ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أوباما يريد تأجيل
الثورة السورية إلى ما بعد
الانتخابات الجمعة, 04 مايو 2012 راغدة درغام – نيويورك الحياة سيسعى القائمون على الحملة الانتخابية
لإعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما
لولاية ثانية، إلى إبعاد مسائل
السياسة الخارجية، سيما تلك التي قد
تورط الولايات المتحدة في نزاعات
وحروب. سيعملون على إبراز قتل زعيم «القاعدة»
أسامة بن لادن بصفته أهم انجاز للرئيس
أوباما، أقله من ناحية الأمن القومي
الأميركي، وبصفة العملية بحد ذاتها
شهادةً على شخصيته وقيادته. ما عدا ذلك
من أمور سيدخل في خانة إدارة الأزمات
إذا كان في قدرة حملة أوباما ضبط
الصراعات واحتواؤها وإبعادها الى ما
بعد شهر تشرين الثاني (نوفمبر) موعد
إجراء الانتخابات الرئاسية. هذه
الإستراتيجية لها مبرراتها، نظراً
لانزواء الناخب الأميركي في شبه
انعزالية، وإيلائه الأولوية القاطعة
لما يؤثر في معيشته وحالته الاجتماعية
وديون الدولة ونسبة البطالة ومستقبل
الاقتصاد. الا ان مخاطر هذه
الإستراتيجية جدية، كما أنها ليست
مُصانة بسبب طبيعة الحدث، سيما في
منطقة الشرق الأوسط واحتمال انزلاقه
الى مرتبة لن يكون في المستطاع
تجاهلها، فالرئيس الأميركي أعلن من
أفغانستان هذا الأسبوع ان دور
الولايات المتحدة في الحرب الأفغانية
يقترب من نهايته، لكن الولايات
المتحدة لن تتخلى عن هذا البلد ولا عن
استكمال الحرب على «القاعدة». قال إن
التغلب على «القاعدة» بات في متناولنا.
خاطب مواطنيه من كابول بعد أكثر من عقد
من الحرب في أفغانستان، التي زارها لست
ساعات بصورة سرية ومفاجئة بمناسبة
الذكرى الأولى لمقتل بن لادن. لكن
الحرب على «القاعدة» لم تعد حصراً في
أفغانستان، ف «القاعدة» تملك قواعد في
باكستان واليمن -وكلا البلدين في وضع
قابل للانفجار-. إدارة أوباما ليست
غائبة عن ملاحقة «القاعدة» في باكستان
أو داخل اليمن، إنما اليمن يتطلب
معالجة أعمق، إذ إنه يقترب من التحول
الى دولة مارقة مُصدِّرة لنوع جديد من
التطرف والإرهاب قد يجعل منه صومال أو
أفغانستان اخرى. السودان أيضاً قنبلة
مؤقتة ستتطلب إزالة فتيل التفجير منه
إجراء حديث معمق وجدي بين الصين
والولايات المتحدة، حيث للاثنتين
أدوار تمتد من المصالح النفطية الى لعب
واشنطن دور عرّاب تقسيم السودان.
العراق ليس حدثاً مضى، وإنما مازال
مهدَّداً بالتقسيم والحرب الطائفية
الأهلية. مصر تدخل مرحلة تاريخية خطيرة لن يفيد
فيها أسلوب الإنقاذ عبر ضخ المال بعد
فوات الأوان. إيران تشكل خنجراً في
خاصرة الولايات المتحدة تخشى إدارة
أوباما سحبه وتبذل قصارى جهدها
لإبقائه على قدر عمقه، ففي إيران تضيع
إدارة أوباما بين الترغيب والتهديد،
ونحو الجمهورية الإسلامية الإيرانية
تعرّي إدارة أوباما نفسها، فهي لا تريد
عملاً عسكرياً ضد ايران، وهي لا تريد
تكبيل الجمهورية الإسلامية عبر مسمار
العجلة الأساسي لها، أي حليفها السوري.
أما في سورية، فإن ما يحدث هناك قد يرتد
على إستراتيجية كل من القائمين على
حملة إعادة انتخاب أوباما، وكذلك على
إستراتيجية القائمين على إبقاء حكم
بشار الأسد ونظام البعث، فمن هناك ربما
يأتي الحدث الذي قد يجبر أوباما على
الكف عن الهروب الى الوراء. أما إطالة
الوضع الراهن، بكل ما فيه من تمادي
النظام السوري في سياسة إنهاك
المعارضة وإنهاك الأسرة الدولية، فإنه
سيسفر في نهاية المطاف عن تنمية التطرف
ونموه وحشاً خطيراً في هذه المنطقة
المهمة إستراتيجياً، ولن تفيد عندئذ
سياسة دفن الرؤوس في الرمال. سورية محطة مهمة للحملة الانتخابية
لباراك أوباما مهما تمنى القائمون على
الحملة تحييدها أو تفاديها، ففي سورية
تتقاطع العلاقة الأميركية-الإيرانية
والعلاقة الأميركية مع دول مجلس
التعاون الخليجي، وفي مقدمها المملكة
العربية السعودية وقطر ودولة
الإمارات، ذلك ان السياسة الأساسية
التي اعتمدتها هذه الدول عازمة على عدم
التعايش مع النظام السوري تحت أي ظرف
كان من جهة، ومن جهة أخرى، ان بعض هذه
الدول، والسعودية بالذات، تقرأ
السياسة التي تقوم على التعايش مع
النظام في دمشق على انها سياسة
المحافظة على النظام في طهران ودعم
الملالي حتى في طموحات الهيمنة
الإقليمية التي لطالما راودتهم. صحيح ان العلاقة الأميركية-السعودية لن
تتدهور الى الحضيض بسبب الأسباب
الإستراتيجية والتاريخية المتعددة في
هذه العلاقة. انما عمق الفجوة بخصوص
سورية سيترك أثره بالغاً إذا أسفرت
سياسة إدارة أوباما عن دعم بقاء النظام
في دمشق وتشجيع النظام في طهران على
المضي بنهجه، فهذا ليس خلافاً عابراً.
والمملكة العربية السعودية لن تتمكن
من التراجع عما آلت اليه سياساتها،
سيما بعدما -ولأول مرة- جعلتها علنية
وواضحة وعازمة، فالقضية وجودية للرياض
في ما يتعلق بالجمهورية الإسلامية في
إيران، وبالتالي من المفيد لإدارة
أوباما ألا تأخذ الأمور على انها «بزنس
كالعادة»، فلقد طرأ تغيير على السياسة
السعودية في السنتين الماضيتين يجب
أخذه على محمل الجد والتعمق في أسبابه
وأبعاده. فهذا بلد عربي مهم وله نفوذ
ووزن يجب أخذهما بجدية عند رسم السياسة
الأميركية نحو منطقة الشرق الأوسط. ثانياً، بغض النظر عن الموازين الإقليمية
وصراع النفوذ في الشرق الأوسط، ان
المسألة السورية داخلية أولاً، ولقد
بدأت الانتفاضة الشعبية في سورية
سلمية في البداية، الى ان واجهتها
الآلة العسكرية القاتلة للنظام في
دمشق. الآن، وبعدما وصل عدد الأرواح
التي سقطت في سورية حوالى 11 ألفاً، ليس
من المعقول التفكير بأن في قدرة النظام
العودة -كالعادة- الى «بزنس»، فلقد
تحطمت العلاقة التقليدية مع الحكم
ومفاتيحه وهالته والخوف منه. لن يكون
في الإمكان إعادة المياه الى مجاريها. الاختباء وراء الأمين العام السابق للأمم
المتحدة، المبعوث المشترك للأمم
المتحدة وجامعة الدول العربية كوفي
أنان، بات فاضحاً، فخطته قائمة على
بقاء النظام وليس على تسليم مفاتيح
النظام الى محاور من أجل صياغة عملية
سياسية انتقالية. جامعة الدول العربية
تدرك ذلك، كما تدرك انها تسلقت هبوطاً
من قرارات 22 كانون الثاني (يناير)، التي
قامت على أساس العملية السياسية
الانتقالية. وضعت نفسها في أيادي كوفي
أنان، الذي بدوره وضع نفسه خارج
إطارها، فتصرف أساساً كمبعوث أممي
أولاً، وكمبعوث عربي هامشياً. وحتى مع
الأمم المتحدة، وضع كوفي أنان نفسه فوق
الولاية أو المحاسبة. انه يرفض التوجه
الى نيويورك لمخاطبة مجلس الأمن
ويتصرف فوق ولاية من المجلس، لأن
المجلس ليس الجهة التي أصدرت قرار
إنشاء ولايته. يتصرف وكأنه أمين عام
موازٍ للأمين العام بان كي مون -مع انه
فعلياً مبعوث له وولايته أتت بقرار من
الجمعية العامة-، ولذلك أنشأ انان
أمماً متحدة مصغرة في جنيف، من حيث
يعقد المؤتمرات وعلم الأمم المتحدة
يرفرف وراءه. خطة أنان ليست سيئة، بالرغم من انها
انطلقت من إبقاء النظام في دمشق وليس
على أساس تسليمه مفاتيح السلطة الى حكم
تعددي. السيء هو «طول نفس» أنان في وجه
تمادي دمشق بالانتهاكات وعدم تنفيذ
الوعود وتغيير قواعد اللعبة لدرجة
السماح لأركان النظام السوري بتحديد
خريطة الطريق وإملاء الشروط حول مَن
يسير عليها والى أين. متى ينفد الصبر الذي تهدد به الإدارة
الأميركية يومياً؟ البعض يقول ان
المهلة الزمنية التي في ذهن كوفي أنان
هي ال 90 يوماً التي أعطاها مجلس الأمن
في قرار إنشاء بعثة المراقبين التي
بدأت الوصول الى سورية، بل إن أنان طلب
ميزانية لسنة كاملة بمبلغ 8 ملايين
دولار لمهمته السياسية. نفاد الصبر لا
يبدو أبداً في أفق أنان، فهو لا يريد
فشل مهمته، وجاهز للتأقلم مع المعطيات
بما يضمن عدم الفشل، أي أن انان ليس
جاهزاً لمواجهة مع النظام في دمشق، بل
هو أكثر جهوزية لتلبية طلب دمشق وموسكو
بتحميل المعارضة المسؤولية. لكن الفارق كبير بين إلقاء القدر نفسه من
اللوم على المعارضة، كما على النظام،
في إطار العنف، وبين تقديم المساعدة
الى أركان المعارضة لتشكيل جبهة
سياسية للتفاوض لها صدقية. فريق أنان
يقوم بالمهمتين، وهذا خطير، لأنه
يمكّن النظام في دمشق من التملص من
كونه المسؤول الأول عن العنف، وكذلك
يعطيه فسحة التنفس وإعادة فرز أوراق «المحاور»
فيما تنصبّ الجهود والضغوط على
المعارضة. وللتأكيد، فإن رعاية الحوار بين أقطاب
المعارضة واللاعبين الدوليين مسألة
جداً ايجابية، لأن من الضروري لجم شهية
أمثال الإخوان المسلمين للسيطرة على
الحاضر والمستقبل في سورية، بناءً على
فورة صعود الإسلاميين الى السلطة في
المنطقة العربية. هنا، القلق والدور
الروسيان في محلهما، نظراً لأن روسيا
تجد نفسها مطوقة بخمس جمهوريات
إسلامية لا تريد صعود الإسلاميين فيها
الى السلطة. مثل هذه المشاغل الروسية يمكن توظيفها
إيجابياً في التأثير على مواقف مختلف
أطياف المعارضة السورية وطموحاتها. بل
أصدر الإخوان المسلمون، ولأول مرة،
بياناً قبل بضعة أسابيع يُعتبر
ثورياً، إذ إنه انطوى على تعهدات لم
يسبق أن قطعها الإخوان المسلمون على
أنفسهم، من التعددية الى احترام حقوق
الأديان الأخرى في الحكم وفي المجتمع.
مثل هذه المواقف تتطلب تقنينها في شبه
ضمانات كي يكون في الإمكان طمأنة أطراف
المعارضة الآخرين وليس فقط أولئك
الذين يتخوفون من تملك الإخوان
المسلمين السلطة واستفرادهم بها. نائب المبعوث الأممي العربي المشترك،
ناصر القدوة، يلعب دوراً مع المعارضة
وما بين أطرافها. دول أخرى عيّنت خبراء
رفيعي المستوى للمساعدة في تجهيز
المعارضة سياسياً. إنما واقع الأمر
يبقى ان السلطات السورية ترفض حتى
استقبال، أو الاعتراف بناصر القدوة
نائباً لكوفي أنان. واقع الأمر ان
إجراءاتها على الأرض تنهك المعارضة
وتدمر بنيتها التحتية فيما العالم
ينتظر تقريراً آخر من كوفي أنان. الدول الكبرى منقسمة، وزير خارجية فرنسا
ألان جوبيه يتحدث عن الفصل السابع من
ميثاق مجلس الأمن الذي يتضمن فرض
عقوبات أو ممرات إنسانية آمنة على
سورية، وزارة الخارجية البريطانية
استدعت المساهمات في تشكيل ملف يسجل
تجاوزات وانتهاكات النظام السوري،
تهيئةً لإحالته على المحكمة الجنائية
الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد
الإنسانية، أما الإدارة الأميركية،
فإنها أحياناً تتحدث بنبرة «بدأ صبرنا
ينفد»، وبتكرار بلا ترجمة فعلية،
وأحياناً أخرى تعمل بجدية وراء
الكواليس للجم الدول العربية التي
تريد تسليح المعارضة أو إنشاء ممرات
آمنة، وذلك باسم العملية السياسية
والخوف من الحرب الأهلية ومن... القاعدة.
أما حلف شمال الأطلسي، فحدِّث ولا حرج،
انه يتعهد للنظام في دمشق بأنه لن يوجه
ضربة عسكرية مهما حصل. كل هذا لا ينفي ما يحدث وراء الكواليس من
استعدادات لمرحلة ما بعد الفيتو
الروسي الثالث أو الرابع أو الخامس في
مجلس الأمن، بعد إنهاك الصبر
والديبلوماسية، فالكلام يزداد على
إنشاء تجمع للدول لن يحتاج قراراً
لمجلس الأمن للتدخل العسكري ولن يرضخ
الى الفيتو الروسي أو الصيني كما حدث
في يوغوسلافيا السابقة. البعض يقول إنه كان أجدى لكوفي أنان لو
بدأ سياسة الترغيب مع بشار الأسد بعدما
تحرك بغموض وجدية في مقر حلف شمال
الأطلسي، وكذلك في تركيا، لكانت
الرسالة واضحة وقوية. البعض الآخر يقول
ان إصرار أنان على إيفاد بعثة
المراقبين من 300 عنصراً حتى بعدما
تراجعت الحكومة السورية عن تعهداتها
بسحب جيشها من الثكنات وإخلاء المراكز
السكنية انما يهدد أرواح المراقبين
ويجعل من المسألة قنبلة موقوتة. بغض النظر عن صحة هذا أو ذاك، فإن دخول
مراقبين دوليين عقر الدار السورية قد
يؤدي الى إنهاك النظام، ذلك انه بات
تحت المراقبة. لكن التصدي لسياسة دمشق القائمة على
إنهاك المعارضة وانهاك السياسة
الدولية يتطلب بالتأكيد كف إدارة
أوباما عن إرباك الآخرين، حيناً بتعهد
خالٍ من الأسنان، على نسق حان وقت رحيل
الأسد، أو بدأ نفاد الصبر، وحيناً آخر
بظهور هذه الإدارة في حاجة ماسة الى
إقناع الطرفين –الحكومة والمعارضة–
بإبعاد ملف سورية عن الانتخابات
الأميركية، فواشنطن تريد تأجيل الثورة
وتأجيل مسيرة التغيير في المنطقة
العربية الى ما بعد الانتخابات. لكن
العالم لن يتوقف بالضرورة، فالتأجيل
والمماطلة قد يرتدان على منطقة الشرق
الأوسط والولايات المتحدة وسواساً
ووحشاً لجمه سيكون مكلفاً. ================ خطة أنان وخطط أمريكا:
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً! صبحي حديدي 2012-05-03 القدس العربي رغم أنّ تطبيق بنودها الستة يمكن أن يُلحق
الأذى بالنظام السوري، ولعلّ تنفيذ
بعض هذه البنود فعل هذا، وسيفعله على
نحو أوضح في الفترة القادمة (ومن هنا،
يصحّ القول إنّ المعارضة السورية
أصابت حين وافقت عليها)؛ فإنّ خطة كوفي
أنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة
العربية، لا يمكن أن تنفصل عن طبيعة
الفعل، أو الفاعلية، التي ميّزت عمل
منظمة الأمم المتحدة بصفة عامة. كان
محتوماً، بذلك، أن تبدأ أولى مظاهر
التعثر، أو العرقلة المقصودة، من داخل
اجتماعات مجلس الأمن الدولي ذاته (حول
مسائل ذات صلة، وأخرى واهية الصلة)؛
ثمّ تمرّ بالوقائع على الأرض (عدد
المراقبين، وجنسياتهم، وبروتوكولات
عملهم)؛ ولا تنتهي عند المآل الراهن
المتوقع: مساواة القاتل بالقتيل،
والجلاد بالضحية، والأسلحة الثقيلة
للجيش النظامي بالسلاح الخفيف لمقاتلي
'الجيش السوري الحرّ'... من جانبه، وعلى غرار ما فهم من قرارات
الجامعة العربية ونشر المراقبين
العرب، انخرط فريق النظام الأمني في
ألعاب الخداع والتضليل المكرورة
ذاتها، سواء من حيث استبدال وحدات
الجيش الموالي بعناصر الأمن (على قاعدة
أنّ هذه العناصر ليست مشمولة بالبند
الثاني من الخطة، والذي يشترط سحب
الوحدات العسكرية والأسلحة الثقيلة)؛
أو إخفاء الدبابات والمدرعات
والمدفعية وراجمات الصواريخ، على
النحو الكاريكاتوري ذاته الذي استهوى
بشار الأسد نفسه (كما فضحته إحدى
رسائله الإلكترونية، حول لعبة إخفاء
الدبابة). ألعاب أخرى تضمنت إطلاق سراح
عدد محدود من الناشطين، من باب الإيحاء
بتطبيق البند الرابع من الخطة، ثمّ
اعتقال دفعة جديدة تعوّض الفرق (كأن
يتمّ الإفراج بكفالة عن الصبية يارا
ميشيل شماس، 21 سنة، على أن تتم
محاكمتها بسلسلة تهم تصل عقوبة بعضها
إلى الإعدام؛ ولكن ليس قبل اعتقال
الناشط المخضرم سلامة كيلة، 57 سنة،
والطبيب جلال نوفل، 49 سنة). أحوال خطة أنان هي من أحوال خطط الأمم
المتحدة، إذاً، وخير الركائز في
استنتاج حصيلتها هي تلك الحكمة
العتيقة التي تقول: لقد أسمعتَ لو
ناديتَ حيّاً/ ولكن لا حياة لمن تنادي!
ليس الأمر جديداً، بالطبع، ولا هو ناجم
عن حال الاستقطاب الراهنة في مجلس
الأمن الدولي (بين الغرب من جهة،
وروسيا والصين من جهة موازية)، التي
تذكّر باستقطابات الحرب االباردة، ولا
الأصوات النشاز مقابل 'أوركسترا
الديمقراطيات' حسب التسمية المضحكة
التي أطلقها روبرت كاغان التي تقودها
الولايات المتحدة. هي سمة بنيوية،
ببساطة، لا تكفّ عن الانقلاب إلى معضلة
بنيوية بدورها، ما دامت مصالح الأمم
لها الأولوية على أي مصلحة كونية
مشتركة، لأي نظام دولي معتمَد. وقبل 'قصة النجاح' في ليبيا وهي في الواقع
نقيض التسمية، لأنها قصة كارثة ومأساة
وجريمة، فضلاً عن كونها عملية للحلف
الأطلسي في الحساب الأخير كانت الأمم
المتحدة قد فشلت في فلسطين، ولبنان،
والصومال، والبوسنة، وكوسوفو،
وجورجيا، وأفغانستان، والعراق؛ وتفشل
اليوم في سورية، وستفشل أغلب الظنّ في
إيران إذا قرّرت واشنطن إعطاء الحليف
الإسرائيلي رخصة بشنّ عدوان على منشآت
البلد النووية. ومن المفيد التذكير
بأنّ الحلف الأطلسي خاض الحرب في
كوسوفو دون ترخيص من الأمم المتحدة،
وأنّ غزو العراق نفّذته الولايات
المتحدة تحت راية ما سُمّي 'تحالف
أصحاب الإرادة' المؤلف من 27 دولة،
والمبادرة التي تقودها الولايات
المتحدة للحدّ من انتشار أسلحة
التدمير الشامل تجيز استخدام القوّة
في حال الضرورة وبمعزل عن مجلس الأمن
الدولي... الولايات المتحدة، قبل روسيا والصين، هي
المسؤولة عن تفريغ المنظمة الدولية من
أية فاعلية لا تتطابق مع المصالح
القومية الأمريكية، ومصالح الحلفاء
الأقربين في المقام التالي. 'لقد عدنا
إلى الانخراط مع الأمم المتحدة،
وسدّدنا فواتيرنا'، هكذا أعلن الرئيس
الأمريكي باراك أوباما، في أوّل خطبة
له أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم
المتحدة، خريف 2009 (استغرقت 41 دقيقة، أي
أطول ب 20 دقيقة من آخر خطبة ألقاها سلفه
جورج بوش، فاعتبرها البعض 'فأل خير'!).
صحيفة 'نيويورك تايمز' ساقت عبارة
الفواتير إياها، من فرط الإعجاب بها،
فاختارتها في ركن 'اقتباس اليوم'؛
وأمّا الموقع الرسمي للأمم المتحدة
فقد احتفى بالعبارة إلى درجة التزيّد،
وإضافة ما لم يقله أوباما بالحرف:
أمريكا سدّدت الفواتير المتأخرة عليها! في الآن ذاته كان الكثير من المعلّقين قد
افتُتنوا بواقعة التصفيق الشديد الذي
لقيه أوباما (وبلغ دقيقتين متواصلتين
في ختام الكلمة، عدا التصفيق المتقطع
لهذه الفقرة أو تلك)، مقارنة بنوبات
الصمت التامّ، أو التصفيق البارد
العابر، حين كان سلفه يعتلي منبر الأمم
المتحدة في اجتماعات سابقة. وبذلك لاح
أنّ الرئيس الأمريكي اكتسب مزيداً من
الشعبية هنا، في المحفل الدولي؛ هو
الذي أخذت شعبيته تتآكل تدريجياً
هناك، في بلده، وخاصة في تلك الأوساط
الشعبية المهمشة التي صنعت الكثير من
أسباب صعوده وفوزه. ولاح، أيضاً، وكأنّ الأولويات الأربع
التي حدّدها (الحدّ من التسلّح النووي،
سلام الشرق الأوسط، التغيّر المناخي،
ومعالجة الفقر في البلدان النامية)
ليست قديمة العهد، معادة، مكرورة، شهد
هذا المنبر النطق بها على لسان رئيس
أمريكي تلو آخر، مع تنويعات في الصياغة
الخطابية وحدها، وبراعة أو رداءة
الأداء الخطابي عند رونالد ريغان،
جورج بوش الأب، بيل كلنتون، جورج بوش
الابن، باراك أوباما... هذا إذا لم يعد
المرء بالذاكرة إلى أحقاب أخرى أبعد
زمناً في تاريخ منظمة الأمم المتحدة،
والعلاقات الدولية عموماً، سواء في ما
يتصل باتفاقية الحدّ من انتشار
الأسلحة النووية (1968)، أو التغيّر
المناخي (بروتوكول كيوتو، 1992)؛ بعد أن
يدع جانباً سلام الشرق الأوسط وفقر
البلدان النامية، فهذه أشبه بقضايا
عالقة في المطلق الأبدي! كان من المشروع حينذاك، وكما برهنت
الأيام بعدئذ أن يُقرأ خطاب أوباما على
نقيض الرسالة المركزية التي أراد
الرئيس الأمريكي إيصالها، ومفادها أنه
رجل التغيير هنا أيضاً؛ وسياسة
الولايات المتحدة تجاه المنظمة
الدولية قد تبدّلت، وصارت إيجابية
ومنخرطة وفاعلة، بعد أن كانت سلبية
عازفة جامدة. فهو، بادىء ذي بدء، أعاد
إنتاج مفردات الإدارة السابقة حول
السلام في الشرق الأوسط، وخاصة
التشديد على يهودية دولة إسرائيل،
واستخدم صياغة عالية التهذيب في
الإشارة إلى عدم شرعية المستوطنات (دون
أن يمنعه هذا من إعطاء الضوء الأخضر
لاستئناف البناء في ما أسماه ورئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو 'مخادع
النوم في ضواحي القدس'). قبل هذا كان
أوباما، خلال القمة الثلاثية مع
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
ونتنياهو، قد أكّد التزام الولايات
المتحدة بأمن الدولة العبرية، على نحو
قاطع وصريح وبليغ، أطرب الأخير فضحك
ملء شدقيه أمام الصحافة، وأتعس الأوّل
فاكفهرّ وعبس! في القضايا الأخرى التي تضمنها خطاب
أوباما، وهي جديرة بأن تُستعاد لأنها
بمثابة 'خريطة طريق' جديدة تعيد وكانت
إنتاج سياسات الإدارة السابقة، أو
تعيد صياغتها على نحو تجميلي منافق
دبلوماسي، كان طريفاً أن يدعو الرئيس
الأمريكي المجتمع الدولي إلى استشراف
القرن الجديد تحت خيمة الأمم المتحدة،
من جهة؛ وأن يقرّع العالم لأنه يعادي
سياسات أمريكا، ولا يساندها في
حروبها، ولا يمنحها ترخيصاً خالصاً
بالعمل الأحادي، أنى ومتى ارتأت
أمريكا استخدام أيّ من خياراتها في
التدخل الخارجي، من جهة ثانية. ولقد
فسّر حكاية العداء تلك كما يلي: 'بعض
السبب فيها يعود إلى سوء الإدراك أو
سوء المعلومات حول بلدي. بعضها الآخر
يعود إلى معارضة سياسات محددة،
واليقين بأنّ أمريكا تصرّفت لوحدها في
بعض القضايا، دون الاكتراث بمصالح
الآخرين. وهذا ما أدّى إلى نزعة عداء
شبه انعكاسية، كانت غالباً تُستخدم
كذريعة لامتناعنا عن المشاركة في
العمل الجماعي'. من الجلي أنّ أوباما تعمّد أن يتناسى كيف
وقف أقطاب ما يُسمّى 'المجتمع الدولي'
خلف إدارة بلاده، حين اعتزمت غزو
العراق، فاختارت حفنة من أبرز قيادات
الديمقراطيات الأوروبية (كانوا سبعة
بالتمام والكمال: الإسباني خوزيه
ماريا أثنار، البرتغالي خوزيه مانويل
باروسو، الإيطالي سيلفيو برلسكوني،
البريطاني توني بلير، التشيكي فاكلاف
هافل، الهنغاري بيتر ميجيساي،
البولوني لاشيك ميللر، والدانمركي
آنديرس راسموسن)، توقيع بيان مشترك
يدعو إلى الحرب ضدّ العراق. ولقد تجرّد
هؤلاء، علانية، من الضمير (القياسي
البسيط المتفق عليه كونياً، والذي
يحدث انه ضمير أوروبا القارّة العتيقة
العجوز، وضمير فلسفات العقل والحداثة
وحقوق الإنسان...)، ومارسوا، على الملأ،
قلّة احترام الذات، واحتقار الشعوب،
وغضّ البصر عن عذابات البشرية. وفي تلك البرهة من اصطفاف معظم
الديمقراطيات الغربية خلف الولايات
المتحدة، كانت الأرقام تقول إن أمريكا
تنفق على السلاح والجيوش والقضايا
الأخرى الدائرة حول فكرة 'الأمن القومي'
ما يزيد على مجموع ما ينفقه العالم
بأسره. وفي المشهد ذاته، قبل نشر عشرات
الآلاف من القوّات الأمريكية
والبريطانية في الخليج للانقضاض على
العراق، كان أكثر من نصف مليون عسكري
أمريكي ينتشرون في 395 قاعدة عسكرية
كبيرة، ومئات القواعد الثانوية
الأصغر، في 35 بلداً أجنبياً. ومنذ
الحرب العالمية الثانية وحتى عشية
اندلاع حرب الخليج الثانية، أنفقت
الولايات المتحدة أكثر من 200 مليار
دولار لتدريب وإعداد وتسليح جيوش
أجنبية في أكثر من 80 بلداً، أسفرت عن
أكثر من 75 انقلاباً عسكرياً، وعشرات
الحروب الأهلية التي تسببت في مئات
الآلاف من الضحايا. وفي غمرة ذلك كله كانت تجري عمليات 'تصنيع'
العدو وتأثيمه إلى المدى الأقصى الذي
يبرّر التدخل العسكري، والغزو،
والانقلاب، وإشعال الحروب الأهلية...
كانت هذه هي الحال مع بناما، مصر،
البيرو، البرتغال، نيكاراغوا،
التشيلي، جامايكا، اليونان،
الدومينيكان، كوبا، فييتنام، كوريا
الشمالية، لبنان، العراق وليبيا...
والولايات المتحدة، آنذاك كما اليوم
أيضاً، تنفرد وحدها بموقع رائدة 'العالم
الحرّ' بامتياز، التي تفرض الثقة أو
تحجبها، وتوافق أو لا توافق على هذه أو
تلك من التعاقدات الدولية، بصرف النظر
عمّن يبرمها. لكن أجهزتها الأمنية وتحت
ستار 'الأمن القومي' الأمريكي دائماً،
هذا الذي لا يكفّ أوباما عن التأكيد
بأنه لن يتراخى في الدفاع عنه شاركت في
إسقاط أنظمة ديمقراطية أو إصلاحية
منتخَبة، في عشرات البلدان. الولايات المتحدة ليست اختزال الأمم
المتحدة، بالطبع (وإلا فإن اللعبة سوف
لا تنكشف فقط، بل ستفسد قواعدها تمامأ)؛
ولكنها، في المقابل سيدة الساحة،
والحَكَم، وأحياناً الخصم والحكم
أيضاً. وليست منازعاتها، من حين إلى
آخر، مع روسيا أو الصين مثلاً، سوى
جوهر الحدّ الأدنى من التوازنات التي
توحي باستمرار اللعب بين أطراف أو
فرقاء، وليس بين طرف واحد يلعب مع
الذات، أو الحلفاء، أو الإمّعات! وخطة
أنان في التعامل مع النظام السوري
واحدة من خطط، ليس أكثر: تشغل الوقت
الضائع، وقد أسمعتْ لو نادتْ حياً! ' كاتب وباحث سوري يقيم في باريس ================ راجح الخوري 2012-05-04 النهار خلاصة تصريحات رئيس بعثة المراقبين
الدوليين روبرت مود الى شبكة "سكاي
نيوز" توضح منذ الآن ان مهمته قد
تنتهي كما انتهت من قبل مهمة المراقبين
العرب "ويا حصرماً رأيته في حلب"! اولاً: من المثير للاستغراب ان يحتاج مود
الى اسبوع تقريباً ليكتشف ان "وقف
النار هش... وان النجاح هو ان نرى وقفاً
للعنف المسلح بجميع اشكاله"، فقد
كان من المفترض وفق قراري مجلس الامن
2042 و2043، ان يصل المراقبون الدوليون
للاشراف على وقف النار لا لكي يتحولوا
مجرد عنصر تهدئة عابرة كما اوحى مود:
"ما نراه على الارض انه في المناطق
التي فيها مراقبونا يكون لوجودهم
تأثير مهدئ"، وهو يعلم انه فور
ذهابهم تستأنف النار عملها القاتل
والمدمر! ثم عندما يقول مسؤول عمليات حفظ السلام في
الامم المتحدة إيرفيه لادسو ان النظام
لم يسحب الاسلحة الثقيلة التي تبقى في
المدن والاحياء امام اعين المراقبين
خلافاً لخطة انان، وان انتهاكات وقف
النار مصدرها من الجانبين [النار لم
تتوقف اصلاُ] فإن ذلك يعني ان مود وانان
وبان كي - مون الذي تتهمه دمشق بأنه "منحاز
للغاية" لن يتمكنوا بدورهم من رؤية
الحصرم في حلب! ثانياً: ومن المستغرب ان يرفض مود انتقاد
بطء مهمة المراقبين التي مضى عليها شهر
من اصل ثلاثة اشهر، ولم يصل حتى الآن
إلا 31 من اصل 300 يقوم النظام بالتدقيق
في اصلهم وفصلهم ولون عيونهم في اطار
"لعبة القط والفأر" التي يمارسها
مع الامم المتحدة، في وقت تبرز فجاجة
المأساة من خلال اقامة مقارنة بين عدد
المراقبين الذين يدخلهم مجلس الامن
الى سوريا وعدد القتلى الذين تدخلهم
الازمة الى القبور، فمقابل 31 مراقباً
سقط ما يزيد على 360 قتيلاً، وهذا يعني
ان 1200 ضحية جديدة قد تسقط في سوريا قبل
وصول المراقبين ال 300. ثالثاً: هنا يصل الاستغراب الى مداه
الاقصى، عندما يقول الجنرال مود: "حتى
لو وصل عدد المراقبين الى 300 فإنهم لن
يتمكنوا من تغطية كل المدن في كل انحاء
سوريا، وانه "لكي ينجح الامر فإنه
يتطلب بذل الجهود المشتركة للشعب
السوري والحكومة السورية والمعارضة
وعواصم العالم". هكذا اذاً بعد 13 شهراً على بداية الازمة
وما شهدته من حمامات للدم ومن المآسي
والتهجير والتدمير، وبعد وصول سوريا
الى عتبة الحرب الاهلية لا بل الى
جحيمها كما يرى البعض، يأتي رئيس بعثة
المراقبين الدوليين ليقول في اول
تصريح له، ان الامر لن ينجح إلا من خلال
الحكومة السورية والمعارضة، في وقت
يرفض المعارضون ما هو اقل من تغيير
النظام الذي يعتبر بدوره ان المعارضة
مجموعات من الارهابيين يجب القضاء
عليهم! هل نقول ان المستر مود وصل باكراً الى
محصلة محمد الدابي وانه سينتهي ايضاً
مع شعار: يا حصرماً رأيته...؟! ================ تاريخ النشر: الجمعة 04 مايو 2012 د. عبدالله العوضي الاتحاد منذ أكثر من عام والأزمة السورية
الداخلية تتفاقم والدماء لا تزال
تسيل، والحلول العربية والغربية كذلك
أصابها التسييل، فالرقيب العربي رجع
إلى مقره وهو خالي الوفاض، والرقيب
الدولي آن له مباشرة مهامه، وحسب الخطة
المرسومة لهذا الحل البديل لكل ما سبق
من حلول لن تخرج نتائجه قبل ثلاثة
أشهر، هذا إذا لم تفشل المهمة سريعاً
وتقع المفاجآت غير المحسوبة سلفاً. وإلى هذه الساعة فإن سوريا واقعة تحت خط
تماس الدواء العربي والغربي، فإذا لم
يُجْدِ ذلك نفعاً، فماذا بعد استنفاد
مهلة الرقيب الأكبر؟ فالحل العسكري من قبل النظام لن يحسم
الأزمة برمتها إلا عبر تضحيات جسام من
أرواح الضحايا التي تقع بصورة يومية
وفق التقديرات الحاصلة في الواقع
الميداني، فإن دواء الرقيب الدولي سوف
يأخذ في طريقه عدداً لا يقل عن 20 ألف
قتيل، وقد يصل إلى 30 ألفاً، من غير
الجرحى والمعتقلين والمفقودين، وهذا
يعني إعادة ذكريات أزمة "حماة" من
جديد التي قضت فيها أرواح لا تقل عن هذا
العدد المفترض في الأزمة الراهنة، مع
الأخذ بعين الاعتبار فارق ذلك الزمن،
مقارنة بالوضع الحالي في عالم مفتوح
على الكل. وبعيداً عن أي مقارنة مباشرة بين النظام
في سوريا وبقية الأنظمة العربية التي
تغيرت في تونس وليبيا ومصر واليمن، فإن
الموضوع السوري له امتدادات إقليمية
ودولية أكثر من الأنظمة الأخرى التي
اتضح الجزء الظاهر من صورتها الجديدة
إلى الآن، وإن كانت الأوضاع العامة في
تلك الدول لم تستقر وفق ما هو مرسوم. فالوضع السوري يرابط على أكثر من خطوط
التماس السياسي اشتعالاً، ف"حزب
الله" في لبنان، وتركيا التي تعد
السياج الأمني للاجئين السوريين،
والعراق الذي لم يحرك ساكناً تجاه
الأزمة، وإيران الذراع الطولى التي
تقف مع النظام قلباً وقالباً، وهذا
النوع من التشبيك يعقد الوصول إلى حل
فوري لما يحدث في سوريا. والشق الآخر الذي يضيف تعقيدات أخرى إلى
هذا المشهد، هو الخوف من أن البديل قد
يكون إسلاميّاً على المدى المنظور،
نظراً لما حدث في الأنظمة الأخرى التي
جرى عليها التغيير وحلت التيارات
الإسلامية في الواجهة. وعلى رغم فظاعة ما يدور في الساحة السورية
التي قد تنفتح على نبرة ونفس الحرب
الأهلية، فإن الخوف الأكبر إذا لم يصل
الرقيب الغربي إلى الحل الأسلم وليس
الأمثل، فإن التدخل الخارجي المباشر،
حتى وفق استراتيجية الضربات المحدودة
من أجل حماية المدنيين أو اللاجئين
والهاربين إلى حدود الآخرين، هو أحد
السيناريوهات المطروحة منذ بدايات
الأزمة، ومع ذلك، فإن آثارها السلبية
لن تزول في فترة قصيرة ومثال العراق
واضح، ومحنة البوسنة والهرسك في
الخاصرة الغربية نفسها أوضح، والصومال
كذلك، وكلها مضت على هذا المنوال ولم
يستقر بها الحال. وفي هذه اللحظة الحرجة من الأزمة
السورية، فإن الفرصة والحل الأفضل
والأمثل لايزال بيد النظام ذاته الذي
بوسعه الحفاظ على نفسه، وإيقاف
الكارثة عليه وعلى غيره. فإذا كان النظام السوري يستخدم كل ما يملك
من قوة للحفاظ على بقائه وإطالة أمده،
على رغم أن الأرض من تحته أصبحت رمالاً
متحركة، فإن عليه عدم السعي باتجاه
الدواء الأسوأ والمستورد من الخارج،
لأن العلاج من الداخل وبرضى كل أطراف
المعادلة السياسية، أفضل في نتائجه
المستقبلية من اضطرار العامل الخارجي
للحسم. ================ الغرب وإيران... تهدئة
الاحتقان! تاريخ النشر: الجمعة 04 مايو 2012 د. عادل الصفتي الاتحاد يبدو أن المباحثات التي جرت قبل أسابيع في
إسطنبول بين المسؤولين الإيرانيين
ومندوبي مجموعة الخمسة زائد واحد (المتمثلة
في الولايات المتحدة وروسيا والصين
وبريطانيا وفرنسا ثم ألمانيا) قد مرت
في ظروف معقولة، وسارت في طريق مقبول،
مع اتفاق الأطراف المشاركة على عقد
جولة أخرى من المباحثات خلال الشهر
المقبل في بغداد. وهذه المباحثات وصفها
المسؤولون الأميركيون بأنها "خطوة
إلى الأمام"، فيما قالت ممثلة
السياسة الخارجية الأوروبية، كاثرين
آشتون، إنها كانت "بناءة ومفيدة".
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية
الإيرانية، رامين مهمانبارسات، فقد
صرح أمام الصحفيين عقب المباحثات
قائلًا: "نحن متفائلون بشأن مستقبل
المفاوضات ونريد باقي الأطراف أن تقرن
أقوالها بالأفعال". والحقيقة أن المراقبين والمحللين رصدوا
جملة من المؤشرات التي تشي باحتمال
التوصل إلى حل دبلوماسي لأزمة الغرب مع
إيران وإنهاء الجدل المتواصل حول
برنامجها النووي الذي تتخوف القوى
الغربية من توجيهه لأغراض عسكرية. وفي
مقدمة تلك المؤشرات التي ربما تبعث على
التفاؤل بالمستقبل الصفة الجديدة التي
جاء بها كبير المفاوضين الإيرانيين،
سعيد جليلي، إلى طاولة المباحثات، ففي
الوقت الذي كان في السابق يحمل لقب
الممثل الشخصي للرئيس الإيراني، قدم
هذه المرة بلقب مختلف تماماً باعتباره
الممثل الشخصي للمرشد الأعلى خامنئي،
وهو ما يعطي جليلي سلطة أكبر وصوتاً
أعلى للدخول في مفاوضات قد تنتهي
بالتوقيع على اتفاقية مع كل ما يترتب
على ذلك من التزامات قانونية. ومن جانبها نقلت الصحافة الأميركية
الأجواء التي أحاطت بالمفاوضات،
ولاسيما الإشارة إلى عدد من الفتاوى
الدينية التي أصدرتها المؤسسة الرسمية
بحرمة تصنيع الأسلحة النووية، أو
السعي إلى امتلاكها، فقد حرم المرشد
الأعلى نفسه في فتوى له إنتاج السلاح
النووي، أو نشره، وذلك درءاً للأخطار
الكثيرة المحدقة ببلاده. وفي نفس
السياق أثناء انعقاد مؤتمر نزع السلاح
في جنيف قبل عدة أسابيع طالبت إيران
خلال المفاوضات بالتوصل إلى معاهدة
تحظر الأسلحة النووية، معتبرة إنتاج
القنبلة النووية التي يتهمها بها
البعض "خطيئة كبرى". وهي إشارات
كلها تصب في اتجاه سعي إيران إلى طمأنة
الغرب، ولكن الأهم من ذلك أنها ربما
تكون بصدد تهيئة الرأي العام الداخلي
لتنازل، فيما يخص برنامجها النووي
بالقول إن ذلك كان دائماً يتسق مع
سياساتها الرافضة للأسلحة النووية. غير أن المؤشر الأكثر وضوحاً على احتمال
التوصل إلى اتفاق بين الغرب وإيران هو
ما صرح به وزير الخارجية الإيراني، علي
أكبر صالحي، من أن بلاده مستعدة لقبول
معاهدة توقف بمقتضاها إيران تخصيب
اليورانيوم مع الاحتفاظ فقط بما يكفي
للأغراض الطبية. ولكن اللافت للنظر هو
موقف نتنياهو المعروف بدعوته للحرب
على إيران، حيث اتهم مجموعة الخمسة
زائد واحد بتقديم صفقة مجانية إلى
إيران، محذراً من أن الإيرانيين سيكون
بمقدورهم الاستمرار في تخصيب
اليورانيوم من اليوم وحتى موعد
المباحثات المقبلة. والغريب ليس موقف نتنياهو المعروف سلفاً،
بل المدى الذي ذهبت إليه بعض القوى
الغربية في تبرير اتفاقها مع إيران،
وكأنها وباقي القوى تفاوض نيابة عن
إسرائيل، فقد سارعت إدارة أوباما بعد
انتقادات نتنياهو إلى التأكيد بأن
العقوبات ستبقى مفروضة حتى تتضح خطوات
ملموسة من الجانب الإيراني، ورد
أوباما نفسه بالقول "لم نقدم شيئاً
مجانيّاً لإيران". ودرءاً للانتقادات أصر المسؤولون
الأميركيون على أن نتنياهو أُخبر
بفحوى المفاوضات قبل وبعد لقاء
إسطنبول، كما أبلغ مسؤولو الإدارة
الأميركية صحيفة "هآرتس"
الإسرائيلية بأن اجتماعات مكثفة عُقدت
مع الإسرائيليين قبل الذهاب إلى
تركيا، بل أكثر من ذلك اتصلت "ويندي
شيرمان"، رئيسة الوفد الأميركي
المفاوض بالسفير الإسرائيلي في واشنطن
"مايكل أورين"، قبل ساعات قليلة
من بدء الاجتماع وأطلعته على الأجندة
كاملة، ولكن كل ذلك التنسيق مع إسرائيل
لم يرضِ نتنياهو، والسبب أن هدفه يختلف
جوهريّاً عن الأهداف المسطرة من قبل
القوى الخمسة زائد واحد التي تتفاوض مع
إيران. فقبل الدخول في المفاوضات وحتى
لا تتسم بالعبثية تم تحديد مرجعيتها
بشكل واضح، تلك المرجعية القائمة
أولاً على معاهدة عدم الانتشار النووي
باعتبارها الوثيقة الأساسية التي
يُبنى عليها الاتفاق. وثانيّاً ضرورة
احترام إيران لالتزاماتها الدولية
بموجب المعاهدة. ثم، ثالثاً، تدرج
عملية المفاوضات وتقدمها خطوة بخطوة
على أن يكون التقدم من الجانبين معاً
في إطار من التبادلية. ولأن إسرائيل
ليست عضواً في معاهدة عدم الانتشار
النووي وترفض بشدة فتح منشآتها
النووية أمام مفتشي الوكالة الدولية
للطاقة الذرية فإنها ليست مؤهلة
لمطالبة إيران بقبول ما ترفضه هي.
وربما يكون نتنياهو من خلال ميله نحو
الحرب يسعى إلى تحقيق مكاسب على المدى
البعيد في ظل الأسلحة المتطورة التي
حصل عليها مؤخراً من الولايات
المتحدة، مثل نظام الدفاع الصاروخي
المعروف باسم "القبة الحديدية"
الذي أثبت نجاعته ضد الصواريخ
المنطلقة من غزة، وحصولها أيضاً على
قنابل جديدة خارقة للتحصينات طورتها
الولايات المتحدة. ولكن التقدم
الإيجابي الأخير يمنح إدارة أوباما
بعض الفوائد، فهو من جهة يعطي أوباما
الفرصة لخوض الانتخابات الرئاسية
بهدوء بعيداً عن مشاكل الحروب
وتعقيداتها. وثانيّاً يوفر أيضاً فسحة
من الوقت للبحث عن حل دبلوماسي للأزمة
الإيرانية. وحتى إن كان هذا الأمر غير
مرغوب فيه من قبل نتنياهو فهو بالتأكيد
جيد لإيران وإدارة أوباما والمجتمع
الدولي بأكمله. ================ ياسر الزعاترة الدستور 4-5-2012 لا تكتفي الدبلوماسية الروسية برأسيها
اللذين يتبادلان الأدوار في ما يشبه
الديمقراطية “العالمثالثية”، لا
تكتفي باستعداء العرب والمسلمين (الغالبية
الساحقة منهم بتعبير أدق حتى لا يغضب
مناصري نظام الأسد من الحزبيين
والطائفيين)، وبالطبع بسبب انحيازها
للنظام المجرم في دمشق، بل تضيف إلى
ذلك استفزازا متواصلا للظاهرة
الإسلامية بتجلياتها المختلفة،
المعتدلة منها وغير المعتدلة. بعد أسابيع من تصريح وزير الخارجية (لافروف)
الجاهل والمستفز بخصوص التحذير من
نشوء “نظام سني” على أنقاض نظام
الأسد، في تجاهل لحقيقة الغالبية
السنية الساحقة في سوريا، يأتي الرئيس
مدفيديف ليضيف مزيدا من الاستفزاز
لغالبية العرب والمسلمين. ففي مقابلة
حية مع عدد من القنوات الروسية وصف
الرجل الوضع في العالم العربي بأنه “مضطرب”،
بسبب سعي “متطرفين للحكم في عدد من
البلدان”، معتبرا أن “التعامل معهم
سيكون أمرا عسيرا”.أما الأسوأ من ذلك
فهو اعتباره أن “الربيع العربي ظاهرة
عابرة تنتهي مع حلول خريف بارد في
المنطقة”!! وفيما قال مدفيديف إن روسيا “تريد تسويق
منتجاتها المدنية والأسلحة وما تشتهر
به في السوق العالمية في دول الشرق
الأوسط”، فإن أحدا لا يفهم كيف يمكن
الجمع بين استعداء الغالبية من الأمة،
وبين تسويق المنتجات الروسية، اللهم
إلا إذا اعتبرت موسكو أن استمرار
الصراع في سوريا يمكن أن يستهلك المزيد
من الأسلحة الروسية، أو لعله يلمح إلى
إمكانية تغيير دولته لموقفها من
الثورة السورية مقابل صفقات تجارية
وعسكرية مع الدول العربية المعنية
بتغيير ذلك الموقف. والحال أن استخدام الثورة السورية في
سياق إثبات الصعود الروسي في المشهد
الدولي، ومعه الصعود الصيني لا يبدو
مجديا بحال، ذلك أن الجميع يدركون أن
التحدي الروسي في هذا الملف لا يأتي
تبعا لحالة القوة الاستثنائية التي
تعيشها روسيا ما بين موقفها من الثورة
الليبية وبين موقفها من الثورة
السورية، وإنما لأن أمريكا وعموم دول
الغرب لا تبدو معنية بتغيير ذلك
الموقف، بل لعلها تريد إطالة أمد
المعركة من أجل تدمير مقدرات الدولة
السورية لحساب الهواجس الإسرائيلية
كما أشرنا غير مرة. في هذا السياق نتذكر الكثير من المحطات
التي أبدت فيها روسيا الكثير من التحدي
للموقف الغربي، قبل أن تبيعه بصفقات
سياسية تتعلق بمحيطها الإستراتيجي،
فيما يتعلق بعضها الآخر بالسكوت على
الممارسات غير الديمقراطية في الداخل
الروسي، بينما كانت صفقات الصين
محصورة في الغالب في مسألة تايوان
والقضايا الاقتصادية. من هنا، فإن ما تفعله روسيا لا يعدو أن
يكون تحديا للأمة العربية والإسلامية
أكثر منه أثباتا للفحولة السياسية في
مواجهة الولايات المتحدة والغرب، وإن
حضر البعد الأخير بهذا القدر أو ذاك.
وهي بذلك تغامر بالحلول مكان واشنطن في
سلم العداء في الوعي العربي
والإسلامي، ربما بعد الكيان الصهيوني،
ولا شك أن ذلك لا يشكل مصلحة لها بحال
من الأحوال، فضلا عما ينطوي عليه من
إشكالات فيما يتصل بعلاقاتها
بمواطنيها المسلمين. في ذات الصدد، وهذا البعد ينساه أنصار
نظام الإجرام في دمشق، فإن المواقف
الروسية من قضية الأمة المركزية (فلسطين)،
لا تتغير في ظل نظام الثنائي (بوتين-
مدفيديف)، بقدر ما تواصل انحيازها
التقليدي للكيان الصهيوني كجزء من
الرباعية الدولية، ولا تجرؤ على نصرة
الفلسطينيين في مواجهة الاستيطان
والتهويد، بل لا تجرؤ أيضا على مواجهة
الاختراقات الإسرائيلية في دول آسيا
الوسطى وعموم الفضاء الروسي التقليدي. من المؤكد أن ضعف الوضع العربي المناصر
لثورة الشعب السوري لم يشعر موسكو
وبكين بما يمكن أن يترتب على ذلك
الانحياز من تهديد لمصالحهما في
المنطقة، لكن الدولتين الكبيرتين لا
تقدران الأمر حق قدره، والسبب أن
التطورات التي تعيشها المنطقة وحالة
الفرز المذهبي القائمة ستحشر الدولتان
في سياق لا يخدم مصالحهما، أقله في
المدى المتوسط والبعيد. من جانب آخر، فإن استبعاد العامل
الإسرائيلي في الموقف الروسي تحديدا
لا يبدو مقنعا، وبالطبع في سياق من
إطالة أمد المعركة وتدمير مقدرات
الدولة السورية، لاسيما أن من العبث
الاعتقاد بأن موسكو مقتنعة بإمكانية
بقاء الأسد بعد كل الذي جرى إلى الآن. نشير إلى ذلك كله كي نؤكد أن النظر إلى
الموقفين الروسي والصيني بروحية الحرص
على المقاومة والممانعة إنما هو نوع من
العمى الذي يصيب نخبا سياسية في عالمنا
العربي، وهو العمى الذي ينسحب على
المنظومة المذهبية التي تصطف إلى جانب
الأسد، والتي تنسى أن خسارتها لغالبية
الأمة هي الخسارة الحقيقية، أكثر من
خسارة بشار الأسد، حتى لو كان ذخرا
استراتيجيا لمشروعها “المغرور”
ومعدوم الأفق في المنطقة. التاريخ : 04-05-2012 ================ سمير صالحة الشرق الاوسط 4-5-2012 جلسة البرلمان التركي لمناقشة سياسة
ومواقف حكومة العدالة والتنمية في
الموضوع السوري كانت صاخبة ومشحونة
بالتوتر الشديد، وتبادل الاتهامات بين
الحكم والمعارضة. رجب طيب أردوغان وحكومته يعرفان أن أنقرة
تتعرض في الموضوع السوري لحرب إعلامية
ونفسية يشنها الحلفاء والشركاء في
الخارج قبل المعارضة المتربصة في
الداخل، هذا دون أن نهمل طبعا الضربات
الموجعة التي يوجهها النظام في دمشق
وأعوانه. أردوغان يعرف جيدا أن التركيز
يتم على اتهامه بالتسرع في شن الحرب
على النظام السوري والظهور وكأنه جاهز
لدخول المواجهة العسكرية مع دمشق في أي
لحظة، بينما عمليا وعلى الأرض يوصف
بأنه أسهب في التحليل وتكرار
الإنذارات والتحذيرات إلى النظام
السوري لا أكثر. لا اختلاف على أن أنقرة، وبالمقارنة مع
الاندفاع والحماس الكبير الذي أظهرته
في بداية الأزمة السورية، تجد اليوم
صعوبة في شرح بعض المواقف والمسلمات
التي تبنتها. لكن داود أوغلو ومن على
منصة البرلمان جدد التزام تركيا بكل
تعهداتها ومواقفها حيال الشعب السوري
والمعارضة والمجتمع الدولي، مذكرا بأن
موقف أنقرة الإنساني والأخلاقي
والسياسي والتزاماتها حيال المعارضة
والمنتفضين في المدن السورية ينبغي أن
لا يفهم على أنها ستحارب بسيف وإرادة
وقرار الآخرين، خصوصا أن بعضهم بدأ
يحاسبها على سبب التأخر في إصدار
الأوامر لجنودها بالرد على التحرشات
والاستفزازات الحدودية. رسالة الحكومة التركية حول عدم مصافحة
اليد التي أراقت دماء المدنيين حتى
تعتذر تعني أنه ليس هناك تراجع أو
تساهل حيال النظام في دمشق، ولكنها
تعني أيضا أن لا نية لأنقرة بالانتحار
عسكريا وسياسيا على الطريقة الأميركية
في العراق، وهو الموقف الذي يريده
البعض منها ليتحول لاحقا إلى كارثة
ونقمة عليها. داود أوغلو قالها للمرة العاشرة: تركيا لن
تدخل في مشروع إسقاط الأنظمة بالقوة
لكن عجلة التغيير انطلقت ولا يمكن لأحد
بعد الآن إيقافها. كلام داود أوغلو عن الدور التركي في حملة
التغيير الإقليمي وقرار تركيا أن تكون
في مقدمة المدافعين عن هذا المشروع
وأنه لا يمكن الاستمرار مع هذا النظام،
فسره البعض على أنه بمثابة إعلان حرب
تركية ضد سوريا. لو كانت أنقرة تبحث عن
فرصة للمواجهة العسكرية مع سوريا
لكانت حصلت عليها منذ أمد بعيد لكنها
تريد غير ذلك، هي تسعى كي يتغير النظام
بإرادة سورية أولا وأخيرا. وزير الخارجية التركي يتحدث عن شرق أوسط
جديد ستلعب تركيا في رسم خارطته
الجديدة، ودور فاعل فيه، لكن هذا لا
يعني بالنسبة للأتراك إشعال الحروب في
المنطقة ليكون لهم ما يريدون. داود
أوغلو انتقد الذين يجمعون على منح كوفي
أنان ومشروعه الفرصة والوقت، لكنهم
يصرون على محاسبة تركيا كونها لا تتحرك
بما فيه الكفاية لتعطيل وإفشال هذه
المبادرة. أنقرة قالتها مرة أخرى على لسان وزير
خارجيتها أمام البرلمان التركي: هي في
المكان والموقع الواجب أن تكون فيه، لا
خطوة إلى الوراء ولا أخرى إلى الأمام،
وكررت أنه لا دعم لأي سيناريو يبقي
الأسد في السلطة، رغم معرفتها أيضا أن
ثمن مثل هذا الموقف هو تمسك دمشق
باستدراج المنطقة بأكملها إلى
المواجهة. قبل أيام فقط كانت بعض وسائل
الإعلام التركية تتحدث عن التقارب بين
طهران وحزب العمال الكردستاني، وعن
العثور على أسلحة قدمتها طهران
لمناصري الحزب لتنفيذ عمليات هجومية
في المدن التركية. هم يقولون: إن النظام السوري بعناده هذا
ينتحر ويجر الشعب السوري معه بأكمله
إلى طريق الجلجلة، لكن غضبهم الأكبر
يصبونه على أردوغان وحكومته التي لا
تتحرك للرد على التحرشات والرصاص الذي
يطلق باتجاه الأراضي التركية. أردوغان قالها أكثر من مرة: الخروقات
الأمنية هي استفزاز لأنقرة وتحريض
لمعارضة الداخل التركي، ومحاولة
لإضعاف الحكومة التركية، وإقناع
اللاعبين الغربيين بأن دمشق تملك
أوراقا كثيرة قادرة على لعبها عندما
تصل إلى نقطة اللاعودة. أنقرة حذرة، فكلهم يقولون: إنه لا أمل
بالنظام السوري، ويريدون أن تكون
تركيا هي رأس الحربة في المواجهة
المباشرة معه، لكن الكثير منهم سيسحب
الحربة ويترك الرأس وجها لوجه وسط نزاع
إقليمي يحمل أنقرة مسؤوليته المباشرة. ما يتجاهله البعض أن تركيا ليست دولة
عظمى، فموازنتها العسكرية هي نحو 13
مليار دولار فقط. أميركا هي الدولة
العظمى، فموازنتها تصل إلى 900 مليار
دولار، لكن أميركا لا تقول أكثر من
الانتظار والتريث حتى انتهاء
الانتخابات الأميركية. رسائل أنقرة الأخيرة تركزت على أن تركيا
تعرف أن الشرق الأوسط تحول إلى ساحة
ألغام متنقلة، وأنها لا تريد أن تجد
نفسها وسط هذا الحقل. تركيا تعرف أن
التحرك العسكري المنفرد في الموضوع
السوري الذي يطالبها به البعض سيتركها
أمام الثمن الباهظ عندما يتخلى عنها
الجميع كما حدث عشية الحرب العالمية
الأولى. «الباب العالي» لا يريد تكرار مأساة
إعادة رسم خرائط المنطقة على حسابه حيث
كان هو الوحيد الذي يدفع الثمن، لكن
تركيا كما فهمنا أيضا جاهزة لتكون جزءا
من قوة تدخل دولي وأممي عند صدور أي
قرار بهذا الاتجاه لا يكون طبعا على
حسابها، فهي لن تعطي الفرصة لمن يريد
إضعافها عسكريا واقتصاديا وتحييدها
وإخراجها من ساحة اللعب كما حدث لعقود
طويلة، وهي التي بدأت تلتقط أنفاسها في
السنوات ال10 الأخيرة. ================ العقل الغائب وأزمة
الوعي السياسي 04 مايو 2012. المصدر: صحيفة الرياض محمد بن علي المحمود لن يكون الحديث هنا عن وعي النخب السياسية
الحاكمة كما يبدو في سلوكها المباشر /
المتعين ، إذ ليس وعي هذه النخب
الحاكمة – سواء المستقرة أو الثائرة
أو المثور عليها – إلا تكثيفاً لوعي
الجماهير ، بكل ما في هذا الوعي
الجماهيري من مكونات إيجابية أو سلبية
تعكس واقع الوعي السياسي العربي
الراهن ، ذلك الواقع الذي يبدو أنه
يتكشف كل يوم عن وعي مأزوم ؛ حتى وإن
اختلفت نِسَب ومُستويات ومَنَاحي هذا
التأزم الكبير . الجماهير ليست هي الاستثناء ، بل هي الروح
العام ، هي التربة الخالقة ، التربة
الخصبة التي تخلقت بها ومن خلالها
النخب السياسية الفاعلة في عالم
السياسة اليوم ؛ لأن هذه الجماهير
بزخمها المادي والثقافي هي التي تحمل
في مكنون ثقافتها (الثقافة العالمة أو
الشعبية) ذلك الإرث التاريخي المعطوب
بغياب العقل ، وبحضور القهر
والاستبداد ، هي التي تحمل تمجيد
الطغيان وتقديس الأقوى والأقسى ، هي
التي تحمل الوعي الشمولي الطغياني ،
مقابل نفي وإقصاء فردانية الأفراد . أشرت في المقالات السابقة إلى ذلك
التلازم التاريخي بين تغييب العقل
وتغييب الإنسان ، إلى ذلك التلازم بين
إقصاء العقل واستحضار الطغيان ، إلى
حتمية القمع في مجتمعات التقليد التي
تلغي الوجود العيني / الفردي ؛ لصالح
الوجود المجرد المرتبط بعالم الأذهان
لا عالم الأعيان . منذ بدأ تاريخنا في قروننا الأولى التي
شكلت وعينا بأنفسنا كأمة ، كنا نتململ
ونتذمر ونشكو ، وأحيانا نثور دونما وعي
ثوري ؛ جراء ما نعانيه من استبداد
وطغيان . كنا ولا نزال تواقين إلى
الحرية وإلى الكرامة ، ولكن وعينا
بشروط تحققهما في الواقع يكاد أن يكون
صفرا . بل إن مأساتنا أعمق من ذلك ، إن
مأساتنا ربما تكون كوميديا سوداء ،
فنحن الذين نصنع الطغاة ، نحن الذين
ننفخ فيهم ، نحن الذين نُنافح عنهم في
عالم الثقافة كما في عالم الواقع ، نحن
المشروعية الثقافية لهم ، ونحن الذين
نُشكل تمددهم في الواقع ، وأيضا ، نحن
– في الوقت نفسه – من يجأر شاكياً من
عالم البؤس الشمولي الذي يصنعونه لنا
وبنا منذ قرون وقرون ! . أولى صور الدعم لبؤس العرب السياسي ، هو
تغييب الوعي السياسي من خلال تبرير
الوقائع الاستبدادية بالنقل لا بالعقل
. وباتفاق كل الدارسين لإرثنا الثقافي
، نجد أن المباحث السياسية هي أفقر
أبواب الفقه على الإطلاق . فعلى الرغم
من أننا ومنذ أيامنا الأولى اقتتلنا
على السياسة ولأجل السياسة ، وعلى
الرغم من أن مذاهبنا ومعظم رُؤانا
الاعتقادية تشكلت على خلفيات وقائع
الصراع السياسي التهالكي على السلطة ؛
إلا أن أطروحتنا السياسية كانت جِدّ
هزيلة . والأنكى أنها رغم هزالتها
وتهافتها بقيت ضائعة بين حماقة تبرير
الواقع من جهة ، وحماقة الغرق في
متاهات الأحلام الطوباوية من جهة أخرى
؛ وكأنما كتب علينا أن نكون أسارى
الأحلام الكاذبة ؛ بقدر ما كنا أسارى
ما نصنعه عن واقعنا وتاريخنا من أوهام.. موجة الاحتجاجات العربية الراهنة (أو ما
يُسمى بثورات الربيع العربي) التي تعكس
توقا عارما للتحرر من نير الاستبداد ،
ليست بأول حركات التمرد على الطغيان ،
فتاريخنا مليء بمثل هذا التمرد
الاستثنائي الذي سرعان ما انتهى إلى
الاستسلام أو إلى الاندماج في عالم
الطغيان . رغم كل ما يبدو في هذه الاحتجاجات من
شعارات ليبرالية تحررية تتغيا صناعة
عالم إنساني على أرضية واقع طغياني ؛
إلا أنها ،شاءت أم أبت، محكومة بطوفان
الزخم الجماهيري المتشبع بالتراث
الاستبدادي ، والمتشكل وعياً بالتاريخ
الطغياني . أي أنها مجرد قوارب صغيرة
تسبح فوق بحر طغياني يتقاذفها ذات
اليمين وذات الشمال ، طوفان يصنع
مسارها رغم عنادها التحرري ، طوفان
سينتصر عليها في النهاية ؛ لأنها لم
تتعلم بعدُ قواعد اللعب مع الطوفان ،
بل لم تتعلم بعدُ الأبجدية الأولى من
قوانين هذا الطوفان . هذه الموجة من الاحتجاجات التحررية تقوم
على فرضية أولية ، فرضية ليست محل خلاف
بحال ، وهي أنها انتفاضة على واقع
استبدادي طغياني . فهذا الواقع ، من حيث
كونه واقعا يستحق الرفض ، هو الحقيقة
الوحيدة التي لا خلاف عليها في هذا
الربيع العربي الحالم أو الواهم .
بينما الخطوات التالية مسكونة بفوضى
الاختلاف ، على الرغم من كونها الخطوات
الحاسمة المتمثلة في الإجابة الواقعية
عن : كيف ؟ ، وبأية وسيلة ؟ ، وبِمَن ؟ ،
وإلى أين ؟…إلخ الأسئلة التي تضيء
مسافة التحدي الواقعية القادرة على
التهام أية إرادة تحررية ؛ مهما كانت
هذه الإرادة صادقة وحازمة في مقاومة
الاستبداد . كل ما في سلوكنا الثقافي أو الواقعي يشير
إلى حقيقة مؤلمة ، وهي أننا لا نكره
الاستبداد ولا نعادي الطغيان ولا نريد
الحرية ، وإنما – فقط – نريد نوعاً من
الطغيان الخاص ، ولا نريد النوع الآخر
، نرفض هذا النوع ؛ لأنه لا يحمل تلك
الشعارات المرتبطة بتحيزاتنا
الثقافية ، أو المذهبية ، أو العرقية ،
أو حتى الجغرافية التي ترسم حدود
الأوطان في تشكلها السياسي الحديث . نحن نكره ونعادي ونحارب طاغية ما من جملة
الطغاة ، بينما نحب ونوالي ونُناصر
طاغية آخر ؛ لمجرد أن الطاغية الثاني
يرفع بعض الشعارات التي تربطنا بعالم
الأوهام الجميلة ، أو حتى لمجرد أن هذا
الطاغية الثاني يبتعد عنا مسافة ألف
سنة أو أكثر ، حيث يبدو الطغيان حينئذٍ
وكأنه وقائع لم تسحق بشراً مثلنا ، بل
مجرد وقائع من صنع الخيال ، وقعت على
أناس من خيال . نحن متسامحون جداً مع طغاة الماضي ، بل
ومُمجّدون لهم ولو بشيء من الاحتراز
غير البريء . بينما نحن غاضبون ،
وحاسمون في غضبنا ، مع طغاة الحاضر ،
وكأن هؤلاء الطغاة الصغار في عالمنا
الراهن لم يكونوا إلا أحفاداً وتلاميذ
لأولئك الطغاة الكبار ، الكبار في
طغيانهم ، والصغار في ضمائرهم التي
كانت تقمع وتسحق بلا حدود . تأمل موقف الوعاظ التقليديين الذين
يصنعون وعي هذه الجماهير البائسة من
النظام السوري الدكتاتوري . ظاهره موقف
إنساني وديني من الظلم والطغيان . لكن
لو تأملت بعمق ، لن تجده موقفاً
حقيقياً من الطغيان ، بل هو مجرد موقف
مذهبي متعصب بامتياز . يعرف الصغير والكبير ، المثقف والجاهل ،
المهتم وغير المهتم ، أن نظام الأسد (الأب
وابنه) الحاكم في سورية منذ أكثر من
أربعة عقود ، هو أشد الأنظمة العربية
استبدادا وطغيانا ، بل ودموية ، وأن
النظام الوحيد الذي كان يتفوق عليه في
الظلم والطغيان والدموية هو نظام
المشنوق : صدام حسين.. على امتداد هذه العقود الأربعة تجسدت هذه
الحقيقة (كون النظام البعثي الصدامي
يحتل المرتبة الأولى في الطغيان
والقمع والإبادة الجماعية ، وكون
النظام البعثي الأسدي يحتل المرتبة
الثانية في هذا المجال) من خلال ما لا
يحصى من الوقائع والأحداث ؛ بحيث أصبحت
هذه الحقيقة موضع اتفاق ، أو على الأقل
شبه اتفاق . ما بعد المرتبة الأولى
والثانية ، يتعذر الاتفاق ، وتختلف
التقديرات ، بينما يحتل هذا النظام
وذاك النظام المرتبتين : الأولى
والثانية ، بكل اقتدار ، بحيث يكون أي
منافس لهما خارج الميدان ، حتى قبل أن
تبدأ مسابقة الطغيان !. انتفض الجنوب العراقي بداية التسعينيات
من القرن الميلادي المنصرم ، وسحق صدام
هذه الانتفاضة بدموية بالغة ، بدموية
فاقت ما يحدث الآن في سورية بمراحل .
ورغم ذلك ، لم يقم التقليديون (النقليون
، الاتباعيون ، اللاعقلانيون ) بنفس
الحملات الإنسانية الرائعة التي
يقومون بها اليوم ضد النظام الإجرامي
في سورية . اختلف الموقف ، رغم أن
السلوك الصدامي كان أبشع وأشمل (=
إبادات جماعية بعشرات الآلاف) ؛ لمجرد
أن الضحايا في العراق آنذاك يختلفون
مذهبيا عن الضحايا في سورية الآن ، ما
يؤكد أن مواقف التقليديين ليست موقفا
حقيقيا من الطغيان ، بقدر ما هو موقف
إيديولوجي مذهبي يفرز الناس إنسانياً
على أساس المذاهب والأعراق والأديان . هذا بالمقارنة مع نموذج من الحاضر القريب
. بينما لو مددنا بصرنا إلى الماضي
السحيق لظهرت المفارقة أبشع وأشد
تناقضاً . فالحجاج بن يوسف الثقفي قد
قتل (إذا ما أخذنا متوسط التقديرات)
أكثر من مئة وعشرين ألفاً (إنسان) ،
بينما قتل الأسد ، الأب وابنه ، أربعين
ألفاً (إنسان) ؛ إذا ما أخذنا متوسط
التقديرات عن ضحايا الأب في حماة ،
وضحايا الابن في كل الوطن السوري
المنكوب . هذه المقارنة التي تأخذ متوسط التقديرات
، تشير إلى أن الحجاج فعل في عشرين سنة
من ولايته الدموية أكثر مما فعل الأسد
وابنه في أربعين سنة ، أكثر بثلاثة
أضعاف ! . ومع هذا ، هل نرى الإدانة
لسلوك الحجاج بنفس المستوى ، هل نرى
الإدانة لخليفتين وَليّاه على رقاب
الناس ، ومَنَحاه سُلطات استثنائية
واسعة النفوذ ، وباركا كل ما أقدم عليه
من قتل وتعذيب وانتهاك واسع المدى لكل
حقوق الإنسان . لماذا يحظى الحجاج ومَن
ولاّه بنوع من التسامح الظاهر أو
المُضمر ، بينما السلوك الإجرامي
لبشار يُدينه التقليديون بوضوح وحسم ،
ويعقدون لإدانته كل هذا الكم الكبير من
المحاضرات والندوات والبرامج
الفضائية التي تظهره وكأنما هو
استثناء شيطاني في تاريختا ، بينما لو
فتشنا وبحثنا بعقولنا لوجدنا تاريخنا
زاخرا بالحجاج وبأمثال الحجاج . لابد أن تكون متسقاً في موقفك من الظلم ،
كل الظلم ، وإلا كان موقفك (في عمقه
الحقيقي) ليس موقفاً من الظلم ، بل مجرد
موقف من طاغية ما ؛ لأنه يختلف معك على
هذا المبدأ أو ذاك ، أو على هذه المصلحة
أو تلك . فمثلا ، لايمكن أن أقوم بتجريم
بشار الأسد ونظامه الدموي الإجرامي ؛
دون أن تكون إدانتي لصدام ، وللحجاج ،
ولمن ولىّ الحجاج أكبر وأوضح ؛ تبعاً
لمستوى الجريمة ولعدد الضحايا ، وليس ل(نوعية
الضحايا) كما يحدث الآن . عندما يغيب العقل ؛ يغيب النقد ، ويتضاءل
الحس الإنساني ، ويصبح السلوك السياسي
للفرد وللجماعة وللمؤسسة محض صراع ،
صراع تُوظف فيه كل الأشياء ، لا لصالح
الإنسان ، وإنما لتفريغ الإنسان من
الإنسان.. ================ سمير مطر إيلاف 4-5-2012 بين الحين والآخر تخرج في بعض المدن
السورية مسيرات مؤيدة للرئيس السوري
بشار الأسد ولسياسته "الإصلاحية"
ويركز الإعلام السوري، وخاصة وكالة
سانا السورية للأنباء، على نقلها
وتضخيمها والتركيز عليها بوصفها
تعبيرا عن تمسك الشعب السوري بالنظام
الحالي ودعم السوريين له، في حين تتجنب
وسائل الإعلام الرسمية ذاتها وهي التي
تخضع للسلطة نقل أي خبر عن مظاهرة
معارضة للنظام بل تعمد إلى التضليل
بشأن التظاهرات التي تعم البلاد،
ويجري قمعها بكل أشكال القتل والعسف
التي تواجه المتظاهرين في كل الأنحاء
السورية بل إنها تنسب للمتظاهرين
القيام بأعمال جرمية أو إرهابية
وتتنكر لسقوط ضحايا بريئة بين صفوفهم
نتيجة لاستخدام الأمن السوري الرصاص
الحي في مواجهتهم. المظاهرات المؤيدة للنظام، المفتعلة
والمبرمجة والممولة والمرعية من قبل
مؤسسات السلطة، لها حاجات وظيفية يحرص
النظام على استثمارها في معركته مع
شعبه الثائر. الأبعاد الوظيفية لهذه
المظاهرات تتبدى على أكثر من صعيد،
لكنها تؤدي في مجملها مهاما تضليلية.
بعض التضليل الذي تنجزه ذاتي تستدعيه
دائرة النظام ذاتها وبشار الأسد نفسه،
إذ يحتاج هذا الأخير إلى هذه التظاهرات
"المؤيدة" كي تحفظ توازنه النفسي
وتخفف من آثار الصدمة التي سببتها له
التظاهرات المنادية بعدم شرعيته
وإسقاطه و مؤخرا بإعدامه، هي ضرورية من
هذه الزاوية حتى تؤمن لهذا النظام
تماسكا في ذروته وتمنع ما أمكن انكشاف
رعبه وتداعي وضعه المعنوي. أما أشكال
التضليل الأخرى فهي المعول عليها
تدعيم حالة التردد بين الفئات التي لم
تلتحق بالثورة ولجهة وضع العوائق
المتزايدة أمامها منعا لها من إدراك
واقع الحال الذي يجري في سورية، وهي
تقوم أيضا بتجميل وجه السلطة البشع و
اللاشرعي أمام الرأي العام العربي
والدولي بالادعاء أن النظام لا يزال
يحظى بدعم كبير بين صفوف السوريين. إلا أن استثمار هذه التظاهرات وتوظيفها
غالبا ما يعطي نتائج مؤقتة وضعيفة، على
الصعد كافة الذاتية والموضوعية،
المحلية والدولية، فسرعان ما ينكشف
زيف رسائلها وتهافت وظيفتها، ليظهر
الرئيس السوري في نهاية الأمر مضللا
ومكشوفا تماما كالإمبراطور العاري.
والإمبراطور العاري بطل في قصة تروى
لأخذ الحكمة منها، تدور أحداث هذه
القصة حول إمبراطور كان يحب الملابس
الجديدة، و قد أتاه يوما خياطان
محتالان وعرضا عليه ثيابا جديدة،
وأقنعاه أنها لا تليق إلا به وأنهما
سيصنعاها من أجله فقط. وإمعانا في تميز
هذه الثياب وتفردها، فلن يكون بمقدور
الأناس العاديين رؤيتها وسيختص بمرآها
الأذكياء و المميزون منهم فقط. المحصلة
التي تخلص إليها هذه القصة تفيد بأن
الإمبراطور الذي وقع ضحية لاحتيال
وتضليل البعض له يظن نفسه و هو عاري انه
يلبس أجمل الثياب، في الوقت الذي يراه
الناس على حقيقته التي يشير إليها
الشجعان منهم فيدرك متأخرا عريه ويفهم
انه تعرض لخديعة لم تنطل إلا عليه وعلى
المخدوعين أمثاله من أصحاب العقلية
ذاتها، العقلية التي تنتجها الهيمنة
والسلطة. ما يمكن الركون إليه ختاما أن نظام بشار
الأسد لن يستطيع أن يخفي الشمس بغربال
ولن تستطيع كل الاجراءات التجميلية
والتضليلية أن تحرز الأثر المطلوب
منها أن تحدثه في الواقع السوري، حتى و
لو أتت النتائج الآنية على العكس من
ذلك، سيخسر بشار الأسد نفسه من تسيير
هذه التظاهرات المؤيدة و فبركتها
قدرته على استكناه الواقع على هيئته
الحقيقية بما يجعله يزداد انفصالا عنه
وبما يجعل وعيه متكلسا ومعاقا على
مجاراة حركة الأحداث والعمل
بمقتضياتها، سيفوته التعاطي المثمر مع
متطلبات اللحظة التاريخية على الشاكلة
التي تنجيه من مكر التاريخ و لعنته. هذا أحد الأسباب الذي سيجعل الثورة
منتصرة حتما أيا تكن مخاضات هذه
المرحلة صعبة و أيا يصل التعقد في
مسارات الأحداث المرافقة للثورة في
سورية. ================ الجريدة الكويتية 3-5-2012 ايتامار رابينوفيتش فرصة التقاط الأنفاس التي قدمت إلى
النظام السوري لا تضمن خلاصه. فللوهلة
الأولى يبدو النظام كأنه سلم من الأذى
إلى حد كبير، وتظل المؤسسة العسكرية
والأجهزة الأمنية موالية له، لكن على
مستوى البلاد ككل، بدأت الحكومة
تنهار، وأصبحت مناطق كاملة خارج نطاق
سيطرتها تماماً، وانزلق الاقتصاد إلى
السقوط الحر. كثيراً ما يعزو المراقبون فشل إدارة
أوباما، وحلفائها الغربيين، والعديد
من القوى الإقليمية في الشرق الأوسط،
في اتخاذ إجراءات أكثر جرأة لوقف
المجازر في سورية إلى خوفهم من الفوضى.
ونظراً لعجز المعارضة السورية الواضح
وانقسامها، فهم يزعمون أن سقوط الرئيس
بشار الأسد عندما يسقط في نهاية المطاف
من شأنه أن يؤدي لا محالة إلى اشتعال
حرب أهلية ومذابح، وفوضى، ومن المرجح
أن يمتد كل هذا عبر الحدود السورية،
فيعمل على زعزعة استقرار الدول
المجاورة الضعيفة مثل العراق ولبنان،
بل ربما يؤدي إلى أزمة إقليمية. بيد أن ما يجري في سورية الآن يدحض هذه
الحجة. الواقع أن الأزمة المستمرة هناك
تعمل على تآكل نسيج المجتمع السوري
والحكومة. أي أن الفوضى بدأت بالفعل
الآن: فهي تسبق سقوط النظام في نهاية
المطاف، وتعجل به. والآن تغير الولايات المتحدة وغيرها من
الدول لغتها الخطابية الحادة وتستعيض
عن الإجراءات العقابية الرمزية بالعمل
الحقيقي في سورية. ذلك أن فرض العقوبات
على هؤلاء المتورطين في الحرب
الإلكترونية ضد وسائل الإعلام
الاجتماعية المعارضة ليس الحل المناسب
لقصف الأحياء المدنية في حمص ودرعا. ولأشهر عدة، كانت العقبة الروسية الصينية
في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
تمثل عائقاً حقيقياً يحول دون فرض
المزيد من العقوبات الفعّالة، وفي
الوقت نفسه كانت عذراً مريحاً للتقاعس
عن العمل. وأخيراً، لعبت مهمة الأمين
العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان
بالنيابة عن الأمم المتحدة وجامعة
الدول العربية دوراً مماثلاً. فقد أعد أنان خطة من ست نقاط لإنهاء العنف
وبدء المفاوضات السياسية، فأرسل
مجموعة من المراقبين إلى سورية
للإشراف على تنفيذ الخطة، والآن توشك
الأمم المتحدة أن تدعم هذه المهمة،
ولكن كما هو متوقع لم تثبت خطة أنان
قدرتها على إحراز النجاح، وهو ما كاد
يعترف به أنان ذاته في تقرير عرضه على
جلسة مغلقة في مجلس الأمن في الخامس
والعشرين من أبريل. بطبيعة الحال، لم يعلن أنان فشل المهمة،
ولكنه وصف الموقف في سورية بأنه «قاتم».
ومن الواضح أن مهمة أنان منحت النظام
الفرصة لالتقاط الأنفاس وخلقت وهماً
مؤقتاً بإحراز تقدم على الصعيدين
السياسي والدبلوماسي، ولكن وفقاً
لتقارير عديدة وجديرة بالثقة فإن نظام
الأسد (ومعارضيه بدرجة ما) لم يمتثل
للخطة بعد توقيعها: فقد سحب النظام
قواته من المناطق الحضرية قبل التفتيش
ثم أعادها بمجرد رحيل المراقبين. ولقد
عوقِبت أحياء بالكامل (وأفراد) بوحشية
لأن قاطنيها اشتكوا إلى المراقبين أو
تعاونوا معهم. ولكن فرصة التقاط الأنفاس التي قدمت إلى
النظام لا تضمن خلاصه. فللوهلة الأولى
يبدو النظام وكأنه سلم من الأذى إلى حد
كبير. وتظل المؤسسة العسكرية والأجهزة
الأمنية موالية له، ولم ينشق عن
الحكومة سوى قِلة من الوزراء، فضلاً عن
ذلك فإن المراكز السكانية الرئيسية في
دمشق وحلب لم تنضم إلى التمرد. ولكن على مستوى البلاد ككل، بدأت الحكومة
تنهار، وأصبحت مناطق كاملة خارج نطاق
سيطرتها تماماً، وأصبحت الخدمات
العامة غير متاحة، وانزلق الاقتصاد
إلى السقوط الحر. حتى وقتنا هذا، لا يبدو سقوط الأسد
وشيكاً، ولكنه أصبح محتماً. فقد خسر
النظام كل شرعيته، وبدأت فعاليته تضعف
بوضوح. وعندما ينهار في نهاية المطاف،
فإن الدولة القوية التي بناها حافظ
الأسد والد بشار، لن تظل قائمة. كثيراً ما سمعنا العبارة المبتذلة «سورية
ليست ليبيا» طوال الأزمة السورية، لكن
هناك قياساً آخر قد يكون أكثر ملاءمة.
فقد تتحول سورية إلى عراق ثان، ليس
بسبب تصميمها، ولكن كنتيجة غير مقصودة
للسياسة الحالية. فبفضل سياسة «اجتثاث البعث» التي انتهجها
المحتل الأميركي، أصبح العراق دولة
بلا جيش أو حكومة، فتحول إلى تربة خصبة
للمتمردين المسلحين من السُنّة،
وتنظيم «القاعدة»، والجماعات الشيعية
العنيفة. وفي سورية يجري الآن تمهيد
الأرض لنتيجة مماثلة، مع عبور أعداد
متزايدة من الإسلاميين المتطرفين
الحدود إلى سورية وانضمامهم إلى
المعارضة. ومن المهم في هذا السياق أن ندرك الفارق
بين المعارضة «السياسية» وجماعات
المعارضة المحلية التي تشن حرباً ضد
النظام على الأرض، بل إن جماعات مثل
المجلس الوطني السوري هي في واقع الأمر
جمعيات غير منظمة تتألف من أفراد
وجماعات العديد منها خارج سورية. وهذه هي الجماعات التي انتقدتها إدارة
أوباما وغيرها بسبب فشلها في تشكيل
جبهة موحدة، أو صياغة أجندة معقولة، أو
الظهور بمظهر البديل العملي للنظام
الحالي. ولكن هذه الجماعات ضعيفة
التأثير على جماعات المعارضة المحلية
داخل سورية، والتي تعاني بالقدر نفسه
الانقسامَ والتشعب. وبين هذه الجماعات اكتسب الإسلاميون
الراديكاليون موطئ قدم. ويشكل الخوف من
استيلاء الإسلاميين على السلطة الحجة
الرئيسية الثانية ضد محاولة إطاحة
نظام الأسد، ولكن كلما طال أمد بقائه
في السلطة تعاظمت مكاسب الإسلاميين
على الأرض. إن إدارة أوباما، التي تركز على انتخابات
الرئاسة في نوفمبر، غير راغبة في
الاضطرار إلى التعامل مع أزمة كبيرة في
سورية في الأشهر المقبلة، وهي منشغلة
بخطر الانجرار إلى ورطة عسكرية أخرى.
ويبدو أن الجهات الفاعلة الأخرى أيضاً
تفضل الأزمة الحالية المحدودة ظاهرياً
على البدائل المجهولة. لكن القضية الأخلاقية الملحة المتمثلة في
ضرورة التدخل الإنساني تكتسب المزيد
من القوة الآن بدعم من مصالح حيوية
حقيقية. فضلاً عن ذلك فإن التدخل
العسكري أو شبه العسكري ليس الخيار
الوحيد المطروح على الطاولة. وكما
أظهرت العقوبات التي فُرِضَت على
إيران خارج إطار مجلس الأمن، فمن
الممكن اتخاذ إجراءات فعالة لترجيح
كفة الميزان وإنهاء المأزق المهلك في
سورية. إن النهج الحالي الذي يجعل من
التقاعس عن العمل خياراً مفضلاً يهدد
رغم أنه قد يكون مفهوماً بدفع الموقف
برمته إلى نفس النتائج التي يسعى
أنصاره إلى تجنبها. * دبلوماسي سابق ويحاضر في
جامعتي نيويورك وتل أبيب، و«معهد
بروكينغز». «بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع
«الجريدة» ================ وهم التدخل العسكري
يتسرب الى الداخل السوري الجمعة, 04 مايو 2012 فاروق حجّي مصطفى الحياة ظهرت أخيراً تقارير بحوث واخرى إعلامية
تتحدث عن إمكانية التدخل العسكري في
سورية، ولعلها مؤشر جديد في تطوير
الخطاب الديبلوماسي والسياسي
الإقليمي والدولي تجاه الأزمة
الوطنيّة في سورية. فقد أصدر مركز الدراسات الشرق الأوسطية (التركي)،
تقريراً حدد أماكن عدة للتدخل التركي،
إلا انّه لم ينف صعوبة إيجاد مناطق
آمنة داخل الأراضي السوريّة أيضاً،
وذلك نظراً لوجود المكون الكُردي الذي
له حساسيّة تجاه تركيا على الخط
الحدودي، وعلى رغم انّ الاتراك يحملون
تراث الدولة العريقة في المنطقة وهم
صنعوا في الأصل دولتهم ولم تصنع بيد
أخرى كما هو الحال بالنسبة الى عدد
كبير من الدول العربيّة، إلا انّهم ما
زالوا يحسبون ألف حساب للكُرد
ويحاولون جاهدين ألا يصل الكُرد الى
مطبخ صنع القرار السوري في المرحلة
المقبلة. تجدر الإشارة الى ان الكُرد هم احد
الأسباب الرئيسة في الخلاف التركي -
الغربي، اذ انّ الغرب يصر على إعطاء
دور للكُرد، في حين انّ الاتراك يريدون
تهميشهم، فهم يرون انّ سورية لا تكون
حديقة خلفيّة لتركيا في حال وجود
الكُرد في أماكن أساسية في سوريّة
المستقبليّة. اي المقابل، يتحدث الإعلام الغربي
والعربي عن وجود سيناريوات للتدخل
العسكري في سورية. بيد انّ هذه
السيناريوات تواجه مصاعب، ولذلك يبدو
انّ قرار التدخل ما زال يحتاج إلى
الوقت ولن يتخذ في وقت قريب. من المعروف انّ المجتمع الدولي يعتبر انّ
الوضع في سورية ليس كالوضع في ليبيا،
ففي ليبيا اتخذ قرار التدخل لأنّ
الجامعة العربيّة أرادت ذلك. وفي سورية
لم يفلح طلب الجامعة العربيّة في دفع
المجتمع الدولي الى اتخاذ قرار التدخل
العسكري. بيد انّ ثمّة تطوراً يحصل (الآن) في الخطاب
الغربي تجاه المسألة السوريّة، وها
نحن اليوم نسمع الكلام من أكثر من دولة
مؤثرة في أوروبا عن طرح فكرة التدخل
العسكري وإصدار قرار أممي تحت البند
السابع، نوه وزير الخارجيّة الفرنسي
آلان جوبيه بأنّ بلاده ستلجأ إليه عبر
الأمم المتحدة، وسبق ان دعت هيلاري
كلينتون (وزيرة خارجية الولايات
المتحدة) لهذه الفكرة في إطار قرار من
مجلس الأمن أو حتى خارجه على غرار ما
حصل في كوسوفو عام 1999 وقبلها في
البوسنة عام 1995. ذلك ما تمنت المعارضة سماعه قبل أشهر من
المجتمع الأوروبي (والدولي)، اذ أصرّت
على المطالبة بالتدخل العسكري، على
رغم ان الفكرة لها وقع سلبي في ذهنيّة
الشرائح الواسعة داخل سورية وحتى لدى
القوى السياسيّة المقاومة للنظام
السوري. في كل الأحوال انّ «التدخل العسكري» ليس
خياراً محبباً لدى السوريين جميعاً،
ولا نستغرب ان المجلس الوطني الكُردي
وحتى هذه اللحظة ينأى بنفسه عن أي مطلب
للتدخل، فهو يرى انّ العلاج الوحيد
لخروج الثورة من الأزمة، هو عبر توحيد
صفوف المعارضة وتبني شعار الثورة وأن
تتقدم الطبقة السياسية المعارضة
الشارع، وأن تبحث عن سبل لإيقاع النظام
في العجز عبر مقاومة المعارضة التدخل
العسكري الذي له صدى سلبي على رغم
التضحيات التي قدمها السوريون ومن
مختلف المشارب والخلفيات السياسيّة
والمجتمعيّة. والحال انّ فكرة التدخل العسكري صارت
امراً يسمعه السوريون (الموالون
والمعارضون) من بعض الجهات الدوليّة في
ظل بقاء الوضع الجيو-ستراتيجي (النزاع
العربي-الإسرائيلي، والتركيب
المجتمعي السوري، والتداخل بين
الملفين السوري والإيراني) على حاله،
وهذا تطور له دلالات سياسيّة وستكون له
انعكاسات في ميول المعارضة والنظام. ================ زين الشامي الرأي العام 4-5-2012 بعد مرور أكثر من عام على بدء حركة
الاحتجاجات الشعبية في سورية، وبعد ان
اقتصرت التظاهرات وأعمال العنف على
المدن والمحافظات الأخرى، ها هي
العاصمة دمشق تحتل صدارة التطورات في
الآونة الأخيرة. آخر تلك التطورات اعلان التلفزيون السوري
أن «مجموعة إرهابية مسلحة» أطلقت
قذائف صاروخية على مبنى البنك المركزي
في دمشق، كما أفاد التلفزيون الحكومي
أن تلك المجموعات هاجمت دورية شرطة في
العاصمة ما ادى الى اصابة أربعة من
افرادها. دمشق أو الشام كما يطلق عليها أبناؤها
كانت قد شهدت تفجيرا في حي الميدان قرب
مسجد زين العابدين ما أدى إلى مقتل ما
لا يقل عن تسعة أشخاص وأعلنت جماعة
اسلامية تطلق على نفسها اسم «جبهة
النصرة» لأهل الشام مسؤوليتها عنه. انفجار حي الميدان أتى بعد أسبوعين من
وقوع انفجارين استهدفا فرعين أمنيين
وراح ضحيتهما العشرات بين قتيل وجريح. وقبلهما في ديسمير الماضي استهدف تفجيرين
آخرين استهدفا إدارة الأمن الجنائي و
إدارة المخابرات الجوية وتسببا بمقتل
أكثر من اربعين شخصا وإصابة العشرات. التطورات الأمنية الأخيرة تزامنت مع وصول
الجنرال روبرت مود رئيس بعثة
المراقبين الدوليين الى دمشق الذي أقر
بصعوبة المهمة التي تنتظره. لكن رغم ذلك فهذه الاختراقات الأمنية
تعني فيما تعنيه ان العاصمة دمشق دخلت
مرحلة جديدة وسوف لن تنتهي هذه المرحلة
أبدا، لأن العاصمة التي يتواجد فيها
أكثر من 13 فرعا امنيا واستخباراتيا،
حيث تشبه قلعة امنية بكل ما تعنيه
الكلمة من معنى حيث تتحكم هذه الأجهزة
بكل مفاصل الحياة وتحمي النظام
الاستبدادي، لم تعد تقدر على منع تدهور
الحالة الامنية وتحمي مقراتها وضباطها
وفي فترة لاحقة ربما سياسييها ومسؤولي
حكومتها وحزبها الحاكم. وهذا مؤشر خطير
ومهم بعد اكثر من عام على مرور الثورة
الشعبية في سورية بغض النظر عمن يقف
وراء تلك التفجيرات. البعض يعتقد ان نظام بشار الأسد يهدف من
وراء هذه التفجيرات لخلط الأوراق،
وطمس الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها
بحق أبناء الشعب السوري، وان له غايات
كثيرة من ورائها منها إرسال رسالة
للمجتمع الدولي مفادها أن «المجموعات
المسلحة» او «القاعدة» و«الإرهابيين»
حاضرون في المشهد السوري، حيث يعتقد أن
ذلك سيؤثر على الموقف الدولي ويدفعه
للتخلي عن المعارضة السورية والتمسك
بالنظام على اعتبار أنه اكثر حيوية
واهمية لاستقرار المنطقة من مستقبل
غائم ومجهول قد يتحكم به «الاسلاميون»
فيما لو سقط النظام. بالطبع لا تخلو هذه الحجج من منطق خصوصا
وان الصور التي يبثها الإعلام الرسمي
لضحايا التفجيرات من جثث متفحمة
ومنتفخة والايغال والتقصد في عرض
الاشلاء مع كل ما يسبب ذلك من ألم
للمشاهدين وتجاوز للاخلاق المهنية في
التعامل مع الصور والضحايا، يوحي بأن
الغاية من وراء كل ذلك هي احداث صدمة في
الرأي العام العالمي وتخويف غير
العارفين بطبيعة النظام السوري بخطر
وصول المجموعات الاسلامية الى السلطة
فيما لو سقط «النظام العلماني»
والامني. لكن وكما قلنا سابقا، ليس المهم من يقف
وراء هذه التفجيرات، بقدر ما ان
العاصمة دمشق نفسها، حيث يقيم الرئيس
بشار الأسد ونظامه وجلّ مسؤوليه
وقادته العسكريين والامنيين و«البعثيين»،
صارت تحت خط النار... هذا كان شبه مستحيل
قبل عام حيث كانت التظاهرات
والاحتجاجات في قرى وبلدات بعيدة... صدق
من قال ان المعركة حقيقة بدأت بعد «بابا
عمرو» وليس قبلها. ======================== الموقف الإسرائيلي من
إلغاء صفقة الغاز المصري: تداعيات
ودلالات 02 مايو ،2012
المركز العربي للأبحاث ودراسة
السياسات وحدة تحليل السياسات في المركز تخصصات:
تسعى هذه الورقة إلى الوقوف على
التّداعيات السّياسية والإستراتيجيّة
والاقتصاديّة المحتمَلَة للقرار
المصري الأخير بإلغاء صفقة بيع الغاز
المصري لإسرائيل؛ تلك الصّفقة التي
جرى توقيعها عام 2005، وظلّت تمثّل إحدى
أهمّ ثمار "السّلام" بين
الدّولتين. وستحاول هذه الورقة عرض
الأسباب الكامنة وراء حرص المستويات
الرّسميّة الإسرائيليّة على التّظاهر
بقبول التّبرير الرّسمي الذي قدّمته
السّلطات المصريّة لإلغاء الصّفقة،
وعلى حصر موقفها ذاك في خانة "الخلاف
التّجاري". هذا إلى جانب سعي الورقة
إلى رصد آليّات التحرّك التي أقدمت
عليها إسرائيل بالفعل؛ والتي قد تُقدم
عليها في المستقبل لمواجهة تبعات
القرار المصري، واستشراف انعكاساته
على مستقبل العلاقات المصريّة -
الإسرائيليّة. وذلك في ضوء انهماك
النّخبة الإسرائيليّة في جدلٍ متواصلٍ
بشأن انعكاسات ثورة 25 يناير على البيئة
الإستراتيجيّة لإسرائيل. خلاف تجاري أم تحوّل إستراتيجي؟ لقد حاول صنّاع القرار في إسرائيل
التّقليل من أهميّة مغزى القرار
المصريّ؛ إذ حرص رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على عدّ
القرار ناجمًا عن "خلافٍ تجاريّ"
بين الهيئة المصريّة العامّة للبترول
وشركة EMG المصريّة التي تزوِّد إسرائيل
بالغاز، وغير حاملٍ في طيّاته لأيِّ
مغزًى سياسيّ. وقد حذا وزير خارجيّته
أفيغدور ليبرمان حذوه؛ إذ أعاد
للأذهان حقيقة أنّ اتّفاقيّة تصدير
الغاز المصري لإسرائيل ليست جزءًا من
اتّفاقيّة "كامب ديفيد" التي أنهت
حالة العداء بين الدّولتيْن. والسّؤال
الذي يطرح نفسه هنا: هل يعتقد صنّاع
القرار في قرارة أنفسهم حقًّا أنّ
القرار المصريّ ليس إلّا خلافًا
تجاريًّا، ولا يحمل في طيّاته
مقدِّمةً لتحوُّلٍ إستراتيجيٍّ في
الموقف المصريّ؟ أم أنّ الخطّ
الإعلاميّ الإسرائيليّ لا يعدو أن
يكون محاولةً لمنع انزلاق العلاقات
بين الجانبين إلى مربَّعٍ آخرَ من
التّدهور. وفي هذا السّياق، يرى عمير
بركات -أحد أبرز الخبراء
الإسرائيليّين في مجال اقتصاديّات
الطّاقة- أنّ نتنياهو يدرك في حقيقة
الأمر أنّ القرار المصريّ ليس ناجمًا
عن خلافٍ تجاريّ؛ بل يعبِّر عن بداية
تحوُّلٍ إستراتيجيٍّ فرضه اندلاع ثورة
25 يناير، وإنهاء حكم مبارك الذي عُقدت
في عهده اتّفاقيّة تصدير الغاز
لإسرائيل. ويرى بركات أنّ تشديد
نتنياهو على الطّابع التّجاري
للقضيّة، يهدف بالأساس إلى محاولة منع
حدوث قطيعةٍ سياسيّةٍ نهائيّةٍ مع
المجلس الأعلى للقوّات المسلّحة في
مصر؛ فنتنياهو واعٍ بأنّ القرار
المصريّ يمثّل في الواقع أخطر مشكلة
يواجهها قطاع الطّاقة في إسرائيل على
امتداد تاريخه[1]. ويعتقد بركات أنّ
صنّاع القرار في إسرائيل، لم يحرصوا
على تضمين اتّفاقيّة توريد الغاز
الضّمانات الكافية؛ إذ كانوا يفترضون
أنّ "مبارك" سيواصل الحكم إلى
أمدٍ غير محدود، ويعتقدون أنّ بقاءه في
الحكم واستمرار نظامه من بعده، سيكون
في حدّ ذاته ضمانًا لوفاء المصريّين
بما جاء في الاتّفاقيّة. ومن الأهميّة
بمكانٍ معرفة تقييم وزير البُنى
التّحتيّة الإسرائيلي الأسبق بنيامين
بن إليعيزر، الذي وقّع صفقة الغاز باسم
الجانب الإسرائيليّ عام 2005، وكان أكثر
السّاسة الإسرائيليّين ارتباطًا
بنظام مبارك. إذ يرفض حمل إلغاء
الصّفقة على أنّه "خلافٌ تجاريٌّ"
لا غير، ويجزم بأنّه تطوّرٌ سياسيٌّ؛
ستكون له تداعيات إستراتيجيّة مهمّة.
ويضيف: "إنّ أهمّ إنجازٍ عمليٍّ
للسّلام، قد تجسّد في تدفّق الغاز
لإسرائيل. لقد كانت صفقة الغاز
تاريخيّةً، بسبب تداعياتها
الإستراتيجيّة، وآثارها بعيدة المدى
على الاقتصاد الإسرائيليّ"[2]. هكذا
يعيد بن إليعيزر إلى الأذهان حقيقة أنّ
من وقّع اتّفاق صفقة الغاز، هما
الحكومتان المصريّة والإسرائيليّة،
وأنّهما ملزمتان بضمان استمرار تنفيذ
الاتّفاق. ويؤكّد بن إليعازر على أنّ
إلغاء الصّفقة من شأنه أن يُضعف
اتّفاقيّة السّلام بين الدّولتين، وأن
يُؤْذن بعهدٍ جديدٍ في العلاقات
بينهما. فاتّفاقيّة السّلام -بحسب رأيه-
لا قيمة لها دون صفقة الغاز، وأنبوب
الغاز الذي يربط العريش بعسقلان هو
الذي يجسّد العلاقة بين إسرائيل ومصر.
وعن دلالات إلغاء الصّفقة، يقول
السّفير الإسرائيلي الأسبق في مصر
تسفي مزال: إنّ ما أقدمت عليه مصر يحمل
دلالاتٍ إستراتيجيّةً، ولا يمكن حصره
في الخلاف التّجاري. ويجزم مزال بأنّ
الهيئة المصريّة العامّة للبترول، لم
تكن لتتّخذ هذا القرار لولا موافقة
المشير محمد طنطاوي، رئيس المجلس
الأعلى للقوّات المسلّحة. لذلك فهو
يؤكّد على أنّ القرار يمثّل تحوّلًا
سياسيًّا ذا مغزى إستراتيجي بعيدٍ،
وأنّه سيلقي بظلاله على العلاقات بين
الجانبين[3]. وقد حاول مزال رصد
الدّوافع التي تفسِّر إقدام المجلس
الأعلى للقوّات المسلّحة على إعطاء
الضّوء الأخضر لمثل هذه الخطوة؛
مشيرًا إلى أنّ المجلس العسكري قد سعى
من وراء إلغاء الصّفقة إلى تسجيل نقاطٍ
أمام الرّأي العامّ المصري، لاسيّما
في ظلّ الانتقادات الموَجَّهة إليه.
وأوضح مزال أنّ ما يميِّز مبارك عن كلّ
من سيأتي بعده من الرّؤساء، هو حرصُه
على سلامة العلاقة مع إسرائيل، دون أن
يمنح موقف الرّأي العامّ المصري أدنى
اعتبارٍ؛ وهو الأمر الذي حصل خلافه في
الواقع بعد اندلاع الثّورة. ويرى مزال
أنّ الموافقة الضّمنيّة لقادة المجلس
العسكري على إلغاء صفقة توريد الغاز،
تتنزّل ضمن قائمةٍ من الخطوات التي
أقدموا عليها، والتي أثارت قلقًا
كبيرًا في إسرائيل. يُذكر من تلك
الخطوات تجنّبهم التّدخّل في رفع
الحصار عن السّفارة الإسرائيليّة في
القاهرة (في أيلول / سبتمبر الماضي)؛
إلّا بعد أن طلب نتنياهو من الرّئيس
الأميركي أوباما التدخّل بشكلٍ مباشرٍ
لحلّ المسألة. والسّبب الذي دعا مزال
إلى اعتقاد أنّ قرار وقف الغاز هو
مقدِّمةٌ لتحوّلاتٍ إستراتيجيّةٍ؛
افتراضُهُ أنّ التّصعيد ضدّ إسرائيل،
قد أصبح وسيلة قادة المجلس العسكري
للمناورة في السّاحة الداخليّة
المصريّة. لذا، فهو يرى أنّ قرار وقف
تصدير الغاز، قد جاء في إطار المواجهة
التي يخوضها المجلس العسكري ضدّ جماعة
الإخوان المسلمين، بشأن عمليّة صياغة
مسودة الدّستور المصريّ الجديد. إذ
يعتقد أنّ قادة المجلس العسكري؛
يرغبون -من خلال هذه الخطوة- في تعزيز
مكانتهم في هذه المواجهة، وتحسين فرص
المرشَّح المقرَّب منهم في سباق
الانتخابات الرّئاسيّة. وفي الوقت
نفسه، يزعم مزال أنّ تصعيد قادة المجلس
العسكري الموقف من إسرائيل، من خلال
قضيّة تصدير الغاز تحديدًا؛ يتنزّل في
إطار سعيهم إلى درء تُهم الفساد عنهم.
ذلك أنّ القوى السّياسيّة المصريّة،
عادةً ما تقدِّم اتّفاقية تصدير الغاز
لإسرائيل على أنّها أوضح مثالٍ على
استشراء الفساد في عهد مبارك[4]. وهناك
في إسرائيل من رأى في قرار وقف تصدير
الغاز، نتاجًا للتّحوّلات التي شهدتها
مصر في أعقاب ثورة 25 يناير. وفي هذا
السّياق، يرى بوعاز بسموت -معلّق
الشّؤون العربيّة في صحيفة "إسرائيل
اليوم"- أنّ السّياقات الموضوعيّة
التي أعقبت تفجُّر الثّورة المصريّة،
كانت تفرض على صنّاع القرار في القاهرة
إلغاء صفقة توريد الغاز إلى إسرائيل[5].
واستهجن بسموت موقف الذين فاجأهم صدور
هذا القرار؛ بحكم أنّ هناك الكثير من
المقدّمات التي أفضت إليه، وعلى رأسها:
سيطرة التّيّار الإسلامي على مجلس
الشّعب المصري، وعمليّات تفجير
الأنبوب الذي ينقل الغاز إلى إسرائيل (والتي
وصل عددها إلى 14عمليّة)، وتحوّل الحدود
المصريّة الإسرائيليّة من حدودٍ
هادئةٍ إلى ساحةٍ ساخنةٍ ومضطربةٍ.
وشدّد بسموت على نحو من سبقه، على
أهميّة تأثير الرّأي العامّ المصريّ
في توجيه القرار السّيادي المصري في
مرحلة ما بعد الثّورة؛ وذلك على خلاف
عهد مبارك الذي كان لا يوليه أيّ
اهتمام. ولم تفت بسموت الإشارة إلى أنّ
مهاجمة اتّفاقية تصدير الغاز
لإسرائيل، قد غدتْ سبيلًا لتوحيد
الشّعب المصري؛ وهذا ما يفسّر حقيقة
أنّها إحدى أهمّ القضايا التي يُحاكم
من أجلها مبارك -حاليًّا- ونجلاه وقادة
نظامه. وفي المقابل، عدّ قلّةٌ من
الباحثين والكتّاب في إسرائيل القرار
المصريّ ردًّا طبيعيًّا على كلٍّ من
فساد نظام مبارك، وتعمُّد إسرائيل
المسّ بالكرامة الوطنيّة المصريّة.
ويرى تسفي بارئيل -معلّق الشّؤون
العربيّة في صحيفة هآرتس- أنّ
المصريّين أقدموا على إلغاء صفقة
الغاز؛ لأنّ الأنبوب الذي يزوّد
إسرائيل بالغاز، قد تحوّل إلى المَعلم
الأهمّ من معالم التّطبيع مع إسرائيل،
ورمزًا يعكس فساد نظام حكم مبارك[6].
ويشير بارئيل إلى أنّ المصريّين قد
نظروا إلى صفقة الغاز مع إسرائيل، على
أنّها تفريط في مصالحهم الوطنيّة
الحيويّة؛ إذ أنّ السّعر الذي يدفعه
المصريّون مقابل الحصول على غاز
بلدهم، هو أعلى من السّعر الذي تدفعه
إسرائيل مقابله. لذا فقد عرضت الثّورة
المصريّة صفقة الغاز على أنّها "عار
وطني". ويرى بارئيل أنّه لا يمكن
تجاهل ردّ الفعل المصريّ الغاضب من
السّلوك الإسرائيلي العدائيّ تجاه
الفلسطينيّين؛ وذلك في مقابل بقاء
صنّاع القرار في تل أبيب أسرى المراهنة
على قدرة الولايات المتّحدة على إجبار
الحكومة المصريّة على فصل سياساتها
تجاه تل أبيب عن ممارسات إسرائيل ضدّ
الفلسطينيّين. وبحسب رأيه، فإنّ
إسرائيل تدفع ثمن افتراضها الخاطئ
بأنّ تواصل تدفّق الغاز المصري لها، هو
ركيزة السّلام الأساسيّة بين
الدّولتين؛ وذلك دون أن تولي أدنى
اعتبار لمصالح المصريّين وكرامتهم.
ويرى بارئيل -في هذا السّياق- أنّ تمكّن
إسرائيل من العيش بشكلٍ طبيعيٍّ في
المنطقة، وتواصل التّبادل التّجاري مع
دولها؛ هو أمرٌ يتطلّب أوّلًا تخلّيها
عن الإحساس بأنّ حقّها في احتلال أراضي
الغير، يساوي حقّها في الاستقلال. التّبعات الاقتصاديّة ليس من المتوقَّع أن يترك قرار وقف تصدير
الغاز المصريّ تأثيراتٍ اقتصاديّةً
كبيرةً فوريّةً على إسرائيل؛ لأنّ
إمدادات الغاز كانت قد توقّفت عمليًّا
قبل ثلاثة أشهرٍ من صدور هذا القرار،
بفعل تتابع عمليّات التّفجير التي
استهدفت الأنبوب النّاقل للغاز
لإسرائيل، في أعقاب الثّورة المصريّة.
ومع ذلك، فقد مثّل القرار المصري
إسدالًا للسّتار على حقبةٍ تاريخيّةٍ،
حقّقت إسرائيل فيها مكاسبَ اقتصاديّةً
هائلةً؛ بفعل تدفّق الغاز المصريّ
إليها. فمنذ أن باشرت مصر تصدير الغاز
إلى إسرائيل عام 2008، عملًا بالاتّفاق
الذي وقع التوصّل إليه عام 2005؛ وفّرت
خزانة الدّولة الإسرائيليّة مليارات
الدّولارات، بفضل الفرق الكبير بين
سعر الغاز المصري الذي تحصّلت عليه،
وسعره في الأسواق العالميّة. فقد كانت
إسرائيل تشتري المتر المكعّب من الغاز
المصريّ بثلاثة دولارات؛ في حين كان
سعره في السّوق العالمي يبلغ 12 دولارًا.
ويرى يروم أرياف -المدير العامّ بوزارة
الماليّة الإسرائيليّة السّابق- أنّ
الغاز المصريّ الرّخيص، قد ساهم إلى
حدٍّ كبيرٍ في تمكين إسرائيل من إنتاج
الطّاقة بتكلفةٍ قليلةٍ نسبيًّا[7].
ونظرًا إلى أنّ نحو 37% من الطاقة
الكهربائيّة التي تنتجها شركة
الكهرباء الإسرائيليّة، تعتمد على
الغاز المصري؛ فقد أدّى توقّف إمدادات
الغاز المصري إلى زيادة تعريفة
الكهرباء خلال العام الماضي بنسبة 20%.
ومن المتوقَّع أن يقع رفع التّعريفة
بنسبة 25% في أعقاب صدور القرار المصري
الأخير[8]. وما جعل أزمة قطاع الطّاقة
تتفاقم في إسرائيل في أعقاب القرار
المصريّ؛ هو أنّ حقل "يام تتيز"
البحري، الواقع في غرب مدينة عسقلان،
والذي يوفّر أكثر من 60% من احتياجات
شركة الكهرباء القُطْرية
الإسرائيليّة من الغاز، سينضب تمامًا
في غضون نصف عامٍ. وهذا ما يعني أنّ
إسرائيل ستكون مطالبةً بإقامة المزيد
من محطّات توليد الكهرباء بواسطة
الفحم؛ علمًا أنّ كلفة إقامة هذه
المحطّات تبلغ أضعاف كلفة استخدام
الغاز، عدا الأضرار الكبيرة النّاجمة
عن تلوّث البيئة[9]. صحيحٌ أنّ إسرائيل
تمكّنت من اكتشاف احتياطاتٍ ضخمة من
الغاز في حقلَي "تمار" و"ليفاتين"،
الواقعين في المياه الفاصلة بينها
وبين قبرص؛ لكنّ الإجراءات
البيروقراطيّة في الوقت الحالي،
ستؤجّل استخراج الغاز منهما إلى وقتٍ
غير محدَّدٍ. وما يثير القلق لدى
الإسرائيليّين، هو أن يكون قرار وقف
تصدير الغاز مقدِّمةً لوقف التّبادل
التّجاري بين الدّولتين؛ لاسيّما بعد
أن تبيّن أنّ ذلك التّبادل قد تضاعف
أربع مرّات بعد اندلاع الثّورة
المصريّة. فبحسب معطيات معهد التّصدير
الإسرائيلي، قامت إسرائيل خلال شهرَي
كانون الثّاني/ يناير- شباط / فبراير 2012
بتصدير بضائعَ لمصر بقيمة 46 مليون
دولار؛ في حين أنّ قيمة التّصدير
الإسرائيلي خلال الشّهرين نفسهما من
عام 2011، لم تتجاوز 12 مليون دولار[10].
صحيحٌ أنّ التّبادل التجاري مع مصر
يكاد يكون دون تأثير في الاقتصاد
الإسرائيلي؛ لكنّه -مع ذلك- يظلّ
مؤشّرًا على استقرار العلاقات بين
الجانبين. وفي الوقت نفسه، فإنّ القرار
المصري يترك علامات استفهامٍ بشأن
مستقبل المشاريع الاقتصاديّة
المشتركة بين الجانبين؛ كمصنع النّسيج
الضّخم الذي أقامته شركة "دلتا"
الإسرائيليّة في مصر مثلًا. هذا إلى
جانب وجود مخاوف من أن تقطع البنوك
المصريّة علاقاتها مع البنوك
الإسرائيليّة، علمًا أنّ التّحويلات
بين البنوك المصريّة والإسرائيليّة
تواصلت دون انقطاع حتّى الآن. آليّات التحرّك الإسرائيلي إنّ أكثر ما يدلّ على أنّ دوائر صنع
القرار في إسرائيل، لا تنظر فعلًا إلى
القرار المصريّ الأخير على أنّه نتاج
"خلافٍ تجاريٍّ"؛ هو أنّ الحكومة
الإسرائيليّة قد شرعت -بُعيْد إعلان
القرار المصري- في البحث عن بدائلَ
لسدّ العجز النّاجم عن توقّف تدفّق
الغاز المصري، لاسيّما أنّ إسرائيل لا
تريد حصر خياراتها في التوجّه نحو
إقامة المزيد من المحطّات الفحميّة
لإنتاج الطّاقة الكهربائيّة. فالنّقص
في إمدادات الغاز، لا يؤثّر فقط في
القدرة على إنتاج الكهرباء؛ بل يؤثّر
كذلك في قطاع الصّناعة وتطوّرها في
إسرائيل. ذلك أنّ نسبةً كبيرة من
المرافق الصناعيّة توظّف الغاز في
إنتاج الطّاقة؛ فضلًا عن أنّ توفّر
الغاز المصري الرّخيص، قد مكّن
إسرائيل من التّوسّع في إقامة مشاريع
تحلية المياه. ولذلك، فإنّ أهمّ خطوة
أقدمت عليها الحكومة الإسرائيليّة
بُعيد صدور القرار المصري، هي التوجّه
السّريع نحو تقصير أمد الإجراءات
البيروقراطيّة؛ تلك التي تحول حتّى
الآن دون مباشرة استخراج الغاز من حقل
" تمار" (وقع اكتشافه عام 2009) الذي
يحوي احتياطيًّا ضخمًا من الغاز. وقد
قرّر وزير الماليّة الإسرائيلي يوفال
شطاينتس اتّخاذ كلّ الخطوات التي تكفل
الشّروع في استخراج الغاز من حقل تمار،
بحلول نهاية العام الجاري. ورأى أنّ
هذه الخطوة قد باتت ملحّة لتقليص
فاتورة الطّاقة، التي يمكن أن تتضاعف
في أعقاب القرار المصري[11]. ومن أجل
ضمان تحقيق هذا الهدف، شرعت الحكومة
الإسرائيليّة في التّشاور مع الكتل
البرلمانيّة بالكنيست؛ سعيًا إلى
إقناعها بعدم التّشدد عند المطالبة
بالوفاء بشروط سلامة البيئة، لاسيّما
أنّ بوسعها تأجيل مباشرة استخراج
الغاز من "تمار". وفي الآن نفسه،
هناك توجّهٌ رسميّ إسرائيليّ لتوظيف
الضّغوط الأميركيّة في إجبار
المصريّين على التراجع عن ذلك القرار؛
أو على الأقلّ تحذيرهم من الإقدام على
اتّخاذ قرارات أخرى من شأنها وقف
التّبادل التجاري مع الدّولة العبريّة.
وبحسب جبرائيل بار، المسؤول عن إدارة
التّجارة الخارجيّة في وزارة الصّناعة
والتجارة الإسرائيلية؛ فإنّ بإمكان
الولايات المتّحدة توظيف اتّفاقية "الكويز"
بشأن المناطق الصناعيّة المؤهّلة. تلك
الاتّفاقيّة التي عُقدت عام 2004 بين
كلٍّ من مصر وإسرائيل والولايات
المتّحدة، وبمقتضاها تُعفى البضائع
المصريّة من الضّرائب لدى تصديرها إلى
الولايات المتّحدة، إن كان 10% من
الموادّ المستخدمة في تصنيعها قد جرى
استيرادها من إسرائيل[12]. وبحسب بار،
فإنّ حرص الولايات المتّحدة على تطبيق
ما جاء في الاتفاقيّة، يمكن أن يردع
مصر عن الإقدام على خطوات أخرى تعطّل
التّبادل التجاري؛ خصوصًا أنّ
الأهميّة الحقيقيّة لذلك التّبادل
التّجاري، تكمن في أنّه يمثّل أحد
المؤشِّرات على حالة السّلام بين
الجانبين. وذهب وزير البنى التّحتيّة
الإسرائيلي الأسبق بن إليعيزر إلى
أبعد من ذلك؛ لمّا حذّر مصر من فقدان
المعونة الأميركيّة السّنوية التي
تبلغ ملياريْ دولار، في حالة المسّ
باتّفاقيّة السّلام بين الدّولتين[13]. الاستنفار للمواجهة إنّ ما يؤكّد على أنّ صناع القرار في
إسرائيل ينظرون إلى قرار إلغاء صفقة
الغاز كأحد التّحوّلات الإستراتيجيّة
المنذرة بفتح صفحة جديدة في العلاقات
مع مصر؛ هو أنّه قبل ساعات من صدور
القرار المصري، قد كُشف النّقاب في
إسرائيل عن اتّجاهٍ داخل الحكومة
الإسرائيليّة -يقوده وزير الخارجيّة
أفيغدور ليبرمان- يدعو إلى التّعامل مع
مصر بعد الثّورة على أنّها مصدر خطر
يفوق الخطر الذي يمثّله البرنامج
النّووي الإيراني[14]. وقد نُقل عن
ليبرمان قوله: إنّ الأوضاع على صعيد
العلاقات مع مصر، ستصبح أكثر خطورة،
لدرجة تستدعي إعادة بناء الجيش
الإسرائيلي من جديد. ويتضمّن ذلك منْح
الأفضليّة لقيادة المنطقة الجنوبيّة
في الجيش، وتشكيل فيلقٍ جديد يضمّ
أربعة ألوية مخصّصة للتّمركز على
الحدود مع مصر، والحرص على تخصيص كلّ
الموازنات اللازمة لذلك[15]. وينطلق
ليبرمان من افتراضٍ يقوم على فكرة أنّ
مصر ستلجأ بعد الانتخابات الرئاسيّة
إلى خرق اتّفاقيّة "كامب ديفيد"
بشكلٍ جوهريٍّ، وستعمل على دخول
قوّاتٍ عسكريّة مصريّة إلى سيناء،
بطريقةٍ تهدّد الأمن القومي
الإسرائيليّ. واللافت للنّظر، أنّ
القاسم المشترك بين الاستنتاجات التي
خلص إليها الكثير من الباحثين
الإسرائيليّين، يتوافق عامّةً مع
الخطّ الذي يقوده ليبرمان. ويرى باحثون إسرائيليّون كُثرٌ أنّه لم
يعد بالإمكان إعادة عقارب السّاعة إلى
الوراء، وأنّ مصر ستتحوّل عاجلًا أو
آجلًا إلى دولة عدوّ. ولعلّ ما زاد من
إثارة القلق الإسرائيلي بشأن اتّجاهات
السّياسات المصريّة بعد الثّورة؛ هو
البيان الذي أصدرته لجنة الشّؤون
العربيّة في مجلس الشّعب المصريّ
بتاريخ 12 / 3 / 2012، والذي تضمّن تصوّرًا
لما يجب أن تكون عليه الخطوط العامّة
للسّياسة المصريّة تجاه إسرائيل. فقد
طالب بيان اللّجنة المستوى السّياسي
في مصر بعدِّ إسرائيل "العدوّ
المركزيّ الذي يهدّد الأمن القوميّ
المصري". وشدّد على رفض الاعتراف
بشرعيّة إسرائيل، فضلًا عن الدّعوة
إلى مساعدة الشّعب الفلسطيني في نضاله
المسلَّح ضدّ إسرائيل. ويجزم يهودا هليفي -الباحث في "معهد
القدس لشؤون الجمهور والمجتمع"، وهو
معهد يعمل بأجندة يمينيّة متطرّفة-
بأنّ بيان اللّجنة البرلمانيّة
المصريّة يدلّ على أنّ مصر قد تحوّلت
بعد الثّورة إلى عدوٍّ، وبأنّه من
العبث المراهنة على أيّ سيناريو لا
يستثني حتميّة الصّدام الإسرائيلي
المصريّ، في ظلّ التّحوّلات التي
تشهدها القاهرة[16]. ولا يرى هليفي أيّ
أمل في ضمان استقرار العلاقة مع مصر
الجديدة؛ خصوصًا بمطالبة البرلمان
المصري المستوى السّياسي في مصر بعدِّ
إسرائيل "العدوّ المركزي الذي يهدّد
الأمن القومي المصري"، وتشديده على
رفض الاعتراف بشرعيّة إسرائيل، إلى
جانب دعوته إلى مساعدة الشّعب
الفلسطيني في نضاله المسلَّح ضدّ
إسرائيل. وخلص هليفي إلى استنتاجٍ
مفاده، أنّه في حال تبنَّى الحكم
الجديد في مصر توصية اللّجنة؛ فذلك
يعني أنّ مصر ستكون مطالَبَةً في
المستقبل بإعادة بناء قوّتها
العسكريّة لمواجهة إسرائيل عسكريًّا،
بما في ذلك المجال النّووي. وهذا ما
يرفع مستوى السّلوك المصري إلى مستوى
الخطر الوجودي. ويحذِّر هليفي -في هذا
السّياق- من أنّ مصر بعد الثورة، قد
تستغلّ أيّ سلوك إسرائيلي ضدّ
الفلسطينيّين، وتخوض مواجهة
دبلوماسيّة وسياسيّة ضدّه ردًّا على
تهويد القدس والاستيطان في الضفّة
الغربيّة[17]. وقد جاء القرار المصري
الأخير، في ظلّ الانطباع الإسرائيلي
المتجذّر بأنّ تل أبيب قد فقدت وللأبد
شراكتها الإستراتيجيّة مع مصر. ويرى
الباحث في الشؤون الإستراتيجية
الجنرال المتقاعد رون تيرا، أنّ
إسرائيل لم تعد تتمتّع بعوائد
الشّراكة الإستراتيجية التي كانت تنعم
بها أثناء حكم مبارك؛ مؤكّدًا على أنّ
تلك الشّراكة، قد بلغت أوجها في الحرب
التي خاضتها إسرائيل ضدّ حزب الله في
تمّوز / يوليو 2006، وفي الحرب على غزّة
أواخر عام 2008. فقد حرص نظام مبارك على
توفير الظّرف الإقليمي المناسب
لاستمرار الضّربات الإسرائيليّة في
أقلّ قدرٍ من الاعتراض العربيّ
والدوليّ[18]. ومن اللافت للنّظر، أن
تستحوذ على الجدل الإسرائيلي الدّاخلي
مؤخّرًا مناقشةُ بعض الأفكار الهادفة
إلى محاولة تقليص الأضرار النّاجمة عن
التّحولات في مصر. فعلى سبيل المثال،
ينصح رون تيرا صنّاع القرار في إسرائيل
بمطالبة الولايات المتّحدة بالضّغط
على الحكومة السّعودية، حتّى تعرض
المساعدات الماليّة على النّظام
الجديد في مصر، وتغريه بعدم الحياد عن
السّياسات التي كان ينتهجها الرّئيس
المخلوع مبارك؛ نظرًا إلى أنّ "ضمان
الاستقرار في المنطقة مصلحةٌ سعوديّة
أيضًا"[19]. الخاتمة لقد مثّل قرار إلغاء صفقة بيع الغاز
المصري بالنّسبة إلى إسرائيل، تطوّرًا
يُنهي حقبةً تاريخيّةً ويفتح أخرى. وهو
يجسِّد دليلًا على بدء تحقّق
التوقّعات الإسرائيليّة السوداويّة
التي راجت في أعقاب اندلاع ثورة 25
يناير. لاشكّ في أنّ إسرائيل ستحاول
محاصرة الآثار الاقتصاديّة المباشرة
للقرار المصري؛ لكنّ أهمّ ما يشغل بال
صنّاع القرار في إسرائيل حاليًّا، هو
التّخطيط لمحاصرة التّداعيات
الإستراتيجيّة للتّحولات المتلاحقة
في مصر، على المدى المتوسّط والبعيد؛
وذلك على الصّعد السّياسية والعسكريّة
والأمنيّة والاقتصاديّة
والإستراتيجيّة. _________________________ [1] عمير بركات، "الخوف من قطيعة سياسيّة
دفع إسرائيل إلى التّراجع في قضيّة
الغاز المصري"، صحيفة غلوبس، 23-4-2012،
على الرّابط: http://www.globes.co.il/news/article.aspx?did=1000743472 [2] سامي بيريتس، آبي بار ائيلي بن
إليعازر، "لو كنت أتلقّى أموالًا من
مبارك، هل كان من الممكن ألّا يعلم
الموساد"، ذي ماركير، 27-4-2012، http://www.themarker.com/dynamo/1.1694938 [3] تسفي مزال، "قرار سياسيّ بامتياز"،
صحيفة كالكيليست، 24-4-2012، http://www.calcalist.co.il/local/articles/0,7340,L-3569041,00.html [4] المرجع نفسه. [5] بوعاز بسموت، "التوقعات التّشاؤمية
تتحقّق بسرعة"، صحيفة إسرائيل
اليوم، 22-4-2012، http://www.israelhayom.co.il/site/newsletter_opinion .php?id=8503&hp=1&newsletter=23.04.2012 [6] تسفي بارئيل، "الوهم التركي المصري"،
هارتس، 25-4-2012، http://www.haaretz.co.il/opinions/1.1693712 [7] إيتي تريلينك، يروم أرياب، "عندما
يكون لديك غاز مصري رخيص - من الغباء
ألا تستغله"، صحيفة ذي ماركير، 24-4-2012، http://www.themarker.com/dynamo/1.1692784 [8] عمير بركات، مرجع سبق ذكره. [9] شموئيل أيفن، "اقتصاديات الغاز
الطبيعي في إسرائيل- دلالات اقتصاديّة
وإستراتيجية"، مجلة "عدكون
إستراتيجي"، مركز دراسات الأمن
القومي، مجلد 13، عدد1، حزيران / يونيو،
2010. http://www.inss.org.il/upload/(FILE)1277212967.pdf [10] هدار كنا، "كلهم يعون أنّ العلاقات
مع إسرائيل توفّر عملًا للعمّال
المصريين"، صحيفة كلكليست، 24-4-2012، http://www.calcalist.co.il/local/articles/0 ,7340,L-3569047,00.html?dcRef=ynet [11] يقول شطاينتس معلقًا على قرار إلغاء
صفقة الغاز: "سنعمل على تقديم موعد
استخراج الغاز من "تمار" حتى
نهاية 2012"، صحيفة ذي ماركر، 23-4-2012، http://www.themarker.com/dynamo/1.1692022 [12] هدار كنا، مرجع سبق ذكره. [13] سامي بيريتس، آبي بار ائيلي، مرجع سبق
ذكره. [14] بن كاسبيت، "ليبرمان يحذّر نتنياهو:
مصر تثير القلق أكثر من إيران"،
معاريف، 22 / 4 / 2012: http://www.nrg.co.il/online/1/ART2/360/472.html?hp=1&cat=404 [15] المرجع نفسه. [16] يهودا دحوح هليفي، "علامات مقلقة
بشأن إسرائيل في البرلمان المصري
عشيّة الانتخابات الرئاسية"، مركز
القدس لشؤون الجمهور والمجتمع، 14 / 3 /
2012: http://www.jcpa.org.il/Templates/showpage.asp?FID =839&DBID=1&LNGID=2&TMID=99&IID=26556 [17] المرجع نفسه. [18] رون تيرا، "اهتزاز الفضاء
الإستراتيجي لإسرائيل"، مجلّة
عدكون إستراتيجي، مركز أبحاث الأمن
القومي، مجلّد 14، عدد 3. [19] المرجع نفسه. ======================== قصيدة غونتر غراس
وعواقبها السياسية والأخلاقية ..
ماذا تعني قراءة قصيدة غونتر غراس في
قطاع غزة؟ رينيه فيلدأنغل* ترجمة: ياسر أبو معيلق مراجعة: هشام العدم حقوق النشر: موقع قنطرة 2012 30/4/2012 أثارت قصيدة الشاعر والروائي غونتر غراس
الناقدة لإسرائيل جدلاً كبيراً في
ألمانيا. غير أن المؤرخ الألماني
المعروف رينيه فيلدانغل يرى أن قراءة
قصيدة غراس في غزة تبرز أن "ما يجب أن
يقال" لم يتم قوله مجدداً،
فالمثقفون والساسة والرأي العام
الألماني يتنازعون حول قصيدة سيئة،
لكن أحوال سكان قطاع غزة، الذين يتم
تجاهلهم أثناء الحديث عن الحرب أو
السلام، فلا تهمهم. تسببت قصيدة للشاعر والكاتب الألماني
غونتر غراس بعنوان "ما يجب أن يقال"
بطوفان من التعليقات والآراء لم يكن له
مثيل خارج ألمانيا. لكن إذا ما نظر
المرء إلى طبيعة الجدل في ألمانيا من
الخارج، سيجد أن النقاش مبالغ به بشكل
كبير جدا، خاصة إذا كان الناظر مقيماً
في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن الروائي الألماني غراس
كتب قصيدته حول إسرائيل وإيران، إلا أن
المقالات التي تناقش هذه القصيدة تركز
على مواضيع فرعية، كماضي غراس والحد
الفاصل بين انتقاد إسرائيل ومعاداة
السامية، وهي مسألة محاطة في حد ذاتها
بالجدل وبجملة من الإشكاليات. قراءة قصيدة غراس في غزة تظهر الجدل
الدائر حولها بمنظور أكثر غرابة، فبعد
رحلتي المضنية إلى قطاع غزة، عبر حاجز
إيرز الحدودي، قرأت القصيدة مرة أخرى
والمقالات العديدة التي ناقشتها.
القصيدة لا تبدو أفضل بعد تغيير
المكان، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو:
كيف يمكن لهذه القصيدة أن تثير الكثير
من المشاعر، بينما لا تحرك أوضاع مليون
ونصف مليون شخص - أوضاع أعايشها الآن عن
قرب - أي عواطف؟ ولماذا غابت المواضيع
التي أراد غراس مناقشتها في قصيدته عن
النقاش الدائر حالياً؟ الخطب العدائية التقليدية "قراءة قصيدة غراس في غزة لا تجعل
القصيدة أفضل، فهي ستبقى سيئة شكلاً
ومضموناً" منذ أيام يدور الجدل حول اعتبار غراس معاد
للسامية أم لا. هذا النقاش اتخذ
أشكالاً عجيبة، ففي ألمانيا وبعد
الخطب المسهبة والعدائية للناشر
الألماني هنريك برودر وأمثاله، بدأ
القابعون في سراديب الثقافة والسياسة
باستنزاف هذا النقاش على صفحات الموقع
الإلكتروني لمجلة "شبيغل". كما
قام وزير الداخلية الإسرائيلي
اليميني، إيلي إيشاي، المعروف برفضه
استقبال اللاجئين الأفارقة لكونهم "خطراً
على الصحة العامة في إسرائيل"،
بإعلان أن غراس شخص غير مرغوب فيه
وأصدر أمراً بحظر سفره إلى إسرائيل،
رغم أن غراس لم يكن ينوي زيارة إسرائيل.
أما في إيران وبعض الدول الأخرى لاقت
القصيدة دعماً من أشخاص غير مرغوب بهم
ومن كارهين لإسرائيل. قراءة قصيدة غراس في غزة لا تجعل القصيدة
أفضل، فهي ستبقى سيئة شكلاً ومضموناً.
وقلق غراس من "الضربة الأولى"
لإسرائيل، التي "قد تبيد الشعب
الإيراني" لغو سخيف، مثله في ذلك مثل
وصفه الرئيس الإيراني ب"نمر ورقي"،
رغم أنه ليس كذلك على الإطلاق عندما
يتعلق الأمر بتحمل مسؤولية استخدام
العنف المفرط خلال قمعه للمعارضة
السياسية والمجتمع المدني في إيران. عواقب وخيمة على المنطقة برمتها وزير الداخلية الإسرائيلي اليميني إيلي
إيشاي رد على قصيدة غراس في الثامن من
أبريل بإعلانه شخصاً غير مرغوب به
وأصدر أمراً بمنعه من السفر إلى
إسرائيل، رغم أن غراس لم ينوي زيارة
إسرائيل. وإضافة إلى ذلك، فإن الرسالة المهمة تضيع
في خضم النص المرتبك، ألا وهي التحذير
من ضربة عسكرية إسرائيلية محتملة ضد
المنشآت النووية الإيرانية، دون
امتلاك أي دليل على سعي إيران لامتلاك
القنبلة الذرية. هذا العمل العسكري لم
يعد مستبعداً، والتحذير من تبعاته،
خاصة إشعال حرب جديدة في منطقة الشرق
الأوسط بأكملها، أمر مهم للغاية، سواء
في إسرائيل والولايات المتحدة
الأمريكية وبالطبع في ألمانيا. وفضلا عن ذلك هناك نقطة أخرى في قصيدة
غراس كانت تستحق نقاشاً موضوعياً، ألا
وهي السماح للحكومة الألمانية بتزويد
إسرائيل بغواصات قادرة على حمل رؤوس
نووية، إذ تعتبر هذه الصفقة انتهاكاً
صارخاً لسياسة ألمانيا في تصدير
الأسلحة، وقد تؤدي إلى صب الزيت على
النار في المنطقة بدلاً من تهدئتها. إن اتهام منتقدي هذه الصادرات بأنهم
يشككون في ضمان حق دولة إسرائيل في
الوجود أمر سخيف، فالمساهمة الحقيقية
في ضمان وجود دولة إسرائيل ليست من
خلال تزويدها بالأسلحة، بل عبر الدعوة
إلى إنهاء الاحتلال وتحقيق حل
الدولتين. قراءة قصيدة غراس في غزة،
حيث تمنع قوارب الصيادين الفلسطينيين
من مغادرة شريط ساحلي ضيق يبلغ عرضه
ثلاثة أميال، وحيث يعيش الناس في خوف
دائم من أن يأتيهم القصف من الجو أو
البحر، يعطي بعداً آخر لقضية الغواصات
الألمانية. من يتحدث عن حق الفلسطينيين في الوجود؟
كان بإمكان غراس كتابة مقال موجز يناقش
فيه كل القضايا التي يدور حولها
النقاش، كالبرنامج النووي الإسرائيلي
وصفقة الغواصات الألمانية والاحتلال
الإسرائيلي وسياسة الاستيطان بشكل
نقدي ويثري هذا الجدل بشكل بناء. أسلوب سيء وأفكار مضللة...واستخفاف
بالعقول قراءة قصيدة غراس في غزة تبرز غياب
التعاطف في كتاباته مع من يعيشون في
المنطقة، فهو يوضح - بنبرة لا تخلو من
التعجرف - أنه يريد مساعدة "الإسرائيليين
والفلسطينيين، بل وجميع من يعيشون
مكدسين جنباً إلى جنب، في هذه المنطقة
التي احتلها جنون العداء". لكن الضفة
الغربية وغزة لا يحتلهما جنون العداء،
بل إسرائيل. لقد حال الأسلوب السيئ
والأفكار المضللة في قصيدة غراس
وحدهما دون الحديث بشكل مفصل عن هذه
المواضيع. في قصيدته اتهم الكاتب الألماني غراس
الحكومة الإسرائيلية بتهديد السلام
العالمي الهشّ أساساً، وانتقد في ذات
الوقت تزويد ألمانيا إسرائيل بغواصات
تستطيع حمل رؤؤس نووية. قراءة قصيدة غراس في غزة تظهر النقاش حول
إمكانية انتقاد إسرائيل في ألمانيا
بشكل أسخف، إذ كيف يمكن للمرء ألا
ينتقد إسرائيل، أو بالأحرى سياسة
الحكومة الإسرائيلية، التي تتحمل
مسؤولية الاحتلال المستمر للضفة
الغربية والحصار المفروض على قطاع
غزة، عندما ينظر إلى أوضاع سكان قطاع
غزة؟ ليس فقط من منظور ألماني أو غير
ألماني، بل من منظور قانوني وعالمي
وإنساني. الحصار المستمر المفروض على
غزة محض جنون، لأنه لا يسبب عواقب
وخيمة على الشباب في قطاع غزة وحسب، بل
يتعارض تماماً مع مصالح دولة إسرائيل
الأمنية. أما التحجج بالإرهاب الذي
تمارسه حركة حماس فهو استخفاف
بالعقول، بالنظر إلى القبضة الحديدية
التي تحكم بها حكومة حماس سكان غزة،
بينما تحاول بكل يأس وقف إطلاق
الصواريخ وإعادة العلاقات التجارية مع
الغرب. القول بأن انتقاد إسرائيل في ألمانيا غير
ممكن أمر سخيف. لكن تعامل كثير من
الألمان مع هذا الموضوع يتسم بعدم
الوضوح والعجز، وهو أمر غير مستغرب على
الأقل في حالة غراس بسبب ماضيه. فهم
يظنون أنهم يكسرون تابوهات غير موجودة
أساساً، بدلاً من تبني وجهة نظر مبنية
على القانون الدولي الإنساني والقيم
العالمية. بل أن غراس يتحدث عن منع نفسه
"من تسمية الدولة الأخرى باسمها".
ما هذا السخف؟ مسؤولية ألمانيا التاريخية تجاه
الفلسطينيين قراءة قصيدة غراس في غزة توضح أن ألمانيا
تتحمل مسؤولية ماضيها ومذبحة اليهود (الهولوكوست).
جزء من هذه المسؤولية يتمثل في محاربة
معاداة السامية والعنصرية بكل حزم وفي
جميع أنحاء العالم. إلا أن هذه
المسؤولية لا تتضمن التعاطف مع حكومة
إسرائيلية يمينية تقوم بشكل ممنهج
وعلى نطاق واسع بانتهاك حقوق
الفلسطينيين ومصادرة حقوقهم، وهي لا
تتضمن توريد أسلحة بالمليارات بشكل
منتظم ودون انتقاد، أو حتى انتهاج
الصمت في النقاش الدائر حول البرنامج
النووي الإسرائيلي أو خطط الهجوم على
البرنامج النووي الإيراني. قراء قصيدة غراس في غزة تبرز أن "ما يجب
أن يقال" لم يتم قوله مجدداً، إذ يجب
أن يقال الكثير حول قطاع غزة، على سبيل
المثال، إلا أن الصمت هو سيد الموقف.
يجب أن يقال أن 80 بالمائة من سكان
القطاع أصبحوا يعتمدون على المساعدات
الإنسانية، وأن البطالة وانعدام الفرص
يصيبان الشباب بالإحباط، وأن اقتصاد
الأنفاق يقوم بخلق مؤسسات موازية
تحابي العشائر الشبيهة بعصابات
المافيا، وأن الحصار الشامل وعزل
القطاع جنون محض ويتسبب في إبعاد جيل
بأكمله من الشباب الفلسطيني عن
إسرائيل وعن العالم، ويسلبهم أبسط
حقوقهم الإنسانية وكرامتهم وحرية
حركتهم وإمكانيات نموهم، وأن الاحتلال
الإسرائيلي يدمر مجتمعين: الفلسطيني
والإسرائيلي. قراءة قصيدة غراس في غزة تبرز الفراغ بكل
وضوح، فالمثقفون والساسة والرأي العام
الألماني يتنازعون حول قصيدة سيئة. لكن
أحوال سكان قطاع غزة، الذين يتم
تجاهلهم أثناء الحديث عن الحرب أو
السلام، فلا تهمهم. هذه هي بالفعل
العاقبة الوخيمة لهذا النقاش في
ألمانيا. *رينيه فيلدانغل مؤرخ ألماني
معروف مختص في شؤون الشرق الأوسط أصدر
دراسة تاريخية بعنوان "فلسطين
والحقبة النازية" وهو يعمل حاليا
مديرا لمكتب مؤسسة هاينرش بول
الألمانية المقربة من حزب الخضر في رام
الله. ========================== د. صبحي غندور التاريخ: 03 مايو 2012 البيان رغم التعثّر الواضح في تطبيق وقف إطلاق
النار على الأراضي السورية، وهو البند
الأساس في خطة كوفي أنان، فإنّ هذه
الخطة هي الآن الخيار الوحيد الممكن
للتعامل مع واقع الأحداث الدموية التي
تشهدها سوريا منذ أكثر من عام. بل يمكن
اعتبار هذه الخطة محصّلة لفشل كل
المراهنات الأخرى، التي جرت محاولة
تطبيقها من قِبَل كل الأطراف المحلية
والإقليمية والدولية المعنيّة
بتطوّرات الأزمة السورية. فلا مراهنة السلطات السورية على الحل
الأمني قد نجحت، ولا مراهنة بعض قوى
المعارضة على تغيير النظام قد تحقّقت،
ولا الوعود والتهديدات بالتدخّل
العسكري الأجنبي كان ممكناً تنفيذها. أيضاً، فإنّ المراهنات على حصول تفكّك في
قوى الحكم السوري مقابل بناء معارضة
سورية موحّدة، قد سقطت في الحالتين، إذ
ما زال الحكم في سوريا قوياً موحّداً،
بينما شهدت قوى المعارضة مزيداً من
التباعد بين أركانها، حتى في داخل «المجلس
الوطني» نفسه، وهو المجلس الذي كان
يُراد من تأسيسه إيجاد نقطة جذب لقوى
سورية عديدة، فإذا به يتحوّل إلى مصدر
تنافر بين مؤسسيه. لكن خطة أنان لم تكن أصلاً بمبادرةٍ منه،
كأمين عام سابق للأمم المتحدة، وهي
ليست أيضاً مجرّد مبادرة من الأمين
العام الحالي بان كي مون، فهي أولاً
وأخيراً صيغة أميركية روسية، جرى
التوافق عليها وتسويقها لاحقاً لدى
حلفاء كل طرف، حتى وصلت إلى الأراضي
السورية والأطراف المحلية والإقليمية
المعنيّة. وهذا التوافق الروسي الأميركي على إعداد
وإعلان خطة أنان، رافقه أيضاً التفاهم
على كيفيّة التعامل مع الملف النووي
الإيراني، حيث تزامن إعلان الخطة بشأن
سوريا والإجماع في «مجلس الأمن» على
دعمها، مع نجاح جلسة المفاوضات في
إسطنبول حول الملف النووي الإيراني،
وكثيرة هي الآن التصريحات الإيجابية
عن المتوقَّع أيضاً من الجولة القادمة
للمفاوضات في بغداد. لقد أصبح واضحاً أنّ إدارة أوباما لا تجد
مصلحةً أميركية في زيادة الخلاف
والتناقض بين المواقف الروسية
والأميركية. وكذلك أيضاً هي رؤية
الاتحاد الأوروبي، المتضرّر الأول من
عودة أجواء «الحرب الباردة» بين موسكو
وواشنطن، في ظلّ التراجع الاقتصادي
الأوروبي، والحاجة الأوروبية لعلاقات
اقتصادية وسياسية جيدة مع الصين
وروسيا. كما لا تجد الإدارة الأميركية
الآن، أيَّ مصلحة في تصعيد التوتّر مع
إيران، أو في تبنّي مقولة الحكومة
الإسرائيلية بشأن استخدام الضربات
العسكرية على مواقع إيرانية، بل تنظر
إدارة أوباما إلى هذا العمل العسكري
المطلوب إسرائيلياً، كخطر أكبر على
أميركا ومصالحها من أيّة حرب أخرى
خاضتها في المنطقة. لذلك حصلت هذه التفاهمات الأميركية
الروسية حول كيفيّة التعامل مع
الملفين السوري والإيراني، دون أن
يعني ذلك «يالطا» جديدة، أو تفاهمات
على توزيع الحصص الجغرافية في العالم،
كما حصل بين موسكو وواشنطن عقب الحرب
العالمية الثانية. فهي الآن تفاهمات على منع استمرار
الانحدار السلبي للملفين السوري
والإيراني، أو وصول أيٍّ منهما لحالة
الحرب الإقليمية، لكن لم يحصل بعد
التفاهم الأميركي الروسي على المطلوب
مستقبلاً من وجهة نظر كلّ طرف، فهي
مسألة مفتوحة الآن لمزيد من التفاوض،
وعلى مرحلتين: الأولى، ومداها الزمني
هو قمّة مجموعة الثمانية المقرّرة هذا
الشهر (مايو) في «كامب ديفيد»
الأميركية، والمرحلة الثانية ستكون
مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية
الأميركية في نوفمبر القادم، لبحث
الاتفاقات الممكنة بين المحورين:
الأميركي الأوروبي، والروسي الصيني،
على قضايا دولية عديدة، أهمّها خط
الأزمات الممتد من طهران إلى غزة. وفي حال إعادة انتخاب أوباما واستمرار
نهج التفاهم بين موسكو وواشنطن، فإنّ
الصراع العربي الإسرائيلي سيكون
المحطّة القادمة لقطار التفاهمات
الدولية، من خلال الدعوة لمؤتمر دولي (ربّما
في موسكو) على غرار مؤتمر مدريد في مطلع
تسعينيات القرن الماضي، ومن أجل إعلان
«الدولة الفلسطينية»، وتوقيع معاهدات
على الجبهتين السورية واللبنانية.
فخيار التسويات هو المطلوب حالياً من
قبل الأقطاب الدولية، حتى لو كانت هناك
«معارضات» لهذه التسويات على مستويات
محلية وإقليمية. هل هذه التوقّعات عن التسويات الدولية
الممكنة لأزمات في المنطقة ومحيطها،
تعني «برداً وسلاماً» للأوطان العربية
وشعوبها؟ الإجابة هي بنعم، في الحدّ
الأدنى، وفي ظلّ الظروف العربية
السلبية القائمة حالياً، وما فيها من
مخاطر أمنية وسياسية على الكيانات
الوطنية، لكن هي حتماً مراهنات عربية
جديدة على «الخارج»، لحلّ مشاكل
مصدرها الأساس هو ضعف «الداخل»
وتشرذمه. فأيُّ حلٍّ يرجوه العرب
لمصلحتهم إذا سارت التفاهمات الدولية
والإقليمية تبعاً لمصالح هذه الأطراف
غير العربية، ولموازين القوى على
الأرض، وليس مرجعية الحقوق المشروعة
للشعوب والأوطان؟! إنّ العرب لم يتعلّموا سابقاً من «قابلية
ظروفهم للاستعمار». فالمنطقة العربية (وأنظمتها
تحديداً) لم تستفد من دروس مخاطر فصل
حرّية الوطن عن حرّية المواطن، ولم
تستفد أيضاً من التجارب المرّة في
المراهنة على الخارج لحلِّ مشاكل
عربية داخلية. والأهمُّ في كلّ دروس
تجارب العرب الماضية، والتي ما زال
تجاهلها قائماً، هو درس مخاطر الحروب
الأهلية والانقسامات الشعبية على أسس
طائفية أو إثنية، حيث تكون هذه
الانقسامات دعوة مفتوحة للتدخّل
الأجنبي، ولعودة الهيمنة الخارجية من
جديد. إنّ المنطقة العربية تتميّز عن باقي دول
العالم الثالث، بأنّ الدول الكبرى،
الإقليمية والدولية، تتعامل مع هذه
المنطقة كوحدة متكاملة مستهدَفة، وفي
إطار خطّة استراتيجية واحدة لكلّ
أجزاء المنطقة، بينما تعيش شعوب
المنطقة في أكثر من عشرين دولة، وفق
الترتيبات الدولية التي وضعتها في
مطلع القرن العشرين القوى الأوروبية
الكبرى. ولقد أدّى هذا الواقع الانقسامي، وما
زال، إلى بعثرة الطاقات العربية (المادّية
والبشرية)، وإلى صعوبة تأمين مشروع
عربي فاعل يواجه المشاريع والتحدّيات
الخارجية، أو يمكّن من القيام بدور
إقليمي مؤثّر تجاه الأزمات المحلية،
بل أدّى أيضاً لوجود عجز أمني ذاتي في
مواجهة ما يطرأ من أزمات وصراعات داخل
المنطقة، ما يدفع البعض للاستعانة
بقوى أمنية خارجية قادرة على ضبط هذه
الصراعات. إنّ سلبيّات الواقع العربي الراهن، لا
تنحصر فقط في المخاطر الناجمة عن عدم
إدراك العرب دروس تاريخهم، وأهمية
موقع أوطانهم وثرواتها، بل أيضاً في
سوء رؤية أصحاب الأرض العربية لأنفسهم
ولهويّتهم، ولكيفية أسلوب إصلاح
أوضاعهم السياسية والاجتماعية.
فتداعيات العنف الداخلي المسلّح،
المرافق الآن لانتفاضات شعبية في بعض
البلدان العربية، تُنذر بالتحوّل إلى
حروب أهلية عربية، يكون ختامها نجاح
المشروع الإسرائيلي حصراً، حتّى على
حساب المشاريع الدولية والإقليمية
الأخرى الراهنة للمنطقة. ومن المهمّ عربياً في هذه المرحلة، عدم
الفصل بين الحاجة لتغييرات وإصلاحات
داخلية في بعض الأوطان، وبين مسؤوليات
ما تفرضه التحدّيات الخارجية على
المنطقة ككل، ثم ما تحتّمه أيضاً دواعي
الأمن الوطني، كما الحال الآن بالنسبة
للثورة المصرية المنشغلة في ترتيب «البيت
الداخلي» المصري، بينما تشتعل نيران
في «البيوت العربية» المجاورة لها.
فمصر معنيّة الآن بدور أكثر فعالية في
مواجهة ما يحدث في السودان وليبيا من
مخاطر واحتمالات، بعدما جرى تدويل
الأزمات في كلٍّ منهما، وما نتج عن هذا
التدويل من تقسيم للسودان ومن تهديد
لوحدة وأمن ليبيا. مصر أيضاً معنيّة بجبهتها الشرقية
المتوترة مع إسرائيل، وبما يحدث في
سوريا والمشرق العربي عموماً، وبإنجاح
المصالحة الفلسطينية على أسسس وطنية
فلسطينية مشتركة. ومصر معنيّة كذلك
بحفظ عروبة منطقة الخليج العربي،
وبرسم حدود العلاقات العربية مع إيران
وتركيا. وهي كلّها مسؤوليات تصبّ في
مصلحة الأمن الوطني المصري المباشر،
وتتطلّب دوراً مصرياً أكثر فعالية في
جامعة الدول العربية، وفي قضايا
المنطقة عموماً. ================= لا توقيع اليوم مع إيران
وفيلتمان يركز على الملف السوري
والانتخابات سابين عويس 2012-05-03 النهار بين زيارة مساعد وزيرة الخارجية
الاميركية جفري فيلتمان لبيروت وزيارة
نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي
الرامية إلى ترؤس إجتماع اللجنة
العليا الايرانية اللبنانية العليا
إلى جانب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي
اليوم في السرايا، بدا استقطاب
المحورين الاقليمي والدولي للبنان
واضحا من حيث موقعه وتأثره بالتداعيات
المحتملة للوضع السوري أو تأثيره على
أي تفلت سوري أو ايراني من العقوبات
الاقتصادية والمالية الدولية. ولم تكن زيارة المسؤولين الاميركي
والايراني بعيدة عن المناخات القاتمة
المخيمة على الاجواء اللبنانية بفعل
تطور الوضع السوري. وفي حين قللت أوساط
حكومية من الأهمية التي احيطت بها
زيارة نائب الرئيس الايراني رغم ضخامة
حجم الوفد المرافق له وقد بلغ عديده
أكثر من مئة شخص فضلا عن مستوى تمثيل
رفيع، وضعت الزيارة في إطار إستكمال
المحادثات التي سبق ان أجراها الرئيس
سعد الحريري خلال زيارته لطهران،
والتي إنبثق منها تأليف اللجنة العليا
المشتركة بين البلدين، الهادفة إلى
تفعيل التواصل والتعاون الثنائي. وبدا جليا أن المحادثات التي أجراها
الجانب الايراني مع المسؤولين
اللبنانيين في اليوم الاول للزيارة
تركزت على البحث في مجالات التعاون في
كل المجالات في ظل حرص إيراني على
توفير التسهيلات والامكانات في
القطاعات التي يحتاج فيها لبنان إلى
مساعدة، ولا سيما في مجال الكهرباء
والتنقيب عن النفط. وعلم أن الجانب اللبناني الذي قابل الحرص
الايراني بإهتمام مماثل حاذر تخطي
الخطوط الحمر التي يفرضها الحظر
الدولي على إيران، كما حاذر الانزلاق
في أي تسهيلات تتيح خرقا إيرانيا
للقطاع المالي. وهذا ما يفسر غياب
توقيع أي إتفاقات أو بروتوكولات تعاون
كما علمت "النهار"، باستثناء
إثنين في مجال الصناعة احدهما يتمثل
بمذكرة تفاهم بين معهد المواصفات
والبحث الصناعي في ايران ومؤسسة
المقاييس اللبنانية ( ليبنور) فضلا عن
برامج تنفيذية ( عدد 2) يوقعها عن الجانب
اللبناني كل من رئيس مجلس ادارة "ليبنور"
حبيب غزيري ومدير مؤسسة البحث الصناعي
بسام الفرن. وفي حين رفضت مصادر وزارية أن تضع مسألة
عدم توقيع إتفاقات في خانة التهرب
إلتزاما للحظر الدولي على إيران
وتلافيا لتعرضه لأي عقوبات، عزت السبب
إلى عدم إنجاز أي إتفاقات بعد، رغم
الاصرار الايراني على المضي في توقيع
ما هو معد أو إعتماد اتفاقات مماثلة
لما هو موقع مع دول أخرى. لكن لبنان طلب
التريث وإعطاء مزيد من الوقت لإستكمال
الدرس ووضع الاقتراحات والملاحظات
التي تسهم في التوصل إلى إتفاقات لا
تشوبها شائبة. يذكر أن المحادثات التي
جرت أول من أمس كانت تناولت الاوراق
المقدمة من كل وزارة، وتم تبادل
الافكار والمقترحات في أكثر من مجال
ولا سيما في مجال الطاقة والنفط، على
أن يستكمل البحث تمهيدا لتحضير
الاتفاقات. وهكذا، يستبعد أن يشهد
إجتماع اللجنة العليا المرتقب قبل ظهر
اليوم في السرايا ( بعد لقاء صباحي بين
رئيس الحكومة وفيلتمان) توقيع أي
إتفاقات باستثناء المذكرتين
المتعلقتين بالمجال الصناعي. وإذا كانت زيارة رحيمي جرت تحت أعين مساعد
وزيرة الخارجية الاميركية جفري
فيلتمان، فأمكن ضبط مضمونها ضمن
الايقاع الاميركي، فإن لزيارة فيلتمان
أكثر من بعد وتحمل في طياتها أكثر من
رسالة. وفي حين ينتظر أن تتبلور هذه
الرسائل في اللقاءات الرسمية التي
سيعقدها فيلتمان مع رئيسي الجمهورية
والحكومة كما مع أركان 14 آذار، فقد
حملت زيارته إلى جنبلاط دلالات رمزية
ستتبلور معطياتها في الاداء الجنبلاطي
الوازن في المرحلة المقبلة. وبحسب المعلومات المتوافرة ل"النهار"
عن أجواء الزيارة، فقد تناول فيلتمان
في مستهلها الاوضاع الداخلية
والاقليمية، ثم إستطلع الاوضاع
اللبنانية مستمعا الى وجهة نظر جنبلاط
من المواضيع المطروحة ولا سيما تأثير
الوضع السوري على الداخل اللبناني.
وركز فيلتمان فركز على 3 محاور: - الموضوع السوري الذي إستأثر بالحيز
الاكبر من النقاش، إذ عرض فيلتمان لخطة
موفد الامم المتحدة والجامعة العربية
كوفي أنان مشددا على ضرورة نجاحها. - حرص الادارة الاميركية على ضرورة إجراء
الانتخابات النيابية في موعدها في
ربيع 2013 وعدم الانزلاق إلى أي أمور
تدفع في إتجاه التأجيل. كما أعرب
الديبلوماسي الاميركي عن حرص إدارته
على ضرورة الاتفاق على قانون الانتخاب
بالتوافق بين اللبنانيين وبما يعكس
صحة التمثيل الشعبي في البرلمان. - أما الموضوع الثالث فتمثل في تركيزه على
ملف اللاجئين السوريين وضرورة تقديم
المساعدات لهم. ================= الانتصار على الأَوهام
في زمن الثورات رضوان السيد الدستور 3-5-2012 لقد انتصرت الثورات العربية على عدة
أَوهامٍ، وبقي عليها وعلينا امتلاك
الشجاعة لتجاوُز عدة أَوهامٍ اُخرى.
أول الأَوهام التي تغلَّب عليها شبان
حركات التغيير، وهْم مناعة أنظمة
التسلط العربية، بسبب ترتيب علاقاتها
مع جهاز الهيمنة الدولي، أي الولايات
المتحدة الأميركية، وحلفائها في
منطقتنا: إسرائيل وتركيا. فقد سارعت
الولايات المتحدة - رغم الشكوك
الإسرائيلية- للتخلّي عن حليفها
الرئيس حسني مبارك، إدراكاً منها أنّ
دعمه ما عاد ممكناً أو يصيبها ما
أصابها عندما لم تتخلًَّ بسرعة عن نظام
الشاه في أواخر السبعينات من القرن
الماضي. وثاني تلك الأَوهام عدم القدرة
على النجاح للانحشار بين أنظمة
الاستبداد ذات الأجهزة الأمنية القوية
من جهة، والإسلاميين المتشددين من
جهةٍ ثانية. فقد فتح الشبان المدنيون
مساحةً ثالثةً بالغة الاتّساع هي
مساحة الجمهور والشارع، وأُرغم الجميع
على الانكفاء أو المشاركة بشروط
الشبان: السلمية وديمقراطية صناديق
الاقتراع والانتخابات الحرة. وثالث
تلك الأَوهام أنّ سقوط الرئيس يعني
قيام النظام الجديد. فقد تبين أنه لا بد
من السير باتجاه تكوين المجتمع
السياسي من جديد، وهي عمليةٌ معقَّدةٌ
وطويلة المدى، وتحتاج إلى شروطٍ أُخرى
وظروف إلى جانب الشروط والظروف التي
توافرت حتى اليوم. وتبقى أَوهامٌ هي بالأَحرى تحديات،
وبعضُها يتصل بالوعي، كما يتصل بعضُها
الآخّرُ بآثار المرحلة المقبضة
الماضية. والتحدي الأول هو نظامُ
الهيمنة السابق وآثاره. فموقف
الولايات المتحدة (وروسيا والصين) من
الثورة السورية، اختلف عن موقفها من
الثورات الأُخرى، لأنّ إسرائيل لا
تريد نظاماً جديداً في سورية، بعد
تجربتها القصيرة ولكنْ السلبية مع
الحراك الشعبي المصري. ثم إنّ دخول
روسيا والصين على الخطّ، دفع
الأميركيين والأوروبيين لمحاولة
إقامة شراكة الحدّ الأدنى مع أعضاء في
مجلس الأمن، يحتاجونهم في أُمورٍ
أُخرى بالمنطقة. والتحدي الثاني هو
تحدي تحالُف الأقليات الذي كان النظام
السوري عمادَه، وصار النظام الإيراني
هو العمادُ في السنتين الأخيرتين، وفي
العراق وسورية ولبنان. ولذا فقد اقترن
في دعايات النظام السوري ادّعاء
المؤامرة على نظام الممانعة، بالتخويف
من الحرب الأهلية، ومن اضطهاد
الأقليات، التي صار من الطريف والظريف
أنّ نظام ولاية الفقيه المضطهد للجميع
بالداخل الإيراني، هو الذي يتصدى
لحماية الأقليات الإسلامية وغير
الإسلامية من الأكثريات الشعبية أو
الثورية أو الأُصولية..الخ. والتحدي
الثالث هو تحدي الأحزاب السياسية/
الدينية التي دخلت على الحراك المدني
بعد انتصاره، وحاولت العودة لتقسيم
الساحة إلى إسلامية وغير إسلامية،
واضعةً الشبان المدنيين في موضع
الأنظمة الساقطة على أيدي أولئك
الشبان بالذات. وهذا أمرٌ خطِرٌ وخطير،
لأنه يتصل بالمرحلة السابقة من جهة،
كما يتصل بالوعي الشديد المَوَران
والتقلب في ظروف الثورات من جهةٍ ثانية!.
هناك اليومَ إذن أَوهامٌ كانت سائدةً
فزالت بفضل شجاعة الشبان، وأُخرى
قاومت الزوال فتحولت إلى تحدياتٍ
يكونُ علينا جميعاً مواجهتَها من دون
تردد من أجل الحاضر والمستبقل. ================= سلطان الحطاب الرأي الاردنية 3-5-2012 النظام السوري الان في مواجهة الشارع (الثورة)
وليس المعارضة فما زال يدير الظهر
للمعارضة ولا «يعبّرها» معتقداً انها
لا تمثل الشارع ويبدو أن الصدام يتسع
والجرح السوري النازف يزداد عمقاً وقد
يزداد لطول انكشافه تعفناً حين تفد
اليه قوى خارجية أخرى لمزيد من تلويثه
وهذا يتحمله النظام الذي لم يداو الجرح
السوري قبل ان يتسع منذ احداث درعا
المبكرة وحين أخذت النظام العزة
بالاثم ومارس القمع كما لو كان يستكمل
احداث حماه عام 1982 أو كما لو كان يعيش
خارج العالم ومتغيراته خاصة في العالم
العربي حيث عصف الربيع العربي بكثير من
العواصم محدثاً تغيراً ما زال سارياً.. النظام يوغل في القتل ويستعمل مختلف
اسلحته وينشر الدبابات في الشوارع
لاخافة الناس الذين ازدادوا اصراراً
على الذهاب باتجاه الدفاع عن أنفسهم
وراحوا ينتزعون السلاح او يخترعونه
وان بأشكال بدائية لان هناك فرقاً بين
ان يتسلح الناس للدفاع عن أنفسهم لرد
بطش النظام الحاكم وبين ان تسلح
المعارضة من الخارج او أن تعسكر الثورة..ففي
الحالة الأولى يجري استنزاف النظام
مهما عظم جبروته ويضعف وتسلم سوريا وفي
الحالة الثانية اي عسكرة الثورة
والتدخل الخارجي المسلح يعطي النظام
المزيد من المبررات للقتل والتدمير
وافتعال كل أشكال الارهاب كما في
التفجيرات الاخيرة وهذا يقود لاحتدام
القتل والمزيد من الدماء فتسقط الدولة
السورية وتهشم وتتكرر تجربة العراق.. كان الرهان ان يكون الجيش السوري وطنياً
لحماية الوطن (حماة الديار) والشعب وأن
يكون الضمانة لعدم انهيار الدولة
وتمزق وحدتها وترابها الوطني ولكن ذلك
لم يحدث حتى الآن كما حدث في مصر وتونس
لأسباب تتعلق بطبيعة الجيش العقائدي
السوري وصبغته وفلسفته وزرع الولاء
فيه للنظام الحاكم وليس للشعب وهذه
مسألة لا حاجة لتفسيرها طالما بقينا
نرى كيف يقتل الشعب وما زال الجيش
منحازاً للنظام أو متفرجاً أو منشقاً
بشكل لا يبعث على الحسم.. سوريا على مفترق الطرق والنظام الذي أنكر
المظاهرات الشعبية بداية حين كانت
تخرج قبل سنة ينكر الان انه هو الذي
يقتل وان القتل في روايته مصدره
ارهابيون من الخارج ومندسون من الداخل
ويظهر أن «القاعدة» أو غيرها هي
المتورطة ليخيف شعبه ويخيف الاميركيين
حتى لا يفكروا في اسناد المعارضة وهو
ما كان فعله العقيد القذافي عشية توجه
دباباته لابادة اهل بنغازي.. المفارقة ان الغرب الذي اندفع لاسقاط
نظام القذافي وسلح المعارضة وتدخل
عسكرياً الى جانبها رغم ان المعارضة
كانت ضعيفة ولم يذهب الغرب في تبرير
ضعفها بل دعم المجلس الانتقالي وشد على
يديه..هذا الغرب المنافق لا يفعل ذلك في
سوريا وما زال يتهرب فالادارة
الاميركية أمام استحقاق الانتخابات
ولا تريد ان تعكر صفوها ليتضرر اوباما
وحزبه..والغرب الفرنسي يعيش أزمات
ورئيس الوزراء البريطاني يقول ان
معاناة السوريين قد تستمر عشر سنوات ..ومهمة
عنان وحتى في بعدها العربي تتقاسم
التصور مع روسيا التي اوغلت في الدفاع
عن النظام السوري بدلاً من اقناعه
بالتوقف عن القتل وقبول ضرورات
التغيير مهما كانت صعبة وقد فشلت
الجهود العربية في ثني روسيا عن
مواقفها لان ثمن الموقف الروسي في جانب
منه غالباً لا يرغب احد في تسديد
فاتورته وفي جانب اخر استراتيجي له
علاقة بالتعويض عما حدث في ليبيا مما
مكن الغرب ان يحتكر النتائج على حساب
المصالح الروسية المخدوعة.. وللصين نفس الحكاية وما بدا من طراوة
روسية في استقبال بعض المعارضة هو شراء
للوقت لصالح النظام فالروس تخدمهم
مبادرة كوفي عنان التي يستطيعون
ملاقاتها في مجلس الأمن واجهاضها
ومنعها من الدخول الى مرحلة استعمال
الفصل السابع.. ومع كل النزف في الدم السوري فان الخطورة
هي في أن الصراع الدولي انتقل الى
سوريا وهو يدور في سوريا وليس على
سوريا وهذه القنبلة قد يربيها النظام
القائم الان لتصدير ازمته حين تتدول
القضية السورية وتصبح قابلة للتفجير
بأزمات قد تشهدها المنطقة حول سوريا
وهذا ما يعتقده النظام انه مخرج له حين
يحترق معه آخرون وعلّي وعلى أعدائي.. ================= أي حماية للمدنيين ولا
قفزة قريبة إلى «البند السابع»؟ الخميس, 03 مايو 2012 عبدالوهاب بدرخان * الحياة يقدم المبعوث الدولي-العربي كوفي انان
خطّته بأن من شأنها تغيير واقع الأزمة
ووقائعها على الأرض، ما يمهّد الأجواء
لمقاربة «الحل السياسي». أما النظام
السوري، فقبِل الخطة مع تحفظاتٍ
تتجاهلها القوى الدولية إلا أنه
يطبّقها بدقة متناهية. وفيما تلهج
العواصم المعنية باستيائها من فشل شبه
مضمون ل «خطة انان»، يعتبر النظام أنه
سبق وأبلغ هذا المبعوث بالكيفية التي
ستسير عليها الأمور، فهو وافق على وقف
اطلاق النار وليس في نيته أن يوقفه
طالما أن هناك «ارهابيين»، وعلى مجيء
المراقبين الذين يختارهم لينتشروا
ويعملوا وفقاً لإرادة الدولة المضيفة،
وعلى التظاهرات الشعبية شرط حصولها
على تراخيص حكومية، وعلى دخول مساعدات
إنسانية تمشياً مع أهواء السلطة التي
لم تفكّر بإغاثة مواطني»ها» عندما
دكّت منازلهم وحاراتهم، كذلك وافق على
دخول اعلاميين ينتقيهم كالمراقبين من
الدول «المحايدة» الداعمة للنظام
ويلوّنهم بأفراد من دول اخرى، لكن
أحداً منهم لا يتمتع بحرية التحرك...
ماذا يعني كل ذلك؟ يعني أن النظام،
خلافاً لمنطق «خطة انان»، ليس في صدد
تغيير الوقائع على الأرض، بوجود
مراقبين أو بغيابهم. بعد خمسة عشر شهراً على الأزمة، ينبغي
إبداء «الاعجاب» بنظام كهذا، استطاع
اثبات استعصاء خلعه وإسقاطه. لكنه
اعجاب سلبي، بطبيعة الحال، يثبت أنه
أمضى كل العقود السابقة وهو ينسج
العقبات أمام احتمالات تغييره،
مستعدياً الشعب ومستهزئاً بواجباته في
بناء دولة واقتصاد لجميع المواطنين.
وبديهي أنها ذروة الاستبداد -والتخلّف
السياسي- أن تتوقع أي سلطة تأبيد ذاتها
بالبطش الداخلي والتهديد بالتخريب
الخارجي، من دون أن تفطن ل «توازنات»
لا تتوانى حتى «المافيات» عن
احترامها، صوناً للمصلحة، فآية الحكم
أن يغيِّر أو يتغيَّر، ونظام دمشق حبس
نفسه في متطلّباتٍ تَوَهَّمَها لبقائه
المديد، فلا يغيّرها لئلا يتغيّر. كان
بإمكانه لحقبةٍ ما أن يعيش على
الشعارات (مقاومة اسرائيل بمهادنتها،
وممانعتها مع السعي الى التفاوض معها)
التي ساهم بقوّة في افراغها تباعاً من
مضامينها، وأن يمرّر «علمانيته» أو «حمايته»
للأقليات من ثغرات الاتجاهات الدولية (كتصفية
«الإخوان المسلمين»، والتحكّم
بلبنان، والتلاعب بالتناقضات
الفلسطينية، والعبث بأمن العراق...)،
لكن فشله الأكبر كان في ما يسمّيه
جبهته الداخلية. والدليل أنه لا يفعل
منذ 15 شهراً سوى برهنة أن الفشل لا بدّ
أن ينجح لمجرد أنه متمترس وحاذق في لعب
أوراقه، أو لأنه كان «حكيماً» حين
اختار إفقار الشعب وتعجيزه، فها هو
يجني ثمار تلك الحكمة، أو لأنه يواجه
أخيراً مَن اعتبره دائماً عدوّه
الحقيقي -الشعب– بل يحاربه كما لم
يحارب العدو الاسرائيلي ولا مرة. لا بدّ من استدعاء هذا الاعجاب السلبي
أيضاً حين تتراءى حقيقة الانقسام
الدولي، فمَن هم «ضد» هذا النظام لا
وجود ولا نفوذ لهم في الداخل، وقد
ظنّوا أن اداناتهم وانتقاداتهم يمكن
أن تستحثّ لدى النظام حرصاً على سمعته
وصورته، أو أن العقوبات كافية لحضّه
على استعادة «أخلاقية سياسية» ازاء «شعبه»
ربما حسبوه متحلياً بها. في المقابل
توصل النظام الى تخويفهم تارةً بالسعي
مع ايران الى تخريب النموذج التركي،
وطوراً بزعزعة الاستقرار اللبناني،
ودائماًً ب «نموذج» الفوضى العراقية
على حدود اسرائيل، وبالتالي يفضل
مناوئوه رؤيته يضعف ويتقلّب في الفخّ
الذي نصبه لنفسه، مستبعدين أي تدخل،
حتى لو أنهم لا يضمنون عدم الوصول الى
النتائج نفسها التي يتخوّفون منها لو
قرروا التدخل. وهكذا، تبدو مواقفهم
متناقضة معنًى ومبنًى، فعلى سبيل
المثال تطالب الجامعة العربية ب «حماية
المدنيين» وتنأى بنفسها عن التلويح
باللجوء الى البند السابع من ميثاق
الأمم المتحدة، مع علمها بأن تلك «الحماية»
مستحيلة من دون إلزام النظام، أي من
دون البند السابع. المثال الآخر أن
اللقاء الأخير ل «أصدقاء سورية» في
باريس وضع البند السابع على الطاولة
كأحد البدائل لفشل «خطة انان»، لكن «الاصدقاء»
يعرفون أنهم في هذه الحال يجب أن
يتوافقوا أولاً مع روسيا على تقويم
واحد للخطة ولفشلها. نأتي الى مَن هم «مع» النظام وقد انتقلوا
من اصطناع الحياد بين القاتل والقتيل
الى التفاني في الزود عن القاتل، ومن
الصمت المريب خلال شهور القتل الأولى
الى الصراخ بأعلى أصواتهم لتبرير
استمرار القتل، فروسيا لم تعد ترى
بدورها سوى «ارهابيين»، وتدعو -كما لو
أن النظام ينتظر من يشجعه- الى
محاربتهم. أما الصين، فمتوارية حالياً
وراء الإجماع الملتبس حول «خطة انان»،
لكنها لن تلبث أن تظهر لرفع اليد متى
أَزِفَ موعد «الفيتو» المقبل. واذا
أضفنا الانخراط الايراني الواسع
والعميق في خدمة النظام، تتجلّى
فاعلية أعداء الشعب السوري وتماسكهم
مقابل عجز أصدقائه وتشرذمهم. من الواضح
أن أصدقاء النظام، أو معظمهم، هم مثله
أيضاً ضد شعوبهم، لذلك فإن قضيتهم
واحدة ويهمهم أن يدافعوا عن نظام سوري
غدا مثالَهم ونموذجَهم الأخير في
المنطقة، ويتدخلون لمدّه بأسباب القوة
ويتهمون الآخرين بالسعي الى التدخل،
يُحبَطون متى تضاءل منسوب العنف اذا لم
يقترن باستعادة النظام سطوته السابقة،
يعرفون أنهم ازاء مريض ولا يعترفون بأن
شراء الوقت له لم يعد مجدياً لإبرائه
من أخطائه المزمنة أو من العلل
المستحكمة بعقله السياسي. من الصعب توقّع قفزة دولية بعد الخامس من
أيار (مايو)، كما لوّح ألان جوبيه وزير
الخارجية الفرنسي في اشارته الى موعد
تقويم كوفي انان لمدى التزام نظام دمشق
تنفيذ خطّته، فالقوى الدولية تريد
اعطاء مهمة انان -والنظام أيضاً-
مزيداً من الفرص في انتظار ارتسام
توافق دولي، بالأحرى اميركي-روسي، لم
تتضح معالمه واحتمالاته بعد، وليس
مؤكداً أن لقاءً على هامش «قمة ال8» بعد
اسبوعين في كامب ديفيد سيكون حاسماً
لترشيد الموقف الروسي في اتجاه ضغط
مجدٍ على النظام السوري. لا شك أن
لروسيا نفوذاً في سورية، لكنها
تستخدمه لمناكفة الغرب ولم تختبره في
الاتجاه الصحيح، لا لوقف القتل أو
لإحداث تغيير جوهري في خيارات النظام.
وللأسف، فإن ما استغرق أسابيع وأياماً
لبتّه في مساعدة الشعب الليبي يحتاج في
حال سورية الى شهور وربما الى سنين،
ومع ذلك يبدي الشعب السوري استعداداً
للمثابرة والصمود، وكل ما يقوله للقوى
الدولية: أعطونا ما ندافع به عن
أنفسنا، طالما أنكم لا تريدون التدخل
لحمايتنا... ================= الخميس, 03 مايو 2012 أكرم البني * الحياة «لا أمل يرجى من أي مبادرة توقف العنف
وتضع البلاد على مسار سياسي»، هي عبارة
تسمعها من غالبية السوريين وقد توصلوا
من منطلقات متنوعة إلى نتيجة واحدة، هي
أن النظام، وهو الطرف الأساس الذي
يمكنه إنجاح أي مبادرة سياسية أو
إفشالها، لن يتراجع أبداً عن خياره
الأمني والعسكري في مواجهة الاحتجاجات
وليس من خطة أو مشروع يمكن أن يجبره على
ذلك أو يهز قناعته المفرطة بجدوى القمع
والتنكيل، وأياً تكن التكلفة، لسحق ما
يعتبره مجموعات مسلحة متآمرة ومرتبطة
بأجندة خارجية!. كل مطلع على ماضي السلطة السورية
وطرائقها في فرض السيطرة لن يجد أي
جديد في تعاطيها مع خطة أنان،
فالاستهزاء بالمعالجات السياسية
وتكريس لغة القمع والعنف هما عادة
متأصلة لديها، تعززها حقيقة أنتجتها
وفرة من تجاربها العتيقة، بأن العمل
الوحيد لدوام السيطرة ليس الاستجابة
لمطالب الناس بل الاستمرار في إرهابهم
وشل دورهم، والاعتقاد بأن ما كرسته من
قوى قمعية يشكل مدماكاً راسخاً لا يمكن
بأي حال زعزعته، وتعززها أيضاً
تقديرات لرجالات الحكم بأنهم وصلوا
إلى نقطة اللاعودة، وإنهم يخوضون
اليوم معركة حياة أو موت يرتبط
مستقبلهم بنتائجها، بخاصة أولئك الذين
أوغلوا في ارتكاباتهم ويخشون ساعة
الحساب والعقاب!. واستدراكاً، ما كان النظام ليكره على
قبول خطة أنان شكلاً، لولا استبسال
الناس في الدفاع عن حقوقهم وما قدموه
من تضحيات لا تقدر بثمن، ولولا استنفاد
الفرص التي منحت لخياره الأمني
والعسكري دون أن ينجح في سحق الثورة،
وبات تحت ضغط حرج روسي تنحسر قدرته على
تغطية ما تخلفه آلة الدمار من أوضاع
مأسوية أو على احتمال هذا التمادي في
لعبة كسب الوقت!. «القبول شكلاً» عبارة لا تعني فقط أن سلطة
بطبيعة السلطة السورية عصية على تقديم
أي تنازل جوهري في طريق الحل السياسي،
بل لأن القطيعة بينها وبين الشعب وصلت
إلى حد يصعب وصلها، ولأن القمع العنيف
الذي مارسته أفقدها القدرة على إعادة
إنتاج شرعية سياسية، ولأنها تدرك أن
هذه الخطة سوف تضعها في موقع لا تحسد
عليه أمام مناصريها وحلفائها وهي التي
ما فتئت تتحدث عن عصابات مسلحة وعن
مجموعات متآمرة على البلاد، والأهم
لأنها تتخوف مما سيكون عليه حالها
عندما تسحب قواتها الأمنية والعسكرية
وتلتزم إطلاق سراح المعتقلين وتفسح
المجال لحرية الإعلام والصحافة كما
للتظاهرات والاحتجاجات السلمية،
ولنقل تتخوف من أن توفر الخطة الأممية
فرصة ثمينة كي يستجمع الحراك الشعبي
قواه ويوظف حقه في التظاهر والاحتجاج
لإبقاء جذوة الثورة متقدة وتطويرها،
مستنداً إلى أن المتابعة الحثيثة
للمجتمع الدولي عبر عيون المراقبين
والإعلاميين سوف تقيد بلا شك أيادي آلة
القمع والتنكيل، ولا يقلل من هذا
التخوف الدعاية الرسمية بأن الأزمة
انتهت أو محاولات السلطة الظهور بمظهر
المنتصر على ركام الدمار الكبير الذي
حدث، كأنما تريد في الحقيقة إقناع
نفسها قبل إقناع الآخرين بنجاعة الحل
الأمني والعسكري وأنها لم ترضخ للضغوط
بل وافقت على بعض المبادرات السياسية
من موقع القوي وليس من الموقع الضعيف. والنتيجة، إن هدف السلطة المباشر من
موافقتها على مبادرة أنان هو تسجيل
موقف إعلامي ليس إلا، يمكن أن يقيها
ضغط الأصدقاء ويخفف امتعاضهم من عنفها
المفرط، بينما هدفها الحقيقي هو السعي
لإفشالها بكل الطرق والوسائل ووضع
مسؤولية ذلك على عاتق المعارضة
والمتظاهرين، وتالياً لكسب مزيد من
الوقت للتوغل أكثر في القمع والتنكيل،
بدليل تصاعد العنف وعمليات قصف المدن
والمناطق عقب خروج المراقبين منها،
وشن حملات تأديبية ضد كل من تجرأ وتحدث
معهم، إلى جانب توظيف ما تمتلكه من
خبرات لتمييع هذه المبادرة وإفراغها
من محتواها، كإغراقها في التفاصيل
وإشغالها ببعض الاشتراطات المربكة
والمعيقة، مثل اشتراط نص مكتوب من
المعارضة بأن لا تملأ الفراغ الناجم عن
سحب القوات النظامية، ثم المطالبة
بأولوية تجفيف مصادر إمداد المعارضين
بالسلاح والمال، ثم رفض تحرك
المراقبين دون ملازمة أمنية بحجة
تعرضهم للخطر، وأخيراً رفض أي مراقب
أممي يحمل جنسية إحدى الدول المشاركة
في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي عقد
مؤخراً في إسطنبول، وقس على ذلك!. ربما قارب الحقيقة من اعتبر خطة أنان بلا
أظافر ولا أسنان وأنها ليست أكثر من
مهلة جديدة للنظام، الذي يدرك أن الدول
الغربية غير متحمسة للعب دور أكثر
فاعلية ضده ولا قادرة على التدخل
الرادع كما حصل في ليبيا واليمن، وهو
مطمئن بأن مواقفها لن تتجاوز النوسان
بين تشديد العقوبات الاقتصادية وبين
تشديد الضغوط الديبلوماسية، ما دامت
مكرهة على تفهم الهموم الأمنية
الإسرائيلية التي تخشى وصول سلطة
جديدة إلى الحكم في سورية تهدد
الاستقرار القائم، وتحسب حساب التكلفة
والنتائج في حال لاقى تصعيدها ردود
أفعال مقابلة من أطراف داعمة للنظام
السوري كإيران وروسيا. والحال يبدو أن مشهد الصراع السوري سوف
يتكرر، بين سلطة لا تتوانى عن استخدام
ما راكمته طوال تاريخها من أدوات قمع
وقهر وتتوهم القدرة على إعادة الأمور
إلى ما كانت عليه، وبين قطاعات واسعة
من الشعب لم يعد يعنيها العيش دون
إسقاط النظام، بكل ما تعنيه هذه
الكلمات من معنى، ويظلل المشهد تعاطف
عربي وغربي مع الثورة، لا يسمن ولا
يغني من جوع، وفيتو روسي جاهز لإفشال
أي قرار يمكن ان يوحد المجتمع الدولي
كي يضع حداً لما قد تؤول اليه الأمور،
ومع تكرار هذا المشهد المستعصي تزداد
حالة التوجس والخوف لدى السوريين من
مستقبل غامض لم تعد صياغته شأناً
داخلياً ومن أي مبادرة تكرس واقعاً
مأسوياً يفيض كل يوم بمزيد من الضحايا
والآلام!. * كاتب سوري ================= حرية التعبير حق من أثمن
حقوقنا الخميس, 03 مايو 2012 بان كي مون وإرينا بوكوفا * (رسالة مشتركة بمناسبة اليوم
العالمي لحرية الصحافة) الحياة تمثل حرية التعبير حقاً من أثمن حقوقنا،
فهي الركيزة التي تقوم عليها كل حرية
أخرى وهي أساس للكرامة البشرية. وتمثل
وسائل الإعلام الحرة والتعددية
والمستقلة شرطاً أساسياً لممارسة هذه
الحرية. هذه هي الرسالة التي يحملها اليوم
العالمي لحرية الصحافة. وتفضي حرية
وسائل الإعلام إلى التمتع بحرية
اعتناق الآراء والتماس الأنباء
والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين،
بأي وسيلة ومن دون اعتبار للحدود، كما
ورد في المادة 19 من الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان. وتعد هذه الحرية عنصراً
أساسياً في بناء مجتمعات سليمة ومفعمة
بالحياة. لقد بينت رياح التغيير في العالم العربي
إلى أي مدى تزداد التطلعات إلى الحقوق،
قوة عندما تجتمع على دعمها وسائل
الإعلام الجديدة والقديمة. وتنبئ حرية
وسائل الإعلام المكتشفة حديثاً بتحويل
المجتمعات من خلال زيادة الشفافية
والمساءلة. كما أنها تفتح سبلاً جديدة
للاتصال وتبادل المعلومات والمعارف.
وأخذت ترتفع أصوات جديدة وقوية،
يطلقها الشباب بوجه خاص، في الأماكن
التي كانوا فيها صامتين من قبل. ولهذا
السبب، تتمحور أنشطة اليوم العالمي
لحرية الصحافة في هذا العام حول موضوع
«الأصوات الجديدة: مساهمة حرية
الإعلام في تحويل المجتمعات». كما أن حرية وسائل الإعلام تواجه ضغوطاً
شديدة في جميع أنحاء العالم. ففي العام
الماضي، أدانت اليونيسكو مقتل 62
صحافياً لقوا حتفهم نتيجة لممارسة
عملهم. ويجب ألا يغيب هؤلاء الصحافيون
عن بالنا، كما ينبغي ألا تبقى هذه
الجرائم بلا عقاب. ونظراً إلى أن وسائل
الإعلام تشهد تحركاً على الإنترنت،
فإن عدداً متزايداً من صحافيي
الإنترنت، بمن فيهم المدونون، يتعرضون
حالياً للمضايقات والاعتداءات بل
للقتل بسبب ممارسة عملهم. ويجب أن
يحصلوا على الحماية ذاتها التي يتمتع
بها العاملون في وسائل الإعلام
التقليدية. لقد عُقد أول اجتماع مشترك بين وكالات
الأمم المتحدة في شأن «سلامة
الصحافيين ومسألة الإفلات من العقاب»
في مقر اليونيسكو في باريس يومي 13 و14
أيلول (سبتمبر) 2011. ووضعنا خطة عمل
للأمم المتحدة من أجل بناء بيئة أكثر
حرية وسلامة للصحافيين والعاملين في
وسائل الإعلام أين ما كان مكان عملهم.
وسنواصل في الوقت نفسه تعزيز الأسس
القانونية لوسائل الإعلام الحرة
والتعددية والمستقلة، ولا سيما في
البلدان التي تمر بمرحلة تحول أو إعادة
بناء بعد خروجها من النزاعات. وفي هذا العصر الذي تتنامى المعلومات
تنامياً هائلاً، يجب علينا أن نساعد
الشباب بوجه خاص على تطوير مهاراتهم
الأساسية وزيادة درايتهم الإعلامية. ويمثل اليوم العالمي لحرية الصحافة فرصةً
سانحةً لنا لكي نرفع راية الكفاح من
أجل دفع عجلة حرية وسائل الإعلام إلى
الأمام. وإننا ندعو الدول ووسائل
الإعلام المهنية والمنظمات غير
الحكومية في كل مكان إلى ضم جهودها إلى
الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من
أجل تعزيز حرية التعبير داخل شبكة
الإنترنت وخارجها وفقاً للمبادئ
المقبولة دولياً. فإن ذلك يمثل دعامة
من دعائم الحقوق الفردية، وأساساً
لبناء مجتمعات سليمة، وقوة دافعة
للتحول الاجتماعي. * الأمين العام للأمم المتحدة
والمديرة العامة لليونيسكو ================= المعارضة السورية تقترب
من مفترق الطرق الخميس, 03 مايو 2012 يزيد صايغ * الحياة تقترب المعارضة السورية من مفترق طرق. إذا
ثابرت الأمم المتحدة وجامعة الدول
العربية في خطة مبعوثهما المشترك كوفي
أنان للسلام، وصولاً إلى «الحوار
السياسي الشامل» الذي تطالبان به، فإن
المعارضة المنقسمة على نفسها قد
تتعرّض إلى المزيد من الانقسامات عند
محاولتها سلوك مسار آمِن عبر مفاوضات
مع النظام ستكون معقَّدةً وشائكةً
بالمساومات الصعبة والحلول الوسط
المثيرة للاعتراضات. بغضّ النظر عن مصير خطة أنان بالنجاح أم
الفشل، بات جلياً أن القوى الخارجية
التي تمتلك القدرة العسكرية على إرغام
الرئيس السوري بشار الأسد على التخلّي
عن الحكم، لن تذهب إلى ذلك الحدّ في
الأمد المنظور، وبخاصة طالما بقيت
المعارضة غير متّحدة. وقد تحدّثت وزيرة
الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في
اجتماع «أصدقاء سورية»، في باريس في 19
نيسان (أبريل) عن الحاجة إلى البدء
بالتحرّك بهمّة شديدة في مجلس الأمن
الدولي للاستحصال على قرار بموجب
الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،
الذي يتيح اللجوء إلى مجموعة من
الإجراءات، منها العقوبات الاقتصادية
وصولاً إلى التدخّل العسكري، لحماية
السلام الدولي. وأشارت أيضاً إلى تفكير
تركيا في مطالبة الدول الأعضاء
الشريكة لها في حلف «الناتو» بالتحرّك
بموجب البند الخامس من معاهدة شمال
الأطلسي، للدفاع عن أي عضو يتعرّض إلى
العدوان. غير أن روسيا لا تزال تعارض
هذه الخيارات بقوّة، وحتى بريطانيا
تعتبر التفكير في ذلك «سابقاً لأوانه»،
كما أن تركيا لم تَقُم حتى الآن بأي من
الإجراءات العملية التمهيدية التي
تدلّ على نيّة قريبة بتنفيذ عمل عسكري
عبر حدودها مع سورية. بل بالعكس، حين قام الأمين العام لجامعة
الدول العربية، نبيل العربي، بدعوة
أطراف المعارضة السورية إلى التحاور
في القاهرة، في أواسط أيار (مايو)
الحالي، ربط ذلك بتوقّع أن يقوموا
بالاستعداد «للتفاوض ككتلة واحدة مع
الحكومة السورية». ويشير ذلك إلى أن
القوى الخارجية لا تتوقّع الانتقال
عما قريب من فرض العقوبات الاقتصادية
وتشديدها إلى العمل العسكري، حتى لو
بقي العنف يلقي ظلاله على العملية
الديبلوماسية، ويقوّض الآمال بحلّ
الأزمة. يبدو أن هذه الحقائق أثّرت على مجلس وزراء
خارجية جامعة الدول العربية، الذي
طالب مجلس الأمن الدولي، في 26 نيسان
بالتحرّك بموجب الفصل السابع لوقف
عمليات القتل في سورية. غير أنه عاد
وسحب بيانه الأول بسرعة، ليصدر مسودّة
مُعدَّلة أسقطت الإشارة إلى الفصل
السابع، لتستبدله بإعادة تأكيد خطة
العمل العربية الصادرة في 22 كانون
الثاني (يناير)، التي طالبت بتنحّي
الأسد وتسليمه السلطة إلى نائبه،
علماً أن ذلك لم يَرِد في خطة أنان التي
لا تزال تتبنّاها جامعة الدول العربية.
فيوحي كل ذلك بالاختلاف وعدم اليقين
الشديدين حول كيفية المضي قدماً. في ظلّ هذه الظروف، لا يزال النظام السوري
يتمتّع بهامش وفير للمناورة ولتقسيم
صفوف المعارضة والأسرة الدولية. لم
تشمل اللوائح التي أصدرتها «الجبهة
الوطنية» والقيادة القطرية لحزب البعث
أي وجوه أو أحزاب جديدة حقاً لتتنافس
في الانتخابات البرلمانية المُفتَرَض
إجراؤها في السابع من الشهر الجاري،
لكن الأسد يستمرّ في التلميح إلى
إمكانية السماح للمعارضة بالانضمام
إلى حكومة جديدة سيتمّ تشكيلها، أو حتى
لترؤّسها، بحسب ما تقول بعض المصادر.
كما يقال أن النظام يهمس بإمكانية
إحياء «لجنة الحوار الوطني» تحت إشراف
الحكومة، ومن المتوقّع أن تشارك قوى
معارضة ينتقيها النظام بنفسه، إن لم
يختلقها أصلاً، فيما يستثني قوى
المعارضة الرئيسة التي تصرّ على عدم
البدء بالحوار سوى بعد الالتزام
بالبنود والشروط كافة الواردة في خطة
أنان. من غير المرجّح أن يحظى مختلف هذه
المقترحات و»البالونات» بالصدقية لدى
المعارضة أو حلفائها الإقليميين
والدوليين، لكن قد تقدّمها روسيا وبعض
الدول العربية مثل العراق على أنها
توفر فرصة لمواصلة المفاوضات. في هذه الأثناء، لا تزال الجهات الساعية
إلى رحيل الأسد من دون شروط، تبحث عن «نقاط
قلب الميزان»، التي تفترض أن مؤسسات
رئيسة وقوى اجتماعية مفصلية في سورية
ستنتقل عندها إلى معارضة النظام صراحة.
وتتوقّع هذه الجهات أن بعض القادة
العسكريين العلويين الكبار سوف يزيحون
الأسد عندما يقتنعون بأن ما تتحمّله
طائفتهم من إزهاق للأرواح والأرزاق
يتزايد، وحين يتعمّق إدراكُهم بأن
النظام لن يستطيع الفوز في نهاية
المطاف. كما تتوقّع تلك الجهات أن
العقوبات الاقتصادية والمالية الآخذة
بالتضييق على البلاد سوف تدفع رجال
الأعمال والطبقة الوسطى الكبيرة نحو
تحدّي النظام علناً، ما يُرجِّح
الميزان الداخلي ضدّه بشكل حاسم. تلقي هذه التوقّعات والافتراضات الضوء
على الغياب الكبير لاستراتيجية سياسية
لدى المعارضة كفيلة بإحداث مثل هذه
الشقوق وتعميقها في داخل صفوف النظام،
أو بإقناع أفراد الطبقة الوسطى الذين
لا يحبّون النظام، ولكن يخشون أيضاً
البديل المحتمل له، ويتخوّفون من
التكاليف الشخصية الباهظة لمعارضته،
بأن القيام بذلك لا يشكّل انتحاراً لهم.
لا بدّ أن تجيب هذه الاستراتيجية على
أصعب الأسئلة وأكثرها خلافياً بالنسبة
إلى المعارضة: هل هي مستعدّة لتقاسم
السلطة؟ وبأي شروط؟ وإذا كان الجواب
بالنفي، فكيف ستتعامل مع كبار
المسؤولين الحكوميين وفي الإدارات،
ومع حزب البعث في سورية الجديدة التي
تزمع بناءها؟ ينبغي الإجابة عن هذه
الأسئلة ليس بهدف إقناع النظام، بل
لإقناع الأوساط التي حوله. تشكّل هذه معضلة للمعارضة ككلّ، وبخاصة
للمجلس الوطني السوري. تكشف المصادر
الداخلية أن القوى الغربية والعربية
الرئيسة الداعمة للمجلس، والتي اعترفت
به في 1 نيسان بصفته «الإطار الذي تجتمع
داخله مجموعات المعارضة»، تعتقد أنه
لم يكن بحجم التوقّعات حتى الآن.
فينتظر بعضها ظهور قيادات وحركات
جديدة داخل سورية تُظهِر تماسكاً
سياسياً وتنظيمياً أكبر. لكن ذلك
سيستغرق المزيد من الوقت. وحتى ذلك
الحين، تواجه المعارضة الحالية احتمال
الولوج إلى حوار رسمي مع النظام من دون
التسلّح بمقترحات عملية محدّدة تزيد
من صدقيّتها لدى أوساط متنوّعة داخل
سورية تنتظر الخروج من الأزمة بفارغ
الصبر. * باحث أول في مركز كارنيغي
للشرق الأوسط - بيروت ================= سوريا.. بانتظار «انقلاب»
اللحظة الأخيرة!! صالح القلاب الشرق الاوسط 3-5-2012 في بدايات كل هذا الذي يجري في سوريا،
وقبل أن يصل إلى ما وصل إليه، كان هناك
اعتقاد - حتى لدى بعض أجنحة نظام بشار
الأسد - بأن بعض الضباط الغيورين ومن
الطائفة العلوية نفسها، التي لا يجوز
وضع كل أبنائها في سلة واحدة، سوف
يسارعون إلى القيام بانقلاب عسكري
إنقاذي للحؤول دون تمزق البلاد، وقطع
الطريق على حرب أهلية بدأ هذا النظام
يدفع الأمور في اتجاهها دفعا لتحويل
الصراع من صراع وطني وصراع انعتاق
وحريات عامة إلى صراع طائفي يجد فيه
ملاذا للحكم الذي ورثه عن والده والذي
تكرس على أساس الركائز المذهبية
والطائفية المعروفة. لكن عاما وأكثر قد مضى، والانتظار قد طال
ولم يقع هذا «الانقلاب الإنقاذي» وكأن
الأرحام قد جفت وكأن «الجيش العربي
السوري»، الذي هو مدرسة انقلابية
معروفة بقيت تدفع بضباطها إلى الحكم
والسلطة منذ نهايات أربعينات القرن
الماضي وحتى انقلاب حافظ الأسد الأخير
على رفاقه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام
1970، قد تم تحويله من مؤسسة وطنية إلى
مجرد «جندرمة» لحماية هذا النظام الذي
بقي يستخدمه لقمع السوريين وإطفاء
جذوة النزعة التحررية عندهم، وأكبر
دليل على هذا مذبحة حماه الشهيرة في
عام 1982، وهذه المجازر المتنقلة في كل
المناطق والمدن السورية. كان الاعتقاد بأن «الجيش العربي السوري»
سيبادر - بعد تلك الجريمة التي ارتكبت
ضد أطفال درعا في تلك الحادثة المعروفة
التي فجرت هذه الثورة التي بقيت
متصاعدة على مدى أكثر من ثلاثة عشر
شهرا - إلى ما كان بادر إليه الجيش
التونسي أولا والجيش المصري ثانيا،
وأن ينحاز إلى شعبه كما انحاز هذان
الجيشان إلى شعبيهما، وأن يرجح خيار
الاصطفاف إلى جانب الشعب على خيار
حماية نظام أوصل بلدا عربيا رئيسيا إلى
هذه الحالة المزرية التي لا تليق
بسوريا التي من المفترض أنها الآن في
مقدمة الدول العربية سياسيا واقتصاديا
وتجربة ديمقراطية ونهوضا حضاريا، وفي
كافة الحقول والمجالات. في تونس ما كان لانتفاضة الشعب التونسي أن
تنتصر وأن يتم حسم الأمور هناك بسرعة
وإزاحة زين العابدين بن علي من قصر
قرطاج وإجباره على الفرار إلى الخارج
لو لم يتحرك الجيش في اللحظة المناسبة
ولو لم يبادر إلى حماية حركة شعبه من
بطش الأجهزة الأمنية، ويقينا لو أن هذا
لم يحدث لما كان الانتصار خلال أيام
ولتضاعفت أعداد الضحايا عشرات، وربما
مئات المرات، ولكان هذا البلد الجميل
يغرق الآن في خراب يتطلب إصلاحه جهد
سنوات طويلة. وفي مصر، فإن المعروف أن الدور الذي قامت
به القوات المسلحة هو الذي حمى ثورة
ميدان التحرير، وهو الذي عزز هذه
الثورة التي كانت معرضة لبطش الأجهزة
بلا حدود، وهو الذي أجبر حسني مبارك
على تقديم استقالته وعلى الرحيل، وهو
الذي بقي يرافق انتفاضة الشعب المصري،
وجنبها كل احتمالات السقوط والفشل،
والتي لولا سهر المجلس العسكري
ومتابعته المتواصلة لدقائق الأمور لما
كان بالإمكان أن تصل الثورة إلى ما
وصلت إليه في ظل ضعف قوى المعارضة،
وبسبب خلافاتها المستفحلة، وعدم
قدرتها على الالتفاف حول برنامج وطني
يجمع الجميع. وحقيقة، حتى لا يظلم «الجيش العربي
السوري» أكثر من اللزوم، أن التجربة في
سوريا تختلف كثيرا على هذا الصعيد عن
التجربتين التونسية والمصرية، وأيضا
عن أي تجارب عربية أخرى، إذ باسم «الحزب
القائد»، أي حزب البعث، جرت غربلة هذا
الجيش، وبخاصة بعد وصول حافظ الأسد إلى
الحكم والسلطة في عام 1970، على أساس
الولاء له ولتحالفه العائلي، وتم
إقصاء الضباط المشكوك في ولائهم حتى من
أبناء الطائفة العلوية، كما تم تحويل
هذا الجيش من جيش موحد يقف على أرضية
وطنية واحدة إلى جيشين: الأول جيش
النخبة التي ولاؤها للنظام فقط والتي
تقوم عقيدتها العسكرية على أساس أن هذا
النظام مقدم على الشعب وعلى الوطن،
وبالطبع أيضا على الحزب، وجيش الكثرة
المهملة الذي جرى حجزه في المعسكرات
النائية، وتم سحب حتى الأسلحة الفردية
منه وتعطيل كل آلياته منذ أن بدأت هذه
التطورات العاصفة قبل سنة وأكثر. لقد خلق حافظ الأسد، الذي لجأ إلى تصفية
كل مجموعات محمد عمران وكل مجموعات
صلاح جديد وكل المجموعات المشكوك في
ولائها ليس للوطن والشعب وإنما له
شخصيا ولعائلته وأبنائه، ما يسمى ب«الدائرة
المغلقة» في هذا الجيش، بحيث أصبح كل
ضابط ومنذ لحظة التحاقه بإحدى الكليات
العسكرية تحت الرقابة الأمنية الحثيثة
وعلى مدار الساعة، وكل الوقت، ولذلك
ومن أجل هذه المهمة أصبح هناك نحو
عشرين جهازا استخباريا، من بينها جهاز
استخبارات القوات الجوية الذي هو صاحب
الباع الطويل الآن، كما يقال، في قمع
الثورة السورية. لكن ورغم كل هذا، فإن ما يعرفه المتابعون
للوضع السوري منذ انقلاب حافظ الأسد
على رفاقه في عام 1970 ووضعهم في السجون
لسنوات طويلة أنه كانت هناك محاولات
انقلابية عدة تم إحباطها بقسوة لا حدود
لها، من بينها ما قام به ضباط من
الموالين لوزير الدفاع السابق رئيس
اللجنة العسكرية التي كانت تشكلت في
مصر في أيام الوحدة المصرية - السورية
محمد عمران الذي تم اغتياله في طرابلس
في الشمال اللبناني في بدايات سبعينات
القرن الماضي، ومن بينها ما قام به
ضابط من الموالين للواء صلاح جديد الذي
وضع بعد «الحركة التصحيحية» في سجن
المزة المعروف إلى أن مات وقضى نحبه
مثله مثل رئيس الجمهورية السابق نور
الدين الأتاسي وآخرين من القيادات
الحزبية والحكومية. هذا في زمن حافظ الأسد، الذي واجه محاولة
شقيقه رفعت الانقلابية في عام 1984 بأقسى
مما واجه به المحاولات السابقة، أما في
زمن ابنه الرئيس الحالي بشار الأسد فإن
أخطر ما تعرض له هو المحاولة التي قام
بها غازي كنعان بعد سحبه من لبنان على
أثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني
رفيق الحريري التي يقال: إنها كانت
محاولة جدية لكنها سحقت بعنف وقوة وجرى
إعدام صاحبها، أي غازي كنعان، رميا
بالرصاص في مكتبه، وصدر بلاغ عن أنه
انتحر لأسباب شخصية، وهذا ما كان حدث
مع رئيس مكتب الأمن القومي الأسبق عبد
الكريم الجندي في عام 1968، وكان يومها
الأسد الأب وزيرا للدفاع، وكانت قد تمت
له السيطرة على كل شيء في الدولة بعد
انقلابه الصامت في هذا العام نفسه. والآن، وفي ضوء هذا كله، فهل لا يزال هناك
أمل في أن يأتي الانقلاب الإنقاذي،
الذي كان متوقعا منذ لحظة انفجار هذه
الأحداث قبل عام ونيف، وإن متأخرا وفي
اللحظة الأخيرة؟! يتحدث بعض كبار المسؤولين السابقين من
مرحلة ما قبل حافظ الأسد عن أنه رغم
اعتقال المئات من الضباط خلال كل شهور
العام الماضي، ورغم عمليات «التفكيك»
التي بقيت تواصلها الأجهزة الأمنية
المتعددة في كل الوحدات العسكرية على
مدى الثلاثة عشر شهرا الأخيرة، فإن
هناك عمليات استقطاب تتم بصورة سرية
حتى في «القطاعات» التي تعتبر مطلقة
الولاء، مثل الفرقة الرابعة والحرس
الجمهوري، وخاصة بين أبناء الطائفة
العلوية الذين باتوا يشعرون بأن
الأوضاع لم تعد تطاق، وأن طائفتهم
ستكون هي الضحية إذا بقي هذا النظام
مستمرا في مواجهة الشعب السوري بكل هذه
المذابح التي غدت تشمل البلاد كلها،
وبالتالي فإنه لا بد من التحرك ووضع حد
لكل هذا الذي يجري، وإن كان في اللحظة
الأخيرة. ================= سوريا أمام حلين: حوار
في موسكو أو تدخل عسكري دولي! هدى الحسيني الشرق الاوسط 3-5-2012 المأزق السوري: أن سوريا اعتادت دائما أن
تكون الفاعل ولا مرة المفعول به. هي
كانت تخطط وترسل المسلحين للتنفيذ. في
لبنان «أبدعت» في دورها، ميليشيات من
كل الأنواع، لكل ميليشيا مهمة: تفجير،
إشعال جبهات، اغتيالات. كانت تشعل
النيران ولم يكن يهمها أن تلعب دور
الإطفائي، هذا دور الضعفاء وهي كانت
قوية جدا في لبنان. في العراق فتحت حدودها معه لكل
المتطرفين، «قاعدة» كانوا أو من فروع
إسلامية أخرى. طالما هي الفاعل والدول
الأخرى المفعول بها، كانت «بطلة
الساحة». كانت تعتقد أنها ترتدي «قناع
الإخفاء». تفوقت سوريا في فرض الأمن
وإشعال النيران في الدول الأخرى، كانت
أجهزة استخباراتها تعرف في لبنان،
مثلا، زواريب الأحياء الصغيرة، لكن
هذه الأجهزة أهملت «زواريب» الحدود
السورية التي تحمل المسلحين و«الإرهابيين»
إلى داخل سوريا. وهكذا تحولت سوريا من «فاعل»
ناجح إلى «مفعول به» فاشل. كتب أحدهم مقالا قبل سنة، في صحيفة «الهيرالد
تريبيون»، جاء فيه أن بشار عندما كان
في السادسة من عمره دخل مرة إلى مكتب
والده حافظ الأسد، ورأى على الرف وراءه
قارورة عطر... مرت السنوات وأصبح بشار
رئيسا ودخل ليشغل مكتب والده وفوجئ بأن
قارورة العطر لا تزال مكانها، محكمة
الإغلاق. قد تكون المفاجأة خدعته وظن
أن الأوضاع في سوريا، تماما كقنينة عطر
والده، ثابتة مكانها، لا تتغير ولن
تتغير، وأن سوريا ستبقى الفاعل ولن
تكون يوما المفعول بها! في جلسة مع أحد السياسيين الغربيين قال إن
الأوضاع ستزداد سوءا في سوريا طالما
ليس هناك قرار سياسي بعد. خلال الأسابيع الماضية جرت عدة اجتماعات
أميركية – خليجية على مستوى رفيع جدا؛
لبحث الوضع القائم في سوريا والعقبة
الروسية التي تمنع بشار الأسد من
التنحي. العقبات الأخرى التي ناقشها
المسؤولون في اجتماعاتهم كانت: عدم
توفر إجماع داخل الجامعة العربية حول
التدخل، الافتقار إلى الوحدة بين
الجماعات الرئيسية السورية المعارضة،
مما يسفر عن عدم الوضوح بالنسبة لمن
سيحل محل نظام الأسد إذا ما تمت
الإطاحة به. في الاجتماعات عبر
المسؤولون الأميركيون والخليجيون عن
إدراكهم أنه كلما طالت الأزمة من دون
حل، كالانتظار إلى ما بعد الانتخابات
الرئاسية الأميركية مثلا، فإن تنظيم
القاعدة وغيره من الجماعات الإسلامية
المتطرفة ستجد فرص التحرك والتمكن من
الداخل السوري. وعندما سئل مسؤول خليجي نافذ عن رأيه
بالنسبة لروسيا، اقترح الطريقة التي
اعتمدها الرئيس الأميركي جورج بوش
الأب مع الرئيس العراقي صدام حسين
أثناء احتلاله للكويت، بأن «نحاول
محاولة أخيرة مع الروس وإقناعهم
بالتوصل إلى حل دبلوماسي، وذلك
بالجلوس حول طاولة في موسكو إذا كانوا
على استعداد للاستضافة». لكنه حذر من
أن هذه الفكرة لن تنجح «إلا إذا كنا
مستعدين للانتقال إلى ما ينبغي أن تكون
عليه الخطوة التالية إذا ما فشلت كل
الجهود الدبلوماسية، وهذا يعني أن
نقول لموسكو إن هناك خيارين لوضع حد
للقتل: إما إيجاد حل دبلوماسي، وإلا
فستكون هناك حاجة إلى تدخل دولي. إذا
كانوا مستعدين للعب دور بناء والعمل
على إيجاد حل سياسي بسرعة، عندها، فإن
التدخل لن يكون ضروريا. لكن إذا ما ظنوا
أن هذه خدعة ورفضوا فكرة الحل
الدبلوماسي الذي يبدأ بإيقاف آلة
القتل السورية، فعندها علينا أن نكون
على استعداد مع حكومات أخرى، للتدخل
باستخدام منطقة آمنة أو ممر إنساني
كذريعة للقيام بذلك». المجتمعون اقترحوا أن يكون المشاركون في
الحوار السياسي: الولايات المتحدة،
روسيا، السعودية، قطر، الإمارات،
فرنسا، بريطانيا وتركيا، إضافة إلى
ممثلين رفيعي المستوى من مجموعات
المعارضة الرئيسية: ك«المؤتمر الوطني»
والإخوان المسلمين. تبين أثناء الاجتماعات أن الولايات
المتحدة لا تتطلع إلى الإطاحة بالنظام
ككل، إنما الإطاحة بالقيادة أو الذين
يشكلونها من الموالين لنظام عائلة
الأسد. ورأى المجتمعون أن المتحاورين
قد يجدون في الواقع لواء عسكريا قويا
من شأنه أن يكون زعيما انتقاليا. في الاجتماعات الأميركية - الخليجية، رأى
المجتمعون أنه يجب أن يكون مفهوما،
خصوصا بالنسبة لروسيا، أن المناقشات
على طاولة الحوار لن تكون مفتوحة، وأنه
إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق في فترة
قصيرة من الزمن، فسيتم الانتقال إلى
الخيار الآخر: التدخل لأسباب إنسانية،
أي خلق ملاذ آمن مدعوم من قبل تحالف
عسكري دولي. ردا على هذه الأفكار، افترض الطرف
الأميركي أن الروس لا يهتمون إذا ما
كانت واشنطن تقيّم مساهمتهم أم لا،
يعتقد الأميركيون أن الروس مصرون على
إلحاق الهزيمة بأميركا في سوريا، وهذا
بالطبع «يثير المخاطر إلى حد كبير».
وفي حين يدرك «الأميركيون» أنه لا يمكن
السماح بحدوث هذا من أجل مصلحة المجتمع
الدولي، فإنه لا اتفاق على ما يجب
القيام به للحؤول دون ذلك. رأي المسؤول الخليجي النافذ في تلك
الاجتماعات كان أنه بالطبع لا يمكن أن
نسمح لموسكو بالفوز عن طريق السماح
لبشار بقمع شعبه بوحشية من دون عواقب،
«لكن كما قدمنا لصدام حسين فرصة أخيرة
للتوصل إلى حل دبلوماسي عام 1990، ينبغي
لنا فعل الشيء نفسه مع روسيا، وبالتالي
مع النظام السوري. فإذا قرروا (الروس) (التغلب
علينا) والإتيان باقتراح سياسي لإبعاد
بشار، اقتراح يخدم مصالحهم ويمكننا
العيش معه، عندها نكون قد حققنا
أهدافنا. لكن إذا رفضوا اللعب، أو
قدموا أفكارا غير مقبولة لنا، وعلى
الأخص للمعارضة السورية، فعندها سيكون
لدينا مبرر قوي جدا للإعلان عن أن
الدبلوماسية لن تنجح، وأن مهمة كوفي
أنان إلى فشل، ونأخذ هذا إلى مستوى آخر
بموافقة أو من دون موافقة الأمم
المتحدة». أما الرأي الخليجي فكان أن الأسد سينتصر
طالما وافقنا على الانتظار ولم نرفع من
وتيرة الضغوط، وربما لو وقع حادث دفع
القوات السورية إلى إساءة التصرف على
الحدود التركية، فقد يكون هذا سيناريو
لا تريد روسيا أن تراه يحصل! اجتماعات كثيرة تُعقد وآراء كثيرة تتردد.
وكما صار معروفا، فإن سوريا دخلت في
أتون نار «المفعول بهم». مرجع جزائري
قال لي: هناك مثلان أمام سوريا: لبنان،
حيث الحرب أسقطت الدولة وأبقت على نظام
هش، والجزائر حيث إن الإسلاميين
قاتلوا الدولة لأكثر من عشر سنوات، لكن
الحكومة ظلت موحدة ضدهم والجيش ظل
متماسكا في مواجهتهم، الآن يرفضهم
الشعب الجزائري، إنما الدولة موجودة
ونظامها قائم. المراهنة على تركيا مشكوك فيها، لكن عرف
وزير الخارجية التركي كيف يستفيد
منها، فهو في كلمة ألقاها الأسبوع
الماضي في البرلمان التركي أشاد بدور
تركيا «الرائد» في الشرق الأوسط! قال
حرفيا: «شرق أوسط جديد على وشك أن يولد.
نحن سنملكه وسنكون الرائدين فيه وخدام
هذا الشرق الأوسط الجديد(...) تركيا
ستشارك في كل خطوة لمساعدة سوريا على
الوصول إلى السلام! لقد انتهت حقبة
سياسات (ننتظر ونرى)، وكذلك انتهى زمن
اتباع القوى الكبرى». وأضاف «أن تركيا
لن تشارك في أي سياسة لا تنشأ من أنقرة.
لم تعد تركيا دولة تنقصها الثقة بالنفس
وتنتظر موافقة الدول الخارجية على
سياساتها. تركيا لديها الآن (الاقتدار)،
حتى أحلامكم لا تستطيع ولن تصل إلى
المكان الذي وصلت إليه قوتنا»! إذا كان داود أوغلو قد وصل إلى هذا البعد،
فهذا يعني أن المراهنة على دور تركي لم
تعد معقولة، لأن «تركيا طارت» إلى مدى
بعيد جدا عن متناول الحلف الأطلسي،
وحتى عن البند الخامس من ميثاقه. ================= ريتشارد كوهين الشرق الاوسط 3-5-2012 يبدو أن لدى الولايات المتحدة خطتين
للتعامل مع ما يتحول سريعا إلى حرب
أهلية في سوريا؛ الأولى: تطالب
بالتطبيق الكامل لقرار الأمم المتحدة
بوقف إطلاق النار، والتعاون الكامل من
بشار الأسد، الديكتاتور الذي يجازف
بحياته، لتسليم السلطة إلى المعارضة،
أما الثانية فتتمثل في عمل عسكري
باستخدام القوة الجوية، بيد أنه
لتطبيق ذلك يجب أن تفشل الخطة الأولى
وأن يموت المزيد من السوريين. لكن، قد يتساءل البعض: كم من السوريين
ينبغي أن يموت؟ الواضح أن الحصيلة
الإجمالية - تتجاوز 9.000 - ينبغي أن ترتفع
قبل أن تبدأ الولايات المتحدة و«الناتو»،
وربما تركيا والسعودية، التحرك لوقف
المذبحة. ونقلت وكالة «بلومبيرغ»
تقارير تفيد بمقتل أكثر من 500 شخص منذ
وقف إطلاق النار في 12 أبريل (نيسان)،
وهو ما جعل وقف إطلاق النار يتحول إلى
إطلاق نار أكثر من وقف له. قليلون في واشنطن هم من يؤمنون بخطة الأمم
المتحدة، التي طرحها الأمين العام
السابق للمنظمة كوفي أنان، الذي قام
بما تدرب على القيام به، من طرح
الاقتراحات للتهدئة. هذه الجهود تنجح
أحيانا، وأحيانا أخرى تكون غير ذلك،
لكن هناك بروتوكولا لهذه الأشياء
ينبغي السير وفقه. ومع كل فرصة تضيع،
يموت المزيد من السوريين. الوقت ليس في صالح الوسطية أو التسوية.
فكلما استمرت عمليات القتل، زادت
القوات المعارضة للأسد تطرفا وتشددا.
والنخبة المثقفة التي دعمت الحركة
ستتعرض للتهميش من قبل المتطرفين
الإسلاميين - المتطوعين من الدول
العربية المجاورة التي لا تؤيد الأسد
ولا علمانيته. (بالفعل، فقد نقلت
الأنباء تقارير عن عملية تفجير
انتحارية). وكما كان الحال مع صدام
حسين، فقد كان جاره الأسد وعائلته على
غير وفاق مع الإخوان المسلمين ومنظمات
مشابهة. ففي عام 1982، قتل حافظ الأسد 20.000
سوري في حماه معقل الإخوان المسلمين.
والآن، حان وقت رد الصاع. يجب أن يقر البعض منا ممن دافع عن ضرورة
إضافة الولايات المتحدة بعض القوة إلى
دبلوماسيتها - حتى قصف المنشآت
العسكرية السورية وفرض منطقة حظر
للطيران - بوجود صعوبات في ذلك. فالدفاع
الجوي السوري كثيف، وصممه الروس لصد
الهجمات الإسرائيلية. كما أن تشكيل
المعارضة السورية غير معروف. أما الأمر
الأكثر إثارة للقلق فهو امتلاك سوريا
لمخزون كبير من الأسلحة البيولوجية
والكيميائية. الأسلحة لم تستخدم - يصعب
السيطرة عليها - لكن نظاما يقاتل من أجل
البقاء ربما يستخدم كل ما في يده كما
فعل صدام مع الأكراد. بيد أن أيا من هذا
يمكن التغلب عليه، فقد تمكنت إسرائيل
من قصف المفاعل النووي المشتبه فيه في
عام 2007 دون خسارة أي طائرة، ومهما كانت
القدرات الإسرائيلية فسوف تتمكن
الولايات المتحدة من القيام به أيضا.
ما يغيب عنا في الوقت الراهن ليس
الوسائل المناسبة للتعامل بشكل عسكري
مع الأسد، لكن الرغبة في القيام بذلك،
وللقيام به بسرعة وكفاءة. هذا النوع من
القيادة لم يثبت فيه باراك أوباما
مكانة كبيرة. تؤكد مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية
الأميركية السابقة، في مذكراتها «شتاء
براغ»، أهمية القيادة - أو غيابها - في
الشؤون العالمية. كسيدة، ولدت
أولبرايت في تشيكوسلوفاكيا لجوزيف
كوربل وآنا سبيغيلوف. وكدبلوماسية،
فهي ابنة ميونيخ - الاتفاق السيئ الذي
حول جزءا من بلادها إلى ألمانيا
النازية. وهي تنتقد تولستوي الذي «أكد
أن الباحثين يعمدون بشكل منتظم إلى
التهويل بشأن قدرة القوي والعزيز في
السيطرة على الأحداث. بالاستشهاد بأن
القادة الضعفاء والمتذبذبين فشلوا في
إدراك الشر والوقوف في وجه هتلر». التشابه مع ميونيخ ربما يكون مبالغا فيه (فصدام
لم يكن هتلر)، لكن الترياق المفترض
لميونيخ وفيتنام ربما يكون مبالغا فيه
أيضا، فليس كل عمل عسكري ورطة، وعلى
أية حال يمكن تفادي المستنقع باستخدام
القوة الجوية. فالتدخل العسكري في
البوسنة وكوسوفو وليبيا لم يتطلب
وجودا عسكريا على الأرض، وقد انتهى
عندما انتهت، وأثبتت أنها استراتيجية
خروج عبقرية. الثورة السورية تتجه نحو شيء أكثر إثارة
للفزع، فكلما طال أمدها، زادت أعداد
القتلى وفرص انتشارها عبر الحدود،
والخطة، كما هي الآن، تتمثل في انتظار
ما لا مفر منه - فشل كوفي أنان وبعد ذلك
الفشل المتوقع للحظر على السلاح الذي
سيضعف المعارضة أكثر مما سيفعل مع
الأسد. وبصورة ما، يفترض أن يؤدي هذا
الفشل المتكرر إلى النجاح. وهذا أسوأ
من ميونيخ، إنه جنون. خدمة «واشنطن
بوست» ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |