ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
خلف
الحربي عكاظ 8-5-2012 بكل
بساطة اعترف ساركوزي بهزيمته في
الانتخابات الرئاسية وقال أمام أنصاره
:( لدى فرنسا رئيس جمهورية جديد ، هذا
خيار ديمقراطي وجمهوري ، هولاند هو
رئيس الجمهورية الفرنسية الجديد وعلي
أن أحترمه) ، انتهت القصة بكل بساطة
بالنسبة للسيد ساركوزي حيث سيخرج من
قصر الإليزيه في أسرع وقت ليستمتع
بالحياة مع زوجته كارلا. على
الطرف البعيد من البحر الأبيض المتوسط
يخرج كل الشعب السوري الشقيق برجاله
ونسائه وشيوخه وأطفاله ويواجهون
بشجاعة لم يشهد لها التاريخ مثيلا
عصابات القتل والخطف والاغتصاب كي
يقول كل يوم بل كل لحظة لبشار الأسد
اغرب عن وجوهنا أيها المجرم المستبد
السفيه ، ولكن الدكتاتور يتشبث بكرسي
رئاسة الجمهورية حتى ساعة الاحتفال
بقتل آخر مواطن سوري ! . كل
سوريا لا تريد الأسد رئيسا للجمهورية،
حماة ، أدلب، درعا، دير الزور، حمص،
ريف دمشق ، اللاذقية ، حلب ، وحتى
العاصمة دمشق، ولو أمر بشار الأسد
شبيحته بعدم إطلاق النار على
المتظاهرين ليوم واحد فقط ، لتظاهر ضده
كل من في قصره من حراس وخدم وحشم
ومساعدين وربما بعض أفراد أسرته ! . لذلك
– والله أعلم – لن تكون نهاية بشار
الأسد مثل نهاية ساركوزي ، ساركوزي
يمكنه الآن أن يتناول الآيس كريم على
أحد الشواطئ الخلابة ويستشير كارلا في
عنوان كتابه القادم ، بينما بشار
سينتهي به المطاف للبحث عن ملجأ آمن
لأفراد أسرته، حيث لن يقوده هذا الطريق
الدموي مع شعبه إلا إلى لحظة الذبح
المرعبة التي مر بها القذافي . في
مظاهرة في قلب دمشق رفع أحد الثوار
لافتة كتب عليها: (اقتربت ساعة الصفر)
وتحتها أرقام مؤقت تبين أن ما تبقى من
الزمن للإطاحة بسفاح دمشق ليس أكثر من
ثلاث دقائق ! ، بشار على العكس من هذا
المتظاهر يظن أنه يمكن أن يبقى إلى
الأبد في قصره مادام هناك ذخيرة في
أسلحة جنوده ، لا يهمه لو هدم كل بيوت
سوريا على رؤوس سكانها من أجل أن يبقى
في كرسي الحكم، وبالمناسبة هو قد فعل
ذلك واقعا لا مجازا .. أي أنه في الواقع
الموثق بالصوت والصورة :(هدم كل بيوت
سوريا على رؤوس سكانها من أجل أن يبقى
في كرسي الحكم ) !. بالنسبة
لساركوزي المسألة مختلفة تماما ، فهو
لم يكتف باعترافه بهزيمته في
الانتخابات بل أكد أنه لن يخوض أي
انتخابات تشريعية مقبلة ، انتهى
الموضوع بالنسبة له وقال لأنصاره : (لا
تنقسموا وابقوا متحدين ، إن النتيجة
المسجلة اليوم الأحد محترمة ولكنني لن
أخوض غمار التشريعيات القادمة)،
لاحظوا..انتهى حكمه لفرنسا العظمى وهو
يتقبل الموضوع بكل بساطة بل لا يجد ذلك
أمرا سيئا : (لقد جاء عهد جديد، وخلال
هذا العهد الجديد سأبقى واحدا منكم
ويمكنكم أن تعولوا علي في الدفاع عن
قناعاتكم، ولكن مكاني لا يمكن أن يكون
نفسه ذلك الذي كان في السابق ،
فالتزامي في هذه اللحظة سوف يكون
مغايرا)!. ================= 2012-05-08
الوطن
السعودية يبدو
أن قدر السوريين الذي لا مفر منه هو أن
يواجهوا وحدهم نظام الأسد، بجيشه
وشبيحته ومرتزقته، حتى يفنى هذا الشعب
الذي قدم حتى اللحظة أكثر من أحد عشر
ألف شهيد عن آخره، أو يرحل النظام
ويدخل الشعب مرة أخرى في مستقبل لا
يمكن على الإطلاق التنبؤ بما يحمل من
مفاجآت. نظام
الأسد وزمرته ما فتئ يمارس القتل
والتنكيل والتعذيب في حق الشعب السوري
منذ انطلاق الثورة قبل عام وحتى اليوم،
ولكن الجديد في هذه التراجيديا
المؤلمة هو أن استخفاف النظام السوري
بالشعب قد بلغ ذروته مع الانتخابات
التشريعية التي تجري الآن في سورية.
وليس من جديد إذا قلنا بأن هذه
الانتخابات مجرد مسرحية هزلية، تبكي
أكثر مما تضحك، الهدف منها إيصال رسالة
واضحة من النظام إلى الثوار السوريين
بأن ما عليكم سوى الاختيار بين مدافع
جيشنا ورصاص شبيحتنا أو الاستسلام
والذهاب إلى مراكز الاقتراع لاختيار
من يمثلونكم من جوقة النظام، وعسكره،
ورجال أعماله، فلا ملجأ لكم منا إلا
إلينا، ولا تعولوا على كافة القوى
الدولية والمنظمات العالمية، التي
عولتم عليها سابقا كالأمم المتحدة أو
غيرها في أن تساندكم أو تدحر عنكم
مصيركم المحتوم. صدى
هذه الرسالة سيكون بالنسبة إلى الشعب
والمعارضة والجيش الحر أقوى من وابل
الرصاص الذي يطلقه النظام في وجه
المتظاهرين على مدار الساعة، إذ لا
يمكن للسوريين إلا مواصلة التظاهر
والتسلح في مواجهة جيش النظام
ومرتزقته، وإذا كان المجلس الوطني قد
دعا السوريين للإضراب والتظاهر في
الوقت الذي تجري فيه هذه الانتخابات
فإن الشعب السوري يعي جيدا سيكولوجية
نظامه، كما يعيها المجلس الوطني، فقد
قام عدد من السوريين بدلا من المشاركة
في مراكز الاقتراع بتعليق صور الشهداء
من الشباب على واجهات البنايات
والمتاجر المغلقة، وكأنهم يقولون
للنظام، اخترنا السير على خطى
شهدائنا، ولن ننظر في انتخاباتكم وصور
مرشحيها. ================= رأي
الراية الراية 8-5-2012 تعد
الانتخابات التشريعية التي شهدتها
سوريا أمس ودعت المعارضة التي وصفتها
"بالمهزلة" إلى مقاطعتها حلقة
أخرى من حلقات مماطلة النظام السوري
وتسويفه في إدخال إصلاحات حقيقية في
البلاد تحقق مطالب الشعب السوري في
الديمقراطية والتغيير المنشود. الانتخابات
التشريعية التي جرت أمس جرت على وقع
العنف وزخات الرصاص وسقوط الضحايا
الذي لم يتوقف بتاتا في تأكيد على أن
هذه الانتخابات لا تعدو كونها صورة
يريد من خلالها النظام محاولة تحسين
صورته أمام الرأي العام الدولي
وإظهاره كنظام ديمقراطي استجاب
للمطالب الشعبية بالتغيير
والديمقراطية وهو ما ينفيه الواقع في
المدن والبلدات السورية التي تشهد
مسلسلا للموت اليومي لا يتوقف. لقد
بلغت أعمال العنف في سوريا حدا لا يمكن
معه الاقتناع بجدية النظام السوري
ورغبته في الإصلاح خاصة أنه يريد من
خلال هذه الانتخابات الصورية أن يلتف
على مبادرة كوفي عنان ذات النقاط الست
والتي يتصدرها مطلب وقف العنف وهو ما
لم يلتزم به النظام رغم قبوله هذه
المبادرة التي لم يجر تطبيقها فعليا
على الأرض حتى الآن. لقد
أدانت مختلف دول العالم هذه
الانتخابات ونددت بها ورفضت الاعتراف
بها أو منحها أية مصداقية كما اعتبر
الأمين العام للأمم المتحدة على لسان
المتحدث باسمه أن "لا شيء سوى حوار
واسع وبلا إقصاء يمكن أن يقود إلى
مستقبل ديمقراطي حقيقي في سوريا"،
مضيفا أن هذه الانتخابات لا تدخل في
هذا الإطار مشددا في الوقت نفسه على أن
العملية الديمقراطية لا يمكن أن تنجح
طالما استمر العنف. إن
سقوط أكثر من ثلاثين قتيلا في مختلف
المدن السورية على أيدي قوات النظام
وإطلاق النار على المظاهرات السلمية
المطالبة بالحرية والتغيير
والاستمرار في حصار المدن الثائرة على
النظام واقتحامها واعتقال المواطنين
فيها لا يستقيم مع دعوات الديمقراطية
والتعددية والإصلاح كما أن الانتخابات
تكسب شرعيتها ومصداقيتها من مشاركة
الشعب السوري بكل أطيافه وفئاته فيها
بكل حرية وشفافية وهو ما لا يتوفر في
هذه الانتخابات التي يريدها النظام
وسعى إليها لإطالة عمره. الأولوية
الآن في سوريا تكمن في وقف العنف بكل
أشكاله والسعي لتطبيق خطة وسيط الأمم
المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان
وسرعة نشر المراقبين الدوليين على
الأرض كمحاولة أخيرة للضغط على النظام
كي يتوقف عن قتل شعبه ومن ثم فتح الباب
أمام حوار وطني حقيقي يقود لحكومة
انتقالية تهيئ الشعب لاختيار ممثليه
وحكومته بكل حرية وشفافية. ================= ملهاة
الانتخابات السورية ودلالتها الوطن
القطرية التاريخ:
08 مايو 2012 يأتي
إعلان المعارضة السورية نيتها تشكيل
مظلة دستورية في الداخل السوري، تتكون
من مؤسسات موازية وبرلمان ثوري مؤقت،
رداً بليغاً على السلوك الإقصائي الذي
يمارسه النظام السوري، والذي يمزق خطة
عنان إرباً إرباً، ليس فقط باستئنافه
العنف من وراء ظهر المراقبين،
وأمامهم، بل بلجوئه أيضا إلى قطع
الطريق على كل فرص الحوار السياسي بينه
وبين المعارضة - رغم أن الحوار نص أصيل -
في خطة عنان، من خلال الانتخابات
التشريعية التي يفبركها اليوم، تحت
قصف المدافع، وانفجارات القنابل، وفي
مدن سوريا التي تحول معظمها إلى مدن
أشباح، ولم يعد من بينها مدن محايدة،
بل انضمت جميعها إلى الثورة والثوار،
إثر فرار سكانها من طغيان النظام،
واللجوء إلى العراء بدلا من موت محقق
تتحلل جثثه، لأن النظام لم يقتل فقط من
تشيع جنازاتهم، بل إنه أيضاً لا يتورع
عن قتل المشيعين. الانتخابات
التشريعية بالأمس، والتي سيزوّرها
النظام، بلا ريب، تأكيد ثانٍ على عدم
جدية النظام في اعتناق خطة عنان،
والالتزام بها، بل إنها بمثابة مداورة
ومحاورة استعراضية ومسرحية عبثية،
سيلعب فيها أراجوزات النظام أدواراً
هزلية بغيضة، لا يمكن أن تعبر عن سوريا
الجديدة التي تتوق إلى الحرية
والعصرنة والازدهار وإعادة البناء. من ذلك
فإن هذه المظلة الدستورية التي تزمع
المعارضة إنشاءها في الداخل، هي في
واقع الأمر إعلان تحدٍ، ودليل على قوة
المعارضة من جانب، وارتخاء قبضة سلطة
النظام من جانب آخر، فضلاً عن ذلك فإن
المعارضة بهذه المظلة التشريعية
الجديدة تشفّر رسالة إلى دول الفيتو
مفادها : أنتم وراء نظام يفقد شرعيته،
وأن الشرعية الحقيقية، التي تنبثق عن
شرعية الثورة يجري إنضاجها رغم أنف
النظام. ================= تاريخ
النشر: الثلاثاء 08 مايو 2012 هيثم
المالح ناشط
حقوقي سوري الاتحاد تتوق
سوريا إلى التحرر والانعتاق من نظام
البطش الذي يمثله الأسد، فقد عانى
الألوف من السوريين على مدى العقود
الأربعة الماضية من قمع نظام الأسد
ووالده، وعاش المواطنون سنوات من
الخوف في ظل الاعتقالات والتعذيب
والقتل، ومنذ اندلاع الانتفاضة
الأخيرة في 2011 وصل عدد القتلى، حسب
ناشطي المعارضة، إلى أزيد من عشرة آلاف
مدني، فيما يقبع عدد أكبر من ذلك في
السجون، والسبب هو رغبة السوريين
العيش في بلد حر وعادل. وعن تجربتي
الشخصية فقد بلغت من العمر 81 سنة، وعلى
امتداد هذا العمر كرست حياتي لدعم
الديمقراطية والمبادئ الدستورية
والمطالبة بإقامة قضاء مستقل في هذا
البلد. ومن أجل هذه المطالب اعتقلت في
مناسبات عديدة لا لشيء إلا لأنني قاومت
حكم النظام القمعي الذي فرضه الأسد على
السوريين، وكل ما أريده اليوم هو أن
تخرج سوريا من هذه الفترة الدقيقة من
تاريخها بسقوط النظام المجرم، وهو ما
يدفعني لتوجيه دعوة إلى المجتمع
الدولي لتسهيل هذه النهاية والقيام
بما هو أكثر لمساعدة سوريا على الخروج
من النفق. لقد
بدأت ممارسة العمل في مجال القانون منذ
سنة 1957 وبعد سنة على ذلك توليت القضاء،
ولكن الأمر لم يستمر طويلاً إذ في سنة
1966 أصدر حزب "البعث" الذي وصل إلى
السلطة في 1963 مرسوماً خاصاً يقضي
بإقالتي من القضاء بدعوى أني لست
مؤهلاً للعمل في مرحلة الثورة التي جاء
بها "البعث"، بل إن الأمر لم يطل
حتى وجدت نفسي قابعاً وراء القضبان
متهماً، حسب الرواية الرسمية التي
يروج لها النظام، ب"بث أخبار كاذبة
من شأنها النيل من الروح المعنوية
الوطنية"، فأُرسلت إلى السجن من 1980
إلى 1986، وخلال تلك المدة دخلت في إضراب
عن الطعام كاد يودي بحياتي. وعندما
أفرج عني عدت لأمارس المحاماة، ولكن
الحياة لم تكن أبداً سهلة في ظل
المتابعة اللصيقة للمخابرات وأجهزة
الترصد الأخرى التابعة للجيش وفروعه
العديدة، وفي أكتوبر 2009 ظهرت على شاشة
تلفزيون "بردى"، وهي قناة معارضة،
للحديث عن تجاوزات الحكومة، وبخاصة
الاستمرار غير المبرر لحالة الطوارئ
التي أعلنها النظام منذ سنوات وما ترتب
عليها من تعليق للدستور وانخراط في
ممارسات غير مقيدة بالقانون تسمح
بالمتابعة والاعتقال العشوائي منذ
الستينيات. وبعد يومين فقط على ظهوري
على الشاشة بادرت السلطات السورية
باعتقالي وبقيت على ذلك الحال حتى
يوليو 2010 حيث صدر ضدي حكم بالسجن بذات
التبرير السابق وهو "بث أخبار كاذبة
من شأنها إضعاف الروح المعنوية
الوطنية". وهذه المرة عندما أفرج عني
في 2011 كانت الانتفاضة قد بدأت، وسرعان
ما شرع النظام في إعمال قبضته الحديدية
وإطلاق آلته القمعية ضد الشعب
والمتظاهرين السلميين. ولكن
أمام القمع الوحشي ظلت استجابة
المجتمع الدولي هزيلة في أحسن
الأحوال، وهو ما ولد إحساساً لدى
السوريين بأنهم خُذلوا وتركوا لتدبر
مصيرهم. وهكذا أظهر النظام الدولي الذي
يفترض فيه حماية المدنيين فشلاً
ذريعاً في التحرك الفعال لإنقاذ
السوريين. وفي هذا الصدد نسمع جملة من
التبريرات التي تسوغ عدم القدرة على
التدخل في سوريا لحماية المدنيين على
غرار ما شهدته ليبيا. والحقيقة أنه
كلما استمر التباطؤ في التدخل لصالح
المدنيين زاد الشعور لدى السوريين
والمراقبين بأن التدخل الدولي في
ليبيا إنما كان يحركه النفط، وذلك على
رغم كل الشعارات التي رُفعت بالتدخل
لحماية المدنيين ومنع وقوع المجازر.
فعلى غرار ما حصل في ليبيا يسقط اليوم
آلاف المدنيين في سوريا على أيدي
حكومتهم وما زال القتل مستمراً بسبب
العجز الدولي. ومن
الخطوات التي يمكن للمجتمع الدولي أن
يتخذها لإنهاء معاناة السوريين
والتعجيل بسقوط النظام تسليح الجيش
السوري الحر، فكما هو حاله اليوم لا
يمكن للجيش السوري الحر مواجهة الجيش
النظامي إلا ليتكبد الخسارة في ظل
التفوق الكبير للنظام في مجال الأسلحة
فيما عناصر الجيش الحر لا تملك سوى
أسلحة خفيفة بالكاد تكفي للدفاع عن
النفس. ولكن إذا كان المجتمع الدولي
متخوفاً من تسليح الجيش السوري الحر
ورافضاً لذلك فهناك خيار آخر يتمثل في
فرض منطقة لحظر الطيران، أو منطقة
خالية من السلاح الثقيل. غير أن
المجتمع الدولي يبدو أنه ما زال يضع
أمله في خطة السلام الأممية التي
يرعاها مندوب المنظمة الدولية
والجامعة العربية، كوفي عنان، إلى
سوريا. وفيما
أشيد بالجهود التي يبذلها كوفي عنان
وأتمنى له النجاح في وقف العنف، إلا أن
المعطيات على الأرض تشير إلى ارتفاع
وتيرته، وحتى لو احترمت الهدنة فإنني
لا أستطيع التنبؤ بما سيحصل عندما ينزل
السوريون إلى الشوارع للمطالبة بسقوط
النظام كما أعرف أنهم سيفعلون، فلحدود
اللحظة تقول المصادر إن ما لا يقل عن
ألف قتيل سقطوا، من بينهم 34 طفلاً، على
أيدي نظام الأسد منذ الإعلان عن وقف
إطلاق النار. وفي جميع الأحوال لن يعمر
نظام البعث طويلاً بعد 50 عاماً من
الحكم الوحشي، ولذا يتعين على المجتمع
الدولي مساعدة المعارضة من خلال تمويل
قادتها لدعمهم في بناء أحزاب سياسية
تستطيع من خلالها ممارسة الحكم، كما
عليه المساعدة في إقامة مؤسسات
ديمقراطية وتوعية الناس بثقافة
المسؤولية السياسية التي تبقى مفهوماً
غريباً على السوريين الذين لم يعرفوا
طوال السنوات الماضية سوى حكم الأسد
غير الديمقراطي، وباختصار نحتاج إلى
كل المساعدة الممكنة لتشييد سوريا حرة
وعادلة تمثل جميع أبنائها وتحترم حقوق
الإنسان والقضاء المستقل وتقدر الحياة
الإنسانية. ================= تاريخ
النشر: الثلاثاء 08 مايو 2012 د.
طيب تيزيني الاتحاد تمثل
مسألة الدولة والمجتمع المدني واحدة
من كبريات المعضلات في سوريا، وتعود
جذورها إلى مرحلة ما بعد الاستقلال،
وبالمناسبة، كانت سوريا أول بلد يستقل
عن الاستعمار (الفرنسي)، وكان ذلك عام
1948. وقد بدأت القوى السورية
الاستقلالية بمشروع سياسي ثقافي وطني،
شاركت فيه جموع واسعة من كل الطبقات
والفئات الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع
طلائع المؤسسات المدنية من نقابات
مهنية عمالية وفلاحية وحِرفية
وتعليمية وغيرها. ومن ضمن ذلك برزت
الطبقة الوسطى على نحو خاص، ظهر لاحقاً
أنها كانت ذات تأثير استثنائي باتجاه
مجموعة من القيم المحفّزة على النشاط
السياسي والثقافي التنويري، فكان ذلك
مِدماكاً في عملية التأسيس للمشروع
المذكور. وقد أسهم ذلك في ترسيخ
الاستقلال الوطني والوحدة الوطنية،
التي انعكست بكيفية بنّاءة في ترسيخ
النسيج الوطني ضمن الأديان والطوائف
الدينية والأطراف الإثنية والقومية
وغيرها، وذلك عبر نشاط واسع ومكثّف
شارك فيه الجميع بنسب عالية. في
سياق ذلك، كانت ملامح دولة وطنية تُفصح
عن نفسها بمثابتها امتداداً للقوى
الوطنية المختلفة من كل الاتجاهات،
والتي قامت هي بإنجاز الاستقلال
الوطني. وولد في هذا الجو العمومي جيش
سوري وطني، حدّد مهمات الدفاع عن
الاستقلال العتيد والمحافظة على سوريا
حُرة مستقلة، بمثابتها مهماته الكبرى.
ولما كان المجتمع السوري ذا حراك سياسي
وثقافي ملحوظ، فقد تمكنت القوى
الجديدة من اقتحام الحقل السياسي
الحزبي، فتشكلت شيئاً فشيئاً حياة
حزبية تطال التيارات السياسية
والإيديولوجية والثقافية، التي راحت
تمتد من أقصى الجمهورية الوليدة إلى
أقصاها، وأسهم في تعميق هذا الحراك ما
راح يظهر على صعيد التأثر بالفكر
الغربي، بل عموماً بالغرب، منذ القرن
التاسع عشر، وكان لحركة الترجمة
المتعاظمة عن الفكر والحضارة
العالميّين دور كبير في إنتاج حراك
ثقافي امتدت تياراته من أقصى "اليسار"
إلى أقصى "اليمين"، في حينه، من
الماركسية إلى تيارات الإسلام السياسي
بأطيافه المختلفة، وما بين ذلك،
مضافاً إلى ذلك التيار الليبرالي
وغيره. ها هنا
ينبغي التنويه بأن ما راح يتعاظم في
سوريا الجديدة في إطار المشرع الوطني
"السياثقافي"، بدأ يواجه هزّات
متصاعدة بخطورتها. وكان ذلك قد تبلور
في بروز حركات انقلابية عسكرية قادتها
فئات عسكرية مغامرة أو خاضعة لمرجعيات
حزبية داخلية، وأخرى ظهر ارتباطها
بالخارج عبر عدد من المشاريع
الاستعمارية. وقد عنى ذلك أنه أخذ يمتد
إلى حقلين اثنين، الجيش الوطني
والمجتمع العمومي. وظهرت تأثيرات ذلك
حتى في العملية التاريخية الكبرى،
التي طرحت نفسها باسم المشروع القومي
العربي، ونعني التوحيد بين سوريا
ومصر، الذي مثّل في حينه حُلماً عربياً
كبيراً. ولتعقيد الموقف واختراقه من
قوى "وحدوية" مضادة للديمقراطية
الحزبية، استجاب ضباط من الجيش السوري
لرغبة عبدالناصر ولقوى أخرى في مصر
وسوريا وهي إصدار مرسوم يحظر الأحزاب
والحياة الحزبية في كلا البلدين،
علماً بأن عبدالناصر أسّس تنظيماً
سياسياً، وكان ذلك طريقاً لتفكيك
الوحدة الثنائية إيّاها. لقد
جاء تفكيك تلك الوحدة عبر الخطأ (الإجرامي)
القاتل، الذي ارتكبه مَن أسّس لها: لقد
أنهوا القوى الحية في المجتمع السوري،
التي تأسست على مدى عقدين اثنين، أي
الحراك السياسي الثقافي على أيدي من
كان طرفاً مهماً في التأسيس للمجتمع
المدني: المؤسسات المجتمعية، التي
نشأت بمثابة امتداد للدولة السورية
الناشئة، وقطْع معها، بمعنى أن تكون
رقيباً على هذه الأخيرة. وكان ذلك
دفْعاً باتجاه حظر الحرية الديمقراطية
المُنجزة على امتداد عقدين ونيف. وجاء
الانقلاب العسكري لعام 1963 ليتمم
العملية، فيصدر قانون الطوارئ، الذي
استمر حتى مرحلتنا المعيشة. وفي ظل ذلك
تبلورت اتجاهات الاستبداد والاستفراد
والفساد، لتحطم آخر ركائز الدولة
الوطنية والمجتمع المدني. ================= تاريخ
النشر: الثلاثاء 08 مايو 2012 حميد
المنصوري الاتحاد منذ
نهاية الحرب العالمية الأولى مرت
تركيا بثلاث جمهوريات ذات توجهات
سياسية واقتصادية وأمنية مختلفة.
الجمهورية الأولى تمثلت منذ نهاية
الحرب العالمية الأولى حتى1949، وكانت
تركيا مهتمة في إصلاحاتها الداخلية،
حيث أمست علاقاتها مع الدول العربية
ضعيفة، أما الجمهورية الثانية "1950
-1990" فكانت تمتاز بالأحلاف، والتي
مثلت فيها تركيا حليف الولايات
المتحدة الأميركية والنهج الرأسمالي
بشكل عام، وكانت الدول العربية تنظر
لتركيا بنظرة الريبة والشك وخاصة
عندما تطورت العلاقات التركية
الإسرائيلية، ودخلت تركيا حلف الناتو. ولعل
التغير الكبير تجاه الشرق الأوسط أتى
بعد تحرير الكويت، وهنا بدأت
الجمهورية التركية الثالثة في عام 1991
تهتم بالشرق الأوسط أمنياً "بسبب
بروز القضية الكردية في العراق"،
كما أن انتهاء الحرب الباردة وفقدان
تركيا لدور محوري فيها كان محفزاً
كبيراً للبحث عن دورٍ مهمٍ على
المستويين الإقليمي والدولي. إضافة
إلى ذلك، أتى بروز دول آسيا الوسطى
معززاً لتركيا كفاعل مهم في الشرق
الأوسط بسبب العلاقات الخاصة بين
الطرفين التاريخية والدينية واللغوية
والعرقية أيضاً. وليس غريباً أن يكون
أيضاً الفشل التركي في الدخول إلى
الاتحاد الأوروبي قد عكس البوصلة
التركية في خلق علاقات اقتصادية
وسياسية مع منطقة الشرق الأوسط، ناهيك
عن البعد الجغرافي لتركيا بين الشرق
الأوسط وأوروبا. ومع الصبغة
الإسلامية، فإن حزب "العدالة
والتنمية" يبدو أنهُ يسعى إلى تحقيق
القوة بأبعادها السياسية والاقتصادية
والأمنية عبر جعل تركيا الفاعل الأبرز
في قضايا واستقرار الشرق الأوسط،
والذي لا بد وأن ينعكس على علاقاتها
الدولية مع الدول الكبرى والمهمة. ولعل
الوضع السوري اليوم وما سيؤول إليه
يقدم قراءة مستقبلية لدور تركيا
الإقليمي والدولي. اتسمت
العلاقات التركية- السورية بأنها
علاقات صراعية بسبب ضم تركيا لأراض من
سوريا أهمها كان لواء الإسكندرونه عام
1938، واختلاف التحالفات الإستراتيجية
لكلا البلدين، حيث اختارت تركيا
السياسات والتوجهات الأطلسية الغربية
الرأسمالية، في حين انحازت أغلب
الحكومات السورية إلى التوجهات
اليسارية والاشتراكية، وامتد النزاع
ليشمل المياه، خصوصاً خلال تسعينيات
القرن العشرين. كما أن العلاقات
التركية- الإسرائيلية كانت محبطة لأي
تقارب مع سوريا. وكانت تركيا تتهم
الحكومة السورية بإيواء وتدريب عناصر
حزب "العمال الكردستاني"، وأنه
يستخدم كورقة سياسية ل"زعزعة أمنها"،
إضافة إلى أنها كانت تنظر بريبة
للعلاقات السياسية بين سوريا
واليونان، والعلاقات مع الشطر
اليوناني من قبرص، فالعلاقات التركية
اليونانية ذات طابع صراعي من قضية قبرص
والحدود والموارد البحرية على بحر
إيجه ناهيك عن البعد التاريخي. وبعد أن
بلغ النزاع أوجه عام 1998 بين البلدين
حين هددت أنقرة باجتياح الأراضي
السورية بحجة وقف هجمات حزب "العمال
الكردستاني"، تغيرت العلاقات
التركية- السورية، فبرزت أوجه نحو
الحوار والتفاهم لدى الحكومتين
السورية والتركية، والذي قاد نحو
إقامة علاقات أفضل وأكثر استقراراً
بين البلدين، فبدأ التوافق في الجانب
الأمني، ثم انتقل إلى الجانب
الاقتصادي بقيادة حزب العدالة
والتنمية "كاتفاقية التجارة الحرة"،
والجانب السياسي " تمثل في لعب أنقرة
دور الوسيط بين إسرائيل وسوريا
والوقوف مع دمشق ضد سياسات بوش الابن".
وتبلورت نظرة تركية لسوريا كمفتاح
للتجارة والطاقة مع الدول العربية. مسار
تركيا في الشرق الأوسط قد يتحدد بشكل
كبير عبر الوضع الراهن لسوريا المتمثل
في صراع نظام "البعث" للبقاء
بالقوة على حساب الشرعية والشعب الذي
أصبح مصمماً على تغيير وضعهُ
الاجتماعي والمادي بنهاية النظام "البعثي".
ففي ظل الوضع السوري الراهن، وعبر ما
حدث في عام 1998 من نقيض حيث ارتفع الصراع
التركي- السوري حول قضية حزب العمال
الكردستاني، ثم نتج تفاهم تم في أكتوبر
1998، حيث وقّعت كل من تركيا وسوريا
اتفاقية أضنة، التي شملت على شروط في
غاية الوضوح لمنع نشاطات حزب العمال
الكردستاني في سوريا. وهذه الاتفاقية
مطاطية تنص المادة رقم 1 منها على أن
سوريا لن تسمح بأي نشاط على أراضيها
يهدف إلى المساس "بأمن تركيا
واستقرارها" وهنا فالأحداث الجارية
في سوريا من صراع دموي بين نظام البعث
وشريحة كبيرة من المعارضة والشعب
والذي على إثره تم دخول الكثير من
السوريين إلى تركيا كلاجئين، فكل هذا
ونتيجة له يخلق تهديداً جدياً "لأمن
تركيا واستقرارها" ولتركيا الحق في
اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن
النفس، بما في ذلك التدخل المسلح في
الأراضي السورية لاحتواء التهديد. إن
دخول تركيا سوريا وارد، حتى وإن لم
تستطع الأمم المتحدة حل القضية التي
يعترضها "الفيتو" الروسي
والصيني، فقد تبرر أنقرة التدخل
العسكري باتفاقية أضنة لعام 1998 مع
سوريا، كما قد تدعو أعضاء منظمة حلف
شمال الأطلسي إلى تطبيق المادة
الخامسة من ميثاق الحلف، والتي تفيد
بأن أي تهجّم على أي عضو كان في الحلف
هو بمثابة هجوم على كافة أعضائه. وهو
أمر مرجح الحدوث مع فشل نظام الأسد في
تنفيذ خطة عنان، ومع تأمين موافقة
المجلس الوطني السوري لإطلاق عمليات
مشتركة مع الجيش السوري الحر ضد قوات
الأسد، ناهيك عن أن ميزان القوة
العسكرية لصالح تركيا بامتياز، كما أن
هناك وجوداً لدعم دولي وإقليمي لا
يستهان بهِ. إذا
قامت تركيا بدور محوري في إسقاط النظام
البعثي السوري، فإن هناك متغيرات
سياسية وأمنية واقتصادية سوف تحدث.
أولاً المتغيرات السياسية: بروز تركيا
كلاعب مهم في استقرار الشرق الأوسط،
وتفضيل الدول الكبرى الاعتماد على
الدول الإقليمية في تحقيق الأمن
والاستقرار. ورغم التقارب الإيراني
التركي في القضية الكردية في عدم
بروزها في البلدين وأيضاً التعاون في
الطاقة، سيحدث توتراً في العلاقات
التركية الإيرانية، وستضعف إيران
سياسياً بسبب سقوط البعث السوري،
وربما يقود ذلك إلى توتر تركي مع
العراق بقيادة المالكي. رغم هذا سوف
تتطور العلاقات العربية التركية إلى
مرحلة أكثر قوة. ثانياً
المتغيرات الأمنية: فعلى المستوى
التركي ربما تواجه تركيا القضية
الكردية في سوريا والعراق كما في تركيا
بتحريك من دول لا ترغب في بروز الدور
التركي في منطقة الشرق الأوسط. أما
المستوى الإقليمي قد تصبح تركيا
رادعاً للقوة الإيرانية في المنطقة،
وفي هذه الحالة سيكون الحلف الأطلسي
جزءاً من الردع بسبب عضوية تركيا. ثالثاً
المتغيرات الاقتصادية: لا شك أن تكون
هناك مكاسب اقتصادية مهمة مثل تعزيز
التجارة والاستثمار بين تركيا والدول
العربية، وستلعب سوريا دوراً مهماً في
ذلك مثل تصدير الطاقة إلى تركيا
وأوروبا، إضافة إلى تصدير واستيراد
البضائع والسلع بين تركيا والأقطار
العربية عبر سوريا. وهناك دول خارج
الشرق الأوسط لابد لها من دعم تركيا في
جوانب الاقتصاد والتكنولوجيا بسبب
الدور الذي قد يتزايد أهميتهُ في
استقرار المنطقة. أخيراً،
تركيا مع المجلس "الوطني السوري"
والقوى السورية المعارضة للنظام،
تستطيع إسقاط النظام، كما أن أنقرة
لابد وأن تأخذ بعين الاعتبار الموقف
السياسي من موسكو وبكين، وهنا هل
تستطيع تركيا إرضاء موسكو وبكين
بمكاسب معينة ثم تسعى إلى إسقاط النظام
السوري في سبيل تحقيق معادلة أمنية
واقتصادية جديده لها في منطقة بدأت
تسقط أنظمتها الواحد تلو الآخر؟. ================= خيرالله
خيرالله المستقبل 8-5-2012 كلام
كثير يسمع هذه الايّام عن الدور
الايراني في المنطقة والقدرة
الايرانية على توظيف المفاوضات في شأن
الملف النووي لمصلحتها وحتى في مصلحة
النظام السوري الذي تعتبره امتدادا
اكثر من طبيعي لها. لكن الكلام الاهمّ
الذي لم يعط الاهتمام الذي يستأهله هو
ذلك الذي صدر أخيرا عن مسؤول ايراني
كبير عن ضرورة تحقيق وحدة إندماجية بين
العراق وايران. يكشف هذا الكلام اوّل
ما يكشف حقيقة التطلعات التي لدى طهران.
وتكمن اهميّته في انه صدر عن احد نوّاب
رئيس الجمهورية خلال الزيارة الاخيرة
التي قام بها لطهران السيد نوري
المالكي رئيس الوزراء العراقي. يبدو
ان المسؤول العربي الذي لفت نظره منذ
فترة لا باس بها شعار الاذاعة
الايرانية وهو "صوت الجمهورية
الاسلامية من طهران" على حق في ابداء
مخاوفه. تساءل هذا المسؤول، امام
شخصيات رسمية اميركية في لقاء وردت
تفاصيله في البرقيات السرية التي
نشرتها "ويكيليكس": اين حدود
الجمهورية الاسلامية التي يصدح صوتها
انطلاقا من طهران؟ الظاهر انها
جمهورية لا حدود واضحة لها. الاكيد، في
ضوء التجارب التي مرّت بها المنطقة في
السنوات الاخيرة ان لا التزام ايرانيا
بحدود ايران ما دام في الامكان التمدد
في كلّ الاتجاهات، خصوصا في اتجاه
العراق. من
الواضح ان الوضع العراقي فتح شهية
ايران التي لم تعد تخفي ان لديها
طموحاتها على الصعيد الاقليمي. في
النهاية، ما لا بدّ من الاعتراف به ان
ايران كانت الطرف الوحيد الذي خرج
رابحا من الحملة العسكرية الاميركية
على العراق قبل تسع سنوات. شاركت
ايران في تلك الحرب الاميركية بطريقة
غير مباشرة وايدتها ووفّرت الدعم لها
في مراحل الاعداد لها سياسيا وحتى
عسكريا. قطفت ايران ثمار تلك الحرب
عندما وضعت بعض رجالها في السلطة في
بغداد معتمدة سياسة الخطوة الخطوة.
اكثر من ذلك، ايّدت طهران كلّ خطوة
اتخذها الاميركيون في العراق، خصوصا
تلك التي تصبّ في تأجيج النزاعات
المذهبية. بعد
انتخابات السابع من آذار- مارس 2010،
توفرت لايران فرصة تاكيد ان ليس في
الامكان تشكيل حكومة عراقية من دون
موافقتها. فازت في تلك الانتخابات "القائمة
العراقية" برئاسة الدكتور ايّاد
علاّوي الذي كان يحظى بتاييد عربي واسع.
لم يستطع الدكتور علاّوي تشكيل حكومة
على الرغم من النص الدستوري الواضح
الذي يدعو الى ان يكون رئيس الحكومة من
ياتي على رأس اكبر تكتل نيابي منبثق عن
الانتخابات. بقدرة
قادر، استطاعت طهران منع علاّوي، الذي
تنقصه الكثير من مزايا السياسي
المحترف، من تشكيل حكومة. وبعد ثمانية
اشهر، تولى المنصب نوري المالكي الذي
راحت كتلته، التي حلت ثانية، تحظى بدعم
كتل نيابة اخرى مرتبطة بطريقة او باخرى
بطهران. الى الآن، لا تزال حكومة نوري
المالكي غير مكتملة. وقد اتاح له ذلك
وضع يده على المواقع الاساسية في
الدولة بما في ذلك كلّ الوزارات التي
تهتم من قريب او بعيد بالامن... ما
يتبيّن الان، خصوصا مع التغيير السلبي
الذي طرأ على الموقف العراقي من الثورة
السورية والكلام الايراني عن وحدة
اندماجية، ان طهران تنوي فرض امر واقع
جديد في المنطقة. بكلام اوضح، يبدو ان
طهران تريد ابلاغ كلّ من يعنيه الامر
ان العراق صار في جيبها وان كلّ كلام
آخر لا معنى له. تترافق
الهجمة الايرانية الاخيرة مع مرونة
لطهران في المفاوضات التي تجريها مع
المجتمع الدولي وكانها تسعى الى توجيه
رسالة فحواها ان السيطرة على العراق
تغنيها عن تطوير برنامجها النووي من
جهة وان كلّ ما تريده من جهة اخرى هو
الاعتراف بانّها "شرطي الخليج"
وانه لم يتغيّر شيء اكان الشاه في
السلطة ام لا. من النتائج المباشرة
للمرونة الايرانية تخفيف المسؤولين
الاسرائيليين من حدة اللهجة تجاه
البرنامج النووي. لو لم
يكن الامر كذلك، كيف يمكن تفسير تلك
الاستفزازات التي تستهدف الجزر
الاماراتية الثلاث (طنب الصغرى وطنب
الكبرى وابو موسى) المحتلة منذ تشرين
الثاني من العام 1971 عندما كان لا يزال
الشاه في الحكم؟ يمكن
الذهاب بعيدا في عرض ما تقوم به ايران
حاليا في كلّ المنطقة مستخدمة الغرائز
المذهبية اكان ذلك في العراق وسوريا
ولبنان او في البحرين او في اليمن، حتى
لا نذكر بلدانا اخرى. لكنذ الاهمّ من
كله ذلك سؤال في غاية البساطة: هل مسموح
لايران وضع يدها على نفط العراق؟ الاكيد
ان النظام في ايران يعتبر مستقبله
مرتبطا بالثروات النفطية العراقية حيث
الاحتياط النفطي كبير فيما الاحتياط
الايراني يمكن ان ينضب خلال فترة قصيرة.
الاكيد ايضا ان العالم يعرف ذلك. ما
يعرفه خصوصا انه لا يجوز لايّ دولة في
المنطقة لعب دور القوة الاقليمية
المهيمنة. مسموح بادوار صغيرة لا
تتجاوز حدودا معيّنة، خصوصا اذا كان
ذلك يخدم اسرائيل. عندما
يتعلّق الامر بالنفط والاحتياطات
النفطية ومستقبل منطقة مهمة للعالم
مثل منطقة الخليج، ليس امام ايران سوى
ان تاخذ حجمها الحقيقي. صحيح ان هناك
دهاء ايرانيا وان حكام ايران ليسوا في
غباء صدّام حسين، لكن الصحيح ايضا انّ
العراق قد لا يكون تلك اللقمة السائغة
التي يسهل ابتلاعها مهما ذهبت ايران في
محاولاتها الهادفة الى تحكيم
الميليشيات المذهبية التابعة لها
بالمدن والبلدات والقرى العراقية...ومهما
تساهلت في المفاوضات المرتبطة بملفها
النووي وصولا الى صدور مواقف
اسرائيلية تتحدث عن وجود "عقلاء في
طهران". ================= دمشق
من الداخل: بيروت زمن الحرب.. وتحسب
لمواجهة طويلة عماد
مرمل السفير 8-5-2012 تختلف
دمشق في عصر الأزمة عما كانت عليه من
قبل. تبدو وكأنها انتقلت من مرحلة تلقي
الصدمة الى مرحلة التعايش معها،
لتكتسب شيئا فشيئا، مع تنامي التجربة
والخبرة بعضا من ملامح شخصية بيروت،
أيام الحرب الأهلية. وإذا
كان «الشبح الأمني» بات من زوار
العاصمة السورية مع تكاثر الحوادث
المتنقلة، من تفجيرات واغتيالات، إلا
أن الضيف الآخر الذي يمكن رصد آثاره
بوضوح هو ذاك الحراك السياسي، غير
المألوف، الآخذ في التنامي والاتساع،
منذ بداية الأزمة. لقد
كُسرت الحواجز النفسية وخرجت السياسة
من «القمقم»، ليتوزع السوريون بين
موال ومعارض، على وقع نقاشات محمومة،
تخلت عن «كواتم الصوت»، فاستعاد خصوم
النظام من عامة الناس «حنجرتهم»، ولم
يعد بعضهم على سبيل المثال يجد أي حرج
في الترويج لأفكاره «الثورية»، بصوت
مرتفع وعابر للسقوف، خلال ارتشاف
فنجان قهوة... على مقربة من أحد مراكز
المخابرات. في
الشكل، تنتشر المكعبات الإسمنتية حول
مقرات أجهزة الأمن والمخابرات، في ما
يشبه «مربعات أمنية» مصغرة، وعلى
الطرق تظهر حواجز ثابتة وطيارة تدقق في
الهويات، الى جانب الدوريات غير
المرئية والتي يختفي عناصرها خلف
الزجاج الداكن لسياراتهم، أما
التفجيرات الناتجة عن سيارات مفخخة او
عبوات ناسفة فإنها تكاد تصبح
اعتيادية، الى الحد الذي يجعل تأثيرها
محصورا في أمكنة حدوثها، بينما تستمر
الحياة طبيعة في الأنحاء الأخرى، ليلا
نهارا. أما في
المضمون، فإن النقاشات المحتدمة في
العاصمة السورية، على مستويات حزبية
وشعبية، تُبين ان هناك وجهات نظر عدة
لفهم ما يجري، يمكن التوقف عند اثنتين
بارزتين منها: وجهة
النظر الأولى، يعبر عنها أنصار «المعارضة
العقلانية» التي تبدو أكثر واقعية من «الفروع
الأخرى»، ما يفسر بقاء العاصمة نسبيا
خارج إطار المواجهات الدموية الواسعة.
يؤكد الناشطون في هذه المعارضة انهم مع
تغيير النظام ورحيل بشار الأسد، لكن
بطريقة سلمية وديموقراطية، من دون عنف
وإراقة دماء، مشددين في هذا المجال على
وجود فارق جوهري بين «تغيير» النظام،
كما ينادون هم، وبين «إسقاطه» كما
يحاول الآخرون. وإذ
يعتبر هؤلاء ان النظام السوري لم يعد
قابلا للإصلاح، يُقرون بأن مناخا
جديدا قد ساد بعد بدء الاحتجاجات، وأن
ما يقولونه الآن بصوت مرتفع كانوا لا
يتجرأون على البوح به لأنفسهم في
السابق، على ان اللافت للانتباه هو
انتقادهم لما يسمونه «الأحقاد الشخصية
لبعض القيادات اللبنانية على بشار
الأسد»، مشيرين الى ان هذه الأحقاد
تستفزهم الى حد كبير، برغم انهم من أشد
المعارضين للأسد. ويعتقد
هذا الفريق من المعارضين المقيمين في
دمشق، انه يمكن فرز اتجاهات الشعب
السوري في الوقت الحاضر كالآتي: - ثلث
مع النظام والأسد لاسباب مصلحية او
لاعتبارات فئوية او لخوف من المستقبل
المجهول. - ثلث
مع المعارضة بكل أشكالها، بما فيها تلك
المسلحة. - ثلث
محايد وصامت، لا يمكن احتسابه هنا او
هناك، وهذا الجزء من الشعب لم يتحرك
بعد ولم يقل كلمته الأخيرة حتى الآن،
وربما يكون هو القادر في نهاية المطاف
على حسم الأمور متى حدد وجهة سيره
وخياره النهائي. ويُحمّل
«الدمشقيون» من ذوي النَفَس المعارض
الأسد المسؤولية عن الوصول الى المأزق
الحالي، معتبرين ان الأسد خيّب
الآمال، نتيجة عجزه عن مواجهة محيطه
الفاسد او عدم رغبته في ذلك، ما أفسح
المجال امام استئثار مجموعة من
المتنفذين وأصحاب السطوة بمقدرات
البلد، «فيما تُرك لأجهزة المخابرات
والأمن أن تُطبق على أنفاس المواطنين
الذين باتوا يتطلعون الى استعادة
كرامتهم، قبل كل شيء». ويرى
هؤلاء ان التظاهرات المؤيدة للنظام
ليست عفوية، بل ان غالبية المشاركين
فيها هم من موظفي القطاع العام الذين
يدركون انهم سيفقدون أعمالهم إذا لم
يلبوا الدعوات الى التظاهر، كما ان
المرتبطين بشبكات المصالح والنفوذ
والمنتفعين منها يستميتون في دعم
النظام دفاعا عن مكتسباتهم، «أما
الانتخابات النيابية فهي تصبح في هذا
السياق مجرد مزحة ثقيلة، لان الظروف
الراهنة لا تسمح بإجراء انتخابات حرة
ونزيهة، وما يهم السوريين في هذه
اللحظة هو استعادة كرامتهم وحريتهم،
وليس اختيار نواب لن يكونوا سوى بيادق
فوق رقعة شطرنج السلطة». في
المقابل، يملك «الموالون الدمشقيون»
وجهة نظر أخرى، ما تزال تملك قدرة
واسعة على الاستقطاب، وفق ما يظهر من
خلال التفاعل مع الشارع والأوساط
السياسية. يؤكد أنصار الموالاة ان
النظام دُفع الى الزاوية الضيقة، ولم
يعد أمامه من خيار سوى المواجهة
بأشكالها المختلفة، سواء ارتضى ذلك ام
لا، تماما كما حصل في حرب تموز حين لم
يكن امام «حزب الله» من سبيل سوى خوض
الحرب المفروضة عليه، بمعزل عن
النتيجة المحتملة وعن موازين القوى
القائمة. ويضيف
المتحمسون للنظام: لقد وجدنا ان ظهرنا
الى الحائط ولا بديل عن خوض معركة حياة
او موت، ليس للنظام ولكن للدولة التي
أصبح وجودها واستمرارها على المحك.
وللمناسبة، نحن ندرك ان المواجهة قد
تطول، بأنماط مختلفة، ولذا فإننا نُعد
أنفسنا لكل الاحتمالات وأسوأ
السيناريوهات، بما فيها فرضية ان
تستمر الأزمة حتى العام 2015 وربما أكثر. ويعتبر
«الموالون الدمشقيون» ان الخطر الداهم
يتجاوز النظام بذاته ليطال سوريا التي
يراد تفتيتها وتحويلها الى محميات
طائفية ومذهبية، ويروي مسؤول كبير في
إحدى مؤسسات حزب البعث انه فوجئ ذات
يوم بابنته تسأله معاتبة بعد عودتها من
المدرسة: لماذا أخفيت عني انتمائي
المذهبي، ومن أكون، كل هذا الوقت؟
فأجابها بأنه لم يتعمد طمس هويتها،
ولكن لم تكن هناك حاجة لإبرازها
والتعامل مع الآخرين من خلالها.. ويضيف:
بعدما بلغت عوارض الأزمة منزلي الذي
يُفترض ان لديه ما يكفي من الحصانة
والمناعة، أيقنت ان المطلوب إيقاظ
العصبيات الضيقة لدى السوريين
وإغراقهم في الفوضى، على حساب مبدأ
المواطنة. يعترف
المتحمسون للموالاة بأن النظام ارتكب
أخطاء ولكنهم يشددون على ان تصحيحها لا
يكون بارتكاب الخطايا. بالنسبة إليهم،
الأوطان والدول ليست حقول تجارب،
وبالتالي هم يعتقدون ان نظاما منخرطا
في مشروع إصلاحي، له ما له وعليه ما
عليه، هو أفضل بألف مرة من الرهان على
معارضات مشتتة، لا تحمل مشروعا واحدا
وواضحا، وكل منها يغني على ليلاه. ويدعو
أصحاب هذا الطرح الى مقاربة
الانتخابات التشريعية بواقعية، على
قاعدة انه إذا كانت الظروف الحالية غير
ملائمة لإجراء أفضل انتخابات ممكنة،
فالأكيد ان حصولها يبقى افضل من عدمه،
ولا بأس في اعتبارها بمثابة تمرين على
السلوك الديموقراطي والتعددية
السياسة، في ضوء الدستور الجديد، ذلك
ان حزب البعث بحاجة الى حصص تدريبية
للتكيف مع الواقع الجديد حيث لن يكون
قائد الدولة والمجمتع بعد اليوم،
والأحزاب الناشئة بحاجة الى هذا
الاختبار الانتخابي حتى تكتسب الخبرة. ================= امين
قمورية 2012-05-08 النهار شعرنا
بالحسد والغيرة عندما شاهدنا انتخابات
فرنسا واليونان. بين انتخاباتنا
وانتخاباتهم فارق كبير. عبر صناديق
الاقتراع اختار الفرنسيون التغيير،،
سحبوا الثقة من اليمين وأولوها لليسار.
وقرر اليونانيون محاسبة جميع
التقليديين محافظين واشتراكيين
واعطوا اصواتهم للجديد الذي لم يجربوه
من قبل علّه يكون أفضل من قديم عرفوه عن
كثب وأحبط آمالهم. في
انتخاباتنا، لا نغير بل ننتقم ونقهر
الآخرين. وعندما نقرر ان نغير القديم
نستبدله بأقدم منه. لا نتطلع الى من يعد
بمستقبل أفضل بل نسبر التاريخ ونفتش في
دفاتر الاسلاف والسلفيين عما هو غير
مفيد ونقيض الحداثة والتقدم. لا نبدل
الاستبداد السياسي بالتسامح
والاعتدال والديموقراطية بل
بالاستبداد الديني والتعصب والجاهلية. في
البلدان الديموقراطية يذهب الناس الى
صناديق الاقتراع للدفاع عن مصالحهم
وحقوقهم. يذهبون من أجل حياة أفضل.
يفاضلون بين البرامج الاقتصادية
والسياسية ويصوتون لموقف من الهجرة
والحد من البطالة وتوفير الخدمات. في
بلادنا، تساق الناس سوقا الى صناديق
الاقتراع تصوّت لأغراض طائفية أو
مصالح صغيرة أو نكايات حزبية. هم
ينتخبون لقيم ومبادئ وبرامج عامة
ومصالح كبرى، ونحن ننتخب لزعيم أو
لطائفة أو لمذهب أو لتصفية حسابات مع
آخرين... أو لمشاريع حرب اهلية. مرشحوهم
يحولون الساحات العامة والصالات أماكن
فرح ونقاش سياسي، ينتقدون برامج الخصم
ولا يشتمون أمه أو أباه ولا يتهمونه
بالخيانة، لا أحد منهم يدعي الفضيلة
وتمثيل الدين الحقيقي وغيره كفرة
وملحدون وعلمانيون. أما مرشحونا
فيلجأون الى دور العبادة للتجييش
العصبوي والتعبئة الطائفية ولا يأتي
على لسانهم ذكر لبرنامج انتخابي.
التكفير لغتهم والتشهير لسانهم
والشتائم زينتهم. ثوراتهم
الكبرى التي اعقبت حروبهم الاهلية
اسقطت طغاة لكنها ارست ديموقراطية
وكرست حماية حقوق الانسان واطلقت فكرا
تنويريا يسمح للبشر بالتفكير بحرية
بعيدا من الدين أو المذهب. لكن بعض
ثوراتنا الحديثة أبدل الطغاة باحزاب
همها الاول احتكار السلطة والتماهي
بجلادها السابق وبرنامجها الوحيد
اصدار فتاوى تتدخل في تفاصيل انماط
حياتنا ومأكلنا والملبس، لا لشيء الا
لأنها فازت في الانتخابات، وبعضها
الآخر أبدل الطغاة بحروب أهلية وحال
فوضى وتمزق. الدول
العربية شهدت اكثر من حرب أهلية وأكثر
من ثورة، لكن أمرها لم يستقم بل ازدادت
شعوبها تشردا وتعصبا للمذهب أو
القبيلة. فهل نشتم الانتخابات
والديموقراطية والساعة التي طالبنا
فيها بمثل هذه "الخزعبلات" التي
لا نستحقها ولا تليق بعروبتنا؟ ================= الانتخابات
السورية تلقى مصير الاستفتاء ..
وشرعية النظام تتآكل تحت وطأة العنف روزانا
بومنصف 2012-05-08 النهار لا
تحظى الانتخابات التشريعية التي
اجراها النظام السوري بأي اهتمام او
اهمية لدى المتابعين الخارجيين للوضع
السوري على رغم ان حصولها مفترض على
اساس الدستور الجديد المعدل الذي سمح
بانشاء احزاب سياسية جديدة هذه السنة.
اذ تضع مصادر ديبلوماسية متابعة هذه
الانتخابات بموازاة كل الخطوات التي
اتخذها النظام حتى الان ولم يكن لها اي
مفعول في ظل استمرار العنف، وجرى
التعامل الغربي والعربي معها كأنها لم
تكن باعتبار ان النظام فقد شرعيته
الداخلية والخارجية، وتاليا فان ما
يقوم به في الداخل يفتقد الشرعية
المطلوبة ايا تكن الخطوات التي يقوم
بها والتي كانت من ابرز المطالب
الخارجية منه. ولا تدخل المصادر
المعنية في التفاصيل كونها لا تولي
الانتخابات ككل اي اهمية تذكر كما حصل
بالنسبة الى ما وصف بانه استفتاء على
الدستور الجديد قبل بضعة اشهر باعتبار
ان وجود النظام في حد ذاته هو موضع
اشكالية كبيرة لا تزال مطروحة بقوة على
الطاولة ولو اعطيت الفرصة للمبعوث
المشترك للامم المتحدة والجامعة
العربية كوفي انان لكي ينفذ خطته من
النقاط الست والتي يشكل بند وقف العنف
انطلاقتها علما ان الخطة ايضا لا تشير
علنا الى تنحي الرئيس السوري من منصبه
او الى رحيله. كما ان مسؤوليته عن اجراء
الانتخابات ومراقبتها واعلان نتائجها
هي نقطة اساسية ليس من استعداد خارجي
لقبولها في ظل اشكالية وضعه. لكن ثمة
تساؤلات تطرحها هذه المصادر على سبيل
الاستغراب عن كيفية اعتبار ان هذه
الانتخابات هي الاولى التي تجرى على
اساس تعددية حزبية بعدما الغى النظام
المادة الثامنة التي كانت ترتكز على ان
حزب البعث هو قائد الدولة في حين انه
منذ الاعلان عن الغاء هذه المادة لم
يتح المجال للسوريين للتنفس، نتيجة
العنف اليومي المستمر، من اجل انشاء
احزاب وتنظيم انفسهم على اساس سياسي
يسمح بخوض انتخابات على اساسها. وذلك
في حال تم التسليم جدلاً بان الدستور
الجديد يتضمن خطوات اصلاحية، في حين
انه لا يتضمنها فعلا. ولذلك تدرَج هذه
الانتخابات في اطار صوري اكثر من اي
طابع فعلي من دون ان تتمتع باي وزن او
اعتبار بما يسمح لهذا النظام ان يرمم
صورته او وضعه في اي شكل، علما ان
نتائجها في حال التسليم بذلك لن تغير
شيئا في التغيير الذي يقال انه يجرى في
ظل دستور جديد. وتعتبر
هذه المصادر ان هذه الخطوة هي كسائر
الخطوات الاخرى التي قام بها النظام،
تندرج في اطار ذر الرماد في العيون على
قاعدة الايحاء بان الامور تعود الى
طبيعتها رغم ما يحصل يوميا وانه لا
يزال ممسكا بزمام الامور وهو ينفذ
روزنامة اصلاحية تسمح له بالبقاء في
موقعه. في حين اظهرت الوقائع الميدانية
ان السوريين لا يثقون بهذه الخطوات
وكان رد الفعل لديهم المزيد من
التظاهرات في ظل استمرار العنف
ومحاولات القمع التي يمارسها ضدهم.
ولذلك فان المسألة تتعلق بالسوريين
انفسهم قبل اقرار الاخرين فعلا
بصوابية هذه الانتخابات علما ان
النظام يشتري لنفسه كما تقول هذه
المصادر المزيد من الوقت الذي يمكن ان
تؤمنه له الدول الداعمة له حتى الآن،
اي روسيا في الدرجة الاولى ثم الصين.
فهذه الاخيرة املت مع استقبالها وفدا
من المعارضة السورية "في ان تساهم
الانتخابات في تطبيق الاصلاح في سوريا"
على رغم ان المعارضة اعلنت عدم
مشاركتها في هذه الانتخابات. ويسود
اعتقاد لدى المصادر ان روسيا يمكن ان
تستفيد من عامل اجراء الانتخابات من
اجل ان تستمر في الدفاع عن النظام، او
هو يقدم لها هذه الورقة لاستخدامها في
الدفاع عنه لمدة اطول، في ضوء استمراره
في استخدام العنف، على رغم اعتقاد بعض
المتابعين الاخرين للوضع السوري ان
روسيا نفسها لا يمكنها ان تستند كثيرا
الى هذه الانتخابات في ظل الظروف التي
تجرى فيها من جهة ولان ذلك قد يؤدي الى
اتساع الهوة بينها وبين والغرب في
الموضوع السوري من جهة اخرى، الامر
الذي لا يعتقد ان روسيا قد تخاطر فيه
الى هذه الدرجة. وهذا
الوقت الذي يحاول النظام ان يشتريه من
خلال الانتخابات تعبر عنه محاولة
النظام الحصول من انان على براءة ذمة
في شأن التعاون من اجل تطبيق خطته،
الامر الذي لم يتجاوب معه انان حتى
الان في كل تقاريره الى مجلس الامن
لجهة التسليم بزعم النظام عن وقفه
للعنف وسحب الاسلحة الثقيلة من المدن
فيما هو يضغط من اجل توفير شهادة حسن
سلوك دولية في هذا الاطار. في
اثناء المتابعة الاعلامية لنتائج
الانتخابات الفرنسية، لفت المراقبين
والمهتمين اللبنانيين اقرار الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي بالهزيمة امام
منافسه الاشتراكي فرنسوا هولاند في
جولة الاعادة في انتخابات الرئاسة
التي جرت يوم الاحد، كما لفتهم قوله
"تحدثت اليه"، اي الى هولاند "هاتفيا
وتمنيت له حظا طيبا" ثم ابلغ ساركوزي
انصاره انه يتحمل الهزيمة، مضيفا "ان
الشخص رقم واحد هو من يتحمل المسؤولية"
بحيث حملت هذه الكلمات القليلة في
مضامينها وفق هؤلاء المراقبين كل
الحوافز التي تدفع الشباب العربي الى
الهجرة الى اوروبا والدول الغربية.
فكيف يمكن ان تجد الانتخابات السورية
مكانها في ظل العنف الذي تجرى فيه؟ ================= ياسر
الزعاترة الدستور
8-5-2012 سيحسد
العالم أجمع شعب سوريا على الانتخابات
النزيهة والشفافة التي نكتب هذه
السطور بينما هي تجرى في طول البلاد
وعرضها لاختيار مجلس شعب جديد، فيما
سنسمع هذا اليوم الثلاثاء عن النتائج
التي تمخضت عنها، إن لجهة نسب الاقتراع
العالية، أم لجهة الفائزين من أعضاء
حزب البعث العتيد، وأحزاب المعارضة
العظيمة!! سيشعر
الأوروبيون بالكثير من الغيرة لأنهم
لا يحصلون على فرصة ديمقراطية كالتي
تكرَّم بها بشار الأسد على الشعب
السوري، وسيتمنون لو أن الله قد منَّ
عليهم برئيس عظيم مثله يأتي من صلب
رئيس عظيم سابق، بعد أن جرى تغيير
الدستور لينطبق على مقاسه في غضون
دقائق بعد أن عقمت أرحام السوريات عن
إنجاب بطل بقامته العالية!! هنا
ثمة صناديق اقتراع وأحزاب معارضة (نعم
معارضة) تشارك في الانتخابات إلى جانب
الحزب الحاكم الذي يضع قادته أيديهم
على قلوبهم خشية تنكر الشارع
لإنجازاتهم والتصويت للمعارضين، ربما
من باب الضجر لا أكثر، مع أن أحدا لا
يثق بتلك الأحزاب التي لا تملك برامج
عظيمة كتلك التي يملكها الحزب الحاكم
الذي ينجب مبدعين من أمثال رامي مخلوف
يتمكنون في غضون سنوات قليلة من مراكمة
المليارات بعصاميتهم وإبداعهم الذاتي!! هل
بوسع أحزاب المعارضة أن تقدم للشعب
السوري أبطالا من أمثال ماهر الأسد
وآصف شوكت ورامي مخلوف؟ كلا بالطبع،
لكن الحزب الحاكم المبدع لا يركن إلى
ذلك ويبذل قصارى جهده في إقناع
الناخبين بإنجازاته حتى اللحظة
الأخيرة!! نتحدث
بهذه الروحية الساخرة لأن السخرية
وحدها هي ما يصلح لمتابعة هذا المشهد
العبثي الذي يجري أمام أعين العالم،
ومن ضمنه المراقبون الدوليون الذي
يجوبون البلاد من أجل تتبع خطى
الإرهابيين الذين يقتلون الناس في
الشوارع، وبالطبع إلى جانب عناصر
الأمن والشبيحة الذين يضحون بأرواحهم
من أجل حماية الشعب قنابل الإرهاب!! هو فصل
هزلي آخر من دون شك، تماما كما كان حال
الدستور الجديد الذي فصَّله عباقرة
النظام على مقاس الرئيس الملهم كي يجري
الحفاظ على إنجازات النظام والثورة،
وتماما كما هو حال الاستفتاء على
الدستور الذي مرَّ هو الآخر بإرادة
الشعب الحرة!! ثم
يأتي قادة حزب الله، وفي مقدمتهم
الأمين العام ليحدثونا عن النوايا
الإصلاحية للرئيس الملهم، وليطالبوا
الشعب السوري بمنحه مزيدا من الفرص كي
يعزز الإصلاحات التي بدأها منذ مجيئه
إلى السلطة عقب وفاة والده!! هو
نظام أعمى من دون شك، ولو كان يملك
القليل من بعد النظر لبادر إلى دستور
تعددي من النوع “السويسري”، ولشكل
حكومة وحدة وطنية من قيادات المعارضة
من أجل استيعاب الوضع المتفجر،
وبالطبع لأن نظاما يتحكم بالجيش وبعدد
كبير من الأجهزة الأمنية ذات الخبرة
الطويلة في ممارسة القمع وترهيب الناس
لن يكون عاجزا عن إدامة سيطرته على
الأوضاع حتى في ظل حكومة يقودها
المعارضون السابقون الذين لن يكون
بوسعهم التمرد على نظام أمني مهما منح
لهم من صلاحيات. إنه
العمى السياسي الذي سيقود هذا البشار
إلى حتفه، تماما كما قاد بن علي وحسني
مبارك ومعمر القذافي، بل إن فرصته في
الحصول على نهاية كتلك التي حصل عليها
علي عبد الله صالح قد تلاشت من الناحية
العملية بعد أكثر من 11 ألف شهيد ومئات
الآلاف من المعذبين، أكانوا في السجون
أم المنافي أم من أصحاب البيوت المدمرة. إنه
نظام يسير إلى حتفه، ولم يعد بالإمكان
الحديث عن إصلاحات ولا تسويات معه،
وحتى بعض من يسمون أنفسهم معارضة
الداخل، لم يجدوا في مواجهة اتساع رقعة
القتل غير الحديث عن إسقاط النظام وليس
إصلاحه كما كانوا يفعلون من قبل. نعلم
أن الأجواء الدولية، وربما العربية
أيضا لا تبدو في صالح الشعب السوري،
الأمر الذي يركن إليه النظام إلى جانب
دعم إيران وحلفائها منقطع النظير، لكن
إرادة الشعب السوري ستنتصر في نهاية
المطاف، ومن يتابع هذا الكم من الإصرار
بين صفوفه يدرك أن النهاية باتت معروفة
تماما، وإن عجز المراقبون عن الجزم
بتوقيتها. التاريخ
: 08-05-2012 ================= الانتخابات
السورية...الأزمة تزداد تعقيداً عريب
الرنتاوي الدستور
8-5-2012 في
سوريا، لا احد معنيٌ بالانتخابات
النيابية بذاتها...الأنظار هناك تتجه
صوب شيء آخر...نسبة الاقبال على
الانتخابات...هل المشاركة طوعية أم
الزامية تحت الضغط والتهديد وسيف
الخوف...هل جرت في مختلف المناطق
السورية، خصوصاً المناطق الأكثر
اشتعالاً (حمص، حماة، ادلب دير الزور
والأرياف)....الوضع الأمني في يوم
الاقتراع....القوى المشاركة في
الانتخابات، خصوصاً بعد أن أعلنت
مختلف فصائل معارضة الداخل والخارج
وتنسيقيات الثورة مقاطعتها
للانتخابات...حصاد الأحزاب الكرتونية
التي سُجّلت مؤخراً...خريطة الطريق
الالتفافي التي شقها “الحزب القائد
للدولة والمجتمع” للقفز على تعديل
المادة 8 من الدستور القديم....الى غير
ما هنالك من مفارقات في الزمن السوري
العجيب والمؤلم. هي
انتخابات شكلية لا أكثر ولا أقل...تعمّق
أزمة النظام بدل أن توفر مخرجاً لسوريا...انتخابات
تنهض كشاهد على افلاس ما يسمى “المشروع
الاصلاحي للرئيس”، وبؤس الخيار
الأمني والعسكري للنظام....هي انتخابات
تؤكد “حالة الانكار” التي تعيشها
الحلقة الأضيق للسلطة السياسية
والأمنية المتحكمة برقاب البلاد
والعباد في سوريا...والمؤكد أن الثامن
من أيار، لن يختلف عن السادس منه، وأن
يوميّات الأزمة السورية، لن تتأثر
بهذه المسرحية العابثة والمُملة. كيف
يمكن للانتخابات أن تكون تعبيراً عن
مختلف ألوان الطيف السياسي والتعددية
السورية، وقد قاطعتها مختلف القوى
السياسية والاجتماعية (أللهم الا اذا
اعتبرنا قدري جميل ممثلاً شرعياً
للمعارضة)....كيف يمكن لانتخابات أن
تجري فيما مناطق شاسعة من سوريا، ما
زالت تعيش تحت سيف الطوارئ والأحكام
العسكرية...كيف يمكن لانتخابات أن تعقد
فيما مئات ألاف السوريين موزعين على
المنافي الداخلية والخارجية وخلف
القضبان وغياهب الفقد والمجهول...كيف
يمكن لانتخابات أن تجري فيما القوانين
السارية ما زالت تُجرّم بالاعدام، كل
من ينتمي الى جماعة الاخوان...كيف يمكن
للانتخابات أن تجري فيما النظام ما زال
مُصرّاً على نفي وجود المعارضة، أو
وصفها بالعصابات الاجرامية
والارهابية، من دون تمييز بين معارضة
وأخرى؟...أسئلة وتساؤلات، لم يجد
النظام والناطقون باسمه والمصفقون له
في كل محفل، من حاجة للتفكير بها أو
الاجابة على أيٍ منها. كان
يمكن للانتخابات أن تكون بداية خروج من
المأزق لو أنها استبقت بأربع خطوات
رئيسة: أولاً،
وقف جميع العمليات الحربية، والتمييز
بين ما هو تهديد أمني/ارهابي من جهة،
ونشاط سلمي لمختلف قوى المعارضة
والحراكات والتنسيقيات الشبابية من
جهة ثانية، وتطبيع الحياة العامة في
البلاد، فوراً ومن دون ابطاء ثانياً:
الافراج عن كافة المعتقلين والسجناء،
وتشكيل لجان تحقيق في الجرائم
والانتهاكات التي ارتكبت منذ اندلاع
الانتفاضة، والسماح بعودة المهجرين
والمشردين والمنفيين، سواء الذين
غادروا سوريا مؤخراً، أو الذي سبق لهم
وأن غادورها قبل ازيد من ثلاثة عقود،
والغاء كافة القوانين التي تجرّم
المعارضة والانتماء للأحزاب السياسية
كافة. ثالثاً:
الاعلان عن حل مجلس الشعب واقالة
الحكومة، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني،
تضم مختلف أطياف المعارضات، تنظيم
انتخابات لجمعية تأسيسية تضع دستوراً
جديداً للبلاد، ورزمة مؤقتة من
القوانين الناظمة للعمل الوطني العام
وتشرف بشكل خاص على وضع قانون انتخاب
توافقي ومؤقت. رابعا:
تحديد جدول زمني قريب، لاجراء
انتخابات تشريعية ورئاسية “مبكرة”،
تؤسس لتداول سلمي للسلطة، وتحفظ قواعد
التعددية وحرية الرأي والتعبير
والتنظيم، من دون اقصاء لأحد، وتحت
اشراف عربي ودولي مناسب. لو
فعلها النظام، لكانت أنظار العالم
تتجه الآن الى ما تحتويه صناديق
الاقتراع في سوريا، ولأصبحت
الانتخابات استحقاقاً جوهرياً في
تاريخ سوريا المعاصر، وتتويجاً لطي
صفحة الأزمة والاحتراب وشلال الدم
الجاري في مختلف أرجاء البلاد...لكن
النظام الذي لم يقبل بخطوات أقل من
هذه، ما كان منتظراً منه، أن يقبل بما
ذهبنا اليه. يوم
آخر مضى من أيام الأزمة السورية
المفتوحة على شتى الاحتمالات، ولن
يكون له ما بعده، لأن لا شيء قبله يشي
بتغيير في عقلية النظام وسلوكه...وللأزمة
صلة. ================= نحو
غربلة سياسية لقوى المعارضة السورية
باسل
أبو حمدة 2012-05-07 القدس
العربي بينما
كانت القوى السورية المعارضة للنظام،
أفراداً وجماعات، متوجسةً ومتخوفةً من
إِعلان مواقفها علانيةً في الأشهر
الأولى من عمر الثورة السورية، جاءَت
الفترة التي أعقبتها، والمستمرة،
حافلة بالمبادرات والمؤتمرات
والائتلافات والتكتلات السياسية وشبه
السياسية، في مخاض عسير كان ينقصه، ولا
يزال، الانفتاح والحوار بين مجموعة
الشخصيات والقوى السياسية المكونة
لهذا الحراك السياسي، والتي راحت
تتبارز في تشكيل كيانات سياسية، أقل ما
يقال فيها، أَو عنها، إنها غير ناضجة،
أو خلقت ميتة، أو تفتقر لمقومات الوجود
السياسي ومسوغاته، وحتى شرعيته، لا بل
إِن كثيراً منها، إن لم نقل معظمها،
قام على أساس المبادرة الفردية، وربما
المصلحة الشخصية الضيقة أَيضاً. وجد
عدد من الشخصيات، المتلفحة بعباءَة
البراغماتية، لكي لا تتهم
بالانتهازية، في التطور الدراماتيكي
للأَحداث في سوريا، ومحيطها والعالم،
أَرضاً خصبةً لبذر مطامع باتت تشكل حجر
عثرة أَمام التوصل إِلى صيغةٍ واحدةٍ
وموحدةٍ للعمل السياسي المشترك، الذي
لا يختلف عاقلان على أَنه الرافعة
الوحيدة الكفيلة باستمرار هذه الثورة،
بما هي عليه من زخمٍ، حتى الوصول إِلى
غاياتها النهائية التي لا يشكل إِسقاط
النظام فيها سوى حلقة واحدة في سلسلة
المهام والواجبات المترتبة على عاتق
الثورة مجتمعة، وعلى عاتق كل قوة
وشخصيةٍ فيها. في هذا
المشهد الملبد بغيوم النزعات الفردية،
والمطامع الشخصيةِ المريضة والضارة،
شكلت ضرورات العمل السري، أَحياناً
الذريعة المفضلة والسهلة، للتماهي مع
حالة التفرد والاقصاء والتقليل من شأن
الآخرين، وازدرائهم، حتى لو كان ذلك
على حساب الثورة وأَهدافها، وتجاوزاً
لتضحيات السوريين المنخرطين في
الثورة، بشهدائهم وجرحاهم ومعتقليهم
ولاجئيهم والملاحقين منهم، وذلك، بعد
أَن تراجعت شعارات الثورة الأساسية،
المطالبة بالحرية والكرامة، إِلى
الخلف، مفسحة الطريق أَمام ظهور
تكتيكات وآليات عمل مجتزأة من سياقها
الوطني العام، لتوضع في بوتقة تكتلات
ضيقةٍ، لا ترى أَبعد من أَنف القائمين
عليها ومصالِحهم الفردية. خلف
هذا الجدار الانتهازي السميك، راحت
تتوارى القوى الحقيقية الفاعلة على
الأَرض، وصاحبة المصلحة الحقيقية
بالتغيير التي تعتبر وقود ثورةٍ كان
يصعب، حتى وقت قريب، تصديق إِمكانية
اندلاعها بهذا العنفوان، في ظل القبضة
الحديدة للنظام الفاشي الحاكم في
سوريا، بينما بدأَت تظهر كيانات
سياسية هزيلة، هنا وهناك، كان من شأنها
تمييع الخارطة السياسية للقوى الثورية
في سوريا، وخلط حابل ضرورات العملية
الثورية بنابل المصالح الضيقة، بحيث
بات المواطن السوري، أَو المراقب
للوضع السوري، في حاجةٍ إلى عدسة
مكبرة، حتى يتبين حقيقة ما يراه من
توالد مسعور لتلك الكيانات التي بات
ملحاً رفع شعار غربلتها وتقنينها في
مجرى العمل الوطني الأصيل، من خلال فتح
الباب على مصراعيه للحوار، في جو لا
وجود للغة الاقصاء فيه، وكان من الممكن
أَنْ تكون الخطوة الأولى، أَو
إِحداها، في هذا الاتجاه، هي الإِسراع
إِلى عقد مؤتمر وطني سوري شامل، يضم
الجميع من دون استثناء، أَو استعلاء،
ويرمي إِلى وضع استراتيجيةٍ ثوريةٍ،
ترقى بالعمل الوطني إِلى مستوى تطلعات
الناس وآمالهم المعقودة على هزيمة
النظام، وبناء سوريا الجديدة. راحت
هذه الدعوة إلى عقد مؤتمر من هذا النوع
تتراجع، على إيقاع الإعلانات
المتسارعة والمتعاقبة، في القاهرة
وغيرها من مدن وعواصم العالم، عن ظهور
مزيد من تلك التشكيلات الفطرية
العرجاء، التي لا تعيش إلا في الغرف
المعتمة في محاكاة لأَقبيةِ أَجهزة
المخابرات السورية التي تدعي تلك
التشكيلات أَنها تسعى لإسقاط النظام
الذي تحميه، بينما تتلون أطيافها
الفكرية والسياسية وفقاً لمعطيات
اللحظة الراهنة، فمن الممكن أَنْ
تتبدّل الأرضية الفكرية لهذه
التشكيلة، أَو تلك، بين عشية وضحاها،
طالما أَنَّ ذلك يؤمن لها، كما يعتقد
رموزُها، وصولاً سريعاً وسلساً، ليس
إِلى قلب الخارطة السياسية لأطراف
القوى المعرضة للنظام فحسب، وإِنما في
الخارطة السياسية لسوريا ما بعد رحيل
النظام الفاشي فيها. الطامة
الكبرى في هذا المشهد غير السياسي تكمن
في الاختراقات المحتملة الكبرى للحراك
الثوري السوري، وهي إختراقات بحاجةٍ
إِلى فتح ملف خاص بها. لكن، على ضوء
معطيات القوة المالية واللوجستية
والخبرة الطويلة، يشي الواقع بأَنَّ
أَجهزة المخابرات السورية والعربية
والعالمية ليست في منأى عن هذا المشهد،
وقد تكون نجحت، فعلاً، في إِحداث ذلك
الاختراق المزدوج الأَمني السياسي،
بهدف حرف ذلك الحراك عن مسارِه
الطبيعي، خصوصاً وأن قواه وشخصياته لا
تزال رهينةَ الداعمين والمانحين على
المستويات، المحلي والاقليمي والدولي.
وبالتالي، فإن حتى الدعوة إلى حوار أو
مؤتمر وطنيين تبقى قاصرةً، إن لم
تسبقها عملية تطهير حقيقيةٍ لجسم
الثورة من الأدران الانتهازية
والأورام السرطانية والكتل المشبوهة،
حتى لا يتسنّى لها أن تتربع على عرش
الثورة، تمهيداً لتربعها على رأس
السلطة في سوريا الجديدة. كل ذلك
يدعو إِلى فتح ملف غربلة تلك القوى
والأفراد، ليس في الفنادق ذات النجوم
الخمس خارج سوريا، وإِنما على أَرضها،
ومن خلال صيرورة المواجهة الحقيقية مع
آلة النظام القمعية. '
كاتب سوري ================= الياس
خوري 2012-05-07 القدس
العربي دخل
اضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام
اسبوعه الثالث، كما شهدت في حلب احد
فصول وحشية آلة القمع الاستبدادية،
حين اقُتحمت المدينة الجامعية فيها
بالرصاص، بينما تعيش القاهرة احدى
اكثر المواجهات عنفا مع الطغمة
العسكرية الحاكمة. الدم
يسيل في مراكز المشرق العربي الكبرى
الثلاثة، قمع ومقاومة وحركات شعبية
تعبر عن كرامة هدرها الاحتلال والقمع
والاستبداد طويلا. هل
هناك من علاقة بين هذه الاحداث
المتزامنة؟ ما
علاقة حلب بالسجون الاسرائيلية؟ وكيف
يمكن ربط احداث العباسية الدامية
باضراب الأسرى، او بانتفاضة طلاب
جامعة حلب؟ الجامع
المشترك بين هذه الأحداث واضح، انه
مقاومة الظلم والدفاع عن الكرامة،
واللافت ان موجة الثورات العربية تتخذ
في المركز السوري- المصري- الفلسطيني،
شكلها الأكثر عنفا ودموية. كأن كل ما
جرى منذ بداية الثورة التونسية،
يتمركز الآن هنا، ويتخذ مقتربه الحاسم. هنا
يتقرر اليوم مصير الثورات العربية
ومعها مصير المنطقة. هنا اي
في مصر وسورية وفلسطين، تجري صناعة
الحاضر العربي وينفتح افق المستقبل. واذا
كانت الثورتان السورية والمصرية
تعانيان من فراغ في القيادة السياسية،
ناجم عن عدم قدرة شباب الثورة عن بلورة
اطر سياسية جديدة وصلبة تقود التحرك
الجماهيري، فان انتفاضة الجوع التي
يصنعها اسرى فلسطين تعبر هي ايضا عن
غياب القيادة في ظل عجز طرفي السلطة
الفلسطينية: حماس وفتح عن بلورة افق
جديد للنضال الفلسطيني ضد الاحتلال. هذا
الفراغ القيادي الواضح يعبّر عن واقع
جديد لم تستطع النخب المعارضة بلورته
في برامج سياسية واضحة وفي اشكال
تنظيمية جديدة. انه اشارة الى ان ما
يجري هو بمثابة بداية جديدة لا سابق
لها، وكل بداية محكومة بالتعثر
والالتباس وبشيء من الضياع الفكري. هذا
الضياع قد يكون مصدر خطر كبير، لأن قوى
السلطة الاستبدادية والاحتلال تعرف
ماذا تريد بالضبط. العسكر في مصر يريد
المحافظة على بقاء امبراطوريته
السلطوية والاقتصادية خارج المساءلة،
والمافيا العسكرية- الاقتصادية في
سورية تريد البقاء في السلطة حتى ولو
كان الثمن تدمير البلاد على رؤوس
اهلها، والاحتلال يريد الاستمرار في
سياسة الاستيلاء على الأرض والتطهير
العرقي، وضم المناطق. غير ان
قوى السلطة لم تستطع ان تتخيل ارادة
المقاومة التي تبديها الشعوب، وهي
ارادة تجاوزت الخوف والموت، جاعلة من
الحاضر العربي نموذجا مدهشا لارادة
الشعوب التي كسرت كل القيود. رهان
السلطتين الاستبداديتين في سورية ومصر
على تعب الناس، كان خاسراً. فالناس بعد
كل التضحيات لم تعد تستطيع التراجع.
كما ان رهانات الاحتلال الاسرائيلي
على قرف الفلسطينيين من مركّب القمع
والفساد الذي يحكمهم في غزة والضفة لن
يوصلها الى مبتغاها، شباب فلسطين
ومناضلوها لن يتخلفوا عن ركب التغيير،
وانتفاضة الجوع التي اعلنها الأسرى هي
مجرد بداية. الترابط
بين هذه المواقع الثلاثة تحوّل الى
حقيقة، فالثورتان السورية والمصرية
تجدان نفسيهما في المواقع نفسها، حتى
وان اختلفت الأمور بينهما في شكل كبير.
الطاغية المصري رحل لكن نظامه لم يرحل
بعد، بينما يتماهى الطاغية السوري مع
نظامه فيصير رحيله اعلانا برحيل
النظام. اما ما يجري في فلسطين اليوم
فانه المؤشر على ان لحظة انتصار
المصريين والسوريين على طغاتهم سوف
تكون لحظة بداية جديدة للمقاومة
الفلسطينية بمختلف اشكالها. في مصر
وسورية وفلسطين سوف يتقرر مصير
المنطقة، التي تقف اليوم امام ثلاثة
احتمالات كبرى: الاحتمال
الأول، هو نجاح العسكر في مصر وسورية
في الاحتفاظ بالسلطة، وهو نجاح مهما
اتخذ من اشكال سوف يكون مؤقتا وناقصا.
لم تعلن الثورات انهيار النص القديم
الذي اعطى العسكريتاريا شرعية السلطة
فقط، بل اعلنت تمرد قطاعات شعبية كاملة
على السلطة، بحيث صار الحكم العسكري
مستحيلا، وليس سوى مقدمة لاستمرار
حالة الغليان والقتل الى ان يحين اجل
النظام. الاحتمال
الثاني، هو ان يتم استيعاب الثورة من
قبل النظام العربي المهيمن، وهذا ما
حاولته السعودية مع مصر، وتحاوله
امارات النفط في كل مكان. وهذا احتمال
مؤقت لأنه مستحيل، فرياح التغيير لن
تتوقف عند حدود الجمهوريات، وانتصار
الثورة في مصر وحدها كاف لاعادة
التوازن الى الاحجام الحقيقية. الاحتمال
الثالث، هو نجاح الثورة المصرية في
القبض على منصب الرئاسة، وهذا سيعني
بداية عهد ديموقراطي جديد لا بد وان
ينعكس ايجابا على سورية وفلسطين. لا
توجد وصفة سحرية للتغيير او لبناء
الديموقراطية او لتحرير الارادة
الوطنية. المشرق العربي يعيش اليوم
منعطفه الكبير والحاسم، وهو منعطف
مليء بالصراعات، ويقتضي البدء في
الانتقال من سياسة الهوية الى السياسة
الحقيقية، اي الى البرامج السياسية
والاقتصادية والاجتماعية التي تستشرف
المستقبل. وفي هذا لا عذر لأحد،
الميدان مفتوح امام جميع الاجتهادات،
والفراغ الكبير الذي خلّفته عهود
القمع الطويلة لا بد وان يجد من يملأه. وفلسطين
التي تبدو اليوم بعيدة عن مسارات هذه
العملية التاريخية الكبرى، قريبة اكثر
مما نرى ونعتقد. اسراها صاروا اليوم في
زنازين واحدة مع الوف المعتقلين
السوريين، وحلمها ببداية جديدة هو
الأقرب الى حلم المصريين بالحرية،
وقضيتها تتخذ اليوم شكلها التكويني،
انها قضية حرية العرب وتحررهم. ================= الانتخابات
السورية: تعددية في إطار الهيمنة الثلاثاء,
08 مايو 2012 حسين
عبد العزيز * الحياة ليست
الانتخابات التشريعية في سورية شأناً
عاماً كما هو الحال في الدول
الديموقراطية أو تلك السائرة في
الطريق الديموقراطي، فلم تستطع
العملية الانتخابية نقل القوة
الاجتماعية-الاقتصادية الكامنة في
الأفراد والجماعات إلى قوة سياسية
تعبر عن نفسها بأدوات ديموقراطية. لقد
كانت تلك الانتخابات -وما زالت- مجالاً
للحيز الخاص، أي للشأن الخاص، حيث ظلت
محصورة باهتمام المرشح والمقربين منه،
سواء كانوا من العائلة ذاتها أو من
الأصدقاء أو من المستفيدين في محيط
عمله، ولم تدخل في يوم من الأيام في
دائرة اهتمامات الجمهور الواسع. لم
يتحول مجلس الشعب على مدار العقود
الماضية إلى مؤسسة تشرع القوانين
وتسهر على مراقبة اداء الحكومة،
واقتصرت مهام المجلس على أداء دور
إداري وممارسة الرقابة، وأقصى سقف
يمكن البرلماني فعله هو جذب انتباه
الوزير إلى قضية هنا أو قضية هناك. إنه
مجلس أقرب إلى مجلس الشورى، حيث
قراراته غير ملزمة على المستويات
التشريعية والسياسية والاقتصادية. ومع
غياب الأحزاب الفاعلة وغياب التمثيل
السياسي الحقيقي أضحى مجلس الشعب
عبارة عن ساحة للتنافس على المكانة
والنفوذ ورعاية الاستزبان، بحيث أصبح
التملق والولاء مدخلين للوصول إليه،
ثم حدث تحول مهم في مسار المجلس خلال
العقدين الماضيين مع دخول رجال أعمال
حديثي النعمة معظمهم من صنيعة النظام،
والنتيجة أن المجلس لم يعد ساحة
للمكانة والنفوذ فحسب، بل أصبح سوقاً
للبازار السياسي تتم عبره الملاءمة
بين رأس المال الاقتصادي ورأس المال
السياسي. اليوم
تمر سورية في منعطف خطير، ويفترض بأي
خطوات سياسية أن تعكس المرحلة الحرجة
التي تمر بها البلاد، لا أن تأتي
الحلول على منوال السنوات السابقة
مجرد عمليات تجميلية لا تصيب الجوهر
بأي تغيير، ولا تغير قيد أنملة في
المشهد السياسي، بقدر ما تعيد إنتاج
الهيمنة السابقة بأشكال جديدة. تجري
انتخابات مجلس الشعب في بيئة سياسية
واجتماعية مأزومة وفي ظل انقسام خطير
في صفوف المجتمع السوري، ووسط استمرار
العنف ومقاطعة المعارضة للعملية
الانتخابية (هيئة التنسيق وتيار بناء
الدولة والمجلس الوطني وبعض القوى)، في
وقت استحوذت أحزاب الجبهة على المشهد
مع بعض الأحزاب الناشئة التي أنشأها
النظام بشكل أو بآخر، أو في أحسن
الأحوال أحزاب شُكلت لتكمل تزيين
المشهد الانتخابي ليس إلا، فهي لا تملك
أي وزن على الأرض وتفتقد لرؤية سياسية-اقتصادية
واضحة المعالم. لقد
طرحت هذه الأحزاب شعارات فضفاضة لا
تلامس ماهية الأزمة السياسية في
سورية، أو بالأحرى لا تجرؤ على
تناولها، حيث ركزت برامجها على سيادة
الشعب، ومبدأ تكافؤ الفرص، ومكافحة
الفساد، وتحقيق الأمن الغذائي،
واختيار المواطن المناسب في المكان
المناسب... إلخ. والمفارقة
أن حزب البعث أدار ظهره لهذه الأحزاب،
حيث جاءت تحالفاته (قائمة الوحدة
الوطنية) استمراراً للتحالفات السابقة.
إنها قائمة الجبهة الوطنية التي تنجح
دائماً، الأمر الذي دفع بعدد من هذه
الأحزاب إلى الانسحاب من الانتخابات،
حيث كان يوجد توجه من المستوى السياسي
بحسب شخصيات من داخل هذه الأحزاب، أن
يقوم البعث بالتحالف معها من أجل ضمان
وصولها إلى قبة البرلمان وإحداث واقع
حزبي جديد وإن كان شكلياً في مجلس
الشعب، لكن البعث فضل تحالفاته
التقليدية، وهذا يعني أن الدورة
الجديدة للمجلس ستكون امتداداً
للدورات السابقة... إعادة إنتاج
الزبائنية. إن هذه
الانتخابات تؤكد أن النظام لم يدرك بعد
مرور سنة ونيف من الاحتجاجات حقيقة
الأزمة في سورية، إنه يحاول فقط تخفيف
الضغط السياسي عبر إدخال شركاء جدد
موثوقين ومطالبهم محدودة، وليس إجراء
تحول يؤدي إلى خلق تعددية سياسية
حقيقية قادرة على تحقيق مجتمع سياسي
فاعل يشارك فيه الجميع باختلاف
انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية
والطائفية. *
كاتب وإعلامي سوري ================ حسين
شبكشي الشرق
الاوسط 8-5-2012 اللقش
الحلبي هو الوصف الشعبي الدارج جدا
لشرح اللهجة الحلبية المميزة عن غيرها
للغريب. ويبدو أن هذا الأمر، أي «اللقش»،
ينطبق في حلب على مسائل أخرى غير
الكلام واللهجة. فمن المعروف لكل
متابعي أحداث الثورة السورية العظيمة
أنه كانت هناك حالة من الاستغراب
والتعجب بل وحتى الذهول من الموقف «الممانع»
و«الصامت» لحلب وأهلها في الانخراط
بالكامل مع الثورة وأحداثها، وأنهم
كانوا «منتفعين» ويخشون على مصالحهم
وسيتحملون ظلم النظام إلى أقصى درجة بل
وتأييده علنا في سبيل إبقاء الوضع كما
هو عليه دون تغيير، وتحمّل أهل حلب
موجات من التشكيك وسوء الظن بحقهم من
الآخرين في سوريا، وأدرك النظام أهمية
«حلب» - قلب الاقتصاد السوري ورمانة
الرأسمالية القديمة فيه، وحرص على
توفير كل وسائل الأمان وتسهيل شؤون
الحياة لمجتمع الأعمال، شملت تيسيرات
في كل الأذون والتصاريح المطلوبة من
الدوائر الحكومية لتنفيذ المشاريع
والمصانع بشتى أشكالها حتى ولو كان
المطلوب مخالفا للأنظمة. في الكثير من
الأحيان كان النظام ببساطة يساهم في «رشوة»
أهل حلب وشراء ولائهم وسكوتهم عن تأييد
الثورة التي عمت البلاد بشكل هائل
وملحوظ. ولكن
أهل حلب جزء أصيل من الشعب السوري،
ومهما طال موعد انضمامها فهم قادمون،
وهذا تحديدا ما حدث في الأيام الأخيرة
من الثورة السورية، التي وصلت بشكل
مؤكد إلى حلب بعد أن ظلت لفترة غير
بسيطة في ريفها وفي محيط مدينتها
الجامعية التي تضم طلبة من مختلف أنحاء
القطر السوري كله، إضافة لبعض
المظاهرات في شوارع محدودة داخل
المدينة. أما الآن فالانشقاقات
العسكرية تحصل داخل المؤسسة العسكرية
بحلب؛ التجار والصناع انضموا للثورة،
وأثرياء وزراع وفلاحون ومتوسطو الدخل
بالمدينة انقلبوا على النظام، ولم يعد
يجدي هجوم النظام المقنن على أحياء حلب
المختلفة بأرتال الجند من الشبيحة
الذين يبلغ عددهم الثلاثمائة أحيانا
في كل هجمة وهم مدججون بالسلاح
والعتاد، بل تستمر المظاهرات ليلا
ونهارا، ترفع فيها أعلام الاستقلال
ولوحات تطالب برحيل بشار الأسد وسقوط
نظامه بشكل واضح وصريح لا يقبل التأويل. حتى
المساجد والجوامع التي وظفت لصالح
النظام عن طريق مفتي الجمهورية القادم
هو نفسه من قلب حلب، خرجت عن طوع النظام
وانضم الكثير منها للثورة، ولذلك يأتي
رد فعل النظام بشكل هستيري، فحلب هي
آخر وأهم معاقل النظام عموما، وبشار
الأسد تحديدا له هو شخصيا «عمق» في هذه
المدينة، فوالد زوجته من مدينة حلب،
واستثمر علاقات مع رجال أعمال مختلفين
في حلب عبر سنين حكمه، وكان يقضي وقتا
بالمدينة على عكس والده الذي قاطعها
تماما، ولكن حلب وأهلها انتفضوا
تماما، وحتى أقلياتها من أكراد،
وتحديدا مسيحيوها من أهل حي العزيزية
العريق لم يعودوا قادرين على تأييد
الطاغية ونظامه كما كانوا يفعلون في
أول الأمر، والجالية الأرمنية ذات
الثقل المميز والاقتصادي القديم
تتهامس في مجالسها الخاصة بأن عليها
الاستعداد والقبول العملي لمرحلة ما
بعد نظام بشار الأسد وسقوطه لأن ذلك
بات حقيقة يجب أن يتعاملوا معها بجدية..
كل ذلك يحصل وسط رد هزلي من بشار الأسد
ونظامه بأن أطلق انتخابات برلمانية
لمجلس شعب جديد ليكون بديلا عن المجلس
الهزلي الذي تحول إلى أداة لتسليط
مفهوم التوريث وجاء ببشار الابن وريثا
لحافظ الأب في مشهد كوميدي ساخر بات
مضربا للأمثال وملهما للنكات، والمشهد
الكاريكاتيري متواصل بين إعلام رسمي «قابضها
جد» يحاول إقناع الناس في سوريا
والعالم أن هذه الانتخابات جدية وأن
مجلس الشعب القادم سيكون له قيمة. يحدث
كل ذلك وسط أكوام الجثث المتساقطة
يوميا في كل المدن السورية وحطام
الركام لأحياء تحولت إلى مدن أشباح
بامتياز.. إنها نفحات الموت التي يواصل
بثها حزب البعث وزبانيته حتى تزهق
الروح منها وقد أزف هذا الموعد لأنه لم
يعد في سوريا موضع لم ينتفض ضد الرئيس
ونظامه، وهذا الإجماع لن يظهر في نتائج
الانتخابات المطبوخة! ================ الانتخابات
السورية في المرآة البانورامية عيسى
الشعيبي الغد
الاردنية 8-5-2012 يتزاحم
على مدار هذا الأسبوع عدد وافر من
الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية
والرئاسية في غير بلد واحد. ففي غضون
هذه الأيام، والأيام القليلة المقبلة،
جرت بالفعل، وستجرى انتخابات رئاسية
حاسمة في فرنسا، وأخرى تكميلية في
إيران، وبلدية في لبنان، فضلاً عن
انتخابات برلمانية في اليونان وصربيا
وأرمينيا، إلى جانب انتخابات رئاسية
في مصر وعامة في الجزائر، وفوق ذلك تم
تدشين حملة الانتخابات الرئاسية في
الولايات المتحدة، حيث أكثر
الانتخابات أهمية في العالم على
الإطلاق. ومع صدور هذا المقال، تكون
"معركة" الانتخابات العامة
السورية قد وضعت أوزارها، وصدرت
نتائجها المقررة سلفاً، بما في ذلك
نسبة المشاركين وأسماء الفائزين، بل
وعدد الأوراق الباطلة. فلماذا والحالة
هذه الاستعجال إذن في التعليق على مثل
هذه الواقعة الانتخابية البائسة،
وتقديم الاهتمام بها على غيرها من
الوقائع الأكثر أهمية؟ لعل
الإجابة الشافية تكمن في حقيقة أن
الصورة الرسمية السورية، المراد إعادة
تكوينها على نحو يتساوق مع روح العصر
ومُثله الديمقراطية، سوف تترسخ بكل
تشوهاتها القديمة أكثر فأكثر، وتزداد
ملامحها تشظياً عما هي عليه راهناً،
الأمر الذي من شأنه أن يعمق أزمة
النظام مع نفسه، على نحو أشد مما هي
عليه أزمته مع شعبه، الذي يعي جيداً أن
هذه المسرحية المبكية المضحكة لا تقدم
ولا تؤخر بمجرى التطورات العاصفة، ولا
مكان لها على سلم الاهتمامات المحلية
في هذه الآونة. لذلك،
لم يكن من المستغرب أن ينشر بعض
المواقع الإلكترونية السورية
المعارضة أسماء الفائزين في هذه
الانتخابات قبل أن تجرى بعدة أيام، وأن
يتندر على هذه العملية المخطط لها في
دوائر الأمن جمهرة واسعة من الناخبين
المحتملين، الذين استبدلوا صور
المرشحين في عديد من المدن والبلدات
المنكوبة بصور الشهداء، وأن يتناقل
المدعوون إلى الصناديق نوادر ومُلحاً
وطرائف تثير الابتسام، حتى لا نقول
إنها تدعو إلى السخرية والاستهزاء. من هنا
فقد استحقت هذه الانتخابات التي جرى
الإعداد لها وسط دوي مدافع الدبابات
وأزيز الرصاص ومواكب الشهداء، لقب
أغرب انتخابات في هذا الزمان، وأشدها
مدعاة للعجب العجاب، وأكثرها دلالة
على انقطاع أركانها عن الواقع المعاش،
ووصفها من جانب الناس المخاطبين بها،
تارة أنها مهزلة، وطوراً أنها مسرحية
ركيكة النص، ساذجة الإخراج. وقد
تكون أكثر معطيات هذه الانتخابات التي
احتدمت على شاشة التلفزيون على نحو أشد
مما جرت في الشارع، وأعمق مفارقاتها
دلالة على خواء المدخلات والمخرجات
معاً، أن بعض المتنافسين فيها لا
يستطيعون العودة إلى قواعدهم
الانتخابية الثائرة، أو حتى التواصل
مع أقربائهم في المدن والقرى الرافضة
لشبيحة الإعلام من هؤلاء، الأمر الذي
لم يجد معه النظام البوليسي بداً من ضم
المنبوذين فرادى إلى القوائم الفائزة
سلفاً في العاصمة وبعض الأنحاء. خلاصة
القول أن هذه الانتخابات التي أراد
النظام الاستبدادي من ورائها إعادة
إنتاج نفسه من جديد، والادعاء أنه
استجاب لمطالب الإصلاح، سوف تزيد من
غربة النظام عن زمانه، وتعمق أزمته مع
نفسه ومع شعبه، وتعيد تظهير صورته
المهشمة في المرآة الانتخابية
البانورامية على نحو أكثر بشاعة، في
مشهد لا يقبل المقارنة من قريب أو بعيد
مع أي من المشاهد الانتخابية القائمة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |