ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 14/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

سياسة حافة الهاوية

بقلم / أنور صالح الخطيب

كاتب وصحفي أردني

الراية

13-6-2012

بات النظام السوري يتبع سياسة حافة الهاوية باستخدامه المروحيات العسكرية في قصف المدن والبلدات السورية ومطاردة الجيش السوري الحر سعيا لإخماد الثورة الشعبية المتواصلة منذ خمسة عشر شهرا والمطالبة بالحرية والتغيير.

سياسة حافة الهاوية لا يمكنها أن تنجح في ظروف القتل والمجازر التي يرتكبها النظام أن تحقق أهداف النظام وتؤمن بقاءه في السلطة فلكل فعل رد فعل وكل نقطة دم سورية تسيل على يد عصابات النظام ستخلف وراءها ثائرا ومطالبا بالقصاص.

النظام في سوريا لا زال منحازا لروايته عن المؤامرة والعصابات المسلحة التي تستهدف الناس بالمجازر وهي الرواية التي لا يمكن أن يصدقها أحد ويكذبها الجميع وآخرهم الكاهن اليسوعي الإيطالي باولو دالوليو مؤسس رهبنة دير مار موسى في شمال دمشق الذي عمل من أجل الحوار بين المسيحيين والمسلمين، والذي أعلن أنه سيغادر سوريا.

الكاهن الإيطالي اليسوعي الذي لا يمكن أن يكون عضوا في القاعدة أو أي تنظيم إرهابي ندد بما وصفه"التضليل الإعلامي" في سوريا. وقال إنه يجري "تضليل قسم من الرأي العام" من قبل أولئك الذين يوهمونه بأنها "مجرد معركة ضد الإرهاب". مضيفا أن هذا "الكذب" تردده "حتى وسائل إعلام كاثوليكية.

الصورة التي ينقلها الراهب الكاثوليكي ليست وردية عما يجري في سوريا فهو يصف ما يحدث هناك بأنه "مأساة مسلمة يجد المسيحيون أنفسهم فيها".

ليس جديدا القول إن الثورة السلمية في سوريا قد تحولت إلى ثورة مسلحة بسبب عنف النظام وهمجية عصاباته المسلحة التي باتت تقتل على الهوية والمذهب والطائفة وبالتالي لا يفاجأ أحد بما يمكن أن يجره العنف الأعمى من مسلكيات وممارسات من قبل"الثوار" كرد فعل على ممارسات النظام وعصاباته. وهي ممارسات غير مقبولة ومدانة على كل حال.

إن ما يجري في المدن والبلدات السورية من عمليات قتل وقصف وتعذيب على يد الطرف الأقوى في المعادلة وهو هنا النظام السوري يندى لها الجبين ولا يمكن لأي ضمير إنساني أن يتقبلها تحت أي مبرر وسياسة حافة الهاوية والأرض المحروقة التي يتبعها النظام لا يمكن أن تؤمن بقاءه في سدة الحكم أبدا فالشعب السوري الذي يقتل منذ خمسة عشرا شهرا متواصلة لا يمكن أن يقبل أن يحكمه قاتله.

لقد وضعت ممارسات النظام السوري الكارثية والبشعة وغير المسؤولة المجتمع الدولي أمام معضلة أخلاقية لم تعد تنفع معها الحلول الترقيعية أو سياسة شراء الوقت فالشعب السوري يدفع من دم أبنائه ثمن التخاذل الدولي وصراع المصالح الذي يمنع من اتخاذ إجراءات حقيقية توفر الحماية للشعب السوري.

لا يكفي أن تعبر الأمم المتحدة عن قلقلها وأسفها لما يجري في المدن والبلدات السورية من مجازر يذهب ضحيتها الأبرياء من نساء وأطفال وشيوخ فلقد أبلغ مراقبو الأمم المتحدة الأمين العام عن زيادة مستوى المعارك المسلحة بين القوات الحكومية وقوات المعارضة، وهو ما يعني أن خطة المبعوث الدولي والعربي قد فشلت في تحقيق أي من أهدافها وخاصة هدف وقف العنف والقتل وبالتالي تحولت مهمة المراقبين الدوليين من مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار إلى إحصاء عدد المجازر وأعداد الضحايا الذين يسقطون برصاص النظام وتقديمها إلى الأمم المتحدة والمبعوث الدولي.

لا يمكن للشعب السوري أن ينتظر حتى منتصف الشهر المقبل حتى يجري الإعلان عن فشل مبادرة المبعوث الدولي والعربي فالمبادرة فشلت بالفعل ولم تحقق شيئا على الأرض وكانت موافقة النظام عليها سعيا منه لكسب الوقت لإخماد الثورة لا غير وبالتالي فإن على المجتمع الدولي أن يبادر بإجراءات ملموسة وحاسمة توقف إراقة الدماء.

لقد اتخذ النظام في سوريا في سبيل بقائه في السلطة -كما يبدو- قرارا بالقضاء على الثورة السورية مهما كان الثمن حتى لو كان الثمن إشعال حرب أهلية وفناء الشعب السوري وعلى الأمم المتحدة أن تنحاز لمبادئها ومسؤولياتها الأخلاقية كجهة مسؤولة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين وتبين للنظام أن سياسة حافة الهاوية لن تنجيه من المصير المحتم السائر إليه وهو السقوط.

=================

رأي الراية ..الحرب الأهلية في سوريا

الراية

13-6-2012

يفسر إعلان مسؤول كبير في الأمم المتحدة أن سوريا باتت "في حرب أهلية" وأن الحكومة السورية فقدت السيطرة على أجزاء واسعة من أراضيها وعلى مدن سورية عدة لصالح المعارضة الارتفاع الكبير في مستوى العنف الذي تشهده المدن والبلدات السورية التي باتت تقصف بالطائرات المروحية وفي زيادة أعداد الضحايا وتواصل المجازر التي أصبحت متنقلة في المدن السورية.

لقد اتبع النظام خلال الأشهر القليلة الماضية سياسة الأرض المحروقة سعياً منه لإخماد الثورة الشعبية المطالبة بالحرية والتغيير في سوريا حيث لم يتوان عن استخدام الأسلحة الثقيلة في قصف المدن والبلدات السورية ما أوقع مئات الضحايا المدنيين، كما ساندت عصابات النظام المعروفة بالشبيحة عمليات القتل المروعة التي أصبحت على الهوية مما ساهم في عسكرة الثورة السورية بعد اضطرار السوريين للدفاع عن أنفسهم وعائلاتهم في وجه عصابات من محترفي القتل.

إعلان الأمم المتحدة على لسان مسؤول عمليات حفظ السلام فيها من أن سوريا دخلت مرحلة الحرب الأهلية يلقي شكوكاً كبيرة على جدوى تمسك المجتمع الدولي بمبادرة المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان ذات النقاط الست التي لم يجر تطبيق أي من بنودها حيث استمرت عمليات القتل وقصف المدن والبلدات واعتقال المواطنين وتعذيبهم كما أن هذا الإعلان يلقي شكوكاً عميقة حول إمكانية استمرار مهمة المراقبين الدوليين المنوط بهم مراقبة وقف العنف والذين تحولوا إلى إحصاء أعداد الضحايا الذين يسقطون بشكل يومي في مختلف المدن والبلدات السورية وباتت عملية إحصائهم من الصعوبة بمكان.

لقد اختار النظام في سوريا خيار القتل والعنف في الرد على مطالب الشعب السوري المنادية بالتغيير وأضاع خلال الأشهر الأولى من عمر الثورة السورية التي ظلت حتى وقت قصير ثورة سلمية فرصة بناء سوريا الجديدة القائمة على الحرية والعدالة والديمقراطية والتعددية فحصد ما زرع، فالنظام زرع الموت والرعب والتدمير في سوريا فكان أن حصد ما حذر منه الكثيرون والمتمثل بوقوع سوريا في شرك الحرب الأهلية التي لا يمكن أن يفوز بها أحد والتي تضع إشارات استفهام كبيرة حول وحدة سوريا ومستقبلها.

آن للمجتمع الدولي الآن ولمنظمة الأمم المتحدة بوصفها الجهة التي من واجبها حماية الأمن والسلم الدوليين أن تقوم بواجبها الأخلاقي المتمثل بتوفير الحماية للشعب السوري وهو حق مشروع لشعب ذبح ويذبح أبناؤه وبناته على مرأى ومسمع من العالم المتحضر.

=================

خطة عنان أفضل منطلق للحلّ

المصدر: صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية

التاريخ: 13 يونيو 2012

البيان

مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا كوفي أنان، لديه الحق في اقتراح فكرة "مجموعة الاتصال" الدولية بالإضافة إلى اللاعبين الإقليميين، التي يمكن أن تؤثر على كلا الجانبين المتصارعين في سوريا. وكما أقر الأمين العام السابق للأمم المتحدة بنفسه، فإن خطته المكونة من ست نقاط ليست ذات فعالية في الوقت الراهن، وأن سوريا تواجه خطر اندلاع "حرب أهلية شاملة" وشيكة. ولكن كما أن سوريا منقسمة، فتلك هي حالة المنطقة، وتتسم العقبات التي تواجه مجموعة الاتصال للقوى العالمية والإقليمية بأنها عاتية بالفعل.

كانت للأحداث في سوريا دائما آثار وتداعيات إقليمية. وعلى سبيل المثال، فقد أسفر هذا الصراع عن عدد كبير من اللاجئين الذين يبحثون عن مأوى في دول مجاورة، مثل الأردن ولبنان وتركيا.

ومع ذلك، ففي الأشهر القليلة الماضية، تكشف التأثير العابر للحدود الناجم عن الأزمة السورية. وفي شمال لبنان، على سبيل المثال، أدت الاشتباكات التي وقعت مؤخراً بين مؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد من العلويين اللبنانيين، والموالين للمعارضة من السنة، إلى تسليط المزيد من الضوء على تدهور الخلافات بين الطوائف في لبنان. وفي حين أن هذه الاشتباكات لم تؤد إلى مواجهات مسلحة أوسع نطاقا على الصعيد الوطني، فمن شأن استمرار العنف في سوريا لوقت أطول، أن يفاقم العلاقات الطائفية المتوترة في لبنان.

وفي حين أن الصراع السوري ينطوي على انعكاسات أقوى في الشرق الأوسط على نحو متزايد، فإنه من الصحيح أيضا أن اللاعبين الإقليميين لهم تأثير متزايد على الأزمة في سوريا. فهناك قوى في المنطقة تدعم نظام الأسد بقوة، الذي يتألف من أقلية علوية، بينما توجد قوى إقليمية سنية تدعم المعارضة. وتؤدي مشاركة كلا الجانبين إلى تأجيج الوضع السوري، في الوقت الذي تصبح البلاد ساحة معركة لوكلاء هذه القوى الإقليمية، التي تتنافس من أجل الحصول على النفوذ في الشرق الأوسط.

لقد شهدت منطقة الشرق الأوسط للأسف هذه المعركة بالإنابة، خلال الحرب الأهلية اللبنانية الطويلة بين عامي 1975 و1990.

والأمر الأدهى من ذلك، أن الأزمة في سوريا تعكس انقساماً دولياً أوسع. فأعضاء مجلس الأمن الدولي لهم مصالح متناقضة في سوريا، حيث ترغب روسيا، على سبيل المثال، في حماية مصالحها واستثماراتها الاستراتيجية وإمكانية الوصول إلى الموانئ البحرية هناك، عن طريق إبقاء الأسد في السلطة.

ووفقا لذلك، فإن مجموعة اتصال، على غرار المسارات التي يقترحها أنان، سوف تشرك جميع الأطراف الرئيسية، سواء المؤيدين للأسد، مثل الصين وروسيا، أو أنصار المعارضة، مثل تركيا والولايات المتحدة. فسوف يحاولون وضع نهج يحظى برضى الطرفين لوضع حد للعنف.

إن إشراك هؤلاء اللاعبين ينطوي على ميزة لا يمكن إنكارها، وهي أنه ينسجم مع الواقع، من خلال الاعتراف بأن الصراع في سوريا، وصل إلى نقطة تختلط عندها المصالح الإقليمية والدولية مع مصالح الأطراف المتقاتلة، كما أنه يتسق ضمنياً مع تفاقم الوضع الداخلي في سوريا.

=================

لماذا بلقنة سوريا؟

ساطع نور الدين

السفير

13-6-2012

التنافس صعب جدا مع وزراء خارجية دول كبرى قرروا أن يكونوا مجرد معلقين صحافيين، وباتوا يطلقون آراء في الأزمة السورية لا تغني سوى الغموض في الموقف الدولي، ولا تزيده إلا تشوشا، مثل المقالات الصحافية التي تعجز عن تفسير الكثير مما يجري في سوريا من عنف وسياسة.

في التعليقات الاخيرة التي صدرت عن كبار الديبلوماسيين الأميركيين والأوروبيين فكرة جديدة باتت تشكل محور النقاش الدولي وتثير الخلاف حينا والاتفاق حينا بين أولئك المسؤولين الذين اختاروا الدخول في تلك المنافسة غير الشريفة مع الصحافيين وكتاب الرأي، مفادها أن الأزمة السورية تشبه أزمة البلقان في تسعينيات القرن الماضي أكثر مما تشبه أزمة ليبيا في صيف العام الماضي.

الفكرة التي أطلقتها ثم تراجعت عنها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون وأيدها وزير الخارجية البريطانية وليم هيغ وانضم اليها الأمين العام لحلف شمالي الاطلسي اندرس فوغ راسموسن وعارضها وزير خارجية ألمانيا فيدو فسترفيله وغيره من وزراء أوروبا الغربية، كانت مصحوبة على الدوام بالتأكيد أن الغرب لم ولن يخطط للتدخل العسكري في سوريا، وسيظل يسعى مع روسيا لإنهاء تلك الأزمة.

التدقيق في تلك الآراء التي عبّر عنها كبار الديبلوماسية الغربية لا يبدد الحيرة، ولا يخدم المنافسة: هل يقصد هؤلاء الوزراء التعبير عن الأسف لان المجتمع الدولي يكرر الخطأ الذي ارتكبه في البلقان عندما سمح بسقوط ربع مليون قتيل في يوغوسلافيا السابقة قبل أن يتدخل عسكريا وينهي تلك الحروب الاهلية، أم أنهم يحذرون الكرملين من أنه يكرر الخطأ الذي ارتكبه في البلقان عندما انحاز لأبناء عربيته القومية والدينية لكنه اضطر في نهاية الحرب الى الخروج من صربيا نفسها المؤهلة لعضوية الاتحاد الاوروبي، أكثر مما هي مرشحة للالتحاق بالأفق الروسي البعيد، أم أنهم يقصدون التلميح أو ربما الترويج لفكرة تقسيم سوريا باعتبارها المخرج الوحيد من حربها الاهلية الراهنة؟

لا يمكن أن يكون قصد هؤلاء الوزراء الكبار هو الإيحاء بأن الحرب الاهلية السورية ستتسع الى دول الجوار، وستشعل حريقا إقليميا هائلا على غرار ما يتوقع بعض المعلقين الصحافيين المتطيرين. حرب البلقان الاخيرة لا تخدم هذه النظرية لأنها لم تغادر الحدود اليوغوسلافية أبدا ولم تؤثر على أي دولة مجاورة ولم تتسبب بحرب عالمية جديدة على غرار ما حصل في مطلع القرن الماضي، بل هي انتهت فقط الى هزيمة روسية إضافية.

لعل لدى هؤلاء الوزراء سببا خفيا لإجراء مثل المقارنة المفاجئة بين حرب سوريا وحرب البلقان.. المهم انهم لم يقارنوها مع غزو العراق أو أفغانستان أو مع انهيار الصومال أو حتى مع مذابح بوروندي.

=================

ما يفسّر الموقف الروسي من النظام السوري

خيرالله خيرالله

المستقبل

13-6-2012

لا يمكن للثورة السورية الاّ ان تنتصر. ولذلك، لم يعد هناك معنى لايّ كلام يصدر عن اي مسؤول روسي في شأن هذه الثورة او الوضع السوري ككلّ. الكلام الوحيد الذي له معنى هو ذلك الذي يصدر عن الشعب السوري البطل، وهو كلام يكتبه السوريون بالدم، دمّ اطفال درعا ونسائها ورجالها ودم ابناء حمص وحماة وحلب ودمشق ودير الزور وادلب وكل مدينة وقرية سورية. فما لم يفهمه الروس الى الآن، ان الشعب السوري، بأكثريته الساحقة، يرفض النظام القائم وإن اي فيتو في مجلس الامن التابع للامم المتحدة وحتى اي تلويح باستخدام الفيتو انما يصبّ في خدمة نظام لا يمتلك اي افق سياسي، نظام لا همّ له سوى اطالة عذابات الشعب السوري وسفك مزيد من الدماء البريئة لا اكثر.

انه بكل بساطة نظام لا علاقة له بما يدور على الارض السورية. يلقي رئيسه خطابا في مجلس الشعب يبدو فيه وكأنّه يتحدث عن بلد آخر يشبه الوضع فيه كلّ شيء ما عدا الوضع الحقيقي في سوريا.

لم يعد السؤال لماذا الاصرار الروسي على دعم نظام مرفوض من شعبه؟ بل لماذا الاصرار على زيادة عذابات الشعب السوري وكأنّ المطلوب اكثر من اي وقت اطالة الازمة السورية الى اقصى حدّ ممكن مع كل ما يعنيه ذلك من مخاطر. في طليعة هذه المخاطر تقسيم سوريا من جهة وزيادة التطرّف من جهة اخرى. بكلام اوضح، كلّما طالت الازمة السورية، وهي ازمة كيان ونظام في الوقت ذاته، زادت احتمالات انفلات الغرائز المذهبية، خصوصا في المناطق التي يقيم فيها السنّة والعلويون جنبا الى جنب. فما يبدو واضحا بعد مجزرتي الحولة والقبير، ان النظام يسعى الى خلق عصبية علوية تؤدي الى تماسك داخل الطائفة خشية انفضاضها عنه.

اين مصلحة روسيا في اطالة الازمة السورية، في وقت لم تعد هناك اي دولة عربية تجهل ان هناك تغييرا في التوازنات في المنطقة بعدما صارت الكلمة الفصل في دمشق للنظام الايراني؟ واذا وضعنا جانبا الحسابات الايرانية في سوريا، كيف يمكن لروسيا دعم نظام يظنّ ان خلاصه مرتبط بزيادة وتيرة التطرف السنّي كي يقابله تطرّف علوي من منطلق ان الطائفة كلّها صارت مهددة وان مصيرها مرتبط بمصير النظام؟ انه سؤال محيّر بالفعل الاّ اذا كان الجواب عنه ان موسكو تراهن على الدور الايراني في المنطقة وعلى انّ هذا الدور كفيل بالمحافظة على المصالح الروسية في مرحلة ما بعد زوال النظام السوري. يا له من رهان غريب، بل اكثر من غريب في منطقة باتت فيها الدول العربية تدرك ان هناك دورا لطهران في تأجيج الغرائز المذهبية واستخدامها في تحقيق اختراقات في كلّ انحاء الشرق الاوسط وصولا الى شمال افريقيا.

انه رهان غريب ومستغرب في الوقت ذاته، نظرا الى انّه يقوم على افتراض ان للنظام الايراني مستقبلا زاهرا وان ايران ستكون قادرة على السيطرة على العراق ونفطه بغض النظر عمّا ستؤول اليه الاوضاع في سوريا. هناك تجاهل روسي لواقع قائم يتمثّل في ان الولايات المتحدة لا تزال القوة العظمى الوحيدة في العالم وانها ترفض، الى اشعار آخر، التفاوض مع ايران في شأن دورها الخليجي او حصتها في العراق ولبنان وسوريا طبعا.

في كلّ مرة طرح الايرانيون مسائل تتعلق بمستقبل الدور الاقليمي لبلدهم طارحين اوراقهم على الطاولة، جاء الرد الاميركي ان لا بدّ من حصر النقاش في الملفّ النووي الايراني ولا شيء آخر غير ذلك. ليس بعيداً اليوم الذي ستكتشف فيه ايران انّ كلّ استثماراتها في هذا البلد او ذاك لا تتعدى كونها اوراقا غير قابلة للصرف.

اذاً، ما الذي تبحث عنه روسيا؟ هل يظن الكرملين ان سوريا ورقة يمكن من خلالها الحصول على مكاسب في الشرق الاوسط؟ من يفكّر بهذه الطريقة انما يسعى الى اضاعة الوقت في احسن الاحوال. لا لشيء سوى لانّ سوريا ليست ورقة في يد احد. لو كانت سوريا ورقة في يد احد، لكانت الثورة توقفت منذ فترة لا بأس بها. ما يتبين مع مرور الوقت، ان عمر الثورة السورية تجاوز الخمسة عشر شهرا. ومع مرور الوقت، يزداد تمسّك الشعب السوري بالتخلص من النظام. ولكن مع مرور الوقت، تزداد ايضا مخاطر تعرض الكيان السوري لهزات كبيرة. يطرح هذا الامر سؤالا في غاية الخطورة هو الآتي: هل من مصلحة روسية في تفكيك الكيان السوري، ام ان هناك تلاقيا على ذلك بين روسيا والدولة الوحيدة في المنطقة التي يمكن، الى جانب ايران طبعا، ان تستفيد من شرذمة الكيانات العربية... وهي دولة اسرائيل؟

الموقف الروسي محيّر بالفعل، خصوصا ان كلّ دول مجلس التعاون ومعظم الدول العربية الفاعلة اخذت موقفا واضحا مؤيّدا للثورة السورية وللشعب السوري. هل بلغت الوقاحة بالقيادة الروسية درجة تشجيع كلّ ما من شأنه المساهمة في اثارة الغرائز المذهبية في الشرق الاوسط بما يخدم القوى غير العربية في المنطقة، اي القوى التي أقامت حلفا غير مقدّس في ما بينها ساعية الى ازالة كلّ ما هو عربي عن خريطة الشرق الاوسط؟

=================

روسيا... والرهان على "الأسد" الخاسر!

تاريخ النشر: الأربعاء 13 يونيو 2012

محمد الحمادي

الاتحاد

دافعت روسيا عن نظام القذافي، وفي النهاية تخلت عنه وخسرت ليبيا، واليوم تكرر نفس الخطأ، فهي مستميتة في الدفاع عن النظام السوري لدرجة أن وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف بدا في المؤتمر الصحفي الذي عقده في موسكو منذ أيام وكأنه وزير خارجية سوريا وليس روسيا!

الجميع يتوقع في نهاية الأمر أن تتخلى روسيا عن نظام الأسد، والإشارات الأخيرة من بوتين ولافروف بأن روسيا ستوافق على تنحي الأسد إذا كان هذا خيار الشعب السوري، تبين بأن موقف روسيا قد تبدل وأنها ستوافق على ما كانت تعترض عليه قبل فترة وجيزة، وخصوصاً وقد أصبح الآن واضحاً لكل من يتابع الأوضاع في سوريا ما هو موقف الشعب السوري من النظام الذي يتهمه بقبض 2000 ليرة (ما يساوي 25 دولاراً)، ليخرج في المظاهرات وينظم الاحتجاجات!

روسيا لها متطلبات ولديها حسابات حتى تغير موقفها، كما أنها لا تنفك تتكلم عن التجربة الليبية التي خسرتها، فروسيا تريد أن تتوقف الولايات المتحدة عن انتقاد ديمقراطيتها وتقصيرها في قضايا حقوق الإنسان. روسيا تريد ضمانات حول خطط الولايات المتحدة الدفاعية الصاروخية في أوروبا وفي آسيا، أي الخطط التي ترى فيها روسيا تهديداً لأمنها القومي. وروسيا تريد حلاً سلمياً للأزمة الناشبة حول برنامج إيران النووي، وتعهداً بعدم مشاركة الولايات المتحدة في أي عمل عسكري إسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية. روسيا تريد أيضاً أن يقبل الغرب بالوضع الراهن في القوقاز بعد انشقاق المقاطعات الجورجية بدعمٍ من روسيا في عام 2008.

وعندما تحصل روسيا على ما تريد سيقبل بوتين بإزاحة الأسد واستبداله بشخصية تحظى بقبول جميع الأطراف، كما جرى في النموذج اليمني. والسؤال المهم هنا: هل اتخاذ روسيا قراراً بوضع حد للعنف الذي تعرض له الشعب السوري والقتل الذي يتعرض له الأبرياء بشكل يومي يتعارض مع مصالحها؟! وكذلك بالنسبة لإيران والصين وجنوب أفريقيا والبرازيل: كيف تقبل هذه الدول أن تشاهد كل تلك الفظائع دون أن تؤثر على صديقها في سوريا؟ كان يمكن أن تساهم في إيقاف هذه الفظائع وبعد ذلك يكون لحديث المصالح وقت ومكان؟!

ستندم هذه الدول عندما يتغير الوضع في سوريا وتكتشف أنها راهنت على الفرس الخاسر وعندما تكون كلمة الشعب هي العليا وعندما يعلن النظام خسرانه، ستندم هذه الدول مرتين مرة لأنها خسرت مصالحها ومرة لأنها لم تنصر الأبرياء ولم تقف مع الشعب وقدمت مصالحها المادية على أخلاقياتها وعلى التزاماتها الدولية والإنسانية.

روسيا والصين وإيران غردت خارج السرب العالمي ووقفت ضد إرادة الشعب السوري، وأصرت على ذلك وتمادت حتى بعد أن رأت عشرات السوريين يقتلون يومياً وبعد أن علمت أن عدد القتلى تجاوز العشرة آلاف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين... هذه الدول تكتشف اليوم أن الأمور تسير في عكس اتجاه رغباتها وما سعت إليه، ليس لأن المجتمع الدولي والجامعة العربية يريدان تنحي "الأسد"، وليس لأن السعودية وقطر تدعمان المسلحين السوريين ولكن لأن الشعب السوري في الداخل لا يتراجع عن مطالبه بل نجده يوماً بعد يوم يصر على التغيير، ويصر على الحرية وعلى إسقاط النظام.

مصالح روسيا في سوريا كثيرة ومتشعبة، فروسيا تستخرج النفط والغاز السوريين، وتعتبر سوريا ثالث أهم سوق لصادرات الأسلحة الروسية فقد بلغت عقود التسليح أربعة مليارات دولار... أما الاستثمارات الروسية في البنية التحتية والطاقة والسياحة السورية فقد بلغت 20 مليار دولار عام 2009. بالإضافة إلى أن روسيا تقوم ببناء مصنع لمعالجة الغاز الطبيعي حالياً في سوريا.

وإلى جانب المصالح الاقتصادية تلك لا يمكن تجاهل المصالح الجيواستراتيجية لروسيا في سوريا، فدمشق هي الحليف المتبقي لموسكو في الشرق الأوسط والذي يخلق التوازن في العالم العربي في وجه الهيمنة الأميركية... بالإضافة إلى أن آخر قاعدة للبحرية الروسية خارج أراضيها توجد في سوريا، وتحديداً في ميناء طرطوس على البحر الأبيض المتوسط.

المعادلة في سوريا واضحة لكنها معقدة جداً، فإذا سقط النظام في دمشق سقطت الخطة الإيرانية وتحرر لبنان من تدخلات طهران وبالتالي تحررت سوريا منها، وسيبدأ العراق بالتخلص من قيود طهران... والعكس صحيح.

أما ما تريد روسيا فرضه بإدخال إيران في معادلة حل الأزمة السورية فهذا يعني أن إيران ستهيمن على أراض عربية جديدة وأن سيناريو العراق سيتكرر مرة أخرى ولكن هذه المرة سيكون لإيران شريك دولي هو روسيا، وهذا ما لا تقبله الدول العربية لأن فيه تهديد مباشر لبقائها... لذا فإن خطورة إدخال طهران في حل الأزمة السورية يعني تقديم تنازلات أو تقديم امتيازات لها وهذه ستكون مغامرة كبيرة ضد دول المنطقة والدول العربية بالتحديد، ولا يجب أن تقبل دول المنطقة هذا الوضع لأنها هي التي ستدفع ثمن ذلك.

=================

رقصة نتنياهو السورية

تاريخ النشر: الأربعاء 13 يونيو 2012

د. إبراهيم البحراوي

الاتحاد

بينما ترقد القضية الفلسطينية في حالة انبطاح وبينما تغرق سوريا الجارة لفلسطين في دماء أبنائها على أيدي النظام الحاكم، يمكننا أن نلمح حالة سرور وارتياح في السياسة الإسرائيلية تتخللها تحركات تشبه الرقصات غير المكلفة من جانب نتنياهو وحكومته.

كانت تعليمات نتنياهو لوزرائه منذ اندلاع الثورة السورية، التزام الصمت حتى لا يتسببوا في خسائر سياسية مثل تلك التي نتجت عن توقعات وزير الدفاع باراك بأن الأسد سيسقط خلال أسابيع وأن في سقوطه فائدة لإسرائيل، حيث إن هذا سيضعف "حماس" و"حزب الله".

أخيراً وبعد تصاعد الإدانات الدولية للمجازر المتكررة ضد المدنيين العزل في المدن السورية، وقف نتنياهو في الاجتماع الأسبوعي الأخير ليعلن أن على العالم أن يفهم طبيعة المنطقة التي تعيش فيها إسرائيل، حيث يتم قتل الأطفال والمدنيين على أيدي حكام سوريا وحلفائهم. لقد قرر الرجل أن يرقص فوق دماء الأبرياء في سوريا ليغسل جرائم إسرائيل التي تتالت منذ مذابح مدبرة وبأيدي القوات النظامية والمنظمات الصهيونية بدءاً من عام 1947 على أيدي الوكالة اليهودية ورئيسها دافيد بن جوريون وقوات الهاجانا التابعة له بالمشاركة مع قوات الأرجون بقيادة بيجين.

منذ ذلك الوقت المبكر أدمنت إسرائيل على ارتكاب المذابح للتخلص من الشعب الفلسطيني وراحت تواجه موجات الإدانة الدولية بالاستخفاف وتنظر باستهانة إلى جهود المؤرخين الإسرائيليين الجدد التي كشفت المخططات الرسمية الكامنة وراء المذابح. إن رقص نتنياهو على أشلاء الشهداء في سوريا لا يهدف إلى الانتصار لحق الشعب السوري في الحياة الحرة، بل إلى استثمار المأساة لتبييض وجه التاريخ الدموي الإسرائيلي في محاولة لإسدال ستار النسيان على ما فات ولتبرير المذابح الصهيونية، بالقول إن البيئة التي تعيش فيها إسرائيل بيئة همجية يقتل فيها الحكام مواطنيهم بأبشع الطرق. وإذا كان بأسهم شديداً على أبناء وطنهم، وبالشكل الذي يراه العالم في المدن السورية، فما بالكم بما يضمرونه لإسرائيل التي يعتبرونها عدوة لهم!

لقد تزايد عدد الساسة الإسرائيليين الراقصين على أشلاء الشعب السوري، فانبرى بيريز مدعياً المشاعر الحساسة والمرهفة ليدين القوى الدولية التي تكتفي بمراقبة صور الضحايا السوريين من أطفال ومسنين، داعياً العالم للتدخل العسكري على الطريقة الليبية، وهو ما فعله نائب نتنياهو الجنرال موفاز الذي وجه اللوم لروسيا لتسليحها النظام السوري!

إن السياسة الإسرائيلية لا يعنيها سوى مصالحها، وقد ظلت تنتظر أن يتمكن النظام السوري من قمع الثورة والقضاء عليها لتمد له يدها، فهو من وجهة نظر بعض المحللين الإسرائيليين ضامن لأمن إسرائيل بمنع أي عمليات عسكرية على جبهة الجولان منذ عام 1973، ووجوده أفضل من أن تتحول سوريا إلى ساحة تجتذب الإسلاميين الجهاديين. أما بعد مرور أكثر من سنة على الثورة وفشل النظام في قمعها، فقد بدأ محللون آخرون يعتقدون أن استمرار الفوضى والحرب الأهلية هو الذي سيجذب الجهاديين إلى سوريا. من هنا تبلور اتجاه جديد يدعو إلى إسقاط الأسد لوقف الفوضى، ضماناً للأمن الإسرائيلي على المدى البعيد.

=================

 بشار الشخص الخطأ في الموقع الخطأ

سركيس نعوم

2012-06-13

النهار

 علّقتُ على قول القريب جداً من روس نيويورك نفسه ان الأسد مستعد للإصلاح وان الحل داخلي لا خارجي وان روسيا ترفض قيام دول باسقاط انظمة دول اخرى، قلتُ: لا بد من تدخل الخارج لتسهيل توصّل اطراف الصراع في سوريا الى تفاهم، ولمساعدتهم على تطبيقه. ردّ: "هناك استعداد للعمل عند بشار. هناك مجموعة كوفي أنان. ويمكن احياء المبادرة الاخيرة لجامعة الدول العربية التي تتضمن اصلاحاً... وتداول سلطة". علّقتُ: خطة الجامعة او مبادرتها ماتت. الوضع في سوريا صعب، وبشار ليس مستعداً للتنازل. سيقاتل حتى النهاية لأنه يخاف ان يتعرض وعائلته وطائفته لمذابح. وهو قوي بجيشه على الأقل حتى الآن. أما ابناء طائفته فيلتفّون حوله لأنهم يعتبرون ان مصيرهم في "الدق".

سأل: "هل تعتقد ان الأسد حاكم"؟ أجبتُ: لا اعرف بدقة. لكنني أظن إنه أوَّل بين متساوين. وهذا يعني انه جزء من الحكم. ردّ: "إنه ليس حاكماً. هناك "حلقة ضيّقة" وهي التي تحكم. إنه الشخص الخطأ في المكان الخطأ في الوقت الخطأ. عند بشار من جهة ثانية قيم العائلة والمحافظة على الطائفة. يريد ان ينتهي من هذه "القصة" و"يفل". وهم اعضاء الحلقة المذكورة لا يدعونه يفعل ذلك". علّقتُ: ان الخوف من الاسلاميين وتطرفهم الذي تحدثت عنه سابقاً وأبديت تخوفك منه سيزداد إذا استمرت الحرب، وهي ستستمر. لقد أخذت هذه الحرب منحى اهلياً وذلك قد يجعلها تدوم سنوات. ردّ: "على كل نحن لن نترك سوريا".

علّقتُ: راقب الدول التي شهدت ثورات منذ بداية "الربيع العربي" والتي توصل بعضها الى تسويات، راقب ماذا حصل فيها بعد ذلك. قامت انظمة أو بدايات انظمة، لكن الاستقرار لم يتأمن. اليمن رغم التسوية غير مستقر وقد يقع في حروب داخلية متنوعة مستقبلاً. العراق فيه تسوية منفتحة باستمرار على التفجّر والحرب الداخلية. لبنان يعيش وضعاً مشابهاً رغم ان تسويته "اعتق" وبكثير. علماً ان سبب وضعه هذا عدم بذل سوريا، المكلفة في حينه مساعدته للخروج من حروبه، جهوداً لبناء دولة فيه ولتنفيذ اتفاق الطائف. انك محام بارع في الدفاع غير المباشر عن سوريا الاسد من خلال شرح الوضع غير الديموقراطي في كل المنطقة والمحمي من انظمة عربية ودول كبرى مطالبة كلها بالديموقراطية. لنكن صريحين، أنتم لا تهتمون للأسد. هناك ملف مُثقَل بينكم وبين اميركا. ناقشوا موضوعاته وحلّوها بدلاً من الاقتتال عبر سوريا وغيرها من الدول في المنطقة، او عبر لبنان الذي قد ينجر الى الحرب سريعاً. ردّ: "إنجرار لبنان الى الحرب شبه أكيد إذا لم نجد الحلول للصراع الدامي في سوريا". علّقتُ: رأيي دخلت المنطقة كلها وخصوصاً العربية منها مرحلة الإسلامية او الاسلاموية. عليكم وعلى العالم اعتياد ذلك لأن منعه او تغييره مستحيل. وعليكم ايضاً العمل لفرز المعتدلين اسلامياً من المتطرفين والتعامل معهم، وذلك ممكن، مع الاشارة الى ان حل قضية فلسطين قد يكون عاملاً مساعداً في ذلك. ردّ: "أنا لا أوافق على تحليلك كله. اقول ان سوريا ولبنان والاردن الى حد ما دول فيها تنوّع سياسي وديني ومذهبي وإثني. لذلك فإن صيغاً أخرى يمكن التوصل اليها من شأنها تأمين العيش بكرامة للجميع والحقوق المتساوية. على كل وزيرنا (الخارجية) آتٍ غداً الى نيويورك (أتى)، وستجرى مشاورات في مجلس الامن على مستوى الوزراء للبحث في الموضوع السوري. سوف ترى ما يحصل. أما رأيك في أوضاع دول "الربيع" بعد التسويات التي حصلت فيها فإنني اتفق مع جزء منه. اليمن مثلاً تسويته موقتة. الاردن ولبنان وسوريا وضعها كما قلت لك. مصر عدم استقرار. ربما لا تشهد خضات كبيرة. لكن لا أحد يستطيع الجزم بذلك. ليبيا هي قبائل و"حضر" وإسلاميون متشددون. هل تعود ولايات ثلاث متحدة كما كانت او تنفصل بعضها عن بعض؟ ان ما جرى في ليبيا غير معقول، كان الليبيون عائشين وكل شيء مؤمّن لهم. الآن قُتِل منهم 75 الفاً بين ثوار وجيش وربما يُقتل أكثر. هل يحبون ذلك؟ ماذا سيفعل فقراؤها واغنياؤها في الوقت نفسه؟ كما كان فيها أناس من جنسيات عدة يعيشون ويعملون".

علّقتُ: أوافق معك على ان لأميركا معايير مزدوجة وللغرب عموماً. لكن لا اوافق على ان الديكتاتوريات جيدة فقط لأنها تؤمن "معيشة" الناس. إذ هي مرادف للفساد والمحسوبية والقتل. ردّ: "لك الحق في الاختلاف. لكن ألا يمكن ان يحصل ذلك في دول حرة وديموقراطية. ألم يحصل مثله في اميركا واوروبا وغيرهما؟" رددت: على الأقل في الدول التي ذكرت محاسبة هي غير موجودة في الديكتاتوريات. ردّ: "إنه يحصل. الانسان انسان. إذا استطاع المخالفة او القيام بعمل غير قانوني سيفعل".

=================

الأزمة السورية.. بين عنان ولافروف

حازم مبيضين

الرأي الاردنية

13-6-2012

في وقت يزداد فيه نزيف الدم السوري, وتنتشر روائح اللحم البشري المحترق, وتغلق أسواق دمشق أبوابها، وتتمخض اجتماعات معارضي النظام عن انتخاب رئيس جديد, وكأن هذا همهم الأول, يدور نقاش « عن بعد « بين أطراف المجتمع الدولي المعنية بالأزمة السورية, وكأن ما يجري في بلاد الشام على خطورته, لا يستحق اجتماعاً مستمراً لا ينفض بغير التوصل إلى اتفاق, يخرج بسورية من النفق المظلم الذي تراوح فيه منذ أكثر من عام, تجاوز عدد الضحايا فيه حاجز العشرة آلاف قتيل, بينهم جنود نذرهم أهلهم للدفاع عن الوطن, وأطفال لم يعرفوا أبداً من أين يتفجر كل هذا الحقد ضدهم, وأبرياء قضوا نحبهم ولن يتمكن أحد من تسجيل موتهم على حساب النظام أو حساب المعارضة.

المبعوث الأممي كوفي عنان, وبعد زيارته لدمشق يقول إن النقاش يدور حالياً للبحث عن خيارات أخرى تسمح بتنفيذ خطته لحل الأزمة السورية، وفي الوقت عينه يدعو إلى زيادة الضغط على النظام السوري ومعارضيه لتطبيقها، وكأنه بذلك ينعى مهمته ويفكر بالتخلي عنها لصالح تشكيل مجموعة اتصال دولية تضم دولا لها نفوذ على كل من الحكومة والمعارضة, وإذ نعترف بأن مهمة عنان كانت بلا أنياب, في ساحة ينهش فيها الجميع لحم الجميع, فاننا مع أن يعلن الرجل دون مواربة الانسحاب, على أن يترافق ذلك مع مهمة أخلاقية هي أن يعلن لنا وللشعب السوري عن الطرف الذي عرقل مهمته, وأوصلها إلى حائط مسدود.

على الضفة الأخرى يعلن وزير الخارجية الروسي, أن بلاده لن تعارض رحيل الرئيس بشار الأسد, شرط أن تكون هذه الخطوة نتيجة حوار بين السوريين, وهذا تطور في الموقف الروسي يترافق مع إصرار على معارضة وضع خطة لاستبدال النظام، بالطريقة التي اتبعت مع القذافي في ليبيا, والتمسك بخطة عنان كحل وحيد للأزمة, مع اتهام جهات لم يسمها بتجنيد مرتزقة متطرفين وتسليحهم, وتبرئة النظام السوري من كونه الوحيد الذي يمارس العنف الذي أفضى إلى موجة نزوح لم تعرفها البلاد من قبل, وفي آخر الأمر يدعو لعقد مؤتمر دولي لبحث تسوية الأزمة، يشارك فيه من وصفهم بلاعبين إقليميين من خارج مجلس الأمن كتركيا وايران وقطر والسعودية وبما يعتبره فرصة للمعارضة كي تدخل المفاوضات كما سيرغم المحاربين على التفاوض.

المعارضة السورية وعلى لسان رئيسها الجديد عبد الباسط سيدا رفضت تصريحات لافروف ودعته إلى الانصات الى تصريحات عنان وفحواها فشل خطته, وأكدت تلك المعارضة من منفاها رفضها الدخول في أي حوار لنقل السلطة قبل تنحي الأسد, ودمشق واصلت عملياً تمسكها بالحل الأمني وخطة عنان, مع استبعاد أي دور للجامعة العربية, ورفض سماع أي صوت من معارضة الخارج كما تصفها, وهكذا نجد أنفسنا في بازار تضيع فيه الأصوات, ويتنافس البائعون على دم السوريين, وتدخل بلاد الشام في حرب أهلية, لم نعد نخشى وقوعها, بعد أن باتت واقعاً.

سلام على أهل سورية الطيبين, وعلى ظلال الأموي, وهدير بحر اللاذقية, والجولان الرازح تحت الاحتلال, وجامع سيدي خالد, وذكرى الشهداء الطيبين, سلطان الأطرش وصالح العلي والخراط وهنانو ويوسف العظمة وجول جمال.. سلام على كل نقطة دم سورية أريقت, أو ما زالت تنبض في العروق.

=================

كفى يا سورية فقد أدميتِ قلوبنا

2012-06-12

أيمن نصر

القدس العربي 

عندما يسيطر على الإنسان حب المنصب ويتمسك به للرمق الأخير فإن زهوة وعظمة هذا المصب تجعل على عينيه غشاوة فلا يرى الحقيقة من حوله ولا يرى سوى نفسه ولا يستمع لغير شيطانه وهذا ما أصاب النظام السوري من جنون الحفاظ على نظام الحكم مهما كلفه الامر حتى لو كان على حساب أزهاق أرواح بريئة لم تقترف ذنب سوى انها ولدت في عهد طاغية لا يرحم صغيرا ولا كبيرا.

فسورية اليوم تحترق بيد أبنائها فما بين نظام مستعد لحرقها عن أخرها من أجل بقاء ملكه وسلطانه وما بين ثورة خرجت على الظلم والطغيان وتغير نظام جاشم على صدورهم أفسد الحياة وأهلك الحرث والنسل وأرتكب كل الجرائم ولكن أنحرفت الثورة عن مسارها السلمي وبدأت ترد على سفك دمائها بسفك دماء أخوة لهم ارتضوا بالامر الواقع و تلاقت مصالحم مع بقاء النظام فتلطخت الأيدي بالدماء والكل ينهش في جسد الوطن بلا هوادة دون أن يعلى مصلحة الوطن أولا.

وفي ظل مؤمرات تنسج لسورية وصراعات نفوذ للسيطرة على المنطقة تدفع ثمنها سورية من دم أبنائها ودولا لا تريد لها الاستقرار وترمي بكل ثقلها لكي تزيد النار أشتعالا وتخرج الأمور في سورية عن السيطرة وتغرق البلاد في الفوضى وفي خضم كل هذا تطل الفتنة فيها من بعيد لتبشرنا بقدوم حرب أهلية لا تبقي ولا تذر فقد بدأت تطل برأسها ونارها لن تحرق سورية وحدها بل سوف تشعل الحرب الأهلية في الدول المجاورة وما حدث في لبنان أخيرا خير دليل ذلك وكذلك خطف المجموعة الشيعية اللبنانية من قبل المعارضة السورية سوف يكون الشرارة التي تشعل هذه الحرب.

ولقد تسببت مجزرة الحولة في تصوير النظام السوري في أبشع صورة لما سقط من أطفال صغار لم يقترفوا أثم سوى أنهم ولدوا في عهد بشار الذي لم يرحم براءتهم ونعومة اظافرهم بل قتلهم بدم بارد دون أن يرحم ضعفهم إن هذه المجزرة هزت وجدان وضمير العالم وأظهرت هذه المجزرة للعالم الوجه الحقيقي للنظام السوري وكم هو قبيح لا يتوارى عن فعل أي شيء من أجل بقائه في الحكم.

وفي ظل ضعف الجامعة العربية عن وقف نزيف الدم السوري وفي ظل وقوف كل من روسيا والصين في منع أي قرار من مجلس الأمن يدين النظام السوري سوف يبقى الرهان على الشعب السوري في إسقاط هذا النظام وانتصار الثورة مهما حول النظام أن يغطي بجرائمه البشعة شمسها التي أشرقت علي أراضيها.

=================

تركيا وأميركا والمناطق العازلة في سورية

جنكيز شاندار *

الأربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٢

الحياة

يذكر المراقبون إغفال الرئيس الاميركي، باراك أوباما، أن الميكروفون مفتوح حين همس لنظيره الروسي، ديميتري ميدفيديف، في آذار (مارس) الماضي قائلاً إنه سيخوض انتخاباته في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل وأن مواقفه ستكون أكثر ليونة بعدها. فهو طلب تفهم الروس وصبرهم، وأشار في الوقت ذاته الى مرحلة الجمود السياسي في أميركا. وأبرز تجليات هذا الجمود ظهر في الموقف الاميركي إزاء الملف السوري. والأنظمة الديكتاتورية في الشرق الأوسط، ونظام الأسد أولها، أدركت أن يد أوباما مقيدتان في هذه المرحلة، ففعلت ما يحلو لها. لذا، استند نظام الأسد الى دعم إيران وروسيا ليقوم بمجازر مروعة.

لكن ثمة منعطفاً أميركياً ظهر إثر مجزرة الحولة. والى جانب الاصوات التي تبحث عن مخرج من المستنقع السوري والتي تتحدث عن مؤتمرات دولية وغيرها، يتعاظم الضغط على تركيا لحملها على إنشاء مناطق عازلة لحماية المدنيين والمنشقين. فسوزان رايس (وهي مرشحة لشغل منصب وزيرة الخارجية الاميركية إذا فاز أوباما بولاية ثانية) أشارت الى ثلاثة سيناريوات تنتظر الازمة السورية، الاول هو أن تنجح خطة كوفي أنان، وهذا احتمال بعيد. وفي الثاني تمارس موسكو ضغطاً على الأسد لوقف العنف، ولا دليل على أن مثل هذا الحل ممكن. أما السيناريو الثالث فيدور على تفاقم العنف وتفشي القتل، وأن تنتقل عدوى الازمة الى خارج سورية فتشتعل المنطقة كلها، وحينها لن يكون في مقدور واشنطن أن تقف متفرجة، وستضطر الى التدخل.

ويدور الكلام على سيناريو رابع في الكواليس الاميركية، ومفاده دعم تركيا دولياً من أجل إنشاء مناطق عازلة على الحدود مع الاردن وتركيا. فأنقرة اعلنت دعمها المبكر لهذه الفكرة، ويسع الجيش التركي أن يحمي هذه المناطق من غير عسر، ولا يستطيع الجيش السوري المتهالك أن يفكر في الاشتباك معه. لكن هذا السيناريو يفترض تخلي أوباما عن استراتيجيته الانتخابية القائمة على أن سياساته الدولية بدأت ترسي الهدوء في العالم وأنه لا يريد الحرب، وأن يستميل عدداً من الجهات الدولية لتوفير دعم دولي لهذا السيناريو. فإذا واصل أوباما إدارة ظهره لما يحدث في سورية، قد يجد نفسه أمام كارثة عشية الانتخابات: امتداد النيران من سورية الى الدول المجاورة، فتلتهم حظوظ أوباما في الفوز في الانتخابات. وعليه، من المتوقع أن تدق واشنطن قريباً باب أنقرة لتنفيذ هذا السيناريو الذي سبق ان أجمع عليه كثر، وتطالب به المعارضة السورية منذ البداية. وعلى رغم تأييد تركيا فكرة انشاء المناطق العازلة، الا أنها تتوجس مثل هذه الخطوة لسبب يغفله كثر. فأنقرة تحسِب أن الاسد قد يسعى الى تقسيم سورية طائفياً للحفاظ على موطئ قدم له في مشروع الحل النهائي. وتخشى أن يؤدي إنشاء مناطق عازلة في سورية الى تكريس الفصل الطائفي فتقع أنقرة في شراك مشروع الأسد. وهي تنتظر إجماعاً ودعماً دوليَّيْن لهذه الخطوة. وتركيا قادرة على حماية المناطق العازلة عسكرياً. وما يتسرب من تقارير المراقبين الدوليين يشهد على تهالك الجيش السوري وضعفه. فوفق هذه التقارير بات الجيش عاجزاً عن دخول مناطق وأحياء وأحياناً مدن بكاملها ويكتفي بمعاقبة أهالي تلك المدن عبر قصفها عن بعد. وحركة تنقلاته متعثرة وبطيئة بسبب المتفجرات التي يزرعها الثوار على الطرقات. ويرى كثر من زعماء المعارضة السورية أن إنشاء المناطق العازلة يساهم في انهيار نظام الاسد سريعاً ويقلل الخسائر البشرية بعد كل هذه المذابح. وحري برئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أن يستعد لطلب أميركا انشاء مناطق عازلة، وأن يدرك أن أوان المبادرة والتخلي عن الخطب الرنانة والعبارات الانشائية، آن.

 * معلّق، عن «راديكال» التركية، 10/6/2012، اعداد يوسف الشريف

=================

الأيام السورية الصعبة

يوسف مولائي *

الأربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٢

الحياة

لا شك في ان الشعب السوري يمر بمرحلة حساسة في تاريخه الحديث، وأن مواقفه وازنة في رسم مستقبله السياسي. تجذب اهمية سورية الجيوسياسية مصالح دول المنطقة وأخرى في الخارج، تغريها مكانتها للدخول علی خط الأزمة من طريق عقد المؤتمرات المتلاحقة من أجل حل الأزمة السورية. والضغوط الخارجية المتعاظمة جعلت الرؤية ملتبسة، فجهات اقليمية وخارجية وقومية تسعى الى التدخل في هذه اللعبة الكبرى، منها جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ودول مجلس التعاون الخليجي، والاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، والأمم المتحدة، ومنظمة شنغهاي، والولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وتركيا.

يبدو أن جميع اللاعبين، الهواة والمحترفين في المنطقة والعالم، معنيون بالحوادث السورية، فتصريحات ممثل الأمم المتحدة سلطت الأضواء على سورية. وعلی رغم تأكيد كل الأطراف ضرورة حل الأزمة الســورية، تسير الحوادث في اتجاه معاكس، فالأزمة أثبتت عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ تدابير لحلها سلمياً وتحقيق المطالب المشروعة للشعب السوري.

وأعضاء مجلس الأمن هم ضحية الخلافات بينهم. لذا يُتوقع ان تطول الأزمة السورية. والجامعة العربية شاغلها الربيع العربي ومشكلاتها الخاصة، ولم تستطع اقتراح مبادرة فاعلة ومؤثرة. وتباطأت الحكومة السورية في اتخاذ خطوات إيجابية، وبددت فرصاً ذهبية لتحقيق المطالب الشعبية، فالوضع الأمني والعسكري لم يعد يسمح بإجراء إصلاحات.

والحق ان استمرار الأمور على حالها يهدد امن المنطقة كلها، ويؤثر تالياً في الأمن والسلام العالميين، وسيدفع الشعب السوري قبل غيره من شعوب المنطقة ضريبةَ ما يحدث. والمبادرة اليتيمة اليوم هي مبادرة الممثل الأممي، كوفي أنان التي تعِد بحل الأزمة. وحري بجميع الأطراف المعنيين دعم هذه المبادرة من اجل ارساء حل سريع في الامد القريب. والقوی السياسية المعنية بهذا النزاع، المحلية المعارضة للتدخل الاجنبي والإقليمية والدولية، مدعوّة الى إنجاح مشروع كوفي أنان. وعلی الحكومة السورية ارساء الاجواء المناسبة للحوار الوطني، ولا شك في أن انحياز الأطراف الاقليمية والدولية الى احد طرفي النزاع يعقّد الازمة ويحول دون حلها، فيرتفع عدد الضحايا في صفوف الشعب الأعزل.

وعلی إيران، باعتبارها لاعباً اقليمياً مهماً، المساعدة في ارساء مثل هذه الاجواء البناءة، والترحيب بسعي روسيا الى التعاون مع كوفي أنان لتشكيل مجموعة اتصال لحل الازمة. ويبعث على الأسف اعتراض بعض الدول الغربية على الاقتراح الروسي. والتاريخ لن يرحم احداً حين سيقوّم مواقف كلٍّ من الأطراف المؤثرة التي كانت تستطيع وقف الكارثة لكنها تتخذ موقف المتفرج على المأساة الرهيبة.

* محلل ومــعـــلّق ، عــــن «شـــــرق» الايـــرانــــية، 10/6/2012، اعـــداد محمد صالح صدقيان

=================

أي تأثير لروسيا على سورية؟

فايز سارة *

الأربعاء ١٣ يونيو ٢٠١٢

الحياة

لا يحتاج إلى برهان القولُ إن موقف روسيا إلى جانب النظام في دمشق شكَّل مركزَ ثقل رئيسٍ في منع ذهاب المجتمع الدولي نحو الأبعد في مواجهة النظام، لإجباره على تغيير سياساته الأمنية والعسكرية التي اعتمدها في علاج الأزمة التي تعيشها سورية، والانتقال إلى معالجة سياسية انسجاماً مع طبيعة الأزمة، واحتياجات تجاوزها.

ورغم اهمية استخدام الفيتو الروسي وتابعه الصيني في مجلس الامن، لمنع أي إدانة للسياسات والممارسات السورية المتصلة بالأزمة، فإن الموقف الروسي المساند للسلطات السورية بدا أبعدَ مما سبق بكثير، بما يوفره من دعم يتضمن مساندة سياسية وإعلامية، كان من تجسيداتها العملية تبني الخطاب السياسي والإعلامي للسلطات السورية، وذهب إلى الأبعد في إظهار قدر أكبر من التشدد والتطرف في ذلك، على نحو ما ظهرت الاتهامات الروسية المبكرة للمعارضة السورية كلها بحمل السلاح واستخدامه في هجمات ضد مؤسسات الدولة، وأنها تسعى إلى تدمير الدولة وتفتيت المجتمع، كما وفرت موسكو إمدادات عتاد وأسلحة وذخائر وخبرات وغيرها من متطلبات يحتاجها النظام في المرحلة الراهنة لمواجهة ثورة السوريين.

وكان من الطبيعي ان يُظهر النظام امتنانه وتقديره للموقف الروسي، لكنه من الناحية العملية، قصَّر في التجاوب مع الطروحات السياسية التي وافقت عليها روسيا، كما هو الحال في موضوع خطة عنان ذات الإجماع الدولي والإقليمي والسوري، مما دفع وزير الخارجية الروسي إلى الطلب من نظيرة السوري تنفيذ الخطة ببنودها الست، التي عددها بالتفصيل الممل، من دون ان ينتج عن ذلك موقف سوري عملي في التعامل مع الخطة، والتي يبدو أنها مازالت حية، لأنه وليس أكثر لا بديل عنها، كما يقول كثير من المعنيين بالأزمة.

وإذا كان من خلاصة لمجمل مسار ستة عشر شهراً من علاقات موسكو–دمشق، فيمكن القول إن الأُولى قدمت الحد الاقصى من الدعم والمساندة، فيما قدمت الاخيرة الشكر والامتنان، لكنها من الناحية العملية، وبسبب من ضيق هامش تجاوبها مع متطلبات حل الأزمة وإصرارها على عدم تقديم أي تنازل لمعارضيها، عجزت عن التفاعل مع أي مطالب او توجهات روسية تسعى إلى معالجة الأزمة في سورية خارج اطار الحل الامني العسكري، بما في ذلك تنفيذ خطة كوفي عنان، التي سبق ان وافقت عليها السلطات السورية من دون اي تحفظات.

لقد استطاعت الدبلوماسية الروسية في الفترة السابقة، ان تتحمل وتتغلب على الإحراجات التي سببتها المواقف والسياسات السورية، بل إن موسكو اظهرت مستوى من اللامبالاة حيال بعض ما تركته المواقف السورية من ردات فعل في الأوساط الدولية. غير ان هذا الوضع بدأ يتبدل، ليس بسبب مجزرة الحولة فحسب، بل نتيجةَ الانسداد الذي صار اليه مسار خطة عنان وتوجه المجتمع الدولي إلى معالجة الازمة، والتي باتت تهدد بتداعيات إقليمية خطيرة، ظهرت أول بوادرها العملية في لبنان، وهذا كله يدفع روسيا إلى تطوير مواقفها وسياساتها في الموضوع السوري، ولو من الناحية الشكلية، وقد بدأت المعالم الأولى لذلك في اللقاءات الاخيرة التي عقدها الرئيس بوتين ومسؤولين آخرين مع نظراء لهم في العديد من الدول المعنية بالموضوع السوري، كما حدث مع الاتحاد الاوروبي والصين وكوفي أنان، وكما ينتظر ان يكون في القمة الروسية–الأميركية المرتقبة.

واذا كانت موسكو يمكن ان تذهب، وسوف تذهب باتجاه تغييرات ما في موقفها من الأزمة، فإن تجاوب السلطات السورية مع التغييرات الروسية سيكون ضعيفاً ومراوغاً، وهو امر كانت قد فعلته دمشق في بداية الأزمة مع دولتين كانتا من اكثر الدول التي تربطها علاقات وثيقة مع السلطات السورية، وهما قطر وتركيا، وقد تحولتا بعد ذلك إلى اكبر عدوين للنظام، وهذا الوضع سيجعل موسكو أمام واحد من خيارين:

اولهما، الاستمرار في موقفها الراهن بتأييد السياسات السورية وتحمل ما يتمخض عن ذلك من نتائج، وهو احتمال بعيد لأسباب اساسية، من ابرزها ان السلطات السورية ليس لديها، وكما أثبتت حتى الآن، أي خيار سياسي لمعالجة الازمة الا الخيار الامني العسكري، الذي ثبتت عدم قدرته وفعاليته، اضافة إلى ان المجتمع الدولي والمحيط الاقليمي لن يستطيعا الاستمرار في مواقفهما الحالية مما يحدث في سورية، وسوف يواصلان الضغط على روسيا خصوصاً لتغيير موقفها.

وثاني الخيارات، قيام موسكو بتبديل موقفها حيال الوضع السوري، كلياً او جزئياً، في حال رفض او عجز السلطات السورية عن التجاوب مع متطلبات روسية هي انعكاس لمتطلبات دولية، وهذا الخيار سوف يتراوح بين حدين، احتفاظ موسكو بمستوى معين من علاقاتها ومساعدتها، التي يمكن الدفاع عنها امام المجتمع الدولي، او ذهاب موسكو إلى حد سحب يدها من الموضوع السوري، وتركه يذهب إلى مساره المحتمل، سواء عبر مجلس الأمن الدولي او خارجه.

ان تاريخ الدبلوماسية الروسية القريب في المنطقة، يؤكد عدم ذهاب موسكو إلى البعيد في دعم اصدقائها، فقد تركت صديقها في العراق صدام حسين يواجه قدره من دون ان تفعل شيئاً، وجرى احتلال العراق عام 2003 ونهب موارده بعيداً عن المشاركة الروسية، ثم وافقت موسكو على قيام حلف الناتو بإطاحة صديقها الليبي معمر القذافي عام 2011، وتكرر المسار ذاته في الاستيلاء على موارد ليبيا من دون حضور روسي، لقد كان ذلك بعد تشدد روسي في دعم الاثنين لكنه سقط امام ضغوطات المعسكر المقابل من جهة، وعدم قدرة صديقَي روسيا صدام والقذافي على فهم اللحظة السياسية والتعامل معها بما يجب ان يكون.

* كاتب سوري

=================

منجزات الحل الأمني مرة أخرى!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

13-6-2012

سبق لي أن تناولت هذا الموضوع في مقالة سابقة. لكنه يبدو من المحال كتابة مقالة واحدة تستطيع تغطية الحل الأمني المطبق ضد الشعب السوري من كل وجوهه. وفي ظني أن تفاقم الأوضاع الكارثية الناجمة عن هذا الحل سيجعل من الضروري العودة إليه بصورة متكررة، لتغطية ما كان خافيا أو غير واضح منه بعد، خاصة أنه دخل مع مجزرة الحولة في طور نوعي جديد أدى إلى إضافة مخاطر جديدة بالنسبة إلى المجتمع السوري، كان أي واحد من مواطنينا سينتفض كالملسوع لو أن أحدا سأله قبل نيف وعام إن كانت سوريا ستشهد ما يماثلها ولو من بعيد جدا، وسيستنكر السؤال جملة وتفصيلا، وسيتحدث بثقة عن أنه لا يوجد بين السوريين من يمكن أن يبلغ هذا الحد من الوحشية، وأن معظم مواطني الشام معروفون بهدوء الطباع وسلاسة التعامل وعلو الثقافة والتمدن، والانفتاح على الغريب، فضلا عن كرم الضيافة وطلاوة الحديث والاعتدال.

إلى هذا، كثيرا ما كنا نسمع في الماضي أحاديث تفرق بين نظامي العراق وسوريا، وتصف الأول بالشراسة والهمجية والعنف وتنسب للثاني الحنكة والدهاء السياسي والقدرة على التعامل بهدوء وروية مع الأزمات. باختصار، كانت صفات الشعب السوري تنسب لقيادة «البعث». وعندما كنا نعترض على ما نسمع، كان محاورونا غالبا ما ينصرفون عن كلامنا وحججنا مشفقين علينا، رغم أننا كنا نتحدث مثلا عن حماه وما وقع فيها من عنف لم يشهد العراق مثيلا له، ونؤكد أننا لا ندافع عن صدام بل نريد أن نؤكد ببساطة أن الحكم في البلدين من منابت آيديولوجية ومجتمعية متشابهة، ومن طينة واحدة تأخذ بسياسات وخيارات متماثلة، فلا مجال للمفاضلة بينهما. نحمد الله أن الثورة السورية تبين الآن للعالم في أي حال نعيش، وتثبت أننا كنا نصف جزءا من واقعنا، وأن ما خفي من علاقات حكامنا معنا أعظم من أي وصف، مهما كان مبالغا فيه. اليوم، لا أظن أن أحدا يجد في نفسه الجرأة على الدفاع عن النظام السوري، مهما كانت معاييره السياسية والأخلاقية متسامحة أو فاسدة.

في الأشهر الأخيرة، التي شهدت هجوم النظام الحاسم ضد الشعب، دخل الحل الأمني في طور إفلاس شامل وصريح، حتى إنه ربما يكون من الصعب اليوم تبنيه والدفاع عنه، بالنسبة إلى كثير من رجال السلطة، إن هم خلوا إلى ما تبقى لديهم من ضمير وعقل، وألقوا نظرة صاحية على أحوالهم، وشعروا بشيء من الخوف على أنفسهم وأطفالهم، ووقفوا أمام ما وصل العنف إليه من فتك بجميع السوريين، خاصة الأطفال منهم، الذين لا ذنب لهم في أي شيء تشهده بلادهم، هذا إن كان هناك ذنب ما لأحد ما من أهلهم أو أقاربهم!

لا أعرف إن كان فشل الحل الأمني كسياسة وحيدة اعتمدها النظام ضد الحراك الشعبي في سبيل الحرية والعدالة والكرامة، ليس واضحا الآن إلى الحد الذي يجعله جليا وصريحا وليس بحاجة إلى معرفة بأصول الحرب والسياسة. لو أنك سألت رجل أمن قبل يوم 15 مارس (آذار) 2011 عن احتمال وجود منظمات مسلحة في البلاد، لرماك بالغباء والجهل، ولاستنكر السؤال وأخبرك بأن كل من على الأرض السورية من منظمات مخترق، أو من صنع النظام، أو يعمل في خدمته، أو يدار عن قرب أو بعد من قبله. عندما كنا نخرج من السجون كان قادة الأمن الذين يستقبلوننا كي يقوضوا معنوياتنا يقولون لنا: «لا تتعبوا أنفسكم، فنحن اليوم في السلطة وسنبقى فيها إلى الأبد، ولا يوجد في هذه البلاد من يستطيع هز الأمن بأي صورة من الصور. اذهبوا إلى بيوتكم واقفلوا أفواهكم وانتظروا ملاك الموت وأنتم صامتون، لأن عقابكم لن يكون في المرة القادمة السجن وحده». وعندما قامت الثورة، كان من غير المعقول نسبتها إلى أخطاء سياسية لقيادة تقول عن نفسها إنها معصومة ومنزهة، وكان لا بد من الكذب والقول إن منظمات مسلحة تقف وراء الأزمة/ المؤامرة. سأفترض أن هذا الكلام صحيح مائة في المائة. كم كان عدد المسلحين عند بدء الحراك وكم هو اليوم؟ لقد كانوا في البداية سريين، لكنهم يتجولون الآن بسلاحهم داخل مدينة دمشق وفي وضح النهار، بعد عام ونصف العام تقريبا من تطبيق الحل الأمني؟ إذا كان عدد هؤلاء قد ازداد، فهذا يعني ببساطة أن الحل الأمني فشل وشبع فشلا. وإذا كان الجيش قد فقد ربع عديده، الذي انتقل معظمه إلى الجانب الآخر وشرع يقاتل ضده، فهذا لا يعد بدوره نجاحا للحل الأمني، بل هو فشل ذريع له. وإذا كان الحل الأمني طبق بذريعة حماية المدنيين من العصابات، وكان هؤلاء في وضع يمكنهم من ذبح وجرح (416 مواطنة ومواطنا!) من سكان الحولة، ومن تهجير سبعين في المائة من سكان حمص، وتشريد وحرق وتدمير منازل ومزارع ومرافق عامة في كل مكان من أرض سوريا، إن نحن صدقنا ما يقوله النظام، ألا يعتبر هذا دليلا لا يدحض على فشل الحل الأمني، الذي لم ينجح في حماية أحد، بمن في ذلك كبار ضباط الجيش والأمن؟ في هذه الحالة، أليس من حقنا تصديق أنه لم يكن مكرسا لحماية أحد، وأن النظام يكذب حين يحاول تسويقه كحل يريد حماية الشعب من المسلحين، وأنه استهدف منذ البداية ما تحقق بالفعل على أرض الواقع: قتل الناس بلا حساب، وسحق المجتمع المطالب بالحرية بالقوة؟

لقد اعتمد الحل الأمني وسيلة وحيدة للتعامل مع المواطنين، وها هو يبدو كسلاح ذي حدين، بدلالة أرقام قتلى السلطة الذين يصلون إلى العشرات كل يوم، إن صدقنا الأرقام الرسمية، التي تخفض أعداد قتلاها بعد أن تعالت مؤخرا أصوات الاحتجاج ضد موتهم المجاني، وشرع بعض ذويهم يرفضون استقبال جثامينهم، بينما تنتشر قبور من قتلوا منهم في كل قرية وبلدة من القرى والبلدات الموالية للسلطة، ويقال إن هناك عائلة فقدت كل أبنائها، وإن أما ثكلى قالت لمن جاء «يزف إليها بشرى استشهادهم»: «قل له أن يوفر حياة الناس وألا يتسبب في موتهم جميعا من أجل كرسيه»!

ليس هناك اليوم سوري واحد يؤمن بنجاح الحل الأمني، وإن كان السوريون جميعهم يخشون نتائجه الكارثية عليهم. ولم يعد هناك شخص واحد لديه اليوم أي أوهام حول احتمال نجاحه. لكن النظام يتمسك به ويواصل تطبيقه وتوسيع نطاقه، وصولا إلى الحرب الأهلية، التي يرفضها الشعب ويقاومها، لعلمه أن الغرض منها الحيلولة بينه وبين نيل حريته والتخلص من النظام.

كان النظام يدعي أن حله الأمني سيعيد الأمن والهدوء والحياة الطبيعية إلى البلاد والعباد. واليوم، وبعد أن خرب هذا الحل سوريا، وقطع أرزاق وأعناق الناس، من دون أن يفلح إلا في زيادة خروجهم عليه ورفضهم له والتصميم على قهره وإسقاطه، ماذا يبقى لبعض أهله غير وقفه قبل أن يبتلعهم هم أنفسهم، والانضمام إلى شعبهم المتسامح والشريف، ولبعضهم الآخر غير «ضب» حقائبهم ومغادرة البلاد، قبل أن يغلق مطارها ويصير فرارهم منها مستحيلا؟

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ