ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
دور منظمات المجتمع
المدني... وما تنتظره من الإعلام عامر فخري القصار الوطن السورية 16-5-2012 يُعتبر المجتمع المدني أحد اللاعبين
الرئيسيين في عملية التنمية، إلى جانب
كل من السلطة التنفيذية أو الحكومة
المتمثلة بالقطاع العام، والقطاع
الخاص الذي يتبنى برامج للمسؤولية
الاجتماعية، حيث تشكل هذه القطاعات
متضامنة أقطاباً أساسية في عملية
تنمية أي دولة. ورغم أن مفهوم المجتمع
المدني ليس بالحديث، حيث تعود بدايته
إلى تطور الفكر السياسي الليبرالي في
القرنين السابع عشر والثامن عشر
الميلاديين، إلا أنه اتخذ أشكالاً
أخرى قديمة، برزت على شكل عمل أهلي
تشاركي، أو إسلامي تكافلي في بعض
الأحيان الأخرى، لكن التغيير الذي طرأ
على الأنظمة السياسية العالمية، أفرز
العديد من المفاهيم الجديدة التي
استبدلت المفاهيم القديمة وحلت محلها
بقوة، بل اتسعت هذه المفاهيم لتشمل
نواحي ومهام جديدة لم تكن موجودة
سابقاً، ما أعطى لمنظمات المجتمع
المدني العديد من الصلاحيات، تجاوزت
فيها العمل إلى جانب الحكومات، إلى لعب
دور مؤثر وضاغط بحجج قوية تمثلت
بمتطلبات التنمية الحقيقية النابعة من
الشارع. من هنا، بدا أن لمنظمات المجتمع المدني
دوراً في رسم السياسات العامة
للحكومات، وخصوصاً في المجتمعات التي
تشهد وجود منظمات متخصصة وتغطي نواحي
الحياة المختلفة، وأصبح واضحاً أن قوة
هذه المنظمات المستمدة من متطوعيها،
الذين يشكلون بالأساس النواة الحقيقية
لأي تغيير مطلوب في المجتمع، هي قوة لا
يمكن تجاهلها، بل يجب الاعتماد عليها
وتطويرها بالشكل الذي يسهم مباشرة في
دفع عجلة التنمية، وإعطاء الفرصة
لأكبر شريحة ممكنة من المواطنين
للمشاركة في هذه العملية المستمرة. أما بالنسبة للقطاع الخاص، فإننا نلحظ
التغيير الحاصل في السياسات المتبعة
في مؤسساته نحو الاتجاه إلى إيجاد صيغة
تضمن دوراً فاعلاً للقطاع في عملية
التنمية، بعد أن اقتصرت مشاركته على
دعم المنظمات الأهلية والجمعيات
الخيرية والتي شكلت بمجملها تبرعات
عينية أو مادية لا تستند إلى
إستراتيجية واضحة، ولم تبرز دور هذا
القطاع كلاعب أساسي في المجتمع. لذا
كان من الضروري أن تتم عملية الدعم
المطلوبة من القطاع الخاص وفق منهج
واضح، حيث تحولت المبالغ المرصودة
للتبرعات والهبات التقليدية من
المؤسسات إلى ميزانية تخصص لبرامج
المسؤولية الاجتماعية، ومن خلالها
تتمكن من حجز مكان لها ضمن عملية
التنمية، ما يؤثر إيجاباً في سمعة هذه
المؤسسات وفي المجتمع كله. وحتى لا نكون بعيدين عن واقعنا، فإننا
نلمس وجود نية حقيقية لدى كل من
القطاعات الثلاثة، منظمات المجتمع
المدني والقطاعين العام والخاص، في أن
يكون هناك عملية تنمية واضحة وتضمن
مشاركة كل القطاعات فيها بشكل متساوٍ
ومتكامل، وقد تمت ترجمة هذه النية من
خلال العديد من المشاريع والبرامج
والمبادرات الجيدة نسبياً، إلا أنها
لم ترق إلى مستوى يمكن اعتبارها أنها
عملية متكاملة، وأنه تم الاستفادة من
كل الإمكانات المتاحة في سبيل تحقيق
الأهداف الموضوعة، بل إنها كانت خجولة
نسبياً ومبعثرة، ولم يتم تعمميها على
المستوى الوطني والذي يضمن استثمار
قصص النجاح الحاصلة وتطويرها وإعادة
تطبيقها في مناطق ومجالات جديدة، تفتح
أفق العمل وتوحد الرؤى حول أفضل الحلول
للمشاكل العالقة، ولاسيما المشاكل
والأمور التي تمس حاجات المواطنين
اليومية والحياتية بشكل مباشر. إذاً، فإن وجود منظمات المجتمع المدني
يجب ألا يعوق الحكومات على تنفيذ
برامجها الإصلاحية والتنموية، بل على
العكس فإن وجود هذه المنظمات، هو أمر
يعكس مدى قدرة المجتمع على الوقوف إلى
جانب الحكومات في تنفيذ برامجها ما دام
النفع يعود على المجتمع كله، بل أكثر
من ذلك، فإن تمرير البرامج التنموية من
خلالها، يضمن تنفيذها بسرعة مطلوبة
وبجودة عالية وذلك لتوافر الخبرات
الوطنية الموجودة في المجتمع المدني
كله. ومع أن للمجتمع المدني دوراً في مساعدة
الحكومات على تنفيذ برامجها، إلا أنه
لا يمكن إغفال أحد أهم أدواره في
مراقبة الأداء الحكومي، وتقديم النصح
والتصويب إن لزم، ومن ثم يتحول المجتمع
المدني بناءً على ذلك إلى قوة ضاغطة
على أي جهة كانت بهدف تلبية حاجات
المواطنين، ومنع أي إجراء قد يؤثر في
حياتهم. لكن هذا الدور يبقى قاصراً دون
وجود شريك إستراتيجي يتمثل في قدرة
الإعلام على مواكبة فعاليات منظمات
المجتمع المدني، والاطلاع عليها
والمشاركة فيها، حيث ينظر المجتمع
المدني للإعلام على أنه الوسيلة التي
توصل نبض الشارع، وتسلط الضوء على
إنجازاته وعلى الصعوبات التي تواجهه،
ومن ثم العمل على حلها وتوثيقها بالشكل
المناسب والذي يضمن الاستفادة منها
لاحقاً. وبالعودة إلى واقعنا، فإننا نجد حالياً
بزوغ تجمعات وحركات جديدة ضمن تركيبة
المجتمع المدني في سورية، وبات واضحاً
أن نشاطها المتزايد مؤخراً يشكل نواة
للمجتمع السوري، والذي يعول عليه
الكثير، سواء من حيث استيعاب طاقات
الشباب والاستفادة منها، أو من خلال
لعب الدور المنوط به بالشكل الأفضل.
ومن ثم، فإن أي عملية تنمية حقيقة
تستوجب وجوداً فاعلاً للمجتمع المدني
بكل إمكانياته وقدراته، دون أي تحييد
أو تغييب كان وراء الكثير من المشاكل
المستعصية التي تواجه المجتمع السوري
حالياً. وبالنظر إلى ما يمكن أن يقدمه الإعلام
لهذا التحول الكبير في المجتمع، فإنه
لابد من الوقوف عند قدرة الإعلام
السوري حالياً على التماشي مع هذا
التغيير، فالأمر يتطلب وجود كوادر
تؤمن بقدرة منظمات المجتمع المدني على
المشاركة في عملية التنمية، بل يتعدى
ذلك إلى إمكانية مشاركة هذه الكوادر في
تركيبة المجتمع المدني، ومتابعة كل
فعالياته. إن النظرة إلى الإعلام السوري بفئتيه
العامة والخاصة ما زالت غير واضحة،
وهناك انقسام في الرأي حول قدرته على
التعاطي مع التحديات الكبيرة التي
تواجه المجتمع السوري، ويصبح إعلاماً
قادراً على ملامسة حاجات المواطن. لذلك
فإن آلية التطوير الحالية للإعلام
السوري ستبدو بطيئة ولا تتناسب مع ما
يجري في عملية التنمية في سورية،
وسيبقى عمله تقليدياً يعتمد على تلقي
الأخبار وإعادة نشرها بطريقة بسيطة
ولا تحقق أصغر الأهداف المطلوبة منها. لذلك يجب العمل أولاً على الاستفادة
المطلقة من الكوادر الموجودة ضمن
الإعلام السوري، وإعطاء المساحة
المناسبة للعاملين فيه لممارسة عملهم
دون تقييد أو تحفظ، الأمر الذي يتنظره
المجتمع المدني من الإعلام، آخذين
بالحسبان أن التقصير في هذه العملية،
سيدفع بجموع الشباب المتطوع، وخصوصاً
من طلاب وخريجي كليات الإعلام وأصحاب
المواهب في العمل الصحفي للعب دور
بديل، معتمدين في ذلك على التطور
الحاصل في شبكات التواصل الاجتماعي
وغيرها من المدونات والمنتديات، وإن
كانت لا تشكل في جوهرها وسيلة إعلامية،
إلا أنه ومن دون شك، فإن قدرة الشباب
على استعمال هذه الوسائل ستفي بالغرض،
لطالما أن الإعلام الحقيقي غائب
ومُغيب، ولا يستطيع لعب دوره ببراعة. أخيراً، لابد من الاعتراف بأن حجم
التحديات التي تواجه مجتمعنا السوري
كبيرة، لذلك لابد من إعادة ترتيب
الأولويات لكل القطاعات الموجودة،
وهنا يجب دعوة الإعلام السوري بكل
فئاته لأن يقدم جهوداً مضاعفة وحثيثة
لمواكبة التغيير الحاصل في المجتمع،
سواء من العمل جنباً إلى جنب مع
القطاعات كافة ومواكبة فعاليتها عن
كثب، وبعين متجردة لا تقبل الخطأ وتثني
على الصواب، أو من خلال تطوير الإعلام
السوري ليرتقي لطموحات المواطن السوري. ================= التفجيرات في سورية:
القاعدة أم النظام؟ أحمد أبو مطر ايلاف 16-5-2012 يحتاج هذا الموضوع إلى مناقشة موضوعية
ذات خلفية ملمة بتركيبة النظام الأسدي
القابع على قلوب وظهور الشعب السوري
منذ 42 عاما فقط. وأقصد التركيبة
والبنية الأمنية ولا يعرف تفاصيلها
المخيفة والمرعبة إلا من عاش في سوريا،
وكان محل ثقة من أصدقاء سوريين متنفذين
مما أعطاهم الطمأنينة للبوح بأسرار لا
يمكن لأي مراقب في الخارج أن يعرفها. طبيعة البنية الأمنية والعسكرية للنظام من المعروف والمؤكد أنّه منذ الانقلاب
العسكري الدموي للأسد الأب عام 1970 على
رفاقه البعثيين، بأنه بدأ يضع تدريجيا
كافة المراكز الحساسة والمهمة والآمرة
في الجيش وقوات الأمن بيد عائلته
وأصهارها وأخوالها والقريبين منهم
خاصة عن طريق السلب والنهب الاقتصادي
الذي جعل غالبيتهم من ذوي الملايين
والمليارات، وبالتالي ارتبط مصيرهم
ومستوى الحياة الذي وصلوا إليه بوجود
هذا النظام القمعي الفاسد واستمراريته
مهما كان الثمن، وهم الذين جاءوا عام
1970 من قرية القرداحة إلى دمشق وهم لا
يملكون إلا القمصان البالية التي
تسترّ أكتافهم. لذلك فالثمن الذي يعيشه
الشعب السوري منذ مارس 2011 هو ما لا يقل
عن 15 ألف قتيل في غالبية المدن والقرى
والأرياف السورية، بالإضافة إلى ألاف
من المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم
أحياءا أم أمواتا. أمّا سجناء الرأي
فلا داعي للتذكير بهم، فالكل يعرف مدى
تكميم الأفواه وعدد هؤلاء السجناء
وخطف أولادهم وأفراد عائلاتهم. وتعتمد البنية
الأمنية المخابراتية على توزيع كافة
مناحي الحياة السورية على فروع
متخصصة، مما جعل من الصعب تسميتها
دوما، فلجأ النظام المتوحش لإطلاق
الأرقام كتسمية لها وللحفاظ على
سريتها أيضا. كان يقال الفرع 290 ، الفرع
291، الفرع 297 ..وهكذا. أمّا التسميات فمن
الصعب تعدادها أيضا: المخابرات
العسكرية، المخابرات الجوية، فرع
فلسطين المتخصص في شؤون المدنيين
الفلسطينيين، فرع الضابطة الفدائية
المتخصص في شؤون المنظمات الفلسطينية،
فرع أمن القامشلي المتخصص في شؤون
السوريين من القومية الكردية، حيث
يعمل منذ سنوات على ما يمكن تسميته
تطهيرا عرقيا، من خلال تهجير ألاف
الأكراد للعيش الاجباري في مناطق
غالبيتها عرب سوريون، وإجبار ألاف من
هؤلاء العرب السوريين على العيش في
المناطق الكردية. وفي حي ركن الدين
بدمشق حيث تعيش نسبة من السوريين
الكرد، لا يمكن معرفة عدد المخبرين
الذين يتجولون بملابس مدنية ليلا
ونهارا لرصد أية تحركات أو نشاطات
كردية. هذا بالإضافة لحصر غالبية
المراكز الأمنية والمخابراتية في
مناطق مغلقة مثل ما هو موجود منها في
منطقة ( كفر سوسة ) وبالتالي من
المستحيل الوصول إليها أو تفجيرها إلا
بقصف جوي، وهذا غير موجود عند أية جهة
حزبية معادية للنظام. القصف الجوي
موجود لدى الاحتلال الإسرائيلي فقط،
ولكن هذا الاحتلال ليس غبيا في أن يقصف
المراكز الأمنية والمخابراتية
المتخصصة في قصف الشعب السوري، ومنع أي
فلسطيني أو سوري من إطلاق أية رصاصة
على الاحتلال من الحدود السورية،
بينما الاحتلال الإسرائيلي قصف في
الخامس من سبتمبر 2007 ما اشتبه في أنه
موقع نووي في منطقة دير الزور، وأعقب
ذلك في أغسطس 2008 باغتيال العميد السوري
محمد سليمان لأنّه حسب ما تسرب من
معلومات إسرائيلية، أنّه كان المسؤول
عن متابعة هذا الملف النووي مع الخبراء
الكوريين الشماليين والممولين
الإيرانيين. توقيت التفجيرات هل يستطيع أي فرد أو جهة أو تنظيم إدخال
هذه الكميات من المتفجرات التي
استعملت في التفجيرات على ضوء هذه
القبضة الأمنية التي لا مثيل لها،
ويصاحبها أيضا رصد كامل ودائم
للاتصالات الهاتفية ، مما كان وما يزال
يجعل أي مواطن سوري أو مقيم يخاف من
الحديث في أمر سياسي أو له علاقة
بالنظام من أية ناحية عبر الهاتف.
وهناك مئات المواطنين والمقيمين تمّ
استدعاؤهم للفروع الأمنية ليسألوهم (
ماذا كنت تقصد بالجملة الفلانية في
مكالمتك مع فلان ليلة كذا..). ولي صديق
كان يسكن في بناية من بنايات ما تسمّى (
الإدارات ) في حي ركن الدين نفسه، تم
استدعاؤه عام 1981 إلى فرع فلسطين
ليسألوه: لماذا تتصل دوما بفلان في
مكتب ياسر عرفات بتونس؟. أما التوقيت
الذي تمّ تحديده لوقوع هذه التفجيرات
فلا يمكن لأي غبي من المعارضة أو
القاعدة كما يدّعي النظام أن يختار هذا
التوقيت. فأهم التفجيرات استقبل بها
النظام المراقبين العرب ثم المراقبين
الدوليين، واستبق بواحد منها
انتخاباته المسخرة سواء لتجديد رئاسة
الأسد الوريث أو ما يسميه زورا مجلس
الشعب. وبالطبع اعتقد هذا النظام ومعه
إعلامه الغبي وفبركات فيديوات معلمه
وليد، أنّ هذه المسرحيات ستمرّ على
المراقبين العرب والدوليين. لم تمرّ
بدليل أنّ بعض المراقبين العرب انسحب
بعد أيام من مراقبته لهذه المساخر، ثم
انتهت مهمة المراقبين كاملة بدون أية
نتيجة لصالح الشعب السوري بل كانت مجرد
فرصة تمديد للقتل بموافقة ومراقبة
الجامعة الموصوفة زورا ب ( العربية ).
أما رئيس بعثة المراقبين الدوليين
الجنرال النرويجي( روبرت مود) فمن
المهم قراءة ما بين سطور تصريحه، عندما
قال بعد أيام قليلة من وصوله ( أن الطرف
القوي هو الذي يجب أن يوقف إطلاق النار
أولا ). وأعتقد أنّ الجاهل يفهم أنّه
يقصد النظام الأسدي المتوحش على الشعب
السوري فقط. وشهادة من مالكي العراق والكل يتذكر اتهامات نوري المالكي رئيس
الوزراء العراقي المتكررة بأن نظام
ألأسد هو من يرسل المخربين
والإرهابيين للعراق، وبالتالي
فالنظام الأسدي هو المسؤول عن القتل
والتفجيرات في العراق. وهذه التصريحات
يستنتج منها أنّ الإرهابيين من أية جهة
أو تنظيم جاءوا فهم من إعداد وتدريب
وتسليح نظام ألأسد مما يعني أنهم
معروفون له ومرصودون من أجهزته، وهم في
الأساس مأجورون طالما مهمتهم قصف
وتدمير وقتل الشعب العراقي، فليس من
الممكن خروجهم عن طاعة سيدهم القاتل
الأسد. هذا رغم لحس المالكي لاتهاماته
هذه ووقوفه المخزي داعما لهذا النظام
الأسدي المتوحش، ولا يمكن فهمها إلا
أنّها أوامر طائفية إيرانية. والمالكي
لا يمكن أن يخرج عن طاعة أوامر سيده في
قم أو طهران. لذلك فكل المعطيات والدلائل، تؤشر بوضوح صارم أنّ كل هذه التفجيرات من
صنع النظام، كي يبدو أنّه ضحية الإرهاب
مثل غيره من البلدان. وأيضا فإنّ نظاما
يقتل خلال عام ونصف قرابة 15 ألف مواطن
سوري لن يتأسف أو يهتز ضميره إن وجد على
قتل مئات من جراء هذه التفجيرات
المفبركة، لعلّ هذه التفجيرات تحسن
صورته التي لن تتحسن إلا برحيله، وإن
كان هذا الرحيل على طريقة القذافي
فستكون صورته بشعة..لذلك علّ الأسد
الوريث يصحو ويقول للشعب السوري: نعم
تستحقون الحرية والكرامة
والديمقراطية ويكفيكم 42 عاما من قمع
والدي وقمعي..فهل يفعلها؟ أشكّ في ذلك
فشعار الأسد ونظامه العائلي الطائفي (
أنا أو الشعب السوري). ================= د. عوض السليمان - باريس 2012-05-15 القدس العربي مع أننا رأينا، ولا نزال، أن خطة عنان
تحمل بعض الإيجابيات في طياتها، إلا
أننا ربطنا ذلك بتطبيقها على الأرض.
فإذ لم تطبق فلا حاجة لها، ولا معنى،
إلا أن تكون في إطار مهلة جديدة للنظام
لعله يستطيع القضاء على الثورة،
ويتحالف من جديد مع أصدقائه الذين
أشادوا يوماً بانتقال سلمي للسلطة بين
الأسد الأب وابنه وفرشوا له السجاجيد
الحمراء في عواصم بلادهم. لا نعرف على وجه التحديد، لماذا قدم عنان
إحاطته لمجلس الأمن من خلال دائرة
تلفزية مغلقة. ولا نعرف أيضاً لماذا
تأخر السيد عنان لتقديم إحاطته يومين
كاملين، إذ كان المقرر أن يخاطب مجلس
الأمن يوم الخامس من أيار/ مايو وليس
يوم الثامن منه. ولكننا نتوقع أن الموفد العربي - الأممي
فعل ما فعل، نزولاً عند رغبة أعضاء
مجلس الأمن، فهم يريدون أن يسمعوا
وحدهم دون الرأي العام المحلي
والعالمي، كي يبرروا تقاعسهم عن
مساعدة الشعب السوري حسب القوانين
الدولية. وإلا فلماذا لم يلق عنان
مؤتمره الصحافي قبل الإدلاء بشهادته
على ما يجري في سورية. تحدث السيد عنان عن انخفاض في مستوى العنف
في سورية وذكر أن جيش النظام، خفف من
استخدام الأسلحة الثقيلة. وهذا يعني أن
الأسد يستخدم بالفعل الأسلحة الثقيلة
والمتوسطة والخفيفة، وهذا يعني أنه لا
يزال يقتل وينكل بالشعب السوري. فما
الفائدة إذاً من استمرر هذه الخطة إلا
إعطاء النظام مزيداً من الوقت للفتك
بالثوار والناشطين. الأنكى من ذلك أن السيد عنان، اعتبر أن
مبادرته هي الفرصة الأخيرة أمام دمشق،
وعندما تلفظ بهذه العبارة، ظننا أن
الرجل سيقول الفرصة الأخيرة قبل
التدخل المباشر أو تأمين مناطق عازلة
لحماية المدنيين. ولكنه قال، قبل أن
تنزلق البلاد إلى حرب أهلية. ولعلكم
تلاحظون أن هذا التصريح يفتقر حتى إلى
المعايير الأخلاقية. فعنان يعلم أن
خطته فشلت منذ اليوم الأول. وهو يعرف
بالتالي أن البلاد قد تنزلق إلى الحرب
الأهلية، ويعلم أنه ذهب إلى سورية
لإجبار الأسد على إيقاف القتل. فالرجل
غير آبه بالذين يقتلون يومياً بل هو
يدعي الخوف من الحرب الأهلية بدل العمل
على حماية المدنيين والإفراج عن
المعتقلين. منذ أن وقّعت الأمم المتحدة البروتوكول
المشؤوم مع نظام الأسد، ارتقى ما يقارب
ألف شهيد في سورية، واعتقل الآلاف من
الناشطين السلميين. فكيف يقول كوفي
عنان أن العنف تراجع في البلاد. الجواب واضح، عنان موظف لدى القوى
الغربية، التي لم تعقد العزم حتى اليوم
على إسقاط نظام الأسد، فهم يخافون على
الكيان الصهيوني وأمنه واستقراره، وهم
لا يريدون أن يخسروا موظفاً مطيعاً
كبشار الأسد، حافظ على كرسيه من خلال
الصمت على جرائم هذا الكيان في فلسطين
ولبنان والجولان. الصادم خاصة في موقف عنان، أنه يزعم بشكل
أو بآخر أن خطته لم تفشل بعد، فهو يكرر
عبارة: إذا فشلت الخطة، ويتجاهل الحديث
عن المعتقلين، ولم يعلق على الصور التي
تظهر مراقبيه وهم يعتلون الدبابات
بأنفسهم، فكيف يتكلم الرجل عن سحب جزئي
للقوات من المدن وعن تحسن مستوى الأمن
في البلاد. وهذا أمر خطير فعدم اعتراف
عنان بفشل خطته، وهذه رغبة الغرب
وأمريكا، سيروج لمجلس الأمن النكوص في
وعوده بمساعدة الشعب السوري واللجوء
إلى وسائل أخرى لحماية هذا الشعب،
ولهذا فإننا نعتقد أن هذه العبارات
كانت مقصودة تماماً وهي من باب
الالتفاف على واجبات مجلس الامن تجاه
سورية. مسؤولو البلاد الأوروبية وأمريكا يكررون
عبارات عنان، فهم يهددون الأسد في حال
فشل الخطة، ولا ندري إن كانوا سينتظرون
تسعين يوماً حتى يعرفوا أن الخطة فشلت
أم لا. وكأنهم لا يرون القتل الطائفي
ولا يرون أسلحة النظام تقصف المناطق
السكنية الآمنة وتدمرها على رؤوس
ساكنيها. ولم تبلغهم أخبار عمار الأبرش
الذي قتل مع زوجته وأطفاله الخمس لأنه
تلاسن مع حاجز أمني في حي الإنشاءات
ولأن اسم ولده أبو بكر. المسؤولون الذين يرون الأطفال مسلوخي
الجلد ومنزوعي الرؤوس، ثم يتكلمون عن
احتمال نجاح خطة عنان، هم مشاركون في
القتل وفي الجريمة، وهم لا أخلاق لهم،
حالهم حال الأسد وشبيحته. إننا نعتقد اليوم، أن خطة عنان ما هي إلا
تكملة لخطة الدابي، فبينما قامت
الجامعة العربية وخاصة أمينها العام،
بإرسال المراقبين العرب إلى سورية
ليمعن النظام في قتل السوريين قامت
الأمم المتحدة بإرسال عنان وفق نفس
المنهج بالضبط. لن نتوقع من عنان اليوم
غير ما رأيناه من الدابي، وبكل حال فلن
يأتي النصر من خطته ولا من تصريحات
سوزان رايس ورئيسها، إنما يأتي فقط
بحول الله من استمرار الثورة حتى إسقاط
النظام. ================= دروس حول سورية مقسّمة
ومراجعة لخطة أنان فيتون سوروي * الأربعاء ١٦ مايو
٢٠١٢ الحياة لم تتوصل خطة كوفي أنان ذات النقاط الست،
والمدعومة من الأعضاء الدائمين في
مجلس الأمن، إلى وضع سورية على طريق
السلام. تستند الخطة إلى افتراض نية
حسنة عند الرئيس بشار الأسد في وقف قمع
المعارضين السياسيين وكذلك الأعمال
العسكرية العقابية ضد الجماعات التي
واصلت تمردها طوال العام الماضي.
وتفترض الخطة كذلك أن «حواراً من اجل
انتقال السلطة» سيبدأ فور توقف القتل
والاضطهاد. بيد أن السلطات السورية ليس لديها ما
يحملها على تغيير سلوكها، ففي حين أرسل
مجلس الأمن 30 مراقباً دولياً إلى
سورية، ثم قرر زيادة العدد إلى
ثلاثمئة، يمكن ان تمضي الأسابيع
والشهور في جدال عقيم حول ما إذا كان
الأجدى إرسال ثلاثة آلاف بدلاً من
ثلاثمئة، ولن يتغير السلوك السوري،
على ما تعلِّمنا دروس البلقان، فطوال
التسعينات كانت للمجموعة الدولية
أعداد من المراقبين هناك (بل وقوات
لحفظ السلام في البوسنة) تفوق بكثير
تلك المقترحة لسورية، لكنها لم توقف
المذبحة. تعتمد الجهود الرامية إلى وقف القتل في
سورية من خلال المراقبين، على إظهار
الفضيحة والعار كأداتي ضبط أخلاقيتين،
لكن نظاماً يقتل عشرة آلاف إنسان في
الأربعة عشر شهراً الماضية، لا بد أنه
فقَدَ أيَّ اعتبارات أخلاقية من هذا
النوع كان يملكها سابقاً. حتى الآن، تخفق خطة أنان ذات النقاط الست
في وقف العنف وتأمين الحوار السياسي في
سورية، ويعتقد الرئيس الأسد بأنه قادر
على التلكؤ في التنفيذ طالما ليس في
الأفق أي بديل، ويفترض -كما افترض
نظيرُه الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش
اثناء تفكك يوغوسلافيا- أن الغرب لا
يملك الشجاعة اللازمة لتحمُّل تدخُّل
دولي ضده، ويرفع النظام السوري رهانه
اليوم معتمداً على المخاوف الغربية،
خصوصاً في سنة الانتخابات الرئاسية في
الولايات المتحدة، والافتراض هذا يبدو
محقاً حالياً. ويُعتقَد بأن المنطق القائل إن الغرب
يخشى التدخل، سيدفع البلاد نحو التفكك
وفق خطوط الانقسامات الطائفية
والعرقية. هذا السيناريو البلقاني
الكابوسي الذي يقوم على اختلاق دويلات
للعلويين والأكراد والدروز، من بين
آخرين، يهدِّد بموجات من التطهير
العرقي تهدد البيئة الدولية أكثر
بكثير مما يمكن حسابه. ولكن كيف سينعكس ذلك على كلٍّ من تركيا
والمسألة الكردية ومرتفعات الجولان
ولبنان؟ وكيف ستدار سورية بعد حقبة
الأسد؟ حتى لو توافرت إرادة للتدخل، هل
ستسير على طريقة كوسوفو من دون غطاء
شرعي دولي كامل؟ ولكن ما من حاجة إلى سيناريوات كابوسية:
فاللجنة الدولية للصليب الأحمر تقول
إن ثمة مؤشرات إلى حرب أهلية في أجزاء
من البلاد، والأرجح أن القتل في سورية
لن ينحسر، وان الأمور سيتفاقم سوءها،
فيما تتجذر دوامة العنف في المجتمع
بأسره. ما يتعيّن فعله اليوم، هو إجراء
مراجعة سريعة لخطة انان من الولايات
المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي
وأعضاء مجلس الأمن، كما ينبغي تعديل
نقطتين من نقاط الخطة: الأولى التعبير
عن وجوب انتقال السلطة في سورية
بعبارات صريحة، فالانتقال ليس هو
بالتأكيد ما يقوم به الأسد حالياً، من
ادعاء بإجراء انتخابات تعددية في
الوقت الذي تُقصَف المناطق الآهلة
بالمدفعية. كما أنه ليس واقعياً البتّة ان الانتقال -وفق
ما تدعو إليه المعارضة- يكون بانتظار
استقالة صادقة من الأسد، بل ينبغي ان
يعني عملية إنشاء مؤسسات ديموقراطية
في ظل مراقبة دولية، وعبر عملية
انتخابية في ظروف سلمية، وأن يبدأ (الانتقال)
بانتخابات رئاسية تجرى في الأشهر
الستة المقبلة، تسبقها طاولة مستديرة
بين حكومة الأسد والمعارضة التي
يمثلها «المجلس الوطني السوري» (وبحضور
مؤثر للجان التنسيق المحلية). ويتعين ان يتوسط طرف ثالث لعقد الطاولة
المستديرة. إن المقدمات القانونية
لعملية كهذه وضعت على نحو فضفاض وغير
دقيق في الدستور الجديد المُقَرّ في
شباط (فبراير) الماضي، الذي يزعم الأسد
انه يفتح البلاد أمام الديموقراطية. ثانياً، تحتاج خطة أنان المعدلة إلى
توضيح مسألة الأمن. ولتسيير عملية
انتقالية سياسية ثمة ضرورة لإدخال
تغييرات جذرية في السلوك على الأرض.
وينبغي أن يعود الجيش إلى ثكنه
ويلازمها، في الوقت الذي ينبغي على «المجلس
الوطني» ان يدعو إلى وقف أي عمل من
أعمال حرب العصابات التي يقوم بها «الجيش
السوري الحر». وينبغي ان تنشر الأمم
المتحدة قوات حفظ سلام مسلحة تسليحاً
خفيفاً، في ظل قيادة محايدة (لنقُلْ
إسكندنافية) تتمركز في محيط المدن.
ويجب ان تراقب بعثة دولية من الشرطة
النشاطات الأساسية للشرطة في وزارة
الداخلية كجزء من التحضيرات للعملية
الانتخابية السلمية. ينتهي في تموز (يوليو) المقبل تفويض أنان
المراقبين الدوليين في سورية، وما من
داع لانتظار انتهاء مدة تفويضهم
لإدراك أنهم غير قادرين على تغيير
الوضع، ويجب قبل وقت كافٍ من انتهاء
التفويض، رفع مستوى خطة النقاط الست. في هذا الإطار الزمني، على الولايات
المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي،
بالتشاور مع جامعة الدول العربية،
إعداد الظروف اللازمة للمفاوضات بين
حكومة الأسد والمعارضة السورية، ويمكن
التوصل إلى ذلك عبر قرار لمجلس الأمن
يصدر وفق الفصل السابع. ويجب ان تتضمن العبارات المرجعية في هذه
المفاوضات مبادئ غير قابلة للنقاش،
كنبذ العنف اثناء العملية السياسية،
والحفاظ على سيادة سورية ووحدتها،
وعلى سمتها التعددية الثقافية،
طائفياً وعرقياً. وينبغي ايضاً ان يشمل التغيير إجراء
انتخابات حرة ونزيهة (حذف المواد
التمييزية ومواد أخرى عن حرية التعبير
والرأي... إلخ)، وعلى الأسد أن يفهم أن
المزيد من استخدام الجيش والقمع الذي
تمارسه الوحدات السورية، نظامية كانت
أو غير نظامية، سيُفسر من قبل رعاة
القرار بوصفه تهديداً للسلم الإقليمي. يكرر الوسطاء والديبلوماسيون أن على
السوريين العثور في نهاية المطاف على
طريقهم الخاص نحو مستقبلهم، ويبدو هذا
صحيحاً، بل ينبغي له أن يكون، لكن ترك
الشعب السوري وحيداً يعادل الحكمَ
عليه بخوض حرب أهلية مديدة، وبالمزيد
من سفك الدماء. إنه صراع لن ينتصر فيه
أحد بالقوة: فالنظام لن يحصل على
القدرة التي تمكِّنه من وقف إرادة
الأكثرية بالقوة، والمعارضة لن تتمكن
من إلحاق الهزيمة بالجيش السوري، لا في
حالته الراهنة ولا في الفترة القصيرة
المقبلة. ولن تستطيع المجموعة الدولية البقاء
جانباً أو الاعتماد على صيغ مثل تلك
التي هزمتها مأساة البلقان. * صحافي وسياسي شارك في
مفاوضات السلام لكوسوفو في رامبويه 1999
وفي المحادثات حول وضع الإقليم بين
عامي 2005 و2007، عن «كريستشن ساينس
مونيتور»، 9/5/2012، إعداد حسام عيتاني ================= اضطراب العلاقات
الإيرانية- العربية هرميداس باوند * الأربعاء ١٦ مايو
٢٠١٢ الحياة العلاقات الحسنة والمثمرة هي الأصل في
العلاقات الدولية. لكن علاقاتنا
بالدول العربية متأثرة بالعامل
التاريخي، أي معاداة العرب ايران. وقد
تصدر تصريحات ايرانية تستند إلی
الخلافات التاريخية، لكن هذه
التصريحات لم تحل دون دعم طهران أي
اقتراح عربي يُقدم في المحافل الدولية
ومنظماتها. ودرجت إيران علی تأييد
اي مرشح عربي تقترحه الدول العربية
لرئاسة المنظمات الدولية، لكن الدول
العربية لم تبادلها بالمثل. فعلى سبيل
المثل، إذا اضطرت الدول العربية الى
الاختيار بين مرشح آسيوي من ايران او
من فيجي، انحازت الی فيجي. ويجمع الاسلام بين العرب والايرانيين،
وثمة نقاط جامعة مشتركة بينهم. ونحن
أشقاء، وعلينا ان نتعايش في هذه
المنطقة. لكن ما يدعو الى الاسف هو
الموقف العربي في الحرب العراقية –
الايرانية، فما خلا سورية، اصطف
الزعماء العرب الی جانب العراق،
ومنحوه نحو 60 بليون دولار، وقدموا له
الدعم اللوجستي والسياسي. ووضعت الكويت جزيرتين تحت تصرف بغداد،
ومثلها فعلت دولة أخرى خليجية، فسمحت
للعراق باستخدام قواعدها العسكرية في
الحملات الجوية على ايران. ولم تبدِ الجامعة العربية يوماً
الاستعداد للبحث في قضية الجزر الثلاث
المتنازع عليها، بل اعتبرتها (القضية)
قضية قومية غير قابلة للنقاش. وصارت
القضية الفريدة من نوعها التي تصدر
الجامعة قراراً يتناولها بالإجماع،
ومثل هذا الاجماع على ادانة ايران لا
مثيل له حتى في الموقف من إسرائيل. ويوم أُعلن تأميم النفط الايراني في 1953،
رفع كل من العراق والكويت معدلات
الانتاج النفطي إثر فرض الشركات
الغربية الحظر علی النفط الايراني،
على رغم ان النظام الداخلي لمنظمة
الدول المصدرة للنفط («أوبك»)، يحظر
على الدول الاعضاء التعويض عن نفط دولة
أخری، إذا حصل خلاف بين هذه الدولة
والشركات الأجنبية. وتعاطفت الدول العربية مع قرارات
المقاطعة الأحادية الجانب التي بادرت
اليها الولايات المتحدة وأوروبا،
وفرضت حظراً علی النفط الإيراني.
كما أبدت استعدادها لتأمين النفط
للهند والصين لينجح مشروع مقاطعة
النفط الإيراني. والموقف العربي السلبي من طهران سابق
علی عهد الجمهورية الإسلامية. لكن
الخلاف لم يبرز الى العلن إلا بعد 1979. وربما تنظر الدول العربية بعين الرضا الى
الظروف العسيرة التي تعيشها إيران
اليوم. لذا، حري بمراكز القرار في
السياسة الخارجية الايرانية أن تغلّب
المصالح الأساسية والحياتية
الإيرانية على غيرها من العوامل. *
أستاذ جامعي، عن «ارمان» الإيرانية،
3/5/2012، إعداد محمد صالح صدقيان ================= الطبيب الفرنسي العائد
من حمص وإدلب سارة دانييل * الأربعاء ١٦ مايو
٢٠١٢ الحياة نافد الصبر كالعائدين من الجحيم. يبدو جاك
بيريس كأب غضوب بعرف ولحية بيضاوين،
ينزعج من اضطراره الى اتخاذ مواقف
والحديث عما فعل او عن هذه الانتخابات (الرئاسية)
التي تجيّش الفرنسيين. وبيريس البالغ
من العمر 71 عاماً هو الطبيب الغربي
الوحيد الذي دخل سراً الى سورية والى
مدينة حمص ثم إلى منطقة ادلب في اطار
ثاني رحلة له كاد ألا يعود منها. جالساً في مقهى في لوكسمبورغ التي تهطل
عليها امطار تذكّر بالامطار الموسمية
في فيتنام، البلد الذي شهد «معمودية»
بيريس كجرّاح لإصابات الحرب اثناء
هجوم «التيت» في شباط (فبراير) 1968،
يستحضر، وهو المتعب حتى الآن من سفره،
الرؤى التي تطارده. وجه ذلك الطفل
البالغ من العمر عشر سنوات، ذي الشعر
الأشقر الذي «قطعته قذيفة الى نصفين
تقريباً. خرجت الاحشاء من بطنه. لا
استطيع نسيانه». اجتاز بيريس في شباط الماضي الحدود
اللبنانية - السورية على متن دراجة
نارية ثم على صهوة جواد. ووصل الى ضاحية
حمص، عاصمة المقاومة، التي كانت تتعرض
للقصف من قوات بشار الأسد، وكان عليه
أن يعبر منحنياً قناة للصرف الصحي بطول
كيلومترين تمتد ملتوية تحت الأرض،
ونجح في نقل بعض الأدوية على متن
الدراجة النارية وجهاز «ديرماتوم» (يستخدم
في الجراحة لترميم الجلد المحروق)
أهداه الى أطباء المدينة الشهيدة.
وطوال خمسة عشر يوماً في حمص، أجرى
عمليات لتسعة وثمانين مصاباً مات تسعة
منهم على طاولة الجراحة، وأسلم آخرون
الروح قبل ان تبدأ عملياتهم بسبب طول
الانتظار. «لم نعد نعرف ماذا نصنع. كانت
حمالات المصابين منتشرة في كل مكان. ثم
كان عليّ ان ارحل منهكاً من تلك
الليالي التي لم اعرف فيها النوم». يقطع بيريس حديثه عندما تنضم زوجته إليه.
أراد حمايتها، والتخفيف من وطأة الجو
الثقيل، وهي التي كانت تشجعه دائماً
على السفر. تقول دانيل ذات الشعر
الأبيض الذي يليق بشعر زوجها، بعد أن
تنظر إليه بحنان: «لدينا حياة واحدة
فقط، لذا اريده ان يحياها كما يريد. وهو
ليس «رأساً حامياً» بل يبدي حذراً
استثنائياً». ولا يخفى على الزوجة ان الطبيب العائد ليس
تماماً هنا. فهو يتنقل بين المسارح
والندوات ليعلن ما كان شاهداً عليه. «الامر
لا يتعلق بأداء دور رعاة البقر ورفع
مستوى الأدرينالين. فبعد ذلك، ينبغي
التقدم بالشهادة: هذه هي قاعدة عملنا
الطبي الإنساني كما صغناها مع كوشنير (المؤسس
الآخر لجمعية «أطباء بلا حدود» وزير
الخارجية الفرنسي السابق). ويشكك بيريس في الاعلانات الطنانة ولا
يبدي اتفاقاً دائماً مع مواقف برنار-
هنري ليفي على رغم ان هذا دفع نصف كلفة
السفر تقريباً. ويقول: «ما من منظمة غير
حكومية تريد ان ترسل ناشطيها الى سورية.
فالأمر مكلف جداً وخطير جداً بالنسبة
الى التأمين. لكن مؤسسة ليفي «فرنسا-
سورية الديموقراطية»، وافقت في نهاية
الامر على دفع نصف كلفة مغامرتي».
النصف الثاني وفرته جمعية اسلامية في
سين سان دوني هي «او آ أم 93». ولا يتبنى
بيريس أي موقف، لا لناحية التدخل
الخارجي ولا لضرورة تسليح المعارضة.
ولا يعلم حتى ما اذا كان على المنظمات
غير الحكومية تحمل مجازفة إرسال
الأطباء الى سورية. وخياره هو ان يروي
فحسب. رأى بيريس اثناء سفره الأخير قبل شهر
تقريباً، طبيباً وصيادلة يُقتلون.
يضيف: «في سورية اليوم يعادل خطر
التعرض للاعتقال اثناء علاج مصاب، خطر
الاعتقال وأنت تحمل السلاح». لم ير
الجراح سابقاً ديكتاتورية فالتة من
عقالها كهذه تمارس هذا المقدار من
العنف ضد مهنة الطب. يقول: «كل الصيدليات التي مررت بها في
الشمال (السوري) تعرضت للنهب والحرق.
ومن المحال العثور في منطقة إدلب على
حبة اسبرين. وتتزايد الأمراض المزمنة
والسرطانات التي لا يستطيع المصابون
بها علاجها. وفي سورية، المستشفيات هي
الأهداف ذات الاولوية لدى الدبابات.
الحظر على العلاج هذا، تجديد في
الممارسات البربرية». * صحافية، عن «لو نوفيل
اوبسرفاتور» الفرنسية، 3/5/2012، إعداد
حسام عيتاني ================= عبد الله اسكندر الأربعاء ١٦ مايو
٢٠١٢ الحياة أخيراً انتشر عناصر من الجيش اللبناني في
«الشريط الحدودي» (غير المنزوع السلاح)
بين باب التبانة وبعل محسن، الحيين
المتواجهين في مدينة طرابلس، شمال
لبنان. وهو كان انتشر سابقاً مرات عدة،
من غير أن يتمكن من تثبيت الهدنة بين
مسلحي الحيين، رغم أن جميع فعاليات
المدينة تدعوه دائماً إلى فرض هذه
الهدنة، وترفع الغطاء السياسي عن
المسلحين الذين تقاتلوا، منذ الحرب
الأهلية، على جانبي «الشريط» المسمى
رسمياً شارع سورية. ليس اسم خط التماس فقط ما يجعل هذه
المنطقة التي يعيش سكانها في فقر مدقع
وظروف حياتية غاية في الصعوبة على
علاقة ما بسورية. وإنما كانت الجارة
الشرقية للبنان، دائماً وفي شكل
مباشر، في صلب المواجهة بين بعل محسن
وباب التبانة، وطرابلس عموماً، منذ أن
دخلت القوات السورية إلى لبنان بعيد
اندلاع الحرب الأهلية، وتحت عناوين
كثيرة ومختلفة. لكن الثابت في كل ذلك،
أن السلاح كان يُستخدم بكل أنواعه، وأن
المواجهات كانت تنشب بين سكان بعل
محسن، ذي الغالبية الطائفية العلوية،
وبين سكان طرابلس، ذي الغالبية
السُنية. ما يعني أن الأزمة الحالية في
سورية، وتضامن السُنة في طرابلس مع
المعارضة السورية ليست السبب في
اندلاع القتال الأخير، وإن كانت العذر
الذي فجره، وأن الوضع في طرابلس حالياً
ليس نتيجة وجود التيارات السلفية، وإن
كان مثل هذا الانتشار السلفي يعقد
الحلول لمشكلة المدينة التي يعتقد أن
الانتشار الجديد للجيش، الموجود أصلاً
في المنطقة، لن يؤدي إلى وقف هذه
المواجهات. معروف أن مدينة طرابلس كانت بين المناطق
الأخيرة التي انضمت إلى لبنان الكبير
واعترفت باستقلال بلاد الأرز في حدوده
الحالية، بعدما كان سكانها يفضلون
الانضمام إلى سورية. وهذا يظهر عمق
التعلق التاريخي بالداخل العربي، وهو
تعلق جرى التعبير عنه في المدينة، بعد
الاستقلال، بالثورة المصرية وشخصية
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وبعده
المقاومة الفلسطينية قبل خروجها من
الفيحاء بضغط عسكري كبير من القوات
السورية. وهذا يعني أن مشاعر «الانعزال» التي نسبت
إلى تيار لبناني، مسيحي في غالبيته،
ليست هي التي تحرك حال المواجهة
الحالية بين المدينة وسورية عموماً،
وبينها وبين علويي جبل محسن خصوصاً،
والذين يحسبون أنفسهم على الحكم
السوري الحالي، بحكم الانتماء الطائفي
الواحد. وبذلك يسقط كل ادعاء أن ما يحصل في طرابلس
هو ظرفي، وأن انتشار التيار السلفي في
المدينة يؤجج التوتر. والأصح هو أن
الوضع الذي تعيشه المدينة منذ التدخل
العسكري السوري في لبنان ربط مصير
الأمن فيها بوضع البلد الجار، وأن
المدينة عاشت على وقع هذا الوضع منذ
انفجار أزمة الثمانينات بين «الإخوان
المسلمين» وبين الحكم السوري. ودفعت،
يومها، ثمن تضامنها مع حماة قصفاً
واجتياحاً واعتقالات ومفقودين. ويكرر
بعض أهاليها مثل هذا التضامن مع
المناطق السورية التي تعيش المعاناة
ذاتها، ومع اللاجئين السوريين الفارين
من جحيم هذه المعاناة. هكذا ارتبط الوضعان، في طرابلس وفي المدن
السورية التي تتعرض لهجمات القوات
الحكومية، ارتباطاً وثيقاً. وبات
الوضع الطرابلسي حالياً التعبير
الأكثر رداءة عن الوضع السوري، من حيث
تحوله مواجهة طائفية علنية وغير قابلة
للتأويل. وبذلك، من المستبعد أن تشهد
طرابلس هدوءاً فعلياً ومصالحة حقيقية
ما دامت المواجهات تحكم العلاقة بين
مكونات المجتمع السوري. وما دامت
المواجهات في طرابلس تقدم مبررات لآلة
الدعاية الرسمية السورية عن السلفيين
والمجموعات المسلحة وتهريب السلاح الخ... أما الدولة اللبنانية المنقسمة بين من «نأوا
بأنفسهم» وبين من انخرطوا في آلة
المواجهة السورية الرسمية، فلن تكون
قادرة على استعادة طرابلس إلى حضنها
وتجعلها تنأى فعلاً عن تداعيات العنف
الأهلي في سورية. ================= وجود المراقبين لم يمنع
حدوث المجازر في يوغسلافيا السابقة
.. الأزمة السورية: دروس التجربة
البلقانية فيتون ساروي كاتب، عمل كمفاوض في مفاوضات
كوسوفو (1999) ومحادثات الأوضاع في
البلقان (2005 - 2007) بريستينا - كوسوفو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» الاتحاد 16-5-2012 لا يبدو أن سوريا تسير على طريق السلام من
خلال خطة عنان الحالية المكونة من ست
نقاط والمدعومة من قبل الأعضاء
الدائمين في مجلس الأمن الدولي. فتلك
الخطة تنبني على افتراض وجود نوايا
طيبة لدى الرئيس السوري، واستعداد
لوقف قمع الانشقاق السياسي، ووقف
الأعمال العسكرية العقابية ضد المدن
والبلدات التي انبثق منها التمرد خلال
العام الأخير. كما تفترض الخطة مسبقاً
أنه بمجرد توقف القمع وأعمال القتل من
جانب النظام "فإنه سيبدأ على الفور
حوار بشأن الفترة الانتقالية". والحقيقة أن السلطات السورية ليس لديها
الدافع لتغيير نمط سلوكها الحالي. فرغم
أن مجلس الأمن قد ارتأى زيادة عدد
المراقبين الدوليين من 30 إلى 300،
فالمتوقع أن تضيع الأسابيع بل والشهور
القادمة في جدل عقيم حول ما إذا كانت
هناك حاجة لرفع هذا العدد ل 3000 أم لا،
أما نمط السلوك ذاته فلن يتغير، في
جميع الأحول، ولنا في تجربة البلقان
درس وعبرة. فخلال عقد التسعينيات من القرن الماضي
كان للمجتمع الدولي عدد أكبر بكثير من
المراقبين الدوليين مقارنة بما هو
موجود في سوريا، غير أن ذلك لم يحل دون
وقوع المجازر. فالجهد الرامي لإيقاف عمليات القتل من
خلال إرسال المراقبين، يعتمد على فضح
الطرف القائم بتلك الأعمال مما قد
يدفعه للشعور بالخجل أمام العالم
والتوقف بالتالي عن مواصلة أفعاله،
وهو أمر ليس متوقعاً بالنسبة للنظام
السوري الذي لم يتورع عن قتل 10 آلاف شخص
خلال الأربعة عشر شهراً الماضية، مما
يعني أنه فقد الوازع الأخلاقي الذي
يحول بينه وبين ارتكاب المزيد من أعمال
القتل، هذا إذا ما افترضنا أن ذلك
الوازع كان متوافراً لديه أصلاً. والنظام السوري لا يقوم بما يقترفه
حالياً بدافع التحدي فحسب، وإنما كذلك
بدافع الخوف من الجماهير المتعطشة
للانتقام، ومن المعارضة التي تطالب
برأس الرئيس نفسه كشرط مسبق (وغير
واقعي) للدخول في أي مفاوضات. لذلك نرى أن خطة عنان تفشل حالياً، سواء
في إيقاف العنف أو حتى في تأمين حوار
سياسي، خصوصاً وأن نظام الأسد يتلكأ في
تنفيذها طالما أنه لا يوجد بديل عنها
في الأفق. فالأسد يفترض كما افترض من
قبله الرئيس الصربي السابق سلوبودان
ميلوسوفيتش، أن الغرب ليس لديه
الشجاعة على التدخل ضده. والنظام
السوري -على الأقل في الوقت الراهن-
يبدو على حق في افتراضه هذا. فالغرب
يخشى بالفعل من أن يؤدي تدخله في سوريا
إلى دفعها نحو التفكك، وفق خطوط طائفية
وعرقية تشبه السيناريو البلقاني، وهو
سيناريو لو تحقق فسيكون أكثر خطراً مما
كان عليه في البلقان نظراً لطبيعة
الأوضاع الدولية الحالية. وهناك أسئلة
عديدة تتعلق بهذا الأمر، منها مثلاً:
كيف سينعكس ذلك التفكك على تركيا،
والقضية الكردية، وهضبة الجولان،
ولبنان؟ ومن الذي سيدير أمور سوريا في
فترة ما بعد الأسد؟ وحتى إذا ما كانت
هناك رغبة لدى المجتمع الدولي في
التدخل، فهل سيكون لديه استعداد
للذهاب للمدى الذي ذهب إليه في كوسوفو
سابقاً، من دون الحصول على شرعية كاملة
من قبل المجتمع الدولي؟ والنظام السوري على علم بالمخاوف
الغربية، ويرفع رهاناته وفقاً لذلك،
مستفيداً من حقيقة أن العام الحالي هو
عام انتخابات في الولايات المتحدة،
يتحول فيها الرئيس إلى بطة عرجاء. وهناك رأي آخر يقول إنه لا حاجة لتخيل
إمكانية حدوث سيناريوهات كابوسية، لأن
اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقول إن
هناك في سوريا مؤشرات على قيام حرب
أهلية في بعض أجزاء البلاد. لذلك، فإن أعمال القتل في سوريا لن يتوقع
لها أن تخف، بل ويمكن للأمور أن تسوء
عندما تؤدي دورة العنف المتفاقم إلى
دفع المجتمع كله نحو التطرف. لذلك فإن
الحاجة تدعو للقيام بعملية مراجعة
عاجلة لخطة عنان من قبل الولايات
المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي
بمجلس الأمن الدولي. وفي هذا الشأن يجب
على الخطة أن تعمل على تطوير نقطتين
محددتين هما: أولاً، العمل على توضيح ما المقصود
بالفترة الانتقالية بسوريا بعبارات
واضحة لا تحتمل التأويل تفيد أن
الانتقال لا يعني ما يقوم به الأسد
حالياً، أي التظاهر بتنظيم انتخابات
تعددية مع القيام في نفس الوقت بقصف
أحياء ومدن وبلدات بمناطق مختلفة من
البلاد. ثانياً، التركيز على الأمن من خلال العمل
على إجراء تغيير واسع النطاق على سلوك
كافة الأطراف على الأرض. وعلى الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد
الأوروبي التشاور مع جامعة الدول
العربية للعمل من أجل صياغة الشروط
اللازمة لإجراء مفاوضات بين نظام
الأسد وبين ممثلي المعارضة السورية. كما ينبغي أن تتمثل مرجعية تلك المفاوضات
في مبادئ غير قابلة للمراجعة، مثل شجب
العنف في العملية السياسية والمحافظة
على وحدة أراضي سوريا وسيادتها، وعلى
طبيعة مجتمعها المتعدد المذاهب
والطوائف. إن ترك الأمور في سوريا للسوريين سوف لن
يعني شيئاً آخر سوى امتداد الصراع
وتواصل نزيف الدم من دون أن يتمكن أي
طرف، سواء النظام أو المعارضة، من
تحقيق النصر على الآخر. والمجتمع الدولي، لا يستطيع أن يقف
ساكناً معتمداً على صيغ ومعادلات مثل
هذه، ثبت فشلها من قبل إبّان مأساة
البلقان. ================= سامي كليب السفير 16-5-2012 كل قتيل يسقط في شمال لبنان خسارة. لعبة
الامم أكبر من كل هؤلاء الذين يتقاتلون
على الأرض، لا بل أكبر من معظم محركيهم.
تغيرت المعادلة منذ جاهرت واشنطن بأن «القاعدة»
اخترقت المعارضة السورية. صار الهم
الاميركي الاول ان يتم ضرب «القاعدة»
في سوريا والشمال اللبناني. ولو نسي
البعض المعادلة الدولية فهذا نائب
وزير الخارجية الروسية غينادي غاتيلوف
يذكِّر بأن «القاعدة» ومجموعات
إرهابية تقف وراء التفجيرات في سوريا. يمكن أن يُعرِّج المرء أيضا على تصريح
لمسؤول اسرائيلي كبير في لواء الشمال
نقلت كلامه «فرانس برس» من دون ذكر
اسمه. قال «إن إسرائيل قلقة من وصول «القاعدة»
إلى هضبة الجولان السورية». هذا في
العلن، أما في السر، فيعرف بعض
الأمنيين في دمشق وبيروت كيف تقاطر في
الشهرين الماضيين مسؤولون أمنيون
أميركيون وأوروبيون للوقوف عن قرب على
وضع «القاعدة» ودورها في سوريا
ولبنان، فيما الأميركيون
والبريطانيون يقاتلون «القاعدة» في
اليمن. كان يراد للشمال اللبناني ان يكون مواجها
للجنوب. حصل تأجيج مذهبي محلي وإقليمي
كبير. تمحور التأجيج حول الهدف الأسمى
للمحور الغربي، أي تطويق إيران وضرب
جناحيها في سوريا وجنوب لبنان. انقلب
السحر على الساحر. (ألم ينقلب سابقا في
علاقة «طالبان» وبن لادن باميركا)؟ بدأت المعادلة الدولية تتغير. لم تتغير
بعد هي فقط بدأت. تبين ان الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين أصعب مما كان متوقعا.
قال كلاما مفصليا بعيد عودته رئيسا.
أكد من قلب الكرملين حيث كان يمشي
كالقيصر او قُلْ كالطاووس، إنه ضد
التدخل الدولي في شؤون الدول. شدد على
ما قاله من قبله عدد من المسؤولين
العسكريين حول الرفض المطلق للدرع
الصاروخية. تعامل بوتين مع أميركا
والغرب باستخفاف. قرر عدم الذهاب الى
قمة الدول الثماني في كامب دايفيد ولا
إلى قمة حلف الاطلسي. الشروط الروسية
للصفقة الدولية كبيرة، وباراك اوباما
يجد نفسه أعجز من أن يحققها وهو يسعى
لولاية ثانية. يتسلح بوتين بأنه لا يزال رئيسا «طازجا»،
فيما اوباما تحت رحمة «لوبيات» كثيرة،
ونيكولا ساركوزي ترنح وسقط، وأنجيلا
ميركيل اصيبت بنكسة انتخابية امام
خصومها الاشتراكيين قبل أيام والدول
الأوروبية بمجملها تكافح تصحُّر المال
في هذه الاوقات الدولية الصعبة. يتسلح
بوتين أيضا بتحالف دولي كبير عبر دول
البريكس (البرازيل، روسيا، الهند،
الصين، وجنوب أفريقيا)، كما يتسلح
إقليميا بحليفين أثبتا انهما ما
يزالان أقوى مما اعتقد البعض، الأول،
في إيران، أبرزت الانتخابات الأخيرة
قوة المحافظين، والثاني، في سوريا
بدليل تماسك الجيش السوري حول النظام
فيما المعارضة آخذة بالتفكك، ناهيك عن
دلالات نتائج الانتخابات الأخيرة. ما عاد أمام الغرب سوى البحث عن تسويات مع
الروس. القيصر الروسي يفرض الشروط لأية
تسوية. معادلة القوة تبدو لصالحه. كان
أول من جاهر بوجود مسلحين وإرهابيين في
سوريا. ها هي «القاعدة» تطل برأسها في
سوريا وشمال لبنان، وها هو «حزب الله»
يرفع المعادلة الإقليمية الى أقصى
درجات توازن الرعب عبر الخطاب الاخير
للسيد حسن نصر الله. بات الغرب يقلق
فعليا من الصورة المشوشة المحيطة
بانتشار «الإخوان المسلمين» في
المنطقة خصوصا بعد ان ظهر خلفهم
سلفيون، وبعد ان عاد البعض للقول بأن
اسرائيل «عدوة» وأنه لا بد من اعادة
النظر بمعاهدة كامب دايفيد بين مصر
وإسرائيل. ينتظر كثيرون ان تكون مفاوضات إيران مع
الغرب في بغداد (5+1) حاملة بوادر حلحلة.
يفسر البعض تلويح دول الخليج بالوحدة
وخصوصا بين السعودية والبحرين،
والكلام الذي صدر عن القمة الخليجية
التشاورية في السعودية قبل يومين ضد
إيران، مؤشرا على استياء خليجي من
الغزل القائم بين طهران وواشنطن ومن
الخط الهاتفي الساخن الذي أقيم بين
العاصمتين. كيف لا يشعر الخليجيون بذلك
وقد جاءتهم الصدمة الاولى من الحليف
الاميركي الذي رفض الطلب السعودي
القطري بتسليح المعارضة السورية؟ قد يحصل انفراج في الملف النووي الايراني.
هذا مرجح، ولكنه قد لا يحصل أيضا. الأهم
أن ثمة تراجعا لافتا للانتباه من قبل
المحور الاميركي الغربي خصوصا ان بؤر
التوتر التي أسس لها من العراق الى
افغانستان صارت ترتد عليه وتؤثر على
ناخبيه وسط ازمة اقتصادية خانقة. في هذا الوقت بالذات، تنفجر طرابلس. ثمة
تنسيق أمني دقيق بين جهات رسمية
لبنانية وسورية وغربية تفيد بضرورة
وقف تمدد «القاعدة» والحركات السلفية
في المنطقة... سبق ذلك لقاءات أمنية بين
مسؤولين في لبنان وسوريا وبعض دول
الخليج (بما في ذلك السعودية نفسها
والأمير مقرن بن عبد العزيز يعرف ذلك
اكثر من غيره). كل ذلك يؤشر إلى بداية ضوء أخضر، ذلك ان
القادر على ضبط كل هذا التمدد معروف لا
بل ومجرب أيضا مهما كانت التصريحات
الدولية ضده. أما إذا كان المقصود نصب
فخ لسوريا و«حزب الله»، فإن الآتي أعظم. ================= ساطع نور الدين السفير 16-5-2012 فراغ القاعة وخواء المقاعد التي خصصتها
الجامعة العربية للمعارضين السوريين
في لقاء كان يفترض أن يجمعهم اليوم في
القاهرة، لن يمثل انتكاسة لمسار
التغيير في سوريا، ولا انحرافاً عنه.
الأرجح انه سيكون دفعاً جديداً نحو
المجهول السوري الذي لم تحن فرصة ظهوره
بعد. لم يكن إلغاء الاجتماع السوري المعارض في
مقر الجامعة مفاجئا أو حتى ملحوظا. كان
أشبه بترجمة شديدة الواقعية لحال
المعارضين السوريين الذين فتشت عنهم
شاشات التلفزيون في مستهل الانتفاضة
الشعبية، واختارتهم لتقديم وجهة نظر
غير رسمية بعدما ألقت عليهم صفات
تمثيلية ليست لهم، مستمدة من الماضي
الذي كان الشارع السوري ولا يزال يتحرك
ضد جميع مظاهره ورموزه الموالية
والمعارضة على حد سواء. لم يكن من المبالغة القول انه جرى اختراع
معارضة سورية تتحدث باسم ذلك الشارع
وباسم ثورة كان النظام ولا يزال حتى
اللحظة هو قائدها الفعلي ومصدر قوتها
واستمرارها، والثابت أنه سيبقى كذلك،
برغم كل المحاولات التي تجري لانتزاع
المبادرة والقيادة منه، والتي كان
اجتماع القاهرة اليوم يدخل في سياقها. لم يسبب إلغاء الاجتماع خيبة. كان من
الواضح أن المعارضين السوريين يختلفون
في ما بينهم أكثر مما يختلفون مع
النظام الذي يعارضونه، وذلك استنادا
الى تاريخ الحياة السياسية السورية
التي لم يتمكن حزب البعث من تعطيلها
قهرا أو عبثا طوال العقود الخمسة
الماضية. ثمة في التكوين السياسي
السوري ما بني على النزعة الفردية وعلى
الأساليب الفوقية في التعاطي مع
الجمهور وعلى الأفكار الخيالية في
توصيف الاجتماع السوري واقتراح الحلول
لمعضلاته. يضاف الى ذلك أن الاختراع المعارض لم يكن
مفترقا عن الشارع بفعل الزمن أو
المنفى، وما نتج منهما من شبهات وأسئلة
حول جميع الشخصيات المعارضة من دون
استثناء، بل أيضاً لأنه لم يُعثر على
لغة مشتركة مع الجمهور الذي كان ولا
يزال يتطلع الى تونس ومصر وليبيا
واليمن، ويستقي من تجارب هذه البلدان
ما ليس موجودا في أدبيات أي من الاحزاب
أو التيارات أو الرموز السياسية
المعارضة. فراغ مقر الجامعة اليوم، هو برهان أخير
على ان ما جرى اختراعه وتسويقه في
الشهور ال١٤ الماضية، استنفد
غرضه تماماً، ولم يعد يصلح حتى لتغطية
بعض مساحات البث التلفزيوني المباشر،
التي تراجعت فيها حصة المعارضين «التقليديين»
لمصلحة شبكة واسعة من «المراسلين»
الميدانيين الذين يغطون الوقائع
اليوم، لكنهم سينتقلون غداً الى
تحليلها ووضعها في مسارها السليم. لا أسف على انتهاء فترة صلاحية ذلك
الاختراع المعارض، الذي لا يمكن أحداً
أن ينكر أنه كان أحد أسباب بروز ظاهرتي
الانشقاق العسكري والإرهاب الإسلامي
وما تمثلانه من خطر على الاجتماع
السوري، وعلى التغيير الذي كان يرجى ان
يتم من دون حرب أهلية. ================= أمل عبد العزيز الهزاني الشرق الاوسط 16-5-2012 الكل يشعر بأن فوق رأسه علامة استفهام؛ هل
تفجيرات دمشق من صناعة النظام السوري
المتصدع أم هي أفعال تنظيم القاعدة؟
وهل هناك فرق بين الإرهاب الذي تنفذه
الأنظمة المعترف بها دوليا والتي
تمتلك سفارات منتشرة حول العالم وعلما
يرفرف أمام مبنى الأمم المتحدة،
وإرهاب المنظمات السرية المختبئة في
الكهوف والغابات والملاحقة دوليا؟ نظريا الإرهاب هو الإرهاب حتى لو ارتكبه
بان كي مون. إذا لم يسقط النظام السوري عاجلا لن يكون
إرهاب تنظيم القاعدة أسوأ مما سيحصل
للسوريين، «القاعدة» في الأساس لم تكن
غريبة على سوريا التي كانت محطة لعبور
أفواج من التنظيم من وإلى العراق، ولن
يكون من المستغرب أن يستعين بها النظام
لتخويف الغرب وابتزازه. سيكون تنظيم
القاعدة واحدا من الضيوف المدعوين،
ستتحول سوريا كلها إلى منظمة إرهابية،
ستصبح نقطة تجمع وانتشار للإرهاب،
وسيستوطنها أهل الجريمة والعصابات
الهاربة من العدالة فتصير كالصومال
واليمن وأفغانستان. النظام السوري وحلفاؤه يعرفون أن الوضع
في سوريا لن يعود كما كان، لن ترجع
الشرعية للأسد، ولا يستطيع أحد أن يعيد
عقارب الساعة إلى الوراء، ولن يجد بشار
الأسد دولة عربية أو إقليمية تحترم
القانون وحقوق الإنسان تعامله كرئيس.
عمليا انتهى دور بشار الأسد كرئيس
دولة، هو الآن رئيس فصيل يكسب يوما
ويخسر آخر أمام خصومه. هذا الوضع
الضبابي ليس سيئا بالنسبة لحليفته
الأكبر إيران كما تبدو الصورة، والتي
تطمع في أن تحقق من سوريا العليلة أكثر
مما حققته من سوريا المتعافية. الواقع
أن إيران ما دخلت قرية إلا وأفسدتها،
وحولتها إلى كائن مريض، فتخلخل قواها،
وتتسلل إلى عمقها الاجتماعي فتضعفها
وتمزقها، وهنا تحيا وتنتعش وتؤثر،
ويصبح لها بالنهاية اليد العليا على
أبناء الدولة نفسها. إيران تريد من سوريا أن تكون شوكة أخرى في
الخاصرة العربية، منقوصة السيادة كما
فعلت بلبنان، ومعقلا لتسمين
الإرهابيين كما في اليمن، وغرفة توليد
لخلايا نائمة لاستخدامها وقت الحاجة
كما في البحرين، وورقة لابتزاز أميركا
والغرب كما هو حال العراق. سيكون من
دواعي سرور النظام الإيراني أن يضيف
سوريا إلى قائمته. الغرب مشغول بمراقبة خطوات طهران في
رحلتها نحو بوابة التسلح النووي، وهو
يراها في كل خطوة تخطيها في هذا
الاتجاه تزرع ألغاما في كل مكان. فما
قيمة بوابة النووي إن تحولت كل المنطقة
إلى مواقع قابلة للانفجار؟ لن يكون
هناك خط رجعة لأحد، لا لإيران ولا
لغيرها. إيران تخادع العالم بملفها النووي وتمارس
المراوغة منذ عام 2005 وقت اكتشاف بنائها
لمفاعلات نووية. كلما حاصرها الغرب
بسبب مستوى تخصيب اليورانيوم أشعلت
بغداد بالعنف، كلما صرح الأميركيون
بأن إيران بعيدة عن امتلاك القوة
النووية سارعت بإعلان تركيبها لمزيد
من أجهزة الطرد المركزي، كلما أذيع خبر
صفقات تسليح لدول الخليج مع أميركا أو
أوروبا عمدت إيران إلى إطلاق صاروخ
روسي الصنع إيراني الاسم قادر على حمل
رؤوس نووية. لقد خسرت المنطقة من
التفاوض مع إيران في ملفها النووي أكثر
من خسارتها لو أصبح لكل دولة في
المنطقة درعها النووية الخاصة. ظنت الولايات المتحدة ودول الاتحاد
الأوروبي أن إيران تشاغب في المنطقة
العربية لتقوي موقفها على طاولة
المفاوضات بشأن نشاطها النووي، في حين
أن العكس هو الصحيح، أي أنها تساوم على
ملفها النووي من أجل فرض مشاريعها
التوسعية في الدول العربية. السوريون يذبحون كل يوم أمام المجتمع
الدولي على يد شبيحة النظام السوري
والحرس الثوري الإيراني، والولايات
المتحدة الأميركية - الملوم الأول -
تلاحق البنوك الإيرانية ورجال الأعمال
السوريين المحسوبين على النظام
بالتضييق عليهم وتجميد أرصدتهم! منذ
اندلاع الثورة السورية، دعا الرئيس
الأميركي باراك أوباما، بشار الأسد
للتنحي أكثر من عشر مرات، وكذلك فعلت
وزيرة خارجيته، ومندوبته في الأمم
المتحدة. الأميركيون يتعاملون مع
شخصية إرهابية مثل الأسد بالنداءات
والمناشدة. أميركا بسياستها الناعمة
وانحيازها للرغبة الإسرائيلية
بالإبقاء على نظام الأسد ستدفع الثمن
غاليا. والديمقراطيون الذين يعايرون
الجمهوريين بالعراق وأفغانستان
ارتكبوا إثما أكبر بتراخيهم في القضية
السورية. كل دول الجوار لن يأمنوا
بالنوم بجانب سوريا التي تريدها إيران.
حتى العراق الذي يعيش اليوم فترة نقاهة
من عنف دام عشر سنوات عليه أن يتذكر أنه
كان يحذر سوريا آنذاك بأن لا تكون محطة
عبور لفلول «القاعدة» التي كانت
تستهدف حياة العراقيين. أبدا، لن تسلم اليد التي تعبث بنار
الإرهاب. إن التعجيل بإسقاط نظام الأسد ليس فقط
انتصارا إنسانيا للشعب السوري المغلوب
والمقهور الذي يستصرخ كل يوم، ولا
تحقيقا لمبادئ القانون الدولي الذي
يسعى للعدالة والسلام، بل هو ضرورة
استراتيجية لاستقرار وأمن المنطقة
والعالم. ================= أكرم البني الشرق الاوسط 16-5-2012 ثمة وجهتا نظر تتبلوران في الأوساط
الثقافية والسياسية السورية تجاه
تواتر المخاوف والتحذيرات من اندفاع
الأمور إلى حرب أهلية في حال فشل خطة
كوفي أنان. وجهة النظر الأولى لا تعطي أهمية لهذه
التخوفات وتعتبر أن عناصر الحرب
الأهلية وحوافز اندلاعها غير متوافرة
في البلاد. وإذ يعترف أصحابها بتصاعد
بعض وجوه العنف المضاد وما يخلفه من
أذى اجتماعي وإنساني في بعض مناطق
التوتر والاحتقان، فإن الأمور لن تصل،
في رأيهم، إلى صورة الحرب الأهلية،
مستندين عموما إلى أن انفلات الوضع
وحصول فوضى أمنية شاملة في سوريا، أمر
مرفوض عند غالبية الأطراف العربية
والدولية لأنه سيكون مكلفا ومؤثرا على
الاستقرار السياسي في المنطقة وفي دول
الجوار، ومستندين خصوصا إلى وعي متأصل
لدى السوريين بمخاطر ذلك على وطنهم
ومستقبلهم، وإلى ذاكرتهم المشبعة بصور
المآسي والآلام التي تكبدها الشعبان
اللبناني والعراقي وأخيرا الليبي جراء
الاقتتال الأهلي، وإلى أن المجتمع
السوري لا يملك رصيدا تاريخيا من
الأحقاد والمواجهات الحادة بين
مكوناته يستحق التوظيف والاستثمار،
وأن البنية النفسية للشعب السوري تميل
عموما نحو التوافق والتسامح والتعايش،
في ظل تداخل جغرافي مذهل بين مكوناته
المختلفة؛ العرقية والدينية
والمذهبية، وندرة وجود معازل أو أماكن
تحسب على طرف دون آخر.. ومستندين أيضا
إلى حساسية السوريين المتميزة تجاه
المسألة الوطنية واشتراكهم تاريخيا في
بناء دولة عمومية جامعة نأت، على الرغم
مما شاب سلطتها من تشوهات، عن المحاصصة
الفئوية المتخلفة، وإلى أن القوى
السياسية السورية على اختلاف
آيديولوجياتها واجتهاداتها، ذات
منابت متنوعة، وأن النظام ذاته لا
يعتمد فقط على جماعة منفردة تعضده
وتدعمه، وكذلك المتظاهرون والمحتجون
لا ينتمون إلى جماعة واحدة، والدليل أن
الثورة السورية تنطوي على تنوع
وتعددية لافتين؛ فإلى جانب العرب
والأكراد، هناك مشاركات متفاوتة تبعا
لكل منطقة من مختلف الطوائف والمذاهب،
والأهم أنه تغلب على هتافات المحتجين
الشعارات المناهضة للطائفية وإعلاء
قيم المواطنة وأسس العيش المشترك. وجهة النظر الثانية، تتفهم هذه التحذيرات
والتخوفات، لكنها تضع كامل المسؤولية
على عاتق أهل الحكم، وتتهمهم بأنهم
يسعون بصورة إرادية ومخططة لتوفير
شروط اندلاع حرب أهلية، بصفتها الخيار
الأخير الذي يمكن الرهان عليه
لإخراجهم من دوامة ما هم فيه. فالنظام
الذي يطلق آلته الأمنية والعسكرية على
مداها لتعمل قهرا وتنكيلا، ويرفض
الحلول السياسية ويصر على إنكار مطالب
الناس وإظهارهم أدوات تآمرية، ويشحن
الغرائز والانفعالات وردود الفعل
الثأرية، هو الذي يخلق فرصة نشوب الحرب
الأهلية، بل إن هذا النوع من الأنظمة
لن يتوانى عن جر البلاد كلها إلى
الخراب من أجل استمرار امتيازاته
وبقائه في السلطة، يعزز ذلك شخصيات
فاسدة لا مخرج لها سوى التعويل على
فوضى الاقتتال الأهلي كي تخلط الأوراق
وتضيع الحدود لتنجح في الإفلات من
المحاسبة! ثمة مستجدات حصلت في المشهد
السوري استند إليها كل من حذر وتخوف من
احتمال ذهاب البلاد إلى نزاع أهلي،
أهمها تواتر الانشقاقات داخل القوى
العسكرية، ولجوء بعض الجماعات الأهلية
إلى السلاح بداية لحماية المتظاهرين
ثم للرد على محاولات اقتحام المناطق
والأحياء، وما رشح إلى الآن، أن ثمة
عمليات عنف مضاد قد حدثت، لا يخفف من
وطأتها أن تأتي ردا على شدة القمع
والتنكيل أو لاضطرار بعض المنشقين من
الجيش إلى استخدام سلاحهم دفاعا عن
أنفسهم وهربا من موت شبه محقق في حال
اعتقالهم، أو أن تبقى محلية الطابع
وتقتصر على أماكن محددة ردا على ما
تعرضت له من ترويع، أو لأنها لا تساوي
نقطة في بحر مشهد العنف الدامي الذي
تقوم به أجهزة السلطة وترك وراءه عشرات
الآلاف من الضحايا والمعتقلين
والمشردين، حيث إن هذه المستجدات تنذر
وللأسف، في حال استمرارها واتساعها،
بتقدم منطق الرد على العنف بمزيد من
العنف وتحويل لغة القوة إلى وسيلة
وحيدة تجب ما قبلها لتفلت الأمور
تدريجيا وتذهب نحو اقتتال أهلي سيأخذ
على الأرجح في الخصوصية السورية طابعا
متخلفا ودون المستوى السياسي! ويضيف أصحاب هذا الرأي أن هذه المخاوف ما
كانت لتظهر وتتنامى لولا ضعف وتباطؤ
ردود فعل الدول العربية والغربية في
معالجة ما آلت إليه الأوضاع في البلاد،
التي منحت النظام المهلة تلو المهلة
وتأخرت كثيرا في إعلان موقف حاسم منه!
وأيضا لولا استمرار الموقف السلبي أو
المتردد لقطاعات مهمة من المجتمع
السوري، لا تزال خائفة لأسباب عديدة
ومحجمة عن الانخراط في عملية التغيير
وتستسلم لتشويش ومبالغات مغرضة في
قراءة أحوال الثورة الناهضة ومآلها! لم يخل تاريخ المجتمعات البشرية من
الحروب الأهلية بما فيها أرقاها اليوم
وأكثرها ديمقراطية قبل أن تكتشف أن
طريق الاقتتال والإقصاء ورفض الآخر هي
طريق لا أفق لها، مليئة بالآلام
ومدمرة، فالحرب الأهلية تعني،
وببساطة، اقتتالا يصل إلى حد
الاستئصال والإفناء بين جماعات مختلفة
من الناس في البلد الواحد، ودوافعها
متنوعة؛ منها القومية ومنها الطائفية
أو المذهبية ومنها القبلية، وغالبا
مزيج من كل ذلك.. وتنشب ما إن تعجز
الوسائل السياسية والسلمية عن معالجة
أسباب الخلافات ربطا بإصرار أطرافها
أو أحدهم على الأقل على منطق القوة
والعنف والغلبة طلبا للحسم.. وطبعا
كلما اشتد أوار الحرب الأهلية، اتضحت
التخندقات وجر المجتمع جرا نحو مسار
خطير جوهره العمل على التفكيك
التدريجي لمقومات الحياة المشتركة
وتحطيم معايير المصلحة الوطنية
الجامعة، لتصل بفظاعتها وبما تكرسه من
البغضاء وباستباحتها أبسط القوانين
والأعراف الإنسانية، إلى تدمير
المجتمع ومستقبل أطفال أبرياء كانوا
ينتظرون من آبائهم المتقاتلين وعدا
وأملا بغد أفضل! ================= ميشيل كيلو الشرق الاوسط 16-5-2012 في تبرير فشل انتخابات مجالس الإدارة
المحلية، التي جرت قبل أكثر من أربعة
أشهر، قال الرئيس بشار الأسد إن الوضع
الأمني الذي فرضته «العصابات المسلحة»
على البلاد منع المواطنين من القدوم
إلى مراكز الاستفتاء. في وصفه لواقع
الحال آنذاك، تحدث مهندس الحل الأمني
عن طرق دولية مقطوعة ومدارس منسوفة،
وخطوط توتر عال مدمرة، ومراكز حزبية
مخربة... إلخ. واليوم، وبعد مرور هذه
الفترة غير القصيرة على تلك الأيام،
وبعد تزايد انتشار السلاح وأعداد
المسلحين، وازدياد جسم الجيش السوري
الحر صلابة ومناعة، بعد أن نجح على
مدار أكثر من شهرين في احتواء هجمة
ضارية شنتها بمختلف صنوف الأسلحة قوات
متفوقة كثيرا عليه، هل يعقل أن تتم
انتخابات تشريعية في سوريا، التي خرج
قسم لا بأس بمساحته من أرضها، وعدد لا
بأس بضخامته من شعبها، على السلطة،
وصار عمليا خارج قبضتها أو سيطرتها؟
أطرح هذا السؤال على صعيد إجرائي صرف:
أين مثلا ستتم الانتخابات في مدينة
حمص، التي دمر ثلثاها، وهجرها معظم
شعبها، وتحولت إلى مدينة خراب وأشباح
وقتل؟ أم أن الانتخابات لا تحتاج إلى
الهدوء والأمان، وقبل كل شيء الحرية
المفقودة تماما اليوم في سوريا بدلالة
المعارك اليومية التي تتم في مراكز
مدينة دمشق، التي لطالما تغنى النظام
بخلوها من المظاهرات، لكنه يجد نفسه
الآن مجبرا على الإقرار بامتلائها
بالسلاح والانفجارات والمسلحين! وأين
سيتم في بلاد يبلغ عدد الملاحقين من
خيرة شبابها وشاباتها قرابة مائة ألف،
وعدد قتلاها وجرحاها عشرات الآلاف،
ومفقوديها نحو سبعين ألفا، ومن دخلوا
السجون وخرجوا منها قرابة نصف مليون
مواطن؟ ثم من هم الذين سينتخبون، إن
كان عدد من تطولهم يد الأمن وبنادقه
على هذا القدر المخيف من الضخامة، وكان
استهدافهم يعني استهداف أفراد أسرهم
وأقاربهم، الذين يؤخذون رهائن إلى أن
يسلم الملاحقون والمطلوبون أنفسهم،
وهم بدورهم عشرات آلاف النساء والرجال
والأطفال، الموزعين إلى أركان الأرض
السورية الأربعة، التي يتسع فيها حجم
التمرد والثورة، وينتشر الجيش والأمن
في كل مكان منها؟ وهل توجد بعد في إدلب
وريفها، ودير الزور وريفها، وحمص
وريفها، وحماه وريفها، ودرعا وريفها،
ودمشق وريفها، والرقة وريفها، والحسكة
وريفها، وحلب المنتفضة وريفها، مبان
تصلح لأن تستخدم مراكز انتخاب أو
اقتراع أو استفتاء؟ ومن الذي سيخاطر
بحياته ويذهب لانتخاب شخص يعلم علم
اليقين أنه سيكون «رجل كرسي»، كما
يسميه السوريون بسخرية، «لا خير فيه،
لا يقدم ولا يؤخر، وليس له رأي ولا
يستشار في شيء»، بل هو «كمالة عدد»،
كما يقال، لذلك لن ينال ذرة احترام أو
تعاطف في الشارع، لمجرد أنه رشح نفسه
في الظروف الحالية، التي لم يعد أحد
يجادل في أنها ظروف نشأت عن عقلية «أحكمكم
أو أقتلكم»، التي ليست بحاجة إليه أو
إلى أمثاله لستر حقيقة نواياها
ومواقفها من الشعب، بعد أربعة عشر شهرا
من سفك الدماء في كل مكان! هل يخاطر السوري بحياته كي ينتخب شخصا يكن
له الاحتقار، يخدم نظاما يكرهه، ويعلم
أنه سيؤدي دورا معاديا له يسهم في
اضطهاده وإذلاله وإفقاره، رسمته أجهزة
أمنية تطلق النار عليه؟ يقتصر دوره
كمواطن على منحه صوته لا لكي ينتخبه،
بل ليثبت تعيينه الأمني في مجلس هتافين
شتامين لم يقل إلى اللحظة حرفا واحدا
ولم يفعل أي شيء خلال نيف وأربعين عاما
لصالح الشعب، ولم يدافع، ولو مرة واحدة
عنه، مجلس لم يكن له بل عليه، ولم يشعر
غير عدد قليل جدا من أعضائه بالإحراج،
ولم يقولوا شيئا ضد ما يتعرضون له من
تهميش، ويرتكب باسمهم من مجازر صارخة
تستمر منذ أربعة عشر شهرا دون توقف أو
هدنة! ثم، ما الخدمات التي قدمها هؤلاء
للشعب خلال السنوات الأربعين الماضية،
ومن شأنها أن تجعل المواطن يخاطر
بحياته كي ينتخبهم من جديد، علما بأنه
قد يقتل على حاجز أمني، أو يعتقل وهو
خارج من قريته أو مدينته المحاصرة أو
داخل إليها، وأنه سيخضع لمختلف صنوف
الإذلال في طريقي الذهاب والإياب؟ وهل
ينتخب مواطن يموت من أجل حريته شخصا
يعاديها ويقف إلى جانب من سلبوه إياها،
ويتصدون له بالسلاح كي لا ينجح في
استعادتها منهم بالذات؟ يريد السوريون برلمانا يقوم على أنقاض ما
يسمونه «مجلس الشعب»، والشعب منه براء.
يريد الشعب برلمانا يدخله أناس ينتمون
إليه، يدافعون عن مصالحه ضد السلطة ولا
يقفون مع السلطة ضده، يستطيع تغييرهم
بإرادته الحرة ولا يُفرضون عليه من
الأجهزة الأمنية لأنه بلا إرادة. ويريد
السوريون برلمانا يكون جزءا من نسيج
وطني وليس مجلس شعب هو فرع من فروع
السلطة التي تعين أعضاءه وتوجهه وتشرف
عليه وتعاقب من يشق عصا الطاعة من
أعضائه أو ينتقدها، مثلما فعلت في
الماضي مع نائبين معروفين. إلى أن يقوم هذا البرلمان بعد انتصار
الثورة التي ستأتي به، لن ينتخب أحد أو
يخاطر بنفسه وبسمعته من أجل ممثلي
أجهزة سيمضون أربعة أعوام في مكان لا
يستحقون الدخول إليه، ارتبط في وعي
السوريين بالحرية ومقاومة الطغاة، هو
مبنى البرلمان، الذي وقف إلى جانب
الشعب، وأرغمت مواقفه الفرنسيين على
قصفه وقتل حراسه الثلاثين، مثل مفخرة
من مفاخر الشعب السوري قبل أن يصير قبة
يتجمع تحتها هتافون باعوا ضمائرهم، لا
هدف لهم في هذه الحياة الدنيا غير كسب
رضا من اشتراهم بأبخس الأثمان! ليس لانتخابات مجلس الشعب غير معنى وحيد
يحاول النظام التستر عليه: هو تصميمه
على أن لا يغير أي شيء، وعلى رفض تطبيق
أي إصلاح، بما في ذلك ما أعلنه هو نفسه.
هنا، وليس في أي شيء آخر، تكمن دلالة
الانتخابات البائسة، التي ستبين مرة
أخرى حقيقة موقف الشعب من النظام،
وحقيقة النظام التي لم يعد بمستطاع أي
ورقة توت ستر عوراته المفضوحة! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |