ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مجزرة
الحولة.. هل رخص الإنسان؟! تركي
الدخيل الوطن
السعودية 29-5-2012 مشاهد
لا يقوى القلم على وصفها. مجزرة الحولة
الآثمة كان وقعها على العالم صادماً.
وقد أحسنت "الشرق الأوسط" وصفاً
حين كتبت أن هذه الجريمة تهز العالم.
هزت الشعوب والناس الذين يتألمون
لإخوتهم في الإنسانية، لكنها بالتأكيد
لم تهز الدول التي تجعل الاقتصاد أهم
من الإنسان. روسيا والصين وإيران دول
باعت الشعب السوري لصالح النفوذ.
وإيران تحاول من خلال إعلامها الخطير
أن تبرر للنظام السوري أفعاله ووحشيته.
ثم يخرج علينا الناطق باسم النظام
السوري ليتبرأ من الجريمة، ليكون مثل
القاتل الذي يسير وراء جنازة قتيله.
وأفعال النظام السوري لا تدل إلا على
أن الإنسان قد صار رخيصاً. قبل
أكثر من عقدٍ ونصف، شهد العالم مذابح
ضد البوسنة والهرسك، وضد كوسوفا، كان
الصمت مخيفاً لكل إنسان، غير أن التدخل
لحماية المدنيين كان هو خاتمة المطاف،
لكن بعد أن قتل مئات الآلاف، وإلى
اليوم تكتشف المقابر الجماعية هناك.
وإذا كان النظام الصربي آنذاك يعمل على
إبادةٍ عرقية، فإن النظام السوري يعمل
على إبادةٍ طائفية. والعالم لا يزال في
صمتٍ مطبق. استئصال كارثي يمارس ضد
الشعب السوري وسط أنظار العالم. وهذا
يجعلنا نفكر بقيمة الإنسان أمام
المادة والاقتصاد والنفوذ. تباع
الأرواح مقابل حراسة النظام، والحفاظ
على النفوذ والتمسك بالقواعد العسكرية
كما تفعل روسيا. يمكن
للسياسة أن تكون أخلاقية، وأن تكون
منسجمةً مع المبادئ الإنسانية كما هو
الحال لدى دول كثيرة تمارس سياسةً
حاذقة مع مبادئ إنسانية، لكن الدول
التي أشرتُ إليها والتي تحرس الظلم
والقتل لا علاقة لها بالأخلاق
الإنسانية. روسيا وإيران والصين، دول
تشاهد هذه المجازر ببرود. بينما تدافع
عن البشرية الدول الغربية التي كان
الناس أو بعضهم يشتمونها. والغريب أن
يحلم الناس بزوال أميركا ومجيء الصين،
ولم يعلموا أن هذا التنين الصيني نظام
مستبد وطغياني، وأن الحريات التي
يفسحها قليلة جداً. قال
أبو عبدالله غفر الله له: من المؤلم ألا
يستطيع الغرب أن يبذل شيئاً للشعب
السوري بسبب الموقف الذي يحمي النظام
السوري بمجازره. مشكلة الوضع السوري
أنه أكبر من السياسة، وأكبر من
الكتابات، ذلك أنه يمس عمقنا الإنساني
ويختبر إنسانية العالم التي فتتها
الجشع العالمي على النفوذ والاقتصاد
والفتات. ================= علي
سعد الموسى الوطن
السعودية 29-5-2012 أشعر
للمرة الأولى في هذا – العام – من
الكتابة، أن القلم مع أطفال سورية مجرد
زيف ونفاق ومتاجرة بهذه العيون
الصغيرة المذبوحة. أشعر أن الكتابة
مجرد ركض فوق هذه الجثث البريئة، مثلما
أشعر أنها محاولة كاذبة لإراحة الضمير
أو متاجرة رخيصة بهؤلاء الصغار. أشعر
أن الأحبار حين تكتب عن دماء الأطفال
فإنها لا تنتصر لهم بقدر ما تهزم
الكاتب الجبان الذي يريح ضميره بسكبة
حبر من قلم رخيص بينما الطفل يسكب دمه
كاملاً حتى جفاف القلب كي تستيقظ أمة
من سبات الوحشية. وفي حياتي، وقفت على
آلاف الصور المروعة لكن صورة أطفال
سورية ستبقى ذروة الامتحان وأنا أهرب
منها جباناً خائفاً وأنانياً إلى
الخلف.. كيف؟ عندما أفعل كل ما استطعت
كي لا يشاهد أطفالي في وطنهم الآمن
المستقر مناظر العذاب الأخير. عندما
أخشى على أطفالي من كذبة عابرة للألم
النفسي إن هم شاهدوا هذه المناظر،
بينما الطفل السوري يواجه العذاب
الجسدي وكل درعه هو جلده، وكل ما يملكه
هو أن يخفي الرصاص عن وجهه بكفيه، كما
هي الفطرة. أشعر
أن تقوى الله ومخافته أصبحت في زمن هذا
المجرم السفاح مجرد لزمة لغوية يحاول
أن يغرسها حتى في ضمائرنا ونحن نستمرئ،
بل نهرب من هذه الصور الوحشية المخيفة.
ولكم من قمة النفاق أن قصره (النعمان)
يقع على شارع دمشقي غير اسمه إلى اسم
محمد الدرة. اليهود الصهاينة قتلوا (درة)
واحدة بينما هذا المجرم السفاح يقتل (الدرر)
في حفلة جماعية. أشعر
أن هذا المجرم السفاح يحتمي بكل
النقائض: يحتمي بفيتو الشيوعي الملحد
من روسيا وبكين، مثلما يحتمي بالخطبة
العصماء من لحية رجل دين مثل حسن نصر
الله. أشعر أن العالم بأسره، إلا من
بضعة شرفاء، يتواطؤون ضد الأطفال مع
بطل المسرحية. أشعر أنني أعيش هذا
الأسبوع – بالخطأ – وأن وجودي حياً
لمشاهدة تلك الوجوه إنما هو صدفة مريضة.
أسلَّي نفسي أن هؤلاء في رحمة الله خير
وأبقى من الحياة في براثن غابة. أقول
لها إن ثواني – الذبح – الأخيرة أرحم
من آخر ربع ساعة من الحياة. كيف كان
هؤلاء الأطفال في الربع الأخير من آخر
ساعات الحياة؟ كيف كان الرعب؟ كيف كان
الطفل حياً يشارك المقطع الأخير من
حياة طفل آخر؟ كيف كان ذلك الطفل
المحظوظ لأنه قتل أولاً فلم يشاهد بقية
مفاصل الرعب؟ تصوروا: كيف عاش آخر طفل
ربع ساعته الأخير وكم هي – القرون –
الطويلة التي شاهدها بعيونه في آخر ربع
ساعة؟ تخيلوا أطفالاً يعيشون ربع ساعة
في براثن قتلة، تصوروا بالخيال: تلك
المسافة الطويلة ما بين الطفل الأخير
حتى الأول. ================= مجلس
الأمن.. بيان الإدانة لا يكفي الوطن
السعودية 29-5-2012 بيان
مجلس الأمن، حول مجزرة الحولة وما
تشهده سورية، جاء باهتا وإن كان استخدم
لفظ الإدانة "بأشد العبارات الممكنة"،
فالإدانة وحدها لا تكفي، ولا بد من
قرار والتزام من المجلس المخول
بالحفاظ على الأمن والسلام في العالم،
فهذه المجزرة التي ذهب ضحيتها ما يفوق
المئة شخص أغلبهم من الأطفال وصل الأمر
حد نحر رقابهم أمر لا يمكن السكوت عليه
بأي حال من الأحوال. الجنرال
مود رئيس بعثة المراقبين صرح أن
المدينة تعرضت لقصف مدفعي وغارات من
الدبابات وهو ما يوضح الخرق الواضح
لأساس خطة عنان. هذه مجزرة تمت تحت سمع
وبصر وتأييد النظام السوري رغم كل
محاولات النظام السوري التنصل منها
وإنكارها، والمسألة الأهم أن خطة عنان
التي يتمسك بها المجلس تضمنت بوضوح سحب
كافة الآليات الثقيلة، وهو ما لم يحدث
حتى الآن، كما أن مهمة فريق المراقبة
هي الإشراف على وقف اطلاق النار
المفترض من 12 أبريل الماضي وهو ما لم
يكن، ولم تلتزم به الحكومة السورية،
فأي أمل في خطة ولدت ميتة؟ وعلى
الرغم من أن بيان المجلس صدر بموافقة
وإجماع، وعلى الرغم من تأييد روسيا له،
إلا أنه لا يمكن التغاضي عن موقف روسيا
السلبي منذ بدء الثورة، وتنصلها من
التزاماتها نحو العرب بعد لقاء وزير
الخارجية الروسي بالوزراء العرب في
جامعة الدول العربية، ثم تحميلها
مسؤولية المجزرة للطرفين، في انحياز
واضح للجلاد على حساب الضحية، وهو أمر
آن للعرب من
خلال اجتماعهم الطارئ المزمع عقده
أن يدينوه وأن يكون لهم موقف واضح
وقوي من روسيا. هذه
الإدانات الكلامية المستمرة والتعطيل
من خلال بوابة خطة عنان التي لم يلتزم
بها النظام السوري البتة، إضافة إلى
الدعم الروسي، كلها عوامل تؤكد أن الحل
في سورية لا يمر من خلال هذه البوابة،
وأنه يجب اتخاذ موقف أكثر حزما. على
العالم أن يستيقظ، وإذا فشل مجلس الأمن
في تحمل مسؤولياته، تجاه حفظ أرواح
الناس، فعلى العرب أن يختاروا السبل
الأخرى؛ ومنها التوجه للجمعية العامة
للأمم المتحدة، وإعلان فشل مجلس الأمن
في النهوض بواجباته. ================= صمت
المجتمع الدولي عن مجازر النظام في
سوريا بقلم
/ د.عادل البياتي - كاتب أكاديمي من
العراق : الراية 29-5-2012 المجزرة
المروعة التي ارتكبتها قوات النظام
الإجرامي في سوريا يوم الجمعة الماضية
في (الحولة) بضواحي حمص المجاهدة، لم
تكن الجريمة الأولى ولن تكون الأخيرة
في سلسلة الجرائم التي يقترفها النظام
المجرم بحق الشعب السوري، فطالما أن
المجتمع الدولي مُتراخٍ في تعامله مع
هذا النظام القمعي، وما دام النظام
الدولي متواطئًا مع نظام القتلة في
دمشق ويمارس لعبة الاستغباء عما يجري
على أرض سوريا من قتل للأبرياء وتنكيل
بالنساء والأطفال، وهذه الجريمة
البشعة أودت بحياة حوالي 30 طفلاً قتلوا
ذبحًا على أيادي شبيحة النظام، حيث
قتلت قوات النظام في ذلك اليوم 114
شهيدًا بينهم عشرات الأطفال ممن لم
تتعدَ أعمارهم العشر سنوات، كانت
صورهم تفجع المتابعين، كانت مأساة
وحشية كما وصف ها روبرت مود رئيس بعثة
المراقبين الدوليين وهي "انتهاك
صارخ ورهيب" كما وصفها بان كي مون
الأمين العام للأمم المتحدة.. ولكن
ماذا تكفينا وماذا تكفي الشعب السوري
المجاهد هذه الاستنكارات والتصريحات؟! يبدو
أن النظام العالمي ومن يسمونه المجتمع
الدولي يعيش اليوم أزمة أخلاقية،
واعتاد على مشاهدة مناظر الدم ومشاهد
القتل اليومي تمارسه قوات النظام
العبثي وعصاباته، ولطالما أصمّ هذا
المجتمع وهذا النظام الدولي أسماعنا
بشعارات حقوق الإنسان وحرية الشعوب..
ولكنه أثبت انفصام شخصيته ما بين القول
والفعل. أين
التدخل الدولي الإنساني لإنقاذ الشعوب
المقهورة؟ أين الممرات الآمنة التي
يجب أن تقام لإتقاذ الجرحى
والمحاصرين؟ أين جدوى العقوبات على
النظام المتوحش والمجتمع الدولي يشاهد
الخروقات للعقوبات من كل الأطراف ولا
يتدخل؟ ولماذا الامتناع عن تسليح
الجيش الحر؟ أين الجامعة العربية وأين
بعثاتها ومبعوثوها والرحلات المكوكية
بلا طائل ولا نتيجة؟ يجب أن
تكون مجزرة الحولة في حمص، مثل المجازر
الأخرى التي يرتكبها النظام الأسدي كل
يوم، يجب أن تكون نقطة تحول وصحوة ضمير
العالم والمجتمع الدولي، فالعبء
الأخلاقي يفرض على المجتمع الدولي أن
يغيّر من نهجه المهادن وسلوكه
المتساهل مع نظام القتلة في دمشق.. ووقف
استباحة دماء الشعب السوري. رئيس
بعثة مراقبي الأمم المتحدة أكد في
تصريح إعلامي له بعد الحادثة من خلال
تدقيق أجراه المراقبون الأمميون أن
السلطات السورية استخدمت مدفعية
الدبابات في قصف منطقة الحولة التي
حصلت فيها الفاجعة، وأضاف: "إن مقتل
32 طفلاً "يمثلون مستقبل سوريا شيء
مؤسف جدا" و"غير مقبول"، وأظهرت
لقطات بثتها الفضائيات ومواقع
الإنترنت جثثًا غطتها الدماء لأطفال
تهشمت جماجم بعضهم من ضحايا القصف في
بلدة الحولة يوم الجمعة، وعرضت صور
لجثث مصابة بما بدا أنها طلقات رصاص في
الرأس وقد صفت على حشايا تغرقها الدماء. المعارضة
السورية طالبت مجلس الأمن والمجتمع
الدولي ب"تحمل المسؤولية وإعلان فشل
خطة انان واتخاذ قرارات سريعة وحاسمة
لإنقاذ سوريا وشعبها وإنقاذ المنطقة
برمتها بتشكيل ائتلاف عسكري دولي خارج
مجلس الأمن لتوجيه ضربات جوية إلى
مفاصل النظام العسكرية والأمنية". إن مثل
هذا الاستهداف للمدنيين يمثل رمزًا
مأساويًا لفشل جهود المجتمع الدولي
والجامعة العربية، لإيقاف العنف تجاه
المدنيين في سوريا، وعلى المجتمع
الدولي الاضطلاع بمسؤولياته لوقف نزيف
الدماء في سوريا بشكل يومي. فلقد سالت
دماء أكثر من 20 ألف سوري منذ 14 شهرًا،
واعتقل أكثر من 250 ألف مواطن سوري،
وهجّر أكثر من مليون آخرين، ومع ذلك ما
زالت لغة التعامل مع النظام القمعي في
دمشق هادئة، وفي أحيان أخرى
دبلوماسية، وهي (تترجى) النظام الدموي
أن يكفّ عن القتل، بل الأكثر من ذلك،
يخرج علينا بان كي مون ليتهم مجموعات
إرهابية والقاعدة بالوقوف وراء
التفجيرات التي ضربت مدنًا سورية عدة.
ولا نعلم من أين جاء بان كي مون بهذه
المعلومات، ومراقبوه ينامون مبكرًا
ويصحون متأخرين، وكأنهم جاءوا للنزهة
وقضاء عطلة في ربوع الشام الدامية،
وليس لمتابعة مجريات القتل اليومي،
وتدوين الحقائق التي يدعي المجتمع
الدولي أن بعضها ما زال غائبًا عنه.
ونتساءل من أين جاء بان كي مون بتلك
الحقائق؟ وكيف وصلت إليه تلك
المعلومات، وفي الوقت ذاته نراه
صامتًا وهو يشاهد يوميًا مئات المدن
السورية تُدَك بالقذائف، والرصاص يحيل
أحياءها إلى حمراء دامية؟ إنه
جزء من ذلك التواطؤ الدولي الذي بات
يطحن الشعب السوري.. إنه جزء من تلك
المنظومة الدولية التي تقف اليوم
عارية بعد أن نزعت عنها الثورة السورية
ورقة التوت الأخيرة، وجعلتها تعيش في
انفصام بين ما تدعيه من إنسانية
عالمية، وبين ما تمارسه من صمت مطبق
حيال ما يجري في سوريا. لابد
من إحياء دعوات قطر والسعودية إلى
ضرورة تسليح الجيش السوري الحر، ليس
لإسقاط النظام، فذاك شأن سوري داخلي،
ولكن حتى يتمكن هذا الجيش بأفراده
المنشقين عن الجيش النظامي، من الدفاع
عن أنفسهم ومدنهم بوجه آلة القمع
الوحشية التي تعتاش على الدم السوري
الطاهر البريء. ليس
المجتمع الدولي وحده مسؤولاً عما يجري
للشعب السوري، فلقد تراخى العرب -
ممثلين بجامعتهم - وما زال دورهم لا يقل
سلبية عن دور المجتمع الدولي، وصار
واضحًا أن ما كانت تطالب به قطر
والسعودية من ضرورة التحرك لحماية
الشعب السوري، صائب ودقيق، بل إن
المبادرة التي قدمتها الجامعة
العربية، بجهود قطرية وسعودية، كان
بإمكانها أن تنقل سوريا من حال إلى حال
بعيدًا عن حمامات الدم، لو أنها وجدت
تعاطيًا عربيًا ودوليًا أكثر جدية
معها من ذاك الذي حصل. لن
تكون الأحوال في سوريا الثائرة بعد
مجزرة الحولة كما كانت قبلها، فالشعب
السوري صار أكثر اندفاعًا للحصول على
حريته والاقتصاص من هذا النظام
المجرم، دون أن يبالي بأية مواقف دولية
خجولة، ما زالت ترفض حتى أن تلبي ولو
جزءًا بسيطًا من متطلبات الشعب السوري
الثائر. الشعب المجاهد الذي يقاوم
دبابات ورصاص النظام الوحشي بصدور
عارية، قادر على أن يكمل مسيرته، وقادر
على أن يصل إلى نهاية ثورته. ================= د.عبد
الله بن موسى الطاير الرياض 29-5-2012
كلها أيام وننسى ما جرى من مذبحة
بالقرب من حمص هذا الأسبوع. وسوف ننتظر
مجزرة أخرى تغذي حماسنا. سنكتفي بالشجب
والاستنكار، وليس بأيدينا غيرهما؛ ذلك
أن بيننا وبين الفعل غضبة أمريكا،
ورهبة روسيا، كما أن سوريا محاطة
بعناية إيران فلن يسمح حزب الله بأي
تحرك من لبنان باتجاه سوريا، ولن يسمح
العراق بشيء من ذلك، وسيقتل الشعب
السوري ليرتوي من دمه الحقد الفارسي من
جانب، ولتبقى إسرائيل آمنة في حمى
الأسد من جانب آخر. أمريكا تدير
مصالحها مع الروس والإيرانيين، من
بغداد لموسكو، ونحن نتفرج على الأشقاء
يذبحون بدم بارد. لنكن
واقعيين جدا؛ فإن كنا لا نستطيع نجدة
السوريين فلماذا نشجعهم؟ لماذا لا
نقول لهم لقد خذلناكم فهادنوا وصالحوا
حتى تتهيأ لكم ظروف الثورة. أو فلنتحرك
نحن العرب الذين تهمنا مصلحة الشعب
السوري ونكثف عملية الاستجداء
لأمريكا، ونضمن لها سلامة إسرائيل،
ونقدم أتاوة للروس، لنحقق أهدافا
عديدة أولها حقن الدم السوري، وتقديم
النظام للعدالة الدولية، وكسر شوكة
إيران في المنطقة. ولكن قبل ذلك وبعده
علينا أن نتأكد من جاهزيتنا للثمن
الباهظ الذي سيدفع لحقن الدماء
السورية ولجم نفوذ إيران، فإن كان
عادلا فلماذا نتأخر، وإن كنا في
الحالتين خاسرين، فلماذا المغامرة
واللعب بعواطف الشارع العربي عموما
والسوري خصوصا. لم
نستطع تحرير الكويت بدون أمريكا التي
قادت التحالف الدولي بمن فيهم روسيا.
ولم نستطع هزيمة الصرب بدون أمريكا،
فلماذا نتخيل أننا نستطيع إنقاذ الشعب
السوري بدون أمريكا؟ ولكن هل لدى
أمريكا نفس الحماس؟ وهل تحرير سوريا
وتسليمها للإخوان المسلمين أو
السلفيين سوف يصب في مصلحة أمريكا
وإسرائيل والمنطقة؟ وكيف لأمريكا أن
تتقدم خطوة إذا كانت حتى الآن لم تتأكد
من هوى السياسة المصرية الوليدة، ولم
تضمن أمن اسرائيل ومستقبلها. إذا كانت
الحكومات العربية والخليجية تحديدا لا
تستطيع عمل شيء على الأرض، فهل تستطيع
الشعوب؟ أمريكا
أيها السادة مشغولة بانتخاباتها وبقي
من هذا الثلاثاء إلى الثلاثاء الذي
ستجرى فيه الانتخابات الأمريكية 160
يوما بالتمام والكمال، فإذا كان معدل
القتل اليومي 30 بريئا، فإن قوات النظام
ستقتل 4800 سوري حتى ذلك الحين. ولأن
الرئيس الجديد لن ينصب قبل 20 يناير 2013م،
فإن العدد سوف يتضاعف تقريبا، فإذا
علمنا أن المئة يوم الأولى غالبا ما
تخصص للشؤون الداخلية فإن عدد القتلى
سوف يزيد عن 15 ألفا بانتظار تسوية
الوضع الأمريكي الداخلي ناهيك عن
التعقيدات الأخرى. ما
يجري في سوريا ليس ثورة كبقية البلدان
العربية التي مرت بها الثورات وعصفت
بأنظمتها، وإنما هناك ميدان لتصفية
حسابات الفرس والإسرائيليين والروس،
وهناك إعادة صياغة حقيقية للمنطقة
تجري في سوريا، وأمامنا خياران، إما أن
نقبل ثمن التضحية أيا كان ونشارك في
صياغة مستقبلنا، وإما أن ننتظر ونترقب
ونؤثر السلامة ونترك للآخرين تقرير
مصيرنا. وحتى
يتوافق الجميع على تحديد هوية الشرق
الأوسط الجديد علينا أن ندعو
للسوريين، فليس أمامنا سوى الدعاء،
ولايرد القدر غير الدعاء، وفي الوقت
ذاته ندعو لأنفسنا في دولنا أن يكون
المخاض أسهل مما يخطط لنا، وعلينا أن
نتذكر شيئا مهما جدا وهو قوله تعالى: (ويمكرون
ويمكر الله والله خير الماكرين). وليس
لنا إلا الغيب نتمسك به فقد يأتي بما لم
يحط به المخطط الأمريكي والروسي
والإسرائيلي والفارسي. ================= تاريخ
النشر: الثلاثاء 29 مايو 2012 الاتحاد لا
تزال البشرية مصدومة من وقع مجزرة
الحولة بمدينة حمص السبت الماضي التي
أبيد فيها 32 طفلاً بجز أعناقهم وضرب
رؤوسهم ووجوههم بالفؤوس، من إجمالي 116
شخصاً قتلوا بنفس الطريقة حسب آخر
التقارير. ولا يمكن أن ترتكب مثل هذه
المجازر في ظروف الصراعات العادية..
لأن مثل هذه الجرائم وبهذه الطريقة
الوحشية لا ترتكب إلا عندما يكون
المعتدي مشحوناً ضد الطرف الضحية بشكل
كبير، ويتنصل من صفاته الإنسانية إلى
درجة أنه يتلذذ باستباحة دم الطرف
الضعيف ويرتكب بحقه هذه الفظاعات بدم
بارد ونشوة عجيبة! وفي
تعريفات الأمم المتحدة، فإن جرائم
الإبادة هي الفظاعات التي ترتكب أثناء
محاولات الإبادة لطوائف وشعوب على
أساس قومي أو عرقي أو ديني أو سياسي،
وصنفت كجريمة دولية في اتفاقية وافقت
الأمم المتحدة عليها بالإجماع سنة 1948
ووضعت موضع التنفيذ 1951. أما
المجزرة فتطلق على القتل الجماعي
لمدنيين عزل في الحروب، وهي من جرائم
الحرب عندما تشمل قتل وتصفية 5 أشخاص أو
أكثر في مكان محدد وعملية محددة لأفراد
غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم. وأما
التطهير العرقي فهو مصطلح يطلق على
عملية الطرد بالقوة لسكان غير مرغوب
فيهم من إقليم معين على خلفية تمييز
ديني أو عرقي أو سياسي أو استراتيجي أو
لاعتبارات إيديولوجية أو مزيج من
الخلفيات المذكورة. قد
يكون من المفهوم، إلى حد ما، المجازر
وجرائم الإبادة والتطهير العرقي التي
شهدتها المجتمعات البشرية بين دول أو
جماعات تختلف عرقياً أو دينياً مثل
جرائم سربرنيتسا في البوسنة والهرسك
على أيدي الصرب وأدت إلى مقتل 8 آلاف
شخص، وجرائم الإبادة في رواندا عندما
شن المتطرفون من الهوتو حملة ضد
الأقلية من التوتسي وقتلوا ما يربو على
800 ألف شخص. إن
المشاهد التي تترى من الداخل السوري،
والمقاطع التي توثق الجرائم المرتكبة
بحق المدنيين الأبرياء، تدل على أن
الصراع ليس فقط صراعاً سياسيّاً بين
معارضة ونظام مُصرٍّ على البقاء،
وإنما هو صراع بقاء يستخدم فيه النظام
كل السبل والوسائل لقمع الثورة.
تاريخياً، عمل النظام السوري منذ
تسلمه زمام السلطة في عام 1966 على ترسيخ
أركان وقواعد الدولة خاصة المؤسسة
العسكرية والأجهزة الأمنية في يد
الأفراد الذين ينتمون لنفس الطائفة
التي تحكم البلاد. وتحولت سوريا إلى
دولة بوليسية بامتياز بعد أن أصبحت
المؤسسة الأمنية بأذرعها المختلفة،
وهي أمن الدولة أو المخابرات العامة
والأمن السياسي والأمن العسكري
والمخابرات الجوية، هي التي تدير شؤون
البلاد ويمكن لأي ضابط في هذه الأجهزة
أن "يمسح بالوزير الأرض". ومنذ
اندلاع الثورة السورية وجهت اتهامات
كثيرة إلى هذه الفروع الأربعة في
ارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان
بحق المواطنين والناشطين السياسيين ضد
نظام الأسد، وقامت باعتقال عشرات
الآلاف من المحتجين وتعذيبهم بوسائل
مختلفة، بل وارتكاب ما قد يَرقى إلى
جرائم ضد الإنسانية حسب منظمة العفو
الدولية. لقد
جند النظام السوري جيشه وأجهزته
الأمنية و"شبيحته" ليس للحفاظ على
البلد ووحدته كما يزعم، وإنما للحفاظ
على بقائه. كما أن أفراد وضباط الأجهزة
الأمنية و"الشبيحة" لا يدافعون عن
النظام فحسب، وإنما هدفهم الأول هو
المحافظة على بقائهم، لأن انتصار
الثورة يعني نهايتهم لا محالة! لذلك لا
يستبعد أن يواصل النظام ارتكاب مجازر
مماثلة كما حصل في الحولة، وأفظع وعلى
نطاق أشمل وأوسع.. فهل سيتحرك العالم
للجم هذا السعار الدموي وإيقاف مسلسل
المذابح في سوريا أم أنه ينتظر بقية
الحلقات من مشاهد القتل المروعة؟ ================= فصولها
عاصفة ووقائعها نازفة .. الأزمة
السورية... على منعطف طرق «الحولة» باتريك
ماكدونل بيروت ينشر
بترتيب خاص مع خدمة «إم.
سي. تي. إنترناشيونال» تاريخ
النشر: الثلاثاء 29 مايو 2012 الاتحاد ندد
مجلس الأمن الدولي أول من أمس الأحد
باستهداف نيران مدفعية الجيش السوري
لحي مدني قتل فيه 108 أشخاص، معظمهم من
النساء والأطفال، ملمّحاً في بيان صيغ
على نحو حذر إلى أن القوات الحكومية هي
المسؤولة عن ذلك إلى حد كبير. وبينما
تصاعد الغضب الدولي، اعتبر البعض
المذبحة نقطة تحول ممكنة في النزاع
المرير، في وقت تبادلت فيه الحكومة
ومجموعات المعارضة الاتهام
بالمسؤولية عن المذبحة التي وقعت يوم
الجمعة في منطقة الحولة بمحافظة حمص
النازفة. وقال
مجلس الأمن الدولي، الذي اجتمع في جلسة
طارئة، إن "الاستعمال الشائن للقوة
ضد السكان المدنيين" يمثل انتهاكاً
فاضحاً لمخطط السلام الأممي، داعياً
الحكومة السورية وخصومها إلى إنهاء
العنف، مثلما طالبت الأمم المتحدة
بذلك مراراً وتكراراً. وقد تمت
الموافقة على البيان بعد مناقشات
طويلة مع روسيا، حليف نظام الأسد.
وأعطت روسيا، التي تتمتع بحق النقض "الفيتو"
وسبق لها أن أعاقت أي تدخل دولي مدعوم
من الأمم المتحدة في سوريا، موافقتها
لبيان يدين بأقوى العبارات الممكنة
المسؤولين عن مقتل أولئك الأشخاص
الذين ماتوا بعد إطلاق النار عليهم عن
كثب أو نتيجة ل"إيذاء جسدي قاس". وقالت
الأمم المتحدة إن إحصاءً جديداً أشار
إلى أن 108 أشخاص قُتلوا في الحولة، منهم
49 طفلاً و34 امرأة، غير أنه من غير
المعروف عدد الذين ماتوا جراء قصف
حكومي وعدد الذين قضوا جراء أسباب أخرى. ودعا
بيان مجلس الأمن الدولي سوريا إلى "وقف
استعمال الأسلحة الثقيلة في التجمعات
السكنية بشكل فوري وإلى سحب جنودها
وأسلحتها الثقيلة من التجمعات السكنية
وحولها بشكل فوري وإعادتها إلى
ثكناتها". وكلها خطوات منصوص عليها
في مخطط السلام الشهر الماضي، ولكن لم
يتم تطبيقها على ما يبدو. وبيان
مجلس الأمن الدولي ليوم الأحد، وإن لم
يحمِّل أي طرف المسؤولية عن المذبحة
صراحة، فقد أقر بوجود علاقة مباشرة
أكثر بين القصف الحكومي والوفيات
المدنية وكان هذا موقفاً أقوى من بيان
للأمم المتحدة صدر يوم السبت. فقد قال
البيان يوم الأحد إن العشرات قتلوا
والمئات جُرحوا "في هجمات شملت
سلسلة من القصف بواسطة المدفعية
والدبابات الحكومية على أحياء سكنية". والراهن
أن تداعيات المذبحة، مثلما يقول بعض
المراقبين، يمكن أن تُظهر ما إن كان
الكريملن ينوي البقاء مخلصاً لحليفه
السوري، أم أنه بدأ يضيق ذرعاً بالأسد
وربما يبحث إمكانية عملية انتقال
سياسي في سوريا مدعومة دولياً. وفي هذا
الإطار، يقول "آندرو تابلر"،
الخبير في سوريا لدى معهد واشنطن
لسياسة الشرق الأدنى: "إن هذا
سيعطينا مؤشراً جيداً عما سيتطلبه
الأمر لتغيير موقف الروس". والحال
أن صور الفيديو قليلة الوضوح لجثث
أطفال هامدة ومضرجة بالدماء كانت
ملقاة ومتناثرة عبر المكان مثل دمى
مهملة، سرعان ما تحولت إلى صورة
إيقونية للوحشية المفرطة التي فاقت كل
الحدود في سوريا. ولكن المذبحة مثلت
أيضاً شاهداً على الغموض الذي يلف
النزاع. كما ولدت شكوكاً جديدة بشأن
مهمة السلام الأممية التي يقودها كوفي
عنان، الأمين العام السابق للأمم
المتحدة، الذي يلعب دور المبعوث الخاص
للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى
سوريا. يذكر هنا أن أكثر من 250 مراقباً
أممياً يوجدون حالياً في سوريا، ولكن
مجموعة منهم لم تحضر إلى الحولة إلا
بساعات بعد توقف أعمال القتل. ومن
الجدير بالذكر أن عنان كان من المقرر
أن يتوجه إلى سوريا أيضاً هذا الأسبوع. من
جانبها اعتبرت المعارضة أن أعمال
القتل كانت نتيجة لقصف حكومي ولهجوم
تلاه شنه جنود وأفراد "الشبيحة"
الذين لم يتوان بعضهم في استعمال حربة
بندقيته أو مُديته للإجهاز على ضحاياه.
ولكن الحكومة السورية أصدرت هي أيضاً
يوم الأحد بياناً تنفي فيه ذلك نفياً
قاطعاً، قائلة إن قواتها في الحولة
كانت في "موقف دفاع" عندما هوجمت
من قبل "إرهابيين" مسلحين تسليحاً
ثقيلاً في المنطقة التي حدثت فيها
المذبحة. وقال
المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية
جهاد مقدسي للصحفيين في دمشق إن
الحكومة السورية "تنفي نفياً تاماً
أي مسؤولية للقوات الحكومية عن
المذبحة"، مندداً ب"سيل الأكاذيب"
التي تزعم ارتكاب الحكومة لحمام دم،
مشيراً إلى أن تحقيقاً في الحادث
سيكتمل في غضون ثلاثة أيام. وتقول
الحكومة إن رجالاً مسلحين قاموا
بمهاجمة قوات الأمن في الحولة يوم
الجمعة، زاعمة أن "إرهابيين" -وهو
المصطلح الذي تستعمله للحديث عن
المتمردين المناوئين لها- نفذوا
المذبحة في محاولة لتشويه سمعة القوات
السورية ونسف مخطط السلام الأممي. والضحايا
في الحولة وُصفوا بأنهم من المسلمين
السنة، الذين يشكلون أغلبية سكان
سوريا ويمثلون القوة المحركة لحركة
التمرد ضد الأسد. يشار هنا إلى أن
الرئيس والعديد من كبار قادته
الأمنيين والعسكريين ينتمون إلى
الطائفة العلوية، التي تعد أحد فروع
المذهب الشيعي. وتقول المعارضة إن
أعضاء ميليشيات من القرى العلوية
المجاورة قد يكونون شاركوا في أعمال
القتل التي شهدتها الحولة، مما يؤجج
أيضاً حالة التوتر الطائفي. وفي
هذا السياق، يقول بيتر هارلينج من "مجموعة
الأزمات الدولية"، وهي جهة بحوث
يوجد مقرها في بروكسل: "اليوم هناك
قلق كبير بشأن موضوع الانتقام: إلى متى
سيمتنع الناس عن الرد بالمثل؟"،
مضيفاً "إن هذا يلهب المشاعر بين
الناس في أماكن أخرى من سوريا، وقد بات
ذلك على وشك الخروج عن نطاق السيطرة". ================= حقيقة
العلاقات بين كوسوفا والمعارضة
السورية .. كذبة تحولت إلى "حقيقة
موثوقة" عند الأسد! محمد
م. الارناؤوط المستقبل 29-5-2012 بعد
غياب عن الاعلام دام أسابيع عدة برز
الرئيس بشار الاسد فجأة في مقابلة مع
قناة 24 الروسية في 16 أيار ليوجه رسائل
تحذير عدة الى جهات مختلفة . ومن بين
الامور التي لفتت النظر في هذه
المقابلة كان قوله "لدينا معلومات
موثوقة تفيد بأن المعارضة السورية
تتجه الى كوسوفا لتتدرب عسكريا هناك
استعدادا للاجتياح العسكري لسوريا"
. وفي
الواقع ان هذه "الحقائق الموثوقة"
ماكانت لترد كذلك لو أن الرئيس الاسد
كان يتحدث الى قناة تلفزيزن هندية أو
برازيلية ، أي أنها جاءت منسجمة مع
الموقف الروسي الذي كان قد حوّل الكذبة
الى نصف حقيقة ليترك الدور أخيرا
للرئيس الاسد ليحولها الى "حقيقة
موثوقة" . وكانت
روسيا في اليوم السابق لمقابلة الاسد
مع قناة 24 الروسية (15 أيار 2012) قد أثارت
هذا الامر على مستوى العالم من موسكو
الى نيويورك ، ما مهد الارضية للرئيس
الاسد لكي يقول ما قاله في اليوم
التالي. ففي الصباح عبّرت وزارة
الخارجية الروسية في بيان لها عن القلق
"بسبب التقارير التي تنشرها وسائل
الاعلام عن صلات المعارضة السورية بما
يسمى جمهورية كوسوفا، وهي لاتشمل فقط
تبادل الخبرات حول الحركات الانفصالية
الموجهة ضد الانظمة بل تشمل كذلك تدريب
المتمردين السوريين في كوسوفا" .
وبالاستناد الى ذلك توصلت الخارجية
الروسية الى أن كوسوفا "تحولت الى
قاعدة دولية لتدريب المتمردين من
الفصائل المسلحة المختلفة ما يحولها
الى عامل زعزعة للاستقرار في البلقان".
وقد كرر ذلك في المساء المندوب الروسي
في الامم المتحدة فيتالي تشوركين خلال
مناقشة مجلس الامن الدورية للاوضاع في
كوسوفا. وفي
الواقع إن بيان الخارجية الروسية لم
يوضح "التقارير التي تنشرها وسائل
الاعلام" ومدى مصداقيتها ، ولكنه لم
يقل عنها انها "معلومات موثوقة"
على كل حال كما قال الاسد، الذي بنى
عليها كل تلك "الفورة الاعلامية"
التي تصدرت وسائل الاعلام بل كانت
الخبر الاول في قناة "روسيا اليوم"
. وفي
الحقيقة ان المصدر المحتمل لذلك كان
مانشرته الصحيفة الالبانية المعارضة
"شكولي" بتاريخ 5 أيار 2012 تحت
مانشيت عريض "اتفاق مع كوسوفو
لتدريب المقاتلين السوريين في ثكنات
جيش تحرير كوسوفا"، وذلك بعد مرور
اسبوع على زيارة وفد من المعارضة
السورية الى بريشتينا. ومع أن هذه
الزيارة حظيت بتغطية جيدة من الصحافة
الكوسوفية والصربية (المعنية بالامر)
والاوربية إلا أن أي صحيفة لم تصل الى
ما نشرته "شكولي" بعنوانها
المستفز الذي من الواضح أنه معدّ لخدمة
أجندة معينة اقليمية ودولية . وكانت
الفبركة واضحة في المانشيت والمقال
لانه لا وجود ل "جيش تحرير كوسوفا"
منذ نهاية 2000 بعد أن تحول الى حزب سياسي
(الحزب الديموقراطي الكوسوفي) وسّرح
معظم أفراده بينما دخل القليل منهم ضمن
القوة الجديدة التي تشكلت في كوسوفا (قوات
الامن الكوسوفية) بأسلحة خفيفة فقط
نظرا لان قوات "الناتو" لاتزال
موجودة وتقوم بدورها على امتداد
الحدود الكوسوفية . أما
الحديث عن "اتفاقية" فهو يجافي
الواقع لان وفد المعارضة السورية جاء
الى بريشتينا بدعوة من "نادي
السياسة الخارجية"، وهو منظمة غير
حكومية ، لكي يستعرض أمام أعضاء النادي
الاوضاع في سوريا ويستفيد من الخبرة
الكوسوفية في مواجهة نظام سلوبودان
ميلوشيفيتش . وقد أوضح رئيس النادي
فيتون سوروي، رئيس فريق التفاوض
الكوسوفي مع صربيا، ان الحل في سوريا
لايمكن أن يكون عسكريا فقط بل يجب أن
يشمل الجانب السياسي للاتفاق على
برنامج انتقالي يفضي الى حكم
ديموقراطي. وفي المقابل فقد استقبل
وزير الخارجية الكوسوفي أنور خوجا وفد
المعارضة السورية ووعدهم بتقديم كل
مساعدة ممكنة حسب امكانات كوسوفا
المتواضعة . ومع كل
هذه الحقائق جاء مانشيت جريدة "شكولي"
بعد اسبوع من زيارة وفد المعارضة
السورية ليوحي بأن هناك ما يطبخ في
الغرف السوداء، حيث أن بعض الجرائد
الصربية ثم الروسية نقلت ما نشرته "شكولي"
من دون أي تمحيص الى أن جاء البيان
المفاجئ للخارجية الروسية "بالاستناد
الى التقارير التي تنشرها وسائل
الاعلام". ونظرا لوجود وزير
الخارجية الكوسوفي في نيويورك فقد
قامت وزيرة الشؤون الاوربية في كوسوفا
فلورا تشيتاكو بتكذيب ذلك وتوضيح ان
ماجرى خلال زيارة وفد المعارضة
السورية هو مجرد "تبادل خبرات" و
لا "وجود على الاطلاق لمعسكرات
تدريب للمسلحين السوريين" لان ذلك
لايمكن أن تقوم به الحكومة الكوسوفية
إلا بموافقة القوات الدولية الموجودة
على أراضيها (قوات "الناتو" وقوات
بعثة الاتحاد الاوربي "الاولكس") . ومع
هذا التكذيب الحكومي الكوسوفي لبيان
الخارجية الروسية في 15 أيار 2012 جاء
الرئيس الاسد في اليوم التالي ليحول في
المقابلة التي أجراها "التقارير
التي تنشرها وسائل الاعلام" الى "معلومات
موثوقة لدينا"، وذلك لكي يشن هجوما
عنيفا على المسلحين في المعارضة
السورية باعتبارهم "حفنة من
المجرمين" . ولكن هذا التصريح للاسد
دفع نائب رئيس الوزراء الكوسوفي خير
الدين كوتشي الى تكذيب ذلك في 18 أيار
والرد على الاسد بأن "العنف قد وجد
في سوريا ويجب أن يجد حلا له في سوريا"
وأن "كوسوفا تؤيد الحركات
الديموقراطية في كل مكان في العالم
ولكنها ليست المكان الذي يمكن فيه لأي
أحد أن يتدرب لأي هدف آخر" . ================= هل
الحريّة مطلب الثورة السوريّة أم
روحها؟ عُلا
شيب الدين() المستقبل 29-5-2012 يبدو
أن سؤال العنوان ليس إلا واحداً من
جملة أسئلة وعِرة وشائكة تنبثق عن
الثورة السورية؛ ويبدو أننا نحتاج ،في
الإجابة عليه، إلى استيعاب الثورة
السورية كثورة اندلعت في مناخ "ربيع
عربي" طرحت فيه الشعوب الثائرة
الحرية كفعل. فعل انعتق إلى حد كبير من
ربقة الأحكام المسبقة، وربما خلا من
شوائب الأيديولوجيا، وبراثن التفكير
المغلق، كونه فعل لم تقده قوى أو أحزاب
أوجهات منظَّمة؛ ما جعل الثورات
تتميّز بالعفوية، وقد تكون هذه
العفوية هي نفسها الحرية، بعد أن غادرت
عالم المفارَقة واللامنظور وانتقلت
إلى المنظور عبر طرحها كفعل. وحيث إن
الحرية في أصلها خفّة؛ فإنها حين تصير (فعلاً)
يمنحها ذلك نوعاً من الثقل يمكّنها من
التحريك والتأثير عبر الفاعليّة على
الأرض. وعلى
الأرض السورية، ما كان ليقوم للثورة
قوام لو لم تكن الحرية قوامها، فهي
داخلية ومباطِنة للثورة، مثلما هي
استعداد دائم، ثابت، متوافق مع ذاته،
ويُعلي من امتياز الإنسان. إن الحرية
هنا ليست مشتقّة من نزوع يطلقه تصوُّر،
وليست موضوعاً خارجياً تشرئبّ إليه
الثورة؛ بل هي ذلك الجوهر الذي منه
تستمد الثورة وجودها وقيمتها، من حيث
هي، أي الحرية، الدافع الدّفين لتعلّق
السوري بذاته الثائرة، ومن حيث هي منبع
شجاعته، واستعداد داخلي يحضّ على فعل
خارجي هو غاية لن تتجسّد إلا في موقف
داخلي للإرادة؛ طالما أن الحرية لا
تبارح، حتى في مبدئها، مجال الإنسان
الفاعل، ولا تنشد أي خير خارج نطاق
الاستعداد الإرادي، وطالما أن الثائر
السوري أسلس قياده لجموح حرية لا كابح
لها. ما يعني أخيراً ردم الهوة بين
الحياة التأمّلية والحياة العملية
ليُستنتَج أن الحرية لا يمكن أن تكون
ترَفاً. إضافة
إلى ذلك، فالحرية في الثورة السورية
ليست استدلالاً مجرّداً وجافاً، ولا
شأن لها بالمصطلحات والشعارات
الزائفة، وهي لا تتّسم حتى بذلك
الاطراد، والتدرّج أو المرحليّة، بل
تبدو كأنها انبثاق. انبثاق يندفع كسيل
جارف، وتبدو قوتها الحقيقية في
انسيابيّتها غير الطامحة لا للإقناع
ولا للإفحام، كونها تندفع اندفاعاً
يلجم كل تعثر أو توقّف أو تمهّل، ويجرف
عنوة كل ما من شأنه إعاقة المضي
قدُماً، كما يردع الفكر عن الشّرود
خارج الثورة. هكذا؛ تنجلي حقيقة (الحرية
في الثورة) من حيث أن الحرية ليست جزءاً
من كل؛ بل هي كلّ يتوزّع على الكل وفي
الكل، وتدخل في بنية الثورة ومنظومتها
وتتحكّم في العلاقات بين عناصر هذه
المنظومة وتنظّم ذاتها بذاتها. مثلما
تنجلي أيضاً حقيقة (الثورة في الحرية)
من حيث أن الثورة وحدة مثلى، مستكفية
بذاتها وكليّة القدرة. وعلى هذا؛ فإن
الاعتقاد بأن الحرية مطلب للثورة
السورية، اعتقاد واهِم وباطل. أن
تكون الحرية قواماً، لا غاية أو مطلب؛
يعني أن هذا القوام يحرِّر المرء من
التبعيّة للمواقف والظروف الخارجية
المتقلّبة التي قد تؤثر سلباً على
معنوياته وعزيمته. وكان بمقدور الظروف
والمواقف المحلّية والإقليمية
والدولية العصيبة والمتواطِئة أن تنال
من عزيمة ثوار الكرامة في سوريا لو لم
تكن الحرية قوام ثورتهم وروحها؛ لذا لم
يكن بإمكان الرذيلة والضَّلال أن
يشقّا لنفسيهما منفذاً إليها طالما
أنها داخلية ومباطِنة للثورة. ولئن
كانت الثورة والحرية متماهيتيْن؛ فقد
توفّرت كل الأسباب التي تحرِّر
المخيّلة وتمرّنها، وبهذا الضرب من
مران المخيِّلة التي غُذِّيَت بهواجس
النصر، اصطنع الثائر السوري لنفسه
أفراحاً مستديمة جعلته يصبر على مآسي
الراهن، وبالمقابل فإن التوجّس من
الآلام أو الخوف والرّعب أصبح
المحرِّض الأساس لإشعال مخيّلة من
شأنها تعميق الشعور بالنصر. إنه الشعور
بالوضوح وبالرّضى الرّوحي المصاحِب
لحدس روحي متبصِّر، يحثّ الثوار على
مواصلة النضال والمقاوَمة ضد آلة بطش
السلطة البعثية الهمجيّة المتوحِّشة؛
وبذلك لا يعود الموت أعظم الشرور؛ بل
يغدو، من حيث يدري الثائر أو لا يدري،
جسراً يعبر من خلاله إلى الحياة الفذة.
فالحرية بمثابة إيمان يقيني على أساسه
نهضت الثورة السورية، بعد أن خلع
الثوّار قيمة مطلقة على كل ما يربط
وشائج الفرد بالحرية وجعلوا من هذه
الرابطة شرطاً لا غنى عنه للثورة. وعبر
انحلالها في الحرية، أفسحت الثورة
السورية المجال لتفجير الطاقات
الشعبية، وجعلت من الساحات والشوارع
مسرحاً لحشود ثوار يمارسون طقوس
الحرية. وبعد كل مأساة تنقبض فيها
الأنفس الحرّة في الحزن؛ يعود
الغارقون في تعاسة تامة لتنبسط أنفسهم
فرحاً على قرع الطبول وإنشاد الفرح في
تحدٍّ صارخ لذوي الأنفس المتصدِّعة
والعاجزة عن مكابدة الحرية واحترام
الإنسان. وفي حين نرى أن كل ما هو خارج
الثورة يتّخذ طابع التشاؤم والوهن
المتاخِم للامبالاة؛ يبدو الثائر
السوري وكأن جسمه أصبح عصيّاً على
أوصاب تهتصره، ونفسه لا يبلبلها تعاطف
هشّ ورخو، والقدَر لا يمكن له أن يبدّد
آماله أو يبيدها، فحتى نوائب القدَر
تبدو كأنها متحدّاة من جانبه. وقد
اتّشحت الثورة بغزير الصور عن
البطولات والشجاعة. يمكن القول إذن: إن
"الانفعال" الثوري الناجم عن
انقباض النفس في الحزن وانبساطها في
الفرح هو "عقل"، وحُكم بلغة
الفيلسوف الرّواقي (كريزيبوس)، لكنه (عقل
لا عقلي)، متمرِّد على العقل. أي أن "الانفعال"
الثوري "عقل" جديد أسّه الحرية،
ويتمرِّد على عقل قديم سلطوي محمَّل
بمنطق الاستبداد والاستعباد. وثمة
نقطة حقيقة منّا بالإلحاح، فلما كانت
الحرية تتأدّى، بحكم طابعها المرن
والحيوي، إلى نفي كل ما يناقضها من قمع
وعنف وتصلّب وتشدّد؛ فإنك على خطأ عظيم
من أمرك حين تقول: إن الحرية مطلب
الثوّار في سوريا!. إذ كيف يمكن للحرية
أن تُطلب ممن يُثار ضدّه، ومن يختزن في
داخله كل نقائض الحرية؟! هذا من جهة.
ولما كانت سوريا - من جهة أخرى- محكومة
بعلاقة (سيّد وعبد) منذ زمن بعيد؛ فإنه
لا يصحّ منطقياً، وتاريخياً، وواقعياً
أن تُطلب الحرية من أسياد حكموا البلاد
والعباد بالحديد والنار (عائلة الأسد).
ناهيك عن ذلك، فالسيد والعبد كلاهما
يستقي وجوده من وجود الآخر، وحين يختفي
أحد طرفي هذه الثنائية يختفي الطرف
الآخر تلقائياً؛ لذا يجدر بالعبد (الشعب
السوري) وقد وعى عبوديّته أن يثور على
سيّده، لا أن يطلب منه حرية غير موجودة
لديه أصلاً. ثم أن الحرية لا تُعطى ولا
توهَب كمنّة من أحد كونها نسغ الحياة
الإنسانية، وبما أنها لا تُعطى؛ فإنه
لا يمكن طلبها كموضوع خارجي يدلف على
الإنسان/الفرد من خارج وجوده. الحرية
إذن: روح الثورة السورية لا مطلبها..! ()
كاتبة سوريّة ================= سركيس
نعوم 2012-05-29 النهار أجاب
المسؤول في "الادارة" الاميركية
المهمة الثانية نفسه الذي يتعاطى مع
بعض الشرق الأوسط عن السؤالين
المتعلقين بحاكم مصرف لبنان رياض
سلامة، قال: "لن اتحدث عن هذا
الموضوع. ولن أجيب عن سؤاليك بالتفصيل
الذي تريد. لكن أقول لك ان المحافظة على
ثقة فريقين متناقضين أو متعاديين في
وقت واحد كما كانت الحال سابقاً، اي
سوريا و"حزب الله" وايران من جهة
واميركا والمجتمع الدولي من جهة، وذلك
في كل ما يتعلق بالموضوع المالي
والمصرفي، وبموضوع تبييض الاموال، ان
هذه المحافظة لم تعد ممكنة. وقد تدفع
المتمسك بها (والمقصود هنا الحاكم رياض
سلامة) الى الوقوع في المحظور. لذلك
عليه ان يختار. فهل يختار"؟ ماذا
عن سوريا؟ سألتُ: أجاب: "هناك جوانب
عدة في موضوع سوريا. من جهة هناك
استمرار النظام في قتل الناس وضربهم
وتدمير المدن. وهذه اعمال غير مقبولة.
ربما يؤدي ذلك مع الوقت الى إحالة
الرئيس بشار الاسد الى المحكمة
الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم
ضد الإنسانية. في اعتقادي ان التسوية (Compromise) مع الاسد لم تعد
ممكنة. إنه لا يريدها. يريد ان ينتصر
على مَن يسمّيهم مخرّبين. وذلك قد يدخل
سوريا حرباً اهلية أو ربما حرباً
بالوكالة عن جهات خارجية عدة. أنا
اعتقد، ربما لأنني متفائل، ان التدخل
العسكري في سوريا سيكون غير ممكن
تجنّبه خلال اشهر، أي بعد اليأس من
نجاح مبادرة كوفي أنان العربية –
الدولية. وهو حتى الآن لم يحقق نجاحاً
لأن الاسد رفض أي تسوية قبل القضاء على
من يسمّيهم "الارهابيين"، وهذا لن
يحصل لأن الشعب السوري او قسم كبير منه
ثائر عليه. فهو يدمر مدناً ويتركها الى
اخرى ظاناً انها أُخضِعت. لكن فور
خروجه منها تعود الى التظاهر والثورة
من جديد. لذلك فانه سيواجه إما عملاً
عسكرياً ضده اي تدخلاً من الخارج، وإما
تسليحاً للثوار وتمويلاً وتدريباً.
حتى الآن العرب متحمسون ضد الاسد
ونظامه. الخليج وهو "الفيل الكبير"
في المنطقة، حسب التعبير الاميركي،
يريد إسقاط الاثنين. وما يريده "الفيل
الكبير" هذا يتحقق عادة وإن أخذ
وقتاً. أما الحرب الاهلية فإنها تعني
حرباً بالوكالة عن جهات خارجية. ربما
تساعد مبادرة كوفي انان في "إصعاد
الروس الى السفينة" اي الى سفينة
الإجماع الدولي، وساعتها يمكن البحث
الجدي عن حل فعلي للوضع السوري".
علّقتُ: أحياناً كثيرة يبدو الروس غير
مقتنعين كثيراً بما يقولون أو بما
يقوله الاسد من ان الحرب الناشبة في
سوريا هي ضد ارهابيين اسلاميين. انهم
يعرفون الحقيقة. لكن لهم مصلحة في
متابعة دعم الاسد لأسباب متنوعة. وفي
رأيي ان صعود الروس الى "سفينة
الإجماع الدولي" لن يؤثر في النظام
السوري، ذلك ان الاسد لن يتوقف وسيتابع
حربه وإن أصبح فريقاً في حرب اهلية.
ودافعه الى ذلك الدعم الايراني المطلق
له. وفي رأيي أيضاً ان روسيا قد لا تكون
جاهزة للحوار مع اميركا حول سوريا لأن
القضايا الخلافية بينهما كثيرة، ولأن
اميركا ترفض حتى الآن الخوض المُنتِج
فيها. ردّ: "ما تقوله واقعي ومنطقي
وصحيح الى حد بعيد. لكن أنت تعرف ان
سوريا ليست ليبيا اي ليست قضية معزولة
لا تشعبات اقليمية ودولية لها، طبعاً
باستثناء النفط. سوريا هي قلب العالم
العربي. لها مشكلة مع اسرائيل، وهناك
ايران ولها مشكلة مع اسرائيل واميركا
وبعض المجتمع الدولي. وهناك تركيا
والاردن والخليج. ولا تنسَ طبعاً روسيا.
لذلك يجب الانتظار قبل إطلاق الأحكام
والتحليلات لأن المرحلة خطيرة، ولأن
المنطقة أكثر خطورة". علّقتُ: أنا
معك في ذلك. لكن الا تعتقد ان المنطقة
دخلت منذ الربيع العربي مرحلة "إعادة
تركيب وترتيب"؟ أليست المنطقة اليوم
كما كانت عام 1918 بعد انهيار السلطنة
العثمانية ولكن مع فارق اساسي هو ان
القوى العظمى في حينه (فرنسا وبريطانيا
خصوصاً) كانت أعدَّت خطة لتركيب
المنطقة، في حين ان اميركا وغيرها من
الدول الكبرى فوجئت ب"الربيع" ولم
تكن تمتلك خطة لمواجهة آثاره؟ أجاب:
"ذلك صحيح. على كل حال الادارات
المعنية وضعت او هي تضع الآن خططاً
لتدخّل عسكري (في سوريا). وذلك ليس
لأننا قررنا ان نتدخل بل لأن تدخلنا
احتمال قد يرد. ولا بد ان نكون كدولة
كبرى جاهزين لكل الاحتمالات". سألتُ:
هل ستؤيد اميركا إمداد ثوار سوريا
بالأسلحة؟ أجاب: "لا تبدو اميركا
متحمسة لتزويد هؤلاء سلاحاً ومالاً.
لأن ذلك قد يمكِّن الاسد من ضرب الثوار
وتدمير مدنهم وقراهم". ماذا عن
التدخّل العسكري؟ سألتُ. ================= اوكتافيا
نصر 2012-05-29 النهار الصور
التي تصل من سوريا منذ بدء الانتفاضة
قبل ستّة عشر شهراً ينفطر لها الفؤاد.
إنها تشكّل توثيقاً أساسياً لبعض أسوأ
أعمال العنف في حق المدنيين التي
نشهدها منذ الصحوة العربية التاريخية
التي نتابعها بقلق ونعقد عليها آمالاً
كبيرة. في كل نزاع، ثمة لحظة ينعصر فيها
القلب حيث الفظائع أكبر من أن تُحتمَل
والصور حية ومروّعة إلى درجة لا يمكن
أن يستوعبها العقل. وفي الانتفاضة
السورية، مجزرة الحولة في نهاية
الأسبوع الماضي هي نقطة التحوّل
بالنسبة إلى سوريا والنظام البعثي
للرئيس بشار الأسد. بما
أنني أعمل في مجال الإعلام منذ وقت
طويل، وأشهد على بعض أسوأ الفظائع التي
تُرتكَب في العالم، لا بد لي من الوقوع
على صور حيّة، ومواكبة ما يحدث بعد
المجازر، ورؤية المشاهد البشعة التي
تصوّر ما يقدر عليه الكره البشري
والسلوك البربري في أسوأ تجلّياته. لسوء
الحظ، كانت للعقود الثلاثة الاخيرة
حصّتها المؤسفة من الفظائع، التي
أطلقنا عليها أسماء مختلفة للتمييز
بينها، فهناك الإبادات الجماعية،
وهناك التطهير الإتني، والإرهاب،
والتوغّلات، والاجتياحات، والحرب على
الإرهاب، والجرائم ضد الإنسانية...
وتسميات أخرى كثيرة لا تعني شيئاً لكل
من فقد عزيزاً في أي من مناطق النزاع،
من سييراليون الى البوسنة وأفغانستان،
إلى العراق وغزة، والآن سوريا. كما في
كل هذه النزاعات، وسواها الكثير، يقف
المجتمع الدولي متفرّجاً ولا يحرّك
ساكناً إلا للإدانة والتعبير عن
الصدمة، في حين أنه يجدر به التضامن
والعمل مع شركاء متعدّدين (محليين
وإقليميين ودوليين) لوضع حد للعنف
وإنقاذ الأبرياء العالقين في قلب
النزاعات ومعاقبة المعتدين. عوض
ذلك، ها هي الولايات المتحدة تُجري
محادثات مع عدوّتها اللدودة إيران، في
حين أن وكلاءهما ينفّذون تمثيليات
دراماتيكية شيطانية في لبنان جديرة
بمسرحية عبثية، لكن شديدي الجهل
يعتقدون أنها حقيقية. أما دول الخليج،
فتغضّ النظر وكأنّ العنف يحدث على كوكب
آخر. وثمن كل هذه الألاعيب والحيَل هو
تأجيل تسوية النزاع في سوريا،
والموافقة على ارتكاب مزيد من المجازر
في عدد أكبر من المدن، فيما يكسب نظام
الأسد مزيداً من الوقت، مما يشكّل
المصدر الوحيد لخلاصه في هذه المرحلة. وفي
هذه الأثناء، صور الضحايا، ولا سيما
منهم الأطفال وعمر بعضهم من عمر
الانتفاضة، تُدمي القلوب. يُذبَح
هؤلاء الملائكة بوحشية قبل أن
يتذوّقوا طعم الحياة أو السياسة أو
الوطنية، فيما نحزن على سقوط الضحايا
البريئة. قتل الأطفال والرضّع أمر لا
يمكن تحمّله. العزاء
الوحيد، إن كان هناك من عزاء، هو أنهم
عندما يبلغون جميعاً الراحة الأبدية،
سوف يروون حكايات عن الحرية وعن بطولة
من تجرّأوا على الوقوف في وجه النظام
الديكتاتوري الذي لم يكن يُمَس من قبل.
سوف يتشاطرون الأمل الذي شعر به
المتظاهرون في أنحاء سوريا، والذي
تردّد صداه وصولاً إلى مهودهم
وأسرّتهم الصغيرة. في
الممات كما في الحياة، الشعور بالعزّة
والإباء ملك لهم، ولا يستطيع أحد
انتزاعه منهم. لا نظام ولا ديكتاتور
ولا جيش ولا سلاح ولا سكاكين، ولا حتى
القبر! ================= اسرائيل
اليوم 28/5/2012 صحف
عبرية 2012-05-28 القدس
العربي طورت
امريكا نموذجا خاصا بها لسلوكها مع
الفرد والجمهور، وتجاه الداخل والخارج
معا: فالولايات المتحدة في اثناء تباحث
أو تفاوض أو اختلاف شديد في الرأي مهما
يكن تمنح حليفها وعدوها ثقة كبيرة، وهي
تؤمن بتصريح ضريبة الدخل من المواطن
وتساوم بشدة لكنها تقبل الالتزام
الكلامي لحكومة اجنبية على أنه حقيقة
منتهية. فاذا لم يحترم العدو أو الشريك
بعد ذلك التزامه فانها تعاقبه بوحشية
تقريبا وتعاقبه زمنا طويلا. حذِر
رؤساء الحكومات في اسرائيل من دافيد بن
غوريون فصاعدا ألا يُضبطوا مع الكذب
بالانكليزية. وفضل من كان أكثرهم تطرفا
في ظاهر الامر، أعني اسحق شمير، على
الدوام ان يُشاجر وزير الخارجية
الامريكي جيمس بيكر على ان يطرح له
إغراء كاذبا لا يفي به بالفعل لأن
الجميع عرفوا ماذا تكون العقوبة. ولا
يعني هذا ان العقاب الامريكي كان عدلا
دائما لكنه كان مؤلما دائما. كانت
الولايات المتحدة تستطيع السلوك بحسب
هذا الطراز ما كان العالم ثنائي القطب
وحينما كانت القوة العظمى الوحيدة بعد
سقوط سور برلين، وتغير الوضع نفسيا في
الأساس فلم تعد العقوبة الامريكية
تردع. ولم
يعد زعماء مختلفون يخشون ان يُضبطوا مع
كذب على شفاههم، فيمكن تضليل واشنطن من
غير ان يقع عقاب منها أو من السماء. في
ذروة مفاوضة ايران جاء نبأ عن مؤتمر
حلف شمال الاطلسي يقول ان دول الغرب
تدرك ان طهران لن تتخلى عن مشروعها
الذري؛ وتحدثوا في اسطنبول وفي بغداد
عن خفض تخصيب اليورانيوم من 20 في
المائة الى 5 في المائة الى ان تبين ان
ايران قفزت بصورة مفاجئة الى 27 في
المائة. وهي لا تخشى ان تراها امريكا
دولة احتيال دائمة فقد سبقتها الى ذلك
كوريا الشمالية. مع هذه
المعطيات ما الذي يدعو بشار الاسد الى
خشية التصريح الامريكي بأنه حان وقت
تبديله؟ انه يذبح أبناء شعبه بلا رحمة
ويقصف بلا تمييز. وفي
الحولة وحمص لا يطلق الجيش الرصاص
المصبوب فقط على المواطنين بل يقذف
كميات مجنونة لم يسبق لها مثيل. سيصعب
على فلسطيني نزيه غاضب على اسرائيل ان
يقول شيئا سيئا في الجيش الاسرائيلي
حينما يرى ما يفعله أخ سوري باخوته. ليس
باراك اوباما ساكتا. فهو يقترح ان يترك
الاسد الحكم مقابل الحصول على لجوء
سياسي. وهو يعتمد ايضا على فلاديمير
بوتين ليُخرج حبات الكستناء من النار
من اجله. وهو رئيس روسيا الذي كان
مسؤولا عن القمع في جمهورية الشيشان
وكان موجها للاسد في ادارة حرب أهلية.
فهذا أمر لا يخطر بالبال. وزبائنه هم
ايران وحزب الله والاسد، فهو يستثمر
عندهم ولهذا يحميهم واوباما لا يردع
أحدا بجدية، ولهذا لن يتجرأ. لم يعد
الاسد يخاف. ولن يهب بوتين لمساعدة
اوباما. فروسيا نادمة لأنها ساعدت
الغرب في ليبيا ولن تكرر ما يبدو لها
خطأ يضر بسياستها التقليدية التي هي
إرساء مرساة في 'المياه الدافئة' للبحر
المتوسط. فاذا لم يستطع اوباما ان
يواجه سوريا فلا احتمال تقريبا لأن
ينجح في مواجهة ايران وكوريا الشمالية. ================= اسئلة
الثورتين المصرية والسورية الياس
خوري 2012-05-28 القدس
العربي الأسئلة
الكبرى حول مستقبل الثورات العربية
تدور في المركزين المصري والشامي، وهي
تشير في مجملها الى ان عملية التغيير
التاريخية لا تزال في مراحل تبلورها
الأولية، والى ضرورة بلورة وعي سياسي
يُخرج الثورة من تخبطاتها، ويضعها على
طريق بناء مشروعها السياسي والاجتماعي
والثقافي الجديد. في مصر
جاءت نتيجة الجولة الاولى من
الانتخابات الرئاسية لتشير الى ثلاثة
عوامل: 1- نجاح
السلطتين التقليديتين المتعارضتين
اللتين تمثلان النظام السابق، اي
الجيش والاخوان في حسم الجولة الأولى
من الانتخابات لمصلحتيهما وان بفارق
ضئيل. فبدا ان النظام المصري الذي
اسقطت الثورة رأسه، لم يزل في السلطة.
ديكتاتورية الجيش يمثلها الفريق شفيق
في مواجهة مع احتمال استبدادية
الاخوان التي يمثلها محمد مرسي. يشير
هذا النجاح الى ان القوتين المنظمتين
في مصر نجحتا في استخدام الانتخابات
الرئاسية من اجل تأكيد سلطتيهما. وهو
تأكيد يحمل مخاطر عديدة، يبدأ من
احتمال انفجار الخلاف بينهما، لينتهي
الى احتمال بناء تحالف لا تزال ملامحه
بالغة الغموض، وسبق للطرفين ان سعيا
اليه بطرق مواربة منذ اندلاع شرارة
الثورة. 2- غياب
اي مرشح ليبرالي جدي، فالسيد عمرو موسى
لم يستطع ان يعبىء الفراغ الذي خلفه
غياب البرادعي عن المشهد الانتخابي،
لأن صورته كمرشح لم تستطع ان تحجب
صورته كجزء من النظام السابق. كما ان
النظام القديم قرر في النهاية خوض
المعركة بجنرال حقيقي وليس بقناع مدني
للجنرال. فالبرادعي الذي بدا في بدايات
الثورة وكأنه قادر على بناء تحالف ثوري
عريض يضم الليبراليين واليساريين، خبا
صوته وانسحب من صراع بدا له غامضا
وشرسا وصعبا. 3- خروج
قوى الثورة من المنافسة في الجولة
الثانية. حمدين صباحي الناصري المدني
حلّ ثالثا وعبدالمنعم ابو الفتوح
الاسلامي المدني حلّ رابعا. وفشلت جميع
محاولات جمع الرجلين في قائمة رئاسية
واحدة، كأن يكون احدهما رئيسا والثاني
نائبا له. لا يمكن ان يُعزى هذا الفشل
الى الأنانية والشخصنة فقط، بل يعبر
ايضا عن التباس موقع الرجلين السياسي
والفكري. صباحي ناصري وشعبوي وابو
الفتوح اسلامي معتدل ومنفتح على
الليبرالية. وبدا ان صفات المرشحين لم
تتجسد في مشروعين سياسيين واضحين، ابو
الفتوح ارهقه السلفيون بتأييدهم
وصباحي بدا مرشحا اعتراضيا اكثر من
كونه صاحب مشروع سياسي جديدا. غير ان
الخريطة التي رسمتها النتيجة شبه
الرسمية للجولة الولى من الانتخابات
الرئاسية المصرية، تشير من جهة اخرى
الى ان مصر دخلت عصرا جديدا، لم يعد
احتكار السلطة من اي طرف ممكنا،
فالتوازن الذي اعلنته الانتخابات ليس
ثنائيا بل صار ثلاثيا، هناك الجيش
ممثلا بشفيق والاخوان عبر مرسي،
وميادين الثورة من خلال الاصوات التي
نالها صباحي وابو الفتوح. لعبة معسكري
السلطة تكمن في شطب هذا العامل الثالث
وطرده من المعادلة، وهنا سوف تقع
المعركة الأساسية. غير ان قدرة ميادين
الثورة على البقاء والمقاومة مرهونة
اليوم ببلورة مشروعها السياسي المختلف
عن المشروعين السلطويين، وبذا تستطيع
ان تفرض منطق ان الرئاسة كانت مجرد
جولة، وان الأفق المصري الجديد يولد
خارج معسكري الاستبداد. اما في
سورية فان المسألة تبدو اكثر تعقيدا،
بعدما اصطبغت البلاد بدماء الشهداء،
عبر متابعة النظام لنهجه الوحشي في
احراق المدن والقرى، وتحويل الشام الى
مقبرة كبيرة. فبعد مجزرة الحولة
الوحشية صار النظام في مقلب الجحيم،
واعلن استعداده للذهاب الى حرب مفتوحة
يستخدم فيها جميع اسلحته وفي مقدمتها
السلاح الطائفي. في
مواجهة هذه الوحشية يعبر المشهد
السوري عن تناقض غريب بين المشهد
الشعبي والمشهد السياسي. ففي حين يواصل
الشعب ثورته محولا اياها الى ملحمة
بطولية تفتح القرن الحادي والعشرين
باحتمالات الحرية، تبدو النخب
السياسية المعارضة خارج الاطار بشكل
محزن. الروائي
خالد خليفة يعتقل وتكسر يده قبل ان يتم
اطلاقه، والمجلس الوطني السوري عاجزعن
بلورة مشروعه السياسي، ويتخبط في
صراعات داخلية لا معنى لها، بينما لا
تزال هيئة التنسيق تائهة تبحث في موسكو
عن مخرج لا يريده الرئيس الروسي الا
ملائما لحليفه الديكتاتور السوري. هذا
الافتراق بين الثورة السياسية التي
يخوضها الشعب وبين سياسة الثورة التي
تحاولها النخب المعارضة، يشير الى ان
ازمة القوى الثورية في سورية مشابهة
للأزمة الثورية المصرية، مع فرق شاسع
يتمثل في دور الجيش والاخوان في مصر
الذي حافظ على بنية الدولة فيما يقوم
النظام الاستبدادي في سورية بتحطيمها. ولم
يكتف النظام الاستبدادي السوري بتحطيم
سورية، بل سعى ويسعى الى تعميم تجربة
الخراب في بلاد الشام. واذا كان قد فشل
حتى الآن في تفجير لبنان طائفيا، فانه
لن يتوقف عن المحاولة، معتقدا انه لا
يزال قادرا على جعل الخراب المعمم
معبره الى التفاوض مع القوى الغربية
الخائفة من الاصولية، ووسيلته الى ان
يكون اداة تطمين لاسرائيل. الاستبداد
في المركزين الشامي والمصري يعيش
مأزقه الأخير، وهو رغم كل المظاهر في
افول حتمي. فلا القتل الاجرامي في
سورية ولا رقصة الصراع بين
الاستبدادين في مصر سوف تخرجه من مأزقه.
اما
الثورة فانها تعيش آلام الولادة،
والولادة صعبة وقاسية وتفترض بناء وعي
جديد ورؤية سياسية واضحة المعالم، آن
لها ان تبدأ تبلورها الفكري والتنظيمي
على اسس جديدة، وهذه مسؤولية ناشطي
الثورة ومثقفيها. ================= السعودية
ودعم الانتفاضة السورية رأي
القدس 2012-05-28 القدس
العربي الشعب
السعودي يتابع الوضع في سورية عن كثب،
البعض يقف الى جانب الانتفاضة التي
تريد الاطاحة بالنظام لاسباب عديدة
ومنها يعود الى مناهضة الديكتاتورية
ومصادرة الحريات واهانة النظام للشعب
السوري على مدى اربعين عاما حسب
قناعتهم، والبعض الثاني يريد وقف
اعمال القتل وسفك الدماء، والبعض
الثالث ينطلق من منطلقات طائفية صرفة. الاعلام
السعودي، وقناة 'العربية' على وجه
الخصوص يتبنى بالكامل المعارضة
السورية ضد النظام، ويطالب بالتدخل
الاجنبي على غرار ما حدث في ليبيا
كمخرج وحيد من الازمة وحماية الشعب
السوري من اعمال القتل التي يتهم
النظام بممارستها. هذا
الموقف متوقع ويعكس سياسة سعودية
رسمية، فالامير سعود الفيصل وزير
الخارجية السعودي خرج على تقاليد
المملكة في التريث والتفكير بعمق قبل
اتخاذ اي مواقف تجاه قضايا عربية ساخنة
او باردة عندما غادر غاضبا من اجتماع
لوزراء الخارجية العرب في تونس قبل
بضعة اشهر داعيا الى تسليح المعارضة
السورية كطريق وحيد لحماية المدنيين. مجموعة
من العلماء الاسلاميين البارزين في
المملكة شكلوا لجنة لجمع التبرعات من
الشعب لمساعدة الانتفاضة السورية
وتأكيد مساندتهم لها بالتالي، وحددوا
مسجدا كمركز لتلقي هذه التبرعات، وكان
من بينهم اسماء مشهورة مثل الدكاترة
علي الربيعي، وسلمان العودة، وناصر بن
يحيى الحنيني، وعبد العزيز الطريف،
وعلي عمر بادحدح واخيرا الدكتور محمد
العريفي الذي بادر باطلاق هذه الدعوة
على موقعه الرسمي على موقع التواصل
الاجتماعي (تويتر). جهاز
الامن الداخلي السعودي 'المباحث'
استدعى هؤلاء الشيوخ جميعا وطلب منهم
ليس فقط التوقف عن جمع التبرعات، وانما
ايضا توقيع تعهد مكتوب بعدم الاقدام
على هذه الخطوة مستقبلا، وقد اعلنوا
جميعا الالتزام بهذا التعهد على
حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. هذا
الموقف يبدو متناقضا مع الموقف الرسمي
الذي تتبناه السلطات السعودية تجاه
الانتفاضة في سورية، فكيف تقدم
السعودية المال والسلاح للمعارضة
والجيش السوري الحر، وتؤيد التدخل
العسكري الاجنبي، وتعارض في الوقت
نفسه السماح لبعض مواطنيها بالتبرع
بالمال لهذه الانتفاضة على غرار ما حدث
للمجاهدين الافغان في الثمانينات
ولثوار البوسنة في التسعينات والامثلة
كثيرة؟ هناك
عدة تفسيرات شبه رسمية اولها ان
السلطات السعودية تخشى ان تذهب هذه
الاموال الى جهات لا تريدها، وخصوصا
تنظيم 'القاعدة'، وثانيها الخوف من
حدوث حالة من الفوضى المالية، وثالثها
تحذيرات امريكية. من
المؤكد ان هؤلاء المشايخ الكبار الذين
يحظون باحترام كبير في اوساط
السعوديين اقدموا على هذه المبادرة
انطلاقا من حسن النوايا والرغبة في
مناصرة من يعتقدون انهم بحاجة الى
النصرة، ولذلك سيتخذون كل الاحتياطات
اللازمة لوصول المساعدات المالية الى
الجهات المرسلة لها اساسا. المشكلة
تكمن في تردد السياسة السعودية
الرسمية تجاه الازمة في سورية ويتضح
ذلك في التراجع عن التصريحات حول تسليح
المعارضة والقول بان القصد لم يكن
اقدام المملكة على التسليح وانما
الدعوة له، وكذلك عدم الرغبة في اتخاذ
موقف يغضب امريكا التي تريد هي، اي
امريكا ان تكون المشرفة على تنسيق
ارسال الاموال والاسلحة الى المعارضة
السورية. هناك
من يقول في جلساته الخاصة انه لو علمت
السلطات السعودية ان النظام سيستمر في
السلطة لاكثر من عام لترددت في دعم
المعارضة السورية، فهي ليست حريصة على
الديمقراطية في سورية او في اي مكان
آخر في المنطقة، وان كانت تريد اسقاط
النظام دون ادنى شك بسبب علاقته
التحالفية اللصيقة مع ايران وحزب الله
والحكم الحالي في العراق. Twitter:@abdelbariatwan ================= الثلاثاء
٢٩ مايو ٢٠١٢ الحياة لا
يهدف ارتكاب المجازر الى كسب الحروب.
على العكس، تشوه المجازر صورة مرتكبها
وتسيء اليه، وبهذا المعنى فهي لا تسمح
له بإطالة عمره في السلطة. مرتكبو
المجازر لا هدف لهم سوى تنظيف البلد
وإبادة الخصوم، إزالتهم من خريطة
السياسة ومن خريطة الشعب. الجزارون (اي
مرتكبو المجازر) لا يرون في خصومهم سوى
انهم عوائق امام حكمهم «الرشيد»
وديكتاتوريتهم الجامحة وتسلّطهم
المفرط. ولأن قناعة الحاكم المطلق انه
الوحيد الذي يمكن ائتمانه على مصير
البلد، يصبح شعاره: إما أنا أو أعدائي،
وأعداؤه في الغالب هم أبناء شعبه. هذا
هو الدينامو الحقيقي الذي يدفع الى
ارتكاب المجازر. سمعنا
من قبل بمجازر دير ياسين وجنين وصبرا
وشاتيلا وقانا وغزة، وسمعنا ايضاً عن
مجازر الصرب في البوسنة، وخصوصاً في
سريبرينيتسا، التي بقيت علامة فارقة
في همجية تلك الحرب، وعن المجازر التي
ارتكبتها قبيلة الهوتو في رواندا ضد
خصومهم من «التوتسي»، والمجازر التي
ارتكبها الأميركيون في فيتنام، ومجازر
الخمير الحمر في كمبوديا... في كل تلك
المجازر كان مرتكبوها يعلنون البراءة
من دماء ضحاياهم، ويتهمون الإعلام
بتشويه صورهم «الناصعة»، ومع ذلك، لم
تنته تلك المجازر بانتصارات الجزارين،
بل على العكس، بقيت لطخات عار في ملفات
التاريخ على جبين مرتكبيها. قليلاً
ما ينتبه الجزارون الى فصول التاريخ،
هم يعتقدون ان التاريخ يبدأ وينتهي
عندهم، لذلك يمارسون تحريف الروايات
وقلب الحقائق وارتكاب التزوير المفضوح
للوقائع. ويصل هذا التزوير بوقاحته الى
حد اتهام الضحية بقتل نفسها بهدف تشويه
صورة الحاكم. وهكذا، لا تتورع الرواية
السورية الرسمية لما جرى في الحولة عن
ابلاغنا ان ابناء هذه القرى، وهي قرى
سنية بمجملها، هم الذين أقدموا على ذبح
بعضهم بعضاً، فيما كانت القرى العلوية
المحيطة بهم تنظر الى حالهم بإشفاق،
محاولة إنقاذهم من أنفسهم! ولا يزيد من
وقاحة الرواية سوى أنها تناقض تأكيدات
المراقبين الدوليين الذين زاروا
الحولة عن قصف النظام للبلدة
بالدبابات، كما انها لا تنسجم مع
ممارسات مذهبية سابقة للنظام كان
هدفها تهجير من تنظر اليهم كأعداء،
وقتل من يتعذر عليها تهجيرهم، منذ
اطلقوا صرخاتهم المطالبة ب «إسقاط
النظام». وما انتهت اليه معارك حي بابا
عمرو، الذي تفقده الرئيس السوري بعد
تحريره من اهله، أكبر دليل على ذلك. يعتقد
مرتكبو المجازر ايضاً ان يدهم طويلة،
لأن العالم عاجز عن التحرك، او غير
قادر. هذا ما فعله الاسرائيليون في
المجازر التي ارتكبوها بهدف تهجير
الفلسطينيين من بلداتهم وقراهم، وهو
ما فعله الصرب بمسلمي البوسنة وكوسوفو.
وقبل ان ننسى، هذا بالضبط ما فعلته
الطوائف اللبنانية بعضها ببعض في
حملات التهجير خلال الحرب الاهلية،
بهدف «تنظيف» المناطق وإعادة رسم
الخريطة الديموغرافية للبلد. غير ان
اكثر ما يسمح بالإمعان في ارتكاب
المجازر، واحدة بعد الاخرى، فيما
العالم يجلس امام الشاشات متفرجاً على
دماء الضحايا وأشلائهم، ان الجزارين
مطمئنون الى انه لا توجد قوة في العالم
قادرة على ردعهم. أدوات التحرك الدولي،
بما فيها قرارات مجلس الامن، تبقى
حبراً على ورق. لا توجد قوة في العالم
قادرة على منع حاكم من ارتكاب المجازر
بحق شعبه إذا شاء ذلك، يكفي ان يضمن
ولاء دولة او اثنتين في هذا المجلس،
كما حال النظام السوري حالياً، ليتيح
له ذلك ممارسة كل الفظائع. لا
العالم يمنع، ولا «أخلاق» النظام
ومسلكياته السابقة تساعد على
الاطمئنان الى ممارساته تجاه شعبه،
ولا يبقى امام شعوب ابتليت بحكام
كهؤلاء سوى اطلاق دعوات «ما لنا غيرك
يا الله»... ثم يلومونهم لأنهم اصبحوا
سلفيين! ================= مازن
عزي * الثلاثاء
٢٩ مايو ٢٠١٢ الحياة توصي
الأم ابنها: «يا إبني برضاي عليك روح
مشي ولا تركب بالسرفيس، ولا تمر جنب
فرع أمن، اهرب بس تشوف كاميرا
التلفزيون، واركض بس تشوف سيارات
إسعاف واقفة». لقد
دأبت انفجارات دمشق السابقة على
التموقع أمام الفروع الأمنية، والتي
قامت بدورها بحماية نفسها منذ شهور
طويلة في توقع استباقي لهذا بحواجز
اسمنتية كبيرة تجعل الدخول إليها
بالآليات مستحيلاً، وللمشاة إذا
استطاعوا عبور الحواجز حولها، أقرب
إلى المتاهة. ويلفت انتباه العابر كون
فروع الأجهزة الأمنية الكثيرة قد
تضخمت بواسطة هذه الحواجز الاسمنتية
التي احتلت حيزاً فراغياً كبيراً
حولها، على حساب الشوارع والأرصفة
العامة، وفي كثير من الأحيان تم إغلاق
طرق رئيسة بالكامل، وتحويل السير إلى
طرق أخرى، مما ولد أزمات مرورية خانقة
وتقطيعاً للمدن يضاف إلى ما فعلته
الحواجز الدائمة والطيارة. وفي حين
يظهر للناظر وجود جنود بكامل عتادهم في
محارس مخصصة معلقة فوق الأسوار
الحامية لفروع الأجهزة أو أمام
الأبواب الرئيسة، وفوهات سبطاناتهم
تغازل جميع المارة، فإنه يبدو جلياً أن
أي محاولة للتفجير من الخارج هي منعدمة
الجدوى مهما كانت زنة المتفجرات، فلن
يصل عبر الأسوار الخرسانية العالية
والحواجز الإسمنتية إلى فروع الأجهزة
سوى الصوت والارتجاج وتكسر زجاج
النوافذ وقتل بعض الحرس. وفي
حين ينقل التفجير ضغطه من واجهات
الأفرع الأمنية ليعطيها ظهره، فإنه
يمارس قوته وطاقته الانفجارية في مقطع
متضيق من الطريق العام أمامها، تتحرك
السيارات فيه ببطء شديد وتزدحم
الحركة، فيكون للتفجير مجال كبير
للقتل والتدمير، بعيداً من هدفه
الافتراضي الأول، أي أنه لم يبق من
محتواه سوى العنوان، وقام بتوجيه
طاقته بعيداً عنه، وفي شكل قصدي مظهراً
ميلاً دائماً لديه إلى مقاربة موضوعه
من دون أن يمس بعمقه، من دون أن يأخذ
بمحتواه، مكتفياً بالإشارة إليه من
ظرف المكان. ويبدو
أن كل انفجار يتحسن عن سابقيه، أخذاً
بانتقادات المعارضين وسخريات
المتهكمين، متطوراً ضمن سياق عام
انفجاري، غايته إنهاء الحالة الثورية
السلمية في سورية، وتخويف المترددين،
وإرهاب المجتمع، وإقناع من لم يقتنع
بعد بأن الحرب الأهلية صارت على
الأبواب، وحرف قضية الشعب السوري في
الحرية وإنهاء الاستبداد، إلى صراع
مذهبي يؤسس للحظة يصبح فيها التقاسم
والتحاصص للسلطة والبلاد منطقياً،
وينقذ المتورطين في الدم للحظة من
كابوس المحاكمة والعدالة، فكلما صار
القتل أكثر، انتقل التوصيف من إجرام
واختلال إلى مقاومة وإنقاذ. في حين
لم يعد يخفى على أحد بأن لكل جهاز أمني
في العالم «قاعدته» الخاصة به، يديرها
وفق منظومته المصلحية، ليضرب بها وقت
يشاء ومن يشاء. يتناقل الناس في
أحاديثهم اليومية أخباراً تتعلق بأن
مواقيت الحدوث للانفجار مرتبطة بضغط
الخارج، والفشل في إنهاء الثورة
السورية على رغم كل العنف السلطوي
الممارس في زمن المهل والمبادرات
واللجان، ورغبة ممن يديرون المعركة في
البرهنة على أنهم يواجهون القاعدة أو
تنظيمات إرهابية موازية صاعدة، وإرغام
اللجان الدولية والمراقبين على
الاعتراف كشهود بحقيقة السوريين
المجرمة، وطباعهم المتفجرة، وهوايتهم
للدمار. وللتفجير
صوت يعلو مرة إثر مرة، وكلما طال زمان
تجاهله وتسخيفه والتعاطي معه من زاوية
الغمز فقط إلى أهدافه وفي خدمة من تصب،
ينفعل أكثر، ويختار أماكن أكثر
حساسية، وأشد حراسة، وأقوى تحصيناً،
لينفجر دونهاً مدوياً، عظيم البأس،
مطالباً الجميع بالاعتراف به، بوجوده
وقوته وسطوته، وعظمة العقل المفكر به،
وقدرته على فرض تغيير على مسار الحدث
السوري، بفعل القوة وتدمير الواقع. الانفجار
امتداد لعقل إجرامي، قادر على الضرب
والتدمير من دون رادع، تذلل أمامه
العقبات، وتفتح الطرق له من دون تفتيش
وملاحظة، تتوافر له كل الإمكانات، بما
فيها عنصر المفاجأة، يحدث من دون توقع،
فجأة من دون استمرارية واضحة، وفي قطع
مع زمن متقدم شديد الثقل، فهو ليس
بحادث ضمن معركة تتضح فيها خطوط التماس
بين المتحاربين، بل هو انتقام وحشي
انتقائي، يأخذ عينة عشوائية من شارع
عام، ويقوم بتمزيقها، فليس له عدو محدد
الشكل واضح الملامح، بل هو إمعان في
جريمة يومية ترتكب بحق السوريين، منذ
سنة ونيف فعلياً، تبدو كتجلٍ كابوسي
لشعار يكتب على جدران السجن الكبير:
الأسد أو نحرق البلد! وفي
سياق الثورة السورية، يقف التفجير في
ذاته، غالباً ضد الثورة، في خدمة
السلطة، جاهز بتوقيتها المحلي والعام،
مندفع مغامر، مُوجه يتم تقويمه مرة إثر
مرة بتأملات المعارضين الساخطين له،
يضرب أعمق وأعمق، مدفوعاً بقدرته
الانفجارية، مذهولاً بقوته، يمدد
ضحاياه بضربة واحدة على الأرض معيداً
تشكيلهم وتوزيع أعضائهم، يرسلهم إلى
موت محتم في تقاطع بين قدرهم الافتراضي
وزمنه الخاص. وهو مدرك لذاته حتماً،
يستعد طويلاً، يدرس هدفه، يرى أرض
الملعب بتفاصيلها، ويقوم بحركته
المفاجئة دائماً: بووووم. ================= الثلاثاء
٢٩ مايو ٢٠١٢ الحياة لم
تعتد السلطة السورية استقبال مبعوثين
دوليين يناقشونها في سلوكها على
الأراضي السورية. لم تكن تقبل مثل هذا
التدخل، سواء جاء حاملاً تحذيرات أم
نصائح. كانت سورية تستقبل مبعوثين
يطلبون مساعدتها لضبط حريق اقليمي
تمتلك قدرة التأثير فيه او تحريك خيوطه.
انتهت تلك المرحلة. تحولت سورية دولة
مريضة. ملفها مفتوح في العواصم القريبة
والبعيدة وكذلك في مجلس الامن. لا
تستطيع السلطة السورية اليوم رفض
استقبال انان. لا لأنها تعتبر ان
الترياق موجود في حقيبته بل لأن
استقباله يساعد روسيا والصين على
الاستمرار في الوقوف الى جانبها. الرفض
سيضاعف عزلتها على الصعيد الدولي.
مقعدها في الجامعة العربية شاغر.
المشاهد التي تنقلها الشاشات أَلَّبت
ضدها الرأي العام العربي والاسلامي
والدولي. كلما فُتح ملفها في مجلس
الامن تحتاج الى العضلات الروسية
لحمايتها من إدانات صريحة او صارمة. ما
كانت سورية لتستقبل انان لو نجحت في
انهاء الاحتجاجات المفتوحة على
اراضيها. وفر لها الموقف الروسي الكثير
من الوقت ولم تتمكن. غاصت اكثر في
نزاعها وتزايدت مشاهد القسوة المروعة
والاستخدام المفرط للقوة. المشاهد
الاخيرة شكلت عبئاً على حلفائها. ظهر
ذلك جلياً في إدانة مجلس الامن مجزرةَ
الحولة. استطاعت روسيا تخفيف الادانة
ولم تتمكن من شطبها. تستند
مهمة انان الى عجزين أظهرتهما الفترة
الماضية: عجز النظام عن وأد حركة
الاحتجاجات، وعجز المعارضة عن اقتلاع
النظام. تستند ايضا الى عجز الدول
الغربية و «اصدقاء سورية» عن تكرار
الحل الليبي، وثمة من يؤكد ان الرغبة
غير موجودة لأسباب كثيرة. ولأن العالم
لا يستطيع ان يبقى صامتاً او متفرجاً،
بدت مهمة انان وكأنها فرصة لمن يريد
الرهان عليها او الاختباء خلفها او ملء
الوقت بها، بانتظار تطورات او مفاجآت
او تبدلات. المعارضة أيضاً ما كانت
لتقبل بأدوية أنان لو كانت تعتقد ان
الحسم وشيك او قريب. للوهلة
الاولى يبدو انان ضعيفا. التطورات على
الارض تنذر بنزاع دموي طويل يحمل نكهة
الحرب الاهلية. الانقسام في مجلس الامن
يحول دون توجيه رسالة قوية وموحدة.
قسوة المشاهد السورية وطبيعتها يمكن
ان تجتذب محاربين خارجيين الى الساحة
السورية. الايام الاخيرة اكدت قدرة
التوتر على العبور الى الدول المجاورة.
في المقابل، يبدو انان قويا. إنه حاجة
اميركية وروسية ودولية. قوي بسبب ضعف
الفريقين المتحاربين وعجزهما عن الحسم.
وقوي لأن لا احد غيره يملك حلاًّ او
محاولة لإنجاز حل. ترحب
الاطراف بمهمة انان وتراودها شكوك
عميقة فيها. تعرف سورية ان نقاطه الست
هي بمثابة قرار دولي بإدخال تغييرات
على النظام الذي كان قائماً عشية
الاحتجاجات. تأكدت اليوم أنها وقعت في
الفخ لدى اضطرارها الى استقبال
المراقبين. شهادة رئيسهم بعد مجزرة
الحولة بالغة الخطورة على رغم التحفظ
الذي رافق صياغتها. تطبيق نقاط انان
يضع النظام امام خيار وحيد هو الشراكة
وتوزيع المواقع والصلاحيات وتقليم
اظافر اجهزة الامن. تغييرات من هذا
النوع تفضي عملياً الى قيام نظام آخر.
هذا من دون ان ننسى ان بعض الدول
الداعمة لمهمة انان تريد تطويرها
باتجاه الحل اليمني. المعارضة ايضا رأت
في مهمة انان فخاً يعطي مزيداً من
الوقت للنظام ويطالبها بالحوار معه
اذا طبق النقاط الاخرى. لكن المعارضة
وفي غياب البدائل تتجرع مهمة انان
وتنتظر. تزداد
سورية غرقاً في نزاعها الدامي. تعطي
المجازر والتفجيرات انطباعاً بأن
التراجع صار بالغ الصعوبة، كي لا نقول
مستحيلاً. الخسائر التي لحقت بالنظام
تغريه بالولوغ في نهجه الحالي المفتوح
على كل الاخطار. الخسائر التي لحقت
بالمعارضة تغريها بالبحث عن الانتصار
الكامل مهما كان باهظاً. ومن بوابة
الاخطار التي تهدد سورية والمنطقة
بفعل نزاع بلا ضوابط، يحاول انان لجم
الميول الانتحارية واستكمال مظلته
الدولية والاقليمية، على رغم إدراكه
ان سورية ليست ليبيا وليست اليمن ايضاً.
والخيارات ضيقة: إما أنان وإما الحرب
الاهلية. والتجارب تقول إن تناول
الدواء المر أفضل بكثير من خيار القفز
من النافذة. ================= جمال
قارصلي الشرق
الاوسط ما
يميز الانتخابات التشريعية السورية عن
غيرها في كثير من دول العالم أنها لا
تجلب معها أي مفاجآت، لأن نتائجها
معروفة سلفا، والجميع يعلم أن ما يحصل
من نشاطات ومناظرات وحملات انتخابية
وجدال ومشاكسات كلها تنضوي تحت عنوان «المسرحية
الانتخابية». أسماء أعضاء المجلس «التشريعي»
الجديد معروفة للسلطة ولكثير من
المهتمين والمراقبين، وذلك قبل أن
تبدأ عملية الانتخابات. هذا يعني بأن
الانتخابات التشريعية في سوريا حقا
تحصل بشكل «توافقي» لأن السلطة عودت
الشعب ومنذ خمسين عاما على أن لا يتجرأ
أحد على «اقتحام» عتبة مجلس الشعب إن
لم توافق عليه «القيادة» مسبقا، وهذا
ما شاهدناه قبل أيام أثناء انعقاد
الجلسة الافتتاحية لهذا المجلس. ما
يحصل في سوريا من انتخابات هو مسرحية
جديدة - قديمة ومكررة، يعرفها الشعب
واعتادها وهي هزلية ورديئة ومن كثرة
رداءتها تظل الضحكة في الحلق محبوسة
والبسمة تخاف من الظهور على الشفاه،
وأصبح المواطن السوري يستبدل بها
دموعا قد حفرت أخاديد على مقلتيه. منذ
زمن بعيد فقد المواطن السوري ضحكته
الصافية النابعة من القلب واستبدل بها
أخرى صفراء أو بسمة خجولة باهتة، على
الرغم من أنه يبحث عن الفرحة ولو
للحظات قليلة لأنه أصبح بأمس الحاجة
إليها لكي ينفس عن همه وكربه بسبب ما
يحصل في بلده من مآسٍ وويلات ومهازل.
المواطن السوري كان يخاف من أن تدوم
هذه «المسرحية الانتخابية» طويلا،
مثلما حصل في الانتخابات العراقية
الأخيرة، التي تم الإعلان عن نتائجها
بعد مرور تسعة أشهر، وكان السبب هو أن
في العراق الشقيق كذلك توجد انتخابات «توافقية». الانتخابات
التشريعية السورية مبنية على قاعدة
غير صحيحة وهي الدستور الذي تم التصويت
عليه قبل أسابيع قليلة (26/02/2012) الذي تم
تفصيله على مقاس السلطة الحاكمة، وهو
مليء بالثغرات والفجوات الكبيرة. منذ
عقود طويلة وإلى يومنا هذا ما زالت ذات
السلطة الحاكمة في سوريا وحدها التي
تخطط وتقرر وتنفذ وتمنع وتسمح وتوافق
وترفض وتغير وتبدل كما تشاء. تمت
الانتخابات الأخيرة تحت ظروف في غاية
الصعوبة. فوضع البلاد الآن يشبه الحرب
الأهلية. مع غروب شمس كل يوم يسقط في
سوريا العشرات من الشهداء ومدن البلاد
مقطعة الأوصال والتنقل بينها محفوف
بالمخاطر الكبيرة، وعدم تمكن عدد كبير
من مواطنيها من المشاركة فيها بسبب
الأوضاع الراهنة، وقسم كبير منهم أصبح
في عداد المهجرين أو النازحين أو
المعتقلين، وإضافة إلى ذلك مقاطعة بعض
الأحزاب والقوميات السورية لهذه
الانتخابات وانسحاب بعض الشخصيات منها
وعدم وجود مراقبة دولية على
الانتخابات. هذه العوامل مجتمعة ترسم
لنا الصورة الحقيقية للوضع الراهن في
سوريا، وهي مؤشر خطير على عدم جريان
العملية الانتخابية بشكل نزيه. إضافة
إلى ذلك هنالك عامل مهم جدا، وهو عدم
جدية السلطة في العملية الإصلاحية
التي تطبل وتزمر من أجل ترويجها ليلا
ونهارا، لأنها تريد بهذا أن تُلبّس
نظامها الديكتاتوري، الذي بواسطته
تحكم البلاد منذ عشرات السنين، ثوبا
ديمقراطيا له شكل إصلاحي، ومن دون أن
تغير أي شيء في طريقة حكمها. وهي تلجأ
إلى التلاعب والالتفاف على الانتخابات
لكي تظهر للعالم أن ما يحصل في سوريا هو
شيء طبيعي، وأن الناخب هو صاحب القرار
النهائي. كثير من البعثيين والمقربين
من السلطة تم دسهم بين مرشحي قوائم
أخرى غير بعثية. بهذه الطريقة وصل
هؤلاء المندسون إلى سدة البرلمان تحت
قوائم مختلفة، وهكذا أدخلت السلطة
جماعتها إلى مجلس الشعب وبنسبة كبيرة
ربما تتجاوز ثلاثة أرباع أعضائه. على
سبيل المثال، أصدرت السلطة السورية
قوائم انتخابية مشتركة لمرشحين بعثيين
ومستقلين في ثلاث محافظات، وهي حمص
وإدلب وريف دمشق، وكانت هذه القوائم
كاملة ومغلقة وكل من كان اسمه على هذه
القوائم تم انتخابه كعضو في مجلس
الشعب، وما حصل في المحافظات الأخرى
ليس بعيدا عما حصل في هذه المحافظات
الثلاث، التي يعادل سكانها ثلث سكان
سوريا كاملة. هذا
التصرف من قبل السلطة في سوريا هو دليل
واضح على أن الفاسد لا يستطيع أن يصبح
مصلحا بين عشية وضحاها، مهما حاول، لأن
هذه السلطة ورجالاتها ترعرعت وكبرت
على مدى عقود طويلة على ثقافة الفساد،
فأصبحت هي كذلك فاسدة ولا يمكنها أن
تقوم بأي دور إصلاحي. وحتى لو أرادت أن
تقوم بذلك فهي غير قادرة على هذه
المهمة وأسهل لها بألف مرة أن تخرج من
الحنظل السكر، أو أن تصنع العسل من
البصل، أو العنبر من الجزر. المجتمع
السوري يعلم أن هذه الانتخابات ستنتج
مجلسا مليئا بالمصفقين والمتملقين،
وأغلبهم من مسيرين للمعاملات وطالبين
للاستثناءات من الوزارات، يعني في
النتيجة سيكون هنالك كالعادة مجلس
منقوص السيادة وحتى في أكبر مهامه
الأساسية، وهي مهمة التشريع، فلرئيس
البلاد صلاحيات تشريعية أكثر منه. ربما
حصل شيء من التغيير في شكل وطريقة
الانتخابات في سوريا، ولكن النتيجة لم
تتغير، وبقيت كما كانت عليه سابقا، وما
حصل هو فقط عملية استنساخ لمجالس الشعب
السابقة، ولكن بطريقة إخراج مسرحي
مغايرة. حال
مجلس الشعب هذا سيكون كحال المجالس
السابقة، لأنه في الحقيقة لم يتم
تشكيله من أجل التشريع وسن القوانين،
بل من أجل تمرير كل ما يريده الحاكم
ورجالاته من قرارات وأفكار ارتجالية. الحال
في سوريا وصل إلى حد لا يطاق من الخطورة
وأصبحت البلاد تمر بمحنة عصيبة
للغاية، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ إلى
أين ستصل بنا هذه الحالة في آخر المطاف
لأن كل الاحتمالات واردة؛ من الحرب
الأهلية، التي هي شبه دائرة الآن إلى
حرب إقليمية، ومن ثم إلى تقسيم البلاد
وربما ستصل بنا هذه الحالة إلى ظروف
أشد مرارة وقسوة مما نستطيع أن نتصوره.
السلطة الحاكمة تتحمل القسم الأعظم من
المسؤولية فيما وصلت إليه البلاد،
لأنها لم تقتنع إلى يومنا هذا بأن
التغيير أصبح لا بد منه، وأن ما تقوم به
من مناورات وتحايل واستهتار بعقول
الشعب السوري لا يمكن أن ينطلي على
أحد، وأن كل ألاعيبها وبهلوانياتها
مكشوفة حتى للأطفال الصغار. سوريا
تحتاج إلى مرحلة انتقالية لمدة عامين
كما هو الحال الآن في اليمن، التي
خلالها يتم تشكيل لجنة دستورية مؤلفة
من كل ألوان الطيف السياسي في البلاد،
ومن هذه اللجنة الدستورية تنبثق لجنة
خاصة تضع قانونا للأحزاب وأخرى تضع
قانونا للانتخابات، وبعدها يتم
التصويت عليها جميعا. التكتلات
السياسية والتنظيمات والأحزاب التي
تتشكل خلال هذه المرحلة تكون قد نضجت
وبرزت على الساحة بقوة، وأصبح لديها
خبرة وتجربة سياسية تستطيع من خلالها
أن تخوض الانتخابات التي ستتم بعد هذه
المرحلة الانتقالية. الشعب السوري
تنقصه الخبرة السياسية لأنه كان
محروما من كل أنواع النشاط السياسي
الديمقراطي الحر لمدة عقود طويلة، إلا
ما توافق عليه السلطة الحاكمة. كل ما
يحصل الآن في سوريا، تحت اسم «الخطوات
الإصلاحية»، ترفضه أغلبية المجتمع
السوري، لأنها تتم تحت هيمنة السلطة
الحاكمة، التي هي الخصم والحكم في آن
واحد، وما قدمته هذه السلطة للشعب
السوري من «إصلاحات» هو شيء مفصل على
مقاسها الخاص وأولها مجلس الشعب الذي
تم انتخابه قبل أيام قليلة، وكذلك
الدستور الذي تم الاستفتاء عليه مؤخرا. الانتخابات
التشريعية التي حصلت في سوريا هي مهزلة
ومسرحية بائسة تدعو للشفقة على كل من
ساهم في تنفيذها. لا أعلم هنا هل تحق
التهنئة أم يحق العزاء للشعب السوري
على هذه «الإنجازات العظيمة»؟! في
حقيقة الأمر ما حصل هو شيء مضحك جدا إلى
حد أن الضحكة أصبحت تخجل على حالها،
وكاتب هذه الحروف ما زال يحاول أن
يبتسم، ولكن من دون جدوى. تقف
سوريا الآن على بُعد أمتار قليلة من
الهاوية وفرص إنقاذها تضمحل وبشكل
متسارع. الوضع أصبح لا يحتمل كثيرا،
والمطلوب الآن من جميع الأطراف
المتنازعة خطى شجاعة مليئة بروح
التضحية والتسامح والتنازل والتوافق
من أجل إنقاذ الوطن. إضافة إلى ذلك،
نأمل من كل الشعوب والحكومات المجاورة
والصديقة للشعب السوري الوقوف إلى
جانب هذا الشعب بصدق وإخلاص بعيدا عن
المصالح الخاصة الضيقة، وبعيدا عن
عملية تصفية الحسابات مع دول أخرى على
الأرض السورية. الجميع
عليه أن يعلم أن الكارثة الآتية لن
يسلم أحد منها، لأن لهيب نارها سيصل
إليه أينما كان. فما علينا جميعا إلا أن
لا نفوت هذه الفرصة الأخيرة، لأن بعد
ذلك لن يفيدنا لا التأسف ولا الندم.
ولكن هيهات لمن يفتح قلبه وعقله ويسمع
وآمل أن تكون هنالك حياة لمن ننادي. *
برلماني ألماني سابق من أصل سوري ==================== طارق
الحميد الشرق
الاوسط 29-5-2012 لم
يستطع كل من حزب الله ورئيس الوزراء
الإسرائيلي تجاهل مجزرة الحولة في
سوريا والتي راح ضحيتها قرابة 103
سوريين جلهم من الأطفال والنساء،
وقاما بإدانتها، والسؤال هو إذا كان
حزب الله وإسرائيل قد اتفقا على إدانة
المجازر بسوريا فما الذي تبقى إذن
للطاغية بشار الأسد وآلة قتله البشعة؟ فحزب
الله أصدر بيانا عبر فيه عن «الألم
والذهول الشديدين لهول المجزرة
الفظيعة في منطقة الحولة بحمص»، منددا
بالمجزرة، والذين قاموا بها، دون
الإشارة إلى أي طرف! وعلى غرار حزب الله
أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بيانا
عبر فيه عن «اشمئزازه من المجازر
المستمرة التي ترتكبها قوات الرئيس
السوري بشار الأسد بحق مدنيين أبرياء
بما في ذلك المجزرة التي ارتكبت خلال
نهاية الأسبوع في بلدة الحولة والتي
أودت بحياة العشرات من الأطفال
الأبرياء». فإذا كان حتى حزب الله
والإسرائيليون متفقين على إدانة ما
يحدث في سوريا من مجازر، فماذا تبقى
ليقول العالم كفى لجرائم الأسد، وإنه
قد حان وقت رحيله، ولو بالقوة
العسكرية، فجرائم طاغية دمشق لا
تنتهي، وها هي حماه تشهد مجزرة جديدة،
وبعد مجزرة الحولة، التي أدانها مجلس
الأمن؟ فخطورة
ما يحدث في سوريا اليوم، وهو ما لا يعيه
المجتمع الدولي، وتحديدا الرئيس
الأميركي، أن الأوضاع هناك قد وصلت إلى
حد لم يعد للعقل مكان فيه، مما سيشجع
الطائفية، والتطرف، وكل أشكال العنف،
والدليل على ذلك أن حسن نصر الله،
ونتنياهو، لم يستطيعا حتى الصمت
وإصدار بيانات إدانة حول مجزرة
الحولة، والقصة ليست تصيدا، وإنما هي
دليل واضح على أن كليهما قد استشعر
خطورة الأوضاع، وخطورة قادم الأيام،
سواء في سوريا، أو المنطقة كلها.
فبشاعة جرائم طاغية دمشق فاقت حتى
بشاعة جرائم تنظيم القاعدة الإرهابي،
فالنظام الأسدي يعقر بطون النساء،
ويذبح الأطفال بالسكاكين، وكل ذلك يعد
بمثابة شحن مهول للطائفية والرغبة في
الانتقام، وهذا ما جعل حزب الله
وإسرائيل يتفقان على إدانة ما يحدث من
مجازر في سوريا، خصوصا أن عدد القتلى
في سوريا قد وصل إلى ثلاثة عشر ألف
سوري، فماذا ينتظر المجتمع الدولي،
وأميركا؟ فهل ما زال مجلس الأمن، أو
المجتمع الدولي، يعولون على روسيا؟ أعتقد
أن هذا عبث، فقد تجاوزت الثورة السورية
موسكو، وحان وقت التصرف من خارج مجلس
الأمن، وحان الوقت اليوم لخلق خلية عمل
في المنطقة، وبالتعاون مع «الناتو»،
والراغبين من دول المنطقة، لمباشرة
مشروع إسقاط الأسد، وبقوة السلاح،
ومساندة دعوة السيد برهان غليون
للسوريين للشروع في معركة التحرير
الذاتية، وهذا لن يتأتى من دون الشروع
اليوم في تطبيق المنطقة الآمنة داخل
الأراضي السورية ومن على جبهتين،
الحدود التركية، والأردنية، وبمساندة
«الناتو»، والدول العربية والغربية
الراغبة في التعاون من أجل إنقاذ سوريا
من الطاغية الأسد. على
العالم أن يتحرك اليوم، فما الذي
ينتظره المجتمع الدولي، بعد أن استنفد
كل الحلول والمبادرات؟ بل ما الذي
ينتظره المجتمع الدولي إذا كان حزب
الله وإسرائيل يدينان مجزرة الحولة
بسوريا؟ ==================== حسين
شبكشي الشرق
الاوسط 29-5-2012 مذبحة
مهولة كارثية مفجعة مؤلمة جديدة يقوم
بتنفيذها عناصر نظام بشار الأسد في
الحولة بريف حمص. المشاهد المروعة التي
بثت تصور الضحايا العزل وقد قضي عليهم
بدم بارد وأكثرهم نحر بالسكين. أكثر من
114 ضحية كانوا حصاد مذبحة الحولة، منهم
55 طفلا دون العاشرة من العمر. واقعة
مذهلة وصادمة وأدمت القلوب وأبكت
العيون، ولكنها صفحة جديدة سوداء في
كتاب بائس يعكس الواقع الذي انتهجه
نظام الأسد أبا عن جد في حكم سوريا
وإذلال شعبها. تأتي
عملية الحولة بعد الحديث الكبير الذي
تم تداوله بخصوص استهداف مجموعة من
الجيش الحر لرموز من النظام الحاكم،
وبغض النظر عن صحة القصة أو بطلانها،
إلا أن هناك جوانب «سادية انتقامية»
واضحة جدا في مشاهد مذبحة الحولة، يبدو
أن الغرض منها هو إثارة الذعر والخوف
والرعب في نفوس الناس من القدرة
الدموية للنظام ضد الشعب حتى يحبط
ويتوقف عن التظاهر ضد النظام (في ظل
اطمئنان الأسد وزمرته من وجود الحد
الأدنى من الدعم الحامي له من إيران
والصين وروسيا). ولكن
هناك شيئا ما يحدث في روسيا الجديدة
بين بوتين المنتخب حديثا وأوباما
المقدم على انتخابات رئاسية مهمة في
أميركا، فلقد سربت صحيفة «نيويورك
تايمز» الأميركية خبر وجود تفاهم
وقبول أميركي وروسي على قبول رحيل بشار
الأسد وزمرته المقربة من الحكم
بسيناريو متقارب لما حدث مع الرئيس
اليمني السابق علي عبد الله صالح، وهي
نقلة نوعية جادة في مفهوم مشترك بين
الدولتين الأثقل في مجلس الأمن، وهي
مسألة لمح إليها وزير الخارجية الروسي
لافروف في مؤتمره الصحافي الذي عقده مع
نظيره البريطاني هيغ، وقال فيه إنه ليس
من المهم عنده من يحكم سوريا، ولكن
المهم عنده هو أن يتوقف القتل بأي
طريقة. وهذه هي المرة الأولى التي تلمح
فيها روسيا بإمكانية الاستغناء عن
بشار الأسد. والنظام
بمذبحته الأخيرة هذه لا يدري أنه صعّب
المواجهة مع الشعب بشكل غير مسبوق، فها
هي دمشق بكل تجارها تضرب بمحلاتها
تضامنا مع الثورة ومع ضحايا مذبحة
الحولة، وحلب تواصل انتفاضتها بلا
توقف، وأكثر من موقع في العالم العربي
يعلن تضامنه الصريح والواضح مع الجيش
السوري الحر، وضرورة وأهمية تمويله
ودعمه بكل الوسائل وبشكل سريع. كل
الأنظمة ترتكب الخطايا فتدفع الثمن
بسقوطها عن الكرسي، والأنظمة المستبدة
الطاغية تسقط أخلاقيا قبل أن تسقط
شرعيا وسياسيا، ولا يوجد في علم
السياسة سقوط أخلاقي مهين ومقزز أكثر
من الجريمة التي حدثت للأبرياء في
الحولة. اليوم
لم يعد هناك مجال لانتظار قرار سياسي
أممي أو فتوى شرعية أو رأي ثقافي
للتحرك ضد نظام بشار الأسد، فهو يدمر
نفسه ومصداقيته بنفسه، وما الصورة
الذهنية التي تكرست وتأكدت ضده وضد
نهجه ونظامه في السنة والنصف التي مضت
منذ انطلاق الثورة السورية الكبرى ضده
إلا تأكيد لأن الرجل قد انتهى، وها هو
يغيب كرئيس للجمهورية السورية لأول
مرة عن الجلسة الافتتاحية لمجلس الشعب
الجديد الذي تم انتخابه مؤخرا في
مهرجان كاريكاتيري هزلي. ولم
يتمكن من الحضور لإلقاء الخطاب
الافتتاحي، كما هي العادة في هذه
المناسبات، لأن العاصمة معقل النظام
الرمزي لم تعد آمنة، ولم يعد بالإمكان
تأمين الموكب وحضوره. هذه هي الحقائق
الواقعية، أن سوريا باتت، وبحسب تصريح
الأمين العام للأمم المتحدة، مدن
كثيرة منها خارج سيطرة النظام وقواته
وأدواته، ويبدو أن العاصمة نفسها
ستكون خارج سيطرة النظام عما قريب هي
الأخرى. مذبحة الحولة ولدت غضبا عظيما
ضد النظام، وإحساسا بالخجل من عدم دعم
الثورة والثوار، وقد تكون نواة للتحرك
الأخير المطلوب للخلاص منه. هوان الناس
أمام مشهد الحولة الأليم سيولد قوة
الخلاص. ==================== مشاري
الذايدي الشرق
الاوسط 29-5-2012 لم
أستطع مشاهدة صور مجزرة بلدة الحولة في
سوريا كاملة، إلا مرة أو مرتين، رغم
كثرة عرضها على الشاشات. شعور
جارف بالقرف يجتاحك وأنت تشاهد مناظر
جثث أطفال رضع أصيبوا بطلقات نارية على
الرأس، وعن قرب. أي
مشاعر خسيسة حركت من قام بهذه الفعلة
الهمجية؟! حاولت
أن أفهم الأمر، لو أن القتلى كانوا
سقطوا جراء قصف من بعيد، لربما، تفهمنا
الأمر باعتبار هذا جزءا من الحرب، ولكن
طلقات مباشرة على الرأس، وبعضها ضربات
بالسواطير والخناجر، لأطفال وشيوخ
ونساء.. فأمر يتجاوز الفهم الطبيعي،
إلى التعامل مع «غرائز» طقسية يمارسها
القتلة، وكأنهم يقدمون قرابين بشرية
لآلهة وثنية ما، كما نقرأ عن الشعوب
البدائية القديمة. فتحت
قناة «الدنيا» التابعة لنظام الأسد،
لعلي أجد تفسيرا لهذه البشاعة، فوجدت
ما يصدم فعلا، إنكار لأن يكون القتلة
هم شبيحة النظام وجيشه المجرم، وتحميل
من سماهم ضيف البرنامج، اللبناني،
شاكر البرجاوي، «الجماعات الإرهابية»،
وتوافقه المذيعة بهز الرأس وإبداء
التأثر على الأطفال القتلى! شككت
في نفسي، وقلت ربما كان القتلة فعلا هم
الجماعات الإرهابية، كما قالوا، ولكن
كيف تقتل الجماعات أهالي بلدة
يناصرونها؟! وأهل البلدة من السنة،
الخزان الاجتماعي والحاضن للثورة؟! ثم
رأيت تقريرا صوّره المراقبون الدوليون
بعدساتهم، وفي هذا التقرير تجد شهادات
حية من أهالي البلدة عن قصف الجيش لهم،
وقالت عجوز قروية مسكينة بلهجة
تلقائية: «العلوية فاتوا علينا». وهي
تصف قطعان القتلة بالسواطير والمسدسات. حتى
الجنرال روبرت مود، رئيس بعثة
المراقبين الدولية، أكد أنه تم
استهداف المدنيين بالقصف بالمدفعية
والتصفية عن قرب بإطلاق الرصاص. رغم
لغة مود الناعمة والمتبنية في جانب
منها لرواية النظام عن وجود عنف مشترك
بينه وبين المعارضة، لكنه أقر صراحة
بقصف الجيش للحولة ووجود إطلاق نار عن
قرب على الرؤوس والأجساد، ليأتي مجلس
الأمن - رغم الدعم الروسي الصيني لنظام
القتل الأسدي - ويندد بالإجماع
بالحكومة السورية بسبب هجماتها
بالأسلحة الثقيلة على بلدة الحولة،
حيث وقعت مذبحة راح ضحيتها 108 أشخاص على
الأقل، بينهم أطفال كثيرون. وقال
بيان غير ملزم أصدره المجلس «يندد مجلس
الأمن بأقوى العبارات الممكنة (لاحظوا
أقوى العبارات الممكنة!) بأعمال القتل
التي أكدها مراقبو الأمم المتحدة
لعشرات الرجال والنساء والأطفال
وإصابة مئات آخرين في قرية الحولة قرب
حمص، في هجمات شملت قصفا بالمدفعية
والدبابات الحكومية على حي سكني». لكن،
افتح على قناة «الدنيا»، أو شاهد أبواق
النظام الأسدي، خصوصا من اللبنانيين،
لترى العجب العجاب، إنكار وتهويش
وتغطية للشمس بغربال.. هل هذه المجازر
الهمجية جديدة على ثقافة الحكم
الأسدي، حتى نستغرب أن تقع هذه
المجزرة، ويسفح إعلام الأسد الدموع
الكاذبة ويبدي الاندهاش البلاستيكي؟ سلسلة
من المجازر ارتكبها النظام، بطريقة
طقسية وحشية، من حماه وجسر الشغور
وتدمر في الثمانينات إلى صفحات
المجازر في لبنان، والآن حماه ومعها
حمص تنال نصيبها من جرائم ومجازر قوات
الأسد. إنه منهج مستمر ودائم، ويأتي
بعد ذلك محمد حسنين هيكل، صديق الأسد،
ويحاول تسويق رواية النظام الأسدي
علينا من خلال اصطناع العمق وكشف
المؤامرات الكونية على الأسد.
وبمناسبة الحديث عن الحرب «الكونية»
على الأسد كما يكرر إعلامه بكثرة،
فالحقيقة أن هذه المؤامرة أو الحرب
الكونية تقع على الشعب السوري نفسه
وليس على النظام. النظام
الأسدي يحظى «بدلع» ورعاية ما بعدها
رعاية، وصبر ما بعده صبر، وتفهم ما
بعده تفهم، من المجتمع الدولي، لم ينل
عشر معشاره نظام حسني مبارك أو نظام
القذافي، وقبلهم صدام حسين. أوباما
الأميركي، وبوتين الروسي، اجتمعا على
دعم خطة عنان الميتة أصلا، التي الغرض
منها فقط إطالة عمر الكارثة في سوريا،
وليس تقديم الحلول الجذرية. إيران،
نوري المالكي، حزب الله، ميشال عون،
روسيا، أميركا، «الناتو»، الصين، بان
كي كون، كوفي أنان، كلهم يمدون في عمر
النظام. الغريب
أن الهمس والجهر أيضا الدولي في تفسير
منع النجدة العسكرية والسياسية عن
الشعب السوري، هو الخوف من الحرب
الأهلية وتمكن الجماعات الأصولية
المسلحة، وفي خلف الصورة كلها طبعا
مراعاة المصلحة الإسرائيلية. أقول
إنه منطق غريب، لأن عدم دعم المعارضة
واحتضانها وتغذيتها، وسرعة الحسم في
سوريا مع هذا النظام القاتل، هو الذي
سيفجر الحرب الأهلية، وهو الذي سيعظم
دور الجماعات «الجهادية» ضد نظام
الأسد، فما حيلة المقتول والمحاصر إلا
أن يستعين بالشيطان نفسه لحماية
وجوده، كما قال شارل ديغول ذات مرة. هل يعي
المجتمع الدولي خطورة هذا التقاعس
وهذه الرخاوة وهذا التذاكي المكشوف في
منح المهل لإطالة عمر الأزمة؟ كلما
طال بقاء النظام زاد التطرف والعنف
وانحسر الاعتدال والخطاب الوطني.. هذه
هي زبدة الأمر، بالإذن من مستر أوباما.
وبقية المسترات في الغرب. نحن
أمام تعامل غربي ودولي إما جاهل بطبيعة
المنطقة أو متآمر لتصل الأمور إلى
مستنقع الحروب الأهلية وتفجر النزاعات
الطائفية والدينية في الشرق الأوسط. هل
تتسبب كارثة الحولة وبعدها كارثة حماه
في إحداث صدمة إيجابية لهذا العقل
الغربي الرخو في التعامل مع الأزمة
السورية؟ نرجو
ذلك، رغم أن المؤشرات لا تبشر بخير،
فهذه جريدة «نيويورك تايمز» تذكر في
عدد الأحد الماضي أن روسيا تواجه ضغوطا
دولية متزايدة لاستخدام نفوذها لتنحية
الأسد مع ازدياد القتل في سوريا،
وآخرها مقتل 90 شخصا في بلدة الحولة في
حمص. وأشارت إلى أن النموذج اليمني
يخضع للكثير من المناقشة في روسيا، إلى
حد أنه أصبح يعرف في الولايات المتحدة
باسمه الروسي «ييمينسكي فاريانت». وقال
مسؤولون أميركيون إن أوباما سيبحث هذا
المقترح باللقاء الأول الذي يجمعه مع
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،
وأوضحوا أن مستشار الأمن القومي
الأميركي توماس دونيلون سبق أن ناقش
الخطة مع بوتين في موسكو قبل ثلاثة
أسابيع. وقال مسؤول أميركي «إن
الولايات المتحدة جاهزة لطمأنة روسيا
أنها ستستمر في إقامة علاقات وثيقة مع
دمشق بعد الأسد». غير أن المسؤولين
قالوا إنه على الرغم أن ميدفيديف لم
يرفض اقتراح أوباما حول اعتماد الحل
اليمني، فإنه لم يوافق عليه بشكل قاطع. وهكذا
تتعامل إدارة أوباما بهذه الخفة
والمقايضات السطحية مع التعنت الروسي
في مأساة سوريا. من
جانب آخر، نجد إيران داخلة في عمق
الجريمة في سوريا، كما اعترف مؤخرا
اللواء إسماعيل قائاني، نائب الجنرال
سليماني، القائد العام لفيلق القدس، (قوة
النخبة في الحرس الثوري الإيراني)،
بمشاركة فيلق القدس العسكري على
الأراضي السورية والضلوع في قمع
المعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد،
وذلك من خلال تصريحات زعم فيها أنه
لولا حضور الجمهورية الإسلامية
الإيرانية لكانت المجازر التي ترتكب
بحق الشعب السوري على يد المعارضين
أوسع من هذا، كما ذكرت وكالة أنباء «إيسنا»
الإيرانية، شبه الرسمية. كما نجد روسيا
تمد نظام الأسد بالسلاح، والدعم
السياسي، معها الصين، وحزب الله ضالع
في الجهد الأمني والحربي بفتوى من
خامنئي. إذن:
لماذا لا تبادر السعودية وقطر وتركيا
وكل دول الخليج، بل والدول العربية
والإسلامية «الجاهزة» للدعم الفعلي
والحقيقي والعلني لإنقاذ سوريا وشعبها
من جرائم الأسد ومطامع إيران والروس. برهان
غليون محق حين دعا إلى شن معركة
التحرير الكبرى وترك الدبلوماسية خلف
الظهر. انتهى زمن المهل والدبلوماسية..
إنها الحرب.. لمن يريد أن يرى الحال دون
قناع. ==================== عن
سورية والسوريين و"الناشطين" موفق
ملكاوي الغد
الاردنية 29-5-2012 ثمة من
ما تزال مفردة "سورية" لا تعني لهم
سوى النظام هناك، وهو نظام مهترئ، على
استعداد لأن يفني نصف الشعب من أجل
تثبيت قوائم حكمه فوق صدور الناس. إن من
لا يستطيع رؤية دم مجزرة الحولة، لن
يكون بمقدوره الحكم على أي شيء، وسيظل
يلجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي
لينشئ صفحات تمجد الجلاد؛ فالمسبحون
بحمد "النظام الممانع" في خارج
سورية، ليسوا مضطرين للعيش تحت سطوة
أسلحته المجرمة، ولا هم مضطرون لأن
يسلموا أبناءهم للقبور كل صباح ومساء. مجزرة
الحولة تستحق أن تتبوأ جميع العناوين
العالمية اليوم، فهي أبشع ما ارتكبه
نظام القتل الطائفي من جرائم منذ
انطلاقة الثورة السورية المجيدة في
آذار (مارس) من العام الماضي. غير أن
من أبشع الجرائم التي ترتكب في حق
الشعب السوري وسورية العظيمة، كذلك،
هي محاولة اختصارهم تحت اسم نظام دموي،
فكأنما لم تكن سورية قبل هذا النظام،
وكأنما لن تقوم لها قائمة من بعده.
والحقيقة الجلية اليوم، هي أن نظام
بشار الأسد بات نظاما إجراميا في حالة
أفول، وبشار نفسه مجرد مجرم حرب، نتمنى
أن ينتهي إلى حتفه، أو زنزانته، قريبا. جميع
الأسلحة التي من الممكن استخدامها ضد
هذا النظام المجرم هي أسلحة شرعية، ما دام
الهدف تخليص الشعب السوري من نير القمع
والقتل اليومي الذي أعادنا إلى أجواء
بيروت السبعينيات يوم كان القتل على
البطاقة. نعلم
أن التاريخ لن يعيد نفسه، فما كان
مقبولا في مطلع الثمانينيات عندما قام
الأسد الأب بإبادة أهل حماة، وسكت
المجتمع الدولي على جريمته البشعة
تلك، ما عاد مقبولا اليوم، ولا بد
لبشار من أن يدفع ثمن جرائمه هذه. إن
تواطؤ المجتمع الدولي مع المجرم حتى
الآن، لا يزيد الثورة إلا صلابة، حتى
وإن ابتليت بدول وتنظيمات متورطة في
القتل اليومي ضدها، وحتى وإن ابتليت
بمجلس انتقالي لم تختره، وجاء ضعيفا
وغير متجانس، ولم يفعل شيئا سوى التفرج
على الجرائم والندب وضرب كف بكف. أما
الناشطون "القومجيون"، والأحزاب
والتنظيمات التي تلبس قميص الثورية
المزيف، والذين يخرجون في المسيرات،
ويدبجون الخطب ل"التباكي" على "الثورة
البحرينية" في دول متاخمة لسورية،
فنقول لهم: "إن تحت بصركم تماما دما
أكثر وضوحا"، فإذا وجدتم حقا
للبحرينيين في التضامن، فكيف تحرمون
السوريين هذا الحق؟! من
السهل جدا اتخاذ موقف ضد الكيان
الصهيوني، فهو عدو واضح المعالم
والخطط والأهداف. ويبدو أنه من السهل
أيضا اتخاذ موقف ضد الشعب الأعزل، ما
دامت قوى المنطقة ما تزال تستطيع أن
تلون الأشياء باللون الرمادي ل"نشطاء"
يعانون من الرمد على مدار العام،
ليستصعبوا بالتالي اتخاذ موقف ضد "حليف"
خلع عنه رداء الإنسانية، وانتمى إلى
شريعة الغاب من أجل الحفاظ على كرسيه
ومكتسباته. لا بأس
بمزيد من النشاط على الإنترنت أيها "النشطاء".
ولا بأس من تزوير الأحداث اليومية
واتهام شعب بالعمالة والخيانة، فما
فائدة الشعوب في الأصل، أليست الأنظمة
أجدر بالبقاء؟! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |