ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رأي الراية
.. احترام إرادة الشعب السوري الحياة 8-6-2012 وقفت دولة قطر
منذ اللحظة الأولى لاندلاع الثورة
السورية المطالبة بالحرية والتغيير
إلى جانب الشعب السوري وإلى جانب
مطالبه وحرصت على التأكيد على ضرورة
الاستجابة لمطالب الشعب السوري وتحقيق
الإصلاح وتهيئة الظروف لإجراء حوار
وطني شامل لا يستثني أحدًا من أجل
الحفاظ على وحدة سوريا ومستقبلها إلا
أن النظام السوري أصرّ على اتباع خيار
العنف والقتل كوسيلة لمواجهة الثورة
الشعبية الأمر الذي عقّد الأزمة ودفع
بها إلى التدويل خاصة مع استمرار سقوط
الضحايا وتواصل المجازر التي ترتكبها
قوات النظام وشبيحته ضدّ أبناء الشعب
السوري في المدن والبلدات والقرى
الثائرة. لقد دعا معالي
رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية
الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني إلى
تسريع البحث عن حلٍّ يحفظ استقرار
سوريا ويتضمّن خطة لانتقال سلمي
للسلطة يأخذ في الاعتبار إرادة الشعب
السوري. إن مطلب الشعب
السوري الذي يتعرّض للمجازر على أيدي
قوات النظام وشبيحته التي آخرها مجزرة
القبير التي راح ضحيتها عشرات القتلى
الذين ذُبحوا بالسكاكين ومن بينهم
نساء وأطفال يتمثل في إسقاط النظام
الذي يشنّ حربًا متواصلة على شعبه منذ
أكثر من خمسة عشر شهرًا أسفرت عن وقوع
عشرات الآلاف من القتلى والجرحى. لقد أعلن
المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان أن
النظام الذي وافق على مبادرة النقاط
الست التي تنصّ على وقف العنف وسحب
الأسلحة الثقيلة من المدن والبلدات
السورية ووقف الاعتقالات والسماح
بالتظاهر السلمي للمواطنين لم يُطبّق
أيًّا من بنود المبادرة وأن الحاجة
باتت تستدعي من المجتمع الدولي "رفع
مستوى" تدخّله و"التحرّك بسرعة"
لإنهاء العنف وحلّ الأزمة السورية. إعلان كوفي عنان
أن النظام لم يُطبّق المبادرة يستدعي
من المجتمع الدولي أن يكون حازمًا بحيث
يجري الضغط على النظام لتطبيق
المبادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق
الأمم المتحدة حتى تكون لها قوة
التنفيذ، هو الخيار الذي يبدو وحيدًا
لوقف سلسلة المجازر في سوريا. كما أن المجتمع
الدولي مطالب بسرعة التحرّك للتحقيق
في سلسلة المجازر التي تُرتكب بحق
الشعب السوري ومعاقبة المسؤولين عنها
وإلا فستُصبح واقعًا يوميًّا وستجرّ
سوريا إلى أتون الحرب الأهلية. لقد فقد النظام
السوري شرعيته الشعبية وبات مطلب
تغيير النظام مطلبًا ملحًّا لإعادة
الأمن والاستقرار إلى سوريا ووقف
سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها
النظام والتي تُهدّد وحدة سوريا
وتُهدّد تماسك المجتمع السوري
ومستقبله. ================= ثوار سوريا
والمناورة مع الرعب بمظاهرات العلابي فهد السلمان الرياض 8-6-2012 وصف
الرئيس الأسد مجزرة الحولة بأنها فعل
تأنفه حتى الوحوش ، حسنا .. هذا وصف دقيق
. لكن من هو المؤهل لمثل هذه الوحشية إن
لم يكن نظامه الذي أجبر المتظاهرين ضده
على التخفي بتصوير مظاهراتهم من الخلف
، فإلى ما قبل شهرين أو ثلاثة وقبل
ازدياد أعداد المنشقين من الجيش ومن ثم
شعور المحتجين بالاستقواء ، كانت معظم
المظاهرات يتم تصويرها من الخلف كي لا
تبدو وجوههم واضحة للعيان ؟ ، وهنا
علينا أن نتساءل لماذا يتفق كل
المصورين على تصوير علابي المتظاهرين
؟ ، أليس لأنهم يعلمون أن أي متظاهر يتم
التعرف على شخصيته فإنه لن يبيت في
فراشه ذلك المساء ، إن لم يُدفن حياً أو
يموت تحت التعذيب حتى ولو كان ممن
يخرجون طلباً لرغيف الخبز ، لا بحثاً
عن الحرية والكرامة . العسكريون
المنشقون عن النظام هم وحدهم من يبرزون
شخصياتهم وهوياتهم العسكرية أمام
الكاميرات لأنهم يدركون أن تركهم
لمعسكراتهم يكفي لإدانتهم بمناوأة
النظام ، وبالتالي ليس هنالك ما يمكن
أن يخبئوه طالما أنهم اختاروا استرداد
الكرامة أو مواجهة الموت بالانحياز
إلى شعبهم . أما المظاهرات
الوحيدة في سوريا والتي يتم تصويرها من
الأمام بحيث تبدو وجوه المتظاهرين فهي
تلك المظاهرات التي يحشدها النظام
لتأييده ، وهؤلاء غالباً ما يقفون أمام
الكاميرات ويلوحون بأيديهم كما لو
أنهم في مدرج كرة قدم ، آملين أن تلتقط
العدسات لهم صوراً مقربة كدليل براءة
للابتعاد عن الملاحقات والتصفية . إن ما نعرفه عن
سيكيلوجية الجماهير في مثل هذه
الثورات أن من يخرج للتظاهر غالباً ما
يكون قد حزم أمره ، وقطع كل خطوط الرجعة
مع النظام ، لأن الجماهير تدرك بالفطرة
كما يقول تشي غيفارا : " إن الثورة
كالدراجة الهوائية تسقط عندما تتوقف
" ، لذلك لن يُضيرها إن تعرّف عليها
النظام أو لم يتعرّف ، بل لعلها أكثر
ميلاً لأن تعرض شخصيات مفرداتها لنيل
شرف المواجهة أمام الآخرين ، لكنهم حين
يعمدون إلى إخفاء هوياتهم فليس لأنهم
يخشون الموت بعد أن تصالحوا معه في
طريقهم النبيل إلى الحرية ، وإنما
لأنهم يدركون أنهم يواجهون نظاماً لا
يكفيه أن يقتص من معارضيه ، حيث تمتد
شهية الاقتصاص عنده إلى المحتج وأسرته
وأقاربه تماماً كما حدث مع أطفال
الحولة ، حدث هذا كثيراً حتى ما قبل
الثورة ، وبطريقة لم يسجلها التاريخ
إلا ل ( بول بوت ) في كمبوديا والذبح على
القرابة . ألا يكفي هذا القدر من الرعب
الذي أسس له النظام السوري منذ عقود
كدليل لا يقبل الشك على إرهاب الدولة ،
هذا الأمر لم يحدث لا في تونس ولا في
مصر ولا في ليبيا أو اليمن ، وإنما حدث
فقط في سوريا ، ولا أعتقد أن هنالك
تفسيراً آخر لهذه الظاهرة السورية
بامتياز إلا إن كان هنالك من يعتقد أن
السوريين خرجوا قسراً ضد نظامهم الذي
يهيمون فيه عشقاً .. لذلك هم يخفون
وجوههم عنه خجلاً وحياء ، لا خوفاً
ورعباً من بطشه الذي لا يتوقف عند من
يخرج عليه بشخصه ، وإنما يتجاوزه إلى
كل من يمت له بصلة حتى ولو كان رضيعاً
في حجر أمه ! . ================= تاريخ
النشر: الجمعة 08 يونيو 2012 ويليام
فاف الاتحاد المشاعر
العالمية المحبذة للتدخل الخارجي في
الأزمة السورية كان من المفترض أن
تتعزز بما توافر مؤخراً من أدلة واضحة
على المدى الذي وصل إليه الأسد في
الغياب عن الواقع وعن معرفة حقيقة ما
يجري في بلاده. فالخطاب الذي
ألقاه الرئيس السوري أمام البرلمان
الجديد مؤخراً، غلب عليه كعادة معظم
خطبه منذ بداية الانتفاضة الطابع
المتحمس الذي يلقي بمسؤولية تلك
الانتفاضة التي بلغ ضحاياها عشرة آلاف
قتيل حسب تقديرات الأمم المتحدة، على
التدخلات الأجنبية صاحبة المصلحة،
وقوى الإرهاب العالمية -ومنها تنظيم
"القاعدة" بالطبع. تحدث الأسد في
خطابه كما لو أن الإصلاحات والدستور
الجديد قد استجابا لكافة المطالب
الشعبية للمواطنين السوريين الذين ما
تزال أعداد كبيرة منهم تحمل مشاعر
عدائية غير مفهومة من وجهة نظره- تجاه
نظام حكمه. وعندما تطرق للمذبحة
المروعة التي وقعت في قرية "الحولة"
قبل خطابه بأيام قال إن "الوحوش"
فقط هم الذين يمكن أن يرتكبوا مثل هذه
المذبحة البشعة، على رغم أن المراقبين
الدوليين يصرون على أن العناصر غير
النظامية التابعة لقواته الأمنية (الشبيحة)
هم المسؤولون عن ارتكابها. وما قاله الأسد
في ذلك الخطاب يجعلنا نصدق ما يتردد من
أن ذلك الرجل الذي انتزع من مجتمع
أطباء العيون في لندن ليرث الحكم في
سوريا على غير استعداد، رجل بليد الذهن-
كما يبدو- وأن آخرين من عائلته وحاشيته
هم من يملكون مقاليد الأمور بالفعل في
ذلك البلد التعيس. وبالنسبة لبعض
الصقور في الغرب، يمثل التدخل العسكري
الناجح ل"الناتو" إبان الانتفاضة
الليبية سابقة مغرية بالتكرار. وهناك
في الوقت الراهن بعض الناس في دوائر
واشنطن وتل أبيب، ممن يرون في الأوضاع
السائدة حالياً في سوريا، فرصة لإطاحة
ونزع سلاح عدو آخر، وإضعاف إيران
بالتبعية. وردود فعل
هيلاري كلينتون وغيرها من المسؤولين
الغربيين تشبه إلى حد كبير من حيث
نمطها مثيلتها إبان الحرب الباردة،
حيث يصرون على أن روسيا تمثل عقبة
لتحقيق السلام في سوريا على رغم أنها
في الحقيقة يمكن أن تكون مفيدة في
التوصل لتسوية للأزمة بشرط أخذ
مصالحها في منطقة الشرق الأوسط في
الحسبان، ومراعاة أن سوريا دولة
كبيرة، ومعقدة نسبياً، وذات مجتمع
غني، ومحوطة بجغرافيا حساسة، وليست
دولة صحراوية شاسعة المساحة يمكن
هزيمتها بسهولة، ومن دون إلحاق خسائر
كبيرة بالمدنيين كما كان الحال في
ليبيا. وإذا ما أخذنا
الاضطرابات السائدة في الشرق الأوسط
في الاعتبار، فسنجد أن من الصعب علينا
الاقتناع بأن الولايات المتحدة
وإسرائيل يمكن أن تجدا فائدة ما في
إضافة حرب أخرى إلى شبه الحرب الأهلية
المشتعلة الآن في سوريا. ومما يشار
إليه في هذا السياق أن مفكراً مثل هنري
كيسنجر قد كتب حول هذه النقطة في مقال
نشر له مؤخراً حذر فيه من أننا -يقصد
الولايات المتحدة- في هذا المقام "يجب
أن نراعي عند استجابتنا لكارثة ما ألا
نكون سبباً في تيسير حدوث كارثة أخرى". ومن المعروف أن
مبادرة كوفي عنان موفد الجامعة
العربية والأمم المتحدة إلى سوريا لم
تحظ سوى بقدر محدود من الحماس في
الدوائر الغربية، لأن روسيا -ومعها
الصين- قد عرقلتا التقدم في حل الأزمة
بسبب إصرارهما على عدم التخلي عن
مصالحهما في سوريا، ووجودهما العسكري
هناك، لصالح حل ذي توجهات غربية سيكون
هو المحصلة المرجحة للعمل الدولي الذي
يتم الآن لحل الأزمة في ذلك البلد. ومع هذا فإن هناك
مؤشرات تفيد بأن روسيا على استعداد
للنظر في حل لا يقوم على منافسة صفرية
ويحافظ على مصالحها في الآن ذاته،
ويمتد -كما قالت مصادر رسمية بها لأحد
الوسطاء- للمحافظة على سلامة أراضي
الدولة السورية دون اشتراط بقاء نظام
الأسد في الوقت نفسه. يشار في هذا
السياق إلى أن هيثم مناع رئيس إحدى
مجموعات المعارضة السورية قد عاد
مؤخراً من روسيا ولديه رواية مفيدة عن
التفكير السائد هناك. وقال مناع في
لقاء مع صحيفة "لوفيغارو"
الفرنسية إن روسيا ترغب في حل يحافظ
على سلامة أراضي سوريا الإقليمية ويتم
في إطاره إصلاح الجيش، وتعيين قادة جدد
لم يتورطوا في أعمال القمع ولديهم
القدرة على ضمان ولاء كافة مكونات هذا
البلد للوطن. وهناك معلومات
تفيد بأن الروس راغبون في وضع كافة
الموضوعات، بما في ذلك موضوع مصير
الأجهزة الحيوية للنظام، على طاولة
المفاوضات، طبعاً دون استثناء جهاز
الأمن الحالي الذي كان خادماً لنظام
الأسد أكثر من كونه خادماً للأمة.
وتفيد تلك المعلومات أيضاً بأن
المسؤولين الروس عندما سئلوا، ما الذي
سيلي نظام الأسد إذا ما خرج من السلطة
ردوا بالقول إن الشعب السوري هو من
يقرر ذلك. ويتصور الروس في
هذا السياق مفاوضات "عالمية"
تحافظ على قوام الجيش السوري باعتباره
ضامناً للأمة، ويتوقعون من سوريا
الجديدة أن تتبع سياسة دولية "متوازنة".
والمقترح الروسي بهذا الخصوص يروم
تخفيض النفوذ الحالي ل"الإخوان
المسلمين" وتركيا على المعارضة
السورية، وعلى آفاق الحل المأمول،
الذي قد يشتمل على السماح للأسد
بالعودة لاستئناف مهنته الطبية في
لندن. أما إجابة
السؤال المتعلق بما إذا كان نظامه -والرجال
الأقوياء فيه- الذين يعانون في الوقت
الراهن من حالة خطيرة من التشوش
والارتباك سيسمحون بهذا الحل أم لا،
فتبقى غير معروفة حتى الآن، بيد أنها
تستحق الاستكشاف والتنقيب ما في ذلك شك. ويليام فاف كاتب ومحلل
سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص
مع خدمة "تريبيون ميديا سيرفيس" ================= تاريخ النشر:
الجمعة 08 يونيو 2012 د. عبدالله العوضي الاتحاد خطاب النظام
السوري منذ اندلاع الاحتجاجات لا زال
محافظاً على تصلبه ورفض أي مقترح سياسي
للخروج من الأزمة التي ذهب ضمن ضحاياها
إلى الآن قرابة خمسة عشر ألف قتيل
وآلاف الجرحى والمعتقلين، وكانت مذبحة
الحولة طبعاً من أشنع الجرائم التي
ارتكبت إلى هذه الساعة، وهذا لا يعني
أن سيل الدماء سيتوقف لأن النظام في
خطابه الأخير أصر على المضي وفق نظرية
الخط الأحمر، وأن الحل الأمني مهما كلف
هو الذي يؤكد عليه في كل المناسبات
والخطابات التي ألقيت طوال قرابة
أربعة عشر شهراً من عمر الثورة السورية. فالنظام في أحدث
نسخة من خطاباته لم يعط فرصة لأي أمل في
التراجع عن ارتكاب المجازر تلو
الأخرى، فالعالم الآن بمراقبيه متواجد
هناك بعد انسحاب المراقبين العرب
لفشلهم في التوصل إلى أي مخرج يرضي
النظام والمعارضة في آن، لأن النظام
يصر على أن ما يحدث هو من فعل الإرهاب
والإرهابيين وبدعوى مؤامرة خارجية على
سوريا المقاومة. أي نظام في
العالم يذهب باتجاه واحد، في مثل تلك
الظروف، فهذا معناه أنه يحدد مصيره
المحتوم، لا يهم متى، لأن الزمن مهما
طال فهو كفيل بالإجابة والحسم. ليس هناك نظام في
العالم الأكبر لا يمارس قليلاً من
السياسة في التعامل مع الواقع، حتى وإن
كان هذا الواقع هو إسرائيل التي يتخذ
معها النظام السوري سياسة عدم مسها ولو
بشوكة، وإن كان خطابه منذ عقود يصب في
خانة المقاومة التي لم تثمر عن عودة
الجولان إلى أحضان سوريا الوطن الذي
عليه الرهان في هذه المرحلة الحرجة. إن الحل الأمني
الصرف لم يكن يوماً حامياً للأنظمة
الشمولية ولن تكون سوريا استثناءً
مقارنة بأبي النظام الشمولي العالمي
أيام الاتحاد السوفييتي، فقد ذهبت
دوله إما إلى الاستقلال الذاتي أو
الاندماج مع الاتحاد الأوروبي. لن ينقذ النظام
السوري مما يعانيه وإن كان يكابر في
ذلك ويتعامل مع الأرض التي تتحرك من
تحت أرجله بتجاهل تام، إلقاء اللوم على
الآخرين من الإرهابيين والتكفيريين
وغيرهم بزعمه، إلا أن شمس الحقائق لا
يخفيها الغربال، في زمن لم يعد يصلح
فيه الإعلام الذي يستمر في الكذب حتى
قد يعتقد المتابع أنه الصدق بعينه. بالسياسة يمكن
للنظام السوري إنقاذ نفسه أولاً وخط
الرجعة عن سفك المزيد من دماء أفراد
شعبه الأبرياء، هو الضامن للجلوس حول
طاولة الحلول الممكنة، دون الولوج إلى
لغة التآمر الخارجي، لأن ما حصل في
الدول التي سقطت أنظمتها مثال، حيث لم
يتأخر أحد فيها عن إلقاء خطاب التآمر. بعد الخطاب
الأخير للنظام السوري، الذي رسم
طريقاً واحداً للخروج من هذا المأزق،
لا يمكن الوصول إلى أي هدف إلا بتعبيد
الطرق المتعددة المسارات والاتجاهات،
والتي من خلالها يمكن الحديث عن أي
شيء، ما دام البطش والقتل العشوائي
الذي لا يفرق بين الطفل الرضيع والرجل
المسن وغيرهما، أمراً غير وارد
للانتقال إلى المرحلة التي تبعد كل
أطياف الوطن السوري عن الدخول إلى
النفق المظلم للحرب الطائفية التي
جُربت وخربت أكثر من دولة عربية وليس
لبنان والعراق عن المتبصرين ببواطن
الأمور ببعيد. فإذا أراد
النظام السوري الخروج من هذه الحالة
المأزومة بسلام داخلي، وقطع دابر
التدخل الخارجي المباشر، الذي لا يرغب
فيه أحد، فإن الورقة الرئيسية لا زالت
بيد النظام ذاته وطريقة اللعب بها هي
التي تقرب إليها حرب طائفية أو خارجية،
كلتاهما مرّتان، فعلى النظام اختيار
أحلاهما أو الابتعاد عن الذراع
الأمنية لصالح السلم الاجتماعي. ================= عن خطاب
رئيس بات خارج المنطق والتاريخ د. نقولا زياده المستقبل 8-6-2012 ويحلو للرئيس
الاسد الخطابة متجاهلاً ما يجري حوله،
فغالبية الصحف ووسائل الإعلام تؤكد ان
60% من الأراضي السورية أصبحت الآن خارج
سيطرة نظامه المتداعي. يتغنّى
بالتعددية وبالاعتراف بالآخر
والتسامح إلى آخر القيم السامية التي
سرعان ما تكذبها وتدحضها في الحال
شلالات الدم والمجازر البربرية وأعمال
الاغتصاب المنظم، والتعسفية المبيتة
سلفاً والاعتقال الجماعي على الظن
والتوقيف السري ومعسكرات التجميع، فما
بالك عن حرق المتهمين وتدمير الأحياء
وتقطيع الجثث، فأية تعددية هي هذه
الترهات وأي اعتراف بالآخر هو هذا وأي
تسامح يطالعنا به في جمهورية السجون
والزنازين والمعتقلات والبوليس
السياسي وفرق الموت. إن الدولة التي
تقيم وزناً للتعددية والاعتراف بالآخر
وتجل الانسان هي التي تمارس عملياً
وبالملموس هذه القيم بينما واقع نظام
دمشق هو ان كل اصابع الدنيا تشير
بأصابع الاتهام الممهور بالوقائع
الدامغة الى تورطه في إذكاء وتنظيم
وادارة النوازع الدينية والمذهبية
والتلاعب المتمادي بكل مكونات النسيج
السوري خدمة لهدف أوحد: البقاء في
السلطة مهما كان الثمن. فهو الذي يرسل
إشارات متواصلة إلى الأقليات على انها
مستهدفة ومهددة وانه في حال سقوطه
ستتعرض الى هلاك محتوم والى مجازر
وتصفيات جماعية. فمنذ انقلاب 1970
الأسدي الأول اندفع نظام العائلة
الواحدة مع ما هبّ ودبّ من الأقارب
والأنسباء وكل جلاوزة النظام الفاشي
إلى ممارسة سياسة موقعة مدروسة متابعة
ذكية استهدفت أمن المسيحيين والعلويين
والارمن والاكراد واليزيديين الخ..
السبحة لاكراههم بدافع الريبة والخوف
والظنون الكاذبة على الخضوع والامتثال
لارادة حكم الفرد الحكم الديكتاتوري
الفاشي المتربع فوق رقاب شعب سوريا
ونسيجه الطيب المعطاء. فالمسيحيون
يرحلون، والأرمن يهاجرون، والأكراد
مكتومون لا هوية لهم ولا حقوق.. لقد ظل
نظام دمشق يتلاعب بالجميع حى يتمكن من
البقاء (survive)
تماماً كما فعل بنا في لبنان، وما زال. التعددية هي
إغناء للديموقراطية وتطوير لها في كل
الميادين والصعد، فهي تماماً ما قاله
أحدهم: "... فلتفتتح مائة زهرة!"
والديموقراطية وحدها هي الكفالة
والضمانة والحياة السليمة للتعددية،
لا أنظمة المخابرات والبوليس السياسي
ومعسكرات الاعتقال ومراكز التحقيق
وأقبية الزنازين وسيطرة الرعب والخوف
والحذر والريبة والقلق السائل في خبز
السوريين اليومي، الاعتراف بالآخر هو
إطلاق الحريات العامة وتعدد الصحف
والرأي الآخر، وحرية التفكير والتعبير
والاذاعة والنشر والتوزيع وحوار
الانسان للانسان والجماعات فيما بينها
بعيداً عن المنطق القسري والعسف
والظلم والإرهاب وعسكرة البلاد بالجزم
الحديدية وبأسلحة الدمار والهلاك
والابادة. إنها النقيض لجهاز الغستابو
القائم في سوريا! ان مفردات جديدة
قد دخلت ذاكرة الشعوب العربية فأصبحت
مرادفاً للموت: ما بالك بالقوات
الخاصة، والفرقة الرابعة والأمن
السياسي وفرق الموت وفرق الشبيحة
الأوغاد؟ ما رأيك بفرع فلسطين وسجون
المزة وصيدنايا وتدمر ولسنا ندري أية
سجون اخرى ألقيت في غياهبها شرفاء
سوريا وأحرارها ومَن أصبحوا طي
النسيان ماذا عن مَن اختطف من شبان
لبنان وأين أصبحوا الآن؟ ان مثالك
الاعلى ليس باستور ولا فليمينغ ولا
سارتير ولا الأب بيار ولا الام تيريزا
ولا هو شي منه، بل هتلر وهملر وفرانكو
وسالازار وتروخيلو وبينوشيت
وكارازديتش وديفالييه سفاح هاييتي. إن معسكرات
اوشوتيز وداخاو وبوخنفالد
ورافزنسبروك.. في بشاعتها أقل وحشية من
العار الدموي الذي أرسيت عليه حكمك
الأسود الجهنمي. فعن أي تسامح وأي
تواصل وأي حوار بل عن أية معارضة
موصومة بعار الذل والمهانة تزعم
دعوتها للحوار؟ إن أهل حماه لا
ينامون ولا سكان تدمر ولا محيط الكلية
العسكرية في حلب عندما يستفيقون على
أصوات اولئك الذين امعنتم فيهم قتلاً
وذبحاً وتصفية، فهل تسمع الآن نواح
ثكالى بابا عمرو والخالدية وصراخ أهل
الرستن وجسر الشاغور وادلب وبصرى
الحرير والحراك ودوما، بالله قل لنا
مَن قام بذبح ما يزيد على مائة ضحية في
الحولة! وتتحدث بعد كل
هذا عن مؤامرة خارجية! فما رأي
اللبنانيين بحقيقة مَن خطط ورعى وأشرف
ونفذ اغتيال رجل بارّ كبير من لبنان
اسمه رفيق الحريري، وماذا عن سلسلة
شهدائنا الذين أرديتهم لتروع لبنان
وتذيقه طعم الدم المسفوح؟ وما الذي
تريده من طرابلس وعكار ومعراب والطريق
الجديدة؟ أين هسام هسام وشاكر العبسي؟
أين أصبح الآن رجل جليل مثل شبلي
العيسمي؟ ما تسميه
المؤامرة في سوريا هو بامتياز صراع
داخلي فالشجرة لن تكون بمقدورها إخفاء
الجبل الذي تتوهم عبثاً انها تخفيه.
انها حركة التاريخ اشبه بقطار يسير
بأقصى سرعته وأنت لم تستقله، وكانت
الفرصة أمامك متاحة، وهو آجلاً أو
عاجلاً سيدهمك ويطيح بك، فهو كالقدر ما
لقضائه مرد. ================= ساطع نور الدين السفير 8-6-2012 فور سقوط الشهيد
الاول للثورة السورية في درعا في آذار
العام الماضي، نصح أحد الخبراء
اللبنانيين المخضرمين بالشأن الرسمي
السوري، بالتوقف عن العد والامتناع عن
تقدير عدد الشهداء والجرحى الذين
سيفقدهم الشعب السوري، أو عن تحديد حجم
الخسائر المادية التي ستلحق بسوريا،
قبل ان تخرج من تلك المأساة الكبرى. كانت النصيحة
مثيرة للاستغراب بعض الشيء، لكنها
كانت مرفقة بإشارة الى أن الجميع، في
داخل سوريا وخارجها، سيتوصلون عاجلا
أو آجلا الى هذا الرأي، وسيتوقفون عن
إحصاء عدد القتلى والجرحى والأضرار،
بعد أن يتخطى الرقم المئة أو الالف أو
العشرة آلاف أو حتى المئة الف الاولى. وعندما بدأ
العدد يرتفع بوتيرة متسارعة، صار
الحساب يقتصر على عدد القتلى والجرحى
الذين يسقطون في اليوم الواحد، وبات
التحليل والتقدير يبنى على هذا الأساس
اليومي، الذي كان يتضمن في ذلك الحين
جمعا سريعا لإجمالي الضحايا.. الذي
تخطى الألف الاول في الأشهر الأربعة
الاولى من الثورة، الى ان أصبح الشهر
الواحد يسجل سقوط أكثر من ألف قتيل،
ونحو ثمانية آلاف جريح، وهلم جرا.. قبل المجازر
الاخيرة التي صارت عنوانا رئيسيا
وحيدا تغيب خلفه بقية العناوين
السورية، والأدق انه عندما تجاوز
الرقم العشرة آلاف قتيل في شهر شباط
الماضي، توقف الجميع عن العد،
وامتنعوا عن الجمع أو الفرز بين ما هو
مدني وما هو عسكري وما هو منشق أو مسلح
.. ولم يعد حجم الضحايا الاطفال والنساء
والشيوخ يثير الانتباه، على الرغم من
أنه كان ولا يزال يتصاعد بوحشية لا
مثيل لها. اليوم، وبعد
مرور خمسة عشر شهرا على سقوط الشهيد
الاول، ليس هناك من يطلب أو من يعطي
رقما دقيقا أو حتى تقريبيا للضحايا.
ثمة من يتذكر الشائعات الاولى التي
راجت في أواسط العام الماضي عن ان
الشعب السوري سيدفع أكثر من مليون
شهيد، وثمة من يذكر ما قيل يومها عن أن
عدد السوريين سينخفض من ٢٣
مليونا الى ما دون العشرين مليونا،
وليس من المستبعد أن يهبط الى المعدل
الذي كان عنده قبل ثلاثين أو أربعين
سنة... منذ البداية،
كان هناك تقدير مخيف مفاده أن الحروب
الاهلية اللبنانية أو العراقية أو
السودانية أو الصومالية ستبدو أشبه
بنزهة بالمقارنة مع الحرب الأهلية
السورية.. وكان هناك يقين بأن العالم لن
يكترث للمذابح التي ينفذها السوريون
بحق بعضهم البعض، ولن يتدخل لوقفها،
لكنه سيقصف سوريا ببيانات رسمية تتضمن
أشد عبارات الشجب والاستنكار
والاستهوال، ولن يتردد في العثور على
مصطلحات جديدة أقسى بكثير من تلك التي
استخدمها في منتصف التسعينيات لإدانة
مذابح بوروندي أو يوغوسلافيا. هل يمكن أحداً أن
يعطي اليوم مجموعا تقديريا لعدد
القتلى والجرحى، أو حتى لعدد
المفقودين الذين يقال ان عددهم تجاوز
الثلاثين ألفا؟ هل يمكن أحداً أن يتكهن
بموعد الانتهاء من تلك العملية
الحسابية التي تدمي القلب وتدمع
العين؟ ================= راجح الخوري 2012-06-08 النهار عندما يجتمع
الرئيسان باراك اوباما وفلاديمير
بوتين في لوس كامبوس في المكسيك على
هامش قمة العشرين [18 – 19 حزيران] سيكون
مستقبل الوضع السوري اي مرحلة ما بعد
الاسد الملف الاول على الطاولة. هذا
الاجتماع يفترض ان يخرج بتفاهم الحد
الادنى على مسألة دقيقة وحساسة، لأن
النظام السياسي الذي سيحكم سوريا بعد
الاسد سيشكل بلا ريب تغييراً في قواعد
اللعبة تتجاوز الوضع الداخلي لتتصل
بحسابات استراتيجية اقليمية ودولية
تبدأ في طهران وتنتهي في موسكو. والحمى
الديبلوماسية هذه الايام هي نتيجة
اجماع دولي على ان النظام لن يتمكن من
البقاء وان من الضروري رسم مخارج متفق
عليها ولو بالحد الادنى، لمنع اندلاع
الحريق السوري في اذيال المنطقة. وهكذا
عندما يدعو كوفي انان الى تشكيل "مجموعة
اتصال دولية" موسعة تشمل كل
اللاعبين على الحلبة السورية بما في
ذلك ايران، فأنه يحظى بتشجيع واضح من
موسكو التي تدعم خطته التي ستفضي في
النهاية الى "الحل اليمني" الذي
جرى توافق عليه منذ اشهر! هذا التشجيع عبر
عنه سيرغي لافروف الذي يراقب بحذر
تحركات هيلاري كلينتون المحمومة وقد
انهت اول من امس اجتماعاً في اسطنبول
حضرته 14 دولة ودعا الى تشكيل "هيئة
تنسيق" تسعى لتوحيد المعارضة
السورية في اجتماع سيعقد في 10 - 16 من
الجاري ولتنسيق عملية الانتقال
الديموقراطي في مرحلة ما بعد الاسد. كلينتون تواصل
تحركها السريع فتلتقي اليوم كوفي
انان، بعد تلويح اميركي باللجوء الى
الفصل السابع تلبية لطلب الجامعة
العربية، وهو ما رد عليه البيان الروسي
- الصيني المشترك الذي عارض التدخل
العسكري لتغيير النظام بشكل قاطع وهو
تدخل وصفه لافروف بأنه كارثة. لكن هذا
لا يعني ان واشنطن لا تؤمن بضرورة
اشراك روسيا في نوع من "الاستراتيجية
الانتقالية" في سوريا، والدليل ان
فريديريك هوف المسؤول عن الملف السوري
في الخارجية الاميركية يجري في موسكو
مع عدد من مساعديه منذ يومين، محادثات
يفترض انها ترسم تصوراً متفقاً عليه في
الحد الادنى لتقاسم الجبنة السورية! منذ 10 آذار
الماضي عندما حضر لافروف اجتماع
الجامعة العربية الذي دعا الى اعتماد
"الحل اليمني" لتسوية الازمة
السورية، بدا ان موسكو لا تعارض تغيير
النظام في المبدأ لكنها تحرص على ألا
يقوّض هذا التغيير المصالح الروسية
التي ارسيت في خلال 40 عاماً وألا تحصد
في سوريا ما سبق ان حصدته في ليبيا. بعد مجزرة
الحولة سرّعت موسكو وتيرة نزولها عن
شجرة الاسد لكنها تحرص على ان تبقى لها
حصة في الثمار السورية، ولأنها تدرك
اهمية ما قاله الامير سعود الفيصل
صراحة عن امكان تضرر مصالحها في
العالمين العربي والاسلامي، فإنها
تفاوض الاميركيين الآن على حصتها من"الجبنة
السورية"! ================= روسيا
يتحدَّد موقفها في سوريا بعد تقرير
أنان الخلاف
يتركّز على مرحلة ما بعد الأسد اميل
خوري 2012-06-08 النهار السؤال الذي
يثير قلقاً متعاظماً لدى الدول
المعنية هو متى تُحل الأزمة السورية
وكيف، وهل مطلوب المزيد من المجازر كي
يتحرّك المجتمع الدولي ويفرض حلاً
لها؟ في معلومات
لمصدر ديبلوماسي اوروبي ان المجتمع
الدولي متفق على تنفيذ خطة كوفي أنان
لكن الخلاف يدور حول الآلية، هل تبدأ
برحيل الأسد ام يكون رحيله نتيجة
التنفيذ؟ وثمة خلاف آخر حول مرحلة ما
بعد الأسد وهو ما يشغل روسيا ويجعلها
ترفض سقوط نظامه قبل الاتفاق على
البديل منه. وفي المعلومات
ايضا ان روسيا تنتظر تقرير أنان الى
مجلس الامن كي تتخذ موقفا في ضوئه وبعد
الاستماع الى شرح لاسباب تعثر تنفيذ
خطته، ومن هي الجهة او الجهات
المسؤولة، وهل سيطرح خطة بديلة وهل
تكون مقبولة من الجميع؟ لقد طالب المجلس
الوزاري لجامعة الدول العربية في
الدوحة مجلس الامن بتطبيق خطة المبعوث
الدولي والعربي الى سوريا كوفي أنان
عبر اللجوء الى الفصل السابع من ميثاق
الامم المتحدة، من دون الاشارة الى عمل
عسكري، والجميع يعلمون انه لا يمكن
اللجوء الى الفصل السابع من دون موافقة
روسيا والصين او امتناعهما عن التصويت.
فهل بات في الامكان تنفيذ خطة أنان
ببنودها الستة بعدما اعلن الرئيس
الاسد في كلمته امام مجلس الشعب انه
سيمضي في الحل الامني مهما كان الثمن؟
وهل في امكان الولايات المتحدة ومن
معها اتخاذ قرار بالتدخل العسكري لحل
الازمة السورية مهما كانت مضاعفات هذا
التدخل واحتمال اشعال المنطقة بأسرها،
او بجعل الحرب الاهلية في سوريا البديل
من فشل تنفيذ خطة أنان؟ ومعلوم ان روسيا
تعارض التدخل العسكري لحسم الوضع في
سوريا لأنه يشعل المنطقة وهذا ليس في
مصلحة أحد، وتعارض ايضاً تسليح
المعارضة السورية لأنه يشعل حرباً
أهلية قد لا تنتهي إلا بتقسيم سوريا
وفي ذلك خدمة لمخططات اسرائيل. ولا تمانع روسيا
اذا ظل تنفيذ خطة أنان متعثرا ان يكون
الحل اليمني هو البديل شرط ان يسبقه
تحقيق وفاق وطني لتسهيل الدخول في
المرحلة الانتقالية ومن دون مواجهة
خلافات تفتح ابواب الفوضى والفراغ،
خصوصا ان المعارضة السورية مبعثرة
ومشتتة ولا بد من توحيدها كي تصبح
صالحة لمواجهة المرحلة الانتقالية،
وان روسيا مستعدة لاستضافة اركان
المعارضة مع السلطة السورية برعاية
الامم المتحدة. وتريد روسيا في المقابل
الحصول على تسهيلات لرعاياها في الدول
الاوروبية وعلى امدادات الطاقة وان
يكون لها نفوذ حيث لها مصالح حيوية. ومن الافكار
التي تطرح في ضوء تقرير أنان: زيادة عدد
المراقبين الدوليين في سوريا توصلا
الى وقف النار، وتمديد مهمتهم فترة
جديدة او ارسال قوة دولية تشارك فيها
روسيا والصين لتنفيذ خطة أنان او اي
خطة بديلة تجعل روسيا تقتنع بضرورة
رحيل الاسد لأن لا امل في تنفيذ اي خطة
بوجوده، خصوصا ان روسيا باتت مقتنعة
ضمنا بأنه لا بد من رحيله في نهاية
المطاف، وقد تصبح وجهات النظر بينها
وبين اميركا متقاربة عند الاتفاق على
آلية حل الازمة السورية وعلى المرحلة
الانتقالية خصوصا بعدما اعلنت وزيرة
الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان
تنحي الاسد هو نتيجة وليس شرطا مسبقا،
وقول نائب وزير الخارجية الروسي إن
روسيا لا تعتبر بقاء الاسد في السلطة
شرطا مسبقا لتسوية النزاع حول الوضع في
سوريا. الواقع ان
التخوف من احتمال اندلاع حرب اهلية
كارثية في سوريا، وقد حذر الامين العام
للامم المتحدة بان كي مون منها،
والتخوف من تدخل عسكري يشعل المنطقة
ويدخلها في فوضى تقودها الى المجهول،
وان لا خطة بديلة من خطة أنان تحظى
بالاجماع حتى الآن تجعل المجتمع
الدولي يتحرك باحثا عن آلية ناجعة
لتنفيذ هذه الخطة معدلة او اي خطة
اخرى، وهذا ما جعل الجدل السياسي
يتصاعد في المجتمع الدولي حول
الخيارات الممكنة في سوريا سواء داخل
مجلس الامن او خارجه، وان يضطلع
بمسؤولياته. فسوريا بعد مجزرة الحولة
وما تبعها من مجازر ليست كما قبلها ولا
بد من ان تواجه فصول العنف المدمر خلال
الاشهر القليلة القبلة، بحيث تسرَّع
المرحلة الانتقالية بالاتفاق على
البديل من السلطة السورية الحالية
ويكون هذا البديل مقبولا من جميع
المعنيين. لكن الولايات
المتحدة بحسب المعلومات قد لا تحسم
امرها في ما يتعلق بالازمة السورية إلا
بعد الانتخابات الرئاسية فيها، لئلا
يؤثر القرار الذي تتخذه في هذا الشأن
على نتائج الانتخابات. فالرئيس
الاميركي الجديد او المجدد له وهو
باراك اوباما قد يختلف تعاطيه مع نظيره
الروسي بوتين وهو مستهل ولايته، اذ
يستطيع ان يقارن بين الثمن السياسي
الذي سيدفعه للرئيس الروسي توصلا الى
اتفاق على حل الازمة السورية والثمن
الذي سيدفعه في حال رفضه ذلك. ================= أي حريق في
سورية سيعم المنطقة بأسرها سلامة العكور الرأي الاردنية 8-6-2012 حذر رئيس
الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من
استمرار تجاهل المجتمع الاقليمي
والمجتمع الدولي للأزمة السورية،
مؤكدا أنه إذا ما اندلع حريق في سوريا،
فانه سيعم المنطقة بأسرها.. جاء ذلك يوم
الثلاثاء الماضي خلال جلسات المنتدى
الاقتصادي العالمي للشرق الأوسط
وأوروبا وآسيا الوسطي في اسطنبول.. لقد تعمد
اردوغان لفت انتباه الحضور في المنتدى
الى تفاقم الأزمة السورية واحتمال
تطورها إلى نشوب حرب تشمل المنطقة
وتزعزع الأمن والسلام والاستقرار فيها..
وذلك لأن المشاركين في المنتدى وبخاصة
الغربيين منهم قد أعربوا عن قلقهم من
كون المنطقة مشحونة بالتوتر وبأسباب
الصراعات.. مما يعرض مصالحهم المختلفة
للخطر.. بعض الحضور ومن
بينهم الدكتور فايز الطراونة يعزو
أسباب استمرار الأزمة السورية
وتفاقمها الى استمرار الحرب الباردة
بين الولايات المتحدة الاميركية
وروسيا الاتحادية.. وذلك جراء قلق
الطرفين على مصالحهما.. وهذه الحرب
الباردة قد حالت مع اسباب أخرى دون
التوصل الى حل توافقي ينهي الأزمة
السورية ويبدد أسباب التوتر والصراعات
بالمنطقة.. فالولايات المتحدة
الاميركية والدول الحليفة في العالم
الغربي وفي منطقتنا تسعى لاسقاط نظام
بشار الأسد.. وروسيا الاتحادية ومعها
الصين الشعبية تؤيدان نظام بشار الأسد
لأسباب مصلحية.. أما الشعب
السوري الذي ينزف وتراق دماء أبنائه
وأطفاله وحرائره على أرض وطنه وفي مدنه
وقراه، فليس على أجندة هذه الدول التي
تتصارع عنها قوى بالنيابة على الارض
السورية.. علما بأن الشعب السوري هو
الذي ينبغي ان يحظى بتأييد المجتمع
الإقليمي والمجتمع الدولي ويحظى
بأسباب ودوافع الذود عنه وعن مقدراته
وليس الحاكم وأنصاره أو معارضيه.. لذلك فان حقن
دماء المواطنين في سوريا وانهاء هذه
الازمة التي قد تتطور الى حرب أهلية
ولربما الى حرب اقليمية لا تبقي ولا
تذر واجب على المجتمع الدولي وقبل ذلك
على المجتمع الاقليمي بما فيه
العالمان العربي والإسلامي.. الشعوب هي
الباقية.. وهي التي يجب ان يحسب حسابها
لجهة الحفاظ على امنها واستقرارها
وأمان أبنائها وحقها في تقرير مصيرها
بنفسها، وكذلك الحفاظ على فرص نموها
وتقدمها وازدهارها.. وليس ابادة
ابنائها وتدمير مدنها ومنشآتها
المدنية والحضارية واستنزاف مقدراتها
الاقتصادية والأمنية.. لقد آن الأوان
لدعم مهمة المبعوث الدولي كوفي عنان من
جميع الأطراف الاقليمية والدولية لنزع
فتيل الأزمة من خلال منع الحل العسكري..
وصولا الى حل سياسي توافقي بين
الموالاة والمعارضة عن طريق الحوار
الهادئ والبناء والا فان شبح الحرب
الأهلية أو الاقليمية سيظل يلوح في افق
المنطقة.. ================= الجولان
إكسير الحل لما يجري في سورية مالك خلف القرالة 2012-06-07 القدس العربي هل يفعلها بشار
ويفتح جبهة الجولان؟! الطبيب الذي
أعيته حالة ما يجري في سورية والدواء
بين يديه! إن الناظر لما
يجري في سورية يرى أن دوامة العنف
ستأخذ منحنى الحالة الجزائرية في
تسعينات القرن الماضي إن استمر الأمر
على ما هو عليه، شعب أعزل وقتله في
الجبال والأرياف ونظام يقف عاجزًا يقع
بين الاتهام وبين فضيحة العجز، حيث كان
القتل والتنكيل لقرى بأكملها وبدم
بارد وبقلوب ميتة لا تعرف للإنسانية
والرحمة أي مكان، وهذا بنظر النظام من
صالحه، رغم قساوة المشهد فهو سيبقى كما
بقي النظام الجزائري، وأن ما من حل
يلوح بأفق من يراهم النظام السوري
متآمرين غير النموذج الليبي كي
يسقطوه، وهذا النموذج صعب التنفيذ
خوفًا من امتداد شرارة غضب النظام
السوري لإسرائيل إن كان له غضب في
الأصل، لذلك فهذا الخيار بعيدًا عن
التطبيق الفعلي بنفس الأسلوب، لكن ما
لم يأخذه النظام السوري بعين
اعتباراته أنه ليس ببعيد عن سيناريو
تبدأ خطواته التنفيذية بلبنان، حيث أن
تفجير الوضع اللبناني يمثل شارة
النهاية لآخر مشاهد النظام السوري،
وما لا يعتقد النظام السوري بوجوده وهو
الأرضية وقاعدة الانطلاقة نحوه
سيستطيع من يراهم متآمرين عليه
إيجادها في لبنان متفجر ومحترق بسرعة
وفي غضون أسابيع، وهنا سيكون النموذج
الليبي مطبقا وفق سيناريو أوسع لا
يقتصر على الجو وتوجيه الضربات الجوية
بل سيقابله زحف بري من الجانب
اللبناني، وربما سيدفع هذا التوجه دول
المحيط السوري الى تخطي عقبة التفجير
الداخلي للزحف بريًا بحجج إنسانية،
وعندها سيقع النظام السوري فريسة سهلة
من قبل دول الطوق، ولن يستطيع التنفس
أصلاً حتى يفكر بضرب إسرائيل، وعندها
سيسقط هذا النظام لكن سقوطه سيكون
مدويًا معلنًا افتتاح أفق لا منتهي من
دوامة العنف الطائفي في المنطقة
ليشتعل بعدها الخليج، وتبقى إسرائيل
في نهاية السيناريو الرابح الوحيد من
دوامة العنف المستمرة في المنطقة. إن ما من حل
ومخرج مشرف للنظام السوري حتى لو وصفت
بالانتهازية للخروج من أزمته غير
تسريعه بفتح جبهة في الجولان العربي
المحتل، وغير ذلك فإن النظام السوري
يراهن على العبثية بفكرة الصمود،
وعليه أن لا يراهن كثيرًا على روسيا
والصين فقد راهن عليهم العراق وسقط
وراهن عليهم القذافي وسقط.. فهل يعقل
الدرس ويفعلها بشار ولو برصاصة واحدة
تكتب له في صفحات التاريخ المشرقة. إن الجبهة
الخارجية في الجولان ستحمل الإكسير
السحري لتهدئة الداخل السوري وستحمل
الإكسير السحري لميلاد قائد عربي جديد
حتى لو هزم في الميدان. ================= المعارضة
السورية مع اقتراب ساعة الحسم صحف عبرية 2012-06-07 القدس العربي مسألة المعارضة
السورية وقدرتها على أن تشكل بديلا
لحكم الاسد، كانت احدى المسائل
المركزية وغير المحلولة قبل اندلاع
الربيع السوري في اذار 2011. نظام عائلة
الاسد نجح في تثبيت نفسه على مدى 42 سنة
كمنظومة مستقرة لم تترك مجالا واسعا
لنشاط المعارضة الداخلية، باستثناء
تمرد الاخوان المسلمين الذي قمع في 1982
وفترة قصيرة جدا في بداية حكم بشار
عُرفت باسم 'ربيع دمشق'. في ظل غياب
معارضة داخلية ذات مغزى، بقيت الساحة
أساسا في يد جماعات المعارضة التي عملت
من خارج سوريا. وتراوحت هذه بين محور
المنسحبين من النظام مثل رفعت الاسد،
عم بشار، او عبدالحليم خدام وبين
المحور النشط للاخوان المسلمين (الذين
نقلوا مركز نشاطهم الى خارج سوريا بعد
احداث 1982) والى جانبهم بعض جماعات
الاقليات، ولا سيما الاكراد
والمسيحيين. وتضمنت المعارضة ايضا
شخصيات ليبرالية اكثر مثل رجال 'اعلان
دمشق' الاعلان الذي وقع عليه 500 مفكر
وناشط سوري في 2005 مطالبين بالغاء
قوانين الطوارىء، احترام حقوق الانسان
وحقوق الاقليات والشروع في حوار وطني
على مستقبل سوريا. كما أنها تضمنت
احزاب منفى كحزب الاصلاح السوري، حزب
الانفتاح أو 'التحالف الديمقراطي
السوري'، ممن عملوا على نحو منقطع عما
يجري داخل سوريا. المعارضة السورية بعد
بدء الثورة لم تعد تدور حول ذات
المحاور. من جهة، كان يخيل أن 'المعارضات
الرمزية' بمعنى تلك التي مثلت بقايا
النظام القديم، وكذا تلك الجماعات في
المنفى، ممن عملوا أساسا لاغراض
العلاقات العامة ولكن دون تمثيل حقيقي
على الارض فقدت نفوذها. ومن جهة اخرى،
التنظيمات الجديدة التي نشأت على
الارض وفرت جملة من الوجوه الجديدة
التي تبدو اكثر أصالة وان كانت أقل
شهرة. وبالعموم يمكن القول انه
باستثناء محور الاخوان المسلمين الذي
حافظ على استقرار نسبي وبعض الشخصيات
في المحور الديمقراطي لدائرة 'اعلان
دمشق'، فان معظم رجالات المعارضة
القدامى والمعروفين دحروا الى الهوامش
في ضوء الواقع المتغير وزعماء الثورة
الجدد الذين خرجوا منها. عدة متغيرات
يمكنها أن تشرح الصعوبة في 'وحدة الصف'
للمعارضة. الاول يكمن في مبنى المجتمع
السوري، في الفسيفساء الطائفي، القبلي
ومبنى المصالح المختلفة للقوى
السياسية المركزية في سوريا: رجال
الاخوان المسلمين (الذين ينقسمون بين
قيادة الداخل والخارج)، زعماء
القبائل، مجموعة اعلان دمشق (والتي
بكونها ديمقراطية تنقسم على ذاتها)؛
المجموعة الوطنية التي بعضها يتشكل من
رجال اصلاح من النظام القديم؛ الاكراد
الذين اقاموا مجلسا خاصا بهم يدعو الى
حكم ذاتي ثقافي بل والى فك ارتباط
سياسي عن سوريا؛ والمسيحيين الآشوريين.
المتغير الثاني يكمن في التوتر
البنيوي الذي بين آلية الداخل وآلية
الخارج. فالثورة التي بدأت في مدينة
حمص الجنوبية وانتشرت بالتدريج الى كل
أرجاء سوريا، خلقت مبنى قياديا مبعثرا
وغير متجانس يضم لجان المقاومة
المحلية، سرايا 'الجيش السوري الحر'
ومجموعات وشخصيات قادت المظاهرات
ونشاطات اخرى. الزعماء الميدانيون في
سوريا ليسوا دوما على تنسيق مع القيادة
السياسية التي تتخذ من خارج سوريا مقرا
لها. متغير آخر هو دور
جهات خارجية وعلى رأسها حزب الله،
ايران ومنظمة القاعدة التي وجودها، او
وجود منظمات سلفية راديكالية منها
أكدته مؤخرا محافل المعارضة. أجهزة
الامن الاردنية تقدر بان نحو 1.500 مقاتل
من الجهاد يشاركون اليوم في القتال في
سوريا. دور ايران، الذي يجد تعبيره في
نقل الاموال والمعدات، دعم حزب الله
ومحاولات سياسية للتأثير على المعارضة
السورية، يفاقم هو ايضا الانشقاق
ويثير القلق لدى اولئك الذين لا يزالون
يأملون في ايجاد طريق لبناء سوريا اكثر
ليبرالية وديمقراطية. انطلاقا من
الاعتراف باهمية الوحدة ومحاولة
التغلب على المصاعب انعقدت في اسطنبول
في تشرين الاول 2011 مجموعة نشطاء سوريين
في معظمهم مثقفون منفيون لاقامة
المجلس الوطني السوري. على أساس
الالهام الذين استمده من المجلس
الانتقالي الليبي، حاول المجلس الوطني
السوري، ب 270 من اعضائه ان يبني نفسه
كنموذج لمبنى سياسي يمكنه أن يرث مع
حلول اليوم الحكم في الدولة. وعين
المجلس سكرتاريا من 21 عضوا ولجنة
ادارية من 8 أعضاء على أساس المجموعات
المركزية آنفة الذكر. توزيع المقاعد
التمثيلي هذا نص عليه في اتفاق التشكيل
انطلاقا من الرغبة للتوازن بين
الجماعات الاساسية المختلفة وكذا لخلق
صورة معارضة تمثيلية. منذ تشكيله،
انعقد المجلس في تشكيلات مختلفة أكثر
من دزينة من المرات انطلاقا من الرغبة
في توحيد الصفوف وتحقيق اعتراف دولي
فيه كهيئة معارضة سورية تمثيلية. غير
أن الجدالات الداخلية، الاستقالات
والرسائل العامية التي كتبت ضد المجلس
وزعمائه، أدت الى فشل خطوتين: من جهة لم
يحظَ المجلس بالاعتراف الخارجي الذي
تطلع اليه، ومن جهة اخرى لم ينجح في أن
يموضع نفسه في الساحة الداخلية
السورية كهيئة تمثل المعارضة بألوانها
المختلفة. في هذا السياق
ينبغي أن نتناول على نحو منفصل الدور
الهام للمعارضة العسكرية والتي اتسعت
في ضوء تواصل الاحداث في سوريا.
المعارضة العسكرية بدأت تنتظم برعاية
لجان المقاومة المحلية وبعد ذلك
برعاية جيش سوريا الحل، الذي فجأ
الكثيرين في انجازاته حيال الجيش
السوري في الاشهر الاخيرة من العام 2011 (ولا
سيما النشاط في جسر الشاغور،
الرُستان، الزبداني، إدلب، حمص بل وفي
عدة ضواحي من دمشق). زخم التمرد العسكري
أدى الى موجة فرار مثل فرار المقدم
حسين حرموش الذي بروح العصر نشر قراره
في فيلم قصير صدر على لانترنت. ولاحقا
ضم اليه نحو 150 جنديا في اثناء الحملة
في مدينة بضمة في اقليم ادلب في حزيران
2011. الفرار المغطى اعلاميا ادى لى موجة
من الفرار المشابه والى اقامة 'حركة
الضباط الاحرار'، شكلت القاعدة
المنظمة الاولى للمعارضة العسكرية. بعد نحو شهر من
ذلك، في تموز 2011 أعلن العقيد رياض
الاسعد الى جانب 6 ضباط منسحبين، عن
اقامة جيش سوريا الحر وهدفه تنسيق
العمل العسكري ومعالجة الاحتياجات
اللوجستية للمقاتلين وللسكان
الخاضعين لحصار قوات الاسد. غير أن هنا
ايضا وحدة الهدف لم تمل وحدة الصف.
الاسعد، الذي يعتبر اكثر ارتباطا
بلجان المقاومة في سوريا، اختار الا
يرتب بالمنظمة العليا للمجلس الوطني
السوري، الذي في هذه الاثناء أقام
مجلسا عسكريا خاصا به. الاتراك،
المعنيون بالذات بمساعدة المجلس
الوطني، والمعسكر الاسلامي المتعزز في
داخله أوضحوا للعقيد الاسعد وشريكه
الجنرال فايز عمر بانه من الافضل لهما
قبول إمرة المجلس الوطني. وردا على
المسار الذاتي الذي اختاره الرجلان،
يمنعهما الاتراك من الخروج من حدود
معسكر اللاجئين أفيدين القائم في نطاق
تركيا، او الحديث مع الصحفيين
والدبلوماسيين الذين حاولوا زيارتهما.
الاسعد وعمر من جانبهما يواصلان مساعي
التنسيق ويفحصان امكانيات مظلة سياسية
خارج صفوف المجلس الوطني السوري.
بالتوازي أعلن عدد من زعماء القبائل عن
اقامة الذراع العسكري لقبائل سوريا
والذي يعمل بالتوازي مع سرايا الجيش
الحر. تحدي وحدة الصف
بعيد إذن عن ان يكون في متناول اليد. في
الجبهة السياسية يقف المجلس الوطني
الذي يعكس تمثيلا أدق لجماعات مصلحية
ضيقة، اسلامية في معظمها فيما يقف
حياله رجال معارضة قدامى غير مستعدين
لمنحه الشرعية وكذا جماعات منافسة سبق
أن اقاموا حكومة مستقلة في المنفى
برئاسة نوفل الدواليبي، ابن معروف
الدواليبي الذي شغل منصب رئيس الوزراء
الاخير في سوريا قبل انقلاب البعث في
1963. الانتقاد الداخلي والخارجي يمنع
المجلس الوطني من أن يترسخ كهيئة
تمثيلية للمعارضة السورية وكشريك
مركزي لحكومات الغرب التي تسعى الى
مساعدة هذه المعارضة. في الجبهة
العسكرية يعتبر الجيش السوري الحر
كمؤثر، مصداق وأكثر ارتباطا بالميدان.
غير ان هنا أيضا، واضح ان صف القيادة
ليس موحدا. فخليط من ادارة المعركة من
معسكر لاجئين تحت اشراف تركي وبين
الاحداث في الميدان والتي تحركها لجان
المقاومة المحلية يدل على قيادة
عسكرية معناها رمزي كونه من الصعب
ادارة الحرب في ظل غياب قيادة، وسائل
اتصال بل وحتى حرية حركة للقادة. ومع
ذلك، تنجح المعارضة العسكرية في
مواصلة ضرب الجيش السوري كما تفيد
القضية الاخيرة التي انكشفت فيها
محاولة التسميم التي جرت ضد وزير
الدفاع السوري، داود رزحا، وزير
الداخلية محمد الشهار وصهر الاسد ورجل
ثقته عاصف شوكت. الدول الغربية،
التي لا تزال تبحث عن الطريق السليم
لمساعدة المعارضة، تبنت لنفسها منذ
الان عدد من القنوات في ظل تشتيت
المخاطرة والامتناع عن الاعلان عن
مجموعة معينة، بما في ذلك المجلس
الوطني، كمنظمة ممثلة. على خلفية
الانتخابات في مصر والتي أظهرت
المسافة التي بين بدايتها كثورة
ليبرالية ونهايتها بتعزز كبير للاصوات
الاسلامية، يحذر في افعالهم ايضا
اولئك المعنيون بنجاح المعارضة. ومع
ذلك، واضح أنه بدون مساعدة خارجية
سيصعب على المعارضة الصمود وعليه
يتردد الغرب في مسألة من يدعم في ظل
محاولات حذرة لمساعدة المحافل التي
تعتبر اكثر اعتدالا. في هذه الاثناء
هنا ايضا لا توجد وحدة صف ويخيل أن
الغرب يبذل استثماراته في معسكر
المعارضة الليبرالية بينما محافل في
الخليج وفي ايران (التي تفهم بانه يجب
الاستعداد لسيناريو لا يتضمن الاسد)
تعزز المعارضة الاسلامية، وذلك
بالتوازي مع محاولات السعوديين تحقيق
حل وسط سياسي وحوار بين المعارضة
والاسد. ظاهرة الانقسام
ليست جديدة وبقدر كبير تميز آلية 'الربيع
العربي'. والدليل 81 حزبا ومئات
المرشحين المستقلين في الانتخابات
التونسية وظاهرة مشابهة في مصر. وعليه
يخيل أنه لا يمكن التوقع لتغييرات ذات
مغزى في آلية 'وحدة الصف' من الداخل. من
هنا فان المفتاح ل 'محطم التعادل'
الممكن يكمن في قرار الغرب التدخل في
صالح المعارضة بشكل عام في ظل اختيار
واع للمعسكر الصحيح. غياب التدخل الذي
يجد تعبيره في اعتراف سياسي، في مساعدة
للجيش الحر او في ضمان رواق انساني،
سيساعد الاسد على استغلال الانقسام
لغرض تأكيد الادعاء بان الاحداث في
سوريا تحركها اساسا محافل الارهاب
وليس المعارضة الشرعية. تدخل الغرب وان
كان سيقرب تنحية الاسد الا انه ينطوي
ايضا على مخاطرة لمواصلة الانقسام
وتعاظم العنف في اليوم التالي. ومع
ذلك، يبدو أن استمرار الاحداث في
صيغتها الحالية وتعزز المحافل السلفية
سيعزز امكانية أن يتدخل الغرب اخيرا
ليغير موازين القوى بين النظام
والمعارضة. ومثلما في حالة ليبيا، يخيل
أن هنا ايضا يلوح سيناريو تقود فيه
اوروبا الخطوة. مفترق الشرق
الاوسط 7/6/2012 ================= عبد الباري عطوان 2012-06-07 القدس العربي مجزرة امس التي
وقعت في بلدة القبير في ريف حماة وسقط
فيها ما يقرب من المائة شخص ذبحا وحرقا
على ايدي ميليشيات موالية للنظام، حسب
معظم الروايات، جاءت افضل هدية
للأطراف السورية والعربية التي تستعجل
التدخل العسكري الاجنبي لاسقاط النظام
السوري وتكرار السيناريو الليبي. هذه المجزرة
جاءت بعد اقل من اسبوع على مجزرة
الحولة، التي وصف الرئيس الاسد نفسه من
اقدموا على تنفيذها بالبشاعة والهمجية
التي شاهدناها بأنهم وحوش، وقتل فيها
خمسون طفلا معظمهم ذبحا. السلطات السورية
نفت حدوث هذه المجزرة من الاساس
كعادتها دائما، ثم اعترفت بمقتل تسعة
اشخاص على ايدي جماعات ارهابية مسلحة،
ثم التزمت بعد ذلك الصمت. اذا كان من ارتكب
هذه المجزرة هي جماعات مسلحة، فلماذا
لم تسمح هذه السلطات لفريق المراقبين
الدوليين بزيارة البلدة والتحقيق
فيها، ومقابلة الناجين منها لأخذ
شهاداتهم؟ وكالة الانباء
السورية قالت ان السلطات سمحت
للمراقبين بالذهاب الى البلدة، ولكن
الجنرال روبرت مود قائد فريق
المراقبين الدوليين قال انه ذهب
ومجموعة من زملائه الى حماة لمعاينة
المكان والتحقيق في المجزرة ولكن
حواجز للجيش السوري ومجموعات من
الميليشيات المدنية المسلحة اعترضت
طريقه ومنعته من أداء مهمته، وقال انه
سيعاود الكرة اليوم الجمعة. واذا كان
النفي السوري جادا فلماذا لا نرى لجنة
تحقيق دولية وسورية مشتركة تحقق في هذه
المجازر، لأن مصداقية لجان التحقيق
السورية معدومة تماما. هذه المجازر هي
احدى حلقات التطهير الطائفي في سورية،
وهي الفتيل الذي اشعل، بل سيزيد
اشتعالا نيران الحرب الاهلية الطائفية
التي ستمزق الوحدة الجغرافية
والديموغرافية لسورية، وتفرّخ كيانات
صغيرة مشوّهة ومتقاتلة ربما لعشرات
السنين المقبلة. النظام السوري
مطمئن الى تراجع احتمالات التدخل
العسكري الدولي، لأنه يحظى بدعم روسيا
والصين وايران اولا، ويراهن على خوف
القوى الغربية من تكرار سيناريوهات
تدخلات مكلفة سابقة في العراق
وافغانستان على الصعيدين البشري
والمالي، ولكن ما لا يعلمه ان الغرب
يتعلم من اخطائه، ويطوّر خططا جديدة
على غرار ما حدث في ليبيا، حيث لم يرسل
جنديا واحدا على الارض واكتفى بالقصف
الجوي. ' ' ' التحرك الغربي
العربي المشترك في سورية بدأ يعتمد
سيناريو بديلا، وهو استخدام السوريين
والعرب الآخرين لخوض الحرب ضد النظام،
من خلال حرب استنزاف طويلة الامد
مدعومة بحصار خانق. هناك خياران
امام النظام: الاول ان يلجم هذه
الميليشيات التي تتمتع بحمايته ودعمه،
والثاني ان يعترف بأنها خارج سيطرته،
ولا تنطلق بتعليمات منه او بعض
المحسوبين عليه. ولا نعتقد ان الاحتمال
الثاني ممكن. هذه المجازر
علاوة على كونها تزيد من عزلة النظام
داخليا وخارجيا معا، فإنها توفر
الذرائع والحجج للذين يريدون ارسال
اسلحة ومتطوعين للقتال في سورية من اجل
اسقاطه، وتحويل سورية الى دولة فاشلة
تسودها الفوضى. روسيا ستستمر في
دعم النظام ومنع اي تدخل عسكري خارجي
لاسقاطه، ليس لدينا ادنى شك في ذلك،
واعلن سيرغي لافروف بالامس في
الاستانة ان بلاده ستمنع صدور اي قرار
من مجلس الامن الدولي يجيز تدخلا
خارجيا في سورية، ولكن هذا الموقف
الروسي قد يتغير اذا استمر النظام في
الإقدام على افعال تحرج حلفاءه، مثلما
شاهدنا في الحولة والقبير. الموقف الروسي
بدأ يتغير وبشكل تدريجي، وسمعنا
ميخائيل بوجدانوف نائب لافروف يؤكد
يوم امس ان موسكو ستقبل انتقال السلطة
في سورية على غرار ما حدث في اليمن، اذا
قرر الشعب السوري ذلك، وهو تصريح فسره
مراقبون على ان الكرملين ينأى بنفسه عن
الرئيس الاسد. ان يقول
بوجدانوف ان مصير الرئيس السوري 'ليس
امرا يتعلق بنا، بل هو امر يرجع
للسوريين انفسهم'. واضاف 'ناقش
اليمنيون سيناريو اليمن بأنفسهم، فإذا
فعل السوريون الشيء نفسه وتبنوه (السيناريو
اليمني) فإننا لسنا ضدهم'. ' ' ' هذه اوضح رسالة
توجهها موسكو للرئيس بشار الاسد منذ
بداية الأزمة تقول مفرداتها ان معارضة
التدخل الخارجي في سورية لا تعني
القبول بحالة الجمود الحالية، فروسيا
تدعم النظام ولا تدعم اشخاصا بعينهم،
فأي نظام سوري يحفظ مصالحها كاملة هي
مستعدة لدعمه. الدول العظمى لا
تتعامل بالعواطف والقيم، وتصيغ
سياساتها وتحالفاتها وفق مصالحها
الاستراتيجية، ولا نستغرب ان يكون هذا
التغيير المتسارع في الموقف الروسي هو
ثمرة 'صفقة ما' جرى التوصل اليها مع
الولايات المتحدة الامريكية، على غرار
الصفقة التي جرى التوصل اليها بينهما
وادت الى تخلي روسيا عن حليفها صدام
حسين في العراق. السيدة هيلاري
كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية
اوفدت فريد هوف المختص في الملف السوري
الى موسكو، وقال الكسندر لوكاشفيتش
المتحدث باسم الخارجية الروسية، ان
هوف سيلتقي بمسؤولين بوزارة الخارجية
الروسية 'للبحث عن البدائل الامثل
لتعزيز التحالف الدولي الداعم لخطة
كوفي عنان'، وليس صدفة ان السيدة
كلينتون طلبت عقد مؤتمر عاجل لأصدقاء
سورية في اسطنبول ليلة امس الاول، طارت
اليه بسرعة من اذربيجان. النظام السوري
يعيش مأزقا كبيرا هذه الايام، ومن
المؤكد ان المجازر التي ترتكبها قواته
او بعض الميليشيات المحسوبة عليه، لن
تخرجه من هذا المأزق بل ستزيد إغراقه
فيه. ================= الكلام في
المحرم الطائفي والطائفة الوظيفية قاسم الطباع * الجمعة ٨ يونيو
٢٠١٢ الحياة طوال عقود كان
الحديث عن واقع الطائفية في سورية
جريمة يُعاقب مرتكبها بحزم، ومن دون
رحمة. محاولة توصيف جانب من شبكة
الحماية التي أنشأها الأسد الأب،
المكونة من محاور أهلية ثلاثة:
الطائفية، العشائرية، الجهوية، كانت
جريمة لا تغتفر. وهو ما يغري بتناول كل
منها بالتفصيل، ويكفي وحده، من باب
تحدي المنع في زمن الثورة، ليبرر القول
الصريح، لولا أن لتناول هذه الأبعاد
ضرورة في وعي الثورة للواقع الموضوعي
الذي تواجهه. ومن الضرورة هذه نجد
أولوية تفكيك شبكة الحماية، التي ظهر
خلال الأشهر الماضية كيف أنها تحت
الضغط تفقد الكثير من تناسقها. فقد ظهر
في سياق مواجهة الحراك الشعبي مع سلطة
الاستبداد أن نجاح الأخيرة في استثارة
العصبية الطائفية ينعكس سلباً على
قدرتها على الاستفادة من التناقضات
الجهوية، ويثير الريبة في صفوف
العشائر، حين ينبه الطرفين إلى
سنّيتهما. ومن الواضح أن السلطة انتبهت
لهذا التناقض فعمدت أخيراً إلى الضغط
على أداتها الطائفية لخفض منسوب
سعيرها، تحديداً بعد ارتكابها المجازر
في مدينة حمص المنكوبة. في سورية هناك ما
يتجاوز المعروف من صراعات الشعوب مع
النظم السياسية التي جرت في العصر
الحديث. طبيعة السلطة ومنشؤها
الاجتماعي، وسبل ارتقائها ودفاعها عن
بقائها، وهبت الصراع خصوصية. فالعائلة
الحاكمة ذات المنشأ الريفي الطرفي،
والمحملة بعبء الدين المختلف عن دين
غالبية مواطنيها، لم تستطع طوال عقود
تطبيع وجودها حتى في النطاق الاجتماعي
لعاصمة الدولة التي تحكم. وكان مؤسسها
قد حافظ على تحالفه مع الضباط من أبناء
طائفته، الذين شاركوا معه في الانقلاب
العسكري الذي أتى به إلى الحكم. وهو ذهب
أثناء، وبعد، محنة حماة في الثمانينات
إلى زيادة الاعتماد على أجهزة أمن جل
قادتها وعناصرها من الطائفة العلوية.
وبعد وفاته وتوريث ابنه الرئاسة دعم
الأخير استكمال تزاوج السلطة والثروة،
وعلى رغم وجود شركاء من بقية الطوائف
إلا أن العائلة التي تحولت إلى مَلكِية
كان لها النصيب الأكبر من الغنائم. ومن
هذا المزيج الذي يكاد يكون فريداً أعيد
إنتاج سلطة شديدة الانفصال والتعالي
عن عامة الشعب، تنبسط فوق أجهزة قمع،
من رعايتها خَلقت «طائفة وظيفية». المظلومية
التاريخية كانت من الأعمدة
الإيديولوجية لتبرير الطائفة لنفسها
دورها الوظيفي القمعي. الريفيون الذين
استقدموا بأعداد كبيرة إلى المدن لملء
أجهزة الأمن والجيش لم يجدوا احتضاناً
من قبل الفئات المدنية. مجتمعات
بأكملها نُقلت من قراها إلى هوامش
المدن محملة بعلاقاتها وثقافتها
وعدائيتها. وهناك عاشت خارج عملية
الإنتاج الاجتماعية، وبقيت منبوذة من
شبكة العلاقات الاجتماعية. طوال عقود
أربعة كانت المدينة تعيش وطأة زيادة
سكانية متنامية لا تحتاجها، زيادة
مبررها الوحيد حاجة الاستبداد لإرهاب
وقمع المدينة نفسها. نتج عما سبق
مجتمعان متجاوران منفصلان، التعايش
بينهما هو تجاهل الأكثرية للأقلية
المشغولة بعوالم السلطة وتتبع أخبارها
كحال المجموعات الوظيفية عبر التاريخ.
وفي ظل العزلة أعاد الجيل الشاب من
العلويين بناء أدلوجتهم، متحررين من «لوثة»
العلمانية التي رافقت شباب آبائهم،
متمثلين ذاكرة مظلومية مزيفة تدعي
الفرادة، مفسرين من خلالها رفض مجتمع
المدينة لهم. وفي هذا ضرب من التناسب
الدينامي مع احتياجات سلطة الاستبداد
لعناصر قهر المجتمع الذين يشتركون
معها في مناصبته العداء. يمكن عد التدخل
السوري في لبنان تجربة شديدة التأثير
في وعي الطائفة لنفسها، هناك أيضاً كان
أبناؤها الأداة القمعية للسلطة. وفي
محنة الخروج المذل وجد العلويون
أنفسهم مرة أخرى متماثلين مع السلطة
التي يخدمون. كانت مطالب الحرية
والاستقلال عن الاحتلال السوري تثير
فيهم الغيظ، لأنهم فهموها دعوة للتخلص
من الامتيازات التي اكتسبوها، وهذا ما
حصل فعلاً. لذلك ما أن انطلقت أول
الاحتجاجات في درعا، وبدأت مطالب
الحرية والديموقراطية تتردد، حتى
أصيبوا بصدمة نفسية أربكتهم. كان كل
هتاف بالحرية يترجم في آذانهم نداء
للتخلص من دورهم الوظيفي، ويفسر
بواسطة أدلوجتهم تهديداً مباشراً
لامتيازاتهم، وهو ما يعني عندهم عودة
لمظلوميتهم. على رغم ذلك، ونتيجة طول
فترة السلم الأهلي، احتاج العلويون
الى تحريض إضافي من قبل السلطة لدفعهم
إلى مواجهة المتظاهرين بدموية. وخدمة
لهذه الغاية بادرت السلطة منذ اليوم
الأول للثورة إلى إثارة الإشاعات بين
العلويين، فاتهمت الثورة بالسلفية،
وقوّلتها النية باستباحتهم، وأثارت
الصدامات الطائفية حيث استطاعت، الأمر
الذي توجته في مؤامرة جسر الشغور حين
رتبتها بعناية لتكون صورة المصير
المحتوم للطائفة إن سقطت السلطة. وإذا كانت
المبالغة في تزييف الأحداث الجارية
خلال الأربعة عشر شهراً من عمر الثورة
قد أدت لموجة من السخرية مما بدا
للكثيرين سذاجة، وفشل إعلامي، إلا أن
معرفة الفئات المستهدفة من الرواية
الكاذبة، وحقيقة استقبالهم لتلفيقات
هذا الإعلام بقبول منقطع النظير، يفسر
المبالغة، ويبين مدى انسجامها مع
غاياتها. وهو ما يكشف جانباً من
استراتيجية سلطة تهتم ببناء رواية
بقصد أن تتبناها طائفة بعينها، بينما
تعلم أن السبيل الوحيد لقبول بقية
الشعب بها هو الإجبار. ختاماً: كما
دوماً، تؤدي محاولة تفسير الواقع من
خلال التركيز على المحاور الأساسية
فيه إلى إضعاف الاهتمام في جوانب أخرى
منه. فهناك إضافة للدور الوظيفي
للطائفة تسرب لبعض أبنائها إلى عملية
الإنتاج الاجتماعية. وهناك انشقاق
بعضهم، عبر اكتسابهم وعياً من خارج
أدلوجة الطائفة. وهو ما يفسر مشاركة
خيرة شباب العلويين في الثورة، ودعمهم
لها، وعدّهم إياها خلاصاً من ما
اعتبروه مصادرة للطائفة وتعريضاً لها
للمحن لمصلحة طغمة من المتسلطين
المنعمين. بخصوص هؤلاء يمكن الحديث عن
منشقين «اندماجيين»، جلهم اجترح
البطولات في صفوف الثورة. وهو ما يشير
إلى الطريق الذي يستوجب على المعارضة
المتولدة من الحراك الشعبي السير فيه،
أي إنتاج وطنية سورية بفاعليتين
متداخلتين: تقدير التعدد الثقافي
والهوياتي، ممزوجاً مع تبيان الفوائد
الاقتصادية لإنهاء حالة النهب
والإفقار؛ وتوضيح سبل الاندماج
الاجتماعي، ومنها سبل إنماء المناطق
المحرومة، وبمقدمها مناطق سكن الطائفة
العلوية التي تم إهمالها عن قصد لدفع
أبنائها للهجرة إلى حضن السلطة. ================= باتريك سيل * الجمعة ٨ يونيو
٢٠١٢ الحياة يبدو أنّ سياسات
الرئيس باراك أوباما في الشرق الأوسط
تتسبّب بمشاكل متزايدة. فلا شكّ في أنّ
استمراره في استخدام الطائرات من دون
طيّار لشنّ هجمات بالصواريخ ضد أهداف
محدّدة في أفغانستان وباكستان واليمن
والصومال وفي أمكنة أخرى، بوتيرة مرة
في الأسبوع حالياً، يولّد «إرهابيين»
أكثر من أولئك الذين يتمّ قتلهم.
فيساهم هذا الأسلوب في تأجيج حدّة
المشاعر المعادية للأميركيين، لا
سيّما أنه يتسبّب بسقوط ضحايا مدنيين.
ويقال إن أوباما يختار الإرهابي
المشتبه فيه الذي يجب استهدافه وقتله
في أسبوع ما وكأنه يمنح موافقة رئاسية
على العمليات المشكوك في شرعيتها. أما ما يبعث على
القلق فهو قيام أوباما عمداً بنسف
مبادرتين ديبلوماسيتين، الأولى
أطلقتها مسؤولة الشؤون الخارجية في
الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون
والثانية أطلقها الأمين العام للأمم
المتحدّة الأسبق كوفي أنان. كانت آشتون
تدير مسعى للدول الخمس الدائمة
العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا من
أجل التفاوض على صفقة مع إيران حول
برنامجها النووي تكون «رابحة للطرفين»،
فيما كان أنان يناضل من أجل إيجاد مخرج
يتمّ التفاوض عليه للأزمة السورية
القاتلة. ويبدو أوباما عازماً على
المساومة على كلا المبادرتين. نجحت كاثرين
آشتون في إطلاق محادثات الدول الخمس
الدائمة العضوية زائد ألمانيا مع
إيران في إسطنبول في 14 نيسان (أبريل)
بعد أن اتفقت مع كبير المفاوضين
الإيرانيين سعيد جليلي على قواعدها
الأساسية. وتعهّدت حينها بأن تكون
معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية «أساس»
المحادثات، مرسلة بذلك إشارة واضحة
إلى إيران مفادها أنه يحقّ لها تخصيب
اليورانيوم بنسبة 3.5 في المئة لتوليد
الطاقة ولأهداف سلمية أخرى بموجب
توقيعها على هذه المعاهدة. كما أعلنت
أنّ المفاوضات «ستجري على أساس مبدأ
خطوة خطوة والمبادلة»، ما يدلّ على
إمكان رفع العقوبات في مرحلة معيّنة
حين تتخلى إيران عن تخصيب اليورانيوم
بنسبة 20 في المئة وفي حال قدّمت أدلة
مقنعة تفيد بأنها لم تكن تسعى لصناعة
الأسلحة النووية. وردّت إيران
بإيجابية على هذه المقاربة وحظيت هذه
المحادثات ببداية جيّدة. لكن، خلال
الاجتماع التالي الذي عُقد في بغداد في
23 أيار (مايو)، توقّفت المحادثات. فلم
يتمّ إحراز أيّ تقدّم يذكر عدا الاتفاق
على الاجتماع مجدداً في موسكو في 18 و19
حزيران الجاري. وتبدّدت الآمال لأنّ
أوباما شدّد موقف الولايات المتحدّة.
فلم يتمّ الاعتراف بحقوق إيران بتخصيب
اليورانيوم عند مستوى متدن حتى أنّ
الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس
الأمن رفضت مناقشة الموضوع ولم يتمّ
تخفيف العقوبات. بل على العكس، واجهت
إيران إمكان تطبيق عقوبات أكثر قسوة في
1 تموز (يوليو). وتمّت رشوتها بعرض يقضي
بتقديم قطع غيار لطائرة مدنية إيرانية
مقابل تعهّد إيران وقف تخصيب
اليورانيوم بنسبة 20 في المئة. وفي
الواقع، طُلب من إيران التخلي عن
ورقتها الرابحة مقابل لا شيء. ولا عجب
في أنّ طهران اعتبرت هذا العرض الهزيل
مهيناً. يبدو أنّ أوباما
اقتنع بأنّ إيران التي ترزح تحت ثقل «عقوبات
شالّة» ستخضغ للمطالب الأميركية في
حال تمّت ممارسة ضغوطات إضافية عليها.
ويعدّ ذلك خطأ فادحاً. فبدلاً من أن
تخضع إيران، ردّت بتحدّ. فاضمحلت
الآمال ببلوغ صفقة رابحة للطرفين. ومن
غير المتوقع إحراز تقدّم كبير خلال
المحادثات التي ستجري في موسكو. ما الذي يريده
أوباما؟ يبدو أنه تبنى وجهة نظر
إسرائيل المتشدّدة القائلة بأنّه
ينبغي على إيران وقف صناعتها النووية،
الأمر الذي وضع حداً للصفقة. وليس
واضحاً بعد ما إذا كان يفعل ذلك لعكس
الاتهامات التي وجهها إليه منافسه
الجمهوري ميت رومني بالضعف أو ما إذا
كان موقفه المتشدّد والعنيد يهدف إلى
تفادي خطر تهديدات إسرائيل بشنّ هجوم
على إيران في الأشهر المقبلة، الأمر
الذي قد تنجرّ إليه الولايات المتحدّة
بسبب الروزنامة الانتخابية الأميركية. انضم أوباما إلى
إسرائيل في الحرب السرية التي تشنها ضد
إيران. وفي مقال مهم نشرته في الأسبوع
الماضي صحيفة «نيويورك تايمز» كشف
ديفيد سانغر أنه «منذ الأشهر الأولى
على توليه منصبه، أمر الرئيس باراك
أوباما سرّاً بشنّ هجمات متطوّرة على
أنظمة الكومبيوتر التي تدير منشآت
إيران الأساسية لتخصيب اليورانيوم».
ومن ثمّ عملت الولايات المتحدّة
وإسرائيل معاً على تطوير سلاح «ستاكسنت»
على شبكة الإنترنت، ما تسبّب بضرر كبير
في أجهزة الطرد المركزي في منشأة
ناتانز الإيرانية. ويرقى إطلاق
فيروس «ستاكسنت» ضد إيران إلى إرهاب
دولة. فلا عجب في أن تقوم إسرائيل
بممارسات مماثلة إذ ترتكز سياستها
الإقليمية برمتها على تقويض الدول
المجاورة لها والإخلال باستقرارها حتى
تضمن الحفاظ على هيمنتها. لكن كيف
تستطيع الولايات المتحدّة التي تدّعي
أنها المدافع الأعلى عن النظام الدولي
تبرير تصرّف مماثل؟ يحاول أوباما
الذي لم يكتف بتقويض جهود كاثرين
آشتون، تقويض مهمّة كوفي أنان الصعبة
في سورية. يدافع الرئيس الأميركي عن
خطة أنان للسلام فيما يعمل سرّاً على
تنسيق عملية تدفق الأموال والمعلومات
الاستخباراتية والأسلحة إلى أعداء
بشار الأسد. وتعتبر عدة مصادر أنّ
الولايات المتحدّة تعمل على اختيار
المجموعات المسلحة التي تستحق الدعم.
ويفترض البعض أنه من خلال تلهّفه إلى
إسقاط النظام السوري، لن يقع أوباما في
فخ تمويل وتسليح الجهاديين الذين
يرتبط معظمهم بتنظيم «القاعدة» والذين
قدموا من الدول المجاورة لها لمحاربة
النظام السوري. باختصار، يبدو
أنّ أوباما تبنى ذريعة الصقور
الإسرائيليين والمحافظين الجدد
الأميركيين بأن إسقاط النظام السوري
هو الطريقة الأفضل لإضعاف الجمهورية
الإسلامية الإيرانية وعزلها وقطع
علاقاتها بالمقاومة اللبنانية
والفلسطينية وتغيير النظام في طهران. وتكمن المعضلة
في فهم ما الذي حصل لأوباما. كان من
المتوقّع أن يصحّح هذا الأستاذ السابق
في القانون الدستوري الجرائم الفادحة
التي ارتكبتها إدارة بوش مثل الوحشيات
التي ارتكبت في سجن أبو غريب وسجن
غوانتانامو وووسيلة التعذيب من خلال
الغمر بالماء وشبكة السجون السرية حيث
بات التعذيب عملاً يومياً إلى جانب
ممارسة «أساليب تعذيب أخرى». فقد ساهم
من خلال أعماله العنيفة والمشكوك فيها
في توسيع الهوة بين الولايات المتحدة
والعالم الإسلامي. وذكّر هنري
كيسنجر في مقال نشرته صحيفة «واشنطن
بوست» الولايات المتحدّة بمخاطر
التدخل الإنساني في سورية. وكتب «في
حال تمّ اعتماده مبدأً في السياسة
الخارجية، فهذا الشكل من أشكال
التدخّل يطرح أسئلة كبيرة للاستراتيجة
الأميركية. هل تعتبر أميركا نفسها
مجبرة على دعم كلّ انتفاضة شعبية ضد أي
حكومة غير ديموقراطية؟». وتابع بالقول
إنه في حال تمّت الإطاحة بالأسد ستندلع
حرب أهلية جديدة بما أنّ المجموعات
المسلحة تعارض الوراثة. وأضاف: «من
خلال الرد على مأساة، يجب التنبّه لعدم
توليد مأساة أخرى». تقوم نقطة
كيسنجر الرئيسة على أنّ الدول تحظى
بسيادتها ضمن حدودها. قد تملك الولايات
المتحدّة أسباباً استراتيجية تدفعها
إلى دعم سقوط الأسد لكن لا «تعدّ أي
مصلحة استراتيحية سبباً لشنّ حرب، ولو
حصل ذلك فلن يتمّ الإفساح في المجال
أمام الديبلوماسية». بمعنى آخر، يجب أن
يدعم العالم خطة أنان وأن يمهلها الوقت
حتى تؤتي ثمارها. ================= الجمعة ٨ يونيو
٢٠١٢ الحياة حسام عيتاني خطاب الرئيس
بشار الأسد الذي افتتح به العقد الجديد
لمجلس الشعب السوري، شكل عمليا إشارة
البداية للموجة الحالية من المجازر
واعمال القتل الواسعة النطاق
والاعتداءات على المدن والقرى الثائرة. وعندما يقول «نحن
نواجه الآن حربا حقيقية من الخارج
والتعامل مع حرب يختلف عن التعامل مع
خلاف داخلي... وهذه النقطة يجب أن تكون
واضحة»، يصبح التفسير الوحيد الذي
ستخرج به مجاميع الشبيحة وعناصر
الأجهزة الامنية للكلام هذا هو
الإمعان في قتل كل معارض ونقل «الحرب»
الى مستوى التصفيات الطائفية الجماعية.
والأرجح أن الأسد كان يدرك في أي طريق
يدفع سورية. ويجب عطف سلوك من
نفذ مجزرة القبير على ما قيل في مجلس
الشعب. فهذا يحدد السقف السياسي لعمل
السلطة وأدواتها الغارقة حتى الرقبة
في اشعال الحرب الأهلية. بل أن الخطاب
المذكور يمثل «المقدمات النظرية»
لمذبحة القبير ولكل ما سيتبعها من عنف
ضد المواطنين، بعدما أسقط النظام ما
تبقى له من أقنعة وانصرف المسؤول الأول
عن لغة المراوغة إلى عبارات واضحة
رافضة «للرمادية الوطنية» ومتمسكة «بدور
سورية المقاوم»، معتبرا ان المسألة
ليست في الاصلاحات والديموقراطية. أي
ان الولاء للنظام والقبول بتصوراته
لموقعه الاقليمي، تعلو سواها من
المطالب التي ترفعها المعارضة. ولا يفعل
الاصرار على استحضار «المقاومة» في كل
الخطابات سوى المزيد من تجويف المصطلح
ووضعه في خانة الصراع بين النظام
ومعارضيه، ما سيكون له انعكاساته على
السياسات السورية في المرحلة المقبلة. إلى ذلك، يصعب
فهم صورة البلاد التي يريد منفذو مجازر
الحولة وكرم الزيتون وبابا عمرو
والقبير ان يعيشوا فيها. فلا يمكن فصل
دوافعهم عن حقد الجماعات اليائسة
المدركة قرب نهاية «اليوتوبيا» التي
يصور لها الحكم انه اقامها لها، على
اشلاء الجماعات الأخرى، وعن الرغبة في
تدمير الآخر لاستئناف الحياة الهانئة
السابقة، بعدما قضى عليها تمدد الآخر
الطائفي او السياسي، من جهة ثانية. التصور المركب
لما بعد المجزرة لا يصدر عن عقل ضنين
فعلا بالعيش ضمن مجتمع متعدد
الانتماءات العرقية والطائفية ولا عن
تصور عقلاني لدولة يكون فيها تقاسم
الثروة تقاسما عادلا او تداول السلطة
سلميا من سماتها المؤسسة. بل يصدر عن
ذات العقل الاقصائي الذي تحدث في مجلس
الشعب متصورا ان الاصلاحات والأحزاب،
كما القرار بالحرب على المجتمع، تصدر
من عنده وبعد استكماله حساباته للربح
والخسارة. فهو من اتى بالاصلاحات (وليس
الفساد) وهو من يستعيد الامن (وليس من
فرض القمع) الى آخر سلسلة الكلام مزدوج
المعنى. والمرارة التي
يشعر بها كثر من السوريين بسبب محاولة
النظام اخضاعهم عبر الرعب والدم وصور
الرؤوس المنفجرة، ستجد تعبيرا عنها في
الرد على عنف السلطة بعنف مقابل وتشريع
استدعاء التدخل الخارجي لوقف كابوس
المجازر المتنقلة والذل المعمم. وفي
هذا بعض ما يريده الحكم الذي أدرك منذ
اليوم الأول للأحداث ان قدرته على
اعادة ضم المجتمع السوري تحت جناحيه
الأسودين قد تبخرت وانه لا يملك من
الوسائل إلا تلك الدموية. وبعد شهور طويلة
من الجدال حول جدوى و»أخلاقية» تسليح
الثورة السورية، وبعدما اضطر الاف من
المعارضين لحمل السلاح دفاعا عن
انفسهم، يبدو النظام مصرا على تعرية
الواقع كاملا من كل الأكاذيب التي
نسجها في الاعوام الأربعين الماضية
واضفاء التعقيد الشديد على أحوال
سورية. ================= لحل في
سورية يسير على سكّتين وبوتين يفاوض
على المواعيد الجمعة ٨ يونيو
٢٠١٢ راغدة درغام الحياة دخلت المناقصة
والمقايضة مرحلة حامية في الفترة
الأخيرة عبر سكّتين متوازيتين:
إحداهما ترتكز الى تفاهم دولي وإقليمي
على عملية انتقالية منظمة في سورية
يتنحى بموجبها الرئيس السوري بشار
الأسد عن السلطة طوعاً، على نسق
النموذج اليمني. والأخرى ذات شقين،
اقتصادي قوامه تضييق الخناق اقتصادياً
على النظام في دمشق عبر قرار لمجلس
الأمن إذا كان ذلك ممكناً، وعسكري عبر
اقامة تجمع لمجموعة دول أوروبية
وغربية بمشاركة أميركية من نوع ما،
تمكّن من شن عمليات جوية محدودة وفرض
حظر جوي إذا أصبح ذلك ضرورياً.
السكّتان تسيران معاً عبر القارات في
اجتماعات ثنائية ومتعددة الأطراف على
أعلى المستويات، والجديد فيهما هذا
الأسبوع ان روسيا عبّرت علناً عن عدم
تمسكها ببقاء الأسد في السلطة، وأن
الولايات المتحدة قالت علناً إنها
تدرس جميع الخيارات ولم تعد في حالة
تردد. الرئيس الأميركي
باراك أوباما منغمس، بطبيعة الحال،
بالانتخابات الرئاسية المقبلة في شهر
تشرين الثاني (نوفمبر). والإدارة
الأميركية أبلغت معظم المعنيين في
المنطقة العربية والشرق الأوسط
وأوروبا أنها تريد «فاصلاً» أو «نقطة
توقف» Pause في
الشق المعني بإجراءات على الأرض نحو
الحل العسكري الى ما بعد هذا الموعد،
لجهة اتخاذ الإجراء، وليس لجهة
الإعداد لاتخاذ الإجراء. لذلك، يقوم عدد
من الدول العربية والأوروبية
بالتحضيرات الضرورية لخيار عسكري في
حال فشل الحل السياسي على يدي المبعوث
الأممي-العربي كوفي أنان، أو على يدي
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفرنسا
وبريطانيا ودول في أوروبا الشرقية هي
ضمن هذه المجموعة التي تضم دولاً
خليجية، أبرزها المملكة العربية
السعودية وقطر، وكذلك تركيا. الأردن ليس في
صدارة الخيار العسكري، نظراً لهشاشة
الوضع الاقتصادي والسياسي المترتب على
تدفق اللاجئين السوريين اليه. لذلك، هو
ليس في الطوق الأول من الإعدادات
العسكرية عبر حدوده الى سورية. لبنان
يقع خارج هذه الإعدادات، بسبب ظروفه
الاستثنائية وانقساماته تجاه الشأن
السوري. العراق يمر في مرحلة ملفتة،
سيما لجهة طرح الثقة بحكومة نوري
المالكي وما يترتب على اعادة رسم
العلاقة العراقية–الإيرانية في ضوء
التطورات الداخلية والإقليمية.
والمطلوب من الحدود العراقية–السورية
يدخل في خانة الضبط وليس في خانة انشاء
ممرات آمنة أو مناطق حظر طيران. أما
العمل الجدي في الإطار العسكري، فإنه
عبر البوابة التركية. تركيا من جهتها،
غارقة في العمل على السكّتين، وعينها
على اللاعبين الآخرين، بدءاً
بالولايات المتحدة وروسيا، مروراً
بالدول الخليجية الرئيسية، وكذلك
الجمهورية الإسلامية الإيرانية،
وانتهاء بالمعارضة السورية، كما ان
الحكومة التركية تأخذ في حسابها الرأي
العام في تركيا ومدى استعداده للتدخل
العسكري المباشر في سورية. لذلك، فان تركيا
طرف مباشر في العمل على السكّتين.
والنقاش الأميركي–التركي قائم في عدة
صيغ وسيناريوهات لكي تضمن أنقرة عدم
حدوث تورط تركي انفرادي، ولضمان صيغة
ما بمباركة أو بمشاركة حلف شمال
الأطلسي (ناتو) الذي تنتمي اليه أنقرة. من جهة أخرى،
يقوم رئيس الحكومة التركية رجب طيب
أردوغان، بالتفاوض مع الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين على تفاصيل العملية
الانتقالية السياسية في دمشق انطلاقاً
من: متى يتنحى الأسد؟ وماذا سيحدث من
الآن حتى تنحيه؟ ومن يضمن خروجاً آمناً
له؟ ومَن يضمن صدقية هذا الخروج؟ بوتين يريد ان
يكون عرّاب الحل السياسي، ولا أحد
يمانع في ذلك، انما العبرة في التنفيذ،
والشيطان في التفاصيل. روسيا تريد
عملية انتقالية تحت سيطرتها في سورية
يتم ضبطها مع لاعبين إقليميين من ناحية
التفاصيل، فيما يتم التفاهم عليها من
حيث العناوين الرئيسية عبر «الصفقة
الكبرى» Grand barga مع
الولايات المتحدة، فروسيا التي لا تثق
بأميركا وتعتبر دول مجلس التعاون
الخليجي طرفاً منحازاً ضد النظام في
دمشق، تدرك أن إيران ليست في وضع
يمكِّنها ان تكون جزءاً من العملية
الانتقالية السياسية في سورية، لأنها
تعتبر زوال النظام في دمشق ضربة شبه
قاضية على ركيزة مهمة من إستراتيجيتها
في منطقة الشرق الأوسط. ولكل هذه
الأسباب، فإن النقاش جارٍ بين بوتين
وأردوغان حول تفاصيل العملية
الانتقالية. وأردوغان بدوره مخوّل من
المملكة العربية السعودية وينسق مع
رئيس الحكومة القطرية حمد بن جاسم في
هذا الصدد. ما يحمله
أردوغان الى الطاولة من تفاصيل يشمل
الآتي: تحديد موعد واضح لتنحي بشار
الأسد من الآن حتى الخريف، تشكيل حكومة
انتقالية فيما يتولى مجلس عسكري رعاية
الأمن والعمل نحو الاستقرار، تحديد
موعد لانتخابات رئاسية قبل حلول شهر
حزيران (يونيو) 2013، كفالة وسيلة ذات
صدقية لخروج الأسد. بوتين يفاوض على
المواعيد والتفاصيل، الأسد يقاوم، وهو
ما زال يطرح عملية سياسية تقوم على
اصلاح النظام (وليس على استبدال النظام)،
وعلى حوار مع المعارضة بصفته الرئيس
الباقي في السلطة، لذلك يريد مواعيد
الانتخابات في عام 2014، طبقاً لمفهوم
بات غيرَ مقبول حتى لروسيا. الإدارة
الأميركية من جهتها أبلغت الحكومة
الروسية انها جاهزة للانخراط معها في
ايجاد وسيلة سليمة للعملية الانتقالية
شرط الإيضاح لدمشق أن زمن إصلاح النظام
ولّى ولا مناص من عملية انتقالية جدية
في سورية. وراء الموقف
الروسي الجديد القائم على «الحل
اليمني» عدة أسباب، من بينها ان بوتين
لا يستطيع ربط اسمه واسم بلاده بنظام
متهم بارتكاب المجازر بصورة منهجية،
مهما كانت موسكو راغبة في بقاء النظام.
ثم ان تطور الأوضاع الميدانية في سورية
وبدء العد العكسي للانتخابات الرئاسية
الأميركية يضع روسيا في مقدمة صانعي
الحلول بدلاً من بقائها في خانة
معطليها. قرر بوتين ان
يكون في صدارة منع انهيار الدولة في
سورية وبدأ استراتيجية قوامها استعداد
الغرب ليتقبل مجدداً أولوية الاستقرار
على أولوية الديموقراطية. وعليه، يصر
بوتين في محادثاته مع أردوغان وغيره
على ضرورة وضوح معالم الأطراف البديلة
الآتية الى السلطة في دمشق. بوتين لن
يقبل باستيلاء الإخوان المسلمين على
السلطة، ان كان ذلك عبر عملية
ديموقراطية أو انقلاب عسكري. وهو يجد
دعماً في هذا الموقف من شطر كبير من
السوريين، بمن في ذلك داخل المعارضة.
وهذه النقطة ما زالت من المسائل
الشائكة في المباحثات حول العملية
الانتقالية في سورية. روسيا تريد
كثيراً في اطار «الصفقة الكبرى»، من
ناحية مكانتها الميدانية في منطقة
الشرق الأوسط ومكانتها السياسية
ونفوذها في مجلس الأمن، كما من ناحية
علاقاتها الثنائية مع الولايات
المتحدة. بوتين يقدم الى أوباما اليوم
خشبة خلاص في سورية، وهو يرى في هذه
الخشبة خلاصاً له من التوغل في مستنقع
ليس في صالحه. وهو يدرك ان أوباما لن
يتمكن من التورط عسكرياً حالياً في
سورية، لكنه أيضاً لن يتمكن من تجاهل
المجازر سيما في المرحلة الانتخابية. ما هو دور تركيا
وإيران في العملية الانتقالية في
سورية؟ وما هو موقع كل منهما في «الصفقة
الكبرى»؟ وهل دور كوفي أنان ينحصر
حالياً في شراء الوقت ريثما يتم
التفاهم على «الصفقة الكبرى» بين
الولايات المتحدة وروسيا والأطراف
الإقليمية؟ هذه أسئلة رئيسية وبديهية
والأجوبة عليها معقدة نظراً للتداخل
والتناقض في الحسابات الدولية
والإقليمية. تركيا ستكون
جزءاً من صنع العملية الانتقالية
وجزءاً من الصفقة الكبرى. ايران قد
تكون جزءاً من الصفقة الكبرى لكنها لن
تكون جزءاً من العملية الانتقالية
قريباً لأنها في غير مصلحتها. القيادة التركية
فقدت ثقتها بالقيادة الإيرانية وهي
ترى ان لا مجال للاستثمار في صدق ايران
أو الوثوق بها. لذلك، تلعب دوراً في نزع
الثقة وضرب استقرار حكومة المالكي في
العراق بهدف تقليص النفوذ الإيراني
داخل العراق. أما في لبنان،
فتعي أنقرة ان استراتيجية النظام
السوري تقوم على تصدير الأزمة السورية
الى لبنان، وهي تعتقد ان دمشق تصدّر
الإرهاب الى تركيا وتعمل على تعزيز حزب
العمال الكردستاني. ويتردد ان قوات
خاصة تقوم بتوفير المساعدة للبنان كي
لا يصبح ساحة لحرف الانظار عن التطورات
السورية. ويقول عالمون بالسياسة
التركية، إن تركيا لن تقبل بتدهور أو
تصعيد الوضع في لبنان بقرار من دمشق،
وإن العنصر العسكري سيكون حاضراً جداً
اذا تطورت الأمور في هذا الاتجاه. الأردن أيضاً
خائف من تصدير اللااستقرار اليه في
استراتيجية تحويل الأنظار عن سورية،
وهو يخشى ان يكون غائباً في بال
اللاعبين الإقليميين والدوليين الذين
أسرعوا الى ابلاغ رسائل واضحة حول
تحويل لبنان ساحة بديلة للحرب السورية. انما الآن، وفي
هذه الفترة بالذات، يغلب حديث
التفاهمات عبر صفقات دولية على كلام
المواجهات العسكرية. ووفق المصادر،
العمل جارٍ على صفقة قبل حلول رمضان
أواخر الشهر المقبل، وإلا فإن موسم
المواجهات الديبلوماسية والسياسية
وربما الميدانية سيبدأ في مجلس الأمن
مع تأجيل التنفيذ الى ما بعد
الانتخابات الرئاسية الاميركية، ما لم
تفرض المجازر موعداً أبكر. هذا الأسبوع،
أثناء انعقاد المنتدى الاقتصادي
العالمي في إسطنبول، كان واضحاً ان
المسألة السورية لوّنت لوناً آخر ما
سمي ب «الربيع العربي» عندما انطلقت
الثورات والانتفاضات العربية. كان
واضحاً ان إسطنبول التي تستضيف اليوم
الجمعة اجتماعاً فائق الأهمية يحضره
وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا
وأوروبا والعرب باتت مدينة البحث في
سكتي التفاهم والمواجهة. ================= الجمعة ٨ يونيو
٢٠١٢ وليد شقير الحياة يبقى رد الفعل
الدولي على كل مجزرة ترتكب في سورية
قاصراً عن التعاطي مع مستوى الحدث
والأرواح التي تزهق بدم بارد دفاعاً عن
نظام بات مستحيلاً أن يستمر إلا بقوة
القتل الذي يستولد القتل. وإذا كانت مجزرة
الحولة في 26 أيار (مايو) الماضي استدعت
قراراً من الدول الغربية بطرد السفراء
السوريين من عواصم هذه الدول، في خطوة
غير مسبوقة (لأنها تتناول السفراء وليس
فقط ديبلوماسيين عاملين في هذه
السفارات) فإن هذا الشكل من التعبير عن
الغضب هو الحد الأقصى المتاح في ظل
غياب أي موقف موحد ورادع من المجتمع
الدولي. فالمجازر تتكرر تحديداً بسبب
غياب أي ردع ولأن مرتكبيها يطمئنون الى
محدودية فعالية أي موقف دولي يكتفي
بالإدانة والاستنكار، وطالما أن
الرئيس الأميركي باراك أوباما يقول
إنه ليس باستطاعة بلاده أن تضع حداً
لكل الفظاعات في العالم. وإذا كان
التعبير عن العجز لدى واشنطن هو ما
يحكم موقفها، ويشجع التشكيلات
العسكرية والميليشيوية التي أنشأها
النظام السوري على المزيد من الترويع
وسفك الدماء، فإن الموقف الروسي الذي
ينحي باللائمة على المجموعات المسلحة
وعلى تحريض بعض الدول على التدخل
الخارجي متهماً إياها بأنها سبب
المجازر، فإن موقف موسكو يشكل تبريراً
مفضوحاً، هو الآخر للوحشية غير
المسبوقة التي يمارسها النظام الحليف
لها. صحيح أن طرد
السفراء السوريين من عواصم الدول
الغربية يرمز الى موقف نهائي من هذه
الدول، حاسم، ضد بقاء الرئيس بشار
الأسد في السلطة. فطرد السفير يعني رفض
أوراق اعتماده التي يحملها من رئيسه
الى رئيس البلد المضيف. والطرد يعني
عدم الاعتراف بالرئيس الذي فوّض سفيره
الى هذه الدولة أو تلك، وقد يكون هذا
الإجراء هو الأكثر وضوحاً بأن على
أركان النظام السوري وحلفائه، لا سيما
روسيا والصين وإيران، أن يغادروا
مراهناتهم على أن الدول الغربية يمكن
أن تقر باستمرار وجود الأسد على رأس
السلطة في سورية، وبأن عملية الانتقال
السياسي التي تدعو الدول الغربية
روسيا الى التوافق عليها تنطلق من
التسليم بذهاب الأسد. إلا أن أركان
النظام ليسوا في وارد تلقي الرسالة
التي تنطوي عليها عملية طرد السفراء.
والدليل أن العقل البعثي رد على ذلك
بإجراء عبثي، قضى بطرد سفراء الدول
الغربية. أي أن النظام السوري سحب
اعترافه بشرعية رؤساء أميركا وتركيا
وفرنسا وملكة بريطانيا. إنها عبثية
مضحكة، بموازاة العبثية المحزنة، أمام
مناظر المجازر المتنقلة، من الحولة
الى مزرعة القبير وقبلها دير الزور
وإدلب وغيرها من المجازر. ومثلما هي
عبثية، تلك المناورة الإعلامية
الروسية التي ترفض التوافق على خطوات
سياسية موحدة من المجتمع الدولي حيال
النظام السوري، تحت مظلة إعلان موسكو
أنها لا تعتبر بقاء الأسد شرطاً للحل،
فإن تبرير المجازر بوجود المجموعات
الإرهابية والمسلحة لا يقل عبثية، لأن
الامتناع عن تحرك متعدد الأطراف حيال
النظام نتيجته العملية بقاء النظام
ورأسه. بل هو تغطية كاملة لمنطق النظام
القائم على التمسك بالبقاء الذي يعني
زوال الآخرين الذين سماهم الرئيس
السوري «العدو الداخلي»، لا الإقبال
على تسوية معهم كممثلين لشعب ثائر، حول
الانتقال السياسي الذي كان متاحاً قبل
أشهر، حين انطلقت مبادرات الجامعة
العربية وخطة كوفي أنان. لا تأبه موسكو
لتداعي تبريراتها أمام واقعة منع جيش
النظام السوري للمراقبين الدوليين من
دخول مزرعة القبير أمس، وغيرها من
الوقائع، بل هي تلعب لعبة النظام نفسه،
وتستخدم حججه وتفسيراته للأحداث التي
تذهب الى حد إنكار وجود ثورة وثوار. وهو
إنكار يسهل من بعده الاقتناع، أو إقناع
النفس، بأن إبادة المعارضين خطوة
طبيعية مقابل مطلب زوال الحاكم
الأوحد، وأن حصول مجازر هو من «الأضرار
الجانبية» في صراع ترى موسكو أنه بين
دول ومجموعات إرهابية وبين النظام
القائم في دمشق. فهل يستأهل سعي
موسكو الى حفظ مصالحها في المنطقة
وقلقها غير المبرر من تولي الإسلاميين
السلطة في سورية (ومن تقدمهم في
انتخابات ديموقراطية في عدد من الدول
العربية)، ورغبتها في تنازلات من
الولايات المتحدة في أوروبا حول الدرع
الصاروخية ودعم جمهورية جورجيا، أن
تغض النظر عن هذا القدر من المجازر؟ ================= هل أميركا
في القوقاز مقابل روسيا في سوريا؟ مراد يتكين الشرق الاوسط 8-6-2012 جاءت زيارة
وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري
كلينتون لثلاث دول من دول القوقاز، وهي
أرمينيا وجورجيا وأذربيجان، في خضم
الأزمة السورية. إنه لأمر جيد أن نرى
الولايات المتحدة تولي اهتماما بمشكلة
ناغورنو قرة باغ، التي تعد عقبة كبيرة
في طريق السلام والتنمية في المنطقة
منذ الاحتلال الأرميني للأراضي
الأذربيجانية عام 1993. ومع ذلك، ركزت
زيارة كلينتون أيضا على بعض المجالات
الأخرى محل الاهتمام بالنسبة للسياسية
الخارجية الأميركية، التي تحظى أيضا
باهتمام كبير من جانب روسيا. وعندما وصلت
كلينتون إلى المنطقة بدأت الاشتباكات
بين القوات الأذربيجانية والأرمينية
على طول المناطق الحدودية. وأشارت بعض
التقارير يوم الاثنين الماضي إلى مقتل
ثلاثة عسكريين أرمنيين على أيدي
القوات الأذربيجانية، كما تم الإعلان
يوم الثلاثاء عن مقتل خمسة جنود من
أذربيجان. ومن جهتها رفضت أنقرة
تصريحات كلينتون في العاصمة الأرمنية
يريفان، التي قالت فيها إنه يتعين على
تركيا وأرمينيا التوقيع على
البروتوكولات التي تم تجاهلها منذ
سنوات «دون أي شروط مسبقة»، وقالت
أنقرة إن العقبة التي تقف في طريق
توقيع تلك البروتوكولات كانت عبارة عن
حكم سابق من قبل المحكمة الدستورية
الأرمينية. وعلاوة على ذلك
فإن البيان الذي أدلت به كلينتون في
جورجيا احتجاجا على الموقف الروسي
تجاه الوضع في أبخازيا وأوسيتيا
الجنوبية لا يجعل موسكو سعيدة على
الإطلاق. ومع ذلك، دائما
ما يكون هناك أكثر من طريقة واحدة
للنظر إلى الشؤون الدولية، وإحداها
بالطبع هي أن وزيرة الخارجية
الأميركية تقوم بزيارة دول جنوب
القوقاز، التي لا تزال تراها موسكو على
أنها الفِناء الخلفي لروسيا ونقطة
ضعفها أيضا، في حين أن الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين يقوم بزيارة مهمة من
الناحية الاستراتيجية للصين التي تعرب
عن انزعاجها من الوجود البحري
المتزايد للقوات الأميركية في المحيط
الهادي. ويقوم بوتين بإصدار البيانات
بشكل مستمر، ليس فقط عن القوقاز ولكن
أيضا عن سوريا، حيث تعد روسيا هي
الداعم الوحيد لبشار الأسد، بالإضافة
إلى إيران طبعا. ويعطي هذا فكرة أخرى
عما يحدث في المنطقة في الوقت الحالي. ويزداد الأمر
صعوبة الآن لدعم بشار الأسد وسط أعمال
العنف المتصاعدة وإراقة الدماء. وقد
يكون من قبيل المصادفة أيضا أن تتزامن
تصريحات كلينتون بشأن التحركات
الروسية في منطقة القوقاز والمتضمنة
بعض الملاحظات بشأن الوضع المتدهور في
سوريا، مع التصريح المثير للاهتمام
الصادر من موسكو. وتم نقل هذا
التصريح إلى وكالة «ايتار تاس»
الروسية في سويسرا من قبل نائب وزير
الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف. وعلى
الرغم من التوجه الرسمي الذي تم
التأكيد عليه مرة أخرى في العاصمة
الصينية بكين عندما دعت روسيا والصين
إلى تقديم مزيد من الدعم لخطة كوفي
أنان في سوريا، فإن غاتيلوف قد قال: «لم
نقُل قط، أو نفرض شرطا بأن الأسد يجب أن
يبقى بالضرورة في السلطة عند انتهاء
العملية السياسية». وقد يعكس هذا
دبلوماسية الباب الخلفي، التي تم
الحديث عنها كثيرا، بين الولايات
المتحدة وروسيا على غرار ما حدث في
اليمن. ويعني هذا أنه يتعين على الأسد
أن يغادر البلاد حتى لا يواجه نفس مصير
القذافي في ليبيا أو حسني مبارك في
مصر، ويفتح الطريق أمام عملية تسوية في
البلاد. قد لا تكون اليمن هي المثال
الأمثل لسوريا، ولكن تصريح غاتيلوف
يعد الأول من نوعه الذي يوضح أن الأمور
في سوريا لن تستمر إلى الأبد بالطريقة
التي تسير بها الآن. * بالاتفاق مع «حرييت
ديلي نيوز» التركية ==================== روسيا والصين.. إنه الإصرار
على بقاء الأسد 2012-06-07 الوطن السعودية البيان المشترك الصادر عن روسيا
والصين، عقب المحادثات بين الرئيس
الروسي فلاديمير بوتين والزعماء
الصينيين أمس، يشكل حلقة جديدة في
مسلسل إطالة أمد الأزمة السورية، وهو
استمرار لاستخدامهما حق النقض (الفيتو)
في مجلس الأمن، واتباعهما وسائل
سياسية أخرى لحماية نظام الأسد الذي
يبدو أنه يمنح روسيا موطئ قدم في الشرق
الأوسط، وربما كان السوق الأهم
للأسلحة الروسية. التاريخ سيذكر الفيتو الثنائي
المشهور بوصفه صخرة في طريق الحسم، أو
بوصفه سكينا أسهمت في قتل المزيد من
النساء والأطفال، وأدخلت إلى تاريخ
الأزمة السورية ما بات يُعرف
بالمذابح، لأنه كان من الممكن تلافي
الكثير من المآسي الإنسانية، في حال
وجود حزم دولي بقرار هو أقوى بكثير من
البيانات والمواقف السياسية. الأخطر من مضامين البيان
المشابهة في بعض أجزائها لخطاب الأسد
الأخير، هو ما صرح به وزير الخارجية
الروسي لافروف، حين قال: "نعتقد أن
من الضروري عقد اجتماع لدول لها تأثير
حقيقي على جماعات المعارضة المختلفة..
وعددها ليس بالكبير"، وكأن التأثير
المطلوب يتحتم أن يكون على جماعات
المعارضة السورية، وليس على النظام
السوري، وهو تصريح يشي بالرغبة في
حماية النظام القائم في سورية، من خلال
إقناع أقطاب المعارضة بالتخلي عن
مطالب الشعب السوري، وهو التفسير
الأوضح لفكرة حل الأزمة من خلال الحوار
السياسي بين جميع أطراف النزاع، كما
ورد في البيان. الروس يعلمون أنه لا يمكن تطبيق
خطة عنان، في ظل تردّي الأوضاع على
الأرض، فضلا عن انتقال الأحداث إلى
الحدود اللبنانية، لكنهم يرون في
الخطة مكاسب زمنية لنظام الأسد، ولذا
يصرون على دعمها، رغم أنها ميتة قبل
الولادة، وهو ما يفسر وقوف روسيا في
وجه مجموعة أصدقاء سورية، ووصفها ب"المجموعة
المدمرة التي يمكن أن تقوض جهود عنان
لإحلال السلام، والسبب الحقيقي في هذا
الموقف المضاد لمجموعة أصدقاء سورية،
هو أنها لا تؤيد النظام السوري في
إراقته للدماء. ================= رأي الراية .. انحياز للثورة
السورية الراية 7-6-2012 انحاز رجال الأعمال السوريون
داخل سوريا وخارجها بقوة للثورة
الشعبية السورية المطالبة بالحرية
والديمقراطية والتغيير بإعلان 300 من
رجال الأعمال السوريين في داخل سوريا
وخارجها في البلاد العربية وأوروبا
وشمال أمريكا، عن تأسيس "المنتدى
السوري للأعمال" بهدف الوقوف مع
الشعب السوري وثورته حتى تحقق أهدافها
كاملة. رئيس المنتدى مصطفى الصباغ وجه
الدعوة لجميع رجال الأعمال السوريين
وأنصار الثورة في كل مكان، للمشاركة في
هذا الصندوق للقيام بحد أدنى من
المساهمة، وهي المساهمة التي لا يمكن
مقارنتها مهما كبرت بما يقدمه الثوار
من عطاء وتضحيات. مضيفا أن كل قطرة دم
شهيد سوري من شهداء الثورة تفوق
بقيمتها أي ثروة مادية، لكن انتصار
الثورة لا يتحقق إلا من خلال تكامل
الأدوار. ومن هنا يأتي واجب ودور رجال
الأعمال السوريين في تقديم الدعم
المادي والمالي للثورة السورية بحيث
يكونون رأس حربة في إسقاط النظام وفي
بناء سوريا جديدة تكون منارة للعلم
والإخاء والتنمية والسلام في المنطقة
والعالم. إن الإعلان عن تأسيس المنتدى الذي
أنشأ صندوق "سوريا الأمل " بقيمة
أولية مقدارها 300مليون دولار بهدف
مأسسة عمليات الدعم والإسناد للثورة
السورية يشكل بارقة أمل للشعب السوري
الذي يخوض معركة حريته وكرامته في
انزياح النظام المستبد عن صدورهم إلى
الأبد. فئة رجال الأعمال السوريين شاركت
في فعاليات الثورة منذ اللحظة الأولى
من خلال تقديم الدعم المعنوي والمادي
فحسب رئيس المنتدى تم بالفعل دعم
الثورة السورية بنحو 150 مليون دولار
صرفت كمساعدات عينية ومادية للمتضررين
من أبناء الشعب السوري من عنف النظام
وتسلطه وجبروته. إن الدور المنوط بمنتدى رجال
الأعمال لا يقتصر على تقديم الدعم
والمساعدة للثورة السورية في إطار
تكامل الأدوار بين جميع السوريين بل
يمتد إلى المشاركة الحقيقية والفعالة
في مواكبة الثورة لحين إسقاط النظام.
والمساهمة في بناء نهضة اقتصادية ذات
تنمية مستدامة والمساهمة في بناء
سوريا الجديدة على أسس العدالة وسيادة
القانون. سوريا دخلت مؤخرا مرحلة مفصلية مع
امتداد الثورة إلى دمشق وحلب
والإضرابات التجارية التي رافقت
امتداد الثورة شكلت قفزة نوعية في أداء
الثورة السورية سيكون لها ما بعدها
كمرحلة أولى من مراحل العصيان المدني
الذي يحتاج نجاحه لتضافر جهود جميع
السوريين خاصة رجال الأعمال لإنجاح
العصيان المدني والعمل على ديمومته
لأن امتداده واتساعه الى كل مفاصل
الدولة يعني سقوط النظام وبالتالي وقف
شلال الدماء المستمر في سوريا منذ شهور
طويلة. ================= لماذا انحاز الروس
والصينيون لنظام الأسد؟! يوسف الكويليت الرياض 7-6-2012 يفسر
البعض أن تأييد روسيا للأسد،
وانحيازها ضد شعبه أن مصالح اقتصادية
كبيرة وعسكرية تربط البلدين، وخاصة في
مجالات استخراج النفط، وبعض الصناعات
العسكرية، وجانب استراتيجي فهي تملك
قاعدة بحرية وحيدة في كل المنطقة، وأن
الدول العربية الأخرى لم تذهب لها
لتكون بنفس المركز والمبادلات
الاقتصادية مع أمريكا ودول أوروبا
بالعلاقات المختلفة، وبالتالي
فتمسكها بسوريا يأتي لهذه الأسباب.. هذا التحليل تبسيطي لا يرقى
لحقيقة ما ترمي إليه روسيا، فقد خرجت
من الاتحاد السوفييتي مثقلة بهمومها
بما في ذلك عجزها عن تحديث أنظمتها،
وسوء الإدارة التي أبعدت دولا ذات قوة
اقتصادية هائلة، وكذلك الفساد، وعدم
وجود ضمانات مما أبعد عنها الشركات
الكبرى، وكذلك المصارف، وإلا
فالاستثمار الاقتصادي يبحث عن المنافذ
التي يصل لها ضمن ضوابط وقوانين تحمي
مصالح كل الأطراف، والدليل أن الدول
التي خرجت من العباءة السوفييتية بادر
بعضها دخول الاتحاد الأوروبي ضمن
تحديث للقوانين ونجاح مالي واقتصادي،
وأخرى استطاعت استغلال إمكاناتها
بالبحث عن شركاء يلبون احتياجاتها،
وعلى عكس روسيا ذات الإمكانات
الهائلة، والتي حتى الآن، وفي آخر جولة
(لبوتن) في أوروبا ذهب ليبحث هذه
القضايا، وتسهيل دخول مواطنيه بدون
تعقيدات إلى دول الأطلسي، لكن حقيقة
تقاربها مع سوريا محاولة خلق توازن مع
الغرب، وسوريا موقع مثالي لإطلالتها
على البحر الأبيض المتوسط، وجوارها
لتركيا وبلدان عربية أخرى وكذلك
إسرائيل، وهناك شعور باطني أن انحسار
الدول التي كانت صديقة للسوفييت خرجت
بنهاياته وذهبت للغرب، والداعي الأهم
أن وجودها في سوريا يمكنها مقايضة
صفقات مختلفة مع الغرب وحتى إسرائيل
سواء عسكرية أو استراتيجية.. وعلى العكس، فالصين دولة شيوعية
رسمياً بجسد رأسمالي، ومبادلاتها
الاقتصادية مع دولة خليجية واحدة،
يفوق عملياتها الاقتصادية مع سوريا
كاملة، ومع ذلك تقف نفس الموقف الروسي،
وتنطق نفس الكلمات الموجهة للدول
الأعضاء في مجلس الأمن واتخذت الفيتو
دون مراعاة للنتائج التي قد يترتب
عليها تقليص علاقاتها التجارية مع دول
المنطقة التي تعارض نظام الأسد،
والحيثيات والأهداف الصينية لا تختلف
عن الروسية، ولم يأت هذا نتيجة حلف بين
البلدين، كأن تقفا مع كوريا الشمالية
ضد أي نزعة اقتصادية أو عسكرية يخطط
لها الأطلسيون وحلفاؤهم في آسيا
تجاهها.. هناك محاولة توازنات، والبحث عن
فضاء جديد لا يجعل الغرب يحتكر كل شيء
في دول العالم، وهذا بالتفسير
الموضوعي حق للدولتين، لكن لو نجح
الشعب السوري في إزاحة النظام، فهناك
ستتبدل الاتجاهات والمواقف، ولذلك نجد
بعض التصريحات الروسية ذهبت بأنها لا
تحمي نظام الأسد، وإنما حتى لا تنزلق
سوريا لحرب أهلية، وهي مؤشرات جاءت
نتيجة قراءة دقيقة للوضع السوري وحفظ
خط الرجعة لأي تطور جديد يجعلها مع
الشعب كله، لا نظامه، وهي فلسفة قد
تنجح أو تسقط.. ================= دراسة نفسية في سلوكيات «الشبيحة» إيمان الخميس التاريخ: 07 يونيو 2012 البيان اتساءل ولم يفارقني هذا التساؤل
منذ ما يقارب العام واكثر منذ اندلاع
الثورة السورية، كيف لبشار الاسد الذي
اختار تخصصه الدراسي طب العيون لانه
اقل التخصصات الطبية التي يشاهد
خلالها الدماء..! وكيف لمن يتسمون ب «الشبيحة»
ان يفتكوا ويقطعوا كما لو كانوا وحوش
برية شديدة الجوع والافتراس..! والسؤال
يمتد ل سجن ابو غريب ومحاكم التفتيش
الاسبانية والمذبحة الجماعية في
رواندا وسربنيتشيا ولأرييل شارون
وادولف ايخمان المسؤول في حكومة هتلر
عن مقتل ملايين البشر..!! فما الذي يحدث
حينما يذوب الانسان في داخل ابنية
مؤسسية اكبر منه؟! يقول الطبيب النفسي «ستانلي
ميلجرام» في كتابه «إطاعة السلطة»: ان هؤلاء ليسوا الا اشخاصا عاديين
وضعوا في ظروف غير عادية، فهم ليسوا
مرضى نفسيين ولكنهم موظفين بشر لديهم
توجه شديد لإطاعة السلطة، يستهدف هذا
التوجه حفاظهم على حياتهم. ومفهومهم انه لابد من ان يكون
هناك قادة وتابعون وتدرج للسلطة حتى
تسير الامور. وإن الافراد إذا تركوا في
حالهم فسيتحلون بالمسؤولية عما
يفعلونه ويعتبرون انفسهم بذلك احرار،
ولكنهم حينما يكونوا بداخل نظام او هرم
للسلطة فإنهم يكونوا اكثر من مستعدين
للتنازل عن هذه المسؤولية لغيرهم. ويتوقفون عن ان يكونوا على طبيعة
ذواتهم الحقيقية ويصبحون «عملاء» لشخص
او شيء آخر كالدين او القائد الكاريزمي
او المعتقد او ايدلوجيا معينة. فحين
يطلب منهم ان يكونوا وحوش فأنهم يطورون
في دواخلهم آليات تعينهم وتبرر لهم
الطاعة العمياء وإرضاء السلطة وتهميش
الاحساس بالذنب وخنق الضمير... إما انهم يحولون المسؤولية
الاخلاقية الى صاحب السلطة وهو الدفاع
المعنون ب (انا اتبع الاوامر فقط) وهذه
الجملة اعتادت محاكم جرائم الحرب على
سماعها. ان سلوكياتهم ليست اهم من قضية
اكبر وهي اهم من انفسهم كأرتباطها
بأسباب دينية او عقائد سياسية. تقليل انسانية الضحية بكونه غبي
عرّض نفسه لهذا العقاب والقضاء على هذه
الشخصيات الحقيرة سيجعل العالم مكانا
افضل. يقول ستانلي: «بُنيت غرف الغاز،
وكانت معسكرات الموت تحت حراسة قوية،
وكان المنتج اليومي من الجثث لتلك
المعسكرات لا يقل عن عدد المنتجات التي
يخرجها اي مصنع يوميا. ربما كانت هذه
السياسات عديمة الانسانية قد نشأت في
عقل شخص واحد ومع ذلك فلم يكن لها ان
تتحقق على نطاق واسع ما لم يطع عدد كبير
من الناس الاوامر». حتى وان كان ذلك كله من الموروث
البشري فهذا ليس مبررا وان كان موضحاً
لهذه الافعال البشعة، ولكن لا بد
للإنسانية ان تقول كلمتها بحزم وصرامة
لكي نتخلص من هذه الافكار المدفونة او
التوجهات العميقة التي ان لم تروّض
ويكبح جماحها ستدمر النفس البشرية
وتلحق الضرر والاذى. وان علينا فرداً
فرداً ان نكون على استعداد تام ان نضع
انسانيتنا قبل النظام وقبل كل شيء. ================= سوريا...خيارات
التدخل تاريخ
النشر: الخميس 07 يونيو 2012 الاتحاد بعد المذابح والتطهير العرقي في
راوندا في تسعينيات القرن الماضي، قال
العالم: لن نسمح بحدوث ذلك ثانية أبداً.
وانطلاقاً من هذا الوعد تدخل العالم
لإيقاف عمليات القتل في البوسنة،
وكوسوفو، وليبيا... غير أن تلك التدخلات
كانت تمثل الاستثناء لا العرف السائد،
بدليل أن العالم يشاهد الآن عنفاً
مروعاً تتكشف تفاصيله في سوريا، ومع
ذلك تجد الدول الكبرى في المنظومة
الدولية مثل الولايات المتحدة،
وحلفائها لديها من الأسباب ما يدفعها
لقصر استجابتها على العقوبات
الاقتصادية المصحوبة ببيانات شجب قوية
العبارات، ولكنها فاقدة الفاعلية. يحدث هذا، على الرغم من حقيقة أن
الرهانات في سوريا أعلى كثيراً- من
منظور إستراتيجي- عما كانت عليه في
ليبيا. فعندما تصرف "الناتو" ضد
القذافي، كان الرجل قد بات بالفعل
طاغية معزولاً تخلى عن رعاية الإرهاب
وإنتاج أسلحة دمار شامل. أما بشار
فالأمر بالنسبة إليه مختلف: فحزبه يرعى
"حزب الله" و"حماس"، ولديه
مخزون كبير من الأسلحة الكيماوية،
وكان على وشك تطوير سلاح نووي ما لم تقم
إسرائيل بضرب مفاعله النووي عام 2007 ،
فضلاً عن ارتباطه بعلاقات وثيقة مع
إيران العدو الأول للولايات المتحدة
وحلفائها في المنطقة. هناك سبب آخر هو أنه كلما ظل الأسد
باقياً في السلطة من دون أن يتمكن من
إخماد الانتفاضة المحتدمة ضد نظامه
منذ ما يزيد عن عام، كلما زادت
احتمالات انجرار قوى إقليمية لأتون
المعركة، وكلما زادت بالتالي فرص
الجماعات المتطرفة مثل"القاعدة"
المسؤولة بالفعل عن عدد من العمليات
البشعة في سوريا، على تكوين ملاذات
آمنة على الأراضي السورية. ليس هناك شك أنه ستكون هناك مخاطر
عديدة في سوريا ما بعد الأسد، ولكن
إطاحته- وهو شيء لم تظهر العقوبات
المختلفة أي علامة على إمكانها تحقيقه-
يحمل في طياته إمكانية القدرة على
تحقيق أهداف استراتيجية وإنسانية على
حد سواء. والذين يحبذون اللجوء للأسلوب
البطيء في تحقيق هذا الهدف يقرون بمعظم
هذه الحقيقة، ولكنهم يرون مع ذلك أنه
لا توجد ثمة خيارات جيدة للتدخل. ولا خلاف على أن إطاحة الأنظمة
تحمل في طياتها مخاطر على الدوام،
وأنها مسألة لا يجب بحال من الأحوال
أخذها باستخفاف- حسبما علمتنا دروس
العراق وأفغانستان، إلا أننا يجب أن
نعرف أنه ليس هناك من يقترح إرسال قوات
برية أميركية لسوريا، وهو أخطر خيار
مطروح على الطاولة- كما لا يجب أن يقترح
أي أحد مثل هذا الخيار أصلاً. ليس هذا فحسب بل إننا نجد أيضاً أن
الخيارات العسكرية الأقل خطورة بكثير
من خيار التدخل الأرضي المباشر مثل
الضربات الجوية، سوف تكون أصعب بكثير
في سوريا، مما كانت عليه في الحالة
الليبية لعديد من الأسباب منها
تمثيلاً لا حصراً أن المعارضة السورية
أقل توحداً من مثيلتها في ليبيا، فضلاً
عن كونها غير مسيطرة على أي مدينة أو
منطقة جغرافية محددة، وبالتالي سيكون
ضرب أهداف العدو من دون إصابة مدنيين
أبرياء مسألة أصعب بكثير مقارنة بما
كان عليه الحال في ليبيا. هل هذه حجج نلجأ إليها لاتخاذها
ذريعة للاكتفاء بالجلوس من دون أن نفعل
شيئاً، ونحن نرى المذابح وهي ترتكب
أمامنا؟... إذا كان هناك من يرى أن ذلك
يمثل خياراً؛ فهو خيار ليس بالجيد بحال. من حسن الحظ، أن الخيارات لا
تقتصر على تلك التي ذكرناها وإنما هناك
خيارات أخرى كما يقول"أندرو تابلر"
الخبير في الشأن السوري: بادئ ذي بدأ يجب أن ننخرط على نحو
أكبر في تنظيم المقاومة السورية من
خلال تزويدها بأجهزة ومعدات الاتصال،
والمعلومات الاستخبارية، وغير ذلك من
أنواع المساعدة(غير المميتة). ويمكن لدبلوماسيي الولايات
المتحدة ورجال استخباراتها التعاون مع
المعارضة السورية، من أجل صياغة خطط
لإقامة حكومة ديمقراطية، إدماجية في
فترة ما بعد الأسد، وهو ما سيهدئ من
مخاوف الأكراد والمسيحيين وغيرهما من
الأقليات التي تعيش في سوريا بالإضافة
بالطبع لطمأنة رجال الأعمال وغير ذلك
من أصحاب المصلحة مع نظام الأسد،
والذين ترددوا حتى الآن في الوقوف
لجانب التمرد. سوف يكون من المفيد أيضاً في هذا
السياق إنشاء مناطق آمنة على حدود
سوريا مع تركيا والأردن التي فر ويفر
إليها الآلاف هرباً من قمع النظام
السوري، واللتين تمتلكان الإمكانيات
العسكرية- وبالذات تركيا- التي تمكنهما
من الدفاع عن تلك المناطق. كذلك يمكن للولايات المتحدة
وحلفائها من أعضاء "الناتو" تعزيز
العقوبات الموقعة على النظام السوري
من خلال فرض حصار بحري على الساحل
السوري، وهو ما سيحد كثيراً من قدرة
الدولتين الرئيسيتين الراعيتين
لسوريا وهما روسيا وإيران على تزويد
النظام بالأسلحة. ويمكن أيضاً النظر في إمكانية
القيام بتنفيذ ضربات جوية هادفة
لحماية المناطق الآمنة، أو تدمير بعض
الأهداف الأكثر أهمية بالنسبة للنظام...
ولكن ونظراً لأن روسيا والصين ما زالتا
تعوقان الإجراءات التي يمكن اتخاذها
ضد نظام الأسد، فإن الجزء الأكثر صعوبة
بالنسبة لإمكانية وضع هذا الخيار موضع
التنفيذ هي تلك المتعلقة بالحصول على
موافقة وتأييد المجتمع الدولي. ولكن
عدم الحصول على موافقة المجتمع الدولي
لم يوقف بيل كلينتون عن التدخل في
كوسوفو، ولا يجب أن يوقف الإدارة
الحالية عن التدخل في سوريا خصوصاً في
حال ما إذا تمكنا من الحصول على تأييد
ومساندة "الناتو"، والجامعة
العربية. ================= علي حماده 2012-06-07 النهار فيما كانت جميع الجلسات النقاشية
التي حفل بها "مؤتمر الشرق اوسط،
شمال افريقيا واوراسيا" الذي نظمه
"المنتدى الاقتصادي العالمي" في
مدينة اسطنبول في اليومين الماضيين،
والتي ركزت على التحولات الجيو- سياسية
في المنطقة في ضوء الربيع العربي، تولي
الازمة السورية مكانة الصدارة، كان
وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو
يستضيف في اسطنبول نفسها مؤتمرا دوليا
تحت عنوان "مكافحة الارهاب"
ويشارك فيه رؤساء حكومات ووزراء
خارجية عرب واوروبيون بالاضافة الى
وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري
كلينتون والى جانبهم مسؤولو 29 دولة.
وقال لي صحافي اميركي كبير كتب مؤخرا
عن الازمة السورية في احدى كبريات
الصحف الاميركية، انه وفقا لمعلوماته،
فإن المؤتمر المذكور سيشهد على هامشه
لقاءات عربية اوروبية اميركية ستركز
على الوضع السوري. اضاف محدثي، انه شعر
بأن المؤتمر برمته يدور في روحه حول
سوريا، او بمعنى آخر الصراع الدولي على
سوريا! فالاتصالات الخلفية بين
الاميركيين والروس والاوروبيين
والعرب قائمة على قدم وساق، في ما يبدو
انه تحضير لصفقة دولية كبرى يجري عقدها
بين كل الجهات المعنية، وكلها تدور حول
مرحلة ما بعد النظام. وفي الاثناء تبقى
المعركة على الارض مستعرة بعدما اغرق
بشار الاسد نفسه ونظامه في بحر من دماء
السوريين. تزامناً مع المؤتمر الدولي
لمكافحة الارهاب في اسطنبول، كان
ديبلوماسي تركي يشير الي بمتابعة جولة
وزيرة الخارجية الاميركية على كل من
جورجيا وارمينيا واذربيجان، وعدم
استبعاد ان تكون جزءا من "كونشيرتو"
الامم التي تجمع اوراقها لتحسين
مواقعها في المعطى السوري المستقبلي.
وجولة كلينتون تزعج موسكو التي تعتبر
الجمهوريات الثلاث السوفياتية سابقا،
واقعة في نطاق حديقة روسيا الخلفية.
وفي المقابل كانت متابعة لزيارة
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبكين،
تقابلها زيارة وزير الدفاع اميركي
ليون بانيتا لنيودلهي تحت عنوان تعزيز
التعاون العسكري بين البلدين. كل هذا
يحدث وسوريا تتحول بسرعة هائلة الى
مسرح حرب مفتوحة بين النظام والثوار في
الداخل، وعلى مستوى آخر، فإنها تتحول
الى مسرح لحرب باردة جديدة بين محورَي
"موسكو – بكين" من جهة والغرب
وعرب الخليج من جهة اخرى. انه الانزلاق المتسارع الخطى نحو
مزيد من القتل والتدمير، والنظام في
سوريا يرفض النظر في المعطى الداخلي
الاساسي الذي يمثل الرافعة الاولى
لتدخل العالم كله في سوريا. على صعيد آخر، تتقاطع المعلومات
التي تؤكد ان الجيش الحر يتلقى اسلحة
نوعية بوتيرة اسرع، مما يفسر الخسائر
المرتفعة لجيش النظام في العديد من
المناطق السورية. في الخلاصة، نقول ان بشار،
بالسلوك المافيوي التي مارسه منذ بدء
الازمة، اوصل الى طرح سوريا على مائدة
الكبار، وصار جزءا من الماضي. ================= لا
جدوى من طرح سلاح "حزب الله"
حالياً حوار
ما بعد الأزمة السوريّة غير ما قبلها؟ روزانا
بومنصف 2012-06-07 النهار هل الحوار بعد انطلاق الازمة
السورية وتطورها هو غيره ما قبلها،
بحيث يمكن التعويل على نتائج مختلفة؟ لا احد يعتقد بذلك. اذ يبدو لكثير
من المراقبين ان الحوار الذي دعا اليه
رئيس الجمهورية ميشال سليمان لا يحتمل
حتى جدول الاعمال الذي حدده على الاقل
والمتعلق بموضوع السلاح. فهناك معطيان
اساسيان لا يمكن الحوار اللبناني ان
يؤدي الى أي نتيجة في ظل عدم اتضاحهما،
بغضّ النظر عن مواقف الافرقاء
الداخليين وما اذا كانت تساهم في تزخيم
الحوار ام لا. المعطى الاول هو ذلك
المتصل بالمفاوضات الغربية للدول
الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران
حول سعيها الى حل لملف السلاح النووي.
اذ سيكون من الصعب طرح موضوع السلاح في
لبنان وارتباطه ب"حزب الله" على
بساط البحث قبل بلورة نتائج الاتصالات
والمفاوضات الغربية الايرانية، لان
اتفاقا محتملا بين ايران والغرب عموما
او بين ايران والولايات المتحدة خصوصا
يمكن ان يؤدي بسهولة الى ازالة
المبررات وراء ضخ ايران السلاح الى
لبنان، او ان يفقد هذا السلاح جدواه.
وهذه المسألة هي راهنا على النار بغض
النظر عما اذا كانت المفاوضات
المتجددة، والتي عقدت جلستان منها
احداهما في اسطنبول ثم في بغداد، ستؤدي
الى أي نتيجة، كما انها مرتبطة بموضوع
الاستهداف الاسرائيلي للمنشآت
النووية الايرانية الذي يظل خطرا
محتملا من الصعب على ضوئه وضع مناقشة
سلاح الحزب على طاولة البحث من ضمن
استراتيجية دفاعية او سواها من
التسميات. وهذا الامر يعرفه كل طرف من
دون أي لبس او غموض. المعطى الاخر يتعلق بالاتصالات
الدولية الجارية حول الوضع السوري
والتي تحركت بقوة على اثر مجزرة الحولة
وزيارة المبعوث المشترك للامم المتحدة
والجامعة العربية كوفي انان الى دمشق
واعلانه ان خطته لم تنفذ، محذّرا من
مخاطر حرب اهلية في سوريا. ويصعب في ظل
المفاوضات الدولية ليس على بقاء
الرئيس السوري او عدم بقائه حيث إن
البحث لا يجري كما ساد انطباع لدى
انطلاق الانتفاضة السورية حول انهيار
النظام واستبداله بواحد آخر، بل يجري
على مواقع ومصالح ومكاسب، يصعب على
الاطراف الاقليميين كايران مثلا التي
تدافع عن نفوذها في سوريا وتحصيل مكاسب
او على اطراف محليين، مناقشة موضوع
السلاح في ظل عدم اتضاح صورة التفاوض
الدولي على الوضع السوري. وقد يسفر هذا
التفاوض عن مكاسب لا تسمح بالتفريط
ببعض امتداداتها في لبنان والعكس صحيح
بحيث ان أي تغيير جذري في سوريا قد يعزز
اوراق افرقاء بحيث لا يمكنهم من قبول
المساومة على ما يطلبونه. فضلا عن ان
هذين المعطيين قد يكونان مرتبطين في
شكل او في اخر، بحيث ان التفاوض على
الوضع السوري بين تيارين دوليين فتجد
ايران نفسها في موقع واحد مع روسيا
والصين في الموضوع السوري والدفاع عن
النظام كما في الموقع نفسه تقريبا حول
سلاحها النووي بحيث ان التسوية على هذا
الاخير قد يسير في موازاة الحصول على
مكاسب او نفوذ في سوريا مستقبلا. وهناك من يعتقد ان "حزب الله"
قد يكون اجرى حسابات في ضوء هذين
الملفين بما قاده الى طاولة الحوار
مجددا حول عنوان السلاح، لكن هذا
المنطق لا يجد مؤيدين كثيرين له بل على
العكس من ذلك، نتيجة المواقف الاخيرة
لمسؤولي "حزب الله" التي لم يجف
حبرها بعد حول التأكيد على عدم امكان
المساس بالسلاح. لكن الحزب يسعى الى ان
يظهر في موقع المسؤول في الدولة
واستعداده للمحافظة على الاستقرار
امام الخارج كما امام الداخل من دون ان
يعني ذلك تنازله عن مواقفه. وهذا يسري
على اقتراح عقد مؤتمر تأسيسي جديد
للدولة في لبنان على اساس عقد اجتماعي
جديد وفق ما اقترحه الامين العام ل"حزب
الله" السيد حسن نصرالله اخيرا بحيث
لا يعتقد انه يمكن ان يكون بوابة عبور
الى الحوار بين الافرقاء اللبنانيين.
فهناك من يعتبر ان هذه المسألة هي
بدورها ملهاة جديدة للاخذ والرد كما
كان موضوع البحث في استراتيجية دفاعية
قبل عامين بحيث تغرق الطبقة السياسية
في نقاش لا جدوى منه حول امور لا مجال
لها في الوقت الراهن بأي شكل من
الاشكال فيظهر المسؤولون اللبنانيون
انشغالا بأمور جدية وجوهرية في حين ان
كل المسألة ان هناك محاولة لتخفيف
التوتر وتنظيم الخلاف الداخلي في الحد
الادنى كما هي حال الاتفاق مثلا على
تأمين الغطاء السياسي للجيش اللبناني
للدخول الى طرابلس وفك الاشتباكات
هناك بما يعني موافقة "حزب الله"
الذي يمون على الطرف الموالي لسوريا في
مقابل مونة الاطراف الاخرين على خصومه.
وثمة من يعتقد ان هذه الرمية المتعلقة
بالدعوة الى عقد اجتماعي جديد قد لا
تكون موفقة تماما في هذا التوقيت وفي
ظل عدم اتضاح الوضع السوري لاعتبارات
عدة لكن قد يكون ابرزها ما يتعلق
بالطرف المسيحي الحليف للحزب لجهة
ظهور الاخير في موقع الساعي الى مكاسب
له عبر المثالثة او ما شابه في مقابل
تقليص حصة المسيحيين في السلطة في هذا
الوقت بالذات. ================= واشنطن لا تريد إسقاط نظام
الأسد! الخميس، 07 حزيران 2012 02:21 ماجد أبو دياك السبيل بدرت في مؤخرا مجموعة مواقف غربية
تؤكد أن الولايات المتحدة والدول
الغربية لا تسعى إلى إسقاط النظام
السوري، وإنما تكتفي بإضعافه؛ خشية
البديل الإسلامي الذي قد لا تجد فيه
هذه الدول شريكا، يمكن أن تتعامل معه
في دولة مهمة من دول الطوق. فقد أكدت وزيرة الخارجية
الأمريكية ولأول مرة أن واشنطن لا
تطالب باستقالة الأسد، ولكنها تركز
على التغيير السياسي، وصدرت على نسقها
تصريحات من رئيس الوزراء البريطاني
ديفيد كاميرون، وفي هذا تراجع عن
تحركات قادتها واشنطن والغرب لإيجاد
تسوية للأزمة السورية على غرار ما جرى
في اليمن، حيث تخلى علي عبد الله صالح
عن سلطاته لنائبه، واضطر إلى الخروج من
البلد للعلاج! ومن المفترض أن يناقش الرئيس
الأمريكي باراك أوباما هذا الحل مع
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد
التوصل إلى توافق بشأنه بعد ازدياد
الضغوط على موسكو، إثر مجزرة الحولة،
الأمر الذي يؤكد أن الخلافات بين
الطرفين حول حل هذه المسألة في طريقها
للتسوية خصوصا أن الموقف الأمريكي يضع
في اعتباره تخوفات من سقوط الحكم بأيدي
من يسميهم «متطرفين إسلاميين»؛ ما قد
يعقد الوضع المحيط بالكيان الإسرائيل،
إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التطورات
في مصر على صعيد الانتخابات الرئاسية. إن عدم المطالبة باستقالة الأسد
أو السعي الحثيث لإسقاط حكمه، ما خلا
استخدام الضغوط السياسية والاقتصادية
المعتدلة عليه، يجعل التغييرات التي
تتحدث عنها كلينتون بدون قيمة حقيقية،
والأخطر من هذا أنها تنم على عدم وجود
نية حقيقية لإسقاط النظام السوري، ليس
لدى الولايات المتحدة وحدها، بل
والغرب أيضا. كما أن استمرار التحذير من حرب
أهلية بعد مجزرة الحولة لم يؤثر في
النظام، أو يدفعه لتغيير حساباته في
العنف المتزايد ضد أبناء شعبه. وفي هذا السياق، تأتي كثرة
التحذيرات الإسرائيلية من انهيار
النظام واحتمال سقوط أسلحة كيماوية (يدعى
بأن دمشق تملكها) بيد المعارضة
الإسلامية أو بيد تنظيم القاعدة الذي
قد يستخدمها ضد «إسرائيل». وفي ظل تراخي المجتمع الدولي عن
إيقاع العقوبات الرادعة بحق النظام
السوري، فإنه لن يجد نفسه مرغما على
القبول بخطة المبعوث الأممي والعربي
كوفي أنان، وهذا ما نستشفه من خطاب
الرئيس الأسد أمام مجلس الشعب الجديد،
حيث استبعد فيه الحل السياسي وشن هجومه
على الغرب والعرب الذين يدعمون
المعارضة المسلحة. لا أعتقد أن مخلصا لهذه الأمة
ومهتما لأمر الشعب السوري يدعم التدخل
الأمريكي والغربي السافر في هذا البلد
على غرار ما حصل في ليبيا، ولكن إجرام
النظام السوري فتح الباب واسعا أمام
هذه التدخلات، وليس كما يقول هذا
النظام بأن هناك مؤامرة خارجية عليه! كما أن الضغوط الدولية الحقيقية
هي السبيل المتاحة للتعامل مع نظام أصم
أذنيه عن مطالب المعارضة واستهان
بالمراقبين العرب ورفض التدخل العربي
في الأزمة. ولكن لا يبدو أن حراكا دوليا
حقيقيا يلوح في الأفق بهذا الشأن؛ ما
يرجح استمرار مسلسل القتل ما لم تحصل
انشقاقات حقيقية في الجيش تؤدي
بالإطاحة برأس هذا النظام. وفي رأينا
أن هذا ما يجب أن تركز عليه المعارضة في
المرحلة المقبلة، وليس استدرار
التدخل، الذي إن حصل فسيجعل البلاد
رهينة للمستعمر الجديد. ================= رأي القدس 2012-06-06 القدس العربي تتكثف الجهود الدولية هذه الايام
من اجل ايجاد مخرج سلمي للازمة
السورية، بعد ان بات واضحا ان الدول
الغربية، والولايات المتحدة على وجه
الخصوص، ليست متحمسة او حتى راغبة، في
اللجوء للتدخل العسكري الذي تطالب به
بعض شخصيات المعارضة السورية، وتضغط
من اجله دول عربية. هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية
الامريكية طارت الى اسطنبول عصر امس
للمشاركة في لقاء عاجل لاصدقاء سورية
مؤكدة ان اللقاء سيناقش عناصر
لاستراتيجية ديمقراطية لنقل السلطة في
سورية دون ان تفصح عن هذه العناصر
وربما تركت ذلك للدول المشاركة في
اللقاء، وهي بريطانيا وفرنسا والمملكة
العربية السعودية الى جانب تركيا
الدولة المضيفة. صحيفة 'الواشنطن بوست' الامريكية
كشفت جزئيا عن هذا التحول في الموقف
الامريكي عندما قالت ان كوفي عنان
المبعوث الدولي لسورية، اعد خطة طريق
لانتقال سياسي يتم التفاوض عليه من
خلال مجموعة اتصال موسعة تشمل ايران
وروسيا الى جانب دول اخرى، مثل
الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا
والمملكة العربية السعودية وربما قطر
ايضا. خريطة طريق عنان تنص على تنحي
الرئيس الاسد، وحصوله واسرته على ملاذ
آمن في روسيا واجراء انتخابات رئاسية
وبرلمانية واعادة تأهيل قوات الامن
السورية وفق معايير جديدة. المفاجأة في هذه الخريطة التي
ستعرض على مجلس الامن لبحثها وربما
اقرارها، هي 'اضطرار' الولايات المتحدة
ومجموعة اصدقاء سورية التي تتزعمها
للاعتراف بخطأ استبعاد روسيا منذ
البداية، والرضوخ لشروط الاخيرة، اي
روسيا، بضم ايران الى المساعي الدولية
لبحث الملف السوري. السؤال المطروح هو عما اذا كانت
روسيا ستقبل بخريطة الطريق هذه اولا،
ثم قدرتها على اقناع الرئيس بشار الاسد
بالتنحي عن السلطة والتقاعد في موسكو
والتأقلم بالتالي مع صقيعها بعيدا عن
دفء قصور الرئاسة ومغرياتها. الروس ارسلوا عدة رسائل متناقضة
ما زال من غير المعروف ما اذا كانت جدية
ام طعما للغرب ابرزها، انها تؤيد
النظام السوري ولا تتمسك بالرئيس
الاسد، وان ما يهمها هو بقاء النظام،
وهذا الموقف اتضح جليا في البيان
الروسي الصيني المشترك الذي صدر في
اعقاب زيارة الرئيس فلاديمير بوتين
لبكين واكد على معارضة البلدين تغيير
النظام في سورية وايران بالقوة عبر
التدخل العسكري. من الصعب القفز الى نتائج محددة
حول خريطة الطريق هذه والتكهن بفرص
نجاحها خاصة انها ما زالت مجرد نطفة لم
تنم بعد، ولكن ما يمكن استنتاجه ان
الدول الغربية، وبعد تصعيد كبير في
مواقفها وقرعها لطبول الحرب في سورية
بتحريض من دول عربية، بدأت تتراجع
وتتجه الى التهدئة خوفا من المستقبل
الذي يمكن ان تكون عليه سورية في ظل
وجود شبه اجماع بانها متجهة نحو حرب
اهلية طائفية، ربما تمتد لسنوات ان لم
تكن لعقود. الدول الغربية صعدت تطلعات الشعب
السوري بشكل مبالغ فيه، وتبنت
انتفاضته، واعترفت بمعارضته، وها هي
تتخلى عن هذا الشعب لانها غير مستعدة
ان تضحي بجندي واحد من اجل الديمقراطية
وحقوق الانسان لسبب بسيط وهو انه لا
يوجد في سورية نفط، وانما جيش ما زال
متماسكا ودعم صيني روسي ايراني صلب.
بمعنى آخر تطبيق النموذج الليبي ما زال
غير وارد لاختلاف الظروف، وتجنبا
لخسائر مادية وبشرية هائلة حسب
التوقعات الاستراتيجية الغربية. الشعب السوري بات ضحية دول عربية
عاجزة واخرى غربية تخشى من التدخل
العسكري لعدم تكرار هزائمها في العراق
وافغانستان، وفشل النموذج الليبي في
تحقيق الاستقرار وبناء الحكم
الديمقراطي الرشيد. ================= ثورة للإنسان... لا ثورة
للأديان والطوائف حسن بن سالم * الخميس ٧ يونيو ٢٠١٢ الحياة لا تكون الثورات من أجل تحقيق
الحرية والكرامة وإسقاط أنظمة
الاستبداد والفساد إلا حينما تكون
ثورة باسم الشعب، والشعب هنا ليس ديناً
أو مذهباً أو طائفةً أو حزباً، وإنما
هو اسم يجمع كل الأطياف والألوان
والطوائف والمذاهب المتعددة التي
تنضوي جميعها تحت مسمى واحد هو «الوطن»،
فالثورة الشعبية هي ثورة تتعالى على كل
التصنيفات المذهبية والطائفية، من أجل
تحقيق الحرية والعدالة للجميع، وهي
ثورة لا تكون إلا ضد أنظمة القمع
والظلم والاستبداد، وليس ضد طائفة
معينة أو طبقة أو فئة، فهي ليست ثورة
للانتصار بدافع ديني أو عرقي أو حزبي،
وحينما لا تكون الثورة من أجل الحرية
للجميع، فإنما تحمل في رحمها
استبداداً بصورة وبلون جديد. الثورة السورية، وكما هي بقية
الثورات العربية، لم تقم إلا من أجل
كرامة الإنسان وحريته وتحرره من
الاستبداد... خرج المواطن السوري
وبصورة سلمية الى الشارع ليكون
إنساناً أولاً وآخراً، خرج بمختلف
طوائفه ومذاهبه للمطالبة بالحرية
والعدالة والمساواة، خرج رافضاً
السجون والقتل والتعذيب والمعتقلات،
خرج مطالباً بدولة القانون والمؤسسات
وبحقوقه المسلوبة طيلة 50 عاماً، خرج
مطالباً بالديموقراطية وحقه في
المشاركة السياسية في صنع القرار، خرج
من أجل أن تكون سورية موطناً كريماً
لكل الشعب السوري، مهما كان دينه أو
مذهبه أو طائفته وعرقه، ولم يخرج من
أجل نصرة طائفة أو لدوافع عقدية،
والنظام الأسدي حينما يقتل المواطن
السوري الذي خرج الى الشارع ثائراً لا
يقتله لأنه من هذه الطائفة أو تلك،
وإنما يقتله لأنه يبحث عن حريته
وكرامته أياً كان مذهبه أو طائفته. حاول النظام الأسدي جاهداً تخويف
الشارع السوري وإلقاء الرعب في قلوب
الناس وتخويفهم من الحراك الثوري بحجة
الاقتتال والحرب الطائفية، وهذه
الاستراتيجية انتهجها هذا النظام على
مدى سنوات حكمه القمعية الطويلة من أجل
المحافظة والاستمرار والبقاء على كل
مكتسباته، وذلك بتحشيد العلويين وبث
الخوف فيهم بأنه الحامي ومصدر الأمان
لهم من طغيان الغالبية واستبدادهم حتى
يضمن ولاءهم والتفافهم حوله، وحينما
لا تحقق تلك الاستراتيجية أهدافها
وأبعادها في غرس الكراهية في النسيج
الوطني، فإنه كان يعمد دوماً لاستزراع
الخوف عبر صنوف وألوان مختلفة من
الأساليب والطرق لجر الجميع إلى خندق
الاقتتال الطائفي، وتوريط الطرفين
بممارسات ثأرية تبدأ ولا تنتهي، لكن
الشعب السوري الذي قام بهذه الثورة
العظيمة، ومعظم المناصرين والمؤيدين،
رفضوا منذ اليوم الأول لتلك الانتفاضة
الشعبية تحويل الثورة والنضال من أجل
الحرية إلى اقتتال بين مكوناته، وواجه
كل محاولات تمزيقه بوحدته الوطنية
وتماسكه من أجل إسقاط النظام المستبد...
ورددوا شعارهم: «واحد واحد واحد...
الشعب السوري واحد»، وعمل بوعيه على
إحباط وإفشال أساليب وجرائم النظام في
إشعال فتيل الطائفية كافة، وتمسك
باستماتة بهدفه العظيم وهو الحرية
للجميع بغض النظر عن الجهة أو الطائفة
التي ينتمي المرء إليها، فالنظام
لديهم ما عاد يمثل إلا شريحة وطغمة من
الفاسدين الذين دينهم وطائفتهم هي في
الفساد ومناصرة النظام، وهؤلاء قد
يأتون من كل الخلفيات والطوائف. أخيراً، وبعد مجزرة الحولة
البشعة التي وقعت في 25 أيار (مايو)
الماضي وقتل فيها 108 أشخاص نصفهم من
الأطفال، ظهرت أصوات على شبكة
الانترنت وفي الكثير من الفيديوات
والتعليقات، وبكل أسف نحوا منحى
طائفياً في عباراتهم ومحاولة تصوير
الثورة كأنها ثورة طائفة مقابل طائفة
أخرى، وكل من يدفع بالثورة إلى المسار
والتأجيج الطائفي الذي يصبو النظام
جاهداً إلى تحقيقه وإنجاحه من أجل
المحافظة والاستمرار على بقائه قد لا
يدرك مدى حجم التبعات الكارثية التي قد
تنجم عن ذلك، بحيث قد يكون الشعب أمام
خيارين، إما صراع واقتتال على الهوية
الطائفية في مثل هذه الحال، أو اصطفاف
طائفي في حال قيام عملية سياسية
ديموقراطية، كما هو الواقع في النموذج
العراقي... ولذلك أشار الباحث
والأكاديمي في جامعة كامبريدج الدكتور
خالد الحروب إلى أن هناك ضرورة ملحّة
تستوجب تنقية كثير من خطابنا الإعلامي
المرتبط بالثورة السورية، الذي يعزز
البعد الطائفي للنظام ويقوم بخدمته في
شكل غير مباشر... فتعبيرات أو أوصاف «حكم
العلويين»، أو «جرائم العلويين ضد
السنّة»، وكل ما هو قريب من ذلك يجب أن
تكون مرفوضة تماماً من ناحية مبدئية،
لأنها تقسم المجتمع، وتضع طوائفه
بعضها ضد بعض، في حين أن المعركة
الحقيقية هي معركة كل هذه الطوائف
مجتمعة ضد استبداد النظام، وتفرد أي
شريحة مهما كانت أقلية أو غالبية في
التحكم في الآخرين. وأشير هنا إلى أن
مجموعة من المثقفين والناشطين
العلويين أصدروا بياناً بعد مجزرة
الحولة دانوا فيه مجزرة الحولة وكل
المجازر وجرائم الإبادة، وعمليات
القتل الممنهج التي يقوم بها النظام ضد
الثائرين المحتجين، ودعوا فيه أبناء
الطائفة العلوية إلى إعادة ترتيب
رهاناتهم السياسية، وفقاً لقيم
العدالة والحرية، والتخلي عن هذا
النظام والتبرؤ من أفعاله الإجرامية،
ومحاولاته الحثيثة إلى جرّ البلد لحرب
أهلية أو طائفية والدعوة إلى كسر جدار
الخوف والخروج في تظاهرات تندّد
بجرائم النظام. ولذلك فإن سورية
الجديدة المقبلة والسوريين أمام تحدٍ
كبير هائل، يتمثل في بناء دولة حديثة
تتجاوز الأطر الطائفية والمذهبية
والعرقية كافة، وأن يرتقوا فوق كل
الاعتبارات ويكونوا سوريين أولاً
وآخراً. * كاتب سعودي ================= خياران في سورية: انقلاب
داخلي وإلاّ تدخل خارجي الخميس ٧ يونيو ٢٠١٢ الحياة عبدالوهاب بدرخان في دمشق يجزم رئيس النظام السوري
بأن نهاية الأزمة باتت قريبة رغم أنه
لم يمضِ وقت طويل على قوله إنها لا تزال
في بدايتها... وفي الدوحة التأم حشد من
الفنانين والمثقفين السوريين ليقولوا
«قرّبنا يا الحرية»... قد تطول الطريق
الى الحرية لكنها مآلها الطبيعي أن
تشرق، وقد يفلح الاستبداد في إطالة
مكوثه لكن مصيره الأفول والزوال. لا
مجال لتعايشهما في أي منطقة «رمادية»
رفضها رأس النظام في خطابه الأخير،
وصار الآن يتمنّاها فهي التي أدامته
طوال العقود السابقة. ليس معروفاً اذا كان صدّق ما
استمر يقوله لمدة ساعة ونيّف، أو اذا
كان من يخاطبهم صدّقوا كلمة واحدة،
خصوصأً عندما قال بشّار الأسد أن «حتى
الوحوش لا تقوم بما رأيناه» في مجزرة
الحولة. الوحوش؟ انه يعرف تماماً عمّن
يتحدث، ويعرف الأمكنة، ويكاد يذكر
الضحايا اسماً اسماً. حاول أن يبيع
للعالم وللسوريين «المنتخبين» حديثاً
لما يسمى «مجلس الشعب» رواية أن «عصابات»
المعارضة هي التي ارتكبت مجازر الحولة
والقزاز والميدان ودير الزور وحلب،
وأنها هي التي أوقفت العمال على حاجز
القصير وكبّلت أيديهم قبل أن تجهز
عليهم وترمي جثامينهم. للمرة الثانية كان المشهد في «مجلس
الشعب» مروّعاً بسورياليته. في
الأولى، بعد أيام على بدء الانتفاضة،
كان محزناً بصخبه الملقَّن، وفي
الثانية مذهلاً بصمته المبرمج. في
الحالين لم يتغيّر الراوي ولا الرواية.
وفي الحالين كان الجمهور من «المنتخبين
- المعيّنين» للاستماع والتصفيق. ما
اختلف هذه المرة أن الراوي استخدم
جرائمه لينسبها الى ضحاياه، وكذلك
نياته ومراميه، لكن الحقيقة صارت
واضحة: شعب يريد الحفاظ على سورية
الوطن ونظام لا يمانع تفتيته. ومجزرة
الحولة دقّت ناقوس الخطر لأنها في وسط
بؤرة التناحر المذهبي ومرتبطة برسم
خريطة أطراف «الدويلة» المتوهَّمة. بالنسبة الى النظام السوري، بدأ «الحل
الأمني الدموي» للتوّ، فهو يريد أن
يدحر «الفتنة» (الطائفية) بعدما هزم «المؤامرة
الخارجية» رغم أن رئيسه يعترف أن «العدو
صار في الداخل» وأن سورية باتت ملعباً
دولياً على نحو أسوأ مما كانت عليه
أيام الدويلات والغزوات الغربية
الصليبية. بل انه شرع في مرحلة جديدة من
«الحل الأمني»، متوسعاً الى لبنان،
ليؤكد أنه بصدد الانتقام ممن لم
يعترفوا بأنه أنجز الإصلاحات المتوقعة
منه، وتوّجها بالانتخابات، وصار
جاهزاً ل «الحوار» اذا وافقت «المعارضة
الوطنية» على المشاركة فيه. كل ما عدا
ذلك هو عنده مجرد صراع مع «الإرهاب»،
بمؤازرة من «خطة كوفي انان» اذا شاء
أصحابها التعاون، وإذا لم يشأوا فمن
دونها. لم يعترف العالم بما يسمى «اصلاحات»،
لأنها ببساطة مجرد ترتيبات استخدمها
النظام للتذاكي بإعادة انتاج نفسه
والقول إنه تغيّر، وأرفقها برسائل
كثيرة ملحّة خصوصاً باتجاه الأميركيين
وعبرهم للإسرائيليين، لكن هؤلاء
وغيرهم يعرفون الآن أنه يغرق ويريد
إغراق سورية معه فلماذا يرمون اليه طوق
النجاة. وحده الشعب، لا «الأوراق
الإقليمية» كان يمكن ان ينقذه وإذ خسره
الى غير رجعة لم تعد لتلك الأوراق سوى
قيمة تخريبية لن تعيد تعويمه بأي حال.
فلو أوقف القتل لكان أثبت أنه تغيّر،
لكنه لجأ الى أساليب معروفة سبق أن
جرّبها في لبنان والعراق ومع
الفلسطينيين للإيهام بأن آخرين
يَقتلون وأنه صار ضحية، معتقداً أن هذا
يكفي لإعفائه من أولى النقاط الست في «خطة
انان»، أو يكفي ليعاود العالم التعامل
معه. كشفته «الوحوش» بارتكابها جريمة
الحولة، فطُرد سفراؤه، وبدأ البحث في
ما بعد مهمة انان. وما بعد مهمة انان ليس واضحاً إلا
أن الاتجاه المتدرّج نحو التدخل
الخارجي أصبح على الطاولة. ولن يكون
تدخلاً من النوع الذي يعيد الى النظام
عذريته العروبية والقومية التي كان
يتفاخر بها، فهو بطش وتجبّر الى الحد
الذي جعل من التدخل لخلعه واجباً
انسانياً. وبطبيعة الحال فليس من السهل
الانتقال الى البند السابع، كما تمنت
الجامعة العربية، لأنه سيعني
استطراداً بلورة تدخل متمتع بشرعية
دولية كاملة. أكثر من يقاوم فكرة
التدخل هما روسيا وإيران، الدولتان
الأكثر تدخلاً لمصلحة النظام، والأكثر
ادراكاً أنه لم يعد قادراً على
الاستمرار، وبالتالي الأكثر قلقاً على
مصير ما استثمروه فيه طوال العقود
السابقة. يريد الروس والإيرانيون أن
يضمنوا مصالحهم ما بعد النظام، ولا
يرون الى ذلك سبيلاً إلا بأن تكون لهم
يد في بناء صيغة النظام التالي، رغم
أنهو أخفقوا تماماً في التواصل مع قوى
الانتفاضة وظنّوا أن المعارضة التي
يستأنسها النظام سلعة صالحة للاستعمال
كونها ترفض التدخلات الخارجية وتقبل
بتدخلهم، ثم اكتشفوا حقيقة أن لا
مستقبل ولا وجود وازناً لها متى رحل
النظام. ليس أمام روسيا وإيران، للحؤول
دون التدخل الخارجي حتى من دون مظلة
الأمم المتحدة، سوى أن تبادرا الى خطوة
تعطّل هذا الاحتمال المتعاظم. من
الواضح أن سيناريو المرونة الإيرانية
في المفاوضات النووية لم يتناسب مع
استعجال طهران الى اتفاقات تلبي
طموحاتها كلها وبالسرعة التي يمكن
تثميرها في مقايضة تضمن بقاء النظام
السوري. فالاتفاق على معدّل تخصيب
اليورانيوم قد تتوافر الشروط التقنية
لجعله ممكناً، أما الاتفاق الموازي
بالنسبة الى الشراكة الأمنية
الإقليمية فدونه كمٌ من الشروط أهمها
أن تؤهل ايران نظامها نفسه لتصبح
شريكاً معترفاً بنفوذه. اذاً فإن مسعى
انقاذ نظام دمشق من داخل الصفقة
النووية لن يسير بالوتيرة المتوخّاة،
على افتراض أنه يمكن أن يحقق النتيجة
المرسومة. صحيح أن تكرار ورود فكرة الانقلاب
الداخلي أمعن في استهلاكها، إلا أنها
كانت دائماً المرادف الحتمي ل «الإصلاح
الحقيقي»، وطالما أن النظام لم يتمكن
من الإقدام عليه فإن الضرورة تلحّ على
أصدقائه كي يقلبوه صوناً لمصالحهم. وما
بات يرجّح خيار الانقلاب أن البديل منه
أن يكون الروس والإيرانيون مندفعين
الى مبارزة دولية لإثبات هيمنتهم على
المنطقة، أو أن تكون الدول الغربية
راغبة في أن تُستدرج الى فخ مشابه لما
شهده الأميركيون في العراق. لا هذا
الاحتمال وارد ولا ذاك. لكن منطق
التدخل، بمعزل عن تفاصيله، يشقّ طريقه
بقوة مع بروز ميل «الوحوش» الى جعل
الإبادة نهجاً اعتيادياً على وقع
مجازر متكررة. وإذا كان هناك من يطرح
حالياً هذا السؤال: مَن الأقدر، ومَن
يتحرك أولاً، روسيا أم ايران، أم
يُقدمان معاً؟ فإنهما في ضوء المعطيات
الراهنة لا تضمنان الحصول على النتيجة
المرتقبة، أي اعادة هندسة النظام بما
يخدم استمرار وجودهما ونفوذهما. لكن
الخطوة صارت ملحّة أقله للحدّ من
الخسائر. ================= الخميس ٧ يونيو ٢٠١٢ حسان حيدر الحياة الاجتماع الدولي الموسع الذي دعت
إليه روسيا أمس بمشاركة كل من إيران
وتركيا لبحث الوضع في سورية ودعم خطة
الموفد الدولي كوفي أنان وتصريح وزير
الخارجية سيرغي لافروف بأن تغيير
النظام السوري سيؤدي إلى «كارثة»،
شكلا التفافاً سريعاً على «التغيير»
الذي لحظته الأوساط الدولية في كلام
نائب الوزير غينادي غاتيلوف الذي قال
إن بلاده لا تعتبر بقاء بشار الأسد في
السلطة شرطاً مسبقاً للتوصل إلى تسوية
سياسية في هذا البلد. واعترف لافروف أمس بأن خطة أنان
ماتت وتحتاج إلى إعادة إحياء، لكنه
ألقى اللوم في فشلها على المعارضة
السورية وعلى مجموعة «أصدقاء سورية»
الدولية وليس على نظام دمشق نفسه الذي
أنكر رئيسه قبل أيام وجود أزمة سياسية
في بلاده مؤكداً إمعانه في الحل الأمني.
ولهذا اقترح الوزير الروسي حضور
إيران، الحليف الآخر الوثيق للأسد،
لإيجاد «توازن» كما قال والضغط على
جماعات المعارضة. وكان العالم استشف في موقف
غاتيلوف نوعاً من الاستجابة للضغوط
التي يمارسها المجتمع الدولي على
موسكو للتراجع عن دعمها المطلق لنظام
دمشق، بعدما وجد الروس أنفسهم عملياً
في مواجهة أوروبا والولايات المتحدة
والعالم العربي. وهي مواجهة ظهرت جلية
في قمة بطرسبورغ الأوروبية الروسية
التي تأكد خلالها أن مستقبل التعاون
بين الطرفين رهن بتعديل مواقف موسكو
وخصوصاً في ملفي سورية وإيران، وكذلك
في موقف وزيرة الخارجية الأميركية في
استوكهولم حيث دعت الروس إلى لعب الدور
المطلوب لإحداث تغيير في سورية،
وأيضاً في الاجتماع الوزاري الخليجي
الذي حذر موسكو على لسان وزير الخارجية
السعودي من أن تمسكها بدعم الأسد
سيفقدها قاعدة التعاطف التي حققتها
سابقاً في العالم العربي، ويحرمها من
بناء مصالح جيدة لها في المنطقة
مستقبلاً. لكن شبح الاعتدال الروسي الذي
تسعى واشنطن إلى بلورته نقاطاً واضحة
تشكل أساساً لعملية انتقالية على غرار
ما حصل في اليمن حيث كان التعاون بين
الدولتين لافتاً، تلاشى بسرعة، بعدما
تبين أن موسكو تهدف من ورائه بالدرجة
الأولى إلى امتصاص النقمة الدولية
التي تصاعدت بعد مجزرة الحولة، وإلى
كسب الوقت لمصلحة نظام الأسد. كانت موسكو في الزمن السوفياتي
تقول إنها مع الشعوب العربية ضد
أنظمتها وتحرض الأحزاب والجهات
الموالية لها على فرض التغيير وتنتقد
الغرب بشدة لدفاعه عن الأنظمة. واليوم
عندما هبت هذه الشعوب للتخلص من
الأنظمة الديكتاتورية التي حكمتها
عقوداً بلا رحمة وقفت موسكو «الجديدة»
ضدها غير عابئة بالشعوب التي طالما
ادعت صداقتها. هذا الانقلاب في الأدوار مرده إلى
رغبة قادة الكرملين الحاليين في
استعادة هالة «الدولة العظمى» بأي
ثمن، بل أساساً عبر المعارضة المسبقة
والعمياء لكل ما يطرحه الغرب من حلول
وأفكار، وفي أي ملف كان، بذريعة إنه
يهدد أمنها ومصالحها، مستفيدة في ذلك
من قدرتها على التعطيل في مجلس الأمن،
وأيضاً من فترة المهادنة التي يفرضها
اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية
الأميركية. ومع ذلك لا يزال البعض يعتقد بأن
موسكو تفاوض في مناطق أخرى، وأنها
مستعدة للتعاون في الملف السوري مقابل
تنازلات غربية في خصوص «الدرع
الصاروخية» التي ترى أنها تفقدها قدرة
الردع النووية، وتسعى لإبرام معاهدة
شراكة استراتيجية مع الاتحاد الأوروبي
تشمل إلغاء تأشيرات الدخول لمواطنيها،
وكذلك لمنحها تسهيلات إضافية في إطار
منظمة التجارة الدولية. لكن إلى أن
ينجح الروس في الحصول على مطالبهم أو
بعضها، أو أن تنتقل الضغوط الدولية
عليهم إلى مرحلة أكثر فاعلية، سيظل
الشعب السوري يعاني من آلة النظام
العسكرية التي تمدها موسكو بشكل مضطرد
بوسائل القتل والتدمير. ================= إصرار على العنف واحتقار
للشعب السوري وتحريض على الطائفية! صالح القلاب الشرق الاوسط 7-6-2012 هناك مثل عربي يقول: «أراد أن
يكحلها فعور عينها» فالرئيس السوري
بشار الأسد الذي من المفترض أنه تعلم
من تجربة الخمسة عشر شهرا، منذ بداية
هذه الأحداث التي بقيت تضرب بلده بعنف
متصاعد، وأنه أصبح أكثر استعدادا
للتصالح مع شعبه أظهر في خطابه الأخير،
وهو الخطاب الخامس بعد انطلاق هذه
الثورة المتصاعدة، أنه مصمم على خيار
الحسم العسكري حتى النهاية وأن ما تحدث
به من أمور خطيرة بالطريقة التي تحدث
بها يظهر وكأن خيار الحرب الأهلية بات
خياره الأخير الذي لا خيار غيره. وخلافا لما توقعته بعض قوى
المعارضة فقد ثبت أن بشار الأسد حتى
بعدما وصل حدُّ السكين إلى حلقومه لا
يزال مصرا على العنف وعدم التحدث إلى
شعبه بلغة غير اللغة التصعيدية
السابقة وأنه لا يفكر مطلقا في أن
يبادر إلى إبداء استعداد للتصالح مع
هذا الشعب على أساس الاستجابة لبعض
مطالبه الإصلاحية والإعلان عن فتح
صفحة جديدة وأنه عفا الله عما سلف
ولتذهب الضغائن إلى الجحيم والوطن فوق
الجميع. كان الذين يراقبون المشهد عن بعد
يتوقعون أن يبادر رئيس بدأت سفينة حكمه
بالغرق إلى امتصاص غضب شعبه إزاء جريمة
«الحولة» التي اعتبرت إحدى أبشع
الجرائم الإنسانية التي عرفها التاريخ
وإلى تنفيس رد الفعل الدولي الرسمي
والشعبي على هذه الجريمة، التي اعتبرت
نقطة تحول أساسية في سير الانتفاضة
الشعبية التي كانت بدأت في حادثة درعا
المعروفة في مارس (آذار) عام 2011،
باستخدام لغة عقلانية تصالحية هادئة
بعيدة عن العنجهية البعثية المعروفة
وبعيدة عن الاستفزاز والمفردات
الانتحارية التي لا يقولها إلا من أحس
بأن ظهره أصبح إلى الحائط وعلى أساس ما
جاء في إحدى قصائد الشاعر الفلسطيني
المُبدع معين بسيسو الذي كان قال في
لحظة سوداوية تدنت فيها مساحات الأمل
حتى حدود التلاشي: أنْت إنْ قلتها مُتْ وإن لم تقُلْها مُتْ ..فقلها ومتْ!! لقد توقع الشعب السوري، الذي ذاق
الأمرين ونزفت منه دماء غزيرة خلال
مسيرة العنف التي اختارها هذا النظام
والتي تواصلت على مدى خمسة عشر شهرا
والتي من الواضح أنها ستستمر أكثر
وأكثر، أن يسمع من رئيسه كلاما غير
الكلام الذي قاله في خطبه الأربع
السابقة وأن يلمس من هذا الرئيس،
المحاط بمجموعة من أبناء الخؤولة
والعمومة الذين يزايدون عليه في
التطرف والذين يدفعونه دفعا إلى
الانتحار، ميلا جديا وصادقا إلى
الالتقاء مع مطالب هذا الشعب، التي
كلها مطالب محقة، في منتصف الطريق وأن
يعلن ل«القاصي والداني» أن صفحة العنف
غدت مطوية وأن الجميع، المعارضة
والحكم، في قارب واحد وأن الإصلاح
الحقيقي المقبول من غالبية أبناء
سوريا سوف يبدأ على الفور ووفقا لجدول
زمني يبدأ بحل مجلس الشعب الجديد هذا
والإعلان عن انتخابات تشريعية فعلية
قريبة وبمجرد الانتهاء من الالتقاء مع
المعارضين، بمن فيهم الذين لجأوا إلى
خيار العنف والسلاح، حول مائدة حوار
مستديرة والاتفاق على عملية تصالحية
عنوانها التأسيس لتغييرات شاملة
وانتخابات رئاسية جديدة حقيقية وفعلية
بعد فترة انتقالية تكون قصيرة الأمد
ومحدودة الزمن. لكن هذا لم يحصل ف«الطبع غلب
التطبع» وقد بدا الرئيس بشار الأسد وهو
يدخل قاعة مجلس الشعب، الواقعة في ذلك
المبنى الجميل الواقع في منتصف شارع
الصالحية بالقرب من نادي الضباط
القديم، متجهما يبتلع ريقه بعصبية
جنونية على غرار الحالة التي بدا عليها
عندما دخل إلى هذه القاعة نفسها في عام
2005 ليعلن انسحاب وحدات «الجيش العربي
السوري» من لبنان تحت ضغط القرار
الدولي المعروف رقم 1559 بعد بقاء استمر
لنحو ثلاثين عاما وأكثر إن في عهد
والده الراحل وإن في عهده الذي من غير
المستبعد أن يختتم بأن يصبح مطلوبا
للمحكمة بتهمة تدبير جريمة اغتيال
رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري
التي تم توجيه الاتهام بارتكابها
رسميا إلى عناصر في حزب الله اللبناني
الذي يعتبره البعض فرعا من فروع
الاستخبارات العسكرية السورية. ثم ولأن «من في بطنه حمص لا يستطيع
النوم»، كما يقول المثل الشعبي، فإن
بشار الأسد وكما في كل مرة سابقة وكما
في كل خطاب سابق قد حرص على تبرئة نفسه
وإلقاء المسؤولية على الآخرين ووصف
منفذي مجزرة الحولة التي راح ضحيتها
أكثر من مائة قتيل معظمهم من الأطفال
والنساء بأنهم وحوش وهو قال: «حتى
الوحوش لا تقوم بما رأيناه.. وإن اللغة
البشرية غير قادرة على وصفه» وبالطبع
فإن الرئيس السوري، الذي بدا مرتبكا
وواصل بلع ريقه باستمرار مما يدل على
حالته النفسية المضطربة لم ينسَ أن
يكرر، لإبعاد التهم المستقبلية عن
نفسه، أن بعض الأفراد قد وقعوا في
أخطاء، من حين لآخر، وأن ما قاموا به
كان مجرد تصرفات فردية لا تتحمل
مسؤوليتها القوات المسلحة كمؤسسة ولا
قياداتها العليا «والخطأ يتحمله الشخص
الذي ارتكبه حصرا ولأنه يعبر عن نفسه
لا عن غيره ولا عن تعليمات رؤسائه ولا
عن سياسات مؤسسته». في كل خطابه لم يتردد في أن يطلق
صفة «المرتزقة» على قطاع واسع من هذا
الشعب ويشير إلى أن «البعض يتقاضى
أموالا ليخرج في مظاهرات.. وهناك شبان
في سن المراهقة أُعطوا نحو ألفي ليرة
سورية لقتل كل شخص». وحقيقة أن هذه إهانة من قبل رئيس
لشعبه لم يقدم عليها أي رئيس قبله لا في
سوريا ولا في غيرها فوصف حتى جزء من
الشعب السوري بأنه مرتزقة وأنه يتظاهر
بدفع من الخارج هو إهانة لهذا الشعب
كله وهو يدل على أن بشار الأسد قد وصل
به الغضب والحقد إلى حد قول مثل هذا
الكلام الذي من غير المقبول أن يوجهه
أي رئيس لشعبه وحتى وإن أصبحت الأمور
ما بينه وبين هذا الشعب «ما صنع الحداد»
كما يقال!!. وحقيقة أن من يعود ليتمعن في هذا
الخطاب الذي تضمن تحريضا طائفيا وإن
بصورة غير مباشرة سيجد أنه بمجمله يدل
على أن الرئيس السوري يعيش أزمة طاحنة
وخانقة وأنه حاول الالتفاف على هذه
الأزمة من خلال التذكير بمذبحة حماه
الشهيرة والمعروفة: «هذا ما حصل معنا
في الثمانينات.. وحاولوا أن يكرروه
الآن والبعض عاصر تلك المرحلة وربما
هناك جيل لا يذكر هذه المرحلة مشيرا
إلى حادثة وقعت إما في عام 1980 أو 1979
عندما قتل شيخان من طائفتين في مدينة
واحدة وكادت تندلع الفتنة لولا وعي
الأهالي.. وهذا هو ما يحاولونه الآن»!!. كان على الرئيس السوري ألا يوجه
لشعبه كل هذه الاتهامات المعيبة وألا
يلصق بأطفال هذا الشعب العظيم أوصافا
جائرة لا يجوز أن تصدر عن إنسان يعتبر
نفسه رمزا لأهل بلد حضاري تاريخي وكان
عليه وقد وصلت الأوضاع في سوريا إلى ما
وصلت إليه أن يبتعد عن التصعيد وأن
يتحدث بلغة العقلاء وأن يحاول التأسيس
من خلال الكلام الطيب لتوجه تصالحي
لإنقاذ البلاد والعباد من هذه الأزمة
الخطيرة الطاحنة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |