحافيين وبالتالي قتلهم. وتم اقتراح
فرض حظر على الأسلحة التقليدية، لكن لم
يكن لهذا تأثير كبير. وهناك شك في قيام الروس برحلات دبلوماسية
من أجل إدخال الأسلحة إلى سوريا، وتفعل
إيران، أقرب حليف لسوريا، ما تريده.
وأكثر ما تريده هو استمرار بقاء نظام
الأسد. وأرسلت الأمم المتحدة 12 مراقبا،
ومن المحتمل أن ينضم إليهم 288 آخرون.
حتى هذه اللحظة، يلعب النظام لعبة القط
والفأر معهم، حيث يسحب الدبابات
والقوات عندما يصل المراقبون، ثم
يعيدهم مرة أخرى بعد أن يغادروا. فأيا
كان الوضع، فلن يسمح الأسد للأمم
المتحدة بأن تحول بينه وبين أعدائه. تشبه سوريا البوسنة كثيرا، حيث يسير
السيناريو على نحو متوقع يجعلنا نرى
النهاية جلية. لن يوافق الأسد إلا على
عدم عمل أي شيء، فهو لا يستطيع التراجع
بعد كل هذا الدم الذي أريق. لقد قطعت
الكثير من العهود بالانتقام، وكلما
استمر القتال، ازداد الطرفان عنادا.
لقد قتل والد الأسد نحو 20 ألفا في مدينة
حماه. ورغم أن هذا يبدو دأب الأسرة،
ربما يتبين أنه ليس سوى اختبار شخصي. ومثلما يشبه ما يحدث في سوريا ما حدث في
البوسنة من إجراءات غير فعالة وهوجاء
أدت إلى خروج الوضع عن السيطرة، كذلك
سيكون الحل متشابها وهو الضربات
الجوية. ويعد هذا جزءا من الطريقة التي
أيدها جون ماكين وليندسي غراهام وليو
ليبرمان وكل أعضاء مجلس الشيوخ. إنهم
يقترحون قصف مقرات القيادة والتحكم
السورية، وكذلك تسليح المعارضة. قيل لي إنه حتى هذه اللحظة لم يتم تزويد
المعارضة بأي وسائل اتصال. إنهم ينصحون
بتوفير مناطق آمنة داخل سوريا بحيث
يمكن تدريب الثوار كما ينبغي ويتلقون
المساعدات الطبية، رغم أن القيام بذلك
على الحدود الأردنية والتركية قد يكون
أكثر واقعية. من المحال معرفة ماذا سيحدث بعد انهيار
نظام الأسد؛ هل سيحل محله حكم إسلامي؟
أم ستغرق البلاد في الطائفية؟ مع ذلك،
يمكن تجنب هذه النهايات الكارثية من
خلال مساعدة الولايات المتحدة
المعارضة السورية في تنظيم صفوفها
وإثبات أنها منحازة إلى الثوار. مع ذلك، التزمت واشنطن الظل، وليس لدى
الأوروبيين القدرة العسكرية اللازمة
لتنفيذ ذلك. على الجانب الآخر، سيعاني
الشعب السوري وأسرة الأسد، حيث سيُحرم
الأول من الحياة والحرية، وستحرم
الثانية من آخر صيحات الأحذية لهذا
الموسم. * خدمة «واشنطن بوست» ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 25-4-2012 دعا الصديق عريب الرنتاوي، مدير «مركز
القدس للدراسات السياسية»، لفيفا من
المعارضين السوريين يمثل أطيافهم
المختلفة، إلى ندوة متعددة الموضوعات،
أراد للمشاركين فيها أن يتناقشوا
ويتباحثوا حول مسائل مهمة كثيرا ما
يتكرر ذكرها في بيانات وتصريحات أحزاب
وأرباب المعارضة السورية هي: «أي نظام
سياسي لسوريا، الدين والدولة، حقوق
الأفراد والجماعات، أسئلة الهوية
والمواطنة والاندماج». ولكي تتم
لقاءاتهم في أجواء شفافة، فقد أكرم
وفادتهم وأنزلهم في فندق «ماريوت»
الفاخر جدا على شاطئ البحر الميت
الشرقي، حيث الشمس والماء والوجه
الحسن. يلقي ما يحدث في لقاءات كهذه أضواء كاشفة
على هوية من يشاركون فيها وعلى سويتهم
وهمومهم، ويبين رؤاهم وطرق تفكيرهم
ومراميهم. استمر حوار المشاركين يومين
كاملين، مع أنه كان بينهم أعضاء من
جهات متنافسة تكون أحيانا متعادية هي «هيئة
التنسيق الوطني» و«المجلس الوطني
السوري» و«جماعة الإخوان المسلمين»
وممثلو أحزاب كردية، ومستقلون، إلى
جانب «المنبر الديمقراطي السوري»،
الذي كان قد أعلن عن تشكيله قبل يومين
في القاهرة، وشارك مئات الشبان
والشابات في تأسيسه. ترك اللقاء لدي الملاحظات التالية: يواصل المعارضون السوريون الهرب من
السؤال الرئيسي: ماذا نفعل قبل أن يذهب
النظام، لنجعل ذهابه حتميا بالنسبة له
وقليل الإيلام بالنسبة لنا؟.. ويركزون
أنظارهم على مسألة بديلة هي: ما الذي
علينا فعله بعد ذهابه؟.. بهذه الطريقة
في النظر، يهرب المعارضون من مسألتين
مهمتين تتصلان بعجزهم إلى اليوم، بعد
نيف وأربعة عشر شهرا من بدء الانتفاضة
الشعبية، عن تقديم برنامج عمل يتضمن أي
قدر من الوصف أو التحليل الواقعي لمسار
الثورة وللمراحل التي ستجتازها، ولما
عليهم وعليها فعله في كل واحدة منها. لم تضع أي قوة من قوى المعارضة إلى يومنا
هذا استراتيجية سياسية للنضال، لذلك
تراها تهرب من هذا التحدي الواقع إلى
عالم الكلام المريح، الذي لا يمكن
اليوم تطبيقه وبالتالي اختبار
واقعيته، وتطنب في الحديث عن الدولة
الديمقراطية/ المدنية، مع أن التاريخ
لم يعرف شيئا يحمل هذا الاسم. نهرب مما
يتحدانا إلى ما لا يمكن قيامه اليوم،
حيث نسرف في توصيفه وتجميله وتقديم
وعود سخية جدا حوله، مع أننا لسنا
متأكدين من أنه سيكون عند قيامه شبيها
أو مماثلا لما نقوله. إلى هذا، فإننا نقدم رؤيتنا في إهاب مثالي
يصعب وجوده فعليا، فالديمقراطية في
كلامنا صافية نقية لا تشوبها شائبة،
وكذلك المدنية والحرية والمواطنة.
خلال النقاش حاولت لفت أنظار الحاضرين
إلى أن الديمقراطية القادمة إلينا
ستفجر مشكلاتنا التي أخفاها الاستبداد
أو كبتها، وستحمل جميع العيوب والندوب
التي تركها في مجتمعنا ودولتنا،
كالمسألة الطائفية والمخابراتية
والعسكرتارية، ومسائل الفقر والعدالة
الاجتماعية والهوة بين الأغنياء
والفقراء والتنمية، والمسألة
السياسية، ومسألة التربية والتعليم،
ومسألة تنمية وعي وطني بعد ما يشبه
حربا أهلية، ومسألة الدولة ووحدتها
والمجتمع ولحمته، ومسألة المساواة بين
المرأة والرجل والعرب والكرد.. إلخ،
فهي لن تكون ديمقراطية بلا مشكلات، ولن
تقوم أصلا إن تم التصدي لهذه المسائل/
المشكلات بطرق غير ديمقراطية أو
تتنافى مع الديمقراطية. في ضوء ذلك، اقترحت مناقشة هذه المسائل،
لأنها قضايا الواقع الذي سيبقى قائما
بعد سقوط النظام ولا بد أن نتصدى له
بوسائل ديمقراطية، لنجعل قيام نظامها
ممكنا وواقعيا، وكي نقلع عن الحديث عن
دولة ديمقراطية/ مدنية نخال أنها ستحل
جميع مشكلاتنا بمجرد الإعلان الكلامي
عن قيامها، عقب سقوط النظام الحالي،
الذي لا نعرف إن كان سيسقط حقا، وكيف،
مع أننا نثق جميعا من أنه ذاهب لا محالة. لم يأبه أحد لهذا الاقتراح، وحين انتهيت
من تقديمه استأنفوا حلمهم بديمقراطية
صرف لا مشكلات فيها، هي أقرب إلى سحر
القول منها إلى نظام سياسي - اجتماعي
واقعي هو ابن التاريخ ومن صنع بشر
يرزحون تحت أثقاله. هل لما قالوه أي قيمة عملية وفعلية حقا
بالنسبة إلى سوريا ونضالات شعبها
الحالية؟ لا أعتقد ذلك، لأن
الديمقراطية التي ينشدونها ليست ولن
تكون غير كيان رغبي تم تجريده من أي
عيب، لن يراه أحد منا، لأن أحدا قبلنا
لم ير ما يشبهه أو يماثله في أي حقبة
وأي دولة قائمة، بما في ذلك الدول
الديمقراطية. أضاع السادة المتحاورون وقتهم، مع أن أحد
الإخوة الكرد أكد لهم بطريقة غير
مباشرة صحة كلامي، وأفهمهم أن
الديمقراطية القادمة لن تكون بلا
مشكلات ومعضلات خطيرة ويصعب حلها في
إطار الكلمات الحالمة والجميلة التي
تتنافس في امتداحها، حين أخبرهم بأن
للديمقراطية وظيفة واحدة هي إحياء
الخصوصيات ومطالبها، كحق تقرير
المصير، وأن أكراد سوريا يرون في الوعد
الديمقراطي شيئا واحدا هو حقهم في دولة
قومية خاصة بهم، أي انفصالهم عن سوريا
الديمقراطية. في تقديري، لسنا اليوم بحاجة إلى أحاديث
تتناول بطريقة خاطئة ومبالغ في
تبسيطها موضوعات افتراضية مهمة، بعد
أن تجردها من ممكناتها واحتمالاتها
الواقعية، بينما تمس كثيرا حاجتنا إلى
البحث والتفكير المشترك والعالم في
المهمة الرئيسية التالية: ماذا يجب
علينا أن نفعل كي نصل إلى الديمقراطية؟..
بقول آخر: ماذا يجب علينا فعله كي
نتجاوز النظام القائم بنجاح؟ هذا ما لا
يفكر فيه أحد من أرباب وأحزاب
المعارضة، رغم أنه التحدي الذي يطرح
نفسه عليهم بقوة تتصاعد يوما بعد يوم
وساعة بعد ساعة، ولا يفكر النظام في
شيء سوى إفشاله، ويركز جهوده العملية
كلها على نقطة واحدة يعبر عنها سؤاله
التالي: كيف أتجاوز هذه الثورة الشعبية
وأعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل 15 مارس
(آذار) من العام الماضي (عام 2011)، وما
السبيل إلى استعادة زمام المبادرة من
الشارع وسحق الانتفاضة؟ لا بد من تحديد صورة سوريا المستقبل، لكن
بعد تحديد سبل الوصول إليها، أي بعد
رسم طريق إلى بديل تستطيع الثورة سلوكه.
أما أن نتخبط في كل كبيرة وصغيرة،
ونعمل لإدامة انقسامنا ونغذيه بمختلف
الحجج والذرائع، ثم نقعد ل«طق الحنك»
حول دولة ديمقراطية مدنية وهمية أو
متخيلة، جميلة ومغرية في كلامنا، يذهب
سلوكنا إلى عكسها حتى في أبسط أشكال
العلاقات بيننا، فهذا معناه أننا نصر
على البقاء أسرى حاضر مرفوض ومستقبل
غامض، نزعم بمناسبة وبلا مناسبة أننا
لا نرتضيهما لشعبنا، مع أننا نقبلهما
عمليا من خلال أفعالنا وتصرفاتنا! =================== القبس الكويتية 20/4/2012 عدنان فرزات كان مشهد «الكم» مراقب دولي الذين وصلوا
إلى سوريا لمراقبة اتفاق وقف إطلاق
النار ساخراً، وهم يترجلون من سيارة
الجيب حاملين معهم حقائبهم وكأنهم في
رحلة مدرسية..! الدفعة الأولى من المراقبين لا تتجاوز
عدد أصابع اليد الواحدة، في حال كان في
الكف أصبع زائد، أي ستة مراقبين
مبدئيين لدولة تبلغ مساحتها أكثر من 185
ألف كيلومتر مربع، أي أنهم لا يكفون
لمراقبة عائلتين في قرية تشاجرتا على
عين ماء. وأفراد هذه البعثة مدعاة للشفقة، فالأمين
العام للأمم المتحدة صرح من جانبه بأن
هذه البعثة غير مسلحة! بينما أعلن
الجانب السوري بأنه غير مسؤول عن سلامة
هذه البعثة في حال لم يتم تحديد مهلتها
أو أولويات تحركاتها، أي كأنما الأمم
المتحدة أرسلت البعثة، وقالت لهم «دبروا
راسكم».. ثم حتى لو كانوا مسلحين، ما
الذي يمكن أن يفعله ستة أشخاص في
مواجهة «عقيد الحارة» ب «شبرية»؟! البعثة بهذا العدد القليل، والذي إن زاد
فسوف يصبح ثلاثين، أصبحت محط سخرية
الناس في سوريا، وبدأت النكات تنهال
عليها، فهناك كاريكاتير تناقلته مواقع
التواصل الاجتماعي، يصور أعضاء هيئة
الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهم
يرفعون أكفهم إلى السماء بعد عجزهم
أمام النظام السوري، ويتضرعون بصوت
واحد «مالنا غيرك يا الله»، وهو الدعاء
الذي يطلقه المتظاهرون في الشارع
السوري لإظهار ضعف حيلتهم. المراقبون الذين لا يكفي عددهم لمراقبة
قاعة امتحانات، وفق ما وصفهم الشارع
السوري، لا يختلفون عن اللجنة التي سبق
أن أرسلتها الجامعة العربية، إلا من
حيث الخبرة العسكرية، فاللجنة السابقة
كانت أشبه بالباحثين البدائيين عن
الكمأة في الصحراء، أي هم وحظهم، أما
اللجنة الثانية، فهي أكثر تطوراً
بقليل، أي لديها عصا طويلة تنكش فيها
التربة بدلاً من أن توسخ يديها بالتراب.
المجتمع الدولي لديه مصطلحات أصبحت
بالية، مثله مثل بعض الأنظمة الشمولية
التي تردد عبارات الصمود والتصدي
والممانعة والأهداف القومية المشتركة..
ومن هذه المصطلحات الأممية عبارة: «الإرادة
الدولية»، فقد أصبح هذا المصطلح أشبه
بخطاب «رفيق» حزبي وهو يكرر العبارة
الأسطوانية: «نحن اليوم في مواجهة
الهجمة الإمبريالية الشرسة التي تتعرض
إليها أمتنا العربية»، مما يجعلنا
نتساءل: هل مجلس الأمن بعثي؟! بين لجنة الجامعة العربية ولجنة الأمم
المتحدة كل شيء تضاءل: الإحساس.. الضمير..
الأمل.. الأخلاق الأممية.. ولم يرتفع
سوى... عدد القتلى..! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |