ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
عكاظ 11-5-2012 ما زال
النظام السوري يراوغ ويماطل المجتمع
الدولي غير عابئ بأية عواقب محتملة،
كان الحديث عن تدويل الأزمة السورية
مثار قلق لنظام دمشق، ولكنه الآن لا
يشكل هاجسا لأحد هناك على ما يبدو. في
الزيارة الأولى للمبعوث الدولي
والعربي كوفي عنان لدمشق، كانت خطته
تقضي بوقف كافة أعمال العنف تحت إشراف
الأمم المتحدة، وقيام السلطات السورية
بسحب القوات من المدن، بالإضافة إلى
السماح بنقل المساعدات الإنسانية إلى
المناطق المنكوبة والإفراج عن جميع
الذين تم اعتقالهم بصورة غير شرعية. وقبل
تلك الزيارة رحبت آليات القتل السورية
بعنان على طريقتها الخاصة، بإراقة
المزيد من الدماء في رسالة واضحة
للمجتمع الدولي، بأن القتل لن يتوقف
والنظام السوري ماض في تحقيق أجندته
ولو كلفها ذلك إراقة دم آخر سوري من غير
أتباع النظام ومؤيديه. وبالرغم
إشارة عنان إلى أن النظام في دمشق
سيحترم خطته وسيوقف القتل وسيحترم وقف
إطلاق النار، إلا أن رصاصة واحدة لم
تستكن في بندقية جيش النظام من يومها
وحتى الآن. ما
الذي يحدث في سوريا؟، وما الذي يمكن أن
تحققه للسوريين زيارة ثانية لكوفي
عنان أو غيره؟، هل ما تزال الخيارات
الدبلوماسية قائمة؟. وما
الذي يمكن أن تحمله زيارة المبعوث
الأممي لدمشق من جديد غير استمرار
النظام السوري في التصعيد وفي القتل
وهدم البيوت على رؤوس أصحابها، وغير
المزيد من التجاهل والاستخفاف
والمماطلة والمراوغة للمراقبين
الدوليين، ورفع وتيرة إراقة الدماء
قبل وصولهم إلى دمشق وأثناء تجولهم في
حمص وحماة وإدلب وبابا عمرو وريف دمشق
وغيرها من المدن السورية؟. هي
مهمة اللا مهمة إذن، ولا جدوى من زيارة
دبلوماسية تمارس اللباقة واللياقة من
طرف واحد، يعلم هذا الطرف جيدا أن نظام
دمشق يراوغه ويماطله ليكسب المزيد من
الوقت لتنفيذ مشروعه في إذلال وإهانة
كرامة السوريين وإزهاق أرواح الشرفاء
الباحثين عن الحرية، والأهم إشعار
المجتمع الدولي بأن النظام السوري غير
قابل للردع راقبوا أو لا تراقبوا،
عاقبوا تحت البند السابع أو لا
تعاقبوا، نظام دمشق يستخف بالعالم
تدعمه قوى إقليمية وتشجعه على
الاستمرار في طيش سياسي لا يقود عادة
إلا إلى حتف رموزه، ولا بد من أن يغير
المجتمع الدولي آلية تفكيره تجاه
دمشق، ولا بد أن يرتفع مستوى التدخل
لما هو أبعد وأكبر من المراقبين
الدوليين وكوفي عنان، طالما أن خطته لم
توقف إراقة قطرة دم واحدة حتى الآن،
وأريق على أوراقها الكثير من الدم
السوري. =============== الراية
القطرية التاريخ:
11 مايو 2012 التفجيران
الإرهابيان اللذان وقعا في دمشق
وأوقعا عشرات القتلى والجرحى يكشفان
عن حجم المأزق الذي باتت تعيشه سوريا
بسبب تواصل العنف واستمرار انتهاك وقف
إطلاق النار وعدم احترام تطبيق مبادرة
كوفي عنان التي وفرت مخرجا حقيقيا
للأزمة في سوريا. لا أحد
يمكن أن يؤيد القتل والعنف الذي يضرب
المدنيين في المدن والبلدات السورية
التي يتواصل فيها نزيف الدم بسبب إصرار
النظام على الخيار العسكري في مواجهة
الثورة السورية المطالبة بالحرية
والديمقراطية والتغيير. لقد
أدانت دولة قطر التفجيرين اللذين وقعا
في العاصمة السورية دمشق وأوقعا عشرات
القتلى والجرحى ودعت على لسان مصدر
مسؤول بوزارة الخارجية جميع الأطراف
في سوريا إلى الالتزام بتنفيذ قرار
مجلس الأمن الدولي رقم 2042 من أجل وقف
نزيف الدم في سوريا مجددة الموقف
الرافض للإرهاب بكل أشكاله وصوره. إن
الأعمال الإرهابية التي شهدتها دمشق
تستهدف كما هو واضح إفشال جهود المجتمع
الدولي الساعية لوقف العنف والقتل في
المدن والبلدات السورية وتستهدف أيضا
إفشال مبادرة المبعوث الدولي ومبعوث
الجامعة العربية خاصة أن تفجيري دمشق
يأتيان بعد يوم واحد من التفجير الذي
استهدف قافلة للمراقبين الدوليين
بالقرب من مدينة درعا. توجيه
الاتهامات حول الجهة أو الجهات
المتورطة في تدبير وتنفيذ التفجيرين
الإرهابيين لا يكفي لوضع حد لمثل هذه
الأعمال الإرهابية وهي ليست الأولى من
نوعها وتتكرر كلما ظهرت بارقة أمل في
إمكانية وقف نزيف الدم السوري
المتواصل كما أن ضخامة الانفجارين
وكمية المتفجرات المستخدمة فيهما
يلقيان بظلال من الشك حول الجهة أو
الجهات التي لها مصلحة في مثل هذه
المأساة والجريمة التي لا يقبلها عقل
أو يرضاها ضمير إنساني. إن
الأولوية في سوريا يجب أن تكون لوقف
القتل والعنف مهما كان مصدره وطريقته،
وتفجيرا دمشق الإرهابيان يجب أن يدفعا
بمجلس الأمن الدولي إلى السعي لتشكيل
فريق من الخبراء الدوليين للتحقيق في
ملابسات وحقيقة التفجيرين والكشف عن
مدبريهما والمتورطين فيهما وطبيعة
المتفجرات المستخدمة لأن ذلك من شأنه
أن يساهم في جهود حماية المدنيين
السوريين التي هي إحدى المهام
الأساسية في مهمة المراقبين الدوليين. إن
تطبيق القرار 2042 الذي ينص على التنفيذ
العاجل والشامل والفوري لمبادرة كوفي
عنان بهدف الإنهاء الفوري لكل أعمال
العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وتأمين
وصول المساعدات الإنسانية وتيسير
عملية انتقال سياسي بقيادة سورية تفضي
إلى إقامة نظام سياسي تعددي ديمقراطي
هو الضمانة الحقيقية والمتاحة الآن
لإنقاذ سوريا والشعب السوري من حمام
الدم المتواصل منذ أكثر من عام. =============== الياس
الديري 2012-05-11 النهار تيري
رود – لارسن ليس غريباً عن المنطقة
العربية، وشؤونها كما شجونها. ولا
يستغرب بعض كبار المسؤولين في المنطقة
أن يصدر عن هذا الخبير في الخفايا قبل
الظاهر من الأحداث كلام كالذي أدلى به
قبل ساعات من الانفجارين المدمِّرين
قرب دمشق. بل
توقّف كثيرون عند قول لارسن إن لديه من
المعلومات والتحاليل ما يجعله يعتقد
ان الشرق الأوسط سيتحوّل "مسرحاً
لرقصة الموت"، إن لم يكن مجلس الأمن
مستعداً للتحرّك بسرعة قصوى في اتجاه
التطورات السوريّة. أما
الهاجس الكبير الذي يقلقه فيستند الى
عمليات تدفّق الأسلحة.. وفي غياب شبه
تام لأية رقابة، عَبْر الحدود السورية
والدول المحيطة بها. وكخطوة
أولى حثّ لارسن جميع الدول المعنية على
تكثيف الرقابة، وطالب الشرعيّة
الدولية بتغيير أسلوبها في التعامل مع
ما سمّاه "الجحيم السوري" الذي قد
لا تبقى نيرانه محصورة ضمن الحدود
السوريّة، وخصوصاً بالنسبة الى لبنان
الذي لا تحتاج تناقضاته البالغة
الحساسية الى أية اضاءات أو ايضاحات. إذاً،
ليست سوريا وحدها في الدقّ. وليس لبنان
وحده المهدد بانتقال "العدوى" الى
أراضيه. بل المنطقة والدول المحيطة
بسوريا، كما الدول الحليفة والمؤيّدة
وان تكن بعيدة جغرافياً عن حدود النار،
والانفجارات، والمواجهات. ف"رقصة
الموت" إذا بدأت على المسرح السوري،
فلا تستطيع المنطقة أن تسدّ أذنيها
وتضع نظارتين غامقتي السواد على
عينيها. "لم رأينا لم سمعنا لم حكينا"،
وليس في هذه الرقصة ما يعنينا أو
يخصّنا. وفي
رؤية تيري رود – لارسن، أن الوضع
المتأجج والمزنّر بالسلاح والحرائق
والقتلى والمواجهات قد أفسح في المجال
للسيارات المفخخة والتفجيرات التي
تحصد العشرات من الضحايا وتدمّر
العشرات من المنازل والمتاجر
والمؤسسات. باختصار،
لم يعد الوضع يحتمل التأجيل. إنما
ماذا يقترح لارسن أو سواه على مجلس
الأمن من اجراءات وتدابير، حين يعلن
كوفي أنان أن مبادرته اقتربت من الفشل،
فيما "مسرح رقصة الموت" يقترب من
الحرب الأهليّة؟ الى أن
تتوافر عناصر اجراءات دولية، جديدة
وجدية، يترتّب على الحكومة
اللبنانيّة، شبه المشلولة وشبه
المعطلة وشبه الغائبة عن الوعي،
المسارعة الى تحصين البيت اللبناني
انطلاقاً من الحدود المتداخلة في أكثر
من موقع ومنطقة. والفالتة عملانياً
وسياسياً وواقعياً من أية رقابة في
أكثر من منطقة ومحافظة. وقبل
أن يبدأ قرع طبول رقصة الموت. =============== أضحوكة
لا تُضحك أهلها: 'مجلس شعب' النظام
السوري صبحي
حديدي 2012-05-10 القدس
العربي لأن
النظام السوري لم يعد يخجل من اتخاذ أي
إجراء، زائف أو مضحك أو فاضح وفضاح،
ربما لأن طراز الاستبداد الوحشي الذي
يواصل اعتماده ضد الشعب السوري لم يعد
قابلاً لإنتاج أي صنف من الحياء؛ فإن
ما أسمته السلطة 'انتخابات مجلس الشعب'
كان أحدث جولات استغفال الذات ذات
النظام، وذوات حفنة من رجالاته، وليس
غالبيتهم العظمى والحقّ يُقال ولكنه
كان بين أشدّ تلك الجولات إثارة لضحك
المواطنين، علانية أو في العبّ، بدل
الضحك على لحاهم، كما استهدف بشار
الأسد والعباقرة من مستشاريه. كان
طريفاً، في المقابل، أن تكشف قوائم بعض
المحافظات مقدار تفكك خطط النظام
وتخطيطاته الأمنية، ليس بصدد الحراك
الشعبي والنشطاء والمتظاهرين
والمعارضين، بل في القدرة على حشد
الموالين والانتهازيين والمطبلين ضمن
نسق، أو أنساق، متجانسة في صفة الخداع
والدجل. شذّ بعض هؤلاء عن الترتيبات
المسبقة التي أعدّتها الأجهزة لبعض
القوائم، أو اتخذت قوائم أخرى مسارات 'انشقاقية'،
إذا جاز هذا الوصف هنا، أثارت البلبلة
أو الحيرة أو التيه لدى الخاسرين:
إخفاقات مرشحي قدري جميل (ولكن ليس
الرجل نفسه!)، واختراقات مرشحي رجل
الأعمال وشريك النظام محمد حمشو،
وحصيلة مرشحي 'الأحزاب' الجديدة التي
رأت النور بموجب ما يُسمّى 'قانون
الأحزاب'، هي أمثلة معبّرة في هذا
المضمار. وحين
ألقى الأسد خطابه الأوّل، أواخر آذار (مارس)
2011، أي بعد أيام قليلة أعقبت انطلاقة
الانتفاضة، توفّرت شرائح شعبية سورية،
وكذلك لدى قطاعات واسعة في الرأي العام
العربي والدولي، علّقت
الآمال على ما سيقوله؛ قبل أن يخيّب
الأسد الآمال، واحدة تلو الأخرى،
تباعاً، دون خجل أو حدّ أدنى في
اللباقة، بكثير من الاستغفال،
والتضليل، والضلال. لا مفردة، واحدة،
أوحت أنّ الأسد استمع إلى رسالة الشعب،
أو ينوي الاستماع إليها في أجل قريب؛
ولا كلمة عزاء، واحدة، لأهالي الشهداء
الذين سقطوا، وكانوا يسقطون حتى أثناء
إلقاء الخطاب. والذين كانوا قد تفاءلوا
بعهده، منذ أن تمّ توريثه في حزيران (يونيو)
2000، بعد ساعات من وفاة أبيه، وراهنوا
على شبابه وانفتاحه ومزاجه المعلوماتي
وسنوات إقامته في بريطانيا... خاب فألهم
أكثر ممّا خاب طيلة 11 سنة من عهده. ولم
يكن محزناً أن لا يمحض المرء المراهنين
أولئك فضيلة اكتشاف لا يبدو متأخراً،
فحسب؛ بل كانت الحال تلك تقتضي أن يشرع
أهل الرهان في تقديم نقد ذاتي شجاع،
وانخراط في معسكر التفاؤل الآخر،
الصحيح والمشروع والتاريخي: صفّ
الشعب، حيث كانت الانتفاضة تتعاظم،
وطرائقها النضالية ترتقي، وقاعدتها
الجماهيرية تتسع وتتنوّع. ذلك لأنّ
خطاب الأسد، أمام ما يسمّيه النظام 'مجلس
الشعب'، الذي يستعد جهابذته 'المنتخبون'
مجدداً لشغل منابره الببغائية، كان
أبعد أثراً من حكاية الآمال الخائبة
والتفاؤل المنكسر، فانطوى على سلسلة
أضاليل سيقت عن عمد وتصميم، وعن
استخفاف بجراح الشعب وأحزانه. ولعلّ
التضليل الأوّل كان إصرار الأسد على
مخادعة نفسه بنفسه، والالتفاف على
تصريحات كان قد أدلى بها قبل أسابيع
قليلة لصحيفة 'وول ستريت جورنال'، حول
أولويات الإصلاح، وجداوله الزمنية
التي قد لا يقطف ثمارها إلا أبناء جيل
لاحق؛ فضلاً، بالطبع، عن حصانة نظامه
ضدّ ايّ تحرّك شعبي، هو 'المقاوِم' و'الممانِع'. فهو،
في ذلك الحوار كما في خطابه الأوّل بعد
انطلاقة الانتفاضة، اعتبر أنك إذا لم
تكن قد بدأتَ بالإصلاحات منذ زمن سابق
على انتفاضات العرب، فإنك قد تأخرتَ
الآن، وستبدو إصلاحاتك بمثابة خضوع
للضغط الشعبي؛ والدولة التي تخضع
لضغوط الداخل، يمكن أن تخضع أيضاً
لضغوط الخارج. الأسد اعترف في خطابه
أنّ الدولة قد تأخرت، ولكن الشعب يقول
اليوم إنها لم تتأخر عن عام 2005، حين
أوصى المؤتمر القطري العاشر لحزب
البعث الحاكم، بسلسلة إجراءات، فحسب؛
بل تأخرت عن سنة 2000، حين تولى الوريث
السلطة من أبيه؛ وعن 41 سنة من حكم 'الحركة
التصحيحية'، بالنظر إلى أنّ حكم الابن
ليس سوى مواصلة لحكم الأب. ثمّ ما الذي
يعيب نظام حكم، لا يكفّ عن ادعاء
الانفتاح على الشعب والتمتع بحبّ
الجماهير، إذا خضع لضغط شعبي يدور حول
حاجات ومطالب وحقوق مشروعة شتى؟ بيد
أنّ الزمن لن يطول حتى 'يخضع' الأسد
بالفعل، ولكن على طريقته في اعتماد 'خضوع'
فارغ من المحتوى، مراوغ، مناور، متأخر
وقليل وزائف... على غرار رفع قوانين
الطوارىء، وسنّ قوانين الأحزاب
والإعلام، والتصويت على 'دستور' جديد،
و'انتخابات' جديدة ل'مجلس الشعب'... المستوى
الآخر من التضليل كان تغنّي الأسد
بعلاقة النظام مع الشعب: 'في الوضع
الداخلي بُنيت سياستنا على التطوير
وعلى الانفتاح، على التواصل المباشر
بيني وبين الشعب والمواطنين، وبغض
النظر عما إذا كان هناك من سلبيات
وإيجابيات'، قال الأسد. ولكن، أيّ
انفتاح ذاك الذي لم يقبل 'الضغط' من
شارع شعبي عريض، غرضه إصلاح البلد؛
فقارنه بضغوط خارجية، ومؤامرات تستهدف
تركيع البلد؟ وكيف يصحّ الحديث عن
انفتاح على الشعب، إذا كان الأسد اعترف
بنفسه أنه 'ينقصنا دائماً التواصل'، و'الدولة
طرحت وعوداً بالإصلاح ولم تنفّذها'، و'لدينا
دائما مشكلة في التواصل'؟ ثمّ كيف
توجّب أن يفهم الشارع السوري، والعالم
قاطبة في الواقع، تأخّر الأسد في
الحديث إلى الشعب، وإنابة أمثال فاروق
الشرع وبثينة شعبان ورستم غزالي...
للنطق بالنيابة عنه؟ وهل هذا عذر، أم
ذنب أقبح، أن يقول: 'هذه الكلمة ينتظرها
الشعب السوري منذ الأسبوع الماضي،
وأنا تأخرت بإلقائها بشكل مقصود ريثما
تكتمل الصورة في ذهني'؟ وأيّ خلاصات
عجاف تلك التي اكتملت، في نهاية المطاف! ليست
أقلّ تضليلاً، حتى إذا بدت الأشدّ
افتضاحاً في الأذهان، وعلى امتداد
أربعة عقود، تلك الأكذوبة التي تزعم
محاسبة المسؤولين: 'من الضروري أن نبحث
عن الأسباب والمسببين، ونحقق ونحاسب'؛
يزعم الأسد، فلا يبصر المرء طفلاً
سورياً، فكيف بنساء ورجال وشيوخ هذا
البلد العظيم المنتفض، ينتظر من
الزاعم أن يحاسب أهل بيته، أوّلاً... أو
حتى أخيراً! متى حاسب الأسد، أو
سيحاسب، العميد عاطف نجيب، ابن خالته،
رئيس فرع الأمن السياسي في محافظة درعا
ساعة انطلاقة الانتفاضة هناك، وصاحب
الأمر باستخدام الذخيرة الحيّة ضدّ
المتظاهرين، وقبله الأمر باعتقال 16
طفلاً والإبقاء عليهم قيد الاحتجاز
طيلة شهر ونيف؟ ولو لم يكن هذا العميد
على صلة قرابة مباشرة برأس النظام، هل
كان سيتجاسر على فتح النار دون الرجوع
إلى آمريه وداعميه وسادته؟ أم يصحّ،
أيضاً، الافتراض بأنه لم يتجاسر على
اتخاذ قرار خطير كهذا، وأنّ الإذن ب'وأد
الفتنة' جاء من الأعلى بالفعل؟ ورغم
ما قيل مراراً، وما أشاعته الأجهزة
وأبواق النظام، من أنّ نجيب (ومحافظ
درعا آنذاك، فيصل كلثوم، وآخرين)
أحيلوا إلى القضاء، وسوف تتمّ
محاكمتهم؛ فإنّ محاسبات مثل هذه
ممتنعة وجوباً في ناظر رأس النظام،
لأنها لا تفقد ضباطه المخلصين حسّ
الحصانة القصوى فحسب، وهذا ما يحتاجون
على امتلاكه دائماً؛ بل تُضعف في
نفوسهم حسّ المبادرة إلى البطش دون
احتساب العوائق، والقمع بلا رادع أو
رقيب أو حسيب. وليست عشرات الأسماء
التي فازت بثقة النظام وعادت إلى منابر
الببغاءات في 'مجلس الشعب'، وكانت
مباذلها في الفساد والإفساد والنهب
والتشبيح قد تكشفت وافتُضحت طيلة أشهر
الانتفاضة، إلا المعيار المقارن
الأحدث على أنّ النظام لم يتعلّم أيّ
درس، ولا يريد أصلاً أن يتعلّم، وليس
في وسعه أن يتعلّم! وإلى جانب هذا الصفّ/
النصير العضوي للنظام، ثمة ما تبقى من
كاريكاتورات 'الجبهة الوطنية التقدمية'
من المخضرمين المحترفين، وكذلك محدثي
النعمة من الساسة الموالين الذين
فرّخهم 'قانون الأحزاب'، فأتوا مسوخاً
على شاكلته تماماً! لهذا
فإنّ راهن النظام يقترن سريعاً بماضيه
القريب، في خطاب الأسد الأوّل إياه،
حين ألمح على نحو عارض، لم تكن نيّة
التعمّد خافية عنه إلى أنّ الذين
يعارضون الإصلاح والمحاسبة هم 'أصحاب
المصالح والفساد وأنتم تعرفونهم. قلّة
كانت موجودة ولم تعد موجودة الآن. قلّة
محدودة جداً تعرفونها بالاسم'. والحال
أنّ السوريين كانوا يعرفونهم بالاسم،
حقاً، ولكن ما كان السوريون يعرفونه
أيضاً، وتقصّد الأسد التعمية عليه، هو
أنّ هؤلاء ليسوا 'قلّة محدودة جداً'،
وهم موجودون على رأس مناصبهم ومواقعهم
ومشاريعهم واستثماراتهم؛ ابتداء من
تمساح المال والأشغال رامي مخلوف، ابن
خال الرئاسة الذي هتفت جماهير درعا
ضدّه؛ وليس انتهاء بشريكه طريف
الأخرس، ابن عمّ والد أسماء الأخرس،
زوجة الأسد، وثاني أكبر مصدّر على نطاق
سورية. أمّا
التضليل/ النكتة، أو العكس أيضاً، فهو
سيكتمل حين يصدر الأسد مرسوم دعوة
المجلس الجديد العتيد إلى الاجتماع،
حيث سيلقي كلمة لن تختلف البتة من حيث
استئناف لعبة عتيقة مكرورة مكشوفة،
تستهدف ذرّ الرماد في عيون مواطنين
ملّوا التهريج الركيك السمج، على هذا
المنبر بالذات. منبر سيكون غداً مثلما
كان بالأمس، وعلى امتداد 40 سنة من
تنصيبه مجلس دمى متحرّكة بائسة، لم تعد
تُضحك طفلاً، ولا تشبه أشدّ
الكرنفالات ابتذالاً وسماجة. وهو، رغم
تغيّر بعض أعضائه اسماً، وليس وظيفة أو
صوتاً، المجلس ذاته الذي أسبغ 'الشرعية'
على توريث بشار الأسد سنة 2000، وعدّل
الدستور على النحو الأكثر كاريكاتورية
في تاريخ أية أمّة، لكي ينحشر الفتى في
الثوب الفضفاض الذي خلّفه الأسد الأب،
ساعة رحيله. ولو
كان الأسد ينتمي إلى زمانه، في الحدود
الدنيا لمنطق العصر واشتراطات الأوان،
لأوحى إلى معاونيه الأمنيين أن يأمروا
هؤلاء المهرّجين بالإقلال من تهريجهم،
ساعة خطاب أواخر آذار 2011، لأنّ العالم
بأسره كان ينتظر ما سيُقال؛ وللمرء أن
ينتظر تكرار الأضحوكة ذاتها، بعد
أيام، كأنّ شيئاً لم يتبدّل، او ينبغي
أن يتحوّل. ولو كانت نرجسية الأسد
العُظامية أقلّ تفشياً في مزاجه
الشخصي (إذْ من الحكمة للمرء أن لا
يتحدّث عن خصاله كرجل سياسة!)، لكان
أوصى بأن لا يخرج عليه عضو يهتف له إنّ
سورية والعالم العربي قليلة عليه،
وموقعه الحقّ هو قيادة العالم؛ هذا
بمعزل عن أبيات الشعر السقيم، وهتافات
النفاق الجوفاء. وبينما
تعاقبت مشاهد تلك 'الانتخابات'، في
منزلة بين المهزلة ومسرح العبث، كانت
المأساة تتجلى في سقوط الشهداء برصاص
جيش النظام وأجهزته الأمنية وشبيحته،
واستهداف مواكب المراقبين الدوليين
على النحو الأكثر ابتذالاً في التمثيل
والإخراج؛ مثلما تتبدّى في اشتداد
عمليات استهداف المواطنين في الشوارع
والمحالّ والهواء الطلق، من خلال
افتعال عمليات التفجير هنا وهناك،
وإلصاق التهمة ب'القاعدة' او 'الجيش
السوري الحرّ' أو 'العصابات المسلحة'،
أو هذه كلها متكافلة متضامنة! أضحوكة
لم تعد تُضحك حتى صانعيها، إذاً؛ ما
خلا أنّ آخر الضاحكين ليسوا على منبر
الببغاءات، بل في درس تاريخي يقول: يا
سلطة ضحكت من زيفها الأمم! '
كاتب وباحث سوري يقيم في باريس =============== التهديدات
الامريكية للاسد.. مجرد كلام جيفري
غولدبرغ معاريف
10/5/2012 صحف
عبرية 2012-05-10 القدس
العربي الحرب
التي يخوضها الدكتاتور السوري بشار
الاسد ضد مواطنيه هي أحد أفعال القمع
السياسي المضرجة بالدماء في الشرق
الاوسط منذ أن شن والده، حافظ الاسد،
هجوما شديدا على النشطاء ضد النظام قبل
ثلاثة عقود. نحو عشرة الاف شخص قتلوا في
الانتفاضة الحالية في سوريا، وفي كل
يوم يقتل ويعذب المزيد من المواطنين،
بينهم الكثير من الاطفال. بعض من
الناقدين يقولون ان الولايات المتحدة
أخجلت نفسها في أنها لم تتدخل بكثافة
في صالح معارضي النظام في سوريا. هم
مخطئون. ادارة اوباما لم تساعد في
تسليح الثوار، وهي أيضا لم توفر ملاجىء
لمعارضي النظام المطاردين. ولكنها
فعلت شيئا أهم بكثير: زودت المعارضة
السورية بالكلمات الاكثر حدة لوصف
الفظائع. الغارات اللفظية غير
المسبوقة ضد نظام الاسد تضمنت عدة
أوصاف في غاية القوة لم يسبق أن وجهت
الى عدو للولايات المتحدة. هذه الحملة
ساعدت السوريين على الفهم بانه في
اللغة الانكليزية توجد الكثير من
الكلمات المرادفة لكلمة 'الصدمة'. عندما
بدأت الازمة في السنة الماضية، كان
واضحا أن ادارة اوباما تأمل بان تقنع
اللغة المعتدلة الاسد بالكف عن قتل
السوريين. وقد استخدمت الصياغات
الدبلوماسية الدارجة في الاعراب عن
التحفظ ودعت سوريا 'الى التصرف بضبط
للنفس'، و 'احترام حقوق مواطنيها'.
وعندما بدأ يكون واضحا بان الانتقاد
المعتدل لن يقنع الاسد، بدأت الادارة
بقصف دمشق بشكل مكثف بالجمل، بل
واحيانا بفقرات كاملة. في نيسان 2011،
بعد وقت قصير من قتل قوات الامن 80
متظاهرا غير مسلح، اتهم الرئيس اوباما
الحكم السوري باستخدام تكتيكات 'وحشية'
ضد المواطنين. ولسبب ما، فان هذه
الكلمات العدوانية لم تقنع الاسد
بتغيير مساره. وسرعان ما اضطر الناطق
بلسان الرئيس جي كارني الى أن يذكر
الاسد والعالم ما هي القدرة الهجومية
اللفظية للرئيس: 'أنا واثق انكم سمعتم
التصريح الحازم جدا للرئيس، حين شجب
بالكلمات الاكثر حدة استخدام القوة من
جانب حكومة سوريا تجاه المتظاهرين
وقال ان هذا استخدام مخيف للقوة لقمع
الاحتجاج'، قال كارني. يبدو
أن البيت الابيض متفاجىء في ضوء حقيقة
أن الاسد مع ذلك اختار الا يهرب من دمشق.
وعندها صعدت الادارة الهجوم. في الاشهر
التي مرت منذئذ قال كارني ان الحرب
التي أعلنت على الشعب السوري هي 'شريرة'
و 'لا تغتفر'. سوزان رايس، سفيرة
الولايات المتحدة في الامم المتحدة،
أصبحت المرأة الأساس في انتشار كل قوة
الترسانة اللفظية لامريكا. فقد اتهمت
رايس الاسد بارتكاب 'فظائع موثقة جيدا'
واشارت الى ان 'صبر' الاسرة الدولية 'نفد'.
كما قالت انها تتوقع من الحكومة
السورية أن توافق على وقف النار بوساطة
الامم المتحدة 'دون شروط مسبقة ودون
ابطاء' (معروف أن كلمة 'ابطاء' تخيف
الدكتاتوريين). من الصعب التصور بان
حكم الاسد يمكنه أن يصمد في وجه مثل هذا
النوع من الهجوم لزمن طويل آخر. المتفائل
الذي داخلي يؤمن بان البيت الابيض لن
يحتاج الى تعزيزات لفترة زمنية طويلة.
لماذا؟ لانه بعد بضعة اشهر من قولهم ان
صبر الاسرة الدولية 'نفد'، كتبت رايس في
تويترها ان صبرنا 'وهن'. الان، بعد أن
نفد صبرنا و وهن أيضا، حتى الاسد يفهم
ان بالتأكيد زمنه كاد ينتهي. أقدر أنه
في غضون ثلاثة أربعة اسابيع، سنكتشف
بان صبر الولايات المتحدة 'نفد تماما'.
وعندها فان على الاسد حقا أن يكون حذرا. =============== الجمعة,
11 مايو 2012 حسام
عيتاني الحياة يقع
انفجارا دمشق أمس عند تقاطع مسارات عدة
تجعل البحث عن المستفيد منها بمثابة
تربيع للدائرة، حيث تنحني كل الأسهم
لتشير إلى متهم واحد. في
الجريمتين العديد من العناصر التقنية
والأمنية التي تصعب مناقشتها من نوع:
كيف يمكن إدخال أكثر من ألف كيلوغرام
من المتفجرات إلى دمشق (بحسب بيان
وزارة الداخلية السورية)، أو الحصول
عليها هناك، وتجميع عبوتين منها،
وتجهيز انتحاريين يتوجهان إلى موقعين
حساسين من المدينة، من دون أن تتسرب أي
إشارات إلى أجهزة الأمن الكثيرة العدد
والعالية الشراسة؟ ولماذا حصل
الانفجاران بعد انتخابات مجلس الشعب
وقبل إعلان النتائج؟ وكيف تتعرض
المراكز الأمنية في دمشق وحلب وغيرهما
لهذا النوع من الهجمات في حين أن
الحراسة في محيط المقرات مشددة
ودقيقة؟ ولماذا تُستهدف مناطق معينة
في المدن السورية للتفجيرات تكراراً (حي
الميدان في دمشق مثلاً)، فيما تسلم
مناطق أخرى ذات تركيبة طائفية وأهلية
مختلفة؟ يمكن
إضافة أسئلة عدة إلى المذكورة أعلاه:
لماذا يبالغ الإعلام الرسمي في عرض
الأشلاء المقطعة والدماء في سلوك
ينتهك حرمة الموت وأخلاقيات المهنة؟ (للتذكير،
امتنعت وسائل الإعلام الأميركية كلها
عن عرض صورة أي جثة لضحايا هجمات 11
سبتمبر 2001). وما معنى استقدام المؤيدين
للهتاف أمام المراقبين الدوليين بحياة
رئيس الدولة فيما الجثث منتشرة في
المكان؟ والصور التي بثتها محطات
التلفزة ونشرتها وكالة «سانا» تثير
الدهشة لاستسهالها عرض الأجزاء
البشرية المقطعة والمشوهة. لا
تنفصل الممارسة الإعلامية، في بلد مثل
«سورية الأسد» عن نظيرتيها السياسية
والأمنية. ومن آيات ذلك، حديث سكان
دمشق عن دوي انفجارات كل ليلة تقريباً
يتبعه إطلاق صليات من الأسلحة
الرشاشة، ليتبين في الصباح التالي أن
الأمر لا يزيد عن رمي قنابل صوتية في
الأحياء السكنية. ومعلوم عند العقل
الأمني أهمية زعزعة الاستقرار النفسي
والاجتماعي للمدنيين في حالات الأزمات
وفرض جو من الرهبة والقلق عليهم لحملهم
على التمسك بالوضع القائم وعدم السير
نحو المجهول. وجرى أمر مشابه في لبنان
في ربيع وصيف عام 2005 حيث كان انفجار ضخم
يدمر مجمعاً تجارياً أو يهز شارعاً
مهماً كل بضعة أيام، بهدف خلخلة الشعور
بالأمن عند اللبنانيين ورفع درجة
التوتر النفسي عندهم. بعد
تحقيق هذا الهدف، يمكن توقع رد فعل
المواطنين الساعين إلى الحفاظ على
حياتهم وحياة أحبتهم وسبل رزقهم. وأن
يطالب هؤلاء بفرض الأمن بأي ثمن
والابتعاد عن أي طرح تبرز منه أفكار
التغيير أو التمرد على النظام القائم. بيد أن
الفرضية هذه لا يجب أن تلغي تمام
الإلغاء إمكان دخول أطراف تملك جداول
أعمال مختلفة وتسعى إلى تصفية
الحسابات الكثيرة المتراكمة على رصيد
النظام السوري. وهذا ما يعيد البحث،
عملياً، إلى المسؤولية السياسية لحكم
حزب البعث والنمط الذي أدار فيه
خلافاته في سورية والمنطقة منذ ما
يقارب نصف قرن. ومن الشعب السوري
ومعارضته إلى السلفيين الجهاديين إلى
منظمة التحرير الفلسطينية والدول
القريبة والبعيدة، لم يترك الرئيسان
حافظ وبشار الأسد جهة إلا ومارسوا
عليها سياسات التهويل والقسر والإكراه
وصولاً إلى إرسال السيارات المفخخة
والانتحاريين وحملة المسدسات الكاتمة
للصوت. وليس محالاً في منطقتنا أن
يبادر البعض إلى «رد الصاع» عندما تسنح
الفرصة. المفارقة
هنا، أن التفجيرات تصب - في ظل الوضع
الراهن - في مصلحة الحكم كائناً من كان
مرتكبها المباشر. =============== خطة
انان مهددة بالفشل والكل يتهرب من «الخطة
باء» الجمعة,
11 مايو 2012 راغدة
درغام – نيويورك الحياة يرافق
ازدياد التحذير من اندلاع حرب أهلية في
سورية مزيج من «الهروب الى الأمام»،
وتجنب البحث في «الخطة باء»، ودفن
الرؤوس في الرمال إزاء ما ستسفر عنه
حرب أهلية لو وقعت. البرنامج الزمني
الذي يجول في خاطر الدول الأعضاء في
مجلس الأمن يدور في فلك خطة المبعوث
الأممي والعربي كوفي أنان وولاية بعثة
المراقبين الدوليين التي أقرها مجلس
الأمن وتنتهي في 21 تموز (يوليو) المقبل.
الجميع في ورطة من نوع أو آخر. أعضاء
مجلس الأمن في ورطة لأنهم اختبأوا وراء
خطة أنان ووراء لمّ شملهم في «إجماع»
بات المحرك الفاصل بعدما كان الانقسام
ساد وأسفر عن فيتو مزدوجة لروسيا
والصين مرتين. انهم في ورطة لأنهم
يخشون التفكير في «خطة باء» على رغم أن
نصف أعضاء المجلس، على الأقل، مقتنعون
تماماً بأن النظام في دمشق لن ينفذ
تعهداته ولن يدخل في عملية سياسية تؤدي
الى التعددية بدلاً من استفراد البعث
بالسلطة. السلطة السورية بدورها في
ورطة لأنها تعي – مهما كابرت وتركت
الانطباع بأنها مقتنعة باستمرارها في
السلطة كما هي عليه – تعي ان حرباً
أهلية سورية ستزيلها من السلطة في
نهاية المطاف. المعارضة السورية في
ورطة لأنها في حال تشتت وانقسامات، لا
سيما عندما يأتي الحديث على سيرة الحرب
الأهلية ولا تبدو جاهزة «بخطة باء» في
حال استمرار الوضع الراهن أو انهيار
خطة كوفي أنان. وعندما يلتقي قادة
المعارضة تحت رعاية جامعة الدول
العربية الأسبوع المقبل، لن تلاقي
تماسكاً في مواقف جامعة الدول العربية
التي بدورها في ورطة لأنها لا تريد أن
تتحمل المسؤولية في حال اندلاع حرب
أهلية ولا تريد التفكير في «خطة باء»
لأنها بطاطا ساخنة تفضل قذفها الى كوفي
أنان والأسرة الدولية. أما كبار قادة
الأسرة الدولية فإنهم سيهربون الى
الأمام، أو سيحاولون على أية حال، عند
اجتماعاتهم المهمة خلال الأسبوعين
المقبلين في الولايات المتحدة – قمة
الثمانية وقمة حلف شمال الأطلسي –
يطاردهم الوضع الراهن في سورية الذي
تترتب عليه أبعاد إقليمية لن يفيد دفن
الرؤوس في الرمال في تفاديها. أقصى
أحاديث سيناريوات «خطة باء» يدور في
فلك تفكير تركيا بطرح المادة الخامسة
أمام تجمع حلف شمال الأطلسي (ناتو) في
شيكاغو في 20 و21 الشهر الجاري لتحصل على
دعم ما أو «لممرات آمنة» أو لعمليات
عسكرية على أساس أن أمنها مهدد على
حدودها مع سورية. قد لا
تحصل تركيا على دعم صريح من حلفائها في
الناتو لكنها ستشق الطريق في شيكاغو
الى ذلك الاحتمال. هذا لا يعني ان دول
حلف شمال الأطلسي ستشن حرباً، جوية أو
برية عبر تركيا، في سورية. انه يعني ان
تركيا قد تحصل على الغطاء الذي تريده
من حلف شمال الأطلسي بعدما استنتجت أن
لا مجال على الإطلاق لاستصدار قرار عن
مجلس الأمن الدولي يعطي صلاحية إنشاء
تلك الممرات. فروسيا والصين أوضحتا ان
علاقتهما الثنائية استراتيجية حتى
النهاية، وأنهما في خندق واحد إزاء
الوضع في سورية مهما حدث تعديل هنا أو
ثار غضب هناك. فلقد عقدتا العزم على دعم
النظام في دمشق وعلى اعتبار خطة كوفي
أنان خريطة الطريق الى معالجة الوضع في
سورية على أساس تفسيرهما لتلك الخطة
بما في ذلك انها لا تعني إطلاقاً تغيير
النظام. أنقرة
تدرك تماماً ان أولوية الإجماع في مجلس
الأمن أطاحت بأية إمكانية لاستصدار أي
قرار «ذي أسنان» – ان كان لجهة فرض
عقوبات على النظام في سورية أو لجهة
إنشاء ممرات آمنة حتى للغايات
الإنسانية. انها حالياً في شبه حال
عداء رسمي مع دمشق... ما يضعف موقفها هو
زعامة الحزب الحاكم – بقيادة رئيس
الحكومة رجب طيب أردوغان لتنظيم
وأحزاب «الإخوان المسلمين». فلقد نجحت
أنقرة، مرحلياًَ في إقناع الغرب بأن لا
خوف من صعود «الإخوان المسلمين» الى
السلطة، ثم جاءت تجربة مصر ومعها تجارب
الدول العربية الأخرى حيث مرّ «الربيع
العربي» لتسكب الماء البارد على حماسة
الغرب والعالم. تلك التجربة ساهمت
جذرياً في مساعدة النظام الحاكم في
سورية كما جاءت لتدعم مخاوف روسيا من
صعود الإسلاميين الى السلطة. ما
يستحق المراقبة خلال الأسبوعين
المقبلين هو «سحر» Charm رجب طيب أردوغان
مقابل «سحر» فلاديمير بوتين المسمى «القيصر
بوتين» في أعقاب تتويجه رئيس روسيا
الأرجح لفترة 12 سنة مقبلة. كلاهما ليس
مشهوراً بالجاذبية بل ان كلاً منهما
عنيف في تشبثه وإصراره على الفوز
والانتصار. المعركة
بينهما في ما يتعلق بسورية لافتة ليس
فقط من ناحية شخصية كل منهما وانما
أيضاً من ناحية التضارب والتفاوت
والتداخل في مواقف روسيا وتركيا من
إيران. إضافة، ان لمواقف كل منهما من
إيران بعداً مهماً لجهة علاقات كل
منهما مع الدول الخليجية العربية
وبالذات المملكة العربية السعودية
التي أوضحت انها تنظر الى الوضع في
سورية بأنه مسمار العجلة Linchpin
في إطار علاقاتها مع الجمهورية
الإسلامية في طهران. ما
سينجزه، أو سيتجنبه فلاديمير بوتين في
قمة الثمانية في كامب ديفيد في 18-19
الشهر سيسابق ما في ذهن طيب رجب
أردوغان انجازه في شيكاغو أثناء قمة
الناتو في اليوم التالي. دمشق تراهن
على الصديق – الحليف وعلى جبروته في
زمن احتياج الرئيس الأميركي باراك
أوباما الى «استراحة قصيرة» أو «توقف
عن اللعب» الى حين انتهاء الانتخابات
الرئاسية الأميركية. فهي تصنف تركيا
أردوغان «عدواً» لها وتتمنى له كل
إخفاق في شيكاغو. انها تقرأ الدلالات
في العلاقات الدولية بأنها تصب في
إعطاء الأولوية للاقتصاد ولصياغة
علاقات ثنائية ما بعد – وقبيل –
انتخابات شتى. وهي ترى ان كوفي أنان بات
سيد القرار لجهة إما المضي بإعطاء
الأولوية للإجماع الدولي أو لجهة
إحباط أي تفكير في «خطة باء». كوفي
أنان بات سيد القرار داخل مجلس الأمن،
وليس خارجه. ولذلك بدأ التحرك والتفكير
في «خطة باء» عبر ائتلاف لا يرضخ الى
معادلة «الإجماع» التي تتطلب قطعاً
موافقة روسيا والصين على الخطوة
التالية. كوفي
أنان يبذل قصارى جهده لضمان تنفيذ خطته
ذات النقاط الست والتي تشكل خريطة طريق
جيدة الى الحؤول دون اندلاع حرب أهلية
في سورية، شرط أن يتم تنفيذها. العيب
ليس في الخطة ذاتها. العيب في القفز على
رفض السلطات السورية تنفيذها كما
تصوّر كوفي أنان في خطته. السؤال يجب
ألاّ يصب في فشل الخطة أو في فشل كوفي
أنان. ان السؤال الحقيقي يجب أن يصب في
خانة مَن الذي يقوم بإفشالها،
بمحاسبة، وليس بالقفز على التجاوزات
حرصاً على استمرارية الخطة ذاتها. فمثل
هذا النمط سيؤدي بالتأكيد الى تقويض
الخطة ذات النقاط الست، بما في ذلك
محطة وقف العنف ومحطة العملية
السياسية الانتقالية – كما نص عليها
قرار تعيين كوفي أنان مبعوثاً للأمم
المتحدة ولجامعة الدول العربية. مفهوم
الدول الغربية لتلك العملية السياسية
هو انها ستؤدي الى عملية انتقالية من
تفرد الحزب الحاكم بالسلطة الى تعددية
ديموقراطية تسفر منطقياً عن رحيل
الأسد وتغيير النظام في دمشق. مفهوم
روسيا والصين ان العملية السياسية بين
الحكومة السورية والمعارضة السورية
ليست ابداً عبارة عن وسيلة لتنحي
الرئيس بشار الأسد وتغيير النظام،
وإنما هي «عملية» قد تؤدي الى بعض
إصلاحات تقبل بها، أو ترضخ لها الحكومة
السورية الشرعية صاحبة السلطة
والسيادة في سورية. أما كوفي أنان،
فإنه يسير في سحابة الغموض المتعمد
لأنه ينظر الى نفسه بأنه الوسيط بين
الحكومة والمعارضة ولا يرى نفسه
منفذاً لقرار جامعة الدول العربية
بإطلاق عملية انتقالية في الحكم في
سورية. ما
يجدر بكوفي أنان وفريقه التفكير به هو
ضرورة التمييز بين فشل الخطة وفشل
الرجل وبين إفشال الست نقاط الواردة في
خطة الرجل. لا داعي للتصرف بأسلوب
الدفاع التلقائي عن النفس ولا داعي
للظهور بمظهر الرافض لأي انتقاد لدرجة
مفرطة تنطلق من العداء مع من يطلق
الآراء الناقدة. مثل هذا التصرف انما
يقوّض من هيبة الولاية الموكلة الى
المبعوث الأممي والعربي. وللتأكيد، ان
هذه الولاية ليست إصلاح العلاقات
الدولية وإعطاء الإجماع في مجلس الأمن
الأولوية. ان الولاية هي أولاً لسورية
ومصيرها. لا أحد
يطالب كوفي أنان بالتقدم «بخطة باء»،
فهو صاحب «خطة أ» ومن حقه الدفاع عنها
والتحذير من ان إفشالها سيؤدي الى حرب
أهلية وإفرازات «مروعة» في المنطقة
بأكملها. ما يجدر التنبه اليه هو ان
كوفي أنان سيكون زند البندقية trigger لتفكير في صفوف
أعضاء مجلس الأمن حول «الخطة باء». أحد
سفراء دولة عربية دائمة العضوية في
مجلس الأمن قالها بصراحة: إذا لم يقل
كوفي أنان ان خطته لم تسفر عن نتيجة
وحان وقت إيقافها، لن نتمكن من جهتنا
من ان ندخل في مواجهة مع كوفي أنان سوى
إن قررنا إخراج المسألة من مجلس الأمن
الدولي. المشكلة،
كما أقر السفير نفسه ان الجميع يتهرب
من «الخطة باء» مع أن الأكثرية مقتنعة
بأن خطة أنان باتت «نكتة سيئة» وأن
الأفضل «إيقافها». والسبب ان «الأسد لا
يريد التفاوض، ولا يريد عملية سياسية»،
وهو مقتنع بأن «في وسعه التغلب والبقاء
في السلطة بوسائل عسكرية، ولا حاجة به
الى إجراء المفاوضات» مع المعارضة. لا بد
من ان قادة دول مجموعة الثماني يدركون
هذا الأمر وكذلك قيادات الدول
المنتمية الى حلف شمال الأطلسي. قد لا
يكون في ذهنهم اليوم الإقرار بأن فشل
خطة كوفي أنان لن يكون بسبب الرجل
وخطته وإنما نتيجة طبيعة النظام في
دمشق. إنما سيكون عليهم بالتأكيد
محاكاة «لحظة الحقيقة» مع اقتراب موعد
التفكير «بالخطة باء» في 21 تموز (يوليو)
المقبل. فهي لحظة مواجهة الذات
والإقرار بأن الخيار بات بين الجرأة
على التفكير في «خطة باء» لإنقاذ سورية
من حرب أهلية وبين الاستمرار في دفن
الرؤوس في الرمال فيما سحابة الغيم
توعد بأمطار عاصية. =============== الجمعة,
11 مايو 2012 وليد
شقير الحياة مع
اعتذار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
عن عدم حضور قمة الثماني في واشنطن
بحجة انشغاله في تشكيل الحكومة
الروسية الجديدة، لا يبدو أن القضايا
العالقة بين واشنطن وموسكو تأخذ صفة
الاستعجال، وبالطبع الأزمة السورية من
ضمنها. ويؤشر
اتصال بوتين بنظيره الأميركي باراك
أوباما، ليبلغه أن رئيس الحكومة
ديميتري مدفيديف هو الذي سيحضر القمة،
الى أن التفاهم بين الزعيمين على عدد
من الملفات يحتاج الى تمهيدات تأخذ
وقتاً. مدفيديف يستكشف الأجواء مع
أوباما مرة أخرى، ثم يعود بوتين فيلتقي
أوباما بعد شهر في قمة العشرين لبحث
الوضع الاقتصادي العالمي. وفي
الانتظار، يستمر المجتمع الدولي في
خوض لعبة المراقبين الدوليين في سورية
التي يحتاج التوافق على سبل معالجة
أزمتها بين الدول الكبرى، الى صفقة ما
تتعدى سورية الى قضايا دولية أخرى
معقدة، تبدأ بالوضع الاقتصادي
العالمي، مروراً بالدرع الصاروخية
التي يقيمها حلف «الناتو» في أوروبا
والتي ترفضها موسكو، ولا تنتهي
بانفتاح واشنطن على حركات إسلامية في
عدد من دول القوقاز وآسيا الوسطى ودول
الربيع العربي. هذا إضافة الى
المفاوضات على الملف النووي الإيراني
الذي ترفض موسكو العقوبات الأميركية –
الأوروبية المتشددة بسببه على طهران
في ظل استمرار التفاوض بين دول 5+1 مع
إيران في شأنه، وانزعاج الزعيم الروسي
من دعم مؤسسات أميركية التظاهرات
المعارضة له والتي أخذت منحى تصاعدياً
في الأيام الماضية. أي ان
الطريق طويل أمام المجتمع الدولي إذا
كان يؤمل منه التوافق على خطة حاسمة
لمعالجة الأزمة السورية يمكن أن يؤسس
لها التفاهم الروسي – الأميركي.
فالصفقة التي يتطلع إليها مراقبون
للوضع الدولي الراهن تتطلب حسم عدد من
القضايا المعقدة قبل الوصول الى حسم
الموقف في سورية. وإذا
كانت لعبة المراقبين الدوليين هي
الخيار الوحيد للحد الأدنى من التوافق
الدولي، فإنها لعبة تكرر، وإن بأساليب
مختلفة، ما سبق أن اختبره المراقبون
العرب قبل 3 أشهر، على رغم اختلاف خبرة
المراقبة الدولية وإمكاناتها وطول
نفسها قياساً الى جهاز المراقبة
العربي. وهي
لعبة لا تقود الى وقف العنف وإراقة
الدماء في ظل استحالة اتخاذ أي قرار
دولي بتدخل خارجي يحظى بتغطية مجلس
الأمن، نظراً الى أن كل عوامل الفيتو
الروسي والصيني باقية على الطاولة،
فضلاً عن استحالة أي تدخل غربي أميركي
– أوروبي عبر حلف شمال الأطلسي. ففضلاً
عن أخطاره الإقليمية، تبدو واشنطن
مكبلة بالكامل لأنها دخلت حقبة
انتخابية للرئاسة فيها، تحول دون أي
مغامرة عسكرية في الخارج وفق ما يؤكد
كبار المسؤولين الأميركيين أمام جميع
من يلتقون بهم من قادة المنطقة. وإذا
كان بوتين برر لأوباما عدم حضوره قمة
الثماني، بحاجته الى الوقت لتشكيل
الحكومة، فإن الرسالة الحقيقية التي
أراد تكرار تأكيدها للجانب الأميركي
هي ما قاله عشية اتصاله بنظيره
الأميركي حين قال أول من أمس، أثناء
الاحتفال في ساحة الكرملين بيوم النصر
على النازية، إن روسيا «تملك كل الحق
في حماية مواقعها والدفاع عن مصالحها
ومواقفها». مع هذا
الواقع، يصبح حديث السفيرة الأميركية
في الأمم المتحدة سوزان رايس عن سعي
بلادها الى قيام تحالف دولي حول الوضع
في سورية، بعيد المنال. ومع أن البعض
يعتبره سراباً، وأن إمكان الوصول إليه
وارد في نهاية المطاف، فإن تجنب الحديث
عن العقبات التي تعترضه هو تغطية لتعذر
إنجازه في القريب العاجل. ولذلك،
تشكل لعبة المراقبين الدوليين غطاء
لحاجة الدول الكبرى الى مزيد من الوقت
لإيجاد صيغة تخرج الأزمة السورية من
النفق. إنها لعبة تمدد فرص الصفقة
الدولية، لكنها تمدد معها معاناة
السوريين وتقود الى تعميق الانقسام في
صفوفهم، وتصعّب رأب الصدع بينهم وتعزز
فرص الحرب الأهلية. ولربما كان هذا في
مصلحة هذه الدول الكبرى وأميركا،
لاعتقادها أنها بهذه الطريقة تتعب
سورية كقوة محتملة قد يكون نظامها
الجديد بعد سقوط النظام الحالي، أكثر
تشدداً إزاء إسرائيل، وأنها بإتعاب
سورية الحالية تزيد من إشغال إيران
واستنزاف الورقة السورية التي تقبض
عليها بقوة. تدرك
موسكو أن واشنطن غير مستعجلة وتلعب
لعبة المراقبين الدوليين مع إمكان
تمديد مهلة ال3 أشهر التي أعطيت لهم (يبقى
منها 7 أسابيع)، مدة مشابهة مع زيادة
عددهم الى أكثر من 300 من دون تحفظ عن رقم
هذه الزيادة الى أن ينضج التوافق
الدولي. في هذا
الوقت تبقى الدول العربية في موقع أشبه
بالمتفرج وتكتفي الجامعة العربية
بمحاولة جديدة محفوفة بالصعوبات
لتوحيد المعارضة في 16 الجاري... =============== هل
أخطأت الاستخبارات الروسية في سوريا؟ وفيق
السامرائي الشرق
الاوسط 11-5-2012 لم
يتوقف المسؤولون الروس عن التصريح
بعدم قدرة المعارضة السورية على
مجابهة الجيش الحكومي والتغلب عليه،
حتى لو جرى تسليحها بما تحتاج إليه.
وحاولت العودة إلى أكثر من ثلاثة عقود
مستذكرا قدرة الاستخبارات
السوفياتية، في تعويلها على المصادر
البشرية. وخلاف الاستخبارات
الأميركية، فإن ضباط الاستخبارات
السوفياتية كانوا يحضرون لقاءات
التنسيق كآلات مبرمجة، لا يستطيعون
الخروج عن النصوص المكتوبة لهم. واعتاد
جنرالاتهم وضع أوراق المعلومات في
جيوب ستراتهم وإغلاقها بدبابيس
كدبابيس العجائز. الآلية
التي تربى عليها ضباط الاستخبارات
الروس لا تساعدهم على تقدير الموقف
خارج القياسات التقليدية. وهنا يلتقون
إلى حد ما مع جوانب معينة يتصرف
بموجبها الأميركيون بطريقة
كومبيوترية عمياء. ومثل هذه الحسابات
تصلح للمناورات والتمارين القتالية
ولعب الحرب أكثر مما تصلح لقراءة
احتمالات المستقبل. وبما أن السياسيين
ليسوا مؤهلين لإطلاق تقديرات حول
الأوضاع القتالية، فإن ما يصرح به وزير
الخارجية الروسي وغيره يعكس تصورات
استخباراتهم المعطاة للقيادة
السياسية العليا. الشيء
المؤكد هو أن الوضع السوري معقد
بامتياز. ليس بسبب التركيبة الوطنية
كما يراد تصويرها على خلاف حقائقها، بل
نتيجة تصادم المصالح الدولية. بحالة لم
تسجل منذ حرب فيتنام. إلا أن التعقيدات
لا تشكل حاجزا أمام الوصول إلى تقديرات
متوازنة عن احتمالات المستقبل، بعيدا
عن الأوهام، وبعيدا عن الانسياق وراء
قياسات جامدة يمكن أن تتغير خلال فترة
وجيزة. قبل
أيام، سمعنا أن وقود الدبابات السورية
يوشك أن ينفد، وعن قيام إيران بإرسال
مساعدات عسكرية إلى سوريا. ولم أستطع
تقبل صحة الخبرين! مثلما أعتبر التقييم
الروسي لاحتمالات المستقبل مسخرا
لإحباط معنويات الأطراف المقابلة
ولغرض دعائي ونفسي لا أكثر. فمنذ خمسة
عشر شهرا مضت والجيش الحكومي لا يزال
متماسكا وفق المنظور العام، والجيش
الحر يزداد انتشارا على الرغم من
تراجعه عن بعض المدن بدعوى تجنيب
المدنيين الضرر. وقبل بضعة أيام، قال
قائد الجيش الحر العقيد رياض الأسعد،
إنهم سيتجهون إلى تكثيف استخدام
العبوات الناسفة، السلاح الأكثر
تأثيرا في عمليات المقاومة العراقية
ضد القوات الأميركية، وهو توجه لم يكن
بعيدا عن الحسابات التقليدية. تتوافر
للجيش السوري معدات وأسلحة وذخيرة
تكفي لإدارة صراع (وفق معدلاته الحالية)
لفترة طويلة. ومن غير المنطق القول إن
مستوى المخزون من مواد تموين القتال قد
تدنى إلى الخط الأحمر. فمشكلة القيادة
العليا ليست هذه أبدا. لأن المصانع
عاملة من دون الحاجة إلى مساعدات
إيرانية (في هذا المجال)، اللهم إلا من
مواد التصنيع الأولية في حالة التضييق
على توريدها إلى سوريا، وهو ما لم تظهر
مؤشراته حتى الآن. بل إن المشكلة
الكبرى تكمن في مدى القدرة على ضمان
مستوى مرتفع من الأفراد والولاء
الذاتي داخل التشكيلات القتالية. لا
أريد أن أحبط الشباب، فأنا دائما
أتعاطف مع الذين يحملون أرواحهم على
أكفهم بالحق. بيد أن المعطيات تشير إلى
أن الأزمة ستطول أكثر مما يعتقد، إن لم
تحدث تطورات حاسمة! وإلا هل يعقل كل هذا
الضجيج على ثلاث حاويات بكميات قليلة
من العتاد من ليبيا يعترضها لبنانيون؟!
أو أن تُضبط ستون ألف طلقة سلاح خفيف لا
تكفي لاشتباكات ساعة في منطقة واحدة؟!
ألا يعني هذا أن التسليح غير متوازن مع
النمو البشري للجيش الحر؟! والمعارك لا
تكسب بأفراد ضعيفي التسليح. السوريون
كانوا أكثر قربا من كل الدول العربية
عدا دولتين، في متابعة المقاومة
العراقية. لذلك لهم تصورات واضحة عن
حالة الانتقال إلى مرحلة الاستنزاف
الطويلة الأمد. والملاحظ أن الأخبار عن
مناطق الساحل غابت إلى حد كبير عن
وسائل الإعلام، مما يؤشر إلى نجاح «جانب»
من استراتيجية النظام بإيجاد بدائل
حتى لو كانت محكومة بمخاطر مستقبلية
جدية. ولنتوقف عند بعض ما قاله بان كي
مون أمام الجمعية العامة للأمم
المتحدة: «لا مهرب من الواقع الذي نراه
كل يوم؛ مدنيون أبرياء يموتون وجنود
الحكومة والمدرعات الثقيلة في شوارع
المدن.. وتصعيد مخيف لاستخدام العبوات
الناسفة البدائية الصنع». أعتقد
أن العشرة آلاف قتيل، التي يتحدثون
عنها، لا تزال رقما متواضعا للغاية من
حيث الواقع وما قد يقع. غير أن الخيارات
الأخرى لا وجود لها في الأفق. ============================= خطة
عنان .. أصبحت تبريراً للعجز..!! بقلم
/ أنور صالح الخطيب الراية 10-5-2012 بات
منظر الدم السوري المسفوح في شوارع
المدن والبلدات السورية عادياً أو
يكاد وباتت أخبار الموت على الشريط
المتحرك للفضائيات معتادة لا تحرك
ضمير أحد فالعالم كما يبدو اعتاد على
مشهد الموت في سوريا فأصبح مشهدا يوميا
عاديا في ظل عجز دولي وفضيحة أخلاقية
مدوية فالعالم المتحضر -أو هكذا يفترض-
لم يستطع وضع حد لعنف النظام والخيار
الذي لجأ إليه لوأد ثورة الشعب السوري
ومطالبه العادلة بالحرية
والديمقراطية والتغيير فدفن كالنعامة
رأسه في الحفرة..واكتفى بالتعبير عن
القلق والتحذير من حرب أهلية ثم خرج
علينا بخطة المبعوث الدولي والعربي
كوفي عنان التي وافق عليها الجميع
واتفق الجميع كل لأسبابه على عدم
تطبيقها. المأساة
أن "المجتمع الدولي" بات يختبئ
خلف خطة عنان ليخفي فشله وعجزه وليبعد
الحرج عن مؤسساته الدولية ومنظماته
الإنسانية أما الأكثر إيلاما على
النفس فهو من اعتبر "انخفاض أعداد
الضحايا المدنين اليومي إلى النصف
انجازا " بعد دخول خطة المبعوث
الدولي والعربي حيز التنفيذ منتصف
الشهر الماضي وبدء انتشار المراقبين . من
المفترض أن يكون كوفي عنان قد خاطب
مجلس الأمن الدولي عبر دائرة
تلفزيونية مغلقة ليلة أمس للحديث عن
الشوط الذي قطع في تنفيذ مبادرته ومدى
التزام النظام السوري والمعارضة بها..
ومن المفترض بل والمتوقع ان يمنح مجلس
الأمن الدولي عنان فرصة أخرى لتطبيق
مبادرته رغم انه يعلم ان النظام السوري
استمر في القتل وقصف المدن وحصارها
واستهداف المدنين وانه فرغ المبادرة
من مضمونها خاصة مع عدم قدرتها على
تحقيق مطلب وقف العنف وحماية المدنين
الذي هو الأساس في هذه المبادرة التي
أيدها النظام ووافق على بنودها إلا انه
لم يطبقها ولا يريد أن يطبقها كما هو
ظاهر. لقد
شهدت المدن السورية ارتفاعا كبيرا في
أعداد الضحايا المدنين الذين سقطوا
على أيدي الجيش وأجهزة الأمن وما يعرف
بالشبيحة كما وثقت منظمات حقوق
الإنسان السورية والدولية آلاف
الخروقات لمبادرة كوفي كما كشف المرصد
السوري لحقوق الإنسان أن عدد القتلى
الذين سقطوا جراء أعمال العنف في سوريا
وصل إلى 11925 من بينهم 831 سقطوا بعد
الإعلان عن وقف إطلاق النار في الثاني
عشر من ابريل من بينهم 589 مدنيا. كما
تواصل سقوط الأطفال صرعى لرصاصات
النظام وشبيحته حيث بلغ تعداد من قتل
منهم في مختلف المدن والبلدات السورية
منذ بدء تطبيق خطة عنان حوالي "34"
طفلا. الامر
الذي يؤكد الطبيعة الدموية للنظام
السوري الذي لم يعد يأبه بالمجتمع
الدولي ومطالباته بوقف العنف وسحب
أسلحته الثقيلة من المدن لأنه يعرف
جيدا أن نجاح خطة عنان يعني بداية
النهاية لعصر الديكتاتورية والتسلط
الذي يمثله. إن
تنديد الامين العام للامم المتحدة بان
كي ب"وحشية" قوات النظام واشارته
الى ان الهجمات التي تنفذها المعارضة
المسلحة قد تكثفت ردا على هذه الوحشية
لا يعفي المجتمع الدولي من مسؤوليته في
وضع حد لإراقة الدماء في سوريا كما ان
تحذيره من وقوع حرب اهلية حقيقية وسقوط
ضحايا بأعداد كبيرة لا يكفي ليطمئن
الشعب السوري ان المنظمة الدولية تقوم
بالدور المطلوب منها كجهة تحمي الأمن
والسلم الدوليين. من حق
الشعب السوري الذي يقتل أبناؤه يوميا
أن يصرخ يا وحدنا بعد أن خذله الأقربون
وصار دمه المسفوح محلا لتنافس المصالح
الدولية والحسابات السياسية وبعد أن
فشل المجتمع الدولي في إجبار النظام
السوري على وقف العنف والقتل بعد أن
بلغت أعمال العنف حدا لا يمكن معه
الاقتناع بجدية النظام السوري في
تطبيق خطة المبعوث الدولي والعربي
ورغبته في الإصلاح والاستجابة لمطالب
الشعب السوري . لقد
استمر سقوط القتلى في مختلف المدن
السورية على أيدي قوات النظام وجرى
إطلاق النار على المظاهرات السلمية
المطالبة بالحرية والتغيير واستمر
حصار المدن الثائرة على النظام
واقتحامها واعتقال المواطنين في يوم
الانتخابات التشريعية التي أرادها
النظام دليلا على مصداقيته ورغبته في
الإصلاح والديمقراطية وهو دليل لا
يستقيم مع العقل فدعوات الديمقراطية
والتعددية والإصلاح لا تتوافق مع
جرائم القتل والخطف والاعتقال وحصار
المدن وقصفها كما أن الانتخابات تكسب
شرعيتها ومصداقيتها من مشاركة الشعب
بكل أطيافه وفئاته فيها بكل حرية
وشفافية وهو ما لا يتوفر في هذه
الانتخابات التي أرادها النظام وسعى
إليها لإطالة عمره. كاتب
وصحفي أردني ================= سورية
بين فرنسا الاشتراكية وروسيا
الجديدة فهيم
الحامد الرياض 10-5-2012 من
المؤكد أن دخول الرئيس بوتين إلى
الكرملين رسميا سيكون الخبر الأسعد
للنظام السوري الذي أصبح يعتمد كليا
على دعمه في استمرار قتل وتعذيب الشعب
السوري . بوتين
ينعته معارضوه باسم قيصر روسيا
الجديد، وهو الوصف الذي ينطوي على أكثر
من دلالة لارتباطه بشخصية فلاديمير
الذى عرف عنه تعهده الشهير عندما قال :
«سألقي بالإرهابيين في المرحاض». وفي
أول خطاب له أمس خلال استعراض عسكري في
الذكرى ال67 للانتصار على ألمانيا
النازية، يقول بوتين، «إنه يحق لروسيا
أن تحفظ مواقعها في الساحة الدولية
بكونها دولة تصدت للعدوان النازي
وحسمت الحرب العالمية الثانية». وأعتقد
أن من حق بوتين أن يحفظ لروسيا موقعها
في العالم ولكن ليس على حساب دماء
الأبرياء وليس على حساب دعم الجلاد
وتجاهل الضحية. وتمكن بوتين من إلقاء
الإرهابيين في المرحاض، يتناقض ودعمه
إرهاب النظام في سورية ولا ندري أين
ستلقي الأزمة السورية بنظام بشار
وبوتين هذه المرة. بوتين
شخصية استخباراتية من الطراز الرفيع
عاش في أروقة ودهاليز الكي جي بي،
تبادل الأدوار بذكاء خارق مع ديمتري
ميدفيديف وبالنسبة لأنصاره، فإنه
يعتبر بمثابة منقذ روسيا الحديثة،
وبالنسبة لمعارضيه فإنهم يرون فيه
زعامة الاستبدادية. ويعود
الفضل في بروز بوتين للواجهة السياسية
للرئيس بوريس يلتسين، الذي نقله من
منصب رئيس جهاز إف إس بي الذي خلف كيه
جي بي، ليعينه رئيسا للوزراء. . ولقد
شهدنا خلال الأسبوع الحالي ظهور
زعامتين جديدتين حيث عاد قيصر روسيا
بوتين إلى قصره، بعد قضائه الفترة
الشرعية اللازمة خارجه، وفاز
الاشتراكي فرنسوا هولاند بسدة الرئاسة
الفرنسية، منهيا حكم اليمين الذي دام 17
عاما. عودة
بوتين للكرملين جاءت بعد بزوغ تعاون
روسي صيني استراتيجي ،حرصا من بكين
وموسكو على المشاركة الفاعلة في صناعة
القرار السياسي العالمي في وقت انشعلت
فيه إدارة أوباما في الحملات
الانتخابية وفشلت في إدارة الأزمة
السورية داخل مجلس الأمن وخارجه. ومن
المؤكد أن بوتين وهولاند يرغبان في
استعادة حضورهما في المشهد السياسي في
الشرق الأوسط الذي مازال يشهد ربيعا من
خلال الأزمة السورية التي مازالت
تراوح مكانها، وأصبحت سلعة انتخابية
تعتمد على زهق دماء الشعب السوري. ================= ساطع
نور الدين السفير 10-5-2012 لم
يؤخذ «البرلمان السوري المؤقت»، الذي
اعلن عن تشكيله في يوم الانتخابات
النيابية الرسمية الاثنين الماضي من
داخل سوريا، على محمل الجد، مع انه
يمكن ان يصبح جدياً، ويمكن ان يتحول
الى محور او ربما الى مركز قوة
للمعارضة السورية التي لا يزال العالم
كله يعجز عن توحيدها، او حتى عن فهمها. قد
يكون البرلمان، الذي قيل إنه يضم
١٢٠ عضواً ولم يعلن سوى اسم
رئيسه نايف شعبان وكتم اسم نائبيه
الكردي والمسيحي وتعهد بتمثيل
العلويين في مقاعده، مجرد خاطرة وردت
في ذهن عدد من معارضي الداخل، الذين
يبحثون عن دور او موقع، لكنه بالتأكيد
يعبر عن إحساس بفراغ البيئة الشعبية
المعارضة، او على الأقل عن شعور بأن
هذه البيئة تحتمل المزيد من الهيئات
والتشكيلات المدعوة لقيادة الشارع. والثابت
حتى الآن ان سوريا ضربت رقماً قياسياً
عربياً في عدد التنظيمات المعارضة
التي أفرزتها الانتفاضة الشعبية خلال
الأشهر ال١٤ الماضية، كما في عدد
المنظمات التي انشأها النظام نفسه او
تلك التي نشأت على ضفافه. والرقم
المتداول لم يعد بالعشرات، بل تخطى
المئات، وبات يوحي بأن لكل مدينة او
قرية حزبها ومجلسها السياسي الخاص
الذي يطرح برامج تبدأ بالدستور ولا
تنتهي بالسياسة الخارجية لسوريا
المقبلة. للوهلة
الأولى يوحي البرلمان المؤقت بأنه
إضافة جديدة على هذا الحشد المعارض،
لكن ظهوره في الداخل، واستناده الى
تنسيقات الثورة التي أثبتت حتى الآن
أنها الأكثر جدية في صفوف المعارضة،
يترك الانطباع بأن ثمة مشكلة جدية تدور
في ذلك الداخل الذي لا يزال العالم كله
ينتظر كلمته الأخيرة وقياداته ورموزه
البديلة لكل ما ركب على ظهر الشارع
سواء من المعارضين التقليديين
المقيمين بين مواطنيهم، او من
المعارضين الطارئين المنتشرين في
المنافي. ثمة
أزمة ثقة عميقة وأزمة قيادة اعمق بين
الشارع وبين جميع الذين زعموا تمثيله
والتحدث باسمه، لكنهم ما زالوا حتى
اليوم يجادلون في التدخل الخارجي
المستحيل ويتبادلون الاتهامات حوله،
وحول الارتباط بالعواصم التي تستضيفهم
وتدعوهم كل يوم الى الاتكال على أنفسهم
طالما ان اميركا وروسيا تفاهمتا ضمناً
على أن الحرب الأهلية هي الخيار الأفضل
لسوريا ولجميع جيرانها من دون استثناء. ما
يعبر عنه البرلمان المؤقت في تشكيله
وتوقيته ونصه التأسيسي، الذي قد يكون
مجرد فكرة أقلية عابرة، هو أن ثمة
فريقاً في الشارع السوري المعارض يعلن
افتراقه عن الإسلاميين الذين ازدادوا
تنظيماً وتمويلاً وانتشاراً ونفوذاً،
وعن التشكيلات العسكرية المنشقة التي
تزداد كل يوم حضوراً وتأثيراً في
المشهد السوري، بما ينبئ بأن المستقبل
سيكون حكراً لهذين الطرفين وسيخضع
لتفاهمها وتقاسمهما. البرلمان
المؤقت إضاءة جديدة على متاهة لا مخرج
منها. ================= النظام
السوري تبنّى حالة إنكار فاقمت الأزمة نصوح
المجالي الرأي
الاردنية 10-5-2012 لقد
تبنى النظام السوري حالة انكار سياسي
لوجود ثورة شعبية في سوريا, وانتهج
اسلوب انكار الطرف المعارض ووصف
معارضي النظام بالعصابات المسلحة
الدخيلة على الشعب السوري, اما النهج
الاخر الذي اتبعه النظام فهو اتخاذه
قراراً بالمواجهة الامنية في حرب
مفتوحة بالاسلحة الثقيلة ضد
المتظاهرين والمعارضين, وصلت حد قصف
الاحياء السكنية والمدن والقرى
بالمدفعية والدبابات والطائرات, اما
سياسياً فاتبع النظام السوري اسلوب
المناورة وطرح اجراءات اصلاحية كان
هدفها, تشكيل فريق معارض يعمل لحساب
النظام, ويقبل طروحاته, وطرح آلية
سياسية دستور وانتخابات تعيد انتاج
النظام نفسه مرة اخرى, ودمج الحزب
الحاكم في جبهة وطنية وافساح المجال
لاحزاب جديدة سمح بتشكيلها ويطمئن لها. لقد
عمد النظام السوري منذ البداية الى
استخدام اسلوب شن معركة مفتوحة على من
يتصدى للنظام او يطالب بتغييره او
اصلاحه من الداخل, وعمل على اخراج
التظاهرات الشعبية عن اطارها السلمي
حتى يعزز نظرية العصابات المسلحة,
فالجرائم التي ارتكبت بحق الشعب
السوري على مسمع ومرأى من العالم,
والانتهاكات السافرة لحقوق الانسان
والعقاب الجماعي الذي الحق بالمدن
المحتجة وخصوصاً المناطق السنية
وتحالف القوى المؤيدة لايران مع
النظام ضد الثورة السورية لحزب الله,
والطوائف الشيعية في العراق وايران
اعطت الثورة السورية بعداً اخر يتصل
بالمد الشيعي في المنطقة وصراع
المحاور الدولية في الشرق الاوسط. ومع
الزمن لم تعد التظاهرات سلمية بالكامل
لأن النظام واجهها بالرصاص والقتل
والمداهمات وتخريب الممتلكات
والاعتقالات ولان اشتداد القتل يؤدي
الى ردود فعل للدفاع عن النفس، كما ان
انشقاقات الجيش السوري، وفرت ذراعا
عسكريا محدودا للدفاع عن المتظاهرين
الذين يتعرضون للحملات العسكرية، ولم
يخلُ الامر من تسلل بعض العناصر
السلفية كالقاعدة وغيرها من دول
الجوار على الساحة السورية. لقد
الغى النظام السوري اسميا حالة
الطوارئ التي دامت في سوريا قرابة
اربعين عاما واستبدلها بحالة حرب على
كل من يعارضه، وحالة انكار لاي مطلب
شعبي مشروع، يؤدي الى هز سلطة النظام،
او تغيير آليات الحكم، التي استندت الى
جيش تم تشكيله وتشكيل قياداته الرئيسة
ووحداته الضاربة على اساس طائفي وهو
يحارب معركة النظام للبقاء. لقد
تباهي النظام السوري بأنه النظام
العربي الوحيد المقاوم لاسرائيل وقوى
الاستعمار وتحديدا الولايات المتحدة
واكتفى من المقاومة بدعم اعمال مقاومة
يقوم بها الآخرون في ساحات اخرى
وتحديدا لبنان ضد الاحتلال الاسرائيلي
مع دعم سياسي لحماس ، لكنه لم يطلق طلقة
واحدة من جبهة الجولان التي حولها
الاسرائيليون الى احد المنتجعات التي
يقصدها الاسرائيليون والسياح الاجانب
طلبا للراحة والمتعة. لقد
شكل النظام قيادة تنسيقية لمعارضة
يملك زمامها، واحزاباً جديدة تشكل
ديكورا لتعددية رسمها، ودمج حزبه
الحاكم في جهة وطنية ليست سوى الواجهة
الحزبية للنظام واعلن دستورا يمدد
للرئيس الاسد فترتين لمدة اربعة عشر
عاما قادمة مما يعني ان لا تغيير في نهج
الحكم وقيادته. وفي
ذروة المواجهات العسكرية والحصارات
على المدن والقرى والارياف ودماء احد
عشر الف سوري لم تجف اعلن عن انتخابات
تشريعية حاول فيها عزل المعارضة او
انكار وجودها لكنه عمليا عزل نفسه عن
الواقع واستمر في التعامل مع الواقع
الافتراضي الذي سعى الى ايجاده والذي
لا يختلف عن الحالة التي رفضها الشعب
السوري، فالنظام يحاول اعادة انتاج
النظام الطائفي الذي عانى منه الشعب
السوري اربعين عاما تحت آليات سياسية
وتسميات جديدة تكرس النظام وتعيد
انتاجه من جديد. حتى
عمليات القتل الواسعة والتدمير الواسع
الذي لحق بالشعب السوري والمدن والقرى
السورية انكرها النظام السوري وقال
انها بفعل العصابات المسلحة التي
تستهدف سوريا. ولهذا
فشلت مساعي الجامعة العربية لايجاد حل
سياسي للازمة ونرى بوادر الفشل في
تنفيذ بنود مهمة كوفي عنان لان اسلوب
الانكار السياسي والمواجهة العسكرية
والمناورة والالتفاف على أي مبادرة
تُخل بسيطرة النظام البوليسية على
الساحة السورية لن تؤدي الى حلول وسط,
ولن تؤدي الى حوار يفضي الى التغيير
والاصلاح المنشود. سوريا
تواجه ازمة مركبة وما زال النظام فيها
يعتقد انه قادر على الانتصار على شعبه
وتضليل العالم بأنه ضحية المؤامرة,
فالاصلاح ومتطلباته في نظر الانظمة
المستبدة مؤامرة على ما تحقق لها من
نفوذ, والعالم يتفرج على ما يجري
وتنقصه الارادة لمواجهة تداعيات ازمة
تهدد أمن المنطقة على اكثر من صعيد. ================= لا
يجب أن يكون هناك شك في نهاية هذا
النظام د.
بشير موسى نافع 2012-05-09 القدس
العربي ثمة
شعور متزايد بأن الأوضاع في سورية تتجه
نحو الاستقرار على ميزان القوى
الراهن، وأن نظام الحكم يعمل على
التعايش مع هذه الاوضاع. وليس النظام
وحسب، بل حتى القوى الإقليمية
والغربية، المتحالفة مع النظام أو
التي تقف منه موقف الخصومة، باتت
تتعامل مع الملف السوري ليس كأزمة ملحة
ولكن باعتباره حالة مزمنة. في أوساط
المعارضة السورية، بدأ ما يمكن وصفه
باللوم المتبادل على ضعف الأداء وعدم
إحسان التصرف، والهروب من جديد إلى
أسطورة وحدة المعارضة، التي أصبحت
مشجباً لعجز الجميع عن الفعل، سوريين
وغير سوريين. تكمل الثورة في سورية هذا
الأسبوع شهرها الرابع عشر، مما يجعلها
أطول الثورات العربية عمراً، وربما
أكثرها دموية. وليس هناك ثورة شعبية في
القرن الماضي، بما في ذلك الثورة
الروسية والإيرانية، يمكن مقارنتها
بالثورة السورية. الأسباب الرئيسية
خلف المدى الزمني المتطاول للثورة في
سورية ليس من الصعب حصرها وتعدادها. يسيطر
على الحكم في سورية نظام أمني من صنف
فريد، لم تعرفه لا روسيا القيصرية أو
إيران الشاه، ولا حتى مصر وتونس وليبيا
واليمن. وتنبع قوة ووحشية النظام
الأمني السوري ليس من تعداد الأجهزة
الأمنية فوق المعتاد وحسب، ولكن أيضاً
من البنية الأقلوية لهذه الأجهزة،
التي تجعلها مجتمعاً يتصرف وكأنه
ينتمي إلى شعب مختلف عن الشعب السوري.
والمدهش أنه حتى أثناء ما سمي بربيع
دمشق، خلال الشهور الأولى التالية
لتولي الرئيس الأسد الإبن الحكم،
عندما جرت المحاولة الأولى لصناعة وجه
إصلاحي للنظام، لم تمس الأجهزة
الأمنية على أي نحو أو آخر، لا قلص
عددها ولا حددت صلاحيتها، ولا أعيد
النظر في اشتغال الأجهزة العسكرية
البحتة منها في الشأن السوري العام.
وهذه الأخيرة هي خاصية سورية قلما وجد
لها نظير. الأكثر مدعاة للدهشة، أن
النظام لم يتعرض لوضع ودور ونشاطات هذه
الأجهزة طوال شهور الثورة الماضية،
بالرغم من محاولته، للمرة الثانية،
إقناع السوريين والعالم بعزمه على
الإصلاح. وقد أوغلت أجهزة النظام
الأمنية في دم السوريين وأعراضهم
وممتلكاتهم وحياتهم طوال عقود، بحيث
سيطر على كوادرها شعور لا مهرب منه بأن
مصيرها مرتبط بمصير النظام، وأن سقوط
النظام سيودي بها إلى الجحيم. وليس ثمة
شك أن أجهزة النظام الأمنية خاضت،
وتخوض، منذ اندلاع الثورة معركة لا
مثيل لها ضد الشعب السوري، وضعت منظمات
العمل المدني السورية في موقف العاجز
عن متابعة مصير عشرات الآلاف من
السوريين الذين تعرضوا للاعتقال
والتعذيب، أو القتل والاغتيال. وأقام
النظام مؤسسة عسكرية فريدة في بنيتها
وعقيدتها، يصعب حتى وصفها بالمؤسسة
العسكرية. وكما أن هناك عدداً فادحاً
من الأجهزة الأمنية، التي تتنافس على
الولاء للنظام والتمادي في انتهاك
حياة السوريين، ليس هناك من قيادة
عسكرية مركزية. تنتمي القيادات
الرئيسية للجيش السوري إلى لون طائفي
واحد، وتتوزع مراكز القرار والنفوذ
والسيطرة على العديد من القيادات
العسكرية، بمن في ذلك أقارب الرئيس من
الدرجة الأولى والثانية، التي ترتبط
مباشرة برأس النظام. ما لا يذكر
دائماً، حرصاً على الحساسيات
الطائفية، أن كل المنشقين من الجيش هم
من الضباط والجنود السنة. ولكن
الملاحظ، إضافة إلى ذلك، أن أعلى
الضباط المنشقين كان من رتبة عميد؛ لأن
عدد الضباط السنة الذين يمكن أن يصل
إلى رتبة لواء ويحتفظ بموقعه القيادي
في الجيش لا يكاد يذكر. كل الجيوش
الحديثة بنيت على الطاعة والانضباط
والاستجابة لأوامر قيادتها. ولكن بنية
الجيش السوري تجعله أكثر استجابة
لأوامر قيادته، حتى عندما تتعلق هذه
الأوامر بإطلاق النار على جموع
المحتجين المسالمين من أبناء الشعب.
ومن العبث انتظار انقلاب عسكري ما؛ ففي
جيش كبير، يفتقد للقيادة المركزية،
يصبح توافق الضباط الكبار على تغيير
النظام مستحيلاً. وفرت
البنية الطائفية المضمرة للنظام،
والمضمرة دائماً، وما قدمته الثورات
العربية من فرصة لصعود القوى
الإسلامية السياسية، في دول مثل تونس
ومصر وليبيا واليمن، مناخاً مواتياً
لسياسة الابتزاز الطائفي التي يوظفها
النظام. عملت السياسة الطائفية في
السابق على إحكام سيطرة النظام على
أبناء الطائفة العلوية واستخدامهم
أداة لخدمة بقائه واستمراره؛ ويعمل
النظام اليوم على إثارة خوف أبناء
الطائفة، وأبناء الأقليات الأخرى، من
الصعود السني الموهوم، الذي سيهدد
وجود الطوائف السورية غير السنية
وامتيازات بعضها. في مثل هذا المناخ،
وبالرغم من محاولات قوى المعارضة
الجاهدة لتطمين كافة فئات الشعب
السوري، فإن كتلة أقلوية من الشعب لم
تزل تنظر إلى الثورة بقلق كبير، وتساهم
في الحفاظ على الأمر الواقع، ليس
تأييداً للنظام وإيماناً بسياساته
وتوجهاته، بل خشية من المستقبل التي
تعد به الثورة. ولكن هناك شرائح
اجتماعية أخرى، تقف إلى جانب النظام
وتحرص على استمراره، بفعل ارتباطاتها
بشبكة علاقات القوة والثروة التي
يستند إليها، أو احتلالها مواقع
ومراتب مختلفة في هيكل نظام الحكم
ومؤسسات الدولة التي يسيطر عليها، أو
حتى الخوف من أداة البطش التي اعتاد
النظام توظيفها للإضرار بمن يخرجون
عليه. إضافة
إلى ذلك كله، أسست مقدرات سورية
الجيوسياسية، وطبيعة النظام وسياساته
الإقليمية الناجعة خلال العقود
القليلة الماضية، لعدد من التحالفات
الإقليمية الفعالة، التي وفرت له
الدعم والحماية خلال العقد الماضي. خسر
النظام في شهور الثورة الماضية تحالفه
مع تركيا، بعد أن كان خسر تحالفه مع
السعودية، ولكنه لم يزل يتمتع بدعم
إيراني مطلق، دعم سياسي واقتصادي وبكل
الوسائل الأخرى. وبالرغم من صعوبة
تقدير حجم وطبيعة الدعم العراقي
لسورية، فإن عدداً من المؤشرات يدل على
أن العراق عمل، ويعمل، من أجل تعزيز
مقدرات النظام السوري، سواء استجابة
من الحكم العراقي لضغوط إيرانية، أو
بفعل المخاوف الطائفية التي تتخلل
الفضاء السياسي المشرقي منذ احتلال
العراق قبل زهاء العقد. ويضاف إلى
الدعم الإقليمي للنظام، الذي تؤمنه
العلاقات التحالفية عميقة الجذور مع
إيران، دعم دولي لا يقل أهمية، تؤمنه
روسيا. اندلعت الثورات العربية،
والثورة السورية على وجه الخصوص، في
لحظة تصاعد المساعي الروسية الحثيثة
لتوكيد الموقع والدور، وشعور روسيا
المتزايد بفقدان معظم أوراق الضغط
التي تؤهل دولة نووية كبرى للعب دور
فعال على الساحة الدولية. وليس ثمة شك
في أن موسكو نظرت بعين الريبة لكل
الثورات العربية، بما في ذلك الثورة
المصرية، التي أطاحت بنظام حكم موال
للولايات المتحدة. باندلاع الثورة
السورية، وجدت القيادة الروسية في
سورية فرصة لتذكير جميع الأطراف
المعنية بأن لروسيا دوراً رئيساً على
الساحة الدولية، وأن مصالح روسيا
الاستراتيجية في أوروبا والبلقان
والقوقاز لا يمكن أن يطاح بها بدون
عواقب. في
جوهره، لا يختلف النظام السوري عن
أنظمة الاستبداد العربية الجمهورية،
التي تطورت أدواتها واكتسبت سماتها
الرئيسية في حقبة ما بعد حزيران/ يونيو
1967. ولكن جملة عوامل وقوى وظروف داخلية
وخارجية خاصة هي التي ساعدت النظام
السوري على الصمود في مواجهة الثورة
الشعبية لفترة أطول من تلك التي
استطاعها نظراؤه في تونس ومصر واليمن.
هذا لا يعني بالضرورة أن النظام السوري
قد نجا. ومن المبكر، المبكر جداً،
لأنصاره وحلفائه الاحتفال بنجاته. في
مواجهة العوامل التي ساهمت في إطالة
عمر النظام، ووفرت له حرية ممارسة
القمع الوحشي للشعب السوري، هناك
عوامل أخرى تشير إلى أن مصير هذا
النظام لن يختلف في النهاية عن مصير
أنظمة الاستبداد العربية الأخرى. أول
هذه العوامل أن النظام السوري، وفي ظل
كل الظروف المواتية لاستمراره،
داخلياً خارجياً، عاجز عن قهر إرادة
الثورة والتغيير لدى جموع الشعب
السوري. خلال أشهر القمع الوحشي البالغ
منذ أغسطس/ آب الماضي وحتى قدوم بعثة
المراقبين الدوليين، اتسع نطاق حركة
الاحتجاج الشعبية لتصل عدة أحياء من
العاصمة دمشق، ومدينتي حلب والرقة،
التي قيل في السابق أنها لم تلتحق
بالثورة. يخرج السوريون كل أيام
الأسبوع، وفي أيام الجمعة على وجه
الخصوص، في مئات التظاهرات الشعبية،
التي تضم مئات الألوف من أبناء الشعب،
توحدهم رغبة جارفة، وعزم لا يلين على
بناء سورية حرة. ربما لم يعرف السوريون
هذا النظام كما يجب، ولكنهم يعرفون على
الأقل أن تراجعهم عن مطلب إسقاط النظام
والتغيير السياسي في بلادهم يعني أن
النظام سيعود إليهم بنزعة انتقامية
كبرى، وأن فرصة أخرى للثورة والتغيير
قد لا تتاح لهم بعد عدة عقود أخرى.
وبالرغم من أن الجيوش الحديثة لا تنشق
عادة على نفسها، وحتى الثورات التي
عرفت بأمدها الطويل، مثل الثورة
الإيرانية في 1979، لم تشهد انشقاقاً
عسكرياً ملموساً، فإن آلاف الجنود
والضباط السوريين اختاروا خلال الشهور
القليلة الماضية الانحياز لشعبهم. وفي
مقابل الدعم الإيراني الكبير للنظام،
تجد الثورة السورية تعاطفاً واسع
النطاق من الشعوب العربية، ودعماً
متزايداً من عدد من الدول العربية،
وتوكيداً تركياً قاطعاً على ضرورة
الاستجابة لإرادة الشعب السوري،
وإدراكاً دولياً لوحشية النظام وخروجه
على الأعراف الدولية. في النهاية، ستصل
آلة النظام العسكرية والأمنية إلى
أقصى ما يمكن أن تصل إليه، وتصل قدرة
حلفاء النظام على تحمل اعبائه إلى أقصى
ما يمكن أن تصل إليه. وعندها سنرى من
جديد كيف تتشابه نهايات المستبدين. هذا
نظام فقد شرعيته، فقدها كلية، بما في
ذلك تلك المستمدة من وقوفه إلى جانب
قوى المقاومة في لبنان وفلسطين. وكلما
طال أمد المواجهة بين النظام وشعبه،
كلما تزايدت أعداد ضحايا قمع النظام
ووحشيته، كلما أصبح من المستحيل
استمرار النظام في حكم سورية، مهما بلغ
الدعم الإقليمي والدولي الذي يتلقاه. ================= مالك
جندلي: الدكتاتورية لوّثت سورية
بصريا وسمعيا وثقافيا .. الجمهور تفاعل
وكثيرون بكوا في حفله الأخير بلندن 2012-05-09 القدس
العربي لندن 'القدس
العربي' من حسام الدين محمد: سحر
الموسيقار السوري مالك جندلي جمهوره
في ليلة مليئة بالعاطفة والمشاعر
مخصصة للتضامن مع سورية. جندلي
الذي عرف بكونه من أوائل الفنانين
السوريين الذين أعلنوا موقفا واضحا
لصالح الثورة السورية، وكان ردّ اجهزة
أمن النظام سريعا حيث قامت بتكميم وشد
وثاق والديه العجوزين وضربهما ضربا
مبرحاً في حادثة شهيرة، خاطب الجمهور
بموسيقاه وبمشاعره وكما بكلماته
المؤثرة واقتراحاته التي خلقت تفاعلا
انسانيا عميقا بين الحاضرين. استهلّ
العرض بفيلم قصير من اعداد الموسيقار
وقد خلط فيه بين موسيقاه وبين احداث
البطش التي يتعرض لها الفن والناس في
سوريا. وبدأ
مالك جندلي حفله بالتظاهر بالعزف لمدة
ثلاثة دقائق و44 ثانية قائلا بعدها ان
هذه المقطوعة تشبه صمت الصامتين على ما
يجري من أعمال وحشية فظيعة في سورية. قدّم
جندلي خلال الحفل مقطوعات من عمل
موسيقي متكامل عنوانه 'ايميسا' (الاسم
القديم لحمص مسقط رأس جندلي) وتألف من 10
قطع موسيقية أشجت الجمهور وأبكته
وأفرحته، ففي القطع التي قدمها جندلي
حضرت اثار التراجيديا الانسانية
الهائلة الجارية في سورية دون أن تنسى
معذبي العالم، وخصوصا فلسطين التي خصص
لها الموسيقار مقطوعة عنوانها 'يافا'
تحدث قبلها عن العلاقة التي تجمع بين
الاضطهاد الذي يتعرض له الفلسطينيون
وذاك الذي يتعرض له اخوتهم السوريون،
وقال اننا اسرانا وقتلانا وجرحانا في
سورية يذكروننا باسرى وجرحى وقتلى
فلسطين. قبيل
عزفه مقطوعته 'اصداء من اوغاريت' أخرج
جندلي نسخة من منحوتة قديمة عمرها خمسة
آلاف عام وعليها أقدم نوتة موسيقية في
العالم، وهي مقطوعة لامرأة تصلّي لله
ليرزقها بأطفال. تعليقاً على هذه
المنحوتة قال جندلي ان من صنعوا
التدوين الموسيقي الأول والابجدية
الأولى في اوغاريت كانوا اناساً
احراراً ولذلك استطاعوا تقديم
منجزاتهم للبشرية، على عكس السوريين
الخاضعين حاليا لدكتاتورية مرعبة. التميمة
الأخرى التي يحتفظ بها جندلي والذي
أراها للحضور كانت نصف 'شحاطة' لفتاة
سورية فقدت أهلها وانتقلت مع النازحين
السوريين الى احد مخيمات اللجوء في
تركيا، وكانت تلك مناسبة حفز خلالها
الموسيقار جمهوره للتبرع لهؤلاء
النازحين ولإثبات وحدة السوريين
لانجاز حريتهم، وجمع بعدها الاطفال
الحاضرين حيث عزفت احداهن معزوفة
للجمهور، وعلّق جندلي على ذلك قائلا:
ان بين هؤلاء الأطفال من سيكون رئيس او
رئيسة سورية المقبل. وعلّق
جندلي على الحدث السوري قائلاً ان
الخيار هو بين هؤلاء الاطفال
والدكتاتور قاتل الأطفال الذين بلغ
عددهم حتى الآن اكثر من 1220 طفل، واعتبر
ان استهداف السلطات السورية للأطفال
منذ بداية الثورة مقصود منه قتل
المستقبل. قبل
الحفل كنت قد التقيت جندلي وتبادلت معه
هذا الحديث السريع: انت من
مواليد المانيا وقد انتقلت الى حمص
بعمر ست سنوات. كيف كان تأثير هذا
الانتقال الكبير عليك كطفل؟ كان
تأثير ذلك كبيرا وكان الانتقال صعبا
كثيرا. حاولت ان ادرس موسيقى بحمص ولم
يكن هناك مدرسة موسيقية لكن اهلي وجدوا
استاذ موسيقى علمني قراءة النوتة
الموسيقية. كان هناك مدرسة موسيقية في
دمشق العاصمة فكنت اسافر الى دمشق لدرس
البيانو للمرحلة الجامعية وبعد ذلك
حصلت على منحة دراسة نقلتني الى امريكا
لاتابع دراستي واعمل دراسات عليا
واستقر في المهجر. كيف
انعكست عليك العودة الى سورية وانت
طفل؟ أحسست
بتغيير جذري بالمناخ والمنهاج
التدريسي والاصدقاء والاحترام: شتان
ما بين معاملة المدرس الالماني وبين
المعلم الدكتاتور الذي يتعامل مع
طلابه بالضرب والشتائم. في سورية أهم
مادة ندرسها هي مادة النفاق وكل سوري
مضطر ان يكون منافقا. منذ تلك المرحلة
الابتدائية وحتى المرحلة الجامعية
يجهز النظام مواطنيه على الكذب بدءا من
شعار بالروح والدم نفديك يا حافظ
ومرورا بكل تفاصيل الدراسة، وحين تعود
في الساعة الثانية والنصف الى منزلك
وتواجه أهلك الذين يرفضون نظام الاسد
ويرفضون القمع وعليك ان تتعايش مع هذين
الحالين. كان
افراد العائلة يقولون عكس ما نسمعه في
المدارس وانت كطفل تضطر ان تتعايش مع
هذا الوضع المؤلم كي تحافظ على بقائك
فعليك ان ترضي الاهل من جهة وعليك ان
تتفوق في المدرسة من جهة اخرى. انت مضطر
بشكل او باخر الى الكذب والنفاق على
اهلك وعلى مدرستك وبهذا انشأ النظام
اجيال من المنافقين الذين انعدمت
عندهم الاخلاق فالكذب هو الجريمة
الأولى التي تجر الى كل انواع الجرائم.
بسبب الكذب انعدم الشعور الانساني
وكذلك الشعور بالوطنية لأن الحكام
ربطوا اسم البلد الجميل سورية بكنية
عائلة الاسد فصارت سورية الاسد مما
أفرغ الوطن من معناه. والدك
كان طبيبا وقد علمت انه أخذك في طفولتك
الى حماه بعد المجزرة التي تعرضت لها،
كيف حصل ذلك؟ أخذنا
والدي كي نشهد على هذه الجريمة وكي
تنطبع بذاكرتنا علما انه لم يجرؤ على
اخبارنا بالحقيقة. لم يقل لنا من ارتكب
هذه الجريمة لانك يمكن ان تعتقل او
تقتل او تختطف. نتيجة كل ذلك كان لدي
بداخلي رفض للبلد بشكل غير شعوري وصار
لدى اغلب السوريين حالة من عدم
الانتماء. تخيل ان تربط الولايات
المتحدة ببوش او باراك اوباما. هذا شيء
غير معقول لا اخلاقيا ولا وطنيا ولا
دينيا ولا بأي منطق ان تكون دولة
مربوطة باسم شخص. هذا ولد اجيالا من
السوريين لا يشعرون بالحس الوطني
الحقيقي لذلك لم يكن السوريون
يتفاخرون بوطنهم او بعلمهم على عكس
الشعوب الاخرى. كيف
برأيك أثر النظام السوري على الثقافة
في سورية؟ كانت
خطة النظام الدكتاتوري من البداية
تخريب الانسان السوري وما يستتبع ذلك
من تدمير للغة وتدمير للتاريخ وتشويه
للحقائق التاريخية كي يزال كل شيء كان
سابقا على مرحلة الأسد. حتى في كتب
التاريخ لم نتعلم ما حصل في سورية من
ثورات وانقلابات كنا نسمع اخبارا
متفرقة من جدي وعمتي ووالدتي وفجأة
ينخفض الصوت كأننا نحكي قصصا غير
واقعية. الذي حصل في سورية هو تلوث بصري
وتلوث سمعي وتدهور ثقافي عام. وذلك ادى
باختصار الى ان مستوى الادراك لدينا
صار دون مستوى المطروح. خذ مثلا القران
الكريم الذي هو كتاب الحب والسلام
والانسجام فيخرج واحد باسم كلام الله
يفجر نفسه لأن الادراك يتجاوز مستوى
الفهم، وهذا الأمر ينطبق على كل مجالات
الحياة بما فيها الموسيقى التي تعبر
الاغاني السطحية والمبتذلة مثل اغاني
هيفاء وهبي عنه. هل يمكن ان نذكر مؤلفا
موسيقيا عربيا الف سيمفونية مقارنة
بالغرب؟ سبب كل ذلك هو هذه الانظمة
الدكتاتورية التي تمنع الحريات وحقوق
الانسان وحتى حقوق الحيوان وتكافئ
المنافق وترقيه الى مستوى وزير ثقافة
وتحترم المجرم وتؤله الدكتاتور في قلب
وتخريب هائل للمفاهيم بحيث يصير الكذب
من مكارم الاخلاق ويصبح الصدق سذاجة او
بلاهة. طريقة النظام منعت الانسان من
التفوق الاخلاقي والابداعي وتطلبت من
المواطن ان يكون 'حربوقا'. كيف
برأيك ثار السوريون اذن؟ نحن
السوريين الاحرار الذين ذقنا طعم
الحرية لم يعد بامكاننا ان نتكيف مع
التلوث الاخلاقي والبصري والسمعي
الموجود ليس في سورية وحدها فحسب بل في
كل العالم العربي. هذه الثورة التي هي
اقرب الأشياء الى المعجزة لأن من صنعها
هو نفسه الجيل بعث وجيل شعارات 'بالروح
والدم'. الجيل لم يعرف رئيسا سوى الاسد.
هذا الجيل قام بمعجزة وقرر انه يريد
الحرية وانه لا يريد لا نظاما سياسيا
جديدا ولا نهضة اقتصادية ولا زيادة في
المعاشات بل يريد حريته. النظام
السياسي والحركات السياسية استهانت
بمفهوم الحرية واذ بهذا المفهوم ينبع
ويتفجر في كافة المدن السورية وقراها
وشوارعها وبين اطفالها وطلابها
ونسائها وفلاحيها. تفجرت الحرية في
عقول وقلوب هذا الشعب وعندما ذاق
الانسان السوري طعم الحرية عشقها
لدرجة الموت. الطفل السوري حمزة وهاجر
أحبّا الحرية لدرجة الموت فصار الناس
تهتف الموت او الحرية. كنا نقول بلغتنا
العربية: احبك حتى الموت ونحن لم نعن
ذلك ابدا. كان ذلك كذب. الشعب السوري
يعي ويؤمن بحريته لدرجة الموت والنظام
لا يستوعب هذا. هؤلاء مقاتلو الحرية.
انا اتمتع بحريتي. لقد كنت في مظاهرة
قرب سفارة النظام في لندن وكانت الشرطة
البريطانية تحميني. هذه الحرية
المكفولة بالقوانين في بريطانيا لم
تأت مجانا بل دفع البريطانيون ثمنا
باهظا لها، ونحن ايضا يجب ان ندفع ثمنا
لنتمتع بحريتنا. لماذا
برأيك استهدف النظام الاطفال بشكل
كبير؟ هذه
استراتيجية سياسية. عندما تقتل طفلا
فانك لا تقتل شخصا شهيرا لذلك يفترض
النظام ان جريمة قتلها ستبقى محصورة
بالعائلة، وليس كما يفعل عندما يهاجم
شخصا مثل علي فرزات، والهدف الثاني هو
ارهاب اهالي الطفلة، والثالث يقول فيه
النظام انه يقتل المستقبل ويعني انه
سيجهض الثورة ويلغي في الآن نفسه اي
احتمال لثورة اخرى بعد 30عاما. يجب ان
نركز على مسألة قتل الأطفال لانهم
ابرياء غير مسلحين وليس لديهم نهج
سياسي ولا طائفي هذه جريمة انسانية
كبيرة. وهذا سبب من اسباب استخدامي
الاطفال في سمفونية القاشوش حيث اعطي
الاطفال الالات الموسيقية كي يعبروا
عن مشاعرهم وعن احاسيسهم. كيف
استقبلت حدث الثورة؟ في
آذار /مارس العام الماضي كان لدي عرضين
في دار الاوبرا المصرية في دمنهور
والقاهرة وقد تأجلا بسبب الثورة
المصرية فزرت اهلي في سورية. كانت
بداية شرارات الثورة في اول اسبوع من
مارس انا غادرت سورية 8 اذار وكنت قد
شهدت اول مظاهرة في ساحة المرجة على
بعد خطوات من السفارة الليبية وشاهدت
حافلات الشبيحة وانتشار قوات حفظ
النظام والامن وغادرت البلد لأتفاجأ
باجرام النظام بقتل اطفال درعا وبثورة
سلمية راقية لم نشهد مثلها في التاريخ
الحديث. كان تاثير هذه اللحظات
التاريخية عظيما في احساسي بانسانيتي
وبوطنيتي. لقد ايقظت الثورة الشعور
الوطني وايقظت الانسانية وايقظت
الحانا سورية كامنة. هذه الاحداث
التاريخية تؤدي الى ردات فعل وتجاوب
تاريخي كفنان وكانسان. الثورة كسرت
مشاعر الشك وعدم الثقة بين افراد الشعب
السوري وبذلك ارجعت المعادلة الى
حقيقتها: كان طبول النظام من الفنانين
هم المحترمون وكان القاشوش والساروت
غير محترمين فانقلب الامر. حصل بذلك
تغيير جذري بالمعادلة
وهذه هو معنى الثورة الحقيقي. كيف
اثرت الثورة على شغلك الفني؟ البومي
الذي صدر قبل الثورة كان عنوانه 'اصداء
من اوغاريت' وهو يتحدث عن دور السوريين
عندما كانوا احرارا في العالم. لم يكن
لديهم دكتاتور طاغية فابتكروا
الابجدية والتدوين الموسيقي. احمل
دائما نسخة من أقدم نوتة موسيقية في
التاريخ وقد اكتشفت في اوغاريت. هذا
التدوين حصل قبل ظهور عيسى وموسى
وفيثاغورث. لقد ابتكرنا التدوين
الموسيقي وابتكرنا اللغة الابجدية في
اوغاريت بسبب وجود الحرية. لا فن
حقيقيا بدون الحرية. السوريون عاشوا
عقودا بدون حرية مما انتج خرابا هائلا.
اريد ابراز الوجه الحضاري لسورية
عندما كان السوريون احرارا ويبتكرون.
عندما بدأت الثورة انتجت اغنية 'وطني
انا' ولم اذكر فيها سورية لأن رسالتي
انسانية لكل البشر لكنني اخصها لبلدي
واهلي ومدينتي حمص. عندما شهدنا
اللحظات التاريخية لابراهيم القاشوش
وقطع حنجرته وقتله كان من واجبي
الانساني كفنان سوري ان استمر برسالة
الفنان الحقيقي السوري حيث اكملت ما
فعله واستخدمت مقطوعته الموسيقية 'يلا
ارحل يا بشار' وضمنتها في سيمفونية
ترتقي الى مستوى الثورة. وهنا اقول ان
الشعب السوري في الخارج لم يرتق الى
مستوى الثورة في الداخل. الشعب السوري
بوجوده يؤلف عمليا سمفونية بالوان
مختلفة والحان مختلفة على ايقاع واحد
على ايقاع الحرية والكرامة الانسانية
والمذاهب والطوائف. بعد ذلك أنجزت عمل 'اميسا'
وهو الاسم القديم لحمص الذي اعطت 5 حكام
امبراطوريين لروما، وعندما جاء
الفرعون رمسيس بعتاده وجنوده لشن
الحرب على سورية قال له الشعب السوري
في حمص لا نريد حربا وكانت نتيجة ذلك
ظهور اول معاهدة سلام في تاريخ البشرية
وذلك بعد معركة قاديش عام 1200 على نفس
النهر الذي عثر فيه على ابراهيم
القاشوش مقتولا. نحن نتكلم في الماضي
لان لدينا طغيانا ودكتاتوريات ولكن
عندما تكون حقوق السوري محفوظة فانه
يبتكر مثل ستيف جوب ابن السوري الحمصي
عبد الفتاح جندلي الذي ابتكر
الكومبيوتر كما ابتكر اجداده الابجدية.
معادلتي بسيطة سورية الحرة الجميلة
تساوي الشعب السوري ناقص الدكتاتور.
هذه هي سورية الحرة معادلة بسيطة جدا
وقد بدأت تتحقق. مثالي على انتصار
الثورة السورية هو ان كل شيء مختوم
بختم الاسد دار الاسد ومكتبة الاسد
ومشفى الاسد ولكنه مؤخرا غير النظام
دار الاسد للثقافة والفنون باسم دار
اوبرا دمشق. لقد ايقن النظام ان الشعب
السوري لم يعد قابلا ان يورث للاسد. ================= سهيل
كيوان 2012-05-09 القدس
العربي طلبت
من الأطفال في حصة الكتابة الإبداعية
أن يحكوا قصصًا من واقعهم، وقفت طفلة
وقالت لي إن صديقتها (نسرين) لا تسمعها
عندما تتحدث، لم أفهم قصد الطفلة وطلبت
توضيحًا، فقالت لي..أليس من المفروض
عندما تتحدث أن يسمعك صديقك! قلت نعم !
فقالت إن نسرين تضع أصبعيها في أذنيها
وترفض أن تسمعها. قلت
للطفلة إن هذا حق نسرين بأن لا تسمع
بأذنيها، ومثلما نحن أحرار بجميع
أعضاء جسدنا ولا نسمح لغيرنا بأن
يستعلمها أو يتدخل في شؤونها بدون
موافقتنا، هكذا الأمر بالنسبة لأذني
نسرين ممنوع أن نفرض على الآخرين
سماعنا، ولهذا فإن نسرين حرّة بأن تسمع
أو لا تسمع كلامك، فردت الطفلة بمرارة
وغضب...ولكنها صديقتي ويجب أن تسمعني،
وإلا فلن نبقى أصدقاء! تأثرت كثيرًا من
غضب الطفلة وقلت: 'هذا صحيح، وإذا لم
يسمعك صديقك فإنه ليس صديقًا، بل وهذه
قلة أدب من جانب نسرين أن تغلق أذنيها
عندما تتحدثين معها'. ناديت
الطفلة نسرين لأسألها مستغربًا عن
تصرفها، فأسرعت ووضعت أصبعيها في
أذنيها ولم ترد أن تسمعني، صرت أرجوها..نسرين
يا عزيزتي عيب...ولك عيب أنزلي أصابعك،
أنزلي أصابعك من أذنيك واسمعيني،
ولكنها أصرت وبقيت واقفة وأصابعها في
أذنيها لا تريد أن تسمعني. نسرين ما
الذي جرى لك! ألا تريدين أن تسمعي
صديقتك التي تحبك! ألا تريدين أن
تسمعيني! لم تردّ نسرين وبقيت واقفة
وأصبعاها في أذنيها..قلت لها..إسمعي يا
نسرين إذا رفضت سماعنا فنحن أيضًا لن
نسمعك عندما يأتي دورك في الكلام...فلم
ترد..قلت لها وأنا منزعج...قرد يحملك
أقعدي في مكانك.. تضايقتُ
من الطفلة التي لا تريد أن تسمع
صديقتها (روعة) ولا أن تسمعني، رغم أن
الأمر بدا لي مزحة في البداية، ولكنها
نجحت بإثارة حفيظتي، يا لهذه الطفلة
الوقحة التي لا تريد سماع أحد، إنه
تصرف يثير الغضب بالفعل، وإن كان قد
بدا مسليًا في البداية، وقررت أن أنتقم
منها، عندما يصل دورها بالكلام قررت أن
أطلب من كل الطلاب أن يسدّوا آذانهم
ولا يسمعوها كي ألقنها درسًا... فجأة
خطر في بالي هاجس يقول..إذا كانت هذه
الطفلة شعرت بكل هذه المرارة، فأي
مرارة تختزنها الشعوب التي يرفض
حكامها سماعها! ثم كيف
يريد الحاكم للملايين أن تسمعه وأن
تطيعه بينما هو واضع أصابعه في أذنيه
ولا يريد سماع شيء سوى تلك الأصوات
الكاذبة التي تهتف بحياته، والتي تصفه
بأوصاف الأنبياء، بل وترفعه درجة عنهم
عندما تهتف له ذلك الهتاف الوضيع الذي
يضعه مباشرة بعد الله..الحاكم وبس.. شو
يعني..بسّ! يعني كل ما عدا الحاكم لا
يساوي شيئًا، يعني لا مفكرون ولا علماء
ولا قادة ولا جيش ولا طلبة جامعات ولا
أدباء ولا أي شيء، الله والحاكم وبس،
ومن الواضح هنا أن كلمة (الله) توضع من
باب الحيطة فقط لأن الحاكم لا يهمه أن
يؤمن الناس أو لا يؤمنون بالله...فالمهم
أنهم يؤمنون بقدرته هو على قمعهم إذا
ما رفعوا رؤوسهم... عندما
صرخ الشعب غضبًا، مثل تلك الصرخة التي
يصرخها من يكون غارقًا تحت الماء في
اللحظة الأخيرة، لم يضع الحاكم العربي
أصابعه في أذنيه فقط بل أطلق النار
والحقد على كل صوت لا يشبه صوت تلك
الأشباح التي تهتف ذلك الهتاف الوضيع،
رد على الناس بأنه لا يريد منهم سوى صمت
القبور أو الهتاف الذي أدمنه، ولهذا
يتغير عشرات الرؤساء في مختلف أقطار
الأرض بدون جريح واحد، بينما حاكمنا
يخيّر شعبه بين الصمت أو الموت، وبعد
دماء غزيرة ومقابر جماعية يتنازل
ويغيّر بندًا تافهًا في الدستور يضمن
له استمرار ركوب الشعب... ولكن
مشكلة الحاكم الذي لا يريد سماع شعبه
أنه لم يعد قادرًا على إخراس هذا
الصوت، لأن الشعب لم يعد يقبل بالعودة
إلى صمت النعاج، ولأن تقنيات الاتصال
والتواصل تقدمت بصورة لا يمكن معها
مصادرة أي صوت! تغيرت
الدنيا كثيرًا أيها الحكّام، كنا نكتب
رسالة حب ونمزّقها مرات حتى الوصول إلى
صيغة نهائية، ثم ننتظر الفرصة لنقلها
إلى الحبيبة، تمر ساعات وأيام ونحن
محتفظون بالرسالة ولا تسنح الفرصة
بتوصيلها، وقد تبقى الرسالة متنقلة من
قميص إلى سروال إلى جورب ولا يكتب لها
الحظ في الوصول إلى الحبيبة..الآن
بكبسة زر توزّع رسائل الحب إلى من تشاء
ومتى تشاء في اللحظة التي تشاء، حتى
إلى غرفة نوم الحبيبة فلا حرس ولا
رقباء ولا خصوصيات، بل حتى وهي جالسة
مع أشد الرجال بأسًا، فالرسالة النصية
قد تصلها بهدوء، تقرأها وترد عليها ولا
من شاف ولا من دري، لم تعد حبيبتك بحاجة
للتظاهر بأنها خرجت لتأخذ رداءً عن حبل
الغسيل لتلقي عليها نظرة عابرة، لم تعد
بحاجة إلى منظار والوقوف على سطح البيت
كي تلاحق تحرّكها عسى ولعل أن توصل لها
رسالتك!رسائل الحب صارت تكتب وتصل
عناوينها في البث المباشر مع الصورة
والصوت، ومثل رسائل الحب هي رسائل
الثوار... وعلى
فكرة الطفلة (نسرين) التي أغلقت أذنيها
انفجرت ضاحكة فيما بعد..فهي أذكى من أن
تواصل رفض سماع الآخرين.... ================= سلمية
الثورة وادعاءات الآخرين! الخميس,
10 مايو 2012 فايز
سارة * الحياة لعل من
نافل القول ان ثورة السوريين في آذار (مارس)
2011، بدأت سلمية في انطلاقتها، وفي
حراكها وفي شعاراتها، بل إن المناداة
بالسلمية كانت أكثر وأعلى الشعارات،
التي رددتها تظاهرات السوريين من درعا
في الجنوب الى حلب في الشمال ومن
اللاذقية في الغرب الى دير الزور
والقامشلي في شرق البلاد. وعلى
رغم مضي نحو خمسة عشر شهراً على
الثورة، وحصول تطورات عنفية في مناطق
سورية عدة، فإن الطابع العام لثورة
السوريين ما زال سلمياً، وهو ما تؤكده
استمرارية التظاهرات في المدن والقرى،
حيث استطاع الناس الخروج للتظاهر
والاعتصامات على نحو ما تكرر مرات في
دمشق في الآونة الاخيرة في حملة «اوقفوا
القتل» وهي حملة لا يمكن ان يقوم بها
اشخاص غير سلميين، وغير مؤمنين بالسلم
نهجاً في حياتهم. وبخلاف
هذا الدفق السلمي في ثورة السوريين،
فإن احداً لا ينكر ان مظاهر للعنف أو
انخراطاً فيه قد ظهر في مدن وقرى سورية
قليلة، ربما كان ما حدث في حمص وبعض قرى
الريف مثالها، وفيها حدثت اعمال عنف
كان من اطرافها مسلحون ومنتمون الى
الجيش الحر ومنشقون عن المؤسسة
العسكرية – الامنية في مواجهة قوات
الامن والجيش والشبيحة وأنصار النظام. وأعمال
العنف هذه، كانت محكومة بسمات
وخصوصيات منها انها محصورة في اماكن
محددة، وأن هذه الاماكن شهدت اوسع وأشد
فصول المعالجة الامنية العسكرية
للأزمة، تم فيها قتل وجرح واعتقال
وتهجير وتدمير ممتلكات خارج التصور،
اذكت غضباً في اوساط السكان ورفضاً
لأوامر قادة في الاجهزة الامنية –
والعسكرية، وغالباً فإن ذلك ترافق مع
تصعيد في لهجات الخطابات التخوينية
والدينية - الطائفية. وبصورة عامة، فإن
الطابع العام لهذه التطورات محلي من
جهه ومرتبط بظروف محددة، من جهة اخرى،
مما ينفي عما حدث صفة الظاهرة، بل ان
كثيراً من اعمال العنف خارج عنف النظام
كان فردياً او لجماعات غير منظمة، وليس
لها امتدادات تنظيمية، ولا تصورات
فكرية وأيديولوجية ناظمة. غير ان
واقع الاختلاط بين عمومية السلمية
ومحدودية العنف في صورة ثورة السوريين
على نحو ما بدا في الداخل السوري، لم
ينظر اليه على هذا النحو من جانب
الآخرين، وهو امر لم يقتصر على خصوم
الثورة انطلاقاً من النظام واعلامه
الى انصاره القلائل في المحيطين
الإقليمي والدولي، بل امتدت تلك
النظرة الى انصار اقليميين ودوليين
للثورة، وأطراف هي محسوبة على ثورة
السوريين وأشخاص منهم. والامر في كل
الاحوال كان محكوماً بخلفيات فكرية
وسياسية وعملية، استند اليها الذين
نظروا الى الثورة باعتبارها تحولت الى
العنف، او انها عنيفة في الاساس، وما
تبع ذلك من اقوال تتصل بمسلحين وأسلحة
وأعمال مسلحة، تصل حد «الجرائم» على
نحو ما بينت اقوال صدرت هنا وهناك. لقد
اشارت تصريحات سورية رسمية الى مسلحين
وجماعات ارهابية مسلحة في الثورة منذ
بداية الاحداث، واستمرت تلك التصريحات
متصاعدة لتصير السمة العامة للحراك
الشعبي المناهض للنظام، بخاصة مع ربط
الحراك بمؤامرة تشارك فيها اطراف
خارجية، ونحت اطراف مؤيدة وداعمة
للسلطات السورية في الاتجاه ذاته، حيث
قرنت الثورة بممارسة العنف وبالارتباط
بالخارج وهو ارتباط لا يقتصر على
الروابط السياسية والامنية فقط، بل ان
الاتهام يشمل السلاح والعمليات
المسلحة بما فيها عمليات التخريب
والاغتيال، وفي وقت مبكر تحدث الروس عن
«معارضة سورية مسلحة»، فيما ربط
الايرانيون بين الحراك السوري
والاهداف الاسرائيلية – الاميركية. لقد
تحدث المنضوون في الفريق السابق عن
مسلحين وإرهابيين وأعضاء في القاعدة
من سوريين وآخرين وفدوا الى سورية، وعن
مصانع اسلحة وذخائر، وأخرى يتم
تهريبها من دول الجوار، وعن عمليات
عسكرية وتفجيرات واغتيالات، تكاد
تتماثل مع ما كان يحدث في افغانستان
والعراق في اسوأ ما مر بها البلدان في
ايام الانفلات الامني، والهدف الرئيس
لكل ما تقدم، هو تبرير تواصل العمليات
الامنية العسكرية ضد عشرات المدن
والقرى وما يقع فيها من قمع عنيف
وعقوبات هدفهما وقف استمرار التظاهر
والاحتجاج ضد النظام، وقد تعدى الهدف
ما سبق الى هدف آخر، لا يقل اهمية، وهو
اقناع العالم بأن ما يتم القيام به في
سورية، لا يندرج في سياق مواجهة النظام
لمتظاهرين ومحتجين ضده، انما هو
مواجهة مع الجماعات الارهابية المسلحة
وأبرزها تنظيم القاعدة، والتي تمثل
خطراً على امن العالم وسلامه. ولأن
النظام في سورية يقوم بهذه المهمة
نيابة عن العالم، فإنه يستحق دعمه
ومساندته وقبل ذلك كله الإبقاء عليه
قائماً في سورية بغض النظر عن اية
تفاصيل اخرى. ان
سلمية الثورة والحراك السوري، هي
مسألة مبدأ من الناحيتين السياسية
والاخلاقية، وفي هذا تتشارك قوة
الحراك مع توجهات جماعات المعارضة
وعموم الشارع السوري الموصوف بعامة
بسلميته وميله الى التسويات
والتوافقات في سياق حياته العامة وفي
علاجه للمشاكل القائمة. وعملية
إلحاق صفات ومتممات القوة والعنف، وما
يتصل بهما من ممارسات تتصل بالسلاح
والذخيرة والمسلحين، انما هي عملية
قسرية، ذات اهداف سياسية، تستجيب
مصالح اصحابها، لكن ذلك لا يمنع من
قول، انه وتحت ضغط ظروف استثنائية
ومحدودة، فإن بعض مظاهر وأعمال عنف
حدثت، ويمكن ان تحدث لاحقاً في بعض
المناطق السورية، من دون ان تنزع عن
السوريين سلميتهم في انطلاق ثورتهم،
وفي حراكها وفي شعاراتها. ================= الاختراق
في المفاوضات النووية مرادف لإنعاش
النظام السوري الخميس,
10 مايو 2012 عبدالوهاب
بدرخان * الحياة كان
اصرار النظام السوري على اجراء «انتخابات»،
بالاساليب والبضاعة السياسية
والنتائج المعلّبة ذاتها، مؤشراً آخر
الى الاستهزاء ب «الحل السياسي» الذي
تسعى اليه «خطة انان» التي يفاخر
صاحبها بأن أكبر «نجاح» حققته يتمثّل ب
«الدعم الدولي» لها، وما فائدة دعم
كهذا طالما أنها لم تتوصل الى وقف
القتل أو الى الضغط على النظام كي يكف
عن استخدام آلياته الحربية لقصف
المناطق السكنية والإغارة على
المدنيين. والأهم أنه كان ليكون
منطقياً تفعيل الدعم الروسي للمبعوث
الدولي - العربي لتأجيل «انتخابات»
أرادها النظام استعراضاً لسيطرته لا
اقتراعاً شعبياً من أجل برلمان يحمل
شيئاً من ملامح الاصلاح والتغيير. لم يكن
اعتيادياً أن يقول ناطق اميركي إنه قد
يكون على المجتمع الدولي «الاعتراف
بالهزيمة»، أي بفشل مهمة كوفي انان
ليدرس الخيارات التالية. وكان الأخير
بدأ، قبل أن يقدّم تقويمه الى مجلس
الأمن، يروّج أن ثمة «مؤشرات بسيطة»
الى بدء احترام خطته، بل باشر الاعتراف
بواقع أن مهمته ستستغرق وقتاً. وفي أحد
الأيام مرّ في شريط تلفزيوني مشهد لأحد
المراقبين وهو يحاول طمأنة المواطنين
في حماة، غداة مجزرة استهدف فيها «الشبيحة»
عائلات بعينها، قائلاً: نحن موجودون
هنا «لوقت طويل». ومنذ وصل الجنرال
النروجي قائد المراقبين كرر أكثر من
مرة أن منسوب العنف يتضاءل تدريجاً مع
زيادة انتشار المراقبين. أي أن «خفض
المنسوب» هو كل ما يستطيعه المجتمع
الدولي، وليس فيه ما يطمئن السوريين،
لا المطالبين بإسقاط النظام ولا حتى
المصنّفين موالين له بدليل أن هؤلاء
يسعون الى تنظيم هجرتهم القسرية التي
يأملون بأن تكون قصيرة وموقتة، تماماً
كما كان اللبنانيون يعتقدون ويقولون
في مستهل هجراتهم خلال العامين 1976 و1977
أي بعد وصول «قوات الردع العربية»، وهي
القوات التي استوعبها النظام السوري
بعدئذ وعمد الى «تطفيش» العرب منها. لا،
ليس هذا كل ما يستطيعه العالم وانما ما
أراده «تفاهم» روسي - ايراني يفترض أن
تبدأ مفاعيله بالظهور. فهاتان
الدولتان وجدتا نفسيهما في «تحالف»
ضمني لم تسعيا اليه سابقاً، إلا أن
أزمة النظام السوري وتشابك مصالحهما
في سورية وخشيتهما عليها فضلاً عن
تقاطع رغبتيهما في تحدي الغرب شحذت
التقارب بينهما. كانت التوقعات بإمكان
حدوث تغيير في الموقف الروسي جعلت دمشق
وطهران أمام احتمال صعب يتركهما في
عزلة وتحت وطأة عقوبات مرهقة، لذلك
تبلور خيار زيادة الرهان على الموقف
الروسي لإعطائه ما يمكن أن يواجه به
ضغوط الغرب أو اغراءاته. وقبل أن تدخل
موسكو أي مساومة مع الغرب، الذي لم
يبدِ استعداداً لتقديم التنازلات
اللازمة لاستمالتها الى خيار تغيير
النظام في سورية، بحثت عن أي معطى جديد
لتوسيع اطار تلك المساومة. ولعلها
وجدتها في المفاوضات النووية بين
ايران ومجموعة الدول ال 5+1 التي تكثر
للمرة الأولى التكهنات الايجابية في
شأنها، وإن كان الطريق طويلاً قبل
القول بنجاحها. تجمّعت
لدى طهران أسباب كثيرة لتغيير منهجها
في التفاوض، وأهمها ثلاثة: 1 - اقتراب
العقوبات من القطاع النفطي واشتدادها
على التعاملات المالية. 2 - حاجتها
الماسة الى الحفاظ على الحليف السوري
وحماية «حزب الله» وسلاحه في لبنان
وعجزها عن ذلك بمفردها. 3- احتدام
التجاذب الدولي حول سورية وبشأن
برنامجها النووي وبروز فرصة للاستفادة
من المواجهة الروسية - الغربية، وكذلك
اتضاح الاصطفاف الغربي الرافض خيار
الحرب الاسرائيلي... لكل ذلك، ومن دون
إغفال النقاش الداخلي حول البرنامج
النووي وآفاقه بعد بلوغ تخصيب
اليورانيوم نسبة ال 5 في المئة، وجدت
ايران أن لديها الآن مصلحة في دخول
مساومة كبرى مع الغرب، بل السعي الى
مفاوضات مثمرة، وبناء على «اقتراحات
روسية». يجرى
تقديم «النجاح» أو الاختراق المرتقب
في المفاوضات على أنه مرادف لإنعاش
النظام السوري وطمأنته الى أن بقاءه من
أهم القطع في المقايضة. وحتى قضية
الجزر الاماراتية المحتلة أُخرجت من
التداول إثر معاودة ايران طرح موافقة
مبدئية على التفاوض الثنائي في شأنها.
واذا لم تحصل مفاجآت، وهي مستبعدة منذ
احتكرت دائرة المرشد علي خامنئي
الإشراف على الملف، فإن المؤشرات
الأولى ل «الاختراق» يفترض أن تظهر
الاسبوع المقبل في المحادثات بين
ايران وإدارة الوكالة الدولية للطاقة
الذرية في فيينا بمشاركة مندوبي الدول
الكبرى. وفي حال توصلت الى ما هو متوخّى
بالنسبة الى لجم مستوى تخصيب
اليورانيوم وأنظمة الرقابة الدائمة،
فإنه سيشكل خلفية قوية لحدثين متوقعين
في الثلث الأخير من الشهر: الأول
مشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
في قمة الثماني في كامب ديفيد، وهو
ظهوره الدولي الأول بعد انتخابه وفرصة
أولى لاستمزاجه بشأن ملفات أبرزها
سورية وإيران. أما الثاني فهو استئناف
المفاوضات النووية في بغداد هذه المرة.
وينطوي اختيار العاصمة العراقية على
رمزيات تحقق لإيران أهدافاً عدة لعل
أهمها - عدا استبعاد انقرة أو اسطنبول -
استغلال مكانة العراق في الرئاسة
الحالية للقمة العربية، وكذلك تأكيد
المكانة الايرانية فيه، فضلاً عن
تلميع وضعية بغداد كصلة الوصل وعاصمة «التفاهم
الاميركي - الايراني» غير المعلن وغير
المعترف به على رغم أنه فاعل بحيوية
وواقعية. ثمة
هدف أكثر أهمية لاختيار بغداد، وهو
احاطة الدول ال 5+1 بأن التفاوض فيها
يعني التفاوض في مجال «النفوذ
الاقليمي» لإيران الذي سيكون الملف
الآخر المقترن بأي اتفاق على الملف
النووي. ولم تكن الحركة التي دبّت
لتوقيع اتفاقات مع الحكومتين العراقية
واللبنانية، وكذلك تسريع اتفاقات بين
العراق والكويت، سوى عينة من رسائل
لتوكيد ذلك «النفوذ» الذي باتت طهران
ترضى بأن يكون مستظلاً بالنفوذ الروسي
الأوسع نظراً الى الضرورة التي فرضتها
أزمة سورية والحاجة الى انقاذ نظامها.
غير أن روسيا وإيران مدركتان أن «الانقاذ»
بات يتطلّب نوعاً من الجراحة للنظام قد
يحين وقتها بعد استنفاد كل الأغراض
المرتجاة من «خطة انان» التي أمكن
موسكو ودمشق أن تصادراها، ذاك أن تنفيس
الاحتقان الناجم عن أزمة الملف النووي
الايراني قد يفيد في شراء الوقت للنظام
السوري، لكنه لن يكفي لإبقائه كما هو
ولضمان مصالح الدولتين ذواتي النفوذ
داخل سورية. ================= مهزلة
البعث السوري إزاء الديموقراطية
الفرنسية الاربعاء,
09 مايو 2012 رندة
تقي الدين الحياة في
اليوم الذي كان الشعب السوري يشاهد
مهزلة انتخابية أعدها له نظام مستمر في
قتله، كانت فرنسا تعرض على شعبها
مظهراً ديموقراطياً ممتعاً وثميناً مع
الرئيس نيكولا ساركوزي والرئيس
المنتخب فرانسوا هولاند جنباً الى جنب
يضعان اكليلاً على ضريح الجندي
المجهول احتفالاً بذكرى الانتصار على
النازية. فهو درس في الديموقراطية. وقد
أحسن الرئيس ساركوزي في دعوة خلفه
المنتخب للمشاركة في الاحتفال. فخطابه
بإعلانه الهزيمة كان شجاعاً ومشرفاً
للديموقراطية. ولا شك في أن مشهد
الخصمين السابقين في حملة انتخابية
شديدة ومتوترة يبعث بالحلم للشعب
السوري بمثل هذا المستقبل الديموقراطي
القيم بدل المهزلة المنظمة من نظام
يعتقد انه اقوى من المجرى الطبيعي
للتاريخ. ان تعليقات الصحافة السورية
المقربة من النظام التي هللت لخروج
ساركوزي ووزير خارجيته البارع آلان
جوبيه تظهر مرة اخرى جهل النظام
لاستمرارية السياسة الخارجية
الفرنسية التي لا يمكن الا ان ترتكز
على قيم حقوق الانسان. فهولاند وفريقه
الحاكم لن يتساهلوا مع النظام السوري.
حتى انهم لن يحاولوا معه مثلما اخطأ
ساركوزي في بداية ولايته واستقبل
الرئيس السوري في فرنسا معتقداً انه قد
يقنعه بتغيير نهجه. هولاند محاط بفريق
من ديبلوماسيين فرنسيين يعرفون جيداً
النظام السوري وممارساته. حتى ان
هولاند كان تعجب في حديث ل «الحياة»
قبل انتخابات الحزب الاشتراكي الأولية
كيف أن بعض اصدقائه في لبنان الذين
غيروا موقفهم الآن كانوا يؤيدون هذا
النظام القمعي. فاستمرارية السياسة
إزاء سورية لا تعتمد على ذهاب هذا او
ذاك بل هي مرتبطة بقيم جمهورية فرنسا
وفي طليعتها حقوق الانسان التى لطخها
النظام البعثي بقمعه وقتله وتعذيبه
المستمر لمن لا يسير على خطواته بمن
فيهم الاطفال الابرياء. ان
فرنسا هولاند آتية الى السلطة في
١٥ ايار (مايو) وفريقه
الديبلوماسي سيتسلم الملفات الخارجية
من ديبلوماسيين من المؤسسة نفسها وهي
الخارجية الفرنسية التي فيها
ديبلوماسيون بارعون من تيارات سياسية
مختلفة من اليسار واليمين. والجدير
ذكره ان اليمين الحاكم كان عين بعض
افضل الديبلوماسيين المعروفين
باتجاهاتهم اليسارية في مناصب عليا
لكفاءتهم وتميزهم، فساركوزي كان عين
السفير ديني بييتون في لبنان ثم الآن
على رأس ادارة الشرق الاوسط وشمال
افريقيا، والأمين العام للخارجية بيار
سلال الرجل الثاني في الخارجية ومدير
الشؤون السياسية في الخارجية جاك
اوديبير وهو مهتم بالملف الايراني
والسفراء في لبنان باتريس باولي وفي
ليبيا سابقاً فرانسوا غوييت وفي مصر
جان فليكس باغانون، كلهم ديبلوماسيون
يساريون تم تعيينهم في عهد ساركوزي ومن
المتوقع ان تستخدم ادارة هولاند
كفاءاتهم الكبرى في المنطقة. فلا شك في
ان لا قلق من ان يكون هولاند اكثر
تساهلاً مع نظام الاسد. ولا شك في ان
محادثات هولاند وأوباما في البيت
الابيض ستتطرق الى هذا الموضوع
الاسبوع المقبل. ففرنسا تعد لعقد مؤتمر
لاصدقاء سورية كان قرره الوزير الحالي
آلان جوبيه وقد يستمر في الإعداد له
الوزير او الوزيرة المقبلة. فمن الافضل
للاعلام السوري الرسمي ان يقلق لمصيره
ومصير نظام مستمر في قتل شعب باسل كل ما
يطلبه هو الحرية والكرامة بدلاً من
توجيه شتائم للمسؤولين الفرنسيين
المنتخبين من شعبهم. فمن يستحق ليكون
في سلة مهملات التاريخ هو نظام يقتل
ويقمع ويعذب شعبه وليست له اي شرعية
شعبية. ==================== نشره
السيف الدمشقي 8
مايو, 2012 نقلاً
عن موقع المندسة عنوانٌ
قد يكون مستفزاً وكما هو الحال في شعار-
الأسد أو لا أحد – المرتبط به إنه
الشعار الأساس الذي رفعه النظام ضد
الثورة , وهو الذي تبناه جلاوذته
وكتبوه على الجدران أينما حلوا ابتداء
من درعا إلى حمص فبقية المدن والقرى
الثائرة فمن السذاجة أن نقول أنها خرجت
بعفوية من قبل المؤيدين مع بداية
الثورة ثم كتبها ونشرها المتعصبون
للنظام وحسب لكنها كانت رسالة كما
الرسائل التي يرسلها النظام إلى الشعب
السوري وتندرج فعلياً ضمن الخطة
الأمنية القمعية المعدة سلفاً لمواجهة
الثورة السورية . أما
لماذا الحديث عنها اليوم فهذا لأننا
علينا أن نفهم كيف يفكر النظام أو
بالأحرى كيف يفكر من وراء هذا النظام
ممن يخططون له ويدعمونه وكيف يفكر
العالم تجاه ثورتنا. ولو
دققنا حقاً في هذين الشعارين لرأينا
فيهما ظاهرياً تهديداً صريحاً وواضحاً
للشعب الثائر أو للشعب السوري عموماً
هذا من جهة ولكنه من جهة أخرى يحمل في
طياته ضعفاً وانهزاماً واضحين فلايمكن
لقوي أن يرفع مثل هذا الشعار وهو
اختصار للمثل القائل ( عليّ وعلى
أعدائي ) وهذا شعار يرفعه الضعيف
المكابر والحاقد الذي يصارع من أجل
البقاء ولكنه يدرك في قرارة نفسه أنه
دخل في دائرة النهاية ولهذا يريد أن
يدمر ماحوله قبل أن يموت . والحقيقة
أنه قد استثمر هذا الشعار كل أعداء
الشعب السوري وما أكثرهم فاتخذوه
سياسة ومنهجاً يخدمهم ويخدم مصالحهم
فأرخوا الحبل للنظام ليحرق البلد -كما
يظن ويرى – لكنهم خلال هذه الفترة
يعدون العدة لما بعد سقوط النظام . ونحن
لازالت أعيننا تراقب سقوط النظام
وتفكر فيه بينما أيقن الجميع أنه ساقط
لامحالة ويعدون العدة لما بعده ونحن
مازلنا ننظر بين أرجلنا فلا نرى إلا
الخراب والدمار وأن النظام لم يسقط بعد
وهو مستمر في إحراق البلد. العالم
يريد أن ينهك كل البنى للدولة في سوريا
الاقتصادية والاجتماعية منها بشكل
محدد ويبقي على هيكل الدولة بصيغتها
الأمنية مع إضعافها فقط فسار المجتمع
الدولي وتماهى مع هذا الشعار وأرخى له
الحبل وأعطاه المهلة تلو الأخرى. والهدف
من قول كل ماسبق هو أنه آن الآوان
للخروج من الدائرة الضيقة التي جعلتنا
نضع كل تركيزنا فقط على سقوط النظام
فحسب والاتجاه إلى مرحلة مابعد سقوط
النظام فقد آن الآوان للقيام بدور أشد
وأكثر فاعلية في الإعداد النفسي
والإعلامي لهذه المرحلة وصدق من قال إن
الثورة الحقيقية في سوريا ستبدأ بعد
سقوط النظام وهذا ليس تقليلاً من شأن
الثورة الآن ولكن هذا الكلام يعني أنه
علينا من الآن تحويل جزء كبير من جهدنا
لهذه المرحلة المقبلة . لقد
استفاد حتى الآن أعداء الشعب السوري
عبر التماهي مع الخطط التي أعدها
النظام أو أعدت له للقضاء على الثورة
فيما اعتُقد . وسنلاحظ
أن كل القوى الغربية وروسيا والصين
والولايات المتحدة الأمريكية تتحدث عن
مرحلة مابعد سقوط النظام سواء عبر
التشكيك بالثورة ونجاحها تارة
والتخويف من حرب أهلية تارة أخرى ثم
الحديث عن حقوق الأقليات وماإلى ذلك ثم
الحديث عن حل سياسي وليس عسكري ,ذلك لأن
عيونهم وتركيزهم وتخطيطهم منصب على
المرحلة التالية وذلك وفق منظورهم
ومصالحهم بينما نحن مشغولون تارة
بلحية فلان وتارة بأخطاء الجيش الحر
وتارة بسلمية الثورة أو عسكرة الثورة
وتارة بالإسلاميين أو بالعلمانيين
أيهما يقود الثورة ونتيه ونتيه ثم لنقف
عاجزين حائرين ويبقى الثوار على الأرض
يصرخون ياالله مالنا غيرك يالله . الثوار
على الأرض يريدون منا الدعم والتوجيه
والتوحد لا التشتيت يريدون الفكر,
العقل والتعقل. نعم
ياالله مالنا غيرك يالله ولكن الله
يريد منا العمل والعمل الواعي الجاد
والحقيقي والإعداد السليم و الثبات
والصمود كل ذلك مطلوب ويغلف كل ذلك
الإخلاص فإن لم نكن كذلك فلن يكون الله
معنا وهذا الكلام أوجهه لنفسي أولاً
ولكل الإخوة من أصحاب الأقلام الذين
يقومون بدور إعلامي أو معارض للنظام بل
لكل المعارضين في الداخل والخارج بما
فيهم فرسان الشبكة العنكبوتية. فمازلنا
حتى الآن نخشى من توصيف الأمور على
حقيقتها إرضاء لفلان أو علان أو لجهة
ما أو إرضاء للغرب أو الشرق وهذا خطأ
كبير ونختلف مع بعضنا وتضيع الجهود . * في
سوريا هناك غالبية تنتمي إلى السنة
ليسوا وحيدين بالتأكيد في هذه الثورة
ولكنهم بحكم كثرتهم هم العماد الأساسي
لها فهل هذا انتقاص للثورة ولشعبيتها
حتى نخوض ونخوض فيه ونستعدي بعضنا
البعض؟! . * في
سوريا النظام يعتمد على طائفته
اعتماداً مطلقاً وهو يستعين بغيرهم
ولكن الغالبية من طائفته تؤيده وهذه
حقيقة أيضاً لايمكن نكرانها بحجة عدم
الوقوع في الفتنة الطائفية ولكن علينا
العمل على معالجتها بل وإيجاد طريقة
مختلفة. *
علينا ألا نختبئ وراء أصبعنا لنرضي
الشرق والغرب علينا إجبارهم على
القبول بالواقع وإلا لا معنى عندها
للصبر والصمود ولانجاح حقيقي للثورة
فالكل يتربص بنا وبثورتنا . * في
سوريا هناك فئة صامتة لم نستطع جرها أو
كسبها لأنها لا ترى وربما لا تريد أن
ترى إلا الجانب السيء من الثورة حتى
الآن ونحن ربما نساهم في إبراز هذا
السوء ونركز عليه بقصد أو بدون قصد في
حين لايتم التركيز على أن بقاء النظام
سيجر على سوريا وعلى الشعب السوري
كوارث أسوأ مما يحدث الآن وأنه لا مجال
للعودة إلى الوراء قيد أنملة . * في
الثورة هناك أخطاء بالتأكيد ويتم
استغلالها من قبل النظام للتشويه
والتشويش على الثورة وهذا طبيعي ولكن
علينا أن ندرك أنه لا يكفينا توصيف
الأخطاء من أجل الشفافية بل لابد من
معالجتها بشكل فاعل والاستفادة منها
وأن نساهم بشكل أكثر فاعلية في الحد من
آثارها. *
الثورة أصبح فيها جانباً مسلحاً اسمه
الجيش الحر علينا التعامل مع هذه
الحقيقة حتى ولو كنا نرفض مبدأ عسكرة
الثورة ونشدد على سلميتها لأن علينا
التعامل مع الواقع والحقائق وليس
الفرضيات وذلك للتخفيف والحد من
السلبيات. * إلى
الآن نركز على سقوط النظام وكأنه
سيدخلنا إلى الجنة مباشرة وستتحقق
الحرية وستتحقق أحلامنا كلها مباشرة
بل بالعكس سيكون لدينا ملفات كثيرة
وكثيرة جداً للمعالجة. * الآن
لدينا ملف للشهداء وملف للمعتقلين
وملف للمفقودين وملف للجرحى والمشوهين
وملف للاجئين ولليتامى والثكالى
والمكلومين بالإضافة إلى الملف
الاقتصادي بتشعباته إضافة إلى الملف
الأمني المعقد وملف المسلحين وملف
العصابات التي أطلقها النظام فكل هذه
القضايا واجب علينا التعامل بها منذ
الآن والتنبيه عليها وإيجاد الحلول
لها. * نحن
في هذه الثورة لانحارب النظام وحده
فإذا سقط انتصرنا بل نحارب العالم أجمع
والكل متربص بنا ولنا فيما يحدث في مصر
وليبيا واليمن وتونس خير مثال . *
التركيز والتشديد على منهج المحاسبة
والعقاب بدلاً عن منهج وسياسة
الانتقام وهذا مبدأ وليس لإرضاء أحد أو
جهة ما. *
معارضتنا وإعلامنا يجب أن يكون إعلام
ثورة لامجال فيه للحياد ولا المساومة
ولا لإرضاء دول أو جهات أو منظمات أو
فئات على حساب فئات أخرى على حساب
كرامة وحرية الشعب السوري . فلنعمل
سوياً من أجل مستقبل أفضل وليكن شعارنا
معاً يداً بيد نبني وطناً أجمل بإذن
الله. عاشت
سوريا حرة أبية وماالنصر إلا من عند
الله ======================= الشورى
وقصة التوريث.. قراءة جديدة 1-2 صحيفة
العرب القطرية 2012-05-08 د.
محمد عياش الكبيسي الشورى
مبدأ إسلامي عام، متواشج مع كل شؤون
الحياة الإسلامية سياسية واقتصادية
واجتماعية وتربوية.. إلخ؛ فهو خلُق
وثقافة، وليس قانوناً سياسياً مجرداً؛
يقول القرآن الكريم في الشأن الأُسَري:
(فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور
فلا جناح عليهما)، وهذه السعة في مدلول
الشورى رافقتها سعة في الوسائل
والطرائق، فلم يحدد لنا الإسلام طريقة
بعينها لتطبيق هذا المبدأ، وعليه فمن
الممكن أن نتخذ في كل ظرف أو حالة أو
زمن الوسيلة المناسبة، وبهذا تكون
الشورى صالحة لكل زمان ومكان، وقادرة
على استيعاب المستجدات والتطورات
الحياتية المختلفة. اليوم
نواجه تحدياً جاداً في تنزيل الشورى
وفق متطلبات العصر وما حمله من مفاهيم
وقيم ذات مدلولات محددة ودقيقة، وكذلك
ما تميز به من قدرات تواصلية وتقنية،
فمثلاً مبدأ «سيادة الأمة» والذي يمثل
اليوم أساس النظام السياسي الغربي،
بحيث لا يكون الحاكم إلا أجيراً أو
موظفاً لدى الأمة، هذا المبدأ تزامن مع
نمو ثقافي غربي بمسؤولية الفرد
ومكانته، وبمعنى الحرية وتبعاتها،
وتزامن كذلك مع ثورة تقنية قادرة على
التحقق من إرادة الأمة كلها فرداً
فرداً، وفي يوم واحد! ومن يتابع نتائج
الانتخابات الرئاسية للولايات
المتحدة الأمريكية يتيقن هذا، هنا بدأ
بعض الإسلاميين بصياغة نظرياتهم
الجديدة عن الشورى والسياسة بطريقة
تقريبية أو توليفية، حتى ظهر مصطلح «الشوقراطية»
و»الدينقراطية» تعبيراً صادقاً عن هذا
التوليف، وقد انعكس هذا حتى في الأنظمة
الداخلية للجماعات الإسلامية، فظهرت
مصطلحات (الانتخاب) و(التصويت) لتختفي
في المقابل مصطلحات (الأتقى) و(الأعلم)،
حتى تساوى العالم بالجاهل أمام آلية
التصويت، بينما كان فقهاؤنا ينصون على
اشتراط الفقه بل والقدرة على الاجتهاد
في الولايات القيادية، وربما سيكون
لنا مع هذه النقطة موقف آخر في مقال
منفصل، ولكن الذي يعنينا هنا أن هذه
الثقافة الجديدة بدأت تحاكم التاريخ
الإسلامي وبأثر رجعي، وتحوَّل هذا
التاريخ من سِفر مجيد وعنوان للفخر إلى
شُبهة وتهمة نخجل منها! وإذا كان
التاريخ ركناً أساسياً في الهوية، فإن
هويتنا هي الأخرى باتت في مرمى السهام! معاوية
بن أبي سفيان هو المتهم الأول في هذه
المحاكمة! فهو من غيَّر نظام الحكم من
الشورى إلى التوريث، وهذه «البدعة» هي
التي استمرَّت عليها الأمة حتى سقوط
الخلافة في القرن الماضي، ومعنى هذا أن
تاريخنا لا يسلم لنا منه إلا ثلاثون
سنة فقط! هكذا صادر معاوية حقَّ الأمة
في الشورى، ثم إن الأمة تبعته في هذه
الخطيئة حتى بعد وفاته بألف وثلاثمائة
سنة! لكن هذه الأمة استيقظت الآن
لتكتشف هذه الخطيئة! ثم إن الذين
اكتشفوا هذه الحقيقة قد وقعوا بما يشبه
التناقض والازدواجية، فهم في الوقت
الذي ينتقدون فيه معاوية يمجِّدون عمر
بن عبد العزيز «الخليفة الزاهد»، وهو
في الحقيقة مخرَج من مخرجات هذا النظام
الوراثي –مع ما عرف عنه من ورع متميّز-
فقد كان عمر ركناً في هذا النظام، حيث
كان والياً للوليد بن عبد الملك على
المدينة، وهو الذي أقنع الوليد بتولية
أخيه سليمان بن عبد الملك بعد أن كاد
الوليد أن يحرمه منها لصالح ولده، فقال
له عمر: (يا أمير المؤمنين إنما بايعنا
لكما في عقدة واحدة فكيف نخلعه ونتركك؟!)
ثم تولى عمر نفسه الخلافة بوصية من
سليمان إلا أنه بدأ خلافته بخطبته
المشهورة: (قد ابتليت بهذا الأمر عن غير
رأي مني ولا مشورة من المسلمين، وإني
قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي
فاختاروا لأنفسكم) فصاح الناس (قد
اخترناك يا أمير المؤمنين) ولنا هنا أن
نسأل: من هم هؤلاء الناس؟ وما وجه حقهم
في تمثيل إرادة الأمة؟ وهم لم يكونوا
سوى عدد من المصلين في المسجد الجامع
بدمشق! وأخيراً أكمل عمر بن عبد العزيز
التزامه بهذا النظام، فعهد بالخلافة
من بعده إلى يزيد بن عبد الملك! وأما
صلاح الدين الأيوبي فقد استخلف ابنه
الملك الظاهر، ومما جاء في وصيته له: «أوصيك
بحفظ قلوب الرعية والنظر في أحوالهم،
وأوصيك بحفظ قلوب الأمراء وأرباب
الدولة والأكابر، فما بلغت ما بلغت إلا
بمداراة الناس، ولا تحقد على أحد.» وهذا
محمد الفاتح هو الآخر قد تولى الحكم
وراثة عن أبيه السلطان مراد الثاني، ثم
ولَّاه لابنه بايزيد الثاني بوصية
طويلة جاء فيها: «وابسط على الرعية
حمايتك بدون تمييز، واعمل على نشر
الدين الإسلامي؛ فإن هذا واجب الملوك
على الأرض» وهذه
مجرد نماذج، وإلا فتاريخنا كله تقريبا
صُنع بهذا النظام، ومن الملاحظ أن غالب
الوصايا التوريثية كانت ممزوجة بشعور
الإنسان القريب من ربه، ففيها الوصية
بالعدل والتواضع والاعتبار
والاستعداد للآخرة، وكثيراً ما كانت
هذه الوصايا بمشورة العلماء والصلحاء،
وهذا يعني أننا أمام معضلة معقدة تتمثل
أولاً بأن الخلفاء المورِّثين
والمورَّثين لا يشعرون بالذنب حتى وهم
على فراش الموت! والأدهى من هذا القبول
العام في الأمة لهذا النظام، وإذا كان
هذا النظام بدعة منكرة، فإن الواجب على
الأمراء الصالحين أن يغيِّروا هذا
المنكر، وواجب على العلماء أن يرفعوا
صوتهم، ولا يصح أن نتهم كل هؤلاء
والأمة من بعدهم بالتهاون والتواطؤ!
وكل الذين ورد عنهم الإنكار على قلتهم
جاء إنكارهم منصباً على توريث بعض
الحكام لقلة عدلهم وورعهم، ولذلك لم نر
هذا الإنكار مثلاً على تولية محمد
الفاتح! والخلاصة أن المسألة أعقد
بكثير من المقولات المبسطة التي تدور
كلها حول اتهام رجل واحد وهو معاوية بن
أبي سفيان، فالأمة كلها متهمة
بخلفائها وعلمائها! لنبدأ
الآن بتفكيك المشهد بطريقة هادئة
وبعيدة عن شبهة التحيُّز: يمكن
القول: إن النظام الوراثي كان نظاماً
عالمياً؛ فالدول الكبرى كفارس والروم
وكل الممالك الأخرى من فرنسا إلى الصين
لم تعرف غير هذا النظام إلا بحالات
استثنائية محدودة، وحتى الجزيرة
العربية التي لم تقم فيها دولة قبل
الإسلام كان هذا النظام يمثل المرجعية
الوحيدة في سلطة القبلية، وهذا يحتاج
إلى تفسير علمي وتحليل نفسي اجتماعي
دقيق ليس هذا محله. جاء
الإسلام في هذه البيئة القبلية
والدولية، فلم يضع نظاماً مفصَّلاً
للحكم، بل وضع المبادئ العامة كالعدل
والشورى، ثم فصَّل في إشارات قوية
تتضمن أهمية الاستقرار والوحدة، وحسم
باب التنازع ليس على أساس القيم
والمبادئ فقط، بل بضبط دائرة التنافس
في الأمر بأحكام أكثر تفصيلاً، منها
قوله عليه الصلاة والسلام: (الأئمة من
قريش) بينما لم يأت نص صريح في القرآن
أو السنة يحرم فيه التوريث، بمعنى أن
الإسلام لم يصطدم بالعرف السياسي
العام في ذلك الوقت، ومن هنا نقرأ في
كثير من الحوارات التي دارت بين
الصحابة أنفسهم والتي تشير بوضوح إلى
مزيج من التأثر الطبيعي بهذه البيئة
العامة مع تمسك شديد بمبادئ الإسلام،
وهذه المبادئ نفسها لم تكن مفصولة عن
البيئة والمستوى الثقافي والتقني لذلك
العصر، ولنأخذ مثلاً صورة الشورى
وتطبيقاتها في عهد الخلفاء الراشدين،
وهو العهد الأفضل والأقرب للورع
والتقوى: بعد
وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بادر بعض الأصحاب للاجتماع في سقيفة
بني ساعدة، وبعد حوار بين المهاجرين
والأنصار حُسم الأمر لأبي بكر وتمت
البيعة، وهذه السقيفة لم تكن قطعاً
لتضم الأمة؛ فالمسلمون في مكة ونجد
واليمن وأمصار الإسلام الأخرى لم
يحضروا، ولم يرسلوا من يمثلهم،
فالقضية كلها كانت تدور حول وجود أغلب
المهاجرين والأنصار وهم خيرة الأمة،
والأمة لهم تبع، فالشورى حصرت بين
هؤلاء السابقين لفضلهم وعلمهم، وهنا
نلحظ التوفيق بين الشورى من ناحية وبين
أهلية العلماء وأهل الخبرة والسابقة
للقيادة من ناحية ثانية، وبين الحفاظ
على وحدة الأمة والخوف من حدوث أي فراغ
في السلطة من ناحية ثالثة. ثم
تولى عمر بن الخطاب الخلافة بعهد من
أبي بكر بعد استشارته لكبار المهاجرين
والأنصار، فأعلن ذلك قبيل موته: (أترضون
بمن أستخلف عليكم؟ فإني والله ما ألوت
من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإني
قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب؛
فاسمعوا له وأطيعوا). ولما
طعِن عمر جعل الشورى في ستة من الصحابة
ممن توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو عنهم راض على أن يختاروا واحداً
منهم، وأمهلهم أربعة أيام، فاتفقوا
على عثمان، وكانت كلمة عمر المشهورة:
إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني –يعني
أبا بكر- وإن أترك فقد ترك من هو خير مني
يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما
قتل عثمان اختار الصحابة ممن بقي منهم
في المدينة علياً، ثم أرسل علي إلى
المسلمين في الأمصار أن يبايعوه كما
جرت العادة في الخلفاء الذين قبله. هذه
ملامح قوية لصورة الشورى في ذلك العهد
المبارك، وهي -كما ترى- ليست الصورة
التي يتخيلها الشغوفون اليوم بمبدأ «سيادة
الأمة المطلقة» وحق كل فرد فيها
بالاختيار، أو المتأثرون بالثقافة
الديمقراطية التي تولّدت عبر مراحل
متطورة ومتماشية مع ثورة الاتصالات
وتقنيات الاستبيان والفرز الحديثة. ومن
هذه الصورة التطبيقية للشورى اجتهد
الفقهاء في استنباط الأحكام التفصيلية
مثل العدد الذين تنعقد بهم البيعة،
فمنهم من يراها في أهل الحل والعقد وهم
أهل الفضل والعلم كالمهاجرين
والأنصار، ومنهم من يراها في من تتحقق
بهم الشوكة «القوّة»... إلخ، وهذه هي
الطرق المتاحة في ذلك الوقت، أما
التصويت الشعبي المباشر على أكثر من
مرشح، أو التمثيل «البرلماني» فلم يكن
وارداً ولا ممكناً. ===================== عشرة
أهداف يعمل عليها النظام السوري من
وراء تفجيرات دمشق..!! إياد
شربجي : موقع الجالية السورية بدول
الخليج 2012/05/10 نقلا
عن كلنا شركاء الآن
تجاوزنا صدمة ما حصل هذا الصباح في
دمشق، وبتنا متأكدين من الفاعل،
وبتحليل للواقع وتقاطعاته، أعتقد أن
النظام السوري قام بتنفيذ هذه العملية
البشعة بقصد تحقيق عدة أهداف حصرتها
بعشر، والرقم ليس مهماً هنا بقدر أهمية
المضمون: 1- دعم
روايته أمام لجان المراقبة العربية
بوجود تمرّد مسلّح وجماعات إرهابية في
البلاد. 2- دفع
الجامعة العربية لزيادة حجم التنسيق
الأمني معه بداعي حماية الأمن الشخصي
لأعضاء لجان المراقبة، وبهذه الطريقة
يتمكّن من إحكام السيطرة على تحركات
هذه اللجان وعرقلة عملها وتمرير
سيناريوهاته التمثيلية أمامها. 3-
إقحام عنصر جديد في المعادلة (القاعدة)
بقصد تحويل أنظار العالم ولخبطة
أوراقه نحو وجود قضية إرهاب في سورية
تسللت على أعتاب الثورة. 4-
تقديم مبرر لروسيا والصين للتذرع
بوجود قضية إرهاب في سورية تستدعي
ضرورة التعامل مع النظام كطرف ضامن
لعدم تفاقهمها، وقادر على قمعها (كما
في السيناريو اليمني) . 5-
زيادة جرعة العنف لدى عناصر الأمن سيما
بعد أن تمت التضحية بعدد من زملائهم في
هذه العملية، وهنا يلعب العامل الشخصي
دوراً مهماً في ذلك. 6-
إيجاد أرضية وتكوين رأي عام يدفع
باتجاه وقف التظاهر بحجة دخول الثورة
منعطفاً خطيراً صار فيه تنظيم القاعدة
لاعباً على الأرض، وهكذا يصبح أمن
البلاد هو الأهم، ويصبح المتظاهرون (مخربين). 7-
استثارة مشاعر مؤيديه وغضبهم، وربما
دفعهم للقيام بعمليات انتقامية بحق
المتظاهرين (الإرهابيين) وهذا ما
سيسخفف عبئاً عن النظام، ولاحقاً قد
يصبح تدخل الأمن لوقف عنف الموالين
مطلباً للمعارضة ذاتها. 8-
تصفية بعض المعارضين البارزين
المحتجزين لديه في هذه الفروع، والذين
يشكّلون خطراً على روايته، وهذه نقطة
خطيرة للغاية في حال ثبت أنها نفّذت في
تفجيرات اليوم. 9-
إيصال رسالة خفية للمعارضة
والمتظاهرين بأن النظام قادم على
تصفية عنفية واسعة تحت مسمى العمليات
الإرهابية. 10-
إيجاد مبرر لتكثيف الضغط الأمني وقمع
الناشطين بحجة حماية المدنيين ومطارة
الإرهابيين . لا
أقول إن هذا سيحصل، بل هذا ما أعتقد أنه
يخطط له، ومن يتابع الإعلام السوري
الآن وطريقة تغطيته للحدث، سيكتشف أنه
يسير في تطبيق جميع البنود أعلاه أو
عدداً منها على الأقل. حتى لو
كان غبياً ومكشوفاً، لكنه سيناريو
خبيث ومربك…. ويجب أن يكون لدينا
السيناريو الخاص بنا. أيها السوريون نحن نواجه إبليس شخصياً….ويجب أن نحسن التعامل مع هذا الحدث الكبير الذي حصل اليوم، والاحتياط من تبعاته..على الأقل من باب الحذر، وإفشال المخطط قبل اكتمال عناصره. ======================= حماية
المدنيين السوريين والمجتمع الدولي:
السوريون في فخ الانتقائية وسياسة
الكيل بمكيالين يرى
الباحث هينينغ ميلبر أن سيادة الدول لم
تعد عذراً للبقاء دون حراك عندما تنتهك
الحكومات حقوق الإنسان الأساسية كما
هو الحال في سوريا، محذرا في الوقت
ذاته من الانتقائية في التعامل مع
مأساة الشعب السوري. هينينغ
ميلبر* ترجمة:
ياسر أبو معيلق مراجعة:
هشام العدم حقوق
النشر: قنطرة 2012 10/5/2012 طوال
الأسابيع الماضية راقب العالم النظام
السوري وهو يقتل شعبه. وقبل فترة قصيرة
من مقتلها في مدينة حمص أواخر شهر
فبراير الماضي، كتبت مراسلة "صنداي
تايمز" ماري كولفين: "لا أحد هنا
يتفهم كيف يسمح المجتمع الدولي بحدوث
ذلك". أما اليوم، فإن الحكومات
الأجنبية تمتلك من ناحية المبدأ حق
التدخل في حالات مثل هذه، إذ قامت
اللجنة الدولية المعنية بالتدخل
وسيادة الدول بتقديم مبدأ مسؤولية
الحماية سنة 2001، وقبلت قمة الأمم
المتحدة العالمية بهذا المبدأ سنة 2005،
وتبنته الجمعية العمومية سنة 2009. جاء
مبدأ مسؤولية الحماية رداً على
الصدمات في كل من رواندا والبوسنة
والصومال ومناطق أخرى، ويعتبر أحد أهم
ما جاءت به الأمم المتحدة في السنوات
الأخيرة، إذ نجح هذا المبدأ في نقل
التركيز من عدم التدخل إلى الاكتراث
بما يحدث، ولم تعد السيادة تعني رخصة
مفتوحة للقتل، كما يقول غاريث إيفانز،
رئيس اللجنة الدولية المعنية بالتدخل
وسيادة الدول، والذي يشدد على أن مبدأ
مسؤولية الحماية مبني على "استحالة
تجاهل صرخات الألم والاستغاثة التي
يطلقها البشر". خطر
الانتقائية والكيل بمكيالين "من
الخطأ أن يقرر المجتمع الدولي ألا
يتصرف في أي مكان لأنه لا يستطيع
التصرف أينما كان". لكن
التحدي في تطبيق هذا المبدأ هو تحديد
نوع التدخل المبرر وتوقيته، فالشكوك
عادة ما تتعلق بنوايا أولئك الذين
يرغبون بالتدخل. أكثر هذه الشكوك عبرت
عنه الدول الأعضاء في الجمعية
العمومية عند مناقشة المبدأ سنة 2009،
ألا وهو خطر الانتقائية والكيل
بمكيالين. لكن من الخطأ أن يقرر
المجتمع الدولي ألا يتدخل في أي مكان
لأنه لا يستطيع التدخل أينما أراد. لقد
اتهمت الصين وروسيا حلف شمال الأطلسي
باستغلال قرار مجلس الأمن الدولي رقم
1973، الذي صدر لحماية المدنيين، من أجل
فرض تغيير للنظام في ليبيا. المصالح
النفطية كانت واضحة، والعنف المستمر
في ليبيا ما زال مقلقاً. ومن الواضح
أيضاً أن مبدأ مسؤولية الحماية لن يصبح
له معنى إذا ما وقف المجتمع الدولي
متفرجاً على جنود معمر القذافي وهم
يفون بوعودهم في قتل المعارضين في
بنغازي. وبالتفكير في تلك الأحداث مرة
أخرى، يجب علينا أن نبحث بكل دقة كيف
كان من الممكن منع سفك بعض الدماء هناك. إن
الوضع الليبي يبرز معضلة أخلاقية
مهمة، إذ من المستحيل تحديد شرعية تدخل
عسكري أو عدمه بناء على الحقائق وحدها،
لأن على المرء أن ينظر أيضاً إلى
السيناريوهات الافتراضية المغايرة
للواقع. يجب علينا أن نمنع حدوث ضرر،
إلا أن علينا الانتباه إلى عدم التسبب
بضرر أكبر من ذلك الذي نحاول منعه. قد
يتم اللجوء إلى العمل العسكري من أجل
إنقاذ حياة البشر، إلا أن البعض قد
يجادل باتباع أقصى درجات الانضباط
والمفاوضات. قد ينجح كلا الحلين، وقد
يفشلا. التدخل
العسكري هو الخيار الأخير رجوع
إلى مبدأ السيادة: تقارب بين سوريا
والصين. استخدمت
الصين وروسيا حق النقض (الفيتو) لمنع
إصدار قرار في مجلس الأمن حول سوريا. هل
بررت قراءتهم لما حدث في ليبيا التفرج
على نظام الأسد وهو يقتل شعبه؟ هل لا
تزال تبرر ذلك؟ هناك أسباب لتردد
المجتمع الدولي في التدخل في سوريا،
منها تشكيكه في احتمال انبثاق نظام
مستقر وسلمي هناك في المستقبل القريب،
وقلقه من انتشار العنف إلى المنطقة
المجاورة. وكما أوضحت التجربة
الليبية، فإن الانحياز إلى طرف ما خلال
حرب أهلية مسألة عويصة، إذ إن نتائج
التغيرات الثورية تميل عادة إلى أن
تكون غير متوقعة وغير مرغوبة في كثير
من الأحيان للثوار أنفسهم. إن
اللغة التي استخدمها إعلان مجلس
الأمن، الذي تم إقراره بالإجماع، ليست
قوية، وتطالب جميع الأطراف بوقف
العنف، وتعلن بشكل مبهم عن "خطوات
إضافية" ما لم تبدأ سوريا بعملية
سياسية. هذا غير كاف، إلا أنه خطوة في
الاتجاه الصحيح، فالتدخل العسكري يجب
أن يبقى الخيار الأخير. بعض الردود
الهادفة على العنف قد تشمل العقوبات
والمقاطعات الانتقائية، أو فضح بعض
الشخصيات، أو حتى تقديم الحوافز
للسلوك الجيد، حتى وإن جاء ذلك على
حساب العدالة. وفي كل الأحوال، فإن
العمل الجماعي مطلوب من قبل المجتمع
الدولي. يجب التعامل مع مبدأ مسؤولية
الحماية بشكل مسؤول وجماعي، والتدخل
العسكري يبقى الخطوة القصوى. لكن سيادة
الدول لم تعد عذراً للبقاء دون حراك
عندما تنتهك الحكومات حقوق الإنسان
الأساسية. *يشغل
هينينغ ميلبر منصب المدير التنفيذي
لمؤسسة Dag Hammarskjöld بمدينة أوبسالا السويدية، بالإضافة
إلى كونه باحثاً مشاركاً في دائرة
العلوم السياسية بجامعة بريتوريا في
جنوب أفريقيا. ========================= خطة
عنان .. أصبحت تبريراً للعجز..!! بقلم
/ أنور صالح الخطيب : الراية 9-5-2012 بات
منظر الدم السوري المسفوح في شوارع
المدن والبلدات السورية عادياً أو
يكاد وباتت أخبار الموت على الشريط
المتحرك للفضائيات معتادة لا تحرك
ضمير أحد فالعالم كما يبدو اعتاد على
مشهد الموت في سوريا فأصبح مشهدا يوميا
عاديا في ظل عجز دولي وفضيحة أخلاقية
مدوية فالعالم المتحضر -أو هكذا يفترض-
لم يستطع وضع حد لعنف النظام والخيار
الذي لجأ إليه لوأد ثورة الشعب السوري
ومطالبه العادلة بالحرية
والديمقراطية والتغيير فدفن كالنعامة
رأسه في الحفرة..واكتفى بالتعبير عن
القلق والتحذير من حرب أهلية ثم خرج
علينا بخطة المبعوث الدولي والعربي
كوفي عنان التي وافق عليها الجميع
واتفق الجميع كل لأسبابه على عدم
تطبيقها. المأساة
أن "المجتمع الدولي" بات يختبئ
خلف خطة عنان ليخفي فشله وعجزه وليبعد
الحرج عن مؤسساته الدولية ومنظماته
الإنسانية أما الأكثر إيلاما على
النفس فهو من اعتبر "انخفاض أعداد
الضحايا المدنين اليومي إلى النصف
انجازا " بعد دخول خطة المبعوث
الدولي والعربي حيز التنفيذ منتصف
الشهر الماضي وبدء انتشار المراقبين . من
المفترض أن يكون كوفي عنان قد خاطب
مجلس الأمن الدولي عبر دائرة
تلفزيونية مغلقة ليلة أمس للحديث عن
الشوط الذي قطع في تنفيذ مبادرته ومدى
التزام النظام السوري والمعارضة بها..
ومن المفترض بل والمتوقع ان يمنح مجلس
الأمن الدولي عنان فرصة أخرى لتطبيق
مبادرته رغم انه يعلم ان النظام السوري
استمر في القتل وقصف المدن وحصارها
واستهداف المدنين وانه فرغ المبادرة
من مضمونها خاصة مع عدم قدرتها على
تحقيق مطلب وقف العنف وحماية المدنين
الذي هو الأساس في هذه المبادرة التي
أيدها النظام ووافق على بنودها إلا انه
لم يطبقها ولا يريد أن يطبقها كما هو
ظاهر. لقد
شهدت المدن السورية ارتفاعا كبيرا في
أعداد الضحايا المدنين الذين سقطوا
على أيدي الجيش وأجهزة الأمن وما يعرف
بالشبيحة كما وثقت منظمات حقوق
الإنسان السورية والدولية آلاف
الخروقات لمبادرة كوفي كما كشف المرصد
السوري لحقوق الإنسان أن عدد القتلى
الذين سقطوا جراء أعمال العنف في سوريا
وصل إلى 11925 من بينهم 831 سقطوا بعد
الإعلان عن وقف إطلاق النار في الثاني
عشر من ابريل من بينهم 589 مدنيا. كما
تواصل سقوط الأطفال صرعى لرصاصات
النظام وشبيحته حيث بلغ تعداد من قتل
منهم في مختلف المدن والبلدات السورية
منذ بدء تطبيق خطة عنان حوالي "34"
طفلا. الامر
الذي يؤكد الطبيعة الدموية للنظام
السوري الذي لم يعد يأبه بالمجتمع
الدولي ومطالباته بوقف العنف وسحب
أسلحته الثقيلة من المدن لأنه يعرف
جيدا أن نجاح خطة عنان يعني بداية
النهاية لعصر الديكتاتورية والتسلط
الذي يمثله. إن
تنديد الامين العام للامم المتحدة بان
كي بـ"وحشية" قوات النظام واشارته
الى ان الهجمات التي تنفذها المعارضة
المسلحة قد تكثفت ردا على هذه الوحشية
لا يعفي المجتمع الدولي من مسؤوليته في
وضع حد لإراقة الدماء في سوريا كما ان
تحذيره من وقوع حرب اهلية حقيقية وسقوط
ضحايا بأعداد كبيرة لا يكفي ليطمئن
الشعب السوري ان المنظمة الدولية تقوم
بالدور المطلوب منها كجهة تحمي الأمن
والسلم الدوليين. من حق
الشعب السوري الذي يقتل أبناؤه يوميا
أن يصرخ يا وحدنا بعد أن خذله الأقربون
وصار دمه المسفوح محلا لتنافس المصالح
الدولية والحسابات السياسية وبعد أن
فشل المجتمع الدولي في إجبار النظام
السوري على وقف العنف والقتل بعد أن
بلغت أعمال العنف حدا لا يمكن معه
الاقتناع بجدية النظام السوري في
تطبيق خطة المبعوث الدولي والعربي
ورغبته في الإصلاح والاستجابة لمطالب
الشعب السوري . لقد
استمر سقوط القتلى في مختلف المدن
السورية على أيدي قوات النظام وجرى
إطلاق النار على المظاهرات السلمية
المطالبة بالحرية والتغيير واستمر
حصار المدن الثائرة على النظام
واقتحامها واعتقال المواطنين في يوم
الانتخابات التشريعية التي أرادها
النظام دليلا على مصداقيته ورغبته في
الإصلاح والديمقراطية وهو دليل لا
يستقيم مع العقل فدعوات الديمقراطية
والتعددية والإصلاح لا تتوافق مع
جرائم القتل والخطف والاعتقال وحصار
المدن وقصفها كما أن الانتخابات تكسب
شرعيتها ومصداقيتها من مشاركة الشعب
بكل أطيافه وفئاته فيها بكل حرية
وشفافية وهو ما لا يتوفر في هذه
الانتخابات التي أرادها النظام وسعى
إليها لإطالة عمره. ================= يوسف
الكويليت الرياض 9-5-2012
قادة ورثوا ثقافة الانقلابات
والتطرف المذهبي والطائفي، وأضاعوا
بلدهم بين خرافة الاشتراكية العربية
وهجاء الامبريالية، بينما يمارسون
الرجعية الأروتارية في نهب الاقتصاد
وقمع الشعب ثم التقاتل معه، يذهبون،
وبسخافة وتجهيل للرأي العام العالمي
بانتخابات صورية بقوة السلاح، وعيون
الاستخبارات، لكن الرد جاء شعبياً
عندما خلت مناطق الاقتراع في كل سوريا
ورفض الخدعة الساذجة، ورشحوا قتلاهم
من الأموات ليحتلوا المناصب!! سوريا
الأسد الابن أعادتنا لانتخابات مماثلة
عندما دفعت حكومات عسكرية بأنصاف
أميين من العمال والفلاحين والجنود
للواجهات ثم سجنوا الكفاءات والعقول
باسم التآمر على الثورة لتخرج النتائج
بانتخاب الرئيس بالمهزلة الشهيرة ب (99،9)
بالمائة، وهذه المرة قد لا تحدث هذه
النسبة ولكن بالخيار الوطني للقيادة
العظيمة ليصبح الأسد وفق قانونه الخاص
الرئيس، ليختار أخياره وحوارييه
وأزلامه، وأبناء طائفته للسلطة
المطلقة.. في
انتخابات يغيب عنها ثلاثة أرباع الشعب
والبلد في حالة غليان، والمرشحون
والمقترعون صناعة النظام، يستحيل أن
يصدق أي إنسان أن شرعية هذه الانتخابات
مقبولة أو حتى تتوافق مع الحالات التي
يتم فيها التزييف، ولكن بصورة مستترة.. معروف
أن الفضاء الديموقراطي يأتي نتيجة
دساتير وقوانين تعطي الحقوق الكاملة
للمواطن، ليكون له الخيار بمن يريد ومن
يرى فيه ممثله الخاص، لكن في سوريا
الدكتاتورية المطلقة لا يمكنها رؤية
شيء منطقي أو مقبول في بلد يساق شعبه
للموت والسجون والتشرد.. سلطة
عجزت أن تبدأ بالإصلاح ونشر بعض
الحريات والعمل على الوحدة الوطنية،
بدون تمييز، والتحرك عربياً وعالمياً
لصياغة نظام يجلب الاستثمارات والسياح
وإطلاق طاقات الشعب، وسن مناهج
تعليمية واقتصادية لا يمكنه زرع الثقة
بمواطنيه وغيرهم، لأنه لا قضاء بل
أحكام عرفية، وإرهاب منظم لما يقرب من
نصف قرن أطلق يد عائلة الأسد، أن تكون
السيد على القطيع الشعبي!! ستدوم
السلطة، ولكنها لن تخدع شعبها وغيره
بأن من ثاروا قدّروا الثمن وتعاملوا
معه بتضحيات نادرة، وشعب بهذه القوة،
لا يمكن أن يساق إلى انتخابات مزيفة
مقرر سلفاً الفائزون بها، ومع مواطن هو
الأعلى ثقافة وتجارب مع مختلف السلطات
والتيارات، ولعل فشل الدولة أن تجبر
الشعب على قانونها، هزيمة جديدة
وباقتراع مضاد برفض نظاماً ودولة
همجية ولعل المشاهد المنقولة من
الأحياء والأزقة والمدن باتخاذ خيار
الرفض المطلق بيان عام ضدها.. العالم
استهجن سلوك النظام السوري، وباركته
الصين، وهي نظام ديكتاتوري يحكمه
الحزب الشيوعي، ولا توجد فيه انتخابات
إلاّ ما ظل يجري في الدول الشيوعية،
وروسيا قيصرية جديدة يتداول السلطة
فيها اثنان فقط، وإيران ونظامها قامع
للمعارضة ورئيسها وصل إلى السلطة
بانتخابات مزيفة.. إذن
سوريا تقاد بدولة بوليسية تؤيدها
ديكتاتوريات خارجية لكن اللعبة لا
تنطلي على الملعوب به، لأن قانون
الحرية أقوى من قسوة الأنظمة
ودكتاتورياتها.. ================= تحرير
دمشق في التموضع الشيعي العربي استمرار
الجمهورية الإيرانية الطائفية
القائمة بعد تحرير دمشق وارد جدًا ولكن
هيمنة "الولي الفقيه" لا يمكن أن
تكون بهذا المستوى مهنا
الحبيل الأربعاء
09/05/2012 المدينة تحدثنا
في الحلقة الأولى عن قضية التصور
الجزمي لربط حالة المواجهة الدموية
بأبناء الطائفة الشيعية إسقاطًا على
المشهد المروع في سوريا وغيرها وبيّنا
خطأ هذا الجزم وأعطينا قراءة قياسية
لمعرفة ما الذي جرى في المنطقة بعد
تحقيق الثورة الإيرانية صناعة التشيع
الجديد الذي أخفى حقبة زمنية مهمة
للاندماج الوطني النسبي عربيًا ودفن
عقود المواءمة بين الشيعة والسنة في
التاريخ القديم والمعاصر وبالتالي
إمكانية تغير العلاقة إيجابيًا بعد
سقوط هيمنة الولي الفقيه الإيراني
فضلاً عن القطعيات الشرعية بحرمة
تحميل مسؤولية الجرم لأي بريء، واليوم
نتحدث عن قضية ماذا يعني لهذا الملف
أحداث الثورة السورية ويتبادر علينا
سؤال احتجاجي مهم، وهو لماذا يُربط
بالضرورة قضية تصدع إمبراطورية الولي
الفقيه الإيرانية بتحرير دمشق من قبل
الثورة السورية وعودتها لجذورها
العربية كغالبية وأقليات طائفية هم
عربًا أصلاً، ولماذا هذا الإصرار في
التحليل على ضرورة تأثر الجمهورية
الإيرانية الحديثة بذلك؟! والجواب
هنا يبدو مفاجئًا لأن المصدر إيراني
بامتياز!! فكيف ذلك؟ إن رصد
حراك الموقف الإيراني وفلسفة قياداته
الدينية والسياسية العليا وبرنامج
حكومة طهران التنفيذي واستعداء كل
فصيل فكري وسياسي سواءً في لبنان أو
العراق أو غيرهم للمشاركة التنفيذية
في دعم النظام الأسدي، وتثوير الخطاب
ضد الحالة المدنية السورية المناهضة
للنظام، كل ذلك كان يندفع من إيران وكل
مواقع نفوذ الولي الفقيه بصورة لا تجعل
لطهران أي مراهنة للرجوع بنصف
الخسائر، ولا بطرح احتمالية انتصار
الثورة السورية ولو بنسبة ضئيلة بحسب
اعتقادهم، وتحول السيد حسن في لبنان
إلى مقاتل مباشر ضد الثوار المدنيين
السوريين في خطابه الإعلامي أو عبر
المنظومة الأمنية التي قدمها للنظام
والاصطفاف الشامل معه في كل جرائم
الحرب التي ارتكبها، كل ذلك يعني أن
إيران الولي الفقيه تتعامل بالفعل على
أن سقوط النظام يعني سقوط هيمنتها. وهنا
نحن نقول هيمنتها ولم نقل الجمهورية
الإيرانية الطائفية القائمة،
فاستمرار هذه الجمهورية وارد جدًا بعد
تحرير دمشق، لكن هيمنة الولي الفقيه لا
يمكن أن تكون بهذا المستوى وخاصة في
الوطن العربي دون تاريخ الأسرة
الأسدية، إن شراكة النظام الأسدي في
تطوير تصدير الثورة الطائفية واحتواء
محاور كاملة من شخصيات وقواعد
اجتماعية كبيرة لمصلحة إيران كان
برنامجًا يُضخ الدعم له بقوة من النظام
لثلاثة عقود، ويكفي أن نتصور ماذا يعني
ذلك لحزب إيران اللبناني بعد سقوط
الأسد، فإذا قيل إن الحرس الثوري
الإيراني في الأصل دخل في مطلع
الثمانينات للبنان وساند الحزب لتأسيس
قوته العسكرية، فهل كان هذا الدخول إلا
عبر نفوذ نظام الأسد، فأين سيذهب الحزب
في موازينه وهيمنته الكبرى على
الطائفة وتصفية أي مناويء له فيها بعد
أن يسقط الأسد، ما هي قوته الحقيقية؟! والأمر
أيضًا يتداخل مع العراق ومع الحالة
الخليجية التي صرح القادة الإيرانيون
أنفسهم بأن تحريكها ضمن أدواتهم
المشروعة في صراع الدفاع عن الأسد وهي
المناطق التي شهدت تدعيم الولاء للولي
الفقيه فيها لدى بعض الجماعات من خلال
هذا التوازن وهو عمامة الولي الفقيه
وحربة الأسد الأمنية وحقق عبرهما
بناءً مركزيًا لتحقيق النفوذ القوي
للتحالف المصيري، كل دلائل هذا التصدع
لإمبراطورية الولي الفقيه عندما تتحرر
دمشق تعني زلزالاً كبيرًا في المنطقة
في بنائها الإقليمي لكننا هنا نتناوله
من زاوية إستراتيجية لمستقبل العلاقات
بين الطائفتين في الوطن العربي ومناطق
الاحتقان. ونحن
هنا وإذ عرضنا للتصدع السياسي
والعسكري فإننا أشرنا له كمرحلة لازمة
للتغيرات الفكرية والسياسية التي
ستطرأ على الطائفة، لكن الركن الأول
لهذا التغير هو إعادة تموضع الشيعة
العرب وسقوط برنامج ضخم من الضغوط
الشرسة تأسست عليها هذه المرحلة
وبالتالي صعود الحراك الفكري والنشاط
الوطني والمجتمعي للشيعة العرب بمدارٍ
ضخم أضحى لأول مرة منذ 1979 يواجه أسئلة
الدين والإنسان والوطن والشريك العربي
بلا مقصلة الولي الفقيه أوتهديده
أوعلى الأقل تراجع قوته القمعية على
الإنسان الشيعي العربي.. وميدانه
الفكري والوطني وهو حديثنا للحلقة
الأخيرة بإذن الله. ================= د.خالص
جلبي تاريخ
النشر: الأربعاء 09 مايو 2012 الاتحاد الآن
وبعد وقوع أكثر من 11 ألف ضحية، ونزوح
أكثر من مليون داخل البلد وخارجه، وكأن
المجتمع الدولي يتآمر على الشعب
السوري، يواجه السوريون حلفاً غير
مقدس هو أشبه بسور يأجوج ومأجوج... فهل
ينجحون في جعله دكاً، "وكان وعد ربي
حقاً"؟ مع كل
هذا العنف في احتواء الثورة وسحقها،
فإن الثورة تزداد اشتعالاً،
والانشقاقات لا تتوقف من الجيش لتكوين
جيش سوريا الوطني المستقبلي. إن
انتخابات 7 مايو 2012 لا تزيد عن كذبة
كبيرة لا يصدقها حتى أتباع النظام، لكن
لابد منها من أجل الديكور المعمول عليه
منذ أربعين عاماً. إن
الوضع في سوريا أشبه ما يكون بمزرعة
لعائلة الأسد، فكل الأرزاق وكل
الصفقات، المشبوهة والمعلنة، يلزم أن
تمر عن طريق العائلة. والمعلومات
الواردة عن قصص العرّابين فواز ومنذر،
من عائلة الأسد، تعطي تصوراً عما يدور
في البلد، فالأول أوقفه شرطي لارتكابه
مخالفة مرورية فأهانه وأمره أن يستمر
في مسح سيارته أمداً من الزمن. أما
الثاني فكان في مطعم فاخر للسمك في
اللاذقية، وإذ لم تعجبه نظافة قدح
أمامه قام برش المكان بالرشاش فتناثرت
الطلقات فوق الزبائن المرعوبين. ووفقاً
لتقرير نشرته مؤخراً مجلة "ديرشبيجل"،
فإن سوريا تحلب حالياً وتنهب ليس فقط
من الشبيحة، بل من عناصر المخابرات.
إنها فرصة الإثراء السهل والسريع
لرجال المخابرات، فهم لا يعتقلون
الناشطين فقط، بل كل من يعتبرونه
سميناً يمكن تحصيل الأموال منه بأي
تهديد ووعيد. وحسب
تقرير منشور مؤخراً، فإن معظم مراكز
المخابرات تدار بأيدي ضباط علويين،
يشعرون أن نهاية النظام هي نهاية العصر
العلوي، وبداية انكسار العمود الفقري
للتمدد الصفوي. أما الشبيحة فمنهم
العلويون، ومنهم أخلاط شتى من أقليات
تحتشد بها البلاد، وضمنهم سنّة طامحين
للكسب السريع. إنها
أيام يموت فيها العقل والضمير وتفوح
رائحة العفن الطائفي. ويختم التقرير
كلامه بأفظع ما يمكن تصوره على لسان
عبد الباري الحمصي، حين يسألوه وهو
يعالج في مستشفى بطرابلس في لبنان عن
المستقبل: إنها نظرية الكثرة والقلة.
نحن السنة 18 مليون، وسوف نقضي على بشار
ومن معه، ولن يكون ذلك الوقت بعيداً.
فهل نحن إذن على أبواب "حرب الثلاثين
عاماً" في الشرق الأوسط؟ إن
الوضع خطير للغاية، وقد حار فيه
المناضل اللاعنفي "جين شارب" حين
سئل فقال: أمام سوريا طريقان، الحرب
الأهلية أو الحلول العقلانية الوسط. ثم
يضيف: أما أي تصور آخر فأنا جاهز لسماعه
من أي طرف. لكن من
بدأ بحفلة الدم، خطط للمضي نحو
الهاوية، ومن هنا يقول تقرير "دير
شبيجل" إن كلا الفريقين ليس عنده ثمة
عودة: النظام بعد شلال الدم وجبال
الجماجم سوف ينهار إذا أظهر ليونةً أو
تراجعاً أو خوفاً، والثوار سوف تطحن
عظامهم في صوامع غلال الحبوب لو
تراجعوا عن خيارهم الثوري. ومع ذلك
فالتاريخ يضحك علينا دوماً بخروج
أشياء من جعبة مكره ربما تفاجئ
الكثيرين. والسؤال
مرة أخرى: ألم يكن بالإمكان تجنب حمام
الدم هذا والخروج بحلول عقلانية؟ يبدو أن
بيننا وبين العقلانية مسافة سنة ضوئية
كاملة... فنحن نعيش عام 1433ميلادية في
العصور الوسطى حيث كانت الحروب
المذهبية على أشدها في أوروبا،
مترافقة بانتشار الطاعون، وحرق
الساحرات في الساحات العامة، ومعالجة
السعال الديكي بلبن الحمير! ================= مقاربة
الأزمة السورية وفق المنظور الغربي دمشق
ـ غازي دحمان المستقبل 9-5-2012 تأتي
مهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة
والجامعة العربية، كوفي أنان، في إطار
السياق الغربي الذي يتعاطى مع الأزمة
السورية بوصفها قضية معقدة ومركبة ومن
شأن تفجرها أن تكون له ارتدادات واسعة
وخطيرة على الإقليم، وتزاوج هذه
الرؤية بين حساسيات الدول الإقليمية
وحسابات القوى الغربية من جهة، وكذلك
الالتزامات الغربية مع كل من روسيا
والصين . ولعل
حالة التشابك، في الأزمة السورية، بين
داخل تطيف إلى أبعد الحدود، وكتلة
عسكرية كبيرة ومنحازة لطرف بعينه،
إضافة لوجود جوار إقليمي يقف على عتبة
الإنفجار، هي عناصر في رأي الغرب تحتاج
إلى عملية هندسية لتفكيكها، والواضح
هنا أن استراتجية الغرب في ذلك تقوم
باتجاهين متزامنين ومتوازين: -
الاتجاه الأول: يبدأ ببناء مسار قانوني
تراكمه قرارات مجلس الأمن، ومن خلاله
يصار إلى انخراط الطرف الروسي في جملة
هذه القرارات والمبادرات، وجعلها
شريكاً في الحل، لغاية الوصول إلى عزل
نظام الأسد عن شبكة الحماية الدولية،
والواضح أن مهمة أنان تشكل بداية هذا
المسار الذي يبدو أنه سيكون طويلاً
ومؤلماً بالنسبة للشعب السوري، ولكنه
من وجهة نظر الغرب أقل الخيارات
المتاحة سوءاً . -
الاتجاه الثاني: محاولة اختراق الكتلة
العسكرية، وتهيئة خيارات أخرى أمامها،
غير خيار الالتصاق بالأسد في حال
استمرار الأخير رفض إيجاد حل سياسي
للأزمة، ومن ضمن هذه الخيارات، ضمان
حصول الجيش على دور في التغيير المقبل،
مع إمكانية إيجاد نوافذ للتخلص من
الاتهامات، ويمكن في هذا السياق
اعتبار العقوبات التي فرضتها الدول
الغربية على بعض الضباط الكبار في
الجيش كنوع من ممارسة الضغوط عليهم
لتفكيك ولائهم للأسد . يدرك
الغرب تماماً أنه ببقاء هاتين
العقدتين، فإنه من الصعب إيجاد مخارج
عملية للأزمة السورية، خصوصاً وأن
الجوار الإقليمي تكرس كعامل غير مساعد
لإنجاح أي توجه دولي في المسألة
السورية، فقد توضح تماماً بأن تركيا
تواجه حزمة من التعقيدات الداخلية
والإقليمية المعقدة، كما أن الأردن
الذي يتداخل مع سوريا في المجالين
الجغرافي والديمغرافي يتعامل بحذر
كبير مع الأزمة لخوفه من انتشار السلاح
واحتمال انتقال جزء منه إلى أراضيه مما
يهدد النظام الموجود الذي يعاني مما
يكفي من التعقيدات، في حين أن لبنان
يبدو وكأنه ينام ويصحو ويده على
الزناد، حيث ترك المسؤولون فيه الأزمة
السورية تتفاعل داخل مجتمعهم إلى حدها
الأقصى . في سياق
آخر، وفي ظل وجود هذه الكتلة العسكرية
الكبيرة وإمكانية رفدها من بعض
الحلفاء الإقليميين، وكمية ونوعية
الذخيرة التي تمتلكها، فإن الأزمة
مرشحة لأن تطول زمناً أكبر ويكون لها
جولات دموية وجنونية في مراحل معينة،
وبخاصة بعد أن تكشف أن الجسم العسكري
الأفعل قد جرى بناؤه بطريقة يصعب إحداث
أي خرق في داخله، باعتباره كتلة متراصة
ومنسجمة في المصلحة والفعل، كما أن هذه
الكتلة لا تشكل قاطرة النظام وحسب، بل
جسمه الأساسي، ولا توجد فيها مفاصل
متمايزة ومرنة بما يسمح لها الانفصال
عن النظام والاستمرار كمؤسسة عسكرية
مستقلة، وبالتالي فإن مقولة إسقاط
النظام بالقوة تعنيها تماماً . ولكن
كيف يمكن لمهمة أنان تفكيك هذه الحالة
المتشابكة وتحقيق اختراق ما في الأزمة
السورية. لا شك بأن هذه المهمة ترتكز
على استراتيجية غربية تقوم على فتح
نوافذ معينة لأطراف الأزمة، وتأمين
خطوط التراجع لها، وذلك انطلاقاً من
إدراك أصحاب هذه الاستراتيجية بأن
الأزمة وصلت إلى حدودها القصوى وأنها
بعد ذلك ستكون مفتوحة على مشارف ومآلات
يصبح التراجع معها غير ممكن وتكون بذلك
قد تجاوزت مجال العمل السياسي، إضافة
للاعتقاد بأن الأطراف قد استنفذت
جزءاً كبيراً من رصيدها السياسي
والديبلوماسي، وهي بحاجة إلى مبادرة
معينة تساعدها على إعادة تموضع جديد من
الأزمة بشروط جديدة . وفق هذا
التحليل، المبني أساساً على زاوية
النظر الغربية للأزمة واستراتيجية
حلها، تبدو الأزمة السورية تتجه صوب
التفكيك، وبخاصة في مفاصلها الأساسية،
وهي مرحلة أولى وضرورية للخروج الآمن
لكل أطراف الأزمة عبر إيجاد مخرج متفق
على حدوده الدنيا، غير أن ذلك لا يضمن
بالضرورة نجاح مهمة أنان بخاصة وأن
البيئة التي تتغذى منها الأزمة،
بمكوناتها الداخلية والخارجية، تتسم
بطابع متوتر إلى أبعد الحدود وتمتلك
القدرة على تأمين الشحن الفائض للأزمة
بما يضمن استمرارها وبلوغها درجاتها
القصوى. ================= العيش
الإسلامي ـ المسيحي في الشرق العربي
يدحض مقولة صراع الحضارات جيروم
شاهين المستقبل 9-5-2012 إن
العلاقات الإسلاميّة المسيحيّة، لا
سيما على مستوى العالم الغربي والعالم
الإسلامي العربي، قد تدهورت منذ عقد من
الزمن. ولذلك أسباب عديدة قد تكون
أهمّها أحداث 11 أيلول وتداعياتها،
والعلاقات المتأزمة ما بين المسلمين
في أوروبا وأميركا وسكان تلك المناطق
الأصليين . من هنا،
جاءت تنظيرات المؤدلجين الأميركيين
الداعية إلى أنه لا مفرّ من الصراع ما
بين العالم الغربي (المعتبر مسيحيَّ
الثقافة والحضارة) والعالم الإسلاميّ . على أي
حال، ومن دون الدخول في سجال لاهوتي
وفقهي، نكتفي هنا باستقراء التاريخ،
باختصار، على مستوى العلاقات
الإسلاميّة المسيحيّة، وبالأخص في
المشرق العربي ليظهر بوضوح أن الحضارة
الإسلاميّة ليست إقصائية ولا صراعية
من حيث التعاليم ومن حيث الواقع المعاش.
الصفحات
الناصعة في تاريخ العلاقات الإسلاميّة
المسيحيّة في منطقتنا تجلّت في مساهمة
المسيحيّين العرب مساهمة ذات شأن كبير
في بناء الحضارة العربيّة -
الإسلاميّة، من الحقبة الأمويّة، إلى
العباسيّة، إلى نهاية الحقبة
العثمانيّة حيث ساهم المسلمون
والمسيحيّون العرب في النضال لأجل
الاستقلال، وبخاصة في بناء ما يُسمّى
"النهضة العربيّة"، وتبع ذلك
تضامن المسيحييّن والمسلمين في النضال
لأجل رفع نير الاستعمار الأوروبي
وبناء الاستقلال الوطني، كما سنرى
باختصار في ما يلي: إن لقاء
النبيّ الهادئ مع مسيحييّ نجران والذي
تخلّلته المباهلة التي يشير إليها
القرآن، يشهد للطور الأوّل من
العلاقات الإسلاميّة المسيحيّة والتي
لم تعرف، بداية، منظومة واضحة تحدّد
الحقوق والواجبات. إلاّ أنّ الفتوحات
المتعاقبة والعهود التي أعطيت
للمسيحييّن بوصفهم: "أهل الكتاب"
سرعان ما حدّدت في الواقع وضعيتّهم
كأهل ذمّة. وبدا أن ذميّتهم هذه أقرب
إلى العقد منها إلى الوضع الثابت.
ويعزّز هذا القول ما بيّنه لاحقاً
فقهاء عديدون وصولاً إلى يومنا هذا،
حيث يؤكد عدد من الإسلامييّن على
المواطنة ويفسّرون فكرة أهل الذمّة
تفسيراً تاريخيّاً يحررّها من المطلق
أو المؤبّد. وممّا
لا شكّ فيه أنّ هذه العهود أو العقود
تستوحي المبادئ القرآنيّة لكنّها
تعكس، في الوقت عينه، الظروف المحيطة
بالفتوحات وخصائصها. فمعظمها كان "يسيراً"
حسب ما جاء في وصف البلاذري لفتح بلاد
الشام. اقتضت
ضرورات بناء الدولة الأمويّة
ومؤسّساتها أن يعمد الحكّام المسلمون
إلى اصطفاء الأكفّاء للوظائف من دون
تفريق في الجنس أو الدين. واحتلّ عدد من
المسيحيّين مثل ابن سرجون منصور (يوحنا
الدمشقيّ)، مناصب رفيعة في الدولة لما
لهم من خبرة اكتُسبت في خدمة الدولة
البيزنطيّة. واستمرّ
المسيحيّون في ممارسة شعائرهم
الدينيّة بشكل طبيعيّ، ولم يكتموا
معتقداتهم الدينيّة بل جاهروا بها
معلّقين في أعناقهم صلباناً. وظلّ
كتّاب الدواوين من المسيحييّن، وحتّى
مطلع القرن الثاني للهجرة، يرسمون
علامة الصليب على ظهور الوثائق
الرسميّة في سوريا ومصر أيضاً، كما
تشهد على ذلك مخطوطات البردى في مصر
المدوّنة باللغتين اليونانيّة
والعربيّة. وكان رؤساؤهم المسلمون
يثبتون ختمهم إلى جانب الصليب عوض أن
ينهوهم عن ذلك. من
الطبيعيّ أن يؤدي كلّ ذلك إلى التفاعل
بل إلى تداخل اجتماعيّ بين المسلمين
والمسيحيّين يعزّزه، فضلاً عن المودّة
التي أوصى بها القرآن، شوق إلى
الاطّلاع وقابليّة لأخذ المعارف ورغبة
عند السادة الجدد ألاّ يقف اقتباسهم من
الحضارات الأخرى عند حدود ضيّقة. غنيّ عن
القول إنّ الحقبة العبّاسيّة شهدت
مساهمةً مسيحيّةً لافتة في الحياة
الفكريّة. وكانت الشخصيّات الأبرز
يومها تنتسب إلى النسطوريّة أو
اليعقوبيّة (من السريان المشارقة
والمغاربة). لعب
المسيحيّون دوراً كبيراً في التعريف
بالتراث اليونانيّ عن طريق الترجمة
وتعاطي الفلسفة والعلوم. ويشهد على
أهمّية هذا الدور، اتّساعاً وتنوّعاً،
ما جاء في طبقات الأطبّاء والحكماء
لابن جلجل الأندلسيّ، وفي باب "الفلسفة
والعلوم القديمة" عند ابن النديم في
الفهرست. ولن نستفيض، بالطبع، في تقويم
أثر الترجمات من اليونانيّة
والسريانيّة والفارسيّة التي قام بها
المسيحيّون الشرقيّون، وقد قطع
استعرابهم الإجماليّ شوطاً بعيداً، في
"تشكيل" الحضارة العربيّة
الإسلاميّة . إنّ
العهود الأولى رسمت إطاراً مرجعيّاً
للعلاقة بين الحكّام ورعاياهم
المسيحيّين . لكنّ الظروف السياسيّة
المتغيرّة، فضلاً عن طباع الحكّام
الشخصيّة ونوازعهم، تفسّر لنا ممارسات
متفاوتة في اللين أو في الشدّة. وممّا
يجدر ذكره أنّ الفقهاء صاغوا لاحقاً
أحكاماً تفصيليّةً تتناول أهل الذمّة
والسلوك المفروض عليهم بشكل يحدّ من
حرّياتهم المنصوص عليها في العهود
الأولى ويغالي في إخضاعهم، ولعلّ أبرز
ما نعرفه من هذه الأحكام ما ورد في
القرن الرابع عشر عند ابن قيّم
الجوزيّة. إنّ هذه الأحكام تستوحي "الشروط
العمريّة"، التي أثبت النقد
التاريخيّ بطلان نسبتها إلى الخليفة
عمر ابن الخطّاب لينسبها إلى الخليفة
الأمويّ عمر بن عبد العزيز، ثمّ خطا
خطوة أخرى وبات يعدّها وثيقة مزيّفة
ترتقي إلى القرن الرابع للهجرة. ومن
الممكن أن تكون خرجت من أروقة قصر
الخليفة العبّاسيّ المتوكّل. ================= الانتخابات
السورية أو الحرب بوسائل أخرى نهلة
الشهال السفير 9-5-2012 ليست «الانتخابات»
النيابية التي جرت في سوريا أمس الأول
«مهزلة» فحسب، على ما اشترك في وصفها
بذلك طيف يبدأ من الامين العام للأمم
المتحدة وينتهي بـ«هيئة التنسيق
الوطنية» وبشخصيات من المعارضة
السورية لم يعرف عنها يوماً محاباة
الغرب أو النفط. بل هي أخطر من هذا
بكثير. فهي حلقة جديدة تنتمي الى سياق
القمع الذي تنتهجه السلطة القائمة
هناك. وهي تتبع منطقاً نَظَم مسلك تلك
السلطة منذ انفجار حركة الاحتجاج
العامة في سوريا، يقول إنها هي،
السلطة، وحدها، من يتحكم بالوضع
القائم، سواء كان ذلك بتجريد حملات من
القمع الدموي الفظيع، أو بتقرير درجة
وشكل وميادين «الانفتاح» على متطلبات
التغيير، إذا ما أُجبرت على ذلك، فيما
هي لا ترى حقيقةً أي ضرورة له! وتعمق
هذه الانتخابات درجة الانقسام الداخلي
في سوريا، وهو حاضنة الحرب الاهلية
المحتملة، كما تساهم في إفشال «الحل
الدولي/العربي» المتمثل بخطة أنان،
وهو شديد الهشاشة اصلاً. وكل ذلك يضاعف
من خطورة ما جرى يوم الاثنين الفائت
وما سيليه، ويجعله يتجاوز مجرد «المسرحية
الشكلية»، مما يمكن عادة، وفي ظروف
أخرى، تحمله. تأتي
تلك الانتخابات لتقضي على الأمل
بإرساء منطق الحوار الوطني الواسع،
وهو وسيلة رسم خطوات وملامح مرحلة
انتقالية فعلية، توفر التغيير سلماً
وتدريجاً. ويفترض بمثل ذلك الحوار
استيعاب الجميع، أو على الأقل تقديم
اطار وآليات لمثل هذا الاستيعاب. فإن
رفضه البعض ممن له ارتباطات ودوافع
مشبوهة، لا علاقة لها بالقلق على
مستقبل سوريا، فهو ساعتها إنما يعزل
نفسه ويفضح نياته. ولذلك الحوار الوطني
المؤسِس للمرحلة الانتقالية شروط، في
مقدمتها أن توافق كل أطرافه، بما فيها
السلطة، على الحاجة لتغيير جدي وأساسي.
وهو بالضرورة يترافق مع صراع بين قواه
المختلفة على حدود هذا التغيير
ومجالاته وايقاعه ومدده، الى آخر ذلك.
أي أنه ليس طريقاً معبداً بالورود، ولا
بالنيات الحسنة. ولكن ميزته الاساسية
تبقى أنه قادر على الإحاطة بالعنف،
وتعطيله الى حد ما، وإبراز امكانية
التصارع السياسي بوسائل مضبوطة، مقننة
وسلمية. لم تأخذ
الامور هذا المنحى في أي لحظة في سوريا.
وعلى الرغم من ذلك، بقي هذا هو البديل
عن الانزلاق المستمر نحو الجحيم. لم
تأخذ الامور هذا المنحى لأن السلطة
القائمة شنت حملات قمع دموي بغاية كسر
الاعتراض ومحوه، متعاملة معه وفق
استراتيجية الإلغاء. وكذلك، لأن كتلة
المصالح المختلطة بالأوهام التي تحيط
بسوريا كانت من القوة بحيث أنها دفعت
بمجموعات وفصائل سورية معارضة الى ما
يمكن وصفه بالقطيعة التامة. فراح «المجلس
الوطني السوري» يتصرف بما يشبه تصرف
السلطة، كما لو أنه بديلها الجاهز
والموشك على استلام الحكم. لقد أدى
هذان النبذان الى المأزق. وإن كانت
مسؤولية السلطة أعظم، وجريمتها أكبر،
بسبب قدراتها القمعية التي لم تتوان عن
استخدامها، فإن مسؤولية المعارضة لا
تقل شأناً كونها معنية بتوفير الأفق
الآخر، وهو ليس تتويجها هي بأي حال من
الأحوال، بل إطلاق آلية عامة تفرض
ضرورة البديل وتطرحه كمهمة وتنسج
عناصره. ولأن
السياسة تموت حين تُصاب بفقدان
الذاكرة، وحين تُقطَّع اوصال اللحظات
وتؤخذ كل واحدة منها براهنية فورية،
فلنستعد حقيقة أن المعارضة تلك قامت
بنقيض هذا تماماً: طرحت حلاً يبدو
جاهزاً (أو أوهمت بوجوده) وقطعت الطريق
على ذلك التفاعل المطلوب. رُبًّ قائل
إنها اضطرت الى هذا المسلك بسبب دموية
النظام، ولكنها تحديداً الحجة
المردودة. ليس في تلك الدموية ما هو
مفاجئ وغير متوقع، بل يفترض ان تدخل
كمعطى أساسي في الخطة المعتمدة من أي
معارضة. وبالمحصلة اليوم، تشبه تلك
المعارضة في مجمل مسلكها السلطة التي
تقاتلها. وهذه أيضاً تقول إنها تقود
الانتقال عبر ما تسميه خطة الاصلاح
التي اقرتها... لوحدها، فعدلت الدستور
وألغت المادة الثامنة التي تنص على
قيادة البعث للمجتمع، وأقامت استفتاء
للموافقة على التعديل، وها هي تقيم
انتخابات عامة «تعددية» بعدما رخصت
لتسعة احزاب جديدة، واستبدلت لائحة «الجبهة
الوطنية التقدمية» بـ«قائمة الوحدة
الوطنية»(!)، وطبلت وزمرت للخطوات على
لسان معارضة مفبركة تدلي بتصريحات من
قبيل أن الانتخابات «نقطة بداية
لعملية سياسية» و«تخفض القمع للوصول
الى حوار». وحين سيفوز «حزب البعث»
بأغلبية المقاعد ويشكِّل الحكومة، أو
يرأسها على الأقل، فسيكون ذلك عين
الديموقراطية. لا يوجد غير روسيا
والصين ليريا في ذلك تدابير معقولة
ومنجزات. ولكن
الأمر يقاس نوعياً، وليس بتراصف
وتلاحق تدابير الديموقراطية الجبرية
تلك. يقاس بمعيار كونه جزءاً من مسار
وعلامات عليه، فأن يقال إن الانتخابات
شهدت إقبالاً في «الأحياء الهادئة»،
يمكن أن يترجم الى كلمات اخرى: لقد
شاركت فيها الفئات والأحياء التي
يتكثف فيها سكنٌ من ألوان طائفية محددة
ما زالت تؤيد النظام القائم. هي إذاً
تعميق للانقسام القائم ودمقرطة للغلبة
القسرية. ومن المضحك تسجيل «سرقة صندوق
اقتراع في مضايا»، كخرق. أليس ذلك «لطيفاً»،
يقصد القول إن كل شيء تمام التمام. ومن
يستمع للإذاعة السورية يوم الانتخابات
يظن نفسه في سويسرا وليس في بلد غارق
بدماء أبنائه، ودمرت أحياء كاملة من
بعض مدنه الكبرى. والحق
أن السلطة القائمة في سوريا غير مهتمة
بكل ذلك على الإطلاق. فخطتها الفعلية،
تلك المفتكرة والمهندسة، تقوم على
مطاردة الحركة الاعتراضية وسحقها.
وإلا فكيف يمكن، علاوة على التفرد
بالتحكم الممارس ذاك، تفسير اعتقال
معارضين بينهم شباب وشابات قالوا على
الإنترنت بعض قناعاتهم، وبينهم كتّاب
كسلامة كيلة لا يظن أحد أنه متورط
بسلاح ولا بمؤامرات. ولهذا
كله، تبدو سوريا وكأنها تعيش «لحظة
انتقالية» مديدة. ولكنها ليست لحظة
جامدة، معطلة، «ستاتيكية». وكلما
استطالت، فهي تقضي على حظوظ ولو ضعيفة،
بتجنب الأسوأ: استقرار الفوضى والحرب
الأهلية، وإن منخفضة الوتيرة في بعض
الأحيان. لا يمكن التصرف وكأن ما جرى
ويجري ليس سوى قوسين انفتح أولهما
ويجري العمل على إغلاق الثاني. ثم
يستتب الأمر.. بل هو الوعد بالجحيم. ================= فواز
طرابلسي السفير 9-5-2012 شكلت
الانتخابات النيابية الاخيرة في سوريا
تأكيدا اضافيا على حالة الانكار التي
يعيشها النظام السوري ويريد ان يقنع
بها العالم. جرت العملية الانتخابية
بطريقة يراد لها ان تبدو طبيعة، فصرّح
وزير الداخلية ان «لا مشكلة حتى الآن
باستثناء بعض الامور التي تحصل في أي
جو انتخابي». لم يقل الوزير في أي أجواء
انتخابية، وأية بلدان، يجري ما يشبه «بعض
الامور» تلك. ولكن هذه عيّنات عنها: قصف
الاحياء بالمدفعية في عدد من المدن، لا
اقل من ٣٠ قتيلا في يوم الاقتراع،
اعتقالات بالعشرات بل المئات، مقاطعة
شعبية واسعة واعتصامات وإضرابات
وتظاهرات للمعارضة على مدار البلد.
يجري كل هذا في ظل وقف لإطلاق النار
يحبو نحو نهاية شهره الاول. ولا يكفي
القول ان السلطات السورية لم تطبق
القسم الاكبر من إجراءاته. في أولى
وظائفها، حققت الانتخابات المرجو منها:
التمديد لبضعة اسابيع لحملة الحسم
العسكرية الامنية التي يشنها النظام
ضد الثورة الشعبية، باسم «الحرب (الدائمة)
ضد المجموعات الارهابية المسلحة».
وفّرت الاغطية العربية والاممية مهلة
جديدة للحسم الذي يبشّر به النظام
وانصاره، في الداخل والخارج، ولا حسم. مهما
يكن، خاضت هذا «الجو الانتخابي» سبعة
من اصل تسعة احزاب مرخصة جديدة
بالاضافة الى أحزاب الجبهة الوطنية
التقدمية، لصاحبها حزب البعث العربي
الاشتراكي، التي شكلت «لوائح الوحدة
الوطنية» في فئتي العمال والفلاحين
اضافة الى تحالفها مع ٢٣ مرشحا من
فئة المستقلّين. لم يفدنا وزير
الداخلية السوري بالكيفية التي بها
تثبتت وزارته من ان الاحزاب المرخصة لا
تقوم على أساس ديني او طائفي او مناطقي
او مهني، حسب قانون الاحزاب ومنطوق
الدستور. ولكن ليس معروفا ان لتلك
الاحزاب صلة ما بالمعارضة للنظام بأي
درجة من درجاتها. في
انتظار صدور النتائج، والمعروف ان حزب
البعث سوف يحصد فيها غالبية مقاعد مجلس
الشعب، يفيد التذكير بموقع المجلس من
النظام السياسي السوري بناء على
الدستور الجديد الذي أقرّه الاستفتاء
في شباط الماضي. بعد اعلان اسماء
الفائزين، سوف يصدر رئيس الجمهورية
مرسوما يدعو فيه أعضاء مجلس الشعب الى
الانعقاد. للمرسوم قيمة رمزية وفعلية.
كأنما الاقتراع الشعبي لا يكفي لمحض
اعضاء مجلس الشعب الشرعية، لا بد من
تكريس عضويتهم والشرعية بواسطة ختم
الحاكم الاوحد. حقيقة
الامر ان مجلس الشعب زائدة من الزوائد
في نظام رئاسي فردي شبه مطلق. على عكس
اي تقليد ديمقراطي يقضي بأن تنبثق
السلطة التنفيذية عن السلطة
التشريعية، وتكون مسؤولة تجاهه، ويحق
للبرلمان المنتخب محاسبة الحكومة ونزع
الثقة عنها، أفرادا وهيئة، لا علاقة
لمجلس الشعب بتشكيل الوزارة. الرئيس هو
من يعين الوزراء ورئيسهم. وكل ما
يستطيعه المجلس في مجال المحاسبة نقاش
أداء الحكومة وحجب الثقة عن وزراء
أفراد فيها. ومع ان الدستور يعيّن
لرئيس الوزراء دور «الاشراف» على عمل
الوزراء (بالمفرد وليس بالجمع) الا ان
رئيس الدولة يتابع عملهم عن طريق
تقارير خطية يرفعونها اليه عن نشاطهم
وهو الذي يقيلهم فرادى ورئيسا وهيئة.
والى هذا كله، يملك رئيس الدولة سلطات
تشريعية الى جانب سلطاته التنفيذية
شبه المطلقة، إذ يملك الحق في اصدار
القوانين (وهي عادة من صلاحيات السلطات
التشريعية حصرا ) خلال عطلة مجلس الشعب
كما خلال دوراته العادية. ولا يمكن
لمجلس الشعب نقض قانون من القوانين
التي يصدرها الرئيس الا بتصويت ثلثي
اعضائه. وليس معروفا ان العلاقة بين
رئيس الدولة ومجلس الشعب عرفت حادثة
نقض من هذا النوع منذ دستور العام
١٩٧٣. الى هذا كله يضاف ان
رئيس الدولة معفي دستوريا من اية
مساءلة او محاسبة. تشكل
الانتخابات النيابية السورية الخطوة
قبل الاخيرة لاستكمال «برنامج
الاصلاحات الشامل ». يبقى منه تشكيل
الوزارة العتيدة. ولا يستبعد تتويج
العملية بإعلان الرئيس استقالته من
منصبه كأمين عام لحزب البعث ليصير «رئيسا
لكل السوريين». ماذا
يعني ذلك؟ أتمّت «الاصلاحات» تجديد
النظام وفرضه كأمر واقع بتأكيد طابعه
الفردي شبه المطلق وقاعدته الامنية
العسكرية وطغمته الريعية المسيطرة على
الاقتصاد، تزيّنه تعددية سياسية شكلية
وفي ظل استمرار الاحتكار الرسمي
للاعلام وتغييب اية محاسبة عن سنوات
الحكم وعن انتهاكات القتل والاعتقال
والتعذيب قبل انطلاقة الثورة وبعدها. وحتى لو
افترضنا جدلا ان للاصلاحات جدوى
اصلاحية، يثور السؤال عمن طالب بتلك
الاصلاحات والى من هي موجهة. تقول
الاحصائيات، التي تروجها الاجهزة
الموالية للنظام ذاته، ان لا اقل من
٤٠ في المئة من السوريين يعارضون
النظام القائم في دمشق. يجب ان يضاف ان
هذه الاربعين في المئة لا تعارضه
انتخابيا وانما بكافة اشكال ووسائل
الضغط والاحتجاج السلمي والعنف
المسلّح منذ ١٥ شهرا في مئات
مواقع التظاهر والاعتصام والاضراب.
وهي تعارضه ايضا بواسطة العنف المسلّح.
فأي تنازل يقدّمه النظام للمعارضة
السلمية لنقول ان النظام يتنازل في
اصلاحاته تلك؟ انه لا يتنازل عن شيء. جهة
ثانية، يصعب التصوّر ان الذين توافدوا
الى صناديق الاقتراع، مرشحين او
ناخبين، اكترثوا كثيرا لسبعة أحزاب
جديدة لا يعرفون عنها الكثير حتى لا
نقول انهم لا يعرفون عنها شيئا. ولسنا
نحسب ان المقترعين تكاثروا لتزكية
قانون للاعلام يؤكد السيطرة الرسمية
عليه، يجعل التعددية الاعلامية بمثل
استحالة التعددية الحزبية والسياسية،
ويستوطن منازلهم بالبروباغاندا. يمنع
قانون اعتقال الصحفي، ولكنه يفرض عليه
القمع الذاتي، ولكن لا يحمي مدوّنة او
مدوّنا من الاعتقال والتعذيب. وهل سوف
يرى كثيرون في إلغاء التكريس الدستوري
لحزب البعث قائدا للدولة والمجتمع
انجازا عظيما وهم يعلمون انه سوف يسيطر
على مجلس الشعب والوزارة اضافة الى
هيمنته في الجيش واجهزة الامن
والادارة والتعليم وسائر مرافق الحياة
السورية. حقيقة
الامر ان «الاصلاحات» التي اعتمدت
شعارا لردّ النظام على الثورة
الشعبية، خدمت لفترة لممالأة الرطانة
الغربية عن التعددية والديمقراطية.
لكنها لم تنطلِ هذه المرة حتى على
الامين العام للامم المتحدة الذي نفى
عن الانتخابات اية صفة ديمقراطية. اما
باقي ردود فعل القوى الغربية فتوزعت
بين التسخيف والتشنيع. ويبدو ان «الاصلاحات»
انكفأت الى المرتبة الثانية في حرب
النظام ضد ذلك القسم المحتج والثائر من
شعبه، فباتت من الزوائد. غلبت الآن
الحرب (الدائمة) ضد «المجموعات
الارهابية المسلحة» بعد ان اكتشفت
السيدة كلينتون اختراق تنظيم «القاعدة»
للمعارضة السورية. وتنظيم «القاعدة»
لا يكذّب خبرا. يأتيك غبّ الطلب وقد بات
تنظيمات لا تنظيما واحدا كل تنظيم منها
معلّق بكرعوب دولة ما. فكيف اذا كان
النظام المهدد قد استخدم خدمات
الجهاديين في «القاعدة» وخارجها،
لسنوات طويلة خلال الاحتلال الاميركي
للعراق؟ خلاصة
القول ان الانتخابات البرلمانية اطلقت
رصاصة الرحمة على ما يسمّى الحوار
الوطني والعملية السياسية بدلا من ان
تمهّد لهذا وذاك. قطعت الطريق على اي
حوار بفرض إصلاحاتها معززة بادعاء «شرعية»
ودستورية الاستفتاءات والانتخابات.
يبدو ان الحرب من اجل الحسم هي البند
الوحيد على جدول اعمال النظام. فعلام
يتم الحوار؟ حتى ان «المرحلة
الانتقالية»، التي تصدّرت محاولات
الارتداد على الثورات وانقاذ الانظمة
القائمة، لا مكان لها في هذا المجال. كل
المعروض على المعارضة، وهو معروض منذ
ان بدأت المبادرة الروسية، هو الدخول
في بيت الطاعة اسمه حكومة اتحاد وطني
يسيطر عليها انصار السلطة. فلا عجب ان
ترفض كل اطياف المعارضة الطاعة وبيتها.
والسؤال
الآن، ماذا يملك النظام بعد من وسائل
المماطلة وشراء الوقت؟ يملك
المزيد من العنف. ثم ماذا؟ ================= راجح
الخوري 2012-05-09 النهار إنها
ايام الصناديق، صناديق هنا تحتوي على
قطاف الديموقراطية ورغبة الشعب،
وصناديق هناك تحتوي على الاقنعة
وتعمية الديموقراطية، وصناديق هنالك
تحتوي على الدمى او على الجثث! اولا:
في فرنسا كان قطاف مشرف للديموقراطية،
لأن الانتخابات الرئاسية لم تكن
تأكيدا متكررا لعمق احترام ارادة
الشعب، حيث خرج رئيس للجمهورية ودخل
رئيس جديد بفارق اقل من 2%، بل كانت
بمثابة ادانة غير مباشرة لعمليات
انتخابية جرت على سبيل المثال في روسيا
وسوريا. ثم ان الرئيسين، المنتصر
والمنهزم، اشادا بارادة الشعب وانحنيا
امامها وتعهدا خدمة "فرنسا السعيدة
التي لا تحني رأسها"! ثانيا:
في سوريا لم يكن الاهتمام منصبا على
صناديق الاقتراع بل على الصناديق التي
توصل القتلى الذين سقطوا الى مثواهم
الاخير، لكن النظام لم يتردد في القول
ان الانتخابات كانت ناجحة وانها تشكل
بداية للعملية الاصلاحية، في حين رأت
المعارضة انها "انتخابات مهزلة"،
لأن من الواضح انه من المستحيل اجراء
انتخابات في بلد غارق في النار وحمامات
الدم منذ اكثر من 13 شهرا. كان من
المثير ان تعلّق صحافة دمشق على
الانتخابات الفرنسية بالقول: "نيكولا
ساركوزي وألان جوبيه الى مزبلة
التاريخ"، في حين كان وصف باريس
للانتخابات السورية من ضمن الاجماع
الدولي تقريبا، على انها "مهزلة
شنيعة... ومزحة سمجة". واذا
كان من المعتاد ان يرسل العالم فرق
المراقبين الى الدول الحديثة
الديموقراطية لمراقبة نزاهة
الانتخابات وحياد السلطة، فإن
المراقبين الدوليين في سوريا يسعون
عبثا على ما يبدو لوقف نشاط الصناديق
الاخرى التي تحمل القتلى الى المقابر،
فقد سقط في يوم الانتخاب 30 قتيلا
واعتبر الامر تراجعا مشجعا في عدد
الضحايا! وعندما
تجري الانتخابات في سوريا وسط النار
ومع دعوة السعودية المتكررة رعاياها
الى المغادرة خوفا من الوضع الامني،
ويقول رجب طيب اردوغان للاجئين
السوريين داخل تركيا: "ان انتصاركم
ليس بعيدا وقوى الرئيس بشار الاسد
تنهار يوما بعد يوم" فمن الطبيعي ان
يكون الاهتمام في سوريا وخارجها منصبا
على صناديق القتلى لا على صناديق
الاصوات في الانتخابات التي ينتقدها
الجميع! ثالثا:
في روسيا شاهد العالم صورة صارخة عن
الصناديق التي احتوت على تعمية سافرة
لروح الديموقراطية التي باتت اسيرة
"القيصرية البوتينية" التي تشكل
مزيجا من طغيان ممارسات تحالف اغراء
المال مع سطوة الامن على ارادة
المواطنين. وهكذا
عاد فلاديمير بوتين مرة ثالثة وعبر
التفاف ممجوج على الدستور، الى
الرئاسة وانسحب شريكه دميتري ميدفيديف
الى رئاسة الحكومة مرة جديدة في حين
يبقى المعارضون في الشوارع وكأنهم كما
سبق لبوتين ان وصفهم، مجرد "كوندوم"
اي واقيات ذكرية. فبينما كان "القيصر"
يعتلي العرش في ابهة امبراطورية كان
رجال الامن ينهالون بالهراوات على
هؤلاء المتظاهرين الذين وقفوا في ساحة
بولوتنايا صارخين: "توقف عن الكذب
والسرقة"! ================= السياسي
والأخلاقي في الثورة السورية نزار
حموي 2012-05-08 القدس
العربي لا ألوم
بعض الأصدقاء على قلقهم المشروع من
الخطاب الديني المتطرف الذي يظهر على
بعض شاشات التلفزيون بعض الجهات التي
تتبنى وتدعم الثورة السورية وربما
أشاركهم في بعض قلقهم هذا، لكني كنت
أرغب بوجود ولو قناة واحدة تعبر حقيقة
عن الثورة وفكرها كما هو في الواقع لا
كما يرغب الممولون ولا حتى كما نرغب
نحن. أريد
بداية أن أقرأ تجليات الثورة من زاوية
مختلفة قليلا عن تلك القراءة المعروفة
لأسباب تتعلق بطبيعته الخاصة. قد لا
يكون مفيدا أن نقيم الحراك في الحالة
السورية من خلال ما يطفو من هتافات أو
شعارات كما نفعل عادة في تقييم مظاهرة
تخرج في مدينة غربية مثلا حيث يخرج
الناس في ظروف قانونية ومعروفة
وبحماية الشرطة فلا شيء يعكر سير
المتظاهرين ويقولون ما يريدون قوله
بحرية كاملة، فهم أفراد يتمتعون بجميع
حقوقهم الأساسية. من هنا، فإن الهوية
الفكرية للناشطين تبرز بوضوح والخطاب
الذي يخرج يعبر عن موقف سياسي غالبا
والرسالة تكون واضحة من دون التباس.
بالمقابل، يمكننا تقييم الرسالة
وتأييدها أو معارضتها أو حتى تجاهلها.
إن الحكم على مظاهرة من خلال ما تطرحه
من أيديولوجية أو من مواقف سياسية أمر
ممكن وطبيعي، لكن ذلك لا يصح تماما في
الحالة السورية فالوضع مختلف كليا. لم يكن
المواطن السوري يملك أيا من حقوقه
الأساسية، بما فيها حق الحياة. قال
الديكتاتور بعدما ارتكب مجزرة بحق
ثلاثين ألف سوري في حماة عام 1982 لندع ما
جرى في الخلف. قال ذلك وأشار بيده إلى
الخلف. وقد وصلت رسالته إلى السوريين
بأن حقوقهم ضاعت كلها وليس لأحد الحق
حتى في السؤال عن أخيه المفقود. وكم من
أمثلة على أشخاص اختفوا في أقبية
المخابرات لمجرد السؤال عن أقاربهم.
كان بذلك يعلن حربا كانت مستمرة على
الشعب منذ أن استلم حزب البعث السلطة
وإن كانت بحدة أقل، حربا لا هوادة فيها
مغلقا أي باب للمصالحة أو التفاوض وقد
أصدر قانونا يقضي بالإعدام لمجرد
الانتماء إلى حزب الأخوان المسلمين. بمعنى
أن الإنسان ليس لديه حتى حق التفكير مع
ذاته للإختيار بين أشياء متعددة، إن
فكَّرَ فهو ميت حتما. ولا يخص هذا
القانون المواطنين المسلمين فقط فأي
سوري هو متهم وحكم الإعدام بحقه جاهز
حتى يثبت العكس بالولاء المطلق. ولكم
اختفى أناس من طوائف أخرى في غياهب
سجون النظام. هذا ولم توفر السلطة أيا
من الأساليب القذرة لتجزيء المجتمع
وتفتيته سواء في إثارة النعرات
الطائفية أو في التخريب المنظم للحياة
والاقتصاد والثقافة وانتشر الفساد
بصورة لم تعد محتملة. عندما
قامت الثورة في 2011، تجاوز الشعب هذه
الحرب القائمة ضد انسانيته طيلة 48 سنة
وقال 'الشعب السوري واحد' خرجت
المظاهرات كصرخة من أعمق أعماق الشعور
بالذل. 'الموت ولا المذلة' إنه الشعار
الأبرز الذي جعل من الثورة ثورة
أخلاقية بامتياز. المظاهرة
ليست في حال مظاهرة عادية فالمتظاهر
يخرج إلى الشارع وهو يدرك تماما أنه قد
يكون هدفا لرصاص الجيش أو الأمن
والشبيحة. إن اجتماع مجموعة أفراد على
إرادة واحدة للتحرر وإعلان التضامن
المطلق مع باقي أفراد الوطن ايا كانت
انتماءاتهم في هكذا ظروف لهو موقف قد
يؤدي إلى خسارة لا يمكن تعويضها، موقف
وجودي وأخلاقي أما الجانب السياسي
فأقل ما فيه. من حقي
كفرد أن أؤيد اتجاها سياسيا يصب
بالمحصلة في موقفي الأيديلوجي، من حقي
أن أبني تحالفات مع أبناء وطني ممن
يحملون فكري أو مع أي تكتل أو مجموعة
أينما كانت على الأرض. ومن حقي أن أحارب
اتجاها أو تيارا سياسيا بوسائل سلمية.
السياسة والايديولوجية والفكر عموما
موضوعات نسبية وقابلة للأخذ والرد
وتختلف من شخص إلى آخر. أما الأخلاق
فموضوع مطلق. قضية حمزة الخطيب قضية
مطلقة لا تحتمل التأويل ولا مجال
للنقاش، من واجبي أن أدافع عن حق حمزة
بل من واجب كل إنسان، من واجبي أن أدافع
عن الأخلاق، عن الطفولة، عن الخير
والحب والحرية، من واجبي أن أتضامن مع
إنسان حقوقه الأساسية مسلوبة وحقه في
الحياة مسلوب. قد أختلف مع شخص في
اتجاهه السياسي أو الفكري وقد أتصارع
معه في هذا المجال وأخاصمه، لكن من
واجبي أن أدافع عن حريته في الاعتقاد
وحريته التعبير. لنفكر
معا في شخص ينزل إلى الشارع لا يملك إلا
صوته ويصرخ في واحد من هتافاته هتافا
متطرفا لنقل هتافا إسلاميا مغلقا يعبر
عن موقف سلفي متشدد. أقول واحدا من
الهتافات كون حقيقة معظم المظاهرات
على هذا النحو قد نجد واحدا من بين عشرة
على هذا النحو. وإذا كان هذا المتظاهر
سلفيا متشددا فعلا وهو يتظاهر وقد
يتعرض للموت فقد اختار فعلا أسوأ
الأساليب التي استخدمها السلفيون قبله
على الإطلاق في أن يخرج في مظاهرة
سلمية. يستطيع إن كان سلفيا متشددا
فعلا وفاهما دروس أساتذته أن يقوم
بعملية انتحارية. إننا
بقراءتنا للثورة السورية على أنها
مجرد موقف سياسي أو أيديولوجي إنما
نتجاهل أمرين؛ الأمر الأول أن
مجتمعاتنا مجتمعات متدينة وأن ما يخرج
على ألسنة هؤلاء من شعارات وهتافات
دينية أمر ممكن ولا يعكس بحال الرؤية
السائدة عن الإسلام ولا يغير بالتالي
من طبيعة الحراك السلمي حتى الآن،
الأمر الثاني الذي نتجاهله أن المضمون
الإسلامي هو أحد مضامين الثورة
الأساسية على ألا ننظر إلى الإسلام
النظرة نفسها التي روج لها الغرب بل
باعتبار أن المسلمين أفراد ومتنوعون،
لهم عقول وأرادات مختلفة وبشر مثل
غيرهم من البشر، يحق لهم أن يعيشوا
مثلما يريدون ويحق لهم تقرير مصيرهم. كاتب
سوري ================= ليرون
ليبمن معاريف
8/5/2012 صحف
عبرية 2012-05-08 القدس
العربي في
الشهر الماضي أدانت المحكمة الخاصة
لسيراليون تشارلز تايلر رئيس ليبيريا
السابق بجرائم حرب وجرائم ضد
الانسانية ارتكبت في سيراليون. في
التقرير عن ذلك شدد على أن هذه هي المرة
الاولى التي يدان فيها رئيس دولة بهذه
الجرائم. ولكن توجد في القرار رسالة
اخرى موجهة لمن يدعم ويساعد مجموعات
مسلحة ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد
الانسانية في دولة اخرى: إعلم بانك قد
تتحمل المسؤولية عن الجرائم التي
ترتكب بمساعدتك. دارت
المحكمة حول العلاقة بين تايلر
ومجموعتين من الثوار قاتلت ضد الحكومة
المنتخبة في سيراليون. محامو تايلر لم
ينفوا ارتكاب فظائع في سيراليون،
ولكنهم نفوا مسؤولية تايلر عن
ارتكابها. الادعاء حاول ادانة المتهم
على أساس المسؤولية القيادية، بدعوى
أنه قاد عمليا الثور في سيراليون. ردت
المحكمة هذا الادعاء. واعترفت بذلك بان
تايلر كان له تأثير هام على الثوار،
ولكن تأثيره لم يصل الى درجة القيادة
والتحكم اللذين يجران مسؤولية عن
أعمال مرؤوسيه. فلماذا
إذن ادين تايلر؟ لانه تقرر بانه ارتكب
سلسلة من الاعمال كي يساعد ويشجع
الثوار حين كان يعلم بارتكابهم
الجرائم بحق المدنيين بشكل منهاجي. فقد
وفر تايلر للثوار في سيراليون السلاح
والذخيرة، نقل اليهم مساعدات عملياتية
ووفر لهم البضائع. اضافة الى ذلك، سمح
تايل للثوار بالتجارة بالماس لتمويل
نشاطهم العسكري، خلافا للحظر الدولي.
ومن هنا استخلصت المحكمة بان المتهم
ساعد بشكل عملي وهام على ارتكاب جرائم
حرب وجرائم ضد الانسانية. كما
أدانت المحكمة الخاصة المتهم أيضا
بالتخطيط لجرائم حرب. في أثناء التخطيط
لمعركة معينة شدد المتهم بان على
الهجوم ان يكون 'مرعبا'. وفي مناسبة
اخرى شدد على أنه يجب اتخاذ 'كل الوسائل'.
هذه التصريحات الغامضة والمتملصة لم
تكن كافية لانقاذه من المسؤولية عن
الفظائع التي وقعت في أثناء تلك
المعرفة في سيراليون. ومع ذلك، من
المهم التشديد على أنه ليس فقط انعدمت
أدلة على جرائم ارتكبها المتهم بيديه،
بل لم تتوفر في اثناء المحكمة حتى
تعليمات مباشرة من المتهم لارتكاب
جرائم حرب أو جرائم ضد الانسانية ومع
ذلك فقد ادين استنادا الى المساعدة
التي وفرها لمجموعات مسلحة بعلمه انها
ترتكب جرائم حرب بشكل منهاجي. قرار
المحكمة في قضية تايلر بدا كخطوة في
اتجاه توسيع مسؤولية الداعمين
للمجموعات المسلحة الاجنبية عن
افعالها. من ناحية اسرائيل يبدو أن هذه
انباء طيبة. فدول مثل ايران وسوريا
عملت وتعمل بشكل منهاجي على دعم منظمات
مسلحة، حزب الله في لبنان وحماس في
غزة، ممن يخرقون قوانين القتال في
اعمالهم ضد اسرائيل. هكذا مثلا اطلقت
المنظمتات الصواريخ بشكل موجه نحو
التجمعات السكانية المدنية في اسرائيل
بل وتفاخرتا بذلك. ايران وسوريا الاسد
دربتا حماس وحزب الله، دعمتاهما ماليا
ومعنويا، سلحتاهما وسمحتا لهما باقامة
قيادات في اراضيهما. على
أساس تعليل المحكمة الخاصة في قضية
تشارلز تايلر، يمكن أن نرسم وضعا يدان
فيه زعماء ايران وسوريا بجرائم حرب
حماس وحزب الله، حتى دون أن يكون ممكنا
الاثبات بان سيطرتهم على هاتين
المنظمتين كاملة ومطلقة، ودون أن يكون
ممكنا الاثبات بانه صدرت عن طهران أو
دمشق تعليمات صريحة لخرق قوانين
القتال. حتى لو لم يكن هناك في الحاضر
هيئة قضائية دولية ذات صلاحية ورغبة في
معالجة هذه الجرائم، فهل هذا الخطر
سيردع زعماء ايران، سوريا وآخرين من
دعم منظمات الارهاب؟ الايام ستقول. ================= الاربعاء,
09 مايو 2012 توما
بييريه * الحياة يعزو
مراقبون كُثرٌ صمود نظام آل الأسد، إلى
تأييد الأقليات الدينية الضمني له
بسبب الخوف من الإسلاميين السنّة،
وإلى دعم الطبقات الاجتماعية الميسورة
التي جنت ثمار الانفتاح الاقتصادي
وكبار الضباط الذين لم ينشقوا. ويُقال
إن الانتفاضة السورية تفتقر إلى
مشروعية شعبية. فالتظاهرات الضخمة لم
تنظم في دمشق أو حلب على نحو ما حصل في
ميدان التحرير بالقاهرة. وخلاصة
الملاحظات هذه أن المجتمع السوري
منقسم، وأن بنيته أكثر تعقيداً من
المجتمعَين التونسي والمصري اللذين
أجمعا على إسقاط الرئيس. ولا شك
في أن مؤيدي نظام الأسد ليسوا من أبناء
الطائفة العلوية فحسب. وحالهم من حال
الواقفين موقف المتفرج من الأزمة. لكن
استنتاج أن النظام متماسك نتيجة هذا
التأييد أو الصمت في غير محله، واعتبار
صموده دليلاً على «قوته» ورسوخه
شعبياً يجافي الواقع. فقوة النظام
السوري مصدرها الوحيد قوته العسكرية
وإرساؤه بنية الجيش على نواة علوية
تشكل 70 في المئة من الضباط وأعضاء
كتائب النخب. ففي سورية، تمسك أقلية
دينية بمقاليد النخبة السياسية–
العسكرية. وليست
معارضة سوريين مسيحيين من أمثال ميشيل
كيلو وجورج صبرا النظام، مؤشراً إلى
تأييد الطائفة المسيحية كلها الثورة.
وهذه حال الأقباط، وهم 10 في المئة من
السكان، في مصر. فبعضهم تظاهر في ميدان
التحرير، لكن الطائفة لم تحتضن الثورة
ونظرت إليها بعين الريبة خشية
الإسلاميين المتطرفين. لكن تأييد
الأقليات المسيحية أو غيابه لا وزن له
فعلاً. وكان ستالين ليسأل: «مسيحيو مصر
(أو سورية)؟ كم كتيبة (عسكرية) يملكون؟
فمن أين لأقلية لا وزن لها في الجيش أو
الجهاز الحكومي أن تحول دون سقوط
النظام؟ وليس
وجود طبقة اجتماعية ميسورة، استفادت
من الانفتاح الاقتصادي، استثناء
سورياً. وسبقت مصر وتونس، سورية إلى
مثل هذا الانفتاح، وشبكات العلاقات
الزبائنية ومحاباة الأقارب ليست حكراً
على نظام الأسد. فمبارك وبن علي نسجا
مثل هذه الشبكات، لكنها لم تحل دون
إطاحتهما. خلّف
إمساكُ العلويين والأسد بمقاليد الجيش
أثراً عميقاً في حسابات البورجوازية
والطبقة الوسطى السنّية والأقليات
الدينية في سورية. فالطبقة الوسطى
السنّية لم تخشَ في آذار (مارس) 2011 بلوغ
حكم سنّي محافظ السلطة. ولو قيّض لهم
الاقتراع اقتراعاً حراً، لانتخب
البورجوازيون السوريون حزباً
إسلامياً يحاكي النموذج التركي. لكن
السوريين يدركون أن الانتخابات الحرة
خيار بعيد المنال وضعيف الصلة بالواقع:
فركن النظام طائفة، وهو غير قابل
للإصلاح. والتغيير السياسي ليس صنو
الانتقال الديموقراطي أو الانقلاب
الأبيض، بل هو وثيق الصلة بالحرب
الأهلية، وهذا ثمن باهظ يتحفظ عن دفعه
من يتمسكون بالعيش الرغيد أو الكريم.
فالبورجوازية السنّية لا تخشى بديل
الأسد، بل سبل تغيير النظام، أي الفوضى
والعنف. ويقال
إن ثمة غالبية صامتة تؤيد النظام، لكن
الكلام على غالبية صامتة في نظام
ديكتاتوري يجافي الصواب. ففي غياب
الانتخابات الحرة، لا يجوز الكلام على
مثل تلك الغالبية. والمقارنة بين
التظاهرات المصرية والتظاهرات
السورية في غير محلها، وأعداد
المتظاهرين في مصر كانت متواضعة.
فمساحة ميدان التحرير لا تتسع لمليون
متظاهر. والملاحظة هذه لا تطعن في
تمثيل الحركة الثورية المصرية شرائح
المجتمع، واقتصار التظاهرات على ميدان
التحرير والسويس والإسكندرية مرده إلى
بلوغ الثــــورة هدفها، إطاحة مبارك،
في 3 أسابيع. لكن الوضع مختلف في سورية،
فحركة التمرد تنتشر في أكثر من نصف
المحافظات، ولم يستطع السوريون التجمع
في تظـــاهرة عملاقة تشبه تلك التي
نظمت في ميدان التحرير، بسبب
الإجراءات الأمنية المشددة في قلب
دمشق. ولكن لا يستهان بضخامة التظاهرات
في حماة وحمص، وحبل التظاهرات السورية
الكبيرة لم ينقطع، وامتد إلى ريف دمشق
وبعض شرايين العاصمة الأساسية، القمع
الدموي لم ينجح في تجفيف حركة
المعارضة، واستمرار الانتفاضة
السورية وتوسعها على رغم القمع
الفظيع، هما خير دليل على رسوخها
الشعبي. ولا سبيل إلى الخروج من الأزمة
السورية من غير تمرد مسلح أو تدخل
عسكري خارجي يطيح الشطر الراجح من جهاز
دولة الأسد. *
استاذ في جامعة إدنبورغ، عن مدوّنة
نشرها موقع «ميديابار» الفرنسي، 30/4/2012،
إعداد منال نحاس. ================= الثلاثاء,
08 مايو 2012 خالد
غزال * الحياة تقدم
المبادرة الأخيرة لمجلس الأمن نفسها
مدخلاً لإيجاد حل سياسي للأزمة
السورية المندلعة منذ اكثر من ثلاثة
عشر شهراً. على رغم ان النظام السوري
ومعه المعارضة أعلنا عن قبول وقف اطلاق
النار والاستعداد للاستجابة الى
مبادرة الموفد الدولي كوفي انان، إلا
ان الشك يبقى هو السائد خصوصاً ان مسلك
النظام لا يوحي مطلقاً بالصدق في
التزام وقف اطلاق النار، وهو ما يتأكد
كل يوم من خلال شلال الدم المتواصل
وأعداد الضحايا المسجلة. هناك ألف سبب
وسبب يدفع الى القول باستحالة التوصل
الى حل سياسي للأزمة السورية، وهو شك
تقوم عليه معطيات كثيرة تتصل بالعقل
السياسي والأمني للحاكم السوري، وعدم
رغبته في التوصل الى حلول من ناحية، بل
وعجزه عن الدخول في حل من ناحية اخرى. لا يمكن
التقليل من أهمية إرسال مراقبين
دوليين الى سورية، حتى ولو كان العدد
محدوداً. فمجرد قبول النظام بعملهم
يعني ان قبضة التدويل تمسك بعناقه،
وتضعه مباشرة أمام أعين المجتمع
الدولي، حيث لن يصعب على المراقبين
تعيين الطرف الذي يخرق وقف إطلاق النار
الذي لم يجر الالتزام به أصلاً من جانب
جيش النظام... ما يعني ان مجلس الأمن
ستكون لديه الحجج لمحاولة فرض عقوبات
او تشديد الحصار على النظام، حتى ولو
كان ذلك بعيداً من قدرة المجلس او
رغبته في التدخل العسكري. يتعاطى
النظام مع التدويل الجاري المحدود
الفاعلية بصفته فرصة لاستكمال عملية
القمع سعياً الى إنهاء الانتفاضة، وهو
ما يقول عنه معارضو النظام انه تمديد
المهلة الزمنية لمزيد من القتل
والتدمير. يمتاز
النظام السوري بخبرة واسعة في التعامل
مع اللجان الدولية، والقدرة على
إفراغها من محتوى مهمتها، وهي خبرة سبق
له ان اكتسبها من إدارته الحرب الأهلية
اللبنانية على امتداد خمسة عشر عاماً.
يقبل بعمل اللجان وهو يضمر الالتفاف
عليها وإغراقها في التفاصيل والتشكيك
في موضوعية المراقبين، او تهديدهم
أمنياً، على غرار ما حصل مع المراقبين
العرب قبل أشهر. يدرك اهل النظام ان
الذهاب مع البنود الستة لمبادرة كوفي
انان قد تصل في خواتيمها، اذا ما جرى
الالتزام بها، الى انهاء سيطرة
العائلة الحاكمة على السلطة، والى
تجييش الملايين من الشعب السوري ضد
النظام في حال توقف القمع الدموي
للمتظاهرين وتركت لهم حرية الحراك في
مجمل المناطق السورية. ان النظام يدرك
اكثر من غيره معنى بنود المبادرة وجوهر
الأهداف الذاهبة اليها. فوق كل
ذلك وقبله، حسم النظام السوري منذ
الأشهر الأولى للانتفاضة بجملة أمور
بات من الصعب عليه التراجع عنها، في
رأسها عدم الاستجابة الى مطالب
الانتفاضة بالإصلاح وإدخال تعديلات
على بنية النظام بما يتيح التخفيف من
القبضة الأمنية، وإعطاء حيز من
الحريات. جرى الحسم في هذا الخيار قبل
ان تستفحل الانتفاضة وتشمل كل المناطق
السورية، وقبل ان تتحول في قسم كبير
منها الى العمل المسلح. اما اليوم،
وبعد ان أحرق النظام كل الجسور
والمراكب مع الشعب السوري، فيبدو من
الاستحالة الوصول الى تسوية. وما يجعل
هذه التسوية في حكم المستحيل هو القرار
الواضح الذي اتخذه النظام بإدخال
سورية في أتون الحرب الأهلية،
واستثارة النزاعات الطائفية
والإثنية، وممارسة أبشع انواع القتل
الهمجي التي تستثير ردود فعل غرائزية
من القوى المقابلة، وهو امر يعرفه
اللبنانيون جيداً من خلال حربهم
الأهلية والقتل المتبادل على الهوية.
بات قرار الحرب الأهلية هو الخيار
الوحيد الذي يرى النظام فيه الوسيلة
لإدامة سلطته، على رغم إدراكه ان هذا
الخيار سيذهب بسورية الى الجحيم.
وعندما يكون قرار الحاكم تدمير البلد
على أهله من أجل الحفاظ على السلطة،
يصبح من الخيال الحلم بالخضوع الى
تسرية. يدرك
النظام ان التدويل الحاصل سيبقى محدود
الفاعلية، وأن أحداً من المجتمع
الدولي لا يرغب في استخدام القوة
العسكرية لإسقاطه، وأن قوى المعارضة
مهما بلغ تسليحها لن تكون قادرة على
قلب موازين القوى لمصلحتها وإنزال
هزيمة بالجيش الرسمي. كل ذلك يجري ضمن
شكوك واضحة من القوى الغربية بموقف
يهدف الى انهاء الموقع السياسي
والاستراتيجي لسورية، وتركها في حال
من النزف والتدمير الداخلي بما يلغي اي
قوة مقبلة لنظام قد يكون له موقف مناهض
للاستراتيجية الغربية ولإسرائيل
عندما يزول نظام الأسد. هذه العوامل
مجتمعة، الداخلية منها والخارجية، لا
توحي بقرب حل سياسي للأزمة السورية، بل
ترجّح احتمال ديمومة الأزمة الى فترة
طويلة، بما يؤدي الى انهاك سورية
وإنهاء موقعها وتفتيت مجتمعها وتشرذمه
تحت وطأة الاحتراب الاهلي. *
كاتب لبناني ================= مهزلة
البعث السوري إزاء الديموقراطية
الفرنسية الاربعاء,
09 مايو 2012 رندة
تقي الدين الحياة في
اليوم الذي كان الشعب السوري يشاهد
مهزلة انتخابية أعدها له نظام مستمر في
قتله، كانت فرنسا تعرض على شعبها
مظهراً ديموقراطياً ممتعاً وثميناً مع
الرئيس نيكولا ساركوزي والرئيس
المنتخب فرانسوا هولاند جنباً الى جنب
يضعان اكليلاً على ضريح الجندي
المجهول احتفالاً بذكرى الانتصار على
النازية. فهو درس في الديموقراطية. وقد
أحسن الرئيس ساركوزي في دعوة خلفه
المنتخب للمشاركة في الاحتفال. فخطابه
بإعلانه الهزيمة كان شجاعاً ومشرفاً
للديموقراطية. ولا شك في أن مشهد
الخصمين السابقين في حملة انتخابية
شديدة ومتوترة يبعث بالحلم للشعب
السوري بمثل هذا المستقبل الديموقراطي
القيم بدل المهزلة المنظمة من نظام
يعتقد انه اقوى من المجرى الطبيعي
للتاريخ. ان تعليقات الصحافة السورية
المقربة من النظام التي هللت لخروج
ساركوزي ووزير خارجيته البارع آلان
جوبيه تظهر مرة اخرى جهل النظام
لاستمرارية السياسة الخارجية
الفرنسية التي لا يمكن الا ان ترتكز
على قيم حقوق الانسان. فهولاند وفريقه
الحاكم لن يتساهلوا مع النظام السوري.
حتى انهم لن يحاولوا معه مثلما اخطأ
ساركوزي في بداية ولايته واستقبل
الرئيس السوري في فرنسا معتقداً انه قد
يقنعه بتغيير نهجه. هولاند محاط بفريق
من ديبلوماسيين فرنسيين يعرفون جيداً
النظام السوري وممارساته. حتى ان
هولاند كان تعجب في حديث لـ «الحياة»
قبل انتخابات الحزب الاشتراكي الأولية
كيف أن بعض اصدقائه في لبنان الذين
غيروا موقفهم الآن كانوا يؤيدون هذا
النظام القمعي. فاستمرارية السياسة
إزاء سورية لا تعتمد على ذهاب هذا او
ذاك بل هي مرتبطة بقيم جمهورية فرنسا
وفي طليعتها حقوق الانسان التى لطخها
النظام البعثي بقمعه وقتله وتعذيبه
المستمر لمن لا يسير على خطواته بمن
فيهم الاطفال الابرياء. ان
فرنسا هولاند آتية الى السلطة في
١٥ ايار (مايو) وفريقه
الديبلوماسي سيتسلم الملفات الخارجية
من ديبلوماسيين من المؤسسة نفسها وهي
الخارجية الفرنسية التي فيها
ديبلوماسيون بارعون من تيارات سياسية
مختلفة من اليسار واليمين. والجدير
ذكره ان اليمين الحاكم كان عين بعض
افضل الديبلوماسيين المعروفين
باتجاهاتهم اليسارية في مناصب عليا
لكفاءتهم وتميزهم، فساركوزي كان عين
السفير ديني بييتون في لبنان ثم الآن
على رأس ادارة الشرق الاوسط وشمال
افريقيا، والأمين العام للخارجية بيار
سلال الرجل الثاني في الخارجية ومدير
الشؤون السياسية في الخارجية جاك
اوديبير وهو مهتم بالملف الايراني
والسفراء في لبنان باتريس باولي وفي
ليبيا سابقاً فرانسوا غوييت وفي مصر
جان فليكس باغانون، كلهم ديبلوماسيون
يساريون تم تعيينهم في عهد ساركوزي ومن
المتوقع ان تستخدم ادارة هولاند
كفاءاتهم الكبرى في المنطقة. فلا شك في
ان لا قلق من ان يكون هولاند اكثر
تساهلاً مع نظام الاسد. ولا شك في ان
محادثات هولاند وأوباما في البيت
الابيض ستتطرق الى هذا الموضوع
الاسبوع المقبل. ففرنسا تعد لعقد مؤتمر
لاصدقاء سورية كان قرره الوزير الحالي
آلان جوبيه وقد يستمر في الإعداد له
الوزير او الوزيرة المقبلة. فمن الافضل
للاعلام السوري الرسمي ان يقلق لمصيره
ومصير نظام مستمر في قتل شعب باسل كل ما
يطلبه هو الحرية والكرامة بدلاً من
توجيه شتائم للمسؤولين الفرنسيين
المنتخبين من شعبهم. فمن يستحق ليكون
في سلة مهملات التاريخ هو نظام يقتل
ويقمع ويعذب شعبه وليست له اي شرعية
شعبية. ================= ميشيل
كيلو الشرق
الاوسط 9-5-2012 باختصار
شديد، ثمة بديلان لوضع سوريا السياسي
الحالي ولأزمتها القائمة، إذا ما
استمر الاحتجاز الراهن، الذي يحول دون
بلوغ حل سياسي تقبله أطرافها
المتصارعة. هذان البديلان هما: حرب
داخلية ثم إقليمية ضارية ومديدة، أو
صدام دولي بين القوى العظمى، يبدو أنه
لن يقع إلا بعد أن تكون الحرب الداخلية
والإقليمية قد دمرت الزرع والضرع،
وقضت على نصف الشعب، وعلى دولة سوريا
ومجتمعها، إلا إذا تلطف الله بنا وحدث
ما لا نتوقعه، ووجد حل أو فرط النظام. أما
احتمال الاقتتال الداخلي، فهو كبير
إلى درجة يصعب تجاهلها، لأسباب كثيرة،
منها رهانات القوى العربية والإقليمية
المتناقضة في سوريا، ورفض قسم من الدول
المنخرطة في المسألة السورية قيام
نظام ديمقراطي فيها، وتصميم الشعب على
عدم الاستسلام للوضع الراهن وعزمه على
التحرر منه بأي ثمن، وصعوبة دخول القوى
الكبرى المباشر إلى الصراع وانخراطها
غير المباشر والمتزايد فيه، في ظل
تحوله إلى صراع بينها تشارك فيه قوى
إقليمية كبيرة كتركيا وإيران
والسعودية، الأمر الذي يقلب صراع
الكبار إلى صراع بين السوريين، من
مستلزماته استمرار نظامهم في ممارسة
قتلهم الأعمى، وتكفله بتعزيز انقسامهم
إلى معسكرات متناحرة مقتتلة، يصعب أو
يستحيل رأب الصدوع التي تحدثها حلوله
الأمنية بينها، فكيف إن تمت تغذيتها
بتناقضات وأحقاد طائفية ومذهبية
منفلتة من عقالها، تترجم إلى عمليات
قتل مفتوح ومتبادل، يأخذ أكثر فأكثر
صورة إبادة تطاول البشر وما يملكون،
ويجعل السلاح مطلب الجميع، بما يفتح
أبواب البلاد أمام كل راغب في التدخل
وممارسة العنف والقتل، شريطة أن يكون
هدفه قتل المزيد فالمزيد من المواطنات
والمواطنين: من الجنسين وعلى الهوية.
بكلام آخر: بعد أن حولت سياسات النظام
بلادنا إلى ساحة مفتوحة بالعنف أمام كل
من هب ودب، لم يعد هناك ما يمنع أي طرف
خارجي مهما كان صغيرا وتافها من الدخول
إليها وفعل ما تزين له مصالحه فعله
فيها. والحال، إن سوريا ليست اليوم
بلدا مستقلا، بل هي ساحة تتناطح
وتتصارع فيها إرادات الأقربين
والأبعدين، مع أن صراعاتهم تتخطى
سوريا وأزمتها الذاتية، وإن تعينت
نتائجها بالصراع الداخلي السوري، صراع
شعب يريد الحرية والديمقراطية، لم يجد
نظامه ردا عليه غير توريطه في مسائل لم
تكن بين أهدافه، فرضها عليه حل أمني
اعتمده أهل السلطة قمعا وكبحا لمطالبه
المحقة، ولجره إلى ظلمات صراع إقليمي
ودولي ليست له علاقة به ولا يرغب فيه،
سيتم من الآن فصاعدا على حسابه،
وسيجعله يدفع ثمنا هو في غنى عنه،
سيضاف إلى ثمن جد مرتفع يرغمه نظام
يرفضه بشدة على دفعه بالمدافع
والصواريخ والدبابات والطائرات -
وبعشرات آلاف الشهداء وملايين
المهجّرين والمشردين ومئات ألوف
المعتقلين والملاحقين والجرحى
والمخفيين. من
المعروف أن السياسة التي تحول بلادها
إلى ساحة تعجز عن إخراجها منها، وأن
نجاحها الوحيد يقتصر عندئذ على فتح
أبوابها أمام كل من يريد الدخول إليها
علانية أو خلسة وتسللا، بل إن السياسة
التي تفعل ذلك تستدعي المزيد فالمزيد
من التدخل، لأن مصلحتها تكمن في بث
أعظم قدر من الفوضى في بلادها، اعتقادا
منها أن الفوضى تخيف الكبار أو تبلبل
أدوارهم، وبالمقابل، فإنها، بتقويضها
سلام بلادها الاجتماعي وتدمير مشتركات
الشعب، تزيد دورهم في أية تسوية محتملة
للصراع، لذلك لا يشغل بالها شيء قدر
تعقيد أزمات وطنها وشحن العلاقات بين
مواطنيها بالأحقاد، بقوة أجهزتها التي
تكرس نفسها لهذا الغرض، وتتولى شحن
القاع الاجتماعي بعناصر التفجر
والخراب. لم تعد
سوريا منذ بداية الحراك الشعبي ضد
النظام ساحة صراع بين السلطة
والمعارضة وحدهما. إنها كذلك ميدان
صراع بين قوى إقليمية ودولية متنوعة،
تحجم اليوم عن التدخل المباشر، بقواها
العسكرية الخاصة، في أزمتها، لكنها
تركز أنظارها وجهدها على إطالة صراعها
واستنزاف وتدمير دولتها ومجتمعها،
وتحطيم ما فيها من أواصر طبيعية
ومعطيات ثقافية وتاريخية. لبلوغ هذا،
نراها ترسم حدودا يدور الصراع داخلها،
فيها خطوط حمراء يمنع تجاوزها، نراها
اليوم في علاقات إيران بتركيا
والخليج، وروسيا بأميركا، ونلمس
نتائجها في الصراع الدائر بين هذه
القوى وفي ما بين مناصريها. لذلك،
يمكننا القول: إن القتال السوري -
السوري سيدوم للفترة الضرورية لإنضاج
ظروف اتخاذ قرار خارجي حول ما يجب أن
يؤول إليه مصير بلادنا، وإن السلاح
سيتدفق عليها دون هوادة، لإقامة توازن
قوى يحول دون حسم الصراع لصالح طرف من
أطرافها، على أن يشبه التوازن الذي قام
بين العراق وإيران طيلة سبعة أعوام من
الحرب، قبل أن يتقرر حسمه في عامها
الثامن. متى
تبلغ سوريا درجة تصير معها مؤهلة لتدخل
خارجي مباشر؟ سيحدث هذا في حالات منها: أن يتجه
الصراع الداخلي نحو الحسم لصالح طرف
دولي على حساب طرف آخر، دون أن يتمكن
الحليف الداخلي للطرف الخاسر منع ذلك. أن يبلغ
الصراع درجة من الإشباع تقنع الأطراف
الدولية بضرورة إنهائه، لأنه بدأ يدخل
في طور يضر بمصالحها ويناقض حساباتها. أن
يتصاعد الوضع إلى حد تصعب معه السيطرة
عليه، يهدد بتوريط الأطراف الخارجية
جميعها أو بعضها في مأزق لا تريده. أن
يقتنع طرف دولي بأن الصراع بلغ حدوده
القصوى، دون أن توافق بقية الأطراف على
وقفه. هذا
يعني أن الصراع سيدور من حيث المبدأ،
وفي معظمه، على يد وبواسطة القوى
الداخلية، وأن سوريا هي التي ستدفع
ثمنه المخيف، وأن أطرافه المحلية ليست
هي الجهات التي ستتمكن من إيقافه، وأنه
سيشهد تحولات كثيرة يصعب التنبؤ بها،
وسيدوم لفترة غير قصيرة على الأرجح، كي
لا تبقى سوريا بعده ما كانت عليه قبله،
ومن يرد دليلا على ذلك فليراقب ما حدث
لمدينة حمص خلال الشهرين الأخيرين،
اللذين زالت المدينة أو كادت خلالهما
من الوجود. هل هناك
مبالغة في ما أقول؟ أرجو ألا تكون فيه
كلمة واحدة صحيحة، لكنني أرجح - لأسفي
الشديد - أنه يصف الوضع الذي نذهب إليه
منذ بعض الوقت، بعد أن تراكمت بصورة
متزايدة المقومات الدولية والإقليمية
والداخلية لذهابه إلى حيث أخشى أن يصل،
وأصرخ هنا محذرا منه، قبل أن نبلغ حد
الهاوية الأخير ويأخذنا النظام إلى
أقلمة صراعه من أجل البقاء رغما عن
شعبه عسكريا، بعد أن دوّله سياسيا، ولا
يستبعد إطلاقا أن يتسبب في تدويله
عسكريا أيضا. لا بديل
لحل سياسي في سوريا، إذا كنا لا نريد أن
يتم تدمير مجتمعها وزوالها كدولة من
الوجود. ولا بديل لنظام انتقالي يأخذنا
إلى ما فيه إنقاذنا: دولة ديمقراطية،
وحقوق إنسان ومواطن، ومجتمع موحد لا
تمزق الخلافات في الرأي والمعتقد
بناته وأبناءه، وشعب حر، عامل ومبدع! ================= الانتخابات
السورية.. بين المعارضة والنظام حازم
مبيضين الرأي
الاردنية 9-5-2012 لم يكن
ممكناً وصف الانتحابات التشريعية
السورية, التي جرت الإثنين بأنها كاملة
الأوصاف, أو على الاقل أنها معبرة عن
إرادة الناس, ذلك أنها تمت في أجواء
أمنية متوترة, ورغم ما أعلنه الإعلام
الرسمي السوري من إقبال للمواطنين على
صناديق الاقتراع, فان العديد من
المراقبين المحايدين أشاروا إلى عزوف
المواطن السوري عن ممارسة حقه, إما
خوفاً من عمليات تفجير, أو لعدم قناعته
بجدواها, والمهم أنها جرت في ظل مقاطعة
المعارضة, التي دعت لإضراب عام,
استجابت له بعض المدن, في تعبير عن
رفضها وجهة النظر الرسمية, القائلة إن
هذه الانتخابات التعددية, ستكون ركيزة
أساسية في الإصلاح السياسي، في حين
تعتبرها المعارضة مظهراً زائفاً, غير
قادر على تغطية عمليات القتل المستمرة
ضد مناوئي النظام. لا تعني
معارضة المجلس الوطني للانتخابات
التشريعية, ومعه كل معارضة الخارج, أن
بعض أطياف المعارضة لم تشارك, خصوصاً
من الأحزاب السياسية التسعة المرخصة
حديثاً, رغم قناعتها أنها لن تكسب
الكثير بسبب قصر تجربتها, وعدم معرفة
المواطنين لبرامجها, في حين وصف
معارضون ما زالوا في دمشق الانتخابات
بأنها شكلية, ولن تغير توازن القوى،
معتبرين أنه ليس من المهم من الذي يدلي
بصوته, لأن الانتخابات مزورة, وهي ضد
إرادة الشعب, وتتم دون مشاركة شعبية,
وستنتج مجلساً بغير سلطات, حتى لو كانت
تخص ضابط مخابرات واحداً, ولايعني
تصريح السلطات السورية, أن الانتخابات
تسير بشكل طبيعي, ومراكز الاقتراع تشهد
إقبالاً ملحوظاً، في يوم استثنائي,
حشدت له السلطة كل المستلزمات التي
تحقق سير العملية الانتخابية بشفافية
وديمقراطية، أن النتائج سترضي
المعارضين سواء شاركوا أو قاطعوا تلك
الانتخابات. بديهي
أن الانتخابات السورية لم تكن مطلوبة
لذاتها, بقدر ما كان مطلوباً منها
معرفة رأي الشعب والاحتكام له في
اختيار من يحكمه, حيث يتوجب اعتبار رأي
الناخب, الأساس الذي يستلهم منه الحكام
شرعيتهم, ويسترشدون به في قراراتهم, لا
أن يكون ذهاب الناخب إلى صندوق
الاقتراع, ليضع بصمته تاركاً للحكام
التصرف بها على هواهم, ولا يعني ذلك
أننا نؤيد قرار مقاطعة الانتخابات,
بقدر ما يعني توصيفاً للحالة التي
تتباين فيها الآراء حول سير العملية
الانتخابية, التي عولت عليها دمشق
كثيراً للخروج من أزمتها, في حين
وجدتها المعارضة فرصة, لإثبات وجهة
نظرها حول عدم جدية نظام البعث, في
الخروج من الحالة السائدة منذ ما يقرب
من خمسة عقود. تتهم
المعارضة النظام, بتجيير كل مقدرات
الدولة المالية والأمنية, وحتى
القضائية, وبما في ذلك صناديق الاقتراع
المحسومة نتائجها سلفاً, لصالح
استمراره في الحكم, وعلى اعتبار أن
نظام البعث يعيش حالة, يصعب فيها تبين
الفارق بين وظيفة مؤسسات الدولة, وهل
هي موجودة فقط لخدمة الحاكم, أم لخدمة
المواطنين, دون تمييز في انتمائهم
السياسي أو العرقي أو الديني أو
المذهبي, في حين يرى النظام أن معارضيه
يعيشون حالة تراوح في السلبيات, ولا
تملك من أمرها شيئاً, بحكم ارتهانها
لإرادات خارجية, غير معنية بمصلحة
المواطن السوري. في كل
الأحوال لايمكن النظر إلى انتخابات
تجري في ظل وضع أمني متدهور, على أنها
تعبير حقيقي عن إرادة المواطنين,
وللأسف فإن هذا هو حال الانتخابات
الأخيرة في دمشق, بغض النظر عن من يتحمل
المسؤولية في فشلها, وهي عملية لايمكن
إدراجها في مسار التحول الحقيقي نحو
حكم ديمقراطي تعددي, لكنها في أسوأ
الاحوال تعتبر خطوة, تؤكد أن نظام
البعث بعدها لن يكون على الحالة التي
سبقتها, وأنها قد تكون خطوة متواضعة
على طريق التغيير, الذي عجزت وستعجز
المعارضة بشكلها الراهن عن إنجازه. ================= صالح
القلاب الرأي
الاردنية 9-5-2012 حتى لو
أن الانتخابات «التشريعية»!! ،التي
أجراها نظام الرئيس السوري بشار الأسد
يوم أمس الأول ،الاثنين، لم توصف في
الغرب بأنها «مهزلة شنيعة» وأنها
مسرحية سخيفة فإن إجراءها بينما سوريا
تعيش كل هذه الأوضاع المأساوية فعلاً
يدل على كم أن هذا النظام مُرتبك وفاقد
لتوازنه وأنه يحاول الاختباء وراء
إصبعه كي لا يرى ما أصبحت عليه بلده بعد
نحو أربعة عشر شهراً من أحداث كانت
بدأت كاحتجاجات سلمية ثم تحولت إلى كل
هذا العنف بسبب تصرفاته الحمقاء
ونزعته الدموية. ليس
مهماً أن يقنع هذا النظام نفسه ويقنع
أتباعه وحلفاءه ،إن داخل سوريا نفسها
وإن خارجها، فالمهم هو الشعب السوري
الذي رأى في كل ما جرى يوم الاثنين
الماضي مهزلة حقيقية ورأى أن إجراء هذه
الانتخابات البائسة يدل على كم أن نظام
بشار الأسد أصبح في حالة يُرثى لها
وأنه غدا كالغريق الذي يطلب النجاة من
خلال التمسك بزبد البحر وكمسافر
الصحراء ليلاً الذي يحاول التغلب على
ضربات قلبه باللجوء إلى الحداء بصوت
مرتفع. لا
ضرورة للطعن بهذه الانتخابات ،التي
كانت مسرحية سيئة الإعداد والإخراج
ومضحكة ومبكية في الوقت ذاته، من خلال
الإشارة إلى التقارير ،ومن بينها
تقارير المراقبين الدوليين، التي قالت
أن أعداد الذين زاروا صناديق الاقتراع
،حتى في المدن والمناطق التي للنظام
سيطرة عليها، تكاد تكون شبه معدومة وأن
كل الذين ذهبوا للإدلاء بأصواتهم من
الموظفين ومن منتسبي القوات المسلحة
والأجهزة الأمنية قد ذهبوا رغم أنوفهم
وتحت ضغط التهديد بطردهم من وظائفهم
وبقطع أرزاقهم. فكل هذا
معروف ليس في هذه المرة فقط وإنما في كل
المرات السابقة وعلى مدى أكثر من
أربعين عاماً من عمر هذا النظام وهذا
لا ضرورة للحديث عنه والسعي لإثباته
لكن ما يجب التوقف عنده والتندُّر به
هو كيف أن هذا النظام لا يكترث بكل هذا
الذي يجري في بلده وكيف يصل استهتاره
بالدماء التي تسيل يومياً وبأعداد
الضحايا التي وصلت إلى عشرات الألوف
إلى هذا المستوى الذي لا يدل على
الشجاعة وإنما على الخوف والارتباك
وعدم القدرة على قياس الأمور بمقاسات
صحيحة. كان يجب
أن يضع أصحاب هذا النظام السوري أيديهم
على عيونهم خجلاً وهم يرون أن فرنسا
أجرت انتخابات وصلت نسبة الإقبال
عليها إلى أرقامٍ فلكية وأن نيقولاي
ساركوزي الذي لم يحالفه الحظ قد أبلغ
شعبه بكل شجاعة ورجولة بأنه خسر
المعركة وأنه هنَّأ منافسه فرانسوا
هولاند بالنصر الذي حققه وطلب من هذا
الشعب ،الذي حقق جدوده أحد أكبر
الانجازات التاريخية الذي هو الثورة
الفرنسية العظيمة، احترام وتقدير
رئيسه الجديد. ما كان
من الممكن أن تجري انتخابات
كالانتخابات التي أجراها النظام
السوري يوم الاثنين الماضي في بلد
يحترم نظامه إرادة شعبه حتى لو أن
تصادم قطارين أدى إلى مقتل بضع عشرات
من أبناء هذا الشعب عشية مثل هذه
الانتخابات لكن المثل يقول: «إذا لم
تستحِ فافعل ما تشاء» وحقيقة إنه يجب
ألاّ يكون مستغرباً أن يجري نظام كهذا
النظام انتخابات كهذه الانتخابات وأن
يصفها بأنها عرسٌ ديموقراطي وأن «يباهي
بها العالم» رغم كل هذه الدماء التي
تسيل في المدن السورية يومياً وأنْ
يختبئ خلفها حتى لا يرى كل هذه الجرائم
التي يرتكبها ضد شعبه. لكن على
هذا النظام أن يدرك أن مثل هذه
المسرحيات الانتخابية لم تجنب لا حسني
مبارك ولا زين العابدين بن علي ولا علي
عبد الله صالح ولا أيضاً أدولف هيتلر
وموسوليني قَبْلِ كل هؤلاء المصير
الذي انتهوا إليه فحبل الكذب قصير كما
يقال ولابُدَّ مما لابدَّ منه. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |