ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مجزرة الحولة.. ولا يزال
السوريون يدفعون الثمن 2012-05-27 الوطن السعودية يبدو أن نظام الأسد يريد البقاء وحده في
سورية، فالمجزرة الأخيرة في منطقة
الحولة بمحافظة حمص والتي راح ضحيتها
عشرات الشهداء بينهم 32 طفلا؛ خير شاهد
على ذلك. ويبدو أيضا أن طاغية الشام
وزمرته الفاسدة يعون تماما أن كل
المساعي الدولية لإنقاذ الشعب السوري
من ويلات النظام ليست جادة، أو لنقل
بأن لغة المصالح في قضية معقدة كهذه
تأتي أولا، مهما كلف الأمر، وأن هذه
المصالح والحسابات السياسية المعقدة
بين القوى الكبرى تقف حائلا أمام كافة
الحلول المفصلية التي من شأنها إيقاف
حمام الدم في سورية. لقد أضحى موقف المجتمع الدولي بشأن ما
يجري في سورية مجرد ردات فعل، لا
مبادرات حقيقة لإنهاء الأزمة، وحده
النظام السوري من يبادر، يقتل، يشرد،
ويعتقل، أمام أفواج من المراقبين
الدوليين، وكلما ازداد عدد المراقبين
ازداد النظام في وحشيته وقمعه للشعب.
والعالم كله يتساءل: لم تتوقف المجازر
في سورية قبل وبعد إرسال بعثات
المراقبين.. فما الذي ينوي المجتمع
الدولي فعله؟ وكأن بشار وزمرته يقولون:
ماذا أنتم فاعلون؟! بالتأكيد فإن الإجابة على هذا التساؤل
المصيري تُبحث خلف كواليس السياسة،
بلغة باردة، تتمحور حول حسابات الربح
والخسارة للقوى العظمى في قادم
الأيام، فإسقاط النظام السوري يعني
مستقبلا سياسيا غير واضح المعالم في
المنطقة، خاصة فيما يتعلق بحزب الله
وإيران وإسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى
روسيا التي تتوق جاهدة إلى موضع قدم في
الشرق الأوسط. أما المجلس الوطني السوري المعارض والذي
أصدر بيانا يدعو فيه مجلس الأمن الدولي
إلى عقد اجتماع فوري بعد المجزرة
الشنيعة فإن عمله في الوضع الراهن لا
يتعدى التنسيق السياسي مع المجتمع
الدولي حول الخطوات البطيئة لمحاولة
احتواء الأزمة، ووقف عمليات القتل
التي ينتهجها النظام، وسبل تقديم
المساعدات الإنسانية للنازحين
السوريين، والتنسيق مع الجيش الحر في
الداخل، والمجلس الوطني وإن كان يعبر
عن مطالب الشعب السوري الثائر إلا أن
دوره في الواقع يحتم عليه مجرد التعويل
على المجتمع الدولي. القضية السورية لها أبعادها الإقليمية،
وحلها يرتبط بحل معظم الإشكالات
السياسية في المنطقة، بل ويرتبط أيضا
بنقاط التوافق شبه المستحيلة بين
المعسكرين؛ الغربي الذي تقوده
الولايات المتحدة والشرقي الذي تتصدره
كل من روسيا والصين. وبانتظار الحل لا
يزال الشعب السوري يدفع الثمن. ================= رأي الراية الراية 27-5-2012 لا تكفي بالتأكيد عبارات الشجب والتنديد
للرد على المجزرة والمأساة الوحشية
التي ارتكبتها قوات النظام السوري في
مدينة الحولة بريف حمص وسط البلاد
والتي أدت إلى مقتل 92 شخصا بينهم 32 طفلا
فيما تحدثت معلومات أن عائلات بكاملها
قتلت "ذبحا" على أيدي "شبيحة
النظام ومرتزقته"، وأنه تم "تقييد
أيدي أطفال قبل قتلهم". لقد أثبت النظام من خلال هذه المجزرة
الوحشية مرة أخرى أنه لا يقيم وزناً
للحياة الإنسانية وأن قواته وأجهزة
أمنه لا تتمتع بأدنى ذرة من الأخلاق أو
الشرف أو الضمير الإنساني، كما أثبت
النظام مرة أخرى أنه لا يعبأ بالمجتمع
الدولي وقراراته ومبادراته. إن إعلان المراقبين الدوليين الذين زاروا
مدينة الحولة بعد المجزرة المروعة أنه
جرى استخدام مدفعية الدبابات في قصف
المدينة، يلقي بشكل واضح مسؤولية
المجزرة على قوات النظام السوري،
ويعني أيضا أن النظام قد أطلق النار
على مهمة المراقبين الدوليين وأهال
التراب على مبادرة المبعوث الدولي
والعربي كوفي عنان الذي أعلن أنه سيزور
دمشق قريبا لمتابعة مبادرته التي لم
يلتزم النظام بها وببنودها لحظة واحدة. بات من الواضح الآن أن النظام يريد جر
البلاد إلى حرب أهلية تطيل أمد بقائه
بعد أن فشل في قمع الثورة الشعبية
المطالبة بالحرية والديمقراطية
والتغيير، مما يستدعي بالمجتمع الدولي
الذي أدان المجزرة الوحشية أن يخرج من
دائرة الشجب والإدانة والاستنكار إلى
الفعل لتوفير الحماية للشعب السوري
الذي يذبح على يد نظامه الفاشي. إن المسؤولية الآن تقع على عاتق مجلس
الأمن الدولي المنوط به حفظ الأمن
والسلام لاتخاذ الإجراءات الفورية
اللازمة لوقف هذا التصعيد في أعمال
العنف والقتل الذي تقوم به العصابات
المسلحة والقوات العسكرية النظامية
التابعة للحكومة السورية. كما أن المسؤولية الأخلاقية تستدعي من
الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة
وخاصة ذات الصلة بحقوق الإنسان إلى
سرعة التحرك من أجل محاسبة المسؤولين
عن ارتكاب هذه المجزرة البشعة
والمجازر التي سبقتها والضغط على
النظام السوري بمختلف الوسائل من أجل
وقف انتهاكاته الجسيمة ضد المواطنين
السوريين. إن عجز مجلس الأمن عن اتخاذ إجراءات فورية
وضمن البند السابع من ميثاق الأمم
المتحدة من أجل توفير الحماية للشعب
السوري يعني ببساطة أن العالم أو
بالتحديد القوى الحليفة للنظام السوري
قد تواطأت في الجريمة المستمرة التي
يرتكبها النظام ضد أبناء الشعب السوري
وأنها شريكة ومسؤولة مسؤولية مباشرة
في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
التي تجري في سوريا. ================= النظام السوري ... مجرد
لوح زجاج صلب زين الشامي الرأي العام 27-5-2012 بغض النظر عما حصل وما اشيع عن عملية
الاغتيال الخاصة بحق ضباط ومسؤولين
كبار والتي اعلنت مسؤوليتها عنها ما
تسمى «كتائب الصحابة» التابعة «للمجلس
الأعلى لقيادة الثورة في سورية» ثم عاد
التلفزيون الحكومي وكذّبها جملة
وتفصيلا، نقول بالرغم من ذلك، فإن مجرد
الافتراض ان العملية كانت دقيقة
وناجحة ونتائجها كانت قتل اولئك
المسؤولين، فهذا سيعني ان النظام
السوري كله صار بخبر كان اليوم. نقول ذلك بالرغم كل ما يحكى عن «صمود» هذا
النظام، وعلى الرغم من كل التظاهرات «المليونية»
التي كان يسيرها في ساحات بعض المدن
السورية، وعلى الرغم من الدعم الذي
يتلقاه من دول مثل روسيا والصين او
مجموعات اقليمية مسلحة كحزب الله
اللبناني وغيره من القوى السياسية
والطائفية في بعض الدول العربية. نقول ذلك لأن طبيعة النظام السوري هي
طبيعة استبدادية تقوم على حكم الفرد
والدولة التي يحكمها «القائد» و«الزعيم»
هي طبيعة امنية وليست مؤسساتية مدنية.
ففي الدولة الاستبدادية الامنية يقوم
كل شيء على حكم الفرد الواحد او الشخص
الذي يتحكم في كل مفاصل القرار وتتبع
له اجهزة امنية متعددة يدين كل قادتها
وموظفيها بالولاء التام والمختبر له
بحيث لا يمكن ان يصل اي ضابط الى قيادة
احد الفروع الامنية اذا لم يثبت ولاء
كاملا على مدار سني خدمته. اما
الاعتبار المتعلق بالوطن والأمن
القومي فهذا يأتي في مرتبة ثانية وربما
ثالثة. أما آلية العمل الداخلية في هذه الاجهزة
فتقوم على الشيء نفسه لناحية الولاء
الكامل والمطلق للضباط والعسكريين
للرئيس او القائد «الملهم» و«التاريخي».
في هذا السياق اذكر ان استدعيت للتحقيق
مرة من قبل اللواء هشام الاختيار الذي
كان يشغل وقتها منصب رئيس «فرع المنطقة»
قبل ان يترقى ويصبح لاحقا رئيسا لمكتب
الأمن القومي، وذلك على خلفية احد
المقالات في هذه الصحيفة، وقد لفت نظري
وقتها عدد الصور الموجودة في مكتبه
للرئيس الاسبق حافظ الاسد ثم للرئيس
بشار الاسد ثم صور اخرى لباسل الاسد
وصورة جماعية لعائلة الاسد بكل
افرادها، وصورة خاصة تجمعه وهو بالزي
العسكري مع بشار الاسد وهو يصافحه.
وقتها تساءلت بيني وبين نفسي: «ماذا
يريد ان يثبت هذا الضابط الكبير من
وراء تعليق كل هذه الصور على جدران
مكتبه؟». انا اتفهم وجميعنا يتفهم ان يقوم حانوتي
او بائع خضرة او حلاق شعر او مختار الحي
في الدولة الامنية بتعليق صور متعددة «للزعيم»
في حانوته او مكان عمله، لكن ان يقوم
ضابط كبير بتعليق العديد من الصور في
مكتبه فهذا يشكل مدعاة للتساؤل او ربما
التفكير... لكن هذه الحالة عامة وليست
مقتصرة على اللواء هشام الاختيار
وحده، بل غالبية رؤساء الاجهزة
الامنية في «سورية الاسد» يقومون
بالشيء ذاته، والسبب كما قلنا سابقا
يتعلق بطبيعة الدولة القائمة على حكم
الفرد حيث يرفع الزعيم في الاعلام
الرسمي والتنظير الداخلي للحزب الحاكم
الى مستوى يقترب من التأليه والتقديس.
لذلك من الطبيعي جدا ان تسمع قصصا
حقيقية وواقعية لسجناء قضوا سنين
طويلة في الزنازين لمجرد انهم شتموا او
اهانوا «القائد» في الوقت ذاته الذي
ترى فيه بعضا ممن يشتمون الذات الإلهية
يعيشون حياة طبيعية دون محاسبة او
عقاب؟ وعليه، فإن نظاما هذه هي طبيعته، ويقوم
على تركيبة امنية هرمية يشكل القادة
الامنيون قاعدتها و«القائد» او الفرد
رأسها في الأعلى، من السهولة ان يسقط
ويتلاشى مع سقوط تلك القاعدة او بعد
توجيه ضربة مميتة لرموزها، وهي في
سورية نحو ثلاثة عشر فرعا امنيا او
اكثر بقليل يتحكمون بكل شيء في الدولة
ويترصدون كل ما له علاقة بأمن وسلامة
وبقاء «القائد». ان هذا الواقع ليس ولم يكن يوما خاصية
سورية، ان مصير جميع الانظمة
الاستبدادية التي كانت تدار بهذه
الطريقة والتي تعرضت لانتفاضات وثورات
شعبية مثل رومانيا وغيرها كان مصيرا
متشابها، حيث وما إن يسقط الزعيم او
القائد، يسقط معه كل شيء. لكن نحن في
سورية ننطلق من فرضية اخرى تقول ماذا
لو تم استهداف وضرب القاعدة الامنية
التي يستند اليها رأس النظام، هل ستكون
النتيجة نفسها، وهل سينتهي النظام
جميعه؟... كل الوقائع والمؤشرات تقول
نعم سيسقط حتى لو اخذ ذلك بعض الوقت. ان ضربة قاتلة لرؤوس الاجهزة الامنية وهم
مفاصل وركائز النظام السوري الحقيقية،
تشبه تماما اطلاق فلاحي القرية النار
على قوائم و اطراف الذئب، يجعله يتخبط
ولا يموت في الحال، لكنه بشكل اكيد صار
في حكم المنتهي او الميت او المقبوض
عليه. لذلك ورغم ادعاء القوة والتماسك و«نهاية
المؤامرة على سورية» كما يقول معلقون
مناصرون للنظام السوري وفي الاعلام
الحكومي نفسه، فإن النظام السوري يبقى
ضعيفا مهما تكابر او حاول ان يتجمل
ويدعي التماسك، ومهما كان حجم وعدد «المسيرات
المليونية» المؤيدة للزعيم، لأن قوته
ومظهره في هذه الحالة التي نعيشها
اليوم تشبه تماما قوة ومظهر وشكل لوح
الزجاج الذي يبدو متماسكا وقويا خلال
النظر اليه، لكن مجرد ضربة بسيطة قد
تقسمه الى قسمين او ربما تحطمه تماما
فيما لو كانت تلك الضربة قوية. ================= الطرف الثالث على الساحة
السورية مها بدر الدين الرأي العام 27-5-2012 احتار بان كي مون في كيفية توزيع اتهاماته
واستنتاجاته حول ما يحدث في الشارع
السوري من أساليب قديمة حديثة تتبع
حالياً في مختلف المناطق الساخنة في
سورية خصوصا العاصمة دمشق،
فالانفجارات التي تحدث هنا وهناك
أصبحت اللغة السياسية الجديدة التي
تفرض مفرداتها على الساحة السورية
والتي تدل على إفلاس سياسي حقيقي
للنظام السوري سواء كان معنياً بتنفيذ
هذه الانفجارات أو بعيداً عنها، فهو
المسؤول الأول والأخير أمنياً
وقانونياً عن هذه الانفجارات أمام
المجتمع الدولي، كونه ما زال يمثل
السلطة السورية أمام الأمم المتحدة
على الأقل. فبعد أن سارع السيد بان كي مون باتهام
القاعدة في تنفيذ انفجاري دمشق
الأخيرين كونهما يحملان البصمة
القاعدية نفسها في أساليب التفجير،
عاد يسحب اتهامه بشكل أسرع ليوجهه نحو
طرف هلامي ضبابي لا لون له ولا رائحة
ولا بصمة ولا دمغة وربما فضائياً وليس
أرضياً، وهو ما أطلق عليه اسم الطرف
الثالث مجهول الهوية الذي يقوم بتنفيذ
أجندات خاصة لخدمة أهداف خاصة، في
محاولة منه تبرير الإصرار الأممي على
تنفيذ مبادرة أنان رغم كل القصور الذي
شابها، وكل الخروقات التي انتهكت
لمبادئها، وكل التجاهل المتعمد
لنقاطها الستة التي لم ينفذ منها قيد
أنملة على أرض الواقع. فلو افترضنا حسن النية في تصريحات أمين
عام الامم المتحدة، باعتبارها الوسيلة
التي وجدها مناسبة للضغط على جميع
الأطراف للالتزام بالخطة الأنانية (نسبة
لأنان) التي لم يستطع أن يتفتق ميثاق
الأمم المتحدة وجميع القوانين
والمواثيق الدولية على حل آخر غيرها
للأزمة السورية بعد أن ثبت عدم جدواها
في ظل تعنت النظام السوري وتمسكه بالحل
العسكري لإدارة الأزمة، أقول لو
افترضنا حسن النية فإننا نتفق معه هنا
على وجود هذا اللاعب الثالث الذي يمسك
بالكرة الآن في ملعبه ويظهر مهاراته
التخطيطية وقدراته التنفيذية أمام
الطرفين الآخرين النظام والمعارضة،
لكننا لا نتفق معه في محاولة رسم هالة
من الغموض حول هذا اللاعب وعدم إظهار
ماهيته، لأنه مما لا شك فيه أن لاعبين
كثراً قد دخلوا على الساحة السورية
لتعيث فيها فساداً، ولكل لاعب منهم
طريقته الخاصة في تنفيذ خططه المكلف
بها، وهذا الطرف الثالث لا يتعدى كونه
واحداً من هذه الأطراف النشطة حالياً
في سورية والتي تتمثل بالجهات التالية: أولاً- الجمهورية الإسلامية الإيرانية
التي أبدت تأييدها المطلق للنظام
الأسدي في دمشق منذ بداية الثورة، بل
أنها لم تدخر جهداً ولا مالاً في دفع
دفة القيادة السورية نحو الجنوح عن
طريق الحل السياسي للأزمة وتفضيل الحل
القمعي المفضل لدى النظام الإيراني،
وقد ثبت في أكثر من مناسبة تواجد
العنصر الإيراني في كل أماكن
الانتهاكات الإنسانية والآدمية لحقوق
الشعب السوري، كما لم يعد يخفى على أحد
الكم الهائل من المستشارين الإيرانيين
العسكريين والأمنيين الذين يشاركون في
وضع الخطط للقضاء على الحراك الشعبي
السلمي ويشرفون بشكل مباشر على
تنفيذها بمشاركة عناصر إيرانية وعتاد
إيراني مميز مورد مباشرة من طهران، على
ظهور السفن الإيرانية القادمة محملة
بالسلاح والمغادرة محملة بالمعتقلين
والشهداء السوريين. ثانياً- حزب الله اللبناني الذي تحول من
حزب إسلامي مقاوم إلى حزب أسدي مقاول،
فبعد أن كنا نتغنى بأمجاده وبطولاته
أمام العدو الإسرائيلي أصبحنا نراه
مرتمياً أمام النظام السوري ارتماء
اللبؤة أمام الأسد، وأثبت عملياً أنه
لا يتعدى كونه جناحاً عسكرياً رديفاً
لحزب البعث العربي الاشتراكي يلتزم
بمبادئه المهترئة ويعتمد إيديولوجيته
المستبدة، وقد ثبت تواجد عناصر من حزب
الله في مختلف المناطق السورية
الساخنة، كان آخرها حسب ما تداولته
تنسيقيات الثورة السورية اقتحام أكثر
من مئتي عنصر من عناصر حزب الله لبعض
القرى الصغيرة في ريف مدينة القصير
الحدودية، حيث قاموا بإنشاء الحواجز
واعتقال العديد من سكان هذه القرى
وتهجير العديد منهم، وذلك تحت مظلة
الجيش السوري النظامي الذي أعطى غطاء
عسكرياً لدخول هؤلاء العناصر، كما أن
تفجيرات دمشق تشبه إلى حد كبير تفجير
بيروت الكبير الذي أدى إلى مقتل رفيق
الحريري والذي اتهم حزب الله بالتخطيط
له وتنفيذه. ثالثا- الميليشيات العراقية المختلفة
القادمة من الحدود العراقية والتي
اصبح تواجدها مؤكداً سواء ميليشيات
المالكي وعناصره الداعمة للنظام
السوري، أو ميليشيات مقتدى الصدر التي
تعتبر الساحة السورية ساحة جهاد من
الواجب الديني التوجه إليها، وكثيراً
ما عبرت حافلات فيلق القدس الحدود
السورية حاملة راية الجهاد والنصرة،
وتحدث البعض عن تعرف السكان في المناطق
المنكوبة على هوية هؤلاء في تلك
المجازر الدموية التي ارتكبت بحق
عائلات بأكملها في أحياء عدة من المدن
السورية الثائرة. رابعاً لا يستبعد وجود أطراف دخيلة أخرى
تمثل توجهات ومصالح لبعض الدول او
الجهات الداخلية أو الخارجية، فقد
أصبحت الحدود السورية مفتوحة أمام
تسلل كل من له مآرب في تأجيج الأوضاع
السورية، كما لا يستبعد أن يظهر
مستقبلاً تواجداً للمارينز الأميركي
أو الموساد الإسرائيلي أو حتى عصابات
المافيا الدولية. و في كل الأحول ومهما كانت ماهية هذا
الطرف الثالث، فإنه من المؤكد أن
المسؤولية القانونية والأمنية تقع على
عاتق النظام السوري تجاه تواجد هذا
الطرف على الأراضي السورية، فهو
المنوط به الحفاظ على أمن الوطن
والمواطن وضبط الحدود وإفشال محاولات
التهريب والتسلل، خصوصا وأنه ليس من
مصلحة المعارضة السورية تواجد مثل هذه
الأطراف التي تصب جميع أعمالها
الإرهابية في مصلحة النظام السوري
الذي يمتلك أكثر من عشرين فرعاً أمنياً
لا تستطيع نملة أن تدخل الأراضي
السورية دون علم أحدها على الأقل. وهنا نستميح السيد بان كي مون عذراً، لأن
الشمس لا تغطى بغربال، فالحدث لا يشوبه
غموض، وتحليله منطقياً مرفوض. ================= النظام السوري حين “يُحشرج”..
النظام الذي يُحشرج يُصاب بالجنون،
ويلجأ إلى استعمال كل مايظنّهُ
أسلوباً مناسباً لإخماد الثورة د. وائل مرزا الأحد 27/05/2012 المدينة تدمى القلوب مع مشاهد مجزرة الحولة في حمص.
لكن هذا المشهد المُهيب من مشاهد
الملحمة السورية الكبرى يأتي هذه
المرة في سياقٍ مختلفٍ عن المجازر
الأخرى. ثمة تحولٌ مفصلي في مسار الثورة السورية
في الأسابيع القليلة الماضية، وهو
يؤثر إيجابياً على الثورة وسلبياً على
النظام، سواء تعلّق الأمر بتصاعد
الحراك السلمي كمياً ونوعياً، أو
توسّع مساحات سيطرة الجيش الحرّ على
الأرض، أو على الصعيد المعنوي، حيث
بدأت الحالة المعنوية للثوار ترتفع
بدرجةٍ هائلةٍ ملحوظة، في مقابل هبوطٍ
ساحق لمعنويات النظام وأزلامه. هناك دلالات كبرى تتعلق بقضية الحالة
المعنوية يجدرُ بالجميع الانتباه
إليها وتوظيفها بذكاء ومهارة. ففي مثل هذه الظروف الدقيقة، تؤدي هذه
القضية مهمتين استراتيجيتين في غاية
الحساسية. إذ يصبح انهيار المعنويات،
بحدّ ذاته، سلاحاً فتاكاً يطعن النظام
في قلبه ويُصيبه بما هو أشبه بالسرطان
المعنوي الذي يُحطّم جسده المُنهك
أصلاً، لأن ذلك الانهيار يزرع الخوف
والشكّ والحيرة والقلق والفوضى بين
صفوفه. والقرائن المؤكدة على هذا
الواقع تتواتر كما يظهر من الوقائع
الكثيرة على الأرض. يكفي هنا مثالاً
مانقله الزميل إياد شربجي على صفحته
كما يلي: «حدّثني صديق التقى جندياً انشق البارحة
في حرستا يقول بأن الجندي أخبره بأن
معنويات ضباط الجيش باتت في الحضيض،
وهم مذعورون و لا يأمنون حتى جنودهم
ويتمترسون أغلب الوقت بعيداً عنهم
ويتواصلون معهم باللاسلكي، حتى عناصر
الأمن والقناصة المرافقون لهم هكذا
حالهم، وأنهم باتوا أكثر تمرداً على
قادتهم ويتشاجرون مع بعضهم طيلة الوقت.... يضيف الجندي أن كثيراً جداً من زملائه
يريدون الإنشقاق بعد ما شاهدوه بأم
الأعين من جرائم، وأن ما يمنعهم من ذلك
الآن هو فقط خشيتهم من الحساب بعد ما
اقترفوه وتورطوا هم فيه، وإلى ضمان أن
يجدوا ملاذاً آمناً لدى الجيش الحر
والأهالي. الجندي قال أيضاً أن هناك ضابطاً برتبة
ملازم أول قتل رائداً وعقيداً قبل
أسبوعين في دوما ثم انتحر بعد أن أصيب
بحالة عصبية غريبة علماً بأنهم جميعاً
من أشد الموالين للنظام، وأنه تفاجأ
وزملاءه عندما سمعوا على إذاعة شام إف
إم أن هؤلاء الضباط قتلوا على أيدي
العصابات المسلحة على الحدود مع تركيا. أعتقد أن في هذا الكلام الكثير من الدلائل
والإشارات. تحليلي الشخصي بعد العديد من الشهادات
المماثلة أن النظام يتآكل بسرعة من
الداخل رغم كل ما يحاول إظهاره من
تماسك.. أحسب أنه في أضعف حالاته الآن
أكثر من أي وقت مضى، .......». انتهى النقل، وكلام إياد مجرد شهادة
واحدة من شهادات (تتواتر) إلى الجميع من
الداخل. والتحليل الذي يُشير إليه هو
تحديداً المهمة الاستراتيجية الثانية
التي تؤديها مسألة المعنويات. فهي
بطبيعتها مرآةٌ دقيقة تعكس مايجري على
أرض الواقع بعفويةٍ ووضوح. . لايتناقض هذا مع تصعيد النظام لعمليات
القتل الجماعي كما حصل في الحولة، بل
قد يكون دلالة تأكيدٍ للحقيقة التي
نتحدث عنها. فالنظام الذي يُحشرج يُصاب
بالجنون، ويلجأ إلى استعمال كل
مايظنّهُ أسلوباً مناسباً لإخماد
الثورة. وفي ظلّ عمى البصيرة الذي يُحرّك النظام
ويصنع قراراته، ينسى أن تأثير المجازر على الثورة
والثوار مختلفٌ تماماً في هذه المرحلة
عنه في المراحل السابقة. ففي حين كانت
هذه الممارسات سبباً لخفض معنويات
الثوار قبل التحوّل المفصلي الميداني
الذي تحدثنا عنه، تُصبح الآن بكل معنى
الكلمة وقوداً للثورة، ودافعاً لمزيدٍ
من الإصرار والعزيمة. ثمة واقعةٌ حصلت الخميس الماضي تحمل في
طياتها الكثير من الإشارات. فبكل
الحسابات السياسية، كان يوم انعقاد
مايُسمى بمجلس الشعب الجديد فرصةً
تاريخية يقوم فيها النظام بإخراج
عملية دعاية سياسية كبرى يحتاج إليها
جداً في هذه المرحلة. فيظهَرَ علناً في
قاعة المجلس برأسه وجميع أركانه،
ويُرسل بهذا رسالة تحدٍ في غاية القوة،
تُثبت أنهم جميعاً حاضرون في قلب
المشهد، وأنهم لايزالون على قلب رجلٍ
واحد بكبارهم وصغارهم (وكلُّهم صغار)..
وأنهم يأمنون التجول في شوارع
العاصمة، ولايخافون من أحد سواء كان من
المعارضة أو من أزلامهم. كان يمكن لمثل ذلك المشهد أن يُرسل ألف
رسالة ورسالة. لكنهم لم يفعلوا ذلك،
ولاشيئاً منه. وإنما كانت بضاعتهم
مُزجاةً، فلم تتجاوز قدرتهم إخراجاً
هزيلاً نرى فيه أعضاء المجلس يُؤدون
القسم أمام رأس النظام، بعد أن سُحبوا
سحباً كالأغنام إلى قفصه الذي لم يعد
يستطيع الخروج منه!.. للنظام السوري نقول: (خَلصِت).. ولأهلنا في الحولة الصابرة وفي سوريا
العظيمة الكبيرة نقول: {لاتحسبوه شراً
لكم بل هو خير لكم} صدق العظيم الجبار. ================= "أوقفوا القتل.. نريد
أن نبني وطناً لكل السوريين"! عمر قدور المستقبل 27-5-2012 عندما قامت الناشطة السورية ريما الدالي
وزملاء لها بتنفيذ وقفة احتجاجية أمام
مبنى مجلس الشعب في دمشق بشعار "أوقفوا
القتل.. نريد أن نبني وطناً لكل
السوريين"، لم يكن معلوماً أن تاريخ
الثامن من نيسان 2011 سيطلق إشارة البدء
لحملة اعتصامات صامتة في أماكن أخرى
تقتصر على حمل اللافتة السابقة فقط.
ومع أن الشعار المرفوع لا يوجه إدانات
قوية ومباشرة للنظام إلا أن ردّ فعل
قواته الأمنية لم يخرج عن المألوف، ألا
وهو اعتقال ما أمكن من الناشطين
المشاركين بصرف النظر عن سلمية
تحركاتهم وسلمية أهدافهم، بل بات من
الملاحظ على نطاق واسع أن النظام
يستهدف بشكل حثيث الناشطين السلميين
في الوقت الذي يدّعي فيه أنه يواجه
عصابات مسلحة، في دلالة على أن ما
يؤرّقه حقاً هو استمرار المظاهرات
وتعاظمها رغم كل أنواع التنكيل التي
جرّبها خلال ما يزيد على أربعة عشر
شهراً. لا يحرج النظام، كما تبين من اعتقاله
لريما الدالي وآخرين من الحملة ذاتها،
أن يظهر بموقع المصرّ على استمرار
القتل وموقع الرافض لبناء وطن لكل
السوريين، فهو منذ البداية رفض مشاركة
السوريين في بناء وطنهم، ولم يرَ أصلاً
أن لهم حقاً فيه، أو أنهم يستحقون
إرادةً حرة ومستقلة. مدفوعاً بوهم
القوة والدعم الذي يتلقاه من جهات
خارجية لا يتحرج النظام من تفنيد
دعاواه الإصلاحية بنفسه؛ مصرّا على
أنه باقٍ كما هو، وأنه لن يتنازل قيد
أنملة عن استفراده بالبلد، وأن أنصاره
أيضاً على الدرجة نفسها من الإصرار،
فهم لن يقبلوا أبداً بوطن لكل
السوريين، ولن يرضوا بأقل من سحق من
يرون أنفسهم أشقاء لهم في الوطن. في أكثر من مكان وأكثر من مظاهرة رفع
الشباب السوري هذه اللافتة: "ثورة
الحرية ومكاسبها لجميع السوريين؛ لمن
ثار.. ولمن وقف متفرجاً.. وحتى لمن
عاداها". لكن الواقع المؤسف أن من
يعادون الثورة لم يكترثوا يوماً
بشعاراتها وأهدافها، وأنهم استمرأوا
الديكتاتورية إلى حدّ إعلان استنكارهم
واستهزائهم بطالبي الحرية؛ "بدكن
حرية؟!" هذا ما يقوله الشبيحة وهم
ينكّلون بالمعتقلين. وبالتأكيد سيكون
من الصعب أو المستحيل إقناع هذا النوع
من الكائنات بأن مكاسب الحرية ستكون
لهم ولأولادهم أيضاً. في جانب منها قد تكون حملة "أوقفوا
القتل.." عودة إلى البراءة الأولى
للثورة، حين كانت هتافات الثوار مصرة
على أن "الشعب السوري يد واحدة"،
وعلى أن "الدم السوري واحد"، حتى
حين بقي إعلام النظام يحتفي بقتلاه فقط
دون أدنى اعتبار للضحايا المدنيين
الذين لا ينكر وجودهم. من هذه الناحية
تحاول الحملة التذكير بوعي أغرقته
الدماء، فالانقسام بين السوريين تجاوز
بمراحل كثيرة تلك التمنيات الصادقة
التي أرادت مجتمعاً متماسكاً، ووطنياً
بالمعنى الحقيقي للكلمة، أو على الأقل
نادت بمجتمع لا يُستباح فيه الدم
بسهولة، ولا يجد القتلة من يقبل ويبرر
أفعالهم بسهولة أكبر. ".. أو نحرق البلد" لكن الواقعية تقتضي بأن الظروف كلها أضحت
بعيدة عن هذا الخطاب، فبناء وطن لكل
السوريين يقتضي توافقاً لا يبدو
متاحاً في الأمد القريب، ومن المرجح أن
مسلسل القتل سيدخل طوراً أشدّ قسوة
وتدميراً بعد التفجيرات التي شهدتها
عدة مدن سورية، أي أن الوطن كله قد يكون
الآن قيد التفخيخ. إن شعار "الأسد أو
نحرق البلد" الذي يرفعه الموالون
يثبت فعاليته يومياً، ويثبت أنه أمضى
من كل النوايا البناءة، وما تمّ تدميره
بالمعنى المباشر للكلمة يُنذر بتحويل
البلد إلى أنقاض مثالها الحاضر حي بابا
عمر وحي الإنشاءات في حمص، فضلاً عن
العديد من البلدات والقرى التي لم تأخذ
حظها من التغطية الإعلامية. المقارنة
هنا لا تتعلق بجدية ونبل النوايا،
فأصحاب "أو نحرق البلد" يملكون
الإصرار والمقدرة على تدميره، ولا
يشعرون بأدنى حرج وهم يصورون الوطن
كرهينة يبتزون بها الآخرين. من المرجح أنها حالة نادرة وشاذة أن يكون
الوطن في موقع الرهينة، لكن ارتفاع
وانخفاض منسوب القتل وفق التطورات
السياسية الخارجية يؤكد أن دماء
المواطنين صارت ورقة للتفاوض، وأن لغة
القتل لم تعد ورقة لإرهاب الداخل وحسب،
وإنما لابتزاز الخارج أيضاً في سابقة
يبدو فيها الأخير أكثر حرصاً على دماء
السوريين، أو في الحد الأدنى غير راضٍ
عن هذا المنسوب من القتل!. وإذ يُدخلون
دماء السوريين بورصة السياسة الدولية
والإقليمية فإن دعاة "نحرق البلد"
لن يكترثوا مطلقاً بأصوات رهينتهم ولا
باستغاثاتها، فاهتمامهم ينصب على
إحكام القبضة عليها، والمساومة في
البورصة من أجل إطلاق هذه القبضة مرة
أخرى. إيقاع الأذى بالداخل لم يعد
وسيلة لإذلاله مرة أخرى، بل تحول أيضاً
ليصبح أسلوب مفاوضات مع الخارج، هذا
بغض النظر عن أنه أصبح أحياناً بحدّ
ذاته غايةً للتعبير عن مشاعر الانتقام
والكراهية. ولعل ما هو أشد مرارة من أفعال الذين
أعلنوا عن نيتهم إحراق البلد هو الصمت
المريب الذي يبديه آخرون، في دلالة لم
يعد فهمها ممكناً إلا على أنها نوع من
التواطؤ الضمني. أصحاب الكتلة الصامتة
الصلدة هذه لا يمانعون في أن تُحرَق
البلد، ولا يرف لبعضهم جفن إزاء
المشاهد المريعة للتنكيل والإبادة،
وقد يخرج هذا البعض عن صمته أحياناً
ليعبّر عن امتعاضه من خطأ يرتكبه
الثوار أو رد فعل لهم على ممارسات
النظام. الصمت المتولد عن الخوف هو غير
المتولد عن الرضا، ولا يخفى أن بعض
الصامتين قد صموا آذانهم عن سابق عمد
فلم يعودوا يتابعون سوى إعلام النظام،
وهم أيضاً لا يرون سوريا وطناً لكل
السوريين ما دام فناء القسم الثائر لا
يعنيهم بشيء، وما داموا يرون في
أشقائهم في الوطن فائضاً بشرياً
يُستحسن التخلص منه. إن شعار "أوقفوا القتل.. نريد أن نبني
وطناً لكل السوريين" محاصرٌ واقعياً
بتنازع شديد للمصالح، ومن المؤسف أن
عقود الاستبداد أفلحت في زرع ثقافة
الإقصاء، إذ لا يبدو أن هناك حظاً
ليتنازل النظام والمستفيدون من بقائه
ولو عن جزء بسيط من امتيازاتهم التي لا
تقل عن احتكار البلد برمته، وعن التحكم
بحق الحياة لكل مَن فيه. ليس الخوف من
القمع وحده من يقرر عند البعض، أما
الخوف المفتعل من نتائج الثورة فلا
يعدو كونه ذرائع للتغطية على المصالح
الحقيقية العميقة للمُصطفّين مع
النظام، وإذا رأى البعض أن هذه المصالح
وهمية أو آنية فإن العبرة بأصحابها
أنفسهم الذين يقررون مدى أهميتها، ولن
تثنيهم عن ذلك الشعارات مهما بلغ
صوابها، بانتظار أن يروا مصلحة قريبة
مختلفة. بالتأكيد لا تكفي الشعارات والنوايا
النبيلة، لكن هذا لا يعني أبداً
التقليل من نبلها وأهميتها، وفي
المسار الشائك والمعقد الذي تُضطر
إليه الثورة قد يكون مفيداً للثوار
أيضاً أن يذكّروا أنفسهم بمنطلقاتها
وأهدافها الأساسية، لئلا ينجح خصومها
في جرهم إلى ردود أفعال خارجة عن
طبيعتها. قد نبالغ إذ ننتظر من أنصار
الاستبداد فهمَ لغة بعيدة تماماً عن
عقليتهم، وقد لا ينفع التكرار مع من
اعتادوا لغة القسر والإكراه؛ هذا كله
في حسابات الجدوى المنظورة، أما على
المدى الأبعد فسيضطرون إلى فهم هذه
البديهية. بانتظار أن يحدث ذلك يتندر
بعض النشطاء بتحريف الشعار وإعادة
توجيهه على النحو التالي: خففوا القتل..
نريد أن نبني وطناً لبعض السوريين.
منيح هيك؟! ================= الصورة توّحد عالماً
يميل نحو التمزّق .. طغيان المرئي:
الثورة السورية نموذجاً علي جازو المستقبل 27-5-2012 يشكّل تدفّق الصّور الهائل، وتسجيل مقاطع
الفيديو، وبثّها المستمر، قوامَ
الإعلام الجديد. وتترافق نشرات
الأخبار، سياسية أو ثقافية أو رياضية،
مع كمّ هائل من تسجيلات صورية تخاطب
العين وحدها. هكذا غدت الصورة جسمَ الخبر ومادته
الأساسية، في الوقت الذي تجهد فيه
الكلمة (الإعلامية) للحاق بالصورة
والإحاطة بها، تعليقاً وشرحاً
وتوضيحاً. وفي ظلّ هذا السيلان الصوري
المذهل والمحير تتراجع القدرات
السمعية بما تنطوي عليه من إصغاء وتدرج
وبطء؛ فالصورة تعرض المرئي دفعة واحدة
مختزلة الزمن "العادي" إلى كثافة
آنية ضيقة وسريعة، حاملة الأمكنة إلى
قربٍ يكاد يلمس يدَ المتفرج وعينه.
لكنّ الصورة توحّد عالماً يميل نحو
التمزق أكثر فأكثر، وهي بذلك جسرٌ من
وهم، رغم كونها وثيقة تؤكد الخبر. على
هذا النحو المربك يترافق التوثيق
الخبري مع التمزيق النفسي، في وحدة بلا
انسجام وتواصل بلا حيز، فالمكان
المنقول، مع أحداثه وأخباره، عبر
الفضاء السائل، ليس سوى مادة تتبخر تحت
اليد "الواهمة" أنها تمسك إذ ترى،
والعالم الذي يحضر بكبسة زر واحدة يكاد
لا يشبه العالم الحقيقي في شيء؛
فالأخبار منتقاة، وهي لا تنقل سوى جزء
مما يحدث، غير أنها بتركيزها على الجزء
وحده تحوله إلى مادة كلية وأساسية
وطاغية. إظهارٌ كثير مؤدّاه الفعلي
إخفاءٌ أكثر. في عالم تطفو فيه الصور،
هكذا، تشقى الكلمة خائفة من أن تغرق.
لكأن السباق الحالي، المفروض على
مجتمعات وثقافات بكاملها، صراعٌ يلهث
بين الصوت الذي غدا أقرب إلى صورة،
والصورة التي تكتم الصوت غير المرفق
بها. كانت الصورة من قبل نادرة، ووجودها مرفقة
بخبر أو حادث أو مناسبة، عملت على جانب
أساسي هو الحفظ والتوثيق. كانت بذلك
وعاء الذاكرة ومادة الحنين التي تقيس
أثر مرور الوقت على البشر والمدن
والأشياء، لكن الصورة على ذلك النحو
الحذر والبطيء كانت الدليل والذاكرة
التي ترافق الدليل. كانت مهمة لأنها
نادرة، كانت تقتنى وتحفظ، وليس لأي أحد
أن يأخذ صورة أو يسجل حدثاً عبر
التصوير وقتما يشاء. غير أن سيولتها
الإعلامية خلال السنين القليلة
الأخيرة، والمترافق مع تراجع القراءة
إلى مستويات مخيفة، قد حولها إلى كابوس.
وتطور الكاميرات الحديثة، جعلها سهلة
الاستعمال ولا يحتاج مستعملها إلى
كثير خبرة، فرصة مغرية لالتقاط صور
كثيرة ومشاهد فيديو لا يمكن التفكير
بإحصائها. لا يخفى هنا التأثير الدعائي
إلى هكذا ميول، ولا يراعى لدى الكثير
ممن يبث الصور الجانبُ الفني والذوقي
والأخلاقي في هكذا عمل، ولا مدى
التأثير الممكن الذي تخلفه هكذا صور
وتسجيلات على ذوق الملتقي وإحساسه،
وهو كسول بطبعه في مجتمع يحتل فيه
التلفزيون كلّ مكان تقريباً. يقال إن ثمة مليون قطعة مسجلة عن حوادث
الثورة السورية، وهذا الرقم بحد ذاته
مرعب، رغم أن النشطاء والإعلاميين
السوريون اضطروا إلى الاعتماد على
أنفسهم لتغطية وقائع الثورة السورية،
وكان هذا الاعتماد بحد ذاته ميزة تفردت
بها الثورة السورية دون سواها من ثورات
الربيع العربي، وقد كسروا بذلك
التعتيم الإعلامي الذي كان جزءاً
أساسياً من مراقبة الخبر والحدث في
سوريا المخنوقة بنظام كبتَ كل شيء. كبت
توسلت به السلطة الديكتاتورية مراقبة
صارمة بغية كتم الحقيقة والتلاعب بها،
وتزييفها. غير أن الخطير، وغير الملاحظ
ربما، أن الصورة الرقمية، التي هي
وثيقة شديدة الأهمية من دون شك، تكاد
تتحول، بسبب كثرتها، إلى مادة للنسيان.
فالحدث نفسه يتحول من مجال الاهتمام
والمراقبة والتسجيل التوثيقي، وبفعل
مرور الزمن وحلول الجديد محل القديم،
إلى مجال الفرجة اليومية التي سرعان ما
تنسى في اليوم الآخر، وليس بغريب أن
يكتب نشطاء "كفرنبل المحتلة" منذ
أيام قليلة، على إحدى لوحاتهم
الاحتجاجية المميزة، ساخرين وناقمين
على قناة (الجزيرة مباشر) أنها تحول
يوميات الثورة السورية إلى مادة شبيهة
بما تبثه قناة روتانا طرب من حيث كونها
مادة للسهر وقضاء الوقت. ربما كان هذا
سبباً خفياً للجوء كثير من السلطات إلى
بث تسجيلات معينة في أوقات محددة. هي
إذن طريقة في التلاعب بالعقول
والمشاعر والميول العامة. فالصورة
لكثرة ما تعرض تفقد دلالتها، ثم انها
تتحول، خصوصاً صور العنف والقتل
الهمجية والمفزعة، من دائرة الرفض
والإدانة إلى مجال الألفة والاعتياد،
فالناس لكثرة ما رأوا أناساً يضربون
ويعذبون، لكثرة ما شاهدوا الإهانةَ
جثثاً تنزف في الشوارع، وموتاً في
الطرقات ودماء تسيل، اعتادوا عليها. إن
عادات خطيرة تنشأ على هذا النحو، إذ
يتحول الكائن الإنساني إلى رقم،
وينقلب الإحساس بالألم الهائل إلى
مجرد متابعة لإحصاء يومي عابر. الصورة الحديثة لذلك، ربما، لم تعد فاعلة
"نزيهة"، لم تعد حاملة رسالة قدر
ما تحولت إلى وسيط مادي صرف. إنها أشبه
بممر أو نفق تتراكم فيه صورة فوق صورة
حتى تتحول إلى جبل يحجب الرؤية في
الوقت الذي تدعي فيه أجهزة الإعلام
إنها عينُ المشاهد ودليله إلى العالم
الذي غدا تحت اليد ببساطة ويسر، لكنه
خرج من حيز الفاعلية النشطة إلى قفص
الانفعال المتيبس. الصورة الحديثة
إشارة إلى زمن العزلة. والأمر الأخطر
من هذا وذاك، أن الصورة لم تعد دافعة
إلى الفكر والنقاش. ذلك أن انتقالها من
حيز الاهتمام الخاص إلى حيز الفرجة
الجماهيرية حولها إلى سلعة ومادة
للعرض العمومي، مع ما يعنيه ذلك من
تحول قيمة الخبر ومدى رصانة التحليل
وأثر الإعلام كله، في هكذا حال، إلى
نوع من البيزنس والاستهلاك. وليس
غريباً عندها أن ترى بين عرض ينقل جثة
قتيل أو تشييع رفاة شهيد، فاصلاً "قصيراً"
يتم الإعلان فيه عن جهاز موبايل جديد
أو مكيف حديث أو نوع فاخر من الشوكولا.
ترى بأي ضمير مهني يتم كل ذلك: انتقال
"عادي" من مرأى جثة الضحية إلى
مذاق قطعة شوكولا، من القصف والتدمير،
إلى "ثلاجة لكل المهنة نفسها هنا إلى
عمل آلي محض. ومع هكذا ديناميكية
متسرعة ولاهثة ولا مبالية، حيث يجب ملئ
الوقت كيفما كان بما هو متوافر، وللأسف
هو غزير ومتجدد. كيف يمكن للفكر
الإنساني أن يجد مكاناً فاعلاً، إذا
كانت كل الأمكنة، كما يعرضها الإعلام
التلفزيوني الشره، قد غدت محض صور، تحل
محلها صور أخرى إلى ما لا نهاية. لكأنّ
زمن الصورة "المزدهر" هو زمن عزلة
قاسية، فلا شيء مما يحدث في سوريا يصل
إلى أحد، رغم أنه يصل إلى الجميع،
طالما أن المتفرج ليس سوى متفرج في
النهاية. تقول الصورة: ألم ترني؟ يردّ
المتفرج الذي أصبح لا أحداً وكلّ أحد
في آن واحد: أراكِ وأنساك معاً. أن
تتفرج، فقط، أن يحولك الخبر المرئي إلى
متفرج لا غير، إنما يحملك من حيث لا
تدري إلى أن تغدو بدروك صورة، مادة
للعرض. ================= مراجعة في السياسة
والميدان .. الثورة السورية على
مفترق طرق علي العبدالله() المستقبل 27-5-2012 تعيش الثورة السورية لحظة سياسية دقيقة،
فهي تواجه حالة افتراق بين نخبة سياسية
عاجزة وقوى ثورة ناشئة. نخبة فشلت في
الالتحام بالثورة ولعب دور قيادي
فيها، وقوى ثورية غير مستقرة بعد لتشكل
ثقلا سياسيا وازنا في المعادلة
الداخلية، وللعب دور رئيسي في صياغة
المشهد السياسي السوري. عبر التركيز
على جذب اوسع القطاعات من الشعب،
وترجيح موقف جذري من النظام، وتكريس
خيار التغيير في الدولة والمجتمع،
وتوفير بديل مقبول له. النخبة المتأخرة كشف رد فعل النخبة السياسية السورية على
الاحتجاجات والتظاهرات التي انطلقت في
دمشق (15/3/2011) ودرعا (18/3/2011)، وامتدت
لتغطي معظم ارجاء سوريا، عن ضعفها
وعجزها عن مواكبة الحدث، خصوصاً بعد
تطوره الى ثورة شعبية، وعجزها عن
التفاعل مع الثورة والمساهمة في توفير
عوامل نصرها. فقد اظهرت الاستجابة
الاولية لهذه النخبة ارتباكها،
وضعفها، ونمطيتها، وعكس رد فعلها
المباشر على الاحتجاجات الأولى
تفاجئها، وعلى استمرارهذه
الاحتجاجات، وانتشارها في طول البلاد
وعرضها، دهشتها من اندفاعة المواطنين
وتحديهم لآلة النظام القمعية، وصمودهم
في وجه عمليات القتل والاعتقال، ونهب
البيوت والمحلات التجارية ..... الخ.
بينما عبرت تحركاتها الأولى عن عدم
يقين وغياب الثقة بالثورة والثوار،
جسده تقبل عدد من رموزها لفكرة الحوار
مع النظام، والالتقاء فعلا بعدد من
أزلامه، بالرغم من قيام الأخير، ومنذ
اللحظة الأولى، بقتل المتظاهرين العزل
وإطلاق وصف" عصابات مسلحة" عليهم
واتهامهم بالعمل على إقامة "امارات
اسلامية" ... الخ. كما عكست قراءتها
للثورة وقواها الاجتماعية تماهي
مكونها العلماني مع توصيف النظام
لبنية المجتمع: اغلبية واقليات على
خلفية مذهبية، واعتبار الثورة ثورة
سنية ضد العلويين، وبينت التصورات
التي تداولتها هذه النخبة، والخيارات
التي طرحتها، انها لم تقدّر الثوار
والثورة حق قدرهما، وأنها ليست مدركة
للطبيعة العميقة للاحتجاجات، وأنها لم
تتوقف لتقدر الموقف بدقة بل تعاطت مع
الحدث/ الثورة باعتباره هبة عابرة،
ورأت انه من المناسب استثماره وتحقيق
بعض المطالب التي سبق وتبنتها في مجال
الحريات وحقوق الانسان عبر الحوار مع
النظام. تصرفت النخبة السورية بنمطية، وسعت إلى
إعادة إنتاج الادوات ذاتها والاطر
التنظيمية القديمة، وطرحت الافكار
نفسها التي سبق لها وتبنتها في العقد
الاخير كرفع حالة الطوارئ، وحرية
الرأي والتعبير، والحريات السياسية،
وسعت إلى تشكيل تحالفات سياسية، كانت
شكلت منها الكثير ولم تحقق المأمول
منها. لم تلحظ تغير المناخ السياسي
وتبدل أطراف المعادلة، وخصوصاً لجهة
طبيعة القوى الاجتماعية المنخرطة في
الثورة وتركيبتها العمرية ( أغلبية
الحراك شبابية، صبايا وشبان تصدروا
الحراك الشعبي)، قوى اجتماعية لا تحمل
افكاراً أو تصورات مسبقة أو تتبنى
برامج محددة. تحركت النخبة السياسية بالتوازي مع
الحراك الثوري، لكن بعيدا عن الساحة
الفعلية، الحديث هنا عن الصف الاول في
هذه النخبة، مع علمنا ان قطاعات واسعة
من قواعد أحزاب هذه النخبة قد انخرطت
في الثورة لاعتبارات لا علاقة لها
بموقف قيادتها، انخرطت بقرار ذاتي
شجاع، وفي حالات على الضد من موقف
قيادتها، تحركت خارج دائرة الفعل
المطلوب، تحركت لشغل مقعد القيادة،
فالثورة من دون قيادة وهي، كما تتصور،
تستطيع ملء الفراغ، والدخول على الحدث/
الثورة كقيادة، وتصور بعضها ان
المطلوب قيادة مفاوضات مع النظام على
حل سياسي من دون ان تحدد، بالاتفاق مع
الثوار، المطالب التي يريدون تحقيقها
والحلول التي تلبي مطالبهم، ومن دون ان
تأخذ منهم تفويضا للقيام بدور المندوب
أو الممثل، ذهب هذا البعض بعيدا في
تصوره للدور الذي يجب ان يلعبه،
والخيارات التي يجب ان يتبناها
والاساليب التي يجب ان يعتمدها
للوصول، الى ما يريد هو دون العودة الى
اصحاب الشأن، الذين اقتحموا الميادين
والشوارع في المدن والبلدات، وحتى
القرى النائية، ودفعوا ضريبة دم كبيرة
وقاسية، ومن دون أن يكلف نفسه عناء
التدقيق في طروحاته واعادة النظر في
مفاهيمه وتصوراته وخياراته. لم يكن الحدث/ الثورة يستدعي جهداً
تنظيمياً من النوع الذي سعت النخبة
لاقامته (تحالفات سياسية بالافكار
نفسها والمرجعيات الفكرية والعقائدية
القديمة)، ولا الى إعادة إنتاج أطروحات
فات أوانها. كان الشباب الثائر بحاجة
الى مساعدة كبيرة كي يعي الفعل الذي
بدأ فيه، ويضع تصوراته للحدث/ الثورة،
ولمساراته واحتمالاته وتداخلاته،
والأدوات المناسبة لتقدمه وتصاعده حتى
يبلغ غايته المنشودة: اسقاط النظام
وإقامة البديل الديموقراطي. كان بحاجة
الى جهد فكري كبير وعميق يقدم أجوبة
على اسئلة الواقع الجديد، الى حلقات
بحث تدير حوارات معمقة حول العملية
الثورية التي انطلقت، وتداعياتها على
الصعيدين الداخلي والخارجي،
ومستلزمات نجاحها، ومترتبات انطلاقها
ونجاحها، مراكز تفكير في حدث لم يكن
وارداً في تقديرات النخبة السياسية
وحساباتها وخططها وبرامجها السابقة.
لذا فهي لا تملك أجوبة عليه وعلى
مساراته المحتملة، ولا على الأساليب
المناسبة له، ان على الصعيد الميداني
أو السياسي. ولا على رد الفعل الاقليمي
والدولي المحتمل، ما يستدعي البدء
بعملية فكرية جماعية للخروج بإجابات
ووضع تصورات للمسارات المحتملة
وللخيارات الانسب للثورة والشعب في
ضوء موازين القوى على الارض
وتشابكاتها الاقليمية والدولية. كما لم يكن مقبولاً أو معقولاً ان تتبنى
النخبة السياسية خيارات ومطالب
واساليب وتسعى لترويجها وفرضها على
الثوار، وهي ليست جزءاً أصيلا في الحدث/
الثورة، قبل ان تدخل في حوار مباشر مع
الثوار، وتتفاهم معهم على مستدعيات
اللحظة السياسية ومتطلبات النصر
وتحقيق الاهداف في ضوء الممكنات
الواقعية، ووضع ادبيات وصيغ وشعارات
المرحلة الجديدة والبرامج والخطط
البديلة، والحصول على تفويض يخولها
التحدث باسم الثوار ولعب دور سياسي
مكمل للثورة، والدخول في مفاوضات حول
المطالب التي اتفق عليها، أي قبل ان
تقيم معهم شراكة وظيفية، وتوزيع ادوار. ارتاح النظام للدور الذي سعت أطراف من هذه
النخبة للقيام به، ودفع به الى الامام
عبر الاتصال ببعض رموزها، وعبر غض
النظر عن او السماح ب نشاطات لأطراف من
هذه النخبة، كي يدق اسفين بين النخبة
والثوار ويمنع التفاعل بينهما، وذلك
بخلق جو من الشك وعدم الثقة، وما يشتت
جهود المعارضة، كمقدمة لتطويق الثورة
وعزل الثوار، وعزل النخبة السياسية عن
الحاضنة الاجتماعية للثورة. وقد نجح في
ذلك، حيث رفعت لافتات وأطلقت هتافات ضد
عدد من رموز النخبة لأنها لم تكن على
موجة واحدة مع الثوار. دور المجلس الوطني هنا يمكن ان نلاحظ نشوء حالة ثورية شديدة
الخصوصية من جهة ثوار انخرطوا في فعل
ثوري عظيم من دون خلفيات سياسية محددة
وواضحة، وهم مصرون على تحقيق أهداف
كبيرة، وعلى رأسها اسقاط النظام، وقد
برهنوا على صلابة مثيرة للإعجاب،
ودفعوا اثمانا باهظة: شهداء ومعتقلين،
ومشردين، ومفقودين، وذوي عاهات.. من
دون تردد، ودون التفكير، مجرد
التفكير، بالنكوص او العودة إلى بيت
الطاعة. ومن جهة ثانية، نخبة سياسية
غير قادرة على التكيف مع الظرف الجديد
وغير قادرة على الخروج من قوقعتها
وتجاوز تصوراتها وخياراتها القديمة
التي لم تختبر او تثبت صحتها، ناهيك عن
ذاتيات متضخمة دفعت بها الى صراع ديكة،
ناقلة جزء كبير من المعركة الى معركة
فيما بينها على خلفية الاسبقية
والجدارة وامتلاك الحقيقة. لم ينه تشكيل المجلس الوطني السوري،
وحالة التعاطي الايجابي معه من قبل
الثوار، الذين كانوا يشعرون بالحاجة
الى عنوان سياسي لثورتهم، وناطق سياسي
باسمهم، ونشوء تفاعل غير مباشر بين
الجانبين، عبر عنه تسمية الثوار
الجمعة التي تلت الاعلان عن تشكيل
المجلس الوطني السوري باسم "المجلس
الوطني السوري يمثلني"... لم ينه
تشكيل المجلس حالة الافتراق بين
الثوار والنخبة السياسية بل زاده عمقا
بسبب عدم الانسجام بين قواه المؤسسة
لتباين التصورات والرؤى والحسابات
والاجندات الخاصة، ناهيك عن عدم
الكفاءة التي جسدها، خصوصاً تحت قيادة
الدكتور برهان غليون، وتفويته المجلس -
الوقت وتضييعه الفرص، ونقله المشكلة
الى مستوى ثان، كونه تصدى لمهمة لم يقم
بها كما يجب، وشغل موقع قيادة الثورة
من دون جدارة. فزاد الطين بلة كونه غدا
جزءاً من الثورة، شكليا على الاقل،
وبات من الصعب التخلي عنه لانعكاس ذلك
سلبا على صورة الثورة، وعجزه عن لعب
الدور المطلوب منه بنجاح. لقد غدا عبئا
على الثورة بدل ان يلعب دوراً ايجابياً
في نضالها. في المقابل، هناك قوى المجتمع التي اشعلت
الثورة كرد فعل عفوي على اهانات ازلام
النظام ومسؤوليه للمواطنين، والظلم
الذي الحقوه بهم، وهي قوى ذات طبيعة
شعبية، وعلى تنوع اجتماعي وتعليمي
وثقافي واسع، قوى غير متفقة على سبب
الخروج على النظام، ولا على الهدف
النهائي، قوى قادها الصراع الى تعديل
وتبديل وتغيير شعاراتها وأهدافها
وأدواتها بالتوازي مع تطورات المواجهة
والتفاعلات الاجتماعية والسياسية،
وتوسع الانخراط الشعبي والاقليمي
والدولي في الصراع، قوى زاد بطش النظام
بها توترها وعمق انفصالها عنه وكرس
القطيعة بينها وبينه، واستدرج تصعيده
للعنف ضدها تصعيدا مقابلا في اهدافها
حتى غدا هدفها القطعي والنهائي هو
اسقاطه. تركيبة واسعة من الافراد
والأسر والجماعات والبنى المجتمعية:
ابناء حي، ابناء قرية، ابناء عشيرة،
ابناء بلدة، ابناء محافظة، استفزهم
الظلم والقهر والإذلال الذي شاهدوه ثم
لمسوه ثم ذاقوه، صور الشهداء واساليب
القتل البشعة، والتنكيل: بيوت ومحلات
تنهب، بيوت ومحلات تحرق..الخ، اطفال،
بنات وصبيان، يعذبون ويغتصبون
ويقتلون، قبل ان يزج بالجيش في مواجهة
الشعب الثائر واستخدامه للأسلحة
الثقيلة في قصف المدن والبلدات والقرى
وتدميرها فوق ساكنيها. تشكيلات الداخل مع تطور المواجهة أدركت طليعة هذه القوى
المجتمعية، الفئات المتعلمة
والمتخصصة منها بشكل رئيس، ضرورة
التنظيم والتخطيط، وأهمية قيام حالة
مؤسساتية تشرف على ادارة الصراع كي
تضمن استمراريته وفعاليته وقدرته على
تحقيق أهداف الثورة، فنشأت فكرة تشكيل
أطر منظمة أخذت اسماء متعددة:
تنسيقيات، وهيئات، ومجالس ثورة ... الخ.
غير ان تشكل هذه القوى المنظمة ونجاحها
في ادارة الصراع عبر حشد المتظاهرين
وتوفير مستلزمات العملية، بما في ذلك
من لافتات وأجهزة تصوير وبث وإسعافات
اولية، ثم مشافي ميدانية، واغاثة
الاسر المتضررة ببطش النظام ووحشيته،
ان باستشهاد أبنائها أو جرحهم او
اعتقالهم أو الحاق دمار في بيوتها
ومحلات عملها، جعل النظام يركز قدراته
الاستخبارية والتجسسية والقمعية
عليها. لقد غدت قيادات هذه التشكيلات
المطلوب رقم واحد على قائمة النظام،
وقد تم استهدافهم بالقتل، والاعتقال،
والمطاردة، والتشريد داخل البلاد
وخارجها، في عمليات تصفية ممنهجة
ومدروسة لمنعها من الاستقرار وادارة
الصراع في ظروف مواتية. نجح النظام، بتسخيره كل امكانات الدولة
السورية، المخابراتية والعسكرية
والمالية والإدارية، في خلخلة هذه
التشكيلات عبر قتل واعتقال وتشريد
آلاف الثوار، خاصة من كوادر الصفوف
الأولى. صحيح ان النظام لم يستطع
القضاء عليها او القضاء على الحراك في
الشارع، ولكنه نجح في تشتيت جهودها
وبعثرتها من جهة، ومن جهة ثانية إحداث
تحول بنيوي فيها آيته تبدل القيادات
الميدانية المتسارع بالتوازي مع
عمليات القتل والاعتقال لقيادات الصف
الاول في هذه التشكيلات، فتصدر الحراك
قيادات اقل خبرة وكفاءة، واقل قدرة على
التواصل مع الاخرين والتعاون معهم في
ظروف عمل صعبة. وضعت هذه التشكيلات تحت
سيف المطاردة والقتل وهذا دفعها للسعي
الى توفير ظروف تحرك آمنة، وهذا أيضاً
أجبر المئات من كوادرها على التخفي،
وهذا بدوره انعكس سلبا على ادائها،
وعلى صلاتها بالحراك وقواه الميدانية
وفعالياته، ما حد من قدرتها على
التعاطي مع المتغيرات بسرعة وبنجاعة
أكبر ولعب دور مباشر في قيادتها، كما
اغرقها في مشكلة اغاثة النازحين
والمنكوبين الذين زاد عددهم بشكل مخيف
بعد الهجمات والاقتحامات وقصف الاحياء
بالدبابات والأسلحة الثقيلة
والاعتداء على المواطنين العزل من قبل
شبيحة النظام قتلاً بالرصاص وذبحاً
واغتصاباً لدفعهم الى ترك بيوتهم
والنزوح الى مناطق أقل خطراً في سياسة
ممنهجة هدفها، بالاضافة الى بث الرعب
في نفوس المواطنين في المدن الاخرى،
خلق مشكلة نازحين ومنكوبين بهدف إنهاك
الثوار في عملية إغاثة أكبر من
إمكاناتهم وقدراتهم. ان الحرص على نجاح الثورة وبلوغها هدفها
المركزي: اقامة نظام ديموقراطي يستدعي
الخروج من عنق الزجاجة اما بإيجاد مخرج
لحالة الافتراق بتجاوز الهشاشة التي
تعانيها الثورة في علاقة قواها،
التنسيقيات ومجالس الثورة، والجيش
السوري الحر... الخ، بعضها ببعض،
وعلاقتها الشكلية بالمجلس الوطني
السوري، والتأسيس لعلاقة عضوية متينة
قائمة على تحديد الادوار وتوزيعها
بشكل تكاملي في خطة واحدة، أو تأسيس
كيان سياسي للثورة مستقل عن الاطر
التنظيمية المعارضة، له بناه
التنظيمية الخاصة. وكما للثورة قيادات
ميدانية يكون لها قيادات سياسية تضع
وثائق لرؤيتها وتحدد توجهاتها وخططها
الاستراتيجية والتكتيكية. فالضرورة السياسية تفرض قيام مثل هذا
التنظيم ذلك لأن الثورة بحاجة الى
التعبير عن نفسها بالمباشر، خصوصاًَ
بعد ان فشل المجلس الوطني السوري في
القيام بهذه المهمة، كي تضمن دقة
التعبير وصدق التمثيل ولا تقع فريسة
التهميش والاستغفال أو التواطؤ،
وتجربة شباب الثورة المصرية خير شاهد
على مخاطر تهميش قوى الثورة الحقيقية
وخطف الثورة من قبل قوى من خارجها
تمتلك قدرات تنظيمية ومالية تسمح لها
بتصدر المشهد السياسي والجلوس في
مقاعد الصف الاول. لقد وجد شباب الثورة
المصرية أنفسهم، بعد ان فجروا الثورة
ودفعوا ضريبة الدم، خارج الملعب،
واستولت قوى، ادانت الثورة عند
انطلاقها، على ثمار تضحياتهم. تستطيع تنسيقيات الثورة، باسمائها
المتعددة، وتشكيلاتها المتنوعة في
المحافظات والمناطق أن تبدأ بحث
الموضوع والتشاور والتحاور للانطلاق
في عملية مركبة تبدأ من التنسيق
الميداني، بما فيه من نشاط احتجاجي
وإعلامي واغاثي وإسعافي، فتكون حلقات
وشبكات مشتركة للتنسيق والتعاون في
هذه المجالات كمقدمة لفتح الابواب
بينها وتكريس ثقة متبادلة ومتينة قبل
الدخول في حديث سياسي عن الرؤى
والأفكار والبرامج والخطط، والبحث عن
مشتركات سياسية. وهي ليست بالمهمة
الصعبة او المستحيلة في سياق المواجهة
المديدة مع الاستبداد فقد تحددت
المطالب الشعبية وتكرست الخيارات
العامة وبات الامر يحتاج الى جهود
لتركيب وصياغة هذه المطالب والخيارات
في هيكل جامع، فالمسألة ليست اكثر من
تنظيم وتبويب الاهداف العامة التي
يريدها الشعب السوري بدءا من الحرية
والكرامة الى رغيف الخبز في حياة هادئة
ومستقرة، وجعلها الفكرة الحافزة
لاستمرار الثورة ولانخراط قطاعات
جديدة من الشعب في فعالياتها واطرها
التنظيمية. ولتكن الخطوات التمهيدية
لهذه المهمة التاريخية تشكيل حلقات
بحث صغيرة هدفها التعرف على الخلفيات
والمنطلقات الفكرية باعتماد مناهج
حوارية خلاقة تتيح التقدم من دون
صدامات او صراعات مبكرة، يمكن استعارة
منهج المفكر المستقبلي الكندي دي بوي
المشهور باسم "قبعات دي بوي" حيث
تصور افضل طريقة للنقاش، من دون
مشاحنات او سجالات، قائم على تقسيم
الحوار الى اربع مراحل، وأعطى لكل
مرحلة قبعة بلون فالمرحلة الاولى
وقبعتها البيضاء، يعتمرها المتحاورون
افتراضيا، وفيها يستعرض المتحاورون ما
يعرفونه عن موضوع الحوار، والمرحلة
الثانية، ولها قبعة باللون الاخضر،
يعرض فيه المتحاورون ايجابيات الفكرة
والمرحلة الثالثة، ولها قبعة حمراء،
ويعرض فيها المتحاورون سلبيات الفكرة،
والمرحلة الاخيرة، ولها قبعة باللون
الاصفر، رمز الحصاد، ويعرض فيها
المتحاورون استنتاجاتهم ومواقفهم. ثم
يحال محضر الجلسة، او تسجيلاتها، على
لجنة صياغة تحررها وتقدمها للمتحاورين.
فكرة تحاول تجنيب المتحاورين السجالات
والنقاشات الحادة وتضعهم على طريق
الاتفاق السهل. شروط الاستمرار اذا نجحت قوى الثورة في الاتفاق على
المشترك السياسي، واطلقت صيغة تنظيمية
جامعة، تكون قد حررت قرارها، ووضعت
نفسها على طريق التحول الى شخص اعتباري
يقوم بدوره المباشر من دون وسيط او
مندوب. هذا وحده ليس كافيا للقيام بكل المطلوب
لنجاح الثورة، فالوضع السوري مركب
ومتداخل مع ملفات اقليمية ودولية
معقدة، خصوصاَ وان تمسك النظام
بالبقاء في السلطة من دون اعتبار مصلحة
الشعب والبلد، وعجزه عن تحقيق ذلك
بقدراته الذاتية، جعلته يستدرج تدخلا
خارجيا لصالحه، تدخلا روسيا صينيا
ايرانيا، وهذا حوّل سوريا الى ساحة
صراع وتصفية حسابات اقليمية دولية
زادت في تعقيد المشهد السياسي السوري،
بحيث لم يبق مجرد صراع بين نظام قمعي
وشعب ثائر فقط بل اخذ ابعادا وامتدادات
اقليمية ودولية خطيرة. وبذلك بات نجاح
الثورة مرهون بتوافق اقليمي دولي، ما
يعني انها بحاجة، الى جانب ابقاء نار
الثورة متقدة عبر التظاهر السلمي، الى
جهد سياسي دبلوماسي، اقليمي ودولي،
كبير، كي تبقي مطالبها على جدول اعمال
المجتمع الدولي، وبحاجة الى غطاء دولي
لحراكها الشعبي يلجم النظام ويحد من
توحشه، واستخدامه المفرط للقوة، بحاجة
الى عرض كل ذلك عبر ممثلين شرعيين،
وهذا يستدعي وجود اذرع للثورة في
الخارج، بإيفاد ممثلين من الداخل، او
التحالف مع قوى سورية معارضة موجودة في
الخارج، وهو الأسهل والأقرب منالا. كما
ستكون بحاجة الى توسيع حاضنها
الاجتماعي الداخلي بالانضمام الى
الثورة او التضامن معها ودعمها معنويا
وماديا، او تحييدها عن الصراع
وابعادها عن النظام، وهذا يحتاج،
بالإضافة إلى الخطاب السياسي الناضج،
الى شبكة علاقات وخطوط اتصال ووسائط
عريضة وواسعة. ما يعني انها بحاجة الى
امكانات وقدرات كبيرة، وهي خارج نطاق
قدراتها منفردة، انها بحاجة إلى جهود
قطاعات مالكة لمفاتيح اجتماعية،
وامكانيات اقتصادية ومالية...الخ. كل
هذا جعل انتصار الثورة بحاجة إلى قدرات
أكبر من قواها الميدانية، السلمية
والمسلحة، وإلى خبرات وامكانات مادية
تعزز الطاقات الروحية التي اطلقها
الشعب والبطولات والتضحيات من أجل نيل
الحرية والعيش بكرامة. وهذه تستدعي
قيام جبهة وطنية متحدة من كل القوى
السورية بوصلتها استمرار الثورة
وتحقيقها أهدافها، قائمة على اسس
واضحة ومحددة، على ان تكون قوى الثورة
في القلب، وفي موقع القيادة، ولا تقبل
ان تكون ملحقا بتنظيمات او تشكيلات
سياسية او تسلم زمام قيادتها لقوى من
خارجها. تستحق الثورة والشعب، بعد هذه التضحيات
الكبيرة، بذل الجهد والعمل، وبجد،
لتحقيق هذا الهدف وانجازه لضمان بلوغ
الثورة لأهدافها المجيدة. ================= محمد حسن التل الدستور 27-5-2012 لم يجد النظام المأزوم في دمشق، إلا ذبح
الأطفال في حولة حمص، حتى يعبر عن حقده
على الشعب السوري الثائر بوجهه، منذ ما
يقارب العام والنصف، وسط بحر من النفاق
والتواطؤ العالمي والعربي، الذي يعطي
هذا النظام المجرم فرصة تلو الأخرى،
لممارسة سعاره المجنون في القتل، ضد
أناس عزَّل لا حول لهم ولا قوة، أمام
أمّة لا تتقن سوى الانقسام وتبادل
الاتهامات. السؤال الكبير الذي يجب أن يُطرح في وجه (العالم
المُتحضِّر)، إلى متى يظل الدم واللحم
السوري مستباحا لعصابات الأسد في لعبة
دولية قذرة، تتصارع على النفوذ في
منطقة منكوبة بكل شيء؟ هل كان من
الضروري أن تكون سوريا بلداً نفطياً،
حتى يتدخل ما يسمى بالعالم الحر لإنقاذ
الناس هناك؟!. إنّ ما يحدث في سوريا يكشف الوجه البشع
للعالم الجديد، حيث يسكت ويتواطؤ على
ذبح الأطفال في وضح النهار، من أجل
تبادل المصالح بين دول تدعي أنها تحمي
حقوق الإنسان، وتدافع عن حريته وحقه في
الحياة. قلنا منذ أكثر من عام: من لهذا الدم
المسفوح على تراب الشام الشريف؟ ومن
لصرخات الأرامل والأطفال؟ ومن لوجه
المقهورين المشردين، الذين لا ذنب لهم
إلا أن قالوا «لا للظلم»، وانتفضوا في
وجه جلاديهم؟!. منذ ما يقارب العام والنصف، والقتل
المجنون منفلتٌ من عقاله في سوريا،
والعالم كما قلنا يعطي الفرصة تلو
الأخرى للجلاد، والجريمة الأكثر بشاعة
من جريمة الجلاد نفسه، أن هناك لا يزال
في العالم من يدافع عن هذه الجريمة،
ويبرر هذه الفظائع ضد الإنسانية،
تتقدمهم دول تدعي التطور والتحضر. لم يعد لسوريا وأبنائها، في هذا الخضمّ
المتلاطم من الذبح والتشريد، إلا يد
الله العظيمة، التي لن تخذلهم أبداً
مهما طال الزمن، وإن دم الطفولة في
سوريا الذي ينتصب اليوم عامود نور بين
السماء والأرض، سيكون شاهداً على
هزيمة هذه الأمة، وبشاعة هذا العالم،
وكشف كذبه وزيفه في الحضارة والتقدم،
وإن الغُمّة عن سوريا لا بد أن تنجلي،
وإن طال بقاؤها. وإن دماء أطفالها
ستلفح حرارة طهرها وجوه الظلمة، لتقف
بين يدي ربّها شاكية تآمر ذوي القربى
وتواطؤهم وسكوتهم عن القاتل. حتى وإن صدقت مقولة بعض المدافعين عن
النظام، أو ادعاء النظام نفسه أن ما
يحدث من مذابح في المدن السورية ليس
لقواته علاقة بها، بل بفعل جماعات
إرهابية دخلت البلاد نتيجة الانفلات
في الأمن والحدود، فإن هذا الامر يدين
النظام ولا يبرؤه، فهو المسؤول عما
يحدث حين شرع السلاح القاتل بوجه من
خرجوا مسالمين مطالبين بالحرية
والكرامة، ولكنه أبى إلا أن يبادل
الكلمة والنداء بالرصاصة والدبابة،
فكانت هذه النتيجة. لم تعد بيانات الأمم المتحدة، ومجلس
الأمن، والجامعة العربية، تعني شيئاً
للضّحية في سوريا، وهي بالأصل لم تكن
تعني شيئا للقاتل، إن على أصحاب
النظريات الجامدة، التي يطل أصحابها
على السوريين عبر الشاشات والمنابر
الدولية، أن يخجلوا من أنفسهم أمام
بشاعة ما يلقاه السوريون على يد
قتلتهم، وهم يتفرجون عليهم، لقد اتضحت
الصورة وانفضحت بالكامل، وبانت خطوط
المؤامرة، حين تُرك الشعب السوري
يواجه مصيره بنفسه دون أية حماية،
اللهم إلا من تلك التصريحات الفارغة،
التي لا تحمي من جوع ولا قتل ولا تشريد. الكرة الآن في مرمى الشارع العربي
والإسلامي، ليشكل عامل ضغط على
حكوماته للتدخل السريع، لإنقاذ ما
يمكن إنقاذه من بقايا شعب عظيم، ذُبح
على مذبح التآمر الدولي والتواطؤ
العربي، بعيداً عن نظرية عدم التدخل في
شؤون الدول، فقد سقطت هذه القاعدة أمام
هول ما يحدث للأشقاء السوريين، على أرض
الشام الطهور، وإلاّ ستدفع الأمة
بكاملها ثمن هذا السكوت المريب، على
الجريمة التي تجري هناك. ترى هل بات هناك اي فرق بين ما يعانيه
الفلسطينيون من اليهود وبين ما يعانيه
السوريون من نظام الاسد؟؟!! سؤال برسم الإجابة لكل من يبرر جرائم
الأسد في الشام. ================= سوريا .. مراقبون بسجلات
لإحصاء الضحايا!! حلمي الأسمر الدستور 27-5-2012 مائة وخمسة وعشرون شهيدا كانت حصيلة
السبت في سوريا الثورة، سوريا المذبحة
المفتوحة، سوريا المراقبين الدوليين،
سوريا شهود الزور، والخذلان العربي
والدولي! منذ أشهر، قلنا في هذا المكان، أن الجامعة
العربية وما يسمى المجتمع الدولي،
مدوا طوق نجاة لنظام بشار الأسد وأخيه
ماهر، الحاكم الفعلي لسوريا، في
البداية رفضاها، واعتبرا أن مبادرة
العرب كأن لم تكن، وما لبث النظام
المجرم أن وافق على الإمساك بطوق
المبادرة التي ارتدت لبوس الأمم
المتحدة والجامعة العربية، وحمل عبء
تفاصيلها العبثية كوفي عنان، ومضى في
رحلاته المكوكية بين دمشق وسواها من
العواصم، فيما قواصم الأسد تعْمل قتلا
في شعبه، ومبادرة عنان «شغالة ع الفاضي»
ومراقبوه يتقاضون مياومات مالية ضخمة،
ولا يراقبون إلا مشهد القتل، وكأني بهم
يحملون سجلات لإحصاء عدد الضحايا... لا
اكثر! ماذا يريد آل الأسد؟ إبادة الشعب السوري؟
حرقه؟ ذبح أطفاله بالسكاكين، كما
فعلوا بالأمس؟ هم يعرفون أنه لم يعد
بالإمكان العودة إلى ما قبل الثورة،
فمنذ سال دم اول شهيد في درعا، كتب أل
الأسد أول حرف في نعيهم، الفرق هنا هو
في الثمن الذي سيدفعه الشعب السوري من
أبنائه، هذا يذكرنا بزحف القذافي
وكتائبه على بنغازي، قبل أن يتدخل
الناتو، ولو لم يفعل، لأباد المجرم
الآلاف، وربما الملايين، وهو ما يفعله
آل الأسد اليوم، إنهم يشربون دم شعبهم
ولا يرتوون، ولا من سبيل لوقفهم عند
حدهم إلا بما صاح به المغرد تيم حاوي
على تويتر/ حين كتب: نعم لحظر جوي على
سورية، نعم لقصف مراكز قوى النظام
جواً، والباقي يتكفل به الشعب السوري!! بصراحة متناهية، لا بد من تدخل خارجي، على
أي نحو، حماية للمدنيين على الأقل، فما
يجري يجل عن الوصف، ودماء شعب سوريا في
رقابنا جميعا، وتحديدا في رقاب صناع
القرار العرب، والعجم أيضا! عجبا... كيف ينام هؤلاء؟ ألم يسمعوا أصوات
حرائر الشام وهن يهتفن: مالنا غيرك يا
ألله؟ أم أنهم يشاطرون إسرائيل
موقفها، كما اعتادوا أن يفعلوا أبدا؟؟ خارج النص: يقول الصحافي الإسرائيلي عنار شيلو: ذعر
يسود أروقة الجيش الإسرائيلية من
امكانية نجاح الثورة السورية، هذه
الثورة الأكثر بطولة وتصميما، إسرائيل
أكثر الدول المعنية ببقاء الأسد وحديث
باراك عن قرب سقوطه يأتي للتغطية على
الرغبة الإسرائيلية، ينبغي ان نعترف
أن هذه هي ساعة الشعب السوري الجميلة
وهي ليست ساعتنا الجميلة! ================= رأي الدستور الدستور 27-5-2012 ما يحدث في سوريا الشقيقة تجاوز المعقول،
ولم يعد يُحتمل، ويؤكد ان النظام ماض
في ارتكاب الجرائم دون وازع من ضمير،
ولا خوف من عقاب. ان المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام
وتجاوز عدد ضحاياها التسعين بريئاً
بينهم عدد كبير من الاطفال، ذبحوا كما
تذبح النعاج، تؤكد ان هذا النظام
استمرأ ان يلغ في دم الشعب الشقيق، ولم
يعد يرعوي، ومستعد ان يقارف أبشع
الجرائم وأشدها خطورة واكثرها
ايلاماً، ما دامت الأمة لا تحرك
ساكناً، وما دام ما يسمى بالمجتمع
الدولي ليس معنياً بما يحدث، ما دام
القاتل والقتيل كلاهما من العرب
والمسلمين. كيف يجرؤ هذا النظام، وهو الذي يدعي انه
يمثل الشعب السوري، والحريص عليه،
والمفوض والموكل بحمايته وتحقيق
الحياة الكريمة له، كيف يجرؤ ان يقتل
الابرياء، ويهدم البيوت على ساكنيها،
ويذبح الاطفال، ويحوّل المدن والبلدات
الى مناطق محروقة ؟ ونسأل مقابل ماذا ترتكب هذه الجرائم؟
ومقابل ماذا يتم تحويل الشام الى بحيرة
دم وهي ريحانة الله في أرضه؟ ومقابل
ماذا يتم ترويع شعب آمن، وتحويله الى
شعب مهجر خائف، يهرب الى دول الجوار
خوفاً من الموت المحقق على يد الشبيحة،
الذين عاثوا ويعيثون في القطر الشقيق
خراباً ودماراً؟ كنا نفترض ان يستجيب النظام لنداءات
الربيع العربي، وحق الشعب الشقيق في
الحرية والكرامة والديمقراطية وحقه في
الحراك السلمي، كما استجابت أنظمة
اخرى، وان يقلع عن الاحتكام للقوة
المسلحة، والحلول الامنية بعد فشله في
قمع الثورة والقضاء عليها، والعمل
فوراً على تنفيذ المبادرة العربية
السلمية بسحب القوات المسلحة من
المدن، واطلاق المعتقلين على خلفية
الأحداث، والاعلان عن حوار جدي مع
المعارضة وكافة ممثلي الطيف السياسي
وصولاً الى وفاق وطني، من شأنه ان يطوي
صفحة الماضي، ويشرّع الباب لبناء
سوريا الحديثة على أسس ديمقراطية
قائمة على العدالة والمساواة،
والانتخابات النزيهة وصولاً الى تداول
السلطة، احتكاماً لصناديق الاقتراع،
وإقامة الدولة المدنية الحديثة، بعد
طي صفحة الدولة الشمولية والحزب
القائد. لم يستفد النظام من تجارب الدول الشقيقة،
ولا من احداث التاريخ، وأصر ان يركب
رأسه، وان يمضي في مشروعه الدموي، على
أمل القضاء على الثورة، محاولاً
الالتفاف على المبادرة الدولية، كما
التف على المبادرة العربية، ومستغلاً
الانقسام الدولي ووقوف الصين وروسيا
معه، وافشالهما “الفيتو” الاميركي
وكافة قرارات المقاطعة الاقتصادية. مجمل القول : ان الجرائم التي يرتكبها
النظام في سوريا تفرض على الدول
العربية والمجتمع الدولي بأسره، ان
يتدخل فورا لانقاذ الشعب الشقيق من
مذبحة مروعة، بعد ان فقد النظام عقله
وقرر أن يدمر سوريا ويحولها الى بلاد
منكوبة، قبل ان يرحل، وحتماً هو راحل،
وسوريا هي الباقية.. وعلى الباغي تدور
الدوائر. التاريخ : 27-05-2012 ================= فايز سارة الشرق الاوسط 27-5-2012 آخر الإجراءات التي قامت بها السلطات
السورية في ميدان الإعلام خطوتان؛
كانت الأولى إعادة هيكلة مؤسسة الوحدة
للطباعة والنشر والتوزيع وتحويلها من
مؤسسة حكومية إلى شركة مساهمة مغفلة
وفق قانون الشركات، باسم الشركة
السورية للإعلام والنشر، وكلفت الشركة
القيام بإصدار صحيفة جديدة باسم «تشرين»
تحل محل صحيفتي «تشرين» و«الثورة»،
وأن تأخذ الصحيفة الجديدة على عاتقها
مهمة إصدار ملاحق ودوريات وصحف متخصصة
إضافة إلى صحف يومية تصدر في المحافظات
الأخرى، إضافة إلى إصدار صحيفة
إلكترونية تحمل اسم الصحيفة الورقية.
والخطوة الثانية التي قامت بها
السلطات السورية، موافقتها على قرار
المجلس الوطني للإعلام المتضمن إعطاء
ترخيص لإصدار ست صحف وثلاث عشرة مجلة
خاصة من مختلف التخصصات الإعلامية. وحسب الأوساط الرسمية في دمشق، فإن ما تم
القيام به إعلاميا يضاف إلى إجراءات
سبقت منها إصدار قانون للإعلام مصنف في
سياق تحسين واقع الإعلام السوري الذي
يقول المسؤولون إنه ملحوظ في إطار
الإصلاحات التي تقوم السلطات بها
لمعالجة جوانب الأزمة التي تغرق فيها
البلاد منذ خمسة عشر شهرا وتنزف فيها
دما من أبنائها وتدميرا من قدراتها
وإمكاناتها. غير أن الكلام الرسمي بصدد الإصلاح، لا
يجد في الواقع ما يدعمه ويؤكده، ليس
فقط بسبب عجز الإصلاحات عن معالجة
الأزمة التي تعيشها البلاد، وهو الهدف
الرئيسي المعلن للإصلاح الرسمي، بل
لأن الخطوات الإصلاحية لا تحدث أي
تغييرات إيجابية في المجالات التي
تتناولها، وهذا أمر مؤكد بصدد إلغاء
حالة الطوارئ، التي زادت انتهاكات
حقوق السوريين بعد إلغائها في العام
الماضي، وكذلك الأمر في موضوع حزب
البعث الذي ألغى الدستور الجديد دوره «القائد
في الدولة والمجتمع»، لكن الانتخابات
التشريعية الأخيرة أعطت حزب البعث
الحاكم مقاعد في مجلس الشعب أكثر من أي
مرة سابقة، وبالتالي كرست حضوره أكثر
في السلطة التشريعية، وهذا هو حال كل
الإصلاحات التي قالت السلطات السورية
إنها قامت بها في الفترة الأخيرة. وما تم القيام به من خطوات إصلاحية في
الإعلام السوري، ومنها ما تم مؤخرا
ينتمي إلى السياق نفسه، إذ إنها خطوات
شكلية وليست جوهرية، حيث تمت إعادة
هيكلة أكبر مؤسسة صحافية رسمية من
الناحية الإدارية والفنية، وجرى تغيير
شكل ملكيتها، وتحديد جديد لمهامها في
الجانبين الإداري والفني، وهي في
الوقت نفسه وسعت من الحيز الذي يشغله
القطاع غير الحكومي في الإعلام السوري. إن شكلية هذه الخطوات، تعود إلى أنها لم
تحدث أي تبدلات في بنية الإعلام السوري
ومهمته الأساسية ووظيفته؛ إذ هو في
بنيته إعلام تابع ومرتبط بالسياسة
الرسمية وخاضع لها سواء في مؤسساته
الرسمية أو شبه الرسمية، كما في
المؤسسات التابعة للقطاع الخاص، وهو
في وظيفته، لا يعدو كونه صوت السلطة لا
صوت المجتمع، ووظيفته تفسير وتبرير
السياسات الحكومية والترويج لها، أكثر
من وظيفته في نقل الأخبار والتحليلات
ووجهات النظر، وتفسير ما يجري بطريقة
موضوعية، تسمح للمتلقين بالحصول على
صورة حقيقية للأوضاع القائمة، وفتح
آفاق للتعاطي معها. لقد بينت أشهر الأزمة السورية في
مجرياتها العامة وفي تفاصيلها اليومية
الافتراق الكبير بين كثير من السوريين
والإعلام السوري، الأمر الذي وصل إلى
حد وصف المتظاهرين للإعلام بأنه «كاذب»،
بل إنهم تجاوزوا ذلك إلى جعل مؤسسات في
الإعلام الرسمي والخاص موضع تندر
وسخرية، وكذلك رموز في المؤسسات
الإعلامية الرسمية، كما بدا الحال مع
قناة «الدنيا» الخاصة وشقيقتها
الرسمية الفضائية السورية، ولم يكن
الأمر بأقل مما سبق في التعامل مع
مؤسسات إعلامية أخرى مرئية ومسموعة
ومقروءة وفي الإعلام الإلكتروني. لقد كشف موقف السوريين من الإعلام جوهر
مشكلة الأخير، وهي خضوعه الكلي
للسياسات الرسمية قولا وفعلا، وتجاهله
الكلي للمعطيات التي لا تتوافق مع
السياسات الرسمية وقيامه بدور المبرر
والمفسر للمواقف الحكومية بغض النظر
عن حقيقتها وموضوعيتها، وهذا ما كان
ينبغي على السلطات أن تفكر فيه لو كانت
بالفعل راغبة في خطوات إصلاحية تتعلق
بالإعلام السوري وخاصة في المرحلة
الراهنة. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 27-5-2012 ها هي سوريا تشهد مجزرة جديدة من مجازر
التنظيم الأسدي، وهي ليست الأولى، ولن
تكون الأخيرة للأسف، مجزرة ضحيتها
أطفال سوريون وأمهاتهم، ذبحوا بطريقة
بشعة، ووسط صمت دولي مخزٍ، ورغم كل ما
يقال عن مهمة أنان، وما يقوم به
المراقبون الدوليون. مجزرة نظام الطاغية الأسد لها عدة
مدلولات، فالملاحظ أن النظام الأسدي
يستغل كل حدث بالمنطقة لإرسال رسالة
دموية للسوريين المغلوبين على أمرهم؛
فبينما المنطقة كلها مشغولة بسير
الانتخابات المصرية، وانعكاساتها،
ودلالاتها، قام نظام الطاغية بارتكاب
مجزرة «الحولة» ليرهب السوريين، ثم
يقول لهم إن «الإرهابيين» هم من
ارتكبوا تلك المجازر، وإنه هو المنقذ
لهم، وبالطبع تقوم الماكينة الإعلامية
المتواطئة مع الأسد بترويج ذلك،
واستغلال أوضاع بعض دول الربيع
العربي، لترسيخ رسالة الطاغية. ومجزرة
«الحولة» أكبر، وأحدث، دليل على ذلك؛
فحتى طريقة تنفيذ تلك المجزرة كانت على
غرار ما تفعله «القاعدة»، وهو الذبح
بالسكاكين، وهذا ما سميناه من قبل
بقاعدة الأسد، والتي تقوم باستخدام
الإرهاب، والتضليل، من أجل قمع
السوريين، وترويعهم، وإيصال رسالة
للمجتمع الدولي بأن «القاعدة» تعربد
بسوريا. أكاذيب النظام الأسدي مفضوحة بالطبع إلا
بالنسبة للمتواطئين في المجتمع الدولي
الذي يواصل صمته المطبق، وهو صمت عن
الأفعال، وليس الأقوال، فالتصريحات لن
تفيد السوريين العزل، ولن توقف نظام
الطاغية عن القتل، وارتكاب المجزرة
تلو الأخرى بحق السوريين، فقد فعل
الأسد كل محظور بالشعب السوري، وتجاوز
كل الخطوط الحمراء، وارتكب الجرائم ضد
الإنسانية، فعل كل شيء، بينما لم يفعل
المجتمع الدولي أي شيء يذكر إلا
التصريحات، فحتى العقوبات الاقتصادية
جل المجتمع الدولي يعلم أنها لا تحترم
من قبل العراق، ولبنان، وروسيا،
فالنظام الأسدي لا يزال يتسلح، ويدبر
أموره عبر تلك الدول. وفوق هذا وذاك فإن
عدد القتلى في سوريا في ازدياد، وجرائم
النظام الأسدي متواصلة، وحيله
المفضوحة مستمرة. الإشكالية، وكما قيل مرارا وتكرارا، أن
ما يقوم به النظام الأسدي من جرائم
سيدفع سوريا كلها إلى التفكك، والعنف،
والدمار الكامل، مما سينعكس على
المنطقة كلها، فمناظر المجازر،
والجرائم المرتكبة بسوريا من قبل نظام
الأسد ستغذي العنف بالمنطقة، وستشعل
جذوة التطرف والطائفية بشكل غير
مسبوق، فما يفعله الأسد فاق جرائم كل
مجرم مر على منطقتنا، والصمت الدولي
تجاهه فاق أيضا كل صمت حيال ديكتاتور
بمنطقتنا أيضا. ولذا فإن ما تحتاجه سوريا اليوم ليس
تصريحات، أو إطالة ومماطلة في مهمة
أنان التي باتت مشبوهة.. ما يحتاجه
السوريون هو تدخل خارجي بالقوة لوقف
آلة القتل التي طالت، وتطال، أطفالا
صغارا، وأمهات عزلا، وتجز رؤوسهم
وأطرافهم بالسكاكين، فما يفعله الأسد
هو جريمة حقيقية ضد شعب أعزل، وطوال
عام ونصف، بينما المجتمع الدولي ما زال
يقدم له المهلة تلو الأخرى. لا بد اليوم
من تدخل خارجي حقيقي لوقف مجازر الأسد
وإلا فسيكون الثمن فادحا على الجميع. ================= مدارات - مذبحة الأطفال:
ليست مع العزاء مصيبة الحياة الجديدة عدلي صادق 27-5-2012 ما زال هناك الكثير من الرياء، ومن التحسب
ومن اللامبالاة، يتفشى في العالم كله
بما فيه الوطن العربي حيال مأساة شعبنا
العربي السوري، الذي يُذبح بسكاكين
الفجرة، المتحللين من أية قيمة
إنسانية أو أخلاقية، ناهيك عن أية قيمة
سماوية. ولنقس هذه المسألة على أنفسنا
نحن في فلسطين: ماذا لو كان السوريون
والعرب والمنتمون للإنسانية قاطبةً،
تلقوا باللامبالاة مثلاً نبأ مذبحة
الحرم الإبراهيمي، التي اقترفها
المجرم الصهيوني باروخ غولدشتاين، في
الشهر الأخير من شهر شباط 1994؟ عندها
كنا سنشعر بإحباط أكبر من وجع المذبحة،
علماً بأن ما فعله المجرم الصهيوني،
على فظاعته، أحيط بعوامل وبعناصر
قياس، أقل فظاظة، من تلك التي أحاطت
بما فعله شبيحة النظام السوري ضد
الأطفال في قرية «الحولة» شمال غرب
حمص، عند بداية جبل العلويين. ذلك على
الأقل، لأن غولدشتاين ينتمي الى أقصى
يمين الصهيوني المتطرف. ولكي لا يستهجن
قارئي، هذه المقارنة، نكتفي من عناصر
القياس، بواحد منها، وهو أن مقترف
مجزرة الحرم الإبراهيمي، كان من عتاة
المستوطنين، وأن حكومة الاحتلال، على
الرغم من تواطؤ جنودها في المكان،
أدانت المجزرة وشكلت لجنة لامتصاص غضب
شعبنا والعالم، وأن الطرف الاحتلالي،
حكومة ومستوطنين، معروف للقاصي
والداني ولا ينكر الطابع العدواني
لوظيفته. أما مقترفو جريمة «الحولة»
فالمفترض أنهم من أهل البلاد ومن
مواطنيها، وهم من عصب النظام، وجاءوا
الى القرية، من قرى شقيقة وجارة للقرية
المغدور أهلها في منازلهم. والنظام لم
يستنكر الجريمة لأنها من صنف بضاعته.
لذا أمعن الأسديون في الإنكار. من هنا،
كان ما فعلته أيدي القتلة في سورية،
خليقاً بأن يستحث أقوى مظاهر المساندة
كلٌ حسب قدرته للشعب السوري في فاجعته،
لكي يتخلص هذا الشعب العزيز الشقيق، من
نظام لا يُحيل حياته الى جحيم وحسب؛
وإنما يلوث البيئة الإقليمية، ويسري
كالسرطان في المنطقة بأسرها! إنني أربأ بوسائل إعلامنا، وفي مقدمها
محطات التلفزة الفلسطينية بكل
أطيافها، أن تتجاهل مجازر بهذا الحجم،
ضد أطفال مجتمع تنبض قلوب أبنائه مع
فلسطين. إن أهالي مناطق ريف حمص،
معروفون بالطيبة، وبالعاطفة النبيلة،
وبالكرم وبالعروبة الجيّاشة. فلا يبرر
هذا التجاهل، أو التخلف عن إعطاء بضع
دقائق من التوقف أمام هكذا فظائع، ما
يُقال عن «الذكاء» السياسي في موقف
إظهار الحياد. وكأن هذا النظام المجرم،
كان محايداً حول أي شأن من شؤوننا
الفلسطينية. وكأنه ليس هو الذي حاول
جاهداً جعل منظمة التحرير منظمتين،
وفتح فتحين وثلاثاً، وجيش التحرير
الفلسطيني جيشين، واتحاد الكتاب
والصحفيين اتحادين، وجَعَل عدداً من
الفصائل، كل واحد منها اثنين، واتحاد
الفلاحين اتحادين. وفي كل نصف من تلك
الأنصاف، ظل يفتح سياقات للقسمة، وفي
غضون كل تلك الممارسات، لم يكف عن الزج
بأحرارنا في السجون، ولا عن تخوين
القيادة الوطنية، ولا عن الاغتيال
الذي لم يبدأ بالقائد الشهيد سعد صايل
ومن قبله ومن بعده قيادات ميدانية ولم
ينته من التدخل السفيه في شؤوننا! وكأن هذا النظام المجرم، يفتقر الى
متزعمين أتباع، من الفلسطينيين فاقدي
الإحساس بدم أبناء الأمة وبالتاريخ،
لكي نخشى على شعبنا في سورية من بطشه.
فأتباعه موجودون، وبمقدروهم مواصلة
انتحال صفة تمثيل الفلسطينيين. ثم إن
ذريعته حاضرة لو أننا قمنا بواجب
الإعلان عن خصومة نهائية معه، وهي أننا
خائنون أصلاً. ألم يكن هذا هو رأيه
المنطوق بلسان بشار نفسه، في الجلسة
الأولى من القمة الأخيرة له، التي
حضرها في ليبيا (سرت 27/3/2010) عندما رد
عليه الرئيس أبو مازن؟! * * * في بداية الثورة السورية، كان من الحكمة
أن نتريث وأن نكون حذرين، نلمّح ولا
نصرّح، مراهنين على احتمالات الحل
الديموقراطي والسياسي. لم تكن ارتفعت
معدلات القتل الى وتيرة الإبادة
الجماعية. وكان شعبنا العربي السوري
سيتفهم حساسية موقفنا بعد أن ينتصر.
لكننا اليوم، نأثم حتماً ونُلام
تاريخياً، إن لم نجاهر بموقفنا
المبدئي المعلن، الذي سيرفع معنويات
شعبنا العربي في سورية، فيما هو يواجه
وحيداً آلة القتل، بالتواطؤ المباشر
والمساندة، من قبل دول كبرى في الإقليم
وفي العالم، وبالتواطؤ غير المباشر من
قبل إسرائيل والغرب. لا بد من اليقين، بأن هذا النظام سيُحال
الى مزبلة التاريخ، لأن الشرط الوحيد
الذي يمكن أن يمنحه فرصة النجاة، هو أن
يفنى الشعب ذبحاً أو حرقاً، وهذا مخالف
لسنن الحياة ولطبائع سيرورات الأمم. ثم
إن النظام غبي وقد أعماه الله عن طريق
النجاة، ولم تنفع معه النصائح التي
أمدتها به، مخابرات الشرق والغرب. بعض
هذه النصائح كان دامياً ومؤلماً وكاد
أن يحقق نجاحاً قبل أسابيع، إذ تم
استدعاء شبح «القاعدة» ونُفذت
التفجيرات الإجرامية بأسلوبها
الخوارجي الآثم، وبأيدي «الخبراء» لكي
يصبح النظام هو والمجتمع الدولي في
خندق واحد، ضد الإرهاب العالمي. لكن
الذي حدث بعد أيام أن النظام غلبه
طبعه، واستمر في قصف المتظاهرين
العزل، وفي إطلاق الرصاص على جنائز
تشييع الشهداء، وصولاً الى ذبح
الأطفال بالسكاكين! ليقف أحرار العرب والعالم، في وجه النظام
الفاشي، حارس استقرار إسرائيل،
المستقوي بنيرانه على الشعب، المتأرنب
أمام الأعداء. ولترتفع الأصوات،
ولتصدر الفتاوى، بما يتوافق مع قواعد
الشرع، لكي تكون نصرة السوريين، بكل
مستطاع، فرض كفاية إن لم تكن فرض عيْن
على كل مؤمن، لتتحقق للشعب السوري
المساندة ويكون العزاء، فليست مع
العزاء مصيبة. وستكون العاقبة
للسوريين، ولن يكون وطنهم إلا حراً
نقياً من التلوث، موحداً عربياً
مستعيداً لعافيته ولكرامته! ================= طوفان الدم السوري
والصمت الدولي أحمد بن سعيد الرميحي رئيس التحرير جريدة العرب القطرية 27-5-2012 لم تكن مجزرة
الحولة التي ارتكبها النظام السوري
قبل يومين أولى المجازر ولن تكون
الأخيرة، طالما أن هناك مجتمعاً
دولياً استسهل رؤية تلك الدماء الزكية
وهي تراق كل يوم على أراضي الشام،
وفضّل الصمت وعدم التعاطي الجدّي مع
يوميات الثورة السورية، التي انطلقت
تنادي بحرية شعب كامل عاش طيلة عقود
أربعة تحت قمع واستبداد نظام دموي لم
يعرف سوى القتل سبيلاً للبقاء على كرسي
السلطة. لقد سالت دماء أكثر من 20 ألف سوري منذ 14
شهراً، واعتقل أكثر من 250 ألف مواطن
سوري، وهجّر أكثر من مليون آخرين، ومع
ذلك ما زالت لغة التعامل مع النظام
القمعي في دمشق هادئة، وفي أحيان أخرى
دبلوماسية، وهي تترجى النظام الدموي
أن يكف عن القتل، بل الأكثر من ذلك،
يخرج علينا أمين عام الأمم المتحدة بان
كي مون ليتهم مجموعات إرهابية
والقاعدة بالوقوف وراء التفجيرات التي
ضربت مدناً سورية عدة. ولا أدري من أين جاء بان كي مون بهذه
المعلومات، ومراقبوه ينامون مبكراً
ويصحون متأخرين، وكأنهم جاؤوا لقضاء
عطلة صيفية في ربوع الشام الدامية،
وليس لمتابعة مجريات القتل اليومي،
وتدوين الحقائق التي يدعي المجتمع
الدولي أن بعضها ما زال غائباً عنه. من أين جاء بان كي مون بتلك الحقائق؟ وكيف
وصلت إليه تلك المعلومات، وفي الوقت
ذاته لم ينبس ببنت شفة وهو يشاهد
يومياً مئات المدن السورية تُدَك
بالقذائف، والرصاص يحيل كل شوارعها
إلى حمراء دامية؟ إنه جزء من ذلك التواطؤ الدولي الذي بات
يطحن الشعب السوري.. جزء من تلك
المنظومة الدولية التي تقف اليوم
عارية بعد أن نزعت عنها الثورة السورية
ورقة التوت الأخيرة، وجعلتها تعيش في
انفصام بين ما تدعيه من إنسانية
عالمية، وبين ما تمارسه من صمت مطبق
حيال ما يجري في سوريا. لقد دعت قطر والسعودية منذ أكثر من سبعة
أشهر إلى ضرورة تسليح الجيش السوري
الحر، ليس لإسقاط النظام، فذاك شأن
سوري داخلي، ولكن حتى يتمكن هذا الجيش
بأفراده المنشقين عن الجيش النظامي،
من الدفاع عن أنفسهم ومدنهم بوجه آلة
القمع الوحشية التي تعتاش على الدم
السوري الطاهر البريء. غير أن العالم المتواطئ مع النظام السوري
صم أذنيه، ومارس لعبة «لا أسمع لا أرى
لا أتكلم»، بل إن بعضهم، ممن يدعون
نصرة الشعب السوري، انتقدوا الدعوة
القطرية والسعودية، بحجة أن ذلك سوف
يدخل البلاد في أتون حرب أهلية، وهم
يعرفون جيداً أن ذلك بعيد كل البعد عن
منطق الأشياء، ففي سوريا اليوم، شعب
خرج بصدره العاري للمطالبة بحريته،
وواجه مقابل ذلك أنواع الرصاص والقتل
والاغتصاب والذبح. لقد كانت مشاهد مجزرة الحولة مروعة إلى حد
لا يمكن السكوت عليه، وهي ربما لم تمثل
إلا جزءاً من حقيقة ما يجري هناك، في ظل
التعتيم الإعلامي الذي يمارسه النظام،
ومع ذلك، كانت ردة العالم باهتة إزاء
ما يجري، بل إن تلك المجزرة لم تعرف حتى
الإدانة الدولية بحدها الأدنى كما حصل
مع التفجيرات التي استهدفت دمشق قبل
أسبوعين، والتي يبدو أنها، ومن خلال
تكتيكها، كانت تفجيرات أمنية في إطار
حملة النظام للتخويف من الثورة، فهو
القائل في أكثر من مناسبة: «إما أنا أو
الفوضى». العالم اليوم يعيش في ظل أزمة أخلاقية بعد
مشاهد القتل اليومي التي صار يتعاطى
معها دون أدنى تعاطف، المجتمع الدولي
الذي طالما صدع رؤوسنا بمقولات حقوق
الإنسان، يعيش انفصاماً بين تلك
المبادئ وبين ما يقدمه من صمت رهيب
إزاء ما يجري للإنسان السوري. وليس المجتمع الدولي وحده مسؤولاً عما
يجري للشعب السوري، فلقد كان لتراخي
العرب -ممثلين بجامعتهم- دور لا يقل
سلبية عن دور المجتمع الدولي، وصار
واضحاً أن ما كانت تطالب به قطر
والسعودية من ضرورة التحرك لحماية
الشعب السوري، صائب ودقيق، بل إن
المبادرة التي قدمتها الجامعة
العربية، بجهود قطرية وسعودية، كان
بإمكانها أن تنقل سوريا من حال إلى حال
بعيداً عن حمامات الدم، لو أنها وجدت
تعاطياً عربياً ودولياً أكثر جدية
معها من ذاك الذي حصل. لن تكون سوريا الثورة بعد مجزرة الحولة،
هي ذات سوريا الثورة قبلها، فهناك
اليوم شعب صار أكثر اندفاعاً للحصول
على حريته والاقتصاص من هذا النظام
المجرم، دون أن يبالي بأية مواقف دولية
خجولة، ما زالت ترفض حتى أن تلبي ولو
جزءاً بسيطاً من متطلبات الشعب السوري
الثائر. الشعب الذي واجه بصدره العاري ولأكثر من
عام دبابات النظام القمعي الوحشي قادر
على أن يكمل مسيرته، وقادر على أن يصل
إلى نهاية ثورته. أما المجتمع الدولي، فيبدو أنه ما زال
غارقاً في معرفة شكل القاعدة وحجمها
ولونها، تلك التي ظهرت فجأة في بلاد
الشام، دون أن يكلف نفسه ولو للحظة
واحدة في أن يبحث عن القاتل الفعلي
لأكثر من عشرين ألف مواطن سوري. فاصلة... مراقبو عنان وبان كي مون، كانوا نائمين
عندما اتصل بهم نشطاء الثورة السورية
لإبلاغهم بمجزرة الحولة... فعلاً إنهم «مرٌ...اقبون». ================= ملامح الثورة السورية
والتعايش في يبرود الجزيرة 27-5-2012 لعل أول ما يلفت النظر في يبرود تلك
اللافتات التي يتجاور فيها الهلال
والصليب وتحتهما شعار "لا للطائفية"،
والتي يصر الشباب على رفعها في مظاهرات
تلك المدينة السورية الصغيرة الواقعة
على سفح جبال القلمون (80 كلم شمال شرق
دمشق). وقد تلفت الأنظار أيضا المغارات التي
كانت مسكونة في العصر الجليدي، وعلى
صخورها ثمة عبارات تنادي برحيل نظام
بشار الأسد، كتبها أبناء يبرود
العارفين بكيفية تجاوز وعورة جبالهم
التي لم يستطع الجيش بلوغها فعمد إلى
قصفها من بعيد. التعايش تحوي كنيسة يبرود ثاني أكبر أيقونة سورية
قام برسمها فنان يبرودي مسلم، ووفقا
لما تستدعيه طقوس رسم الأيقونات من
صلاة وصيام، فقد كان ذلك الفنان يؤدي
صلاته كمسلم طوال سنتين ونصف استغرقها
إنجاز الأيقونة. أحد السكان قال للجزيرة نت "عشنا كل
حياتنا معا في يبرود مسيحيين ومسلمين
ولم نعرف يوما الطائفية، لقد أصبحنا
الآن نسمع بهذا المصطلح عندما بدأ
النظام بالتحدث عنه، لكن شيئا لم يتغير
هنا، فما زلنا نعيش مع بعضنا كأهل". ويتابع حديثه مشيرا إلى بيت جيرانه "هذا
البيت الملاصق لبيتي يعود لجيراني
المسيحيين الذين أجاورهم منذ طفولتي،
وقد رفض صاحبه مغادرة الحي والانتقال
إلى بيت جديد إلى أن مات فيه وأوصى
أولاده بالبقاء". ويعود بالذاكرة إلى الوراء حيث كان الناس
يتركون أبوابهم مشرعة، ولم يكن لها
مفاتيح وأقفال وإنما مزاليج بسيطة،
ويقول "عندما كنا نشم رائحة الخبز
تفوح من بيت جارتنا أم جورج كنا
نناديها فتعطينا من خبزها الساخن". ملامح الثورة قبيل صلاة الجمعة، يبدأ أحد الناشطين
ويدعى "بخاخ يبرو" بكتابة شعارات
الثوار على الجدران وإسفلت الشوارع،
وسرعان ما يشارك في التظاهر أهالي
المدينة من كافة الأعمار رجالا ونساء،
وعلى مقربة منها يلاحظ وجود عناصر من
الجيش السوري الحر في سياراتهم، كما
يوزع شباب التنسيقية منشورات ثورية
على المتظاهرين تتناول واقع الثورة
وتنتقد بعض أخطائها. أحد رجال المدينة يتناول مكبر الصوت
ويلقي كلمة على الملأ يتحدث فيها عن
أخلاق الثورة وينفي شائعة سرت بمنع
تقدم طلاب المدارس للامتحانات، ويشدد
على عدم حمل السلاح في طرقات المدينة. يقول الناشطون إن الجيش الحر يسيطر تماما
على المدينة ليلا ويقيم الحواجز ويمنع
دخول الغرباء إليها " وفي الجوار، يحمل الأطفال أعلام
الاستقلال وهم يرتدون قبعات وأساور
بألوانه، وتتابع المدينة يوم عطلتها
بحركة سير اعتيادية. ويقول الناشطون إن الجيش الحر يسيطر
تماما على المدينة ليلا ويقيم الحواجز
ويمنع دخول الغرباء إليها، وهو مكون من
جنود منشقين لجؤوا إليها من محافظات
عديدة، وكان الجيش قد اقتحم المدينة -التي
استشهد ستة من أبنائها- وحاصرها
لأسبوع، ويلمح البعض إلى أن مبالغ
طائلة دفعها أثرياء المدينة لعناصر
الأمن كي لا يتعرضوا للسكان بأذى. ومن جانب آخر، اعتاد أهالي يبرود على
الاستيقاظ صباحا ليكتشفوا جدارية
ثورية تمتد لأكثر من عشرة أمتار على
أحد جدران المدينة، وكانت إحدى تلك
الجداريات قد استفزت الجيش عندما
اقتحم المدينة فحاول هدم الحائط
بالدبابة، ولم ينتبه قائدها إلى أن
الجدار يسيج منحدرا قاسيا حتى الدبابة
تهوي فيه. ويقول الأهالي إن القصف طال ما يسمونه "غرفة
الإذاعة" المبنية على رأس الجبل
لأغراض البث، وكان الثوار قد غطوها
بعلم الاستقلال، ومع أن الجيش هدم
جدرانها لكن العلم ما يزال مستقرا على
سقفها القرميدي. المصدر:الجزيرة ================= هل حان الوقت ليتخلى
أنان عن مهمته في سورية؟ ريتشارد غوان * (فورين
بوليسي) 18/5/2012 ترجمة:
عبد الرحمن الحسيني الغد الاردنية هل حان الوقت لكي يعلن كوفي أنان أن مهمته
الرامية لحل الأزمة السورية قد فشلت؟
يطرح عدد متنامٍ من الدبلوماسيين
الغربيين، في أحاديث خاصة، أنه يتوجب
عليه ذلك. وكان مسؤولون أميركيون قد
أعلنوا صراحة بأن خطة أنان للسلام "فشلت،"
كما قال وزير الخارجية السعودي إن
الثقة في جهود أنان "تتهاوى بشكل
سريع". وحتى الآن، تستمر القوات
الأمنية السورية في استهداف المنشقين،
وتظل قوات الثوار نشطة، وثمة هجمات شنت
على قوافل تابعة لمراقبي الأمم
المتحدة -مما يعزز الأطروحة القائلة
بأن على أنان الإقرار بفشل خطته. وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة
قد أوضح أنه يدرك أن مهمته على وشك
الفشل. لكن من الصعب جداً بالنسبة له أن
يلغي العملية كلها. وبينما استمرت
وتيرة العنف في سورية سائرة وفق ما
يصفه أنان بأنه مستويات "غير
مقبولة،" فإن معدل الوفيات عموماً
أصبح أقل قياساً مع ما كان عليه قبل "وقف
إطلاق النار" الذي هندسه في نيسان (أبريل)
الماضي. ولكن، وأياً كانت الجهة التي
تهاجم مراقبي الأمم المتحدة، فإنها
ربما تعد العدة لحرب واسعة النطاق،
فيما يبدو أن القتال ليس متصاعداً مرة
أخرى وحسب، لكنه يمتد أيضاً إلى لبنان. وإذا أراد أنان التخلي عن مهمته الآن -مكرسا
انسحاب القوات العسكرية التابعة للأمم
المتحدة من سورية- فإنه من الممكن أن
يخاطر بالسماح لحدوث المزيد من
التصعيد. ويمثل هذا المنحى ورطة
أخلاقية: هل من الأفضل للأمم المتحدة
أن تشرف وتوفر غطاءً من الناحية
الجدلية للعنف الراهن، أم أن عليها
الانسحاب لتتيح بذلك المجال أمام شيء
من المحتمل أن يكون أسوأ؟ من جهته، يبدي أنان الذي كان قد حُمل في
السابق مسؤولية حالات فشل الأمم
المتحدة في أحداث مثل سربرينيتشا
ورواندا (والتي يستذكر بعضها الصقور
الغربيون الذين لا يحبون دوره في سورية)،
يبدي حساسية معمقة للهجمات التي تشن
على أدائه الخاص، وكذلك على أداء الأمم
المتحدة. وكان أنان في التعامل مع صراعات أخرى مثل
ذلك في دارفور وجمهورية الكونغو
الديمقراطية، قد حاجج لصالح اللجوء
إلى الصبر والمثابرة في وجه العنف
المستمر. ومن الصعب بالنسبة له
الانقلاب على تلك الفلسفة راهناً، كما
أنه من غير المرجح أن يقر بالفشل بسرعة. وحتى لو كان أنان يؤيد اتجاه التخلي عن
مهمته، فإن التداعيات السياسية لذلك
قد تكون هدامة. وستعمد روسيا التي كانت
قد أقرت مهمته من أجل كسب فسحة تنفس
لصالح حلفائها في دمشق إلى اتهامه بأنه
تخلى عن مهمته مبكراً جداً. ومن الممكن
أن يعمد الأعضاء الغربيون في مجلس
الأمن إلى الدفع من أجل استصدار قرار
جديد من الأمم المتحدة لفرض عقوبات
جديدة على سورية. ومن المؤكد تقريباً
أن تعمد روسيا والصين (اللتان اصدرتا
بيانين ينطويان على الإخلاص لدعم أنان)
إلى استخدام حق النقض "الفيتو" ضد
الغرب للمرة الثالثة بخصوص سورية. ويعني هذا نهاية دبلوماسية الأمم المتحدة
حول سورية بعد مرور أكثر من عام على
إقدام أعضاء مجلس الأمن أول الأمر على
اقتراح مشروع يفرض عقوبات على دمشق.
ومن الناحية النظرية، يستطيع الأمين
العام للأمم المتحدة إيجاد بديل للسيد
أنان، لكن بان كي مون تبنى خطاً
أخلاقيا أكثر صلابة بكثير حول الصراع
قياسا مع موقف أنان، لدرجة أن سورية
اتهمته بالانحياز "المفرط". ومن الصعب رؤيته وقد تمكن من إعادة إطلاق
المباحثات بطريقة معقولة. كما أن من
الصعب بنفس المقدار التفكير في أي وسيط
دولي يتمتع بالمكانة الكافية والتأثير
للبدء مع الأسد من حيث انتهى أنان. وهكذا أصبح أنان عالقاً، فهو لا يستطيع
المضي قدما بعمليته للسلام إلى أجل غير
مسمى، كما أنه لا يستطيع الاستقالة
منها تماماً. وإذا ما تدهورت الحالة
السورية، فستكون لديه فرصة واحدة وحسب
للهروب من هذا المستنقع. ففي أواخر
تموز (يوليو) سيقرر مجلس الأمن ما إذا
كان سيجدد تفويض مهمة المراقبة للأمم
المتحدة. وكانت سفيرة الولايات
المتحدة لدى الأمم المتحدة، سوزان
رايس، قد أكدت أنها ستعترض على تمديد
المهمة إذا لم تتحقق أي تحسينات على
الأرض. ومن الناحية الفنية، يستطيع
أنان الاستمرار في جهوده الدبلوماسية
بعد مغادرة المراقبين وعودتهم إلى
بلدانهم. لكن الفيتو الأميركي سيكون
تصويتاً على الثقة، وهو ما لن ينجو منه
أنان. لكن هناك افتراضاً بأن أنان لا يريد أن
تلحق به الإهانة. وهكذا، ومع أن خطته
السلمية الأصيلة تتآكل، فإنه يحتاج
إلى نوع ما من الخطة البديلة "ب"
للتخفيف من المعاناة السورية ولإنقاذ
سمعته على حد سواء. وهو لا يخجل من
التصريح بذلك، حين قال لمجلس الأمن في
بداية أيار (مايو) أنه سوف "يقفز"
إلى أفكار جديدة. إحدى خطط "ب" الممكنة –التي يمكن أن
توضع لإرضاء المعلقين الغربيين- هي أن
يلقي أنان بالحذر في الريح، ويعلن أنه
لا يمكن إصلاح الحكومة السورية، ويدعو
من ثم إلى تدخل دولي رئيسي. وثمة الكثير
من الكلام عن منطقة حظر طيران، وإقامة
مناطق آمنة وممرات إنسانية. لكن أنان
وفريقه يدركان أن هذه الخطوات ليست
عملية سياسياً أو تشغيلياً. وحتى لو لم
تقدم روسيا والصين على المبادرة إلى
استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي تواجد
عسكري مخول من الأمم المتحدة في سورية،
فثمة القليل من الدليل على أن قوى
الناتو تريد إرسال قواتها إلى هناك.
وبينما قد يفكر المسؤولون الغربيون
بأن الوقت قد حان ليعلن أنان فشله،
فإنهم هم في الحقيقة لا يريدون منه أن
يقول لهم ما الذي يترتب عليهم عمله
نتيجة لذلك. وثمة بديل ينطوي على مخاطرة أقل لدى أنان،
يتمثل في قوله، على أساس التقارير التي
يتلقاها من مراقبي الأمم المتحدة، إنه
يعتقد بأن الوقت قد حان لوقفة
استراتيجية في جهوده الدبلوماسية.
وباستطاعته الطلب من مجلس الأمن
الإبقاء على مهمة قوات حفظ السلام
قائمة لتعقب العنف، ومن ثم لوضع سلسلة
من الشروط التي يحتاج لأن يراها وقد
لُبيت قبل أن يجدد دوره التوسطي.
وسيستند بعض هذه الشروط إلى خطته
السلمية الأولية، مثل التقليص الدائم
للعنف والإفراج عن السجناء السياسيين. لكن أنان يستطيع أيضاً أن يختبر حسن
النوايا لدى بعض الداعمين الدوليين
المتأرجحين من خلال الاستفسار عن
علامات جوهرية للتقدم في الجهود
الثنائية من جانب الولايات المتحدة
وروسيا وآخرين لتمهيد الأرضية
لمباحثات السلام. وإذا كان أنان يكافح،
فلا يبدو أن هناك أحداً آخر قادراً على
نزع فتيل احتمال حدوث انقلاب دبلوماسي
أيضاً، كما كان قد ظهر من عدم قدرة
جامعة الدول العربية مؤخراً على عقد
اجتماع لمجموعات المعارضة السورية من
أجل مؤتمر وحدة. وبإمكان أنان القول
أيضاً إنه يظل راغباً في العمل كوسيط
في المستقبل -لكن فقط في حال كان
متأكداً من أن أعضاء مجلس الأمن الدولي
والقوى الإقليمية يستطيعون خطب ود، أو
إجبار عملائهم في سورية على المساومة. وقد تتيح الوقفة
الاستراتيجية المجال أمام تغير بعض
الحقائق على الأرض لما يصب في صالح
أنان. ومثلاً، ثمة بعض الإشارات إلى أن
قوات الثوار آخذة في استعادة الزخم في
الأسابيع الأخيرة. وفي الأثناء، تستمر
الاحتجاجات السلمية على قدم وساق بعد
أن امتدت مؤخراً إلى مدينة حلب التي
كانت هادئة سابقاً. وإذا قدر لهذه
الاتجاهات أن تستمر، فقد يشرع النظام
السوري في إعادة التفكير في موقفه من
المباحثات (وتستطيع الولايات المتحدة
وحلفاؤها الاستمرار في جعل دمشق فاقدة
التوازن عبر مبادرات مثل التمارين
الحربية التي أجريت في الأردن قبل أيام)،
وحتى مراقبي الأمم المتحدة الذين يشهر
بهم كثيراً والذين انتشروا بشكل أسرع
مما توقع خبراء حفظ السلام قبل شهر، قد
يشكلون فارقاً إذا استطاعوا أن
يتحولوا من رفع التقارير حول حوادث
العنف إلى توجيه تحذيرات عامة من
الهجمات السورية التالية. وفي الأثناء، تظل الصعوبات التي تعترض
سبيل نجاح مهمة أنان تطل برأسها. لكن،
ولدى وضع الأمور في الميزان، تظل مخاطر
تخليه عن مهمته مباشرة كبيرة جداً ولا
يقوى على النهوض بها. ومن خلال الإعلان
عن وقفة استراتيجية، فإنه يستطيع
إظهار أنه غير راغب بأن يعامله النظام
السوري كالأبله -والوقوف مستعداً
لاغتنام افتتاح أفضل للتوسط لاحقاً. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |