ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 20/06/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

هذا النظام لن يغير مواقفه

عبدالعزيز حمد العويشق   

الوطن السعودية

آخر تحديث: الثلاثاء 19 يونيو 2012, 11:18 ص

بعد خمسين عاما من الحكم الدموي في سورية، وبعد فشل المحاولات العديدة، وآخرها خطة عنان، والحوار والحل السلمي، فإن الانتظار إلى أن يغير النظام موقفه من تلقاء نفسه أصبح سذاجة مميتة

في يوم السبت، قرّر الجنرال "مود" رئيس فريق المراقبين الدوليين في سورية وقف أعمال الفريق بسبب التصعيد في أعمال عنف خلال الأيام العشرة الأخيرة، والخرق المستمر لخطة أنان، وعدم تمكين المراقبين من أداء مهامهم، بعد نحو شهرين من بدئها في 20 أبريل الماضي.

والمفروض أن يدفع ذلك المجتمع الدولي للتحرك، بعد أن أصابه الشلل بسبب ممارسة روسيا لحق النقض في المجلس الأول، واكتفى بموقف المتفرج والانتظار إلى أن يخرج كوفي أنان ونقاطه الست بمعجزة. ومع أن الحكومة قد فشلت في تنفيذ ما يخصها منها، وأهمه وقف إطلاق النار وسحب الجيش من المدن، إلا أن معظم الدول الكبرى تُصرّ على أن خطة أنان هي المخرج الوحيد.

أما وقد توقف المراقبون عن أداء عملهم، فلم يبق من خطة أنان شيء على الأرض.

فالصور القادمة من سورية تحكي جزءا من القصة: آلاف من الأطفال والنساء والشيوخ يُذبحون دون سبب، جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإعدامات أصبحت أحداثا يومية. مئات الآلاف من اللاجئين في دول الجوار، والنازحين داخل وطنهم، الهاربين من جحيم الحرب. تدمير المنازل والأحياء، وبلدات بأكملها. وما لا تظهره الصور ولكن التقارير متواترة بشأنه: الاغتصاب، والاختطاف، والتعذيب، والاعتقالات الجماعية. إنه باختصار تدمير متعمد لشعب بأسره.

أما الهدف فهو الحفاظ على السلطة، فخلافا لما يروجه له النظام وحلفاؤه الروس، ليست هذه حربا أهلية، بل هي حرب يشنها النظام على الشعب السوري الأعزل.

ومع أن مجلس حقوق الإنسان، وهيئة التحقيق المستقلة التابعة له، ومنظمات حقوق الإنسان، تصدر التقرير تلو التقرير، وتوثق الانتهاكات وتدينها، إلا أن آلة القتل والتدمير تستمر.

ونظرا إلى أنني قد تابعتُ من خلال العمل الدولي الحالة السورية منذ عقود، فإنني أشك في أن النظام القائم فيها، بحكم طبيعته، قادر على تغيير موقفه في أي وقت قريب. فقد أظهر مرات عديدة أن العنف، وليست الحلول السياسية، هي وسيلته الوحيدة التي يستطيع التعامل بها. فالفكر الذي يقوم عليه النظام ينطلق من فكر حزب البعث الذي يحكم سورية منذ 1963، وهو منظمة تأسست على نموذج الأحزاب الفاشية الأوروبية، ثم تطورت إلى ما هو أسوأ، فأصبحت إقطاعية عائلية تقوم على الدعم المطلق من قبل قوات الأمن والجيش. ولذلك، فإن السياسة، في أي معنى حقيقي للكلمة، لا توجد اليوم في سورية، ولا مجال فيها للأخذ والعطاء والمساومة والحلول الوسط.

اكتشفتُ ذلك منذ عشرين عاما، حينما كلفتني منظمة دولية بإعداد تقرير شامل عن حقوق الإنسان في سورية. وكانت النتائج صدمة لي، وهي لا تختلف في طبيعتها كثيرا عما نراه في سورية اليوم، وإن كانت على مستوى أدنى من العنف، كما لم تختلف ردود النظام منذ 20 عاما عن ردوده اليوم على التهم الموجهة إليه.

في عام 1992، كان النظام السوري، بعد انتهاء حرب تحرير الكويت التي ساهم فيها مساهمة متواضعة، يسعى إلى الخروج من عزلته، وكان أحد الصعوبات في قبوله كعضو في الأسرة الدولية هو سجله في حقوق الإنسان، ومن هنا كان من الضروري وضع الأمور في نصابها وإعداد تقرير محايد وموثق عن وضع حقوق الإنسان في سورية.

وكان أحد أسباب تكليفي بإعداد التقرير، على ما أظن، هو أنه لم يكن لدي موقف من النظام، بل بدأت من منطلق التشكك في التقارير التي كانت المعارضة السورية واللبنانية ومنظمات حقوق الإنسان تصدرها عن الوضع السوري.

ولإعداد ذلك التقرير، تم تشكيل فريق من الباحثين والمحللين لجمع المعلومات من جميع أنحاء العالم. وقابل الفريق المنفيين السوريين، وأغلبهم ضحايا لبطش النظام أو أقاربهم، المتواجدين في دول الجوار، خاصة لبنان والأردن والعراق، وفي أوروبا، خاصة فرنسا وألمانيا، وفي الولايات المتحدة وكندا.

وكما ترفض الحكومة السورية اليوم التعاون مع أي جهد دولي للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، رفضت في عام 1992 دخول الفريق إلى أراضيها، ولكن الفريق استطاع جمع المعلومات من داخل سورية، من خلال شبكة من المصادر المستقلة، وتمكن من جمع معلومات لم يسبق الحصول عليها من قبل لتوثيق الوضع من الداخل.

ولم يكن فريقنا مستعدا للصدمة التي أصابته وهو يضع الصورة النهائية، بعد جمع تلك المعلومات وتحليلها، وهي أن صفوة المجتمع السوري قد تم القضاء عليها من خلال القتل أوالسجن أوالنفي. ووضع الفريق في نهاية المطاف قاعدة معلومات غير مسبوقة وتحليلاً لها نُشر في حينه. وبالإضافة إلى مجزرة حماة التي قُتل فيها آلاف من المواطنين خلال اجتياح قوات النظام للمدينة، استطاع الفريق توثيق اعتقال آلاف المواطنين الذين اختفوا بعد اعتقالهم. ووثق حالات قتل واغتيال للمعارضين داخل سورية وخارجها، وإعدامات بالجملة في السجون، بدون محاكمة، أو بعد محاكمات صورية في "محكمة الثورة" أو المحاكم الأمنية الأخرى، حيث الأحكام مقررة سلفا.

ووثق الفريق التعذيب الممنهج في المعتقلات السورية المخصصة لمعارضي النظام، والذين كانوا يحالون بعدها إلى سجون ضحمة في تدمر وصيدنايا وغيرها ليواجهوا الموت البطيء في ظل ظروف معيشية مزرية.

وفي تلك الفترة، كما هو اليوم، لم يكن هناك أي بلد في العالم له سجل قريب من السجل السوري، سوى إسرائيل.

وبالطبع قُدمت نتائج التقرير إلى الحكومة السورية، وكان موقف المسؤولين وقتها كمواقفهم اليوم من تقارير مشابهة: ليس فقط إنكار كل شيء وتكذيب كل تهمة، بل الاعتقاد بأن الأوضاع في سورية هي الأفضل في المنطقة، والتشكيك بأن إثارة موضوع انتهاكات حقوق الإنسان يشكل إضعافا للمقاومة وخدمة لمصالح العدو الإسرائيلي. وكأن مقاومة العدو تتطلب قتل المواطنين أولا ومصادرة حقوقهم.

لم يتغير شيء يُذكر في تلك الصورة القاتمة حتى مارس 2011، حين بدأت الانتفاضة الحالية، وأصبحت وتيرة القتل والدمار أسرع.

فبعد هذا السجل الطويل وفشل المحاولات العديدة، وآخرها خطة أنان، لوقف إطلاق النار، والحوار والحل السلمي، فإن الانتظار إلى أن يغير النظام موقفه من تلقاء نفسه أصبح سذاجة مميتة، إن لم يكن تواطئاً متعمداً في تحقيق أهداف النظام.

عبدالعزيز حمد العويشق   

=================

رأي الراية .. موقف دولي حازم

الراية

19-6-2012

جددت دولة قطر مطالبتها للمجتمع الدولي بضرورة اتخاذ موقف حازم وسريع مما يجري في سوريا وضرورة الضغط على النظام السوري لإنهاء العنف وحل الأزمة حفاظا على وحدة سوريا ومستقبلها.

لقد حذرت قطر في الكلمة التي ألقاها خالد فهد الهاجري مستشار الوفد الدائم لدولة قطر لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف خلال الدورة العشرين لمجلس حقوق الإنسان من خطورة تفاقم أزمة حقوق الإنسان في سوريا نتيجة إصرار النظام السوري على مواصلة ارتكاب أبشع الجرائم المروعة والوحشية ضد المدنيين السوريين التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

إن استمرار قوات الجيش والأمن التابعة النظام السوري في الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يستدعي من المنظمات الدولية المعنية أن تسعى فورا لنقل ملف الانتهاكات إلى المحكمة الجنائية الدولية من أجل خضوع المتورطين في هذه الانتهاكات إلى المساءلة القانونية.

اللجوء لإدانة الممارسات القمعية التي يقوم بها النظام السوري والتي أدت ولا زالت إلى وقوع جرائم خطيرة ضد المدنيين، لا يكفي وحده لوقف التصعيد الخطير الذي يقوم به النظام ضد الشعب السوري فالمجتمع الدولي مطالب بسرعة التحرك للضغط على الحكومة السورية من أجل أن تتوقف فورا عن استخدام الأسلحة الثقيلة وقصف المناطق السكنية فمثل هذه الأفعال تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب لا يمكن الصمت تجاهها.

كما أن المجتمع الدولي مطالب أيضا بتجاوز الانقسامات والتحدث بصوت واحد من أجل وضع حد للعنف، ولانتهاكات حقوق الإنسان المستمرة والمتصاعدة في سوريا.

إن المخرج الممكن لمواجهة القمع المستمر للنظام وخصوصا في مدينة حمص التي تجري محاصرتها وقصفها يتمثل في وضع مبادرة المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان تحت الفصل السابع في مجلس الأمن الدولي وهو ما سيضطر النظام حينها إلى الالتزام بتطبيق الخطة التي أعلن موافقته عليها دون أن يطبق أي بنودها.

إخفاق المجتمع الدولي في إجبار النظام السوري على وقف العنف ووقف قصف المدن والبلدات بالطائرات والأسلحة الثقيلة والذي أدى إلى وقوع مجازر عديدة بين المدنيين يعني ترك الشعب السوري وحيدا في مواجهة القتل والموت المستمر منذ أكثر من خمسة عشر شهرا.

=================

مها بدر الدين / الحرب الأهلية في سورية

الرأي العام

19-6-2012

نقلت وكالة أنباء الفاتيكان الرسمية أخيرا أخباراً عن تهجير المسيحيين قسراً في بعض مناطق المواجهة الثورية والقتالية بين النظام السوري ومناهضيه، وتم الحديث عن مسيحيي مدينة القصير الحدودية تحديداً والتي تعتبر مثالاً نموذجياً للتعايش السلمي والانصهار الإنساني بين مختلف الطوائف الدينية سواء السنية والمسيحية والعلوية والشيعية التي تقطن هذه البقاع منذ مئات السنين بانسجام أخوي فطري، ووئام سلمي عفوي، كان عنواناً مميزاً لهذه المدينة التي تربط الأراضي السورية بالأراضي اللبنانية المقابلة لها.

وقد نفى الاخوة المسيحيون في مدينة القصير هذه الأخبار المجهولة المقصد، وأعلنوا أن هجرة عائلاتهم كانت تزامناً مع هجرة الكثير من العائلات السنية وبرفقتهم هرباً من القصف العشوائي الذي تتعرض له مدينتهم والذي لا يفرق بين مسيحي ومسلم، كما نفى الثوار وقادة الجيش الحر في المدينة مطالبتهم لأبناء الطائفة المسيحية في مدينة القصير بالخروج منها كما روجت وكالة الأخبار المذكورة، وما زيارة الأب الإيطالي باولو لهذه المدينة الرمز باعتبارها أيقونة فريدة في الاندماج العرقي والديني، وتواجده بين الثوار المسلمين ومباركته لهم سوى تأكيد لهذه الروح التي تعم المدينة، وما احتضانه ممن تبقى من أهل المدينة من المسلمين السنة سوى دليل على أن مدينة القصير كبقية المدن السورية تضم نسيجاً إنسانياً مختلفاً ألوانه، يؤمن بسلمية الثورة ويؤكد على أن الشعب السوري واحد.

ان هذه الأخبار المتناقلة والملفقة إن دلت على شيء، فإنما تدل على استماتة النظام السوري في تغيير مسار الثورة السورية من ثورة اندلعت للقضاء على نظام حكم الفرد والتخلص من عبء أسرة الأسد التي أثقلت عاتق الشعب السوري باستبدادها التاريخي والانتقال إلى مستقبل أكثر حرية وكرامة وديموقراطية، إلى حرب أهلية وقودها الناس والحجارة، تأكل الأخضر وتحرق اليابس، وترمي في اتونها الوالد والمولود، وتحرق بنارها بلداً كان يوماً آمناً، وهو ما فشل فيه النظام حتى الآن رغم المجازر المروعة التي ارتكبها وصبغها بلون الطائفية، مستفزاً بممارساته الوقحة نزعات الانتقام والثأر الفطرية التي تدخل في تكوين النفس البشرية والتي نجح الشعب السوري حتى الآن بكبح جماحها.

وقد كثر الحديث دولياً في الآونة الأخيرة عن الحرب الأهلية في سورية، فبعد أن كان المجتمع الدولي يحذر من انزلاق الوضع السوري إليها، يصرح السيد هيرفيه لادسو مسؤول عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، بأن سورية تعيش فعلاً حرباً أهلية، وأن لا وجود للسلام الذي يجب أن يحميه المراقبون الدوليون في مهمتهم، فإذا أضفنا إلى مثل هذه التصريحات تلك الاتهامات المتبادلة بين واشنطن وموسكو حول تسليح كل منهما لأحد أطراف النزاع السوري، وإعلان السيد أندرسن فوغ راسموسن الأمين العام للحلف الأطلسي أن التدخل العسكري ليس الطريق الصحيح لحل الأزمة في سورية، نجد وكأن المجتمع الدولي يرغب فعلاً في أن يصل الوضع السوري إلى حرب أهلية لتبرير تقاعسه عن إنقاذ الشعب السوري حتى الآن من ممارسات قوات النظام الأسدي التي تزداد عنفاً وإجراماً يوماً بعد يوم.

ورغم أن النظام السوري قد غير المسميات كعادته، فأطلق مصطلحاً جديداً على عملياته العسكرية غير الشرعية واصفاً إياها بعملية استئصال الإرهاب، فإن هذا يعتبر تلميحاً موحياً لضرورة وجود حرب أهلية في المنطقة، واعترافاً ضمنياً بالعمل على تأجيجها بين طوائف الشعب السوري المتعددة، وما تركيز ضربات سيفه على المناطق ذات الغالبية السنية سوى تأكيد على حرصه على إزكاء روح الفتنة وتأجيج نارها حتى الوصول إلى الحرب الطائفية التي يحاول جرجرة البلاد إليها منذ اللحظات الأولى لولادة الثورة الشعبية السورية، لضمان استمراره لأطول فترة ممكنة ومحاولة إعادة السيطرة على كرسي الحكم الأسدي الذي يقف على شفا حفرة من نار الثورة وبدأ يترنح في طريقه للسقوط في الهاوية.

بالمقابل يؤكد الناشطون على الأرض الملتهبة في سورية أن لا وجود لحرب أهلية على أرض الواقع، وأن جميع محاولات النظام لتكريس الفكر الطائفي في ممارسات مؤيديه وقواته تجاه الشعب الأعزل قد باءت بالفشل، لأن الشعب السوري في الداخل ما زال واعياً لهذه المحاولات المستميتة فيتصدى لها بكل حزم وقوة، إيماناً منه بأن الثورة على الاستبداد تعم ولا تخص، فهي ملك للشعب السوري برمته، لا فرق في مسببات الثورة ونتائجها بين سوري سني أو سوري مسيحي أو حتى سوري علوي، فالسوري على اختلاف مشربه ومذهبه قد عانى سابقاً من استبداد النظام الأسدي، ويدفع اليوم ضريبة مطالبته بحريته، وسيجني أولاده ثمار الثورة التي لن تكون حكراً على أحد.

إن الحرب الأهلية في سورية حتى الآن لم تظهر لها ملامح عملية تشير إلى وجودها، لكن المنطق يقول ان ما يجري على الساحة السورية من أحداث دموية تتسع دائرتها يوماً، واصرار قوات الأسد على إعادة السيطرة على العباد، ومضي الشعب في ثورته حتى تحرير البلاد، وتجاهل المجتمع الدولي حق الشعب السوري في مواصلة الجهاد، قد يوصلنا إلى حرب أهلية طائفية ثقيلة الوطأة بغيضة الهيئة، لن ينقذنا منها سوى تكاتف الشعب السوري ووقوفه بكل أطيافه وفئاته في خندق واحد يحميه ما قد تؤول إليه الأمور طالما مازال في القصر الجمهوري أسد يزأر خوفاً، ويبطش رعباً، ويعيش أيامه الأخيرة على المهدئات الروسية والمحفزات الإيرانية.

مها بدر الدين

=================

خيرالله خيرالله / كلمة السّر التي افتقدها النظام السوري

الرأي العام

19-6-2012

ما أدى الى الثورات العربية والى الربيع العربي، المتوقع ان يطول أكثر بكثير مما هو متوقّع، وضع لم يعد في استطاعة اي شعب من الشعوب المعنية تحمّله. ما ادّى الى الربيع العربي وجود انظمة من نوع النظام الذي كان في تونس او في مصر او في ليبيا او في سورية، وحتى في اليمن، التي تميّزت عن الدول الاخرى بقبول الرئيس علي عبدالله صالح التنحي بموجب صفقة معينة نفّذ، اقلّه الى الآن، الجانب الذي يخصّه منها.

لماذا لم يصل الربيع العربي الى الاردن والمغرب، على الرغم من التظاهرات الكبيرة التي شهدتها البلدان؟ الجواب انه وصل الى المملكتين، لكنه توقّف عند حدود معيّنة. ذلك عائد الى وجود نظامين على علاقة مباشرة ويومية مع الشعبين في البلدين.

في المغرب، ادرك الملك محمّد السادس باكرا الحاجة الى الاصلاحات ووضع القوى والاحزاب السياسية امام مسؤولياتها واصرّ على اجراء الانتخابات بعد ادخال تعديلات واسعة على الدستور كانت موضع استفتاء شعبي. تعهّد الملك تكليف زعيم الحزب الذي يحصل على اكبر عدد من المقاعد تشكيل الحكومة. لم يتوقف عند هوية زعيم الحزب وما اذا كان اسلاميا ام لا. دعاه الى تولي مسؤولياته والمساهمة في حلّ المشاكل التي يشكو منها المواطن العادي. عاجلا ام آجلا، سيحاسب الناس رئيس الحكومة والوزراء المعنيين... عن طريق صناديق الاقتراع بديلا من الفوضى والضياع.

في الاردن، اكّد الملك عبدالله الثاني تمسّكه بالاصلاحات وباجراء التعديلات الدستورية المطلوبة وتشكيل الهيئات التي تشرف على الانتخابات. هناك اصرار على الانتخابات قبل نهاية السنة الحالية. ليس المطلوب انتخابات من اجل الانتخابات، بمقدار ما ان المطلوب السعي الى حياة حزبية منتظمة تكون فيها حكومة تمثّل الاكثرية ومعارضة فاعلة تحاسب الحكومة بشكل عملي وعلمي في الوقت ذاته بعيدا عن المزايدات والفوضى والعشوائية.

عندما تلكّأت حكومة السيد عون الخصاونة في تأدية المطلوب منها في مجال الاعداد للانتخابات، اخذ العاهل الاردني المبادرة وكلّف الدكتور فايز الطراونة تشكيل حكومة تتولى الاعداد للانتخابات وتهيئ الارض لمزيد من الاصلاحات على كل الصعد في ظروف اقتصادية بالغة التعقيد والصعوبة.

لم ينفجر الوضع لا في المغرب ولا في الاردن، على الرغم من محاولة بعض التنظيمات المتطرفة الاصطياد في الماء العكر بتوجيه من جهات اجنبية تعتقد ان الاستثمار في الاضطرابات في الاردن او غيرها من الدول سيجعل الانظار تحيد عن الوضع السوري.

كلّ ما في الامر ان هناك قيادات عربية متصالحة مع شعوبها. ولذلك، تبدو كلّ المحاولات التي تبذلها عناصر متطرفة مثل جماعة الاخوان في دولة الامارات خارجة عن السياق الطبيعي لتطور الامور في تلك الدولة. من تصدى للاخوان المسلمين في الامارات لم يكن اجهزة الدولة، بل المواطن العادي المتمسك بمؤسسات الدولة والذي يدرك ان الكلام الفارغ عن الاصلاحات الذي يتشدّق به بعضهم، كلام حقّ يراد به باطل لا اكثر. كلمة السر في دول عربية عدة، ولدى بعض العرب الذين ينتمون الى العصر هي التصالح مع الشعب ولا شيء آخر غير ذلك.

لو كان زين العابدين بن علي متصالحا مع شعبه، لما وصل الى ما وصل اليه. ولو كان حسني مبارك متصالحا مع شعبه، لما كان «الاخوان المسلمين» استطاعوا التوصل الى صفقة مع المؤسسة العسكرية انتهت باضطرار الرئيس المصري الى التنحي والذهاب الى شرم الشيخ ومن هناك الى السجن. لم يجد حسني مبارك من يدافع عنه وعن عائلته نظرا الى انه كان يعيش في برج عاجي جعله عاجزا عن فهم المزاج الشعبي من جهة وما تضمره المؤسسة العسكرية المعترضة على التوريث من جهة اخرى.

كان معمّر القذافي اسير برجه العاجي اوّلا واعتقاده انه ألغى الليبيين ثانيا وأخيرا، وذلك عندما اخترع شيئا اسمه «الجماهيرية». فقدََ اي علاقة بالشعب باستثناء الرغبة في اذلاله وافقاره كي يكون تحت رحمته في كل ساعة. ولذلك انتهى بالطريقة التي انتهى بها. لو كان الشعب الليبي متصالحا مع القذّافي وجماهيريته فعلا، لما كان في استطاعة قوة على الارض اقتلاعه، بما في ذلك كلّ طائرات دول حلف شمال الاطلسي. ولكن ما العمل عندما يكون الشعب في طليعة المعترضين على الحاكم؟

ما نشهده اليوم في سورية يشبه الى حدّ كبير ما شهدناه في ليبيا. الفارق ان لا رغبة لدى دول الغرب في التدخل. هناك اصرار على ترك سورية تتفتت من الداخل. لن تكون هناك حاجة الى تدخل خارجي كي يسقط النظام في مرحلة ما، ما دام الشعب يقف في اكثريته الساحقة ضد الحاكم ونظامه المريض.

ما يفترض بالنظام السوري استيعابه اليوم قبل غد انه لا يمتلك كلمة السرّ الموجودة لدى بعض العرب الواعين، كما لا يمتلك ايّ شرعية من اي نوع كان وان وقت التوصل الى تسوية على الطريقة اليمنية فات اوانه منذ فترة طويلة. فكلمة السرّ التي يعرفها معظم حكام دول الخليج العربي، اضافة الى عاهلي المغرب والاردن، ليست موجودة في قاموس النظام السوري حيث فشل الرئيس بشّار الاسد في ان يكون متصالحا مع شعبه في يوم من الايّام. كلّ ما يستطيع فعله الآن هو البحث عن صيغة تضمن له ملجأ آمنا مع افراد عائلته... هذا اذا كان يودّ الاستفادة من تجربة تونس او مصر او ليبيا او اليمن حتّى. البديل من ذلك تأكيد لمقولة تتحوّل يوميا الى حقيقة راسخة، فحواها ان أزمة سورية ليست أزمة نظام فحسب، بل كانت دائما ازمة كيان ايضا...

 

خيرالله خيرالله

* كاتب وصحافي لبناني مقيم في لندن

 

=================

زين الشامي / سورية ... النظام يتخلخل شيء ما داخل الطائفة

الرأي العام

19-6-2012

لم يكن مفاجئا ان يعلن رئيس عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة إن الانتفاضة وحركة الاحتجاجات الشعبية التي بدأت قبل نحو 15 شهرا في سوريا قد تحولت إلى «حرب أهلية كاملة». ان ذلك كان متوقعا بعد عدد من المجازر التي ارتكبت في بعض مناطق الاحتكاك الطائفي في حمص وحماة واللاذقية، حيث تتداخل الديموغرافية السورية الطائفية والاثنية بشكل رائع كما هو حال بقية المناطق، لكنه التداخل الذي بات مؤلما ودمويا اليوم بعد اصرار النظام السوري على الاستمرار في خيار العنف حتى النهاية وعمله على اشعال الصراع الطائفي بغية حرف طبيعة الانتفاضة الشعبية عن مسارها وتصوير الوضع في سوريا على انه صراعا طائفيا تقف وراءه «مجموعات ارهابية مسلحة».

ان الاعلان ان سوريا دخلت مرحلة «الحرب الاهلية» لا يعني ابدا ان هناك اقتتالا طائفيا او دينيا او اثنيا بين السوريين بقدر ما يعني بلوغ الصراع العنيف بين المعارضة المسلحة والمنشقين وما بين قوات النظام مرحلة متقدمة في الآونة الاخيرة تجلت في وصول المعارك الى قلب العاصمة دمشق، وبعد معلومات وتقارير تحدثت عن وصول اسلحة جديدة وكميات اكبر للجيش السوري الحر. وقد رأينا كيف ان المعارضة المسلحة استولت على كتيبة صواريخ في منطقة «الغنطو» قرب حمص، وانتشار العشرات من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر قيام المسلحين بتدمير عدد من دبابات الجيش السوري في اكثر من مكان، هذا عدا عن سيطرتهم شبه الكاملة على مناطق واسعة في ادلب وحمص وحماة وبعض مناطق حلب ودير الزور وريف دمشق. وقد عكس هذه التطورات الميدانية الدراماتيكية اضطرار النظام الى استخدام طائرات الهيلوكبتر الحربية في معاركه ضد مقاتلي الجيش الحر.

هذا كله يأتي متزامنا مع ازدياد كبير وملفت في اعداد قتلى الجيش السوري وضباطه، وقد لوحظ في الآونة الاخيرة ان وكالة الانباء السورية باتت تنشر حصيلة اكبر لعدد هؤلاء القتلى، ففي احدى المرات وصل عددهم الى 59 شخصا ومرة الى نحو 40 شخصا، اما في اغلب الايام فلا ينزل الرقم عن العشرين ضابطا وجنديا.

هذا كله ادى الى مزيد من خسارة التأييد للنظام والرئيس بشار الأسد، وبدأت الفئة «الصامتة» تعبر عن استيائها ويعلو صوتها اكثر منتقدة النظام والرئيس الذي لم يستطع حسم الامور على الارض، لا بل انه بات يخسر ميدانيا بعد ان اعلن قبل نحو خمسة اشهر انه يسيطر على الارض فيما المعارضة و«المتآمرون على سوريا يسيطرون على الفضاء»، وذلك في اشارة وسائل الاعلام التي تغطي وقائع الاحتجاجات الشعبية ولا تخفي تعاطفها مع المنتفضين.

التذمر تسرب أيضا، وهو ما كان متوقعا، الى داخل الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس بشار الأسد، بعكس ما كان يشاع سابقا عن تأييد كامل له داخل تلك الطائفة ولخياره العنفي. فبعد مجزرة «الحولة» في حمص و«القبير» في حماة، هناك الكثير من ابناء الطائفة العلوية ممن استنكروا ودانوا لجوء النظام ودعمه هذه التوجهات القذرة والمخيفة على المدى البعيد لمستقبل ابناء الطائفة ومستقبل التعايش الوطني بشكل عام. أيضا فإن ازدياد عدد الضحايا من ابناء الطائفة المنخرطين في الاعمال القتالية اليومية على مدار اكثر من عام تسبب في تزايد مشاعر التذمر والاستياء والتعب النفسي والجسدي ايضا.

بناء عليه لا نستغرب ان تنشر صحيفة مثل «نيويورك تايمز» الاميركية تقريرا يتحدث عن الانقسام داخل الطائفة العلوية على لسان أحد العلويين يقول فيه ان جزءا من ابناء الحي الذي يسكن فيه منطقة بانياس في طرطوس «مكتئب وحزين لما يقوم به النظام، والجزء الآخر هم ببساطة وحوش» ويقصد هذا هنا الشخص هنا القاعدة العلوية وغالبيتهم من المتطوعين بالجيش والملتحقين بالمؤسسات الامنية من الذين لم يتلقوا تعليما جيدا، ففي حي «الزهرة» في حمص على سبيل المثال هناك هتافات مناوئة للرئيس بشار الأسد، ليس بسبب لجوئه الى خيار العنف بل بسبب ضعفه وعدم قدرته على الحسم السريع مقارنة بوالده.

اما على مستوى النخبة المثقفة وحتى الدينية منها، فهناك ثمة خشية وقلق من احتمال انتقام المعارضين من المسلمين السنة في المستقبل خصوصا وان هذه النخب تنظر الى ان نهاية النظام ليست ببعيدة. أيضا فإن مبعث استياء هذه النخب ينبع من وعي كامل بمخاطر الحرب الاهلية على مستقبل كل ابناء الطائفة وعلى السوريين عموما ومستقبل سوريا ذاتها ككيان سياسي واجتماعي تاريخي.

اما طبقة الضباط العلويين الذين يشكلون غالبية قيادات الجيش والأجهزة الأمنية، فالغالبية منهم، حسب ما اخبرني صديق علوي متورطون في القمع والفساد، ولا يتوقع من هؤلاء أن يتراجعوا لأن ذلك سيكون بمثابة انتحار لهم ونهاية لمستقبلهم العسكري والمالي.

حقا ان الصورة داخل الطائفة اكثر من معقدة، ففي الوقت الذي تعتبر غالبية الضباط ملتحقة بالنظام، رأينا في مناسبات عدة سابقا كيف ان بعض رجال الدين من الطائفة اصدروا بيانات أعلنوا فيها براءتهم من «الأعمال الوحشية» التي يقوم بها النظام السوري بحق المحتجين، ومؤكدين في الوقت نفسه أن «نظام الأسد لم ولن يمثل طائفتهم في أي حال من الأحوال».

لكن وبشكل عام، فإن هذا الواقع داخل الطائفة العلوية، والسيطرة المتسعة باطراد للمعارضة المسلحة على جغرافية واسعة من الاراضي السورية، اضافة لتصاعد حدة الاصوات على المستوى الدولي المطالبة بالتدخل لحسم الامور في سورية، والمحذرة بنفس الوقت من دخول سورية في محلة الحرب الاهلية يعطي اشارات مهمة عن مصير النظام الذي كان يوصف يوما بالحديدي.

زين الشامي

=================

سوريا بين الأقليات والأكثرية

تاريخ النشر: الثلاثاء 19 يونيو 2012

د. طيب تيزيني

الاتحاد

كثر الحديث عن الوضع الطائفي في سوريا، وعما إذا كان هذا الوضع هو الذي سيكون "بمثابة القشة التي ستقصم ظهر البعير"، بل إن حالة جديدة يسجلها الباحث المراقب لأهميتها وهي ارتفاع نبرة الحديث عن ذلك الوضع في سوريا بالتوافق مع أحداث عسكرية دامية تُقَّدم في الإعلام على خلفية صراع طائفي. وجاء من قبيل ذلك ما حدث بين سكان من مدينة السويداء الدرزية ومدينة درعا السنية، حين جرى اختطاف عدد معين من كلتا المدينتين، وحين راح البعض يسوقه بصفته حادثاً طائفياً، كان ذلك قبل ما يقرب من الأسبوعين. ولولا أن تصدى لهذا الحدث جموع من المواطنين العقلاء، حيث دفنوه كما دفنوا أحداثاً أخرى مماثلة سابقة في ذاكرة الموت المقيتة، لكان أحدث مذبحة بين أبناء المدينتين المذكورتين.

ما عرضناه يمثل إحدى الشرارات التي فجرها أناس أقل ما يقال فيهم إنهم أرادوا من ذلك إشعال النار في سوريا بين طوائف عاشت حتى الآن - بغض النظر عما حدث من أحداث مماثلة في عهد الانتداب - الاستعمار لسوريا، وكذلك في أحوال أخرى فريدة.

وإذا أخذنا بالاعتبار أن التاريخ الطائفي السوري كان - عموماً - تاريخاً قام على التوافق بين كل مكونات الشعب السوري، أي على مبدأ الإقرار بالآخر تحت راية العلم السوري والمواطنة السورية، فإن مسؤولاً كبيراً يطرح نفسه - بكل مرارة واستفزاز - وهو: لماذا يصعد خطاب الطوائف في سوريا الآن بلهجة طائفية خطيرة، إلى السطح، آخذاً صيغة يتضح منها الدم عبر القتل والاستباحة وتدمير كل ما يتحرك على الأرض السورية؟ واستتباعاً لذلك: لماذا تحدث المجازر الدموية المروعة الآن، وقد ودَّعْنا آخرها في الحولة والقبير وأخرى منذ ما يقترب من أسبوعين؟ مع العلم أن هذه المجازر تفوح منها رائحة لا تُخطئ بُعدها الطائفي، وأفقها التدميري.

الآن وبعد أن راح يحدث ما يحدث في سوريا من تصميم على تدميرها، خصوصاً عن طريق تصعيدها بوسائل متعددة تبرز الحرب الطائفية (وليس الأهلية) ضمنها، نستدعي الذاكرة التاريخية، التي يمتلكها جيل الهزيمة في العالم العربي والتي راح يضخها بالحياة، كي يقرأها من جديد وفي ضوء الراهن المشتعل: ألا تتضمن الصراعات الطائفية في سوريا دلالة تشير إلى مرحلة سبقت مرحلتنا هذه المحشوة بما يُعرف وبما لا يُعرف من قنابل يُراد لها أن تضع سوريا وجهاً لوجه أمام استراتيجية الشرق الأوسط الجديد أو الأكثر جِدّة: إن ما لم يتحقق قبل سنين، لا يُدفن في مقبرة التاريخ، خصوصاًِ إذا لم يفقد وظائفه الاستراتيجية المنوطة به! وهذا هو ما ينطبق أو ما قد ينطبق على المشروع المذكور، ونذكّر الآن بما كنّا نراه بعد سقوط بغداد، كان رأينا أن دور سوريا سيحل في اللحظة المناسبة، أي في اللحظة المحتملة، التي يكون أو قد يكون الإصلاح والتغيير والتحديث قد دخل مرحلة أخطر ما تتسم به هو الاضطراب والعنف ومواجهة الدعوة إلى تلك الأهداف الثلاثة بالحديد والنار، أو بنمط من المراوغة المسلحة بهاتين الأداتين.

وعلينا أن نذكّر بما طفح من رهانات واستراتيجيات واحتمالات سياسية (مع غياب السياسة في سوريا) وغيرها، بعد سقوط بغداد، كانت الرؤية التاريخية المستقبلية، كما رأيناها آنئذ، تقوم على أن الحلول المطروحة، أو التي ستُطرح كحل لما اعتبر أزمة بنيوية في سوريا، تتشعب إلى أربعة هي التالية: انفجار الوضع الاجتماعي الاقتصادي (الطبقي) يُسعى إلى تغطيته أو تزويره طائفياً. وتفجير الوضع الطائفي شافولياً وأفقياً ولولبياً. والعمل على استدراج الخارج لاقتحام الداخل السوري، وتحويل حُطامه التاريخي إلى حالة من صراع بين الجميع على نحو يجعل هؤلاء أطرافاً مسؤولة عن ذلك: المال الحرام يحفز اللصوص على "التدخل" بطريقة ما. وأما الحل الآخر والأخير، فهو الذي يستجيب لاحتياجات الإصلاح والنهوض والتحديث وفق حاجات مجتمع (هو السوري)، ظل أكثر من نصف قرن يحاول إنجاز حالة جديدة، لكن حيتان هذا المجتمع يقفون بالمرصاد لذلك.

=================

سوريا... تعليق مهمة المراقبين الدوليين

تاريخ النشر: الثلاثاء 19 يونيو 2012

الاتحاد

قرار الأمم المتحدة تعليق بعثة مراقبيها في سوريا يمكن أن يزيد من الضغوط على نظام الأسد من أجل حمله على الامتثال لخطة سلام أممية ينظر إليها كثيرون باعتبارها آخر فرصة لتفادي نشوب حرب أهلية شاملة في تلك الدولة الشرق الأوسطية التي يمزقها الصراع. ولكن انسحاب المراقبين الذي أعلن عنه يوم السبت الماضي يمكن أيضاً أن يضع ضغوطاً على روسيا، التي أدى تحالفها مع الأسد إلى زيادة في التوتر مع واشنطن، وذلك على اعتبار أن موسكو ساعدت على صياغة مبادرة السلام، ومصممة على الإبقاء عليها حية، وتدرك أن فشلها يمكن أن يزيد من المطالب بتحرك دولي أكثر حزماً وصرامة.

وكانت الأمم المتحدة قد أشارت إلى تصاعد العنف في تعليلها قرار تعليق بعثة المراقبين، التي تعد مكوناً أساسياً من خطة المبعوث الأممي الخاص كوفي عنان.

وتعليق بعثة المراقبين -وإمكانية أن تكون جهود عنان برمتها على وشك الانهيار- يمكن أيضاً أن يشكل رسالة واضحة إلى الأسد، الذي قال عنه عنان إنه يتحمل "المسؤولية الأولى" بخصوص تنفيذ خطة إنهاء الأزمة. غير أن قلة قليلة من المراقبين المستقلين للشأن السوري يعتقدون أن الأسد يمكن أن يقوم بسحب جنوده ومدرعاته من المناطق السكنية ويسمح باحتجاجات سلمية، وهما نقطتان رئيسيتان تنص عليهما خطة السلام، في وقت ما زال يتمسك فيه بالسلطة في تلك الدولة المنقسمة والبالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة.

وبالتوازي مع ذلك، تحولت خطة عنان إلى نوع من حبل النجاة بالنسبة للأسد، الذي يواجه حكمه الاستبدادي انتفاضة اندلعت قبل 15 شهراً أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 10 آلاف شخص وتدمير اقتصاد سوريا، حيث سمحت لأنصاره بأن يجادلوا، وإن على نحو غير مقنع، بأن دمشق تستجيب للهدنة التي يرعاها المجتمع الدولي والانتقال إلى حكومة أكثر تمثيلية. كما وفرت الخطة بعض الغطاء الدولي لنظام الأسد، على رغم التنديد الواسع بأعماله القمعية.

أما المعارضة السورية، الحذرة دائماً من مقترح السلام، فتشدد على أن الأسد إنما يسعى إلى كسب الوقت ولا نية لديه في تطبيق الخطة ما عدا خطواتها الأولى، غير المؤلمة نسبياً: الموافقة على وجود المراقبين الأمميين، والإفراج عن بعض السجناء، ومنح تأشيرات لبعض الصحفيين الأجانب، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع. غير أن روسيا، التي سبق لها أن تزعمت مرتين استعمال "الفيتو" ضد مشاريع قوانين في مجلس الأمن الدولي تندد بقمع الأسد لمعارضي النظام، تسعى جاهدة إلى إنقاذ هذا الجهد، حيث ترغب موسكو في عقد مؤتمر دولي حول الخطة، ولكن واشنطن تعترض على إلحاح موسكو الواضح على توجيه دعوة لإيران، وهي حليف قوي آخر للأسد، لحضور هذا الاجتماع.

والخطة تحظى بدعم إدارة أوباما وحلفائها العرب والأوروبيين، غير أن الهدف المعلن لهذا التحالف -خلع الأسد- ليس جزءاً من الخطة التي تدعو بشكل فضفاض إلى "عملية سياسية شاملة يقودها السوريون من أجل معالجة التطلعات والتخوفات الشرعية للشعب السوري". ويبدو أن واشنطن وحلفاءها يتبنون استراتيجية التمسك علانية بالخطة إلى حين ما يعتبره الكثيرون فشلاً لا مفر منه. وفي تلك اللحظة، ستزداد الضغوط على موسكو ربما من أجل دعم تحرك أكثر صرامة من قبل الأمم المتحدة ضد حكومة الأسد.

وقد صرحت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مؤخراً: "أعتقدُ أنه من المهم أن نمنح عنان وخطته القدر الأخير من الدعم الذي نستطيع حشده لأنه، من أجل إدخال آخرين في حالة نفسية لاتخاذ قرار في مجلس الأمن، يجب أن يكون هناك اعتراف أخير بأنها لم تنجح".

وكانت كلينتون قالت في وقت سابق من هذا الشهر، في ستوكهولم، إنها أخبرت وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بأن رحيل الأسد ليس "شرطاً مسبقاً"، ولكنه "ينبغي أن يكون نتيجة" أي خطة لسوريا.

ويسعى المسؤولون الأميركيون إلى الحصول على دعم روسيا لمخطط "عملية انتقالية" مدعومة دولياً من أجل حكومة جديدة في سوريا. والنموذج الناجح هنا هو المخطط الذي أفضى إلى رحيل الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بعد أشهر مديدة من الاحتجاجات. غير أن موسكو قالت إنها لن تدعم سوى مقترح يحظى بدعم الشعب السوري، ونفت علانية العمل على أي نوع من الخطوات الانتقالية بخصوص القيادة السورية. ذلك أن موسكو ما زالت تعارض تدخلاً عسكرياً في سوريا، معتبرة العمليات التي يقودها الغرب بهدف تغيير القيادات، على غرار تلك التي تمت في ليبيا والعراق، عمليات مريبة ومشبوهة كلفت روسيا حلفاء مهمين وزادت من حالة عدم الاستقرار الدولي.

والواقع أن الثوار والقوات السورية على حد سواء انتهكوا وقف إطلاق النار الأممي، والدبلوماسيون لا يستطيعون صياغة بديل من شأنه تجنيب البلاد ما يخشى كثيرون أن يكون حمام دم بمسحة طائفية قد يمتد إلى خارج الحدود السورية ويزعزع استقرار المنطقة المضطربة. ولذلك، فإنه لا توجد أي خطة أخرى على الطاولة.

وفي بيان صدر يوم السبت الماضي، أشار الجنرال روبرت مود، الذي يرأس بعثة الأمم المتحدة، إلى أن "تصعيد العنف المسلح في سوريا خلال الأيام العشرة الأخيرة" زاد حصيلة الضحايا ويطرح خطراً كبيراً بالنسبة للمراقبين غير المسلحين. وقال الجنرال النرويجي: "إن غياب الإرادة لدى الطرفين في البحث عن عملية انتقالية سلمية، والدفع في اتجاه دفع المواقع العسكرية، يزيدان الخسائر على كلا الجانبين"، مضيفاً "هناك مدنيون أبرياء، رجال ونساء وأطفال، يُقتلون كل يوم".

باتريك ماكدونل

بيروت

ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"

=================

إيران لا تدعم بشار لأنه علوي!

سركيس نعوم

2012-06-19

النهار

 يؤكد المسؤولون الايرانيون، في محادثاتهم مع نظرائهم في المنطقة وكذلك في العالم الاوسع، ان بلادهم لا تؤيد او بالأحرى لا تدعم وبكل قوة الرئيس بشار الاسد لأنه علوي، مثل مؤسس النظام الذي يقوده منذ عام 2000 الرئيس الراحل حافظ الاسد، أو لأنه حوّل النظام علوياً في صورة عملية، رغم استمرار حزب البعث القائد للبلاد بموجبه رسمياً حتى ما قبل "الإصلاح" الذي نفذ قبل اشهر قليلة وعملياً بعد الانتخابات "المُمثِّلة" رسمياً بعد ذلك، أو لأنه ساعد ايران ومنذ ايام المؤسس على دعم الطائفة الشيعية في لبنان داخل السلطة وخارجها وعلى عسكرتها وعلى مساعدتها في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي، وتالياً على جعلها الرقم الصعب داخل التركيبة اللبنانية، وعلى جعل لبنان تابعاً في شكل او في آخر لإيران بفعل الامر الواقع وسلاحه الذي هو سلاح المقاومة، أو لأن دوره في إقامة ما يسمى تحالف اقليات في المنطقة العربية كبير جداً بل لا يُستغنى عنه كون سوريا تشكّل والعراق قلب المنطقة. والدولتان صارتا جزءاً اساسياً من المحور الاقليمي الذي تقوده ايران.

التأكيد المذكور اعلاه ينقله ايرانيون على علاقة وثيقة بالنظام الحاكم في بلادهم منذ نحو 33 سنة. ويضيفون اليه شرحاً يفيد ان الهدف من السياسة التي تنتهجها ايران الاسلامية هو إقامة محور عربي واسلامي قوي قادر أولاً على مواجهة التحدي الغربي والأميركي المزمن للعرب والمسلمين، وقادر ثانياً على تحرير الاراضي العربية التي تحتلها اسرائيل، وقادر ثالثاً على العمل مباشرة ومع العرب لتحرير القدس وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المغتصبة، وقادر رابعاً واخيراً على إقامة انظمة اسلامية في العالم العربي ولكن ليس بالفرض بل بالإقناع وبالتعاون مع القوى الاسلامية المهمة العريقة التأسيس وذات الغالبية السنّية.

هل يُقنِع التأكيد الايراني المنشور اعلاه المسلمين العرب وتحديداً السنّة منهم؟

كلا، تجيب مصادر سياسية متابعة ومن قرب لسياسة ايران المحلية والاقليمية ولعلاقتها مع العالم العربي ودوله المتنوعة. فايران في رأيهم تحركت ولا تزال تتحرك من منطلقين. الأول، فارسي والثاني مذهبي، وذلك كله بغية الوصول الى وضع تتمكن بواسطته من ان تكون القوة الاولى او الأعظم في الشرق الاوسط (العربي والاسلامي). ومن شأن ذلك وضع العرب إما تحت الحماية الايرانية او تحت القمع الايراني. كما من شأنه دفع السنّة العرب الى وضع لا يحسدون عليه في مقابل تعزيز وضع الشيعة. وما المناخ المذهبي الحاد الذي يسود المنطقة في هذه المرحلة والذي بدأ يتحول أو في أكثر من مكان الى اشتباك مذهبي مرشح لأن يصبح حرباً مذهبية أو أهلية، وما طريقة التعاطي المذهبي لإيران من جهة والعرب من جهة اخرى سواء مع موضوع سوريا أو موضوع العراق، ما كل ذلك إلا دليل على ان المذهبية صارت مسألة أساسية أو بنداً اساسياً في سياسات ايران وغالبية العالم العربي ومعه العالم الاسلامي.

طبعاً لا تُنكِر المصادر السياسية المتابعة اياها دور اسرائيل واميركا والغرب والشرق (روسيا والصين) وتركيا في نشوء الوضع الذي يعيشه ابناء المنطقة على تنوعهم. ولا تنكر احتمال إقدام كل تلك الجهات على استغلال المذهبية وكل اسباب التأزم الاقليمي الراهن حفاظاً على مصالحها. لكنها تدعو ايضاً ايران والعرب (اخصامها وربما اعداءها) الى عدم دفن رؤوسهم في الرمال بغية التنصل من أي مسؤولية لهم عن الواقع العربي والإسلامي المتردي.

الى متى يستمر الدعم اللامحدود لبشار الأسد ونظامه من ايران الاسلامية؟

تعتقد جهات اقليمية، قد تكون تركيا واحدة منها، ان الأولوية المطلقة لايران هي ملفها النووي، وسوريا الاسد تأتي بعد ذلك. فاذا حصل تفاهم بين اميركا وروسيا واستطراداً الصين على ازاحة النظام السوري بقرار من مجلس الامن فان ايران لن تقف في وجهه. وتعتقد ايضاً ان توصل ايران الى تسوية لملفها النووي مع اميركا والمجتمع الدولي بغربه وشرقه فانها لن تمانع في حصول تغيير في سوريا يطال النظام كله ورموزه. وهي تعتبر ان سوريا مهمة لها كثيراً. لكن الأهم لها اكثر هو العراق. ولذلك فإنها يمكن، ان تضحي بالاولى سواء في حال توصلها الى تسوية جدية مع المجتمع الدولي او في حال احتدام خلافها معه الى درجة تحوّله اصطداماً بل اشتباكاً عسكرياً واقتصادياً وامنياً وليس سياسياً فقط؟ هل الاعتقادان والاعتبار المذكورة اعلاه في محلها؟ وكيف تنظر ايران الاسلامية اليهم؟

=================

سقوط النظام السوري أم سقوط الدولة؟

د. موسـى الكـيـلاني

الرأي الاردنية

19-6-2012

بعد أيام سيلتقي الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مع الرئيس الامريكي باراك اوباما في المكسيك، وسيكون الملف السوري متصدرا جدول الاعمال بينهما.

ووجهة النظر الروسية واضحة جلية، هل المطلوب تغيير نظام الحكم في سوريا، ام المطلوب تغيير الدولة بكاملها؟؟، والسؤال الثاني هو: هل المطلوب تغيير رئيس الجمهورية بشار الاسد ام المطلوب تغيير نظام الحكم كاملاَ، بعلوييه وبعثييه؟؟

وترى روسيا مصالحها العديده قد تبلورت من خلال العلاقة الخاصة مع عائلة الاسد، فبعد اعاصير التسعينات السياسية، وتفكيك اعمدة الاتحاد السوفييتي وجدت موسكو المياه الدافئة الاستراتيجية في طرطوس واللاذقية حيث اصبحت القاعدة العسكرية هناك اكبر قاعدة بحرية تنافس استفراد وهيمنة الولايات المتحدة على البحر الابيض المتوسط.

ولا ينكر الروس فضل المساعي الحميدة لعائلة الاسد في نسج شبكة من التفاهم والتصالح مع آية الله الخميني في ايران، اثر مطاردة الشيخ الاحمر آية الله خلخالي لخلايا الشيوعيين الايرانيين الذين فكروا بالقفز على قطار الخميني وقيادته إلى حيث يريدون عام 1983.

وقد كانت عائلة الاسد العراب الفعلي في تجسير الفجوة بين السفارة الروسية وقيادات حزب الله في الثمانينات ولذا فقد وجهت روسيا امتناناَ خاصاَ بخصوص مواقف حزب الله في لبنان الذي كفاها مناوأة واشنطن واحباط مشاريعها العديدة في بيروت من خلال الاحزاب السياسية الاخرى. فلم يكن مستغربا الدعم التسليحي والصاروخي واللوجستي الذي وصل من موسكو وطهران الى كوادر حزب الله في الجنوب اللبناني.

ولا زال الرئيس فلاديمير بوتين وحتى الان يكرر غضبه مما اسماه عملية « الطعن في الظهر « التي مارستها واشنطن ضد ليبيا، اكبر مستورد للسلاح الروسى في العالم.وحيث استُبعدت موسكو كليا من تقديم اي إنقاذ سياسي لحليفها معمر القذافي او انقاذ لشخصه ولعائلته، ولا تهتم موسكو او واشنطن فعليا بالقتلى السوريين الذين بلغ عددهم حتى بداية حزيران خمسة عشر الفا وذلك بالرغم من الشجب الكلامي والتهديد اللفظي من الناطقين الرسميين الذي هم جزء من حرب الاعصاب النفسية. فالعواصم الكبرى تبحث عن مصالحها الآنية والمستقبلية وليس عن اعداد الضحايا.

ولا يهم العواصم الكبرى عذابات اللاجئين في تركيا والاردن ولبنان الذين ناف عددهم عن ثلاثمائة الف سوري.

كما لا يهم الدول الكبرى معاناة مائة الف معتقل وسجين لدى قوات الشبيحة والمخابرات والذين اعترف مندوبو المراقبين الدوليين ان الاعتداءات الجنسية قبل بدء التحقيق امر روتيني عادي، سواء على المعتقلات ام على الاطفال من حمص وحماة ودرعا، وبعد ذلك يبدا التعذيب الجسمي والنفسي.

لم تكن من عادة الاباطرة اليابانيين في الازمنة القديمة التعامل مع نظرائهم بالقطع النقدية او الذهبية بل بالالتزام بمبدأ المقايضة على السيطرة على الشعوب او الانهر او الجبال او السهوب.

فهل ستكون سوريا المفككة جزءاَ من مقايضة كبرى بين الاباطرة الجدد تشهد المكسيك التوقيع على صكوكها حيث خطت سطورها قطرات النجيع الطهور من 15 الفاَ من إخوتنا هناك؟

=================

هل صارت اسرائيل تدافع عن الشعب السوري؟!

2012-06-18

القدس العربي

الانسان العاقل والطبيعي يكره القتل والعنف مهما كان السبب بغض النظر من تكون الضحية ان كان هذا اثناء الحروب ام بسبب المعارضة في المعتقدات اوالافكار، لان الانسان يجب ان يحافظ على حياة الانسان الاخر لا قتله والشذوذ هو القتل. اما ان تأتي اسرائيل وتُنظِر علينا وتتهم النظام السوري بالقتل فهذا شيء غريب وكان من الممكن ان يكون مقبولا وطبيعيا لو ان اسرائيل تحترم الانسان الفلسطيني ولا تقتله ولا تسرق ارضه.

ان اسرائيل تحاول الظهور بمظهر الدولة الديمقراطية التي لا تمارس القتل بحق شعب اخر وتغتصب حقوقه وذلك من خلال تراخي الغرب وصمته عن كل المجازر التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني وهذا مايشجع هذه الدولة المصطنعة بممارسة شتى انواع القهر دون رادع او اي عقاب، وما يشجعها ايضا صمت الانظمة العربية التي انضمت الى نادي الدول الغربية الصامت الخائف من انتقاد اسرائيل وصمت اذانها عن كل ما يحدث من قمع بحق الشعب الفلسطيني والقتل اصبح شيئا عاديا وطبيعيا.

هدف اسرائيل من خلال تصريحات رئيس وزراء هذا الكيان بنيامين نتنياهو ونائبه وشاؤؤل موفاز هو رسالة الى الشعب السوري باننا معكم ضد هذا النظام الذي يقتلكم واستمالة المعارضة السورية التي لا تخلو بعض تياراتها من التقرب مع هذا العدو في حال اسقاط النظام، وهنا اسرائيل تستبق الاحداث وتقول لمن سيحكم في سورية مستقبلا بأنه ليس هناك عداء مع الشعب السوري. لكن ليس من السهل اقناع الشعب السوري الذي نشأ على كره هذا العدو الذي يحتل الاراضي العربية بالدعاية الاسرائيلية المدافعة عن الشعب السوري.

اسرائيل منذ بداية الاحداث في سوريا حاولت الابتعاد عن التصريحات والتدخل في المسألة السورية وهذا الحذر كان دافعه الخوف من الوضع الذي من الممكن ان يكون عليه بعد بشار الاسد ومن سيحكم سورية.

لا يهماسرائيل كثيرا شكل من سيحكم سوريا في المستقبل اكان علماني ام ديني، ولكن الذي يهمها هو علاقته مع هذه الدولة. الافضل كان لها لو بقي هذا النظام الذي حافظ على الهدوء على جبهة الجولان، ولكن يبدو ان الاستراتيجية الاسرائيلية قد تغيرت وتفضل اسرائيل رحيل هذا النظام للاستفراد بحزب الله وايران وابعاد سورية عن هذا المحور الذي يشكل عامل ازعاج لهذا العدو.

مع تغيير هذه الاستراتيجية يتضح اكثر بأن اسرائيل تراهن على اسقاط النظام قبل الضربة العسكرية لايران لتكون اسرائيل في منأى عن الصواريخ السورية وتكون سورية اسقطت دون حرب مع اسرائيل وهذا يعتبر نجاح لهذا العدو وتعتقد اسرائيل ان حزب الله بدون سورية ودعمها سيكون من السهل القضاء عليه.

ابراهيم الشيخ

=================

سلامة كيلة: ليس هناك بعد طائفي للثورة في سورية!

الاستبداد والتهميش السياسي ينمي الحاجة للحرية والديمقراطية

2012-06-18

القدس العربي 

اجرى الحوار سارة القضاة: لم تهتز بوصلة المفكر والناشط السياسي الفلسطيني سلامة كيلة في حتمية انتصار الثورة السورية ، على الرغم من أن جسده اهتز تحت وقع التعذيب بعد أن اعتقله النظام السوري مؤخرا بتهمة أنه مسؤول عن نشرة يسارية صدر منها ثلاثة أعداد وضعت في عددها الثاني شعار 'من أجل تحرير فلسطين.. نريد إسقاط النظام'.

بعد أن أُبعد كيلة، صاحب الفكر اليساري الماركسي، عن بيته في دمشق الذي سكن فيه واحدا وثلاثين عاماً، إلى العاصمة الأردنية عمان، وصل يحمل اثار التعذيب على جسده، واملا بانتصار الثورة يحمله بقلبه وفكره، وهناك التقينا به وأجرينا معه حوارا تناول فيه الجانب السياسي والأيديولوجي للثورة السورية :

*كيف يمكن أن نفهم التكوين الاجتماعي والاقتصادي للنظام في سوريا، وما هو التكوين الاجتماعي للثورة في سورية ؟

*باعتقادي يمكن ملاحظة التحولات التي جرت في سورية خلال عشرين سنة سابقة للثورة التي حدثت، حيث بدأت أزمة النظم التي سُميت نظم قومية، والتي قامت على دور كبير من القطاع العام، كان يخدم قطاع واسع من المجتمع.

نتجت هذه الأزمة عن ميل الفئات التي حكمت إلى نهب ما يتراكم بيد الدولة عبر القطاع العام وبالتالي اصبح هناك مشكلة حقيقية في الاقتصاد، تتمثل في أن الشركات والمصانع التي تقع في اطار ملكية الدولة بدأت تتضعضع نتيجة نهب مستمر من قبل أشخاص كانوا يعينون كمدراء لها، لا يمتلكون كفاءة، لكنهم يمتلكون ولاء مطلق للسلطة وخصوصا الرئيس، وكان همهم بالأساس هو مراكمة الثروة الخاصة.

بالتالي كانوا يمارسون كل الأشكال التي تؤدي إلى نهب تراكم الربح الذي تحققه هذه الشركات، وهذا أدى إلى أزمة عميقة كانت تبدو واضحة في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، ومن ثم تشكل قطاع متسع من كبار المسؤولين الذين مروا على سورية، والذين راكموا أموالا هائلة كانت تهرب إلى الخارج، من كبار الضباط إلى كبار رجال المخابرات إلى كبار المسؤولين، وبالتالي كان ينهب الاقتصاد المنتج وترسل النقود إلى البنوك الأجنبية.

بعد ذلك، بدأ حافظ الأسد بسياسة تقوم على التحول إلى ما يسمى الخصخصة، أو الانفتاح الاقتصادي، ولكن كانت الصيرورة في زمنه بطيئة، وخصوصا بعد مرضه تعثرت، ولكن في هذا الوضع تعمم الفساد، فطال قطاعات أوسع من الاقتصاد الخاضع للدولة، وبالتالي دخلنا في مرحلة عام 2000، بعد استلام بشار الأسد، في وضع كان من الواضح أن هناك كتلا 'مافيوية' قد تشكلت، وخصوصا من عائلة الأسد ومخلوف وشاليش ومحازيب حولهم، بدأوا هم للميل إلى الهيمنة المباشرة على الاقتصاد، بعد أن راكموا المليارات بعد نهب مستمر لقطاعات الدولة.

في هذا الوضع، بدأ يتشكل وضع اقتصادي اجتماعي في سورية مختلف عما كان قبل ذلك، حيث على الصعيد الاقتصادي بدأ الاقتصاد ينتقل من اقتصاد منتج، وسورية كان لديها اقتصاد منتج مع انه ليس كبيرا ولكنه كان موجودا في الزراعة والصناعة والتجارة، إلى اقتصادي ريعي يتمركز حول العقارات والسياحة والخدمات والتجارة الداخلية والاستيراد، وفيما بعد البنوك.

وأيضا تمركز هذا الاقتصاد في يد فئة قليلة، هي هذه المافيا التي تتمحور حول العائلة مع محازبيها، حتى أن العديد من الدراسات التي كتبت تشير إلى أن هذه المجموعة، وهي شركة الشام القابضة تمتلك 60 % من الدخل السوري.

في هذا الوضع، انهارت الصناعة، وما بقي في يد الدولة من صناعة جمد، لأنه لم يعد منتجا، وحاولوا بيع القطاعات المربحة في الصناعة، باعوا بعضها ثم جمدوا بعضها الآخر.

الأزمة الأكبر حدثت في الزراعة التي بدأت تتضرر بشكل كبير مع تحقق الانفتاح الاقتصادي النهائي في العامين 2006 2007، بعد أن فرضت هذه الفئة التي نهبت الخصخصة وفرضت 'اللبرلة' بشكلها النهائي، وبالتالي رفعت أسعار المشتقات النفطية والبذور، وعرضت الريف إلى أزمة، أتت بعد الظروف الطبيعية لتفجرها بشكل نهائي وتؤدي إلى تصحر فعلي في مناطق الفلاحين التي كانت اغنى مناطق سورية الزراعية.

كما انهار وضع صغار الملاك مع ارتفاع أسعار النفط، وفي المدينة أيضا الأجور لا تفي بشيء، لان الأجور ارتفعت بشكل هزيل، بينما مع تحقق الانفتاح أصبحت الأسعار في سورية أسعارا عالمية، وفي أحيان عديدة كنت ألمس أنها اعلى من الأسعار العالمية.

هذا الاختلال كان يخلق وضعا مريعا، حتى أن دراسة أنجزتها الدولة العام2010 حول الحاجة المعيشية للمواطن، كانت النتيجة أن المواطن بحاجة إلى دخل 620 دولارا من اجل أن يعيش بحد معقول، بينما كان الحد الأدنى للأجور 150 دولارا، ومتوسط الدخل بحسب هذه الدراسة 220 دولارا.

هذا الفارق الهائل كان يطحن الفئات المجتمعية، ويخلق احتقانا داخليا في كل هذه الفئات الاجتماعية، وهذا ما كان يؤشر إلى أن سورية مقبلة على انفجار اجتماعي.

هذا هو التكوين الاجتماعي للسلطة التي أصبحت مافيا ناهبة عائلية بوليسية، اصبح هناك تحالف امني حاكم مع شعب بقطاعاته الواسعة مقفر، هناك 20% من المجتمع مستفيدة من هذا الواقع، بينما 80 % من الشعب مقفر أجوره لا تكفيه أو عاطل عن العمل.

*هل يمكن القول إن الوضع الاقتصادي والبطالة، يشكلان أرضية لاستمرار الثورة وانضمام شرائح أخرى لها؟

*بالتأكيد، فالاستبداد الطويل الذي عاشه الشعب السوري وخصوصا الشباب الذي ولد وكبر وهو يرى النظام نفسه، ومر في دورات ترويض، إضافة إلى قمع الحياة السياسية بشكل كامل وقمع الحياة الثقافية، كان ينمي الحاجة بضرورة وجود حرية وديمقراطية وتغيير هذا النظام لشكل آخر يسمح للناس أن تعبر عن نفسها.

طبعا الذي كان يلمس هذا الأمر بشكل مباشر ويشعر بضرورتها هم فئات وسطى من الشباب الذين كانوا يعيشون في المدن ويتواصلون عبر الإنترنت، وكان شعورها بفرديتها ودورها الواقعي يدفعها إلى شعورها بالحاجة إلى الحرية والديمقراطية، وهذه الفئة هي التي بدأت بالتحريض للثورة.

لكن البنى العامة في المجتمع، باعتقادي، كان العنصر المعيشي والاقتصادي، والذي تلخص بالنهاية بدولة نهبتهم ودولة تمارس الفساد عليهم، جعلهم يشعرون أن عليهم إزالة هذا النظام.

*كيف ترى طبيعة الأزمة في سورية، أهي أزمة تقوم على صراعات بين طبقات اجتماعية أم هي صراعات ذات بعد طائفي.. خصوصا أن هناك ترويجا بأن الثورة السورية تريد تحقيق سيطرة سنية؟

*الصورة واضحة لي انه ليس هناك بعد طائفي للثورة، هناك بعض القوى التي حاولت أن تطرح ذلك، منها النظام أولا، لأنه كان يعتقد أن ضمان تماسك الأقليات حوله، خصوصا العلويين، مهم لان العلويين هم الأداة الأكثر صلابة والتي تدافع عن النظام، وكان بحاجة أن تخاف هذه الفئة من المجتمع لكي يبقوا متماسكين حوله، لذا بدأ يروج للسلفيين والإمارات الإسلامية والإخوان المسلمين، ودورهم في العودة للانتقام من الصراع الذي جرى في سورية في الثمانينيات بين النظام والإخوان المسلمين.

فقناة الوصال لم يكن السنة في سورية يسمعون بها، بينما فوجئنا أن النظام يعمم على مناطق الأقليات أن يتابعوا قناة الوصال حتى قبل بداية الثورة بفترة، وبالتالي كان يخيف الأقليات بالكلام الطائفي المتخلف، وكان يحاول التحريض في هذا السياق.

وعلى الصعيد العملي حاول أيضا تحويل الصراع إلى صراع طائفي خصوصا في حمص، إذ كان يدفع بكل قوته ليتحول الصراع إلى صراع طائفي لكن جهود عديد من الشباب اليساري والديمقراطي من كل الطوائف أفشلت هذا المشروع.

المستوى الآخر الذي لعب للأسف دورا مكملا لدور النظام، هم بعض اطراف العارضة السورية ، الإخوان المسلمون، بعض المتملقين الذين كانوا يظهرون على شاشات التلفاز، بعض الفضائيات التي تصب في سياقهم، الذين بدأوا يشعرون أن الثورة سلمية ضد نظام علوي، وبدأوا يعملون على هذا الأساس، خصوصا انهم ربطوا مسألة إسقاط النظام باستراتيجيتهم الأساسية التي تتمثل بالتدخل الخارجي.

واقعيا، حاولت أن ألمس من الشباب انفسهم، المتدينين، ووجدت انهم غير متجهين لصراع طائفي ولا حكم ديني. الجو الشعبي متدين، لأنه مع انهيار الثقافة والسياسة تعود إلى بيئتها الطبيعية وهي بيئة دينية، ولكن بعد نهوض الثقافة سنكتشف أن هؤلاء الشباب سيتحولون بشكل آخر، لهذا لا يحارب النظام من منظور طائفي.. الصراع صراع طبقي وان لم يكن واضحا.

*ما هي القوة الاجتماعية الرئيسية المحركة للثورة السورية ، وما هي القوى السياسية التي تمثلها حاليا؟

*ليس هناك قوة تحرك الشارع السوري، هناك شعب ينتفض بعفويته وبساطته. المشكلة التي حدثت في سورية خلال العقود الماضية أن أحزاب المعارضة انهارت وتهمشت، جزء منها نتيجة القمع العنيف وجزء يعود إلى خلل ببنيتها وتكوينها ونمطها، وفي النهاية تحولت إلى نخب كبيرة العمر وهرمة بالغالب، تمحور نشاطها حول ما هو سياسي ضيق من الحرية والديمقراطية والإمبريالية والموقف من الصهيونية، واصبح هذا هو النشاط الذي تنشط فيه، وهو اطار بعيد عن الناس ومطالبهم ومشاكلهم.

حين كنت اقول ان الوضع في سورية يسير باتجاه انفجار اقتصادي شعبي كان الجميع يقول انها أفكار ماركسية تقليدية، وانها مجرد أوهام ماركسية، وفوجئوا بأن الشعب انتفض، ولكنهم لم يفهموا مطالب الشعب ومشاكله، فظلوا يتحدثون عن الحرية والديمقراطية، بينما الشعب ينتفض ويُوجد أليات ذاتية وتنسيقيات خاصة به.

بالمرحلة الأولى كانت التنسيقيات تضم شبابا على قدر من الفهم والوعي، ونلاحظ أن شعارات الثورة السورية حتى أيلول الماضي كان فيها شيء واضح وغير ملتبس، ولكن بعد ذلك قمع السلطة العنيف لهذا المستوى من العمل أدى إلى اعتقال أو قتل أو تشريد عدد كبير من القطاعات العاملة في هذا المستوى، ورغم ذلك ظل المتظاهرون ينتجون أشكالا تنظيمية وتنسيقيات تنسق العمل، ولكن صار الميل والقدرة على تنظيم المظاهرات، واصبح هناك ضعف في القدرة على ابتكار الشعارات، وهذه ما سمح لقطاع من المعارضة للدخول والهيمنة إعلاميا على العديد من المسائل، وتُدخل شعارات سيئة إلى المظاهرات.

بلحظة، شعر المتظاهرون إلى حاجة لقيادة سياسية، خصوصا مع نهاية شهر آب والقمع العنيف الذي واجهه الناس وتدخل الجيش. بدأوا يبحثون عن المعارضة، والمعارضة من الصعب أن تتوحد.

بلحظة توهم قطاع من الناس أن المجلس الوطني الذي تشكل مطلع تشرين الماضي يمكن أن يمثلهم، ومع الضجة الإعلامية التي حدثت لحق عدد من الناس بهذا المجلس، إلا انهم اكتشفوا بعد فترة انه لا يفيد بل بالعكس يضر، وصار هناك تراجع عام عن دعم المجلس الوطني، وصار هناك نقص بالتظاهرات بشكل واضح.

انتقل الوضع إلى أن تبحث هذه الفئات عن أشكال من داخلها، وبدأت تتشكل أشكال تنظيمية جديدة، مجموعات ديمقراطية يسارية، مثل مجموعة 'نبض' وهي مجموعة ديمقراطية علمانية، مجموعة 'معا'، الائتلاف اليساري السوري، تنسيقيات الشيوعيين، الكادر الشيوعي بالسويداء، والعديد من الأسماء التي يشكلها الشباب.

وبدأ هنالك شعور عام أن توحد هذه المجموعات هو افضل حل، ونحن الآن في هذا المخاض؛ كيف تخرج من داخل الانتفاضة بُنى وآليات تنظيمية تلعب الدور الأساسي.

* ما الذي يحول دون توحيد المعارضة السورية في الداخل والخارج ضمن برنامج انتقالي موحد؟

*المعارضة هزيلة وهشة وهرمة، آلياتها بطيئة ومفاهيمها مكررة، ما تزال تكرر كلاما نسمعه منذ العام 2000، وهناك خلافات قديمة بينها، وبالأساس المعارضة كانت فقط بالداخل، وكان الإخوان المسلمون فقط بالخارج ولكنهم مهمشون، ولكن كان هناك انقسام بالداخل بين 'التجمع الوطني الديمقراطي' وبين 'إعلان دمشق'، والذي يحكمهم صراع تاريخي، وحين حدثت الثورة لم يكونوا متوقعين، وظلوا يعتقدون أنها ستنتهي ببساطة، وهذا هو سبب بطء حركتهم، حتى أن أول محاولة لتوحيدهم كانت في 25 حزيران، أي بعد ثلاثة اشهر وعشرة أيام من انطلاق الثورة.

وحين طرحت المعارضة حلا، طرحت الإصلاح في الوقت الذي كان فيه الشعب يرفع شعار إسقاط النظام، وهذا همشهم، لأنه باللحظة الثورية اذا لم تكن بمستواها فالشعب سيمضي ويتركك.

هذا التهميش هو الذي فتح بابا للخارج، هناك بعض الأطراف في الداخل من 'إعلان دمشق' كانت تتفاعل مع الخارج لتحقيق هذا الانتقال، وإفشال توحيد داخلي ونقل المعارضة للخارج، وكان متحالفا مع قطاع من الإخوان المسلمين والليبراليين الأميركان، وكانوا يحضرون في شهر أيار لعقد مؤتمرات، الإخوان المسلمون في خلفيتها دون الظهور للواجهة، وبدأ الكلام عن تغيير العلم، والمجلس الوطني الانتقالي والتدخل الأجنبي.

وبدأوا يتحدثون عن آلية إقناع الناس بهذا الموضوع، فأصبح هناك حديث عن حماية المدنيين، ويصورنها على اعتبار أنها قصة إنسانية لا تدخل عسكري فيها، وبدأ هذا الوضع بالتصاعد بعد أن انخفض سقف هيئة التنسيق ، واصبح الخارج يزاود.

ولكن بدأ هناك خلاف في المعارضة الخارجية حول كيفية تبلور المجلس الوطني؛ الإخوان المسلمين والليبراليين الأميركان وبعض اطراف 'إعلان دمشق' ينسقون على حدة، وبرهان غليون الذي أصبحت له قاعدة شعبية معينة اصبح يريد شيئا اكبر.

في الأشهر تموز وآب وأيلول استطاعوا أن يكسروا كل محاولات برهان غيلون لتوحيد المعارضة، وفرضوا عليه تشكيل المجلس الوطني، وهو جاء بعد الانتهاء من تشكيل المجلس، فأخضع لسياسة مرسومة واضحة، تقوم على التدخل الخارجي وتتعامل بخطاب طائفي، وقامت بضم كثير من الأشخاص الذين لم يكن لهم علاقة بالمعارضة وكثير منهم كانوا تجارا، وقدموا تشكيلة سخيفة يدّعون انهم كان لهم وجود على الأرض عبر مشاركة لجان التنسيق المحلية للثورة السورية .

هذا الوضع أوجد استراتيجيتين في المعارضة؛ استراتيجية أولى للداخل الذي لا يرى أفقا للثورة أنها قادرة على إسقاط النظام، والخارج الذي لا توجد لديه قناعة بأن الشعب قادر على إسقاط النظام وبالتالي لا بد من تدخل خارجي.

والخارج حين بدأ بلعب دور ما مقبول شعبيا، بدأ يؤثر بشكل سيىء جدا في وضع الانتفاضة، ودفع تجاه التسلح، وبدأ الجيش الحر بالتشكل على اعتبار أن التدخل الخارجي قادم، وحين نزل الجيش إلى الساحة اكتشفوا أن الجيش سحقهم ببساطة، كما حدث ببابا عمرو.

صار هناك تقبل للتدخل الخارجي، ولكن بعد فترة من القصف شعروا انهم ضُللوا وضُحك عليهم، وبدأوا يتراجعون. أيضا، طائفيا بدأ الخارج يلبّس الانتفاضة أسماء جمع وشعارات سخيفة عبر التدخل الإعلامي، لان الهيئة العامة للثورة السورية احتكرت الإعلام الداخلي، فهي من تضع الشعار وهي من تصوره والناس تمشي بالشارع دون أن تعرف.

وبدأوا بالتالي يعكسون أوهامهم وسخافات الخارج على داخل الانتفاضة، وهذا يضر بالانتفاضة إلى حد انه بدا وكأن ما يقوله النظام صحيح، بأن هناك جماعات مسلحة وهناك أسلمة، على الرغم من أن الشباب ليسوا كذلك، وهذا الدور سيىء جدا وعبء يؤخر بتوسع الانتفاضة ويعيقها.

*لماذا تأخرت دمشق وحلب بالانضمام للثورة؟

*هناك إشكالية عامة في الثورة السورية أشرت لها من البداية، وحتى قبل أن تبدأ كان توقعي أن هناك احتمالا أن تتأخر الثورة في سوريا، بمعنى أن الاحتقان الاجتماعي أمام رعب السلطة لم يصل إلى لحظة حدوث انفجار داخلي، لكن الثورات العربية سرّعت في ذلك، وهذا أيضا لعب دورا في أن يكون توسع الانتفاضة بطيئا، فمن درعا إلى حلب احتاج الأمر إلى سنة تقريبا.

رصاص السلطة كان يكسر حاجز الخوف، ففي مظاهرة صغير من بعض الشباب يقتل شخص، يصبح المشاركون في الجنازة بالآلاف، فهذا الذي كان يجعلها تنتقل بشكل تدريجي.

أما بالنسبة لدمشق وحلب، هناك مسألة مهمة لها علاقة بالنمط الاقتصادي الريعي الذي تحدثت عنه، والذي يتمركز في دمشق وحلب، وبالتالي فإن الفئة الداعمة للسلطة تمركزها الأساسي في دمشق وحلب، بينما المدن الأخرى كانت مدنا مهمشة.

وحين دخلت المسألة الطائفية على الخط، بمعنى مطالبة بعض أطياف المعارضة بالتدخل الخارجي والخوف من الإسلاميين، جعل قطاعات من المسيحيين، الذين هم عمليا غير مقتنعين بالنظام، تكون اقرب للدفاع عنه خوفا من تدخل خارجي يكون فيه مصيرها كمصير مسيحيي العراق، أو أن تعلق في دولة إسلامية طائفية متخلفة.

هذا الجو كان يخلق قاعدة في هاتين المدينتين، ولكن مع تطور الوضع بدأت القاعدة الاجتماعية نفسها بالتآكل. محيط دمشق كان مشاركا منذ البدايات والميدان كان مشاركا، أما وسط البلد فهناك صعوبة لأنها منطقة تجارية وليست منطقة شعبية لا يصلح فيها التظاهر. ولكن مع انهيار الوضع حتى التجار اصبحوا يطالبون برحيل النظام.

باعتقادي هذا ما أخر دمشق وحلب، والذي بدأ ينكسر الآن، لان الثورة نفسها خلقت مفاعيل اجتماعية جديدة أضرت بقطاعات اجتماعية كانت قريبة من السلطة. التجار مثلا الذين كانوا مقربين من السلطة ويدفعون 'للشبيحة' يقولون الآن نريد أن يرحل النظام حتى تستمر مصالحنا.

* ما رأيك بعسكرة الثورة؟

هي لم تتحول.. كان هناك دفع باتجاه عسكرة، انشقاقات الجيش ليست كبيرة إلى حد يشكل جيشا بديلا، ومن الصعب بوضع كالوضع القائم في سورية أن يتشكل بديل، لأنه على ارض دولة هي التي تحكم لا إمكانية لتشكيل جيش مقابل، لان السلطة التي تحكم ستسحق أي جيش مقابل واي محاولة لتشكيل جيش، وهذا ما حصل.

بلحظة ما، بدا أن استخدام السلاح مفيد في مواجهة الشبيحة والأمن الذي كان يضرب المتظاهرين، وبالتالي كان ضرب الشبيحة والأمن يسمح بالمظاهرات، لكن سياسيات المعارضة في الخارج دفعت إلى تشكيل جيش بدا وكأنه يريد السيطرة على هذه المنطقة ويريد أن يؤسس إلى قاعدة، وهذا الأمر أدى إلى أن السلطة سحقتهم، وبعض الأطراف ادركت خطأهم.

بالتالي، لا إمكانية لان تتحول الثورة إلى ثورة مسلحة، وبكل بلدان العالم لا اذكر أن هناك دولة تحررت من سلطتها بالكفاح المسلح، الكفاح المسلح مفيد في مواجهة الاحتلال، ولكنه في صراع طبقي داخلي، يمكن أن يكون عنصرا مساعدا ولكن لا يمكن أن يتحول إلى كفاح مسلح، الحراك الشعبي هو الأساس ويجب أن يستمر كذلك.

* ما آفاق الثورة في سورية ومصائرها؟

*ليس من إمكانية إلا تحقيق التغيير، الثورة قوية وصلبة ومستمرة، وبُنى السلطة هي التي بدأت تتآكل، وهذا سيؤدي في لحظة من اللحظات إلى كسر في السلطة يقود إلى فتح شكل ما من التغيير يقود إلى مرحلة انتقالية، لن تحل مشاكل المجتمع ولكنها قد تفتح على مرحلة ما ديمقراطية تسمح للصراع بأن يكون سياسيا وليس صراعا عنيفا.

*لماذا ترى أن هناك حتمية لانتصار الثورة؟

*هذه ليست حتمية، لأننا عندما ندرس إمكانات التغيير هناك ثلاث إمكانات؛ إمكان داخلي بمعنى ثورة شعبية تقودها أحزاب لديها استراتيجية واضحة لكيفية تفكيك السلطة وبالتالي الوصول إلى الهدف، وهذا غير موجود في بلادنا بالأساس.

الخيار الثاني هو خيار تدخل خارجي، وهذا ما حدث في ليبيا والعراق، وهذا واضح غير مطروح في سوريا، لان أميركا الآن في وضع تراجع، ووضع إقليمي وعالمي معقد، ومرتبكة أمام ازمتها الاقتصادية، والتدخل في سورية قد يفتح على حرب إقليمية لا تبدو أنها مستعدة لها، ولذا هي لا تفكر بهذا الموضوع.

يبقى الخيار الآخر، الذي شاهدناه شيء مشابه له في تونس ومصر، أن قوة الشارع بلحظة ستدفع بفئات من السلطة للتضحية بأشخاص لامتصاص الأزمة. في سورية المسألة اعقد من مصر وتونس، إذ في مصر وتونس الجيش مؤسسة عسكرية مستقلة، أما في سورية المؤسسة العسكرية متداخلة مع الأمن إلى حد ما ولا تستطيع أن تتحرك كمؤسسة عسكرية.

ولكن، أمام الضغط الشعبي الطويل والمستمر، وأمام شعور السلطة أنها عاجزة عن الحسم وان قواها تتآكل، يميل قطاع من داخلها إلى التضحية بقطاع آخر بشكل طبيعي، لإنقاذ نفسه ومصالحه، وبالتالي لعمل انفتاح ما يسمح بمرحلة انتقالية، واعتقد أن هذا هو الخيار السوري، ولا أرى انه بعيد، لان الذي يدرس بُنى السلطة يرى أنها تآكلت ماليا أيضا، وهناك إفلاس بالدولة، واضمحلت القاعدة الشعبية الموالية بما في ذلك المؤسسات الدولية، لم تعد الثقة قائمة، وتقلصت لأضيق حلقة، وهنا يصبح التغيير حتميا.

* الثورة السورية ، هي الثورة الأطول والأعنف بين ثورات الربيع العربي، وضد نظام كان هو الأشرس، برأيك ما هو تأثير الثورة السورية والتغيير الذي قد يحصل على المنطقة؟

* أكيد هناك تأثير كبير، فالثورات تفجرت في المنطقة العربية بصورة سريعة، بتونس ثم مصر، ومن ثم اليمن وليبيا، وبالطبع كان هناك بعض التظاهرات في الجزائر والمغرب والأردن، إضافة إلى البحرين التي سحقت بسرعة، ولكن حين وصلت إلى سورية بدا وكأن هذا التوسع توقف، وظلت هناك مراوحة بين اليمن وليبيا، والناتو في ليبيا كان يؤخر الانتصار لأنه كان يريد أن يدمر اكثر.

في اليمن وميلهم السلمي الشامل كان يجعلهم صبورين إلى حد دفع أميركا ودول الخليج إلى إخراج علي عبد الله صالح بطريقة سلمية ويبدأ تغيير جزئيا للسلطة، ولا اعرف لأي مدى سيستمر.

الآن كل التركيز على سورية نتيجة أن الأمور تطلبت وقتا أطول من غيرها، في سورية اصبح في بعض المناطق شيء من الاسترخاء والتخوف، والطابع الدموي الذي مارسه النظام أخاف البعض وبالتالي آخر تحركات في مناطق أخرى.

الآن الدول الأخرى بدأت تريد أن تخثر الوضع، بمعنى أن تؤخر الصراع، وان تشوه الثورة، وتدعم النظام بطريقة غير مباشرة، وبالتالي تؤخر الثورات في دولها، وهذا الدور اتخذته دول الخليج وأمريكا.

الآن، انتصار الثورة السورية سيعيد الأمل لكثير من المناطق، انه على الرغم من كل هذا العنف والدموية، الشعب قادر على الانتصار، وستفتح أفقا على تغييرات كبيرة، ومرحلة أخرى من الثورات العربية.

=================

ايران ستفاوض على سوريا والبحرين

صحف عبرية

2012-06-18

القدس العربي 

ما تزال عجلة المحادثات بين ايران ومجموعة 'الخمس بزيادة واحدة' متعثرة في سيرها كما هي الحال في الاغنية الشهيرة 'خطوة الى الأمام واثنتين الى الخلف'. وموسكو هي المحطة التالية حيث ستبدأ اليوم المحادثات فيها. بدأت في الاسبوع الماضي تظهر اشاعات ودلائل من مصادر ايرانية ايضا تتحدث وبخلاف الجو المتشائم الذي ساد بعد اللقاء السابق في بغداد عن أنه يوجد هذه المرة احتمال تقدم.

والسؤال الى أي اتجاه: هل الى احراز أهداف الغرب المعلنة ومطالب اسرائيل الحازمة جدا؟ أم الى تقديم مواقف طهران الى الأمام؟.

ان الايرانيين وبحسب طريقة 'اخراج العنز' المعروفة قد 'تخلوا عن طلبهم اجراء محادثة سابقة للقاء في موسكو'، محادثة أرادوا فيها كما يبدو ان يغيروا سلفا شروط سقف التفاوض. وقد قال سياسي غربي لم يُكشف عن هويته: 'نحن نرد بايجابية على عدد من أفكارهم'. فما هي الافكار الايرانية؟

ينحصر معظمها في مضاءلة العقوبات مقابل الاستعداد (المبدئي) لاخراج احتياطي اليورانيوم المخصب الى مستوى يزيد على 20 في المائة خارج حدود ايران.

اذا قُبلت هذه الصيغة فان الايرانيين يستطيعون الاستمرار في تخصيب كميات اخرى كما يشاؤون ومنها في المنشأة تحت الارض في فوردو.

ويجب علينا ان نفهم ان الطريق الى انتاج قنبلة ذرية من اليورانيوم المخصب بنسبة أقل من 20 في المائة، ليست طويلة. ومع ذلك اومأ دبلوماسيون غربيون الى أنه اذا اقترح الايرانيون صيغتهم المذكورة آنفا فسيكون الغرب مستعدا لاقتراح تفضلات من جهته (برغم انه لم يعد سلفا باسقاط العقوبات الرئيسة). وتريد طهران الى ذلك ان تقرن بالمحادثات الذرية شؤونا اخرى مثل سورية والبحرين. فسيطلبون بحسب ما يقول مصدر ايراني معروف، لكن غير رسمي، ابعاد الوجود العسكري الامريكي عن المنطقة والاعتراف بمكانة طهران الرفيعة في العراق وافغانستان، واسقاط الوسائل التي تفسرها ايران بأنها تهديد امريكي لنظامها، ومضاءلة الدعم الامني لاسرائيل والموافقة على انشاء نظام أمني جديد للمنطقة كلها، نظام تكون ايران في مركزه.

ربما كانت روسيا لاسبابها الخاصة توافق على بعض المطالب، لكن ينبغي ألا نفترض ان تتفضل شريكاتها الغربية ولا سيما الولايات المتحدة بالسير على آثارها. لكن مجرد اثارة هذه الافكار من جهات ايرانية يشهد على نية استعمال الشأن الذري وسيلة لتعزيز هيمنتهم في الشرق الاوسط.

لن يكون من الصحيح ان نقول ان اسرائيل وامريكا في مسار تصادم في الشأن الايراني، فاسرائيل تبارك ألا تسمح الولايات المتحدة لايران بحسب تصريحاتها بـ 'الحصول على القنبلة الذرية' وأنها تعارض سياسة 'الاحتواء' (أي تمكين ايران من التوصل الى القنبلة الذرية لكن اقامة نظام وسائل تمنعها من استعمالها).

وترضى اسرائيل ايضا عن صيغة 'كل الخيارات على المائدة'. وذلك بشرط ان يكون البُعد العملي بين 'الخيار' والقرار المحتمل على تحقيقه غير بعيد جدا. ولهذا فانه أكثر دقة ان يُقال ان اسرائيل والولايات المتحدة تسيران في مسارين منفصلين لكنهما متوازيين لأن اسرائيل قلقة من ان يستغل الايرانيون رغبة الادارة في 'التسويف' لاسباب مختلفة لدفع أهدافهم الذرية الى الأمام.

ينبغي ان ننتظر ونرى ماذا ستكون نتائج اللقاء في موسكو، لكن من المنطقي ان نفترض ان تستمر العجلة في التعثر في طريقها بعده الى المحطة التالية.

اسرائيل اليوم 18/6/2012

=================

عن الحرب الأهلية ومفاعيلها

خالد غزال *

الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٢

الحياة

على رغم ان سورية واقعة منذ اكثر من عام في قبضة الحرب الأهلية، إلا ان الدول الغربية ومعها منظمة الامم المتحدة انتظرت «تفجّر» المجازر الوحشية التي يرتكبها النظام منذ فترة، وتحديداً منذ دخول بعثة الامم المتحدة الى سورية، لتعترف هذه الدول بحقيقة هذه الحرب.

لم يكن خافياً منذ اندلاع الانتفاضة في العام الماضي عبر التظاهرات السلمية المحدودة، ان الجواب الذي رد به النظام على أطفال درعا وعلى الاحتجاجات يضمر جر البلاد الى حرب اهلية طائفية – مذهبية - عرقية، تشكل له السبيل الوحيد لبقاء العائلة والزمرة المحيطة بها في سدة الحكم.

لم يخف الرئيس الأسد خطته عندما قال صراحة ان استقرار سورية مرهون ببقاء النظام، بل وإن استقرار المنطقة مهدد فيما لو تواصلت الانتفاضة، وأكثر من ذلك، اطلق تهديداً صريحاً بنقل النار السورية الى دول الجوار. بعد عام وأربعة اشهر، كيف يمكن قراءة ما يجري في سورية داخلياً، وما المفاعيل الخارجية لتصاعد الحرب الاهلية؟

في الداخل السوري، تؤشر المجازر البشعة المرتكبة كل يوم، والتي تتخذ أبعاداً طائفية ومذهبية، وخطفاً وقتلاً على الهوية، الى مزيد من تفكك النسيج الاجتماعي السوري، وخلق انقسام بين مكونات المجتمع، سيكون من الصعب اعادة لحمته في المدى القريب، حتى لو توقفت الانتفاضة سريعاً.

يتحدث كثيرون عن تقسيم سورية، وفي خلفية رؤياهم ما كانت عليه قبل تأسيس الكيان السوري في النصف الاول من القرن العشرين. لا يبدو حتى الآن ان هذه العودة الى الدويلات السورية ممكنة التحقق. لكن الأخطر من كل ذلك هو الإقرار بحصول التقسيم الحقيقي لسورية على المستوى السياسي والاجتماعي والشعبي، وعلى العلاقة بين المجموعات التي تتكون منها سورية، والتي أمكن ان تتآلف وتتواصل مع بعضها على امتداد العقود السابقة. ان مسلك النظام من خلال المجازر التي تتقصد اجهزته الأمنية ارتكابها، إظهار منطقها الطائفي، ستشكل العائق الكبير في عودة الوحدة الوطنية والاجتماعية للكيان السوري وشعبه، وستحول المجموعات الى قوى متنافرة على الطريقة اللبنانية، بحيث تعيش حرباً اهلية مستدامة، سواء بقي النظام ام زال. وهذا هو التعبير الحقيقي عن مخاطر تفتت الكيان السوري وانهياره من خلال الحرب الأهلية الدائرة.

على الصعيد الاقليمي، وعلى رغم تهديد النظام بنقل الحرب الى هذه الدول وإشعال المنطقة فوق رؤوس حكامها، إلا ان مفاعيل الحرب الأهلية السورية الدائرة والمتصاعدة امتنعت عن اكثر الدول. عجز النظام عن نقل حربه الى الساحة الفلسطينية، وهو الذي أدار فيها حروباً أهلية منذ ان كان يحتل لبنان، وأمعن في تمزيق مكوناتها.

يعبر عن ذلك «نأي» المنظمات التي كان يرعاها عن الدخول في اقتتال داخلي او في تقديم العون لأجهزته الامنية، ولعل الطريقة التي تصرفت بها حركة حماس عبر نقل مراكزها وقياداتها خارج سورية، خير دليل على ذلك. اما الأردن، فلم يمكن النظام السوري ان يؤثر في بنيته الداخلية ويخلق توتراً بين عشائره وسائر مكوناته، فاقتصرت المفاعيل على حجم النازحين السوريين الى الاردن هرباً من الاقتتال. بالنسبة الى تركيا، سعى النظام الى التهديد بتحريك حزب العمال الكردستاني، وتنفيذ عمليات عسكرية داخل تركيا، واللعب على وتر المجموعة الطائفية العلوية ذات العدد الكبير في تركيا، إلا ان ذلك كان محدود الفاعلية، ولم يمكنه تنفيذ خطته، على رغم مواقف النظام التركي الحاسمة في مخاصمة نظام الأسد، وإيوائه اقساماً من الجيش السوري الحر، اضافة الى النازحين الموجودين بكثرة على الاراضي التركية. يبقى العراق، حيث يسعى النظام السوري الى علاقة تحالفية معه اساسها انحياز رئيس الوزراء العراقي نور المالكي الى النظام الايراني، الذي يقود اشرس الحملات الاقليمية والدولية لدعم الاسد ومنع سقوطه.

اما لبنان، فهو البلد الوحيد الذي امكن النظام السوري ان ينجح في نقل حربه الأهلية الى الداخل اللبناني ولو في شكل محدود. ليس من شك في ان المجموعات اللبنانية، خصوصاً الطوائف، نجحت الى حد بعيد على امتداد عام من الانتفاضة السورية، ان تجنب الساحة اللبنانية مفاعيل الاحداث هناك. بصرف النظر عن السجال حول سياسة «النأي بالنفس» التي وضعتها الحكومة شعاراً لسياستها تجاه الازمة السورية، إلا ان فترة زمنية غير قصيرة نجح لبنان فيها تجنيب مناطقه اضطرابات اهلية.

لكن مسلك النظام السوري في الفترة الاخيرة، وإصراره على ادخال لبنان في أتون حربه الاهلية، من المدخل المذهبي، وضع الساحة اللبنانية امام مرحلة تحمل مخاطر كبيرة. فالاضطرابات التي شهدتها، ولا تزال، مناطق الشمال والبقاع، تنذر بدخول لبنان في صميم الحرب الاهلية السورية، ولا شيء يضمن عدم توسع هذا الانخراط والأشكال التي يمكن ان يتخذها.

لعل هشاشة البنى اللبنانية، وسعي المجموعات الطائفية التى التدخل بإرادتها، سواء منها المناهضة للنظام السوري او الموالية له، تظهر نقصان الأهلية اللبنانية في تجنيب لبنان مخاطر انزلاق الى اقتتال اهلي لم تجف آثار دمائه حتى الآن في كل المناطق اللبنانية. فشل النظام السوري في نقل حربه الاهلية الى دول الجوار بسبب مناعة مجتمعات هذه الدول، لكنه نجح في اعادة تظهيرها لبنانياً بسبب نقصان المناعة في هذا البلد.

اذا كان من نجاح يمكن ان تحققه طاولة الحوار التي عادت مجدداً، فهو النجاح في إيقاظ الوعي لدى المجموعات اللبنانية في منع انتقال الحريق السوري الى مجمل الاراضي اللبنانية. فهل تملك هذه المجموعات او ترغب في هذا الخيار؟ ألف علامة استفهام وشك حول الجواب.

 

* كاتب لبناني

=================

ثلاثي الحرب السورية... دولتان قوميتان وطغمة

ياسين الحاج صالح *

الثلاثاء ١٩ يونيو ٢٠١٢

الحياة

لم ينفذ النظام السوري شيئاً من خطة أنان، ولم يكن ينوي أن يفعل، ولن يفعل في أي يوم. لن يسحب الأسلحة الثقيلة من المدن والتجمعات السكنية، ولن يوقف العنف العشوائي ضد المدنيين، ولن يفرج عن معتقلي الثورة، ولن يسمح بمرور المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة، ولا بدخول وسائل إعلام مستقلة أو مندوبي المنظمات الإنسانية الدولية، ولن يفكر أبداً بالسماح بالتظاهر السلمي، ولن يعترف بأي معارضين سياسيين جديرين بهذا الوصف أو يتحاور معهم. ليس للأمر علاقة بأن ثائرين التزموا أو لم يلتزموا بوقف إطلاق النار، ولا بأن المعارضة رضيت أو لم ترضَ بالحوار معه. للأمر صلة بشيء واحد: تكوين «النظام»، المركّب السياسي الأمني المالي، أو الأسرة الأسدية والأجهزة الأمنية و «البرجوازية الجديدة» المرتبطة بهما. هذا تكوين لا ينصلح ولا يتحاور ولا يتفاوض. فسلطانه قائم جوهرياً على العنف، وبنية مصالحه قائمة على الامتياز، ودوامه معتمد على الاستثناء والتمديد الدائم للموقت. وهو تالياً لا ينضبط بقاعدة تعمّه مع غيره أو بقانون يشركه مع آخرين. فإما يسود سيادة مطلقة على ما كان الحال طوال أكثر من أربعين عاماً، أو يبيد ويستأصل تماماً، على ما هو حال أسر مالكة كثيرة في التاريخ في مثل غروره ورجعيته.

هذا نظام حرب، قد تفتر أحياناً، وقد تكون حرب استنزاف أحياناً، لكنها حرب مستمرة بلا نهاية. ولقد سبق أن كلف نظام الحرب سورية عشرات ألوف الضحايا قبل جيل، وهو في سبيله إلى التفوق على نفسه في هذا السجل.

نظام الحرب هذا أوصل البلد اليوم إلى وضع غير مسبوق لم تعرفه حتى أيام الاستعمار الفرنسي. صحيح أنه جرى تقسيم سورية غير مرة حينها، لكن سورية كانت آنذاك كياناً حديثاً ضعيف التشكل، ولم تكن وحدتها معطى بديهياً على ما نفترض اليوم. كان التقسيم احتمالاً وارداً في ذلك الوقت، ولم يضطر الفرنسيون إلى ممارسة عنف خاص من أجل فرضه. الوحدة السورية، بالمقابل، إنجاز مأثور للنخب الوطنية التي قاومت المستعمر وساومته، واستفادت مما عرض من تحولات دولية، وأخفقت في أشياء أخرى معلومة، منها مصير اسكندرون.

الأخطار المصيرية على الكيان الوطني نتاج حرب ضد أكثرية السكان مستمرة منذ 15 شهراً، مقترنة بكثير من الكراهية، ومعهما دمار واسع لحق بالبنية الوطنية للمجتمع السوري ما كان لوقوع سورية تحت احتلال أجنبي أن يتسبب بمثله.

ولأول مرة في تاريخها بعد الاستقلال، تقف سورية اليوم على مسافة قريبة من انكسار قد لا يُرأب. وكلما تأخر فتح باب السياسة كانت الأخطار أكبر، أو غير قابلة للإصلاح.

وغير تكوين النظام المضاد للسياسة، فإنه يلقى مؤازرة مدهشة من «سجن الشعوب» القديم الجديد، روسيا. عبر حمايتها للنظام على المستوى الدولي، وأكثر عبر الدعم العسكري المستمر له، لروسيا دور لا يغتفر في إغلاق باب السياسة في سورية، ودفع البلد إلى التحطم. وهي منذ بداية الثورة السورية تتصرف بوقاحة عدوانية مثل دولة قومية من القرن التاسع عشر، فلا تكتفي بإنكار الثورة، بل النظام السوري هو من يبدو الضحية في عين سياستها وسياسييها. وكلامها على طرفين في سورية، مع اعتبار الشعب الثائر هو الطرف المعتدي، يشبه تماماً كلام الولايات المتحدة حين يتعلق الأمر بإسرائيل. وهو في مرتبته في اللاأخلاقية أيضاً. والعجيب أن هذا البلد الذي تلكأ دوماً في توريدات الأسلحة لسورية حين كان يحتمل أن يكون للأمر علاقة بالصراع مع إسرائيل، يُظهر اليوم تأهباً لافتاً لإمداد النظام الأسدي بطلباته العسكرية التي يعلم الجميع، عدا مترنيخ الروسي، ضد أي «عدو» ستستخدم.

روسيا، في المحصلة، قوى حرب في سورية، وليست قوة سلام أو تفاوض أو حوار.

وإلى روسيا، يستند النظام إلى دعم إيراني صلب، مالي وتقني وعسكري واستخباري. إيران أيضاً دولة قومية فتية، تفكر في السياسة بمنطق «الريال بوليتيك» الذي يعلي من المصلحة القومية للدولة على حساب أي شيء آخر. الدولة القومية نزّاعة إلى التشدد حتى في الداخل، لكنها لاإنسانية دوماً في الخارج. معلوم أنها اقترنت في الغرب بالاستعمار، وهذا لا تحفزه الرأسمالية وحدها، وإنما كذلك نزعات التوسع والفتح والسيطرة القومية.

واستناد الوطنية الإيرانية المعاصرة إلى الإسلام الشيعي، يسبغ على علاقتها بسورية والعالم العربي، وبالنظام في سورية، طابعاً خاصاً وغير عقلاني، تترجّع فيه أصداء التاريخ وأشباحه.

النظام السوري في نظر إيران رصيد استراتيجي بالغ الأهمية، يضاف إلى عراق ما بعد صدام وحزب الله اللبناني، في صراعها على النفوذ في الإقليم. هذه أدوات لكسب المنافسة الإقليمية والدولية لا قيمة لها بحد ذاتها، ويمكن التضحية بها عند اللزوم أو الاضطرار. وإلى حين تحوز إيران سلاحاً نووياً، وتفرض هيمنتها بأدوات أخرى، فإنها لن تفرط بهذه الأوراق المهمة.

إيران أيضاً قوة حرب في سورية.

وعلى هذا النحو تلتقي ثلاث قوى على إغلاق احتمالات السياسة وجعل سورية ميداناً للحرب. النظام الذي لطالما وصف سوريون كثيرون بلدهم في ظله بأنه «سجن كبير»؛ و «سجن الشعوب» الروسي الذي يقامر بمصير سورية في لعبة أمم، إن لم يكسب منها شيئاً فلا يحتمل أن يخسر شيئاً مهماً؛ ثم إيران، وهي قوة إقليمية طموحة، لن تدخر شيئاً كي ترتقي مراتب القوة والنفوذ في العالم.

والقوى الثلاث فظة، خشنة، تؤمن بمنافع سياسة القوة، وليس لديها ما تعلّمه لغيرها. طوال نحو خمسين عاماً من علاقة جيدة مع الاتحاد السوفياتي، ثم مع روسيا، لم تجن سورية شيئاً ذا قيمة على مستوى هياكلها السياسية والحقوقية، أو على مستوى اقتصادها ومؤسساتها الإنتاجية، أو على مستوى تعليمها وجامعاتها. والسلاح الذي يفترض أنه يحميها لم يحمها من العدو المهدد، لكنه كان فعالاً في قهر السوريين واللبنانيين والفلسطينيين، وأكبر معارك هذا السلاح هي هذه التي يخوضها منذ عام وربع العام ضد السوريين. والأمر نفسه بخصوص إيران التي تشارك روسيا في أن علاقتها بسورية تنحصر بنخبة السلطة، ولا أثر لها على المجتمع. ولم يكن لدى النظام السوري ما يعلمه للبنانيين طوال نحو ثلاثين عاماً من انتدابه على بلدهم، غير إفساد الطبقة السياسية اللبنانية، والمساهمة في تعفن أوضاع لبنان. أما الإجابة عن سؤال عمّا علمه النظام للسوريين، فيعني فتح سيرة المأساة السورية من أولها. لن تختتم هذه السيرة من دون فتح باب السياسة وإغلاق باب الحرب. هذا وحده يكفي لسقوط نظام الحرب المستمرة. السجان يموت إذا ظل باب السجن مفتوحاً.

=================

ماذا مع بشار؟

خالد القشطيني

الشرق الاوسط

19-6-2012

حضرت قبل أيام مؤتمرا تناول فيه الكثير من الكلام موضوع سوريا بعد رحيل بشار الأسد. جرى الكلام على افتراض أنه سيرحل من دون شك. الموضوع هو كيف سيجري الحكم بعده وكيف سيتم إعادة بناء البلد؟

ولكنني كرجل دؤوب على التشاؤم سرح بي الفكر في الاتجاه المعاكس فقلت: ولكن، ماذا عن سوريا مع بقاء الأسد؟ كيف سيجري حكمها؟ وهذا سؤال ينبغي في الواقع طرحه على بشار نفسه. كيف ستستطيع يا رجل أن تحكم هذا البلد وقد مزقت وحدته وشطرت طوائفه وغرست العداوة بينها؟ كيف ستحكم هذه الأكثرية السنية التي سفكت دماء رجالها ونسائها وأطفالها وهدمت بيوتها ومؤسساتها وأحييت في قلوب شبابهم غريزة الثأر لموتاهم؟ كيف ستعيش أنت وأولادك وزوجك، تتربص وتحاذر من قنبلة استشهادي أو خنجر ثائر؟ أي أحمق في العالم يشتري لنفسه وأسرته مثل هذا العيش؟ وكله من أجل المنصب! أما لحماقات الإنسان من نهاية؟!

بعيدا عن كل ذلك، كيف سيتعامل نظامك مع العالم ومع جاراتك من الدول التي ارتبطت بها سوريا بكل الروابط واعتمدت عليها في معيشتها واقتصادها؟ كيف ستعيد العلاقات الدبلوماسية مع جل دول العالم التي رفضتك وسحبت بعثاتها من دمشق؟ بأي وجه ستخرج من بلدك، إذا سمح لك بالخروج ولم يعتقلك الإنتربول حال خروجك كمجرم حرب، كيف ستواجه الوجوه الغاضبة والناقمة عليك من رؤساء الدول الأخرى وزعمائها؟

لقد اعتمد صدام حسين أثناء الحصار على العراق على ثروة بلده النفطية وأعاش شعبه باتفاقية النفط مقابل الغذاء، ولكن سوريا لا تملك مثل هذا الفائض النفطي. فكيف سيمكن إطعام شعبها ومكافأة شبيحتها وعساكرها وعملائها وأجهزة أمنها التي ستعتمد عليها؟ بل وكيف ستكافئ روسيا والصين على موقفهما وتضمن استمرار تأييدهما؟ ومن أين ستسدد ثمن أسطوانات البوب التي تم شراؤها مؤخرا من أميركا؟

سيحكم على الشعب السوري أن يعيش في ضنك مستمر. ولن تنجو الأقلية العلوية من هذا الضنك الوطني العام. المفروض في عقلائها أن يعوا ما سيحصل لسوريا ويدركوا ما سيقعون فيه مستقبلا من موقف حرج نتيجة تأييدهم لهذا النظام. هذه مسؤولية تاريخية على عاتقهم في أن يضمنوا لطائفتهم عيشا كريما وآمنا في سوريا المستقبل بغسل يدهم من هذا الحكم الإجرامي.

سوريا بعد رحيل أو عدم رحيل بشار الأسد. الحقيقة إنني لا أشعر بالراحة إزاء شعار«ارحل!» الذي رفعه الشباب في ميدان التحرير. فهذا شعار يختصر مطالب الشعب بمجرد رحيل رئيس الدولة. ولكن مشكلة البلد لا تقف هنا بل ولا تتوقف على ذلك الرئيس. المطلوب هو ترحيل النظام بكل ما يحمله من عيوب ونواقص. الحاكم هو مجرد رمز للنظام. ولا ضير للمطالبة بترحيله كرمز لترحيل كل ما وراءه من فساد واستبداد واستئثار.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ