ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
خير الله خير الله الرأي العام 12-5-2012 لا يمكن اجراء انتخابات على جثث ما يزيد
على عشرين ألف سوري، في أقلّ تقدير،
سحقتهم آلة القمع التي يمتلكها النظام
منذ اندلاع الثورة قبل اربعة عشر شهرا
تقريبا. لو كانت الانتخابات على
الطريقة البعثية تقدّم او تؤخّر، لما
كانت الثورة مستمرة ولكان اهل سورية
اقتنعوا بان ثمة مجالا لإصلاح النظام
الذي هو في حقيقة الأمر غير قابل
للإصلاح بأيّ شكل. متى يقتنع النظام السوري بأنّه انتهى وان
الانتخابات ليست سوى محاولة أخرى
للهروب إلى امام في وقت لم تعد هناك اي
جدوى من مثل هذا الهروب؟ باستثناء رهان النظام على انه سيكون
قادرا على حكم جزء من سورية وان
مستقبله مرتبط بهذا الجزء، ليس ما يشير
إلى ان هناك ما يمكن ان يفسّر اللجوء
المستمر إلى العنف. فالعنف لا يمكن ان
يوفّر مخرجا من الازمة العميقة التي
يعاني منها هذا البلد العربي المهمّ،
اللهم الا اذا كان هناك بين اركان
النظام من يظن انّ الحرب الاهلية هدف
في حد ذاته وان مثل هذه الحرب ستؤدي إلى
تهجير قسم من السوريين من مناطق
معيّنة، في مقدمها حمص. مثل هذا التفكير العقيم يفتح المجال
واسعا امام تفتيت سورية وامام سلسلة من
الحروب الاهلية معروف كيف تبدأ وليس
معروفا كيف تنتهي... او حتى متى يمكن ان
تنتهي. لعلّ أخطر ما تشهده سورية حاليا يتمثّل في
الاعتقاد بأنّ عملية الهروب إلى امام
يمكن ان تستمرّ إلى ما لا نهاية. كلّ ما
فعله النظام السوري الحالي، وحتى
الانظمة التي سبقته، هو ممارسة عملية
هروب إلى امام خشية مواجهة
الاستحقاقات الداخلية التي تفرضها
ازمة الكيان السوري. كان الانقلاب
العسكري الاوّل الذي قاده حسني الزعيم
تعبيرا عن الهروب إلى امام. تلاه
انقلاب الشيشكلي الذي لم يدم حكمه
طويلا. جاء بعد ذلك دستور العام 1950 الذي
كان يمكن ان يساعد في حلّ ازمة الكيان
السوري عن طريق الديموقراطية. بدل اعتماد الديموقراطية، اختارت
الاحزاب «القومية» وبينها البعث
الذهاب إلى وحدة غير طبيعية مع مصر
جمال عبدالناصر. لم تكن تلك الوحدة سوى
محاولة اخرى للهرب من الواقع. ما هو
اخطر من الوحدة التي انهارت في العام
1961، انطلاقا من حلب وليس من اي مكان
آخر، انها كرّست سيطرة الاجهزة
الامنية على السلطة. بعد الوحدة، صار
المسؤول عن الأمن، وكان اسمه
عبدالحميد السرّاج، الحاكم الفعلي
لسورية. رحل السرّاج بكلّ ما مثّله من
تخلّف وبقي الحكم في يد الأمن. لم يستطع الحكم الذي نشأ عن الانفصال
ايجاد اي حلّ للمعضلة السورية
المتمثلة في ازمتي النظام والكيان،
فكان اللجوء مجددا إلى البعث الذي نفّذ
انقلاب الثامن من آذار- مارس 1963 بغطاء
مدني. قاد العسكر الانقلاب وما لبثوا
ان تخلصوا من المدنيين، لينتهي النظام
ابتداء من العام 1970 نظام الرجل الواحد
ثم الطائفة الواحدة ثم العائلة
الواحدة. تغيّرت طبيعة النظام السوري. ما لم يتغيّر
هو الحاجة الدائمة إلى الهروب إلى امام.
ذهب لبنان ضحية عملية الهروب هذه التي
استهدفت تدميره حجرا حجرا. لم تتوقف
يوما عملية تدمير لبنان طائفة طائفة
ومنطقة منطقة ومدينة مدينة وقرية قرية
وشخصية مهمة خلف شخصية اخرى مهمّة.
ومتى وجد النظام السوري ان عليه
الانسحاب من لبنان نتيجة اغتيال
الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في الرابع
عشر من شباط- فبراير 2005، سعى إلى ايجاد
بديل يتولّى ملء الفراغ الامني الناجم
عن خروج قواته العسكرية من الوطن
الصغير الصامد. كان هذا البديل ميليشيا
مسلحة تابعة لإيران اسمها «حزب الله»
بادواتها المختلفة بينها ميشال عون. تسعى هذه الميليشيا حاليا إلى اقناع
اللبنانيين بقوة السلاح ان شيئا لم
يتغيّر في لبنان وان بيروت لا تزال تحت
الوصاية وان الفارق الوحيد بين ما كانت
عليه قبل العام 2005 وما هي عليه الان
انها صارت تحت وصاية مشتركة ايرانية -
سورية. افرزت هذه الوصاية «غزوة بيروت»
بهدف اذلال اهلها في السابع من ايّار-
مايو 2008. ولمّا تبيّن ان اهل بيروت
خصوصا واللبنانيين عموما يرفضون
الوصاية المشتركة، تماما مثلما رفضوا
الوصاية السورية، فرضت عليهم بقوة
السلاح الحكومة الحالية التي يرأسها
الرئيس نجيب ميقاتي. هذه الحكومة التي
لا هدف لها سوى اذلال المسيحيين واهل
السنّة والدروز، بين حين وآخر، ليست
سوى تعبير مختلف عن الازمة السورية
المزدوجة، اي ازمة النظام والكيان في
الوقت ذاته. بغض النظر عن اللهجة المعتدلة حيال «حزب
الله» التي استخدمها الرئيس سعد
الحريري في الخطاب الذي القاه قبل ايام
في بيروت عبر شاشة كبيرة، يظلّ ان اهمّ
ما في هذا الخطاب تصويبه على النظام
السوري. لا مستقبل لسورية ولبنان ما
دام هذا النظام يقتل. انه نظام يجري
انتخابات نيابية من اجل تغطية مزيد من
الجرائم ترتكب في حق السوريين. انه
نظام يعتقد ان في امكانه الاستفادة من
حرب طائفية ومذهبية في سورية لعلّها
تساعده في ايجاد مخرج يسمح له بمتابعة
عملية الهروب إلى امام. من هنا، ليس لدى اللبنانيين من خيار سوى
التصويب، بالكلام الحقيقي الدقيق
والصريح وليس بايّ شيء آخر طبعا، إلى
الهدف العالي، اي إلى النظام السوري.
لقد قاوموا هذا النظام منذ ما يزيد على
اربعين عاما. تلك هي المقاومة الحقيقية
التي عليهم الاستمرار فيها من دون ان
ينسوا في اي وقت من الاوقات من وراء قتل
زعمائهم من كمال جنبلاط وصولا إلى رفيق
الحريري مرورا بالشيخ حسن خالد والشيخ
صبحي الصالح والرئيسين بشير الجميّل
ورينيه معوض. ان هذه السلسلة من العرب
الشرفاء المؤمنين بلبنان الحر والتي
تشمل ايضا سمير قصير وجورج حاوي وجبران
تويني ووليد عيدو وبيار امين الجميّل
وانطوان غانم ووسام عيد وآخرين، من
بينهم الشهداء الاحياء مروان حمادة
والياس المر ومي شدياق، خير دليل على
انّ المطلوب تدمير لبنان. لم تكن «غزوة بيروت» التي شنها «حزب الله»
على اهل العاصمة والجبل في ايّار - مايو
من العام 2008 سوى فصل آخر من عملية
الهروب السورية إلى امام ولكن بمساعدة
ايرانية هذه المرّة. هذا ما يفترض ان
يكون واضحا لدى اللبنانيين الذين
باتوا يدركون أن لا خلاص لهم ولوطنهم
ولسورية والسوريين من دون التخلص من
نظام مستعد لاجراء انتخابات على جثث
أبناء شعبه وأشلائهم... كي يتمكّن من
متابعة الهروب إلى امام! * كاتب لبناني مقيم في لندن ================= يا جعفري .. السعودية لا
تدعم الإرهاب !! محمد بن علي الهرفي عكاظ 12-5-2012 لا أستغرب من السيد بشار الجعفري المندوب
السوري في الأمم المتحدة اتهامه
للسعودية بدعم الإرهاب الذي تمارسه
الجماعات المسلحة كما يسميها وقد أضاف
قطر وتركيا إلى السعودية لكي يجعل
مساحة الكذب أكثر اتساعا، فهو يظن أن
من لم يصدقه بالنسبة لهذه الدولة فقد
يصدقه بالنسبة للأخرى، وما عرف أن
العالم اليوم لم تعد تنطلي عليه هذه
الأكاذيب التي مضى عليها الزمن.
الجعفري في مؤتمره الصحافي الذي عقده
الثلاثاء الماضي حاول الهروب من
الواقع السيئ الذي تعيشه بلاده فلم يجد
إلا السعودية ومن معها ليحملها تبعات
الجرائم التي يمارسها النظام وبشكل
يومي وفي كل أنحاء سوريا، وهذه الجرائم
تنقلها معظم القنوات الإعلامية التي
تسمح لها السلطات السورية بدخول
البلاد. الجعفري ادعى أن من يقوم بقتل
المواطنين هم من أتباع القاعدة، ومن
السلفيين ومسلحون، لكنه لم ينطق بكلمة
عن الجرائم التي يرتكبها الجيش والتي
راح ضحيتها أكثر من عشرة آلاف، وهدمت
بيوتهم، وشرد عشرات الآلاف. وقد أجد له
عذرا في هذا التدليس فقد يصيبه ويصيب
عائلته ما أصاب الآخرين لو تجرأ على
قول بعض الحقيقة، ولكني لا أجد عذرا في
أكاذيبه التي دأب على تكرارها في كل
مناسبة يتحدث فيها!! السعودية لها
تجربة طويلة في محاربة الإرهاب، وفي
التعاون مع دول أخرى في محاربته فكيف
تقف معه أو مع دعاته؟!. السعودية وقطر ومثلهما تركيا تحركوا
أخلاقيا وإنسانيا وإسلاميا للوقوف مع
الشعب السوري وإنقاذه من القتل
والتشريد؛ وهذه الوقفة تعبر عن رأي كل
الدول في العالم ما عدا بعض الدول التي
تعد على أصابع اليد الواحدة والتي تقف
مع النظام السوري لتحقيق بعض المصالح
المادية. فهل تلام السعودية على هذا
العمل النبيل؟!. الغالبية العظمى من
أبناء الشعب السوري سعداء بموقف
السعودية وقطر، فهل تلام السعودية على
استجابتها لمطالب الشعب السوري الذي
يذبح كل يوم؟!!. وإذا كان السيد الجعفري
يشكك في مواقف السعودية ومن معها فهل
يستطيع التشكيك بمواقف السيد «كوفي
عنان» الذي أعلن أكثر من مرة أنه
ودولته يقف مع مهمة عنان، وأنه سعيد
بهذه المهمة؟! السيد كوفي عنان في
كلمته مساء الثلاثاء، الماضي قال
بوضوح: إن النظام السوري والجيش السوري
لازال مستمرا في قتل المواطنين؟!، وقال
بوضوح: إن فشل مهمته ليس في صالح النظام
السوري لأن البديل سيكون أسوأ!!، فهل
يستطيع الجعفري أن يتهم عنان بأنه يقف
إلى جانب الإرهابيين؟!. السيد «بان كي
مون» أمين عام الأمم المتحدة هو الآخر
اتهم النظام السوري بكل المذابح التي
تجري في الشام.. فهل هو أيضا متآمر مع
النظام في سوريا؟!.. الذي أود قوله: إن
الجرائم التي تجري في سوريا ينبغي أن
تتوقف، ولن يستطيع إيقافها إلا النظام
السوري وحده.. أما اتهام السعودية،
وغيرها فلن ينقذ النظام، كما أن تحميل
من يطلق عليهم «الجماعات المسلحة» لن
ينقذ سوريا أيضا لأنه غير صحيح. لا أحد
يحب ما يجري في سوريا، لا دول، ولا
شعوب، فالكل يحب لسوريا، أن تبقى
للسوريين وليس لجماعة واحدة لديها
الاستعداد لقتل الجميع لكي تبقى على
سدة الحكم، ولكن هذه الأمنية لن تتحقق
ما لم يغير الحاكم منهجه في الحكم ..
السعودية دولة تحارب الإرهاب بكل
أنواعه، وكفى اتهامات لا قيمة لها.
وعلى النظام السوري أن يعيد النظر في
كل ما ارتكبه من جرائم ويتوقف عنها
فورا ويعطي الشعب حقوقه.. وبهذا لن يجد
من يسميهم: جماعات مسحلة. ================= د. حسن حنفي تاريخ النشر: السبت 12 مايو 2012 الاتحاد "الله.. الحرية.. سوريا وبس" آخر صرخة
أطلقها طفل سوري قبل أن يلفظ أنفاسه
الأخيرة بعد أن نادى على أمه وأبيه فلا
من مجيب. هذا الثلاثي: الله والحرية
وسوريا، آخر ما تبقى له من هذا العالم،
وأول ما يأخذه معه إلى العالم الآخر.
أطلقها تحت التعذيب من الجيش السوري
النظامي أو من الشبيحة وهو لا يستطيع
الدفاع عن نفسه إلا بهذه الصيحة التي
تعبر عن تجربته الصغيرة في الحياة. لا
نفاق فيها ولا لف ولا دوران بطريقة
المثقفين. يعبر عن فطرته التي تسبق
الأيديولوجيات السياسية أو تتجاوزها. لم يستنجد بالمثقفين العرب أصحاب الأقلام
والالتزام السياسي، الوطنيين منهم
والقوميين. لم يقل "يا عرب"، خاصة
وعامة، نخبة وجماهير. ولم يستنجد
بالحكومات العربية وبالأشقاء في
النضال وعلى رأسهم مصر. لم يستنجد
بالجامعة العربية التي تمثل الحكومات
العربية وتمثل السياسات الرسمية
العربية التي كثيراً ما تضحي بالشعوب
في سبيل النظم. لم يستصرخ المنظمات
الدولية، الأمم المتحدة أو مجلس الأمن
أو المنظمة الدولية لحقوق الإنسان أو
المنظمة الدولية لحقوق الطفل أو محكمة
الجنايات الدولية للنظر في جرائم
الحرب. الله هو العادل الذي لا يظلم. هو الذي يأخذ
حق الضعيف من القوي، والأعزل من
المسلح، والمسالم من المحارب. هو
الملاذ الأخير بعد أن يعجز المضطهد عن
الدفاع عن حقوقه في الحرية والكرامة بل
عن وجود ذاته. هو الذي يستصرخه جميع
المضطهدين "حسبنا الله ونعم الوكيل"،
و"الله عليك يا ظالم"، و"الله
أكبر على كل من طغى وتكبر". وهو الذي
وعد بالنصر. هو المنتقم الجبار، ذو
الطول، المعز المذل، الرافع الخافض،
المحيي والمميت. هو أقوى من النظم
السياسية مهما أوتيت من جبروت القوة،
وقساوة القلب، وعنف العدوان. وهو ما
تثبته تجربة التاريخ في قصص الأنبياء،
الصراع بين الحق والباطل، نوح وقومه،
لوط وقومه، موسى وفرعون. وكل قصص
الأنبياء يقوي الروح المعنوية
للمناضلين من أجل حرية الأفراد
والشعوب لأنها هي التي تنتصر في
النهاية. والإيمان بالله هو الرصيد
الأخير للمقاومة ولاستمرار النضال. هو
الإيمان بالحق والعدل والحرية. وهو
الذي يؤدي إلى التضحية عن طيب خاطر. وهو
الذي وراء هتاف السوريين "الموت ولا
المذلة"، "لا إله إلا الله،
الشهيد حبيب الله". وبداية الشهادة الأولى "لا إله" صيغة
نافية، تنفي الإيمان أو التسليم بكل
آلهة العصر المزيفة: المال، السلطة،
الجاه، الشهرة من أجل تحرير الشعور
الإنساني منها حتى يؤمن بالإله الواحد
القهار وهو معنى الشهادة الثانية في
صيغة الاستثناء "إلا الله". ثم كانت الحرية أول هدف من أهداف الثورة
العربية قبل العدالة الاجتماعية.
فالكرامة تسبق الخبز. والضمير يأتي قبل
الفم. والقلب يتقدم على المعدة. ثم تأتي "سوريا" المبدأ الثالث في
هذا الثلاثي الذي أطلقه الطفل الصغير
تحت آلام التعذيب قبل أن يلفظ أنفاسه
الأخيرة. وسوريا هي الوطن، مكان
الولادة، وذكريات الطفولة. الحنين
إليه مهما طال البعد بحثاً عن الرزق.
سوريا التي غنى لها في مدرسته والتي
عشقها في خياله. هي الوطن الأصلي وليس
الوطن البديل مهما هاجر إلى تركيا أو
لبنان أو الأردن. فالحنين إلى الأوطان
عاطفة طبيعية. وسوريا هي الريف والنهر
والجبل والصحراء وليست النظام السياسي
أو "الأسد إلى الأبد". الولاء
للوطن. والحياة والممات في الوطن.
والوطن لا يتغير. في العهد القومي في الخمسينيات
والستينيات ظهر ثلاثي آخر "حرية،
اشتراكية، وحدة" بصرف النظر عن
ترتيبه بين مصر وسوريا، سوريا تبدأ
بالوحدة ومصر تبدأ بالحرية. ويدل هذا الثلاثي الذي أطلقه الطفل
السوري قبل أن يفارق الحياة على أن
الوحدة الطبيعية القادمة هي وحدة
تتجاوز القومية التقليدية إلى نوع من
الوحدة. هي وحدة أو تكتل ثقافي تاريخي،
عانى من الاستعمار، وحرر نفسه بنفسه.
وهو تكتل حر وطني. يعطي الحرية للشعوب
ويقوم على حب الأوطان. فلا تعارض بين
التوحيد والحرية والوطنية. ثم يأتي اللفظ الرابع "وبس" أي يكفي
الإيمان والحرية والوطن كمبادئ ثلاثة
مثل المبادئ الثلاثة للثورة الفرنسية:
الحرية والإخاء والمساواة. فقد أسهبت
الأيديولوجيات في عرض برامجها. وأطالت
في صياغة نظرياتها. لم تفهمها الجماهير
وإن فهمتها النخبة. تتطلب درجة عالية
من التعليم ومن الوعي السياسي الذي لم
يكتمل عند الطفل. الإيمان والحرية
والوطن تكفي. ثم توضع الأصابع في
الآذان، "أفلح إن صدق". كل شيء
يُؤجل إلى ما بعد، بعد التوحيد بين
البشر "كلكم لآدم، وآدم من تراب"
ضد الطائفية والعرقية، وتحرير الشعوب،
والولاء للأوطان. ولا يمكن القضاء على هذه المبادئ الثلاثة
مهما تمت مواجهتها بأعتى الأسلحة
وأكثرها فتكاً. ومهما طالت مدة العدوان.
المبدأ باق. وسلاح القمع يغلبه سلاح
الجيش الحر في مقابل الجيش النظامي أو
يُدمر وتغلبه الإرادة الشعبية. وعلى هذا النحو يتحقق النجاح في بلدان
الثورات العربية الخمسة. وتنتهي
أسطورة المؤامرات الخارجية وكأن الشعب
العربي غير قادر على أن يثور ضد
الاستبداد من أجل حريته وكرامته. وهل
من الضروري التلازم بين القومية
والاستبداد، بين الممانعة والقهر؟ وهل
وسيلة مقاومة التآمر الخارجي على وحدة
الوطن هي إسالة دماء الشعوب أم التكاتف
معها ضد الخطر الخارجي؟ إن صرخة الطفل السوري وهو يفارق الحياة
جعلت الأطفال في سوريا والشباب في مصر
وليبيا، والنساء في اليمن وغيرها وقود
الثورة. وبالتالي تنتهي صورة المجتمع
العربي الذكوري بفضل الثورة. وإذا كان
صمتنا قد قتل الأطفال في سوريا فلعل
صرخة هذا الطفل توقظ ضمائرنا، ولعل
سوريا تعود محوراً للنضال العربي
بدلاً من الصراع على السلطة بين
الأحزاب في الأوطان التي انتصرت فيها
الثورة، وتكاد تضيع. ================= علي حماده 2012-05-12 النهار قلائل هم من صدقوا رواية نظام في سوريا عن
تفجيرات دمشق التي حصلت قبالة مقر فرع
فلسطين المخابراتي السيىء الذكر.
وقلائل هم الذين بعثوا برسائل تعزية
لبشار الاسد لمواساته مصدقين ان
النظام كان بريئا من هذا التفجير الذي
أصاب المدنيين العاديين أكثر مما أضر
بشبيحة النظام ومجرميه في فرع فلسطين.
وقلائل هم من يعتبرون ان النظام لا
يرقص رقصة الموت مع تنظيم "القاعدة"
في الداخل السوري تماما كما رقصها في
العراق على مدى سنوات طويلة، وبالطبع
في لبنان حيث لعب النظام لعبة الارهاب
والتفجيرات لاربعة عقود بالتقاطع مع
العديد من التنظيمات اللبنانية و
الفلسطينية على الساحة اللبنانية. فهل
ننسى ان في لبنان وزراء ونوابا يعتبرون
من أشهر وأعتى مفخخي السيارات التي
قتلت مئات اللبنانيين. ان الارهاب
والترهيب هما مهنة النظام في سوريا فمن
القتل الى الخطف فالتفجير تنقل نظام
حافظ الاسد ومن بعده نظام ابنيه ليحصد
آلاف اللبنانيين والفلسطينيين
والعراقيين واليوم يحصد آلاف السوريين.
كلنا يذكر كيف كانت المخابرات السورية
بتنسيق مخيف مع المخابرات الايرانية
تعمل على خط تجنيد المقاتلين العرب و
بينهم الانتحاريون في كل البلدان
العربية و يأتون بهم الى سوريا ليعبروا
منها الى العراق فيحصدوا الموت في كل
مكان. لقد كانوا في أساس التفجيرات
المذهبية التي استهدفت الشيعة في
العراق في سياسة جهنمية هدفت الى
استقطاب الشارع الشيعي العربي في
العراق المتأثر بمرجعية النجف العربية
في سياق حالة شيعية متعصبة تتأثر
بالتنظيمات التابعة لايران. في لبنان لنظام بشار تاريخ طويل مع
التنظيمات الاصولية المسلحة. وقضية
"فتح الاسلام"هي الدليل الاسطع
على ذلك: أتوا بهم الى مخيم نهر البارد
و سلموهم قواعد "فتح الانتفاضة"
التابعة لدمشق ثم أمروهم بالاشتباك مع
الجيش، وأخيرا لما صاروا عبئا باعوهم
الى الجيش بعدما جرى التنسيق مع
مخابرات الجيش اللبناني لتهريب عدد من
قادتهم الكبار قبيل ايقاع العناصر
العاديين في مكمن محكم. لقد بات معلوما ان تنظيم" القاعدة"
صار أشبه بمجموعة كارلوس الارهابي
الشهير في سبعينات القرن الماضي بعدما
فتحت باب بيع الخدمات الامنية في كل
مكان حتى لأطراف يفترض فيها ان تكون
معادية كايران و النظام في سوريا. ففي
ايران تقيم منذ سقوط نظام "طالبان"
في افغانستان سنة ٢٠٠١
مجموعة قيادية كبيرة ل"القاعدة" و
تضم أفرادا من عائلة أسامة بن لادن. وفي
سوريا جرت أكبر عمليات تبادل للخدمات
بين النظام وبعض فروع "القاعدة"
خلال معركة العراق. وفي لبنان يبدو ان
اغتيال رفيق الحريري شكل ذروة التقاطع
العملاني الارهابي بين نظام بشار
والايرانيين عبر "حزب الله"
وتنظيم "القاعدة". بناء على ما تقدم نقول حبذا لو قدم البعض
تعازي للشعب السوري بدل تقديمها لقاتل
أطفالهم بشار حافظ الاسد. ================= العالم ينفض يده من أي
صيغة سحرية .. أياً يكن المفجّرون
سوريا تخرج عن السيطرة روزانا بومنصف 2012-05-12 النهار حملت الادانات الغربية للتفجيرات التي
حصلت في دمشق قبل يومين النظام السوري
مسؤولية مباشرة ان لم يكن باتهامه
بالقيام بهذه التفجيرات انما
بمسؤوليته عنها كونه هو من تولى ايصال
سوريا الى الحال التي وصلت اليها عبر
اعتماد القمع والعنف من اجل ردع
معارضيه الذين تحركوا منذ سنة وشهرين
من دون انقطاع. وتخشى مصادر معنية ان
تكون هذه الحال مرشحة للتكرار، مع
الاسف، باعتبار انها تؤشر لمرحلة
جديدة مختلفة ولاسلوب صراع دموي ينبىء
بخروج الوضع عن السيطرة من دون القدرة
الحقيقية على ردعه غير التمسك بتنفيذ
خطة الموفد المشترك للجامعة العربية
والامم المتحدة كوفي انان اقله حتى
اشعار آخر. فالمغزى مقلق على كل الصعد
وايا يكن من يقف وراء التفجيرات. فاذا
كان النظام من يقف وراءها وفق اتهامات
المعارضة فهذا يعني انه وصل الى مرحلة
خطيرة جدا بحيث بات يفتقر الى الوسائل
التي استخدمها حتى الان لقمع المعارضة
ويلجأ الى اساليب تجرمها امام الرأي
العام الداخلي والخارجي . واذا كانت
المعارضة هي المسؤولة وفقا لاتهامات
النظام فان ذلك يرسم علامات استفهام
حول القدرة الى الوصول الى المراكز
الاستخبارية المماثلة وعن وسائل تضع
صدقيتها على المحك. واذا كان هناك
افرقاء ثالثون وفق ما لا تستبعد مصادر
عدة فهذا يعني اتجاه سوريا الى مرحلة
لم تعد هي نفسها بكل المقاييس ودخولها
مرحلة هي اشبه بلبنان ابان الحرب
الطويلة فيه او اشبه بالعراق ما بعد
الاحتلال الاميركي. وهذا الامر يشكل
مفارقة لافتة كون النظام السوري رفض ان
ينطبق النموذج التونسي عليه او ايضا
النموذج المصري او اليمني وصولا الى
الليبي على اساس ان سوريا هي غير هذه
الدول جميعها ولا ينطبق عليها في موضوع
الربيع العربي ما سرى على هذه الدول في
الانتفاضات الشعبية التي حصلت فيها
بحيث سقطت كل هذه النماذج في حين ان
سوريا تنزلق الى النموذج اللبناني زمن
الحرب او النموذج العراقي وهو لا يزال
ماثلا في حوادث مماثلة وفق ما بات يخشى
كثر. على ان هذه التفجيرات على مأسويتها لن
تسرع او تغير في وتيرة التعامل الدولي
القائم راهنا مع الازمة السورية. اذ
يخشى ان تغدو في شكل او في اخر وكأنها
تشكل فصلا من فصول الحرب الجارية على
الارض انما باساليب مختلفة كما حصل في
اماكن شهدت حروبا داخلية. اذ تقول هذه
المصادر ان ما يتم تأكيده من دون
مواربة لجميع القلقين من الوضع السوري
واحتمال استمراره طويلا ان الدول
الغربية لا تدعي امتلاكها صيغة سحرية
للحل في سوريا ولم تقل انها ستمتلك
قريبا هذه الصيغة مما يعني بقاء الوضع
على مراوحته حتى اشعار آخر. والتأكيدات
الروسية قبل يومين على لسان وزير
الخارجية الروسي بعد لقائه نظيره
الصيني من ان روسيا لن تغير موقفها من
سوريا انما يؤشر الى بقاء الامور
والمواقف على حالها من دون تغيير يذكر
ايا تتخذ الاوضاع طابعا مأسويا على
الارض. وهو الامر الذي ينطبق على مواقف
روسية اخرى تصب في الخانة نفسها منها
اعلان الرئيس الجديد فلاديمير بوتين
عن ارادة بلاده في الدفاع عن مصالحها
وموقعها في العالم. لكن هذا لا يعني
تضاؤل او تراجع الحماسة الغربية في شأن
حل سياسي انتقالي يتضمن رحيل الرئيس
السوري بشار الاسد من ضمن خطة انان وفق
ما يراها هؤلاء ولو ان هذا الامر لم يعد
يرد بكثرة على ألسنة المسؤولين
الدوليين في ظل الحرص على اعطاء خطة
انان فرصة وعدم اعطاء الانطباع
بتفخيخها او بالسعي الى نسفها. فهذا
الموقف تقول المصادر يتم التشديد عليه
في كل اللقاءات والاجتماعات من تونس
الى اسطنبول فباريس ولاحقا واشنطن او
الولايات المتحدة من ضمن مجموعة
اجتماعات متوقعة في الاسابيع المقبلة .
اضافة الى ان مسؤولين اميركيين ومن
بينهم السفيرة في الامم المتحدة سوزان
رايس اعادوا تأكيد هذا الهدف قبل ايام
قليلة على نحو يذكر بأن الهدف لا يزال
هو نفسه لكل المساعي في شأن الوضع
السوري اي الضغط والوصول الى تنحي
الرئيس السوري من ضمن المرحلة
السياسية لخطة انان. اما عن تحميل النظام في شكل اساسي
المسؤولية فان ذلك يتصل وفق ما تقول
المصادر بواقع تخلفه عن تطبيق خطة انان
الذي يقول انه وافق عليها، اذ ان الخطة
تتضمن بنودا اخرى غير بند الموافقة على
وصول مراقبين الى المناطق السورية.
وحتى الان استغرق هذا البند شهرا او
اكثر من دون تنفيذه كاملا في حين انه
يتعين على النظام تطبيق بند سحب
الاسلحة الثقيلة والدبابات من المدن
كما يتعين عليه وقف العنف والسماح
بالتظاهرات السلمية. وهو لم ينفذ ايا
من هذه البنود بعد مما يسمح باكمال
العنف دورته ولذلك تقول هذه المصادر
يتم تحميله المسؤولية ما دام لم يلتزم
الجزء المتعلق به من الاتفاق الذي وافق
عليه. ولذلك ايضا تشدد المواقف الدولية
على نحو شبه يومي وفق المصادر نفسها
على ضرورة التزام خطة انان ببنودها
كافة من اجل وقف ما يحصل من تفجيرات
ايضا على رغم اقتناعها العميق وثقتها
بان هذا الالتزام لن يحصل. ================= راجح الخوري 2012-05-12 النهار كانت الاحاطة التي قدمها كوفي انان يوم
الثلثاء الماضي الى مجلس الامن عن
مهمته المتعسرة في سوريا بمثابة اعلان
واضح عن اليأس والمراوحة في الفشل، ثم
جاء الانفجاران في دمشق صباح اول من
امس انذاراً صاخباً عن حرب اهلية تسابق
كل الحلول لا بل تسبقها، بما يعني ان
مهمة المراقبين الدوليين لا ولن تفيد
بشيء سوى توفير الذرائع لمجلس الامن
وللجامعة العربية من خلال القول ان
هناك مبادرة للحل تسعى لإخراج سوريا من
الازمة الدموية التي تتخبط فيها منذ 13
شهراً . عندما يقول انان ان مهمة المراقبين
الدوليين هي الفرصة الوحيدة المتبقية
لاحلال الاستقرار في البلاد "وانني
واثق من انني لا اذيع سراً اذا قلت لكم
ان هناك قلقاً عميقاً من امكان انزلاق
البلاد الى حرب اهلية كاملة وان عواقب
ذلك مفزعة جداً "، فإنه لا يضيف
شيئاً الى الواقع المأسوي المتفجر في
سوريا، والدليل على ذلك ان كلامه كان
من الاشلاء التي انتشرت في ساحة
التفجيرين الدمويين! اما عندما يقول ليست هناك فرصة مفتوحة الى
ما لا نهاية امام مبادرته، فإن الامر
يدعو الى التساؤل عما اذا كان قد وجد
فعلاً منذ شهرين تقريباً، اي فرصة
تساعده على التقدم، ذلك انه يراوح في
مكانه الى درجة الاجماع على ان مبادرته
تحولت بدورها مثل مبادرات الجامعة
العربية مجرد "فرصة اضافية للقتل"
كما يقول المعارضون. لم يعد مهماً بالطبع ما اذا كان المراقبون
سيستكملون عددهم، وخصوصاً بعد إقرار
انان بأن الانخفاض في النشاطات
العسكرية لا يلغي حقيقة انه لا تزال
هناك "انتهاكات خطيرة لوقف اعمال
العنف غير المقبولة التي تمارسها
الحكومة، اضافة الى الهجمات التي
تتعرض لها هذه القوات والى سلسلة
التفجيرات المقلقة". ويشكل تصريح
احمد فوزي في هذا السياق، افضل تصوير
لما آلت اليه مبادرة انان، فهو يقول
بالحرف: "الحكومة السورية سحبت بعض
الاسلحة الثقيلة ولم تسحب بعض الاسلحة
الثقيلة، وقلّ بعض العنف ويستمر بعض
العنف... هذا ليس كافياً "، لا يا سيدي
هذا مؤسف ومؤلم! لم يكتف انان بتكرار معزوفة الجميع
الدائمة: "يجب ان يتوقف القتل"، بل
قطع الطريق على اي اعتراف خارجي
بالانتخابات التي اجراها النظام،
معتبراً ان العملية السياسية يفترض ان
تكون نتيجة حوار بين الحكومة
والسوريين يمكن عندها ان تؤدي الى
الانتخابات وهذا ما يسقط اي قبول دولي
او عربي بهذه الانتخابات. لم تعد مهمة انان الفرصة الوحيدة
المتبقية لمنع انزلاق سوريا الى الحرب
الاهلية كما يقول، لأنها في الواقع
القناع الوحيد المتبقي للجميع اي
اميركا واوروبا وروسيا والصين ومجلس
الامن والجامعة العربية للايحاء بأن
ثمة اهتماماً بما يجري من المآسي
وبالسعي لايجاد حل ينهي الازمة، لكن
الوضع يخرج عن سيطرة الجميع وأشباح
الحرب الاهلية البغيضة نزلت الى
الساحة بكل ما عرفته من صيغ، فبعد
اللبننة والعرقنة والصوملة هذه هي...
السورنة ================= ياسر الزعاترة الدستور 12-5-2012 نتفهم من دون شك حرض المتحدثين باسم
المجلس الوطني السوري وكثير من
السوريين على ربط التفجيرات التي وقعت
الخميس، وسائر التفجيرات المماثلة
قبلها بالنظام الحاكم في دمشق. نتفهم
ذلك، ليس فقط لأننا إزاء أناس يحرصون
على صورة ثورتهم من أن توصم بالإرهاب،
هي التي بدأت سلمية بالكامل، ولا تزال
معظم فعالياتها كذلك، بل أيضا لأننا
إزاء أناس يدركون قدرات نظامهم
الأمنية الرهيبة، والتي يزيدها رعبا
استنادها إلى عقلية طائفية يمكنها
تبرير أي جرائم بحق الآخرين، فكيف حين
تشعر بأن وجودها مهدد إلى حد كبير؟! من تابعوا سيرة النظام الأسدي في لبنان،
وعشرات الاغتيالات والتفجيرات التي
نفذها وسُجلت ضد “مجهول”، فضلا عن
الدموية التي رد بها على بعض الحراك
المسلح مطلع الثمانينات (حماة وتدمر)،
من تابعوا ذلك كله سيدركون أنهم إزاء
نظام لا يرقب في المؤمنين إلاً ولا
ذمة، وأن بوسعه من أجل البقاء أن يحرق
البلاد على رؤوس أهلها، وحين يصل عدد
الشهداء إلى 12 ألف شهيد إلى الآن من دون
أن يرفَّ لرموزه جفن فإن ذلك تأكيد
جديد على بطشه ودمويته. منذ الأسابيع الأولى للثورة تحدثنا مرارا
عن حرص النظام على عسكرة الثورة ووصمها
بالإرهاب، ولم نجد حرجا في التأكيد على
أن التفجيرات الأولى التي وقعت هي من
إنتاج النظام، لكن الموقف لم يبق على
حاله من دون شك. ليس لدينا شك في أن الخبرة التي حصل عليها
النظام من تعاطيه مع مجموعات السلفية
الجهادية بعد احتلال العراق لا زالت
تؤهله لإنتاج عمليات تفجيرية واسعة
النطاق، أكان بشكل مباشر عبر أدوات
وآليات يجيدها، أم عبر اختراقات
يحدثها داخل المجموعات الجهادية، وهي
اختراقات سيكون هدفها استدراج الذين
يفكرون في الجهاد إلى أهداف تشوه صورة
الثورة السورية، مع أن استهداف مقر
أمني رغم إمكانية سقوط قتلى وجرحى بين
المدنيين لا يبدو مبررا بحال. في البعد الأخير نعثر في وثائق “وست
بوينت” التي وجدت في البيت الذي اغتيل
فيه أسامة بن لادن على إدانة واضحة
لهذه اللون من العمليات التي بالغت في
استخدام نظرية “التترس” التقليدية،
أكان في باكستان أم العراق، وفي
الأخيرة رفض بن لادن استهداف طوابير
المكتتبين للجيش والأجهزة الأمنية حتى
لو جاز قتالهم في حال المواجهة مع
العدو وعملهم ضمن صفوفه. يؤكد ذلك أن هناك من يتقبل هذا اللون من
العمليات التي تستهدف العدو رغم
إمكانية سقوط قتلى من الأبرياء، لكن
وجود اختراق ما من طرف النظام سيؤدي
إلى استدراج البعض لتنفيذ عمليات أكثر
قدرة على تشويه صورة الثورة. وعموما
ليس هناك ما يخدم الاختراق أكثر من
البوصلة الخاطئة للتنظيمات
والمجموعات المسلحة وغير المسلحة. لقد تحدثنا غير مرة عن السيناريو العراقي
في سوريا تبعا ليأس بعض الشبان من
إمكانية الانتصار على النظام بالثورة
السلمية، أو من خلال الجيش الحر ضعيف
التسليح في مواجهة نظام يحظى بدعم
إيراني منقطع النظير، وهو يأس عكسته
بعض التقارير الصحفية القادمة من
الداخل عبر صحافيين أجانب، وهذا الأمر
سيؤدي إلى انتشار فكر التفخيخ
والتفجير، لاسيما إذا تدفق بعض
الجهاديين بخبراتهم من العراق ولبنان،
وربما سواهما أيضا، الأمر الذي حدث
بالفعل، وإن بقدر محدود إلى الآن. هنا ينبغي للعقلاء أن يتدخلوا، ليس من
خلال إنكار وجود هذا النوع من التفكير
الذي سيتحول بالضرورة إلى عمل على
الأرض (بعضه تحول بالفعل)، بل من خلال
دعوة الشبان إلى رفض هذا اللون من
العمليات الذي يصيب المدنيين الأبرياء
ويمكن أن يفض الناس من حول الثورة، لأن
استهداف النظام لا يبرر إصابة
الأبرياء دون حساب. العمل الجماهيري هو الأهم، لأنه عنوان
الثورة وضميرها والدليل الأكبر على
رفض السوريين لاستمرار النظام، من دون
أن ينفي ذلك الحاجة إلى بعض أشكال
العمل العسكري الذي يحمي الثوار ويضرب
بعض عناوين الإجرام في بنيته الأمنية،
على ألا يؤدي ذلك إلى إصابة المدنيين
الأبرياء الذين اندلعت الثورة من أجل
تحريرهم من قيد الطاغية. التاريخ : 12-05-2012 ================= الجمعة, 11 مايو 2012 براء موسى * الحياة لم يكن للحيطان آذان يوماً ما، لكنّ
المعلومة «عشعشت في قلوبنا، كما لو
رضعناها مع حليب أمّهاتنا نحن الّذين
وُلِدنا وترعرعنا في هذه المدينة
الّتي ذاقت المرارة على طول العقود
الكارثيّة لحقبة البعث ثم الأسدين»،
فكان أن تزعزعت ثقتها حتى بهويّتها
السوريّة، فوق ما حملته من جريرة إرثها
«العثماني»، وحسد الريف، كل الريف،
السوري على ريادتها للصناعة والتجارة
يوماً ما. ولأنّ التعليم في سوريّة في شكلٍ عام
تحوّل بفضل البعث ولواحقه إلى مجرّد
عمليّة تحفيظٍ وتبصيمٍ، فقد انزاحت
الجامعات السورية عن أي ذكرٍ لها في
تصنيفٍ تقويميّ عالميٍّ للجامعات،
أللهم إلّا إذا اعتبرنا أنّ رقماً ك4475
لجامعة دمشق و6730 لجامعة حلب هو ذو قيمة
بين 193 دولة في العالم. هذا غيضٌ من فيضٍ
في توصيف الجامعات السوريّة قد لا يكون
مناسبةً لمقدمةٍ عن مشاركتها
الرياديّة في الثورة السوريّة على رغم
كلّ ما قد تراكم من كوارث البعث والأب
والابن. ولكنّ «الحيطان وآذانها» ليست
سوى إشارة لما كان قد تغلغل في الثقافة
السوريّة عموماً وحلب على وجه الخصوص،
حيث العلمانيّة المزعومة للنظام نجحت
تماماً بفصل «الجوامع» والجامعات
أيضاً على حد سواء عن دائرة السياسة «العائليّة».
هكذا، غدا التظاهر كفعلٍ سياسيٍّ
مباشر في حاجةٍ إلى مخاضٍ عسيرٍ في
مدينةٍ آذان حيطانها مُشنّفةُ لكلّ
همسات أبنائها، لتترك بذلك أثراً
مهيمناً حتى على مستوى التقانة
الحديثة في الاتصالات. ولعلّ من الإنصاف بمكان أنّ أبناء الريف
المحيط والقريب لحلب قد لعبوا دوراً
مهمّاً في تخفيف وطأة الخوف والحذر
المتراكم في بنية الوعي الحلبي شيئاً
فشيئاً، وتجسّد ذلك بانطلاق التظاهرات
في السكن الجامعي بدايةً بالتوازي مع
غضبة شبابها لمناطقهم الثائرة، وبين
هؤلاء تسلّل في البدايات الطلاب
الحلبيون بانضمامهم إلى زملائهم في
المدينة الجامعيّة مغادرين بذلك حرص
ذويهم على سلامتهم من شرور السياسة
التي لم يعرفوا منها سوى البطش القابع
في ذاكرةٍ جهدوا طويلاً في إغفالها تحت
الوعي الباطن وملؤها الألم والشجون. بالعودة إلى الوراء في تاريخ جامعة
الثورة سنجد لها تاريخاً حافلاً
بالمشاركة في أعباء الوطن السياسيّة
والثقافيّة، فحقبة الثمانينات
الكارثيّة في عهد الراحل تذخر
بالشهداء والمعتقلين من أبنائها
المتفوقين والمميزين قبل أن تصير
برعاية البعث والأسد مجرّد مفرخةٍ
لأرقامٍ هائلةٍ ترفد سوق العطالة
لتزيد في مآسي السوريين المتراكمة في
كلّ المناحي. على أنّه وليس ببعيدٍ كثيراً، وتحديداً
سنة 2003 إبّان المسألة العراقية، شهدت
جامعة حلب خروجاً عن ثباتها الطويل من
خلال تسجيل موقفٍ سياسيٍ قام به نشطاء
كسروا حاجز الصمت بالاحتجاج على
السياسات الدولية بقواها المهيمنة،
وكان أن احتارت السلطات آنذاك في
التعامل مع ظاهرةٍ فاجأتهم بطبيعة
الحال إذ كان ظاهرها يشبه كثيراً الخطّ
الذي انتهجته الحكومة السياسيّة في
موقفها من الحرب على العراق البعثي.
ولكنّ احتكار السياسة في الدائرة
العائليّة الضيّقة ومحيطها من
المتنفذين لم يسمح بطبيعة الحال
بمشاركتها في أي موقف إذ لربّما يمهد
الطريق لتمدمد الظاهرة إلى خطوط حمر، «على
نحو ما يحصل الآن في بعض الدول
الخليجية من تعاطف أهلها مع المأساة
السورية»، فكان أن أزهقت «قوى
الممانعة» الحراك في مهده قاطعةً
الطريق على من تُسوّل له نفسه في
التدخل في ما لا يعنيه سواء كانوا من
الطلاب أو غيرهم. والحاصل حينها أن عُوقبت تلك الحركة
الطالبية آنذاك بمفصولين من هبة
التعليم المجانيّ، كما باعتقالاتٍ
تأديبيّة للبعض، وترويعيّةٍ (لتربية
الآخرين). راهناً، وقبيل انطلاق الثورة ببضعة أيام،
وزّع شبّانٌ جامعيون جريئون قصاصاتٍ
ورقيّةٍ حوت عباراتٍ تذكّر فقط بكرامة
الإنسان، وتعرّف فقط ببعض سيّئات
قانون الطوارئ، في مدينة تحتاج ورقة
نعي للموتى فيها إلى موافقةٍ أمنيّة،
لكنّ الرقابة المتحفزة ألقت القبض على
هؤلاء الشبّان في 14 آذار (مارس)، قبل أن
يغدو اليوم التالي تاريخاً لانطلاق
الثورة، في دلالةٍ واضحةٍ على احتراز
السلطة الأمنية لإجهاض أي محاولة
للتفكير بما حلمت به شعوب الأمة
العربية بعيد إزاحة صنمين من أصنامها
العتيدة في تونس ومصر، ويزداد إحكام
الرقابة تشدّداً على أي «نفسٍ» قد تكون
محفّزة لاشتعال الاحتجاج، وما لبثت
بعد حين، أن انزاحت عيون التوقعات عن
البؤرة المرشّحة لإشعال فتيل الثورة
بمقاربةٍ مع بنغازي ليبيا، ولا سيّما
بعد أن تصدّرت درعا قائمة المآسي،
وتلتها تباعاً إدلب فحماة وبقيّة
المدن والمناطق قبل أن تتوج حمص عاصمةً
للثورة، كلّ ذلك الشحن والغضب
الطالبيّ يزداد تحفزاً إلى أن انتقل
الحراك الاحتجاجي من المساكن الجامعية
إلى الحاضن الجامعي الأكبر قبيل
انتهاء الفصل الدراسي الثاني للسنة
الفائتة 2011 في تحضيراتٍ جهدت طويلاً
لتجميع قواها في كليّة الآداب. لعلّ من الجدير هنا التوقف عند نقطة
الانطلاق للتظاهرات بدافع الإنصاف
للروح التنافسيّة للطلاب، ومنها أقوال
تشير إلى أن الفضل يعود لغير الطلاب
الحلبيين في الحراك الجامعي، ولا يعدو
ذلك بجذوره سوى إشارة لمخزون مناطقي
نما في بعض الأحيان طاغياً على الشعور
الوطني. ولكنه أبداً لم يعدُ روح
التنافسية المرحة والدعابة بين هممٍ
واعدةٍ تبحث عن وجودها وحرّيّتها
وكرامتها من دون التلوّث أو الاكتراث
لتقاسيم «شعبويّة» الطابع وهزيلة
المعنى، وذلك لأن الأيام جرت لتوضّح أن
الفضل للتكامل بين أبناء المدينة
وساكنيها وطلّابها، بعد تدحرج الكرة «الاحتجاجيّة»
التي كانت تكبر يوماً بعد يوم في
انتصارٍ على الخوف والصمت المزمنين.
أما البطولة الحقيقية التي قلّما
ينصفها المتابع فهي من دون شكّ للجنس
الأنثوي الذي تجاوز كلّ حدود المتوقع
في بيئة موصوفة ب «المحافظة»، ولعلّ
الدافع المحفز الذي تميّز به حراك
جامعة الثورة كما لقِّبت هو غيرة
الشبّان على زميلاتهم، وكذلك غيرة
الصبايا على أبناء بلدهن، وبصرف كل
النظر عن عصبوية الانتماء الضيّقة، في
مثالٍ حيٍّ ومكثّفٍ عن تفجّر الوعي
الكامن في السوريّين على اختلاف
مشاربهم. * كاتب سوري ================= الخيار الروسي في مواجهة
الثورة السورية السبت, 12 مايو 2012 علي العبدالله * الحياة بعد عام ونيف على انطلاق الثورة السورية،
ووقوف روسيا إلى جانب النظام،
واستخدامها لحق النقض (الفيتو) مرتين
في غضون أشهر، ناهيك عن عمليات الدعم
اللوجستي الواسعة للنظام (تسليح،
وخبرات ميدانية في مواجهة الاحتجاجات
بما فيها تقنيات اتصال وتعقب
الاتصالات بواسطة طائرات من دون
طيارين) وتقديم النصح السياسي في مجال
التعاطي مع المبادرات العربية
والدولية، غدا التساؤل عن هدف روسيا
وخطتها لتحقيق ذلك ملحّاً وضاغطاً. فما
هو هذا الهدف، وكيف تسعى موسكو
لتحقيقه؟ في مواجهة الثورة الشعبية التي تريد
تغيير النظام القائم في دمشق تبنت
موسكو خيار بقاء هذا النظام، والدفاع
عنه، وحمايته، ليس من خصومه فقط بل من
تصرفاته الرعناء التي ستنعكس سلباً
عليه وعلى حلفائه في الوقت نفسه،
ولتحقيق هذا الهدف تبنت سياسة متعددة
المستويات ركائزها: 1- تبني رواية النظام للأحداث، وإنكاره
وجود معارضة سياسية، بل «جماعات
إرهابية»، والعمل على تسويق مقولته عن
«عصابات مسلحة» تهاجم قوى حفظ النظام
ودوائر الدولة، وتصوير الثورة الشعبية
كتمرد مسلح، وبطش النظام كعمل مسؤول
يهدف إلى حفظ الأمن والاستقرار وحماية
المواطنين. 2- عرقلة صدور قرار في مجلس الأمن يدين
النظام لانتهاكاته لحقوق الإنسان
وقتله المواطنين العزل، واستخدامه
الأسلحة الثقيلة في قصف المدن
والبلدات والقرى، كي تمنع صدور قرارات
لاحقة تحت الفصل السابع تجيز استخدام
وسائل الإكراه بما فيها القوة
العسكرية، وتمنع إحالة المسؤولين عن
هذه الجرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة
الجنائية الدولية. 3- الضغط على الدول، العربية وغير
العربية، لثنيها عن التعاطف مع الشعب
السوري، وتخويفها من حرب أهلية، أو من
تقسيم سورية، وامتداد ذلك إلى دول
الجوار، ومطالبتها بوقف كل دعم مقدم أو
يمكن أن يقدم للمعارضة بدعوى أن ذلك
يشجع الأخيرة على التشدد ورفض الحوار
مع النظام. لقد نجحت روسيا، ومعها الصين، في شل مجلس
الأمن الدولي لكنها لم تستطع منع
التحركات العربية والدولية عبر جامعة
الدول العربية، والجمعية العامة للأمم
المتحدة، وتجمع» أصدقاء سورية» حيث
بقيت قضية الشعب السوري ومطالبه في
الحرية والكرامة حاضرة على جدول أعمال
المجتمع الدولي. وهذا أجبر روسيا على
القبول بمبادرة المبعوث الدولي العربي
السيد كوفي أنان على رغم انطوائها على
إدانة ضمنية للنظام، ووضعه تحت رقابة
دولية، وتقليص سيادته بنشر المراقبين
الدوليين، والحد من تمثيله للشعب
السوري. غير أن التغير الذي حصل في موقف روسيا،
بما في ذلك الاعتراف بوجود معارضة
سياسية، لم يغّير هدفها وإنما غيّر
تكتيكها بتبني مقاربة مختلفة جزئياً
عن موقفها السابق، ترتكز إلى عدة محاور
وهي: أ- التركيز على وقف العنف وتجاهل أسبابه،
وتحميل المعارضة مسؤولية استمراره «المعارضة
هي المسؤول الأول عن المعارك» (لاحظ
كلمة معارك وإيحاءاتها)، كما قال
الناطق باسم الخارجية الروسية، واتهام
«جماعات إسلامية» بالسعي لإفشال خطة
أنان، كما قال وزير خارجية روسيا،
ومطالبة الدول التي تؤيد المعارضة
بوقف دعمها، والضغط عليها للقبول
بمبادرة السيد أنان قبولاً صريحاً،
والالتزام بوقف إطلاق النار. ب- تبرير عنف النظام ووحشيته بذريعة «حق
سورية (لم يقل النظام، قال سورية، ما
يعني المطابقة بين النظام والدولة) في
التصدي للإرهابيين بحزم»، كما قالت
الخارجية الروسية. ج- التركيز على نشر المراقبين وعدم
التشديد على تنفيذ وقف إطلاق النار
أولاً، وتنفيذ بقية بنود خطة السيد
أنان الأخرى: سحب الجيش، السماح بدخول
الإعلام، السماح بالتظاهر السلمي،
كوسيلة لشراء الوقت للنظام، عبر إشغال
المراقبين في تفاصيل خرق وقف إطلاق
النار والغرق في تحديد المسؤولية عن
ذلك، عل النظام يستطيع القضاء على
الاحتجاجات بالقتل والاعتقال وغيره من
الأساليب. د- التلاعب في تنفيذ خطة السيد أنان وعدم
احترام أولوياتها والعمل على تجاوز
تسلسلها بالقفز من البند الأول إلى
البند الأخير بالمطالبة بالدخول في
العملية السياسية قبل إنجاز البنود
التي تهيئ المناخ لعملية كهذه. فقد قال
نائب وزير الخارجية الروسية: «إن مسائل
وقف إطلاق النار وسحب القوات مهمة
بالتأكيد مبدئياً، ولكن يجب أن تترافق
عملياً مع مسائل على علاقة بالعملية
السياسية». ه- اللعب على خلافات المعارضة السورية،
والعمل على تكريس الشرخ داخلها على
خلفية معارضة داخل ومعارضة خارج
مرتبطة بأجندات عربية ودولية معادية
للنظام، كي لا يتحقق شرط السيد أنان
وحدة المعارضة كمقدمة لتنفيذ البند
الخاص بالحوار بين النظام وكل أطياف
المعارضة، أو إعطاء النظام فرصة
اختيار معارضة «وطنية» و «شريفة» (معارضة
وطنية وشريفة من وجهة نظر النظام تعني
انها تقبل ببقائه في السلطة) تقبل
بإصلاحاته وببقائه في السلطة أو تقبل
المشاركة معه في حكومة «وحدة وطنية»
تبقي على سيطرته وهيمنته على الدولة
والمجتمع. تريد روسيا من استخدام النظام للقوة
العسكرية سحق الاحتجاجات، لكن مأزقها
أن النظام غير قادر على الحسم العسكري،
وغير قابل بالحل السياسي، ما يضعها في
مواجهة مع العالم، وبخاصة الشعوب
العربية والإسلامية، وهذا يهدد
مصالحها على المدى البعيد. * كاتب سوري ================= ماذا عن «الربيع
الإسرائيلي» واحتمالات تفجير
المنطقة؟ السبت, 12 مايو 2012 عادل مالك * الحياة بعد انقضاء أربعة عشر شهراً من الأزمة في
سورية، يبدو المشهد العام وكأنه يتجه
إلى «إدارة أزمة» أكثر منها عملية حسم
بين النظام والثائرين عليه في وقت قريب. ولأن الشرارة التي أطلقت ثورة الثائرين
في سورية بوجه نظام بشار الأسد لم يتم
تصعيد وقائعها الدرامية كي تقف الآن
وعند هذا الحد، أي المكان الذي بلغته
حتى الآن وكأنها تستعير الشعار
اللبناني الذي بقي شعاراً وهو «لا غالب
ولا مغلوب». ويُستدل من تواصل
المواجهات واتساع رقعتها ان المعركة
ستطول إذا لم يظهر أي عامل مفاجئ يغير
المعادلة القائمة حيث لن ينتهي الأمر
بموقف ضبابي مائع، بل إلى وجود مغلوب
ومغلوب أكثر، ولا مجال لوجود غالب إلا
من الوجهة الثأرية. ومرة جديدة تؤكد أحداث سورية سقوط جميع
الرهانات التي اشعلت شرارة الأحداث
والصراع ما زال على أشده بين «الحل
الأمني» و «الحل العربي والدولي». ما الذي يحدث في سورية هذه الأيام؟ يحدث ان كل شيء «ماشي». فالحرب مستمرة
ومتواصلة و «الاصلاحات» المقترحة من
جانب النظام ماشية أيضاً. وكأن الوضع «هادئ
جداً» وطبيعي ما خلا بعض الجيوب
والعناصر غير المنضبطة التي تعيث في
الأرض فساداً وفق قاموس ومفردات
النظام وأهله. والعالم كله (تقريباً) يطالب بصرف رئيس
الجمهورية العربية السورية من الخدمة،
والنظام ماضٍ في «تسيير» شؤون الدولة.
وأعمال القتل في سورية ما زالت على ما
هي عليه والفارق الوحيد هو تواصل أعمال
القتل في حضور المراقبين الدوليين كما
كان عليه الوضع قبل وصول هؤلاء
المراقبين، والذين تعرض موكبهم يوم
الخميس الفائت إلى متفجرات خلال
توجههم بقيادة قائد الفريق الجنرال
مود في درعا الذي أكد استمرار أعمال
العنف، داعياً السوريين – جميع
السوريين - للاجتماع في ما بينهم
والعمل على حل الإشكالات القائمة. لكن لو كان بإمكان السوريين على اختلاف
مشاربهم اللقاءَ والبحث في مخرج
للأزمة لم يكن الأمر في حاجة إلى وجود
المراقبين الدوليين وصاحب المبادرة
العربية - الأممية كوفي انان يحذر
قائلاً: «إنها الفرصة الأخيرة لتفادي
حرب أهلية قد تؤثر على المنطقة بأكملها».
وحذر الأمين العام السابق للأمم
المتحدة من ان مهمته «ليست فرصة مفتوحة
إلى ما لا نهاية، وربما يأتي يوم يتعين
فيه تبني «نهج مختلف» عن خطته». وتقضي مهمة كوفي انان بالسير في حقل من
الألغام لا يعلم هو وغيره متى تنفجر
فيهم، عاملاً على دراسة كل كلمة يصرح
بها كي لا يفهم منها انحيازه لفريق
النظام أو لفريق المعارضة والثوار
كالقول على سبيل المثال: «ان الوضع لا
يمكن ان يستمر من دون تحميل القوات
الحكومية والمعارضة على السواءَ
مسؤولية تواصل العنف». لكن هل ان
تفجيرات درعا ترمي إلى اغتيال خطة
انان؟ على ان التحذير من سقوط سورية في فخ الحرب
الأهلية يبدو وكأنه احتمال بعيد، فيما
الأحداث اليومية تؤكد وجود هذا النوع
من الحروب ولو في شكل غير معلن، فما
يجري من تصفيات واقتتال في مختلف
المحافظات السورية أليس هو نوع من
الحرب الأهلية؟ وما هي مواصفات الحرب
الأهلية أكثر من انقسام الناس والنظام
على أنفسهم وعلى بعضهم البعض، وبخاصة
التفجيرات المريعة التي حصلت في قلب
دمشق في الساعات الأخيرة بما يذكر ب «العرقنة». وفيما يتصرف النظام وكأنه الأمر لا يعنيه
كاجراءَ الانتخابات البرلمانية
وإعلان التركيب الجديد لمجلس الشعب،
والسؤال: إلى أي مدى ستكون نتائج هذه
الانتخابات هي صالحة ومقبولة وشرعية
من جانب القوى المعارضة؟ وإذا خرجنا قليلاً من سورية إلى الديار
العربية المجاورة لمعرفة ما الذي يجري
فيها هذه الأيام لوجدنا ما يأتي: وضع في العراق متفجر ينقلب فيه نائب
الرئيس على رئيس الحكومة نوري المالكي.
ويتطور الأمر إلى إصدار دوائر «الانتربول»
مذكرة توقيف بحق نائب الرئيس العراقي
– حتى كتابة هذه السطور - طارق الهاشمي
والذي اتهمه رئيس الوزراءَ المالكي
بالضلوع في عمليات إرهابية استهدفت
مسؤولين عراقيين. ولجأ الهاشمي إلى
كردستان العراق حيث لقي كل ترحيب، وهو
الآن في تركيا، التي رفضت طلب «الانتربول»
تسليم الهاشمي مهما كلف الأمر. ويبدو ان السيد رجب طيب أردوغان قد أسقط
في يده في ما يتصل بأحداث سورية ولم
يتمكن من تنفيذ مخططه، لذا يلاحظ تراجع
الدور التركي في هذه القضية بانتظار
تطورات أخرى – ربما - يمكن أن تحدث على
الصعيد الإقليمي. في هذا الوقت شهدت العاصمة اللبنانية في
الأيام القليلة الماضية «مطاردة
إيرانية - أميركية وتجلت بوجود نائب
الرئيس الإيراني حسن رحيمي، ومساعد
وزيرة الخارجية الأميركية جيفري
فيلتمان (اياه)، فبدا المشهد
فولكلورياً بعض الشيء من حيث مقابلات
المسؤولين الإيراني والأميركي إلى
المسؤولين اللبنانيين هي نفسها بوجه
الإجمال، ما عدا بعض «التحركات»
الخاصة لكل من الطرفين كاجتماع
فيلتمان بجماعة 14 آذار، وعدد من
الزعماء الروحيين وهو الأمر الذي يحدث
للمرة الأولى، مقابل توجه رحيمي إلى
مقابلة الأمين العام ل «حزب الله»
السيد حسن نصرالله، وزيارة الجنوب
اللبناني إلى أقرب نقطة من العدو
الإسرائيلي الذي أقام سوراً كبيراً
على طول الحدود تقريباً بارتفاع عشرة
أمتار في سعي من إسرائيل لحماية نفسها
من هجمات مفترضة من الجانب اللبناني.
ولكن مع ظاهر هذه المطاردة، تحدثت
معلومات عن سير الأمور في اتجاه إيجابي
– إلى حد ما - بين الولايات المتحدة
والجمهورية الإيرانية الإسلامية حول
موضوع السلاح النووي، ويبدو ان بعض
المساعي التي بذلت تواصلت إلى عقد
اجتماع بين الجانبين في العراق خلال
الأيام القليلة المقبلة في سعي لتحقيق
اختراق ما في هذه المسألة. وبانتظار معرفة نتائج هذا اللقاءَ
المرتقب طلعت إسرائيل بمفاجأة من
العيار الثقيل، مع إعلان رئيس الحكومة
بنيامين نتانياهو قيام ائتلاف كبير مع
زعيم حزب كديما المعارض بقيادة رئيسه
الجديد شاؤول موفاز، وتأليف حكومة
ائتلافية تحصل على تأييد أكثر من تسعين
صوتاً من أصوات الكنيست، وبذلك تخطت
إسرائيل أزمة إجراءَ انتخابات مبكرة. لكن ما هي أبعاد الخطوة الإسرائيلية؟ البعض وصفها ب «الربيع الإسرائيلي» أو ان
ما حتم قيام هذا التحالف العريض هو
مواجهة ما يجري حالياً في العالم
العربي وبصورة خاصة في مصر واحتمال
تأثير ذلك على إمكانية طلب الحكومة
المصرية الجديدة، التي ستظهر بعد
الانتخابات - هذا إذا جرت هذه
الانتخابات - إعادة التفاوض على بعض
الاتفاقيات المعقودة مع إسرائيل (كمب
ديفيد وغيرها). ومعلوم ان إسرائيل في كل مرة تلجأ إلى
تأليف حكومة «اتحاد وطني» فهي تضمر
السوء للجانب الفلسطيني والعربي، حيث
يصعب التصور ان نتانياهو قد تحول بين
ليلة وضحاها من «صقر» إلى «معتدل» يعمل
على فتح المفاوضات المتوقفة مع
الفلسطينيين أو أن يقدم تنازلاً
عربياً في مكان ما وعلى جبهة ما وهو
الأمر المستبعد من جانب إسرائيل،
والمهم بالنسبة إليها أنها بهذا
التحالف العريض قد انقذت نفسها من
انتخابات برلمانية كانت ستجري قريباً،
ولا يعرف كيف ستكون عليه نتيجة هذه
الانتخابات. ويتحدث بعض المراقبين عن وجود «ربيع
إسرائيلي» من ناحية التغيير والتبديل
في الطروحات المتداولة في سعي لإخراج
المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية
من المأزق الذي تعاينه، أو الاستجابة
لطلب الحكم الجديد في مصر فتح مفاوضات
جديدة حول اتفاقات كمب ديفيد الموقعة
بين مصر وإسرائيل في العام 1979 في القرن
الماضي. لكن الأمر يبدو مرتبطاً بالوضع
المعقد دستورياً وسياسياً في مصر،
الأمر الذي يهدد بتعطيل إجراءَ
انتخابات الرئاسة في مصر والمقررة –
مبدئياً - قبل نهاية شهر أيار (مايو)
الجاري. لكن الصراع الناشب بين المحكمة
الدستورية واللجنة المكلفة بدراسة
أوضاع المرشحين ربما أدى إلى عدم تمكين
إجراءَ الانتخابات الرئاسية في مصر
تحت أسباب واهية، الأمر الذي يهدد
بوجود حالة من الفراغ الرئاسي يمني
الاخوان أنفسهم تسلم أحد مرشحيحهم
للمنصب، للمرة في تاريخ مصر، كما تمنى
بعض الليبراليين والمستقلين أمثال
عمرو موسى، أو اللواءَ أحمد شفيق من
بلوغ الرئاسة في مصر. وبعد... ليس هناك في العالم العربي من
اقصاه إلى اقصاه ما يدعو إلى بعض
التفاؤل، بل ان البوصلة تشير إلى
احتمال غرق المنطقة بالمزيد من التخبط
قبل تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود
في ثورات «الربيع العربي». ومن منطلق
ان قيام أي حكومة «اتحاد وطني» في
إسرائيل ينبئ بحدوث أمر خطير، فالكلام
يجري على الاحتمالات التالية: - توجيه ضربة عسكرية لإيران طال الحديث
عنها مع العلم بتعقيد الإقدام على مثل
هذه الخطوة من حيث إشعال المنطقة
بكاملها. - توجيه ضربة موجعة ل «حماس» وقطاع غزة
تُساهم في إرباك الفلسطينيين أكثر
فأكثر. - الاستدارة نحو لبنان و «حزب الله»
تحديداً لتوجيه ضربة شديدة على أساس
أنها عملية الثأر لهزيمة إسرائيل في
عدوان العام 2006. أما الحالة السورية فلا تزال تشكل التصدع
الأكبر في الواقع العربي بوجه الإجمال
وسط نظام تجاوز مرحلة تقديم التنازلات
لخصومه الذين يصرون على المضي في
مقاتلة النظام بشتى أنواع الأسلحة
والتي بدأت تتدفق إلى سورية عبر منافذ
بعضها معروف وبعضها الآخر مجهول. وتتحدثون يا سادة عن المخاوف من سقوط
سورية في حرب أهلية... لكن ما الذي يجري
فيها حالياً: أليس هو الحرب الأهلية
بعينها؟ * إعلامي لبناني ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 12-5-2012 تفجيرات يوم الخميس بدمشق تقول: إن النظام
الأسدي قد نجح في حيلته هذه المرة، وما
أكثر حيله، ومنذ أعوام، وليس منذ
اندلاع الثورة السورية وحسب، فبعد أن
أصيب المجتمع الدولي بالذهول من
محاولة استهداف فريق المراقبين
الدوليين في درعا جاءت تفجيرات دمشق
لتبعد الأنظار عن ذلك تماما! فيكفي أن نراقب كيف شن مندوب طاغية دمشق
بنيويورك هجوما على جميع الدول،
عربيا، وإقليميا، ودوليا، وهو هجوم
مضحك لو تأملناه بعناية، فهو يتهم
الدول العربية، والمجتمع الدولي،
بالتواطؤ مع تنظيم القاعدة، وهو أمر
مثير للشفقة، لكن للأسف فإن الملاحظ هو
ارتباك المعارضة السورية، وبعض وسائل
الإعلام، وحتى على مستوى المجتمع
الدولي؛ حيث وجدنا أن الجميع تقريبا قد
نسي محاولة استهداف فريق المراقبين
الدوليين بدرعا، وقبل تفجيرات دمشق
بيوم تقريبا، وهو العمل الذي دفع السيد
أنان لإلقاء خطاب في مجلس الأمن مساء
الأربعاء بدا فيه أنه محبط، قبل
تفجيرات دمشق بساعات، وبالطبع هناك
تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة
الذي قال فيها: إن استهداف فريق
المراقبين بدرعا قد يدفع إلى إعادة
النظر في مهمة المراقبين نفسها! ولذا نقول: إن نظام الأسد قد نجح في إلهاء
الجميع، سواء المعارضة السورية، أو
المجتمع الدولي، بتفجيرات دمشق،
والحقيقة أن هذا الارتباك، أو
الإلهاء، أمر مستغرب تماما، فإذا كان
النظام الأسدي يأسف على مقتل خمسة
وخمسين سورياً في تفجيرات دمشق، فإن
السؤال هو: وماذا عن قرابة اثني عشر ألف
سوري قتلوا في عام واحد على يد النظام؟
فطوال عمر الثورة السورية والعالم
يشهد مقتل ما هو بمعدل خمسين سورياً
يومياً، فلماذا يهب النظام الآن حرصاً
على الدماء السورية، ولماذا يرتبك
البعض أمام نظام لا يجيد إلا لغة
الاغتيالات، والتفجيرات، والقتل؟
وحسب ما سمعته من أحد المصادر الغربية
مؤخرا فإن دوائر سياسية غربية كثيرة
باتت على قناعة بأن هذا النظام لن
يتوانى عن القتل يوميا، وأنه يلعب لعبة
حسابية يومية في اختيار عدد القتلى! الحقيقة أن تفجيرات دمشق تعد دليلا آخر
على وجوب رحيل الأسد الآن، وقبل فوات
الأوان، فهذا النظام لن يتوانى عن
إحراق سوريا كلها ليبقى بالحكم،
وسيقوم بإحراق دول الجوار إذا تطلب
الأمر ذلك، وها هو مندوب الطاغية
بنيويورك يتهم الجميع، بل ويهدد بأن
النظام الأسدي لن يترك تلك الدول، أو
الأنظمة، التي يتهمها بدعم الثوار
السوريين، والتهديدات كانت واضحة حيث
استهدفت الخليج، وتحديدا السعودية،
وكذلك تركيا، وغيرهما، بل إن المندوب
الأسدي بمجلس الأمن يتهم حتى قوات
اليونيفيل، وهذا يعني أيضا تهديدا
لهم، ومن المهم هنا تذكر العملية التي
استهدفت قوات اليونيفيل في لبنان
العام الماضي. ولذلك، فإن كل المؤشرات تقول: إنه كلما
تأخر رحيل الأسد فإن ثمن سقوطه سيكون
مكلفا على السوريين، والمنطقة،
فالطاغية راحل لا محالة، لكن كلما تأخر
ذلك دفع الجميع ثمنا مكلفا، وتفجيرات
دمشق، وقبلها استهداف المراقبين
الدوليين بدرعا، أبسط دليل على ذلك. ================= عبد الرحمن الراشد الشرق الاوسط 12-5-2012 يقول وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا
إن هناك بصمات ل«القاعدة» في سوريا،
ولم يصدق المسؤولون السوريون، أن
يسمعوا هذه الجملة حتى سارع فرحا
الناطق باسم الخارجية السورية جهاد
مقدسي، متحدثا لإذاعة «سوا»
الأميركية، قائلا «ما قاله الوزير
اكتشاف لما هو مكتشف». وقال إن كل ما يريده النظام السوري من
الحكومة الأميركية، أن تضغط على
حلفائها غير الملتزمين بخطة المبعوث
كوفي أنان. بالفعل، هذا ما تريد الحكومة السورية
إقناع العالم بأنها تحارب الإرهاب و«القاعدة»
والقوى الظلامية وليست بانتفاضة شعبية
على نظام متوحش. فهل تغيرت الثورة
السورية التي كسبت عقول الكثيرين
وعواطفهم في أنحاء العالم إلى ساحة ل«القاعدة»
أكثر تنظيمات الإرهاب إجراما في
العالم؟ هذا ما حاولت السلطات السورية
توجيه الرأي العام الأجنبي إليه، وهي
هكذا بدأت في استمالة الروس والصينيين
قبل عشرة أشهر بإقناعهم بأن البديل
المحتمل لها جماعات إسلامية متطرفة،
وهذا أمر يضر بمصالح العالم. فهل
التفجيران المروعان في دمشق من عمل
تنظيم القاعدة، كما تريد السلطات
السورية إقناع العالم به؟ هناك
احتمالان، إما إنه من تدبير السلطات
الأمنية السورية لتلفيق تهمة الإرهاب
للمعارضة والثورة وتخويف العالم منها،
وإما إنه بالفعل من عمل تنظيم القاعدة
الذي اشتهر بمثل هذه العمليات ويستهدف
فعلا المواقع الحكومية السورية. ليس غريبا أن تنفذ الأجهزة الأمنية
أعمالا إجرامية وتنسبها ل«القاعدة»
وبقية التنظيمات، ولعل أشهرها
اغتيالها لرئيس وزراء لبنان الأسبق
رفيق الحريري الذي حاولت إلصاقه
بجماعات إسلامية إرهابية، مخترعة قصة
مزورة لشخص اسمه أبو عدس سجلت له فيديو
يعلن فيه عن عمليته الانتحارية، وأنه
من قتل الحريري، وهو الأمر الذي كشفت
التحقيقات الدولية لاحقا عن كذبه
وكشفت عن أن الفاعلين هم من المخابرات
السورية ومن ميليشيات حزب الله. نحن لا نستبعد دخول «القاعدة» على خط
الأزمة السورية، فهذا التنظيم
الإرهابي موجود في كل أزمة بالمنطقة،
ولو كان صحيحا لا يعطي شهادة حسن سير
وسلوك للنظام السوري الذي لا يقل عن «القاعدة»
امتهانا للأعمال الإرهابية، وهو الذي
أسهم فيما حدث في لبنان والعراق من
عمليات إرهابية. ونحن نعرف من سيرة ثماني سنوات أن النظام
السوري كان متورطا في نشاطات تنظيم
القاعدة، حيث كان يستقبل المجندين من
أنحاء دول المنطقة ويؤمن لهم الدخول
والحماية وينقلهم لعبور الحدود إلى
العراق ولبنان. وأنا أجزم بأن السلطات
السورية التي في حالة يأس شديدة الآن
مع تعاظم الضغط الشعبي لإسقاطها سعيدة
بدخول «القاعدة» الحقيقية، وسعيدة أن
تفجر مبانيها في دمشق، ومستعدة للسماح
لها بذلك. النظام السوري يعتقد أن هذه
ورقته الأخيرة للبقاء، لإقناع العالم
بأن «القاعدة» شريك في الثورة، وأن
السلطات السورية عندما تحارب الثوار
فهي تحارب «القاعدة»، وأن العالم أمام
خيارين؛ إما بشار الأسد وإما أيمن
الظواهري. وستقدم السلطات السورية، كما وعد مندوبها
في كلمته أمام مجلس الأمن، أسماء
وصورا، وربما اعترافات مسجلة، لأعضاء
تنظيم القاعدة، وبينهم أوروبيون
وأجانب آخرون، تم القبض عليهم في سوريا
يقاتلون في صفوف الثوار. هذه ستكون أعظم الأرانب التي يخرجها
النظام السوري المحاصر من قبعته، بهذا
سيخوف الغرب المتردد والقلق. ونحن نقول
يمكن أن يوجد إرهابيون دخلوا سوريا،
ومن المحتمل كما قال الوزير بانيتا، أن
الانفجارات بعضها من تنفيذ «القاعدة»،
ولن يفاجئنا وجود إرهابيين بريطانيين
وفرنسيين بين المقبوض عليهم في سوريا.
ورغم هذه الشواهد الكثيرة فإن علينا
ألا نكون ضحية التلاعب السوري الذي له
سجل حافل بمثل هذه الأعمال منذ أربعين
عاما. إنه يملك كل الوسائل لجلب مقاتلي
«القاعدة» والسماح لهم بتدمير بعض
مواقعه ما دام ذلك سيقنع الغرب بالتخلي
عن مساندة الثورة والانقلاب عليها. إنه
ثمن صغير في سبيل تغيير المواقف
الدولية. لقد فعلها مرات في لبنان، ولا
ننسى أنه هو الذي أرسل جماعات إرهابية
إلى مخيم نهر البارد في لبنان بعد أن
اصطدم مع الحكومة اللبنانية آنذاك. وكل
الذين فروا من السجون اللبنانية من
الإرهابيين لجأوا إلى سوريا خلال
السنوات الخمس الماضية، وكذلك لا تزال
توجد الجماعات العراقية الإرهابية
هناك. أخيرا، من الخطأ تصديق الرواية السورية،
وحتى إن كان صحيحا أن «القاعدة» تشارك
في الحرب، فإن على المجتمع الدولي أن
يفرق بين ثورة شعب من عشرين مليون نسمة
وبين دخول جماعات إرهابية على خط
القتال. لقد قتل النظام في سنة عشرة
آلاف معظمهم أطفال ونساء وعزل، ودمر من
المدن والأحياء ما لم نشهد له مثيلا في
خمسين عاما. هذه الجرائم التي ارتكبها
النظام لن تمحى بسهولة من ذاكرة شعبه.
وعلى العالم أن يكسب إلى صفه الثوار إن
كان يريد غدا بلدا خاليا من الإرهاب
وليس العكس. أما القبول بدعوة النظام
السوري، كما قال الناطق باسمه،
بمبادرة أنان والحل السياسي فإنه حل
يعني القبول بنفس النظام الذي سيزداد
مع الوقت اعتمادا على المنظمات
الإرهابية وعلى تحالفه مع إيران. ======================= تفجيرات دمشق رسائل
دموية من نظام الأسد للمجتمع الدولي حسان القطب الجمعة 11 أيار 2012 المصدر: موقع بيروت أوبزرفر عند بداية الانتفاضة السورية المباركة
العام الماضي تعامل معها النظام
السوري وأتباعه في لبنان بخفة ورعونة،
وبدا الحديث يتصاعد عن موعد إخمادها
والقضاء عليها، واستند النظام وأتباعه
في لبنان إلى ثلاث تجارب قمعية سابقة،
الأولى وقعت في مدينة حماة عام 1982، حين
سحق نظام الأسد المدينة ومواطنيها
بقوة السلاح وسط صمت وتجاهل المجتمع
الدولي والعربي للجريمة الهمجية التي
تجاوزت في حجمها حدود المنطق والعقل..
والتجربة الثانية وقعت في مدينة بيروت
مرتين الأولى عام 1985، والثانية في عام
2008،، حين أطلقت ميليشيا أمل وحزب الله
العنان لعناصرهما إلى جانب الميليشيات
المؤيدة لنظام سوريا بمؤازرته ودعمه
المباشر للقضاء على ما تبقى من قوى
فلسطينية في المخيمات الموجودة في
بيروت وعلى القوى الشعبية اللبنانية
المناهضة لنظام الأسد في بيروت، ووقعت
حينها جرائم يندى لها الجبين، بحق
المواطنين اللبنانيين، واللاجئين
الفلسطينيين، ووقف العالم بأسره إلى
جانب المجتمع العرب صامتاً بل شاهداً
على شعبٍ برمته يضطهد ويحاصر وينكل به
أسوا ما يكون التنكيل..والتجربة
المريرة الثالثة حدثت حين دكت قوات
النظام السوري تحت اسم وشعار القوى
والأحزاب الوطنية في لبنان مدينة
طرابلس اللبنانية مرتين الأولى عام 1983،
لإخراج زعيم منظمة التحرير الفلسطينية
ياسر عرفات(أبو عمار) من لبنان نهائياً..
والثانية حين قضت على حضور القوى
الإسلامية في مدينة طرابلس التي كان
يتزعمها حينذاك زعيم حركة التوحيد
سعيد شعبان، قبل أن ينقلب لاحقاً ابنه
بلال شعبان وأحد قادته إبان الحرب هاشم
منقارة ويصبحا مؤيدين وتابعين للنظام
السوري متجاهلين تضحيات آلاف الشهداء
والجرحى الذين سقطوا في المواجهة مع
جيش النظام السوري دفاعاً عن لبنان
وطرابلس.. هذه التجارب والأحداث التاريخية سواء
منها ما يتعلق بوحشيتها وقسوتها أو بما
يرتبط بنتائجها وتداعياتها، إلى جانب
هشاشة بل غياب رد الفعل الدولي والعربي
على وحشيتها، جعلت النظام السوري
وأتباعه وأعوانه يشعرون بالثقة،
وبالقدرة على تكرار التجربة مرة أخرى
وبنفس القوة لتثبيت قواعد النظام
وتأمين ديمومته، ولوأد أية ثورة شعبية
سواء كانت سلمية أو مسلحة طالما أن رد
الفعل الدولي الرسمي والشعبي سوف يكون
بهذه الصراحة والوضوح من عدم الجدية
والفعالية والحزم. لذلك يمكن القول أن
تعامل النظام السوري مع الانتفاضة
الشعبية منذ انطلاقتها قد مر بثلاثة
مراحل: - المرحلة الأولى، امتازت بعدم تسرع
النظام السوري في التعامل مع الحركة
الشعبية حين انطلقت في مدينة درعا وعلى
الرد عليها بقوة، بل تعامل معها بدايةً
بهدوء لثقته
بأن تجارب المرحلة السابقة سوف تشكل
رادعاً موضوعياً للقوى الشعبية
السورية تمنعها من متابعة التظاهر
والمطالبة بتحقيق الإصلاحات
المنشودة، وذلك قبل أن يتحول الحراك
الشعبي من المطالبة بالإصلاح إلى
المطالبة بإسقاط النظام، واعتبر
النظام السوري أيضاً أن استقرار وهدوء
جبهة الجولان وثبات الوضع الأمني في
لبنان يشكلان عاملي ضغط على المجتمع
الدولي لتجنب دعم الانتفاضة أو مد يد
العون لها مع تأمين استمراره في
السلطة، ولكن عفوية الجماهير السورية
وإصرارها على التظاهر المتواصل،
والاستمرار في تنفيذ الحراك السلمي
وحتى المسلح، قد أحرج المجتمع الدولي،
كما كشف هشاشة المنظومة الأمنية لنظام
الأسد القابض على السلطة في دمشق.. - المرحلة الثانية، بدأت حين شعر نظام
الأسد أن الأرض قد بدأت تهتز تحت
أقدامه، فبدأ الحديث من قبل الرسميين
السوريين وإعلامه المحلي وذلك
المتواجد في لبنان والعراق وإيران
بالحديث عن قوة النظام وقدرته في حال
تعرض استقراره واستمراره ووجوده
للخطر على قلب المعادلات في وجه
المجتمع العربي والدولي وعلى نقل
الصراع من داخل سوريا إلى لبنان وتركيا
وحتى الخليج العربي، وعن تعرض المنطقة
العربية إلى موجة إرهاب واسع سوف تطيح
بالاستقرار والنمو الاقتصادي
المأمول، وإلى ضياع الربيع العربي
المنشود، وسط انتشار الإرهاب ومجموعات
الإرهابيين، حتى أن بعض أزلام النظام
تحدثوا عن قصف تركيا والأردن والخليج
وفلسطين المحتلة بآلاف الصواريخ، وعن
نشر الفوضى في لبنان الخاصرة الضعيفة
والرخوة لكل الأمة وليس لسوريا وحدها
نتيجة وجود قوى مسلحة غير شرعية..
واستعمل النظام السوري وحزب الله في
لبنان القضية الفلسطينية وأبناء
المخيمات ودماء الشعب الفلسطيني
وقوداً لمشروعهم هذا في ذكرى النكبة في
15 أيار/مايو عام 2011، حين وقعت مواجهات
شعبية غير متكافئة مع قوى الاحتلال
الإسرائيلي عند الحدود الدولية في
الجولان والجنوب اللبناني، للدلالة
على قدرتهم في زرع الفوضى والرعب
وإحياء العمل المسلح وذلك بالسماح
للمنظمات الفلسطينية بالوصول إلى
الشريط الشائك بعد منع استمر سنوات بل
عقود في كلا البلدين..ولكن شيئاً من هذا
لم يحصل..؟؟ - المرحلة الثالثة، وهي التي نعيش
تفاصيلها ووقائعها حالياً وهي ربما
ستكون الأخيرة قبل سقوط الأسد، حيث لجأ
إليها النظام بعد فشل كافة أساليبه
القمعية وبيانات الترهيب والتهويل من
خطورة قادم الأيام وحالة عدم
الاستقرار المقبلة على المنطقة برمتها
وسوريا بالتحديد.. فكانت التفجيرات
العشوائية في بعضها والأخرى الهادفة
لبعض المراكز الأمنية في بعضها الأخر
للإشارة إلى استهداف الثورة لمؤسسات
الدولة وبنيانها إلى جانب استهداف
المواطنين الأبرياء...وما يفضح هذا
السلوك ويربطه مباشرةً بأدوات النظام
وطموحه في تعطيل عملية نقل السلطة بشكل
سلمي وهادئ وإلغاء المبادرة الدولية،
هو أن الانتفاضة الشعبية التي تحولت
إلى ثورة شعبية لاحقاً قد قامت في
مواجهة ظلم وقهر المؤسسة الحاكمة
ولوقف إجرامها والانتقال بسوريا إلى
من مرحلة الشخص والعائلة والطائفة إلى
بناء دولة سوريا الديمقراطية التعددية
المنفتحة على البناء والتعاون مع دول
الجوار لا على التدخل في شؤونها..فلا
يعقل أن تمارس الثورة بحق شعبها ما
انتفضت لإلغائه.. لذلك فإن سلاح القتل العشوائي بالتفجير
يتوافق تماماً مع ما تمارسه أدوات
النظام حين يتم قصف المدن والقرى
والبلدات السورية بشكل عشوائي ودون
تمييز، وفي ممارسة سياسة قمع وخطف
الناشطين والمتظاهرين وتصفيتهم
جسدياً.. ودون شك هذا السلوك يدل على
عجز نظام الأسد وأتباعه عن قمع
الانتفاضة ووأدها وقدرة الإجهاز على
روح الثورة المتعاظمة في نفوس أبناء
الشعب السوري. وإلى جانب عجز النظام
على إظهار قدرته في تغيير معادلات وقلب
توازنات في المنطقة وداخل دول الجوار،
فقد لجأ الآن مستخدماً سلاح التفجيرات
العشوائية والإشارة إعلامياً ورسمياً
إلى تنظيمات أصولية واتهام قوى
إسلامية في محاولةٍ منه لزرع الخلاف
بين مكونات الثورة وقواها الشعبية
وإلى إقناع العالم بأن بديل بشار الأسد
في سوريا وحزب الله في لبنان والمنطقة
ليس إلا الفوضى والنزاعات والصراع بين
الطوائف والمذاهب والإثنيات والأعراق
المختلفة والمتنوعة وهذا الكلام لم
يعد يقنع أحد بل هو دليل انهيار وإفلاس..
وللتذكير فقط فإن نظام الأسد كان قد
رفض في آب/أغسطس من عام 2006، نشر مراقبين
دوليين على الحدود اللبنانية –
السورية لمراقبة تهريب السلاح أو
بالأحرى نقل السلاح علانية من سوريا
إلى حزب الله وبعض حلفائه في لبنان،
متذرعاً بأن المراقبين لا ينتشروا بين
دولتين شقيقتين بل بين دولتين
متنازعتين وهذا لا ينطبق على وضع دولتي
لبنان وسوريا.. وما رفضه بشار الأسد
بالأمس على الحدود قبل به اليوم داخل
سوريا نفسها، وها نحن اليوم نشهد
العناصر الدولية أصحاب القبعات الزرق
يتجولون داخل
سوريا متنقلين من مدينة إلى أخرى أمام
أعينه شاهدين على عجز النظام عن ضبط
عصاباته ووقف إجرامها، وعن قمع الثورة
وقتل ثوارها على حدٍ سواء، مما يعني أن
الأمور كما يبدو قد خرجت عن السيطرة..
لذا فإن وجود هذه القوات التي سيتزايد
عددها مع الأيام ومع سرعة تفاقم
الأحداث وتصاعد حدتها تؤكد على قرب
تهاوي هذا النظام ومشروعه المحلي
وراعيه الإقليمي وان التغيير لا بد
سيقع في سوريا والمنطقة، وأن إجرام هذا
النظام بحق شعبه ودول محيطه لن ينته
ويتوقف إلا مع سقوطه نهائياً..وأن
تفجيرات دمشق الأخيرة ما هي إلا رسائل
من نظام بشار الأسد إلى المجتمع الدولي
يكتبها بدماء الشعب السوري.. ======================= حسين شبكشي الشرق الأوسط 10/5/2012 تسربت أنباء متواترة عن الاجتماع الذي
عقد بالقصر الرئاسي بدمشق وترأسه
الرئيس السوري بشار الأسد، بحضور صهره
نائب وزير الدفاع، آصف شوكت، وثلة
منتقاة من أهم تجار العاصمة السورية.
كان الاجتماع حادا وعاصفا ومهينا
للتجار، استمعوا فيه إلى تهديدات فجة
وصريحة لا تقبل التفسير ولا التأويل
إلا بمعنى واضح: إما دعم واضح وصريح جدا
للنظام ومنع تام لتمويل وتأييد الثورة
من التجار والصناع، أو المصير الأسود
لهم جميعا. تهديد بتدمير تام لدمشق بحيث لا يبقى منها
أثر، تهديد بهدم كامل لدمشق وحي
الحميدية التجاري التاريخي العريق
وتسويته، هو وباقي أحياء أبواب دمشق
المعروفة، بالأرض تماما، كما فعلوا
بحي بابا عمرو العريق في حمص وأحياء
أخرى بها أيضا، وكما فعلوا بحي
الكيلانية الشهير بمدينة حماه خلال
المجزرة الدموية البشعة التي حصلت في
الثمانينات الميلادية من القرن الماضي.
النظام الأسدي بنى علاقة قوية وحساسة
ودقيقة واستراتيجية وطويلة مع قطاع
رجال الأعمال والصناعة، حرص على «إفادتهم»
لكي يستفيد منهم. عرف النظام تركيبة الشخصية السورية «المعجونة»
و«المنغمسة» في التجارة منذ قديم
الأزل وبدايات الأزمان؛ فالتجار جزء
من الشخصية والهوية والتاريخ السوري
بامتياز، وعليه عرف من السوري في الحل
والترحال، في الموطن والمهجر، قدرته
على التعامل ببراغماتية قاتلة في بعض
الأحيان طالما قدرت المصلحة وتم وزن
الأمور على هذا الأساس، وبالتالي
استغل الأسد وابنه هذه الفكرة ولعبا
عليها، وكانا دوما ما يقربان رجال
الاقتصاد منهما ويحثانهم على
الاستفادة من السوق المغلقة جدا،
وتحقيق أرباح خيالية في ظل انعدام
المنافسة الحقيقية، وتوظيف الشروط
والقيود بحسب المطلوب، ولكن الثمن كان
دوما مكلفا جدا، منها ما هو معروف
وواضح من دعم وتمويل أسلوب حياة للكثير
من المسؤولين النافذين والمؤثرين، أو
دعم لمشاريع خاصة لمسؤولين لأهداف
أمنية أو استخباراتية مجهولة الأسباب. معروف أن هناك واجهات معروفة هم تجار
مرموقون ومعروفون يعملون لصالح
مسؤولين أيضا معروفين، وهو زواج مصالح
بامتياز خال من الأعراف والقوانين
والنظم؛ فالغاية تبرر كل وسيلة، ولذلك
يرى النظام الآن الانشقاقات
الاقتصادية من مجموعة رجال الأعمال في
تزايد شديد جدا، وهي ظاهرة لا تلقى نفس
التغطية الإخبارية الإعلامية كتلك
التي تلقاها ظاهرة الانشقاقات الهائلة
التي تحصل في القطاع العسكري لجيش
النظام. رجال الأعمال والتجار والمصنعون باتوا
يدعمون الثورة ويقدمون العون المادي
والمعنوي، ومنهم من هرب وخرج من البلاد
وتحول لعنصر ضغط في وسائل الإعلام أو
مع الحكومات المؤيدة للثورة السورية
الكبيرة، ومنهم من آثر العمل بسرية من
الخارج واستمر داعما مؤثرا للثورة
بشتى الوسائل. رأس المال بطبعه يبحث عن الشريك الحكومي
الذي يتيح له الأمان، مع عدم إغفال أن
لكل وضع فئات تجني الفائدة منه وتحقق
الكثير من المكاسب الكبرى بسببه، ولكن
الخطر والمهانة والمذلة والتكلفة
الهائلة التي أصابت قطاع رجال الأعمال
السورية، وهو الذي تعود أن «يحسبها»
جيدا واكتشف أن الموضوع لم يعد مجديا،
وبالتالي بات الموضوع بحاجة لإعادة
نظر في الموقف بالكامل، وهو سبب وجيه
وجديد «لهسترة» النظام السوري؛ لأنه
بات يتلقى الضربات من كل القطاعات في
الداخل والخارج - حلب ودمشق أهم
قاعدتين اقتصاديتين في سوريا بعد أن
انقلب على النظام من قبل القاعدة
الفلاحية الزراعية في حمص وحماه ودرعا
ودير الزور. الانشقاق الاقتصادي سيكون أداة خنق جديدة
في وجه النظام، وستقيد قدرته على تصريف
الأمور وتدبير الاقتصاد، كما كان يحصل
من قبل، وهذه هي المعضلة الأهم بالنسبة
للنظام السوري الذي تختفي خياراته
وتتقلص قاعدة مؤيديه بالتدريج. حاول النظام جادا في الشهور الأولى
للثورة «طمأنة» قاعدة الاقتصاديين
بإعطائهم تسهيلات غير مسبوقة، وتجاوز
الحكومة عن كل الغرامات والعقوبات؛
لأجل تسيير الأمور، ولكن عمال المتاجر
والمصانع باتوا متضررين شخصيا من
النظام؛ فهم كانوا وقودا للثورة،
ومنهم من قتل وجرح واعتقل، وبات
بالتالي من المستحيل على رجال الأعمال
مواصلة مسيرة دعم النظام واختاروا
الآن الثورة. إنه مسمار جديد في نعش
نظام آن أوان دفنه. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |