ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 04/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

سوريا تحت الفصل السابع

رأي الراية

الراية

3-6-2012

وضع المجلس الوزاري للجامعة العربية مجلس الأمن الدولي أمام مسؤولياته وفقًا لميثاق الأمم المتحدة وكجهة مسؤولة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين من خلال مطالبته بعد اجتماعه في الدوحة بتطبيق خطة كوفي عنان عبر اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التطبيق الكامل والفوري لخطة عنان في إطار زمني محدد.

إن دعوة الاجتماع الوزاري العربي إلى ضرورة وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل الاتصالات وقفًا جزئيًا أو كليًا وقطع العلاقات الدبلوماسية تأتي في إطار الضغط على النظام السوري الذي استمر في مسلسل القتل والعنف الذي وصل إلى مستويات كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية أبرزها المذبحة التي وقعت في مدينة الحولة بريف حمص والتي ذهب ضحيتها أكثر من مئة قتيل نصفهم من النساء والأطفال.

لقد أكّد معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية في الكلمة التي افتتح بها اجتماع اللجنة الوزارية العربية الخاصة بسوريا ضرورة قيام المبعوث الدولي العربي إلى سوريا كوفي عنان بوضع إطار زمني لمهمته فلا يعقل استمرار المذابح والقتل في حين تبقى المهمة مستمرة إلى ما لا نهاية.

ان دعوة اللجنة الوزارية العربية لمجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في الأزمة السورية لا تعني أن الجامعة العربية قد نفضت يدها من معالجة الأزمة السورية فقد أكّد معالي رئيس الوزراء وزير الخارجية أن الجامعة العربية مستعدة لتحمل مسؤولياتها ومستعدة أيضًا أن تقدم الحلول لكيفية الانتقال السلمي إذا كانت هناك جدية لدى النظام السوري كما لم يستبعد أن تكون هناك دعوة إلى قمة طارئة للجامعة العربية.

لقد كان قبول النظام السوري بخطة المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان المعروفة بالنقاط الست لذر الرماد في العيون فالنظام لم يلتزم بأي من بنود الخطة الأمر الذي أصبح يهدد باندلاع حرب أهلية طاحنة لن تقف تأثيراتها عند حدود سوريا بل ستمتد إلى دول الجوار.

=================

توقعات بزوال النظام السوري والربيع العربي

بقلم / صالح الأشقر

الراية

3-6-2012

يبدو أن الربيع العربي يلفظ أنفاسه الأخيرة وفي طريقة إلى الزوال بعد إصابته بأمراض خطيرة وخبيثة وحادة التأثير خاصة في سورية بينما حالته العامة غير مستقرة في مصر بعد معاناة طويلة بين الصحة والأمل والمرض واليأس وكل هذه التغيرات تعبر عن كراهية غير معلنة من قبل القيادات العربية ضد هذا الربيع العربي الذي لا يستحق في نظرها الوجود معها حتى يوما واحدا نظرا لموقفه من الفساد وأهله في المنطقة العربية.

وإذا كان في مصر بعض الأمل القليل في تحقيق الربيع العربي بما يحمل من الآمال والطموحات في حقوق الإنسان والعدالة من خلال النظام الديمقراطي الذي نادى به الربيع العربي ويمكن تطبيقه في انتخابات مصر الجديدة فإن هذا الربيع العربي قد تحول في سورية من ربيع عربي إلى شيطان عربي أو وحش عربي بما خلفه من حرب أهلية طاحنة تعتبر الأولى في صراع الأنظمة مع الشعوب على مستوى العالم.

مخلفات وآثار الحرب الأهلية السورية تعتبر رهيبة وتركها على وضعها الحالي بين النظام والشعب يؤدي الى الفناء للشعب السوري ولذلك يصبح استمرار أي من الفريقين في حكم البلاد باطلا ولاغيا شرعا وعديم الصلاحية بما معناه أن الحريصين على ما تبقى من سورية على المستوى العربي والاقليمي والدولي التخلص وبسرعة من طرفي هذه الحرب الحاقدة على الشعب السوري والبحث عن نظام جديد يملك بعض الرحمة والإنسانية تجاه أهله وشعبه.

بكلمات محدودة ولكنها خطيرة وعميقة لخص مسؤول روسي أحداث الربيع العربي في بلدان الشرق الأوسط وشمال افريقيا بدقة وقال المسؤول الروسي السيد ميخائيل بوجدانوف إن هذه الأحداث (ستدوم طويلا) موضحا أن الثورات العربية ستستمر فترة طويلة رغم أنه رحل بعض رؤساء الدول العربية ولكن لم يتحسن الوضع جراء ذلك بل على العكس فان المنطقة تشهد شلل الحياة الاقتصادية وهبوط الانتاج وارتفاع البطالة وذلك ما يخيف الحريصين على المنطقة العربية.

ومع الأسف الشديد نضيف إلى ما قاله المسؤول الروسي من أن الوضع لم يتغير الى الأفضل وأن الحياة ظلت ومازالت تشهد شلل الحياة الاقتصادية وهبوط الانتاج وارتفاع البطالة ونزيد على ذلك فنقول إن ذلك بسبب سوء النية للقيادات العربية التي تشغل نفسها الآن حول استفادتها الخاصة من نتائج الربيع العربي ولكن نظرا لعدم وجود الخبرة الكافية لدى هذه القيادات والروح الاستبدادية المترسخة في أعماق هذه القيادات فإن ذلك يحول دون الاستفادة لها و لشعوبها.

ومما لاشك فيه أن الأهداف من ثورات الربيع العربي كانت ومازالت مفيدة جدا ومختصرة جدا يحتاج تطبيقها في أكثر من بلد عربي إلى إخلاص قيادي قوي جدا وشجاع جدا وفوق كل ذلك نزيه جدا ووطني جدا يضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات ويضعها على مائدة النزاهات الوطنية الحقيقية وفي نفس الوقت الشجاعة.

والسؤال الكبير الذي طرحه المسؤول الروسي لقد بدأت موجة جديدة من الاحتجاجات والرئيس السابق غائب فمن الذي يمكن تحميله المسؤولية خاصة أن البحث عن مذنبين بين بعضهم بعضا.. مشيرا الى إمكانية أن تبدأ مرحلة ثانية من الصراع الداخلي وذلك ما يخشاه غالبية العقلاء العرب.

وعندما نقارن بين نظام الأسد العائلي وأي نظام آخر في العالم نجد أن نظام الأسد يحاول ان ينقل العالم من الأنظمة الحضارية المتطورة الحالية إلى أنظمة لم يعرف لها العالم مثيلا منذ بدء الحياة التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم ولا في عهد أي نظام عبودي استبدادي ولذلك فانه حان الوقت لقيام العالم كل العالم الى خلع واجتثاث هذا الشكل الخبيث من الأنظمة العبودية.

الحكم الذي تولته عائلة الأسد العلوية منذ حوالي ٤٣ عاما في سورية العروبة يختلف تماما عن أن يكون شبيه الحكم الانساني الطيب النزيه الى حكم وحشي يقتل ويجلد شعبه من الأطفال والكبار والصغار والرجال لاتفه الأسباب لانه يريد أن يثبت لهم أنه القادر وحده على الطغيان وأنه الجبان الاول والأخير في العالم عند مواجهة العدوان على أرضه وشعبه في الجولان الشاهد على هذا النظام والكارهين له.

منذ زمن طويل أي من زمن حكم حافظ الأسد وأنا أبحث عن حقيقتين كنت قد أدركتهما واستغربتهما في نظام عائلة الأسد الأولى الكراهية الرهيبة التي يحملها النظام لشعبه والثانية ذلك الخوف المرعب الذي يحمله الشعب المغلوب على أمره من النظام.

هذه الملاحظة كانت لدي قبل الحرب الأهلية الآن في كافة المدن السورية والتساؤلات المخيفة الآن: ترى كم عدد الآلاف الذين قتلهم النظام العلوي منذ عام وأربعة أشهر وإذا كان العالم قد أصيب بالخوف والهلع من المناظر التي يشاهدها في وسائل الإعلام ومعظمها مهربة فماذا عن الصور الحقيقية الخاصة بالدمار والقتل التي يمارسها نظام العدوان العلوي ضد شعبه المسالم.

واذا كان هذا النظام فريدا من نوعه على مستوى العالم من حيث طغيانه ووحشيته وفي نفس الوقت نذالته ضد شعبه فما هو الحل لدى عالم اليوم المتحضر المتباكي على شعب سورية الليل مع النهار؟.. هل يظل هذا العالم يتفرج ؟ ألا يكفي التفرج ما يزيد على ١٦ شهرا وهذا الطاغوت يقتل الاطفال والنساء والعجزة والشباب دون رحمة ودون ذنب أو أي جرائم قام بها الشعب السوري المبتلى بهذه الكارثة الإنسانية دون وجه حق ؟.

مأساة العرب العاربة والمستعربة وكل من لهم صلة بالعرب من الفريقين أن هذه الأمة لم تعرف في عصرنا الحديث شيئا اسمه النظام والقانون والذي يفترض أن يتابع كل مجرم في وقت الحدث وبعد الحروب أو عدم الاستقرار ولو بزمن طويل لأخذ الحق للمعتدى عليه من المعتدي مهما طال الزمن أو قصر.

في المؤتمر الأخير في الدوحة الذي أطلق عليه منتدى (أمريكا والعالم الاسلامي) أكد أن الثورات العربية شكلت بداية لتصحيح العلاقة بين الشعوب العربية والغرب بعد عقود من الخلل مشيرين إلى أن هذه الثورات كانت إيجابية لكنهم أكدوا أنها وسيلة وليست غاية.

واعتبر آخر في المنتدى أن الثورات العربية بداية تصحيح العلاقة بين الشعوب العربية والغرب وحسب ما نقل عن المنتدى وقال أحدهم إن هذه الثورات جاءت بمبادرات داخلية وذلك صحيح إلى حد كبير في حين ركز المنتدى على أن هذه الثورة جاءت لتصحيح العلاقة بين الشعوب العربية والغرب فان ذلك غير صحيح وغير معروف ماذا يقصد هذا العربي الفيلسوف في منتدى امريكا والعالم الإسلامي ؟.

ترى ماذا في العلاقة بين الشعوب العربية والغرب حتى يتعب نفسه ذلك المنتدى في معالجتها وكان الأصح والأسهل للمنتدى لو أنه قال كلمة حق وهي : تصحيح العلاقة بين العديد من الأنظمة العربية وشعوبها والجميع يعرف في العالم ماذا بين هذه الأنظمة وشعوبها.

=================

معطف زهري في «الحولة»

زين الشامي

الرأي العام

3-6-2012

من المهن الصعبة اليوم ان تكون سوريا وتعمل في وسيلة إعلام، أي وسيلة إعلام، حيث تنهال عليك صور الموت لشعبك وناسك وأهلك وأقربائك من كل حدب وصوب. من وكالات الانباء، من «اليوتيوب» من «تويتر»... او من خلال صفحات اصدقائك على «الفايسبوك»..

من الصعب والقاسي ان تشاهد فيديو يظهر قريبا لك حملته يوما في حضنك عندما كان صغيرا، ورأيته يذهب للمدرسة عندما صار في السادسة، ورأيته لاحقا يصبح شابا وسيما وقوي البنية... ثم تغيب عنه لداعي السفر أو الهرب من النظام خوفا من الاعتقال لتراه لاحقا بعد سنين في فيديو على «اليوتيوب» غارقا في دمه ومحمولا على الأيدي، شهيدا.

من القاسي والمؤلم ان ترى الشبان في قريتك أو مدينتك، من خلال شاشات التلفزة ومواقع التواصل الاجتماعي، يتظاهرون تحت شرفة منزلك المهجور أو يعدون قرب نافذته، فيما انت ممنوع من دخول بلدك أو زيارته والمرور من قرب ذلك المنزل لتهتف مع أولئك الشبان للحرية أو تستشهد مثلهم.

من المؤلم والقاسي أن ترى صديقك الذي درست معه في الجامعة، ولم تره منذ نحو خمسة وعشرين عاما، من المؤلم ان تراه ثانية على «اليوتيوب» وقد غزا بعض الأبيض شعره، يحمل ولده الذي يبلغ من العمر أربعة عشر عاما مضرجا بدمه ويقول باكيا مكسور القلب ومخاطبا الله والعالم: «يا الله..يا عالميا ناس... ما ذنب هذا الطفل حتى يقتلوه بقذيفة؟» صديقي هذا من مدينة تلبيسة في حمص ولم أجرؤ الى اليوم أن أهاتفه معزيا، أما أنا فلدي أيضا طفل عمره اربعة عشر عاما.

من المؤلم جدا ان يأتيك ابنك الآخر، ذو ال17 عاما، بوجه حزين ومتألم وانت في الغربة ويقول لك حرفيا باللغة الانكليزية: «أبي لقد قررت أن أذهب لأقاتل جانب أهلنالقد فكرت طويلا... أنت تحجز لي في الطائرة إلى تركيا، ومن هناك أدخل الى ادلب أو جبل الزاويةثم أنضم للثوار» فيما أنت كأب مطلوب منك أن تطلب منه ان يصبر ويكمل تعليمه لأن في ذلك فائدة اكبر لسورية ولقضية سورية ولأن شعبنا ربما يحتاجه في الخارج الآن وليس كمقاتل هناكتقول له ذلك وتعرف تماما أن الذين قتلوا أو في طريقهم إلى الموت لا يقلون غلاوة عن ابنك، لا بل هم اكثر إيمانا وبطولة وشجاعة وتضحية وحبا. من المؤلم أن ترى فيديو عبر اليوتيوب لمجزرة وقعت في جبل الزاوية في أحد الأودية..وأنت تعلم وتعرف ذلك الوادي تماما وأكلت من شجر الكرز والتين والعنب والرمان المنتشر حوله عندما كنت في زيارة لصديق ما في إحدى تلك القرى المتناثرة هناك ولم تتوقع يوما في حياتك أن تصبح تلك القرى خبرا أو أن تصلها مجرد كاميرا فوتوغراف حتىمن المؤلم ان ترى اهلها الطيبون يموتون قتلا في... مجزرة وتراهم مذبوحين على «اليوتيوب».

من الصعب والقاسي والمؤلم جدا أن تعمل في وسيلة إعلام ما وتشاهد كل صور مجزرة «الحولة» في حمص وموت بعض من أهلك وشعبك، من النساء والأطفال، ومن المؤلم، أو ربما الأكثر ألما، أن ترى طفلة بمعطف زهري اللون، بشعر كستنائي ووجه حنطي، عمرها نحو ثمانية أعوام، تراها مذبوحة.. وان يكون عندك طفلة تملك معطفا زهريا مشابها وشعرا كستنائيا بذات الطول ووجهها حنطي وعمرها ثمانية أعوام .مثل ابنتك تماما.

كم هو مؤلم ان تكون سوريا اليوم. كم هو مؤلم أيها العالم أن تتفرج علينا.

=================

«الأطفال» هزموا «بشار» !

صيغة الشمري

عكاظ

3-6-2012

الذي حدث من قتل للأطفال في «الحولة» السورية أصاب كل شعوب العالم بالصدمة والحزن عدا النظام الحاكم في سوريا، فهو يرى بأنها تكتيك حربي وخطة من خطط الحرب التي قد تبقيه لأطول وقت ممكن على كرسي الحكم، كل الحروب التي حدثت على مر التاريخ لم تضع قتل الأطفال ضمن خططها أو حتى تفكر بذلك، لم يحدث ذلك منذ خلق أبونا آدم عليه السلام عدا أحداث لاتكاد تذكر كانت تحت مسمى حرب تطهير عرقي، بشار الأسد وزبانيته لايعرفون أنهم بارتكاب مذبحة الأطفال يثبتون للعالم أنهم يقودون حربا للتطهير العرقي وليست حكومة تقود بلدا وتحرص على أمنه، جميع الأعذار التي قالتها الحكومة السورية لتبرير هذه المذبحة النكراء تدينها أكثر من أن تدفع ببراءتها، الحكومة التي لا تستطيع المحافظة على الأرواح البريئة هي حكومة ضعيفة وهشة لا تستحق البقاء يوما واحدا في قيادة دفة بلد مثل سوريا، عرفنا الحكومة السورية منذ عشرات السنين، والتي أحالت البلد إلى بلد استخباراتي يعيش فيه الأخ متوجسا من أخيه، تفعل به الاستخبارات ما يحلو لها دون وازع أو ضمير، هدم المساجد وقتل الأطفال يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن بشار الأسد ما هو إلا ديكتاتوري ومجرم حرب إن لم يجد عقابه على أرض الميدان سيجد نفسه في قفص الاتهام الأممي ومطارد من قبل جميع دول العالم كمجرم حرب، كل الذين يدافعون عن النظام السوري تعرضوا لحرج بالغ بعد مذابح الأطفال في الحولة وبدأوا يخففون من لهجة تضامنهم مع نظام عسكري ديكتاتوري هالك لا محالة، لا يمكن أن يكذب التاريخ، فسقوط الديكتاتوريات حادث لا محالة، لم يستمر حكم ديكتاتوري دون أن يجد نفسه محاصرا بالانهيار والموت، التبريرات التي أطلقتها الحكومة الديكتاتورية في سوريا تدل أنها لا تحترم عقول الناس، ولا تقيم وزنا للضمير، لأنها تعرف تمام المعرفة أنها المسؤولة عن روح كل مواطن سوري، والأطفال الذين استشهدوا في الحولة لن تمر حادثة ذبحهم مرور الكرام، بل إنها قاصمة الظهر لنظام ديكتاتوري لا يقرأ تاريخ الدول الديكتاتورية جيدا ولا يريد أن يعتبر!

Shammriyah76@hotmail.com

=================

الخطر القادم من سوريا

د. صالح بن سبعان

عكاظ

3-6-2012

لطالما أعلنت المملكة منذ وقت مبكر من اندلاع أعمال العنف والقتل العشوائي التي ترتكبها على نحو منهجي آلة البعث العسكرية والأمنية بوحشية بربرية، بأن على المجتمعين الدولي والعربي أن يتخذا موقفا واضحا ومباشرا وفعالاً لوقف هذه المذابح التي يرتكبها نظام فقد شرعيته ضد شعبه الأعزل، لأنه ليس من المنطق ولا من الأخلاق في شيء أن يترك شعب أعزل في مواجهة آلة عسكرية بهذه القوة في العدد والعتاد لتحصده، ولا تفرق في عملياتها الوحشية بين طفل وامرأة وشيخ، ورجال وشباب مدنيين عزل، لا يتسلحون بغير هتافات يبددها الهواء لتتلاشى في الفضاء، إلا أن العالم أصم أذنيه عن نداءات المملكة وظلت مؤسساته تدور في فراغ الحلول التي لا تقود إلى أي مكان... وحين أطلقت المملكة تحذيراتها تلك، فلأنها كانت ترى بوضوح ما الذي ستقود إليه استراتيجية النظام السوري لمواجهة أزمة شرعيته، ولم يكن الأمر ليحتاج إلى ذكاء استثنائي ليعلم الجميع بأن النظام راهن بشكل مبدئي على الحل الأمني، وإنه لا يملك أي مشروع سياسي بديل لأزمته، وفي حال فشله في قمع الثورة بالقتل والتدمير والتشريد، فإنه سيلعب ورقة الفتنة الطائفية في الداخل، ثم لعب هذه الورقة بتوسيع نطاقها في المنطقة، لتشتعل المنطقة بفتنة وبحروب أهلية طائفية في دول الجوار. إلا أن البعض كان يستخف بتحليلات مثل هذه، بينما قفز البعض الآخر، نتيجة لسوء التقدير وخطأ في الحسابات، فافترض بأن شبح الحرب الطائفية كان قائما منذ البدء، ولم يكن ذلك بالضرورة هو الواقع، فالثورة على النظام منذ البدء لم تشتعل بسبب طابعه الطائفي، والثوار لم يثوروا كطائفة سنية ضد الطائفة العلوية، وإنما كانت ثورة شعب يتطلع إلى الحرية والكرامة بعد أن عانى لنصف قرن تقريبا من الديكتاتورية وانتهاك حقوقه الإنسانية... وما يحدث اليوم ما كانت تخشاه وتحذر منه المملكة، فقد انتقل النظام الذي وصف الرئيس الفرنسي رأسه بشار بالقاتل إلى خطوته التالية، وهي تصدير أزمته وإغراق المنطقة في المحرقة الطائفية، مع مؤيديه في روسيا وإيران ولبنان، فبينما تم رصد سفينة روسية يحمل أسلحة إلى سوريا، كشف التلفزيون الألماني يوم الخميس الماضي أن إيران تقوم بشحن الأسلحة والمتفجرات لسوريا ولبنان على متن طائراتها المدنية، بينما حكومة حزب الله في لبنان تغلق الحدود في وجه المدنيين السوريين الهاربين من جحيم الأسد، وتفتحها للطيران السوري ومشاة جيشه وآلياته لمطاردتهم في الأراضي اللبنانية... من الواضح من كل هذه الوقائع المؤكدة والموثقة أن النظام وحلفاءه الطائفيين يتحركون لإشعال نار الفتنة الطائفية ليس في سوريا وحدها وإنما في كل المنطقة، وإذا كان قد تأكد لبعض دول الخليج تدخل الأصابع الإيرانية في الأحداث الطائفية المفتعلة فيها وقبلها في اليمن، فإن البعض لا يستبعد ضلوع هذا الثالوث الطائفي في سوريا وإيران ولبنان في تفجير الكويت الذي استهدف مجمعا تجاريا، إلا أن المؤكد في كل الأحوال أن نار الفتنة الطائفية قد اشتعلت، ولو كان المجتمع الدولي قد أطفأها في سوريا قبل أن يلعب النظام البعثي الورقة الطائفية لكان كفى العالم والمنطقة مخاطر المرحلة الثالثة في استراتيجية النظام السوري الانتحارية التي تهدف إلى هدم المعبد مثلما فعل شمسون على رأس الجميع.

* أكاديمي وكاتب سعودي

=================

سوريا.. التقسيم على أجساد الأطفال

د. محمد سلمان العبودي

التاريخ: 03 يونيو 2012

البيان

عندما يتعلق الأمر بذبح الأطفال، فكل الأعذار تصبح مرفوضة أخلاقاً وشرعاً وقانوناً. لا أحد يستطيع التعليق على الديكتاتورية التي ما زالت تمرح وتسرح في أجزاء واسعة من وطننا العربي.

حيث غيّب الإنسان وتحول إلى أداة قص ولزق وتنفيذ لمخططات خارجية صريحة، وقد نصبر على الديكتاتورية أحيانا تحت ظرف من الظروف حتى يتسنى الوقت المناسب لإزالتها، وقد نعجب بالدكتاتور عندما يحارب الكبار ممن يقفون في مواجهته، غير أنه عندما يتحول الصراع إلى ذبح الأطفال والنساء والشيوخ بدم بارد لغرض في نفس فلان ضد فلان فهذه قمة الدناءة وقلة في المروءة.

يا ترى ما الذي يحدث في سوريا التي تحولت إلى ساحة حرب وصراع؟ كيف يجرؤ رجل واحد أو مجموعة من (الرجال) على سفك دماء الأطفال الأبرياء؟ ما هي تلك اللعبة القذرة التي تدور في شوارع ومدن سوريا؟ ويا ترى من هم الأبطال المقنعون الذين أخفوا وجوههم؟ ما هي تلك الخيوط التي تشابكت مصالحها على حساب دم الأطفال العرب والمسلمين النائمين في أحضان أمهاتهم؟

ثم ما هو دور ومسؤولية النظام القائم، وما هو دور المقاومة، وما هو دور جيش سوريا الحر، وما هو دور الولايات المتحدة الأميركية، وما هو دور إسرائيل، وما هو دور فرنسا، وما هو دور بعض البلدان العربية فيما يحدث هناك؟ الكل يلقي بالمسؤولية على الآخر، والكل يقدم الدلائل، والكل يضرب بالأطفال عرض الحائط. وأصبحنا نصدق ولا نصدق. إن الدفاع عن النفس ومحاربة الإجرام لا يعطي الحجة لأي عمل إجرامي آخر من نفس القوة والصنف.

لقد شبع النظام حكماً منذ أكثر من أربعين عاماً، وحان للشعب السوري أن يختار لنفسه نظاما آخر ورئيسا آخر وحكما آخر، وهذا ما سيحدث آجلاً أم عاجلاً. ولكن شريطة ألا يكون على حساب أرواح الأطفال الأبرياء.

قد يكون للدفاع عن النفس مبرر للقتال إلا أن جرجرة الآخر للقيام بأعمال إجرامية يعتبر في أحكام القانون جريمة في حد ذاتها. للقتال أحكام وقوانين ومبادئ ملزمة للطرفين. وإن لم يلتزم بها أي منهما فقد خرج على القانون والمبادئ ويجب محاسبته، حتى ولو كان على حق في غايته. وهذه المبادئ الأساسية نظمها الإسلام منذ بداية الدعوة والتزم بها الخلفاء الراشدون ومن جاء بعدهم.

سوريا تواجه اليوم مصيراً مؤكداً لدينا. والمخطط الموضوع لتقسيمها بدأت بشائره تهل من خلال تصريحات الرئيس الفرنسي الجديد. وبدأت طبول الحرب الخارجية تدق في الغرب تحت قيادة الأمم المتحدة مستخدمين شعار إنقاذ المواطن السوري، كما كان تحت شعار إنقاذ الشعب الليبي وقبله العراقي والأفغاني، بعد أن تظاهروا لفترة وجيزة من الزمن بعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري.

وكانت مجزرة الحولة التي راح ضحيتها عشرات الأطفال تمثل تلك الشرارة المنتظرة والمخطط لها لبدء الترتيبات اللازمة للمرحلة المقبلة. وقرار طرد الدبلوماسيين بشكل جماعي ما هو إلا بداية الغيث الذي لم ينهمر بعد. وما زلنا نجهل لماذا لم يحزن الغرب بنفس الكم والكيف على آلاف الأطفال الذين أبيدوا بدم بارد في جنوب لبنان على يد الجيش الإسرائيلي.

ولا على أطفال غزة الذين أحرقوا كالألعاب النارية على يد الطائرات الحربية الإسرائيلية، ولا على أطفال العراق وأفغانستان الذين لم يحظوا حتى بتنديد الأمم المتحدة. لن يرضى أحد على ما يحصل في سوريا، ولن يجرؤ أحد على تبرير طريقة النظام في البقاء في الحكم، ولا يمكن السكوت على التلاعب بأرواح الأطفال هناك ولا بتمزيق وحدة الشعب السوري من قبل الدول التي تدير سياساتها مجموعة من أصحاب النفوذ الصهيوني، سواء في الولايات المتحدة الأميركية أو في فرنسا أو بريطانيا.

إن ما يضحك بحق في مأتم الحزن أن يعزي نتانياهو أرواح أطفال مجزرة الحولة!

السوريون مقبلون على مرحلة مخطط لها مسبقاً، وربما يتم تقطيعها كما تقطع أجساد أطفالها.

=================

ما نتعلمه من مجزرة الحولة

المصدر: صحيفة «غارديان» البريطانية

التاريخ: 03 يونيو 2012

البيان

في إطار سرده قصة تغطيته حرب فيتنام لمجلة «إسكواير»، ذكر مؤلف كتاب «رسائل» مايكل هير أنه سأل مدفعياً أميركياً كيف يمكنه إطلاق النار على النساء والأطفال.

فأجاب الرجل: «تلك مسألة سهلة، كل ما في الأمر هو أنك لا تطلق عليهم الكثير من الرصاص». وكانت تلك إجابة وقحة تقشعر لها الأبدان عن سؤال يطرح نفسه في كل صراع: كيف ولماذا يرتكب المسلحون كل تلك الفظائع؟

وفي أعقاب المذبحة التي شهدتها قرية «تلدو» السورية، الواقعة قرب مدينة الحولة، يطرح ذلك السؤال مرة أخرى.

وبعد تغطيتنا لما يزيد على عشر حروب حاولنا خلالها فهم آليات العنف، أدركنا حقيقة مريعة، وهي أن المدفعي الذي سأله هير كان محقاً في رده القاسي.

ولأننا نشعر بالصدمة في مواجهة الوحشية وجرائم الحرب، لاسيما تلك التي تشمل النساء والأطفال، فإننا نميل إلى تغليفها بدراما أخلاقية -أو لا أخلاقية- وإحساس بالهدف غالبا ما يكونان غائبين عن المشهد.

وهذا لا يعني أنه لا ينبغي لنا أن نشمئز من هذه الجرائم، ونطالب بأن يتم تقديم مرتكبيها إلى العدالة. ولكن في هذه الظروف، يقدم الناس على القتل لأنهم يستطيعون ذلك.

ولأنهم يعتقدون أنهم يستطيعون الإفلات من العقاب، ولأن أحداً طلب منهم ذلك وسوغ لهم هذا الفعل، ولأنهم أقنعوا أنفسهم بأن إنسانية ضحاياهم تقل قيمة عن إنسانيتهم.

وفي رواندا، خلال مجزرة ال«إنتراهاموي»، كما كتب فيليب غوريفيتش، مؤلف كتاب «نحيطكم علماً بأننا سنقتل غداً مع عائلاتنا»، فإن العصابات كانت قد أشربت، من خلال إذاعات بث الكراهية، الفكرة القائلة إن ضحاياها كانوا مجرد «صراصير». .

ومع ذلك، فإنه من الخطأ أن نعتقد أنه يمكن إقناع الناس بارتكاب جرائم ضد الانسانية من خلال تعريضهم لخطاب الكراهية لفترة قصيرة.

وفي المجازر التي تحتوي على عنصر طائفي، وهو ما يبدو، للوهلة الأولى على الأقل، أنه كان عنصراً في مجزرة «تلدو»، بغض النظر عما أصدره مسؤولو النظام من أوامر، فإن عملية نزع الإنسانية استغرقت على الأرجح حياة كاملة.

وأوضح بول كونولي، وهو أكاديمي من إيرلندا الشمالية، في دراسة حول المواقف الطائفية أجريت في نهاية «الاضطرابات»، أن هذه العملية تبدأ في سن مبكرة جدا، ويتم تشكيلها من قبل الأسرة والمجتمع والثقافة.

. إذ اكتشف أن الأطفال الكاثوليك، بحلول عامهم الثالث، كانوا أكثر ترجيحا لأن يتخذوا موقفا عدائيا من قوة شرطة تعتبر موالية للبريطانيين بمقدار الضعف مقارنة بأقرانهم البروتستانت.

وبحلول عامهم السادس، كان ثلث الأطفال على صلة وثيقة بمجتمعهم، فيما كان بعضهم يدلي بالفعل بتصريحات طائفية.

. وفي هذه الأنواع من الصراعات، يحمل أولئك الذين يبدون أشد الولاء لجماعتهم وأشرس الكراهية للجماعات الأخرى فائدة خاصة، فهم لا يمثلون القتلة الأكثر قسوة فحسب، نظرا لأن أخلاقية ما يقومون به هي آخر ما يفكرون فيه، .

ولكنهم أيضا غالبا ما يشكلون أمثلة على ما «تتطلبه» ثقافة النزاعات الجديدة من جميع أعضاء الجماعة.

=================

سوريا... حتى الأطفال!

تاريخ النشر: الأحد 03 يونيو 2012

الاتحاد

على كثرة وبشاعة ووحشية الحرب الدائرة منذ أربعة عشر شهراً في سوريا، وما خلفته من دمار وقتلى وجرحى بالآلاف، مما اهتز له الضمير الإنساني وزاد من نزيف الجرح العربي المجروح أساساً من قبل وبعد حرب نظام الأسد، فإن مأساة الحولة بلغت قمة الانحطاط الذي اهتزت له قلوب البشر، ورفعت الاستياء والرفض والاحتجاج الدولي ضد النظام السوري، إلى درجة اضطر معها مجلس الأمن وقادة الدول الكبرى إلى توجيه احتجاجاتهم ضد النظام السوري بلغة عنيفة وغاضبة غير معهودة في لغة الدبلوماسية الدولية.

إن الصور والمشاهد التي عرضتها شاشات التلفزيون لأجساد الأطفال الذين لم يتجاوزوا العاشرة من أعمارهم، تلك المشاهد وما صحبها من أنباء وتعليقات، جعلت صديقاً كندياً يتصل بي، وهو غاضب غضباً لم أعهده فيه، ويسألني: كيف يمكن لإنسان سويٍّ أن يذبح طفلاً صغيراً أمام ناظري والديه قبل أن يقتلهم بالرصاص؟ أي يد تلك التي تجرؤ على ذبح طفل لم يبلغ العاشرة من عمره؟ ثم يا صديقي لا تقل إنها الحرب والحرب ملعونة وهي أسوأ اختراع توصل إليه الإنسان، فحتى الحرب الملعونة لها قواعد وسلوكيات يرفض المحارب تجاوزها مهما كان عنف وبشاعة القتال، ومن بين هذه القواعد والسلوك المتفق عليها دولياً، تحريم وتجريم قتل الأطفال وأي أطفال... أطفال أيقظهم القتلة المجرمون من نومهم في الفجر، واقتحموا منازلهم وقتلوا أسرهم؟! ولم أدر بماذا أجيب الصديق على أسئلته الغاضبة واستأذنته -وقتها- فأنهى المكالمة، فقد كنت في حالة نفسية وعقلية لا تسمح لي بالحديث.

لقد كانت جريمة قتل الأطفال محور وقلب كل الإدانات والأحاديث والتعليقات الدولية، وقد أصبحت صورة سوريا والنظام اليوم أقبح -بل قل زادت قبحاً- في نظر كل بيت وأمام أية أسرة عربية. لقد ظل العالم يشاهد لأكثر من عام ما يجري في سوريا وظل يحاول إيقاف النزيف الدموي السوري، وحتى أولئك الذين كانوا على حياء يحاولون بعض التبرير بحجة أن النظام السوري إنما يخوض حرباً ضد ذلك "البعبع" الذي يخاف منه الأسد، العالم الديمقراطي، وكل الحديث المكرر عن الدعم الخارجي والمؤامرات على سوريا العربية الثورية... إلخ، لم يعد يفيد النظام البعثي الملخطة يداه بدماء الأطفال والنساء السوريين.

وأغرب وأعجب من ذلك أن يبادر متحدث باسم الحكومة السورية بنفي الجريمة، وأن يقول إن الحكومة والقوات العسكرية النظامية ليس لها دخل ولا يد ولا علم بهذه الجريمة موحياً للناس بأن القاتلين المجرمين الذين دخلوا على الناس في بيوتهم وارتكبوا جريمتهم الشنيعة هم من معارضي النظام، وهدفهم هو تشويه سمعة السلطة السورية.. ذلك على رغم أن كبير مراقبي بعثة الأمم المتحدة أكد أن المدفعية والأسلحة التقليدية السورية قد مهدت الطريق قبل وقوع الجريمة!

لقد ظلت سوريا منذ أيام الأسد الأب -بل من قبله منذ قمة الخرطوم العربية- تبتز الدول العربية مالياً ومعنوياً بدعوى أنها "كبرى" دول المواجهة العربية ضد إسرائيل.. ولكن لم نسمع ولم نشهد منذ وقتها إلى اليوم أي مواجهة بين سوريا وإسرائيل.

لقد كتبت في مناسبة تعيين كوفي عنان ممثلاً ووسيطاً بين النظام ومعارضيه، وتوصله إلى اتفاق مع الأسد على سحب القوات والأسلحة الثقيلة من المدن وقبول بعثة مراقبي الأمم المتحدة.. إن نظام الأسد لن يفي بالتزامه ولن يوقف الحرب ولن يهدأ حتى "ينهي خطته المرسومة"، وهي حربه الأخيرة في نظره.. وها هو الجنرال الدولي كبير المراقبين يعلن بالأمس أن خرق الاتفاق مستمر بشكل يومي من جانب القوات الحكومية.

لقد بادر وزير الخارجية البريطاني بالسفر مباشرة بعد مذبحة الحولة إلى موسكو في محاولة لإفهام الروس أن الأمور وصلت درجة غير معقولة، ولا مقبولة، وأن من واجب روسيا باعتبارها الحليف والحامي الأكبر للأسد، أن تقوم ما يتوجب عليها كدولة كبرى عضو في مجلس الأمن.. وكأنما روسيا لا تعرف ما يتوجب عليها القيام به! وكان الله في عون سوريا وشعبها.

=================

سوريا بين الخليج وروسيا

تاريخ النشر: الأحد 03 يونيو 2012

د.سعيد حارب

الاتحاد

روسيا تعمل لمصلحة الشعب السوري، وحتى لا تقوم حرب أهلية بين طوائفه ومكوناته ، كما أن الموقف الروسي تجاه سوريا ضمان لاستقرار وأمن المنطقة، حيث إن روسيا تعمل على الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ، وليس لروسيا مصلحة في بقاء النظام أو زواله وإنما يهمها الشعب السوري! هكذا تحدث أحدهم في برنامج تلفزيوني دار الحوار فيه حول الثورة السورية.

وحين أتى السؤال حول دور دول الخليج العربي فيما يجري في سوريا، أجاب المتحدث بأن هذه الدول تعمل على تغيير النظام السوري لأنه نظام "مقاوم"، ولأن هذه الدول تبحث عن مصالحها في سوريا. فهل ما يقوله المتحدث يعبر عن موقف كلا الطرفين؟

وهل روسيا تعمل لاستقرار سوريا وأمن شعبها أم أنها تعمل على تحقيق مصالحها في المنطقة؟ الواقع يشير إلى أن الموقف الروسي مما يحدث في سوريا يصب في صميم المصالح الروسية، فموسكو تلعب دوراً كبيراً في ملف الثورة السورية لأغراض خاصة بها ولا علاقة لها بالدفاع عن الشعب أو حتى النظام السوري، فسوريا بالنسبة لها هي آخر المعاقل الموالية وسقوطها يعني نهاية النفوذ الروسي في الشرق الأوسط منذ العهد السوفييتي، حيث تعتبر روسيا الصراع على سوريا صراع نفوذ مع الغرب، وتستخدم روسيا ذلك لتعزيز موقفها التفاوضي مع أوروبا وأميركا بشأن الدرع الصاروخية للحلف الأطلسي في أوروبا. وقد بدى ذلك واضحاً في المحادثات بين روسيا والدول الغربية حيث تستخدم روسيا الورقة السورية لانتزاع أكبر قدر ممكن من التنازلات من الغرب مقابل إعطاء أي تنازل تجاه ما يحدث في سوريا، وكان آخرها تصريح "أناتولي أنتونوف " نائب وزير الدفاع الروسي حول موضوع الدرع الصاروخية.

وعلى الرغم من أن روسيا لا تربط الأمر مباشرة بذلك، لكنها تثير المسألة كلما لمح الغرب بالتدخل العسكري في سوريا، وإلى جانب هذا الموقف، فإن سوريا هي السوق الوحيدة الباقية للسلاح الروسي في الدول العربية بعد أن سقط نظام القذافي.

ولايمكن لروسيا أن تفرط بهذا السوق حتى في ظل الأوضاع القلقة في سوريا، فالأنباء تتحدث عن توالي السفن الروسية التي تنقل العتاد الحربي للجيش السوري وحين يتم الاعتراض على ذلك ترد روسيا بأنه لا يوجد قرار من مجلس الأمن يمنع تصدير السلاح لسوريا!

مقابل ذلك، فإن الدول الغربية لا ترغب في تقديم أي شيء لروسيا ولن تقدم تنازلات لها ما لم يتم الاتفاق على "توزيع" هذه المصالح في صورة ل "سايكس بيكو" جديدة في المنطقة، تقوم على تقسيم المصالح دون الحضور على الأرض!

ولا يتوقف الأمر عند ذلك، فهناك صراع أوروبي- روسي بشأن توريد الغاز من روسيا التي " تُدخل" أوروبا كل شتاء في أزمة بسبب الغاز الذي تصدره إلى كثير من الدول الأوروبية و"تتلكأ" بموقف أوكرانيا التي تمر أنابيب الغاز في أراضيها ولا تسدد كثيراً من التزاماتها مما يدفع روسيا إلى توقف أوتقليل تدفق الغاز ولذا فإن أوروبا تبحث عن مصادر للغاز في الشرق الأوسط عبر أنابيب تمر بسوريا وتركيا حتى تتخلص أو تخفف من التحكم الروسي في ذلك. وروسيا لا تريد لأنابيب الغاز أن تصل لأوروبا عبر سوريا حتى تبقى متحكمة فيه، ولذا فهي تقايض النظام السوري بموقفها منه ومساندتها له.

وتأتي قضية التسهيلات التي تحصل عليها قطع الأسطول الحربي الروسي في الموانئ السورية كجزء من المصالح الروسية، وأيضاً كسبب آخر للموقف الروسي تجاه ما يجري الآن في سوريا. فروسيا تفتقر لموانئ في المياه الدافئة، وميناء طرطوس السوري هو الميناء الوحيد الباقي للسفن الحربية الروسية في البحر الأبيض المتوسط الذي تستطيع السفن الحربية الروسية أن ترسو فيه وسقوط النظام السوري يعني حرمانها من ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، فقد استخدم الرئيس الروسي الموقف من سوريا في الداخل الروسي، حيث إنه بموقفه هذا أثار في الروس نزعة "الإمبراطورية"، التي فقدوها بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، ولذا فهو يحرك فيهم "لواعج" العظمة بعودة روسيا كلاعب أساسي على الساحة الدولية، ولذا فإن موسكو تريد إعادة دورها الدولي من خلال البحث عن تحالفات دولية مع الصين وإيران وبعض دول أميركا الجنوبية، وهي تستخدم الورقة السورية لبناء مثل هذا التحالف أو التكتل الذي لا يأخذ الصورة الرسمية للتحالفات، لكنه يتشكل من خلال المواقف السياسية تجاه القضايا الدولية من خلال الوسائل المتاحة التي كان من أبرزها استخدام الفيتو في مجلس الأمن لأكثر من مرة وبصورة ثنائية بين روسيا والصين.

روسيا لا يهمها بقاء النظام السوري أو مصلحة الشعب السوري ولن تغير روسيا موقفها من النظام السوري مالم تحصل على ضمانات من الغرب بحفظ مصالحها في المنطقة وإعطائها دوراً دولياً وإقليمياً، ولذا فمن الغباء السياسي أن يأتي "أحدهم " ليتحدث عن موقف روسي مساند للشعب السوري ، كما أن من الغباء إدخال دول الخليج العربي في محك الصراع على سوريا، فهذه الدول تقف إلى جانب الشعب السوري بعد ما رأى العالم دماء السوريين تسيل للأربعة عشر شهراً دون أن يرمش لنظامه جفن ، أما عن مصالح دول الخليج العربي في سوريا، فعلى القاري أن يقارن بينها وبين المصالح الروسية .. هل سيجد لها شبهاً؟!

=================

حالتها مختلفة عن الحالة الليبية .. الأزمة السورية... وفتور الاستجابة الأوروبية

مايكل بيرنباوم

برلين

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»

تاريخ النشر: الأحد 03 يونيو 2012

الاتحاد

خلافاً للأصوات الأوروبية العالية والمتحمسة التي دفعت في السنة الماضية حلف شمال الأطلسي للتدخل عسكرياً في ليبيا، خفتت اليوم تلك الأصوات لتلزم الصمت فيما يتعلق بسوريا. ومع أنه يُتوقع من فرنسا وألمانيا، حث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى البلدين على تبني تدابير صارمة تجاه النظام السوري، تبقى الأزمة الاقتصادية المستفحلة التي تواجهها الدول الأوروبية في هذه اللحظة، بالإضافة إلى تداعياتها السياسية، حائلاً دون قيام القادة الأوروبيين بدور فاعل لحشد التأييد الدولي ضد النظام في دمشق.

وفيما اضطلع القادة الأوروبيون بدور فعال في الأزمة الليبية ودفعوا إدارة أوباما للانخراط عسكرياً في الجهد الدولي ضد القذافي، نجدهم اليوم أكثر تقيداً بالخط العام الذي ما زال متحفظاً تجاه التدخل في سوريا.

كما أن الأوروبيين في هذه المرحلة منشغلون أكثر بمشاكل عملتهم الموحدة والأخطار الاقتصادية المترتبة على أزمة الديون، وهو ما يترك المعارضة السورية المنقسمة على نفسها وغير المنظمة دون شريك غربي ملتزم بالمساعدة في الإطاحة بنظام الأسد، الأمر الذي يصعب من مأموريتها في حشد التأييد الدولي ويحد من فاعليتها على الساحة الدولية. هذا حتى بعد التصعيد الأخير للعنف من قبل قوات الأسد التي ارتكبت مجزرة رهيبة في بلدة الحولة أسفرت عن مقتل أزيد من مئة شخص أغلبهم من الأطفال والنساء.

ولم يبقَ أمام المعارضة السورية، بعد أكثر من سنة على اندلاع الانتفاضة ضد نظام الأسد وسقوط أكثر من 10 آلاف شخص حسب تقديرات الأمم المتحدة، سوى التعبير عن إحباطها إزاء ما تعتبره تخاذلاً دولياً. ولكن المسؤولين الغربيين على ضفتي الأطلسي يقولون إن الحالة السورية أكثر تعقيداً مما كانت عليه ليبيا، كما يتساءل العديد منهم عن جدوى التدخل العسكري وقدرته على حل الأزمة. وبعد سؤاله يوم الخميس الماضي عما إذا كان يتصور سيناريو تقوم فيه الولايات المتحدة بالتدخل العسكري في سوريا دون ترخيص من الأمم المتحدة رد وزير الدفاع الأميركي، ليون بانتيا، قائلاً "لا، لا أتصور ذلك، لأن وزير الدفاع يُفترض فيه قبل نشر قواتنا في مكان ما ووضع رجالنا ونسائنا في طريق الخطر أن يعرف أولاً مهمتنا والمطلوب منا، كما يجب أن يكون لدينا الدعم الكافي لإنجاح تلك المهمة".

وفي نفس السياق قالت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، خلال زيارتها للدنمارك، وهي التي اشتركت في الحملة ضد القذافي خلال السنة الماضية: "نحن لسنا قريبين حتى من تشكيل أي تحالف من أي نوع عدا التخفيف من آلام الشعب السوري". وأضافت كلينتون في تفسير الحذر الذي أبدته الولايات المتحدة إزاء الموضوع السوري أن ذلك راجع لعدة أسباب، فخلافاً لليبيا لا توجد في سوريا معارضة موحدة يمكن الوقوف وراءها، كما أن الثوار الذين يحاربون هناك لا يسيطرون على مساحات واسعة من الأرض، هذا بالإضافة إلى تفوق القدرات العسكرية السورية مقارنة بما كان عليه الجيش الليبي.

والأهم من ذلك أن الجامعة العربية لم تطالب بعد بتدخل عسكري في سوريا على غرار ما فعلت في ليبيا، ناهيك عن احتمال اندلاع الحرب الأهلية التي لن توفر الدول المجاورة.

وفي الوقت الذي يردد فيه الأوروبيون هذه الصعوبات يبقى الانشغال الأساسي بالنسبة لهم كامناً من معرفتهم أنهم لا يستطيعون القيام بالشيء الكثير عسكرياً دون مساعدة أميركية لتدمير مضادات الطائرات السورية، وتوفير طائرات لتزويد الوقود في الجو، بالإضافة إلى قدرات الاستطلاع الأميركية.

وفي مارس 2011 عمد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى عقد اجتماعات ليلية لإقناع الولايات المتحدة بالمشاركة في الحملة الجوية على ليبيا وحماية المدنيين في بنغازي من كتائب القذافي الزاحفة عليها، وبعد عام على التدخل في ليبيا قتل القذافي وخرج ساركوزي نفسه من السلطة ومعه رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلسكوني، بسبب الاضطرابات السياسية في أوروبا.

وعن الوضع الأوروبي المختلف اليوم يقول "توماس فلاسيك"، مدير السياسة الخارجية والدفاع بمركز الإصلاح الأوروبي بلندن إن "الأجواء الأوروبية حالياً مختلفة عما كانت عليه أثناء الحملة العسكرية على ليبيا، فعلى رغم وجود الأزمة في 2011 عندما بدأ قصف قوات القذافي، إلا أنه كان هناك شعور بالقدرة على تجاوزها، ولكن اليوم تعمقت الأزمة المالية وتراجعت الثقة في القدرة على تجاوزها". كما أن التغيرات السياسية في أوروبا لعبت دوراً في خفوت صوت الأوروبيين بشأن سوريا، فقبل عام قاد ساركوزي جهود إقناع أميركا بالمشاركة في الحملة الجوية على ليبيا، فيما اليوم يبدو الرئيس الجديد، فرانسوا هولاند، أقل تحمساً للانخراط في تدخل عسكري بسوريا، هذا في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، مشاكل داخلية تتعلق بفشل خطط التقشف من جهة والفضائح الإعلامية التي تلاحقه من جهة أخرى.

وفي هذا السياق يقول "شاشانك جوشي"، الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة بلندن "لا يوجد على الإطلاق مدافع قوي عن سوريا في الساحة الدولية، فمارس من السنة الماضية الذي شهد انطلاق الحملة ضد القذافي كان وقتاً مثالياً بامتياز مع وجود ساركوزي وكاميرون واستعدادهما لتحمل المسؤولية ونقل القضية إلى البيت الأبيض، والسبب أنه لم يكن لديهم نفس المشاكل المحلية التي يعاني منها الأوروبيون اليوم".

ومع أن ألمانيا المعروفة بمواقفها المتحفظة تجاه التدخلات العسكرية من أي نوع لم تشارك في الحملة على ليبيا خلال السنة الماضية، إلا أنها تبدو اليوم مستعدة أكثر من غيرها للتحدث إلى بوتين وإقناعه بتغيير مواقفه تجاه النظام في دمشق.

=================

مذبحة الحولة ومردود "تكنيس" سفراء الأسد من أوروبا والعالم!

هوشنك أوسي

المستقبل

3-6-2012

كل العقوبات الأوروبيّة والغربيّة على نظام الأسد، لم تردعه سابقاً عن ارتكاب المزيد من المذابح بحقّ الشعب السوري الأعزل، المطالب بالحريّة والكرامة واسقاط النظام. وكل المبادرات العربيّة والأمميّة، لم تحل دون ازهاق المزيد من أرواح الاطفال والنساء والشيوخ والشباب بآلة الأسد المتوحّشة، التي لم يعد يرقى الى بربريّتها أي تعبيرٍ أو وصف! وليس آخر تلك المذابح، ما ارتكبته كتائب الأسد وشبّيحته في قرية الحولة التابعة لحمص، والتي راح ضحيّتها أكثر من مئة شخص. هذه المذبحة، لقيت ادانة دوليّة واسعة، حالت روسيا مجدداً دون إصدار بيان شديد اللهجة من مجلس الأمن يدين النظام السوري ويحمّله بشكل واضح ومباشر مسؤوليّتها، فتبعتها خطوات أخرى، حيث اتخذت العواصم الأوروبيّة وكندا واستراليا وأميركا، ما كان يجب عليها ان تتخذه، منذ الأشهر الأولى من عمر الثورة السوريّة، وقبل ان يصل عدد الضحايا الى ما يزيد عن 13 الف شهيد، بنيران قوّات الأسد، وذلك بطرد جماعي لسفراء القتل وارهاب النظام، سفراء الأسد، من بلدانها. وبالتأكيد ان هذه الخطوة، ولو انها أتت متأخّرة، سيكون لها مردودها السياسي القوي، على صعيد عزل نظام القتل والدمار في سوريا. كما سيكون لها مردودها المعنوي الذي سيزيد من عزم وحيويّة حركة الاحتجاج، بعد ان أحسّ السوريون بأنهم وحدهم، امام كتائب الاسد وشبّيحته، ما دفعهم لرفع شعار: "يا الله، مالنا غيرك يا الله"، وترديدها في تظاهراتهم.

وفوق كل ما سلف، حملة "تكنيس" سفراء ودبلوماسيي الأسد، هي ردّ على الموقف الروسي - الصيني، المتواطئ مع نظام الأسد ضدّ ثورة الحريّة والكرامة في سورية، وهذا الموقف هو مؤشّر على مضي الغرب نحو فرض فكرة انه؛ يجب على موسكو ان تتجه بشكل جدّي نحو تبنّي ما طرحته واشنطن، من ضرورة تغيير النظام في سوريا وفق السيناريو اليمني.

من الجانب الآخر، ربما يكون الموقف الأوروبي _ الأميركي _ الغربي، هو ورقة الضغط الأخيرة، لإجبار نظام الأسد على تطبيق خطّة كوفي أنان. وان هذه الضغوط السياسيّة والدبلوماسيّة، على دمشق وحلفائها، والأقليميين والدوليين، هي النتيجة الطبيعيّة لحزمة العقوبات الاقتصاديّة التي تمّ فرضها على نظام الأسد.

اللافت، ان الدول الأوروبيّة وأميركا وكندا واستراليا، سبقت تركيا في طرد سفراء الأسد، وخطفت من أنقرة بريق هذا الموقف الذي كان متوقّعاً ان تتخذه تركيا منذ أمد! وماا لبثت أن لحقت أنقرة بالمجموعة الدولية، وطردت القائم بالأعمال السوري، وربما تتخذ خطوات أخرى، تعيدها الى موقعها ودورها البارز في ما يجري في سوريا.

بتقديري، ان حجم الضغوطات على نظام الأسد، ستزداد، وأزمة النظام الاقتصاديّة والسياسيّة، ستتافقم. وان ذلك، يجب ان يعطي دفعاً للمعارضة السوريّة، بحيث تضعها امام مسؤوليّاتها التاريخيّة والملحّة، عبر تجاوزها لحالة التخبّط والتشتت والانقسام العبثي.

ربما لم يكن النظام السوري، يتوقّع حجم ردود الأفعال الدوليّة على مجزرة الحولة، قياساً على التغطية الروسيّة _ الصينيّة عليه، إلاّ ان المجتمع الدولي، أكّد أنه لن يعدم الوسائل التي يمكنه عبرها، رفع المظلّة الروسيّة _ الصينيّة عن نظام الأسد. وان الأمور، لن تبقى جارية في اطار لعبة استنزاف الزمن، وروتينيّة التعاطي الدولي مع الثورة السوريّة، (ريثما يجهز النظام على الحركة الاحتجاجية السلميّة والعسكريّة ضدّه)، الى ما لا نهاية. وبالتالي، قطار محاسبة نظام الأسد، انطلق، وستزداد سرعته في الأيّام المقبلة. ومعه، ستزداد وحشيّة النظام ودمويّته، محليّاً وربما إقليميّاً، وصولاً للحظة السقوط المدوّي. ما يفتح قوساً امام مصير بشّار الأسد، أمّا ان يواجه مصير القذّافي، ويُقتل وهو يحاول الهرب. أو يلقى القبض عليه كصدّام حسين، وتتم محاكمته ويعدم. أو ينجح في الهرب الى طهران. وبذلك، تكون ايران، قد غرست في أحشائها لغماً جديداً، في مواجهة العرب وسورية والمجتمع الدولي، اضافة الى ملفها النووي ومشاريعها التوسّعيّة.

غالب الظنّ ان الشعب السوري والقوى الثوريّة على الأرض، مضافاً إليها كل كتل المعارضة، لن تقبل بالسيناريو اليمني في سوريا، لجهة عدم الاكتفاء بتنحّي الأسد وطاقمه الحاكم، بل التأكيد والتشديد القطعي على ضرورة سوقهم للقضاء الدولي ومحاكمتهم كمجرمي حرب. ذلك ان الأسد، ذهب أبعد مما ذهب علي عبدالله صالح في اليمن، لجهة ارتكاب المجازر والمذابح، وممارسة إرهاب الدولة وسياسة الأرض المحروقة والإبادة الجماعيّة ضدّ حركة الاحتجاج المطالبة بإسقاطه. والأسد نفسه، يعي حقيقة ان الشعب السوري، والمعارضة السوريّة، لن يكتفيا بتنحّيه، وان الأمور لن تقف عند هذا الحدّ، بل سيتعدّاها الى مثوله امام محاكم جرائم الحرب الدوليّة. وكل جهود النظام السوري الآن، مركّزة على حيثيّة عدم وصول موسكو وواشنطن وبكين وباقي العواصم الأوروبيّة الى صفقة تضمن اقتسام النفوذ في سورية مابعد الأسد، بما يضمن مصالح الكلّ. الى جانب سعي النظام السوري، تصدير أزمته الى الخارج، عبر استهداف لبنان وتوتير الأجواء السياسيّة والشعبيّة والاعلاميّة فيه وصولاً للدفع بالحال اللبنانيّة نحو الانفجار.

أيّاً يكن من أمر، فإن سوريّة والمنطقة برمّتها، تقتربان من طيّ صفحة الطاغوت السوري، رغم ارتفاع الكلفة وارتفاع منسوب أنهار الدم التي تجري على أرض الشام.

=================

في البحث عن معنى لمجزرة

ماجد كيالي

المستقبل

3-6-2012

هذا ما حصل معي. وأعرف بأنه حصل مع كثيرين غيري. فلم استطع البتّة تحمّل خبر بحجم المجزرة المهولة التي راح ضحيتها 108 من الأبرياء، ضمنهم 50 طفلاً، و34 امرأة. هذه ليست مجزرة عادية، ولاتتوقّف على أعداد ضحاياها، فقط، فثمة هنا قتل بأعصاب باردة، قتل عن قرب حيث ينظر القاتل في عيني مقتوله، لايهمه ما يقول بعينيه، لايهم أن كان خائفاً يرتعش، أو خاشعاً يترجّى الرحمة، أو واجما مستلب الحواس.

طوال أيام كنت في حالة ذهول، أو كمن أصابه مسّ. كنت أفكّر بالمعنى الذي يكمن وراء هذه المقتلة، وأتأمل أسماء المقتولين. يا الله..ماهذا الظلم؟! ثمة 62 منهم من عائلة واحدة هي عائلة عبد الرزاق، بينهم 32 طفلا دون العاشرة، و20 امرأة، وعشرة رجال. ما الذي فعله أو لم يفعله هؤلاء حتى استحقوا هذه المقتلة أو هذا الإفناء؟ ما الذي يريده القاتل من كل هذا القتل؟ أو ما المعنى الذي قصده؟ يا الله كم أن ذلك قاسٍ ومؤلم ومرعب.

ما زلت اتطلّع في صور ضحايا هذه المجزرة، تطلّعوا معي..أنظروا...مهلاً...مهلاً.. أعرف أن ذلك مؤلم جداً.. لكن لاتشيحوا بأنظاركم..انظروا جيدا..تمعّنوا جيدا..في وجه هذا الطفل البريء أو في عيون هذه الطفلة البريئة، هذا يشبه ابني.. وهذه تشبه ابنتي..هذا يشبه ابنك وهذه تشبه ابنتك.. ابنكم..ابنتكم..ا بننا.. ابنتنا... وهذه المرأة وهذا الرجل يشبه أخي أو أختي.. أخوك أو أختك، والدي أو والدتي.. والدك أو والدتك.. جارنا أو جارتنا. وهذا..وهذه كان يمكن أن، يكون أنا أو أنت أو أنتِ.. فهؤلاء نحن، أيضاً،انظروا في عيونهم جيدا.. تروا أيضاً عاري وعاركم..عارنا.. يالعارنا.

انتظروا قليلاً..دعونا نتخيّل اللحظات الأخيرة لهؤلاء، أو لنا نحن، في هذا الموقف، فما الذي يمكن قوله؟ وما المشاعر التي يمكن أن تنتابنا؟ كيف نفكرّ بأنفسنا أو بقاتلنا في هذه اللحظة الفريدة التي لا لحظة بعدها؟ ترى هل قال هؤلاء الضحايا كلمة ما؟ أو هل فكّروا فينا كيف تركناهم؟ هل فكّروا كيف أوصلتهم الأقدار إلى هذه اللحظة؟ هل هي لحظة رعب أم خوف أم ضياع؟ هل سألوا عني أو عنكَ وعنكِ وعنا؟هل سألوا ماهذه الدنيا التي جاؤوا إليها؟ ماهذا الموات والخراب العميم الذي شاهدونا نعيش فيه؟ أتراهم فضّلوا البقاء أم الرحيل عن هذه الدنيا التافهة؟

والقاتل بماذا كان يفكّر، إن كان يفكّر؟ وكيف يصبح القاتل قاتلا بهذا الشكل الذي يقتل فيه نفسه؟ إذ عندما لايعود ثمة معنى للقتل، لا في السياسة، ولا بما يتعلق بأغراض السلطة، يصبح بمثابة محو كامل، ليس للمقتول فقط، وإنما للقاتل، أيضاً. هنا لدينا قاتل لايعي ما يفعل، إذ تحول إلى آلة، وأداة للقتل، لا سيطرة فيها على نزعة القتل، الذي بات بدوره غاية في ذاته. والقاتل هنا شبح تضخّمت أناه وأضفت على نفسها أبعاداً ميتافيزقية، لابشرية، إذ لا يمكن لبشري، أو لأحد يعي انه يعيش في مجتمع بشري، أن يفعل ذلك، فهذا عدم مطلق.

طبعاً، ليست هذه هي المقتلة الوحيدة التي شهدتها سورية منذ 15 شهر، لكنها الأكثر بشاعة وحقارة. ولعل ما يميّز هذه المقتلة، ومثيلاتها، إنكارها، أو التنكّر لها، إذ ليس ثمة سلطة تعترف بمسؤوليتها عن التنكيل بالناس، أما القتل الذي يحدث فهو من عمل عصابات إرهابية، تنضوي في إطار مؤامرة خارجية، وتتغذى من الدعم الخارجي، وإن لم يكن كذلك فنتيجة للفلتان الأمني، وفي كل هذه الأحوال المهم ضمان براءة السلطة. وفي الواقع فإن هذا الوضع الإنكاري، لما جرى في الحولة وفي حالات أخرى، هو ما يميّز ما يجري في سورية عن ماجرى في غيرها، رغم وجود هذه الظاهرة في ليبيا القذافي.

لكن سورية تتميّز عن سواها، أيضاً، بما بات يعرف بصعود وتفشيّ ظاهرة الشبّيحة في فضاء الصراع الأهلي الجاري فيها، وهي صيغة جمع لمفردة الشبّيح، وهؤلاء باتوا على شكل عصابات منظمة، وبات لهم نوع من "المشروعية"، وقد اشتهروا بدمويتهم، وبعدم وجود ضوابط أو حدود لتنكيلهم بالناس، لا قانونية ولا أخلاقية.

ومعلوم أن كلمة الشبّيح هذه مصطكة من كلمة شبح الذي هو خيال لشيء ما، أي انه شيء غير ملموس، وغير واقعي، ولا يمكن توقّعه، ولا توقّع أفعاله. هكذا بات القتل والتنكيل والاختطاف في سورية تقوم به أشباح، وهكذا وسمت معظم المجازر في سورية باعتبار أنها من فعل شبيحة، أي أشباح، وبديهي أن هؤلاء لايمكن في معظم الأحوال تعيينهم أو التحقق من شخوصهم أو إثبات فعل القتل عليهم.

ماذا يعني ذلك؟ هذا يعني أن الضحية تقتل عدّة مرات، مرة بسلب حياتها، ومرة ثانية بإنكار شخصية القاتل، ومرّة ثالثة بمحاولة إفلات المجرم من العدالة، هذا في حال الإقرار ببراءة الضحية من أية شبهة سياسية.

هكذا نحن أمام واقع من استلاب مزمن يتأسّس على محاولة إنكار أن ثمة مجزرة، أو أن ثمة قتل، وحتى إنكار أن ثمة قرى أو أطفال، لأن الرواية من الأصل تتأسّس على إنكار وجود شعب، بمعنى الكلمة، لأن الموجود هو كناية عن جماهير تهتف هتافاً واحداً، ولها صوت واحد وصورة واحدة وأب واحد. أما في حال الإقرار بوجود جريمة فإن هذه العقلية الإنكارية تتحول نحو الإنكار على هذا الشعب، الذي اعتاد على العيش بوداعة، أما الطلب على الحرية والكرامة والعدالة، فهذا أشياء خارج نطاق التصوّر، والمألوف، وهي دليل "مؤامرة"، ومجرّد ألاعيب خارجية.

ذلك يفسّر أن حالة المحو والإنكار السائدتين، لاتقتصران فقط على منع الكلام، أو إنكار واقعة ما، وإنما هي تشمل محو الصورة، ففي غياب الصورة لاتوجد واقعة من أصله. ولعل هذا يفسّر التشدّد مع الصحفيين وناشطي صفحات التواصل الاجتماعي، والمصوّرين، الذين يوثقون كل مايجري، والذين تم استهدافهم بالتحديد، بحيث لقي 36 منهم مصرعهم، وأخرهم المخرج باسل شحادة، الذي ترك بعثته في الولايات المتحدة كي يعود إلى حمص ويوثّق ما يجري فيها بالصوت والصورة؛ مع التشدّد أيضاً ضد الأطباء والحقوقيين لدورهم في عملية التوثيق أيضا.

على أية حال ستسجّل مجزرة "الحولة" في سجل المجازر التي عرفتها هذه البلاد، من دير ياسين واللد والدوايمة وصفورية كفر قاسم في فلسطين، إلى تل الزعتر وصبرا وشاتيلا وقانا في لبنان، إلى حلبجة في العراق، وصولا إلى مجازر الجنجويد في السودان. وللأسف فإن كل واحدة من هذه المجازر باتت تشكّل مآسينا المرّة وذاكرتنا المربكة وهوياتنا المتعثّرة في هذه المرحلة من تاريخنا التي نبحث فيها عن مبنى ومعنى لوجودنا في هذا العالم. وفي غضون ذلك سنظلّ نصغي السمع لرجع صدى لأصوات أطفال الحولة في لحظاتهم الأخيرة وستظل صورتهم تلك معشعشة في مخيلاتنا.

 

=================

فصل سابع وتسليح "الجيش الحر"

علي حماده

2012-06-03

النهار

كان يجب أن تحدث مجزرة الحولة حتى يستفيق العالم من سباته الذي استمر وقتا طويلا في المدة الاخيرة. ومع ان المجزرة التي حصدت مئة شخص نصفهم من الاطفال والنساء ذبحوا بالسكاكين على يد شبيحة النظام في سوريا، فإنها عدا وحشيتها كانت نقطة في بحر الدماء السورية التي وصل عدد شهدائها الى ثلاثة عشر الفا، ما عدا المعتقلين الذين يقال ان قسما كبيرا منهم جرت تصفيته واخفاء جثثه. اننا امام نظام وحشي ينتمي الى عصر آخر، ويستلهم وسائله الاجرامية من تراث معروف المنابع والاصول، ولا حاجة الى التذكير بوحشية الاب المؤسس.

في الاجتماع الوزاري العربي الذي عقد في الدوحة يوم أمس السبت، كان منطلق البحث بين المبعوث الدولي العربي كوفي انان واركان التحرك العربي الاساسيين، أي دول مجلس التعاون الخليجي، ايجاد طريقة مثلى لفرض الخطة السداسية التي يدرك كل من اطلع عليها انها مستلهمة من الخطة العربية التي أقرتها الجامعة العربية في مرحلة سابقة، مثلما هي مهمة المراقبين الدوليين المستلهمة من مهمة المراقبين العرب. انان أفهم المجلس الوزاري العربي في الجلسات المغلقة ان المطلوب هو فرض الخطة ولا سيما منها البند الاول المتعلق بوقف القتل وسحب الجيش من المدن والقرى قبل أي حديث عن بنود سياسية. فالوضع بلغ منعطفا خطيرا كما سبق أن أبلغ انان بشار الاسد خلال لقائه الاخير به في دمشق. من هنا فكرة ربط الخطة بالبند السابع من شرعة الامم المتحدة من خلال استصدار قرار من مجلس الامن. ووحدها هذه الطريقة، بحسب أنان، يمكنها وقف الانزلاق المتسارع نحو نزاع شامل اهلي يمكن ان يتوسع ليغرق الاقليم كله في حرب او سلسلة حروب.

لقد وصلت الامور الى نقطة اللاعودة بين الشعب السوري الحر والنظام. واليوم يمكن اختصار الصراع بأنه صراع ارادات، إذ ان كل طرف يضغط من أجل أن يكون الطرف الآخر أول من يصرخ. حتى الآن يبدو ان بشار قرر الحرب بلا هوادة، تسانده في ذلك ايران وتغطّيه روسيا. وثمن هذا القرار شلال من الدماء السورية وعسكرة شاملة للثورة لا بد لها ان تدمر البلاد وبناها تحتية وتعيدها خمسين عاما الى الوراء من الناحية الاقتصادية الانمائية. ولكن ما يعوز بشار في نهاية الامر هو التوازن الديموغرافي، أي البحر الذي يمكنه ان يسبح فيه، وهو واقعاً بحر معادٍ وسيبقى معاديا.

إن اللجوء الى الفصل السابع من أجل فرض تنفيذ خطة انان جيد من الناحية النظرية، ولكن الفصل السابع ينبغي ان يقترن بإرادة جدية للتدخل العسكري في حال عدم الالتزام. وفي الاثناء، يواصل بشار قتل السوريين بالمئات والآلاف. بناء عليه، لا مناص من تسليح شامل ل"الجيش السوري الحر"، ودعم الثورة ومدّها بكل الوسائل المادية والمعنوية لكي تواجه قتلة الاطفال. هذه هي مهمة العرب، ولا سيما منهم الاغنياء: ان يسلحوا "الجيش الحر" كأن شيئا لم يكن، لان بشار لن يوقف القتل قبل ان يسحق.

 

=================

لن يعتذر

احمد عياش

2012-06-03

النهار

تكلم الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله بالأمس ولم يعتذر مثلما طالبت الجماعة التي تطلق على نفسها "ثوار سوريا – ريف حلب" من اجل الدخول في مفاوضات لاطلاق المخطوفين اللبنانيين الذين تحتجزهم. والاعتذار المطلوب هو عن خطاب نصرالله في عيد التحرير في 25 ايار الماضي، حيث قال ان حادث الخطف لن يغير موقف الحزب من احداث سوريا، وقدم الشكر بعد الله إلى الرئيس بشار الاسد على دوره في انهاء محنة المخطوفين.

كاتب هذه السطور وفي الزاوية نفسها ومباشرة بعد احداث 7 ايار 2008، دعا نصرالله تحت عنوان "اعتذر" الى تقديم الاعتذار لسكان بيروت عما ارتكبه مسلحوه في حق المدينة في ذلك التاريخ والذي اصبح علامة بارزة على تورط سلاح "حزب الله" في الوضع الداخلي لملء الفراغ الناجم عن الانسحاب العسكري السوري من لبنان ولطي ملف المحكمة الدولية الخاصة التي اصدرت لاحقا اتهامات في حق اربعة من عناصر الحزب بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005. لكن ما حدث بعد ذلك، وهو معروف، فقد خرج نصرالله الى العلن ليصف غزو مسلحي الحزب لبيروت بأنه "يوم مجيد من ايام المقاومة!".

"حزب الله" الذي انشأه قرار ايراني بعد اجتياح اسرائيل للبنان عام 1983 لا يعرف كلمة "اعتذر" وذلك لأمر يتصل بولي الفقيه الايراني الذي يمثل المرجعية التي تدير شؤونه. وما دام هذا الولي معصوماً عن الخطأ الذي هو حال البشرية جمعاء، فهذا الامر ينطبق على تابعه أي "حزب الله" الذي يعمل بأوامره.

بالتأكيد ان هيبة نصرالله، حسب اوساطه، اهم بكثير من حياة المخطوفين اللبنانيين ال11. بل جرى توزيع اخبار بعد مطالبة خاطفيهم باعتذار نصرالله تفيد أن ذويهم يرجون الاخير ان لا يعتذر. وهذا ما يعيد الى الاذهان العبارة الشهيرة "فدا نصرالله" التي اطلقت ابان حرب تموز عام 2006 التي ورّط فيها "حزب الله" لبنان وتسبب بمقتل وجرح عشرات الالوف وخسائر بمليارات الدولارات.

اذا كان خاطفو اللبنانيين ال11 يتكلون على تواضع نصرالله واعلانه الاعتذار ليس امامهم فحسب بل امام اطفال مجزرة الحولة المروعة التي نفذها مجرمو الاسد فهم واهمون ويضيعون وقتهم ووقت المخطوفين انفسهم الذين يرجون في قرارة انفسهم ان لا ينضموا الى لائحة الاضحية البشرية التي قد قدمها النظام الايراني وتابعه اللبناني على مذبح اثبات قدسيتهما المزعومة. اما اذا كان هؤلاء الخاطفون يريدون اثبات عدم شفقة نصرالله ومن يلوذ به فقد نالوا مبتغاهم. واذا كان من نصيحة تسدى الى الخاطفين فهي: تصرفوا على مستوى شهادة اطفال الحولة الذين فضحوا بربرية النظام السوري واناروا بدمائهم البريئة الطاهرة طريق الخلاص منه والى الابد.

اذا كان الخاطفون متأكدين من ان المخطوفين ابرياء من اية علاقة بالنظام السوري فليطلقوهم وليعتذروا هم عما ظنوه فرصة لاعادة نصرالله الى جادة الصواب.

=================

عيون وآذان (يعيشون خرافة أو كذبة)

جهاد الخازن

الأحد ٣ يونيو ٢٠١٢

الحياة

قرأت عن مجزرة الحولة انها: ترغم العالم على القيام بعمل... ليس الكلام، بل العمل. لا اعتقد ان الأسد فقد ساعة نوم بعد المجزرة... المطلوب عمل اكثر جدية، فهذه جرائم ضد الانسانية ومن المستحيل ان تقف الاسرة الدولية جانباً.

افهم ان يصدر هذا الكلام عن عربي او مسلم او اسكندنافي او سويسري، وقد دِنّا جميعاً المجزرة، الا ان الكلام الذي بدأت به قاله الارهابي مجرم الحرب ايهود باراك، وزير «الدفاع» الاسرائيلي، اي الرجل الذي يمثل دولة فاشستية عنصرية ويمارس الارهاب في الداخل والخارج، ثم يتحدث عن ارهاب الآخرين.

نحن ندين مجزرة الحولة لأننا لسنا ارهابيين ولم نقتل احداً، أما باراك فسجله يكفي ليمثُل امام محكمة جرائم الحرب الدولية مع بقية اعضاء عصابة الحكم في اسرائيل عشر مرات لا مرة واحدة.

ايهود باراك لم يخدعني يوماً، وعندما كان رئيس الوزراء قدرت انه يريد تخريب عملية السلام، وهذا ما فعل، وقرأت بعد ذلك انه قال للرئيس كلينتون في بداية العقد الماضي وهو رئيس وزراء اسرائيل ان اسرائيل لن تعيد القدس الى اهلها الفلسطينيين. وكنت كتبت في هذه الزاوية انه ليكودي سري، وثبت ذلك قبل اشهر والصحف الاسرائيلية نفسها تقول ان بنيامين نتانياهو، شريكه في الارهاب، يبحث له عن موقع في ليكود، بعد ان اكمل هدفه بتدمير حزب العمل اليساري.

اذا كان ما سبق من كلام باراك ليس وقاحة او بذاءة كافية، فهو قال ايضاً امام معهد امن اسرائيلي يميني ان على اسرائيل ان تفكر في فرض حدود دولة فلسطين المستقبلية لتجاوز الجمود في عملية السلام، وهو طالب باتفاق موقت وربما بعمل من جانب واحد، اي جانب اسرائيل.

أنتمي الى حزب من عضو واحد هو انا، وانا لا اريد حرباً ولا اريد ان يموت احد حتى لو كان مجرم حرب نازياً جديداً من نوع باراك ونتانياهو. مع ذلك اقول ان فلسطين من البحر الى النهر، وأن اسرائيل كذبة اساسها خرافات توراتية اتحدى العالم كله ان يطلع بآثار تؤيدها في القدس نفسها، او مصر او فلسطين التاريخية.

ما سبق ليس رأياً وإنما معلومات، غير ان عصابة الجريمة من الوقاحة ان اقرأ في موقع ليكودي اميركي مقالاً عنوانه «اسلمة جبل الهيكل»، اي الحرم الشريف، يضم خرافات توراتية مبتذلة عن «قدس الاقداس» وسليمان وهيكله وداود.

اريد ان يفهم القارئ المسلم انني اكتب عن التاريخ لا عن الدين، وما درست خلاصته ان التاريخ التوراتي لم يحدث، فيبقى ان أنبياء المسلمين، او الانبياء الذين وردت اسماؤهم في القرآن الكريم، غير أنبياء اليهود، وقد طالبت غير مرة علماء المسلمين العارفين بأن يشرحوا لنا الموضوع.

الحرم الشريف موجود وقد زرته مرة وأنا شاب قبل الاحتلال، وتاريخه الاسلامي لا خلاف عليه، فنحن نعرف باليوم والسنة متى بني المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة، ومن اصلحها على مر 1400 سنة وصولاً الى طلاء قبة الصخرة الذهبي الذي قدمته المملكة العربية السعودية في العقود الاخيرة.

في المقابل، حائط المبكى حجارته تعود الى عصر المماليك فقط مع ان التاريخ اليهودي المزعوم في ألفيته الخامسة، وعندما حفر اسحق رابين خلال وزارته الاولى في الثمانينات تحت الحرم الشريف وجد قصراً أموياً، فالامويون هم الذين عمّروا المنطقة، وأراد رابين ترميمه كمعلم أثري، وثارت عليه الاحزاب الدينية، وكل ما على القارئ هو ان يعود الى ما كتبت الصحف الاسرائيلية نفسها عن الموضوع في حينه.

هم يعيشون خرافة او كذبة أقنعوا انفسهم بها، ووكالة «رويترز» وزعت أخيراً خبراً عن شركة اسسها يهود يبحثون على الماس في تلال الكرمل قرب حيفا لأن حاخاماً زعم انها موجودة، وأن شركة صهيون للنفط والغاز، ومقرها تكساس، تبحث عن هايدروكربونات في المنطقة نفسها مستوحية من خريطة عن قبائل اسرائيل الاثنتي عشرة.

هم خرافة ونحن الحقيقة في السماء وعلى الارض.

=================

إنقاذ الشعب السوري من نظامه الدموي مسؤولية العرب أولاً

خالد الحروب *

الأحد ٣ يونيو ٢٠١٢

الحياة

النظام الدموي في دمشق يُدخل سورية والشعب السوري (وربما لبنان والجوار العربي برمته) في نفق مظلم لا يعلم احد نهايته أو كيفية الخروج منه. الشبق المرضي في التمسك بالكرسي الذي يظهره النظام بشكل مذهل يعني جلب المزيد من الدمار الشامل على الجميع. والشيء المُدهش بعد كل الحريق الذي اشعله النظام، وبعد كل الدم الذي أراقه، والقتل الذي نشره في أرجاء سورية هو اعتقاده بإمكانية البقاء في الحكم وكأن شيئاً لم يكن. كيف يمكن لعاقل أن يتصور قبول الشعب السوري ببقاء النظام بعد كل جردة الحساب الاجتثاثي الذي راكمه حتى الآن ولم ينته منه بعد؟ لكن، وكما هو مُدرك عموماً، يعتاش النظام في هذه اللحظة السياسية على ما وفرته ظروف إقليمية ودولية غير عادية وربما شاذة من انسداد في وجه أي تدخل يوقف الآلة القمعية الأمنية الأسدية، واستراتيجيته القمعية والإبادية تستهدف توسيع هذه اللحظة وإطالة فترتها الزمنية بهدف السيطرة على الأمور والقضاء على الثورة. حتى الآن ينجح في زيادة القمع، لكن تتصاعد وتائر الثورة بنجاح أيضاً ورغم كل ذلك القمع المتزايد.

في ظل الانسداد العام الذي ينكشف أمامه عجز الأمم المتحدة والجامعة العربية وكل الحلول السياسية التي تُطرح لا يبدو في الأفق أي نشاط حقيقي سوى إراقة المزيد من الدم على يد حكام دمشق. في كل يوم تتفاقم المجازر التي ترتكبها مليشيات النظام بشكل يفوق الوصف، وكل مجزرة جديدة تتفوق على ما سبقها في الوحشية ومقدار الولوغ في الدم. تفاصيل ذبح الأطفال والناس الأبرياء في الحولة تقشعر لها الأبدان، وقصص الاغتصاب المتواترة، وتقطيع الأجساد، والتفنن في التعذيب والنحر، تشير إلى أن نظام دمشق تحول إلى عصابة من المجرمين الذين اعلنوا استعدادهم لإبادة الأخضر واليابس في بلدهم، وقتل أي كان وبأي أعداد كانت مقابل البقاء في كرسي الحكم. الثورة السورية وبتضحيات شبابها وشاباتها وكل شرائح المجتمع المنخرطة فيها بطولية بكل ما في الكلمة من معنى، واستمرارها وعنفوانها المستمر ينتزعان الإعجاب والتبجيل لأبعد الحدود. يتوازى مع ذلك توتر النظام وانكفاؤه الفئوي وخسائره الديبلوماسية الخارجية وخشيته من النهاية المحتومة. رغم ذلك، رغم استمرار الثورة وهشاشة النظام، إلا أن تلك اللحظة السياسية اللئيمة بظروفها الدولية، وبخاصة الحامل المركزي لها وهو الانحطاط الأخلاقي والسياسي الروسي الحامي للنظام والمدافع عنه، منحت النظام حظوظاً فريدة للاستمرار في السلطة على أجساد ألوف الشهداء وللاستمرار في المجازر اكثر من عام حتى الآن.

هل هناك من جديد وهل يمكن أن يتبدل الوضع، ويتم تسريع سقوط النظام وتغييره وتقليل الدمار الموازي لذلك السقوط المحتوم؟ الصورة العامة تبدو كما هي: عجز عربي وإقليمي، دعم عربي وخليجي خجول للثورة والجيش الحر، دعم إيراني/عراقي عسكري وأمني ومالي وقح وغير خجول للنظام الدموي، شلل أممي عن القيام بأي خطوة جدية من شأنها كبح توحش النظام، مبادرات أمم متحدة ومراقبين لا معنى حقيقي لها سوى الادعاء بأن «جهداً ما يُبذل»، تعنت روسي وعجرفة متصاعدة يريد بوتين من خلالهما إثبات نفسه أمام العالم والغرب، التحاق صيني بالموقف الروسي، غياب شبه تام للجامعة العربية. أوسع من ذلك وبعيداً عن الملف السوري نفسه، ثمة أبعاد أخرى للصورة العامة تعزز من احتمالات استمرار الانسداد وعدم القدرة على الفعل الخارجي. فمن أميركا المنشغلة بحملات الرئاسة، إلى أوروبا الغارقة في الأزمة الاقتصادية وأزمة إنقاذ اليورو، إلى تكبيل مجلس الأمن بالفيتو الروسي والصيني. في ظل تفاصيل هذا المشهد الخارجي شبه المقفل، يستفرد النظام بالمشهد الداخلي ويضاعف من مستوى ودرجة ونطاق البطش ونوعيته وعمقه وطائفيته. يعلم سدنة النظام أن كل جريمة يرتكبونها تُسجل بالصوت والصورة، ومع ذلك يبدون غير مكترثين بكل ذلك بسبب شعورهم بقوة الإسناد الروسي وما يسببه من لجم لأي فعل أو إجراء على مستوى أممي. كيف الخروج إذن من المأزق، وكيف يمكن حماية الشعب السوري الأعزل من حمم الجحيم التي يدكه بها النظام؟

إذا بقي الانسداد القائم على حاله ووتيرة إجرام النظام على حالها، والتي في الغالب سوف تتصاعد مع تصاعد احتمالات سقوطه، فلن يبقى أمام المجتمع الدولي إلا التحرك خارج طار مجلس الأمن، لتجاوز العقدة الروسية/الصينية. لن يتحمل الرأي العام العربي ولا العالمي استمرار المجازر وبقاء الأفق مفتوحاً للنظام ليمارس ما يريد، وسوف يصبح من الضروري والإنساني التدخل بشكل أو بآخر. قد يأخذ هذا التدخل اقل الصيغ التدخلية مثل إقامة مناطق آمنة على الحدود مع تركيا أو شمال لبنان مع حظر للطيران، وربما يصل إلى صيغ اكثر صرامة مثل تبني قصف جوي يحد من حركة الكتائب العسكرية المؤيدة للنظام والتي تشكل عموده الفقري وذراعه الوحشية في قمع الثورة. لكن لا احد يتحدث عن تدخل عسكري بري، كتكرار لتجربة التدخل في ليبيا والتي اقتصرت على القصف الجوي.

وقبل اللجوء إلى أي شكل من أشكال التدخل المتوقع هذا فإن المطلوب من المعارضة السورية والجامعة العربية أن تعملان على احتواء مضاعفاته السياسية اللاحقة بخاصة في خضم الكم الهائل من الشعارات التي ترددها الجهات المؤيدة لنظام الأسد وادعاءاتها بالقومية واليسارية والوطنية. سوف يتم تصوير أي تدخل عسكري لحماية الشعب السوري من النظام المنفلت من أية قيم إنسانية أو عربية أو إسلامية على أساس انه تدخل إمبريالي لخدمة إسرائيل. وسوف يتم تدوير هذه الأسطوانة ألوف المرات وكأن نظام الأسد كان يخوض الحرب تلو الأخرى ضد إسرائيل، وكأننا جميعاً لم نشهد «بطولات» الجيش الأسدي ضد السوريين العزل ولم نشهدها في الجولان أو غيرها من الأرض العربية على مدار عقود أربعة مرت.

على ذلك مطلوب من الجامعة العربية الآن أن تعيد إمساك زمام المبادرة وتقوم بتفعيل دورها من جديد وتسرع من الحراك السياسي الإقليمي والدولي، وتضغط الفترات الزمنية وجداول الوقت الموسع التي تُعطى للنظام في دمشق. وأن تقوم بذلك تحت شعار ومبدأ حماية الشعب السوري الآن وقبل الغد، وتحت شعار انه ليس هناك أية شرعية لنظام يقوم بإبادة شعبه بشكل ممنهج ومن دون أي تردد. أي تدخل خارجي عسكري أو غير عسكري، وبخاصة إن كان خارج إطار الأمم المتحدة، يجب أن تدعو إليه وتقوده الجامعة العربية عن قناعة وفاعلية وليس لتقديم غطاء إقليمي وعربي لقرار دولي. الجامعة العربية ممثلة للعرب في غالبيتهم، ما عدا حلفاء إيران، هم مع الشعب السوري قلباً وقالباً وينتظرون اللحظة التي يسقط فيها النظام الدموي. لهذا فإن الجامعة العربية والعرب يجب أن يكونوا اقل انشغالاً وقلقاً من العالم والإعلام العالمي والأطراف الدولية المختلفة. بقاء الجامعة العربية في مقدمة قيادة الحراك السياسي والديبلوماسي والعسكري في كل ما خص الملف السوري مسألة في غاية الأهمية من ناحية سياسية راهنة ومستقبلية متعلقة بشكل النظام السياسي الذي سيخلف نظام الأسد.

=================

إصلاحات لمن وحوار مع من؟

الأحد ٣ يونيو ٢٠١٢

عبدالله اسكندر

الحياة

جاءت الانتخابات البرلمانية السورية الأخيرة في إطار ما أسماه الحكم في دمشق بدء تنفيذ إصلاحات على أساس التعددية. شابت هذه الانتخابات عيوب منهجية وسياسية وعملية، خصوصاً الإقدام على إجرائها من دون أي حوار داخلي جدي يحدد معناها ووظيفتها، وفي مناخ الانقسام الأهلي الكبير والمواجهات المسلحة في المناطق المختلفة في البلاد. على رغم كل ذلك كان من المفترض، بعدما أجريت هذه الانتخابات وفاز من فاز وأصدر الرئيس مرسوم عقد الدورة البرلمانية وعينت الهيئات الجديدة في المجلس الجديد، أن تقدم الحكومة استقالتها ليصار إلى تشكيل حكومة جديدة. هذا ما يحصل في كل أرجاء المعمورة حيث تلي الانتخابات حكومة جديدة تنبثق من ميزان القوى في البرلمان الجديد.

كل ذلك لم يحصل حتى الآن في سورية. ليس لأن ميزان القوى، بعد هذه الانتخابات المفترض أن تكون تعددية، لم يتغير. وليس لأن رئيس الحكومة قد لا يكون يجرؤ على تقديم استقالة حكومته خوفاً من تفسيرات في هذه الظروف.

لم يحصل ذلك في سورية لأن الحكم، بكل بساطة، لا يتعامل مع ما أعلنه من إصلاحات على أنها أمور جدية وينبغي التعامل معها على هذا الأساس، حتى ولو شكلياً. لقد شاء مثل هذه الإعلانات ليموه عزمه على الاستمرار في طريقة ممارسة الحكم من جهة ولتبرير الاستمرار في الحل الأمني أمام حلفائه الدوليين ليس إلا.

في هذا المعنى، تسقط كل الادعاءات الإصلاحية وكل ما أعلن من خطوات قيل عنها إنها ستكون نموذجاً للديموقراطية وممارسة التعددية. وتسقط معها إعلانات التزام خطة الموفد الدولي - العربي كوفي أنان، خصوصاً لجهة الحوار ونقل السلطة نتيجة هذا الحوار.

ويعتقد بأن المجازر التي تطاول المدنيين والمسالمين أريد لها أن تكون مدوية من أجل إبقاء خطة أنان في المربع الأول، وإبقاء كل أنواع البحث في الجانب الأمني الذي يفتح سبل الكلام عن التدخلات الخارجية والجماعات المسلحة وتهريب الأسلحة والمقاتلين من الخارج. أي بكلام آخر، حرف أصل المشكلة من قضية نظام وممارسته للحكم إلى قضية أفرزتها هذه المشكلة. مع كل ما يعنيه ذلك من اتساع نطاق الأزمة، ومعها اتساع رقعة الاحتجاج والمواجهات، وزيادة أعداد الضحايا، على نحو تصبح معه أي تسوية غير ممكنة.

لقد قام الحكم بالإصلاحات التي يريدها، على النحو الذي رأيناه في انتخابات مجلس الشعب بعد إلغاء حال الطوارئ وإطلاق حرية الأحزاب الخ... لكنه يعمل على ألا يكون لأي منها أي تأثير على طريقة ممارسة الحكم، وإبقاء القرار في الدائرة الصغيرة للأجهزة وليس للقوانين والإصلاحات التي أقرها بنفسه. أي أن كل الإصلاحات قشرة دهان ملون للوضع المشكو منه والذي أدى إلى اندلاع الحركة الاحتجاجية والانشقاقات العسكرية، وصولاً إلى المواجهات المسلحة.

هكذا، تبدو خطة أنان التي يعمل الحكم على ألا تتجاوز البند الأول، أي الأمن، تواجه معضلة غير قابلة للحل تتمثل بعدم قابلية الحكم السوري لأي نوع من الحوار السياسي لا مع المعارضة ولا مع غيرها، لأنه لا يحاور إلا نفسه. وتتمثل أيضاً بعدم قابليته لأي تطوير من أي نوع كان، حتى لو كان هو نفسه من دعا إليه.

ولذلك، تبدو التحذيرات من كوارث في سورية، بعد أن دفع الحكم بها إلى أتون الانقسام الأهلي والحرب، واقعية إلى حد بعيد. خصوصاً أن المعارضة السياسية والعسكرية التي فشلت حتى الآن في إيجاد توازن مع الحكم تتجه أكثر فأكثر إلى منطق الاحتراب من دون أن تقدم رؤية جامعة لكيفية تنظيم المواجهة وتفادي الكارثة.

 

=================

المخاوف السورية: معظمها يغيب عندما يسكت السلاح!

فايز سارة

الشرق الاوسط

3-6-2012

مع مرور الوقت تتزايد المخاوف حول سوريا ومستقبلها، وذلك بخلاف ما كانت عليه التقديرات في بداية ثورة السوريين في أواسط مارس (آذار) 2011، حيث لم تكن هناك مخاوف تذكر، لأن مسار الثورة المحتمل، كان قريب النتيجة بحصول التغيير، وهتافات المتظاهرين السوريين، كانت تركز على سلمية الثورة، ووحدة السوريين وتضامنهم في الحاضر ومن أجل المستقبل. ومن الناحية العملية، فقد تشارك منتمون إلى مختلف تكوينات الجماعة الوطنية في حركة التظاهر والاحتجاج التي شهدتها المدن والقرى السورية حينذاك، واكتسبت تلك المشاركة طابعا احتفاليا إلى جانب مضمونها التشاركي، ووسط تلك الأجواء، كانت المخاوف أقل، بل إن معظم المخاوف الظاهرة اليوم، لم تكن مطروحة، ولا بيئتها كانت حاضرة أصلا.

بعد خمسة عشر شهرا، تبدو الصورة، وكأنها تغيرت. إذ ثمة مخاوف كثيرة، وبغض النظر عن جدية وأهمية هذه المخاوف، فإنها موجودة في داخل سوريا، كما في خارجها، وهي مخاوف عند الأفراد والجماعات وموجودة لدى الهيئات والدول، وقد غدا بعض هذه المخاوف أساسا معلنا في رسم مواقف البعض، والأساس الذي تقوم عليه بعض السياسات إزاء الأوضاع القائمة في سوريا واحتمالات تطورها.

ولعل من المهم الإشارة، إلى أن بعض المخاوف، يستند إلى معطيات ووقائع، وبعضها يعود إلى تقديرات ومقارنات، وقد تختلط المستندات، لكنها جميعا تعود أيضا إلى طول فترة الصراع في البلاد ومجرياتها، وما أثارته من عوامل قلق جسدت بيئة، تنامت فيها المخاوف، وخصوصا لدى الأطراف المترددة، والتي لا تملك أساسا متينا، تقوم عليه نظرتها ومواقفها حيال الأوضاع وما يمكن أن تتطور إليه.

إن من الصعب حصر المخاوف المطروحة حول سوريا، بل إن تلك المخاوف متداخلة ومعقدة، لكن ما سبق لا يمنع من إشارات إلى بعضها، ولعل أبرزها، هو الخوف من عسكرة الصراع، بحيث يتم تسليح وتنظيم سوريين ضد سوريين بعد تسعير نار العنف، وإدخالهم في مجاري حرب أهلية، تعم المناطق السورية أو أغلبها، فتجعل السوريين في مواجهة بعضهم بعضا طوائف وأديانا وجماعات من أصول قومية، تندرج جميعها في إطار الجماعة الوطنية.

كما أن بين المخاوف، أن تقود الصراعات المسلحة وغيرها إلى سيادة الفوضى وتدمير الدولة، وانتشار الجماعات المسلحة وأمراء الحرب الذين سيتوزعون طبقا لتوازنات القوى التي سيشكلها الصراع على الأرض والتوازنات الإقليمية والدولية في علاقاتها مع الداخل السوري بما فيه من تفرعات وتكتلات.

وبين المخاوف الماثلة في سوريا، ما يحيط بوجود الجماعات الإسلامية الأصولية والمسلحة، وما يمكن أن تشكله من حجم ووزن في البلاد ووسط سكانها، الأمر الذي من شأنه أن يحدث تغييرا جوهريا في الحياة السورية بجوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد يكون من شأنه إعادة طرح الأسس التي تقوم على أساسها الدولة والمجتمع، طبقا لمعتقدات وتوجهات وممارسات تلك الجماعات على نحو ما حصل في بلدان عربية وإسلامية من بينها العراق وأفغانستان وغيرهما.

ورغم أن المخاوف حالة مشروعة، وتستحق الاهتمام، فإن ذلك لا يعني أن كل المخاوف المثارة جدية، وأنها تستحق ذات القدر من الاهتمام خاصة لجهة البناء عليها، لكن الفطنة السياسية، تفترض الانتباه إلى كل المخاوف، ثم القيام بترتيب تلك المخاوف ووضعها في سياق من الأهمية والخطورة، والتعامل معها طبقا لذلك، مما يمنع تجاهل أو تقليل أهمية المخاوف، أو الذهاب نحو المبالغة في حجم تأثيرها، مما قد يحول بعضها في الحالتين إلى أسباب في كوارث غير محسوبة.

غير أنه وفي الحالة السورية المحددة، فإن أغلب المخاوف المثارة مقترنة باستمرار الحل العسكري الأمني الذي اختارته السلطات السورية مسارا في التعامل من الأزمة القائمة في البلاد، الأمر الذي وفر أساس بروز هذه المخاوف وتصاعدها، ولعله من الطبيعي القول، إن توقف مسار الحل الأمني العسكري وتوجه البلاد نحو معالجة سياسية للحالة السورية، سوف يخفف من تلك المخاوف، أو يغيب بعضها، ويوفر أساسا لمعالجة ما تبقى أو معظمه خاصة إذا كانت إرادة الحل السياسي متوفرة عند الأطراف المعنية، والجهود محكومة برغبة الخروج من الأزمة. وهذا يقودنا إلى خلاصة أن الأساس في معالجة المخاوف في سوريا وحولها، إنما يبدو في وقف استخدام السلاح، والأهم فيه هو وقف استخدام السلاح من جانب السلطات السورية والذهاب إلى خطوات تهدئة وتطمين، ثم معالجة ما يتبقى من مخاوف.

=================

أنان محبط.. هذه كارثة!

طارق الحميد

الشرق الاوسط

3-6-2012

تحدث الموفد الأممي السيد كوفي أنان عن الأوضاع في سوريا بإحباط، حيث يقول: «نفد صبرنا ولسنا ممتنين من عمليات القتل، وأنا أول من يدين هذه العمليات، وأريد تسريع الخطة»! كما أقر أنان بأن سوريا تنزلق إلى حرب شاملة، مما يعني أن مبادرته قد فشلت في وقف إطلاق النار. وهنا يكون السؤال: إذا كان أنان محبطا فماذا يقول السوريون، أو كل من يتعاطف معهم، أمام الجرائم الأسدية؟

فمنذ الإعلان عن خطة أنان، وإلى الآن، وقع عدد لا يستهان به من القتلى في سوريا، أطفال ورجال ونساء، هذا عدا عن المجازر الأسدية المتصاعدة، وآخرها دهس مجروح سوري بالدبابة، وبعد كل ذلك يتحدث أنان بإحباط وحسب؟ أمر محبط حقا، بل ومثير للغضب، خصوصا أن أنان يقول إنه إن لم تكن خطته هي الحل المناسب فيجب أن «يكون هناك حل آخر، وهذا عمل مجلس الأمن»! أي أن السيد أنان لا ينوي الإعلان بنفسه عن فشل خطته، وإنما يريد من مجلس الأمن فعل ذلك، رغم أنه، أي أنان، يعي أن مجلس الأمن مشلول تماما تجاه سوريا بسبب موقفي كل من روسيا والصين، والواضح أن أنان لا يشعر بالامتعاض من موقفي موسكو وبكين المشجعين لجرائم الأسد، بل يحاول استغلالهما لتجنب إعلان فشل خطته، وهذه كارثة!

وهذا يعني أنه ليس على المجتمع الدولي فقط إقناع الصين وروسيا بأن الأسد قاتل لا يجدي الدفاع عنه، وأن الاصطفاف خلفه يكلف موسكو وبكين الكثير، بل إن على المجتمع الدولي أيضا - وللأسف - إقناع السيد أنان بضرورة الإعلان عن فشل مهمته، الفاشلة أصلا في سوريا، وذلك بالطبع لا يعني إعلان فشل أنان الشخصي بقدر ما أنه يعد إعلانا عن فشل الأسد نفسه عن الوفاء بوعوده. وكما هو أمر محبط إذا كان السيد أنان نفسه يتحدث بإحباط عن خطته ولا يريد الإعلان عن فشلها، بل بدلا عن ذلك يرمي الكرة في ملعب مجلس الأمن المكبل بالفيتو الروسي والصيني، علما أن أنان نفسه يعي أن آلة القتل الأسدية لم تتوقف قط، وأن مستقبل سوريا اليوم في خطر، والأمر نفسه ينطبق على أمن المنطقة ككل، فماذا ينتظر أنان بعد كل ذلك لإعلان فشل خطته؟ ولماذا لا يضع سقفا زمنيا لخطته على الأقل كما طالبته قطر؟ فالقضية ليست قضية شخصية، بالنسبة لأنان. فهناك أرواح تزهق يوميا، وبلد سلمه الاجتماعي مهدد، كما أن هناك تهديدا حقيقيا لأمن المنطقة ككل، فهل يريد أنان أن تنتهي سوريا كرواندا والبوسنة التي فشل في معالجة قضاياها يوم كان أمينا عاما للأمم المتحدة؟

فإذا كان هناك من إحباط فهو أن كثيرين لا يريدون مواجهة الحقيقة، ومنهم السيد أنان، فما كنا نقوله قبل أشهر بات يردده البعض اليوم، وكأنه أمر جديد، فقلة أولئك الذين يقرون بأن ما يحدث في سوريا هو الثورة الحقيقية بالمنطقة. وعليه، فإذا كان أنان وغيره لا يريدان الإقرار بذلك، فأقل ما هو مطلوب، ومن أنان تحديدا، أن لا يمنحوا الأسد الفرصة تلو الأخرى لأن هناك أرواحا تزهق يوميا في سوريا!

=====================

السوريون في حرب أهلية منذ البداية

عبد الرحمن الراشد

الشرق الاوسط

3-6-2012

هناك إجماع على أن سوريا على شفير حرب أهلية، صرح بها تقريبا كل وزراء خارجية الدول الكبرى على اختلاف مواقفهم السياسية تجاه الثورة السورية، فهل سوريا - حقا - على حافة الهاوية؟ وما هي مواصفات الحرب الأهلية في الحالة السورية؟

فعليا، البلاد في حالة حرب أهلية منذ أكثر من عام لكننا لا نسميها كذلك. اختلفت التوصيفات ما بين ثورة وانتفاضة ومواجهات والبعض يسميها إرهابا ومؤامرات خارجية، إنما فيها خصائص الحرب الأهلية، حيث يوجد فريقان يقتتلان بغض النظر عن العناوين المرفوعة في ساحة الحرب.

النظام اكتشف مبكرا أنه أضعف من أن يقف أمام المد الاحتجاجي السلمي الهائل الذي وصل في مدينة حماه إلى أكثر من نصف مليون؛ لهذا سعى متعمدا إلى تحويلها إلى حرب أهلية، باستثناء أن هناك فريقا مسلحا، أي جماعة النظام، وفريقا أعزل قوته في كثرة عدده وإصراره على التحدي، وحديثا أصبح بعضه مسلحا. والنظام موجود كصورة للرئيس ومؤسساته من جيش وأمن لكنه بلا شرعية، أولا بسبب عجزه عن السيطرة على معظم أنحاء سوريا، وثانيا لأنه سعى لإعادة تأهيل نفسه وفشل بانتخابات برلمانية مزورة ومظاهرات موالية له قام بتنظيمها، وإعلام يعيد كتابة وتدوير قصته للحرب الأهلية الدائرة كل يوم في عشرات المدن.

لأنه يعرف أن الناس صارت تنظر إليه على أنه نظام مرفوض لم يجد حرجا في الترويج لكونها «مؤامرة سنية متطرفة»، لكنه لم يكمل الجملة.. «ضد العلويين وبقية الطوائف». كل يعلم أن الانتفاضة منذ أن بدأت لم تتضمن أبدا أي روح أو دعاوى أو أسباب طائفية. النظام هو الذي أراد دفع الطوائف إلى التصادم، وحاول الاحتماء بدرجة أساسية بطائفته العلوية، وتعمد توريطها في الحروب اليومية لأنه لم يعد يثق في ولاء بقية مكونات المجتمع السوري له. وفي نفس الوقت لجأ إلى تخويف الطوائف الأخرى، مثل المسيحيين السوريين، من مواطنيهم المسلمين، وسعى لشق صف الدروز، وأراد نقل الزعامة من يد إلى أخرى، وفعل الشيء نفسه مع الأكراد. واستهدف سنة سوريا أيضا مبكرا بتصنيف المعترضين عليه بأنهم سلفيون يريدون تغيير أسلوب الحياة السلمية المدنية الذي عرف به سنة سوريا.

مارسها في داخل الجيش والأمن، كما جرب فعله في الحواضر المدنية. زج بأبناء البلد من علويين وبقية الطوائف بأوامر صريحة بالقتل، وتعمد بث وترويج صور علويين يرتكبون جرائم ضد سنة، ويتلفظون بأقذع أنواع السباب ضد دينهم، بهدف شق الصف السوري وبث روح الانتقام بين الفئات السورية. وفي مواجهات بعينها كانت قواته تقصف من مناطق علوية، يسميها آمنة، ضد مناطق سنية، في حمص. لماذا؟ لأنه يريد إحدى نتيجتين، تخويف العالم من حرب أهلية، مذكرا بالنموذج اللبناني وحربه الأهلية وكذلك العراق، وثانيا لأنه يعتقد أن الصراع الطائفي الحل الأخير له بعد أن أصبحت الدولة فعليا في حال انهيار.

نحن نرى أمامنا حربا أهلية طرف فيها بخوذات رسمية، نظام طائفي يتعمد توريط العلويين اعتقادا منه أنهم عند سقوط السلطة سيكونون ملاذه الأخير ويدافعون عنه اعتقادا منهم بأنهم يدافعون عن أنفسهم ضد هجمة سنية.

بالتالي، فقد معناه التحذير من نشوب حرب أهلية طالما أن الناس تعتقد أنها في حرب أهلية، يحاربون فريقا مسلحا بالصواريخ والدبابات وهم ممنوعون من التسلح. وثقوا بأنهم سيتسلحون في النهاية لأنه لم يعد هناك من مخرج آخر لحماية الفرد نفسه من القتل اليومي سوى التسلح. ومع أنه أسوأ وأخطر النتائج فإن التسلح صار ضرورة؛ لأن الناس فقدت أملها في المجتمع الدولي الذي يمتنع عن التدخل، على الرغم من مناشدة الشعب السوري له طالبا ردع النظام ووقف الحرب الجارية.

====================

غونترغراس في قصيدته الجديدة 'أوروبا العار': إنّهم يسقون 'سقراط' السمّ الناقع من جديد

القدس العربي 2012-06-01

غرناطة- من محمّد محمّد الخطّابي

بعد مرور حوالى شهرين على القصيدة التي انتقد فيها الكاتب الألماني الكبيرغونترغراس إسرائيل وسياستها الخارجية، والتي كانت تحت عنوان: 'ما ينبغي قوله' عاد فنشر في إحدى الصحف الالمانية الليبرالية- قصيدة جديدة تحت عنوان 'عار أوروبا' ينتقد فيها بشدّة سياسة الإتحاد الاوروبي، وسياسة المستشارة الألمانية 'أنجيلا ميركل' بوجه خاص حيال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف باليونان مهد الحضارة الأوروبية .كما تلا نفس القصيدة في إحدى المحطّات الإذاعية العمومية الهامة في بلاده وهي'راديو بريمن'. وأعادت الصحيفة اليونانية (كاتيميريني) نشر نفس القصيدة دون التعليق عليها.

يتأسّف 'غونتر غراس' في هذه القصيدة عن الوضع المزري الذي أصبحت تتردّى فيه اليونان بسبب ديونها التي أثقلت كاهلها، والسياسة التقشفيّة العصيبة، والإجراءات الإصلاحية الصارمة التي فرضتها عليها 'أوربا' قسرا وقهرا، وحرمتها من حقوقها الاساسية، وحكمت عليها بالفقر والعوزوالفاقة لعدم قدرتها على أن تكون في مستوى السوق، وعجزها عن مسايرة سياسة الإتحاد الاوربي. ويعبّر 'غراس' في هذه القصيدة الجديدة عن إدانته الشديدة 'للاتحاد الأوربي'. كما يعبّر من جهة اخرى عن تفهّمه لغضب الإغريق . ويتّهم الكاتب الألماني 'أوربا' أنها تسقي اليونان 'شراب السمّ الناقع' في إشارة إلى مصير فيلسوفها العظيم سقراط، وأنّها تنأى أو تولي ظهرها للبلد الذي كان يوما ما هو أرض ومهد الحضارة الأوربية. وينذرالكاتب 'غراس' في آخر القصيدة من جوقة لعنة آلهة الأساطير الإغريقية في جبل الأوليمبوس التي قد تلحق بالأوربيين كل السخط والأذى. ويذكّرالكاتب الالماني أوربا أنّها بدون هذا البلد الذي مهّدت روحه وإشراقاته وفكره للكيان الغربي، وللوجدان الأوروبي المعاصر، فإنّ أوروبا سوف ينتهي بها المطاف إلى الذبول والزوال والاضمحلال.

ويبرز 'غراس' الأهمية القصوى التي تنطوى عليها اليونان التي أصبحت كنوزها اليوم بين أيدي قضاتها، وتزيّن ثرواتها مدنها المتحفية، ويذكّر الكاتب بتدخّل الألمان في الأراضي الهيلينية الذين اكتسحوا جزرها، وغزوا ثراها المبارك بالسلاح وهم يحملون شاعرهم 'فردريش هولدرلين' في حقائبهم المعلقة على ظهورهم .

كان الكاتب 'غونتر غراس' قد اكّد في قصيدته السابقة انّه لن يخرس،ولن يسكت، وها قد أوفى بوعده، وتكلّم على الرّغم من الاحتجاجات التي أثارتها قصيدته السابقة حوله، وعلى الرغم من القدح الذي تعرّض له من طرف خصومه خاصة من طرف الصهاينة والمتعاطفين أو المرتمين في أحضان إسرائيل، فضلا عن الجدل الذي أثيرحول عضويته في 'نادي الكتّاب' في بلاده .

 

قبل فوات الأوان

ممّا جاء في القصيدة السابقة 'ما ينبغي قوله': أن لماذا، وقد بلغ من السنّ عتيّا،يدلي بما ينبغي قوله الآن، إنّه يفعل ذلك كما يقول - قبل فوات الأوان، ذلك لأنه يرى أن السلام العالمي الهشّ معرّض للخطر بالفعل، بسبب القوّة النووية لإسرائيل.وقد اتّهم الكاتب الألماني بمعاداة السامية، كما إتّهم بأنه كان في شبابه منتميا ومواليا للنازية (قوّات إس إس) منذ أن كان في السابعة عشرة من عمره، ولا عجب فالتخوّف الذي يشعر به غراس، والتوجّس الذي يعتمل بداخله، رّبما كانت له أصوله ودوافعه، وجذوره ومبرّراته، إنّه يعتب على بلده التي أصبحت ثالث بلد مصنّع ومصدّر للأسلحة في العالم، والغوّاصات الفتّاكة الألمانية الصّنع التي يدعم بها بلده إسرائيل، سبق لها أن أقدمت على اقتراف كارثة إنسانية مؤسفة في تاريخ ألمانيا ذاتها، بنفس هذا النّوع من الوسائل الحربية المدمّرة، وإن كانت في الماضي أقل فتكا، وأقلّ تطوّرا من التي نتوفّر عليها اليوم والتي أضحت تفوق كلّ خيال، فلا عجب إذن أن تثور ثائرته، وأن يقول 'ما ينبغي قوله'. ولنرجع إلى أدبه وإبداعاته الأدبية، وبشكل خاص الى روايته 'مشية سرطان البحر' الصادرة عام 2002 التي تلقي الضوء بشكل أو بآخرعلى جذورالجدل الذي يبدو أنّه ما زال يتفاقم ويكبر وتتّسع دائرته ليشمل أوربا بكاملها.

 

مشية السرطان

 

يغوص غونتر غراس في هذه الرواية في أعماق تاريخ بلاده ألمانيا، عندما كان الكاتب لمّا يزل في شرخ الشباب وريعانه، حيث يحكي لنا قصة غرق الباخرة 'كوستلوف' بعد أن تعرضت لقصف من طرف غوّاصة سوفياتية عام 1945، ومات نتيجة هذا القصف آلاف المدنيين الذين تتراوح أعدادهم بين ستة آلاف وعشرة آلاف قتيل، نصفهم من الأطفال، وأما عدد الناجين من هذه الكارثة فيتراوح بين 900 و1239، وينتقل بنا 'غونتر غراس' في روايته إلى عام 1945، ويضعنا أمام بحر مزبد متلاطم الأمواج، تطفو على سطحه آلاف الجثث من ضحايا هذه الباخرة المنكوبة.

وكان الكاتب الألماني قد صرّح في إحدى المناسبات خلال تقديمه لهذا الكتاب بالذات، أنه لم يجد بدّاً من وضع أحداث هذه الباخرة في قالب قصصي، مسلطاً الأضواء على ثلاث شخصيات في الرواية، وقال إنه كان يفكّر منذ سنّ مبكّرة في نقل هذه الحادثة التاريخية الى رواية، التي كان لها أثر بليغ في نفسه، وعلى بلده ألمانيا،، وقد فعل ذلك إنطلاقاً من شخصيات كانت لا تزال على قيد الحياة، عايشت هذه المأساة، منها إمرأة مسنّة كانت حيّة ترزق، عند كتابته لهذه الرواية، وابنها الذي كان يبلغ خمسين سنة من العمر، وحفيدها الذي أصبح اليوم من اليمينيين المتطرفين.

وقال إنه إختار عنوان 'مشية السرطان' لأنه يزحف أحياناً نحو الوراء، وقد راقبه في العديد من بلدان العالم، كما أنه يزحف بشكل منحرف أو مائل أو مزورّ نحو جهة ما، إلا أنه مع ذلك مثلما يعود القهقرى فإنّه يتقدّم إلى الأمام كذلك. وقال إنه من المفارقات الغريبة ان الغوّاصة التي قصفت هذه السفينة، كانت من صنع ألماني، وكانت ألمانيا قد باعتها للاتحاد السوفياتي قبل ذلك، أي أنّ ألمانيا جرّبت مدى قوّة وفتك سلاحها في جلد أبنائها.

 

السعادة بالقوّة

 

وقال غراس إنه لا تهمّه فقط الأحداث الكبرى التي يعرفها العالم، بل تعنيه كذلك الأشياء البسيطة في الحياة، ولهذا فإنه تتبّع بدقة متناهية في هذه الرواية حياة ثلاث شخصيات أساسية فيها تمثل ثلاثة أجيال متعاقبة، وهم النازي ويلهيلم كوستلوف الذي تحمل الباخرة اسمه، واليهودي ديفيد فرانكفورتر الذي اغتيل في سويسرا، والروسي ألكسندر مارينيسكو الذي عمل على إغراق السفينة، وقصة هذا الأخير تثير كثيراً من الفضول، إذ إنتهى به الأمر في مراكز التعذيب التابعة للسجون السوفياتية وقضى حياته محاولاً إقناع الناس بأن يعترفوا له بأنه أبلى البلاء الحسن خلال الحرب، حيث لم يتمّ له ذلك إلا عام 1990 عندما كان قد مات.

وقال 'غونتر غراس' إنه كتب هذه الرواية لينتزع جزءاً من تاريخ ألمانيا من مخالب وقبضة اليمين المتطرف الألماني، الذي عمل أتباعه على إعادة نبش هذه القصة من جديد، إلا انهم أذاعوا بشأنها العديد من الافتراءات والأكاذيب. وأضاف غراس أن غير قليل من مبادرات النازيين بهرت الطبقات الجماهيرية الكادحة، وخير مثال على ذلك البرنامج الذي كان يعرف تحت شعار 'نحو السعادة بالقوة'، حيث عملوا على إشراك العديد من العمّال الكادحين في رحلات بحرية استجمامية منظّمة على متن بواخر صُنعت على طراز 'كوستلوف، حيث لم تكن هناك مظاهر للفوارق الاجتماعية على ظهر هذه المراكب، وكان النازيون سعداء كذلك لأنّ 'هتلر ' أمكنه توفير ما يزيد على 6 ملايين فرصة شغل للعاطلين.

ولقد سبق للكاتب غونتر غراس أن تعرّض لهذا الحادث المأساوي في كتابيه السابقين'طبل الصفيح'(1959) و'سنوات الكلاب'(1963). وكانت الباخرة المنكوبة تحاول إبعاد آلاف اللاجئين الألمان من بروسيا الشرقية، التي كان بها الروس عن شبح الحرب وأهوالها، و كان بحر البلطيق مسرحاً لهذه المأساة التي ظلّت راسخة في ذهن الكاتب، تراوده في مختلف المناسبات التي يثار فيها الحديث عن الحروب وأهوالها، وأسلحتها المدمّرة.

غونترغراس حاصل على جائزة نوبل العالمية 1999 فى الآداب ،وعلى جائزة أمير أستورياس الإسبانية فى الآداب، فى نفس السنة، بالإضافة إلى العديد من الجوائز التكريمية الهامة الأخرى داخل بلاده وخارجها.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ