ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
مها بدر
الدين / الثورة السورية بين طموح
أوباما ... وجموح الأسد الرأي العام 10-6-2012 كتب على
السوريين أن تكون فاتورة مطالبتهم
بالحرية طويلة التكليف وباهظة
التكاليف، فقائمة الشهداء تطول وقائمة
المعتقلين أطول، وما زالت قائمة
المهجرين واللاجئين تسجل أرقاماً
تصاعدية يومياً، ولا ننسى المفقودين
الذين يختفون يومياً إما لمصير مجهول
أو للعودة جثة هامدة مرمية في أحد
شوارع سورية الحمراء، بل إن القائمة
أصبحت تشمل أطفالاً ونساء مذبوحين،
وأعراض حرائر منتهكة، وأراضي زراعية
وأرزاقا محروقة، وأحراشا طبيعية
مدمرة، وآثارا عريقة مستهدفة، وما خفي
كان أعظم. لقد بدأت الثورة
السورية سلمية، ظناً من الشعب السوري
أنه قد آن أوانه ليخرج من بين فكي الأسد
الذي أطبق عليه منذ أكثر من أربعين
سنة، وأنه يحق له بعد خريف طويل جمد
الدم في العروق، أن يُترك نسغ الحياة
الحرة الكريمة يسري بشريانه في ربيع
طال انتظاره وسبقته إليه شعوب عربية
أخرى نجحت في أن يكون ربيعها مزهراً
ناصع البياض، وظن أن دورة الحياة
الطبيعية لا بد أن تأخذ مجراها،
مستأنساً بثورات تونس ومصر واليمن
وليبيا، متأملاً بتفهم رئيسه الشاب
ناهل العلم والثقافة من العالم
المتحضر لرغبة شعبه في النهوض بسورية
الحديثة وبناء مستقبل مشرق ومشرف
لأبناء الشعب السوري يتناسب مع
مقدراتهم وقدراتهم الخلاقة. ولكن يبدو كما
يقول المثل الشعبي أن حساب البيدر لم
يتطابق مع حساب الكيال، وأن ظن الشعب
السوري وأمله برئيسه كان محض خيال بل
أمر محال، فالرئيس السوري منذ الرصاصة
الأولى التي أطلقت على صدور
المتظاهرين السلميين أكد أنه لن
يتوانى في سبيل الحفاظ على حكم أبيه
الأبدي من تدمير البلاد تفعيلاً لشعار
قواته وشبيحته «الأسد أو نحرق البلد»،
وها هي البلد تحرق وتمسك بتلابيبها
النيران من كل حدب وصوب، ولا يتردد
بشار وزبانيته بمعاقبة الشعب السوري
معاقبة جماعية على خروجهم السلمي
عليه، وعلى كل حكم فردي، واستبداد
عسكري، وتهميش عرقي، وتصعيد طائفي. وقد اطمأن الشعب
السوري حين اتخذ قراره بتفجير ثورته
الحقة، بأن المجتمع الدولي سيكون خير
معين له في حال تمادى بشار في غيه،
خصوصا وأن السوريين يدركون تماماً
التاريخ الدموي للنظام وتجاربه
السابقة في قمع الشعب السوري وتفرده
عالمياً في تنفيذ المجازر الآدمية
لحماية الحكم من الانهيار، وأنه أسوة
بليبيا لن يسمح مجلس الأمن أن يستخدم
النظام عقيدته الإجرامية لمصادرة حق
السوريين في التحرر من الطغيان
والعبودية والسير في ركب الديموقراطية
الذي يمر في البلاد العربية مروراً
فعالاً وفاعلاً. ومرة أخرى لا
يتطابق حساب البيدر مع حساب الكيال،
فالولايات المتحدة الأميركية التي
كانت المحرك الأساسي لقوات الناتو
لإنقاذ الشعب الليبي من سيء الذكر
والسيرة، لم تجد في سورية تلك المصالح
المادية القوية التي تستحق أن تحرك
قواتها من أجلها كما في ليبيا، وأوباما
الذي وجد أنه قد حقق في تحركه الأول على
الساحة الليبية طموحه السياسي في
اقتران اسمه كرئيس للولايات المتحدة
الأميركية بإنجاز عسكري وإنساني
كتحرير ليبيا، لا يريد أن يربك نفسه في
قضية شائكة كالقضية السورية وهو في خضم
انتخابات رئاسية جديدة يريد الفوز بها
بأقل تحرك خارجي قد يحسب عليه في حملته
الانتخابية، يضاف إلى ذلك ما يتصف به
الديمقراطيون عامة من ميوعة في
المواقف وتذبذب في الآراء وحب النفخ في
الأبواق والقرع على الطبول الفارغة
لإصدار أعلى صوت من الضجيج الذي لا
يسمن ولا يغني من جوع. ان طموح أوباما
المتواضع والمحصور في نطاق الحفاظ على
وظيفته كرئيس لأميركا لفترة رئاسية
جديدة، أنساه أن الولايات المتحدة
الأميركية راعية حقوق الإنسان وحاملة
لواء الحرية والديموقراطية، والقادرة
على تحريك المجتمع الدولي بهيئاته
ومؤسساته ومجالسه وقواته، يقع على
عاتقها مسؤولية تاريخية تجاه ما يجري
من مجازر في سورية، وأنه لم يفعل خلال
الخمسة عشر شهراً من عمر الثورة
السورية سوى إفساح المجال للدب الروسي
لمص دماء الشعب السوري وإيقات نفسه على
جثث أطفال سورية، لينمو نمواً سياسياً
وعسكرياً قد يصل في لحظة ما لقامة
الصقر الأميركي فيناوشه. هذا البرود في
طموح أوباما يقابله جموح متزايد من قبل
بشار الأسد، نحو سفك مزيد من دماء
الشعب السوري السني حفاظاً على حكمه
العلوي بامتياز، مدعوماً بالدور
الروسي المتنامي والمال والسلاح
الإيراني وعناصر حزب الله اللبناني،
واصبح جلياً هذا الاستهداف الطائفي
الذي لم يعد يمكن تجاهله لا محلياً ولا
دولياً، فالمجازر التي ترتكب في سورية
اليوم ترتكب غالباً في القرى السنية
المحاطة جغرافياً بالقرى العلوية،
وهذا ان دل على شيء إنما يدل على روح
الطائفية التي يعمل بها هذا النظام منذ
بداية قمعه لثورة الشعب السوري
المجيدة، فبعد أن فشل في إذكائها بين
فئات الشعب المختلفة، عمل على تنفيذها
بيديه الآثمتين ليجر البلاد لمزيد من
الدمار والحرق والإبادة، تمهيداً
لإيصال البلاد إلى الحرب الأهلية التي
يجاهد الشعب السوري حتى الآن لعدم
الدخول في أتونها. والاكتواء بنارها. إن الرجل الأول
في البيت الأبيض يتشارك حتماً مع الأسد
المحصن بقصر الرئاسة، في تحمل مسؤولية
جرائم العصر الحديث التي لم يذكر
التاريخ مثيلاً لها، وان المجتمع
الدولي العاجز عن اتخاذ خطوات فاعلة
لإنهاء معاناة الشعب السوري دون إشارة
من أوباما، إنما هو مجتمع دولي فاشل
تنقصه كل مقومات القيادة السياسية
الحرة والمسؤولة، وان كل قوانينه
ومواثيقه وتعهداته الدولية وعقوباته
الاقتصادية ينقصها الفعالية والإرادة
وهيبة القانون، وأن هروبه من تحمل
مسؤولياته الحقيقية بعقد المؤتمرات
والاجتماعات وإعلان الخطط والمهمات
إنما في هذا كمن يذر الرماد في العيون،
وما ترنيمة انتقال السلطة في سورية
بشكل سلمي وبانتخابات حرة ونزيهة، إلا
أغنية رخيصة لا تتناسب مع الأحداث
الدامية على الساحة السورية. لقد وقع
السوريون بين الطموح والجموح، وحق
قولهم اليوم بأنه ليس لهم سوى الله،
فحسبنا الله ونعم الوكيل. مها بدر الدين ================= لقاء.. وليس
خلافاً على ما يجري في سوريا!! يوسف الكويليت الرياض 10-6-2012 لن
تكون النهايات للوضع السوري قريبة،
طالما أعضاء مجلس الأمن هم من أعطوا
الأسد فرصة الذهاب إلى آخر نقطة من
الدم السوري، لكن حلفاءه الصينيين
والروس والإيرانيين، قد يجدون أنفسهم
في مواجهة عالمية مع شعوب، وليس مع
سلطات، وهذا ما جعل بعض تسريب الكلمات
بنقد النظام ووصوله إلى نقطة اللاعودة
في تجاهل مشروع أنان أعطى الحق لاتخاذ
قرارات أهم، وهذا توفره طبيعة الموقف،
والذي أعجز الأسد أن يقهر شعباً أسقط
من ذهنه الرهبة والخوف.. فالصدام الذي
يجري في مجلس الأمن ليس دلالة على ضعف
الموقف الغربي أمام مؤيدي الأسد،
لكنها مزايدات في استغلال القوانين،
وإلا متى كان الغرب يأخذ الإذن في أزمة
كسوفو عندما قصفت قوات الأطلسي بلغراد
وتعرضت السفارة الصينية للضرب، بينما
روسيا تعتبر صربيا جزءاً من هويتها
الدينية والثقافية، وكذلك ما جرى مع
العراق باحتلاله رغم أن صدام كان
محسوباً على الاتجاه اليساري وحضانة
الروس، والأمر ينسحب على الحظر على
كوبا، وكوريا الشمالية، وبالتالي لم
يكن للدولتين دور مؤثر يمنع الغرب من
فرض فعلهم بدون مداولات مجلس الأمن،
لكنها الصيغة التي يريد الطرفان
التبرؤ منها بحجج واهية لا تستقيم مع
منطق الروح الإنسانية. سوريا ضحية هذه
المواقف، والنظام استغل ضعف المجتمع
الدولي ليطرح نفسه القاتل البريء
وأمام مشهد عالمي لا يفرق بين الضحية
والمجرم ويساويهما في المسؤولية،
بينما من أغلق الأبواب على الحلول هو
النظام نفسه، وفزاعة الخوف من حرب
أهلية أو تمكن القاعدة من التجذر في
سوريا أسوة بما جرى في العراق ليس
منطقياً، لأن كل يوم يضيع بدون حل
للأزمة، يدفع بالشعب وقواه إلى أن
يخترعوا أي وسيلة دفاع عن حياتهم وقبول
أي مساعدة تؤدي إلى إنقاذهم، لكن ما هو
خلف الصورة الظاهرة، التقاء أفكار
المختلفين على أن الضرر القادم سوف
يؤثر على أمن إسرائيل تحديداً،
والنظام القائم هو الوسيلة لتأمين
الحدود بلا حالة اضطراب، لكن ماذا لو
فجر الأسد مشكلة أكبر في لبنان، ونصب
حزب الله نفسه سلطة جديدة عليه، ألا
يشكل ذلك مخاوف صريحة على أمن إسرائيل،
أم أن كل ما يجري يأتي ضمن سياسة
التفتيت مثلما جرى للعراق، والآن يعد
السيناريو لليبيا؟! الغرب والشرق
معاً يتجاهلان الدعم الذي يصل للأسد
مادياً وعسكرياً حتى أن روسيا لا تخفي
ذلك وتعلنه بأسلوب التحدي، بينما
الغرب ينافق بإعلان دعاواه مع الحقوق
الوطنية، وبنفس الوقت لا يدعم
المعارضة، أو يرغب بإيجاد ملاذات آمنة
للشعب المشرد بين دول الجوار، والقضية
لا تحتاج إلى قراءة كف، فالطرفان
التقيا وسربا خلافاً غير جوهري
بينهما، وقد تطول القضية وتدمر سوريا
ويشرد شعبها، وهناك تخريج جديد أن
البديل عن هلال شيعي، هلال سني، الأول
يخلق أزمات في المنطقة، والثاني قد
يقود إلى تطرف أهم، وعملية أن تستمر
المعركة بين طرفين إسلاميين فائدة لكل
الأطراف، وسوريا، ضمنياً، هي جزء من
الصراع لأن وجهها العربي يجب أن يختفي،
وهي ما بعد الواقع المستجد، ستحتاج
لسنوات طويلة في بناء ذاتها سياسياً
واجتماعياً واقتصادياً، وهذا هدف آخر
أساسي في تأزيم الأمور في دول المنطقة
كلها. ================= الوطن السعودية التاريخ: 10 يونيو
2012 بعد مجزرة
الحولة في ريف حمص نفذ نظام الأسد
مجزرة القبير في ريف حماة، وأول من أمس
عادت كتائب بشار إلى مهد الثورة محافظة
درعا، لارتكاب مجزرة راح ضحيتها 25
شهيدا وأكثر من 90 جريحا. من هنا فإن
الأزمة السورية تزداد تعقيدا بمرور
الوقت، فتصريحات وزير الخارجية الروسي
سيرجي لافروف تؤكد استحالة الحل
العسكري في سورية، عبر الأمم المتحدة. لافروف وضع أمس
النقاط على الحروف بعد مضي أكثر من عام
على هذه الثورة، عبر تصريحاته التي
تكاد تكون نهائية وحاسمة فيما يتعلق
بالموقف الروسي إزاء الأوضاع في سورية. لقد أكد لافروف
على فشل خطة عنان، إلا أن ذلك لا يعني
أن تسمح روسيا للمجتمع الدولي بالتدخل
العسكري لإسقاط نظام بشار، وهو ما صرح
به حين قال: خطة عنان بدأت في التعثر
ولا نرى بديلا لتطبيق هذه الخطة.. في
رسالة استفزازية للمجتمع الدولي
مفادها أن لا حل في سورية إلا عن طريق
روسيا.. ما الحل إذا؟ ومن قال إن الروس
يسعون إلى إنهاء الأزمة في سورية قدر
سعيهم لمد نفوذهم في المنطقة عبر نظامي
دمشق وطهران؟ روسيا الآن تسعى
إلى تنظيم مؤتمر دولي بشأن سورية،
تحضره إيران بالطبع، وهو الأمر الذي
اعترضت عليه الولايات المتحدة، لأن
إيران جزء من المشكلة، ويقع على عاتقها
مسؤولية ما يحدث للشعب السوري، بسبب
دعمها اللوجستي لنظام بشار منذ اندلاع
الثورة، وقد جاء الرد الروسي واضحا عبر
لافروف أيضا في قوله: إن حرمان إيران من
لعب دور في المساعدة على التفاوض
لإنهاء الأزمة في سورية غير منطقي. الموقف الروسي
حاسم وواضح بعكس الموقف الدولي الذي
يبدو في غاية التشويش بسبب إصرار روسيا
على موقفها، فروسيا تدعم بشار
بالكامل، وتقف أمام كافة الحلول
الدولية، وتنوي عقد مؤتمرها القادم
بمشاركة إيران، أي أنها تبادر وتدعم
وترفض الحلول التي لا تناسبها وتكسب
على الأرض بعكس المجتمع الدولي الذي
يبدو أنه اكتفى بالمشاهدة. روسيا ترى في
القضية السورية ورقة أخيرة وفرصة
مواتية لإثبات مقولة قيصرها بوتين أن
المستقبل يتجه لعالم متعدد الأقطاب،
ويبدو أنه كذلك، ولو كان على حساب
المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب
السوري مع الأسف. ================= الأزمة السورية...
ثمن مرحلة الباب المسدود تاريخ النشر:
الأحد 10 يونيو 2012 الاتحاد ما زالت آثار
الهجوم بادية على قرية القبير، حيث
جدران المنازل ملطخة بالدماء وثقوب
الرصاص منتشرة في كل مكان، وفوارغ
قذائف المدفعية متناثرة على الأرض،
ورائحة الموت تخنق الأنفاس، كل ذلك
يشكل مفردات المشهد في هذه البلدة التي
شهدت آخر فصول الصراع ضمن مخاضات
الأزمة السورية الدامية. فبعد فترة زمنية
مُنع فيها فريق المراقبين الأممي من
دخول البلدة المنكوبة تمكن أفراده
أخيراً يوم الجمعة الماضي من دخولها
والوقوف على هول المأساة بعدما تجولوا
بين البيوت المهجورة التي قُتل أهلها.
ويتهم الناشطون القوات التابعة
للحكومة باقتراف المجزرة التي سقط
فيها العشرات من المدنيين بعد قصف عنيف
أعقبه دخول القرية والانخراط في
إعدامات عشوائية طالت النساء والأطفال.
وفي شريط فيديو لأحد أهالي القبير
وزعته الأمم المتحدة يظهر رجل مكلوم
وهو يصرخ "الأطفال والرضع والأمهات
كلهم تعرضوا للقتل، سأريكم الدماء
والمنازل المحروقة". وتبقى المشكلة
الأساسية تراجع حظوظ الخطة الأممية
التي يشتغل عليها الأمين العام السابق
للأمم المتحدة، كوفي عنان، بعد أن علق
عليها المراقبون بعض الأمل في الخروج
من الأزمة ليبقى الوضع السوري هكذا
متردياً ولتصل الأمور إلى طريق مسدود.
وفي غياب خطوات حقيقية نحو استعادة
الاستقرار بدأ الصراع يتطور إلى نزاع
طائفي مقيت يهدد باجتياح سوريا
والمنطقة برمتها. فمن جانبه يجد الأسد
صعوبة في التقيد بمتطلبات خطة الأمين
العام السابق لأن سحب القوات من
المناطق المأهولة سيسمح للسكان
بالخروج في مظاهرات حاشدة وانهيار
سيطرته على مناطق واسعة من البلاد،
ولكنه مع ذلك قدم بعض التنازلات إلى
المجتمع الدولي من خلال قبوله بالخطة
وإن لم يتوقف عن استخدام القوة ضد
المعارضة في تصعيد لافت للعنف خلال
الآونة الأخيرة. وفي المقابل لا
تبدي المعارضة التي تدعمها الولايات
المتحدة والعديد من الدول العربية أي
نية في التحاور مع الأسد، بل إن بعض
عناصر المعارضة المسلحة المنقسمة على
نفسها أعلن أن خطة مبعوث الأمم المتحدة
والجامعة العربية المشترك قد ماتت
بالفعل وتحول سؤال "أين عنان؟"
إلى لازمة تتردد على ألسنة المعارضة في
أشرطة الفيديو التي تظهر فيها بعد
تنامي الهجمات على القرى والبلدات
الواقعة تحت سيطرتها. وفي إطار الدعم
الدولي الموزع على طرفي الصراع في
سوريا تصر الولايات المتحدة وحلفاؤها
على ضرورة رحيل الأسد عن السلطة، وهو
ما أوضحته وزيرة الخارجية، هيلاري
كلينتون، من ستوكهولم قائلة "إن
رحيل الأسد وإن لم يكن شرطاً مسبقاً
للمباحثات، إلا أنه يجب أن يكون
النتيجة المنطقية التي سيفضي إليها
الحوار". ولكن روسيا التي خسرت أحد
حلفائها في ليبيا بعد الحملة الغربية
ضد نظام القذافي والإطاحة به، ترفض ما
تعتبره محاولات غربية لفرض تغيير
النظام بالقوة على سوريا، ولاسيما أن
هذه الأخيرة حليف قديم لروسيا وأحد
شركائها التجاريين. وفيما فشلت حتى
الآن مساعي التأثير على الموقف الروسي
وتغييره لا تبدي الإدارة الأميركية
ولا حلفاؤها أية رغبة في التدخل
العسكري بسوريا. وقد اعترف عنان خلال
الأسبوع الجاري أمام الجمعية العامة
للأمم المتحدة بما بات معلوماً لدى
الجميع: أن خطته المكونة من ست نقاط لا
تسير في الاتجاه الصحيح، وقد صرح
متسائلاً: "هل المشكلة في الخطة، أم
في التنفيذ؟ إذا كانت في التنفيذ، كيف
نغير ذلك؟ وإذا كانت في الخطة، ما هي
البدائل المطروحة؟"، والحقيقة أنه
حتى الآن لا توجد خطط بديلة للخروج من
الأزمة، فالحكومة السورية والمعارضة
معاً انتهكتا شروط الخطة، كما أنهما
معاً تتبادلان الاتهامات بارتكاب
المجازر. ويبدو أن غياب
بدائل حقيقية دفع كلاً من الطرفين إلى
تصعيد العنف ضد الآخر أملاً في تحسين
موقعه الاستراتيجي، فالنظام السوري
بدأ يفقد السيطرة بعد أكثر من عام على
انطلاق المظاهرات مع استمرار
الانشقاقات عن الجيش والقوات الأمنية،
كما يجد النظام نفسه معتمداً أكثر
فأكثر على القوى التي تدين له بالولاء
والمعروفة باسم "الشبيحة"
المشتغلة خارج نطاق القانون، ويرجع
العديد من الشهود المجازر الأخيرة بما
فيها تلك التي وقعت في القبير إلى
عناصر "الشبيحة" الذين يجندون من
الأقلية العلوية. وهكذا تتهم
المعارضة النظام بتحريض الميليشيات
العلوية المحيطة ببعض البلدات السنية
على ارتكاب المجازر، مشيرة إلى بلدتي
الحولة ومزرعة الكبير اللتين يقال إن
القتلة جاءوا إليهما من المناطق
العلوية القريبة، ولاسيما أن القتلى
في كلتا البلدتين كلهم من المسلمين
السنة. وفي هذا السياق
يقول "جوشوا لانديس"، مدير مركز
دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما:
"نرى سيطرة متزايدة للشبيحة على
الجيش، حيث يسعى النظام إلى إدماج
عناصر موثوق في ولائها، وهو ما يعني
قدوم مقاتلين كُثر من الطائفة العلوية".
ومع أن مجندي الجيش السوري البالغ
قوامه حوالي 300 ألف رجل ينحدرون في
أغلبهم من السنة، إلا أن الخلافات
الطائفية المكبوتة لفترة طويلة تحت
حكم نظام عائلة الأسد جعلت النظام يلجأ
إلى أبناء طائفته لتعزيز سلطته وتنفيذ
أوامره، وبعد مجزرة الحولة توالت
التنديدات الدولية على النظام في
دمشق، وإن كان المراقبون يتخوفون من أن
المجزرة ليست سوى مشهد لما ستؤول إليه
الأمور في سوريا، وهو ما يشير إليه
الباحث "لانديس" قائلاً "الأمر
كله سينتهي إلى حرب أهلية". ولا تقتصر
التجاوزات على "الشبيحة" الذين
يقال إنهم ينتمون إلى الطائفة
العلوية، بل تمتد أيضاً إلى الثوار
السنة الذين اتهموا بارتكاب تجاوزات
ضد العلويين، خاصة في محافظة حمص، ففي
إحدى الحالات أُوقفت حافلة يركبها
علويون وقيل إنهم أعدموا على قارعة
الطريق، وفي ظل غياب البديل لخطة عنان
يستمر الدبلوماسيون والحكومة السورية
في إعلان تمسكهم بها، حتى لو كان ذلك
بالنسبة للنظام مجرد مجاملة يسديها
لروسيا التي تؤيد الخطة وتدافع عنها.
ولحلحلة المأزق الحالي الذي وصلته
الخطة اقترح عنان مؤخراً تشكيل مجموعة
اتصال دولية حول سوريا تضم إيران، وهي
الفكرة التي دعمتها روسيا ولكن
عارضتها الولايات المتحدة المتشككة في
النوايا الإيرانية. باتريك ماكدونيل بيروت ينشر بترتيب خاص
مع خدمة «إم. سي. تي.
إنترناشونال» ================= الأثر
المحدود للديبلوماسية الدولية في
سوريا المستقبل 10-6-2012 جاءت مجزرة
حولة، التي تحمّل الأمم المتحدة الجيش
السوري والميليشيات الموالية لبشار
الأسد مسؤولية إرتكابها، لتؤكد على
بداهة ما زال البعض يشكّك بها؛ وقوام
هذه البداهة ان النظام المحصَّن بدمشق
لن يتراجع قيد أنملة عن ممارساته، بغية
الحفاظ على سلطته. هكذا، أوضحت
الأمم المتحدة بأن غالبية العشرات من
المواطنين السوريين الذين قُتلوا في
هذه المنطقة الشمالية من سوريا في
الخامس والعشرين من شهر ايار الماضي،
قضوا بطلقة رصاصة في الرأس. "إما أن
أَسحق، أو أُسحق": تلك هي المعادلة
التي يعتمدها النظام السوري، وهي لا
تحتمل أي خيار آخر. عبر هذه المعادلة
تنظر دمشق الى الاستحقاقات التي
تنتظرها؛ وهي بذلك لا تترك مجالا يُذكر
لأدوات الديبلوماسية، المعروفة
بكلاسيكيتها. لذلك فان موجة
طرد السفراء والقائمين بالأعمال
السوريين في كل من الولايات المتحدة
وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من
الدول...ليس من المؤكد انها سوف تهزّ
نظاماً اعتاد على العزل الديبلوماسي
وابتلع، من دون ان يرفّ له جفن، خمسة
عشر موجة متتالية من العقوبات
الأوروبية. أن تكون فرنسا
أول من أقدم على طرد السفيرة السورية
المتشددة لمياء شكور، لا يلغي كون هذا
الإجراء هو عبارة عن إعتراف بالضعف
النسبي الذي يعتريه. فإغلاق السفارة
السورية في باريس في الثاني من آذار
الماضي لم يكن له أي تاثير، اللهم
حرمان المعارضين السوريين من دعم على
الأرض، هم الذين بالكاد تقبلهم فرنسا
على أراضيها. بعد هذه الخطوة
التمهيدية، لم يبق سوى السلاح الثقيل،
سلاح قطع العلاقات الديبلوماسية مع
دمشق. أما ترجيح
التدخل العسكري الذي أعلن عنه رئيس
الجمهورية فرنسوا أولاند في 29 من ايار
الماضي، فقد أرفقه بشرط صعب، أي موافقة
مجلس الأمن عليه. والحال انه،
وعلى الرغم من إستمرار إرتكاب المجازر
على يد النظام، فإن أعضاء مجلس الأمن
لم يتوصلوا حتى الآن الى تفاهم محدّد،
على الأقل حول قرار يدين القمع البربري
في سوريا بقليل من الصرامة. ولكن على الرغم
من رمزية القرار بطرد السفراء
السوريين في العواصم الغربية، إلا
انه، أي القرار، يشير الى تغير ما في
التوجه الغربي. فآخر قرار مماثل صدر عن
هذه العواصم كان يخص الديبلوماسيين
الليبيين، وذلك قبل بضعة اشهر من سقوط
القذافي. هذا التغير أكده
القرار الرسمي الفرنسي باستضافة
الاجتماع المقبل لأصدقاء سوريا على
الأراضي الفرنسية؛ وهو الملتقى
العالمي المعروف بدعمه لمعارضة سورية
تائهة ومتشتتة، والتحضير، مع الدول
المجاورة لسوريا، لليوم التالي على
سقوط بشار. ولكن لا أحد يشكّ
بأن مصير النظام السوري سوف يتقرر في
موسكو، قبل بيجين. فلاديمير بوتين الذي
يزرو باريس يوم الجمعة المقبل (الماضي)
ما زال مصراً على تلخيص النزاع السوري
بصفته هجوما خبيثاً للغربيين على بلد
يقع ضمن مناطق نفوذه. يقوم الرهان اذن
على إقناع موسكو بأن مصالحها ستكون
مصانة اذا تخلّت عن ورقة لا تتوقف عن
خسارة قيمتها. والرهان أيضا يقوم على
إقناع روسيا بأن إستمرار العنف سوف
يخدم في النهاية التطرف الاسلامي،
الذي تحاول هي الوقوف بوجهه حماية
لبشار الأسد. واذا أخذنا
بالاضافة الى ذلك الاستعدادت الخاصة
التي أظهرها الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، فانه لا بد لنا من الملاحظة بأن
رهانه السوري هو رهان مدمّر. إفتتاحية "لوموند"
(31 أيار 2012) ================= سوريا ما
بعد كوفي عنان!! * عريب الرنتاوي الدستور 10-6-2012 تستعد سوريا لـ”توديع”
كوفي عنان ومبادرته ومهمة مراقبيه
الدوليين، دون أن تلوح في الأفق بوادر
مبادرة جديدة أو تظهر في سماء الأزمة
ملامح موفد جديد، يملأ الفراغ ويديم
الحركة (حتى وإن كانت حركة بلا بركة كما
يقال)... الفراغ والمجهول هما ما ينتظر
“سوريا ما بعد عنان”... والمرجح أن
تسارع قوى العنف والقمع والتطرف على
ضفتي الأزمة إلى ملء هذا الفراغ
بالمزيد من التقتيل والتشريد والتنكيل. المجتمع الدولي،
أو بالأحرى اللاعبون الكبار في الأزمة
السورية، من قوى عربية وإقليمية
ودولية، منقسمون حول طبيعة الخطوة
التالية: فريق بزعامة موسكو يدعو
لإنشاء مجموعة اتصال حول سوريا تضم
إيران والسعودية وتركيا والدول الكبرى
ذات الصلة، باعتبار أن الحل لن يرى
النور من دون التزام الجميع بعناصره،
والحل من وجهة نظر هذا الفريق سياسي
بامتياز، ويقوم على الحوار ورفض
التدخل العسكري الخارجي أو فرض تغيير
النظام بالقوة، مع أنه يبقي الباب
مفتوحاً لتسويات تلحظ وجود الأسد
وغيابه بالقدر ذاته. وهناك فريق
بزعامة الولايات المتحدة، يسخر من فكر
ضم إيران إلى المجموعة باعتبارها
شريكا في حرب الأسد على شعبه، ويفضل
هذا الفريق تشديد العقوبات إلى درجة
الخنق الشامل للنظام، وجهة نظر هذا
الفريق تميل يوماً إثر آخر للعسكرة
والتسلح والتدريب ولكنها حتى الآن ما
زالت دون التورط العسكري الشامل، وفوق
مستوى “الدعم الفني واللوجستي” غير
القاتل على حد تعبير مسؤولين أمريكيين. وهناك فريق
ثالث، يتشكل بالأساس من أطراف عربية (السعودية
وقطر) وإقليمية (تركيا)، انتقل
بالعسكرة والتسليح من مجرد “الفكرة
الجيدة” إلى المطالبة بالحسم العسكري...
هذا الفريق لم يبد حماساً لمهمة عنان
منذ اليوم الأول لانطلاقتها، بل وعمل
على إحباطها، وهو اليوم يستعجل الحسم
والتدخل تحت غطاء مجلس الأمن إن أمكن،
ومن خارجه إن تعذر ذلك، شريطة توفير
مظلة عربية- أطلسية، تتكفل الجامعة
العربية و”أصدقاء سوريا” بـ”شرعنتها”،
والجامعة كما هو معروف، باتت “شغوفة”
بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة
(؟!). الذين يريدون
حلاً يحفظ للسوريين دماءهم، ولسوريا
وحدتها وسيادتها وما تبقى من
استقلالها، عليهم أن يذهبوا إلى
الاقتراح الروسي من دون إبطاء ولا
تردد، فلا حل سياسياً للأزمة السورية
من دون أن تكون روسيا وإيران جزءاً منه....
يمكن أن تكون هناك حلول غير سياسية
للأزمة من دون البلدين، لكن السؤال
الذي يطرح نفسه بإلحاح يتعلق بكلفة هذا
الحل، وهل ستظل لسوريا دولة وكيان، حتى
يصار إلى “إصلاحها” و”دمقرطتها”؟!. الذين يرفضون
المقترح الروسي، هم الذين يتخذون من
سوريا بوابة لتصفية حسابات إقليمية،
تبدأ بإيران وبرنامجها النووي ودورها
الإقليمي، ولا تنتهي بمقتضيات “نظرية
الأمن الإسرائيلية” ومسلتزماتها...
هؤلاء لا يعنيهم إن كانت كانت سوريا
ستظل على حالها أم أنها ستتشظى وتغرق
في ظلام الحرب الأهلية الدامس... المهم
أن تًقتلع شوكة إيران في المنطقة، بـ”الناتو”
أو من دونه، بإسرائيل أو من دونها. وحده المقترح
الروسي يجيب على أسئلة كوفي عنان
الحائرة والمعلقة... النظام لن يذهب
وحده إلى وقف العنف وإنهاء خياره
الأمني وفتح الأبواب أمام الانتقال
السلمي والتحول الديمقراطي... هذا لم
يحصل من قبل، ولن يحصل من بعد، النظام
بحاجة لأن يدرك أن كل الشقوق والمسامات
التي يتنفس منها، ستُغلق إن هو أدار
ظهره للإجماع الدولي والإقليمي الذي
تنشده المبادرة الروسية. والمعارضة
الموزعة على العديد من المرجعيات
ومصادر التسليح والتمويل، المنقسمة
على نفسها، ليست في وارد الإنصياع لأي
حل سياسي، ما لم تدرك أن داعميها
ومموليها ومرجعياتها الدينية
والاستخبارية والسياسية، ستغلق “صنابير”
الدعم والتمويل والتسليح، إن هي لم
تجنح إلى وقف العنف والقتال وإلقاء
السلاح والجلوس على مائدة الحوار...
الصراع في سوريا لم يعد محلياً إلا
بأدنى مستوياته... الصراع على سوريا هو
الذي يتحكم بمجريات الأحداث ومنسوب
العنف وأعداد القتلى وكل ما نشهده
يومياً من فصول مأساوية دامية. ولكي يُجبر
النظام والمعارضة على “إخراس المدافع
والعبوات”، لا بد للاعبين الإقليميين
والدوليين، من التوافق على خطة عمل
وخريطة طريق وبرنامج إنقاذ... مثل هذا
التوافق لا يبدو ظاهراً في الأفق، حتى
الآن على الأقل، خصوصاً بعد دخول
الأزمة السورية المتأخر على خط
الانتخابات الأمريكية، والذي أفضى
ويفضي إلى صدور مواقف متفاوتة
ومتناقضة عن واشنطن... تارة رحيل الأسد
مقدمة للحوار وتارة أخرى نتيجة له، حذر
في العلن عند الحديث عن التسلح
والسلاح، وتورط في تقديمه بطرق غير
مباشرة، وعبر الحلفاء والأعوان ولكل
المجموعات والعناصر المسلحة في سوريا...
ارتباك ما بعده إرباك، لكأننا أمام
بورصة مواقف تصعد وتهبط على إيقاع الدم
السوري ومنسوب جريانه اليومي. قلنا من قبل، منذ
وقت مبكر نسبياً، أن الحل السياسي
للأزمة السورية يمر عبر بوابات عدة، من
بينها موسكو وطهران... وقلنا أيضاً أن
مبادرة كوفي عنان هي آخر فرصة لسوريا
والسوريين...وقلنا مؤخراً أن التوافق
الأمريكي- الروسي هو آخر فرصة لكوفي
عنان لإنقاذ مبادرته... المبادرة تلفظ
أنفاسها الأخيرة برغم كل الدعم اللفظي
لها من قبل المحافل الدولية... والمقترح
الروسي الأخير، هو مفتاح هذا التوافق
الدولي وفرصته الأخيرة... أما بقية
المقترحات القائمة على “الحسم” و”الحرب”
والإقصاء لهذا الطرف الإقليمي أو
الإبعاد لذاك اللاعب الدولي، فهي
إعلانات حرب وتأزيم أكثر من كونها
مشاريع حل للأزمة السورية. ================= أسئلة
السيناريو اليمني لبشار الأسد ونظامه *
ياسر الزعاترة الدستور 10-6-2012 ليس من اليسير
تجاهل ما كشفه قبل أيام “ديفيد
أغناتيوس” في صحيفة واشنطن بوست حول
خطة كوفي أنان الجديدة للحل في سوريا،
والتي لا تزال برسم الجدل إلى الآن.
نقول ذلك لأن ملامحها قد تبدت من خلال
جملة من التصريحات والمواقف الجديدة
للمحاور الأكثر تأثيرا في الأزمة
دوليا وإقليميا. تجلى ذلك بشكل أساس
بإعلان الروس عن أنهم لا يعتبرون بقاء
الأسد في السلطة شرطا لحل الأزمة في
سوريا، ومن ثم تأييدهم للسيناريو
اليمني “إنْ قبله الشعب السوري”،
الأمر الذي قوبل بسكوت إيراني واضح
وتغير في اللهجة الصينية أيضا. والحال أن من
العبث النظر إلى المواقف الأخيرة من
الأزمة بعيدا عن ملامح ترنح النظام
والفشل الواضح لخطة أنان التي يجري
تطبيقها على الأرض ولم يلتزم النظام
عمليا بأي من بنودها، فضلا عن تطور
الثورة السورية نحو عسكرة شاملة، وإن
لم تأت على البعد الشعبي الذي لا يزال
المعلَم الأقوى بين فعالياتها. تداعب الخطة
الجديدة هواجس عدد من الجهات الفاعلة
في المشهد السوري، وفي مقدمتها روسيا
وإيران اللتان تضمن الخطة مشاركتهما
في الرعاية والتطبيق ضمن “مجموعة
اتصال دولية” بما يحافظ نسبيا على
مصالحهما. بعد ذلك هي تنسجم مع هواجس
المؤسسات القوية للنظام، بخاصة
العسكرية والأمنية التي لن تمس، أقله
في المرحلة الأولى، الأمر الذي قد يشجع
أركانها على الضغط على الأسد من أجل
قبولها في حال تلكئه في ذلك. كما تنسجم
أيضا مع هواجس البنية الاجتماعية
للطائفة العلوية التي قد ترى فيها
مخرجا من حرب أهلية ستكون هي وقودها
الأساس، مع قناعة باستحالة الفوز
فيها، فضلا عما سيليها من عمليات
انتقام واسعة إذا لم يتغير الموقف. يحدث ذلك كله في
ظل ما أشرنا إليه من ملامح ترنح النظام
التي تتبدى كل يوم من خلال اتساع دائرة
الانشقاقات في الجيش، إلى جانب فقدانه
السيطرة على مساحات واسعة من التراب
السوري؛ الأمر الذي ينذر بإمكانية
توفير مناطق آمنة للثوار تكون منطلقا
لعملية التحرير قياسا بنموذج بنغازي،
فضلا عن سقوط نظرية دمشق وحلب وسط
انخراط واضح للمدينتين في الحراك
الشعبي، بل وحتى المسلح أيضا. في تفاصيل الخطة
الجديدة نعثر على بنود رئيسة تتمثل في
خروج الأسد من البلاد ولجوئه إلى
روسيا، وسط شائعات نقلتها ذات الصحيفة
الأمريكية عن تهريبه مبلغ ستة مليارات
دولار إليها، ومن ثم إجراء انتخابات
رئاسية وتشريعية لن يكون من الصعب
توفير نموذج لأحمد شفيق (سوري) فيها إذا
ما توافقت الأقليات التي تلامس ربع
السكان عليه وسط دعم من طرف المؤسسة
العسكرية والأمنية، وفي ظل تشرذم قوى
المعارضة التي لن يكون من السهل عليها
الاتفاق على مرشح إجماع. أما الحديث
الخجول للخطة عن إصلاحات تالية
للمؤسسة الأمنية، على غرار ما حدث في
أوروبا الشرقية، فيمكن التنصل منها
بهذا القدر أو ذاك خلال المرحلة
التالية. والنتيجة أن الخطة في جوهرها
هي عملية إنقاذ للنظام تقترب من
السيناريو اليمني، مع فارق أن اليمن
يختلف اختلافا كبيرا عن سوريا لجهة
البنية الأمنية والطائفية للأخيرة،
وإن سيطرت عائلة صالح على الجيش وبعض
مفاصل المؤسسة الأمنية. ما ينبغي
التذكير به في هذا السياق هو أن بشار
الأسد قد جاء إلى السلطة بترتيب من
المؤسسة العسكرية والأمنية بعد وفاة
والده حين جرى تغيير بند السن في
الدستور لينطبق عليه خلال دقائق،
ولولا البنية الطائفية لتلك المؤسسة
لما كان بالإمكان نجاح ترتيبٍ من هذا
النوع، وبتلك السهولة المثيرة للسخرية
كما تابعها العالم أجمع. الجانب الآخر
الذي ينبغي التذكير به هو أن خطة أنان
لا تختلف عن مقترح وزير الدفاع
الصهيوني إيهود باراك الذي أعلنه
أثناء زيارته للولايات المتحدة قبل
أسابيع، ثم تبناه (للمفارقة) الرئيس
الأمريكي أوباما بعد ذلك بيومين عبر
مسمى السيناريو اليمني، ما يعني أن
الهواجس الإسرائيلية تبدو حاضرة بقوة
في السياق، هي التي تجد في بقاء
المؤسسة الأمنية والعسكرية الحالية (باراك
ذكر الاستخبارات العسكرية بالاسم)
وصفة استقرار للجبهة السورية بدل
عسكرة شاملة للثورة تجعل الساحة عرضة
لاختراقات “جهادية” سيكون من الصعب
السيطرة عليها بعد ذلك، فضلا عن عدم
ضمان أجندة الجهات التالية في الحكم. والحال أن
السؤال الرئيس الذي يطرح نفسه ابتداءً
هو ذلك المتعلق بموقف بشار الأسد نفسه
من الخطة، وقبله إيران، لكن السؤال
الأهم هو موقف قوى المعارضة
المتشرذمة، والتي دخلت على خطها
مجموعات عسكرية لا يمون عليها لا
المجلس الوطني ولا سواه، ثم الأهم
ممثلا في موقف الشارع السوري ومدى
إمكانية قبوله بخطة تبقي المؤسسة
العسكرية والأمنية التي ولغت في دم
أبنائه بتلك الطريقة البشعة طوال عقود
وليس فقط منذ اندلاع الثورة. ليست لدينا
إجابات قاطعة، وإن بدا أن حديثنا يصب
في اتجاه رفض الخطة، ومن ثم المضي في
برنامج التصعيد الثوري وصولا إلى
إسقاط النظام بالكامل، وبناء سوريا
جديدة. وعموما سيكون علينا انتظار مزيد
من التفاصيل والمواقف، ومن بينها
مواقف رموز الثورة وربما تركيا وبعض
الدول العربية المؤثرة كي نعرف مصير
الخطة في حال التوافق عليها خلال
الأيام المقبلة. التاريخ : 10-06-2012 ================= جهاد المومني الرأي الاردنية 10-6-2012 يقولون في
اسرائيل اليوم انهم ( خسروا ) مصر ,وليس
في نيتهم خسارة المزيد من الانظمة
الصديقة او الانظمة التي لا تسبب
ازعاجا لاسرائيل وينبئ سقوطها بتكرار
الحالة المصرية ,وبوضوح أكثر فأنهم في
اسرائيل لا يريدون (خسارة) سوريا على
وجه الخصوص ,وتعني الخسارة في الحالة
السورية تغيير النظام القائم لصالح
نظام يعادي اسرائيل فعلا لا قولا . ويعتقدون في
اسرائيل ايضا ان الحملات الكلامية
التي كانت الصحافة المصرية تتبناها
وتشنها ضد اسرائيل وكان نظام مبارك
يستغلها لتحقيق بعض المكاسب في تل ابيب
او واشنطن كالقول انه القادر على حماية
اتفاقية السلام ومواجهة اعداء
العلاقات المصرية الاسرائيلية ,تحولت
اليوم من مجرد شتائم لفظية وفزاعات الى
ممارسة فعلية بل وترجمت في بعض الحالات
الى تصرفات ضد المصالح الاسرائيلية
الامر الذي لا يزال يلقي بظلاله على
الشكل المتوقع للعلاقات بين مصر
واسرائيل ويسبب قلقا حقيقيا في دوائر
صنع القرار الاسرائيلية وفي واشنطن
ايضا . لا يريدون في
اسرائيل تكرار الحالة و(خسارة) النظام
السوري ويتفق معهم في هذا الموقف
حكومات غربية وانظمة عربية لا تتوقع –
حتى الآن- الا الأسوأ لخلافة عائلة
الاسد ,فالبدائل كما تبدو في المشهد
الداخلي ليست من بين المعارضة
المتنهدمة بربطات العنق ويظهر زعماؤها
على شاشات التلفزة من كل مكان في
اوروبا ويتحدثون عن ديمقراطية وانفتاح
وليبرالية , وانما معارضة مسلحة وربما
ملتحية بلا اسماء لاصحابها ,فلا يكاد
يعرف لقادة معارضة الداخل الذين
يواجهون النار بالنار اسما او عنوانا ,وهو
بالتالي الأقرب لحكم سوريا بمجرد سقوط
نظام الاسد بالقوة او عبر صناديق
الاقتراع ,فمن هم هؤلاء ,وما هي نظرتهم
لمن حولهم من شعوب ودول المنطقة
والاقليم ,وكيف يفكرون بطريقة حكم
سوريا ,والى اي هدف يتجهون اذا ما تحققت
لهم ديمقراطية مسلوقة كما حدث في مصر ..!؟ كل هذه الاسئلة
تقلق الاسرائيليين,وتثير مخاوف حقيقية
من (خسارة ) عدو ساكت وآمن - كما هو
النظام الحالي في سوريا- وتفتح الباب
واسعا امام توقعات بمجيء عدو مختلف
يبحث عن مشروع ثوري يستمثر فيه ,وهل
هناك غير مشروع تحرير الاراضي العربية
من اسرائيل مشروعا استثمرت فيه كل
الانظمة والثورات في عالمنا العربي ..! فالكلام الكثير
عن تحرير الجولان في عهد البعث والحديث
عن المقاومة قد لا يبقى طويلا مجرد
كلام بلا معنى ,فماذا لو انكسر لوح
الزجاج بين تل ابيب ودمشق واصبحت
الحدود مع الجولان مفتوحة للمقاومين
الحقيقيين الذين حرموا منذ أكثر من
ثلاثين سنة من اطلاق رصاصة واحدة على
المحتل الذي لا يفصله عنهم سوى امتار,
بل حظي طوال كل هذه السنوات بحماية
النظام السوري الذي لم يجازف يوما لا
باطلاق ولا حتى بتهريب رصاصة ضد
اسرائيل منذ اتفاقية الهدنة بعد حرب
1973. اذن من مصلحة
اسرائيل اليوم العمل مع الاصدقاء
الاوربيين والاميركيين على حماية نظام
الاسد من السقوط باساليب مبتكرة منها
ترتيب دور دنيء لروسيا ,بل ورفد نظام
الاسد بسبل القوة الخفية - دبلوماسيا
على الاقل – كي يواجه اعتى ثورات سوريا
في العصر الحديث ,ولكن اصدقاء الاسد
حريصون على أن يبدو كلهم وعلى رأسهم
الولايات المتحدة اصدقاء للشعب السوري
في العلن والتصريحات المتلفزة ,وحماة
للديمقراطية وحق الشعوب بالثورات على
انظمتها ..هذه هي اللعبة الآن . ================= الأسد
يناور على دم الشعب بالسقف الوطني الأحد ١٠
يونيو ٢٠١٢ خالد الدخيل الحياة تأمل في العنوان
قليلاً، وتذكر وأنت تفعل ذلك أن سورية
توشك أن تصبح بلد المجازر الجماعية
المتنقلة. ثم استعد ما قاله الرئيس
الأسد في خطابه الأحد الماضي عن هذه
المجازر، وعن القتل. قال بالنص: «عندما
يدخل الطبيب الجراح إلى غرفة
العمليات، ويفتح الجرح، وينزف الجرح،
ويقطع، ويستأصل، ويبتر (لاحظ المفردات)...
ماذا نقول له تبت يداك هي ملوثة
بالدماء؟ أم نقول له سلمت يداك لأنك
أنقذت المريض؟». قال هذا بعد مجزرة
الحولة بتسعة أيام. الرئيس يبرر القتل
بذريعة أن سورية مريضة، وفي حاجة الى
عملية جراحية تقتضي سفك الدم. هل هذه
إشارة ببدء الحرب الأهلية؟ لم يعد
للسؤال من معنى. السؤال: من الذين
يرتكبون المجازر؟ شبيحة النظام؟ أم
شبيحة المعارضة؟ مهما يكن، هم يقلدون
أسلوب النظام السياسي في نشر الخوف بين
المواطنين منذ أربعة عقود. الآن ضع
السؤال: ماذا يعني أن يناور رئيس
الدولة على دم الشعب بالسقف الوطني؟
السقف الوطني من الثوابت. المفترض أنه
محل إجماع، لأنه أساس علاقة الدولة مع
المواطن. في المقابل المناورة أداة
سياسية لإدارة الصراع بين خصوم أو
أعداء. وهي تنطوي على خليط من الذكاء
والخبث، والتصيد، والكذب إذا لزم
الأمر، للإيقاع بالخصم. في الأصل ما
يربط رئيس الدولة بشعبه لا ينتمي إلى
هذا النوع من العلاقة، وبالتالي لا
مكان فيه لمناورة. ومن هذه الزاوية، لا
يجوز لا سياسياً ولا أخلاقياً أن يلجأ
رئيس الدولة إلى المناورة بالسقف
الوطني مع شعبه. وعندما تجد المناورة
مكاناً لها في علاقة الرئيس مع شعبه،
فهذا دليل على أن العلاقة قد اضطربت،
وفقدت أساس مشروعيتها. الشعب لا يمكن
أن يكون خصماً للرئيس، لأنه هو المبرر
الوحيد لوجود الرئيس ولدوره. الرئيس هو
الذي يمكن أن يكون خصماً للشعب. وعليه
عندما تحصل أزمة سياسية بينه وبين
الشعب، وتنغلق أبواب حلها، يجب على
الرئيس الاستقالة لإفساح الطريق أمام
حلها. وعندما يستخدم القتل والعنف، لحل
الأزمة، ثم يلجأ إلى المناورة للتغطية
على ما يقوم به، فإنه يصبح مغتصباً
للسلطة. اللجوء الى المناورة يضع دم
الشعب مقابل السقف الوطني. وهذا علامة
على قناعة الرئيس بأن نظامه يخوض معركة
بقائه، بل معركته الأخيرة. هذا ما دأب عليه
الرئيس السوري، بشار الأسد. تمسكه
بالإثنين معاً، الحل الأمني
والمناورة، يدل على أنه لا يرى بديلاً
آخر للتعامل مع الأزمة السياسية التي
وضعته الثورة في قبضتها. وإذا كان يتكئ
في الحل الأمني على السلاح، فإنه يتكئ
في مناورته على أفكار ثلاث: إرهاب
داخلي ينفذ مؤامرة خارجية، ومحتجون
منساقون وراء المؤامرة. ولمواجهة ذلك
يرفع الرئيس شعار السقف الوطني. ما هي
ملامح المناورة، أو الكذب والخداع، في
هذه الأفكار؟ الأرجح أن
الرئيــــــس يعرف أن ليس هناك مؤامرة.
لكنـــــه يلجأ إليها لسهولة توظيفها،
ولأنه لا يملك خياراً آخـــــر.
توقيــــت رفعها في وجه الشعب يعكس إما
غباء، أو غطرسة سياسية، أو حالة يأس.
كسب الشعب ليس من أولويات الرئيس. يعرف
الرئيس أن أرقام الثورة، وخريطتها
الجغرافية، بجانب حجم الآلة العسكرية
التي يستخدمها ضــــدها، تؤكد أن عدد
المحتجين كبير، ويغطي معظم أنحاء
ســـورية. والغالبية الصامتة إما أنها
مع الثورة، أو أنها ضد النظام، أو
الاثنين معاً. هل يمكن أن يكون كل هؤلاء
متورطين في مؤامرة؟ وهل يمكن من يحملون
أرواحهم على أكفهم في مواجهة آلة القتل
بتحد صلب، وفــــي شكل يومي على مدى
أكثر من عام، أن ينفذوا مــــؤامرة
أجنبــــية؟ لا يمكن اتهام الرئيس
بأنه يفتقد الذكاء، لكن من الواضح أنه
ينتمي إلى عالم لا ينتمي إليه الشعب. مع أن الرئيس يصر
على صغر حجم المشاركين في الثورة، أو
المحتجين، إلا أنه لا يذكر أبداً رقماً
أو نسبة رسمية تحدد هذا الحجم. وحتى لو
قبلنا جدلاً بأن عدد المشاركين في
الثورة والمتعاطفين معها صغير، وأن
الغالبية تتظاهر تأييداً للرئيس
وإصلاحاته، تبرز أسئلة تهز هذا القبول
من أساسه. لماذا يحتاج النظام الى أكثر
من 16 جهازاً أمنياً؟ وما هو مبرر إنزال
الجيش بآلياته يحاصر المدن والبلدات؟
وما هي الحاجة الى الدبابات والمدرعات
والمدافع، والطائرات السمتية؟ إذا كان
حجم المحتجين صغيراً، فلماذا تقصف
المدن، والأحياء في شكل يومي؟ وكيف
نفسر أن أرقام الضحايا من قتلى،
ومصابين، ومفقودين، ولاجئين،
ومعتقلين وصلت إلى مئات الآلاف،
وتتصاعد؟ هل في هذا مبالغة؟ حسناً
لماذا لا تفصح الجهات الرسمية عن
أرقامها؟ هل تملك أرقاماً تتفادى
الإفصاح عنها؟ أم أن هذه الأرقام لم
تعد تعني الجهات الرسمية في شيء؟
بالنسبة الى من يتظاهرون «تأييداً
للرئيس»، كيف يمكن التعرف على حقيقة
موقفهم في ظل نظام يحرم أبسط أشكال
حرية التعبير عن الرأي، ويعتبر النقد
السياسي للنظام جريمة تستحق السجن.
وهذا تحديداً ما حصل، لمئات، بل آلاف
من المثقفين والناشطين والمعارضين
السياسيين منذ سبعينات القرن الماضي.
السؤال الذي يجب أن يواجهه الرئيس هو:
هل أن غالبية الشعب تؤيده؟ أم أن هذه
الغالبية تخشى قسوة النظام ووحشيته،
ولذلك تتظاهر بالتأييد، أو تتفادى
الموضوع السياسي جملة وتفصيلاً؟
والأغرب من الأسئلة أن أداء الإعلام
الرسمي، المكتوب والمرئي، لا يؤيد
فرضية أن غالبية الشعب تقف مع النظام.
كل من يكتبون أو يتحدثون لهذا الإعلام
يقولون الشيء نفسه، وأحياناً العبارة
نفسها. في ما عدا المديح المباشر، يتفق
جميع هؤلاء من دون استثناء على تفادي
الحديث عن الوضع السياسي الداخلي. وهذه
هي سياسة النظام الإعلامية منذ أربعين
سنة. هذا ليس إعلام نظام يحظى بتأييد
غالبية الشعب. مثل هذا النظام يملك من
الثقة والاطمئنان أنه لا يحتاج الى مثل
هذه الرقابة الصارمة، ولا الى مثل هذا
الإعلام الرث. لكن أهم وأكثر ما
يناور به الرئيس هو السقف الوطني.
بدلاً من الاستناد إلى هذا السقف
لمواجهة العاصفة، يلجأ إلى المناورة
به. ومع من؟ مع الشعب. هل فات الرئيس أن
ليس من الوطنية أن يطلب من شعبه تقديم
أنفس التضحيات، بينما هو يرفض التضحية
بما هو أقل من ذلك بكثير: التنازل عن
الحكم نزولاً عند رغبة الشعب. وحقيقة
أن الرئيس استثنى موضوع الحكم من «برنامجه
الإصلاحي»، جعل من هذا البرنامج
امتداداً للمناورة وليس الإصلاح. وهو
ما يتكامل مع الحل الأمني أمام شعب
أعزل يطالب بحقه في الحرية والكرامة؟
هل تساءل الرئيس يوماً إن كان عدد
ضحايا نظامه من أبناء الشعب أكثر من
ضحايا جيش العدو الإسرائيلي؟ ثم إن صمت
الرئيس المطبق عن موضوع الحكم ينطوي
على تمسك بمبدأ التوريث في نظام جمهوري
لا يقر هذا المبدأ؟ من الواضح أن
للرئيس مفهوماً للوطنية يتصادم مع
مفهوم الشعب لها. الرئيـــس لا
يعتبر الشعب مصدراً لشرعية الحكم،
وإنما موضــــوعاً له. وبما أنه كذلك
فهو مصدر للفتنة، والاحتجاج،
والثــــورة. السقف الوطني بالنسبة
الى الرئيس لا يرتكز على المواطنة وما
تنطوي عليه من حقوق في الحرية والعدالة
والمساواة أمام القانون. في نظره هذا
السقف هو أولاً الحكم، وثانياً حقه هو
المكتسب، وربما الطبيعي، للبقاء في
سدته. وفقاً لهذا المفهوم لا يملك
الشعب حق المطالبة بإزاحته. من يطالب
بذلك فهو فاقد لحسه الوطني. ولذلك لا
يتوقــــف الرئيس، ومعه مسؤولو
النظام، عن القول إن كل من يطالب
بالإصلاح تحت سقف الوطن، فأهلاً
وسهلاً به. أما من يطالب بالإصلاح خارج
هذا السقف فهو إنسان متآمر، وعميل لقوى
خارجية تستهدف وحدة سورية واستقرارها».
أي أن الرئيس يختزل الوطن في شخصه. وليس
في هذا جديد بالنسبة الى النظام السوري.
فالرئيس الراحل حافظ الأسد لا يزال
قائد سورية إلى الأبد. وعلى قياس سقف
الرئيس جاءت «إصلاحاته». الشيخ أحمد
الشلاش من الذين جاءت بهم هذه «الإصلاحات»
إلى مجلس الشعب الجديد. يوم الأربعاء
الماضي كان الشيخ ضيفاً على برنامج «الحدث»
الصباحي لقناة «الجديد» اللبنانية.
وقد ورد أثناء البرنامج خبر عاجل عن
تعيين رئيس جديد للوزراء في سورية. سأل
مقدم البرنامج ضيفه إن كان يعرف شيئاً
عن رئيس الوزراء الجديد، فقال: «لم
ألتق الرجل من قبل، ولا أعرف عنه شيئاً»،
ثم أضاف بما معناه أن الرئيس هو الذي
اختاره لهذا المنصب، فلا بد من أنه أهل
له. عضو مجلس الشعب الإصلاحي صادق على
خيار الرئيس قبل أن يعرف عنه شيئاً. ما
يعني أن العضو الجديد لا يمثل الدائرة
التي انتخبته، قدر تمثيله الرئيس.
وهكذا كان مجلس الشعب السوري طوال
أربعة عقود. ومع ذلك يصر الرئيس على أنه
سينتصر على المؤامرة. لم يدرك أنه
بمناورته على دم الشعب جعل من نفسه
المتآمر الأول. ومصير المتآمر لم يتغير
عبر التاريخ. ================= الأحد ١٠
يونيو ٢٠١٢ عبدالله اسكندر الحياة كل يوم من أيام
الاسبوع هو يوم دام في سورية. انتهت تلك
المرحلة التي ارتبط فيها قتل المحتجين
والمعارضين بيوم الجمعة أو بالتظاهر،
حتى طغى أخيراً استهداف المدنيين في
منازلهم وحقولهم وأعمالهم، لمجرد أنهم
في منطقة جغرافية ما، وليس بالضرورة
لأنهم من المشاركين في حركة الاعتراض
ويتصدون للقوات الحكومية. وتزداد وتيرة
القتل مع ازدياد الاستياء في العالم من
هذه الممارسة، خصوصاً من روسيا
والصين، اللتين حمتا الحكم السوري حتى
الآن من قرارات دولية ملزمة. وسجلت
الأيام الماضية مجازر جماعية، في
الوقت الذي بات واضحا في العالم،
وخصوصا في موسكو وبكين، ان ما تشهده
سورية لم يعد مقبولاً، وأنه ينبغي
التفتيش عن مخارج توقف العنف وتنقل
الازمة الى المجال السياسي. ويبدو ان
الاتصالات المباشرة الاميركية-الروسية
وتلك التي يجريها اكثر من طرف مع
موسكو، جعلت ممكناً ان يبدأ المسؤولون
الروس حلاًّ على الطريقة اليمنية، وإن
كانت المفاوضات المتشعبة والمعقدة لم
تبلور صيغة مثل هذا الحل، لأن موسكو -كما
ظهر حتى الآن- تنوي الحصول على ارفع ثمن
ممكن من الولايات المتحدة والغرب في
قضايا إستراتيجية عالقة بينهم، كما من
دول المنطقة في قضايا العلاقات
والاقتصاد، لموافقتها على مثل هذا
الحل. لكن ما تشهده
نيويورك وواشنطن وعواصم دولية وغربية
اخرى من مؤتمرات ومفاوضات، سيؤدي في
نهاية المطاف الى توافق ما، وهذا
التوافق سيتجاوز خطة انان الحالية
بعدما نعاها صاحبها، وسيكون من
المحتمل ان تواكبها إجراءات ملزمة
لوقف القتل وكل إجراءات القمع،
للانتقال الى البحث السياسي. ويبدو ان هذا
بالضبط ما يسعى الحكم السوري الى منعه،
فأيّ بحث سياسي سيكون الآن مصير هذا
الحكم بعدما امعن طوال 16 شهراً في
القتل والولوغ العميق في دماء
السوريين، وبعدما أعلن الرئيس بشار
الأسد أن المواجهة العسكرية هي الحل
الوحيد للأزمة. وتظهر الآن
استحالة ان يقضي الحكم في دمشق على
الحركة الاحتجاجية في كل انحاء
البلاد، خصوصاً أن المواجهات المسلحة
تتسع لتصل الى العاصمة، وأن التظاهرات
المعارضة تتمدد في كل المدن الكبيرة
والصغيرة، وتشمل مناطق كانت تعتبر
هادئة، وان وجود المقاومة المسلحة
للقوات النظامية بدأت تشكل مناطق
خالية من اي نفوذ حكومي. وهذا ما يؤشر
الى ان المواجهات المقبلة لن تكون اقل
ضراوة، ولن تكون محسومة النتائج
لمصلحة النظام، الذي أُنهك جيشه
بعمليات قتالية تمتد على امتداد
جغرافيا البلاد. ويُعتقد بأن
انتقال القتال الداخلي الى مرحلة
متقدمة، خصوصاً مع المعلومات عن أسلحة
جديدة ومساعدات تصل الى مناهضي
النظام، سيجبر الحكم على مزيد من
الانكفاء العسكري، ما سيهدد سلطته على
كامل البلاد. وهنا تتخذ
المجازر في مناطق معينة طابعاً شديد
الخطورة على وحدة البلاد، وتتخذ
عمليات التنظيف الطائفي في حمص وإدلب
واللاذقية وأريافها، بُعداً يرتبط
باحتمال ان يضطر الحكم، سواء عبر الضغط
العسكري او السياسي، على التخلي عن
كامل البلاد. والمرجح ان عمليات القتل
الجماعي والتهجير في هذه المناطق ليست
فورة غضب من «شبيحة» متحمسين، وليست
عمليات تكتيكية لتحسين التفاوض، وانما
يبدو انها استراتيجية غايتها التمهيد
الى الانكفاء حين لا يعود ممكناً
البقاء في دمشق وحكم كل سورية منها. ================= فايز سارة الشرق الاوسط 10-6-2012 قال كلاوس
سورنسن مدير عام المكتب الأوروبي
للعمليات الإنسانية في سوريا، يصف
الحالة السورية: «لدينا شعور بأننا
نعدو خلف قطار تتزايد سرعته.. إنه قطار
المعاناة الإنسانية..».. ويقترب كلام
سورنسن من فكرة كرة الثلج التي تتدحرج
باتجاه المنخفض، مما يعني أن الحالة
السورية، تذهب من السيئ باتجاه الأشد
سوءا من الناحية الإنسانية، وينذر
الأمر بقرب حصول كارثة إنسانية، إن لم
تكن سوريا قد بلغتها بعد نتيجة ما حصل
وما يحصل فيها. إن المسار
المعقد لأحداث سوريا، جعل العوامل
الدافعة لوصولها إلى الكارثة
الإنسانية معقدة هي الأخرى. ففي وقت
واحد، كانت نتائج الحل الأمني العسكري
التي تتابعها السلطات السورية في
معالجة الأزمة، وبالتوازي معها ظهرت
نتائج مبادرات الحراك الشعبي المطالبة
بالحرية، وردات فعله في مواجهة سياسات
عنف السلطات وأجهزتها، وخارج السياقين
وبالتفاعل معهما، كان خطان آخران
يتركان آثارهما المباشرة على الأزمة؛
أولهما ما تطورت إليه البيئة العامة في
سوريا، والثاني ما سببته العقوبات
التي تم إقرارها من جانب دول وهيئات
إقليمية ودولية بينها جامعة الدول
العربية والأمم المتحدة، ومن محصلة
السياقات الأربعة، ولدت نتائج الأزمة
التي تضرب البلاد، وتجعلها في مقام
البلد المنكوب. إن من الصعب حصر
النتائج التي سببتها الأزمة، وما
تمخضت عنه بالأساس سياسات السلطات
السورية الأمنية العسكرية في الوقت
الحالي وتفاعلاتها. لكن من الممكن رسم
ملامح عامة، لما آلت إليه الحالة
السورية من كارثة، أصابت السكان في
مختلف جوانب حياتهم، وكثير منها أصبح
يمثل تهديدا قائما لحياة السوريين
الراهنة والمستقبلية ولا سيما حياة
الفئات الضعيفة والمهمشة من الأطفال
والنساء والفقراء. لعل الأبرز في
مؤشرات ما أصاب السوريين، يمكن
ملاحظته بما لحق بهم نتيجة السياسات
الأمنية العسكرية، التي تسببت في مقتل
عشرات آلاف الأشخاص، بينهم عدد من
سبعين ألف مفقود، يسود اعتقاد أن كثيرا
منهم قتلوا لأن أحدا لم يستطع التعرف
على أماكن اعتقالهم ولا الذين قاموا
باعتقالهم. ويقدر مجموع الذين اعتقلوا
في سوريا خلال الأزمة بمئات الألوف،
وهناك عشرات ألوف الجرحى وكثير منهم
لديه إصابات دائمة، جعلت منهم عاجزين
عن متابعة حياتهم الطبيعية، وطبقا
للتقديرات، فإن أكثر من نصف مليون سوري
صاروا في عداد اللاجئين إلى دول الجوار
وما بعدها، وهناك أكثر من مليون تحولوا
إلى لاجئين في سوريا خارج مناطق سكنهم
العادية نتيجة عدم قدرتهم على البقاء
في المناطق التي كانوا يعيشون فيها
لأسباب أمنية، أو بفعل تهجيرهم عمدا. وإذا كانت
الأزمة قد أصابت الأشخاص بهذا المستوى
من القتل والدمار، فإن الأزمة
وإجراءات الحل الأمني العسكري أصابتا
بالخراب البنى التحتية في معظم المدن
والقرى السورية، وخصوصا في المناطق
الساخنة ومنها محافظات درعا وحمص وريف
دمشق وادلب ودير الزور. وفيها أصاب
الدمار مئات آلاف البيوت والمحال
والمنشآت الصناعية والتجارية
والخدمية، كما شمل تدميرا أو تعطيلا
كليا أو جزئيا لشبكات المياه
والكهرباء والهاتف ووسائل المواصلات،
ولعل ما أصاب حمص من دمار في الممتلكات
والبنى التحتية هو المثال الأوضح، إذ
دمر أكثر من نصف مساكن المدينة، وقسما
رئيسيا من بناها التحتية، واختفى كليا
أو بصورة جزئية كثير من أسواقها. ورغم أهمية ما
أصاب الأفراد والمناطق التي تعرضت
للقصف والاجتياح الأمني والعسكري، فإن
ما أصاب مجمل البيئة العامة السورية
كان أكثر عمومية واتساعا، وله أبعاد
راهنة وأخرى مستقبلية، لعل من الصعب
ملاحقة تفاصيلها، غير أن دراسة صدرت
أواخر عام 2011 قاربت ملامح ما أصاب
البلاد من خسائر مادية، فأجملت
الخسائرَ الناجمة عن الأزمة بنحو 25
مليار دولار، وعزت الدراسة التي
أجراها الخبير الاقتصادي حسين العماش
أسباب تلك الخسائر إلى عوامل أبرزها
فقدان الإيرادات المباشرة الداخلية
للدولة، وتوقف التحويلات والمعونات
والاستثمارات الخارجية، وتوقف النمو
الاقتصادي وانكماشه، وتراجع الإنتاج
في منشآت القطاع الخاص، وتوقف
السياحة، وهروب الأموال وارتفاع
تكاليف العمليات العسكرية، وتدمير
المرافق العامة، وصعوبات الاستيراد
والتصدير، ثم ما خلفته العقوبات
الدولية من خسائر. لقد زادت
المعطيات الأخيرة إلى ما سبقها حدود
المعاناة التي يعيش السوريون في ظلها.
والتي في نتائجها فقد عشرات آلاف
حياتهم، وأخرج مئات آلاف السوريين من
الحياة كليا أو جزئيا بسبب إعاقتهم أو
اعتقالهم أو تهجيرهم، ولم تقتصر
المعاناة على هؤلاء، بل شملت من فقدوا
معيلهم من نساء وأطفال ومتقدمي السن
والعجزة، إضافة إلى تدمير الإمكانيات
المادية لقطاعات واسعة من السكان،
وتعطيل أو تدمير حياتهم الطبيعية،
إضافة إلى القضاء على مصادر كسبهم
وعيشهم، ودفع كثير منهم نحو مواجهة
ظروف مأساوية في إقامتهم أو في هجرتهم
الداخلية والخارجية. غير أن الأخطر
مما سبق في نتائج وتداعيات استمرار
الأزمة، أنها تضع البلاد أمام انهيار
اقتصادي – اجتماعي ستكون له تداعيات
سياسية خطيرة، وقد بدأت بالفعل بعض
تجليات الانهيار تظهر واضحة، والتي من
بينها تراجع دور الدولة في المجالات
كافة مع تركيز خاص لجهودها في المجال
الأمني العسكري، وتوقف كلي أو انخفاض
عام في مجالات الإنتاج والخدمات،
وتعميم الغلاء والفقر وما يصاحبهما من
تداعيات اجتماعية وسياسية. ولعله لا يحتاج
إلى تأكيد، القول إن نتائج الأزمة تمثل
كارثة تضرب سوريا وسكانها، وهي في
معطياتها ونتائجها لا تقل أهمية عن
نتائج كوارث طبيعية، ضربت عددا من
بلدان العالم في السنوات العشر
الماضية، وقد تسببت الكوارث في عام 2010
بخسائر مادية للعالم قدرها 130 مليار
دولار، بينما خسائر سوريا في تسعة أشهر
فقط بلغت نحو 25 مليار دولار، وينتظر أن
تكون قد تجاوزت 40 مليار دولار بعد ستة
عشر شهرا من الأزمة، ولعل ذلك في جملة
معطيات تكفي لإعلان سوريا بلدا منكوبا
بفعل السياسة الأمنية العسكرية. ================= طارق الحميد الشرق الاوسط 10-6-2012 أبسط ما يقال حول
المؤتمر الصحافي الأخير لوزير
الخارجية الروسي إنه دعوة للتفاوض حول
مستقبل الأسد، هذا الأهم، رغم كل ما
طرح من جدليات بالمؤتمر الصحافي، وهي
جدليات يسهل الرد عليها وتفنيدها، مثل
حديث لافروف عن التدخل الخارجي
بسوريا، حيث إن السؤال للسيد لافروف هو:
وماذا يفعل الخبراء الروس هناك؟ فبكل
تأكيد أنهم ليسوا هناك لدعم السوريين
العزل. لكن ذلك ليس
المهم، فالأهم في حديث السيد لافروف هو
أنه من الواضح أن موسكو قد أدركت أن «حيلة»
أنان، لا مبادرته، قد فشلت، وبسبب
الأسد طبعا، كما يشير حديث لافروف إلى
أن الأوضاع على الأرض بسوريا بدأت تسير
باتجاه مخالف لما كانت تأمله موسكو؛
فلم يستطع الأسد وأد الثورة، كما لم
يعد يسيطر بما فيه الكفاية على سوريا،
ونار الثورة مشتعلة بجل المدن
السورية، ومنها دمشق، وحلب، ولذا نجد
أن النظام الأسدي قد وصل لمرحلة اليأس،
ولذلك بات يرتكب المجزرة تلو الأخرى،
مما أدى للتفاعل الدولي الملحوظ مؤخرا.
كل ذلك أشعر الروس بالقلق لا شك،
ودفعهم للتحرك الآن، على أمل إيجاد
فرصة جديدة للأسد، وهذا مستحيل، أو
لإطلاق المفاوضات، وهذا هو الظاهر من
حديث السيد لافروف، الذي يظهر أن موسكو
قد شرعت طاولة المفاوضات، وبالتالي
فإن على من يرغب في التفاوض أن يتقدم،
ومهم أن نلحظ هنا طريقة حديث لافروف عن
دور السعودية، ومكانتها القيادية
بالمنطقة. وقد يقول قائل:
وماذا عن إقحام إيران بالوضع السوري؟
الواضح أن إقحام إيران ليس إلا محاولة
تعزيز شروط التفاوض، بمعنى إذا كنت لا
تريد إيران فإن ثمن ذلك كذا! فمهما قال
السيد لافروف عن إيران، فإن ليس لها
علاقة بالشأن السوري، فسوريا ليست
العراق، ولا لبنان، ولا ينبغي أن تكون
كذلك، فدور إيران يتركز بدعم طاغية
دمشق ولم يثُر السوريون للتفاوض مع
إيران، بل لاقتلاع الطاغية، لا إبدال
عميل آخر لإيران به. فعندما يحذر
لافروف من حرب، أو أزمة، سنية - شيعية،
فإن أهم أسباب إشعالها هو إيران، ولا
أحد آخر، فسلاح إيران الأبرز، ومنذ
الثورة الخمينية، هو الطائفية، وبكل
العالم العربي، فكيف تكافأ إيران على
ذلك، وفي سوريا، أمر لا يستقيم بالطبع. وعليه؛ فإن حديث
السيد لافروف، وتلويحه بإمكانية تنحي
الأسد إذا توافق السوريون، لا يعدو
أكثر من إشعار للآخرين، ومنهم
السعودية تحديدا، بأن موسكو قد شرعت
طاولة التفاوض على مستقبل الأسد، فمن
المستحيل أن يكون المؤتمر الروسي
القادم لبحث المصالحة مع الأسد، مثلا.
وطبيعي أن كثرا قد شعروا بالإحباط من
حديث السيد لافروف، حيث كان البعض
يعتقد بأنه سيعلن صراحة أن موسكو قد
قررت الوقوف مع الشعب السوري، لا
المزيد من التسويف، والدفاع عن
الطاغية، لكن للأسف هذه هي السياسة،
وتحديدا هذه هي السياسة الروسية
بمنطقتنا، فروسيا لن تقبل برحيل الأسد
دون تفاوض يضمن لها «ثمنا»، ومن هنا
فإن السؤال هو: من الذي سيفاوض الروس؟
وما هو الثمن؟ ================= سوريا
والسيناريوهات الروسية ـ الأميركية فاروق حجي مصطفى الشرق الاوسط 10-6-2012 برغم ما حصل،
ويحصل، في سوريا، لا يزال مجلس الأمن
منقسما على نفسه، وما زالت روسيا
والصين تقفان كالحائط في وجه إرادة
الشعب السوري تحت حجج واهية، سواء أكان
عبر استخدامهما لحق النقض (الفيتو) مرة
تلو المرة، أم عبر التمسك بخطة أنان
التي ما فتئت وعجزت عن جلب الأمان
وإيقاف نزيف دم السوريين، والحق أنه
إذا كانت مجزرة «الحولة»، التي أدهشت
العالم وأججت مشاعر الإنسانية، وصارت
عامل ضغط كبير على الحكومات الغربية من
الرأي العام الغربي، لم تؤثر قيد أنملة
(لا عاطفيا، ولا سياسيا) في الموقف
الروسي فماذا يمكن أن يؤثر فيها؟!
وماذا تطلب روسيا أكثر من الثورة
السورية؟! أتحدث فظائع إنسانية أكثر
وقعا وإدهاشا حتى تتراجع عن مواقفها
الداعمة للنظام..؟! ترى، كم زلزالا
إنسانيا آخر ينتظره السوريون حتى
تقتنع روسيا بأن السوريين يعيشون في
أزمة إنسانية وسياسية وأمنية وأنهم
بحاجة إلى الخروج من هذه الأزمات
المتفاقمة؟ لا يصدق أحد من
مجتمع الثورة (السورية) بأن مواقف
روسيا (ومواقف الدول الأخرى) منذ بدء
الثورة وحتى الآن كانت نابعة من حرصها
على مصلحة الشعب السوري أكثر من
النظام، وانطلاقا من هنا، فإنه إذا
وقفت روسيا في وجه إرادة الشريحة
الواسعة من الشعب، إن لم نقل كلها،
فكيف ستتخلى عن النظام ومصالحه بسهولة
دون أن يقدم الأميركيون لها ضمانات
بخصوص الدرع الصاروخية (مثلا) أو أن ترى
المعارضة بأن روسيا هي من تمتلك «مفتاح»
الحل في سوريا، وتاليا لها مصالحها في
المنطقة، ومن الصعوبة بمكان أن تستهتر
بنفوذها (في هذه المنطقة) التي حافظت
عليها روسيا طيلة عقود خلت، رغم
اهتزازات هائلة حدثت في المنطقة،
وكذلك في جغرافية «الاتحاد السوفياتي»
السابق، سواء تغير النظام أو بقي. ومع أن ثمة
أدوارا أخرى لروسيا في المنطقة
ستلعبها بمعزل عن سقوط هذا النظام الذي
ما زال يعمل بالروح البعثية، وهذه
الأدوار سوف تكون رهينة ببقاء روسيا في
المنطقة، إلا أن روسيا تبقى خائفة، مع
أنه من غير الصحيح (100%) أن رحيل النظام
السوري يعني تهجير ملامح الروس في
المنطقة، ولعل للروس مصالح وتواجدا
حيويا، فإن وجودها من بين الدول العظمى
ودورها في الأمم المتحدة كصاحبة
الفيتو، وكطرف دولي منخرط في العلاقة
الإسرائيلية (سلما أو حربا) العربية،
كفيل بالبقاء والحفاظ على النفوذ
الروسي في المنطقة بشكل عام. وذلك فضلا
عن روابط كثيرة يترتب على روسيا أن
تقاتل للحفاظ على دورها ومحاولة أن
تبقى في لب السياسة السورية، وهذه
الروابط هي: وجود الأقلية الجركسية،
وهذا الرابط له دلالة وانعكاسات كبيرة
على ما يربط روسيا بالشيشان، ووجود
الأقلية المسيحية، أضف إلى ذلك أنه ليس
سهلا أن يسحب الروس أسطولهم من ميناء
طرطوس...! ولا نظن أن الروس
لن يأخذوا بتطلعات مراجعهم الدينية
والسياسية بعين الاعتبار في كل تحرك
دبلوماسي أو سياسي، ونحن رأينا ماذا
قال القس نيكولاي بالاشوف لصحيفة «نيويورك
تايمز»، حيث نشرت الصحيفة تقريرا تحت
عنوان «الكنيسة الروسية.. صوت قوي ضد
التدخل في سوريا»، وتنقل عن القس
نيكولاي بالاشوف (نائب رئيس قسم
العلاقات الكنسية الخارجية في
بطريركية موسكو) أن «الفوضى الدموية
وحدها ستكون نتيجة للمحاولات قصيرة
النظر لزرع نماذج سياسية من إطار حضاري
مغاير في منطقة توراتية دون مراعاة
النظرة العالمية والقيم التي شكلت
حياة الناس فيها منذ قرون وآلاف السنين..
إن رسم السياسة الخارجية دون أخذ
العامل الديني في الاعتبار يمكن أن
يفضي إلى كارثة، وإلى موت آلاف وملايين». والحال هذه...،
وبحكم هذا الدور الروسي الذي أصبح أكثر
حضورا وقوة لمدة أكثر من أربعة عقود،
وترجم الروس هذا الدور عبر الاعتناء
بمصالحهم في سوريا (حصرا) فإن تريثها
لاتخاذ قرار لصالح المعارضة (أو الثورة)
ضد النظام أمر يتفهمه الأميركيون
والأوروبيون، عدا عن تباين في وجهات
النظر (حول التدخل العسكري) بين
الأوروبيون أنفسهم، وهذا ما لاحظناه
من خلال وقوف ألمانيا الواضح مع الموقف
الروسي، ودغدغة الإحساس السياسي
الروسي، وما أن طفت بعض الحساسيات بين
فرنسوا هولاند (الرئيس الفرنسي)
وأنجيلا ميركل (مستشارة ألمانيا) حتى
وقفت ألمانيا إلى جانب رؤية روسيا للحل
في سوريا، وذلك نكاية بموقف فرنسا التي
لم تبتعد عن التدخل العسكري، ولا
نستغرب أنه حتى الكثير من الدول تريد
أن تصفي حساباتها الدولية بين بعضها
البعض على حساب الثورة السورية. كل هذا يظهر على
السطح معطى جديدا في الخطاب السياسي
الدولي الجديد بخصوص الأزمة السورية،
وبعيدا عما جرى بين باريس وموسكو حول
وضع سوريا في لقاء بوتين مع هولاند قبل
أيام، يحكى الآن عما صدر من معلومات
صحافية ودبلوماسية بأن ثمة طبخة روسية
أميركية تجهز لسوريا على نمط ما جرى في
اليمن، والاتفاق بين الطرفين هو: «تغيير
النظام، مع الإبقاء على أجهزة الدولة
والجيش وتأمين استمرارية عملها منعا
لسقوط ما تبقى من السلم الأهلي السوري
في أتون حرب مدمرة للدولة والمجتمع
السوريين»، وبدا أن روسيا صارت «عرابا»
أكثر تأثيرا لسوريا الجديدة، لعل ما
قاله بوتين من «أن روسيا لا تقف إلى
جانب النظام» هو مؤشر على أنها، أي
روسيا، ربما تتحضر لصفقة ما بشرط أن
تحافظ على الحضور الروسي في سوريا
الجديدة، وبدا أن الأميركيين وعددا
آخر من «أصدقاء الشعب السوري» موافقون
على ذلك، ولعل مرد ذلك هو الخوف من
الانزلاق نتيجة تفاقم الأزمة السورية
إلى ما لا تحمد عقباه، الأمر الذي سيخل
بالتوازنات السياسية في المنطقة. بطبيعة الحال،
فإن كل ما يحدث هو مؤقت بالنسبة
للثورات العربية، وهي وصلت إلى محطة لا
يمكن الرجوع عنها، ولم تقف في حدود
تغيير الأنظمة بقدر ما أنها تصنع زيا
مغايرا للشرق الأوسط العربي، إن لم نقل
الشرق الأوسط بشكل عام. فالحلول
المؤقتة هي نوع من سياسة سليمة للحفاظ
على التوازنات في المفهوم الدبلوماسي،
وحماية مؤسسات الدول من الانهيار إلى
حافة الهاوية. خلاصة القول: في
كل الأحوال، وإن لم تنجز الصفقة، على
الطريقة اليمنية، فإن المجتمع الدولي،
وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي، لن يقبلا الرفض الروسي
الدائم إلى آخر المطاف، وروسيا أيضا
بدأت تلين من مفرداتها الدبلوماسية،
وبدت كأنها تستعمل خيار قوة الإقناع
وليس الإقناع بالقوة، ولعل كلام بوتين
الأخير، وهو إلى جانب هولاند والذي
مفاده «إذا ما أزحنا عن السلطة الرئيس
الحالي، هل تعتقدون أن السعادة
المطلقة ستعم سوريا» يشير إلى التعامل
السلس والدخول في سجال البحث عن الخيار:
أيهما الأفضل! ومن المنطقي أن
يواجه الأميركيون والأوروبيون
المؤثرون في القرار الدولي روسيا
حينما يرى هذان الطرفان (الأميركيون
والأوروبيون) ضررا في مصلحتهما من
استمرار وقوف روسيا إلى جانب النظام،
وتنتقل الأزمة إلى جوار سوريا بهوية
الدم! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |