ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
اميمة الخميس الرياض 26-5-2012 لبنان تلك
الفينيقية الفاتنة التي تكابد
عروبتها، لبنان الصغير مفتاح بوابة
الشرق للعالم بأسره، وبين جباله
الشاهقة تسللت أول مطبعة للشرق الأوسط
(قبل مطبعة نابليون في مصر) ونتاج
مطابعه هو الذي قرع ناقوس النهضة
الحديثة (أفكارها ورجالها) فوق رأس
العالم العربي الذي كان مستغرقا في
غفوة عميقة. لكن لما يظل هذا البلد الوادع أسيرا لمصير
مأساوي من الحروب والمآسي؟ هل هناك خلل
ما؟ هل هناك غلطة تاريخية؟ فالمتصفح
لتاريخ لبنان الحديث يجد أنه بعد
الفتنة الطائفية الكبرى لعام 1860 وما
نجم عنها من مذابح دموية في جبل لبنان
ودمشق وسهل البقاع وجبل عامل بين
المسلمين والمسيحيين عمومًا، والدروز
والموارنة خصوصًا فرضت الدول الكبرى
على الدولة العثمانية نظام (المتصرفيات)
هو نظام حكم أقرته الدولة العثمانية
وعُمل به من عام 1860 وحتى عام 1918، وقد
جعل هذا النظام جبل لبنان منفصلاً من
الناحية الإدارية عن باقي بلاد الشام،
تحت حكم متصرف أجنبي مسيحي عثماني غير
تركي وغير لبناني تعينه الدولة
العثمانية بموافقة الدول الأوروبية
العظمى كانت متصرفية جبل لبنان مقاطعة
عثمانية مستقلة عن بقية الولايات
وبهذا تضمن الدول الكبرى آنذاك حماية
مسيحيي الشرق كأقلية وسط الخضم
الإسلامي الكبير. وقام الفرنسيون لاحقا أثناء الانتداب
الفرنسي بضم عدد من المدن الساحلية،
جبل عامل، سهل البقاع والسهول
الشمالية لتتوسع المتصرفية وتصبح ما
اطلق عليه الجنرال غورو (دولة لبنان
الكبير) لكن مسلمي لبنان لم يقبلوا
بهذا الحل لأن الدولة الجديدة جعلت
منهم أقلية وهم الذين كانوا جزءًا من
الأكثرية المسلمة الحاكمة في العهد
العثماني. بالاضافة إلى أن دولة لبنان المستقلة
تجهض الحلم القومي القديم للثورة
العربية ضد العثمانيين، وتفسد خريطة
سوريا الكبرى (أي سوريا الحالية ولبنان
وفلسطين والأردن والعراق). فلم تعترف الحركة الوطنية السورية
وممثلوها في لبنان من الزعماء
السياسيين المسلمين بالكيان
اللبناني، وفي المفاوضات بين الحكومة
الفرنسية والحركة الوطنية السورية في
مطلع الثلاثينيات اشترطت فرنسا أن
تسلم الحركة الوطنية السورية بالكيان
اللبناني لقاء توقيع معاهدة تعترف
فيها فرنسا باستقلال سوريا ولبنان.
ولقد قبل ممثلو الحركة الوطنية هذا
الشرط الأمر الذي أحدث تصدعاً في صفوف
السياسيين المسلمين الداعين للوحدة مع
سوريا، وبعد صراع دامٍ توصلوا إلى صيغة
للميثاق الوطني اللبناني، وهو يقوم
على المعادلة التالية: (من أجل بلوغ
الاستقلال على المسيحيين ان يتنازلوا
عن مطلب حماية فرنسا لهم وأن يتنازل
المسلمون عن طلب الانضمام إلى الداخل
السوري) ومن هذا المخاض الصعب أعلنوا
استقلال لبنان تحت اسم الجمهورية
اللبنانية. ولكن مع الاسف لم تكن هذه النهاية السعيدة
للفيلم، فالفسيفساء المذهبية في لبنان
منعت تكون دولة مركزية قوية، بالاضافة
إلى موقع لبنان على حدود التماس ونقاط
التوتر سواء أثناء الصراع الدولي أيام
الحرب الباردة، أو من خلال القضية
اللفسطينية وظروفها وتبعاتها مما جعله
دوما على فوهة بركان من الحروب
والصراعات الأهلية. وفي النهاية تحول لبنان إلى الحديقة
الخلفية التي يصفي بها العالم العربي
صراعاته وخلافاته ومناطق نفوذه
وسيطرته، ويبدو أن النظام السوري
الحالي الذي لطالما استبطن حلم (سوريا
الكبرى) هو من أشرس الأنظمة التي فتكت
بلبنان احتلالا وتدميرا واستغلالا،
إلى يومنا هذا وما نشهده الآن من دفع
لبنان بصورة مطردة نحو حرب طائفية هو
طوق نجاة يحاول أن ينجو به النظام من
الغرق بسبب الثورة الداخلية والحصار
الخارجي. فلبنان مازال في معتقد راسخ للنظام
السوري الفاشي المتسلط ليس سوى.. غلطة
تاريخية. ================= حسين العودات التاريخ: 26 مايو 2012 البيان لا أظن أن ما جرى ويجري في بعض البلدان
العربية منذ مطلع العام الماضي حتى
الآن، هو ثورة أو ثورات، رغم أن وسائل
الإعلام العربية والأجنبية
والسياسيين والمحللين درجوا على
تسميته بثورات الربيع العربي، بل كاد
المؤرخون أن يثّبتوا هذه الصفة في
دراساتهم الأكاديمية وفي تأريخهم. للثورة صفات ومضامين وأساليب مارستها منذ
بداية عصر النهضة، وأكدتها الثورات
الفرنسية والأميركية والبلشفية، ومن
أهم هذه الصفات أن الثورة تهدف إلى
تغيير النظام السياسي تغييراً شاملاً
وجذرياً، بكل معاييره وقيمه، وتمتلك،
منذ البدء، مجموعة من الثائرين
المتوافقين على عقيدة أيديولوجية
وسياسية، ويعملون في إطار تنظيم
حديدي، ويمارسون نضالهم تحت مظلة
المركزية الديمقراطية، أي تحت مظلة
قيادة واحدة، (وهذا ما بالغت جميع
الأحزاب الثورية في تطبيقه تطبيقاً
خاطئاً، قبل وبعد توليها السلطة. حيث تحولت القيادة إلى مركزية بدون
ديمقراطية)، وأن يكون لهذا التنظيم
الثوري برنامج عملي واضح يعالج جميع
قضايا المجتمع وهمومه السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
وغيرها، وله أيضاً نظرة شاملة وعميقة
لشكل النظام السياسي الذي تعمل الثورة
على إقامته، إضافة إلى أنها تمارس
نضالها بمنهجية عمل علمية، وبهذا تكون
الانتفاضة ثورة لأنها تهدف لتأسيس
دولة جديدة لها معاييرها الخاصة بها،
وتجب الماضي أو معظم الماضي، وهذا ما
حققته فعلاً الثورة الأميركية والثورة
الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر. والثورة (البلشفية في روسيا) في مطلع
القرن العشرين، وكان لهذه الثورات
نتائج هامة جداً واسعة الطيف، لم تطاول
الشؤون الداخلية فحسب بل الشؤون
الإقليمية والعالمية أيضاً، وكان كل
منها ذا تأثير كبير (وربما مفصلي) على
تاريخ العالم، ثم ما لبثت هذه الثورات
أن طورت أيديولوجياتها حتى توصلت إلى
قيم جديدة سياسية واقتصادية وثقافية،
ومعايير جديدة للدولة التي تبنتها،
وهي ما سميت بالدولة الحديثة في الغرب
الأوروبي والأميركي، والدولة
الاشتراكية في شرق أوروبا وبعض بلدان
العالم. أما الانتفاضات العربية، وهي ما سميت خطأ
بثورات الربيع العربي، فأمرها مختلف
كلياً عن مواصفات الثورة وبنيتها
وأهدافها وأساليب عملها ونظرتها
الكلية للكون والحياة، ذلك أن هذه
الانتفاضات لم تتبن أهدافاً شاملة في
أي من البلدان العربية التي قامت بها،
وإنما طالبت أساساً بالديمقراطية (المبنية
على الحرية) والمعبرة عن نفسها بمطلب
الكرامة التي سلبتها أجهزة الأمن
والسلطات القمعية. ومناوأة الفساد والاستبداد، وهي، أي هذه
الانتفاضات، لم تكن تملك تنظيماً
موحداً، ولا نظاماً داخلياً صارماً،
وليس لها قيادة، ولا أسلوب نضال واحد،
ولم يقل أي منها ولا في أي بلد عربي
حصلت فيه، ما هو النظام السياسي الذي
تريد تأسيسه، ولا النظام الاقتصادي،
ولا حتى أسلوب تغيير النظام ومواصفات
النظام البديل، وقد ركزت هذه
الانتفاضات فقط، كما أشرت، على
الديمقراطية والكرامة والعدالة. ورغم أهمية هذه المعايير إلا أنها لا تشكل
إلا جزءاً من مطالب الثورة الشاملة،
وزاد الأمور تعقيداً أنها اعتمدت على
الشباب، الذين رغم جذوة الثورة التي
تعتلج في صدورهم، وتضحياتهم غير
المحدودة، إلا أنهم قليلو الخبرة
وعاجزون عن تأسيس أنظمة بديلة، وهذا ما
رأيناه في تونس ومصر وليبيا واليمن
ونراه الآن في سوريا. وهو ما يلقي ضوءاً على الفرضية التي تقول
بأن بعض الجهات سرقت هذه الانتفاضات،
وخرج المنتفضون الشباب صفر اليدين،
فلا هم أسسوا أنظمة جديدة تحترم معايير
الدولة الحديثة، ولا هم أشرفوا على
تأسيسها ثم إدارتها، وقد أصبحوا الآن
يتفرجون على الآخرين الذين التقطوا
النصر دون أن يكونوا فاعلين فيه. أو
مناضلين لأجله، بل ربما كان بعضهم
مناوئاً للانتفاضة. ولكن تنبغي الإشارة إلى أن انتفاضات
الربيع العربي حققت هدفاً رئيساً
وعظيماً وهو وضع البلاد على طريق
الديمقراطية والحرية والمساواة وربما
العدالة وحقوق الإنسان، ولاشك أن
القادم من الأيام، ومهما حصلت
ارتباكات واضطرابات في بلدان الربيع
العربي، سيؤدي إلى استقامة مسيرة هذه
المجتمعات، وتحديث دولها، وتثبيت
خطاها على طريق التطور والتحديث، وإذا
كان اصطلاح الثورات الذي أطلق على هذه
الانتفاضات يقصد به أنها ثورات
ديمقراطية، فلا شك بصحته وصوابه ويمكن
القول دون تردد أنها انتفاضات بمثابة
ثورات. من طرف آخر، إنني لا أرى صحة الافتراض
القائل بالحاجة إلى سنوات طويلة حتى
تنتصر هذه الانتفاضات انتصاراً كلياً،
وتحول مجتمعاتها إلى مجتمعات
ديمقراطية تعددية تداولية تحترم
معايير الدولة الحديثة وحقوق الإنسان،
أسوة بالثورات الثلاث المشار إليها
آنفاً التي احتاجت لسنوات طويلة حتى
استقرت على صيغ معينة. ذلك لأن عصر تلك الثورات هو غير عصرنا
وظروفها غير ظروفنا، فقد قصرت الثورة
التقانية وثورة الاتصال والمعلوماتية
الزمن والمسافات، وعمقت التواصل بين
أبناء المجتمع. وما كان يحتاج لسنوات
كي يتحقق أصبح يمكن تحقيقه بفترة أقل
بما لا يقاس. أخيراً، بقي أن أشير إلى أن الانتفاضات
العربية استنّت أسلوباً جديداً في
نضالها نادراً ما شهدته المجتمعات
الأخرى من قبل، وهو الانتفاضات
السلمية الني تعتمد على الحشد
الجماهيري وتستبعد الأساليب العنفية.
لولا أن بعض الأنظمة العربية التي قامت
ضدها استخدمت العنف والسلاح، مما أدى
إلى عنف مقابل وإلى تحول بعض هذه
الانتفاضات السلمية إلى انتفاضات
عنفية ودموية. ================= السبت ٢٦ مايو
٢٠١٢ الحياة من الطبيعي أن ينظر النظام السوري إلى
الخلافات داخل «المجلس الوطني» على
أنها من مظاهر صحة النظام وعافيته.
نظام كهذا لا يقرأ الخلاف في وجهات
النظر سوى باعتباره انقلاباً على
الزعيم الأوحد، لذلك يَعتبر خبر
استقالة برهان غليون من رئاسة المجلس
دليلاً على ضعف المعارضة السورية
وعجزها عن أن تكون بديلاً يصلح للحلول
مكان النظام. غير أن الواقع أن بقاء برهان غليون أو
غيابه عن رئاسة «المجلس الوطني» لم يعد
هو المعيار الذي سوف يحدد مسار الثورة
في سورية. بل يمكن المخاطرة بالقول إن
بقاء المجلس نفسه لم يعد مهماً بالنسبة
إلى هذا المسار. لقد رسمت الثورة
السورية طريقاً لها تجاوز معارضي
الخارج وأولئك الذين يتداول النظام
وأعوانه أسماءهم ممن يسمّون انفسهم «معارضي
الداخل». هذا الطريق هو ذلك المرسوم
بدماء الضحايا وبالدمار الذي بات يغطي
بلدات المعارضين وأحياءهم، والتي بات
النزوح والتهجير سمتها الغالبة، وبحجم
المجازر والانتهاكات التي أمر قادة
النظام بارتكابها ونفذها رجاله وباتت
موثقة في تقارير المنظمات الإنسانية
الدولية. نظام يقدم على ارتكابات بهذا الحجم ضد
شعبه لا يحتاج إلى معارضة تتحرك
لإسقاطه. هو نظام ساقط بفعل الأمر
الواقع، وبفعل كونه نظاماً لم يعد
يتميز سوى بسلوكه الخارج عن طبيعة
الأنظمة، في المنطقة العربية وفي
خارجها. هذا لا يعني انتقاصاً من أهمية
الاتصالات العربية والدولية التي قامت
بها المعارضة، سواء «المجلس الوطني»
أو سواه، مع حكومات الخارج، منذ
انطلاقة الثورة السورية. لكنه يؤكد
واقع أن النظام السوري فقد قدرته على
البقاء على رغم كل المناورات السياسية
التي حاول بها إطالة عمره، سواء عبر
الدستور الجديد الذي أوحى من خلال وضعه
والاستفتاء عليه بانفتاحه على
التعددية، أو عبر الانتخابات النيابية
التي جاءت نتائجها الهزيلة ثم انتخاب
الرئيس البعثي لمجلس الشعب الجديد
لتؤكد كذب هذه الرغبة في التعددية
المزعومة، والتي لا يمكن أن توصف سوى
بالمضحكة المبكية. غير أن كل هذا لا يجب أن يغفل الانتباه عن
أهمية الخطوة التي اقدم عليها برهان
غليون باستقالته من رئاسة «المجلس
الوطني» بعد أن وصف سلوك المجلس بأنه
يسير بسرعة مئة متر في الساعة بينما
الثورة تسير بسرعة مئة كيلومتر. وهو ما
يثبت أن هناك مناخاً من النقد الذاتي
داخل المجلس، سواء لجهة بطئه في مواكبة
حركة الاحتجاجات في الداخل أو عدم
تردده في الإعلان عن حجم الانشقاقات
والخلافات داخل صفوفه بين الإسلاميين
والعلمانيين. هذا المناخ من الشفافية
السياسية هو ما يفتقر إليه النظام
السوري الذي يبقى أسير نمط من
الأيديولوجية الجامدة التي لا ترى
الحق سوى في ما تفعله هي من دون سواه. يسجل لبرهان غليون ولخصومه داخل «المجلس
الوطني» هذا النقاش بأصوات مرتفعة
الذي سمعناه في الأيام الأخيرة. فبينما
يعترف غليون انه بات «مرشح الانقسام»
وأنه لا يستطيع الاستمرار في وضع كهذا،
يؤكد «الإخوان المسلمون» انهم وقفوا
معه ضد منافسه جورج صبرا لأنهم
يعتبرونه المرشح الأصلح لهذه المرحلة،
نتيجة الاتصالات والعلاقات الدولية
التي أقامها، فيما قال المراقب العام
رياض الشقفة إن «الإخوان» لا يمانعون
في وصول مسيحي إلى الرئاسة إذا حظي
بتأييد أكثرية السوريين، لأن المهم في
هذا المنصب هو الكفاءة وليس الدين أو
المذهب، وهو ما سبق أن اكدوه في
وثيقتهم السياسية الشهيرة التي تضمنت
رؤيتهم للمرحلة المقبلة. ================= مواسم استيراد وتصدير
الثورات والحروب الأهلية عادل مالك * السبت ٢٦ مايو
٢٠١٢ الحياة عاد لبنان ليكون في عين العاصفة من جديد
وهي التي لم تغادره. الذي كان يجري
مراوحة الأزمات والأخطار بين مد وجزر،
سواءَ بالإيحاءَ الداخل أو الخارج أو
الاثنين معاً لتمعُن في حالات ووقائع
التمزق الوطني. وأن يبلغ الأمر حد
مسارعة خادم الحرمين الشريفين الملك
عبدالله بن عبدالعزيز إلى مخاطبة رئيس
الجمهورية اللبنانية العماد ميشال
سليمان محذراً من المزيد من المخاطر.
فأن هذا التطور ينطوي على الكثير من
الدلالات. وفي التوقف عند أبرز محطات
الرسالة السعودية تظهر الوقائع
التالية: تبدأ رسالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز
بالقول: ... «إن المملكة العربية
السعودية تتابع ببالغ القلق تطورات
أحداث طرابلس، خصوصاً لجهة استهدافها
لإحدى الطوائف الرئيسية التي يتكون
منها النسيج الاجتماعي اللبناني»،
داعياً إلى «النأي بالساحة اللبنانية
عن الصراعات الخارجية وخصوصاً الأزمة
السورية». وجاء في الرسالة السعودية إلى الرئيس
اللبناني العماد ميشال سليمان... «نظراً
لخطورة الأزمة في لبنان واعادته – لا
قدر الله - إلى شبح الحرب الأهلية،
فأننا نتطلع إلى حكمة فخامتكم في
محاولة التدخل لإنهاء الأزمة، وفي
الإطار العام لمبادرتكم ورعايتكم
للحوار الوطني اللبناني وحرصكم على
النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات
الخارجية وخصوصاً الأزمة السورية
المجاورة لها». وفي رسالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز
أكثر من نقطة يجب التنبه لها وهي تندرج
في البنود الرئيسية التالية: أولاً: استشعار العاهل السعودي بالمخاطر
التي تنطوي على ما يجري على الساحة
اللبنانية بوجه الإجمال وتحديداً ما
شهدته عاصمة الشمال طرابلس. ثانياً: تضمنت الرسالة تذكيراً بما قامت
به المملكة العربية السعودية حيال
لبنان وجرى التعبير عنها بالقول... «إن
المملكة لم تألُ جهداً في سبيل الوقوف
إلى جانب لبنان ودعمه بدءاً من اتفاق
الطائف وصولاً لاتفاق الدوحة، ولكن
تلك الجهود مهما بلغ حجمها ووصل مداها
سوف تبقى قاصرة إذا لم تستجب كافة
الأطراف اللبنانية الفاعلة، وتغلب
مصلحة الوطن اللبناني على ما عداه من
مصالح فئوية ضيقة أو خدمة مصالح أطراف
خارجية لا تريد الخير للبنان ولا
للمنطقة العربية عموماً. ثالثاً: في هذا الكلام رسائل واضحة جداً
فهي تركز على تداعيات ما تشهده سورية
من أحداث وتطورات، وتحذير واضح من
استمرار ما تشهده الساحة اللبنانية
هذه الأيام، ومن هذا المنطلق يخاطب
خادم الحرمين الشريفين الرئيس ميشال
سليمان ... «لذا نحن نتطلع إلى حكمة
فخامتكم في محاولة التدخل لإنهاءَ
الأزمة». وإذا كان صحيحاً ان رسالة الملك عبدالله
بن عبدالعزيز تركز على مصالح الطائفة
السنية، لكنها تأخذ في الاعتبار مصالح
وحاجات الطوائف الأخرى التي يتكون
منها النسيج اللبناني... وهنا يأتي
اقتراح الرياض بالدعوة إلى استئناف
الحوار الوطني بحثاً عن مخارج للأزمات
التي تعصف بلبنان. كذلك من الواضح في الرسالة السعودية
التنبيه لمخاطر ما يجري في سورية،
وبخاصة بعد انقضاء ما يزيد على أربعة
عشر شهراً من دون ظهور بوادر محددة
لنهاية وشيكة ل «الحالة السورية». رابعاً وعند بلوغ الأزمة إلى هذا المنعطف
نذكر بمقال سابق في هذه الصفحة بالذات
وقبل أسبوعين وفيه القول... «لا يكفي
إعلان موقف لبنان والقائم على «النأي
بالنفس» عن كل ما يحيط به، بل ان الأخطر
والأهم أن يتجنب لبنان بكامل نصاب
أطيافه وطوائفه من 8 آذار (مارس) إلى 14
آذار أو من «بين بين» حيث المطلوب هو:
كيف يمكن للبنان أن يحمي نفسه من
الأعاصير التي تضرب المنطقة وبخاصة
على «الجبهات السورية من جهة» و «الجهات
اللبنانية» من جهة أخرى! وفي الحديث عن تطورات المشهد السوري لا بد
من التوقف عند بعض المتغيرات التي طرأت
عليه في الأزمة الأخيرة، ويتجلى ذلك ب
«جنوح المأزق والحلول نحو «الجانب
السياسي» وهذا ما يتجلى بأكثر من مؤشر، ومن ذلك البيان الذي صدر عن «قمة الثماني»
من حيث التركيز على استبعاد كل الحلول
العسكرية وسقوط أو «إسقاط» الدعوات
إلى تغيير النظام، وانتقال طارحي
الحلول من التركيز على اعتبار هذا
النظام هو المشكلة إلى اعتبار آخر وهو
ان بشار الأسد بات جزءاً من الحل أكثر
من جزء من المشكلة». يضاف إلى ذلك اتساع رقعة الخلاف بين عدد
من «المعارضات السورية» الأمر الذي
أسهم تراجع قوى إقليمية ودولية وإعلان
«النأي بالنفس» عن زواريب الحلول. وهذا
الأمر اكسب روسيا الكثير من النقاط
لصالحها لأنها راهنت منذ البداية على
عدم استبعاد «النظام ورأسه» من الحل
المستقبلي. ويخطئ من يراهن ان الأزمة
في سورية قاربت الحل، فما زال العديد
من المفاجآت ستكشف عنها المشهدية
السورية، ولذا يُطلب من كل تدخل أو
متداخل في أزمة الحل، أو حل الأزمة أن
يعيدوا حساباتهم ورهاناتهم. على أن ما صرح به وزير الخارجية الروسية
سيرغي لافروف ما يبعث على القلق، عندما
يرى «ان الأزمة في سورية شارفت على
نهايتها، لكن المخطط الذي أعّد لها قد
انتقل أو سينتقل إلى لبنان»! هل تلمح موسكو إلى حلول موسم استيراد
وتصدير الحروب الأهلية؟ وستبقى الخشبة الكبرى انزلاق أكثر من طرف
لبناني نحو «الهاوية السورية» فيتعرض
بذلك أمن الوطن بكامله. وبالإضافة إلى
ذلك فان التفجيرات المريعة التي
شهدتها دمشق في الآونة الأخيرة أثارت
الرعب في نفوس كثيرين، لكن لعب النظام
ورقة التفجيرات لصالحه عندما استطاع
أن يسوق فكرة تورط تنظيم «القاعدة» في
هذه التفجيرات، الأمر الذي أوقع أكثر
من جهة إقليمية ودولية في حالة من
الحرج. وهنا التساؤل: هل أن الدكتور أيمن
الظواهري قد «خدم» النظام أم أساءَ
إليه عندما أعلن وقوف تنظيم «القاعدة»
ضد هذا النظام! وبعد... > ان مسارعة عدد من الدول العربية
والخليجية إلى نصح رعاياهم بضرورة
مغادرة لبنان في أسرع وقت ممكن وعدم
التوجه إلى لبنان قضى على الموسم
السياحي في لبنان والذي يعيش فيه وعليه
الألوف من اللبنانيين (ثلاثون في المئة
ألغوا حجوازتهم في لبنان). > ... ليس هذا فحسب بل ان العديد من
الأوساط رأي ان وراءَ هذه المواقف
معلومات تؤشر إلى احتمال انزلاق الوضع
اللبناني والوضع العربي بوجه الإجمال
نحو المزيد من التدهور، أي ان قرارات
هذه الدول استندت إلى معطيات محددة
وإلى معلومات موثوقة على ما يبدو. > ان وجود فريق من المراقبين الدوليين في
سورية لم يبدل شيئاً سوى استمرار القتل
والمواجهات مع وجود المراقبين أو من
دونهم، وهذا ما يطرح السؤال حول جدوى
تجربة المراقبين الدوليين. ربما ان
الاختلاف الوحيد هو انخفاض عدد
الضحايا ولو بنسبة ضئيلة منذ نشر
المراقبين في أنحاءَ مختلفة من سورية.
أما قائد هذا الفريق وهو الجنرال مودد (من
السويد) فهو غاية في الديبلوماسية
عندما يصرح «أن لا حل إلا بين السوريين
أنفسهم»! لكن لو كان مثل هذا الطرح أو الحل قائماً
هل كانت الحاجة إلى وجود مراقبين مبررة
بانتشارهم في شتى المحافظات السورية؟ إن الأمين العام السابق للأمم المتحدة
كوفي أنان والذي حملت خطة السلام
لسورية اسمه يهدد: أما خطتي... وأما...
الطوفان! ... وفي مواسم ترحيل وتمرير الثورات
والحروب الأهلية غب الطلب الكثير من
المطبات والمخاطر. رجاء أربطوا أحزمة مقاعدكم طوال الرحلة. * إعلامي لبناني ================= تصحيح العلاقة
اللبنانية - السورية بعد حربين سليم نصار * السبت ٢٦ مايو
٢٠١٢ الحياة من أبلغ الكلمات التي قيلت في ذكرى الحرب
اللبنانية، كانت كلمة دييغو باتوريل،
رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي بالوكالة. وقد ركز باتوريل في كلمته على أهمية
مصالحة اللبنانيين مع حاضرهم المضطرب
بعدما اتفقوا على مصالحة ماضيهم
المثقل بأهوال الحروب الأهلية وإرهاب
الغزاة. وكان بهذه المطالبة الصريحة يسعى إلى
إنهاء حال النزاعات اللبنانية
الداخلية التي عطلت الحياة السياسية
والاجتماعية والاقتصادية مدة تزيد على
نصف قرن. واعتبرت دعوة رئيس البعثة باتوريل بمثابة
تحذير لشعب دولة صغيرة، يصعب أن يشفى
من أمراضه النفسية بتجاهل حاضره
المقلق. وذكر أن بلاده إسبانيا، استمرت
في معالجة تداعيات الحرب الأهلية طوال
سبعين سنة. كل هذا بسبب اقتناع الإسبان
بأن السلام والاستقرار لن يتحققا داخل
مجتمع ممزق يختلف مواطنوه على الماضي
والحاضر والمستقبل. المقارنة بين حرب إسبانيا (1939) وحرب لبنان
(1975)، تظهر التماثل بينهما واضحاً،
خصوصاً أن الدولتين تحولتا إلى ساحتين
مشرعتين للتدخل الخارجي. مع فارق أساسي
هو أن الجنرال فرانكو عقب انتصاره، لم
يسلم مقاليد الحكم فوراً إلى الملك، بل
انتظر سنوات عدة أجرى خلالها عملية
تطهير واسعة. ولما شعر بأن حركة
الانصهار الوطني قد نجحت في استعادة
اللحمة الداخلية، وأن التدخل الخارجي
قد انحسر تدريجاً، قام بتجيير مسؤولية
الحكم إلى زعماء الأحزاب الجديدة
واختار لنفسه دور الراعي والمراقب. أما في لبنان، فإن الانتقال من حال
الاقتتال الداخلي طوال 15 سنة، إلى حال
السلم الأهلي، لم يدم أكثر من سنة جرى
خلالها الاتفاق على مبادئ مؤتمر
الطائف. والثابت أن اتفاق الطائف لم يحمل
للبنانيين سوى الهدوء الأمني، في حين
ظلت الحرب السياسية مشتعلة بين
الزعماء التقليديين. وقد زادت مرحلة
الوصاية السورية من حدة الخلافات
الداخلية، خصوصاً عندما ميزت دمشق «حزب
الله» عن سائر الأحزاب، ومنحته
امتيازات الجيش البديل. وكان من
الطبيعي أن يثير هذا التعاطي
الاستثنائي حفيظة الطائفة السنّية
التي شعرت بالغبن والتهميش. وهذا ما
يفسر ردود فعل هذه الطائفة عقب اغتيال
الرئيس رفيق الحريري. فقد قيل يومها إن
عملية الاغتيال عجلت في انسحاب القوات
السورية من لبنان... وأخرجت سنّة لبنان
من عروبة سورية! ثم جاءت أحداث 7 أيار 2008 لتؤكد أن
الامتيازات التي أعطيت ل «حزب الله»
جعلته وصياً على الطوائف الأخرى، وعلى
كل الجماعات التي تخالف توجهاته. مع إحياء ذكرى شهداء 7 أيار، حاول أنصار
النائب خالد الضاهر إقامة مهرجان في
بلدة حلبا (عكار). وقد اغتيل خطيب
الحفلة الشيخ أحمد عبدالواحد قبل
وصوله إلى حلبا، على يد ضابط وبعض جنود
الجيش اللبناني. وحدث أثناء إعلان
النبأ، أن عرضت إحدى الفضائيات مشهداً
يمثل الشيخ عبدالواحد وهو يخطب ضد
سورية وحلفائها في لبنان. لذلك، استنتج
بعض المحللين أن عملية الاغتيال كانت
انتقاماً للماضي، وتذكيراً بأن ملتزمي
خطه السياسي سيلاقون مصيره أيضاً. يقول المراقبون إن النظام السوري استنفر
خلال هذه المرحلة الصعبة، كل أنصاره في
لبنان وإيران والعراق، من أجل تجميل
صورته السياسية الخارجية في مواجهة
المعارضة وحلفائها. والثابت أن
المؤازرة الخارجية لا يمكنها حجب
الحقائق على أرض الواقع، خصوصاً بعد
امتداد الأحداث الدموية إلى كل
المحافظات والمدن السورية. وفي هذا
السياق، يقدر الخبراء العسكريون أن
نهاية سنة 2012 ستشهد تغييراً كاملاً في
نظام الحكم السوري، لا فرق أكان ذلك
بمشاركة الرئيس بشار الأسد، أم من دونه. واستناداً إلى المتغيرات السياسية
والاقتصادية التي تشهدها تونس ومصر
وليبيا، فإن العهد المقبل في سورية
مضطر إلى إعادة النظر في مختلف
الاتفاقيات التي وقعت مع الدولة
اللبنانية. وتتحدث المعارضة اللبنانية عن ضرورة
إلغاء كل المعاهدات والاتفاقيات التي
تقيد الدولة مثل «معاهدة الأخوة
والتعاون والتنسيق» التي وقعت سنة 1991.
وهي تنص على «الروابط الأخوية المميزة
التي تربط البلدين والتي تستمد قوتها
من جذور القربى والتاريخ والانتماء
الواحد والمصير المشترك والمصالح
المشتركة». وجاء في تفسير المعاهدة، «أن البلدين
يعملان على تحقيق أعلى درجات التعاون
والتنسيق في جميع المجالات السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
والعلمية وغيرها، بما يحقق مصلحة
البلدين الشقيقين في إطار سيادة
واستقلال كل منهما... وبما يمكن البلدين
من استخدام طاقاتهما السياسية
والاقتصادية لتعزيز علاقات الأخوة». ويرى المشرعون أن هذه المعاهدة لم تنفذ
كونها صيغت في شكل «ديكتات»، أي إملاء
من قبل سلطة متفوقة. لذلك، بقيت حبراً
على ورق مثلها مثل 39 اتفاقية و80
بروتوكولاً ومذكرة. ويقول البطريرك الماروني السابق
الكاردينال نصرالله صفير، إن «معاهدة
الأخوة والتعاون والتنسيق» أتت لمصلحة
فريق من دون الآخر. كما أن تعيين سفيرين
في بيروت ودمشق لم يلبّ حاجة لبنان في
القضايا الحيوية مثل ترسيم الحدود،
وحسم مسألة شبعا وإعادة الأراضي
المقتطعة ناحية «المصنع». وكما كان الرئيس الراحل فؤاد شهاب حريصاً
على استقبال الزعيم جمال عبدالناصر في
خيمة على الحدود اللبنانية – السورية...
كذلك كان حريصاً على استرداد كل
الأراضي التي ضمتها سورية بعد سنة 1936.
وعليه، أرسل مهندس الجيش ألبير متّى
إلى دمشق، على أمل إقناع محافظ ريف
دمشق عبدالحليم خدام، بضرورة إعادة
ترسيم الحدود. وبعد زيارات متواصلة
استمرت سنتين، طلب فؤاد شهاب من
المهندس متّى التوقف عن ملاحقة هذه
القضية لأن: ما لسورية هو لسورية، وما
للبنان هو لسورية ولبنان! وفي ضوء هذا المنطق قامت سورية باستخدام
الأرض اللبنانية، طوال 29 سنة، حديقة
خلفية تضع فيها كل ممثلي الأحزاب
المتطرفة، وكل المتدربين على مقاومة
خصومها. وكان أبرز هؤلاء الممثلين
عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال
الكردستاني، الذي أمنت دمشق لأنصاره
مخيمات التدريب على استعمال السلاح في
منطقة البقاع الحدودية. ومن هذه
المنطقة اللبنانية التي تجهل الدولة
في بيروت أي شيء عن ضيوفها الأغراب،
كان محازبو أوجلان ينطلقون عبر
الأراضي السورية للقيام بعمليات
إرهابية داخل تركيا. هكذا، استمر نشاط
هذه المجموعة سنوات عدة إلى أن حشدت
أنقرة قواتها، وطلبت من الرئيس حافظ
الأسد تسليمها عبدالله أوجلان. وعلى
أثر ذلك التهديد، رفعت سورية حمايتها
عن أوجلان الذي لجأ إلى ألمانيا
وهولندا قبل أن يعتقل في كينيا. وهو
حالياً يقبع في معتقل تركي. بين أشهر ضيوف سهل البقاع منتصف
الثمانينات، كانت رئيسة الجيش الأحمر
الياباني تسيوشي أوكودا. وهي التي دربت
كوزو أوكاموتو الذي نفذ عملية مطار
اللد حيث قتل عدداً كبيراً من
الإسرائيليين. ومع أن هذه الطبيبة
أنشأت قواعد عالمية عدة في الدول
الاشتراكية، إلا أنها اعترفت بأن
قاعدة لبنان كانت الأكثر خبرة ونشاطاً.
علماً أن الدولة اللبنانية لم تسأل مرة
ماذا يفعل اليابانيون في البقاع! كان الإمام موسى الصدر يصف لبنان في خطبه،
ب «البلد المستباح»، أو «حديقة من دون
سياج» يسطو عليها كل من يشاء. وقد تكون الحكومات اللبنانية المتعاقبة
منذ 1976 هي التي شجعت النظام السوري على
ارتكاب أخطاء دفع اللبنانيون ثمنها
غالياً من أرواحهم وأملاكهم وأموالهم. وعليه تتوقع الدولة في بعبدا والحكومة في
السراي، أن تقوم دمشق بتصحيح علاقاتها
على قاعدة الندية والمساواة والمصالح
المشتركة وحرية الاختيار. صحيح أن اتفاق الطائف قد أشعر سورية
بمسؤوليتها الأمنية تجاه لبنان... ولكن
الصحيح أيضاً أن سورية استغلت الحرب
اللبنانية كي تقوي جماعات معينة،
وتنشئ منظمات تدين بالولاء لها لا
للدولة. وبما أن سورية ستخرج من حربها
الأهلية ضمن نسيج استراتيجي جديد
ينسجم مع ظروف المنطقة، فإن بوسعها
تعزيز التنسيق الإيجابي مع لبنان بحيث
يبقى وطن الرسالة والتآخي والتعاون. عندما فتحت مدافع القوات السورية العاملة
في لبنان، نيرانها على منطقة الأشرفية
طوال أسبوع كامل، تدخل أنصار سورية في
لبنان مع عبدالحليم خدام لعله يأمر
بوقف عملية التأديب. وكان جوابه على
الفور، إن بيروت ليست أفضل من حماة...
وإن كل من يعارض الأوامر سيلقى المصير
ذاته! وفي هذا الجواب تختصر العلاقة بين نظامين
لا تفكر قيادتاهما بعقلية واحدة ومنطق
واحد. ذلك أن الديموقراطية في لبنان لا
يمكن أن تخضع لإرادة الحزب الواحد، لأن
تكوينها التاريخي مبني على خصائص
ثابتة اشتركت كل الفئات في تطويرها،
سياسياً وحضارياً. ومن هذا التكوين
برزت الحلول والوسائل التي يصح
اعتمادها في معالجة القضايا الشائكة. يقول المحللون إن الخلاف اللبناني –
السوري نشأ أصلاً من النظرة السلبية
التي ترى لبنان كياناً منافساً لسورية.
في حين يرى اللبنانيون أن بلادهم لا
تمثل صفة التنافس بمقدار ما تمثل صفة
التكامل مع أي كيان عربي آخر. والسبب أن
مخزونها الثقافي بالغ الأهمية...
ورصيدها السياسي بالغ التطور. لذلك،
يعرف رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن
مدة ولايته هي ست سنوات، في حين احتاجت
سائر الدول العربية إلى ثورات دموية كي
تنهي ولايات حكامها الأبديين! * كاتب وصحافي لبناني ================= رأي القدس 2012-05-25 القدس العربي استقالة الدكتور برهان غليون من رئاسة
المجلس الوطني السوري وقبولها من قبل
المجلس التنفيذي يعكسان حجم
الانقسامات ليس داخل المجلس نفسه فقط،
وانما حالة الانقسام التي تعيشها
المعارضة السورية في هذا الظرف الحرج. الدكتور غليون تعرض لانتقادات عديدة من
الداخل السوري، مثلما واجه انتقادات
من بعض زملائه، ابرزها محاولة البقاء
في منصبه لاطول مدة ممكنة، وهذا يتعارض
حتما مع مبدأ تداول السلطة الذي تم
الاتفاق عليه اثناء انعقاد الهيئة
العليا للمجلس في اسطنبول قبل عام
تقريبا. مشكلة المجلس الاساسية تكمن في عدة نقاط:
الاولى انه يتكون من خليط غير متجانس
من شخصيات سورية مقيمة في المهجر يفتقر
معظمها الى الخبرة السياسية القائمة
على الممارسة وعلى رأس هؤلاء الدكتور
غليون نفسه، والثانية وجود صراع بين
تكتلين الاول ديني بقيادة جماعة
الاخوان المسلمين والثاني علماني
يتزعمه الدكتور غليون نفسه، والثالثة
اتساع الفجوة بين المجلس ولجان
التنسيق المحلية التي تتحمل العبء
الاكبر في الثورة السورية، وتقوم
بالمواجهات مع قوات النظام وحلوله
الامنية. والرابعة محاولة تبني تجربة
المجلس الوطني الليبي الانتقالي
بحرفيتها دون الاخذ في الاعتبار
الاختلاف الكبير بين التجربتين
الليبية والسورية. التسرع في تشكيل المجلس الوطني السوري
واختيار قيادته هو من الاسباب
الرئيسية للازمة الطاحنة التي يعيشها
حاليا، وربما يكون هذا التسرع عائدا
الى اعتقاد ثبت خطؤه وهو ان النظام
السوري الديكتاتوري لن يصمد طويلا،
وسينهار بسرعة بسبب ضخامة الانتفاضة
والتفاف قطاع كبير من السوريين حولها
مع دعم عربي وعالمي، ولكن ما حدث ان
النظام صمد اكثر من عام وثلاثة اشهر
بسبب آلته القمعية الدموية التي ادت
الى مقتل اكثر من عشرة آلاف شخص. صمود النظام لم يكن راجعا الى ضعف
الانتفاضة الشعبية، بل هو راجع الى دعم
روسيا والصين وايران ودول اقليمية
اخرى للنظام، وهو الدعم الذي تمثل
بالمال والسلاح جنبا الى جنب مع الدعم
السياسي في مجلس الامن الدولي من حيث
استخدام حق النقض 'الفيتو' ضد اي قرار
بفرض عقوبات اقتصادية دولية ضد النظام
السوري. الشعب السوري قدم تضحيات ضخمة على مدى
الاربعة عشر شهرا الماضية من
انتفاضته، وكان صموده اعجازيا
بالمقاييس كلها، ولكن المعارضة
الخارجية التي تولت مسؤولية تمثيله في
الخارج لم تكن على مستوى هذه التضحيات،
بل شوهتها من خلال خصوماتها وتنافسها
على المناصب، وتخوين بعضها البعض. المجلس الوطني السوري الذي اراد له 'اصدقاء
سورية' ان يكون الممثل الشرعي للشعب
السوري والبديل القادم للنظام لم يكن
على قدر هذه المسؤولية الكبيرة، ولذلك
خسر الكثير من الدعم السياسي الذي حظي
به في بداية تكوينه من جانب العرب ودول
غربية على رأسها الولايات المتحدة
الامريكية. القشة التي قصمت ظهر المجلس رفض قيادته
تلبية دعوة الجامعة العربية وامينها
العام نبيل العربي للاجتماع في
القاهرة لبحث امكانية توسيع هذا
المجلس وضم معارضين آخرين له. فاذا كان
المجلس لا يستطيع التعايش مع جماعات
معارضة اخرى، بل لا يستطيع معظم اعضائه
التعايش فيما بينهم فانه سيكون من
الصعب عليه وهو الذي يطرح التغيير
الديمقراطي التعايش مع نسبة ليست
قليلة من الشعب السوري ما زالت تؤيد
النظام واقناعها بالتالي التخلي عنه. Twitter:@abdelbariatwan ================= هل هي لحظة السؤال في
عالمنا العربي الآن؟ معتصم صالحة 2012-05-25 القدس العربي إن قوة الإنسان تكمن، كما يقول أدونيس، 'في
السؤال والقدرة على طرحه، لا في الجواب.
فالآلة تستطيع أن تعطيك جواباً ولكنها
لا تستطيع أن تطرح سؤالاً'. الإنسان بحد ذاته سؤال دائم الطرح، لا
جواب له، وهنا يكمن اللُغز في جمالية
البحث عن حل له. الربيع العربي، هذه اللحظة العاصفة التي
نعيشها الآن، حتى ولو كانت لحظة هدّامة
ولم تفض، الآن، إلى أجوبة ونتائج
مباشرة، هي من أهم وأجمل اللحظات التي
نعيشها وتعيشها منطقتنا ومنذ قرون.
يقول ميشيل فوكو: 'في زمن الثورات لا مكان للكلام عن ضرورة
إيجاد البديل النظري للنظام الفاسد
لأن عدم إتاحة الفرصة لوجود بديل نظري
هو شرط وجودي لفساد هذا النظام
واستمراره لذلك فليس من واجب أهل
الثورة والقائمين عليها طرح البديل
للنظام وإنما تكفي عملية هدم نظام فاسد
لخلق بيئة صحية وبصورة تلقائية لتفرز
بديلها أياً كان'. الربيع العربي يعيد تشكيل هذا الواقع
الذي نعيشه والذي لم يعد معطى بسيطا،
بل اصبح يتخطانا ومفتوحا على الآخر
وعلى احتمالات عديدة وسط تغيرات جذرية
تجتاح وتقلب العالم. لذلك يجب علينا أن
نعيد ترتيب أولوياتنا. إعادة النظر
ودراسة كل أنظمتنا المعرفية
والتعليمية والتربوية. نحن نغرق في بحر من الأجوبة التي كانت قد
جُهزّت لنا مسبقاً، وقد آن الآوان كي
نفكر بها ونعيد طرح تلك الأسئلة
الأساسية والجوهرية في حياتنا.
ولنتخلص من أجوبة النفاق التي
تُغلّفنا. لقد أثبتت التجربة والواقع بأن هذه
الأجوبة، كل الأجوبة التي نحياها، هي
أجوبة قديمة بالية قد عفى عليها الزمن.
ولذلك لم تثمر الحياة فينا أو تفض إلى
أي نتيجة إيجابية. والنتيجة الحقيقية
هي أننا أصبحنا نعيش على حافة الأشياء،
خارج الحياة وخارج الموت، وكأن حياتنا
احتضار دائم. الآن نحن نواجه حقيقتنا، ونبدو وكأننا
فوجئنا بها. ما هو عليه فكرنا ووجودنا
وكيف تنعكس ترجمته إما قتلاً أو خراباً
وتدميرا. مشكلتنا هي في الفرد، نشأته وبنيته
الفكرية والمعرفية. يجب على كل واحد
منا أن يبدأ بنفسه أولاً. والسؤال الذي
يوازي بأهميته،منفرداً، كل ما يمكن
طرحه من الأسئلة مجتمعة هو: ماذا عن هذا الكائن الحاضر في حياتنا
الغائب منها - المرأة؟ وهذا السؤال موجّه إلى المرأة أولاً قبل
أن يكون موجّهاً إلى أي جنس آخر. المرأة، كل ما يتعلق بها وكيف نمارس
حياتنا برفقتها؟ ما نفكر حولها وكيف
نتعامل معها؟ ماهية حضورها ومشاركتها
في الحياة هذا الكائن الحاضر الغائب أو
المغيّب، الموجود ولكن في غير ذاته،
وكما يقول الفارابي: كل كائن موجود في
ذاته فذاته له، وكل كائن ليس موجوداً
في ذاته فهو موجود في آلة. المرأة في
مجتمعاتنا موجودة في آلة ولذلك
فالإنسان، الرجل، أيضاً موجود في آلة.
والمجتمع كله إذاً موجود في آلة. هذا ما
نحن عليه وما هو عليه واقعنا، وربما
كان هذا هو التفسير لما هي عليه
أحوالنا. علينا أن نتعرّف ونعترف بهذا
الواقع مبدئياً، لكي نتمكن من فهمه
ومعالجته. لأنه بغير ذلك سنبقى نراوح
مكاننا كما كنا ومنذ قرون. إن هذا الربيع العربي، حتى ولو لم يرق إلى
مستوى الثورة بمفهومها الذي درسناه
وعرفناه على مرّ العصور. حتى ولو لم يكن
سوى تمرد اجتماعي متشرذم وقائم على
الانفعال لهذه الجماهير التائهة. هو (الربيع
العربي)، وبدون أدنى شك حدث مفصلي في
حياتنا، سيدوم طويلاً، سيغير ويتغير.
ربما يدوم لسنوات وربما لعقود، سيتغير
ويتبدل مفهومه ونظرتنا إليه بمقدار ما
سنتفاعل معه. بمقدار ما سنتغير ونتبدل
في تعاطينا معه. ولكن مضمونه سيبقى
واحداً: الأمل والحرية. ولن ينجو أحد
منه. الأمل في تجديد الحياة يقول، بغض النظر عن
من أوقده(الربيع العربي)، أكان الفقر
والحرمان أم قمع الديكتاتوريات. أكان
التعصّب والتديّن أم الجهل والتخلف.
أكان النفط وأمواله أم الغرب وتأثيره.
أكان واحد من هذه الأسباب أم كلها
مجتمعة، فليس هذا هو المهم الآن. إنما
المهم هو أن نتفاعل معه، نستثمره
ونستغلّ هذه الفرصة النادرة في حياتنا
وحياة شعوب الأرض _ التي تحسدنا على ما
نكتبه ويكتبه تاريخنا الآن. والحرية تقول، هي لحظة السؤال والهدم
الآن، والتركيز على الهدم الداخليّ
يجب أن يكون أكبر وأكثر بكثير مما هو
على الخارجي الكاذب والزائف. لأن هذا
هو نتيجة حتمية لذاك. يقول الكاتب
والمؤرخ اليوناني بلوتارخ 'ما نبنيه
داخلياً يغيّر الواقع الخارجي'. إن هذا الهدم لهذا (الرّكام) الذي أثبت
الواقع الذي نعيشه بأنه لا يستحق أكثر
من هذه التسمية، يجب أن يرافقه هدم
داخلي شبه كامل، ذرة ذرة، لنُسَوّي
الأرض ونمهدها لبناء جديد. لذهنية
جديدة قادرة على التغيير، تغيير جذريّ
وبناء أساس صحيح ومتين. أولاً يجب علينا أن نعترف بالفشل، بما نحن
عليه وأن نتوقف عن الإدعاء بما لسنا
عليه. أن نعرف ونعترف بأن مجتمعاتنا
مؤسّسة على مجموعة كبيرة من العبوديات
المرئية، ومجموعة أكبر من العبوديات
غير المرئية. ثم بعد ذلك يجب علينا أن نبدأ بتفكيك
وخلخلة كل القواعد التي تقوم عليها هذه
المجتمعات، كل المجتمعات داخل
مجتمعنا، دون استثناء. كي نكون من جديد، يجب علينا أن نخرج
أنفسنا من أنفسنا إلى أفق جديد وامتداد
جديد، لنا وللآخر. بالرغم من كل هذه الآلام والمآسي والموت
الذي نراه يومياً. هناك من يصرخ في
داخلي فرحاً واتقاداً: ثرنا وأخيراً
ثرنا، هناك أمل لحياة جديدة وواقع جديد.
لقد بدأ الإنسان الذي فينا يسأل ويرفض
وينتقد ويحتج ويأمل. لقد كنا غافلين لا نرى ولا نسمع، لا
بالجرائم التي ترتكب ولا بالمآسي التي
تحدث في غياهب السجون. الآن الكل يرى
والكل يسمع. كُنّا أمة تحتضر، الآن، نحن بشر نولد من
جديد. ' كاتب من سوريا ================= اكرم البني الشرق الاوسط 26-5-2012 يتفق الكثيرون على أن سوريا تمر اليوم
بمرحلة حساسة ومصيرية من تاريخها، وأن
خطة كوفي أنان تسير نحو الفشل
والإخفاق، فاتحة الأبواب على احتمالات
متنوعة وعلى اجتهادات شتى في قراءة
آفاق الحالة السورية ربطا بما قد يستجد
من تطورات داخلية ومن مواقف عربية
ودولية مؤثرة. ثمة من تحكمه روح التشاؤم ويعتقد
باستمرار حالة الاستنزاف والاستنقاع
فترة طويلة، مرجحا تكرار المشهد
المزدحم بمظاهرات شعبية تمتد وتتسع في
المساءات والليالي وأيام الجمع، وتجر
خلفها مزيدا من الضحايا، وبقوات أمنية
وعسكرية تنتشر في كل مكان ولا توفر
وسيلة من وسائل القمع لمحاصرة حراك
الناس وإعادة السيطرة على المناطق
المتمردة! العجز عن الحسم واستمرار الاستعصاء هو
احتمال قائم، مع تصميم أهل السلطة على
منطق القوة والغلبة ورفض الامتثال
للحلول السياسية، وما يزيد هذا
الاحتمال حضورا، ضعف المعارضة
السياسية التي لم تنجح حتى الآن في رص
صفوفها وتشكيل حضور وازن يرفد الحراك
الشعبي ويمكنه، وأيضا تأخر حصول تحول
في موقف الفئات السلبية أو الصامتة
واستمرار إحجامها عن الدخول على الخط
وتثقيل كفة الثورة، بعضها لتصديقه
وعود النظام ونياته الإصلاحية وبعضها
لخشيته على حقوقه ومصالحه، ومما يثار
عن وجود قوى متطرفة أو سلفية تتحين
الفرصة للاستحواذ على السلطة والإجهاز
على المجتمع، وفرض أجندتها عليه. في
المقابل، ثمة من لا يرى فرصة لاستمرار
هذا المشهد الرتيب، فتوغل السلطة في
عنف أعمى لا يعرف حدودا، وسحقها لأبسط
أشكال النضال السلمي والمدني، ثم نفاد
صبر المتظاهرين وتراجع قدرتهم على
التحمل، وإذا أضفنا فقدان الأمل بأي حل
سياسي أو بدور عربي أو عالمي يمكنه أن
يوقف العنف ويعترض هذا الاستخدام
المفرط للقوة، فإننا نقف أمام أهم
الأسباب التي تدفع الناس نحو مسار
جديد، نحو تغليب منطق القوة ولغة العنف
والسلاح، تعززه الانشقاقات المتواترة
في صفوف القوات النظامية، وانتقال
الحضور المسلح من حالة الدفاع عن
النفس، وحماية أماكن التظاهر إلى شن
هجمات على بعض المواقع والحواجز
العسكرية، مما ينذر بفتح الباب أمام
صراعات أهلية، تعيد بناء الاصطفافات
بصورة غير صحية وتضع البلاد على مشارف
طريق خطرة ومدمرة. هناك من لا يستبعد
تدخلا خارجيا حاسما يقرر مصير الأوضاع
السورية، لكن بعد أن تسقط كل الرهانات
على خطة كوفي أنان، وتمر الانتخابات
الأميركية بسلام، عندها ربما تتوفر
فرصة كبيرة لإنجاز تسوية بين الأطراف
الدولية الرئيسية، خاصة أميركا
وروسيا، تصوغ مشروع تغيير سياسي في
البلاد يفرض فرضا على نظام وصلت أموره
حد الاهتراء، وربما يأخذ شكل تدخل
عسكري رادع تحت مظلة الأمم المتحدة
لحماية المدنيين شريطة استمرار تعنت
النظام السوري، ووصول موسكو إلى حرج
وقناعة بأنه استنفد كل الفرص وتمادى في
لعبة كسب الوقت، وفي استخدام عنف مفرط
لم تعد تحتمل تغطيته سياسيا وأخلاقيا. لكن ما يخفف الاحتمال العسكري هو تكلفته
في بلد لا يمتلك ما يكفي من موارد
للتعويض والأهم خطورته، وأن اللجوء
إليه قد يفضي إلى زعزعة استقرار
المنطقة برمتها، فالمرجح أن تمتد
المعركة وتتسع رقعتها مع دخول حلفاء
النظام السوري في المعمعة. وهناك أيضا من يراهن على حصول تغير في
تركيبة السلطة نفسها أو في موقع اتخاذ
القرار، ففشل خيار العنف في إخماد
الاحتجاجات وما خلفه من إنهاك للقوى
العسكرية والأمنية، ثم دور العقوبات
ضد بعض المسؤولين وتصاعد حدة الضغوط
العربية والدولية الراغبة في تنشيط
الحلول السياسية، هي عوامل يمكن أن
تفضي إلى تفكيك الدائرة الضيقة
المتمسكة بالحل الأمني، وتسمح بتبلور
قوى عسكرية ومدنية من داخل بنية النظام
نفسه تزداد قناعة بضرورة وقف العنف
والالتفات إلى معالجات من طراز مختلف
لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وقد تتجه إلى
ما يعرف بصفقة تاريخية مع المعارضة
السياسية والقيادات الميدانية
للمحتجين، تضع البلاد على أبواب مرحلة
انتقالية يتشارك فيها الجميع في
التحول نحو الدولة المدنية
الديمقراطية. لكن هذا الاحتمال يبقى ضعيفا، ليس فقط لأن
دوائر السلطة لا تزال متماسكة ولم تفرز
إلى الآن وجوها لها تأثير ونفوذ
مميزان، وتتجرأ على المجاهرة بضرورة
وقف الخيار العنفي واللجوء إلى
المعالجة السياسية، وإنما أيضا لأن
النخبة الحاكمة نجحت في خلق شبكة متينة
من المصالح المشتركة بين مراكز القوى
السياسية والاقتصادية والعسكرية
والأمنية يصعب الرهان على خلافات ذات
معنى في صفوفها. ويبقى من يعتقد باحتمال لجوء النظام
السوري لسياسة الهروب إلى الأمام عبر
تصدير أزمته إلى بلدان الجوار؛ لبنان
وتركيا مثلا، أو تسخين أجواء الحرب مع
إسرائيل، والرهان على ذلك في إعادة خلط
الأوراق، ويجد هؤلاء أنها عادة أصيلة
لدى الحكم السوري، بأنه في كل مرة
تتصاعد فيها مشكلاته الداخلية يلجأ
إلى افتعال أحداث في أحد بلدان الجوار
أو تسخين الخطاب الهجومي ضد إسرائيل
على أمل خلق مناخات ضاغطة على الناس
للانكفاء ومنح الأولوية للأحداث
الخارجية على حساب التحديات الداخلية،
لكن تبدو هذه السياسة اليوم أشبه
باللعب بالنار، فانتقال الأزمة إلى
بلدان الجوار قد يرتد عليه ويزيد
الأوضاع السورية تفاقما، ويرجح إن
استجرت إسرائيل إلى معركة أن ترد
بضربات حاسمة من شأنها أن تهز هيبة
النظام وتحرمه ما تبقى من قدرة على
السيطرة، ولكن تبقى فرص هذا الخيار
قائمة وتزداد طردا مع وصول أهل الحكم
إلى درجة من اليأس قد تدفعهم لخوض
الصراع «إما قاتلا أو مقتولا»! أخيرا لا يخفى على أحد أن الاحتمالات
السابقة ترتبط جميعها بخيط واحد هو
الإنكار السلطوي لحتمية التغيير
السياسي والإصرار على التوغل أكثر في
العنف والتنكيل التعسفي ضد شعب يزخر
بطاقة لا تنضب وباستعداد استثنائي
للتضحية من أجل نيل حريته وكرامته! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |