ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 18/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

سوريا ... والرغيف الإيراني!

تاريخ النشر: الأحد 17 يونيو 2012

د.سعيد حارب

الاتحاد

"إن إيران مستعدة للتخلي عن رغيف الخبز للمواطن الإيراني، لكنها ليست مستعدة للتخلي عن النظام السوري"، هذه العبارة قيلت في إحدى الندوات المتخصصة، فهل إيران مستعدة حقاً أو راغبة في ذلك؟ ولماذا؟

إن البحث عن طبيعة العلاقة بين إيران والنظام السوري يجب أن لا يتوقف عند مسألة واحدة كما يحاول البعض إبرازها كالقول ب "مساندة قوى المقاومة"! لأن العلاقة تتجاوز ذلك إلى الدور الذي ترسمه إيران لنفسها لا على المستوى الإقليمي، بل المستوى العالمي وما مساندتها للنظام السوري إلا لتحصيل أكبر قدر من المكاسب السياسية.

إيران تعتبر سوريا امتداداً للحلف الذي تحاول إقامته حول المحيط العربي ابتداءً من العراق وانتهاءً بلبنان. وتعتبر هذا الامتداد الجغرافي مساحة لها للوقوف، أمام الجبهتين الشمالية والجنوبية المحيطة بها، ففي الشمال يتنامى الدور التركي الإقليمي سياسياً واقتصادياً وتقدم تركيا نفسها كإحدى القوى الدولية الصاعدة مستخدمة سياسة "القوة الناعمة"، وتعتبر نفسها الأولى بالقيام بالدور الإقليمي خاصة أن هذا الدور يحظى بقبول الجيران وخاصة المحيط العربي والأوروبي.

أما على "الجبهة الجنوبية"، فإن إيران ترى "تخلُقاً" لنظام عربي بدأت ملامحه تتشكل، ليس في دول الثورات العربية وحدها، بل في دول "الاستقرار" العربي، وخاصة مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي حيث برز الدور المتنامي للمجموعة الخليجية خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

وقد يبدو للناظر أن الخليجيين مشغولون في بعض خلافاتهم التفصيلية كمشروع الانتقال من التعاون إلى الاتحاد، إلا أن موقفهم الخارجي أكثر تماسكاً وتأثيراً خلال هذه السنوات على الرغم من "تقاسم" الأدوار فيما بينهم، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال الموقف من الثورات العربية حيث ذهب بعضهم للمساندة المباشرة، بينما اكتفى آخرون بالدعم السياسي.

ولعل الموقف من لبنان صورة أخرى ل "وحدة " الموقف الخليجي، حيث تتخذ دول الخليج العربي موقفاً موحداً مما يدور في لبنان من أحداث.

وإلى جانب المجموعة الخليجية فإن "ملامح" النظام العربي الجديد تبدو في دول "الربيع العربي"، وفي كل الأحوال لن تكون هذه الدول جزءاً من المشروع الإيراني لأسباب كثيرة أبرزها موقف إيران من الثورة السورية واختلاف النظم من حيث ارتباطها السياسي بالديني حيث تبدو القوى الثورية العربية متجهة لاختيار نظام الدولة المدنية مقابل الدولة الدينية، الذي يتمثل في إيران بصورة واضحة، كما أن دول الثورات العربية ترتبط بعلاقات ومصالح اقتصادية واسعة مع دول الخليج العربي، وليست على استعداد للتضحية بهذه العلاقات والمصالح مقابل العلاقة مع إيران مهما قدمت لها من إغراءات، ولئن بدت الأمور مضطربة خلال الفترة الحالية، فإن مرحلة الاستقرار ستدفع بكلا الكتلتين (الخليجية ودول الربيع) إلى التقارب أكثر لهذه الأسباب ولغيرها، ولذا فإن إيران تبحث عن آخر ساحة عربية تجعلها حاضرة في الشأن الإقليمي، ولن تجد خيراً من سوريا لهذا الحضور ولنا أن نتصور حال "حزب الله" بعد سقوط النظام السوري الذي كان يشكل "قنطرة" له في علاقته مع إيران. وكيف سيكون عليه الوضع في لبنان إذا حدثت تغيرات إقليمية جذرية وربما خرج لبنان بسقوط النظام السوري من "محورية " المشروع الإيراني، ون يتوقف تأثير ذلك على لبنان فقط، بل سيمتد إلى العراق الذي أصبح ساحة خلفية للمشروع الإيراني في المنطقة بحيث أصبحت " قرارات" بغداد تُتخذ في طهران، ولعل الدور الإيراني في حماية حكومة المالكي نموذجاً لذلك، وهو ما عبر عنه زعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر" عندما قال إنه تعرض ل " ضغوط "سياسية ودينية من طهران للامتناع عن إسقاط حكومة المالكي، ولذا فإن سقوط النظام السوري سيؤثر على التركيبة السياسية في العراق وسيدفع بالقوى المعارضة للتدخل الإيراني إلى صدارة المشهد السياسي في بلاد الرافدين.

ولعل أهم تأثيرات سقوط النظام السوري على إيران هو تراجع المشروع الإيراني إقليمياً ودولياً، وهذا ما تعمل إيران على تجاوزه، ولذا فهي تحاول البحث عن "مكاسب" مقابل تخليها عن النظام السوري الذي يبدو أنه لن يستمر طويلًا.

وقد بدا موقف إيران حين "استعانت بصديق" ليكون لها نصيب من "كعكة" سوريا. وتمثلت تلك الاستعانة بدعوة روسيا لعقد مؤتمر دولي حول سوريا تشارك فيه إيران! حيث تطرح الأخيرة نفسها كلاعب دولي في القضايا العربية، ويمكن أن يكون تخليها عن النظام السوري مقابل دور إقليمي يطلق يدها في المنطقة، وخاصة منطقة الخليج العربي، التي كثيراً ما ردد القادة الإيرانيون أنها ميدان نفوذهم الذي يجب ألا ينازعهم فيه أحد! ولعل من المكاسب التي تأملها إيران مقابل التخلي عن النظام السوري هو تعزيز موقفها التفاوضي أمام الغرب والمجتمع الدولي في مفاوضات البرنامج النووي الإيراني، لكن يبدو أن كلا المكسبين لن يتحققا لإيران، لأن المجتمع الدولي يعلم أن مساندة إيران للنظام السوري هي "حقنة الرمق الأخير"، وليس أمام إيران سوى البحث عن ساحة جديدة لتنفيذ مشاريعها، أو أن تتعامل مع محيطها الإقليمي والدولي بواقعية براجماتية تحقق مصالحها ومصالح الآخرين ، وقبل هذا وبعده عليها أن تحافظ على رغيف الخبز للمواطن الإيراني فهي مسؤولة عنه أولاً قبل غيره!

د.سعيد حارب

كاتب إماراتي

=================

روج لروايات من «طرف واحد»

روسيا... وعيوب التغطية الإعلامية للأزمة السورية

تاريخ النشر: الأحد 17 يونيو 2012

الاتحاد

سيرجي لويكو

القصص الخبرية حول سوريا في العديد من الأماكن عبر العالم كثيراً ما تركز على تقارير الهجمات الحكومية على النشطاء والسكان المدنيين. أما في روسيا، فلا يكاد يمر يوم دون أن تقوم وسائل الإعلام بنقل الرواية الرسمية لدمشق: أن "الإرهابيين" وقوات أجنبية هم من يتحملون المسؤولية عما يحدث، حيث يقوم التلفزيون والصحف الروسية بشكل روتيني بنشر عناوين من قبيل "السعودية وبلدان أخرى تمد المتمردين السوريين بالأسلحة"، و"بشار الأسد: المسؤولية تتحملها بلدان أجنبية"، و"النفاق يقتل مثل الرصاص".

"أودناكو"، برنامج تحليلي يحظى بشعبية واسعة على القناة الأولى، وهي واحدة من الشبكات التلفزيونية الرئيسية الثلاث، التي تخضع لسيطرة الكريملن، شبه الأسبوع الماضي الانتفاضة في سوريا بالاستفزازات المسلحة لألمانيا هتلر، والتي أدت إلى الحرب العالمية الثانية وبالدور الذي لعبته الولايات المتحدة في فيتنام.

ويوم الخميس، التقى رياض حداد، سفير سوريا إلى موسكو، بصحفيين من وسائل الإعلام الروسية المكتوبة والمرئية والمسموعة والإلكترونية. وقال خلال مؤتمر صحفي: "إن المجموعات المسلحة التي تتلقى المساعدة من لاعبين إقليميين ودوليين تريد أن تجعل الأمر يبدو كما لو أن حرباً أهلية تدور في سوريا"، مضيفاً: "ويتم القيام بهذا من أجل خلق ذريعة للتداخلات الأجنبية". ويقول "حداد" إن المتمردين، الذين عادة ما يشار إليهم من قبل الحكومة السورية ب"المجموعات الإرهابية المسلحة"، يتسببون في أوضاع خطيرة، ولكن الحرب "لا توجد سوى في مخيلة الغرب".

ويشار هنا إلى أن التصريحات لم تكن مصحوبة، في حالة العديد من وسائل الإعلام الروسية، بأي رد أو تعليق من دبلوماسيين أو نشطاء المعارضة.

غير أن بعض الخبراء الإعلاميين في البلاد نددوا بالتغطية الإعلامية الروسية للانتفاضة ضد الرئيس السوري بشار الأسد باعتبارها أسوأ حالة للتغطية المنحازة التي تعتمد رواية طرف واحد فقط منذ تفكك الاتحاد السوفييتي. وفي هذا الإطار، يقول "أندري بيونتكوفسكي"، مدير معهد تحليل الأنظمة، وهو مركز أبحاث في موسكو، إن التغطية الروسية، وبخاصة تغطية الشبكات التلفزيونية الفيدرالية وكل وسائل الإعلام الأخرى الخاضعة لسيطرة الحكومة، باتت تمثل على نحو متزايد تذكيراً بالتغطية التي كانت سائدة في عهد الزعيم السوفييتي الراحل ليونيد بريجنيف.

ويقول بيونتكوفسكي: "إن تقديم الغرب على أنه العدو الرئيسي الذي يحاول تدمير كل حلفاء روسيا، أولاً، ثم روسيا نفسها، هو السمة الرئيسية للتغطية الأجنبية هنا خلال كل العقد الماضي"، مضيفاً أن الزعماء الغربيين "يعاملون (الرئيس فلاديمير) كواحد منهم ويحثونه على العمل معهم، ولكنه يعتبر نفسه واحداً من المجموعة الأخرى، من الحكام المستبدين الذين يسقطون الواحد تلو الآخر، ولا يرغب في أن يعرف نفس مصيرهم، ولذلك فإنه يتمسك بالأسد حتى آخر رمق، إن بوتين يعتقد أن الأمر كله يتعلق في نهاية المطاف بمؤامرة ضده وضد روسيا التي يقود".

التوتر بين روسيا والغرب، ولاسيما الولايات المتحدة، كان واضحاً وجلياً في بعض الأوقات خلال الانتفاضة السورية التي اندلعت قبل 15 شهراً وحصدت أرواح 10 آلاف شخص على الأقل. وفي هذا الإطار، نفى وزير الخارجية الروسي هذا الأسبوع ما قالته وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من أن موسكو ترسل طائرات مروحية هجومية إلى الجيش السوري، قائلاً إن العقود مع سوريا تتعلق بأنظمة دفاع جوي. كما تقول روسيا إنها ترفض "تدخلاً" أجنبياً في شؤون سوريا، وتشعر بالقلق بشأن استقرار البلاد في حال لم يعد الأسد هو زعيم البلاد. لكن كلينتون تقول إن السياسات الروسية تساهم في ما يقول كثيرون إنه يمكن أن يصبح حرباً أهلية في سوريا، والجدير بالذكر هنا أن روسيا تزعمت مرتين استعمال "الفيتو" ضد قرارات في مجلس الأمن الدولي تدين أعمال الأسد.

يذكر أيضاً أن كلا الجانبين يقولان إنهما يدعمان خطة المبعوث الخاص الأممي كوفي عنان للسلام المؤلفة من ست نقاط، والتي تم تجاهلها إلى حد كبير من قِبل حكومة الأسد. ورغم كل ما يحدث، فإن العديد من ممثلي وسائل الإعلام الروسية ومراقبين آخرين لا يصدقون أي ادعاءات بالانحياز الإعلامي، قائلين إن التغطية الإعلامية في بلادهم تنقل الأحداث كما هي. وفي هذا السياق، يتساءل ميخائيل ليونتييف، وهو مقدم برنامج كاريزمي ومعروف بمواقفه المناوئة للولايات المتحدة والغرب خلال برنامج بث مؤخراً: "لماذا سيقدم الأسد على ارتكاب مذبحة؟ وعشية زيارة كوفي عنان؟"، مضيفاً "في الواقع من السهل فهم القصة. إن من يقاتلون من أجل الديمقراطية السورية... أثاروا مواجهة مسلحة مع الجيش السوري".

ومن جانبها، قالت "أرجومنتي إي فاكتي"، وهي صحيفة أسبوعية ذات شعبية واسعة في روسيا، إن "حمام الدم" في سوريا إنما يخدم مصالح الغرب. وفي هذا السياق، كتب "جورجي زوتوف"، مراسل الصحيفة في دمشق، يقول: "في حوارات معي، شدد العديد من السوريين على... رواية (نظام الأسد): إن الأمر يتعلق باستفزاز. فالناس قُتلوا من قبل الإسلاميين. والبعض واثقون من أن حمام الدم ارتُكب من قبل قوة قُطرية، ولكن الغرب دائما لا يرى سوى وجهة النظر التي تعجبه".

وفي تقرير سابق "من دمشق المحاصرة"، كان "زوتوف" قد تلقى تحذيراً من أحد سكان المدينة: "في حمص، أقسم المقاتلون على قتل جميع الروس. إذا ذهبت إلى هناك، فتظاهر بأنك أميركي".

"ماكسيم شيفشينكو"، وهو مقدم لبرنامج "أحكم بنفسك" الذي يبث على القناة الأولى ويحاول استضافة خبراء لديهم وجهات نظر مختلفة، يقول إن التغطية الروسية للنزاع تعد أكثر موضوعية من الروايات الغربية أحياناً. وقال "شيفشينكو" في مقابلة صحفية: "لدي رأيي الخاص وموقفي الخاص حول الموضوع، وهو يتفق إلى حد كبير مع الموقف الحكومي"، مضيفاً "لقد التقيتُ مع "الأسد" في أكثر من مناسبة، وأستطيع القول إنه ليس طاغية، ناهيك عن متوحش، ولذلك فإنه لا يمكنني أن أصدق أنه أعطى أوامر بتدمير قرية، سكانها، بالمناسبة، لا يعارضونه".

"إن المذبحة الأخيرة في سوريا كانت أولاً، وقبل أي شيء مفيدة للمعارضة المدعومة من قوة أجنبية ترغب في إعاقة العملية السلمية".

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

«إم. سي. تي. إنترناشيونال»

=================

في دلالات انتخاب عبد الباسط سيدا رئيساً للمجلس الوطني السوري

فاروق البرازي

المستقبل

17-6-2012

في البدء، لا بد من الإشارة إلى أنّ الشارع الكردي(السياسيّ) انقسم بين الترحيب بانتخاب الدكتور عبد الباسط سيدا والحذر من هذا الانتخاب، فالخوف يساورهم من فشل إدارة المجلس الوطني السوريّ في هذه الدورة، التي يعتقد انّها ستكون من أصعب الدورات، لأن المسألة السوريّة هي بنفسها في ذروة دورتها.

يُفهم أنّ ترشيح سيدا، وأن كان توافقيّا، وكان ضرورة للخروج من أزمة الثقة بين الأطراف في المجلس السوريّ، انّما الضرورة أيضاً في اختيار سيدا تكمن في جذب رضى الغرب على المجلس (بحكم علمانيّة وليبراليّة سيدا)، وكذلك هي رسالة الى الكُرد وطمأنتهم على عدم التهميش وأن كل ما سلف ، من مواقف سلبيّة تجاه الكُرد ، ما هو إلا مواقف لحظيّة ناتجة عن غضب ما أو تصرّف شخصيّ بحت.

قد يكون من حق الكُرد التمعن بكل ما يجري من حولهم ،ومن حقهم أيضاً التعامل بحساسيّة قصوى، خصوصا ً انّ لقضيتهم حساسيّة كبيرة في ظل التداخل الدولي الإقليمي في المسألة السوريّة، وهذا ما يلقي بظلاله على أداء الكُرد أنفسهم في قلب الثورة السوريّة.

للوهلة الأولى لا يوجد كُردي واحد يشك بإمكانيات الدكتور عبد الباسط سيد، وبما يملكه من تجربة سياسيّة وحزبيّة أكثر من غالبيّة الهيئة التنفيذية للمجلس، وهو زيادة على انّه أكاديمي ومثقف كردي بارز ، كان من الكوادر السياسيّة والحزبيّة المتقدمة حتى أمس القريب في الحركة الكُردية المقاومة للاستبداد منذ 1957، وهو ما زال يقارب الحس الحزبيّ والوطني في الشارع السياسيّ الكرديّ، كما انّه ربما من القلة الذين انخرطوا في السجال والجدال بين الكُرد والعرب عندما كان ثمة مسافة شاسعة تفصل بين المثقفين العرب والكُرد وربما هو أول كردي نشر دراساته الى جانب أقلام عربيّة يساريّة مثل صادق جلال العظم وطيب تيزيني وعبدالحسين شعبان، وسمير أمين وغيرهم في المجلات اليسارية العربيّة كمجلة "النهج"(مثلاً) وكان لهذا الانخراط حضور في صميم المشهد الثقافيّ العربيّ.

ما أن أعلن انتخاب سيدا حتى ظهر على السطح في الشارع الكُردي مقاربتان لهذا الترشيح موقفين، الأول: جزء من الكُرد فرحوا فور سماعهم نبأ ترشيحه، واعتبروا ذلك انجازاً مهمّاً على مستوى تبدل في الذهنيّات في المعارضة العربيّة، وانّ هذا مؤشر على انّ زمن تهميش الكُرد ولى، وانّ وجود سيدا في هذا الموقع ستكون له انعكاسات ايجابية في بناء العلاقة العربيّة الكُرديّة على أسس صحيحة ما يمهد لبناء دولة الشراكة والتي لا تبنى من دون ثقافة قبول الاخر. الثاني: بدأ الخوف يساور بعض الكُرد من طعن الكُرد ومصداقيتهم من خلال فشل سيدا بالعمل لعقلنَة الثورة وتجسير الهوة بين مكونات الشعب السوريّ، ولعل مرد ذلك التخوف يعود إلى انّ المجلس الوطني السوري غارق في الأزمات، وما كان يجب ان يقبل سيدا، بهذا المنصب لأنّه من الاستحالة بمكان ان يخرج سيدا المجلس من أزماته، في ظل تابعيّة المجلس بالأساس لتركيا، ومن يدري (ربما ) يحوّل سيدا إلى شماعة لكل الأخطاء وتاليّا يتحوّل هذا التوافقيّ إلى " وجه القبح".

هل يستطيع سيدا استقطاب الكرد وإدماجهم في مجلسه؟ من خلال استضافة قناة "كله كردستان" في ساعتها المخصصة للسوريين والذي يقوم الإعلاميان البارزان في تسليط الضوء على كل تفاصيل الثورة، وهما سيما ابخزير(كردية إيرانيّة) ومحمد خير(كُردي سوري)، كلاً من عبدالباسط سيدا وإسماعيل حمه(رئيس المجلس الوطني الكردي)، وهو ربما صار فاتحة أي حوار ان حصل بين الكرد والمجلس الوطني، كان واضحاً في خطاب الشخصين مدى حماسة الطرفيين للعمل سويّا حتى تحت خيمة المجلس الوطني السوري، مع انّ هناك قراراً لدى المجلس الكُردي بانّ لا ينضم ولا يندمج، لكن يمكنه بناء أطر تحالفيّة أو تشاركيّة من اجل تحقيق أهداف الثورة السوريّة، وبناء دولة جديدة يكون كل مواطنيّها أحراراً.

================

أوهام الفاشيّة "السورية" الثلاثة

رستم محمود

المستقبل

17-6-2012

على الرغم من وجود تعليمات واضحة لأعضاء مجلس الشعب السوري -المعينين حديثاً- بعدم التصفيق أثناء الخطاب الأخير للرئيس السوري بشار الأسد، أو عدم المبالغة به في أفضل الأحوال، حتى لا يثيرون موجة من السخرية، كما حدث في آخر مرة خطب بها الأسد في المجلس مع بدايات الثورة السورية. على الرغم من ذلك، فأن القاعة اشتعلت تصفيقا حين ردد الرئيس السوري عبارته "الذين هم خارج التاريخ" . حيث كان يقصد العرب الداعمين للثورة السورية، وبالذات منهم مواطنو دول الخليج وليبيا وبعض دول المغرب العربي . المميز، أن حالة التصفيق الخاصة تلك من قبل الأعضاء، كانت مرفقة بنشوة نفسية مزيفة عالية، لا تخفي غرورها وشعورها بتعاضد داخلي عميق فيما بينهم، مغطاة بضحكة عالية من قبل الأسد .

تكاد تلك الصورة أن تكون تعبيرا موجزا عن شيء من "العقلية والخطابية الفاشية" التي بدأت تجري في عروق الجهاز الخطابي والدعائي والثقافي والسياسي للنظام السوري، منذ بداية الثورة . حيث تتشكل الآلية الفاشية تلك من تراتبية بسيطة . سلطة لا تحتمل ولا تفهم الثقل السياسي للثورة في البلاد، وبالتالي لا تستطيع الرد عليه بالشكل السياسي الطبيعي، تحول تناقضه هذا، إلى إشكال وتفارق ثقافي، ثم توحي بإشارات لأجهزتها بشحذ كل المثيرات الثقافية والهوياتية والطائفية والتاريخية الغرائزية الممكنة . حيث تعمل تلك الأجهزة "بإمكانياتها المالية والجهازية والاعلامية الضخمة ضمن البلاد" على نشر قصة "وهم" فاشية صغيرة: السوريون شعب عظيم، ويشكلون المركز الحضاري والتاريخي المتنوع للمنطقة والعالم، وهم محاطون بشعوب أقل قدرا وأثرا حضاريا وتنوعا منهم . وانه بالرغم من بعض الفروق بين السوريين وغيرهم من الشعوب العربية وغير العربية، لكنهم يبقون الأكثر حضارة ومدنية... الخ . تقوم تلك الطقطوقة الشعبوية الفاشية على ثلاثة أسس متوهمة ثقافية وسياسية وعملية، يريد الباعثون لها، القفز على حقيقتها، هذا لو سلمنا "خطأ وتجاوزا" بأنهم الممثلون الطبيعيون لهذه "الروح الحضارية السورية"، إن وجدت أساسا .

وهم أول ثقافي تاريخي، له علاقة بأفكار الحزب السوري القومي الاجتماعي، يرى في جغرافيا بلاد الشام كحمال لمجتمع سياسي وثقافي مميز ومتمايز عن المحيط السياسي والثقافي له . هذا المجتمع المتوهم، حسب هذه النظرية، تكوّن عبر حقب تاريخية وحضارية طويلة وعميقة، كان يعاني دوما من مداخلات وإشكاليات واحتلالات، من قبل المجتمعات الأقل حضارية المحيطة به . وذلك لعجز تلك المجتمعات عن التشابه واللحاق بقيم هذه المجتمع السوري . حيث كانت تلك المجتمعات المحيطة "أقل أثرا في التاريخ" حسب هذه النظرية! مصرية فرعونية مرة وناصرية مرة اخرى، عربية إسلامية بدوية مرة وخليجية سلفية مرة أخرى، فارسية زردشتية مرة وإيرانية شاهنشاية مرة أخرى، سلجوقية عثمانية مرة وتركية كمالية في مرات أكثر . فحسبها كانت هوية جغرافيا بلاد الشام وشعبها بالغة الحضارية، تثير بتفوقها الثقافي والأخلاقي والسياسي، أطماع "البرابرة" المحيطين . ثمة ما لا يحصى من الأدلة لدحض تلك النظرية، أقلها وهم التماهي مع التاريخي والجغرافي الذي تستبطنه، فلا التاريخ المجتمعي للمنطقة كان على هذه الحالة التي تقاس عليها هذه النظرية، ولا الجغرافيا كانت بهذا التحديد والوضوح عبر الازمنة المختلفة، فسوريا الجغرافيا والمجتمع، ولأسباب شتى، لم تكن يوما ممسوكة ومحددة الملامح بهذا الشكل، إلا في العهود الأكثر حداثة . كانت دوما متقاسمة السيطرة والهيمنة والتداخل الثقافي والمجتمعي مع كل المحيط الأقوى منها، كانت دوما جسرا ومعبرا أكثر بكثير مما كان مركزا ومبعثا . كما أن النظرية تفترض تجانسا ثقافيا متوهما بين مختلف تكوينات المجتمع السوري، وتصنع بالمقابل تخالفا متوهماً له عن محيطه . هذا لو وضعا جانبا، القضيتين الأكثر مغالطة في روح هذه الفاشية، ارتقاء المجتمع السوري أكثر من غيره!، وعدوانية المحيط ودونيته مقارنة به! . هذه الفاشية السورية الثقافية التي برقت لحقبة زمنية قصيرة في أربعينيات وخمسينيات القرن المنصرم، بسبب تفاقم الصراعات السياسية الايديولوجية وقتها، يريد لها خطاب السلطة السورية الان أن ينهض من جديد، فربما تصنع تعاضدا داخلي متوهما، قائما على تمايز متوهم .

وهم ثان سياسي، هو مزيج من أدبيات حزب البعث الايديولوجية بأكثر أوجهها شعبوية مع أكثر خطابات "تيار الممانعة" ركاكة. أدبيات بعثية وخطابات "ممانعة" كانت ترى ذهنيا في رؤيتها السياسية احتكارا لمقاومة الآخر والتصدي له، تحت راية القومية العربية والهوية الإسلامية .العدو الذي كان يتمثل في إسرائيل والولايات المتحدة بالذات. فحسبها، كان ممثلو هذا التيار وحدهم من حظي بالشرف العظيم للتصدي والممانعة، بينما رزحت وتخلفت جميع الأحزاب والأنظمة السياسية العربية أمام هذه المهمة النبيلة . لذلك، ودائما حسب تلك النظرية، فأنه لهذا التيار وحده الحظي بشرف وعلو كعب هذه الفعل التاريخي، أما الآخرون فيجب أن تلحقهم الخسة والدونية. ما يخفيه هذا الوهم بداهة صغيرة. فما كان يبتغيه ممارسو هذا الخطاب، تاريخيا، كان التلطي وراء الشرعية المنعكسة عن الخطاب، والسيطرة على مجتمعاتهم والاستبداد بها، لا الإنتاج الفعلي العملي له على الأرض . فهذا التيار كان الأقل إنتاجا وفعلا في معركة العرب الكبرى، وكان الأكثر خسارة وهزيمة، كان الأكثر تواطؤا في الباطن والعلن مع "العدو"، كان الاكثر لعبا وتدميرا لعمران مجتمعاته، وكان الأكثر عنفا وتصفية للتنظيمات التي قاومت هذا الآخر بحق، في الحقول المختلفة. وقبل كل شيء، كان الأقل تهيئة للظروف الموضوعية لفعل الممانعة والمقاومة لهذا "العدو"، الذي قد يطول الصراع معه قرونا. فبلدان الممانعين كانت الأقل تنمية ومجتمعاتهم الاقل حرية وسلطاتهم الأكثر استبدادا وأفعالهم الأكثر طائفية وعنفا وركودا وعفنا. أما الذين كان هذا الخطاب يسحب منهم ذلك الشرف وتلك الرفعة، فهم الوحيدون الذين أعادوا أرضهم المحتلة، والوحيدون نموا بمجتمعاتهم بالحد الأدنى ويملكون حريات سياسية إعلامية بما لا يقارن مع تيار الممانعة هذا. .

أما الوهم الأخير والأهم الذي تستبطنه الفاشية السلطوية "السورية" فيأتي من الشعور بعملية هذا الممارسة . فثمة وهم متضخم بأن هذا الفاشية ستكون قادرة على تحويل التناقض السياسي للنظام، بين توق شعبه للحرية واصراره على الاستبداد، إلى تناقض ثقافي وقيمي بينه وبين الآخر، عبر وهم صناعة تآلف غرائزي فاشي بينه وبين مواطنيه . شيء شبيه بما فعله النظام عام 2005، حينما نجح في صناعة هوية سياسية سورية زائفة، مقابل ما روجه وقتها من هوية لبنانية مفترضة (غنية! مستعلية! كارهة للسوريين!) . ما يتوهم به النظام بأن تلك التجربة يمكن أن تنجح مرة أخرى . لكن ما لا تدركه من فرق جوهري بين المرحلتين هو حدس بسيط، فهذه المرة ليس الصراع بين النظام وأي نظام أو تيار سياسي خارجي، هذه المرة المعركة بينه وبين من تريدهم أن ينضموا أليه عصبويا . فشرط الفاشية البديهي، هو قدرته على خلق هالة معادية خارجية، بينما لا يرى المواطنون السوريون من خارج في مسألتهم، سوى النظام المتسلط نفسه .

ربما، تكون هذه الفاشية السلطوية السورية تجاه الآخر، على صعيد الخطاب والممارسة، هي أهم وأعلى منابع العنف المفرط الذي تمارسه السلطة بحق الثوار من المواطنين السوريين، فهي دوما تصر على ربطهم بالخارج، لتحيلهم ضحايا فاشيتها من دون رأفة .

أما إن كانت أية فاشية تتطلب تفوقاً أخلاقياً بديهياً، فعن ذلك التفوق الأخلاقي والنظام السوري، حدث ولا حرج.

=================

ما نعرفه عن مجازر سوريا

المستقبل

17-6-2012

بعد أقل من أسبوعين على مجازر حولا، قُتل العشرات من السوريين مجدداً في القبير، في محافظة حماه. المعارضة نسبت هذه المذابح الى "الشبيحة"، تلك الميليشيات الشهيرة، الموالية للنظام؛ فيما النظام كذّب هذه الاتهامات. مجلة "الاكسبرس" الفرنسية (11 حزيران 2012) حاولت الإجابة على مجموعة من الأسئلة تتعلق بهذه المقتلة، هنا أهمها:

- متى وأين حصلت المجازر؟

- بحسب الشهود من الأهالي، مجزرة الحولا طالت قريتي تالدو والطيبة في 25 أيار الماضي. بدأت بعد الظهر وانتهت في اليوم التالي فجراً. منطقة الحولا نفسها تتكوّن من عدة بلدات وقرى ويعيش فيها سوريون من الإثنية نفسها، ينتمون الى أديان ومذاهب دينية مختلفة. الغالبية من بينهم من المذهب السني، والباقون علويون، من نفس مذهب الرئيس بشار الأسد.

مجزرة القبير جرت يوم الاربعاء 6 حزيران، في قرية مزرعة القبير التي تبعد 13 كلم عن حماه. يعيش في مزرعة القبير، القريبة من مدينة معرزاف، مئة وخمسون راعيا ومزارعاً، وهي تقع بالقرب من أربع قرى يقطنها علويون.

- ما الذي حصل بالضبط؟

- بحسب شهادات الأهالي، جرت تظاهرة في 25 ايار الماضي في قرية تالدو، جمعت عدداً كبيرا من الأهالي، وذلك على الرغم من الحواجز الأمنية والسلاح الثقيل والمدرعات التي تحيط بها، وكلها تابعة للنظام. في نهاية التظاهرة، بين الواحدة والنصف ظهرا والخامسة، بدأت القذائف تنهمر على مختلف أحياء البلدة، ومعها رصاص يطلقه أفراد الحواجز الأمنية التي تسدّ الطريق على مداخل البلدة. هكذا احتل البلدة جنود وأعضاء جهاز المخابرات. وقبل حلول الليل، دخلت قرية تالدو شاحنات صغيرة مطلية باللون الأبيض، تنقل رجالا مسلحين بعضهم باللباس العسكري والبعض الآخر باللباس الأسود. الشبيحة أعطوا الاولوية للهجوم على المنازل الواقعة على أطراف البلدة. أحرقوا حقول الزيتون المحيطة بالمنازل، وأحرقوا معها بعض المنازل. وقتلوا عددا كبيراً من رؤوس الماشية.

في مزرعة القبير طوقت المدرعات البلدة وقصفتها يوم الاربعاء بعد الظهر، قبل ان يدخل الجنود اليها برفقة شبيحة يحملون سلاحا أبيض. وقد وجدت جثث مدنيين أبرياء، بعضهم أُحرق والآخر قُطّع بالسكاكين. جثث محروقة لأطفال ونساء وبنات مرمية على الارض.

بعض المناضلين المعادين لحكم الأسد أشاروا الى ان "الجيش السوري الحر" كان نشيطا في المناطق القريبة من القبير؛ وقد تكون المجزرة عملية إنتقامية أو عقاب جماعي. ولكنهم يضيفون بأن مزرعة القبير نفسها لم تنضم يوما الى الثورة ضد الأسد.

- ما هي الحصيلة؟

- في اليوم التالي على مجزرة الحولا أحصى المرصد السوري لحقوق الانسان 90 قتيلا، بينهم 25 طفلا. الأمم المتحدة بدورها أحصت في اليوم التالي 108 قتيلا.

بخصوص القبير تنقصنا الدقة. المعارضون قالوا بأن عدد الضحايا بلغ المئة. في الأيام التالية، أُعلن عن سقوط 55 قتيلا، من بينهم أطفال ونساء. مراقبو الأمم المتحدة وصلوا أخيرا الى موقع المجزرة، بعدما منعتهم السلطات السورية من بلوغها، لا بل تعرضوا للرصاص. ولكن ينتظر من تقاريرهم ان تكون أكثر دقة.

- حجج النظام.

- في 26 من أيار الماضي، أعلنت الوكالة السورية للأنباء "سانا" عن مسؤولية "المجموعات الارهابية المسلحة" بارتكاب المجازر وب"إحراق بيوت الأهالي وتفجيرها في قرية تالدو بغية الإيحاء بأن القوات المسلحة النظامية تلقي القنابل على المنطقة". في اليوم التالي، شكّل النظام "لجنة تحقيق" خلصت الى ان "مجموعات مسلحة قتلت عائلات مسالمة".

- حجج النظام غير القابلة لتصديق.

- ان رواية النظام التي تتهم مجموعات إرهابية سنية بارتكاب المجازر تبدو "غير قابلة اطلاقا للتصديق" بحسب الخبراء، الذين يتابعون بأن منطقة حولا سنية وهي مركز للعديد من التظاهرات وملاذ لل"جيش السوري الحرّ".

لكن من الصعب الاقتناع بأن الجنود المتمركزين بالقرب من قرية الحولا الذين "شاهدوا دخول 600 الى 800 مسلح" بحسب لجنة التحقيق الرسمية، لم يتدخلوا ولا "انذروا قيادتهم بما يحصل أمام عيونهم".واذا كانوا قد أبلغوا هذه القيادة، فعلينا التساؤل لماذا لم يرسل رؤساؤهم تعزيزات عن طريق البر أو الجو لإنقاذ الأهالي. كان لديهم الوقت الكافي للقيام بذلك، اذ ان العملية استمرت نحو عشر ساعات، بحسب الناطق الرسمي السوري نفسه.

نقطة غريبة أخرى: كيف يحصل ان "الجيش السوري الباسل" (وهي عبارة مكرّسة لدى النظام ولدى المواقع الالكترونية المؤيدة له)، لم يقبض على أي واحد من هؤلاء "المجرمين الارهابيين". لدينا جواب على هذا السؤال، صادر عن ضابط علوي يعمل في مركز طرطوس، وكان متواجداً على بعد 300 متر من مكان المجرزة: "قيل لنا ان مجموعات مسلحة تقتل الأهالي وان الجيش السوري الحرّ يحرق البيوت...". والضابط هذا كانت تنتابه بعض الشكوك، ولكنه بعدما رأى بأم عينيه ما حصل في الحولا، وتحقّق من مقتل عائلات يعرفها، قرر الانشقاق عن الجيش الرسمي وتقديم شهادته عن المجزرة. وهو يشير الى ان الجيش لا يرسل الى هذه المنطقة الا الجنود العلويين.

أخيرا، وفيما تفجّعت السلطات الرسمية على كل هذه الجرائم، فان الحكومة لم ترسل مبعوثا واحداً عنها للمشاركة في تشييع هؤلاء الضحايا (...).

======================

هل ثمة حرب أهلية في سوريا؟ * ياسر الزعاترة

الدستور

 17-6-2012

كثر الحديث عن الحرب الأهلية في سوريا خلال الأسابيع الماضية، إلى درجة بات المصطلح هو الأكثر شيوعا على ألسنة الناطقين والمتحدثين باسم الدول والهيئات في طول العالم وعرضه في معرض وصف ما يجري في ذلك البلد المنكوب بقيادته أكثر من أي شيء آخر.

والحق أننا إزاء مصطلح ينطوي على قدر من التضليل لأنه يهرب من التوصيف الأكثر دقة للأحداث في سوريا، والتي يمكن تلخيصها بكل بساطة بأنها ثورة شعبية تطالب بالحرية والتعددية، ولا تستهدف طائفة بعينها.

لم يخرج السوريون على بشار الأسد لأنه علوي، بل خرجوا عليه لأنه دكتاتور، تماما كما خرج التوانسة على بن علي، وكما خرج المصريون على حسني مبارك واليمنيون على علي عبد الله صالح.

كما أن حكم الأسد لم يعد في سنواته الأخيرة يمثل طائفة، بقدر ما يمثل أسرة بعينها، ومعها عددا من المحاسيب الذين يدورون في فلكها، وكثير منهم من السنّة. صحيح أن المؤسسة الأمنية والعسكرية كانت ذات صبغة طائفية في الأعم الأغلب (قلة قليلة من السنة مثلا هم من كانوا يتجاوزن رتبة عميد في تلك المؤسسة كي تظل أكثر ولاءً للنظام)، لكن ذلك لم يكن هو سبب الثورة التي جاءت جزءً من الربيع العربي وليست ثورة طائفية.

من المؤكد أن البعد الطائفي كان حاضرا في وعي كثير من الناس، والثائرين منهم على وجه الخصوص، لكن ذلك لا يغير في طبيعة الثورة ولا أهدافها، ولا السياق السياسي العربي الذي جاءت على خلفيته.

الحرب الأهلية وفق ما هو معروف هي حرب بين طائفتين، أو عدد من الطوائف والأعراق بسبب نزاع حول السلطة والثروة، أي أنها تستبطن منذ الأساس هذا البعد، وبالتالي فهي تمارس في الغالب التطهير الطائفي والعرقي أثناء فعلها اليومي.

اليوم هل يمكن القول فعلا إن ما يجري هو حرب أهلية بين طائفة السنة التي تشكل أكثر من ثلاثة أرباع السكان، وبين الطائفة العلوية، أو بين الأولى وبين العلويين ومن يساندهم من الأقليات الأخرى؟!.

كلا بالتأكيد، فالثوار لم يخرجوا في سياق طائفي، وهم لا يمارسون التطهير الطائفي، وما وقع إلى الآن على هذا الصعيد لا يعدو أن يكون ردود فعل جانبية جراء استفزاز الطرف الآخر الذي وضع نفسه في مربع النظام ومارس أبناؤه القتل في صفوفه، أكانوا جزءً من الجيش والأجهزة الأمنية، أم عملوا ضمن جحافل الشبيحة الذين يعلم الجميع أن أكثرهم ينتمون إلى الطائفة العلوية.

بل إن النظام نفسه لا يفرق في التعاطي مع المعارضين على أساس طائفي، ولو عارضه علويون لما تردد في قمعهم، وفي تاريخه القريب والبعيد عدد من المعارضين العلويين والمسيحيين الذين جرى التنكيل بهم دون رحمة.

المشكلة أن الأقليات الأخرى من غير العلويين لم تساند الثورة بشكل واضح، بل مال أكثرها إلى النظام بدعوى الخوف من البديل، وهو ما أدى عمليا إلى أن يكون القتل مركزا في الجانب السني، الأمر الذي استفز المشاعر الطائفية، وبالتالي الخطاب الطائفي في الداخل السوري، وقبل ذلك وبعده في السياق العربي بعد انحياز المنظومة الإيرانية وحلفائها للنظام على أساس مذهبي واضح.

ما نريد التأكيد عليه هو أن ما يجري ليس حربا أهلية، بل ثورة شعبية يخوض فيها الناس معركة ضد نظام مجرم لم يتردد في قتل الناس وارتكاب المجازر بلا هوادة، ومن يقولون بنظرية الحرب الأهلية إنما يساوون بين الضحية والجلاد، وبين القاتل والمقتول، وهذا ظلم كبير في واقع الحال.

أيا يكن الأمر، فقد ثبت اليوم بما لا يدع مجالا للشك أن النظام ساقط لا محالة، وأن إرادة السوريين ليست في وارد التراجع أمام سطوة بطشه وجبروته، ولعل ذلك تحديدا هو ما دفع ويدفع كثيرين إلى الحديث عن السيناريو اليمني؛ ليس رغبة في إنقاذ السوريين من القتل، وإنما خوفا من انتصار مؤزر للثورة، لا يؤكد استمرار مسيرة الربيع العربي فقط، بل يشكل من جهة أخرى تهديدا للكيان الصهيوني، لاسيما إذا تحقق الانتصار من خلال فعل عسكري تقوده جبهات وكتائب لا سيطرة لأحد عليها. وما الحديث اليومي عن الأسلحة الكيماوية واحتمال سقوطها بيد الثوار سوى دليل على ذلك.

في المشهد السوري ثمة جلاد وضحية، وثمة ثوار ونظام مجرم، وليس ثمة حرب أهلية وفق التوصيف المتعارف عليه. لكن النتيجة واحدة وهي أن إرادة غالبية الشعب ستنتصر على الجلاد، وعلى من يصطفون إلى جانبه في آن.

التاريخ : 17-06-2012

=================

في جوانب العنف السوري!

فايز سارة *

الأحد ١٧ يونيو ٢٠١٢

الحياة

يطرح كثير من السوريين على انفسهم أسئلة تتعلق بمقدار العنف المخيف الذي شهدته سورية في الستة عشر شهراً الماضية. بل إن كثيراً من العرب والأجانب الذين عرفوا سورية والسوريين، وقفوا مشدوهين أمام أحداث العنف المستمر والمتصاعد، وتعبيراته سواء تلك التي ظهرت على شاشات التلفزة، أو عبر الأرقام والإحصائيات، التي تلخص بعض ملامح العنف في توالي فصوله منذ آذار(مارس) 2011.

ورغم أن الاستغراب المحيط بموضوع العنف السوري وتعبيراته، أمر طبيعي لما عرف عن السوريين في ميلهم إلى المهادنة والتسويات في ما بينهم ومع الآخرين، فإن ذلك لا يمثل سوى القشرة، التي ولدت وعاشت خلفها جذور العنف، قبل أن تدفع ثمارها الفجة في مواجهة أولى تظاهرات السوريين في درعا، حيث سقط أول القتلى والجرحى ممن شاركوا في استنكار ورفض اعتقال أطفال درعا وتعذيبهم نتيجة قيام بعضهم بكتابة شعارات مناهضة للنظام ليس إلا.

لقد استجرت حادثة اعتقال أطفال درعا وتعذيبهم مسيرة العنف السورية الراهنة والطويلة، والتي تشير معطياتها وأرقامها إلى خلاصات تقارب الأساطير المعروفة، بل إن ثمة آراء تؤكد، انه وبعد نهاية الأزمة، ومع القدرة والاطلاع والكشف عما حدث وكيف، فإن ذلك سيبين أن حالات من عنف تتجاوز الأساطير، حدثت في أنحاء مختلفة من سورية، ولم تحدث كلها خلف الجدران وفي فضاءات سرية مغلقة، إنما بعضها تم ارتكابه علانية وبصورة وحشية وفي الخلاء وتحت ضوء الشمس وبدم بارد.

إن المحصلة الإجمالية للعنف الجسدي والمباشر الذي أصاب السوريين، تشير إلى تجاوز عدد الذين قتلوا الخمسة عشر ألف شخص، وهناك أضعاف الرقم السابق من الذين جرحوا ومعظمهم أصيب بعاهات وإصابات دائمة، وأكثر منهم مرات الذين اختفوا دون أن تعرف عنهم أية معلومات على مدار اشهر طويلة، ولا يمثل هؤلاء البالغين عشرات آلاف السوريين سوى نسبة قليلة من سوريين جرى اعتقالهم، وهو إجراء يتضمن التعذيب على أنواعه وصولاً إلى الموت، وكلها حلقات من العنف الشديد في أول وأيسر مواصفاته، وهناك تقديرات، تشير إلى أن مئات آلاف السوريين، تعرضوا للاعتقال منذ بدء الأحداث، مما يؤشر إلى أن كثيراً من السوريين وأقاربهم الأقربين، تعرضوا للعنف مرة أو اكثر بفعل الأحداث الراهنة.

إن الهدف الرئيس للعنف الراهن في سورية، هو إكراه الآخرين على أفعال محددة، تستجيب مصالح الأشخاص الذين يقومون بأعمال العنف وقياداتهم ومؤسساتهم، وفي حال العنف الحالي، فإن اغلب أعمال العنف هدفها منع عمليات الاحتجاج والقيام بالتظاهر المناهض للسلطة، وإجبار الجمهور على إعلان التأييد والمساندة للسلطة الحالية. غير انه وفي حالات تزايدت وتصاعدت، صار العنف سياسة انتقامية وعقوبات يتم اتخاذها ليس إزاء أفراد لا صلة لهم مباشرة بما يحدث فقط، وبعيداً عما يتم إعلانه من مواقف، بل إن العنف اكتسب طابع العقوبات الجماعية والانتقامية، كما يحدث في حصار المدن والقرى، والتي غالباً ما تترافق بأعمال تبدأ بقطع إمدادات المياه والكهرباء وشبكات الهاتف ومنع إدخال المواد التموينية وصولاً إلى إطلاق الأسلحة الرشاشة، وتصعيداً إلى القصف بالمدافع والصواريخ.

والعنف بطبيعته وممارساته، يستند إلى جذور معقدة، تمتد في التاريخ والحاضر، ولها أسباب سياسية واجتماعية وثقافية وغير ذلك، لكن الأهم في جذور العنف الحالي، هو استناده إلى الاستبداد وإلى عسكرة المجتمع، وتكريس انقسامات المجتمع بأبعادها المختلفة ولاسيما القومية والدينية والطائفية، بل إن احد اهم جذور العنف في سورية، يكمن في تغييب وتهميش السياسة، بما هي فن وعلم إدارة المجتمعات، والذي يفتح الباب أمام العنف ليكون بديلها الرئيس.

لقد رسم تطور الأوضاع السياسية في سورية منذ أواخر الخمسينات، توجهاً للسير نحو حكم استبدادي فردي، ظهرت أول بواكيره في الانقلاب العسكري الذي قاده حسني الزعيم عام 1949 وكرره تابعوه، وصولاً إلى عهد الوحدة، فمرحلة حكم حزب البعث التي مازالت متواصلة في تعميق تمركز السلطة بيد حزب، ثم بيد رئيس هو فوق الحزب. ولأن المؤسسة العسكرية هي القوة الأقوى والأفضل تنظيماً وموارداً، فقد تم الاعتماد عليها للإمساك بالدولة والمجتمع، وجرى تعميم عسكرة الحياة العامة بالاستفادة من ظروف الصراع مع العدو الإسرائيلي ومتطلباته، ومع تغذية الانقسامات داخل مكونات الجماعة الوطنية، وتهميش الظاهرة السياسية بما تعنيه من نخبة وتنظيم وفكر ورؤى، صار العنف هو الأداة الرئيسية بل الوحيدة للإمساك بالدولة والمجتمع وإدارتهما، بل هو وسيلة إخضاع الآخرين من أفراد إلى جماعات إلى المجتمع، وطوال الفترة الممتدة منذ بداية الستينات، صار بالإمكان ملاحظة، أن كل الاحتدامات والتناقضات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل إن تحركات المثقفين واعتراضاتهم، لم يتم التعامل معها بطريقة غير العنف الذي يبدأ باللفظي، ثم ترتفع وتائره حد القتل المعلن.

=================

معجزة تحت الطلب!

ميشيل كيلو

الشرق الاوسط

17-6-2012

قال وزير الدفاع الأميركي، إن حل الأزمة السورية يتطلب «معجزة خاصة». هذا القول هو تنويعة مختلفة بعض الشيء عن أسلوب التعبير الدبلوماسي الأميركي عن العجز حيال الحدث السوري، أو قل هو طريقة عسكرية خاصة في التعبير عن عدم الرغبة في فعل أي شيء من شأنه إيقاف النظام السوري عند حد، ومنعه من قتل شعبه بالجملة والمفرق.

تشبه «معجزة» الوزير بانيتا «العصا السحرية»، التي لا يكف الرئيس بشار الأسد عن الحديث عنها، مسوغا بافتقاره إليها الأخطاء والعيوب والنواقص والجرائم التي تفتك بسوريا، والتي دأب على تسويغها بعدم وجود عصا سحرية لديه يحل بواسطتها مشكلات نظامها وشعبها، كأن حل هذه المشكلات وتحسين حياة ومعاملة الشعب يحتاجان فعلا إلى عصا سحرية.

ومع أن كثيرين قالوا لبشار الأسد، إن من يحتاج إلى عصا سحرية هو الساحر الذي يريد التلاعب بعقول ومشاعر مشاهديه، وإنه كرئيس جمهورية لا يحتاج إليها، بل يحتاج إلى إزالة السحر عن الواقع لمعرفته بدقة، كما يحتاج إلى امتلاك رغبة صادقة في تغييره نحو الأفضل، وإلى الإخلاص للشعب السوري، الذي كان ينتظر منه أعمالا لا تبريرات بائسة لرفضه القيام بأي عمل مفيد، بعد بدء رئاسته في يوليو (تموز) من عام 2000. لكن الأسد عاد في خطابه الأخير إلى قضية العصا السحرية، لاعتقاده أن الحديث عنها مقنع ويبرر ما يرتكب في سوريا من مخاز ومآس ومجازر أنتجتها عصا أخرى هي عصا سياساته وخياراته الأمنية - العسكرية، التي تبين أنها على درجة من الهول والفظاعة جعلت منها خطرا داهما يفتك بشعب سوريا ودولته، ويكاد يقضي عليهما.

يريد بانيتا لمعجزته أن تحقق عكس ما تحققه عصا الأسد الأمنية: إيجاد أعذار تسوغ عدم تدخل أميركا العسكري في سوريا. ومع أننا لم نطالبها بالتدخل، لعلمنا أنها لن تتدخل من جهة، وشكوكنا بمقاصدها الحقيقية في المسألة السورية من جهة أخرى، فإن تكرار التخوفات الأميركية من الدخول إلى الأزمة يثير الريبة لدى قطاعات واسعة من الشعب والمعارضة في سوريا، ويمثل في نظر كثيرين إهانة لذكائهم، خاصة عندما يبدي مسؤول العسكر الأميركي وزملاؤه الدبلوماسيون التخوف من الحرب الأهلية، التي يعلنون أنها قد تقع في حال تدخلوا، بينما يمكن ملاحظة ظاهرة لا يجوز أن تتعامى عنها عين متابعة، مهما كانت غير مدققة، هي أن النظام يريد إغراق الشعب في هذه الحرب، ويدفع السوريين إليها بكلتا يديه، وبكل ما يملك من وسائل العنف والقتل، فليس التدخل العسكري هو الذي سيفجرها، بل الامتناع عن اتخاذ أي إجراء من أي نوع ضد سياسات السلطة السورية، علما بأن قوس الإجراءات الدولية غير العسكرية ليس ضيقا، كما يحاول المسؤولون الأميركيون إيهامنا، وبأن لديهم وسائل «سلمية» تمتلك قدرا من الفاعلية لا يقل عن فاعلية الإجراء العسكري، وإلا فليفسر هؤلاء لنا سر ذلك الانسحاب الهروبي الذي قام به ببشار الأسد من لبنان، بمجرد أن صدر قرار دولي يطالبه بذلك، ودون أن تحشد ولو قطعة بحرية واحدة قبالة سواحله، أو تتحرك طائرة واحدة في أجواء المنطقة!

تضعنا تصريحات الوزير بانيتا أمام واقع يخبرنا بأن خيارات أميركا باقية على حالها بالنسبة إلى سوريا وأزمتها، وأنها تتراوح ما بين التذرع بالعجز عن القيام بفعل مؤثر وبين ترك الأمور تأخذ مجراها، كي تعصف بحياة المئات من المواطنين السوريين كل يوم. وبما أنه من الصعب أن نصدق ما يخبرنا السيد بانيتا به، وهو أن بلاده تفتقر إلى وسائل الضغط المناسبة والفاعلة في منطقتنا، مع أنها ركزت 80 في المائة من جهودها الدبلوماسية والسياسية والعسكرية عليها منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، وأعلنتها منطقة خاصة بها وحدها في نظامها العالمي الجديد، وقالت بلسان الرئيس جورج بوش الأب إنها لن تسمح لأحد بالتموضع فيها، فإننا لن نقبل ما يقال اليوم في واشنطن عن دورها في الأزمة، لأنه قد يتغير في أي وقت، ولن نؤمن بمعجزة الوزير ونود تذكيره بأن أميركا لا تعتبر سوريا منطقة تريد انتزاعها من أحد، وأنها تسلم بأرجحية مصالح الروس فيها، ولا تفكر بإخراجهم منها، ولا تعمل إلى اليوم على إيجاد حل لمشكلتها بمعزل عنهم، لذلك لا تفعل الكثير كي تكون لها اليد الطولى فيها، وتحاول ممارسة دورها السوري من خلال دورهم هم أو عبر الاستعانة بهم.

كل ما في الأمر أننا لم نفهم خلال الفترة الماضية لماذا لم تضغط واشنطن عليهم بصورة جدية كي يبادروا إلى رؤية المشكلة السورية في حجمها الحقيقي، ويسارعوا إلى تقديم حل لها نعرف أنهم يستطيعون تنفيذه بمجرد تهديد قادة دمشق بسحب تأييدهم الدولي والداخلي لهم، وتركهم يواجهون مصيرهم بمفردهم، وأن هلاكهم سيكون عندئذ مؤكدا مهما كان دور إيران في دعمهم. هنا، في هذا التقاعس، تكمن مشكلة السياسة الأميركية ومشكلتنا معها: إنهم لا يفعلون شيئا للتدخل بكامل ثقلهم الدولي والإقليمي في الأزمة، ولا يطالبون الروس بوضع حد لها، فهل هذا محض مصادفة أم أنه سياسة مدروسة يراد منها إيصال الوضع السوري والروسي في سوريا إلى حافة الاهتراء، قبل إنضاج حل يفرض عليهما، بما تمتلكه أميركا من قدرات ووسائل يريد الوزير إقناعنا بأنها ليست اليوم في حوزتها!

مهما يكن من أمر، لا أعتقد شخصيا أن موقف الوزير لا يقبل التغيير، وأؤمن جازما بأن دفع النظام بالوضع إلى الحرب الأهلية سيغير معطيات الصراع ومواقف العالم البعيد والقريب منه، وسيجبره على رد مخاطره عنه وعن المنطقة. عندئذ، سنكتشف في السيد بانيتا وزيرا أميركيا مختلفا، لا يسوغ سلبية بلاده بحاجتها إلى معجزة، بل يصنع المعجزة المطلوبة بكل بساطة: ولكن دفاعا عن مصالح أميركا، التي لم يهدد النظام السوري أي واحدة منها إلى الآن، فتحجم واشنطن من جانبها عن فعل أي شيء جدي يهدده، بانتظار ظروف مغايرة تكون لها فيها الكلمة الفصل في مصيره.

هذه هي، في رأيي المتواضع، حدود الدور الأميركي واحتمالاته، فلا هو بحاجة إلى معجزة تشبه عصا بشار الأسد السحرية التي انقلبت إلى عصا أمنية، وليست أميركا عاجزة عن فعل ما تريد إلا لأنها لا تريد، وإن غدا لناظره قريب!

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ