ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سورية.. النظام يطيل أمد
الأزمة 2012-05-01 الوطن السعودية خطة المبعوث المشترك للأمم المتحدة
وجامعة الدول العربية إلى سورية كوفي
عنان، فُرغت من مضمونها بشكل كامل، فما
معنى مهلة وقف إطلاق النار إذا كان
العنف مستمرا، بل إن حصيلة القتلى في
استمرار وتصاعد مستمر، وما الذي يضمن
التزام الطرف السوري بأي خطوات
مستقبلية إذ لم يلتزم بأبسط متطلبات
الخطة وأهمها، وهو وقف القتل؟ القتل الجاري في سورية منذ البدء المفترض
لتنفيذ خطة عنان يوضح أن النظام السوري
لا يزال على تعنته وتماديه في طغيانه،
فالقصف المدفعي واستخدام الآليات
الثقيلة لا يزال قائما، ولا يزال العنف
قائما حتى بعد وصول رئيس بعثة
المراقبين الدوليين الذي يقود فريق
مراقبة من 30 شخصا سيرتفع إلى 300 شخص.
والسؤال الذي يُطرح: ما الذي يمكن لهذا
الفريق أن يقوم به فعلا على الأرض؟
وفيمَ سيختلف عن فريق المراقبة العربي
السابق؟ لا يمكن لفريق مراقبة مهما بلغ
حجمه وإمكاناته أن يحقق شيئا سوى تخفيف
حدة العنف الدائر، وهو ما أقره رئيس
بعثة المراقبين الجنرال النرويجي مود. ما يحدث في سورية هو مجرد تمديد للأزمة،
فكل المحاولات القائمة لا تحل شيئا،
وإنما فقط تحاول تخفيف حدة العنف
والتوتر، على أمل أن الوقت سيوجد مخرجا.
وهذا التعامل الدولي مع الأزمة
القائمة هو ما سيزيد من إشعال الأوضاع.
ولعل الانفجارين اللذين وقعا في إدلب
أمس يظهران بشكل أو آخر تطورا نوعيا في
تعاطي الثوار مع ثورتهم من خلال تبني
أعمال عنف نوعية من قبيل التفجيرات
التي تستهدف مقار أمنية، وإن كانت
المعارضة تتهم النظام بتدبير هذه
التفجيرات، وهو اتهام له ما يبرره، في
ظل المعرفة بأساليب النظام وطرقه في
التعاطي مع الأزمة منذ أكثر من عام. إن هذا التطور النوعي، إذا ما بدأ في
الزيادة والانتشار سيعني تحولا لصيغة
الثورة يستدعي عودة المواجهات وربما
اتساع دائرة العنف والقتل بأكثر مما هي
عليه، والسؤال: كيف سيتصرف العالم مع
فشل خطة عنان؟ وما الخيارات الحقيقية
المطروحة؟ الأزمة في سورية بحاجة لحل
وليس مجرد تمديد وإدارة وقتية لها،
فالمسألة ليست تخفيض عدد القتلى،
وإنما وقف القتل والعنف بشكل كامل، وهو
ما يبدو أن النظام السوري لا يريده. ================= هل دخلت سوريا مرحلة حرب
العصابات؟! يوسف الكويليت الرياض 1-5-2012 مسار الوضع
السوري اتجه نحو التصعيد، فمهمة أنان
محكومة بالفشل، ومن تبنوها في مجلس
الأمن لم يطرحوا الحلول لمواجهة
المأزق، ولكنهم مضطرون إلى التعامل مع
الواقع بما يحمي هيبة الدول الأعضاء،
ولعل الروس والصينيين الأكثر إحراجاً
طالما وافقوا على المهمة، ويبدو أن
الضغط على السلطة لم يعد مؤثراً طالما
سارت باتجاه القتل المتعمد.. داخلياً معالم حرب عصابات بدأت تظهر،
وسواء كانت التفجيرات من قبل السلطة
لتعطي ذريعة أنها تحارب متطرفين من
القاعدة أو غيرها، فهي في النتيجة هزة
أمنية لها؛ لأن المندوبين يشاهدون على
الطبيعة كيف تجري الأحداث وتسير وترفع
التقارير من قلب الميادين، واتساع
المعارك والانشقاقات بالجيش النظامي
يضيفان قوة للمعارضة بجناحيها العسكري
والمدني، وباعتبار أن المواجهة بين
الجيشين تأتي لصالح قوة الدولة، إلاّ
أن حالة الاستنزاف الطويل واتساع
المعارك ووصولها للقرى والمدن
وأزقتها، والدعم الذي يأتي من الخارج
عوامل سيكون الزمن لصالحها، لأن
الدولة ستفقد كل يوم نصيراً أو محارباً
أو حتى صاحب رأسمال يهرب ممتلكاته،
بينما المقاومة والمعارضة ستجدان
المواقف، على المدى البعيد لصالحهما.. روسيا الداعم الأول قد لا يهمها الأسد من
حيث النظرة البعيدة، لكنها تعتبره
مرحلة تعزز بقاءها، وقد تجد نفسها، إذا
ما شعرت بالخسارة، أن تعد مع عناصر من
داخل الحكم التخلص من الوجوه البارزة
وتغييرها بأخرى من خلال انقلاب تعده
معهم، وتضع سيناريوهات للحل تعطيها
فرصة التحالف مع السلطة الجديدة
وإعداد مصالحات وتنازلات تتفق مع
مصالحها، غير أن مثل هذا السيناريو قد
يدفع بطرف آخر القيام بانقلاب آخر يريد
احتكار السلطة، أو تقسيم سوريا، وهناك
تستطيع روسيا المجازفة بدفع قوة لها
تساند أو تعاضد أي حليف لها لصعوبة
النتائج التي قد تضعها في مركز الدولة
المحتلة. إيران رهانها أكبر، فهي تدفع بكل
إمكاناتها المحافظة على السلطة لأنها
مرتكز خططها في المنطقة كلها، لكنها
تعاني وطأة المقاطعة، واحتمالات إعداد
ضربة عسكرية قد تقسمها إلى أقاليم
بقوميات ونزعات لا تزال هشة، كذلك
الأمر بالصين فهي تتعامل مع المواقف
بحذر ولا ترى أن المجازفة تعطيها فرصة
منحها قوة سياسية في المنطقة لأنها
بحساب كل العرب دولة منحازة لسلطة
مرفوضة شعبياً وعربياً.. الدول العربية، لا تزال في حالة انقسام،
فهناك العراق الداعم والخائف من جوار
دولة قد تنقلب عليه، أما السودان
والجزائر، ودول الربيع العربي فهي
تعايش أوضاعاً داخلية ملحة وأهم مما
يجري لسوريا، وتبقى الدول الخليجية
فهي الأكثر صراحة وشجاعة بالتضامن مع
الشعب السوري، لكن الوضع، وبقراءة له
من راصدين سوريين ودوليين وعرب
لايعطون السلطة البقاء؛ لأنه كل يوم
يمر يحدث لها خسارة جديدة، وحتى الشعور
بالمكابرة والتحايل على القرارات
الدولية، ومخادعة الآخرين بأساليب
بوليسية، جميعها أسلحة غير فاعلة
طالما الشعب يتظاهر ويتحمّل الأعباء
كلها وبمبدأ الانتصار، لا الهزيمة.. ================= رضوان زيادة عكاظ 1-5-2012 تمر سورية اليوم بما مرت به الكثير من دول
أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية في
تسعينيات القرن الماضي، من حيث
الانهيار المتوقع لنظام تسلطي قائم
على حكم الشخص الواحد عبر الأجهزة
الأمنية، وبالتالي فتفكك هذا النظام
عبر ثورة شعبية سيعقبه انهيار لكل
مؤسسات النظام ولو بدرجات متفاوتة
يعتمد على مدى اعتمادها على شخص
الرئيس، ومن المتوقع بكل تأكيد أن تكون
الأجهزة الأمنية التابعة لوزارتي
الداخلية والدفاع من أوائل المؤسسات
التي سيصابها التفكك وبنفس الوقت قد
تلعب دورا سلبيا فيما يتعلق
بالاستقرار الأمني في المرحلة
الانتقالية خاصة أن هذه الأجهزة تعتبر
رمزا للنظام القمعي السابق فإنها
ستكون الأكثر استهدافا أيضا من قبل
المتظاهرين والشباب السوري. إن إسقاط الرئيس لا يعني بالضرورة بناء
نظام ديمقرطي بالضرورة، فالخوف يكون
دائما في التحام النخب السابقة
وتوحدها لإعادة النظام السابق بوجوه
جديدة، أو مع تعديلات ثانوية تكون
بعيدة تماما عن المعنى الديمقراطي
الحقيقي للكلمة. وهنا تأتي أهمية النخب
السورية وعلى رأسها الشباب الذي قاد
الثورة أن يكون واعيا تماما لذلك، وأن
يمتلك رؤية استراتيجية مستقبلية
لآليات بناء المؤسسات الديمقراطية
والحفاظ عليها. خلال عملية بناء الديمقراطية لابد من
توازيها مع عملية تاريخية تتمثل فيما
يسمى «العدالة الانتقالية» التي تتيح
للدولة إعادة تأسيس شرعيتها على أسس
جديدة قائمة على أساس العدالة واحترام
القانون وبناء المساواة بين جميع
المواطنين في الواجبات والمسؤوليات
والحقوق. تشير العدالة الانتقالية إلى حقلٍ من
النشاط أو التحقيق يركز على المجتمعات
التي تمتلك إرثا كبيرا من انتهاكات
حقوق الإنسان،الإبادة الجماعية، أو
أشكالا أخرى من الانتهاكات تشمل
الجرائم ضد الإنسانية،أو الحرب
الأهلية، وذلك من أجل بناء مجتمع أكثر
ديمقراطية لمستقبل آمن. ================= تاريخ النشر: الثلاثاء 01 مايو
2012 د. طيب تيزيني الاتحاد أتت خطة كوفي عنان لتُحدث حوارات ساخنة في
أوساط واسعة من السوريين والعرب
والآخرين، نظراً لاعتبارين اثنين (أو
أكثر). أما الأول منهما، فيقوم على
كونها الأخيرة قبل الدخول في مسار آخر
محتمل لمعالجة الأزمة السورية. ويبرز
الاعتبار الثاني بوصفه تأكيداً على
أهمية الخطة، وإجماع الكثيرين على ذلك.
وربما هنالك اعتبار ثالث يؤكد الأهمية
المذكورة، وهو الخطورة التي تتلبّس
الثورة السورية بعمقها، حيث أعمال
العنف الهائلة وغير المسبوقة التي
ترافقها وتخترقها، وكذلك من حيث تعقيد
المواقف الدولية منها. وقد ظهر أحد أوجه التعقيد والخطورة
للمسألة المعنية، حين راحت مواقف
روسيا حيال ذلك تُطلُّ بعلاماتها،
فلقد صدر أحد مواقف روسيا من ذلك، حين
أعلِن قبل أيام أن الخطر الذي يهدد خطة
عنان يكمن في أن المعارضة هي التي تسعى
إلى ذلك، بتسخين الموقف عبر العنف الذي
مارسته وتمارسه ضد النظام السوري. إن
مناقشة هذا الرأي الروسي يقتضي تفكيك
الخطاب الذي تقدمه هذه المعارضة،
ليتضح أن مصالح المذكورة تتوافق،
بالضبط، مع تنفيذ خطة "عنان" في
نقاطها الست، فالتنفيذ المُراقَب لسحب
أدوات القتل والقنص حقاً، والسماح
بدخول الإعلام الخارجي إلى سوريا
بالتزامن مع السماح بخروج تظاهرات
سلمية، إن هذا وحده، على الأقل، سيفتح
الأبواب طولاً وعرضاً لجعل سوريا
عاصمة ومدناً وبلدات تعجّ بعدد من
ملايين المتظاهرين السلميين
بشعاراتهم السياسية، مِمّا يُفضي إلى
تساقط النظام ربما دون طلقة رصاص واحدة. ما يلفت النظر في الموقف هذا هو أن صُنّاع
الإعلام في روسيا "لم يكتشفوا" أن
مصلحة المعارضة السورية الوطنية تقوم
فعلياً على تحقيق خطة عنان. أما فشل هذه
الأخيرة، فمن شأنه أن يُمكّن لدبابات
النظام وقنّاصه، الاستمرار في بقائهم
في حالة من الفعل العسكري المفتوح. ومن
الطريف أن دبابة أجهزة عسكرية صُوّرت
مُخبّأة في منطقة سورية عن طريق تصوير
الأقمار الصناعية، تعبيراً عن أن ما
يفعله النظام السوري، حين يعلن عن
استجابته لشرط سحب العتاد العسكري من
المدن والمناطق السورية، لا يعدو كونه
إخفاءً لهذا العتاد في أماكن يُعتقد
أنها تحقق هذا الهدف. أمام ذلك كله، يعلن المتحدث باسم كوفي
عنان، أن فشل خطة عنان، ستكون لها
نتائج خطيرة. ومن جهة أخرى، أعلن
راسموس الشخصية المسؤولة في الاتحاد
الأوروبي، أن الخطة المذكورة تحقق
حلاً سلمياً للأزمة السورية، ومن ثم،
ينبغي التشديد عليها قبل أن يفوت
الأوان. بل إن وصول 300 رجل ضمن بعثة
الأمم المتحدة إلى سوريا بعد حين، ربما
لن يعني شيئاً جديداً على طريق الحل
السلمي. فالحل الأمني العسكري يُراد له
أن يبقى سيد الموقف الوحيد. وهذا ما لا
يستطيع تجنيب سوريا مخاطر نوعية جديدة
وجدّية. فمشروع الحرب الأهلية في سياق
صراعات طائفية خصوصاً، هو ما يمكن أن
ينبثق عن إبقاء الأمر على ما هو الآن،
مِمّا يؤسِّس لمطلب التدخل الأجنبي
العسكري. وهذا ما يمكن أن يفتح الباب
على مصراعيه أمام ما قد يأتي من عقبات
ربما لا يمكن السيطرة عليها. دور القوى الوطنية المتّسمة بالحكمة
والعقلانية والمتّسمة بهمِّ الحِفاظ
على سوريا موحَّدة وقادرة على الخروج
من هذا الوضع المأساوي الخطير، إنما هو
ذو أهمية قد تكون -في ظرفنا هذا- حاسمة.
ويدخل في هذا الموقف ما يمكن أن يترتب
على ذلك من تقديم مساومات في سبيل عقد
مصالحة أو أخرى، ولكن دون أن يتعرض ذلك
للأهداف التي انطلقت الثورة منها ومن
أجلها. وفي هذا المنعطف، يبدو أنه من الأهمية
بمكان أن ننوّه بالدور المحتمل، الذي
قد يقوم به أولئك الأشخاص الذين يحتلون
مواقع محترمة في الوسط الاجتماعي
العريض، ويتَّسِمون بالحكمة والبصيرة
في معالجة المعضلات المعقدة المستعصية
لدى كل الفئات والمجموعات. ومن شأن هذا
أن يُعوّل على ذوي الحكمة والوطنية،
دون نسيان دور المصالح الخاصة بجماعة
النظام السوري وحلفائه الروس
والصينيين والإيرانيين وغيرهم. ================= تاريخ النشر: الثلاثاء 01 مايو
2012 د. أحمد يوسف أحمد الاتحاد لا يزال نموذج الثورة السورية يعيد إنتاج
نفسه على رغم مضي أكثر من عام على تفجر
هذه الثورة: شعب ثائر ضد نظامه سعياً
إلى استرداد حقوقه التي سلبها هذا
النظام على مدار عقود، وعنف غير مسبوق
من قبل النظام في محاولة للحفاظ على
بقائه مما أفضى إلى سقوط آلاف القتلى
من الثوار والمواطنين، مع محاولة نسبة
أعمال العنف إلى عناصر وجماعات
إرهابية يبدو معها النظام في موقف رد
الفعل دفاعاً عن نفسه وشعبه، بما يثير
علامات استفهام عديدة تفضي الإجابة
عليها إلى مسؤولية النظام نفسه في هذا
الصدد، وإخفاق الإجراءات التي اتخذتها
كل من الجامعة العربية والأمم المتحدة
في وضع نهاية لمسلسل إراقة الدماء في
سوريا. في هذا الإطار عقد مجلس وزراء الخارجية
العرب يوم الخميس الماضي اجتماعاً
لمتابعة الوضع في سوريا. طالب الوزراء
في قراراتهم الحكومة السورية بالوقف
الفوري لأعمال العنف والقتل، وحماية
المدنيين، وضمان حرية التظاهر السلمي،
والتنفيذ الكامل لكل القرارات السابقة
للمجلس المتعلقة بالأزمة السورية،
وكلفوا أمين عام الجامعة العربية
بدعوة جميع أطياف المعارضة إلى اجتماع
بمقر الجامعة يومي 16 و17 مايو المقبل (لماذا
ليس قبل هذا التاريخ؟) وذلك بناءً على
ما تحقق في اجتماعي أصدقاء سوريا
اللذين عقدا في تونس وإسطنبول تمهيداً
لإطلاق حوار سياسي شامل بين الحكومة
وأطياف المعارضة، وأكدوا دعمهم مهمة
أنان، ودعوا مجلس الأمن إلى تسريع نشر
المراقبين وفقاً لقراره ذي الصلة،
وطالبوا دمشق بتسهيل عملهم، ودانوا
استمرار عمليات العنف والقتل التي
تستهدف المدنيين، ودعوا كافة الأطراف
إلى وقفها، وتأمين وصول المساعدات
الإنسانية إلى مستحقيها، وشددوا على
ضرورة المساءلة الجنائية لجميع
المتورطين في الانتهاكات الجسيمة
لحقوق الإنسان، وحثوا كافة الدول
العربية على احترام قرارات مجلس
الجامعة، مع إبقاء المجلس في حالة
انعقاد دائم لمتابعة التطورات. لا جديد إذن في موقف المجلس الوزاري مما
يجري في سوريا، الأمر الذي يثير بإلحاح
سؤال المستقبل. ويلاحظ أن الثورة
السورية اتخذت مساراً مغايراً
للثورتين التونسية والمصرية، ففي
هاتين الحالتين تمت عملية تغيير رأسي
النظام في أيام، بسبب شمول الثورة كافة
قطاعات الشعب، وتبنيها موقفاً موحداً،
بينما ليس واضحاً في الحالة السورية
مدى قوة القطاعات الشعبية التي لا تزال
على ولائها للنظام، وكذلك فإن المؤسسة
العسكرية اتخذت موقف تأييد الثوار في
الثورتين فيما وقفت في الحالة السورية
في صلابة في صف النظام، وعلى رغم وجود
حالات انشقاق في الجيش السوري إلا أنها
تظل حالات فردية محدودة. أما الثورة
الليبية فقد كان الثوار مسلحين بما
مكنهم من التصدي لكتائب القذافي وإن
بتكلفة بشرية ومادية باهظة، ناهيك عن
التدخل العسكري الخارجي بواسطة حلف
الأطلسي. وهكذا تكون الثورة السورية
أقرب إلى الحالة اليمنية التي شهدت
ثورة شعبية واصطفافاً قويّاً للجيش
إلى جانب النظام باستثناء عملية
الانشقاق المهمة التي قام بها اللواء
علي محسن الأحمر الأخ غير الشقيق لعلي
عبدالله صالح، وإن لم تلعب فرقته دوراً
في أي قتال عسكري ذي شأن، بالإضافة إلى
بعض الانشقاقات الفردية، كما أن
قطاعات شعبية لا يملك المرء تقديراً
دقيقاً لوزنها النسبي بقيت على ولائها
للنظام، وهكذا انتهت الثورة اليمنية
في هذه المرحلة بتخلي علي صالح عن
رئاسة الجمهورية مقابل تحصينه
قضائيّاً ضد ما ارتكب من جرائم،
والحفاظ على نظامه، فقد تولى نائبه
رئاسة الجمهورية من بعده أولاً بشكل
مؤقت ثم بموجب انتخابات شعبية، وتكونت
الحكومة الانتقالية على سبيل المناصفة
بين رجال صالح وبين قوى المعارضة، وبقي
مجلس النواب المنتخب في عهده على حاله
انتظاراً لانتخابات نيابية قادمة. هل يكون مستقبل الثورة السورية إذن
كنظيرتها اليمنية؟ الواضح أن أول
عناصر الاختلاف بين الثورتين أنه لا
يوجد حتى الآن مؤشر على أن الرئيس
السوري يمكن أن يقبل بمصير الرئيس
اليمني. صحيح أن الأخير قد ناور كثيراً
حتى اضطر للتخلي عن منصبه، ولكن الرئيس
السوري لم يطرح في أي وقت من الأوقات
احتمال تخليه عن السلطة معتمداً في ذلك
على تماسك نخبته وطائفته من خلفه، ومن
الواضح أن إراقة دماء أبناء الشعب
السوري وتدمير المدن السورية لا
يشغلانه كثيراً. ويأتي بعد ذلك سيناريو
هزيمة الثورة، وهو مشهد مستبعد ولكن
ينبغي ألا يُهمل ولو نظريّاً، وهو مبني
على استمرار قدرة النظام على مواجهة
الثورة بالعنف المطلق فيما يتراجع
أنصارها بالتدريج. وأخيراً ثمة
سيناريو ثالث هو "انتصار الثورة"،
وهذا السيناريو يستند إلى صمود الثوار
في مواجهة القمع الوحشي وامتداد
الثورة إلى قطاعات أوسع من الجماهير،
وحدوث تآكل محسوس في تماسك النظام
وقدرته على استخدام العنف المفرط. ويأتي في سياق سيناريو "انتصار الثورة"
حديث التدخل العسكري الخارجي، بمعنى
أن يساعد هذا التدخل على حسم الثورة
لصالح الثوار، ومن المعروف أن هذا
التدخل لم يلق حماساً يذكر من أي من
الأطراف المعنية، فالدول العربية كانت
متأثرة بالتدخل العسكري الأطلسي في
ليبيا وما نُسب إليه من مساوئ، ولذلك
لم يشر أي قرار صادر عن الجامعة
العربية بشأن الوضع في سوريا إلى
إمكانية التدخل العسكري الأجنبي،
بالإضافة إلى أن الدول العربية ليست في
وضع يمكنها من التدخل العسكري الجماعي
الفاعل، والدول الكبرى والعظمى كذلك
ليست في وضع أمثل بالنسبة للتدخل
العسكري، فهناك دولتان تواجهان
استحقاقات انتخابية رئاسية هما
الولايات المتحدة وفرنسا، ودولتان
أخريان لم يكن التدخل العسكري مطروحاً
بالنسبة لهما، بل لقد اتخذتا موقف
التأييد للنظام السوري أصلاً، هما
روسيا والصين اللتان عملتا كثيراً على
تعويق مجلس الأمن في معالجته الشأن
السوري. غير أن حديث التدخل العسكري
بدأ مؤخراً يعود على استحياء، بعد أن
طالت الأزمة وامتدت، فألمحت فرنسا إلى
استصدار قرار من مجلس الأمن في ظل
الفصل السابع من الميثاق الذي يخول
الأطراف المعنية حق استخدام القوة،
وإن كان المرء يشك أن يكون بمقدور
فرنسا أو غيرها أن تؤمن موافقة روسيا
والصين على هكذا قرار. وكذلك فإن تركيا
بعد أن طال القصف السوري المنطقة
الحدودية معها ووصل إلى معسكرات
اللاجئين السوريين ذكرَّت بأنها عضو
في حلف الأطلسي الذي تنص المادة
الخامسة من ميثاقه على أن أي هجوم على
دولة عضو من أعضائه يعتبر هجوماً على
الدول الأعضاء جميعاً، ومع ذلك فمن
المعتقد أن الحلف ليس راغباً في التورط
عسكريّاً في الموقف السوري وتكرار
التجربة الليبية، وهو ما يلقي العبء
الأكبر في انتصار الثورة على الشعب
السوري شريطة امتداد الثورة لأوسع
قطاعات ممكنة من الجماهير، ووحدة
المعارضة على برنامج لا خلاف عليه
وأساسه إسقاط النظام، وتصعيد العقوبات
واتساع نطاقها كالحرمان من المشاركة
في كافة أنشطة الأمم المتحدة، ودعوة
جميع الدول عربية وغير عربية إلى قطع
علاقاتها بالنظام السوري، وتوسيع
العقوبات الاقتصادية بما لا يضير
الشعب السوري، ومنع تصدير الأسلحة
والمواد ذات الطبيعة العسكرية التي
يمكن استخدامها في قمع الثوار، وتصعيد
الحملات الإعلامية التي تفضح ممارسات
النظام. وبهذا نستطيع أن نرجح سيناريو
انتصار الثورة وبدونه ستتصدر
السيناريوهات البديلة المشهد السوري. ================= أقطاب «أصدقاء سوريا»
يبحثون ما بعد خطة أنان: الذهاب إلى
مجلس الأمن.. وتعزيز دور المجلس الوطني محمد بلوط 1-5-2012 السفير عندما تسقط خطة مبعوث الأمم المتحدة
والجامعة العربية إلى سوريا كوفي أنان...
ماذا بعد؟ السؤال شغل الاتصالات
الجارية بين المعارضة السورية
وخارجيات أوروبية. وبحسب مصادر سورية
مطلعة، فإن البحث مع أقطاب «أصدقاء
سوريا» يجري بشكل رئيسي حول
سيناريوهات ما بعد أنان. وكأن انتساب
بعض الدول الأوروبية لخطة عمل أنان
يعتمد مبدأ «الاسم والرائحة ولا العدم». معارض سوري بارز نسب لمسؤول غربي قوله بعد
لقاء بينهما في عاصمة أوروبية إنه «متشائل»
بصدد مستقبل المراقبين الدوليين
ومهمتهم، وأن سقوط الخطة بات مسألة وقت
لا أكثر. وقال المسؤول الغربي إننا «نراقب
جميع التقارير الواردة من سوريا، ونرى
أن حظوظ الخطة بالنجاة من الكمائن
السياسية والأمنية لا يتعدى ال15 في
المئة»، ورأينا أن الأطراف جميعاً في
سوريا، تقوم بأعمال مروعة، ولكن
النظام مسؤول بشكل أساسي عن إسقاط
الخطة، وهو لا يريد لها النجاح بأي
حال، كما أن المعارضة «الاسطنبولية»
مسؤولة عن عرقلتها، وهي لا تقوم بكل
الجهود المطلوبة، ولكن مسؤوليتها تقل
بنسبة كثيرة عن نسبة مسؤولية النظام،
ولا تزيد عن خمسة في المئة. من الملاحظ في جملة اللقاءات أن التيارات
الإسلامية السورية باتت تشكل مصدر قلق
لدى عدد من الدول الأوروبية في «أصدقاء
سوريا». ويوجد خلاف، داخل هذه
المجموعة، لم يظهر إلى العلن، في تقييم
مساهمة «الإخوان المسلمين» في المجلس
الوطني السوري، الذي يعتبرونه مجرد
واجهة لنشاطهم داخل المعارضة. ومن
المفارقات غير المفهومة أن وزير
الخارجية الفرنسية ألان جوبيه يخفف من
هذه المخاوف في حين يبرزها عدد من
المسؤولين في البلدان
الأنكلوساكسونية الأكثر قبولاً عادة
للإسلام السياسي. فلم يخف ديبلوماسي
غربي مخاوف بلاده والإتحاد الأوروبي
من تصرف «الأخوان» والإسلاميين
السوريين في قضايا التسلح والإغاثة
والدور السياسي: «الأخوان يخطئون
كثيراً إذا ما اعتقدوا أنهم قادرون على
إعادة سوريا إلى الوراء»، بل ولم يمتنع
عن وصفهم ب«المتخلفين الذين نعمل على
تطوير نظرتهم إلى الأوضاع»، وهي نظرة
ليست على مستوى الأحداث، التي
فاجأتهم، كما أنهم لم يكونوا ليتوقعوا
عودتهم إلى أداء دور رئيسي في سوريا من
دون «الثورة». وينقل المعارض السوري، العائد من جولة
أوروبية، أن صورة تكونت لدى أقطاب «أصدقاء
سوريا»، تقول إن ما بعد خطة أنان
خياران: إما المجهول والفوضى، وإما
التوصل إلى استصدار قرار دولي تحت
الفصل السابع يعيد المبادرة إلى
الأسرة الدولية ويسمح لها برفع الضغوط
على النظام السوري وتهديده بتدخل
عسكري، لم تتحدد معالمه، لكن مجرد طرحه
على الطاولة سيسهم في ثني النظام
السوري عن خياره الأمني. ويجري البحث
على نطاق واسع في وسائل العودة إلى
مجلس الأمن، وربما التدخل العسكري،
ورفع تمثيل «المجلس الوطني» لدى بعض
المؤسسات الدولية لعزل النظام السوري.
وتحت هذا العنوان استعاد ديبلوماسي
غربي لمعارضين سوريين، نهاية الأسبوع
الماضي، الرهان على تعفن الأوضاع
وتراجع قدرات الجيش السوري على
القتال، وازدياد احتمال تكرار نموذج
كوسوفو في سوريا. وكان حلف شمال
الأطلسي، الذي قام بالعملية في العام
1999، قد انتظر عاماً كاملاً قبل أن
يتدخل. وقام الجيش الصربي، خلال عام،
بارتكاب مذابح بحق المدنيين الألبان،
رداً على عمليات «جيش تحرير كوسوفو»
قبل أن يقرر «الأطلسي» بمبادرة
أميركية التدخل عسكرياً ضد صربيا،
منهياً عمليته بإسقاط نظام سلوبودان
ميلوسوفيتش في بلغراد. وينظر الغربيون إلى الموقف السوري، بشكل
متفاوت، بين تقدير الفاعلية في الضغط
على النظام السوري وبين الإحجام عن
الذهاب بعيداً في هذا الضغط والانخراط
في العملية الجارية لتغييره. وقال
المعارض السوري إن محاوريه الأوروبيين
الذين يحاولون تلمس مواقف أطراف
المعارضة كافة يعتبرون انخراط روسيا
في خطة انان، رغم تدني الآمال بنجاحها،
يعد إنجازاً كبيراً. فبعد طول ممانعة،
بدأ الروس بالانفتاح والتعاون ولو
جزئيا مع الأطراف الأخرى في مجلس
الأمن، ولكنه من جهة أخرى يرى أن
العقبة الكبرى في وجه أي سيناريو في
المنطقة لا يزال الموقف الروسي المؤيد
للنظام السوري. ونقل المعارض السوري
انطباعاً غربياً بأن الروس رغم كل
الضغوط التي يتعرضون لها لن يتخلوا عن
خطة أنان، وسيمضون خطوة خطوة في الطريق
نحو تطبيقها، لأن البديل الذي سيضعون
الجميع أمامه، لو فشلت الخطة، هو تعميم
نموذج «بابا عمرو في معالجة الأزمة»،
ثم صراخ حلفائهم في الإعلام الخليجي
والغربي. وتحدث المعارض السوري عن تعايش «أصدقاء
سوريا» في قطب واحد، رغم تضارب التحليل
والمواقف، وطرق مواجهة النظام السوري.
ويعبر الديبلوماسيون الغربيون في
المجموعة عن «استغرابهم الكبير للموقف
القطري، والسعودي بشكل خاص». وقال
ديبلوماسي غربي إن السعودية لا تولي
اهتماماً كبيراً لما يجري في المنطقة،
والنتائج العامة لمواقفها على سوريا،
وان ما يهمها هو إسقاط الرئيس بشار
الأسد قبل كل شيء، وبأي وسيلة كانت،
بغض النظر عن الوسائل والاعتبارات
السياسية والأثمان الجيوستراتيجية أو
الشعبية. وقال معارض سوري، بعد لقاء ديبلوماسيين
مصريين، أنهم عبروا عن موقف مماثل،
ووصفوا موقف بعض الدول الخليجية من
الأزمة في سوريا «بالتبسيطي والخطر».
وقالوا إن الدول الخليجية التي تدعم
تسليح المعارضة لا تفهم فعلياً ما يجري
في المنطقة، وقبل اندلاع الأزمة بين
القاهرة والرياض، وسحب السعودية
سفيرها من العاصمة المصرية، أبلغ
ديبلوماسيون مصريون معارضين سوريين
أنهم مستعدون للمشاركة في تنفيذ خطة
انان على الأرض، ولكن ليس إلى جانب بعض
الدول الخليجية، لأن الديبلوماسية
المصرية، ما بعد حسني مبارك، تعتبر
سوريا جبهتها الشمالية وتحرص على
وحدتها. من جهة ثانية، قال معارض سوري بارز إن
موعد ال16 من أيار الحالي في القاهرة
لمحاولة توحيد المعارضة، تحت مظلة
الجامعة العربية، لا يزال قائماً.
وأنهى المجلس الوطني السوري مناقشات
في اسطنبول في هذا الشأن. وتجتمع في
جنيف، الأسبوع المقبل، لجنة إعادة
هيكلة المجلس الوطني المؤلفة من عشرة
أشخاص، هم أعضاء الأمانة العامة
والمكتب التنفيذي للمجلس، للبحث في
الورقة التي ستقدم إلى اجتماع القاهرة
الذي ستحضره أطياف المعارضة السورية
من هيئة التنسيق الوطنية، والمنبر
الديموقراطي، وائتلاف الوطن، وتيار
بناء الدولة السورية. كما تسمّي اللجنة
أعضاء المجلس الأربعة إلى اللجنة
التحضيرية للمؤتمر السوري العام تلبية
لطلب الأمين العام للجامعة نبيل
العربي. ولم تفلح جهود الجامعة العربية
لدفع كل هؤلاء إلى مؤتمر سوري عام يرضي
مخاوف البعض من خارج المجلس من هيمنته
على المعارضة كافة. ورأى مسؤول عربي مواكب لتحضيرات اجتماع
القاهرة أن لا شيء يدعو للتفاؤل حتى
الآن في نجاح اجتماع 16 الحالي، ولكن
الأمل بنجاحها يقوم على رهان أن كل
الأطراف باتت تعي أنها في مأزق،
فالمجلس الوطني السوري يحتاج إلى مظلة
الجامعة العربية، وهو يحتاج إلى وحدة
المعارضة بأي ثمن للحفاظ على ما حصل
عليه من «أصدقاء سوريا»، بالعودة من
اسطنبول إلى القاهرة. كما أن الأمر
يطال الأطراف الأخرى التي لا تشعر
بشرعيتها إلا بالعمل تحت مظلة الجامعة
العربية. ورغم الإجماع على الحاجة إلى
توحيد أطياف المعارضة كافة، إلا ان
توحيدها لا يعني دمجها في اطار واحد
كما يسعى اليه الفرنسيون، والذين
يقومون بالترويج لوحدة دمجية في كل
لقاءاتهم مع شخصيات المعارضة السورية
من عرب وأكراد. كما ان الوحدة التي يدعو
إليها أقطاب «أصدقاء سوريا» الناشطين
في دعوة المعارضين إلى وزاراتهم لا
تتضمن أي تفكير في توحيد الرؤية
السياسية أو الاتفاق على برنامج سياسي
موحد، باستثناء العمل على إسقاط
النظام، الذي يشكل وحده نقطة التقاء
الجميع، من دون ان يكون كافياً، او
حاجباً للخلافات العميقة على التسلح
والعسكرة والتدخل العسكري الخارجي،
وتحالفات خارجية لا علاقة لها ببرنامج
«الثورة» السورية. وتوقع المعارض السوري ألا ينجح السيناريو
الذي تم الإعداد له في الدوحة مؤخراً
في اجتماع الوزراء العرب لأسباب عدة،
أولها أن العملية الجارية يراد لها أن
تندرج في مسار مؤتمري «أصدقاء سوريا»
في تونس واسطنبول التي ترفضها روسيا
والصين ومعارضة الداخل، وليس كتنفيذ
لخطة انان باعتبارها نقطة جامعة.
فتركيا ومعها قطر والسعودية تريد
إدخال خطة انان تحت مظلة مؤتمر «أصدقاء
سوريا» بأي شكل ولو على حساب فشلها،
والاستقواء بها، واعتبار المؤتمر
مرجعية لتقرير كل ما يتعلق بالأزمة
السورية، وهذا سيعقد البحث بها. وقال المعارض السوري إن هذه الجهود تهدف
قبل كل شيء إلى احتواء أطراف المعارضة
الأخرى التي لا تتبنى خط «أصدقاء سوريا»
أكثر مما تهدف إلى توحيد المعارضة.
وإذا ما تواصل تعزيز دور المجلس على
حساب الأطراف الأخرى، سيعتبر ذلك
تغييراً في خطة الجامعة العربية التي
تقوم خطتها على توحيد المعارضة
السورية على أساس اندراج الجميع في
مؤتمر سوري عام، وليس مجرد الانضواء في
المجلس الوطني المعروف الوظيفة
والتركيب والدور. وكان معارضون سوريون التقوا بمساعد
المبعوث الدولي ناصر القدوة للبحث في
مسألة توحيد المعارضة، وخرجوا بانطباع
أن بعض أعضاء فريق أنان يسعون لتعزيز
دور المجلس الوطني على حساب الأطراف
الأخرى وضمّها إلى صفوفها من دون تعديل
كبير في هيكليته، بحجة عدم نضوج الشروط
الكافية لالتئام المؤتمر السوري العام
الذي يحتاج لتحضيرات وزمن. وقد نسب للديبلوماسي العربي قوله إن
أربعة خيارات ضيقة تواجه المعارضة
إزاء سؤال توحيدها: البقاء على حالها
وهو الأسوأ، وعقد المؤتمر السوري
العام المقرر من الجامعة العربية
باقتراح من هيئة التنسيق الوطنية،
والذي يلقى معارضة خليجية وتركية. أما
الخياران الأخيران فهما الإبقاء على
المجلس ممثلاً «للشعب ولسوريا» كما هو
أو إعادة هيكلته كي يتسع للقادمين
الجدد من دون تغيير كبير في وظيفته
وقيادته وأدائه. وقد أعلنت هيئة
التنسيق الوطنية ومعارضة الداخل بكل
تكويناتها رفض سيناريوهات المجلس
الوطني بشكله الحالي أو المعدل،
وطالبت الجامعة العربية بتكوين اللجنة
التحضيرية لمؤتمر المعارضة كما اتفق
عليه في الماضي، من دون أي تعديل، وإلا
ستضطر إلى التغيب عن هذا الاجتماع. ================= الجيوش والسياسة
والأزمة السورية سليمان تقي الدين السفير 1-5-2-12 التقى الموقف الأميركي والروسي عند تماسك
الجيش السوري ودوره في الأزمة والحل.
شكّلت الجيوش العربية العمود الفقري
للدولة والسلطة معاً. في التجارب
الحزبية وغير الحزبية كانت الجيوش هي
المؤسسة الأولى التي جرى الاعتماد
عليها في ضبط المجتمع وتنظيمه وأعطيت
موارد اقتصادية خاصة وتولّت تسيير بعض
المرافق والإدارات المدنية، وفي مصر
والعراق إلى حد ما شاركت في عملية
الإنتاج لا سيما في القطاع الحربي. خلال موجة التغيير الراهنة لعبت المؤسسة
العسكرية الدور الأساس في إخراج
العملية السياسية، في تونس ومصر
وليبيا واليمن. في الغالب لم تظهر
الجيوش جموحاً في استلام السلطة
المباشرة ولو أنها ما زالت الأداة
الأساسية لهذه السلطة باستثناء العراق
وليبيا. الأول لأن الاحتلال الأميركي
قصد ضرب المؤسسة العسكرية فكان قراره
الأول حلها. الثاني لأن الزعيم الليبي
شكّل كتائب خاصة لتعطيل احتمالات
الانقلاب عليه. في العراق أراد
الأميركيون تفكيك الدولة وإعادة
صياغتها، وفي ليبيا استخدم الأميركيون
جزءاً من الكتائب العسكرية الموالية
لهم وهم يشرفون على إعادة تكوين
المؤسسات والسلطات. وفي اليمن حرص
الأميركيون على عدم تفكّك المؤسسة
العسكرية ولو أنهم استخدموا بعض
الانشقاقات والتوازنات لمصلحة الحل
السياسي الذي أخرجوه من داخل النظام
نفسه. في سوريا سعى الأميركيون إلى تكوين
الثنائية نفسها، الجيش والحركات
الإسلامية. واجهوا عقدتين: تماسك الجيش
وولاءه والنفوذ الروسي الإيراني فيه
لا سيما على القطاعات الاستراتيجية،
وضعف الحركات الإسلامية تكويناً
وتنظيماً ونفوذاً وقيادة. وهم لا
يريدون الفوضى التي قد تهدد أمن
إسرائيل فيديرون الأزمة في اتجاهين:
استنزاف النظام سياسياً واقتصادياً
وأمنياً وتجويف التماسك السياسي
السوري عموماً والاحتفاظ بالدور
الإنقاذي للمؤسسة العسكرية في نهاية
المطاف. عملياً تتجه سوريا الآن ليكون
فيها طرفان مقرّران هما المؤسسة
العسكرية والمعارضة المسلحة التي
تحتضنها التيارات والحركات الإسلامية
على اختلافها. يمكن الحديث عن قوة الجيش الآن وليس عن
قوة النظام السياسي. النظام لا يسيطر
على جميع الأرض السورية ولا بمقدوره
إعادة الإمساك بهذه الأرض وهو قدّم
سلفاً جملة تنازلات بالتخلي عن الحزب
الحاكم وقبول التعددية الحزبية ونظام
جديد للانتخابات والإعلام وتعديلات
دستورية برغم أنها غير جوهرية في توزيع
السلطة ذات دلالة سياسية. وبعد عام من
المحاولات المتكررة للحسم العسكري
انتهى الأمر إلى الاعتراف بسلطة
المسلحين ودورهم ونفوذهم من خلال
مراقبي وقف إطلاق النار. لجم الموقف الروسي الاندفاعة الغربية
وحلفاءها الإقليميين عن خطة التصعيد
في التدخل العسكري لكن ما يُحكى عن
تسوية تضمنتها النقاط الست التي يشرف
عليها كوفي أنان لم تنضج شروطها بعد
على مستوى الأزمة الداخلية. تقاطع
الموقف الأميركي الروسي عند الحفاظ
على المؤسسة العسكرية وعدم الذهاب في
اتجاه تفكيك الدولة السورية ما يحفظ
مصالح الطرفين الأمنية، أمن إسرائيل
بالنسبة لأميركا وأمن روسيا الآسيوي
وسلاحها الذي هو السلاح شبه الوحيد في
الجيش السوري. لكن رغم ذلك ليس من دليل واحد على أن
الأميركيين والغرب والأتراك وحلفاءهم
العرب قد انعطفوا باتجاه تكريس شرعية
النظام السياسي. ولا الروس اعترفوا
بشرعية المعارضة الداخلية التي
يكرّرون اتهامها بالإرهاب المسلح
المدعوم خارجياً ولا هم رغم جهودهم
يستطيعون إنتاج حلّ سياسي مع المعارضة
السلمية وحدها. يعني ذلك أحد أمرين أو الأمرين معاً:
تعليق الأزمة بانتظار الانتخابات
الرئاسية الأميركية، أو بانتظار نتائج
التفاوض في الملف الإقليمي ولا سيما
الإيراني والنفطي وتوازنات النظام
الإقليمي الجديد. لكن خلال ذلك لا
يتوقف تزويد المعارضة المسلحة بأسلحة
دفاعية ولا ينفك التوافق على الاحتفاظ
بوحدة الجيش. هذا الوضع يشجع بعض
الأطراف الفاعلين بالدرجة الثانية أو
الثالثة على تصورات متعددة الاتجاهات
كالتبسيط في معنى بقاء النظام أو في
احتمالات تقسيم سوريا أو في العمل على
تحسين مواقع الأطراف حتى اللحظة
الحاسمة من الحل الدولي. بهذا المنطق دارت الأزمة اللبنانية سنوات
طويلة حتى صارت حرباً عبثية حتى بنظر
جميع أطرافها في الداخل. فحيث يحصل كل
هذا التداخل بين المشكلات المحلية
والإقليمية والدولية، وحيث يتجذر
العنف ويتوسع ويستنفر عصبيات دينية
ومذهبية تبدو كل الاحتمالات مفتوحة،
لكن الذي سيرجح هو العامل الدولي إزاء
ضعف المؤثرات الداخلية. حتى الآن في كل
المشهد العربي وتجاربه المتنوعة هناك
التزاوج بين استنقاذ ركائز الأنظمة من
خلال الجيوش وإحاطتها بالحركات
الإسلامية التي تعطيها الشرعية
الشعبية. وهناك صياغة جديدة لهذه
الأنظمة تجنح إلى الاعتراف بالتعددية
الطائفية والسياسية على أنها جزء من
العملية الديموقراطية. وهناك تكريس
للأنظمة الاقتصادية بمشكلاتها وتدوير
للتناقضات الإقليمية واحتواؤها. هكذا
يتعامل النظام الدولي مع الصراع بين
إيران ودول الخليج العربي، وبين إيران
وإسرائيل وكذلك مع العرب. ونكاد نشهد ما يشبه المرحلة الانتقالية
التي أعقبت نشوء الكيان الصهيوني
وتداعيات ذلك في العالم العربي من خضات
وانقلابات وصعود تيارات سياسية. ويبدو
أن الشعوب العربية في سعيها للتغيير ما
زالت لا تملك الأدوات الجذرية من رؤية
سياسية وبرنامجية ومن مؤسسات شعبية
قادرة على صياغة مشروع عربي متكامل،
للتحرير والاستقلال والتنمية والوحدة
والديموقراطية. صادرت الجيوش من قبل
ومعها الأحزاب القومية السلطة فعطّلت
إمكانات التطور الطبيعي للثقافة
السياسية العربية ونشهد محاولات
لمصادرة هذه المرحلة الانتقالية من
خلال حركات الإسلام السياسي الذي يعد
بمشكلات أكثر مما يعد بحلول. لكن المهم من كل ذلك أننا في زمن تغيير
عربي برغم تعثره مرّة بقواه المحلية
ومرّة بالمداخلات الخارجية، إلا أن
محاولة القوى السياسية والقوى الدولية
تعليق بعض المشكلات التي تتصل بخطط
التنمية أو كبح عملية التطوير
الديموقراطي أو مصادرة حق العرب في
العمل على التعاون والتضامن والتكامل
وطبعاً في حلّ المسألة الفلسطينية، لن
يلغي هذه المشكلات بل يستأخرها فقط. ================= متصلون بفريق أنان
يعكسون ثباته .. المسار السياسي قبل
نهاية حزيران؟ روزانا بومنصف 2012-05-01 النهار على رغم التعثر الذي تواجهه خطة المبعوث
المشترك للامم المتحدة والجامعة
العربية كوفي انان حول الوضع السوري
نتيجة استمرار العنف على رغم مرور
ثلاثة اسابيع على التزام النظام
السوري وقفا للنار، فان معطيات ينقلها
متصلون بفريقه تفيد انه يستمر متشجعا
بامكان الخطو الى الامام ولو لم يتوقف
العنف نهائيا او لا يتوقع ان يحصل ذلك
على النحو المطلوب. وهو لا يبدو متأثرا
جدا بالحملة التي شنها النظام عليه
اخيرا كونه لا يتبنى الروايات او
النظريات التي يسوقها النظام عن رؤيته
للتطورات. اذ ان وزير الخارجية وليد
المعلم يبعث اليه برسائل يومية يفيد
فيها ان النظام يلتزم الخطة وهو سحب
الاسلحة الثقيلة والدبابات لكن انان
لا يعتمد على هذه التقارير وحدها ويفضل
اعتماد تقارير المراقبين وسواها. وهو
يبلغ روسيا بها على نحو يومي من اجل
ابقاء المسؤولين الروس على اطلاع وثيق
على ما يجري تعويلا منه على ما يبدو في
ان تساعده روسيا في الضغط على النظام
من اجل وقف العنف او ربما تساعد ايضا في
اعتماد قرار اقوى في مجلس الامن من اجل
وقف العنف. ففي هذا الاطار يبدو ان
روسيا التقطت الطعم لجهة انها وحدها من
يمكن ان يؤثر على النظام من اجل
التفاوض على حل سياسي او ان تدفع به من
اجل التزام وقف النار. ويعول انان على
روسيا كثيرا في هذا الاطار من خلال
تحميلها مسؤولية معنوية كبيرة خصوصا
ان ما تتحمله روسيا على المستوى الدولي
والعربي نتيجة حمايتها للنظام في مجلس
الامن والاستمرار في الدفاع عنه
يلزمها منع النظام من خربطة هذه الخطة
او نسفها. أما مبررات تشجعه بامكان ان تشهد خطته
تنفيذا على رغم الاستحالة التي تبدو
عليها المؤشرات اليومية على الارض
فمبنية على جملة امور قد يكون أبرزها: أولا: ان هذه الخطة وفق ما تفيد هذه
المعطيات تشكل العامل المتاح في الوقت
الحالي ولا شيء سواها او اي بدائل بحيث
يتعين على كل المعنيين بالوضع السوري
المساعدة من أجل تنفيذ الخطة وبذل ما
يمكن للمساعدة حتى اتضاح البديل او
اثبات الفشل. وهذا الاقتناع يقول
المتصلون بفريق انان يسري على النطاق
الخارجي والعربي على حد سواء كما بات
ايضا قويا لدى المعارضة السورية على
اختلاف توجهاتها نتيجة خلاصات عدة قد
يكون ابرزها بلورة بعض المواقف على نحو
غير متوقع كما هي الحال بالنسبة الى
تركيا مثلا التي تراجع الرهان على اي
دور يمكن ان تقوم به على اكثر من صعيد
نتيجة اعتبارات وعوامل عدة بحيث بات
التعويل على الدور التركي مثلا هامشيا
الى حد كبير في الازمة السورية. وهو أمر
شأنه شأن بعض العوامل الاخرى التي كانت
مؤثرة قبل بعض الوقت يمكن ان تحفز
المعارضة على اعطاء فرصة اكبر لخطة
انان وفق ما يعتقد فريقه على الاقل
انطلاقا من ان انان اجتمع بكل اطياف
المعارضة في الداخل والخارج وبرجال
الاعمال السوريين وسعى الى اقناعهم
بصوابية دعم خطته. ثانيا: يعتزم انان في المرحلة القريبة
العمل على تزخيم خطته اولا على صعيد
المراقبين وزيادة عددهم بحيث لن يقتصر
هذا العدد على ما اتفق عليه بل ان يدفع
بالامور من اجل زيادة عددهم من أجل
مراقبة الوضع وفرض الهدوء على ان يساهم
نجاحه في ذلك في اطلاق المنحى السياسي
في خطته في مدة لا تتخطى نهاية حزيران
المقبل حيث تفيد المعلومات انه سيدعو
الى اجتماع حوار وطني بين النظام
والمعارضة بحيث تضم طاولة مستديرة كل
المعنيين الداخليين بالشأن السوري على
صعيد التمثيل الطوائفي والسياسي وكل
القوى في الداخل والخارج. ويحدوه الامل
وفقا لذلك في ان يتبع هذه الخطوة تأليف
حكومة جديدة يتم التوافق عليها بين
الجميع وتقوم هذه الحكومة بالدعوة الى
انتخابات نيابية جديدة في غضون اشهر
على الا تتعدى نهاية السنة الحالية
بحيث يظل مرجحا بقوة رعاية المراقبين
انفسهم للانتخابات نظرا الى الذرائع
الكثيرة التي يوفرها ضعف الدولة
السورية وعدم الثقة بها وامكان الطعن
باي مسؤولية لها عن اجراء انتخابات
يمكن ان تشوبها ملاحظات كثيرة. ثالثا: يبدو من مسار هذه الروزنامة وضع
انان موضوع تنحي الرئيس السوري على
الرف بحيث لا يتم البحث فيه على طاولة
الحوار على رغم ان مفهوم الدول العربية
لخطة انان انه ينفذ المبادرة العربية
التي طالبت فيه الدول العربية بتسليم
الرئيس السوري صلاحياته الى نائبه في
حين ترى الدول الغربية خطته ايلة الى
انتقال سلمي للسلطة في سوريا اي من دون
وجود الرئيس السوري في السلطة. لكن
انان لا يتحدث في موضوع تنحي الاسد وهو
على اي حال الامر الذي دفع بهذا الاخير
للقبول بالمبادرة في الاصل ولو كلاميا
حتى الان. هذه المعطيات قد تبدو مغالية في التفاؤل
حول سير الامور الا ان المتصلين انفسهم
ينقلون عن فريق انان عدم اسقاطهم من
الاعتبار كل الاحتمالات بما فيها
احتمالات الفشل التي تظل مرتفعة جدا.
لكن ما دامت الخطة الوحيدة القائمة
فيتم التعامل معها على هذا الاساس
وحتمية انجاحها خصوصا ان انان يخطط
لاجتماعات مكثفة تعقد في جنيف قريبا
تشارك فيها ايضا الجامعة العربية من
أجل المساعدة في تنسيق المواقف ودفع
الامور قدما. ================= سورية بين مطرقة البند
الخامس وسندان الفصل السابع حميد بن عطية 2012-04-30 القدس العربي الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف الذي
سيغادر 'الكريملين' بتاريخ 7 مايو
القادم تاركا كرسي الرئاسة لحليفه
فلاديمير بوتين، تنبأ خلال تقييمه
لأربعة سنوات من حكمه لروسيا بأن
الربيع العربي سينتهي بخريف بارد وأن
الشعوب العربية خاصة تلك التي ثارت أو
في طريق ثورتها على أنظمتها المستبدة
مطالبة في حال إسقاط هذه الأنظمة بحسن
اختيار من يمثلها، لأن الفرصة مواتية
لوصول الإسلاميين المتطرفين إلى سدة
الحكم بالعالم العربي حسب قناعة السيد
ميدفيديف، لكن قد يكون رئيس الحكومة
الروسية المقبل بعد تنصيب بوتين رئيسا
لروسيا معذورا في تخوفه من المستقبل
المجهول الذي يتهدد بعض الدول العربية
التي عاشت وتعيش ثورات ما يسمى بالربيع
العربي كحال ما يجري في ليبيا وتونس
ومصر واليمن لكن التخوف الكبير الذي
أعلنه الرئيس الروسي يتعلق بسورية
التي تحولت إلى ساحة صراع بين قوى
إقليمية ودولية وهو ما سيطيل من عمر
الأزمة ويهدد بحرب أهلية قد تكون
عواقبها وخيمة ليس على سورية فحسب بل
على المنطقة برمتها. ما يزيد من احتمال نشوب حرب أهلية مدمرة
بسورية قد تقود منطقة الشرق الأوسط إلى
شفير الهاوية، فشل خطة المبعوث الأممي
والعربي كوفي عنان في ترسيم الهدنة بين
الجيش النظامي وفلول الجيش السوري
الحر، خطة عنان التي تدخل تشارف على
الانقضاء، لم تستطع توقيف ألة الموت
التي تحصد العشرات من أبناء سورية
يوميا بمختلف توجهاتهم السياسية
والمسؤولية يتحملها نظام دموي يحاول
القضاء على المعارضة في أسرع وقت
وإخماد صوت الجماهير الثائرة بكل
الوسائل فيما لم تفلح قيادة الجيش
السوري الحر في السيطرة على جماعاتها
المتهمة هي الأخرى بارتكاب أعمال عنف
مضادة ويبقى الخاسر الأكبر في هذه
الفتنة هو الشعب السوري الذي تحول إلى
رهينة في أيدي النظام ودول عربية
وغربية لا تريد خيرا لهذا الشعب وترمي
بكامل ثقلها لإشعال فتيل الحرب
الأهلية بدعوتها إلى تسليح المعارضة
وإقامة منطقة عازلة على الحدود
التركية السورية والتي قد تكون منطلق
نواة النظام السوري القادم في حال
الإطاحة بالنظام الديكتاتوري بدمشق. الخامس من شهر مايو القادم، موعد تقديم
السيد كوفي عنان لتقريره حول الوضع في
سورية أمام مجلس الأمن، سيكون محطة
هامة ستحدد معالم سورية في ظل تسارع
الأحداث المأساوية داخليا وخارجيا
ويخشى المهتمون بالشأن السوري أن يعلن
المبعوث الأممي والعربي فشل خطته
المقترحة لحل الأزمة والتي قد تتزامن
إعلان فشل مهمة المراقبين الأمميين
التي بدأت بعض الأصوات التي لا تحبذ
لسورية الخير في الحديث عن عدم جدواها
ومما يزيد من احتمالات انفلات الوضع
الأمني بسورية وتحوله إلى حر ب أهلية،
هو تشبت النظام بسياسته الأمنية
الاستئصالية وتشتت المعارضة السورية
بالداخل والخارج وكان آخر مسمار دُقَ
في نعش هذه المعارضة، إعلان رجل
الأعمال 'نوفل الدواليبي' السوري
الأصل، السعودي الجنسية من باريس عن
تشكيل حكومة انتقالية قال بأنها تمثل
أطيافا كبيرة من ممثلي الشعب بالداخل
والخارج و بديلا للمجلس الوطني
السوري، رجل الأعمال المعروف بولائه
لآل سعود طالب صراحة بالتدخل العسكري
في سورية وتسليح المعارضة وهما مطلبين
نادت بهما جهارا كل من قطر والسعودية
وفرنسا وباستحياء أمريكا وتركية التي
هددت حكومتها بإقامة منطقة عازلة بين
البلدين واللجوء إلى البند الخامس من
معاهدة الحلف الأطلسي في حال تعرض
تركية للخطر من حدودها مع سورية فيما
لوّح العرب الغاضبين على نظام بشار
الأسد باللجوء إلى الفصل السابع من
ميثاق الأمم المتحدة والذي يجيز
التدخل العسكري في مثل الوضع السوري في
حال فشل الوسائل السلمية لفض النزاع. ' كاتب جزائري ================= فوق رماد سورية والعراق:
هل بقي وقت لإطفاء الحريق الطائفي؟ د. عبدالوهاب الأفندي 2012-04-30 القدس العربي ينعقد في قاهرة المعز مطلع الأسبوع
القادم مؤتمر بعنوان 'نحو وحدة إسلامية
في ظل التحديات المعاصرة'، ولعله كان
أحق أن يسمى مؤتمر إطفاء الحرائق
الطائفية المشتعلة في شرق العالم
الإسلامي وغربه. فلم تعد الوحدة
الإسلامية هي الغاية، وإنما يكفينا أن
نختلف دون أن نقتتل. فليست المشكلة هي
اليوم في سورية أو العراق أو الخليج أو
إيران أو باكستان أو لبنان تباغض
المسلمين، بل تجرؤ بعضهم على سفك دماء
بعض، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. في مثل هذه الظروف، لا يكفي عقد مؤتمر هنا
أو هناك، وتبادل معسول الأقوال، دون
النظر في جذور المشكلة ومعالجتها.
وعليه فرغم أن جهد الجهات المنظمة (وعلى
رأسها منتدى الوحدة الإسلامية الذي
ساهم كاتب هذه السطور في تأسيسه مع نفر
من كرام الإخوة) لهذا الملتقى هو جهد
مشكور، إلا أنه غير كاف. بل قد يكون
ضرره أكبر من نفعه إذا أعطى الانطباع
الخاطئ بأن مثل هذا الجهد يغني عن غيره.
ففي مثل هذه اللقاءات عادة ما تجتمع فئات
من أهل الاعتدال، أو من تتقارب آراؤهم
وأفكارهم، ليتبادلوا المجاملات، في
حين أن المشكلة هي في الغائبين عن مثل
هذه اللقاءات، الرافضين لفكرتها، بل
والمعتقدين بأن القائمين عليها خانوا
القضية. على سبيل المثال نجد أن بعض
القائمين على منتدى الوحدة الإسلامية
دأبوا على تلقي رسائل، وسماع بيانات
وكتابات صحافية، تتهمهم بأسوأ التهم،
أدناها الغفلة عن مخططات كبار مجرمي
الطرف الآخر. ومن باب أولى أن هؤلاء لن
يستمعوا لنداءات مثل هذه اللقاءات أو
يحفلوا بالبيانات التي تصدر عنها. صحيح أن المتطرفين بطبيعتهم لا يقبلون
الحوار ولا يستمعون لصوت العقل الذي
يرونه صوت التخاذل والانحياز للعدو.
ولكن الإشكال ليس في غلاة المتطرفين،
وإنما هو في تحول التطرف من كونه
معزولاً كما ينبغي، إلى رأي عام، كما
هو الحال في مناطق كثيرة هذه الأيام.
ولكي تعود الأمور إلى نصابها، لا بد من
القيام بإجراءات استثنائية، تبدأ من
نقد الذات وتنتهي به. وهذا يعني أن
يتولى العقلاء في كل طرف لجم المتطرفين
في معسكرهم. ومعنى ذلك فإنه بدلاً من أن
يهاجم الشيعة غلاة السلفيين وينتقد
السنة غلاة الشيعة، يجب أن نسمع العكس.
فلنسمع من علماء السنة الإدانة
للهجمات على مساجد الشيعة في
الباكستان، وعلى أحياء الشيعة في مدن
العراق، أو ما تجترحه حركة الشباب في
الصومال من قتل للأبرياء، أو ما يأتي
به من يسمون أنفسهم أنصار الشريعة في
مالي، والقائمة تطول. ويجب كذلك أن
تنتقد الدول التي تضيق على مواطنيها
الشيعة، وعلى رأسها البحرين. بنفس القدر، فإن واجب عقلاء الشيعة أن
ينتقدوا تجاوزات الحوثيين في اليمن،
أو ميلشيات الصدريين في العراق، إضافة
إلى انتهاكات حكومة المالكي ومناصريه
ضد سنة العراق، وتجاوزات إيران ضد
معارضيها من كل الطوائف، وبالطبع
جرائم نظام الأسد. هذا مع ملاحظة أن
تجاوزات السنة تتولى كبر معظمها
منظمات متطرفة معزولة نسبياً ومطاردة
من دولها في الغالب، بينما شكاوى السنة
هي من الحكومات والجهات الشيعية
المتنفذة، وهو أخطر بكثير. هذه البداية ضرورية، لأنه لا يعقل أن يجلس
بعض العلماء وأهل الفكر في قاعة
للتداول حول ما يوحد المسلمين، بينما
المشهد خارج القاعة هو مشهد تقاتل
وتذابح. فلا بد أولاً أن يثبت
المتحاورون أن لديهم ما يكفي من النفوذ
لإسكات صوت العنف، وأن تكون لهم
الإرادة لاستخدام ذلك النفوذ. أما أن
يأتي القوم إلى اللقاء وكل منهم يجتهد
في تبرير الجرائم المنسوبة إلى
طائفته، بينما يجأر بالشكوى مما فعله
الآخرون، فإن هذا لا يزيد على كونه
استمرارا للحرب والنزاع بوجه آخر، لا
جهداً لتحقيق الوفاق والسلام. لقد شهدنا هذا المسلسل في قمة أزمة
العراق، حين كان البعض يبرر أشنع
الجرائم ضد الأبرياء باسم مقاومة
الاحتلال، بما في ذلك نسف المصلين
الصائمين في المساجد في رمضان، بينما
يبرر آخرون جرائم مماثلة بدعوى مكافحة
الإرهاب. ولم يكن الاحتلال وقتها سوى
عرض من أعراض المرض، وهاهو الاحتلال قد
ذهب أو كاد، والأزمة تتعمق بدلاً من أن
تقترب من الحل. وإنما كانت الأزمة، ولا
تزال، في أن استعداد البعض للتعاون مع
كل شياطين العالم من أجل مصلحة ضيقة
وهدف قصير الأجل. ولو أن هذا البعض رضي
التعاون مع أخيه في الوطن لما كانت
هناك حاجة للاستعانة بالأجانب، ولما
كانت هناك حاجة لعقد مؤتمرات لتبرير
الإجرام والتجاوزات. الآن نشهد الوضع نفسه في سورية، حيث لا
تسمح ممارسات النظام السوري الإجرامية
بإشاعة جو يساعد على الحوار، خاصة مع
الانحياز الفاضح من قبل البعض إلى
المسلك السوري الإجرامي بصورة لا يمكن
قبولها أو تبريرها. فالنظام السوري
نظام علماني معادٍ للدين، ولا ينتمي
إلى مدرسة شيعية معترف بها. فلا يمكن أن
تكون هناك منطلقات دينية أو عقيدية
لدعمه، ولو كانت لانطبق عليها مقتضى
الآية القرآنية: 'قل بئسما يأمركم به
إيمانكم إن كنتم مؤمنين'. فإن أي منطلق
مذهبي يدعم ما يقوم به النظام السوري
من جرائم (تبدأ من قتل الأبرياء
بالجملة وهدم المدن بكاملها على رؤوس
ساكنيها، ولا تنتهي بتعذيب وقتل
الأطفال والتمثيل بجثثهم والإغتصاب
والتهجير الجماعي والإذلال
والاستهتار العلني بالدين ورموزه)،
أقول أي منطلق يدعم مثل هذه الممارسات
غير المبررة إطلاقاً وتحت أي ظرف، هو
بلا شك ضلال مبين، يحكم على نفسه
بالبطلان. إن الأولوية في أي محاولات للوفاق وإصلاح
ذات البين هي لوقف العدوان باليد ثم
العدوان باللسان، حتى يتهيأ الجو
للحوار والتقارب وتجاوز الخلافات. ولا
يستقيم حوار والطرف الآخر يقذفك
بالصواريخ أو يعتقل ويعذب أسرتك،
وينتهك الأعراض والحرمات. ولهذا جاء في
القرآن: 'وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت
إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي
حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت
فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن
الله يحب المقسطين'. فمقتضى الإصلاح
ومبتداه هو وقف القتال والعدوان.
وتعتبر الفئة التي ترفض وقف القتال
والعدوان باغية ينبغي على الجميع
ردعها بالقوة عن غيها حتى تمتثل، ثم
بعد ذلك يأتي الإصلاح بالعدل، أي
بإعطاء كل ذي حق حقه. ولا يكون العدوان بالقتل فقط، فكون
النظام في البحرين لا يقتل الناس
بالجملة كل يوم لا ينفي أنه معتدٍ سلب
الناس حقوقهم وحرياتهم. وبنفس القدر
فإن عدوان النظام الأسدي على أهل سورية
لم يبدأ يوم شرع في تعذيب وقتل أهل درعا
بالجملة، ولا حتى عندما سوى حماة
بالأرض وقتل عشرات الآلاف من أهلها عام
1982. فالنظام معتد منذ أن وصل إلى السلطة بفوهة
البندقية، وينطبق ذلك على كل نظام آخر
وصل إلى السلطة على ظهر دبابة، سواء
أكانت دبابة وطنية مغتصبة، أو دبابة
أجنبية غازية محتلة. ولا بد لرد
العدوان من أن يرد الأمر إلى أهله عبر
توافق بين فئات المجتمع على أسس ومناهج
الحكم وآليات التداول عليه. وينطبق هذا
الأمر على العراق وسورية، كما ينطبق
على البحرين والسودان وكل الدول التي
تعاني من اغتصاب السلطة. خلاصة الأمر هي إذن أن منطلقات الحوار
وتقريب الشقة بين جماعات الأمة وفرقها
لا بد أن تنطلق أولاً من وقف العدوان،
وثانياً أن تبدأ في كل بلد على حدة،
وأخيراً لا بد أن تقوم على مبادئ
أخلاقية صحيحة. ففي العراق مثلاً، نجد
بعض المجموعات بدأت بالاستعانة
بالأمريكان والإيرانيين، ولا نعني هنا
الاستعانة الدبلوماسية، وإنما بالقوة
والبطش، حتى تحكم قبضتها على السلطة
هناك. ثم زادت فتحالفت مع الأكراد ضد
السنة العرب، وهي أخيراً تلجأ إلى
الجامعة العربية لدعم تفردها بالأمر.
كل هذا للتهرب من استحقاقات التوافق مع
الإخوة في الوطن، ولممارسة القهر في
حقهم. ولكن هاهم الأمريكان قد رحلوا
والأكراد لم يعودوا راضين بنصيبهم من
الصفقة، وإيران تنتظر مصيراً مجهولاً
بين انتفاضة الداخل وحصار الخارج. وهذا
يؤكد أنه لا مهرب من الحوار إلى إليه.
ولو أن القوم جلسوا إلى بعضهم البعض
وتوصلوا إلى إصلاح ذات البين بالقسط،
لما احتاجوا إلى كل هذا اللف والدوران،
والطواف بين طهران وواشنطن واربيل
والقاهرة، بلا ضرورة ولا طائل. الأمر نفسه ينطبق على بقية البلدان
العربية المأزومة. فالبعض يسافر إلى
الصين وروسيا طلباً للعون في قتل
إخوانه وتدمير بلاده، وكان الأولى به
أن يأتمر مع إخوانه في الوطن على البر
والتقوى، بدل الائتمار مع الأباعد على
البغي والعدوان. وفي غياب هذا فإن أي
حوار لا بد أن يحيل مجدداً إلى هذا
المنهج، لأن أي حوار وتوافق بين
المسلمين لا بد أن يفضي إلى التوافق
على مبادئ الدين الحق، وأدناه مراعاة
حرمات النفس والعرض والمال. ولا يمكن
أن يكون هناك توافق بين أهل ملة الحق
على البغي والعدوان وتأييد الطغاة،
وإلا أصبحت ملة باطل لا حق فيه. ' كاتب وباحث سوداني مقيم في
لندن ================= هآرتس 30/4/2012 صحف عبرية 2012-04-30 القدس العربي قُتل عشرات الضباط الكبار من الجيش
السوري برتب توازي عقيد وعميد، في
الاشهر الاخيرة في معارك مع قوات
المتمردين، كما تُبين معلومة وصلت الى
جهات استخبارية في الغرب. يُقدرون في الجيش الاسرائيلي ان أكثر
صعوبات سلطة رئيس سوريا بشار الاسد
تُعرضه لها الآن المقاومة المسلحة
لنظامه أكثر من المظاهرات المدنية
المعارضة في المدن الكبيرة. والسلطة
السورية أشد قلقا ايضا من التهديد
العسكري الداخلي الذي يتعرض له وجود
النظام قياسا بالمظاهرات برغم أنها
تحظى بتغطية اعلامية كبيرة. فمنذ بدأت
المواجهات العسكرية في سوريا في آذار
2011 قُتل في المعارك أكثر من عشرة آلاف
شخص منهم نحو من ألفين من رجال قوات
الامن. في نهاية السنة الماضية قدروا في 'أمان'
وفي هيئة القيادة العامة ان نظام الاسد
سيسقط خلال اشهر. بل ان وزير الدفاع
اهود باراك بالغ وتوقع في كانون الاول
الاخير ان يفقد الاسد السلطة 'في غضون
اسابيع'. هاجم رئيس 'الشباك' السابق يوفال ديسكن،
الذي حظيت أقواله بأصداء بارزة في
نهاية الاسبوع، هاجم باراك لهذه
المسألة ايضا وقال ان 'الاسد سيبقى
ايضا بعد الانتخابات في اسرائيل وبعد
حزب الاستقلال. واذا لم يتدخل الغرب
فيما يجري في سوريا فلا احتمال لأن
ينهي نظام الاسد عمله'. قال عنصر رفيع المستوى في هيئة القيادة
العامة لصحيفة 'هآرتس' ان 'اتجاه سقوط
نظام الاسد واضح لكنه سيستغرق من الوقت
أكثر مما اعتقدنا. والمظاهرات ليست هي
الأساس ويبدو ان الاسد أدرك هذا قبلنا.
فالتأثير الرئيسي هو تأثير النشاط
المسلح لكنه ما يزال حتى الآن محليا
جدا'. في آذار من هذه السنة حاولت تنظيمات
مختلفة للمتمردين انشاء 'جيوب مقاومة'
مستقلة في المدن الكبيرة. وردت قوات
أمن الاسد بقسوة مفرطة حتى بالقياس
بسلوكها من قبل، ونجحت في السيطرة على
أحياء تم تعريفها بأنها مستقلة منها حي
بابا عمر في مدينة حمص مع ذبح السكان
فيها. ومنذ ذلك الحين عاد المتمردون المسلحون
الى تكتيك المضايقة والكمائن بدل
المواجهات وجها الى وجه التي تكون
الغلبة فيها للجيش. والقصد من ذلك هو
استنزاف قوة الجيش السوري وروحه
القتالية. لكن برغم ان الجيش يصاب بهذه
الطريقة بخسائر كثيرة لا ينجح
المتمردون الى الآن في انشاء هجوم مركز
يفضي الى سقوط النظام. وعدم وجود اجراء
دولي واسع لاستبدال السلطة يساعد هو
ايضا على بقاء الاسد. يقول البروفيسور إيال زيسر، وهو خبير
بسوريا وعميد معهد الآداب في جامعة تل
ابيب، ان خوف النظام اليوم في سوريا في
تقديره هو قبل كل شيء من فقدانه قدرته
على السيطرة على أنحاء الدولة. وقال ان
العصابات المسلحة تجعل النظام ينزف لا
أكثر من ذلك. لكن المشكلة الكبرى التي
يضطر الاسد الى مواجهتها اليوم هي عدم
سيطرته على مناطق واسعة. ويقول زيسر ان المظاهرات والعصابات
المسلحة معا تحث النظام على القيام
بعمليات عسكرية كبيرة تُحتل مناطق
بعدها. 'لكنه لا يمكن الحفاظ على
الاحتلال زمنا طويلا، فهو مشكلة
بالنسبة للنظام لأن مجموعات كاملة من
السكان لم تعد تخضع لسلطته'، يقول زيسر. وفي الاثناء جاء عن مواقع المعارضة
السورية على الانترنت ان 23 شخصا قتلوا
أمس في أنحاء الدولة برصاص قوات الامن.
وقد ألح رئيس وفد المراقبين من قبل
الامم المتحدة، الجنرال النرويجي
روبرت مود، الذي جاء الى دمشق أمس، على
الرئيس الاسد وجميع المجموعات الاخرى
في سوريا ان تكف عن العنف. واعترف بأنه
تواجه رجاله مهمة معقدة جدا. ================= تنظيم إشارات السير عند
التقاطع السوري Mon, 30 أبريل 2012 خالد جمال * الحياة في لحظة واحدة أضاء اللون الأخضر المنظم
للعبور عند التقاطعات المختلفة للسير
فوق المربع السوري، ولك ان تتخيل مشهد
التلاطم الذي حدث في وسط هذا التقاطع،
بين العربات المندفعة من جوانب
التقاطع المتعددة، مسرعة في محاولة
العبور من وسط التقاطع، الذي اغلق
تماماً، وسدت منافذه بشكل كامل، بسبب
التصادم الذي ادى الى ازدحام هائل بل
قُل اختناق. وفي لحظة معبرت عن انسداد
المعابر، تم اطفاء آلية التحكم
الالكترونية بالاشارة الملونة، وأحضر
شرطي السير كوفي انان مع معاونيه، من
اجل تنظيم السير يدوياً، وفصل
المسارات واحدة تلو الاخرى، من اجل
تنظيم عبور هذا الكم الهائل من
المركبات المندفعة. في المسلك الاول هنالك الشعب، الذي يريد
ان يعبر الى بلد اكثر حرية
وديموقراطية، في لحظة مشرقية مهمة،
تمتاز باندفاعة شعبية في مختلف الدول
المحيطة، نحو التحرر من سلطات سياسية
استمرت في الحكم لمدة تزيد عن خمسين
عاماً، وفي لحظة دولية ومناخ عالمي،
تسوده نزعة الحرية الفردية والكرامة
البشرية والعدالة، وفي المسلك المضاد
نظام عسكري امني، ذو شوكة وخبرة وتاريخ
في قمع الناس وأي محاولة لديهم
للانعتاق من ظلمه، في تحالف مع طبقات
تجارية طفيلية مستفيدة من الرخاء
المالي النسبي، وفي اتكال واضح على
اقليات طائفية صاحبة امتيازات فاقعة
في كل شؤون سورية الامنية والسياسية
والاقتصادية، وفي علاقات مع مجموعة من
انظمة الحكم المستبد كإيران وروسيا
والصين، وفي اطمئنان الى دور وموقع
اسرائيلي منحاز. في المسلك الثاني هنالك ايران، وسياساتها
الاقليمية ومحاولة الاستمرار في
سيطرتها على محور ممتد من العراق الى
لبنان مروراً بسورية، ومحاولة لفرض
شروطها في لعبة التفاوض المزمن حول
مشروعها النووي، مستعينة بأوراق القوة
المختلفة لديها، في لحظة ترتفع فيها
التهديدات بضربة عسكرية اسرائيلية او
اميركية، وفي لحظة مؤلمة من الحصار
الاقتصادي القابل لللازدياد مع حلول
حزيران (يونيو)، حشود وفي المسلك المقابل تحتشد العربات
المختلفة الاقليمية منها والدولية:
عربات دول الخليج تريد تخفيف الضغط
الايراني عليها الذي يكاد يهدد حتى
نسيجها الاجتماعي وتركيبتها الوطنية
ومصالحها النفطية، وعربات تركية تريد
تقاسماً منصفاً للادوار في المصالح
الاقليمية، وعربة اسرائيلية تزعم
الخشية على مصيرها بوجود سلاح نووي بيد
الملالي الايرانيين وأسلحة كيماوية
بايدي حلفائه، وعربة غربية اوروبية
وأميركية تخشى على مصالحها
الاستراتيجية في منطقة هي الأكثر
اهمية في الموارد الاستراتيجية. روسيا والصين في المسلك الثالث هنالك روسيا والصين،
وان اختلفت قوة هدير محركات مركباتهما
في الاستعداد للاندفاع الى داخل
المربع، وعلى رغم امتلاكهما بطاقة
حمراء اشهرتاها في غرفة المراقبة
المركزية، الا انهما نزلتا الى الارض
من اجل رؤية المشهد مباشرة، ومصالحهما
متعددة تبدأ بحجز مكان في لعبة تغيير
المقاعد المطلة على اوروبا من حوض
المتوسط، والقريبة من مراكز الثروات
النفطية، ومروراً بحسابات داخلية
تتعلق بأنظمة الحكم في كل منهما
وطبيعتها، وانتهاء بالمصالح الامنية
الجيوسياسية، والتي تعتبر ان سورية هي
بوابة العبور الى اواسط آسيا المجاورة
لحدودهما، وفي المسلك المقابل هنالك
الاتحاد الاوروبي المدعوم والمحصن
بالولايات المتحدة الاميركية وبحلف
الناتو، بما في اعضائه من دول ومنهما
تركيا، التي تريد المحافظة على منطقة
نفوذها التاريخي في المشرق العربي
ومنها سورية، وفي تمكين التواصل
التاريخي بين دول حوض المتوسط، والأهم
ثبات السياسة الامنية واقامة السدود
الواقية من أي عامل آسيوي هدد على مدى
التاريخ مناطق النفوذ وحتى الدول في
اوروبا نفسها. اما المسلك الرابع وهو الأكثر أهمية فهو
مسلك التاريخ، وما يحمله من زوادة فيها
المتنوع: من الخلافات الدينية
المسيحية الاسلامية واليهودية،
والمذهبية وتحديداً السني الشيعي
وأطرافهما، وفيه ايضاً قوى التنور
والديموقراطية العلمانية ذات المنشأ
المدني، وفيه القوى الاسلامية
والمسيحية المتنوعة المآرب والمشارب
مع طموحاتها وأهدافها ورؤيتها للكون،
فيه الاقليات الاثنية ومشاريعها
وأهدافها، وفيه الطبقات الاجتماعية
ومراكزها ونفوذها، وفيه القوى
العسكرية ونفوذها وسلطاتها، وفي
المسلك المعاكس هنالك الجغرافيا، التي
تحكم حركة هؤلاء جميعاً وتجعل من سورية
ممراً الزامياً لكل من اراد العبور الى
اراضي الثروات والاحلام، سواء في
افريقيا او الخليج العربي، وفيه دول
مجاورة ذات سطوة اقليمية تاريخية،
وفيه ممر مقطوع بين ركني الامة الاسيوي
والافريقي بسبب الاحتلال الاسرائيلي
لفلسطين، وفيه شواطئ دافئة تقبع تحتها
ثروات هائلة حديثة من الغاز والنفط. وفيه اخيراً شجرة الزيتون التي تعلم كيف
توزع خيرات الارض على حبات صغيرة
وكثيرة لكي يستمتع بها أكبر قدر ممكن
من الناس. * كاتب عربي مقيم في المانيا ================= الأردن في مواجهة
الأحداث في سورية الثلاثاء, 01 مايو 2012 إبراهيم غرايبة * الحياة تبدو الثورة السورية وتداعياتها
وتفاعلاتها أزمة مقلقة للأردن في كل
الاحتمالات والمسارات وفي ظل أي موقف
يختاره الاردن من الأحداث، انتصر
النظام السياسي وسحق الثورة، أو
انتصرت الثورة، أو بقي الحال على ما هو
عليه (استمرار الثورة والمجازر معاً)
وسواء أيد الأردن النظام السياسي أو
الثورة أو اتخذ موقفاً محايداً؛ فإنه
يخسر ويدفع ثمن موقفه وثمن الحالة في
سورية، ولذلك فإن الغموض أو التناقض في
الموقف الأردني يزيده خسارة
وارتباكاً، ولا مناص من التفكير
والرهان على واحدة من النهايات
المتوقعة والممكنة في سورية، وأن
يستعد لما بعد سقوط النظام السياسي أو
انتصاره. هل يستطيع الأردن أن يتخذ موقفاً محايداً
يكون مقبولاً لدى الطرف المنتصر في
سورية؟ هذا بالطبع ما تتمناه الحكومة
الأردنية، المشكلة أن الأردن يتخذ
مواقف منسجمة مع الاتجاه العالمي
ومتضامنة مع الحالة الإنسانية للاجئين
السوريين، والذين تجاوز عددهم المئة
ألف لاجئ، ولكن الحكومة لا تريد أن
تتعامل مع اللاجئين السوريين
باعتبارهم لاجئين وفق القانون الدولي
أو أن تنشئ لهم مخيمات ترعاها الأمم
المتحدة، وفي الوقت نفسه، فإن عشرات
الآلاف من اللاجئين عبروا الحديد،
والكثير منهم مصاب بجراح خطيرة، وفيهم
عدد كبير من الأطفال والنساء والشيوخ،
وهناك أيضاً نشاط تجسسي كبير للنظام
السياسي السوري على الأراضي الأردنية
يؤدي إلى قلق وخوف من تحول الأردن إلى
ساحة للصراعات السورية - السورية. لا يريد الأردن أن يعلن انحيازه الواضح
الى الثورة السورية، وربما يتمنى لو
يتمكن النظام السياسي في سورية من أن
ينجح في اجتياز أزمته على نحو يحقق
الاستقرار في سورية ويوقف الحملة
السياسية والإعلامية الخارجية وكأنها
طبول حرب قادمة، لكنها تبدو حرباً غير
قادمة بالفعل، أو أنها تتحول إلى حرب
أهلية، يمد معظم العالم طرفاً منها
بالتأييد السياسي والإعلامي، ويمد طرف
آخر من العالم النظام السياسي
بالتأييد والدعم على نحو يستعيد الحرب
الباردة، وهو بالطبع ما لا يريده
الأردن وربما لا يحتمله. الموقف الشعبي والإعلامي في الأردن يبدو
واضحاً ومعلناً في تأييد المعارضة
السورية ومساعدة اللاجئين القادمين
إلى الأردن، ولكن الموقف الرسمي يبدو
مرتبكاً وغامضاً... ففي حين يسمح
للإعلام والحراك الشعبي بالتعبير
صراحة عن موقفه الإعلامي والإنساني،
فإن التصريحات الرسمية تبدو معارضة
للتدخل الخارجي في سورية، وتؤكد عدم
التدخل في الشأن السوري، وإن كان
الإعلام ينشر أخباراً لا بد من أن
مصادرها رسمية عن إبعاد متورطين في
أنشطة تجسسية لمصلحة النظام السوري،
ويعلن أيضاً في الوقت نفسه عن تضييق
واستبعاد بحق نشطاء المعارضة السورية. كان الخلاف في الرأي العام الأردني حول
سورية فرصة جميلة للحكومة الأردنية
لتوضيح حيادها وغموض موقفها، ولكن
مؤيدي النظام السوري ينحسرون مع تزايد
المجازر والإمعان في تجاهل حقائق
التحولات الكبرى في المجتمعات العربية
والموقف العالمي منها، وبخاصة أن
مؤيدي النظام السوري من الأردنيين
منخرطون في نشاط سياسي وإعلامي يطالب
الحكومة بالإصلاح والديموقراطية! هل تستطيع الحكومة أن تجمع بين
المتناقضات في موقفها وسلوكها تجاه ما
يجري في سورية؟ وهل سيكون هذا الموقف
مفيداً للأردن في المستقبل؟ ما يحدث في سورية يؤثر تأثيراً مباشراً في
الأردن اقتصادياً وسياسياً
واجتماعياً، كما أن الأردن جزء من
المنظومة الدولية والعربية، ولا بد من
أن يكيف موقفه وسياساته منسجماً مع
الموقف الدولي والإقليمي، وربما يكون
أسوأ سيناريو بالنسبة إلى الأردن هو
استمرار الوضع الحالي (الثورة والقمع
الوحشي معاً) لفترة طويلة، ذلك أنه وضع
يمثل مأساة إنسانية وسياسية
واقتصادية، وينعكس على الأردن في
أعباء اقتصادية وأمنية جديدة. يؤكد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أن
الموقف الرسمي لا يعني الموافقة على ما
يحدث في سورية، ويبدو أن السؤال الذي
يشغل الأردن الرسمي: كم من الزمن سيبقى
النظام السوري؟ وإذا كان سيصمد زمناً
طويلاً، فهل من المناسب أن تحسم
الحكومة الأردنية خيارها بمقاطعة
النظام السوري؟ وهل سيكون ممكناً
احتمال كلفة هذا الموقف لفترة طويلة من
الزمن؟ ويبقى سؤالاً وارداً ولا يمكن
تجاهله ماذا لو حسم النظام السياسي في
سورية المواجهة لمصلحته وقضى على
الثورة وأسكتها؟ المسألة في الأردن تبدو مرجحة أو محسومة
على أساس التفكير في ما بعد النظام
البعثي الأسدي في سورية، ولكن السؤال
الحقيقي متصل بإدارة الوقت والزمن
الانتقالي والضائع. وعلى أية حال، فإنه
إذا أصبحت سورية مسألة دولية، فإن
إدارة الأزمة محكومة بالعلاقة مع
المجتمع الدولي وليس بالعلاقة مع
سورية، ولن تكون حسابات الربح
والخسارة ذات قيمة أو أهمية كبرى. من المؤكد أن الأردن سيخسر اقتصادياً
ويتحمل أعباء وضغوطاً في المدى القريب
في كل الاحتمالات وفي ظل أي سيناريو
يتحقق أو ينجح، ولكن ذلك لا يعني شيئاً
ولن يحسب للأردن سلباً أو إيجاباً سواء
بقي/ انتصر النظام السياسي أو رحل. * كاتب أردني ================= الحرب الأهلية آخر
أوراق النظام السوري الثلاثاء, 01 مايو 2012 غازي دحمان * الحياة ليس في حساب التيار المؤثر في النظام
السوري، ولا في نيته، تطبيق خطة
المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان،
حيث يضمر هذا التيار، من خلال سلوكه
الانتظاري وإتباعه إستراتيجية ترحيل
المشاكل، رهاناً جلياً على متغيرات
تقدر أوساطه أوان حدوثها، وان من شأنها
التأثير في بنية الحدث الداخلية
وبيئته الخارجية. وربما لا يحتاج الأمر كثيراً لإدراك
حقيقة أن موافقة النظام على الإنخراط
في العملية الأممية هي ذات طابع
تكتيكي، على أهمية الضغوط التي
تمارسها بعض الدول الغربية في هذا
المجال، ذلك أن الهامش الزمني الذي
تتيحه هذه العملية، والذي يمتد لأكثر
من ثلاثة أشهر، يشكل في اعتقاد أركان
مطبخ الأزمة «مواجهة الثورة» فرصة
كافية لهضم البيئة الدولية للمتغيرات
الآتية وإدراجها بوصفها حيثيات أمر
واقع في سياق الحدث السوري (الانتخابات
الفرنسية والأميركية وما ترتبه من
انشغالات داخلية للإدارتين)،
وبالتزامن مع ذلك تجري إعادة هندسة
مسرح الحدث الداخلي عبر مزيد من القتل
والاعتقال لناشطي الثورة ومحركيها،
واستمرار عمل آلة التهجير، بخاصة أن
تجربة تهجير سكان حمص تشير إلى نجاح
أولي في إخراج هذه المدينة الثائرة من
خانة قوى الثورة، وكل ذلك بحسب تقديرات
أركان النظام. واستتباعاً لذلك، تبين الوقائع التالية
أن موافقة النظام على الدخول في
العملية الأممية تمت بناءً على تقدير
روسي للموقف الدولي من الحالة
السورية، وبخاصة عبر حراك ما يسمى
بأصدقاء سورية والذي بدا لصانع القرار
في الكرملين أن سياق العمل فيه يأخذ
طابعاً جدياً وفاعلاً، وبخاصة بعد
مؤتمر إسطنبول والتوجه للبحث عن
خيارات بديلة للتعامل مع الأزمة،
وكذلك قيامه بتشكيل آليات للعمل،
كمجموعة متابعة الأزمة المكونة من
أربعة عشر بلداً مؤثراً، وقد كان لتحرك
هذه المجموعة صدى في الكرملين أكثر منه
في دمشق. من الواضح أن الإستراتيجية الروسية هنا
تقوم على قاعدة تبريد مواقف هذه الدول
وتخفيف درجة الحماسة لديها، وصولاً
إلى مرحلة يتفكك فيها هذا التحالف
القائم على واقع الأزمة الإنسانية
الضاغطة في سورية من غير أن يتضمن أي
بعد إستراتيجي، كما تسعى موسكو إلى
إدخال العالم في جدال يبدأ من وجود
إرهاب منظم في سورية تقوده «العصابات
المسلحة» وهي قضية تستوجب من السلطة
صاحبة السيادة مواجهته، وقد نجحت
روسيا بالفعل في توزيع المسؤولية بين
طرفي الأزمة، وعملت على توضيح طرف ثان
وإيجاده عنوة وقد قبل العالم بهذا
التوزيع وأقره، في حين أن الطرف الثاني
ليس سوى الشعب مقابل السلطة، حتى وإن
انطوى على مكون عسكري هو في حقيقته صدى
للحراك الشعبي وليس حالة منفصلة وخاصة. ولعل الأمر الموكل للنظام فعله ضمن
الإستراتيجية الروسية، وفي إطار
الهامش الزمني الذي تتيحه خطة أنان،
العمل على وقف حركة الاحتجاجات عبر رفع
وتيرة أعمال الاعتقال والقتل المكثف
للناشطين، وكذلك وقف حركة الانشقاقات
داخل الجيش النظامي والتي باتت
خطورتها تكمن في عدم معرفة النظام
لإمكانية تطورها والأشكال التي من
الممكن أن تتبدى بها. وبناءً على ما سبق، ليس في حسابات النظام
تطبيق مبادرة أنان أوالتعامل مع البند
المخفي فيها وهو الانتقال السلمي
للسلطة، حيث يعتقد النظام أن التسويات
الدولية قد تجاوزت هذه القضية، في حين
أن الأمر في إدراك الشارع السوري
وتصميمه أصبح غير قابل للتسوية ولا حتى
على الطريقة اليمنية، فهذه الإمكانية
خرجت من حقل التسويات والممكنات بعد كل
هذا الدم والدمار الذي وقع في سورية.
وعلى ضوء ذلك، فإن خيارات النظام باتت
تنحصر إما في إسكات الثورة وبالتالي
البحث مستقبلاً عن سبل لإعادة تأهيل
النظام دولياً وإقليمياً، وإما إدخال
البلاد في حرب أهلية يتم فيها تجهيل
الفاعل والمسؤول عن كل ما سبق من آثام
عبر إحالتها إلى الحرب الأهلية التي
يشترك في مسؤوليتها كل الأطراف. * كاتب سوري ================= لا غنى عنها.. لكنها
غائبة عن الأزمة السورية جاكسون ديل الشرق الاوسط 1-5-2012 ظل الخبراء والحكماء يزعمون طوال عام أن
الربيع العربي يبشر باقتراب حقبة
جديدة في الشرق الأوسط لن تكون
الولايات المتحدة فيها هي «الدولة
التي لا غني عنها» كما وصفها بيل
كلينتون يوما ما. مع ذلك، أثبتت الأزمة
السورية أنهم مخطئون. والدليل على ذلك -
حتى هذه اللحظة - يتمثل في إخفاق الأمم
المتحدة ودول الجوار السوري حتى الآن
في منع الدولة من الانزلاق نحو هاوية
الحرب الأهلية في غياب القيادة
الأميركية. مع ذلك، لم تحسم القضية
بعد، لأن كل القوى والمنظمات الأخرى
التي تطمح لملء الفراغ الذي خلفته
واشنطن في دمشق حاولت وفشلت في ذلك. فلنبدأ بتركيا، إحدى دول جوار سوريا
وحليفتها السابقة، التي كانت الفائز
الأكبر من ثورتي تونس ومصر
والاضطرابات التي تشهدها البلدان
الأخرى، بحسب البعض. أرسل رئيس الوزراء
التركي، رجب طيب أردوغان، العام
الماضي وزير خارجيته حاملا رسالة إلى
بشار الأسد ينصحه فيها بالتوقف عن قتل
المدنيين وعقد لقاءات مع المعارضة
وإجراء إصلاحات ديمقراطية. قال الأسد
إنه سيفعل، لكنه كان يكذب واستمر في
القتل. ومنذ ذلك الحين، يكرر المناورة
مع جامعة الدول العربية وروسيا ومبعوث
الأمم المتحدة كوفي أنان. شعر أردوغان،
الرجل المتقلب المزاج، بالغضب وسمح
لقادة المعارضة ومنهم الجيش السوري
الحر باللجوء إلى تركيا وتنظيم صفوفهم
فيها. وأشار إلى دعمه إنشاء ممر
للمساعدات الإنسانية أو منطقة لجوء في
سوريا، أي منطقة تسيطر عليها قوى
خارجية وتدافع عنها قوات مسلحة إن
استدعى الأمر ذلك. مع ذلك، لم يتم إنشاء
هذا الممر، والسبب واضح؛ وهو أن الجيش
التركي لن يتخذ مثل هذه المبادرة
العسكرية دون دعم فعّال من الولايات
المتحدة إن لم يكن حلف شمال الأطلسي
بأكمله. لا يعني هذا عدم قدرة تركيا على الاضطلاع
بذلك، فقد نجحت عام 1998 في إرهاب النظام
السوري فقط بحشد قواتها على الحدود. مع ذلك، كشفت هذه الأزمة عن نقطة ضعف
تتعلق بطموحات أردوغان الإقليمية، حيث
لا تستطيع تركيا، التي كانت يوما ما
قوة استعمارية خلال الحكم العثماني،
التدخل في شؤون أي دولة عربية دون أن
تتعرض لخطر رد فعل انتقامي واسع النطاق.
وتثير الحكومة ذات التوجه السني
المعتدل الشكوك في نفوس المسيحيين
والأكراد الذين يمثلون أقلية في سوريا
ناهيك بنفوس العلويين. لقد حالت التوترات الطائفية دون اتخاذ
جامعة الدول العربية موقفا صارما، حيث
تتشكك بعض الدول ذات الحكومات
الشيعية، مثل العراق ولبنان، في دول
سنية تتوق للتدخل مثل المملكة العربية
السعودية وقطر. على الجانب الآخر،
تعثرت محاولات بعض دول الخليج الفردية
لتزويد المعارضة بالأسلحة. أما بالنسبة لروسيا، فقد أخفقت في
محاولتها تقديم نفسها طرفا مؤثرا في
الشرق الأوسط من خلال الوساطة من أجل
التوصل لاتفاق تسوية سورية. ويريد
الكرملين إنقاذ الأسد، لكنه يرفض
اتخاذ أي خطوات باتجاه التوصل إلى
اتفاق يبقي على النظام. ويمكن لموسكو
أن تمنع مجلس الأمن من فرض عقوبات
صارمة أو إقرار تدخل عسكري، كذلك
يمكنها تزويد الجيش السوري بالسلاح
والوقود، لكن تبين خلال الأسابيع
القليلة الماضية، أنها لا تستطيع أن
تحول دون انزلاق سوريا إلى حرب أهلية. ويبقى مبعوث الأمم المتحدة، كوفي أنان،
الذي يبدو عازما على تكرار كل الأخطاء
التي ارتكبتها الأمم المتحدة في
البلقان خلال فترة توليه منصب الأمين
العام لها في التسعينات. لقد أقنع مجلس
الأمن بإرسال مراقبين غير مسلحين
لمراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار،
وعندما لم يحدث وقف لإطلاق النار، كان
جوابه على أكاذيب ووعود الأسد الجوفاء
هو تجديد وساطته بدلا من التخلي عنها. أصيب الدبلوماسيون الأوروبيون والعرب
العاملون في الملف السوري بانهزامية
وإحباط، حيث يهزون أكتافهم ويقولون
إنه لا توجد حلول أو شيء يمكن القيام به
لوقف القتال والتوصل إلى اتفاق دولي
على اتخاذ إجراءات أكثر حسما وصرامة.
إنهم يقولون ذلك، ثم يتكهنون بالوقت
الذي ستتخلى فيه إدارة أوباما عن
سلبيتها إذا كانت ستفعل في الأساس. تستطيع الولايات المتحدة القيام بما هو
أكثر من إقامة منطقة آمنة في سوريا
والدفاع عنها، بمساعدة تركيا وحلف
شمال الأطلسي. إذا دعمت تسليح الجيش
السوري الحر، من المؤكد أنه سيحصل على
المزيد من الأسلحة. ويعتقد كثير من
المعارضين السوريين أن الإعلان عن مثل
هذه المبادرات الأميركية سيقوض نظام
الأسد من الداخل. ويحتاج هذا بطبيعة
الحال إلى قرار من الرئيس أوباما.
وللقيام بذلك، عليه أن ينحي جانبا فكرة
الحصول على موافقة من مجلس الأمن على
أي إجراء يريد اتخاذه. وسيتعين على
أوباما إقامة تحالف مخصص لهذا الغرض مع
تركيا والدول الأعضاء في حلف شمال
الأطلسي تحت قيادة الولايات المتحدة.
وسيكون عليه أيضا إصدار تعليمات
للدبلوماسيين الأميركيين بتكثيف
عملهم مع حركات المعارضة السورية
والطوائف المختلفة من أجل التوصل إلى
توافق حول تصور لوضع البلاد بعد الأسد. ويعني هذا ضرورة أن يتصرف أوباما وكأن
الولايات المتحدة لا تزال كما رآها بيل
كلينتون؛ دولة لا غنى عنها. * خدمة «واشنطن بوست» ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |