ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سلامة
كيلة: الحقيقة عندما تصفع منكريها بقلم:
عدلي صادق امين 21-5-2012
يُهدي
سلامة كيلة، الفلسطيني المسيحي ابن
بير زيت، جرعة من المعرفة والتثقيف،
للمتفوهين بسخيف الكلام القومجي
والمتلطي باليسار، عن ممانعة النظام
السوري و"مظلوميته" ومواجهته ل
"مؤامرة مدعومة من الإمبرالية".
فالرجل باحث في شؤون التعبيرات
الراهنة عن الايديولوجيا الماركسية
وفي قضايا الثورة والتنظيم والأمة
والإمبريالية، وقد عايش أحوال سورية.
ظل يغمس قلمه في معاناة الناس ويكتب،
وهو يعرف كيمياء المجتمع وخواطر
البسطاء وهواجس شباب سورية وكوابيسهم..! في
لقائه أمس مع "الجزيرة" كانت
الحقيقة تصفع منكريها. فلم ينقل سلامة
الصورة والحكاية عن آخرين. هو يروي
بنفسه ماذا حدث له، وماذا رأى بأم
عينه، وماذا سمعت أذناه، ومن لا يصدق
فليتفحص جسده وجراحه. وربما يكون حديث
سلامة، نذيراً وناقوساً ينبه الأنفار
التافهين الأرزقيين من الفلسطينيين،
ومن الأتباع المارقين الممسوكين ب "مماسك"
شائنة، الذين يخشون النظام، فيُظهرون
التعاطف معه، دونما أدنى اعتبار لدم
الناس، ولا لوقائع القتل الإجرامي
المروّع. فالرجل يروي من عمق الحياة
اليومية الراهنة للسوريين، ماذا يفعل
النظام الوراثي الفاسد، الذي يُهين
الدولة والشعب ويزهق أرواح الأطفال.
ولكي يعلم أزلامه الفلسطينيون، حقيقة
فلسطين وشعبها في وعي النظام العفن؛
فليستمعوا الى سلامة كيلة، وهو يروي
ماذا أسمعه الشبيحة من رجال الأمن: "أنتم
الفلسطينيون خونة، بعتم أرضكم،
وتطعنون السيد الرئيس الدكتور بشار
الأسد في ظهره، وهو صاحب الفضل عليكم"..! هذه
الجزئية السفيهة، المستدعاة من قاموس
الدسائس الصهيونية، أنزلها الجلاوزة
على رأس سلامة كيلة، بينما
الفلسطينيون يلتزمون الحياد على
الأغلب، وهناك قلة منهم تقف مع النظام
الفاجر. وفي التحليل النفسي البسيط،
لسبب مثل هذا التجني المُرسل، على شعب
فلسطين المناضل، يتبدى لنا كيف أن هذا
النظام يتحسب من الفلسطينيين ويراهم
خطراً عليه بما يمثلون، حتى وإن لم
يتعرضوا له بأي أذى وإن لم يشاركوا مع
إخوتهم السوريين في أية فعاليات، على
طريق الحرية! لا
فائدة إذن، من مجاملة النظام السوري
الآيل للسقوط، لأن المجامل الفلسطيني
عنده ليس إلا صنو المُخاصم. وهذا أمر
متوقع، من نظام يأخذ الناس بالجملة،
الى جحيم ما زال يصنعه. ولو كان بمقدوره
أن يُطيل ذيله، وأن يوسع جحيمه
المتضائل، الذي يقع الآن تحت حصار
الشعب؛ لأحرق الناس في الإقليم، مثلما
جاء في التهديد الصريح، الذي أطلقه
الفتية الحاكمون، في بداية الثورة،
وقالوا إن بمقدورهم إحراق المنطقة! رأى
سلامة بأم عينه، وسمع بأذنيه، كيف
تتحول المشافي الى مسالخ لأجساد الناس.
نقل صوراً ولقطات، يخجل منها
الظلاميون العتاة القساة، في العصور
الوسطى، لأن أولئك الظلاميين، على
قسوتهم وجنونهم، احترموا الحد الأدنى
من إنسانيتهم، فلم يقيدوا المريض على
سرير الاستشفاء، من يديه وقدميه، لكي
يثخنوا جسده بجراح جديدة، بدلاً من
معالجته، ثم ولم يتركوه يتغوط في سرير،
في غرفة تزدحم بأسرّة متلاصقة، وتضج
بالأنين المتعالي، وتختنق بروائح
الغائط! قيل
لسلامة كيلة، إن هناك يساريين
وقوميين، يؤيدون النظام. يجيب بلغة
باحث: هؤلاء ذوو وعي سطحي وشكلي،
يقتاتون على أوهام الماضي. هم يرون
الشعب ولا يعرفونه، ولا ينغمسون في
المجتمع. هؤلا عزلوا أنفسهم عن الواقع،
ولا علم لديهم بالتحولات في بُنية
النظام! كان
سلامه كيله في حديثه، مهذباً، إذ لم
يُعزي أسباب انحياز القلة من ناشطي
التلفزة السورية والإيرانية،
الماكثين في دمشق وعمّان، الى حقائقها
الوضيعة. قال إن السبب هو مجرد الجهل
بالواقع وبالتحولات، ويشرح قائلاً ما
معناه، إن الوسيلة الوحيدة، لأن يحافظ
النظام المستبد على نفسه، كانت تكمن في
عملية تشكيل لبُنيته، لكي يظل مرتبطاً
بالإمبريالية، مع الحصول على تصريح،
بممارسة لفظية، لخلافات هامشية أو
شكلية معها. ولم يكن حديث الأمريكيين
عن وجود "القاعدة" وعن الطابع
الإسلامي المتشدد للثورة، إلا لتثبيت
موقف الروس والصينيين المجافي للثورة،
وموقف الإدارة الأمريكية التي تعترض
على القتل اليومي لفظياً، وتدفع
الأمور الى يأس الشعب السوري
بالممارسة، وتخويفه من الحرب الأهلية. سلامة
كيلة يؤكد بمنطق المحلل الماركسي، على
أن الثورة السورية، هي ثورة شعبية ذات
طابع ديمقراطي طبقي، وقد عقدت العزم
على إسقاط نظام فاسد يلتهم مقدرات
المجتمع، ويتدخل بفظاظة في الشؤون
الخاصة للمواطنين، ويبطش بهم، ويسد
الأفق في وجه الأجيال، ويتمادى في
إفقار المواطنين! من أجل
تحرير فلسطين، يجب إسقاط النظام. هكذا
قال سلامة كيلة وتلك كانت تهمته. هو
يشرح ويقول: تحرير فلسطين يرتبط بكُلية
الوضع العربي، وإسرائيل مرتكز عسكري
للسيطرة على المنطقة، لذا فإن
مقاومتها لن تتاح للأمة قبل أن تتحرر
هذه الأمة وتنعتق من قيود الاستبداد
والمهانة. وهذا النمط من الأنظمة
الكذوبة المتورطة مع كل الآثام، يعزز
قوة إسرائيل ويضمن استقرارها، حتى حين
تضربه بين فترة وأخرى. وفعلاً، أصاب
الرجل فيما يقول، لأن هؤلاء "المؤدبين"
مع إسرائيل، والذين لا يزيد جوابهم
كلما صفعتهم، عن أنهم يحتفظون ب "حق
الرد في الزمان والمكان المناسبيْن"؛
ليسوا إلا العائق الموضوعي في وجه
إرادة الأمة! إن ما
يطرحه سلامة كيلة من آراء في الموضوع
السوري، والحقائق التي يضعها أمام
القلة السخيفة الممالئة للنظام، هي
بمثابة إعلان عن عفونة ولا صلاحية
القشرة التي ما زالت تسعى لتغطية وقائع
الحدث السوري، بثرثرات فارغة، أو
تحاول رتق الفتق الكبير الفاضح، في
نسيج رواية النظام. إنها قلة لا ترى ولا
تقتنع بأن الفتق قد اتسع على الراتق..! *
الكاتب يشغل منصب سفير فلسطين في
الهند ================= 2012-05-21 الوطن
السعودية أثارت
الرسالة التي بعث بها المندوب السوري
في الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون
باعتبار لبنان حاضنا لتنظيم القاعدة،
علامات استفهام كثيرة لم تستطع
الحكومة اللبنانية أن تستوعبها رغم
العلاقة القائمة بين حكومة لبنان
والنظام السوري. فمثل هذا الاتهام وضع
الحكومة في موقف حرج ليس أمام المجتمع
الدولي فحسب، وإنما أمام الشعب
اللبناني، بعد أن نفت في مناسبات سابقة
مثل هذه التهم التي خرجت من النظام
السوري وبعض النافخين في بوقه من أطراف
لبنانية. كانت
المذكرة، تقتضي من وزير الخارجية
اللبناني، عدنان منصور بعد أن اعتبرها
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تأجيجا
للخلافات المستعرة بين اللبنانيين على
خلفية ما يجري في سورية، استدعاء
السفير السوري في لبنان وإبلاغه موقفا
رافضا لها، ولكن الوزير فضل "النأي"
بالنفس على طريقة حكومته، وترك للشارع
أن يجيب عنه، وفي ذلك سياسة سورية
ذكية، هدفها إلهاء الساحة اللبنانية
بما يبعد الضوء عما يجري في الساحة
السورية. إن
محاولات نقل التوتر من منطقة إلى منطقة
في لبنان، لم تعد خافية على أحد، وعلى
الحريصين على السلم اللبناني وضع
النقاط على الحروف، وعدم الانجرار إلى
ما يشتهيه أنصار النظام السوري في
لبنان، وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء
السابق رئيس تيار المستقبل سعد
الحريري على خلفية أحداث طرابلس
الأخيرة، عندما سارعت بعض القوى حرصا
على وجودها إلى حمل السلاح للدفاع عن
نفسها، بمواجهة سياسة التهميش التي
عاشتها منذ عشرات السنين. الصوت
العاقل الذي أطلقه الحريري، كان على
الأطراف الأخرى في السلطة البناء
عليه، وليس اعتباره منطق ضعف،
فالحريري الذي كان شعاره الولوج إلى
الدولة، لا يختلف معه أحد، إلا الساعون
إلى بسط سلطتهم على الدولة. يكفي
لبنان ما عاناه من جراء النظام السوري
طيلة ثلاثة عقود، ونقول للجعفري لو صمت
كان أفضل. ================= الإسلاميون
والعلمنة وضرورات الصراع محمد
زاهد جول* الحياة السبت
١٢ مايو ٢٠١٢ كثيرة
هي الثنائيات الفكرية والمصطلحات
الثقافية التي دخلت مدونات النظريات
النهضوية خلال القرن العشرين الماضي
وحتى تاريخ انطلاق ثورات الربيع
العربي عام 2011، وقد شاركت كافة أطياف
التفاعل الفكري في إبداع هذه
المصطلحات وهي تضع أفكارها ونظرياتها
في بيان مشروعها النهضوي لعدة عقود،
سواء كانت مشاريع نهضوية يسارية أو
إسلامية أو غيرها، من هذه الثنائيات:
التقدمية والرجعية، والتراثية
والمعاصرة، والعلم والدين، والعقل
والوحي، والحداثة والتحديث، والدولة
الدينية والدولة العلمانية والدولة
المدنية، وأحزاب دينية وأحزاب علمانية
وأحزاب ليبرالية، وحركات محافظة
وحركات إصلاحية مقابلة، وهكذا. وسواء
كانت هذه الثنائيات حقيقية أو وهمية
كما وصفها بعض المفكرين، فإنها بقيت في
دائرة الاختلاف النظري لعقود طويلة،
ولم تدخل في دائرة الصراع المباشر بين
دعاتها، ومن دون أن يتأثر بها الشارع
العربي العادي، أي غير المنخرط بالهم
النهضوي، ويمكن القول ان المواطن
العربي العادي لم يتأثر بها أو لم يشعر
بها إلا نادراً ، عندما قامت بعض
الأنظمة العربية العسكرية بتصفية
العديد من عناصر المعارضة السلمية
قتلاً أو إعداماً أو سجناً أو تشريداً
داخل البلاد وخارجها، كما حصل من مظالم
مجالس قيادة الثورة في مصر والعراق
والجزائر وسورية مع معارضيها في
خمسينات القرن الماضي وما بعدها، بحجة
أن المعارضة كانت قوى رجعية وضد
التقدمية والاشتراكية والدولة
البوليسية، سواء كانت معارضة إسلامية
أو معارضة يسارية أو ليبرالية أو غيرها. ولكن
الصراع لم ينزل إلى الشارع تحت هذه
العناوين والشعارات والمصطلحات
الفكرية النهضوية إلا بعد ثورات
الربيع العربي بدرجة ملفتة للنظر
ومقلقة في الوقت نفسه، فمنذ أن سقط بعض
العروش الاستبدادية في تونس مصر
وليبيا أخذت الجدالات الشعبية تواجه
بعضها البعض في الشارع في صورة تظاهرات
متناقضة، وتحمل شعارات النهضة السابقة
نفسها ولكن في مواجهة التيارات
الوطنية الفكرية الأخرى، وكأن معركة
النظريات الفكرية والتعبئة الثقافية
السابقة وجدت متنفساً لها في الساحة
السياسية العربية في المرحلة
الانتقالية لهذه الشعوب والدول
تحديداً، فمن قبل فوز الاسلاميين في
تونس ومصر وبعدها والحركات أو
التجمعات التي توصف بالعلمانية أو
الليبرالية وهي تعبّر عن مخاوفها من
وصول الإسلاميين إلى الحكم، وكأنها
ستدخل في ظلهم في مرحلة من الضيق
والعنت والشدة ما لا تحتمله أو شيئاً
أشد من ذلك أو غيره، من دون أن يكون
لديها دليل على تخوفها إلا الهواجس
التي تناقلتها وسائل إعلام الأنظمة
السابقة، والتي كانت من خلالها تخوف
الغرب من وصول الإسلاميين إلى السلطة
فيما لو تحولت دولهم إلى دول
ديمقراطية، فالأنظمة السابقة كانت
تبتز الدول الكبرى في حمايتها من
الحركات الإسلامية وتبرر استبدادها في
الحكم بحجة أن الإسلاميين سيكونون ضد
الديمقراطية وضد الغرب معاً، بل منهم
من كان أكثر إسفافاً فعبّر عن تخوفه
على أمن إسرائيل ومستقبلها إذا وصل
الإسلاميون إلى الحكم، وهذه حجج غريبة
طالما أن الواقع لم يصدقها، والأغرب من
ذلك أن تصدقها الدول الكبرى، ولكن ما
هو أشد من ذلك غرابة أن تصدقها أطياف من
الشعوب العربية، وكأنها لا تعرف من هم
الإسلاميون أيام المعارضة السابقة
وكيف يمكن أن يكونوا بعد استلامهم
للحكم في ظل أنظمة عربية لا يستطيع حزب
واحد أن ينفرد بالحكم فيها إطلاقاً،
وهذا ليس دفاعاً عن الحركات الإسلامية
ولا دعوة إلى إيصالها إلى السلطة،
وإنما دعوة إلى عدم استباق الأمور بناء
على ظنون وتخمينات أو حظوظ مصلحية
وشخصية للبعض. ونقول
ذلك معتمدين على تجربة مشابهة ومماثلة
وقعت في تركيا، فمنذ عقود والحكومات
التركية في ظل الدكتاتورية العسكرية
السابقة وهي تنقض على الأحزاب
الإسلامية وحكوماتها البرلمانية
وتنقلب عليها عسكرياً بحجة حمايتها
للعلمانية وتخوفها من وصول الأحزاب
السياسية الإسلامية إلى السلطة،
وإرجاع البلاد إلى عقود أو قرون خالية
بحسب مزاعمهم، وكانت وسائل الإعلام
الغربية والإسرائيلية تكرر هذه
المزاعم والمخاوف في كل نشراتها
الإخبارية وتقاريرها الإعلامية،
ولكنها وبعد ثلاثة انتخابات برلمانية
وثلاث حكومات متوالية لحزب العدالة
ولتنمية لم يثبت شيء مما كانوا يشيعونه
ويدعونه عما سيحصل في تركيا من تراجع
في العلمانية والديمقراطية والحداثة،
وها هي تركيا بعد عقد كامل من حكم حزب
العدالة والتنمية وهي في حالة ثقة
متبادلة بين الحكومة مع الشعب التركي
بأكمله، ولا يزال حزب العدالة
والتنمية يحافظ على مكتسبات المرحلة
السابقة الإيجابية، أي تمسكها
بالدستور والقانون. ورغم
ما تعرضت له الأحزاب الإسلامية من ظلم
في المرحلة السابقة إلا أنها لم تنتقم
لنفسها بعد وصولها إلى السلطة، وإنما
قدمت من يستحق إلى العدالة والمحكمة
لأنه تجاوز على حقوق الشعب وصادر حقه
الانتخابي، وليس لأنه حل هذا الحزب أو
ذاك، فالانقلابات التركية العسكرية لم
تكن تنتقص من حقوق الأحزاب التركية
الاسلامية فقط، وإنما كانت تنتقص من
حقوق كافة المواطنين الأتراك عندما
كانت تصادر حريتهم في اختيار من يريدون
في البرلمان أو الحكومة أو في الرئاسة،
فالديموقراطية الانتخابية هي صاحبة
الحق في تقديم أعضاء البرلمان
والحكومة والرئاسة بغض النظر عن
توجهاتهم الفكرية ومعتقداتهم
الدينية، وليس المخاوف ولا التوجسات
ولا دعاوى المحافظة على العلمانية ولا
دعوى حماية الدولة من هذا الحزب أو
ذاك، فمن يحمي العلمانية أو حقوق
الموطنين هي الحكومة المنتخبة وتمسكها
بالقانون والعدالة، ولا تتم حماية
العلمانية بمنع حزب معين من الوصول إلى
السلطة طالما أن انتخابه كان قانونياً
ودستورياً، والحفاظ على سلامة الوطن
لا تتم بمهاجمة الأحزاب الإسلامية ولا
الشخصيات السياسية المتدينة، فهذه
نظرة ثبت خطؤها في تركيا بالوجه القاطع
والمطلق، فبعد ثلاث انتخابات برلمانية
فاز فيها الإسلاميون وشكلوا ثلاث
حكومات متوالية، بل وفازوا أيضاً في
رئاسة الجمهورية التركية أيضاً، لم
تنقلب تركيا إلى الوراء ولم يحدث فيها
تراجع عن الحداثة ولا تخلياً عن
العلمانية، بل حصل فيها انسجام كبير
بين الشعب والبرلمان والحكومة
والرئاسة لم تعرفه تركيا في القرن
الماضي اطلاقاً، بل قامت بين الحكومة
والشعب علاقة متينة، وثقة بالغة،
وقناعة تامة بجدوى الديمقراطية
فعلياً، وهو ما أدى إلى نجاح كبير في
عمل الحكومة وانجازاتها الاجتماعية
والاقتصادية والسياسية الداخلية
والخارجية. ونؤكد
القول مرة أخرى أننا لا نقف في هذا
المقال إلى جانب طرف ضد آخر، وإنما إلى
تمسك الجميع بالخيار الديموقراطي،
وعدم اتخاذ القرارات على التكهنات أو
الظنون أو المخاوف التي روّجها النظام
السابق، ولا شك أن كافة قوى الثورة
العربية التي أطاحت بالعروش السابقة
قادرة على التفاهم وبناء الثقة مع
بعضها، وعلى تبادل السلطة بالاحتكام
إلى صناديق الاقتراع، فالجميع اكتوى
سابقاً من نار الاستبداد والظلم
والفساد، وعدم تمكين من ينتخبهم الشعب
من ممارسة صلاحياتهم الدستورية سيدخل
البلاد في توهة هي أشد ضرراً من
المرحلة السابقة، وهذه لا يتمناها
أبناء الوطن المخلصون، وإنما مما
تتمناه القوى المعادية للوطن سواء
كانت من الداخل أو من الخارج، وسواء
كانت قوى محلية أو أجنبية. *
كاتب تركي ================ سوريا:
أكثر مما نعتقد وأقلّ مما يُعتقد! خيرالله
خيرالله المستقبل
21-5-2012 من
الواضح ان النظام السوري يحاول تصوير
ان معركته مع "القاعدة"، في حين
انها مع الشعب السوري. لا يدرك ان ما
يقوم به من مناورات بائسة لم يعد ينطلي
على احد. من هذا المنطلق، نرى محاولات
يبذلها من اجل الاستفادة من التفجيرين
الاخيرين في دمشق وهما، اضافة الى
تفجير حلب، عمل ارهابي ذهب ضحيته عدد
كبير من المواطنين. يشكل
تفجيرا دمشق ثم تفجير حلب، نقطة تحوّل
في الازمة التي يمرّ بها هذا البلد
العربي المهمّ منذ نحو اربعة عشر شهرا.
لماذا تشكل هذه الانفجارات، وهي ليست
الاولى من نوعها في سوريا نقطة تحوّل؟ الجواب
انه اذا تبيّن ان النظام وراء
التفجيرين، يكون فقد مبرّر وجوده،
نظرا الى ان مهمّة اي نظام حكم في
العالم حماية الشعب اوّلا وخدمة
مصالحه. اللهمّ الا اذا كان هذا
النظام، الذي هو نتاج انقلاب عسكري،
نفّذ قبل تسعة واربعين عاما، يستمّد
شرعيته من قدرته على قمع الشعب واذلاله
الى ما لا نهاية. لنفترض
ان لا علاقة للنظام بالتفجيرات
الاخيرة. اذا تبيّن ان تنظيم "القاعدة"
الارهابي قادر فعلا على اختراق دمشق
والوصول الى مكان قريب من موقع امني
مهّم وحسّاس، فهذا يعني في اقلّ تقدير
ان هناك ما يشير الى ان العمود الفقري
للنظام، المتمثل في السيطرة الامنية
على البلد، لم يعد موجودا. ما قيمة
النظام السوري، الذي ليس لديه ما
يصدّره للدول المجاورة سوى الامن،
بالمعنى السلبي للكلمة، عندما لا يعود
قادرا على التحكّم بالشوارع القريبة
من المواقع الامنية داخل دمشق نفسها او
في حلب؟ في
الحالين، هناك حال افلاس ليس بعده
افلاس. ما يؤكّد هذا الافلاس،
الرسالتان الموجهتان من النظام الى
مجلس الامن التابع للامم المتحدة والى
بان كي مون الامين العام للمنظمة
الدولية. ترفض الرسالتان الاعتراف
بالواقع المتمثّل في انّ هناك ثورة
شعبية في سوريا وان النظام الذي يواجه
هذه الثورة انتهى في اللحظة التي اعتقد
فيها كبار المسؤولين ان لا حل سوى
الحلّ الامني. لو كان الحلّ الامني
يشكّل مخرجا للنظام، لكان استطاع
استعادة السيطرة على حمص وحماة
والرستن ودرعا ودوما وادلب ودير الزور
وعشرات المدن والبلدات والقرى منذ
اشهر عدّة. لو كان
الحل الامني حلاّ لما كان النظام مضطرا
الى الاستعانة بمجلس الامن والامين
العام للامم المتحدة الذي لم يتوقف عن
دعوة كبار المسؤولين السوريين، على
رأسهم الرئيس بشّار الاسد الى اعتماد
لغة العقل ووقف المجازر التي يذهب
ضحيتها الابرياء الذين لا ذنب لهم سوى
المطالبة بالحرية والعدالة وحد ادنى
من الكرامة الانسانية. لعلّ
اخطر ما في الحدث السوري اعتقاد النظام
انه قادر على الاستمرار الى ما لا
نهاية في الحلّ الامني. تبيّن مع مرور
الوقت ان رقعة الثورة تتسع اكثر فاكثر
بشكل يومي. الدليل على ذلك ما يجري في
دمشق وحلب اكبر مدينتين سوريتين. صارت
دمشق وحلب في قلب الثورة وباتتا
تشكّلان دليلا واضحا على ان الشعب
السوري باكثريته الساحقة يرفض نظاما
لا يؤمن سوى باستعباده. متى
يقتنع النظام السوري بانّ لا خيار آخر
امامه سوى الرحيل؟ الخوف كلّ الخوف من
ان النظام بات يراهن على انه قادر على
متابعة عملية الهروب الى امام عن طريق
القاء اللوم على قوى خارجية واتهامها
بانها وراء تأجيج الثورة والعمليات
الارهابية. قبل
كلّ شيء، ينسى النظام السوري ان القوى
الخارجية هي التي تدعمه بالمال
والسلاح والمواقف السياسية. هناك تورط
ايراني وروسي وصيني، الى حدّ ما، في
عملية التصدي للشعب السوري والسعي الى
قهره. اما بالنسبة الى الشكوى من تهريب
السلاح، ليس سرّا ان كلّ السلاح الذي
دخل لبنان منذ ما قبل الحرب الاهلية في
العام 1975 جاء من سوريا. ما دام النظام
السوري يشكو من ان الاراضي اللبنانية
تستخدم لتهريب اسلحة الى الداخل
السوري، لماذا يصرّ على رفض ترسيم
الحدود بين البلدين كي تسهل مراقبتها؟
لماذا يصرّ على اقامة قواعد لمنظمات
فلسطينية تابعة له داخل الاراضي
اللبنانية وتزويدها بالسلاح الموجه
الى اللبنانيين؟ اضافة
الى ذلك كلّه، لا يمكن تجاهل ان قسما لا
بأس به من العمليات الارهابية التي
استهدفت دولا عربية معيّنة في الخليج،
انما خطّط له في دمشق وفي اماكن قريبة
منها. اكثر من ذلك، حتى الامس القريب
كانت الحكومة العراقية الحالية تتهم
النظام السوري، بكل وضوح، بانّه وراء
العمليات الارهابية التي تنفّذها "القاعدة"
في بغداد ومناطق عراقية اخرى. كيف
يمكن لنظام لم يتقن يوما سوى لعبة
ممارسة الارهاب القاء اللوم على
الاخرين عندما يعجز عن الاعتراف بانه
في مواجهة ثورة حقيقية تعبّر عن طموحات
الشعب السوري وتطلعاته. انه الافلاس
بعينه بالنسبة الى نظام لا يريد
الاقرار بانه انتهى وان ليس امامه سوى
الرحيل اليوم قبل غد. بدل
توجيه رسالتين الى مجلس الامن والامين
العام للامم المتحدة، يفترض بالنظام
السوري، في حال كان حريصا على سوريا
والسوريين، مباشرة التفاوض في شأن
كيفية التنحي. انه الخيار الوحيد الذي
يمكن التفاوض في شأنه قبل فوات الاوان
وذلك من منطلق ان الثورة السورية قد
تحتاج من الوقت كي تنتصر الى اكثر
بقليل مما نعتقد... ولكنّ اقلّ بكثير
مما يظن الرئيس السوري والمحيطون به! ================= سياسة
النأي بالنفس سقطت في الشمال ..
المعارضة: لا استنسابية في الحوار
والسلاح أولاً سابين
عويس 2012-05-21 النهار بينما
كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يجدد
تأكيده سياسة حكومته الرامية الى
النأي بلبنان عن مسار الازمة السورية،
نافيا أي شروط أو ضغوط مورست عليه في
هذا الشأن، كانت حوادث طرابلس ثم عكار،
تدفع بالازمة السورية نحو عمق لبنان من
الخاصرة الاضعف شمالا، لتضع حكومة
ميقاتي أمام ما كان يخشى الوصول اليه:
الحائط المسدود الذي يقفل أي هوامش
متاحة أمام المزيد من المراوحة وكسب
الوقت حتى بلورة المشهد الاقليمي. وإذا
كانت سياسة النأي بالنفس التي نجح
ميقاتي في ممارستها وإدارتها مدى عام
من عمر حكومته قد ساهمت الى حد ما - ومن
ضمن عوامل أخرى - في تصدع الحكومة
داخليا وعجزها عن مواجهة الملفات
الشائكة المفتوحة في وجهها، فإن هذه
السياسة استنفدت رصيدها في الملف
السوري في ظل رغبة دمشق الدائمة في ان
تحسم السلطة "الحليفة" في لبنان
موقفها مما تشهده سوريا فتقف بجانب
نظامها كما يفعل الحلفاء، وتسير في
تطبيق الاتفاقات الموقعة بين البلدين
في مختلف الميادين والتي من شأنها لو
نفذت أن تشكل متنفسا لسوريا، ولا سيما
في ظل الحظر الدولي الذي يثقل على
اقتصادها. وعلى
رغم محاولات الاحتواء والاستيعاب
الحاصلة للمشهد المأزوم على الساحتين
الطرابلسية والعكارية أخيرا، فإن
قراءة مراجع قيادية في المعارضة
للتطورات والمواقف التي واكبت اندلاع
حوادث طرابلس منذ توقيف شادي المولوي
إلى تقرير مندوب سوريا لدى الامم
المتحدة بشار الجعفري إلى مقتل الشيخ
احمد عبد الواحد، معطوفة على انخراط
مؤسستي الجيش والامن العام فيها (إن
عبر مقتل الشيخ عبد الواحد أو عبر
توقيف المولوي)، كل ذلك يشي بأن قفل
الجبهة الشمالية المجمَرة لن يكون
ممكنا، وأن الامور مرشحة لمزيد من
التأزم في ظل سيناريوات لتوغل عسكري
سوري يجري تداولها، وترمي بحسب
الروايات الى "قطع دابر" الارهاب
المصدر من لبنان الى سوريا وقطع
الممرات الانسانية المستغلة – وفق
الروايات عينها- لإمدادات السلاح وضبط
المطلوبين واللاجئين والفارين بعدما
عجزت الحكومة اللبنانية النائية
بنفسها عن احداث سوريا عن توقيفهم
وتسليمهم الى السلطات السورية عملا
بالاتفاقات الامنية والقضائية بين
البلدين. ولا
تخفي المراجع المعارضة قلقها حيال
احتمال ان يكون مسلسل جر المنطقة الى
صدام مذهبي قد بدأ إنطلاقا من
سيناريوات تدفع الى صدام بين الجيش
والمسلمين السنة وتحديدا بين أبناء
عكار والجيش، وأكثر تحديدا بين تيار
المستقبل توصلاً للوصول الى تأكيد
فرضية أن تلك المنطقة "تؤوي مخربين
وإرهابيين يصدرون الارهاب الى سوريا
بما يفسر مصدر الارهاب الحاصل فيها". وفي
ضوء ادراك "المستقبل" التام
للسيناريو المرسوم لطرابلس وعكار،
تعمل قيادات التيار على ما تقول
أوساطها، عبر الاتصالات والمشاورات
الحثيثة مع أبناء المنطقة وقياداتها
وفاعليتها لتدارك الوضع الخطير
واحتوائه. والامر نفسه ينسحب على رئيس
الحكومة الذي ينسق الخطوات الاجرائية
ميدانياً مع القيادات الامنية
والسياسية والروحية، آخذا في الاعتبار
حساسيات المنطقة وخصوصياتها التي
يدركها جيدا لكونه إبن طرابلس ونائبا
عنها قبل أن يكون رئيسا للحكومة. ويأتي
الاجتماع الذي دعا اليه مفتي
الجمهورية الشيخ محمد قباني ويضم كل
الفاعليات الروحية والسياسية السنية
ليؤكد على هذا التوجه. وليست
بعيدة من هذه ااجواء دعوة رئيس المجلس
نبيه بري الى طاولة حوار خاصة بطرابلس
وتطوراتها، علماً ان الدعوة طرحت
علامات استفهام في أوساط المعارضة
التي لم تنفك تشترط انعقاد أي طاولة
حوار بالبند الاساسي الباقي على جدول
الاعمال والمتعلق بالسلاح غير الشرعي. وفي
هذا الصدد سألت المراجع القيادية
عينها عن سبب ربط الدعوة الى الحوار
بالسفير السعودي علي عواض عسيري
ودعوته الى البحث في هذه المسألة
وتحميله رسالة الى المملكة للإستماع
الى رأي الرياض فيها، وقالت إن موضوع
الحوار يفترض أن يكون في الدرجة الاولى
مسألة لبنانية داخلية تبدأ من الداخل
أولاً، قبل أن تعرض على الدول الصديقة
أو الشقيقة إذا كان ثمة رغبة في ذلك. وإذ
رأت أنه ليس كلما إختلف إثنان تتم
الدعوة إلى طاولة حوار، مشيرة إلى أن
جدول أعمال الحوار واضح ولا لبس فيه
وقد حددت المعارضة موقفها الثابت منه
أكثر من مرة. ويبدأ من البند الاوحد
الباقي في جدول الاعمال والمتعلق
بالسلاح، معربة عن ترحيبها بأي دعوة
تأخذ هذا الموضوع في الاعتبار. ورأت
المراجع أن دعوة السفير عسيري وتحميله
هذه الرسالة يبين أن المطلب بالعودة
إلى طاولة الحوار ليس لبنانيا بحتا بل
يشي برغبة سورية في اعادة تحريك هذا
الموضوع على خلفية حوادث طرابلس
لاستطلاع الموقف السعودي منها. ================= مأزق
بين مصلحة النظام ومصلحة لبنان .. "الوثيقة"
السورية تستلزم رداً رسمياً روزانا
بومنصف 2012-05-21 النهار على
رغم انتقال منطقة عكار الى واجهة
الازمة في عطلة الاسبوع على النحو الذي
يحجب ما قبلها الى حد ما، نظراً
للخطورة التي حملتها التطورات هناك،
فإن ذلك لا يلغي ان اقحام النظام
السوري لبنان قسرا في ازمته وضع
الحكومة اللبنانية في موقع بالغ الحرج.
وعلى رغم الرد الفوري الذي اعلنه رئيس
الحكومة نجيب ميقاتي على رسالة
المندوب السوري الى الامم المتحدة
بشار الجعفري، والذي اعتبر فيه كلام
الجعفري عن تحول لبنان موئلا او حاضنا
للارهاب، متهما افرقاء سياسيين فيه
برعايتهم له، "تأجيجا للخلافات"،
يخشى ان هذا الموقف الاستيعابي لرئيس
الحكومة ليس كافياً، ليس بالنسبة الى
الداخل اللبناني فقط بل بالنسبة الى
الخارج على وجه التحديد . اذ ان رسالة
الخارجية السورية التي تضمنت جملة
اتهامات للبنان تجعل منه بلدا حاضنا
للارهاب رفعها المندوب السوري بتكليف
من حكومته وفق ما جاء في مقدم هذه
الرسالة الى الامين العام للامم
المتحدة بان كي مون والى رئيس مجلس
الامن. وهو طلب ان يوزع مضمونها كوثيقة
رسمية في مجلس الامن، الامر الذي يلزم
لبنان ان يرد بالاسلوب نفسه، اي بكتاب
الى بان والى رئاسة مجلس الامن يضمنها
ردا على ما تضمنته الوثيقة السورية.
وهذا يقع من ضمن واجبات الحكومة
اللبنانية اياً تكن طبيعتها، اي من
حلفاء سوريا او من خصومها باعتبار ان
المستهدف هو لبنان وأن الوثيقة التي
قدمتها سوريا هي تشهير به في الدرجة
الاولى وبسمعته، وليس المعني فريقا
لبنانيا محدداً، بل ان سكوت لبنان
الرسمي على هذه الوثيقة وعدم الرد
عليها في الامم المتحدة وفي مجلس الامن
يجعل لبنان موافقا على ما ورد فيها
ويحمّل حكومة لبنان مسؤولية مضاعفة عن
جملة انعكاسات اخرى. وتقول
مصادر ديبلوماسية انه لو اقتصر ارسال
الرسالة السورية الى الامين العام
للامم المتحدة من دون طلب تعميمها
كوثيقة رسمية على اعضاء مجلس الامن،
لكان بإمكان لبنان حل المسألة على
الارجح باتصال هاتفي مع بان يشرح فيه
ملابسات الموضوع وحراجة الوضع بالنسبة
الى لبنان. الا انه في حالة توثيق "التشهير"
بلبنان من خلال طلب جعل الرسالة وثيقة
رسمية من جانب دمشق للمجتمع الدولي فان
المسألة لا تحل باتصال هاتفي او بتصريح
اعلامي من جانب رئيس الحكومة أياً كان
هذا الموقف قويا او محكما او حتى بموقف
رسمي تتخذه الحكومة، فالقنوات
الديبلوماسية التي سلكتها سوريا في
اتجاه رمي لبنان بمجموعة اتهامات
خطيرة وصفها كثر انها بمثابة اعلان حرب
تفرض عليه اعتماد القنوات
الديبلوماسية نفسها من اجل الرد في حين
ان عدم الرد بالوسائل نفسها يرتب مخاطر
كبيرة على لبنان. وهذا لا ينفي ان
الموضوع يتسبب بإحراج كبير للقوى
المشاركة في الحكومة، خصوصا قوى 8 اذار
التي تتبنى مواقف النظام السوري، كما
يمثل تحديا بالنسبة الى هذه القوى، بين
الدفاع عن مصلحة لبنان ونفي ما ذهب
اليه النظام السوري او السكوت على
اتهاماته للبنان وما ينال من سمعته
وموقعه واقتصاده، وهو تحدي التفضيل
بين مصلحة النظام السوري ومصلحة لبنان
التي تتولاها الحكومة راهناً. ومع ان
لا صدقية لادعاءات النظام السوري في
الامم المتحدة او خارجها وفق ما تقول
مصادر ديبلوماسية، بحيث ان المسألة
باتت مكشوفة بالنسبة الى غالبية الدول
الكبرى، منها والاقل اهمية، فان الامر
ليس بالسياسة او بمسايرة النظام
السوري او معاداته بل في وثائق تسجل في
مجلس الامن، بحيث لا يمكن لبنان ولا
يجوز له السكوت عليه. ويندرج في هذا
الاطار مثلاً استخدام النظام السوري
لبنان، وفق ما يعتبر كثر، في توجيه
رسائل الى دول عربية يتهمها النظام
بتمويل المعارضة السورية كدولة قطر.
الامر الذي ابرزته دعوة قطر والامارات
العربية المتحدة والبحرين رعاياها الى
مغادرة لبنان وعدم السفر اليه، وهو
الامر الذي بدأ يؤدي الى دفعه الثمن
على الصعيد الداخلي والحبل على الجرار
وفق ما يخشى كثر. ================= "الاخوان
المسلمون" ليسوا إرهابيين! سركيس
نعوم 2012-05-21 النهار اثار
المسؤول نفسه الذي يتعاطى مع ملف
الارهاب ومكافحته في "الادارة"
الاميركية المهمة موضوع سوريا، فدارت
مناقشة عن التطورات المحتملة لأوضاعها
وعن دور تركيا فيها وعن التأثير الذي
يتركه على لبنان بقاء نظام الاسد أو
سقوطه وعن دور "حزب الله" في حال
السقوط. ثم تطرق الحوار الى الخطوات
التي قد يتخذها "الحزب" في حال
وجهت اسرائيل ضربة عسكرية الى ايران
النووية. وفي مناقشة هذه الموضوعات كان
سائلاً، فأجبت وبموضوعية كالعادة
لكنني لن ازعج القارئ بأجوبتي لأنها
وردت في الحلقات التي نشرت حتى الآن. بعد
ذلك سألته عن مصر وعن تقويمه لأوضاعها.
فأجاب: "لا شيء يوحي ان "الاخوان
المسلمين" ارهابيون على وجه العموم.
فهم لم ينفذوا عمليات ارهابية ضد
اميركا واسرائيل والعالم. انهم
مختلفون عن الجهاديين و"القاعدة".
ربما يكون في صفوف "السلفيين" من
يفكر مثل "القاعدة". سوف نرى.
المهم ان يكون ايمان "الاخوان"
وخصوصاً في مصر بالديموقراطية حقيقياً.
فهل تكون ديموقراطية المرة الواحدة؟
أي انتخاب واحد ثم اكثرية "اخوانية"
وتمسك بالسلطة؟ شعورنا ان ذلك لن يحصل.
طبعاً يتساءل الكثيرون عندنا اذا كان
"الربيع العربي" يرمي الى تحقيق
الديموقراطية في البلدان التي وصل
اليها. في أي حال هناك اقتناع بأن "الاخوان"
المصريين لن يخلّوا بالتزاماتهم
الدولية، ومنها معاهدة السلام مع
اسرائيل والعلاقات الجيدة بل
التحالفية مع اميركا. لكن مع الوقت لا
يعرف احد كيف يمكن ان تتطور الأمور. في
أي حال جيش مصر له دور مهم وسيمارسه من
اجل اقامة توازن يؤدي الى الاستقرار".
علّقت: حاول كل من الجيش أي المجلس
الاعلى للقوات المسلحة و"الاخوان"
احتواء الآخر. ردّ: "ممكن". ثم
انتقل المسؤول نفسه الى ايران سائلاً
عن "ارهابها" وخصوصاً بعدما اظهرت
عمليات التفجير في تايلند والهند
وغيرهما انها مستمرة في اعتماد سياسة
الارهاب. فأجبت: كان الارهاب في الماضي
"يسارياً متطرفاً". ثم صار "فلسطينياً"
وعربياً. الآن هو "اسلامي" في نظر
المجتمع الدولي. بدأ اسلامياً شيعياً (ايران
و"حزب الله" في نظر المجتمع نفسه
طبعاً) وصار الآن اسلامياً سنياً
بغالبيته مع بقاء الارهاب الشيعي.
العمليات التي اشرت اليها قد تكون
ايرانية. هذا ما اعتقدته انا ايضاً،
لكن انا اعتقد ان ايران صارت ورغم
قدراتها العسكرية في موقع الدفاع وليس
الهجوم. وهي وصلت الى القمة بوضعها
وبإرهابها. لكنها قد تكون بدأت مرحلة
النزول منها او قد تكون قريبة من مرحلة
كهذه. الاسلامية السنية هي الصاعدة
اليوم وكذلك ارهاب متطرفيها
والتكفيريين فيها. وقد يكون ذلك
مخيفاً، لأن نحو 85 في المئة من
المسلمين في العالم سنة ولأن أكثريتهم
الساحقة كما المسلمين الآخرين تكره
اميركا وترفض اسرائيل. ويعني ذلك ان
هناك ارضاً خصبة لتجنيد جهاديين او
ارهابيين كما تسمونهم انتم وبالآلاف
المؤلفة. ردّ: "انت بقولك هذا تمشي
عكس نظريتي. وكأنك تقول ان الربيع
العربي سيحول المنطقة العربية ارهابية".
رددت: انا لم أقل ذلك. أنا أعتقد مثلك ان
"الاخوان المسلمين" غير ارهابيين
على الأقل حتى الآن، وانهم سيحاولون
جهدهم ترتيب الامور في بلادهم ومع
العالم. لكن ذلك لا يعني انه لن يكون
لكم معهم مشكلات مع مرور الوقت. على كل
أعود وأكرر لك ان الاسلاموية الشيعية
صارت في موقع دفاعي، والاسلاموية
السنية صاعدة. والمستقبل وحده هو الذي
يفصل بيننا، ردّ: "انك تدمِّر تظريتي". ثم سأل
عن لبنان وأوضاعه وتطوراتها المحتملة.
أجبت: لبنان في حال حرب عملية، سنَّته
يحاربون بالسياسة والاعلام وأحياناً
بأشياء أخرى مع الثوار السوريين.
وشيعته يحاربون مع النظام بالوسائل
نفسها. لكن "حزب الله" قائد 8 آذار
لن يقود البلاد الى حرب أهلية لأن لا
مصلحة له ولشعبه وللبنان بها الا اذا
استجدت "ظروف" خارجية لا يستطيع
تجاهلها. ول"تيار المستقبل" قائد
14 آذار الموقف نفسه. ثم سألت: ماذا عن
العراق؟ يقال ان منطقته السنية ستصبح
"هانوي" الثوار السوريين وان
منطقته الشيعية ستساند النظام السوري.
أجاب: "افهم ماذا تريد ان تقول. ربما
لا اوافق عليه لكني أدرك ما تريد ان
تحذر منه. ماذا
عن سوريا آخيراً"؟ سأل. أجبت: النظام
السوري انتهى دوراً اقليمياً
واستقراراً داخلياً. لكنه لم يسقط. ولن
يسقط لاسباب شرحتها لك في بداية اللقاء.
ربما يتطور الصراع في سوريا حرباً
أهلية شاملة. ماذا
في جعبة مسؤول رفيع يتعاطى مع قضايا
المنطقة في "الادارة" الاميركية
المهمة نفسها؟ ================= حمد
الماجد الشرق
الاوسط 21-5-2012 التهديد
الحقيقي لنظام بشار ليس من قرارات مجلس
الأمن ولا من جامعة الدول العربية ولا
المقاطعة الغربية، ولا الإعلام
العربي، ولا تراجع الصين وروسيا،
التهديد الحقيقي الذي جعل الرئيس بشار
الأسد هذه الأيام شاحب الوجه غائر
العينين سارح النظرات، هو الروح
العالية للشعب السوري وثورته الباسلة
التي راهن البعض على أن لها وقودا لا بد
أن ينفد وطاقة لا بد أن تضعف وقبضة لا
بد أن تتراخى، والرهان منطقي إذا أخذنا
في الاعتبار ديكتاتورية النظام وبطشه
ودمويته، لكن الشعب السوري عكس كل
التوقعات. فالخط البياني للثورة
السورية لو انخفض فهو محصلة طبيعية،
فالطاقة البشرية محدودة ومحاولات قمع
النظام للثورة شرسة للغاية، ولو استمر
الخط البياني على نفس المستوى فهو
إنجاز كبير في ضوء المعطيات السابقة،
لكن أن يظل الخط البياني في تصاعد فهو
المثير واللافت، ففي الأسبوع المنصرم
ضربت المظاهرات على كامل التراب
السوري رقما قياسيا غير مسبوق، 800
مظاهرة لم تكترث بالمجازر الوحشية ولا
الاغتيالات والتصفية الجسدية ولا قصص
الرعب التي تتسرب من تعذيب المعتقلين
ولا اللقطات الوحشية التي وصلت إلى
الإعلام العالمي وفيها ما لا يمكن وصفه
من صنوف الوحشية وضروب التعذيب، آخرها
لقطة وجدها الثوار مؤخرا في جوال جندي
أسروه وقد بطح عددا من المتظاهرين
السوريين على بطونهم أرضا ثم بدأ
بالمشي بجزمته العسكرية الغليظة على
وجوههم ورقابهم بكل عنف وقسوة يخبط
بقدمه على كل وجه وكأنه يؤدي التحية
العسكرية المعروفة! ومع ذلك يقابل
المواطنون السوريون كل سيناريوهات
الرعب النظامية لا بالمظاهرات
والمسيرات فحسب، ولكن بالأغاني
والأهازيج أيضا، وكأن القوم في عرس
وليس في عالم من الرعب والبطش وسفك
الدماء. الأكثر
إثارة ولفتا للانتباه في مشهد الثورة
السورية أن مؤشر الخط البياني للثورة
السورية المتصاعد لم يتأثر بانخفاض
مؤشر الخط البياني للاهتمام العربي
والإسلامي والدولي، فالمواقف العربية
ما زالت من دون المستوى المأمول،
ومواقف الدول الغربية وعلى رأسها
أميركا يشوبها حذر شديد بسبب تشابكات
ملف النظام السوري الطائفية
والإقليمية، وهذه المواقف الضعيفة
ألقت بظلالها على المواقف الإقليمية،
ناهيك عن أن العين الغربية على إسرائيل
التي لا تنتظر بديلا أفضل من النظام
السوري حارسا لبوابتها الشمالية.
وعليه فيستحيل أن تتخذ الدول الغربية
موقفا صارما يعمل على الإجهاز على نظام
بشار من دون إشارة خضراء إسرائيلية.
وأما الموقف التركي، وهو الذي يعول
عليه السوريون كثيرا، فقد انكشفت
سوأته، هل تذكرون تصريحات «الأسبوعين»
التركية الشهيرة، والتي كان المسؤولون
الأتراك يهددون بها النظام السوري بأن
أمامه أسبوعين للتوقف عن قتل شعبه؟
كلها أمست سرابا، وحتى الموقف السعودي
الحازم بضرورة تسليح الشعب السوري كحد
أدنى للدفاع عن نفسه قوبل بفتور عالمي
شديد حتى من بعض الدول العربية. في ظل
هذه المواقف الدولية والإسلامية
والعربية الحذرة من الانجرار إلى
مواجهة النظام السوري، ظل مؤشر الثورة
في تصاعد مستمر توجته الثورة الأسبوع
الماضي بمظاهرات وتحركات في مناطق
ومحافظات كان النظام يراهن على
استقلاليتها عن تأثيراتها، نستطيع أن
نقول إن خلاصة تجربة الثورة السورية
بعد مرور أكثر من سنة تقول: إن شعبا
بهذه الشجاعة اللافتة، والروح
القتالية العالية بحول الله لن يهزم،
وإن نظام بشار فعلا آيل للموت، ليس
بالضرورة الموت من النوع الفجأة،
ولكنه الموت البطيء.. وإن
غدا لناظر الموت قريب. ================= عبدالرحمن
الراشد الشرق
الاوسط 21-5-2012 طبعا
لو كان خبر اغتيال الشخصيات السورية
الست صحيحا لجاز لنا أن نذيع أنه بقي في
عمر النظام أيام قليلة، وهو الآن على
وشك الانهيار. إنما ضخامة القصة أوحت
لنا بأنها كذبة. وكان ينبغي على الذين
أصدروا بيانهم فجر أمس أن يدركوا أنها
قصة ملفقة لضرب مصداقية الجيش السوري
الحر، والمعارضة بشكل عام، والإعلام
المتعاطف معها. فكيف يمكن اغتيال ستة
من قادة النظام دفعة واحدة؟ نائب
رئيس الأركان، ونائب رئيس الجمهورية،
ووزير الداخلية، ووزير الدفاع، ورئيس
خلية الأزمة، ورئيس مكتب الأمن القومي
والرجل الثاني في حزب البعث، عمليا
هؤلاء من العشرة الكبار في النظام،
والوصول إليهم جميعا أمر شبه مستحيل في
بلد يقوم على نظام أمني وعسكري صارم. وما
كان ينبغي أن تنطلي الكذبة على الجيش
السوري الحر الذي تسرع بإطلاق
بياناته، وضلل بالتالي الكثير من
وسائل الإعلام. فالمعارضة العسكرية
التي انشقت عن القوات المسلحة
السورية، وفي صفوفها منشقون من
المخابرات العسكرية، تبدو عاجزة عن
التثبت من نجاح عملية نوعية وضخمة،
وفوق هذا تتعجل إصدار نبأ مزلزل قبل أن
تنتظر شروق الشمس وتعرف حقيقته. كان
هذا فخا من النظام أوقع فيه المعارضة. الاحتمال
الذي لن يفاجئنا لو سمعنا به غدا هو
قيام النظام نفسه باغتيال أحد قادته،
مثل آصف شوكت، الذي سبق أن أبعد عن
منصبه، وغادر بلاده لفترة من الزمن
بسبب خلاف مع شقيق زوجته، وعاد قبيل
الثورة بفترة قصيرة. ربما يتم التخلص
منه وينسب مقتله إلى جماعة إرهابية من
«القاعدة». وسبق للنظام أن قام بقتل
بعض كبار رجالاته ضمن تصفيات داخلية
أعقبت تسلم بشار الأسد للحكم. لكن أن
يقوم جندي منشق بالقضاء على كبار قواد
دولة بوليسية تبدو أقرب إلى الخرافة
ولا أذكر مثلها سوى فيلم «فالكري» الذي
يصور محاولة اغتيال الزعيم النازي
هتلر عام 1944 ومعه كبار قادته، وتبين
أنها محاولة انقلاب داخلية فاشلة. وقصص
اغتيالات القادة السوريين، التي تتردد
على مواقع الإنترنت، أقرب ما تكون إلى
الأمنيات في بلد الواقع فيه أقسى من أن
يترك للخيال. لهذا علينا ألا نتوهم بأن
القضاء على النظام السوري سيتم
بسهولة، لن يقضى عليه بكبسة زر ولا
كبسولة سم أو كمين في اجتماع. سوريا
ليست مثل أفلام جيمس بوند، وإزاحة دولة
بوليسية مثلها مثل الحفر في الصخر،
تتطلب مواجهة النظام قرية قرية ومدينة
مدينة وحربا قد تمتد إلى إعدام آخر أو
اثنين، ولن تنتهي الحرب فجأة ببيان
صباحي يعلن فيه إسقاط النظام، إلا بعد
أن يكون قد أنهك وطوق، وأدرك العالم أن
نهايته قد اقتربت وذلك بعد كثير من
الآلام والدماء. ================= سوريا:
«استدراج عروض» في الساعات الأخيرة إياد
أبو شقرا الشرق
الاوسط 21-5-2012 قد
يبعث الأمر الكبير صغيره حتى
تظل له الدماء تصبب (طرفة
بن العبد) رسالة
بشار الجعفري إلى الأمم المتحدة خلال
الأسبوع الماضي لا يجوز أن تُقرأ خارج
سياق ابتزازي معين. فقبلها
قال رفعت علي عيد، المسؤول السياسي في
الحزب العربي الديمقراطي، وهو
الميليشيا الطائفية التي تسيطر على
منطقة بعل محسن في مدينة طرابلس، عاصمة
شمال لبنان، إن الوضع في طرابلس ينزلق
نحو «المجهول». وبناء عليه طالب بتدخل
عسكري سوري للإمساك بالمدينة. وكان
الشيء الوحيد المغلوط في كلام عيد هو
كلمة «المجهول». فعيد، الذي كان يتكلم
ضد «طائفية» خصومه وخلفه صورة سيف
الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه)
وقد كتب عليها «لا فتى إلا علي ولا سيف
إلا ذو الفقار»، بجانب صور السيد حسن
نصر الله وأركان العائلة الحاكمة في
سوريا التي سُمي هو شخصيا تيمنا بأحد
أفرادها، يعرف تماما «المجهول»، ويقدر
أن حتى خصومه يعرفونه.. ألا وهو «الفتنة»
التي يسعى، بناء لأوامر صادرة إليه،
لتحريكها. وهنا
يتقاطع كلام السيد عيد مع رسالة «رفيقه»
السفير الجعفري، التي تبرر مسبقا
عملية «تصدير» للفتنة إلى لبنان، عبر
سوقها ادعاءات تستند أصلا إلى «تقارير»
كانت أجهزة الاستخبارات السورية،
ذاتها، قد عممتها على «أدواتها» في
لبنان – وبعضها يتبوأ مناصب حكومية
وأمنية اسمية، لكنها في واقع الحال
مجرد «أدوات» - وذلك لكي تستشهد بها
لاحقا. وفي هذا الإطار، من المفيد أن
نتذكر أن وزيرين اثنين على الأقل في
الحكومة اللبنانية الحالية قدّما حتى
الآن «شهادات» مطلوبة جعفريا عن وجود
عناصر من «القاعدة» في لبنان، وهذا على
الرغم من نفي أعلى مسؤولي الدولة.. بمن
فيهم وزير الداخلية اللبناني، المفترض
أنه المطلع مباشرة على الملف الأمني في
البلاد. أكثر
من هذا، رسالة الجعفري لا تنفصل عن
استراتيجية الهروب إلى الأمام وابتزاز
المجتمع الدولي و«استدراج العروض» و«الوكالات»
التي طالما أتقنها النظام السوري،
لكنه الآن يمارسها دفاعا عن وجوده لأول
مرة منذ نحو 43 سنة. والغاية واضحة وضوح
الشمس، وهي تذكرنا - إن تنفع الذكرى -
بإثارة معمر القذافي في أيامه الأخيرة
موضوع خطر «القاعدة» على إسرائيل إن هو
سقط. والواقع
أنه من حق النظام الذي ينطق باسمه
السفير الجعفري في المحافل الدولية أن
يتوقع من الجهات التي يوجِّه إليها
رسائله... الكثير والكثير. فهذا النظام
وقف منذ خريف 1973 «حارسا أمينا» على
السياج الحدودي للجولان المحتل. وفي
منتصف السبعينات من القرن الماضي صفّى
المقاومة الفلسطينية في لبنان وشردها
بين تونس وبلاد الله الواسعة، بعدما
كان قد مهد الطريق لبلوغه السلطة في
دمشق بتواطئه عليها في معارك سبتمبر (أيلول)
1970 في الأردن. ثم إنه
نجح داخل سوريا، حيث يوجد أحد أرقى
المجتمعات العربية، في بذر بذور
الانقسام الطائفي والمحسوبية والفساد
وتراجع مستوى التعليم والثقافة، وحوّل
الجيش المفترض به أن يقاتل دفاعا عن
شعبه ضد العدو الخارجي... إلى ميليشيا
فئوية - مصلحية تقمع الشعب بناء على
أوامر القوى الخارجية. وفي الشق
الطائفي، بالذات، لم يفعل النظام،
الذي يحاضر «إعلامه» عن العلمانية
والترفع... صباح مساء، غير زرع آفة
الطائفية والعنف الطائفي المجنون
حيثما امتدت أصابعه وقضت مصالحه
ومصالح مَن يأتمر بأوامرهم، وها هما
العراق ولبنان، «الطائفيان» بامتياز،
خير شاهدين على مشاعر الأخوة الفياضة. في
المقابل، لا بد من الإقرار بأن إسرائيل
أولا، والقوى الداعمة لها ثانيا، لم
تخيّبا ظن الرئيس بشار الأسد ولا سفيره
وسميه الجعفري. فبالكاد سمعنا، وفقط
البارحة، نبرة عتب حقيقي على ما يُرتكب
من مجازر على امتداد الأراضي السورية
منذ نحو 14 شهرا. لا
إسرائيل ولا واشنطن - على الرغم من كامب
ديفيد - استطاعتا الصبر على حسني مبارك
14 يوما، لكنهما صبرتا لأكثر من 14 شهرا
على النظام الذي تعتبرانه «معاديا» «ومارقا»،
والذي ارتكب بحضور المراقبين الدوليين
- مثل غيابهم - «موقعة جمل» كل يوم في كل
جزء من سوريا تقريبا. هل
هناك تواطؤ؟ هل هناك ضوء أخضر؟ ربما،
فالنظام الذي يجيد تلفيق أي شيء، بما
فيها الأشرطة التلفزيونية، يشعر أنه
ما زال قادرا على ترويج «بضاعة» ضرب
الإرهاب الأصولي وتقديم الخدمات
للجهات التي يصفها ب«الإمبريالية»،
ويتوقع من إسرائيل والغرب تصديقه. هذا
جانب من المسألة، أما الجانب الآخر
فأكثر خطورة... فالمرجح
أن راصدي الوضع السوري في العواصم
الغربية، وتل أبيب منها طبعا، يعرفون
جيدا أين أصبح مصدر القرار الذي يحكم
السياسة السورية منذ نهاية عهد حافظ
الأسد. وهم استوعبوا تماما أن قرار سحب
الجيش السوري من لبنان بعد جريمة
اغتيال رفيق الحريري ورفاقه يوم 14
فبراير (شباط) 2005 لم يغير شيئا على
الأرض لأن «البديل» كان جاهزا. «البديل»
هو «حزب الله»، الذي اضطر للكشف عن
هويته الحقيقية بعد الانسحاب السوري
العسكري. ومن ثَم اضطر للانتقال من
حالة «المقاومة» حيث لا مبرر لوجود
أعداء محليين - وبالتالي، لا غرامة
سياسية مُكلِفة - إلى حالة «الهيمنة»
المكشوفة التي ما عاد بمقدور غير «الأدوات»
والعملاء الصغار من خارج صفوف «الحزب»
التعايش معها وتبريرها... واليوم
ما يحدث في سوريا ولبنان متصل مباشرة
بمشروع إقليمي أشمل، له ملامحه في
البحرين واليمن، وطبعا في العراق. وركض
القيادة الإيرانية حاملة مشعلي «تحرير
فلسطين» و«وحدة المسلمين» ها هو يتعثر
عند أول حاجز؛ إذ كان موقف طهران لافتا
إزاء مسعى التكامل الخليجي انطلاقا من
المملكة العربية السعودية والبحرين،
ومن رسالة الاحتجاج والتهديد لشركة «غوغل»
حول تسمية الخليج «الفارسي». نحن
هنا أمام معضلة إزاء فهم أين يبدأ «إسلام»
طهران وأين تنتهي «فارسيتها»،
فالإسلام نهى أول ما نهى عن العصبية
القبلية، وأعلنها مدوية أن «لا فضل
لعربي على عجمي إلا بالتقوى»، واعتبر
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سلمان
الفارسي (رضي الله عنه) من «أهل البيت».
وهذه «الإشكالية» مطروحة الآن، أكثر
من أي وقت مضى، أمام «لبنانية» السيد
حسن نصر الله... الذي أعلن قبل فترة غير
بعيدة اعتزازه بكونه جنديا في «جيش
الولي الفقيه»، و«عروبة» النظام
السوري القائم على شرعية «أمة عربية
واحدة ذات رسالة خالدة»! لقد
جعل نظام دمشق، في جيلي الأسدين الأب
والابن، سوريا «نفق» تواصل وصندوق
بريد مموها بين طهران وتل أبيب.
والسؤال الآن، بعدما تجاوز النظام
نقطة اللاعودة في «خياره الشمشوني»...
وبعدما غدت متعذرة إعادة المارد
الشعبي إلى القمقم، هل اقتنع المجتمع
الدولي جديا بأن التغيير سيكون المخرج
الأمثل - والأقل تكلفة - للمنطقة.. بل
الأمثل والأقل تكلفة حتى لإسرائيل على
الرغم من رهانها الدائم على تعميم خيار
«الحرب الأهلية» إقليميا؟ إن
تفجيرات سوريا، وما تخطط له أجهزتها
الأمنية في لبنان، رسائل ابتزاز إلى
المجتمع الدولي... فهل تنطلي الكذبة
مجددا على عواصم العالم الكبرى كما
انطلت لبضع ساعات على بان كي مون؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |