ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الخروج نحو وحدة
المعارضة السورية الجمعة, 27 أبريل 2012 فايز سارة * الحياة يتفق كثيرون على ان الوحدة التنظيمية
للمعارضة، ليست مطلوبة، بل هي ليست
ممكنة اصلاً بسبب الاختلافات
الايديولوجية والسياسية والتنظيمية،
لذلك المطلوب في موضوع الوحدة كما يرى
المهتمون، توفير برنامج وإرادة سياسية
موحدة تتعامل مع الواقع السوري الراهن
وتحدياته. والحديث عن وحدة المعارضة، يقود الى
مقاربة بعض التوصيفات الاساسية ذات
الصلة والمتعلقة بتوافقات المعارضة،
والأهم فيها، ان كتل المعارضة
وجماعاتها متوافقة على ان هدفها
الرئيس في المرحلة الحالية إسقاط
النظام الحالي وتغييره، كما هي متفقة
ايضاً على الهدف الأبعد، وهو اقامة
نظام ديموقراطي تعددي، يوفر العدالة
والمساواة للسوريين، كما تتفق
المعارضة على وجود مرحلة انتقالية،
يكون هدفها ادارة البلاد لتمكين
السوريين من الانتقال من النظام
الاستبدادي الديكتاتوري الى النظام
الديموقراطي، على ان يقترن التغيير
بالتخفيف من الخسائر البشرية
والمادية، التي يمكن ان تصيب السوريين
وسورية. وطبقاً للتوافقات العامة، فإن الاساس
السياسي لوحدة المعارضة متوافر في
المديين القريب والبعيد، بل إن ثمة
وقائع مساعدة تدعم توجه المعارضة نحو
وحدة برنامجية، في مقدمها اعلان قوى
المعارضة رغبتها بالسير للوحدة او
التنسيق في الحد الادنى، وهو ما تؤكده
مطالبات غالبية السوريين وبخاصة من
جانب الحراك الشعبي، وفي المسعى ذاته
تتوالى مطالب دول وقوى عربية ودولية
ساعية للمشاركة في معالجة الازمة
السورية وتداعياتها. غير ان توافر اساس سياسي لوحدة المعارضة
في برنامجها ووجود توافقات محلية
وإقليمية ودولية، لا يبدو كافياً
للوصول الى نتائج ايجابية، لأن
المساعي والخطوات العملية في هذا
الاتجاه تبدو ضعيفة وبعضها غير جدي،
والأمر نتيجة اسباب تتعلق بالمعارضة
وظروفها المحيطة داخلياً وخارجياً،
وبينها ضعف المعارضة وتناقضاتها وعدم
توافر ارادة سياسية كافية لدى كتلها
وجماعاتها، بالاضافة الى التدخلات
المتصاعدة في شؤون المعارضة خصوصاً
وفي الشؤون السورية على نحو عام، والتي
تزايدت منذ انطلاق الثورة السورية. ومما لا شك فيه، ان توفير اسس وتوافقات
تحقق تقارب المعارضة باتجاه تنسيق
مواقفها او اعلان مواقف موحدة وتكريس
سياسات مشتركة، سيساهم بالتخفيف من
العقبات القائمة، وتجاوز بعض منها
بصورة عملية، ولعل الاهم في هذه الاسس
يكمن في نقاط، ابرزها اعتبار كتل أو
جماعات المعارضة المختلفة جميعها
مدعوة للمشاركة في هذا الجهد، ولا
تتميز احداها عن الأخرى، إلا بما تبذله
من جهد ومثابرة على طريق التقارب
والوحدة... وأن يكون الهدف الرئيس لوحدة
المعارضة في المستوى الداخلي دعم
الحراك الشعبي في مساره نحو الحرية
والكرامة وإسقاط النظام وتغييره،
والتركيز على سلمية الحراك وضرورة
تنميته وتعميمه في كل المناطق،
ومعالجة مختلف الملفات الداخلية،
وتأكيد اعتبار ان الهدف الرئيس لوحدة
المعارضة في المستوى السياسي، هو
تشكيل كيان سياسي مواز للسلطة
السياسية الراهنة وبديل عنها في تمثيل
السوريين في العلاقة مع المحيط العربي
والدولي، والجهة التي تدير عملية
التفاوض على المرحلة الانتقالية مع
بعض اطراف النظام الحالي. ان التوافق على هذه الاسس وتأكيدها،
سيعززان خطوات المعارضة في المضي نحو
مشروع إنقاذي لسورية في الفترة
المقبلة، يكون عماده الرئيس اعادة
الازمة في سورية الى خصوصيتها
باعتبارها ازمة سورية بخلاف ما صارت
اليه من ازمة دولية بسبب سياسات النظام
وممارساته ومواقفه. والامر الثاني في
هذا الجانب تعزيز التوجه الى معالجة
سياسية للأزمة تذهب الى علاجها
مباشرة، في ضوء ان اغلب قوى المعارضة
وافقت على الحل السياسي طالما أمكن ذلك
من خلال اعلان موافقاتها على
المبادرات العربية والدولية بما فيها
خطة المبعوث الدولي والعربي كوفي
عنان، الامر الذي يعني ضرورة دعم هذه
الخطة ومساندتها والضغط لإجبار النظام
على التفاعل الايجابي معها، بديلاً من
تغذية العنف والعسكرة والتسليح، والتي
تأخذ السوريين الى الدمار فيما
المطلوب الخروج من قوس الأزمة باتجاه
التغيير الديموقراطي باعتباره الهدف
الذي تواصلت من اجله جهود السوريين
وتضحياتهم. * كاتب سوري =============== مأزق تركيا في السياسة
أم في النموذج؟ الجمعة, 27 أبريل 2012 بهاء أبو كروم * الحياة برهن الربيع العربي أن النموذج الأقرب
إلى التحقق وإلى بناء القبول والرضى
الدوليين هو النموذج الذي أرساه حزب
العدالة والتنمية التركي. وأظهرت
تدخلات الأزهر والوثائق الثلاث التي
أعلنها أن مصر ممسوكة من الداخل في شكل
يضمن عدم تحولها إلى نظام متشدد أو
مغلق وذلك على رغم الأخطاء التي
ارتكبها الإسلاميون والتي أضعفت
موقفهم الداخلي. وقام حزب النهضة
التونسي بعدد من الخطوات والمبادرات
التي تصب في إطار سيرهم على خطى
النموذج التركي، كان آخرها تأكيدهم أن
الإسلام لن يكون المصدر الأساس
للتشريع في الدستور الجديد. إنما على رغم كل ذلك أعادت سورية خلط
الأوراق التركية وظهّرت مأزقها الذي
يتفاقم مع الضغوط التي تحضّها على
التدخل. لا تأبه دولة كبيرة مثل تركيا تمتلك
واحداً من أقوى عشرة جيوش في العالم
ويقف وراءها الحلف الأطلسي من بضع
طلقات تجاوزت حدودها أو بعض العراضات
التي يقوم بها جزء من جيش أظهرت
تصرفاته أنه أقرب إلى ميليشيا منه إلى
جيش نظامي. بالتأكيد ليس التوازن
العسكري هو الأساس في ذلك، إنما
الموضوع يتعلق بقضايا أعقد. فتركيا
التي يحكمها الإسلاميون ترى واجباً
إنسانياً؛ يمكن أن يكون شرعياً أيضاً؛
بحماية المدنيين في سورية، بخاصة في ما
إذا عجز النظام الدولي عن القيام بذلك
واستمرت المأساة وتدفق النازحين. هو
الاختبار الأول لتدخل من هذا النوع
تواجهه أوّل ديموقراطية إسلامية في
الشرق الأوسط، ومن عادة الديموقراطيات
أن تجتنب حروباً تكبّدها خسائر من دون
الاستناد إلى شرعيات حقوقية واضحة
وتبعاً لدوافع قومية لا تحتمل التشكيك
بها. والواضح أن التخبط التركي الذي ظهر في
بداية الأزمة كان دليلاً على صراع
الإرادات الداخلي الذي تعايشه تركيا
أمام استحقاق يمكن أن يعيدها إلى
الحقبة الإمبراطورية ويقحمها، كما
إيران، باستعمال القوة لتصدير النموذج. الرعاية التركية للمعارضة السورية من
بدايات الأزمة واحتضانها للجيش السوري
الحر ولإعلان وثيقة الإخوان المسلمين
من اسطنبول والحركة السياسية
والديبلوماسية التي تقودها... كل ذلك
ليس كافياً للقول إن تركيا تقوم بما
يُنتظر منها تجاه الأزمة السورية،
فالغرب يعوّل على الدور التركي في أن
يشكل رأس الحربة في أي عمل ذات طابع
ميداني، والشعب السوري يراهن على
استفاقة تركية تعيد الاعتبار الى
التصاريح التي أطلقها المسؤولون
الأتراك مع بدايات الأزمة، والدول
العربية التي قطعت أشواطاً في الدعوة
إلى تسليح المعارضة وتغيير النظام تجد
في تركيا الوسيلة الوحيدة للتغلب على
الأسد، لكن قبل كل ذلك المطلوب من
تركيا تجاوز مأزقها الحالي، فالتدخل
العسكري التركي في سورية أمامه تحديات
مهمة، فهو إن لم يكن حاسماً باتجاه قلب
النظام سيفضي إلى خطوة عسكرية غير
كافية لحماية المدنيين من ارتكاب
النظام للمجازر في العمق السوري
بعيداً من المناطق الآمنة أو الممرات
الإنسانية، على غرار ما حصل في
يوغوسلافيا السابقة إذ لم تنته معاناة
البوسنة إلا بضرب صربيا. وإن ذهب إلى
حدود قلب النظام، فذلك يعني حرباً على
نظام عربي قد يفتح الباب أمام استغلال
المشاعر القومية واللعب على هذا الوتر
في المنطقة. فالدخول التركي إلى سورية،
بالمعنى التاريخي، لا يشبه دخول صدام
حسين إلى الكويت، بل يمكن أن يعطي
مبرراً لتدخل إيراني في البحرين مثلاً. اتهم أردوغان خلال زيارته إلى الصين
أخيراً بشار الأسد بأنه يحوّل المشكلة
في سورية إلى معركة بين القومية
العربية والإسلام، في الوقت ذاته، لم
تتوان القيادة السورية عن تكرار سياسة
التخويف من الإسلام السياسي وطرح
البديل القومي على أنه الضامن لحقوق
الأقليات والتعايش بين الطوائف
والمذاهب، مع العلم أن «البعثية» في
سورية تحولت في آخر أيامها إلى «عبثية»
مفرطة هي أبعد ما تكون عن تأمين
المقومات القومية للأمة. ومع تعدد المآزق في ما إذا لجأت تركيا إلى
تدخل ميداني، فإن عدم التدخل العسكري
هو المأزق الأكبر لتركيا في ما إذا لم
تنجح مبادرة المبعوث الدولي كوفي أنان
حيث يصبح الكلام عن «النموذج» التركي
وكأنه من لزوم ما لا يلزم، علماً أن كل
أمة تخلص إلى بناء منظومة ثقافية قابلة
للمباهاة والتصدير تدغدغها «مقبلات»
خارج الحدود. تركيا هي دولة قومية قديمة تتمتع بخبرات
ديموقراطية مستجدة، تسير وفق
استراتيجية ورؤيا وتتميز
ديبلوماسيتها بلكنة ثقافية وتجربة
سياسية لا تزال تائهة بين العسكرة
والمدنية، وبهذا التشخيص، فإن الدخول
إلى سورية لا يشبه التدخل في شمال
العراق إنما يقوم على حسم وجهة داخلية
لمصلحة هذا المنحى أو ذاك. * كاتب لبناني =============== سورية: هل اوشك تسليح
المعارضة؟ رأي القدس 2012-04-26 القدس العربي اذا كانت موسكو قلقة من تلميح تركيا الى
امكانية تفعيل المادة الخامسة من
ميثاق حلف الناتو التي تعتبر عضوا
مؤسسا فيه وبما يؤدي الى تدخل عسكري ضد
السلطات السورية التي انتهكت سيادتها
الوطنية فان ما يقلق اصدقاء سورية في
المقابل هو حالة الانقسام المتفاقمة
في صفوف المعارضة السورية. بالامس اعلن رجل الاعمال السوري نوفل
الدواليبي المقيم في المملكة العربية
السعودية عن تشكيل حكومة انتقالية
تتولى السلطة التنفيذية في البلاد
وتجسد بديلا للحكومة الحالية التي
تواجه انتفاضة شعبية مستمرة منذ اربعة
عشر شهرا على الاقل. هذا الاعلان الذي صدر من باريس جاء مفاجئا
للكثيرين سواء داخل تحالف اعلان دمشق
او المجلس الوطني السوري الذي يشكل
المظلة الاشمل للمعارضة السورية
واطيافها السياسية والعقائدية
المتعددة. المهمة الاكبر لتجمع اصدقاء سورية تمثلت
في توحيد صفوف المعارضة السورية في
اطار تمثيلي اوسع على غرار المجلس
الوطني الانتقالي الليبي، ولكن حتى
هذه اللحظة لم يتحقق هذا الهدف، بل
وتفاقمت الخلافات. ولعل التصريحات التي اطلقها السيد
الدواليبي وانتقد فيها المجلس الوطني
السوري جاءت لتؤكد هذه الحقيقة، خاصة
عندما قال 'ان المجلس الوطني السوري
للاسف هيئة تشريعية لم يثبت ان هيئته
تمثل الشعب السوري والثورة'. لا نعرف كيف سينجح السيد الدواليبي فيما
فشل فيه المجلس الوطني من حيث توحيد
صفوف المعارضة وايجاد كيان بديل يمكن
ان يكون اكثر تمثيلا للشعب السوري
وانتفاضته ولجانه التنسيقية، وجيشه
الوطني الحر، ولكن ما نعرفه انه، وبحكم
ثروته المالية الضخمة، وتمتعه المفترض
بدعم المملكة العربية السعودية وربما
دول خليجية اخرى يمكن ان يشكل بديلا
معارضا وقويا للمجلس الوطني السوري. فمن يملك المال، وابن آخر رئيس وزراء
لسورية الديمقراطية (معروف الدواليبي)
ويحظى بدعم المملكة العربية ويحمل
جنسيتها في الوقت نفسه، يستطيع ان
يشتري السلاح ويمول جيوشا، وينظم
مؤتمرات، ويخصص رواتب ومكافآت مالية،
ويعالج جرحى، ويدعم المقاتلين
والمنتفضين في الداخل في مواجهة نظام
دموي يريد انهاء الانتفاضة باسرع وقت
ممكن وبالطرق والوسائل كافة. المملكة العربية السعودية دعت اكثر من
مرة على لسان وزير خارجيتها الامير
سعود الفيصل الى تسليح المعارضة
السورية حتى تتمكن من الدفاع عن نفسها
في مواجهة عمليات القتل التي لم تتوقف
حتى مع بدء تطبيق خطة المبعوث الدولي
كوفي عنان على حد وصفه، ولا نعرف ما اذا
كان اعلان السيد الدواليبي خطوة
عملية، او قناة تسليح في هذا الاطار ام
لا؟ اثناء تمويل المملكة العربية السعودية
ودعمها للجهاد الافغاني ضد الاحتلال
السوفييتي في الثمانينات من القرن
الماضي تم اللجوء الى رجال اعمال
سعوديين وعرب لكي يتولوا مهمة ايصال
الاموال والاسلحة والاغاثة الطبية الى
هؤلاء المجاهدين، وخصصت الحكومة
السعودية مليارات الدولارات في هذا
الصدد، ومن غير المستبعد ان يتم اللجوء
الى الاسلوب نفسه، والخبرات نفسها
لتصليب عود المعارضة السورية،
والداخلية منها خاصة، وتمكينها من
الدفاع عن المنتفضين الذين يتعرضون
لنيران الدبابات السورية وقذائفها. من الواضح ان هناك شبه اجماع في الاوساط
الداعمة للانتفاضة السورية على ان
مهمة كوفي عنان قد فشلت بسبب عدم
الالتزام بقرار وقف اطلاق النار، وان
الخامس من الشهر المقبل (ايار/مايو)
سيكون موعد اعلان هذا الفشل عندما يقدم
المبعوث الدولي تقريره الى مجلس
الامن، والاستعداد لمرحلة التسليح
العسكري المكثف او تدخل قوات حلف
الناتو او الاثنين معا مثلما لمح آلان
جوبيه وزير الخارجية الفرنسي. الشهر المقبل قد يكون حاسما على صعيد
الملف السوري، فاما الحرب الاهلية او
الحرب الاقليمية مثلما اكد جوبيه نفسه
قبل بضعة ايام. Twitter: @abdelbariatwan =============== اللهم اكف الثورة
السورية شر أصدقائها د. عوض السليمان - فرنسا 2012-04-26 القدس العربي تصرّ 'الفيفا' على أن يراقب مباراة كرة
القدم، ستة حكام. وتعلمون بالطبع أن
هذه اللعبة، تضم اثنين وعشرين لاعباً
فقط، بمعنى أن كل مراقب من الحكام
الستة يتابع بعينيه وبآلات التصوير
المنصوبة على أطراف الملعب أقل من
أربعة أشخاص. قارنوا الآن بين ما تفعله
'الفيفا' وبين ما يفعله مجلس الأمن من
الاستهانة بالدم السوري، حيث يرسل إلى
دمشق ستة من المراقبين لمتابعة أضخم
وأعظم ثورة عرفها تاريخ الإنسانية. فهل
يقبل عاقل هذا التصرف؟. ويعلن المجلس
بلا حياء أنه ينوي زيادة العدد إلى
خمسين ومائتي مراقب، كي يسجلوا أحداث
سبعمائة مظاهرة في يوم الجمعة فقط، وكي
يسجلوا قصف النظام لأكثر من مائة نقطة
في الأراضي السورية. تتقن الحكومة السورية فن المراوغة والكذب
كما تجيد فنون البيع والشراء والإغراء.
وقد قالها وليد المعلم 'على المراقبين
أن يتعلموا فن السباحة إذا أرادوا ألا
يغرقوا في التفاصيل' التي ستمليها
الحكومة السورية عليهم. بثينة شعبان ووليد المعلم يؤكدان أن
النظام السوري لن يقبل المراقبين
بالجملة، ولكنه سيختار جنسياتهم
ويريدهم من دول محايدة. ويقصد بالدول
المحايدة روسيا والصين وربما يقصد
مراقبين من حزب الله وميليشيات مقتدى
الصدر. المشكلة ليست في النظام السوري فهو نظام
يدافع عن بقائه الذي أصبح مهدداً، وهو
يتمسك بأية تفاصيل قد تزيد في عمره ولو
قليلاً. ولكن المشكلة في مجلس الأمن،
بطرفيه، المؤيد أو المعادي للثورة
السورية. روسيا أعلنت اليوم، أن هناك جماعات
إرهابية مسلحة تأتي من خارج البلاد
لتقويض خطة عنان وإفشالها. الغريب أن
روسيا لم تخبرنا كيف عرفت ذلك وهي التي
تساهم مع النظام السوري بمنع حركة
المراقبين في سورية، وتريد أن تحرمهم
من الطائرات العمودية. ويتبادر إلى
الذهن سؤال هام لماذا لا تدعم روسيا
فعلياً مهمة المراقبين، وهم بلا شك
سيخبرون العالم بجنسيات هؤلاء
المسلحين الذين جاءوا إلى البلاد
ليساهموا في قتل السوريين؟ لعل روسيا
تخاف أن يكشف المراقبون أن هؤلاء
القتلة هم روس وإيرانيون. لا يحزنني موقف روسيا كثيراً، فهي أيضا
تدافع بكل شراسة عن حكومة مستباحة من
قبل المخابرات الروسية، وعن قواعد
عسكرية لا مثيل لها في طرطوس، كما أنها
تدافع بلا شك عن تجارة السلاح والبغاء
مع حكومة الأسد. المحزن أولئك الذين يدّعون أنهم أصدقاء
سورية ويسيئون في الوقت نفسه، إلى
الشعب السوري وثورته بالمقدار نفسه
الذي تفعله روسيا وإيران. وقد لاحظنا
ذلك منذ بداية هذه الثورة المباركة
وبشكل واضح. ولكي لا نضطر للعودة إلى
عام مضى فلننظر إلى تصريحات أصدقاء
سورية هذه الأيام. فكوفي عنان المبعوث
الأممي العربي وكذلك آلان جوبيه
يقولان: إن وقف إطلاق النار في سورية هش.
وهذا يعني أن هناك بالفعل وقف لإطلاق
النار ولكنه لا يزال هشاً، والحقيقة أن
هذا كذب بواح يعيب صاحبه ويفضح مواقفه
وعجزه. فهلا يخبرنا عنان وصاحبه كيف
تسقط الصواريخ على إدلب ومن يطلق
القذائف على الخالدية التي تتعرض
لثلاث قذائف في الدقيقة الواحدة. جوبيه يقول أيضاً: إذا لم تنجح خطة عنان
فسنلجأ إلى إجراءات أخرى، وتؤيده وزير
الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. أ
يعقل أن الوزيرين لا يعلمان أن خطة
عنان قد فشلت. أ لا تقضي خطة عنان بأن
يتوقف إطلاق النار قبل إرسال
المراقبين إلى دمشق وأن يسحب الأسد
دبابته وشبيحته من الشوارع وأن يتوقف
الاعتقال. أ لا يرى الوزيران، محاولة
حرق 'درعا البلد' بمن فيها، أ لم يسمعا
بقصف 'اللجاة' في درعا، ومحاولة تدمير
قرية الحراك على رؤوس أهلها؟. لعل
الوزيرين أيضا لما يلحظا الاعتقالات
التعسفية في عربين والمعضمية ودوما بل
لنقل في مناطق سورية كافة. القول إن خطة عنان تحت المجهر وسنرى
نجاحها من عدمه في الأيام القادمة، هو
دليل غباء أو محاولة استغباء للشعب
السوري الثائر، ومحاولة لصرف نظر هذا
الشعب عما يحاك له من مؤامرات اشترك
فيها الصديق قبل العدو. نبيل العربي، وهو حالة خاصة في التعامل مع
ثورة الشعب السوري، قال إن من حق
الحكومة السورية أن تعترض على بعض
المراقبين وجنسياتهم، لأن قرار مجلس
الأمن صدر تحت الفصل السادس وهو
بالتالي غير ملزم، وقارن ذلك بالرئيس
جمال عبد الناصر عندما اعترض على
جنسيات بعض المراقبين الذين أرسلتهم
الأمم المتحدة إلى سيناء بعد العدوان
الثلاثي. الأمين العام للأمم المتحدة، يصرح بأن
سورية لم تلتزم التزاماً كاملاً بخطة
عنان. بلغة أخرى فإن بشاراً قد التزم
بالكثير وما بقي إلا القليل. يظهر اليوم أن إرسال المراقبين إلى سورية
ما هو إلا استمرار في الالتفاف على
ثورة الشعب السوري خدمة للكيان
الصهيوني ورغبة في تدمير سورية.
فأصدقاء سورية كما أعدائها يعلمون أن
مراقبي مجلس الأمن فشلوا في رواندا
وبوروندي والصومال،والبوسنة وغيرها.
وهم يعلمون أن باستطاعتهم استصدار
قرار ملزم من الجمعية العامة للأمم
المتحدة وهو القرار ' الاتحاد من أجل
السلم'، الصادر عام 1950، والذي يجيز
استخدام القوة العسكرية في حالة
كالحالة السورية. فلماذا إذاً يلجؤون
إلى إنشاء مجموعة أصدقاء سورية،
ويقولون بالعودة إلى مجلس الأمن في حال
فشل خطة عنان، وهم يعلمون كما نعلم
أنهم شكلوا مجموعتهم بسبب الفيتو
الروسي، فكيف نعود إلى المجلس إذاً؟.
عندما يفرض العالم كله على الشعب
السوري، فكرة أن بشار الأسد في طريقه
إلى وقف العنف وفي طريقه إلى الالتزام
بخطة عنان، فلا يحضرني إلا حكمة منسوبة
لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي
الله عنه إذ يقول: اللهم اكفني شر
أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم. =============== هل من واقعية لتحالف
تركي كردي؟ محمد نور الدين السفير 28-4-2012 يتكرر الحديث في تركيا عن احتمال إقامة
تحالف بين أنقرة وحكومة إقليم كردستان
العراق. وجاءت زيارة «رئيس» الإقليم
مسعود البرزاني إلى العاصمة التركية
واجتماعه بالمسؤولين الأتراك على
خلفية الصراع بين البرزاني وحكومة
نوري المالكي لتعزز هذه الاحتمالات. مع ذلك، فإن الحديث عن شراكة بين تركيا
وشمال العراق لا يتضمن عناصر واقعية
تفضي إلى حتمية نجاحه. ذلك أن ولادة
إقليم شمال العراق لم تحظ منذ البداية
بمباركة أنقرة، التي كانت تعارض أية
صيغة فدرالية للعراق، وتعتبرها مقدمة
لإقامة دولة كردية مستقلة. وكانت
معارضة أنقرة للفدرالية العراقية من
أسباب عدم مشاركتها في غزو الأميركيين
للعراق في العام 2003. وتعرف أنقرة انه كلما صلبت الأرض تحت
أقدام الأكراد في العراق، ونجحوا في
تجسيد هويتهم السياسية والثقافية،
كلما شكل ذلك عامل جذب للأكراد الآخرين
في المنطقة، ولا سيما الأكراد في جنوب
شرق تركيا. وتعرف أنقرة جيداً أن توجهات البرزاني
الحالية تجاه بغداد وغيرها ليست
ثابتة، وأنها مجرد مناورات سياسية.
فالأكراد العراقيون يعرفون أن شريكهم
في المعادلة العراقية، والذي أتاح لهم
تجسيد تطلعاتهم السياسية هي الكتلة
السياسية التي ينتمي إليها المالكي،
وبالتالي فإن الخلاف الحالي بين
البرزاني والمالكي لا يمكن أن يستمر
وصولاً إلى خيارات حادة، فالفريقان
محتوم عليهما لحماية مصالحهما استمرار
التعاون. أما الخلافات فلا مفر منها من
وقت إلى آخر، ولكنها لن تمس الثوابت
الإستراتيجية. لكن تهديد البرزاني بإعلان استقلال
الدولة الكردية في شمال العراق يعني
تحولا جذريا في خريطة المنطقة، وتترتب
عليه تداعيات خطيرة. وإذا كان البعض
يرى أن الفرصة متاحة لتمرير الاستقلال
في لحظة فوضى إقليمية، فإن ذلك قد يكون
صحيحا للأكراد، لكنه ليس كذلك بالنسبة
لكل الدول الأخرى. وتركيا تحديدا ستجد
نفسها أكثر المتأذين من لعبة «الدومينو»
هذه، لا سيما أن المنطقة الأكثر ملاءمة
لأن تكون الثانية على دور الاستقلال،
ولو بعد حين، هي المنطقة الكردية في
تركيا حيث الاحتقان والتوتر والصدام
المسلح والدم المراق منذ ثمانين عاما.
كما أن نشوء كيان كردي في شمال سوريا
سيوسع إطار الطوق الكردي حول تركيا،
ويفصلها عن الجغرافيا العربية. وتعرف تركيا جيداً انه في ظل عدم الوصول
إلى حل للمشكلة الكردية في داخلها،
فإنها لن تحظى بتأييد ولا بثقة أي كردي
عراقي أو سوري. وقد بدا واضحا، وبضغط
تركي، ارتباك «المجلس الوطني السوري»
في موقفه من القضية الكردية في سوريا
في حال وصوله إلى السلطة. والأكراد تعودوا على مراوغة الدول التي
هم فيها في التعاطي معهم. وتمتاز تركيا
عن باقي الدول بأنها الأقدم في إنكار
الهوية الكردية والعمل على طمسها منذ
أيام مصطفى كمال أتاتورك مرورا بكل
الحكومات المتعاقبة، وصولا إلى حزب
العدالة والتنمية، الذي لم يختلف
موقفه ولا طريقة تعاطيه مع المسألة
الكردية عن أي رئيس حكومة سابق مثل
طانسو تشيللر أو سليمان ديميريل أو
مسعود يلماز، باعتبارها مشكلة أمنية
وليست قضية حقوق وهوية تمس أكثر من 12
مليونا من أصل مجموع السكان البالغ 73
مليون نسمة. ولم يفت بعض الكتّاب الأتراك التهكم على «التحالف»
الافتراضي الجديد بين اردوغان
والبرزاني بالقول انه بعدما خسرت
أنقرة علاقاتها الإستراتيجية مع
جيرانها المباشرين لم يعد لتركيا شريك
سوى مسعود البرزاني، الذي هو في
النهاية حاكم على منطقة هي جزء لا
يتجزأ من سيادة دولة أخرى، هي العراق.
وما لا يليق بدولة كبيرة إقليميا
وتتطلع إلى دور عالمي هي أن تكون شريكا
لمجموعة لا صفة دولية لها، بدلا من أن
تمعن النظر في العمق في أسباب انهيار
سياسة «تصفير المشكلات» مع كل من سوريا
والعراق وإيران وروسيا إلى حد ما. يقول قدري غورسيل في صحيفة «ميللييت» إن «الرابح
الأكبر من سياسة تركيا التحالف مع
البرزاني هو البرزاني نفسه والأكراد،
ويجب ألا يقلل احد من دهاء الزعيم
الكردي العراقي. لكن سياسة تركيا
الخارجية تستحق أي تسمية ما عدا أنها
صفر مشكلات». كذلك يتهكم سامي كوهين في الصحيفة ذاتها،
عندما ينهي مقالته حول مشكلات تركيا مع
جيرانها ولا سيما العراق، قائلا «في
المناسبة أين هي سياسة تصفير
المشكلات؟ إن واحدة من الحقائق التي
تظهرها الأزمة مع العراق، بمعزل عن
أسبابها، هي أن سياسة تصفير المشكلات
مع الجيران في الشرق الأوسط، قد سقطت
في حالة النزاعات التي لم يكن احد
يريدها». =============== «حكومة سورية في باريس»:
رئيسها معروف... والباقي سري! محمد بلوط السفير 27-4-2012 من الحكومة السورية المدنية العسكرية في
المنفى، لن يعرف الصحافيون في فندق «لوتيس»
الباريسي أكثر من اسم رئيسها: نوفل
معروف الدواليبي. مستشاروه السبعة في
الخارج لم يعلن عنهم، وال35 حاكماً
ثورياً في الداخل والقائمون بسلطتها
يبقون طي السرية. الأسباب الأمنية
بديهية في الواقع السوري. نجل معروف الدواليبي رئيس الحكومة
السورية الأخيرة قبل انقلاب البعث في
العام 1963، يعود إلى رئاسة حكومة سورية
ولكن من باريس. لن ينتظر الرجل الملقب ب«حريري
سوريا» انهيار نظام الرئيس بشار الأسد
لكي يعود إلى دمشق لكنه سيجتهد كي يرى
برنامج التحرير الحكومي النور قريبا
وتكتمل «عملية تحرير منطقة عازلة في
سوريا» فتعود إليها رئاسة الحكومة
المنفية، ومنها إلى عاصمة الأمويين. المعارض السوري يتقدم حكومة لم ينتخبها
أحد، لكنها تنبثق من الشعب السوري،
وتنهل شرعيتها من استثنائية ما تعيشه
سوريا، لكنه تدارك «لا نمثل 99 في المئة
من السوريين، نحن لسنا البعث، نحن
الغالبية الصامتة». الحكومة كان لا بد منها، وقد تحقق
الدواليبي بنفسه من إخفاق كل ما حاولته
البنى المعارضة، من «مجلس وطني» أو
غيره، وخرجت منها كسيرة مهزومة «فاتخذنا
القرار أن نستبدلها بهيكل تنفيذي ينسق
عمليات الألوية المقاتلة من أجل
الحرية، ويخضع لإرادة الشعب السوري». أربع شخصيات أحاطت بالرئيس المنفي على
منصة مؤتمر، وصالة غصت بحشد صحافي جاء
أكثره فضولا لتبين حدث سوري فريد لم
يسبق إليه أحد من فرقاء المعارضة
السورية في الخارج. ليلى الأحدب للحديث
عن المرأة السورية في المعركة، محمد
الأشقر مفوض «الجيش الحر» في باريس.
مشرف الطحان رئيس «مجلس القبائل
العربية في سوريا» وداود جمعة من «اتحاد
الشباب الكردي»، قارئ برنامج الحكومة،
أعلن انه عندما وجده أقرب إلى أهداف
الأكراد في سوريا من أي تجمع معارض
آخر، انضم إليه. أما نفي قائد «الجيش الحر» العقيد رياض
الأسعد أي علاقة «لجيشه» بحكومة باريس
السورية عشية الإعلان عن حكومة
الدواليبي، فلا يعتد به: مفوضه في
باريس لوح من فوق المنصة للكاميرات
ببطاقة الأسعد العسكرية السورية
وببطاقة هويته وبتكليف موقع من الأسعد
أن يتحدث محمد الأشقر باسمه، وان يعلن
انه يعتبرها حكومة شرعية يدعمها من
انطاكية. والدواليبي عذر الأسعد نفيه القرب مع
حكومته «لما تعرض له من ضغوط من بعض
الأطراف ومن المجلس الوطني، ولدي
تسجيل بصوته أعرضه في الوقت المناسب».
غابت شهادة الأسعد، لكن رفاقا «لقائد
الجيش الحر» قاموا مقامه. شرعية
الحكومة، التي بدا الدواليبي مصرا على
قيامها على مساندة «العسكر الحر» لها،
جاءت على شاشة علقت في صالة الفندق
الباريسي. خاطب ضباط في أشرطة فيديو
مسجلة القاعة، وبايعت كلماتهم القصيرة
المكتوبة نجل رئيس الوزراء السوري
الأسبق على قيادة حكومة منفى: المقدم
عمار الرواي أول المبايعين. ضابط على
كتفيه نجوم كثيرة، قال إن اسمه خالد
يوسف الحمود، أيد حكومة تولد من رحم
الثورة. رجل في قناع جبلي قرأ من ثقب
النقاب الثوري نصا، ثلاثة مقنعين
مسلحين خلفه، حيوا أبو الوليد قائد
كتيبة زيد بن ثابت، بعد مبايعته حكومة
باريس المنفية، بتكبير مثلث. الحكومة السورية في المنفى، انصرفت إلى
برنامجها من نقطتين: «تسليح المقاتلين
في سوريا لتخليص سوريا من عصابات الأسد
والغزاة الإيرانيين، وإسقاط النظام»،
و«تحقيق تدخل دولي عسكري من دون المرور
بالمنظمات الإقليمية والدولية». لم يخف الدواليبي خصومة عميقة مع «المجلس
الوطني السوري»، وقال فيه، ما لم تقله
إذاعة دمشق، «المجلس الوطني لا يمثل
سوى الأقلية، والذي يقف خلفه الإخوان
المسلمون، وبعض الفقاعات الإعلامية». الخلاف القطري - السعودي على اختراق بعض
المعارضة السورية بدأ بالظهور في
باريس. ضيق الرياض من تصاعد دور «الإخوان»
في «المجلس الوطني» يقف وراء محاولة
لوضع اليد على جناح من المعارضة يعبر
عن المواقف السعودية، ويحجز لها مكانا
في ما بعد الأسد... اذا خرج من دمشق. =============== سوريا: ثلاثة أشهر أخرى
من الجحيم! د. نقولا زيدان المستقبل 28-4-2012 ليس لأننا اتخذنا من المعارضة هواية لنا
أو لأننا نعشق السباحة دوماً عكس
التيار بل لشدة حرصنا العميق على
الثورة السورية التي نجدها في اللحظة
التاريخية الراهنة تجتاز مرحلة هي من
الخطورة بمكان، نطرح تساؤلات مهمة
مشوبة بالقلق والخوف حول ما يدور على
الساحة السورية في ما يتعلق بتطبيق
مبادرة "انان"، تلك المبادرة التي
حظيت بإجماع دولي في مجلس الأمن والتي
يجرى ترجمتها ب300 مراقب دولي ينتشرون
تباعاً في المناطق الثائرة أو الساخنة. موقفان إثنان متباينان قد جرى اتخاذهما
بصورة منفردة حيال البند المتعلق بوقف
أعمال العنف أو إطلاق النار. فقد سارع
المجلس الوطني والجيش السوري الى
الدعوة الفورية لوقف إطلاق النار
وكانا في ذلك يظهرا تجاوباً مع الإرادة
الدولية، فاستبشر المراقبون
السياسيون خيراً سرعان ما تبدّد لأن
النظام يبدي موافقة كاذبة على
المبادرة ولكنه يستمر بإطلاق النار،
واللافت أنه ما أن صدر القرار الأخير
لمجلس الأمن وفي الوقت الذي كان مندوبو
الدول المعنية يمحضون هذه المبادرة
الدعم المطلوب وفي جملتهم المندوب
الروسي نفسه، انتهز "بشار الجعفري"
مندوب سوريا الفرصة ليؤكد في كلمته أن
حكومته مستمرة في مطاردة من أسماهم "المجموعات
الارهابية المسلحة" ما يعني وهذا
فعلاً وممارسة استمرار اطلاق النار من
جانب واحد ذلك أن النظام في دمشق لا
يعترف بوجود معارضة مسلحة، بل ما زال
يحاول في مخاطبته المجتمع الدولي دق
اسفين بين المعارضة السورية من جهة
والجيش السوري الحر من جهة أخرى وصولاً
الى الإشارة في غير مناسبة الى مجموعات
مسلحة يضعها في خانة الارهاب والعنف
التخريبي وكأنه يسعى لاستمالة مندوبي
الدول الغربية عن طريق الإشارة
المبطنة أنها مجموعات تابعة لتنظيم
"القاعدة"، تلك المجموعات التي
استطاع النظام الايراني التقاطها
وتجميعها عنده ثم ارسالها الى العراق
بعيد الغزو الأميركي عام 2003 وبالتحديد
في منطقة الأنبار عبر مطار دمشق. وكان
النظام السوري متعاوناً لأبعد الحدود
مع وكالة الاستخبارات الأميركية في
هذا المجال بعد حادثة مركز التجارة
العالمي (11/9/2001) وحرب أفغانستان، لكن
حرب العراق جمّدت هذا التعاون
وبالمقابل قد أدخلت عناصر "القاعدة"
أيضاً عندنا في حرب نهر البارد لزعزعة
الوضع اللبناني غداة انسحاب قواته
العسكرية مكرهة من أرضنا بعد انتفاضة 14
آذار والانذارات الأميركية الموجهة
اليه آنذاك. لا بل زعم "الجعفري" في كلمة ايضاً
أنه تلقى للتو معلومات من حكومته حول
اطلاق سراح معتقلين! نعم معتقلين دون
ال التعريف. من هم؟ كم عددهم؟ ومن أية
معتقلات؟ وإلى اية جهة سلمهم؟ لا أحد
يعلم عن ذلك شيئاً. انه الناطق الرسمي باسم الدولة المارقة (letat-
voyou) القادرة عبر وسائل اعلامها
والادارات التي تمسك بها على التلاعب
والكذب والخداع. بل أسوأ من ذلك أيضاً
عندما أعقب وقف محدود هش لإطلاق النار
حملات مداهمة واسعة النطاق في حمص
وحماة ودوما وادلب ودرعا. لا بل بلغت
القحة بنظام دمشق كل مبلغ عندما عاود
قصف المدن المنتفضة وفي جملتها حمص حيث
شاهدنا على وسائل الاعلام مراقبين
دوليين يتيمين يسيران وسط الحشود
ونيران الأبنية المحترقة تجلل منظرهم
بالسواد. لقد أدركنا في الحال في المؤتمر الهزيل
لأصدقاء سوريا في باريس حيث حضر حصراً
فقط 15 وزير خارجية أن مساعي الدول
الكبرى ستنصب في مجلس الأمن على إصدار
قرار فضفاض يحظى بموافقة روسية
وبالإجماع بوجوب دعم مبادرة "انان"
وزيادة عدد المراقين الدوليين الذين
على ما نقله شهود عيان جرى نقل بعض
آلياتهم ومعداتهم من جنوب لبنان. ويصل
هؤلاء المراقبون الى دمشق بأعداد
هزيلة فهم ليسوا في عجلة من أمرهم
بتاتاً". لا بل عادت حصيلة القتلى جراء القصف من
مختلف الأسلحة الى 80 قتيلاً يومياً بعد
ان تراجعت الى ما دون العشرين وفي
الحال يطرح سؤال ملح: ماذا سيكتب هؤلاء
المراقبون عن مشاهداتهم الميدانية؟ ان
النظام مستمر بإطلاق النار، كما جرى
نقل الدبابات من شوارع الى شوارع خلفية
أخرى، والمدفعية ما زالت تصب حممها من
محيط المدن المنتفضة. فماذا تغيّر؟ لا
شيء قد تغيّر!. 90 يوماً من الوقت الضائع والمراقبون
الدوليون في سوريا شهود زور على
المأساة. تسعون يوماً والنظام السوري
سيبرع خلالها في استمرار ومتابعة حربه
ضد المعارضة بشتى أساليب التمويه
والافلات من المراقبة، فهو يعلم ان ثقة
المجتمع الدولي به معدومة، فماذا يخسر
عملياً من متابعة الحرب؟. لكن هذا الوقت الضائع نفسه يهيب
بالمعارضة أن تعيد تنظيم صفوفها
وترتيب أوضاعها، وان تعد العدّة
لمعارك أخرى قادمة لا محالة. فإن كان ما
نشهده الآن هو أشبه بميونيخ عربية
دولية، على المعارضة العمل كخلية نحل
لتكمل الاستعدادات وصولاً الى المعركة
الفاصلة، معركة ارسال النظام السوري
الى متحف العاديات. =============== مقارباتٌ جديدةٌ لحماية
الأمن القومي العربي الراية القطرية التاريخ: 27 أبريل 2012 ثلاثة ملفات هامّة وعاجلة تصدّرت الدورة
الاستثنائية غير العادية لمجلس وزراء
الخارجية العرب الذي عُقد في القاهرة
أمس، تمثّلت بتطورات الأوضاع بين
دولتي السودان، إضافة إلى آخر مستجدات
الأوضاع في سوريا فضلاً عن تداعيات
زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي
نجاد إلى جزيرة أبو موسى الإماراتية. الاجتماع الوزاري العربي الاستثنائي
الذي يُعقد في ظروف استثنائية وحساسة
تمرّ بها المنطقة يتطلّب من الدول
العربية التنسيق في المواقف لمواجهة
مختلف التحديات والمخاطر التي تتعرّض
لها الدول الأعضاء، التي لا تهدِّد
كيان هذه الدول فحسب وإنما مجمل الأمن
القومي العربي، الأمر الذي يدعو
الجميع إلى قراءة هذه التطورات
والتعاطي معها على قاعدة احترام
الالتزامات والتعهّدات العربية
المشتركة طبقًا لميثاق الجامعة
وقراراتها، والبحث عن مقاربات جديدة
تكون محلّ إجماع عربي تؤسس لدور عربي
فاعل ومؤثر وقادر على وضع حلول لسلسلة
الأزمات التي تمرّ بها المنطقة
العربية. لقد حظي الملفان السوداني والإماراتي
اللذان كانا على طاولة الاجتماع
الوزاري العربي باهتمام كبير حيث
أدانت الجامعة العربية العدوان الذي
تعرّضت له الأراضي السودانية من قبل
دولة جنوب السودان، ودعت للعودة إلى
الحدود الدولية لعام 1956، والاحترام
الكامل لقواعد القانون الدولي
والاتفاقيات الموقّعة بين جمهورية
السودان ودولة جنوب السودان ورحّبت
بالجهود المصرية لتحقيق التهدئة،
وبالجهود الدبلوماسية التي تبذلها
الأمانة العامة للجامعة العربية
بالاشتراك مع الأمم المتحدة والاتحاد
الإفريقى من أجل احتواء الموقف. كما أكّد الاجتماع الوزاري العربي الدعم
المطلق لسيادة الإمارات الكاملة على
جزرها الثلاث وتأييده لكل الخطوات
التى تتخذها دولة الإمارات العربية
المتحدة من أجل استعادة حقوقها
وسيادتها على الجزر المحتلّة. إنّ استمرار الأحداث الدامية وقتل
المدنيين في سوريا وعدم التزام النظام
هناك بالتطبيق الكامل لقرارات مجلس
الجامعة ذات الصلة بالأزمة السورية
ومبادرة المبعوث الدولي وجامعة الدول
العربية كوفي عنان والمماطلة في تنفيذ
قرار مجلس الأمن 2024 يُشكّل التحدي
الأبرز أمام الجامعة العربية والتحدي
الكبير للأمن القومي العربي، فاستمرار
النظام السوري في استخدام خيار العنف
في مواجهة الاحتجاجات الشعبية
المطالبة بالحرية والديمقراطية
والتغيير واستمرار سقوط الضحايا
وبأعداد كبيرة رغم الانتشار الجزئي
للمراقبين الدوليين سيدفع بالمجتمع
الدولي في النهاية إلى التدخل العسكري
في سوريا بموجب الفصل السابع وهو ما
بدأت تلوِّح به واشنطن وباريس. خاصة أن
الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي قد
دخلا على خط الأزمة السورية وأن مبادرة
كوفي عنان تتحدّث عن اللجوء إلى مجلس
الأمن في حال فشل تطبيقها على الأرض. =============== المصدر: صحيفة كريستيان ساينس
مونيتور الأميركية التاريخ: 27 أبريل 2012 البيان نادراً ما يمر يوم دون أن يعلن مراقب غربي
زوال الرئيس الروسي المنتخب فلاديمير
بوتين، ويشير إلى الاحتجاجات الواسعة
التي شهدتها موسكو وغيرها من المدن
الكبرى، منذ الانتخابات البرلمانية في
ديسمبر الماضي، على أنها تشكل "بداية
نهاية عهد بوتين". ويتنبأ بعض
المراقبين بأن بوتين لن يتمكن من إتمام
سنواته الرئاسية الست. ولكن هذه
التقديرات تستند إلى التفكير الحالم،
والجماعي، أكثر من استنادها إلى
الحقائق الثابتة. وتمثل الاحتجاجات
ظهور طبقة وسطى جريئة ونشطة سياسياً،
ضاقت ذرعاً بالفساد المستشري والقيود
المفروضة على الحقوق السياسية
الأساسية، في ظل بوتين وخلفه الرئيس
الحالي ديمتري ميدفيديف. ومع ذلك، فإنه لا ينبغي لنا أن نبالغ في
النفوذ السياسي الذي تتمتع به هذه
الطبقة. فعلى الرغم من نشاطها وصخبها،
فإنها صغيرة نسبياً، وتنحصر في موسكو،
وفي قلة من المدن الروسية الكبرى
الأخرى، وخارج هذه المدن، يحظى بوتين
بدعم أقوى وأكثر انتشاراً. وليس
الناخبون في هذه المناطق راضين عن
الأوضاع، ولكنهم يخشون من أن التغيير
السياسي قد يعيد الفوضى وعدم
الاستقرار، اللذين شهدهما عهد الرئيس
الروسي الأسبق بوريس يلتسين. ويتغاضى
العديد من الناقدين والمحللين
الغربيين عن هذا العامل. وانطلاقاً من
إعجابهم باحتجاجات موسكو، تنبأوا بأن
بوتين لن يحصل على 50% من الأصوات في
الجولة الأولى. ومع ذلك، فقد فاز ب64% من
الأصوات في الجولة الأولى، وهي نسبة
تقل كثيراً عن الدعم الذي حظي به في
الانتخابات في فترتيه الرئاسيتين
الأوليين، ولكنها مع ذلك انتصار قوي. وهذا لا يعني أن بوتين أصبح حاكماً
ديمقراطياً ولد من جديد، أو أن واشنطن
يجب أن تغفل عن الجوانب غير الطبيعية
من حكمه. وبلا شك، فإن بوتين يواجه
اليوم روسيا تختلف كثيراً عن تلك التي
حكمها منذ 12 عاماً. فهو، خلال فترته
الرئاسية الأولى، استفاد من ارتفاع
أسعار النفط الذي وفر وسادة اقتصادية،
وسمح لروسيا بأن تتعافى اقتصادياً على
نحو أسرع مما توقعه العديد من
المراقبين. وليس من المرجح أن يكون بوتين محظوظاً
بالدرجة نفسها هذه المرة، إذ يتوقع
لأسعار النفط أن تظل مستقرة نسبياً
خلال السنوات القليلة المقبلة. ولذا
فإنه لا يستطيع الاعتماد على الحظ
الاقتصادي الذي تمتع به في فترتيه
الرئاسيتين السابقتين، وذلك من شأنه
أن يصعب عليه تلبية المطالب
الاقتصادية المتزايدة، وتطلعات الشعب
الروسي الصاعدة. وسيضطر بوتين أيضاً إلى التعامل مع طبقة
وسطى متحضرة، أكثر اضطراباً وحزماً من
الناحية السياسية. وستعتمد أمور عدة
على كيفية تطور المعارضة السياسية. وما
دام الضغط من أجل الشفافية والتغيير
السياسي مقتصراً على الطبقة الوسطى في
موسكو، إلى جانب عدد قليل من المناطق
الحضرية، فإن تأثيره السياسي سيكون
محدوداً على الأرجح. ولن تحدث حركة
الاحتجاج تأثيراً سياسياً جاداً، إلا
إذا وسعت قاعدتها السياسية، واتصلت
بالفئات الاجتماعية الأخرى خارج المدن
الروسية الكبرى. وتقدم التجربة البولندية في أواخر
ثمانينات القرن الماضي، مثالاً مهماً
في هذا الصدد. فلم يكن لنقابة "تضامن"
أن تشكل تحدياً خطيراً للحكم الشيوعي
في بولندا، لو أنها بقيت مقتصرة على
النخبة المثقفة في وارسو وكراكوف.
وكانت الصلات الوثيقة بين المثقفين
الليبراليين في المدينتين وبين حركة
الطبقة العاملة، هي التي جعلت من "تضامن"
قوة سياسية هائلة، ومكنتها من تشكيل
تحد قوي للنخبة الشيوعية الحاكمة. =============== روسيا .. ومحاولة البحث
عن الذات !! محمد البشيت عكاظ 27-4-2012 يتسم المشهد السوري بالكثير من التعقيد،
فمجيء الروس للبحر الأبيض المتوسط،
ليس فزعة للنظام السوري لمساندته لقمع
شعبه، فمبررات الدخول وجدت حينما تلقف
الروس وجود اتفاقية عسكرية قديمة
مبرمة بين الطرفين من زمن حافظ الأسد،
الأمر الذي أوتي على تفعيلها لتكون
وسيلة نحو غاية، عزف الروس عليها لحن
عنجهية التصدي للقرارات الأممية، في
استعراض عضلات القوة الروسية، لتأتي
ببوارجها العسكرية من بحر قزوين
والبحر الأسود، كفرصة ثمينة لا تعوض في
عودتها للشرق الأوسط بعد استحالة
الاقتراب من شواطئ المتوسط لسنوات
طويلة خلت.. عضت نواجذ الندم وهي ترى
بعين الحسرة الهيمنة الأمريكية على
الشرق الأوسط، دون أن تنبس بكلمة نحو
رغبتها ولو في إبرام معاهدة عسكرية
بينها وبين أي دولة من الدول المطلة
على البحر الأبيض المتوسط، فتحركاتها
تحت مراقبة دقيقة، من قبل الغرب
وأمريكا، فضلا عن تأهب حلف الأطلسي لصد
أي تدخل لها، وهو الذي شكل عام 1949م
حينما كان الاتحاد السوفييتي يشكل
تهديدا للدول الأوروبية. في مجيء روسيا المفاجئ ورسو بوارجها
بقاعدة لها في ميناء طرطوس، يعني
التموضع مجددا في الشرق الأوسط، وفرض
سيطرتها على الكثير من الأمور وفق
إملاءات السياسة الروسية، للبحث عن
ذاتها كدولة عظمى ستلعب دورا مستقبليا
مهما بالنسبة لها في الشرق الأوسط،
كدولة عظمى تمتلك حق (الفيتو) من الدول
الخمس في الأمم المتحدة، هنا كان أحد
أسباب (الفيتو) الروسي الصيني، في
تعقيد المشكلة السورية، وشعور الروس
بأن هناك رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط
فبادرت روسيا بالحضور المبكر قبل
اقتسام الغنائم !!. فالموقف الروسي المتصلب خلق حلفا ثنائيا
مع إيران، لمنع تركيا من أي تحرك على
الأرض مما أسفر عنه صمت تركيا التي
كانت متحمسة للثورة السورية وكانت
تسعى لعمل مناطق عازلة ومساعدة الجيش
الحر، لكسر عظم النظام، فاقتصر الدور
التركي على المؤتمرات والتنديد.. في مؤتمر اسطنبول الذي عقد قبل أيام قليلة
بشأن المفاعل النووي الإيراني، كان
الموقف الروسي متماهيا مع إيران مما
جعل الأخيرة أكثر ليونة في سبيل تخليها
عن مفاعلها النووي في مقابل تحقق
رغبتها المستميتة لديمومة هيمنتها على
العراق ولبنان وسوريا، فالصفقة جاهزة
للتوقيع للموافقة عليها في المؤتمر
الذي سيعقد برعاية هذه الدول تحت مسمى(5+1)
في العراق خلال الأيام القادمة.. فمن
هذا المنطلق خلقت المشكلة السورية،
موطئ قدم للروس. وللصين مستقبلا، في
البحر الأبيض المتوسط، حيث شكل مجيء
الطرفين أشبه بخلع الضروس للعرب، فأين
العرب ؟!، وإن كنت أستثني السعودية
التي تحارب على عدة محاور لأجل نصرة
الأمة العربية والإسلامية، ولكنها
الوحيدة. كان الله في عونها في فقدان
عاونها !!. =============== روسيا: شهيةٌ وفمٌ
كبيران وأسنانٌ مهترِئة سركيس نعوم 2012-04-27 النهار تابع المسؤول المهم نفسه في "ادارة"
اميركية مهمة جداً، تعاطى من زمان مع
ملفات شرق أوسطية عدة ويتعاطى حالياً
مع ملفات لبعضها علاقة بسوريا
واسرائيل ولبنان، كلامه عن أسباب
تكرار حكّام روسيا الحرب الباردة مع
اميركا، قال: "يقول هؤلاء إن اميركا
تسلّح "الاخوان المسلمين"
والمعارضة في سوريا. وهذا أمر غير صحيح.
قالوا لنا ذلك اخيراً في موسكو اثناء
زيارة لها مع آخرين. فأجبناهم: إذا كنتم
تصدقون ذلك فعلاً فاننا مستعدون لنشرح
لكم اموراً عدة من شأنها اقناعكم بعدم
صحة ما تقولون. أما إذا كنتم تتعمّدون
وعن سابق تصوّر وتصميم التحدث معنا على
طريقة "البروباغندا" عن التسليح
رغم معرفتكم بعدم صحته، فإننا سنستمع
بأدب ثم نذهب، أي نعود الى بلادنا. هناك
أسباب عدة لموقف روسيا الداعم لنظام
سوريا وبشار الأسد منها الانتخابات
الرئاسية التي يخوضها بوتين الرئيس
السابق. لكن صدّقني سيأتي يوم و"يُبازِر"
(أي يساوم) بوتين على الأسد. والأسد لا
يفهم ذلك. روسيا دولة تحتضر ( Dying). نسبة الإدمان على الكحول في
أوساط شعبها مرتفعة جداً، ونسبة
الوفيات فيها اكبر من نسبة الولادات،
والفورة الاقتصادية (Boom)
التي تشهدها سببها فورة النفط وارتفاع
اسعاره، وهي تمتلك منه كميات ضخمة،
وليس قوة اقتصادها. ولذلك فان "النموّ"
فيها غير ثابت. على كل حال يجب البحث مع
الروس في إقناع بشار الأسد بالتخلي عن
السلطة والذهاب الى روسيا لقضاء بقية
حياته او الى اي دولة اخرى تقبل ان
تستضيفه، او تعرض ان تستضيفه. وبحسب
معلوماتي فان هناك اربع او خمس دول
عرضت استضافته. لكنه حتى الآن لم يقبل
ويتمسك بالرفض أي بالبقاء في بلاده رغم
كل ما يجري فيها. وهو يعتقد مثل حلفائه
اللبنانيين انه سينتهي بعد مدة وجيزة
من الثوار بالعنف والقمع و"التنظيف".
طبعاً هناك بحث دائم في واشنطن بالعودة
الى مجلس الأمن ولكن من أجل استصدار
قرار بتأمين مساعدات انسانية (حصل ذلك).
والمهم في هذه العودة ان يكون الروس
معنا. ومن شأن ذلك توجيه رسالة قوية الى
الأسد. هل يمشي الروس معنا؟ هل
يتجاوبون معنا؟ لا اعرف. لكنهم لا
يستطيعون الاستمرار في دعم الأسد، إلا
طبعاً إذا صارت الحرب الأهلية في سوريا
أمراً واقعاً. وذلك يعني انها ستستمر
طويلاً، ربما سنوات. على كل لدينا
وسائل للضغط على روسيا وسنستعملها". علّقتُ: حققتم في مجلس الأمن، يوم استعملت
روسيا والصين حق النقض ضد مشروع قرار
يتعلق بسوريا، تقدماً تمثّل بوقوف
الهند والبرازيل وجنوب افريقيا معكم.
فهل ستبذلون ما يجب لإبقاء هذه الدول
معكم؟ علاقة الصين معكم تختلف عن علاقة
روسيا. فهي لا تبدو معنية مباشرة بما
يجري في سوريا مثل روسيا؟ أجاب: "صحيح
ما تقول. نفعل ما في وسعنا. كان هناك قبل
عقود من يقول عن موسوليني: شهيةٌ كبيرة
وفمٌ كبير وأسنانٌ مهترئة. هذه هي
روسيا اليوم". سألتُ: ماذا عن تركيا؟
لقد "طحشت" في بداية الأزمة
السورية، وظن السوريون والعرب انها
ستفعل المستحيل بما في ذلك استعمال
القوة ضد الأسد لحماية المدنيين
والثوار. لكنها تراجعت بعد ذلك. ثم ظهرت
مُتردِّدة. وقد أغضب ذلك السوريين
والعرب. ماذا تريد تركيا حقيقة؟ أجاب:
"قد تكون تركيا ايضاً ورغم قوتها
ونمو اقتصادها مثل موسوليني، اي شهيةٌ
كبيرة وفمٌ كبير وأسنانُ مهترئةٌ. في
آب الماضي اقتنعت تركيا نهائياً
بضرورة تنحّي الأسد وسقوط نظامه. وكان
ذلك بعد زيارة وزير خارجيتها اوغلو
ورئيسه اردوغان لدمشق، يستمع الأسد
ويوافق لكنه لا ينفِّذ. وأحياناً لا
يوافق. أوغلو منظِّر بارع، لكنه ليس
براغماتياً (عملياً) بما فيه الكفاية.
التقيته مرة في احدى مهماتي، وكان
الحديث عن اسطول الحرية (فلوتيلّا).
سألته عن سبب تأييد حكومته للأسطول
المذكور وعن الانعكاسات السلبية لذلك
على تركيا. قال: "نحن دولة حرة،
والشعب يفعل ما يريد ولن يحصل شيء
يورِّط الحكومة. سار "الأسطول"
فهاجمته اسرائيل وسقط قتلى وجرحى
وتورطت الحكومة التركية ولم تنتهِ من
ذلك، حتى الآن. هناك تبسيط أحياناً عند
تركيا الحالية او ربما نقص في الخبرة.
تركيا قوية ونحن لا نشك في ذلك، لكنها
تعاني صعوبات عدة منها العلاقة مع
جيشها". علّقتُ: ما تقوله صحيح. تركيا
تريد ممارسة ادوار عدة في المنطقة وذلك
صعب لكثرة المشكلات، ولمحدودية
امكاناتها رغم قوتها، ولوجود مشكلتين
داخليتين عندها هما الأكراد والعلويون.
بماذا ردّ؟ =============== الشطرنج الخليجي
الايراني الساخن! راجح الخوري 2012-04-27 النهار لم تكن المنطقة في حاجة الى تصريحات محمد
رضا رحيمي الذي تعمد تتويج زيارة نوري
المالكي الى طهران بالدعوة الى اقامة
اتحاد تام بين العراق وايران، لكي
تتقدم خطوة اضافية في طريق المواجهة
التي تجعل منها رقعة شطرنج ساخنة بين
ايران ودول الخليج العربي، تشهد
تصاعداً مطرداً في الحساسية المذهبية
بين السنة والشيعة. قبل زيارة المالكي كانت طهران وفي
استعراض للقوة قد رفعت التوتر مع دول
الخليج، بالاعلان عن نشر مشاة البحرية
في الجزر الاماراتية الثلاث المتنازع
عليها، طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو
موسى، مؤكدة ان هذه الجزر التي تكتسب
اهمية استراتيجية في الدفاع والهجوم
عند مضيق هرمز "هي ايرانية لن تنفك
عن تراب ايران المقدس" وان اي حديث
خارجي عنها يعتبر انتهاكاً للسيادة
وتدخلاً في الشؤون الداخلية الايرانية! جاء هذا التصعيد الايراني في وقت تجري منذ
منتصف نيسان الجاري وحتى نهايته
مناورات اماراتية - فرنسية مشتركة
بعنوان "خليج 2012"، في اطار اتفاق
للدفاع أبرم بين البلدين عام 1955. لكن
ايران تعمدت دفع الامور اكثر الى
التصعيد عندما تحدثت الانباء عن مشروع
قرار في مجلس الشورى لتشكيل محافظة
باسم "الخليج الفارسي" تضم الجزر
الاماراتية الثلاث، اضافة الى ميناء
سيريك وجزر كيش وقشم ولاوان وميناء
لنكه. بعد أقل من 24 ساعة ردت دول الخليج
بالاعلان عن مناورات مشتركة لقوات "درع
الجزيرة" في الخليج، تحت اسم "جزر
الوفاء"، في اشارة واضحة الى التمسك
بحق دولة الامارات في السيادة على
جزرها الثلاث، التي ترفض ايران مبدأ
اللجوء الى التحكيم الدولي بشأنها! وفي سياق هذا الشطرنج الملتهب بين ايران
ودول الخليج، تحدثت الانباء قبل يومين
عن اتجاه للاعلان عن قيام اتحاد بين
المملكة العربية السعودية والبحرين
يحمل اسم "الاتحاد الخليجي العربي"
وذلك خلال القمة التشاورية التي
تستضيفها الرياض الشهر المقبل. ويشكل
الاتحاد مدخلاً لانضمام دول مجلس
التعاون الخليجي. ومن المعروف ان
العاهل السعودي الملك عبدالله كان قد
دعا في القمة الخليجية الاخيرة الى
الارتقاء من "مرتبة التعاون" الى
"رتبة الاتحاد" بين الدول
الخليجية، لأن مواجهة الاستحقاقات
وجبه التحديات الامنية والسياسية التي
تمر بها المنطقة باتت تتطلب صيغة موحدة
تنعكس قوة ومناعة على دور دول الخليج. تبقى التصريحات عن اقامة اتحاد بين ايران
والعراق مجرد كلام او تمنيات قياساً
بالمشاكل والانقسامات المذهبية في
العراق، لكنها تأتي كنقلة ولو اعلامية
في الشطرنج الشيعي – السني، الذي
يزداد سخونة مع الازمة السورية التي
تقضّ مضاجع الايرانيين خوفاً على
محورهم الممتد الى جنوب لبنان، والذي
يتسع استقطاباً مع دخول تركيا السنية
على الخط الاقليمي وبروز "الاخوان
المسلمين" وروداً في حقول "الربيع
العربي"! ======================== آخر تحديث:الخميس ,26/04/2012 محمد نور الدين الخليج دخلت مهمة كوفي عنان في سوريا مرحلة يبدو
أنها جدية في البحث عن طريقة لوقف
العنف وإراقة الدماء، تمهيداً للبحث
عن حل سلمي توافقي بين أطراف الأزمة
الداخليين والقوى الإقليمية والدولية
التي تدعم هذا الطرف أو ذاك . وليس بعيداً عن الواقعية الافتراض أن
المسار الجديد الذي دخلته الأزمة
السورية هو نتيجة توافق أو تفاهم بين
القوتين الرئيستين في العالم أي
الولايات المتحدة وروسيا . ويمكن أن نطرح احتمالين في هذا الإطار:
الأول أن يكون التوافق الأمريكي -
الروسي على مرحلة أولى لوقف نهائي
للعنف من دون الاتفاق المسبق على عناصر
الحل الذي سيلي هذه المرحلة، أو أن
يكون التفاهم بين القوتين شاملاً حتى
ملامح الحل المقبل . وفي الحالتين تبدو تركيا من بين الخاسرين
فعلاً فيما لو تم تأكيد أحد هذين
الاحتمالين أو كليهما معاً، ويبدو ذلك
في أن حكومة حزب العدالة والتنمية قد
رهنت كل حركتها تجاه سوريا بإسقاط نظام
الرئيس السوري بشار الأسد، ورفعت شعار
أن لا حل ممكناً للأزمة في ظل استمرار
الأسد في السلطة . وهنا قد تكون أنقرة
مستعدة حتى لبقاء النظام لكن بشرط خروج
الأسد شخصياً من السلطة، ذلك أن
العوامل المشرقية في تغليب الأحاسيس
الشخصية أحياناً لاتزال تعشش في
شرايين معظم الطبقة السياسية . ولقد رفعت تركيا كما بات معروفاً السقف
عالياً منذ بدء الأزمة السورية وأحرقت
لاحقاً كل المراكب مفوتة على نفسها
فرصة أن تكون عامل إطفاء للأزمة
ولمخاطرها، وبالتالي لتعزيز نفوذها،
حين افتقدت الأزمة أي طرف على مسافة
واحدة من كل الأفرقاء . لكن مشكلة السلطة السياسية في تركيا أنها
لا تزن الأمور بمكيال واحد، ومن دلائل
ذلك أن رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان
اتهم السلطة الصينية سابقاً بأنها
تقوم ب “إبادة” للمسلمين الأويغور في
شمال غربي الصين، حيث حصلت مواجهات قبل
سنوات قليلة أسفرت عن مقتل المئات من
الأويغوريين . لكن أردوغان نفسه كان
يزور الصين قبل أقل من أسبوعين ويعقد
اتفاقات اقتصادية واسعة مع النظام
نفسه الذي اتهمه بارتكاب إبادة . في الحالة السورية لم يكن مطلوباً من
أنقرة أن تقف موقفاً غير أخلاقي، لكنها
لم تظهر أنها تمارس موقف دولة إقليمية
كبرى لها مصالحها التي تحتم أحياناً أن
تتجاوز المشاعر والأحاسيس لتكون
واقعية . وتركيا نفسها طبقت مثل هذه الواقعية،
التي نحن كعرب وفلسطينيين لا نحبّذها
في هذه الحالة، على الموقف من “إسرائيل”
بعد اعتدائها على أسطول الحرية وقتل
تسعة ناشطين أتراك على متنها . واكتفت
تركيا، بعد سنة ونيف بالتمام،
بإجراءات دبلوماسية وتعليق لبعض
الاتفاقيات مع العدو الصهيوني . مهمة كوفي عنان ترسم ملامح حل يكون النظام
السوري والأسد شخصياً جزءاً منه . وهو
ما يُحدث لتركيا صدمة وخيبة أمل .
ويتجلى ذلك في التشكيك الدائم بمهمة
أنان واعتبار أردوغان لها أنها بمنزلة
الميتة . وتنعكس عدم مطابقة التوقعات التركية
لقدرة تركيا على ترجمتها على أرض
الواقع، أن للتحرك التركي حدوداً،
أمريكية من دون أي لبس، لا تستطيع
أنقرة تجاوزها وهو ما يجعل تركيا
لاعباً فاشلاً في لعبة الأمم الكبرى
التي إن اتفقت، انحنت الرؤوس الصغيرة .
وعلى حد قول الكاتب التركي المعروف
متين منير في صحيفة “ميللييت”، فإن
الأزمة السورية أظهرت ليس قوة تركيا في
الشرق الأوسط بل ضعفها وعجزها . إذ إن
تهديدها بتدخل عسكري كان أشبه بشاب
يدعو صديقته إلى العشاء وليس في جيبه
مال . والأمر نفسه يكرره عبدالحميد
بالجي الكاتب الإسلامي في صحيفة “زمان”
الذي يقول إن الأزمة السورية أظهرت
تناقضاً بين توقعات تركيا وإمكاناتها
على التحرك العملي . كذلك في قول الكاتب
التركي الشهير محمد برلاس بأن تركيا في
سلوكها تجاه سوريا أظهرت أنها لا تمتلك
مواصفات القوى الكبرى . ربما فات الوقت على تركيا أن تستعيد
موقعها الوسطي والحيادي ودورها الوسيط
والموفّق لحل النزاعات، لكن لايزال
بإمكانها أن تحدّ من تكاثر الخسائر
وتناسلها والتي حذّرنا منها منذ بداية
ليس الأزمة السورية بل الثورات
العربية عندما نهجت تركيا مواقف
متعددة المعايير من بلد إلى آخر، ومن
ثورة إلى أخرى . والدولة القوية
المتطلعة إلى دور إقليمي وعالمي مؤثر،
هي التي تستطيع أن تعرف حدود قدراتها،
وتقرأ جيداً بعين العقل والمصالح
توازنات القوة، فلا تأخذها المشاعر
إلى حيث الخسائر في انتظارها . ================= تاريخ النشر: الخميس 26 أبريل 2012 د. وحيد عبد المجيد الاتحاد هناك معايير عدة لتصنيف الإسلاميين العرب
المنتمين إلى جماعة "الإخوان
المسلمين". ومن هذه المعايير الموقع
الجغرافي الذي لا يكفي وحده أساساً
للتصنيف والتفسير، لكنه قد يفيد في فهم
التباين بين توجهات أحزاب "الإخوان"
وجماعاتهم وتنظيماتهم. فليس صعباً
ملاحظة أن "الإخوان" ومن ينتمون
إلى تيارهم في بلاد المغرب العربي أكثر
انفتاحاً وتقدماً مقارنة بأقرانهم في
الجناح الآخر من العالم العربي والذي
يبدأ في مصر ويشمل منطقة المشرق العربي.
ويشير هذا الاختلاف إلى تباين في بيئة
المجتمعات التي تعمل فيها هذه
الجماعات، وليس فقط إلى تباين موازين
القوى بين المحافظين والمنفتحين داخل
الجماعات نفسها. وظهر هذا الاختلاف في طريقة تعاطي كل من
"حزب النهضة" التونسي وجماعة "الإخوان"
المصرية وحزبها (الحرية والعدالة) مع
مسألة الدستور الجديد منذ بداية
المرحلة الانتقالية في كل من البلدين. وتبدو حركة مجتمع السلم "حمس" التي
تمثل "الإخوان" في الجزائر، و"حزب
العدالة والتنمية" الذي ينتمي إلى
تيارهم في المغرب، أقرب في توجهاتهما
إلى "النهضة" منه إلى "لحرية
والعدالة" أو"الجماعة الأم" في
مصر وحركة "الإخوان" وحزبها في
الأردن (جبهة العمل الإسلامي) وتنظيم
"الإخوان" الفلسطيني كما تعبر عنه
حركة "حماس". ويذكر متابعو الحركات الإسلامية في
العالم العربي الجدل الذي أثير في
أوائل تسعينيات القرن الماضي عندما
اتخذت حركة "حمس" موقفاً واضحاً
وقوياً لمصلحة الاستقرار والتهدئة
عندما انقلب الجيش على نتائج الجولة
الأولى للانتخابات البرلمانية التي
حققت "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"
فيها فوزاً كان يؤهلها للصعود إلى
السلطة، حيث رفضت "حمس" الانزلاق
إلى العنف الذي تبنته الاتجاهات
المتطرفة في "الجبهة" رداً على
إلغاء الانتخابات. وجعلها هذا الموقف
في الصف نفسه مع النظام الذي كانت
تعارضه، لكنها غلَّبت المصلحة الوطنية
في لحظة حاسمة من تاريخ البلاد. وتعرضت "حمس" حينئذ لانتقادات حادة
من معظم تنظيمات "الإخوان"
وجماعاتهم في الجناح الآخر للعالم
العربي. ولم يكن بعض قادة "الإخوان"
السوريين بمنأى عن الحملات التي تعرضت
لها حركة "حمس" وزعيمها الراحل
محفوظ نحناح الذي تحمل هجوماً عنيفاً
من بعض "إخوانه" في المشرق العربي. ومع ذلك بدا "الإخوان" السوريون أكثر
حذراً في معالجة مسألة تعاون أقرانهم
في الجزائر مع نظام الحكم ضد إسلاميين
آخرين كانوا قاب قوسين أو أدنى من
السلطة في بداية "غزوة انتخابية"
حققوا فيها تقدماً كبيراً. والحال أن السؤال عن توجهات "الإخوان"
السوريين ومدى انفتاحهم أو انغلاقهم،
واعتدالهم أو تشددهم، أثير في مناسبات
عدة أخرى خلال العقدين الأخيرين. وهو
مُثارٌ الآن مجدداً بمناسبة "وثيقة
العهد والميثاق" التي أصدروها في 25
مارس الماضي. فقد أصدروا هذه الوثيقة
في لحظة فارقة في تاريخ سوريا، سعياً
إلى طمأنة شعبها بمختلف مكوناته،
والمجتمع الدولي، بشأن توجهاتهم في
حالة حدوث تغيير في نظام الأسد. لذلك
حفلت بجملة من الالتزامات يمكن
اختصارها في أربعة رئيسية: أولها "الدولة
المدنية الحديثة". وهذه عبارة لا
يرفضها "الإخوان" في مصر وبلاد
أخرى في الجناح الشرقي للعالم العربي،
لكنهم لا يستحسنون كلمة "مدنية"
ويراعون موقف القوى السلفية الصاعدة
التي ترفضها وتظنها مرادفة للعلمانية. والالتزام الثاني هو "دستور مدني منبثق
من إرادة السوريين وقائم على التوافق
الوطني ويحمي الحقوق الأساسية للأفراد
والجماعات ويضمن التمثيل العادل لكل
مكونات المجتمع". وهذا التزام تعهدت
به جماعة "الإخوان" في مصر وحزبها
وتضمنته "وثيقة التحالف الديمقراطي"
التي وقعاها مع نحو ثلاثين حزباً من
اتجاهات مختلفة في يوليو 2011، لكنهم
فتحوا الباب للتشكيك فيه بعد اتفاقهم
مع "حزب النور" السلفي وحده على
تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور
بطريقة أفقدتها القدر المعقول من
التوافق العام وأثارت أزمة حادة قبل
صدور حكم قضائي بوقف عملها ومن ثم
السعي إلى إيجاد بديل عنها. أما الالتزام الثالث فهو دولة ديمقراطية
تعددية تداولية، ودولة مواطنة
ومساواة، حيث "المواطنة هي مناط
الحقوق والواجبات". وثمة مبدأ رابع
مهم أيضاً هو "تساوي الرجال والنساء
في الكفاءة والأهلية وتمتع المرأة
بالحقوق كاملة". وهذان مبدءان
تقبلهما تنظيمات "الإخوان"
وجماعاتهم في مصر والأردن وفلسطين
ولبنان، لكن بحذر حيناً وبتحفظ حيناً
آخر، خصوصاً فيما يتعلق بحق المرأة في
"الولاية العليا"، التي يرى
إسلاميو المغرب العربي أنها محسومة في
عصر الدولة الوطنية. والسؤال المحوري الذي تثيره وثيقة "إخوان"
سوريا الجديدة هو عن موقعهم اليوم على
خريطة الإسلاميين العرب، وهل يمكن
اعتبار هذه الوثيقة مؤشراً على أنهم
يقتربون من إسلاميي المغرب العربي
الأكثر انفتاحاً وتقدماً. الجواب ليس
سهلاً رغم أن هذه ليست الوثيقة الأولى
من نوعها التي تلفت الانتباه إلى شيء
في تفكير "الإخوان" السوريين
يختلف عن أقرانهم في مصر وقد يجعلهم
أقرب إلى إسلاميي المغرب العربي. فقد سبق أن أصدر "إخوان" سوريا في
مايو 2001 "ميثاق الشرف الوطني"
لمواكبة ما بدا وقتها بداية تحول أُطلق
عليه "ربيع دمشق". وقبيل تبدد
الأمل نهائياً في ذلك "الربيع"
الذي تحول سراباً، قدم "الإخوان"
السوريون وثيقة أخرى عام 2004 أسموها "المشروع
السياسي لسوريا المستقبل"، أعادوا
فيها إنتاج ما جاء في سابقتها، لكن مع
شيء من التأصيل الشرعي. ولا تختلف الوثيقة الأخيرة الصادرة قبل
أيام عن هاتين الوثيقتين إلا في
ديباجتها وطريقة صياغتها اللتين
توحيان بسعي حثيث إلى محاولة طمأنة
الأقليات الدينية والعرقية. والحال أن
"إخوان" سوريا يحاولون منذ أكثر
من عقد تقديم أنفسهم في صورة مختلفة عن
"إخوانهم" في مصر والمشرق العربي،
خصوصاً وأن بعض هؤلاء كانوا حلفاء
للنظام السوري (حركة "حماس") أو
مدافعين أشداء عنه (إخوان الأردن
وحزبهم) تحت شعار دعم المقاومة
والممانعة، أو مساندين له عن بُعد (إخوان
مصر). كما يسعون إلى إزالة الصورة
السلبية التي رُسمت لهم خلال مرحلة
الصدام العنيف مع السلطة في ثمانينيات
القرن الماضي. وقد حققوا تقدماً في هذا الاتجاه، لكن
معضلتهم أنه ليست هناك في السياسة
وثائق تحمل ضمانات الالتزام بها، وأن
نجاح أي تيار في تحسين صورته يتوقف على
استعداد الآخرين للاقتناع والاطمئنان.
لذلك سيظل على "الإخوان" السوريين
بذل جهد على الأرض عبر التواصل والحوار
والعمل المشترك، لإقناع الأقليات،
بأنهم لن يسعوا إلى تغيير مقومات
الدولة والمجتمع، ولن يفرضوا مشروعهم
الإسلامي بالإرغام أو باستخدام
دكتاتورية الأغلبية، وأنهم سيحترمون
التنوع الاجتماعي والتعدد السياسي
والحقوق والحريات العامة والخاصة. ================= فقد نصف احتياطاته
النقدية .. النظام السوري... وبوادر
الضائقة المالية جون واريك وأليس فوردمان بيروت الاتحاد 26-4-2012 في الوقت الذي تدخل فيه الانتفاضة
السورية المناهضة لنظام الأسد شهرها
الثالث عشر، تواجه الاحتياطات المالية
للحكومة تناقصاً سريعاً، وذلك حسب ما
أفاد به مسؤولون في الاستخبارات
الأميركية ومحللون ماليون يراقبون
الوضع المتردي للاقتصاد السوري. هذا النزيف المالي الحاد دفع الحكومة
السورية إلى وقف توفير خدماتها
الأساسية للمواطنين من تعليم وصحة
وباقي الخدمات في بعض المناطق
السورية، بل دفعت النظام إلى البحث عن
خط إمدادات جديد من إيران لدعم العملة
الوطنية الضعيفة. هذا في الوقت الذي
تراجعت فيه مداخيل الدولة من صادراتها
النفطية ووصلت إلى أدنى مستوى لها
عندما امتنعت كل من الصين والهند عن
استيراد النفط السوري. لكن رغم هذه المصاعب الاقتصادية يبدو أن
الرئيس الأسد نجح في تحصين نفسه
ودائرته الضيقة من تأثيرات العقوبات
الاقتصادية والحصار التجاري الذي أكثر
ما يمس المواطنين الذين يعانون من
ارتفاع أسعار المواد الغذائية
والوقود، وذلك بسبب لجوء الأسد إلى
احتياطاته المالية الخاصة، بالإضافة
إلى اعتماده على السوق السوداء لتحصين
أركان النظام وضمان استمراره لشهور
عدة، إنْ لم يكن أكثر، بحيث من غير
المتوقع أن يواجه النظام مشاكل كبيرة
في تمويل العمليات العسكرية ضد
المعارضة. وفي هذا السياق، يقول مسؤول في استخبارات
إحدى الدول التي تراقب الوضع في سوريا
دون الكشف عن هويته: "رغم قسوة
الضغوط الاقتصادية، إلا أنها مع الأسف
ليست كافية"، وحسب العديد من
المراقبين تأتي هذه التقييمات للوضع
الاقتصادي في سوريا وسط جهود جديدة
تبذلها القوى الغربية لتضييق الخناق
المالي على النظام ودفعه إلى تقديم
تنازلات كبيرة إلى المعارضة والدخول
في عملية سياسية تفضي إلى انتقال واضح
وسلس للسلطة، وذلك من خلال تعميق
العزلة السياسية والاقتصادية للنظام
الذي يقمع نشاط المعارضة منذ أكثر من
عام. وفي سياق العقوبات الجديدة، تبنى الاتحاد
الأوروبي إجراءات ترمي إلى منع بيع
البضائع الفاخرة إلى سوريا، كما أن
إدارة أوباما فرضت عقوبات جديدة على
الأفراد والشركات، التي تمد نظام
الأسد بالأجهزة والمعدات التكنولوجية
المتطورة التي تستخدم في خنق المعارضة
وتعقبها، وليست هذه القيود الجديدة
سوى سلسلة أخيرة في حلقة ممتدة من
الإجراءات العقابية التي فُرضت على
النظام السوري منذ انطلاق الثورة في 11
مارس الماضي، وهي لن تكون الأخيرة في
ظل العقوبات المنتظرة التي سيتفق
عليها ممثلو 75 دولة ستجتمع في واشنطن
لتنسيق الجهود الساعية إلى وقف ما تبقى
للنظام من خط الإمدادات المالية. وفي شهادة أدلى بها وزير الدفاع، "ليون
بانيتا"، أمام المشرعين الأميركيين
في الأسبوع الماضي أكد أن العقوبات
المفروضة على النظام السوري "تساهم
في إضعاف الإمكانات المالية للنظام"،
مخفضة مداخيل الحكومة بأكثر من الثلث. ورغم تأكيد المسؤولين الغربيين أن
العقوبات والحصار المفروض على صادرات
سوريا النفطية موجهة بالأساس إلى
النظام وطبقة ررجال الأعمال المؤيدة
للحكومة ولا تستهدف المواطن العادي،
فإن الإجراءات العقابية امتدت في
الحقيقة إلى باقي القطاعات الاقتصادية
لتصل إلى المواطن السوري دون أن يبدو
أنها تهديد بقاء النظام نفسه. ومن هذه التأثيرات السلبية ارتفاع أسعار
المواد الغذائية وانخفاض الليرة
السورية في الوقت الذي ظلت فيه الأجور
على حالها. ولعل الأمر الأكثر تهديداً
بالنسبة للنظام نفاد مخزونه من العملة
الصعبة المودعة في الحسابات الحكومية
المختلفة، فقد تراجع احتياطي العملة
الصعبة من 20 مليار دولار قبل عام إلى ما
بين 5 مليارات دولار و10 مليارات دولار
اليوم مع استمرار النزيف بواقع مليار
دولار شهرياً. ويؤكد المسؤولون الأميركيون أن احتياطات
سوريا من العملة الصعبة تهاوت بأكثر من
النصف منذ بدء الانتفاضة، وهو ما عبر
عنه مسؤول بارز في إدارة أوباما بقوله
"إنهم ينفقون بسخاء على العمليات
العسكرية لإخماد الانتفاضة، لكن
إمداداتهم منها باتت محدودة للغاية". ووصف المسؤولون كيف تقبع حاويات النفط في
المياه السورية لأجل غير مسمى غير
قادرة على إيجاد مشترين بعد الحصار
المفروض دولياً على صادراتها من
الطاقة، بل حتى الجهود السورية لبيع
النفط عبر وسطاء إيرانيين فشلت بسبب
امتناع شركات التأمين على السفن
التجارية عن التعامل مع سوريا خوفاً من
العقوبات. والمأمول -يقول المسؤول الأميركي- "أن
يعجز الأسد عن تمويل حملته العسكرية
على المعارضة، وأن يتسبب ذلك في إحداث
انقسام بين النخبة الحاكمة وطبقة رجال
الأعمال الباحثة عن مصالحها". ويشير
المسؤولون إلى أن الضائقة المالية
التي يواجهها النظام السوري أمام تحدي
تمويل الحملة العسكرية وانهيار العملة
المحلية دفعت النظام مراراً إلى طلب
المساعدة الإيرانية لدعم استقرار
الليرة السورية. وعن هذا الموضوع يقول مسؤول آخر في
الإدارة الأميركية تحدث شريطة عدم
الكشف عن هويته "المال الإيراني
يساعد الأسد على البقاء والاستمرار،
لكن إيران تعاني من مشاكلها الخاصة،
ومساعدتهم باتت محدودة مقارنة بالسابق". بيد أن مشكلة النظام السوري المالية ليست
وليدة الحصار الخانق المفروض على
صادراتها النفطية وباقي العقوبات
الاقتصادية الأخرى، بل تأتي أيضاً من
انهيار قطاع السياحة الحيوي، هذا
بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على
البنوك، التي لا تساعد الشركات
السورية على الاستيراد، إذ لن يكون
بمقدورها تأمين ضمانات بنكية يطلبها
عادة الموردون العالميون ضماناً
لحقوقهم، وقد كانت لافتة تقديرات
صندوق النقد الدولي التي أكدت انكماش
الاقتصاد السوري بنسبة 2 في المئة خلال
العام المنصرم، وفيما تراجعت الصادرات
السورية. وتقلصت الحجوزات السياحية توقف تدفق
العملة الصعبة على البلاد، وهو ما أدى
إلى انخفاض العملة السورية، إلى أدنى
مستوى لها مقارنة بالدولار الأميركي
ليساوي الدولار حسب سعر الصرف الحالي 50
ليرة سورية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز
سيرفس» ================= سوريا: لا عودة إلى
الوراء أيا يكن الثمن علي حماده 2012-04-26 النهار ينقل بعض زوار اصحاب القرار في نظام بشار
الاسد، وهم من المقربين لكنهم معروفون
بالثرثرة، ينقل هؤلاء عن احد القادة من
الحلقة الاقرب الى الرأس ردا على سؤاله
عن كل الارتكابات بحق الاطفال في سوريا
قوله "ان المسؤول عن الاطفال الذين
يقتلون هم الاهالي الذي يقومون
بالتظاهرات والانشطة الارهابية، وان
النظام لا يتوقف عند قتل الاطفال ولا
النساء والرجال في سبيل البقاء
والحفاظ على السلطة. "يضيف القائد
المذكور "ان النظام اهم من بضعة آلاف
يتم التغرير بهم، ومن هنا فاننا
مستعدون لبحر من الدماء". بهذه
العبارات يعبر محيط بشار الاسد عن "رؤيته"
للصراع في سوريا. انه محيط يعكس حقيقة
ما يفكر فيه بشار نفسه: انهم لا يرون
شعبا ولا مطالب وحقوقا ولا عذابات
متراكمة، بل يرون ان السلطة تبرر بحارا
من الدماء، ويقال ان ماهر الاسد قال
امام ضباطه في الفرقة الرابعة: "الله
نفسه لن يجعلنا نتخلى عن الحكم"!
وهذا ايضا ما يفسر اقدام ضباط كبار (لا
نقول جنودا) في جيش بشار على تنظيم
حملات القتل المنهجي والجماعي، ومنهم
من ذهب غير مرة الى الاشراف على احراق
الناس رجالا ونساء وهم احياء. هذا ما
يفسر ايضا وايضا المشاهد المتكررة
عشرات المرات حيث يسمع جنود بشار
يرددون شعارات كافرة من قبيل "لا إله
الا بشار"! هذا غيض من فيض ما ينقل الينا من الداخل
السوري الثائر على ارث حافظ الأسد.
وهذه صورة جزئية للنظام الذي لا يملك
ولن يملك الا منطق القوة لمخاطبة الشعب
او التعامل معه. ومن هنا ضرورة التنبه
الى ان ما يدور في عقل ورثة حافظ الاسد
ليس حلولا سياسية، وان يكن بشار يزعم
انه يحضر لانتخابات تشريعية في السابع
من ايار المقبل! طبعا يعرف القاصي
والداني ان انتخابات بشار هي انتخابات
فوق جبال من الجثث وبحار من الدماء،
وان اي مجلس شعب يخرج منها لن تكون
شرعيته بافضل من تلك الشرعية
المتهالكة التي يتمسك بها الاسد الابن
راهنا. استنتاجنا مما تقدم هو أن
المنطق الوحيد المطروح على طاولة
الصراع مع جمهورية حافظ الاسد هو منطق
القوة، الامر الذي يستدعي تحركا أكثر
كثافة لتسليح نوعي ومكثف للجيش السوري
الحر تحضيرا للمواجهة الآتية، بعد ان
يتبين للجميع ان خطة كوفي انان لا
يمكنها ان تنجح مع معدلات قتل يومية
تصل الى مئة مدني سوري. ان ثورة السوريين حقيقية ومتجذرة في عمق
الوعي الوطني، والصمود حقيقي وواقعي،
والدليل ان بشار لم يبسط سيطرته على اي
من المدن والبلدات الثائرة. خلاصة
الامر: لا تموت ثورة وراءها من يتوق الى
الموت اكثر من الحياة المذلة التي
يقدمها امثال بشار الاسد. ================= مؤشّرات تفاؤل في
مواجهة مناورات النظام .. أنان
يتجنّب تكرار تجربة المراقبين العرب روزانا بومنصف 2012-04-26 النهار بدا بعض المصادر الديبلوماسية المتابعة
للوضع السوري متشجعا بما ورد في تقارير
لدى الامم المتحدة حول الاحاطة التي
قدمها الموفد المشترك للامم المتحدة
والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان
الى مجلس الامن، اذ ان استناده الى
الاقمار الاصطناعية من اجل التثبت من
التزام النظام السوري وقفا للنار
تعهده في موافقته على خطة انان، نقطة
مهمة ايجابية، كون هذا الاعتماد يخفف
الطعن في صدقية التقارير التي سيرفعها
تباعا الى مجلس الامن ويعطيها صدقية
اكثر من تلك التي تمتعت بها تقارير
بعثة المراقبة العربية قبل اشهر
قليلة، اذ ان هذه التقارير تعرضت
لروايات متضاربة ساهمت في التقليل من
اهميتها من جهة وساعدت في توظيفها من
جهات او دول مختلفة كل حسب موقعها
وموقفها مما يجري في سوريا والمعنيين
به. ومع ان مراقبين كثرا يخشون من ان
إيكال المهمة الى انان بالذات هو
بمثابة تقطيع لمرحلة حرجة من دون امل
كبير بايجاد حل للأزمة، لاعتبارات
يعزوها البعض الى اسلوب انان في مقاربة
الامور او لأن الضوء الاخضر المتاح
امامه هو في انتظار نضوج بعض الامور،
فان المصادر الديبلوماسية المعنية
اظهرت تفاؤلا من خلال المؤشرات في
مواقف انان حتى الآن حيث يبدو انه
يحاذر الوقوع في تجربة المراقبين
العرب وما حصل معهم ويدفع لأن تكون
المقاربة مختلفة وحذرة. فالنظام اعتمد
حتى الآن الاسلوب نفسه الذي اعتمده مع
المراقبين العرب في الاصرار على
مرافقة المراقبين الدوليين وتنظيم
زياراتهم الى المدن وتاليا إخفاء
الاسلحة الثقيلة او سحبها موقتا من هذه
الاخيرة قبل وصولهم على ان تتم اعادة
الاسلحة الى هذه المدن بعد رحيلهم، او
ايضا اعتقال المعارضين بعد ان تتاح
زيارة المراقبين الى الاحياء، وكشف
مواقعهم ايضا. وتقول مصادر ديبلوماسية
ان صور الاقمار الاصطناعية كشفت حتى
الآن نقيض ما ذهب اليه وزير الخارجية
وليد المعلم في رسالة الى انان حول
التزام خطته والبدء في تنفيذها ولم يصل
العدد الكافي من المراقبين الى سوريا
حتى الان. ومن شأن اي تقارير مماثلة
تعتمد على صور من الاقمار الاصطناعية
ان تكشف حقيقة ما يحصل على الارض من دون
مواربة وفقا لما تم حتى الآن حيث برز
النظام في الاساس في موقع من لا يلتزم
وقف العنف. كما من شأنها ان تخفف
التناقضات بين الدول الكبرى ازاء صحة
مضمون التقارير علما ان خطة انان
مدعومة من جميع اعضاء مجلس الامن وهو
نال موافقة روسيا والصين ودعمهما بحيث
سيغدو من الصعب التشكيك في صحة هذه
التقارير كما حصل مع المراقبين العرب.
في حين ان الامر قد يحرج الدول الداعمة
للنظام حتى الآن رغم معرفتها الوثيقة
بما يقوم به، وفق ما يقول مطلعون
التقوا المسؤولين الروس مرارا وينقلون
عنهم اقتناعهم بأن لا استمرار ممكنا
للنظام لكن مصلحتهم تقضي ببقائه حتى
اوان نضج التسوية حوله. كما ان قرار
ابقاء مراقبين اثنين حتى الآن في المدن
كما حصل بالنسبة الى حمص وحماه من شأنه
ان ينقض روايات النظام في حق خصومه وما
يقومون به، في الوقت الذي يطلب الشعب
الحماية من بطش النظام وقوات امنه على
رغم ان الدول الكبرى بمن فيها روسيا
باتت تقر بان هؤلاء معارضة ولم يعد
ينحصر كلامها ب"المجموعات
الارهابية" متبنية بذلك تسمية
النظام السوري لخصومه. هذه المؤشرات توحي لمتابعين مهتمين ان
المسألة قد تكون جدية اكثر مما يعتقد
النظام ولو انها متدرجة وبطيئة وانه
سيكون محرجا بحيث لن يكون قادرا على
تحمل بعثة المراقبين في هذه الحال.
وتاليا فإنه قد يلجأ الى افتعال ما قد
لا يشجع على ارسال المزيد من المراقبين
او دفعهم الى المغادرة في حال كانت كل
تقارير انان محاضر ضبط في حقه على رغم
ترحيبه بهم وتوقيع بروتوكول معهم حول
عملهم، تماما على نحو اداء هذا النظام
مع مراحل معقدة في الازمة اللبنانية.
وهو ما تخشاه بعض الدول في المرحلة
المقبلة على المراقبين وعملهم. والدول
الكبرى تحاول ان تظهر جديتها
واقتناعها بخطة انان على انه لا بديل
منها في الوقت الراهن لوقف العنف في
سوريا من دون ان تظهر او توحي بأي تشكيك
فيها علما ان توقعاتها غير مشجعة حتى
الآن بما يحصل. اذ لدى غالبية الدول
اقتناع بان النظام يسعى لكسب الوقت وهو
يراهن على عوامل ومتغيرات خارجية
تساعده في التقاط انفاسه خصوصا ان
تقارير تحدثت عن قبول النظام بخطة انان
نتيجة انهاك الجيش فضلا عن حاجته لأن
يصرف اهتمام الدول الكبرى عن متابعة
الوضع السوري من خلال الرهان على
اولويات اخرى لدى هذه الدول بذريعة
انها مقيدة باعطاء فرصة لخطة انان
وتنفيذها حتى مع استمرار سقوط ضحايا
انما بوتيرة اخف من السابق. لكن مع ان
هذا الواقع يشي بكل ذلك مما يعني عمليا
في ظل المعطيات حتى الآن ان المسألة
ككل لا تعدو ان تكون هدنة بين جولات
متقطعة من الحرب الداخلية بحيث يتعذر
الانتقال الى حوار سياسي يثبت هذه
الهدنة في حال حصولها، فان المجتمع
الدولي قيَّد نفسه بارادته، بحيث لا
يمكنه سوى الانتظار والمراقبة حتى
اشعار آخر ولو ان المتضرر الرئيسي شبه
الوحيد من كل لعبة الانتظار واعطاء
فرصة انضاج ظروف حل سياسي لا يبدو
متاحا حتى الآن، هو الشعب السوري. ================= راجح الخوري 2012-04-26 النهار كان تحذير سيرغي لافروف من اي محاولة
لعرقلة عمل المراقبين الدوليين في
سوريا مثاراً لمرارة السخرية عند
الكثيرين، وخصوصاً مع تواتر التصريحات
والاخبار التي تكاد تصور هؤلاء
المراقبين وكأنهم نوع من "الفيروس
القاتل" ما ان يقابلهم الناس في
المدن السورية ويحدثونهم عن معاناتهم
حتى يأتيهم القصاص المميت على يد جنود
النظام! هذا ليس كلام المعارضة او المعادين
للنظام بل كلام احمد فوزي المتحدث باسم
كوفي انان، الذي وجه اتهامات صريحة الى
النظام بأنه لا يعمل على افشال مهمة
المراقبين الدوليين فحسب، بل يحرص على
الانتقام من المواطنين الذين يعرضون
للمراقبين حقيقة ما جرى ويجري! وفي حين ابلغ انان الامم المتحدة ان الوضع
في سوريا غير مقبول وان النظام لم يسحب
قواته واسلحته الثقيلة من المدن وهو ما
اكدته ايضاً الاقمار الاصطناعية، بدت
مهمة المراقبين على شفير الفشل تماماً
كمهمة المراقبين العرب من قبل. لكن
الجديد في الامر ان كوفي انان اقترب في
شكل لافت ولو بأسلوب غير مباشر من فكرة
التدخل العسكري، عندما قال في خطاب في
جامعة "لوند" الأسوجية: "ان على
العالم ان يكون مستعداً للتدخل
عسكرياً عندما لا تتوافر حماية
المدنيين من ابشع الجرائم". ومن دون
ان يذكر سوريا بالاسم اضاف: "من
المؤكد ان الحل العسكري يجب ان يكون
آخر ما يتم اللجوء اليه، لكنه قد يكون
مطلوباً في بعض الحالات ومن المفترض
الا يتم اتخاذه باستهتار"! واضح ان في كلام انان ما يمكن اعتباره
بمثابة انذار اولي يوجهه الى النظام
السوري بطريقة غير مباشرة، وخصوصاً
بعدما بلغ عدد القتلى في سوريا 685 منذ
انتداب المراقبين الدوليين. كلام انان او بالاحرى انذاره الى الاسد
يصبح مفهوماً اكثر عندما نعود الى
تصريحات احمد فوزي الذي قال: "صحيح
ان المراقبين دخلوا مدينتي حمص وحماه
وانه مع وصولهم توقف اطلاق النار، ولكن
لدينا تقارير وثيقة تفيد انهم عندما
يغادرون يتجدد اطلاق النار، وان افراد
الجيش يتعرضون لمن يتحدثون الى
المراقبين بعد مغادرتهم واحياناً
يتعرض هؤلاء الاشخاص للقتل". وهذا ما
يؤكد صدقية المعارضة التي اعلنت ان
قوات النظام قامت بتنفيذ عملية اعدام
ميداني في حماه بحق تسعة من الناشطين
الذين التقوا وفد المراقبين الاحد
الماضي! كل المؤشرات ترجح فشل المراقبين قبل ان
يستكملوا اعدادهم ال300، فاذا كانوا
يتحركون وفق ما يقرره النظام لهم بحجة
المسؤولية عن حمايتهم، فإنهم لن يروا
إلا ما يريد لهم النظام ان يروا ولن
يسمعوا إلا ما يريدهم ان يسمعوا. اما
الذين تتاح لهم فرصة الحديث عن بطش
النظام فيكونون عرضة للقتل... والقتيل
الاكبر هنا هو مجلس الامن والعالم الذي
يتفرج على سوريا تنزلق الى مهاوي الحرب
الاهلية! ================= د. يوسف نور عوض 2012-04-25 القدس العربي تكتسب الأحداث في سورية أهمية خاصة
بكونها تثير تساؤلات ظلت حقبا طويلة من
الزمن ترقد في الظل، ولعل مصدر
الاهتمام بها في الوقت الحاضر يكمن في
حقيقة أن الناس لا يصدقون كيف أن حاكم
دولة ظلت على مدى عقود تدعو إلى الوحدة
العربية يقتل شعبه على هذا النحو؟ غير
أن توافق الأحداث في سورية مع ثورات
الربيع العربي جعل الكثيرين يخرجون
بما يجري في سورية إلى مدى أوسع لمعرفة
حقيقة هذا النظام الذي ظل فترة طويلة
من الحكم يتاجر بمفهوم القومية
العربية بل سعى بالفعل- لكي يقيم أول
نظام وحدوي عربي مع مصر، وهو النظام
الذي لم يصمد طويلا ولم يعرف معظم
الناس في العالم العربي على وجه الدقة
الأسباب التي جعلت وحدة مصر وسورية
تفشل كما لم يعرفوا الأسباب التي جعلت
حزب البعث يتبنى في ذلك البلد مفاهيم
قومية. وهنا لا بد أن نؤكد أن النظام السياسي في
سورية هو في الأساس نظام يقوم على
مفاهيم طائفية هي التي تكمن في قاعدة
الصراع القائم في الوقت الحاضر في
البلاد، إذ المعروف أن نظام بشار الأسد
هو نظام يؤسس نفسه على المذهب العلوي،
وكما هو معلوم من الناحية التاريخية
فإن العلويين استطاعوا منذ نحو ألف عام
تحويل سكان الشواطىء والمرتفعات
السورية والمناطق القروية من ممارسة
الطقوس الوثنية إلى تبني مبادىء
المذهب العلوي، لكن التحول لم يكن
شاملا إذ احتفظ سكان هذه المناطق بكثير
من معتقداتهم القديمة، وخاصة تلك التي
تتعارض مع المفاهيم الإسلامية، ولم
يتوقف العلويون عند هذا الحد بل قاموا
بكثير من الممارسات المتوارثة في
عقائد أخرى ومنها الاحتفالات بأعياد
الميلاد، وعيد الفصح وأعياد النيروز
الفارسية وغير تلك، ونظرا لهذا الواقع
فقد اتسعت الفجوة بين أتباع هذا المذهب
وأتباع المذهب السني. والمعروف أنه خلال فترة الانتداب الفرنسي
في عام ألف وتسعمئة وعشرين كان
العلويون مقسمين بين سورية ولبنان
وتركيا، وهم يشكلون الآن نحو خمسة عشر
في المئة من سكان سورية ويقيمون على
وجه التحديد في اللاذقية وحماة وحمص،
ويوجد نحو مئة ألف منهم في شمال لبنان
كما يوجد نحو ثلاثمئة وخمسين ألفا منهم
في تركيا وألفين في دولة إسرائيل وفي
مرتفعات الجولان المحتلة. وإذا أدركنا أن نحو ثمانين في المئة من
سكان سورية هم من أتباع المذهب السني
علمنا في الوقت ذاته كيف أن سيطرة
عشرين في المئة من السكان على السلطة
كان بمثابة صدمة لأغلبية السكان من
السنة، وذلك ما جعل النظام السوري منذ
نشأته يعتمد على قانون الطوارىء من أجل
محاصرة تحركات السنة في سورية. وبعد
أربعين عاما من حكم حافظ الأسد مازال
ابنه بشار يتبع الأساليب القمعية
نفسها من أجل بسط نفوذه على الرغم من
وجود نفوذ سني ضعيف في الحكومة،
والغريب أن معظم قادة الشرطة والجيش
وهم من العلويين يصدرون في العادة
الأوامر للجنود السنة من أجل قمع
مظاهرات الاحتجاج التي يكون السنة هم
الغالبية فيها. والغريب أيضا أن كثيرا من الدول الأجنبية
التي لا تريد تغييرا سريعا في سورية
تحذر في الوقت ذاته من إمكان أن يتطور
النظام في البلاد إلى حرب أهلية وكأنه
لم يصل حتى الآن إلى مرحلة الحرب
الأهلية. وذلك ما جعل الكثيرين يتوقفون
عند البعد السياسي الخارجي في سورية
وهو البعد الذي يجعل من الصعب في هذه
المرحلة إيجاد حل للمشكلة السورية. ولا شك أن الأمم المتحدة تحاول أن توجد
حلا لما يجري في سورية، ولكن الأمم
المتحدة تقف كمؤسسة عاجزة، بكون
قراراتها لا تتحقق إلا في مجلس الأمن
الذي تسيطر على الفيتو فيه خمس دول،
وهو ما يجعل الأمم المتحدة منظمة عديمة
الجدوى ومجرد بديل للنظام الاستعماري
السابق، لأن القرار فيها لا يخدم مصالح
الشعوب بل يخدم مصالح الدول المتنفذة،
وقد ظهر ذلك على وجه الخصوص في القضية
السورية حيث اتخذت روسيا والصين موقفا
هو الذي عطل أي حل للقضية السورية لا
ترضيان عنه. ويتساءل الكثيرون إذا كان هذا وضع الأمم
المتحدة الذي لا ترضى عنه كثير من
الدول الغربية بحسب الزعم السائد
فلماذا إذن لا يتحرك حلف 'النيتو' بصورة
منفردة ؟ والإجابة بكل بساطة هي أن 'النيتو'
لا يحبذ أيضا التحرك لمواجهة النظام
السوري الذي يخدم المصالح الإسرائيلية
في منطقة الشرق الأوسط، كما وضح أخيرا
وكما يستنبط من التصريحات الإسرائيلية
الأخيرة. وهنا لا بد أن نتوقف عند بعض المواقف
الخاصة جدا من المشكلة السورية وخاصة
الموقف التركي، إذ الملاحظ أنه خلال
أكثر من عام من بدء الأحداث في سورية
فإن الأكراد السوريين ما زالوا
منقسمين في مواقفهم من المجلس الوطني
السوري وذلك ما يعقد الموقف التركي
لأنه في الوقت الذي تحاول فيه تركيا
توحيد المعارضة الكردية فهي تشعر
بأنها تريد في الوقت ذاته أن تمتلك
القدرة كاملة على السيطرة على
الجماعات الكردية في تركيا خاصة أن
أعضاء المجلس الوطني الكردي غادروا
الاجتماع الثاني لمؤتمر أصدقاء سورية
في اسطنبول في وقت تبذل فيه تركيا
جهودا كبيرة من أجل توحيد مواقف
المعارضة السورية، إذ المعروف أن
الأكراد السوريين لهم المطالب نفسها
التي يطالب بها أكراد تركيا والتي
تتركز في أن تكون لهم لغتهم الخاصة،
وأن يعترف بحقهم الدستوري كمجموعة
عرقية، كما يطالبون بالحكم الذاتي إلى
جانب تصحيح ما يعتبرونه ظلامات
تاريخية، ويرى الكثيرون أن الأكراد لا
يتوقعون الكثير من تركيا لأنهم يعملون
بتوافق مع جماعة الأخوان المسلمين
والقوميين العرب. ودون الاسترسال في مثل هذه الصراعات
والمصالح الخارجية والداخلية فإن
المؤكد هو أن استمرار الثورة السورية
لأكثر من عام دون أن تصل إلى نتيجة
محققة هو تأكيد على أن المسألة حتى
الآن لا تنتهي في ميدان الصراع، بكون
القضية من أساسها مرهونة بالمصالح
الخارجية، وخاصة المصالح
الإسرائيلية، إذ الملاحظ أنه منذ عام
ألف وتسعمئة وسبعة وستين لم تقم سورية
بأي محاولة لمقاومة الاحتلال
الإسرائيلي في الجولان، ولا يريح ذلك
إسرائيل وحدها بل أدركت سورية أنها
يمكن أن تلعب ورقة الجولان لتدعيم
موقفها السياسي الداخلي، ذلك أن
النظام السياسي في سورية لا يهدف إلى
إرضاء شعبه الذي هو في غالبيته من
السنة بل يهدف إلى إرضاء الدولة
الإسرائيلية والولايات المتحدة من أجل
أن يدعم هؤلاء حكم الأقلية العلوية في
داخل البلاد، وتلك هي المفاجأة التي
صحا عليها العرب في كل مكان والذين
كانوا يعتقدون حتى وقت قريب أن سورية
تتبنى مشروعا عروبيا دون أن يتنبهوا
إلى أن المذهب الذي تدين به سورية لا
يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال مذهبا
عروبيا لأن غالبية العرب في مختلف
بيئاتهم هم من السنة الذين لا يقبلون
قيادة علوية في نظمهم السياسية. ولكن يظل الأمر مع ذلك بعيدا عن التركيز
في جانب واحد لأن ما يحدث في سورية في
الوقت الحاضر هو مجزرة إنسانية خطيرة،
وعلى الرغم من رؤية العالم الخارجي لها
فإن محكمة الجنايات الدولية لم تتحرك
حتى الآن لوضع المسؤولين عنها أمام
المساءلة القضائية، وهو ما يدل على
ازدواجية المعايير عند كثير من دول
العالم الخارجية، ويدل كذلك على
التوجهات الخفية لكثير من المواقف
الدولية. ================= الخميس, 26 أبريل 2012 ماهر مسعود * الحياة حمل النظام السوري راية الممانعة لما
يزيد عن أربعين عاماً، وعلى رغم الزيف
والكذب في حقيقة الخطاب الممانع، إلا
أنه حاكى وهماً أكبر من كل الحقائق؛
وهم الوحدة القومية والمقاومة
والتحرير، والاشتراكية والمساواة
والتغيير؛ أما الاحتلال الذي يُفترض
أن الممانعة انتصبت ضده فقد كان لسان
حاله، منذ «خريف» ال73 حتى «ربيع» ال2011،
يقول: منكم خطابات البطولة و «سلام
الشجعان»، ومنا الاحتلال والاستيطان،
فخذوا ما أردتم من أوهام الممانعة
وانصرفوا... الثورة السورية في ظاهرها هي ثورة ضد نظام
استبدادي احتكر السلطة له ولعائلته
لما يزيد عن أربعة عقود، مثله في ذلك
مثل الكثير من إخوانه العرب، الذين
يجتمعون معه ب «اللغة» الواحدة
والتاريخ القمعي المشترك، ويختلف عنهم
بالموقع الجغرافي والاستراتيجي «القريب
جداً» لإسرائيل. أما من حيث الجوهر
فالثورة هي ثورة تواجه شبكة أوهام
عملاقة صنعها نظام الأسدين، شبكة
حُيكت خيوطها من أمجاد الماضي
الإسلامي البعيد، وبقايا التراث
الاشتراكي السعيد، وحركات التحرر من
الاستعمار والصهيونية، ومعاداة
الإمبريالية و «الرجعية»، إضافة الى
حكايا الصمود والتصدي وقلاعه
الكرتونية، هذه التركيبة التي تغلغلت
عميقاً في الثقافة السورية حدَّ
القداسة ومن بعدها التخوين، جاءت
لتحاكي رغبات شعوبنا العاجزة، وتخلق
لديها إحساساً مزيفاً ووهمياً بالتفوق
والانتصار، وتمنع في الوقت ذاته تبين
الأسباب الواقعية للعجز الذي عمَّ
كالهواء بعد نكسة حزيران وخسارة
الجولان، ومن ثم تفرُّغ الأسد الأول
لاستئصال أصدقائه ومعارضيه وعلى رأسهم
الإخوان، بينما تفرغ الأسد الثاني
لإصلاحاته الإدارية والاقتصادية التي
أغرقت سورية بمافيات الفساد، ثم
إصلاحاته السياسية مؤخراً التي
أغرقتها بدم العباد. لا شك في أن لغة الممانعة التي اعتمدتها
سياسات النظام السوري المتواصلة، كانت
استمراراً لأيديولوجيا الخطابات
الناصرية التي لم نتعلم من فشلها
التجريبي سوى العناد والمكابرة وإنكار
الواقع. إلا أن وجهها الآخر المطابق
المخفي، يتشابه «ولو بالمقلوب» مع
الخطاب الرغبوي للإسلام السياسي، لا
سيما المتطرف الشوفيني منه. فالحزب
الصانع للأوهام الأسدية والقائد
للدولة والمجتمع سُمِّي «البعث»، وهي
الكلمة الدينية التي تعني الإحياء من
الرميم، أي إحياء الماضي بعدما أصبح
رميماً، وهذا البعث الذي تجذر بقوة بعد
«أساطير الخريف» التشرينية، كانت له
رسالة خالدة مثلها في ذلك مثل رسالة
نبي الإسلام، ولكن بقيادة دائمة
للأبد، جسّدها حافظ الأسد، ثم ورثها
الولد. كما أن الطوبى الأخرى للبعث «العلماني
الإسلامي» هي الاشتراكية،
والاشتراكية هي الرغبة العلمانية
الخالدة بجنة النعيم الأرضية
والمساواة الوجودية للبشر، وعندما
تكون المساواة وجودية تصبح تسوية
بالمدحلة، على رأي المرحوم إلياس
مرقص، تسوية للجميع من دون فوارق ولا
مواهب (عدا مواهب المخبرين والأزلام)،
ولا كفاءات ولا تميُّز، كما علمتنا
جمهورية الأسدين و «حكمتهما» التي لن
ينساها السوريون أو يتخلصوا من لوثتها
لعهود مقبلة. إن سقوط إمبراطورية الأسد ليس بأية حال
سقوط لنظام سياسي فحسب، بقدر ما هو
أيضاً سقوط الوهم المعرفي والوجودي عن
أعين السوريين والعرب، وهو وهم لا يدرك
طبيعته الحقة مثل إسرائيل، التي بنت
قصوراً من أحلامها الاستيطانية على
بقائه؛ وهمٌ يضع النظام وبعض معارضته
التقليدية «في خندق واحد» بتعبير زياد
الرحباني؛ خندق القضايا الكبرى التي
لم تترك لقضايا البشر «الأفراد»
الصغيرة سوى الإحساس بأنها صغيرة،
أمام عمالقة المال والفكر والسلطة
والفساد، وهو أيضاً الوهم الذي رأيناه
يخنق الكثير من المثقفين الكبار
والسياسيين الصغار (وغالبيتهم من
اليسار)، ويدفعهم ليمين الثورة ويمين
الحرية والكرامة «البسيطة» التي
اختارها الثائرون. ولذلك كله نرى الثورات العربية التي غيرت
أنظمة؛ وربما تغير أخرى؛ لم تلق
الصعوبات والتعقيدات التي واجهها
السوريون مع نظام الأسد، «باني سورية
الحديثة» وقاتل أطفالها، وليس ذلك لأن
نظام الأسد أكثر طغياناً من إخوانه
العرب أو أكثر تماسكاً منهم، بل لأنه
النظام «الجمهوري» «العلماني» «الإسلامي»
الوحيد عربياً، الذي استطاع تحويل
الجمهورية إلى نظام وراثي، والعلمانية
إلى حزب وجيش عقائدي، يمجّد القائد
الخالد و «تجلياته»، وتحويل
الإسلاموية إلى حراك اجتماعي مفتوح
لكنه مقطوع الرأس السياسي. وهو أيضاً
النظام الوحيد عربياً الذي استطاع
اللعب والمتاجرة بأخطر قضية وجودية في
التاريخ الحديث لدى العرب أجمعين،
قضية فلسطين والأراضي المحتلة، من دون
أن يكسب متراً واحداً من الأرض أو يخسر
حرفاً واحداً من شعاراته الجوفاء،
وبهذا يختلف عن كل الأنظمة العربية
التي لم يستطع أي واحد منها أن يجمع كل
هذه الشروط دفعة واحدة. إن الثائر السوري لا يتخلص من الأوهام
التي صنعتها إمبراطورية الأسد عن
نفسها فحسب، بل يتخلص من أوهامه التي
لديه عنها، ولن يبقى أمامه في المستقبل
القريب، سوى الثورة المضادة التي
سينتجها أتباع الذين يقولون اليوم: «إما
الأسد أو لا أحد». * كاتب سوري ================= المعارضة السورية:
اختلاف على الحاضر واتفاق على
المستقبل! الخميس, 26 أبريل 2012 عبدالوهاب بدرخان * الحياة يجري الأمين العام للجامعة العربية
اتصالات مع مختلف أطياف المعارضة
السورية، تحضيراً لاجتماع يضمّها
منتصف الشهر المقبل، بهدف تذويب
تبايناتها في أهداف سياسية موحّدة.
وتدعم الأمم المتحدة و «مجموعة أصدقاء
الشعب السوري» هذه المحاولة العربية،
لأن ثمة حاجة ماسّة الى معارضة قادرة
على تشكيل بديل من النظام السوري
الحالي أو على لعب دور حيوي في أي مرحلة
انتقالية محتملة يُفترض أن تقود الى
تغيير جوهري في بنية النظام. فأحد أبرز
الأسئلة التي يرددها النظام ومؤيدوه،
كلما طُرح التفاوض على حل سياسي، هو: مع
مَن تريدوننا أن نتفاوض؟ يعرف الوسطاء أن هذا النظام ألغى، على مدى
عقود، وجود أي معارضة حقيقية، وكان
السجن والنفي القسري والتصفية الجسدية
نصيب من يبدي أي نقد أو رأي مخالف لما
كان سائداً، ولا يزال متربصاً بكل من
يمكن أن تظهره الأحداث... الى أن جاءه
التحدّي من حيث لم يتوقع، من الفئات
الشبابية وغير النخبوية التي قدّمت
ولا تزال تضحيات غير مسبوقة فوضعت
النظام في مأزق لم يستطع حسمه عسكرياً.
لكنه واصل ترهيب المعارضة الموجودة في
الداخل التي انضوت في «هيئة التنسيق
الوطنية» وتضمّ شخصيات اعتبارية لها
تاريخ في مقارعة النظام، لكن أحزابها
الخمسة تتميّز بضآلة جمهورها وعدم
مشاركة في فعاليات الانتفاضة وانقطاع
التواصل بينها وبين «تنسيقيات الثورة».
أما الشخوص و «الاحزاب» التي اصطنعها
وعلّبها في ما سمّي «الجبهة الوطنية
التقدمية» فيمسك عسسُه بخيوط تحريكها،
كأن يرسلونها الى موسكو مثلاً بصفتها «المعارضة»
المستعدّة لمحاورة النظام والموافقة
طوعاً ومسبقاً على الاصلاحات التي
ينتويها وهو مستمر بالقتل. لذلك لم يتح للانتفاضة كيان سياسي داخلي
للتعبير عنها وحمل طموحاتها، وعلى رغم
مآخذ المعارضين النخبويين وقطاعات
واسعة من شباب التنسيقيات على «المجلس
الوطني السوري»، إلا أنه الإطار
الوحيد الذي أمكن توفيره في الخارج وهو
على تواصل وتنسيق مع الداخل آخذين في
التطوّر. وعندما اشتدّ القمع وطال، ولم
يبدِ النظام أي مبادرة سياسية ذات
معنى، بل أمعن في الاعتماد على القتل،
بدأت الانشقاقات ثم ظهر «الجيش السوري
الحرّ» وراحت «حماية المدنيين» تتبلور
كمهمة لهذا الجيش بعدما تعثّرت في مجلس
الأمن الدولي. وهكذا ارتسم للمعارضة،
من دون أي تحضير أو مقدمات، جناحان:
سياسي وعسكري، بتوقعات شعبية عالية
تجعل المجلس الوطني بمثابة «حكومة»
مطلوب منها الكثير، لكن امكاناتها
بالغة التواضع. صحيح ان النظام سارع
الى الاستفادة من وجود «الجيش الحرّ»
ليصوّر الأزمة على غير طبيعتها
ويختزلها بمواجهة عسكرية يربح فيها
الأقوى، إلا أن حقيقتها الشعبية
السلمية واصلت مطاردته. فكما يخشى
التظاهرات العارمة اذا أوقف القتل،
كذلك يخشى الاقتراب من «حل سياسي»
برعاية خارجية تمنعه من الاستفراد
بمحاوريه وترهيبهم للقبول ب «تسوية»
بدل طرح عملية ل «نقل السلطة». ولذلك
فهو لم يكتفِ باختراق معارضات الداخل
والتحكّم بسقف مطالبها، بل يكثّف
جهوده لاستخدام وجوه منها لاختراق
معارضة الخارج وتدبير تشرذمات في
صفوفها لئلا يتكوّن جسم معارض قادر على
فرض نفسه كمحاور أساسي في أي محاولة
لإنتاج حل سياسي. تبرر مجموعة «أصدقاء سورية» بالمجلس
الوطني كممثل شرعي للشعب السوري بأنه
أولاً المحاور الوحيد الذي أمكن
الحصول عليه، وثانياً «المرجع» الوحيد
الذي يمكن التعامل معه لفرض ضوابط
صارمة على «الجيش الحرّ» وسلاحه وكذلك
لضمان تعهده الحفاظ على الدولة والجيش
وعدم وقوع البلد في فوضى مسلحة. وإذ
تتفق دول «الاصدقاء» على أن وقف العنف
شرط لازم لتفعيل «عملية سياسية شاملة»
وفقاً لخطة كوفي انان، فإنها ترى وجوب
الضغط على النظام «من فوق» بالاشتغال
على روسيا للحصول على وقف للنار تحت
المراقبة، و «من تحت» بالتوصل الى
معارضة «موحدة» يؤازرها جمهور
الانتفاضة. وبطبيعة الحال لا أحد يطمح
الى توحيد المعارضة في اطار تنظيمي
واحد بل الى الممكن، وهو «مانيفستو»
يتضمن طموحات المعارضة بمعزل عن
اختلافاتها الايديولوجية وخصوصيات
مقاربتها لسورية ما بعد النظام الحالي.
وتعتبر دول «الاصدقاء» عموماً أن
ميثاقَي المجلس الوطني و «الإخوان
المسلمين» متقدّمان ومقبولان سياسياً
ويمكن البناء عليهما، ومع أنها تشكو من
أن معارضي الداخل يملكون أفكارهم وهي
جيدة لكنهم لا يملكون قرارهم،
وبالتالي فهم لا يشكلون أي نوع من
الضغط على النظام، إلا أنها تلحّ على
استقطابهم لئلا يحوّلهم النظام أدواتٍ
للتشويش على المجلس الوطني مستغلاً
خوفهم من أن يكون بروز المجلس إلغاءً
لهم، بدليل أنهم نسوا تقريباً معركتهم
مع النظام وأصبحوا يتسقّطون هفوات
المجلس. يقول ديبلوماسي عربي شارك في لقاءات مع
المجلس و «هيئة التنسيق» و «المنبر
الديموقراطي» وهيئات اخرى إن المعارضة
السورية تتفق مبدئياً في رؤاها
المستقبلية وتتفرّق كلما استشعرت
فصائلها ان المخاض الراهن لا يعطيها
المكانة التي ترغب فيها، لكن المروّع
في اصرارهم على خلافاتهم أنهم، على رغم
مستوياتهم الفكرية العالية، لا يبدون
واعين مدى مجازفتهم بطموحاتهم
وأهدافهم وخصوصاً بتضحيات شعبهم. وفي
دراسة بعنوان «مقاربة لخطاب وأداء
المعارضة السورية منذ بدء الثورة»
يلخّص الباحث المعارض الدكتور حازم
نهار هذا الواقع كالآتي: «لا أحد مستعد
للانضمام الى أحد، ولا أحد مستعد
للتجاوب مع مبادرة أحد، والكلّ يدعو
الكلّ لمبادرته الخاصة». ويلتقي
الباحث مع معارضين آخرين جرى
استطلاعهم على الاعتراف بأن لديهم
أمراضاً موروثة من «ثقافة السلطة»
التي ضخّها النظام طوال عقود تسلّطه.
لكن، من دون أن يعني ذلك تبريراً أو
جلداً للذات، يفيد الواقع بأن هؤلاء
القوم لم يكونوا، الى شهور خلت،
متعارفين ولا متحاورين ولا عاملين
معاً ولا متصورين أن يدعوا الى
الانخراط في عملية تتعلّق بمستقبل
بلدهم سورية، ومن كان منهم منضوياً في
تنظيم سياسي لم يكن لديه أي بصيص أمل في
التغيير. كان عليهم أن ينجزوا في
أسابيع أو شهور قليلة، ووسط مناخ لا
يشجع أياً منهم على الثقة بالآخر،
تحالفات يستغرق بناؤها سنوات عادةً في
دول سويّة لا يعاني سياسيّوها من جلافة
النظام الأمني. يتوجب على المعارضين الحقيقيين في الداخل
والخارج ألا ينسوا من يموتون يومياً
لكي يعطوا الأمل لسورية والسوريين
جميعاً، وأن هذه الدماء والأرواح
تستحق أكثر من تعنّت النخبويين
بأفكارهم أو ب «التنازع على المناصب»
والمكانات. ثمة من يعتقد، عن حق، أن وقف
النار والسعي الى حل سياسي مجرد أوهام
ستنكشف عاجلاً أو آجلاً، وأن
التظاهرات وحدها تسقط النظام، أما «الحوار»
معه فهو إسقاط لمطلب إسقاط النظام.
لكن، اذا كان لا بدّ من هذا الحوار
فلتعتبره المعارضة فرصة لإطفاء آلة
القتل ولتذهب اليه موحدة الأهداف. فهذه
لحظة تاريخية نادرة لا يجوز أن تضيّعها
المعارضة بتنافس أطيافها وتخاوفها. * كاتب وصحافي لبناني ================= سورية: الثورة راسخة
والنظام الجديد مسألة وقت الخميس, 26 أبريل 2012 شفيق ناظم الغبرا * الحياة بفضل الثورة السورية والحراك الذي صنعته
يدخل ملايين السوريين حيز السياسة
بعدما كان ذلك الحق حكراً على الدولة
وحزب البعث، فمع كل يوم جديد تنضم
قطاعات أكبر من الغالبية الصامتة إلى
الثورة وذلك بهدف الإمساك بمستقبلها.
وبينما تتعالى أمواج الثورة السورية
يعجز النظام السوري، الذي يسقط كل يوم
في الامتحان التاريخي، عن تصفيتها. إن
انتصار الثورة السورية حتمي كما أن
تحولها إلى دولة ونظام جديد مسألة وقت. لقد تفجرت ثورة سورية لأن الشعب السوري لم
يجد في قيادة الأسد والمجموعة التي تقف
وراء قوته ما يلبي الحد الأدنى من
طموحاته، فالنظام السوري الذي بدأ
يعاني سكرات النهاية وآفاق الغروب
يعيش في مؤخرة النظام الدولي
والاقتصاد العالمي بعد أن سلم البلاد
لأقلية من المتنفذين المعزولين عن
بقية الشعب. وبينما تقاسم النظام
السوري في زمن الرئيس حافظ الأسد بعض
المنافع مع فئات مختلفة من المجتمع
السوري في الأرياف، نجد أن سياسات بشار
الأسد الاقتصادية أدت إلى عزل فئات
واسعة من السوريين في درعا وإدلب وريف
دمشق ومدن أخرى مثل حمص وحماة. لقد ثار
الشعب السوري عندما تبين له أن أسلوب
النظام الأمني وامتهانه لكرامة
المواطن وحرياته وضيق أفق سياساته
الاقتصادية والأمنية تدفع بالسوريين
في قراهم ومدنهم إلى الحائط. وتمثل الثورة السورية حالة امتداد لرغبة
السوريين في العودة إلى المسرح
الإنساني والعربي، وهي في الوقت نفسه
تعبير عن سعي السوريين لبناء سورية
ديموقراطية ونامية في ظل تغير شامل في
القيم والحقوق والفكر والممارسات. هذا
البعد في الثورات العربية وفي الثورة
السورية بالتحديد هو الذي يوجه حراكها
الواسع ويؤجج تفاعلاتها. الديموقراطية
القادمة في سورية لن تكون انتخابات
فقط، فالناس لا تضحي على هذا المستوى
للخروج بانتخابات تسيطر عليها فئة
محدودة من الناس تؤدي إلى إعادة إنتاج
حزب البعث والنظام القديم.
الديموقراطية القادمة في سورية ستضمن
حقوق كل مواطن في ظل عودة السياسة
والحريات إلى بلد حرم منها لمدة تجاوزت
الأربعين عاماً. ويقف وراء الغضب
السوري مجتمع يريد إيقاف آلة القتل ضده
وحماية حقوقه وتحقيق التداول على
السلطة الذي سبب غيابه الديكتاتورية
الأسدية. في سورية القادمة سيكون
للكرامة الإنسانية مكانة وللعدالة
الاجتماعية والاقتصادية موقع يضع حداً
فاصلاً بين القديم والجديد. وللثورة في سورية تعبيرات ووجوه عدة: شعب
يحب الحياة نجده يتعايش مع الدبابة قرب
بيته، لكنه يتظاهر ضدها عند كل منعطف،
وهو في الوقت نفسه شعب يسعى لنهاية
حقبة الظلم متحلياً بطول النفس وصلابة
الإرادة. الاقتصاد السوري لم يعد يحتمل
قوة الثورة وطول أمدها بل نجده يزداد
إضعافا للنظام وقدراته. وفي الوقت نفسه
يقع الجيش تحت ضغط كبير في ظل تنامي قوة
«الجيش الحر» الذي يتقبل متطوعين من
الشعب السوري على أوسع نطاق. «الجيش
الحر» أصبح جزءاً من المعادلة، وهو
يتحرك في مناطق واسعة حول دمشق وحول
المدن وداخلها. سورية الثورية في بداية
تكوين جيش وطني جديد ينتشر في كل
المواقع، ويعبر عن قدراته في الليالي
الطويلة. لقد خرجت مدن ومناطق كاملة في حمص عن سلطة
النظام، بينما يختنق النظام المسيطر
على دمشق بفضل ثورة ريف دمشق الموسعة.
وفي الوقت نفسه تتعمق الثورة في كل من
درعا وريفها وإدلب وريف حلب ومناطق
أخرى ممتدة. في الليل يسيطر الثوار وفي
النهار يعود الجيش إلى بعض المناطق قبل
أن يرعبه الليل. إن مسلسل خروج المناطق
عن سيطرة النظام سوف يزداد انتشاراً في
كل الاتجاهات. لقد سقطت سيطرة النظام
بمجرد صمود الناس أثناء حملاته
العسكرية الفاشلة هذا الشهر والشهر
الماضي. ثورة سورية هي ثورة المستحيل،
فمع كل قمع ومع كل هدم لأحياء وقرى هناك
إصرار أعمق على الاستمرار في الثورة
وسقوط أكبر للدولة. الدولة في سورية دخلت مرحلة الفشل، فهي
متراجعة عن تأمين الكهرباء والمياه
والمدارس وكل المرافق، حتى سيارات
الدولة بدأت تنفذ، بعضها يصادرها «الجيش
الحر» وبعضها تصادرها جماعات الشبيحة
التي أطلقها النظام وأصبحت خطراً عليه
كما هي خطر على الشعب. الدولة السورية
في حالة انهيار مما يؤكد أن النظام
يخلق لنفسه كل يوم أعداء جدداً. والأهم
في قصة انهيار الدولة السورية أن
المواطنين في المدن والأحياء والقرى
الممتدة سرعان ما أنشأوا لجاناً
وانتخبوا ممثلين يعبئون فراغ الدولة
ويؤمنون الخدمات الأساسية. هكذا تبرز
من جراء انهيار الدولة إمكانيات
المجتمع السوري المدني على إنتاج
مكونات دولة جديدة. من كان يتوقع من بين
الثوريين السوريين الذين بدأوا الثورة
أن ينهار نظام البعث المتجبر بهذه
السرعة؟ إن أكثر الثوريين تفاؤلاً
توقع أن تكون سورية آخر ثورات الربيع
العربي. وتنفجر الثورة السورية على مراحل، وتتعمق
عند كل منعطف بينما البيئة الدولية
والعربية هي الأخرى تتداخل مع تجليات
الثورة. بين شعب ثائر يغير الحقائق
بشجاعة كل يوم، وبين بيئة دولية
وإقليمية تقدم اعترافاً وتنشئ مراقبين
دوليين وقرارات دولية ومؤتمرات أصدقاء
سيتحدد الوضع القادم. يعلمنا التاريخ أن الأنظمة الاستبدادية
تفشل في فتح مجال الإصلاح لأنها تعرف
أنه يمهد لنهايتها. وما الإصلاحات التي
أعلنها النظام إلا ذر للرماد في العيون
بينما يمعن في الحل الأمني المرعب. إن
النظام السوري الذي تقوده عائلة الأسد
غير قابل للإصلاح وللتطويع أو لإعادة
الإنتاج. إنه نمط من الأنظمة التي
ينقلب عليها التاريخ بمجرد أن يعي
الناس طبيعتها. فالأنظمة الأمنية
الديكتاتورية تسقط بفضل تجاوزاتها
وعمق فسادها وطول بقائها وبفضل انتشار
الوعي الذي تسببه الحراكات والثورات
بطبيعة مأزقها وضيق أفقها. إن النظام
السوري لم يكن ليتقبل وحدة السوريين أو
حرياتهم أو تنمية تؤدي إلى دولة مزدهرة
ديموقراطية. لم يكن النظام ليقبل
باحترام الإنسان. لقد هرب النظام بكل
دمويته وراء شعار «المقاومة» التي عمل
لتفريغها من محتواها. إن محدودية النظام السوري القائم أساساً
على مصالح عائلية وأمنية ضيقة دفعته
إلى ممارسات مرعبة. لم ينتبه النظام
السوري إلى أن هذا القمع ساهم في تطوير
الثورة فكراً وممارسة وساهم في
تسليحها ومهد الطريق لتدمير مكونات
النظام السياسي السوري القديم على كل
مستوى بأكثر مما فعلت الثورات في كل من
مصر وتونس واليمن. إن ضيق أفق النظام
وسعيه المتسرع للحلول الدموية كما حصل
في بداية الأحداث في درعا فجر كل شيء
ووضع السوريين في مرحلة اللاعودة
مبكراً. لهذا فسورية مقبلة على تغير
سيكون الأكثر جذرية من بين الثورات
العربية. إن من نصحوا النظام بأن القمع
سيوقف المد وينهي الثورة ويغلق بابها
كانوا من أكثر من ضلل النظام. ما وقع في
سورية ليس كالربيع الإيراني القصير
الأمد، ولا هو كانتفاضة العراق ضد صدام
في الجنوب عام 1991. الثورة السورية
مخلوق مختلف من عمق أعماق الشعب السوري
ومن تاريخ قديم يتجدد. هذه يقظة سورية،
وهي تتجاوز حسابات النظام الضيقة
ونصائح أصدقائه. السوريون يبنون
عالمهم الحر بصلابة وجدارة، وهذا
سيجعل تحررهم راسخاً ومجدداً لسورية
وللمشرق العربي. * أستاذ العلوم السياسية في
جامعة الكويت ================= هل المنطقة بانتظار حرب
جديدة في ضوء تعقيدات الأزمة
السورية؟! صالح القلاب الشرق الاوسط 26-4-2012 «الحرب أولها الكلام»، والواضح أن
التأزيم الطائفي المتصاعد الذي بدأه
رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي
داخليا، قد اتخذ بعدا إقليميا أولا
بدخول إيران على الخط من أعرض الأبواب
وأوسعها، وثانيا باستهداف تركيا
وافتعال معركة كلامية مع رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان، وهذا كله وضع
المنطقة أمام احتمال اشتعال حرب
إقليمية ذات أبعاد مذهبية، أساسها هذه
الأزمة السورية التي بقيت تزداد
تعقيدا على مدى عام مضى وأكثر، بسبب
إصرار نظام بشار الأسد على معالجات
تكسير العظام والحلول الأمنية، ونتيجة
تدخل الإيرانيين على هذا الخط منذ
اللحظة الأولى. فور انطلاق شرارة الأحداث السورية بادر
الرئيس بشار الأسد شخصيا إلى التهديد
بأنه إذا تعرض نظامه إلى أي استهداف
جدي فإن الدمار سيشمل المنطقة كلها،
وأن الدول المجاورة ستدفع الثمن
غاليا، ولذلك، واستنادا إلى هذا
التهديد، فقد ساد اعتقاد، تأكد لاحقا،
بأن إيران ستدفع في اتجاه مواجهة
إقليمية لتعزيز رؤوس جسور نفوذها في
الإقليم كله، ولتستبعد أي دور لتركيا
الأردوغانية في المحيط العربي وفي
الشرق الأوسط، ولتضمن سيطرتها الكاملة
على العراق أو على جزء منه، وتحافظ على
هذا النظام السوري الذي هو أكبر وأهم
حليف لها في هذه المنطقة الاستراتيجية. ولذلك عندما يأخذ الفرز في الإقليم الشرق
أوسطي كل هذا الطابع الحاد بملامح
طائفية واضحة، حيث هناك المحور
الإيراني الذي يضم سوريا بشار الأسد
وعراق نوري المالكي، ويضم أيضا الجزر «الديموغرافية»
ذات اللون المذهبي في المنطقة
العربية، مثل حزب الله اللبناني،
والمجموعات الحوثية في اليمن، والذي
يقابله تمحور يعطيه البعض بعدا مذهبيا
معروفا يضم تركيا وكل دول الخليج
العربي، ويضم أيضا إقليم كردستان
بزعامة مسعود بارزاني، وإياد علاوي
وتحالفه، ومعهما التيار الذي يمثله
طارق الهاشمي - فإن هذا يعني أن
المواجهة الساخنة ببعد إقليمي تصبح
واردة في أي لحظة يصبح فيها ضبط النفس
متراجعا لمصلحة النزوات الحادة
والقرارات الخطيرة غير المحسوبة
العواقب. وهنا فإن ما يعزز كل هذه التقديرات أن
الواقع الدولي أصبح هو أيضا بدوره
مقسوما إلى معسكرين متناحرين، وعلى
غرار ما كان في مراحل صراع المعسكرات،
فهناك الآن روسيا والصين، ومعهما
بحدود معينة الهند والبرازيل وجنوب
أفريقيا، كاتجاه واضح الانحياز إلى
إيران وسوريا بشار الأسد ومن معهما
ويدور في فلكهما، كالاتجاه الذي يمثله
نوري المالكي في العراق، وكحزب الله
اللبناني، وباقي الجزر الطائفية
المتمذهبة التي باتت بمثابة جاليات
إيرانية في المنطقة، وهناك في المقابل
دول الغرب الأوروبي ومعها أميركا، وإن
بنسب متفاوتة، ودول الخليج العربي
كلها، وإن بنسب متفاوتة أيضا، كاتجاه
واضح الانحياز إلى تركيا التي هي رأس
حربة هذه المجموعة، وواضح الانحياز
أيضا إلى الثورة السورية. ولعل ما يؤكد وجود مثل هذا الاستقطاب
المشار إليه أن روسيا ماضية، كما هو
واضح، في خوض معركة بشار الأسد ضد شعبه
بالدبلوماسية والأسلحة، وبالقواعد
البحرية في طرطوس، والأساطيل المرابطة
في البحر الأبيض المتوسط مقابل
الشواطئ السورية، وأيضا بالخبراء
والمخابرات، وربما بالأموال أيضا، وإن
الصين لا تزال تنحاز سياسيا، وإن على
استحياء وخجل، إلى هذا النظام السوري،
وبخاصة في مناورات الكر والفر
والمواجهة المستمرة في مجلس الأمن
الدولي والأمم المتحدة. كما أن ما يثبت وجود هذه الخارطة أيضا أن
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لم
يخجل من اتهام المعارضة السورية بأنها
تسعى لإقامة نظام سني في دمشق، وأن
محمود أحمدي نجاد قد قام قبل أيام
بزيارته الاستفزازية إلى جزيرة (أبو
موسى) الإماراتية المحتلة، وأن نوري
المالكي تقصد القيام بزيارته الأخيرة
إلى طهران، وفي هذا الوقت بالذات، حيث
بلغت عمليات الاستقطاب بملامح مذهبية
وطائفية في هذه المنطقة ذروتها، وحيث
استقبله نائب الرئيس الإيراني محمد
رضا رحيمي بتصريحات تصعيدية دعا فيها
إلى إقامة اتحاد بين العراق وإيران «بشكل
تام.. ولتشكيل قوة كبيرة على الصعيد
العالمي»، وكل هذا وقد أصرَّت القيادة
الإيرانية، في خطوة لها معناها، على
نقل المفاوضات النووية بينها وبين
الغرب الأوروبي، ومعه الولايات
المتحدة، من أنقرة إلى العاصمة
العراقية بغداد. وكل هذا والمعروف أن
نظام بشار الأسد قد حاول منذ البدايات
افتعال مشكلة مع تركيا من خلال العودة
لاحتضان حزب العمال الكردستاني
التركي، ودفعه للقيام بعمليات عسكرية
عبر الحدود الطويلة بين البلدين ضد
أهداف تركية عسكرية ومدنية على حد
سواء، على غرار ما كان يحدث قبل
اتفاقية عام 1998 التي بناء عليها تم
تسليم عبد الله أوجلان تسليم اليد إلى
أنقرة. لكن يبدو أن تدخل الزعيم مسعود بارزاني
العاجل على هذا الخط، وتأكيده على أنه
لا حل للمشكلة الكردية في تركيا
بالوسائل العسكرية، ومنع قوات حزب
العمال الكردستاني التركي من التسلل
إلى الأراضي التركية عبر الحدود
العراقية في منطقة كردستان العراق، قد
أفشل هذا المخطط السوري لكنه لم يلغه
تماما، حيث تواصل إيران الإلقاء
بثقلها في هذا الاتجاه، وحيث إنه من
غير المستبعد أن يقوم نوري المالكي
بدور كهذا الدور الإيراني عبر الحدود
العراقية - السورية البعيدة عن سيطرة
حكومة إقليم كردستان العراق الذي
يتحكم بخطوط التماس مع تركيا من مناطق
حاج عمران في الشرق، وحتى منطقة «زاخو»
عند معبر إبراهيم الخليل في الغرب. وقبل ذلك فإن المعروف أيضا أن بشار الأسد
قد حاول جر إسرائيل إلى اشتباك عسكري
محدود، ليُظهر أن نظامه مستهدف
باعتباره نظام «ممانعة ومقاومة»،
ولأنه في مواجهة مع «العدو الصهيوني
والإمبريالية العالمية»!! من خلال
إرسال مجموعات من الشبان الفلسطينيين
لاقتحام الأسلاك الشائكة في اتجاه
الأرض المحتلة عبر الجولان، لكن تلك
المناورة لم يكتب لها النجاح لأن
الإسرائيليين، كما يبدو، أفهموه أن
عليه أن لا يكرر هذه اللعبة المكلفة
معهم، ولأن حلفاءه الروس ربما نصحوه
بأن لا يدفع بنيامين نتنياهو إلى تغيير
موقفه تجاه ما يجري في سوريا من خلال
مثل هذه الألاعيب الصبيانية. والآن وقد أصبح الاستقطاب في هذه المنطقة
بملامح مذهبية واضحة، فإن ما بات مؤكدا
أن هذا التحالف الذي تقوده إيران،
والذي تقف روسيا خلفه بكل ثقلها، سوف
يفتعل مواجهة عسكرية مع تركيا، إن
بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وإن عبر
الحدود الإيرانية - التركية أو عبر
الحدود السورية – التركية، إذا ما أحس
بأن نهاية نظام بشار الأسد غدت مؤكدة
وقريبة، ولعل ما لا جدال فيه أن نوري
المالكي الذي بات مصيره مرتبطا بمصير
النظام السوري، سيجد له موقعا في مثل
هذه المواجهة، إن بالأموال والسلاح،
وإن أيضا بالمقاتلين الذين سيستهدف
بهم الإقليم الكردي بحجة الانتصار
لعروبة العراق ووضع حد لما يعتبره
النزعة الكردية الانفصالية. لا يمكن أن تترك إيران هذه المنطقة وشأنها
إن هي تأكدت من أن نظام بشار الأسد،
الذي هو أكبر حلفائها في الإقليم كله،
ساقط لا محالة، والمؤكد أنها ستبادر
إلى افتعال مواجهات عسكرية ليشمل
الدمار الجميع، وليكون لتركيا نصيب من
هذا الدمار، وليصبح بالإمكان إقامة
الدولة الطائفية التي بقيت تحلم بها في
جنوب العراق لتكون بمثابة جسر مذهبي
متقدم في اتجاه المملكة العربية
السعودية وباقي الدول الخليجية. ================= سوريا اشترت الدعم
الروسي بالنفط والغاز! هدى الحسيني الشرق الاوسط 26-4-2012 قال لي مرجع أميركي إن النظام السوري لديه
ورقة واحدة كبيرة: روسيا. إذا روسيا
دعمت النظام سيكون بخير، وإلا، فإنه
سيسقط. وأضاف: الولايات المتحدة تحتاج
إلى روسيا في إيران التي تشكل أولوية.
ثم إن سوريا هي المكان الوحيد في
المنطقة حيث تتمتع روسيا بنفوذ كبير،
وهناك أمر آخر مهم وهو أن الولايات
المتحدة لا تريد أن ترى الأسلحة
الكيميائية السورية تقع في أيدي
مجموعات إرهابية. يبدو أنه ردا على المساعدة الروسية، سمح
النظام السوري لشركة النفط الروسية
العملاقة «غازبرون»، بأن تأخذ مكان
شركة الطاقة الكرواتية، في حقول النفط
والغاز في سوريا وهذه تقدر بمليارات
الدولارات. وقال بعض العارفين، إن هذا
هو الثمن الذي انتزعته روسيا من سوريا
مقابل استمرار دعمها. رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين (سيصبح
رئيسا الشهر المقبل) وخلال سؤال وجواب
في مجلس الدوما في أوائل هذا الشهر قال:
«إن لموسكو استثمارات كثيرة في الشرق
الأوسط، ليس من أجل التضامن
الآيديولوجي، إنما من أجل المال
والمصالح». وفي دردشة مع مسؤول عربي مخضرم حول سوريا،
شدد على «حمص بوابة السنّة البرية إلى
البحر، حيث هناك جبال العلويين». قال،
لنتذكر ما حصل في البوسنة، ومجازر
موستار وسربرينيتسا، حيث سقط عشرات
الآلاف وانتهى الأمر، بتدخل الأطلسي،
وبمجموعة دويلات. أشار إلى القاعدة
الروسية وتعني منفذا مشتركا روسيا -
إيرانيا على البحر المتوسط: «لا تنسَي
المصلحة الروسية - الإيرانية بغاز ونفط
لبنان وسوريا». يعود إلى التركيز على حمص، إنها الطريق من
الأرض العلوية إلى الهرمل والبقاع في
لبنان: «لهذا يريد النظام السوري
السيطرة عليها بدعم من الروس والفرس،
ومن جهة أخرى فإن الإسرائيليين لم
يتراجعوا بعد عن دعم نظام الأسد الذي
حافظ على استقرار جبهتهم الشمالية منذ
عام 1973. في الماضي، عندما كان النظامان
يختلفان كانت ساحة المعركة لبنان». من المؤكد أن هذا الدعم سيقوى الآن، خصوصا
بعد الذي يجري في مصر والمجهول الذي
تتجه نحوه العلاقات المصرية -
الإسرائيلية، وما يجري في سيناء. لكن هل الروس هم العائق الوحيد بالنسبة
إلى سوريا أم أنهم تحولوا إلى شماعة
يعلق عليها الآخرون عجزهم؟ في لقاء بين مسؤول خليجي كبير ومسؤول
أميركي جرى النقاش حول «ماذا بعد» في
سوريا، إذا ما فشلت خطة كوفي أنان «التي
نعلم جميعا أنها لن تنجح»؟ في إيضاحاته
كان المسؤول الأميركي صريحا جدا، إذ
قال: «إن الإدارة ليست بصدد اتخاذ
قرارات على المدى القريب تتعلق
بالملاذ الآمن ناهيك بتطبيقه. صحيح أن
واشنطن تدرك مزايا الملاذ، لكن العائق
الكبير أمام تطبيق مثل هذه الخطة هو
معرفتها، بأنه عكس الحال الذي انسحب
على ليبيا، فليس هناك إجماع عربي (ممثلا
بالجامعة العربية) حول الملاذ الآمن،
وبالتالي فإن الولايات المتحدة إذا
دعمت هذه الخطة، ستجد نفسها في النهاية
تقوم بتنفيذها لوحدها». وأضاف «علاوة
على ذلك أقدمت عدة حكومات عربية على
تقديم تعهدات (شفهية) عديدة، بدعم
المعارضة بالسلاح، والأموال وما إلى
ذلك، لكنها في (التطبيق) لم تفعل شيئا
يُذكر. وفي وقت كان هناك حديث عن (ملاذ
آمن)، لم تتطوع أي دولة للقيام بدور
تطبيق ذلك. يضاف إلى هذا كله، أن الدول
العربية لا تدعم المقاطعة بشكل فعال،
حيث من شأن ذلك أن يشل قطاع الأعمال
السوري، فضلا عن النظام». أبلغ المسؤول الأميركي نظيره الخليجي،
بأن الأميركيين سمعوا كثيرا التحليلات
القائلة، إنه بمجرد إقامة الملاذ
الآمن، وتوجيه إنذار إلى الجيش السوري
بأن لا يعتدي أو يخرق «حرمة» الملاذ
الآمن «سيبدأ النزف في المؤسسة
العسكرية السورية»، «نحن نحب أن نصدق
أن هذا سيحدث (...) لكن من دون دعم عربي،
وتعاون، ومشاركة على نطاق واسع، فمن
المستبعد جدا تحقيق خيار الملاذ
الآمن، ولا حتى في سياق استخدامه
كوسيلة لإيصال المساعدات الإنسانية». في رأي المسؤول الأميركي، تبقى روسيا
عقبة أخرى في وجه المزيد من المشاركة.
حاول المسؤولون الأميركيون إقناع وزير
الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأن
التعاون الروسي في المسألة السورية
سيحقق «الكسب» للطرفين: أميركا
وروسيا، وستكون موسكو أكبر الرابحين
لأن لديها النفوذ لإقناع الرئيس بشار
الأسد ونظامه بالتنحي، وفي الوقت نفسه
تساعد في تشكيل المستقبل السياسي
لسوريا الجديدة، وبهذا تحافظ روسيا
على مصالحها في سوريا ويتوسع إطار
مصالحها في دول أخرى في المنطقة نتيجة
«الحل الدبلوماسي الناجح». لكن، وعلى ما يبدو، لا يزال الروس
متضايقين مما جرى في ليبيا، أيضا، كما
قال السياسي الأميركي: «بدل أن يستفيد
الروس من أنهم دعموا قرار مجلس الأمن
المتعلق بليبيا، ويعيدوا إحياء
العلاقات مع النظام الليبي الجديد، (كما
هو)، فضلوا اتخاذ موقف سلبي قائلين
إنهم تعرضوا للخيانة بسبب تغيير
النظام في ليبيا. مرة أخرى، إنها سياسة
قصيرة النظر». يعتقد المسؤولون الأميركيون، أن جزءا من
مشكلتهم مع روسيا، أن بوتين ليس
محاورهم الأساسي، حيث إنه لن يكون في
الكرملين كرئيس إلا الشهر المقبل: «وعندما
يحدث هذا، قد تتوفر لنا فرصة جديدة،
حيث سنناشد ال(أنا) لديه، ليفعل ما هو
ضروري». في الوقت الحالي، قال المسؤول الأميركي،
المقصود كما تبين في اجتماع باريس
الأخير، هو أن نرى ما سيحدث مع مراقبي
الأمم المتحدة وتطبيق خطة أنان،
وتشديد العقوبات والضغوط الدبلوماسية
والاقتصادية على النظام السوري ونرى
ما إذا كانت كل هذه الأمور ستؤدي إلى
وقف حقيقي لإطلاق النار والامتثال لكل
شروط خطة أنان التي ستؤدي لاحقا إلى
مفاوضات ما بين النظام والمعارضة. هناك عامل حساس جدا، قد يجبر الإدارة
الأميركية على مراجعة موقفها، هو
الانتخابات الرئاسية المقبلة والحملة
التي ستترتب على ذلك في هذا الصيف، حيث
التوقعات بأن المرشح الديمقراطي ميت
رومني، سيهاجم من دون شك، قيادة الرئيس
باراك أوباما الضعيفة على صعيد
السياسة الخارجية، كما أشار استطلاع
أخير أجرته مؤسسة غالوب - ميريديان،
حيث أعطى سوريا كمثال، إذ إن
المتظاهرين السوريين ما زالوا يتعرضون
للقتل. قد لا تصغي الإدارة لتحليلات السياسيين
الآن، لأنه على قائمة المخاوف الأمنية
في واشنطن والعواصم الغربية مصير
مخزون الحكومة السورية من الأسلحة
الكيميائية. البنتاغون يقول إن
المؤسسة العسكرية الأميركية لا تزال
تشعر بالقلق حيال أكثر الأسلحة
السورية فتكا «لكنها تعتبرها آمنة في
الوقت الراهن». رئيس هيئة الأركان
المشتركة الجنرال مارتن دمبسي قال
أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس
الشيوخ: «إننا نراقب عن كثب المنشقين
عن الجيش السوري ونراقب تركيبة قيادة
ذلك الجيش لنتأكد من أن الأسلحة
الكيميائية لا تزال تحت سيطرة النظام». وحسب تقرير للجيش الأميركي، فإنه قد
يحتاج إلى 75 ألف جندي على الأرض لتأمين
المنشآت الكيميائية السورية ومواقع
إنتاجها المنتشرة في 50 موقعا. سوريا
ليست عضوا في اتفاقية حظر الأسلحة
الكيميائية، وتقدر وكالة الاستخبارات
المركزية الأميركية ووكالات
استخبارات أجنبية أن برنامج سوريا
للأسلحة الكيميائية يعود إلى أوائل
الثمانينات وهو واحد من الأكبر
والأكثر تطورا في العالم. مع استيلاء الجيش السوري على حمص، ضمن
الغرب أن مصير برنامج الأسلحة
الكيميائية يبدو آمنا وتحت سيطرة قوات
النظام. الحقائق على الأرض قد تتطور وتقلب الوضع
رأسا على «عقب»: إما تسليح وتدريب
وتمويل المعارضة، أو البدء في إعادة مد
الجسور مع... بشار الأسد! إذن، في كل الحالات نعرف أن الضحية هو
الشعب السوري، لكن بالنسبة إلى بقية
الأطراف: من يخدع من؟ ================= منار الرشواني الغد الاردنية 26-4-2012 يتظاهر عراقيون في منطقة الرمادي ذات
الأغلبية السُنّية تأييداً للثورة في
سورية، ليتبعهم مواطنوهم في البصرة
ذات الأغلبية الشيعية متظاهرين
تأييداً للمحتجين في البحرين. وحتى بعد
نجاح الثورة، في خطوتها الأولى عبر
الإطاحة برأس النظام، يتمترس مصريون
ويقتتلون على جانبي خط "المواجهة"
الديني الإسلامي-المسيحي، ويحاكيهم
الليبيون "الأحرار" بحدود المتاح
لهم من "انقسامات" قبلية! هكذا تتحقق الذرائع (الأماني) التي يسوقها
أنصار الاستبداد في تبرير دفاعهم عن
الأنظمة الساقطة أو الآيلة للسقوط، من
خلال تصويرها أنظمة صانعة للاستقرار
وحاقنة للدماء المراقة في صراعات
وحروب أهلية. بل أكثر من ذلك تغدو أكثر
هذه الصراعات والحروب قابلة لأن تكون
قومية لا قُطرية فحسب، تهدد بتدمير
المنطقة ككل، وإعادة رسم ملامحها بشكل
أكثر تشويها. والغريب أن كثيرا من سياسيي الربيع
العربي ومثقفيه المنادين
بالديمقراطية والمواطنة، هم من
يساهمون في هذه المرحلة بقسط كبير،
يكاد ينافس جهد طبقة المستبدين، في زرع
جحيم الحروب الأهلية في قلب الربيع
العربي. يبدو ذلك خصوصا نتيجة تبسيط أو
إنكار جذور الانقسام والاستقطاب
والتعبئة الطائفية والعرقية والجهوية
الموجود في كثير من المجتمعات
العربية، وبالتالي التقليل من حجمها
الحقيقي اليوم وتبعاتها المستقبلية
لاحقا. فهؤلاء "الديمقراطيون
المواطنون" عندما يختزلون أسباب تلك
الانقسامات والاستقطابات، المتفجرة
أو القابلة للتفجر، في الاستبداد
وحده، فإنهم بذلك يحيلون ذات الدواء،
أي زوال الاستبداد، إلى الداء الأكبر،
وهو الاحتراب الأهلي؛ وطنيا وقوميا. ثمة فرق كبير في التشخيص والعلاج الضروري
أيضا بين المغالطة السائدة اليوم بأن
الانقسامات في المجتمعات العربية، على
أي معيار، هي صنيعة الاستبداد، وبين
حقيقة استغلال هذه الانقسامات
الموجودة أصلا وتعميقها من قبل
الأنظمة الاستبدادية لضمان تسيدها
واستمرارها دون أي شرعية. وحتى لو
قبلنا جدلا الصورة الوردية غير
الصحيحة، أو غير الدقيقة في أحسن
الأحوال، للمجتمعات المتآخية التي لا
تعرف تمييزا وتمايزا في العرق أو الدين
أو الطائفة والمذهب، في الأيام
الفاصلة بين الاستعمار الغربي وبين
الاستبداد الوطني وحتى ما قبل ذلك،
فإنه فيظل صحيحا أنه لم يعد ممكنا
اليوم القفز عن كل الحقائق الكارثية
التي خلفتها السياسات التدميرية
للأنظمة على هذا الصعيد لما يصل إلى
نصف قرن. فالاستبداد وجد، في أحد
أسبابه على الأقل، بالانقسام
المجتمعي، تماما كما استمر عبر العمل
على تعزيزه. وإدراك هذا الفرق لا يفرض فقط خطابا
مختلفا في المرحلة الانتقالية
الحالية، خصوصا تجاه ما يسمى "أقليات"،
بل ويقتضي ذلك أيضا رؤية حقيقية عملية
للخروج نحو الاستقرار القائم على
المواطنة الكاملة لجميع مكونات
المجتمع، أفرادا وجماعات. وبشكل أوضح،
فإن الحديث عن "المواطنة" في دول
ما بعد الربيع "حلا سحريا"
لمواجهة المستقبل لا يبدو منطقيا
الآن، بل المطلوب حاليا اعتراف
بالتمايز، وتطمين مكونات المجتمع كافة
بضمان تمثيلها في كل مؤسسات الدولة
القادمة، وصولا إلى المواطنة المستقرة
والحقيقية وليس المفترضة. التحدي الحقيقي هو القدرة على الموازنة
بين صيانة الهوية الوطنية الجامعة، مع
ضمان حق الهويات الفرعية في التعبير عن
نفسها، وليس إنكارها بحسن نية أو سوئها. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |