ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
سوريا:
لماذا يعد «الإهمال الحميد» خطأ؟ أمير طاهري الشرق الاوسط 22-6-2012 خلال الأسابيع
القليلة الماضية، انضمت مجموعة جديدة
إلى المدافعين عن الرئيس السوري بشار
الأسد، وتضم هذه المجموعة المعلقين
الإسرائيليين و/أو المدافعين عن
إسرائيل في الغرب، لا سيما في الولايات
المتحدة. ولكي نكون منصفين،
فقد اتفق معظمهم على أن نظام الأسد يعد
أحد أكثر الأنظمة الفاسدة والوحشية
التي أنتجها الطغاة العرب في العصر
الحديث، ومع ذلك، فهم مصرون على أن
الديمقراطيات الغربية ليست لها أي
مصلحة في مساعدة القوات المناهضة
للأسد للوصول إلى السلطة، ويشيرون إلى
شكل جديد من أشكال ما يسمى بـ«الإهمال
الحميد»، والذي يعني تراجع
الديمقراطيات الغربية وانتظارها لما
سيسفر عنه الصراع في سوريا. ويستشهد أصحاب نظرية
«الإهمال الحميد» بأربع حجج توضح
السبب في أن الديمقراطيات الغربية،
والولايات المتحدة على وجه الخصوص،
ليست لديها أي مصلحة في تغيير النظام
في سوريا. وأولى هذه الحجج هي أن سقوط
نظام الأسد يعني قدوم نظام آخر معادٍ
للمصالح الغربية. وتكمن المشكلة في تلك
الحجة في أن سوريا لديها بالفعل نظام
معادٍ للقيم والمصالح الغربية. ومن دون
دعم شامل من قبل الجمهورية الإسلامية
في طهران ونظام الحرب الباردة الجديدة
في موسكو، فإن الأسد لن يستمر طويلا في
سدة الحكم. وفي وقت ما كان النظام
السوري يتمتع بقدر من الاستقلال مكنه
من إقامة علاقات عمل مع الدول الغربية
والعربية على حد سواء. وفي الحقيقة، لم
يعد هذا الاستقلال موجودا الآن، وأي
شخص يلقي نظرة سريعة على وسائل الإعلام
الإيرانية سوف يدرك أن الخيارات
الاستراتيجية لسوريا تعتمد الآن على
طهران، وليس على دمشق. والحجة الثانية هي أن
سقوط الأسد قد يجعل السلطة تصل
للإسلاميين الذين سيضطهدون الأقليات
العرقية والدينية في سوريا، لا سيما
المسيحيين الذين يصل عددهم إلى نحو 1.8
مليون نسمة. ومع ذلك، لا يوجد أي دليل
يدعم هذا الزعم، لأنه حتى المسحيين
السوريين يقاتلون من أجل نيل الحرية
كغيرهم من السوريين. وعلاوة على ذلك،
فإن قادة الثورة الشعبية هم من داخل
وخارج الشبكات الإسلامية التقليدية
التي كانت تقاتل نظام الأسد منذ عقود.
وتظهر تجربة الدول الأخرى من دول «الربيع
العربي»، في الوقت الحالي، أنه لا يوجد
حزب إسلامي قادر على فرض ديكتاتورية
جديدة. ويكمن الافتراض
الثالث، أو الحجة الثالثة، في أن نظام
الأسد قد خدم مصالح الأمن الإسرائيلية
على مدار عقود، وأن النظام الجديد في
دمشق، لا سيما إذا ما تمت السيطرة عليه
من الإسلاميين، قد يشكل تهديدا للدولة
اليهودية. وحتى هذا الافتراض تحوم حوله
الكثير من علامات الاستفهام. في البداية، نود أن
نؤكد على أن كل الحروب التي خاضتها
إسرائيل ضد جيرانها من الدول العربية
لم يكن السبب في اندلاعها نظاما
إسلاميا، لكنها اندلعت من جانب أنظمة
علمانية يسيطر عليها رجال الجيش، وحتى
الحروب المصغرة التي اندلعت في لبنان
وغزة لم تكن جماعات حزب الله أو حماس
الإسلامية هي البادئة بها، لكنها بدأت
من قبل إسرائيل. وحتى حرب العصابات
الطويلة التي استمرت لثلاثة عقود
والتي شنها الفلسطينيون ضد إسرائيل
قبل توقيع اتفاقية أوسلو كانت من قبل
اليساريين والجماعات التي كانت معادية
للدين في كثير من الأحيان بقيادة
شخصيات مثل ياسر عرفات وجورج حبش. ولن تتمكن إسرائيل
أبدا من تحقيق حلمها المتمثل في «الأمن»
ما لم تنجح في إقناع جيرانها بأن
يقبلوها كجزء من بيئتهم الجيوسياسية.
ولا يمكن لأي نظام أن يفكر في ذلك
القبول ما لم يكن مدعوما من شعبه. ويبدو
كل شيء أكثر تعقيدا عندما نتذكر أن
نظام الأسد يدين بالفضل الآن لطهران
التي يتحدث قادتها الآن عن «محو
إسرائيل من على الخريطة». وعلى أي حال، فإن
الزعم بأن المذبحة المستمرة للمدنيين
في سوريا الآن هي شيء جيد بالنسبة
لإسرائيل يمكن بالكاد اعتباره بمثابة
مجاملة للدولة اليهودية. ويدور الافتراض
الرابع حول المبدأ الذي يتعين احترامه
- والذي يتم احترامه نادرا في واقع
الأمر - وهو عدم التدخل في الشؤون
الداخلية للدول الأخرى. وفي الحقيقة،
يكون هذا المبدأ ذا مغزى ومعنى في حالة
الدول التي لا تكون حكوماتها في حالة
حرب مع شعوبها، أما في الحالة السورية
فهناك بالفعل تدخل خارجي. وعلى الرغم
من أنه لا يوجد دليل على تدخل القوات
الإيرانية بشكل مباشر في الصراع
الحالي في سوريا، فهناك دليل دامغ على
وجود مئات «المستشارين» العسكريين
الإيرانيين في سوريا بزعم تقديم
التدريب على استخدام الأجهزة
والمساعدة في أنظمة السيطرة والتحكم.
وعلاوة على ذلك، يمكن أن تقوم إيران
بإرسال بعض من وحدات حزب الله لكي
تقاتل بجانب عناصر الأسد في سوريا. وربما يكون الشيء
الأهم من ذلك هو أن روسيا قد أرسلت للتو
قوة بحرية إلى ميناء طرطوس، وهناك خطط
لإبقاء مئات من مشاة البحرية الروسية
في الأراضي السورية بحجة حماية
المدنيين السوريين. وعلى الجانب الآخر،
هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أنه قد
تم إرسال قوات من العديد من الدول
العربية، لا سيما العراق، بهدف تقديم
الدعم للوحدات المناهضة للأسد. ولا
أعتقد أن أيا من هذه الافتراضات بالشيء
الجديد، لكن الشيء الذي يربطها ببعضها
بعضا هو اعتقاد كل القوى الإمبريالية
أن مصالحها في الأجزاء النائية من
إمبراطوريتها تتم حمايتها بشكل أفضل
من قبل الأقليات، حيث عملت روما على
تقوية وحداتها من القبائل الجرمانية
والفرنجة على حدود إمبراطوريتها، كما
قامت الإمبراطورية العثمانية بتجنيد
العلويين والدروز وسمحت للأرمينيين
واليهود بإدارة تجارتهم. وقامت
بريطانيا والهند ببناء جيوش من خلال
تجنيد الأقليات من المسلمين والسيخ،
لا سيما في ولاية البنجاب وإقليم
الشمال الغربي الحدودي. وفي الجزائر،
فضل الفرنسيون تجنيد القبائل كجنود
وضباط صف. ومع ذلك، لا تستطيع
الديمقراطيات الأميركية والغربية
اليوم القيام بما كانت القوى
الإمبريالية القديمة تقوم به، ولا
يمكنها الزعم بأن حكم الأغلبية هو شيء
جيد بالنسبة لها وسيئ للآخرين. والسؤال
الآن هو: لماذا يتعين على السوريين
إنكار ما يعتبره الأميركيون
والأوروبيون الغربيون حقا إنسانيا؟ ان الجلوس ومشاهدة
المجازر التي تحدث في سوريا هو شيء خطأ
من الناحية الأخلاقية وسخيف من
الناحية السياسية، وحتى في مجال
السياسة الواقعية فإنه هزيمة للذات. ================= مشاري الذايدي الشرق الاوسط 22-6-2012 خير رد على مشاركة
الجيش والدولة الروسية في جرائم نظام
بشار الأسد، هو أن ينشق طيار سوري على
متن طائرة مقاتلة من طراز «ميغ» الروسي.
من نفس مخازن الدب الروسي التي تغذي
الأسد! قبل يومين، أعلن
الأردن أنه منح اللجوء السياسي لقائد
الطائرة الحربية السورية الذي انشق
وهبط بطائرته في قاعدة عسكرية جوية في
منطقة المفرق، شمال المملكة، «بناء
على طلبه». وأورد التلفزيون
السوري أن العقيد الطيار حسن مرعي
الحمادة كان يقود طائرته جنوب البلاد،
ثم انقطع الاتصال به. ثم اعترف صراحة
بحادثة الانشقاق ووصف الطيار بالخائن. سفن الإمداد الروسي
إلى النظام الأسدي لم تتوقف، وهي
تتزايد بشكل وقح؛ من سفن تحمل مروحيات
مقاتلة، إلى سفن تحمل مقاتلين وأسلحة
متنوعة، وكل هذه الأسلحة توجه إلى صدور
الأهالي في كل مكان؛ من حمص إلى حماه
إلى إدلب شمالا ووسطا إلى درعا جنوبا
ودير الزور شرقا، وبعد ذلك كله يحاضرنا
«الملا» لافروف عن الحل السلمي، وعن
عدم التدخل الأجنبي في سوريا! حسنا فعل الأردن بمنح
اللجوء السياسي لهذا الطيار المنشق عن
عصابات الأسد وجيشه القاتل، وهو خير من
الكلام المرسل الذي حشا به العالم
رؤوسنا منذ 15 شهرا، حول التمني على
النظام الكف عن القتل. الكلام السياسي
يتنامى كالفطر، ولكن، في الجهة
المقابلة، نجد فيلق القدس الإيراني
وكتائب وعناصر حزب الله الإيراني -
اللبناني، تمد النظام بكل وسائل القوة
المادية والعسكرية، فضلا عن الإسناد
الإعلامي، ثم ثالثة الأثافي بفتح
خزائن الجيش الروسي إلى ميناء طرطوس،
وتحرك قطع الجيش الروسي البحرية للدعم
السافر للأسد القاتل.. وبعد ذلك نتحدث
عن حل سلمي، وعن وجوب عدم تدخل الدول في
تسليح المعارضة، كما يتحدث بكل صلف
واستفزاز الملا لافروف؟! المتوقع تزايد وحشية
النظام بعد حركة الانشقاق هذه، وربما
تصدير الانتقام بشكل تخريبي إلى
الأردن، وربما قطر والسعودية. ولكن من
المهم معرفة أن تكلفة تسليح المعارضة
وتوجيهها واحتضانها أقل من تكلفة
تركها للفوضى والارتجال، كما أن دعم
النظام الأسدي الذي تقدمه روسيا
وإيران، مكلف على هذه الدول، أكثر من
تكلفة دعم المعارضة والجيش الحر على
الدول العربية - وربما بعض الدول
الغربية - الداعمة. بكلام واضح، يجب سلوك
كل السبل لتسليح المعارضة السورية،
وتوجيه مسارها، واحتضانها، حتى نضمن
عدم جنوحها يمينا أو شمالا، وهذا ما
سيحدث لو تركت المعارضة لحال سبيلها. حانت ساعة الحقيقة،
ومجرد منح الأردن حق اللجوء السياسي
لهذا الطيار المنشق، على بساطة هذه
الخطوة، قياسا بدعم روسيا وإيران،
سيكون له أثر كبير وفعال في إضعاف
معنويات جيش الأسد، وتشجيع تركه
والانقلاب عليه. ففعل واحد خير من
عشرات من خطب نبيل العربي أو تصريحات
الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض
الأميركي. افرض الوقائع على
الأرض، وبعدها تحدث مع الآخرين.. هكذا
يفعل الخصوم معك، فافعل ما يفعلون. ================= الطائفية
في خطر ... الفسيفساء بخير! بكر صدقي * الجمعة ٢٢
يونيو ٢٠١٢ الحياة يعود أحد أسرار قوة
النظام الأسدي المترنح إلى نظرة إلى
سورية ترى فيها كياناً هشاً لا يحتمل
أي خضة أو دعك. انتبه، كُتِبَ على
الصندوق الكرتوني المغلق، مواد قابلة
للكسر! انتبه، هذه سورية! على الأمور أن
تبقى على حالها دائماً وإلا انعطب
الكيان وانفرط! يتغنى الجميع
بالتعددية التي تشكل معنى الكيان
السوري. «فسيفساء شرقية» بديعة يجب
الحفاظ عليها لأنها مصدر الغنى
والجمال. الواقع أن الفسيفساء جميلة
حقاً تثير في نفس المشاهد ما يشبه
النشوة. تصنع من مواد قابلة للكسر، فلا
يمكن التلاعب بنسقها المستقر إلى
الأبد على جدران القصور والمعابد
وقببها الشاهقة. والحال أن الكيان
السوري الحديث النشأة قد دُعِك طوال
تاريخه بما يكفي للتأكد من أنه ليس
بالهشاشة التي يوصف بها. إذا كان النصف
الأول من هذا التاريخ قد انقضى في
مسلسل الانقلابات العسكرية والصراع
الدولي على سورية، فلم يخلُ نصفه
الثاني من خضات دورية ودعكٍ متواصل تحت
غطاء زائف من «الاستقرار» الشهير الذي
وهبه للسوريين صاحب آخر انقلاب عسكري
في تاريخ سورية. لم يشعر حافظ أسد بلحظة
أمان واحدة طوال فترة حكمه المديد،
لأنه أكثر من عانى من فقدان الشرعية. كان الرجل واعياً
بأنه يفتقد الشرعية الحزبية الثورية
في نظام 8 آذار الذي تأسس على الموقع
القيادي لحزب البعث. وكان واعياً
لافتقاره إلى شرعية اجتماعية تقليدية
قامت على النسق الطبقي القديم، فهو ابن
عائلة ريفية متواضعة عاشت على الهامش.
بيد أن المصدر الأهم لوعيه الشقي إنما
يعود إلى انتمائه إلى الطائفة العلوية
(نحو 12 في المئة من السكان). لم يؤمن حافظ يوماً
بأنه يستحق الموقع الأول في السلطة في
بلد أكثريته من المسلمين السنّة. كان
يرى أنه قد استولى بالقوة المسلحة
والتآمر على ما ليس من حقه. وهذا ما
دفعه إلى تحصين غنيمته من كل تآمر،
فأسس مملكة قائمة على الرعب المحض. ثم
أخذ يكتشف تدريجاً المزايا الجيو-سياسية
التي تتمتع بها سورية، فمضى في
استثمارها إلى الحد الأقصى لإدامة
سيطرته الفاقدة الشرعية. إسرائيل...
لبنان... تركيا... العراق... الاتحاد
السوفياتي... الولايات المتحدة... إيران...
السعودية... جنة من الفرص يمكن التلاعب
بها ببراغماتية تليق بثعلب ماكر. لكن
كل ذلك معرض للخطر ما لم يحظ بالشرعية
المفتقدة في الداخل. فقام مبكراً بأداء
فريضة الحج (وتبعه في ذلك كل من أخيه
رفعت وابنه باسل) واستصدر فتوى أقرت
بإسلام العلويين. هل منحه ذلك الشعورَ
بالأمان؟ لا. لذلك كان عليه أن يعتمد
على الكذب والتمويه. ألغى أي خصوصية
دينية للعلويين، لكنه اعتمد في حكمه
بالقبضة الحديدية على ضباط علويين
بصورة رئيسة، ودفع بآلاف الشبان من
القرى العلوية الفقيرة إلى الانتساب
إلى أجهزة الأمن. وشجع في المقابل على
بناء المزيد من الجوامع الباذخة
بتمويل خليجي. فتحول الأمر إلى نوع من
التكاذب الشامل والتقية الماسونية:
وحدة وطنية «علمانية» بلا تنوع ديني.
لكن دين البلد الرسمي هو الإسلام
السنّي. وكرس ذلك في دستوره شرطاً
لرئاسة الدولة، في حين أنه اعتمد في
السر على العصبية الطائفية الضيقة
لإدامة عرشه. في 1980 أحس الأسد بأن
الأرض تميد من تحته، فالكابوس الذي
طالما قضّ مضجعه قد تحقق. قام التمرد
عليه باسم الإسلام السنّي في حلب وإدلب
وحماة وبعض المدن الأخرى بما في ذلك
اللاذقية. هرب من انتمائه الأقلوي
بالإفراط في العروبة والاستيلاء على
القضية الفلسطينية. ومتَّنَ تحالفاته
الاستراتيجية مع إيران الثورية
والاتحاد السوفياتي في طور انحداره،
وقضى على دور الجيش في الحياة السياسية
بعدما أفاق من غيبوبته في 1984، فأرسل
كبار ضباطه إلى المنفى. وحين سمح
لبعضهم بالعودة مقصوصي الأجنحة، بدأ
يعد العدة لتوريث ابنه البكر باسل
بعدما أبعد أخاه الطموح رفعت وأولاده
نهائياً خارج جنة السلطة. من تلك اللحظة
وصاعداً ستدخل سورية عصرها الكابوسي
حيث أجهزة الأمن المنتفخة بمثابة
حكومة الظل الحقيقية التي تتدخل في كل
جزئيات حياة المجتمع وأفراده، ليتفرغ
حافظ للسياسة المحضة، وهي في الحالة
السورية السياسة الخارجية فقط، وهي
قائمة على اللعب في الدول المجاورة مع
الكبار بوسائل أمنية أساساً كالإرهاب
والابتزاز وليّ الذراع. ينقل عن الديكتاتور
العجوز في أيامه الأخيرة اعترافه بأن
حدثين فقط فاجآه ولم يكن متحسباً لهما:
موجة الثورات الديموقراطية في أوروبا
الشرقية ومصرع نجله باسل الذي كان يعد
العدة لتوريثه البلاد. إنها سخرية
الأقدار: ابنه الثاني بشار الذي طُبِخَ
على عجل وريثاً لأبيه، فشل فشلاً
ذريعاً في مواجهة الموجة الديموقراطية
الثانية التي اجتاحت هذه المرة بلاد
العرب. لكنه نجح في شد العصبية
الطائفية التي قام عليها النظام
الأمني لأبيه، فأصبح كل انشقاق عن هذه
العصبية يحاصر بقسوة من جانب أهل
المنشق نفسه أكثر من السلطة الغاشمة. بصرف النظر عن
الطريقة التي يمكن أن تحل بها المشكلة
العلوية في سورية ما بعد الأسد، يبدو
أن ما سمّيت بالمشكلة الطائفية ستندثر
مع هذا الحل. فإذا كانت مجازر طائفية
بشعة كتلك التي وقعت في بابا عمرو وكرم
الزيتون والحولة والقبير فشلت في
استدراج الردود المضادة، فهذا يعني أن
الفسيفساء السورية بخير. المهمة
العاجلة هي في إيجاد الوسائل المناسبة
لإدماج العلويين مجدداً في الجسم
الوطني. لا يتمثل الحل في إعادة
العلويين إلى الهامش بعدما دفع عهد
بشار – مخلوف بهم إلى واجهة المشهد
الاجتماعي والثقافي بعد طول كبت
وتغييب في عهد أبيه، بل في ترميم ما
تحطم من قطع الفسيفساء. *
كاتب سوري ================= رأي القدس 2012-06-21 القدس العربي
لجوء طيار سوري
بطائرته الى الاردن اعاد تسليط
الاضواء على الاحداث مجددا في سورية
بعد انشغال استغرق اكثر من اسبوع
تقريبا بأزمة انتخابات الرئاسة
المصرية وتضارب الانباء حول الفائز
فيها. انشقاق طيارين ليس
امرا غير مألوف في سورية، فقد فر اكثر
من طيار سوري بطائرته طالبا اللجوء،
ولكن في اسرائيل وهذه المرة الاولى
التي يهرب فيها طيار سوري بطائرته الى
الاردن رافضا الاشتراك في قصف مواقع
للمعارضة وقواتها في منطقة درعا
الحدودية، حسب ما جاء في بيان للجيش
السوري الحر. الطيار السوري الذي
فر الى اسرائيل قبل بضع سنوات قدم خدمة
استخباراتية كبيرة للولايات المتحدة
الامريكية، لان طائرته كانت من طراز 'ميغ
29' المتقدمة، لكن طائرة العقيد طيار
حسن مرعي كانت من طراز 'ميغ 21' الروسية
الصنع ايضا التي تنتمي الى جيل منتهي
الصلاحية من الطائرات لقدمها، وقد
تكون القيمة الاستخباراتية في هذه
الحالة في الطيار وليست في الطائرة،
حيث سيتعرض لاستجواب من اجهزة مخابرات
غربية لمعرفة اسرار سلاح الجو السوري،
خاصة وان احتمالات التدخل العسكري
الغربي في الازمة السورية ما زال غير
مستبعد. لا شك ان هذا
الانشقاق يشكل ضربة معنوية كبيرة
للنظام السوري من حيث اهميته اولا،
وتوقيته ثانيا، فاختيار الطيارين يتم
وفق معايير دقيقة وحازمة يتربع الولاء
للنظام على قمتها. فالانظمة العربية
عموما، والنظام السوري خصوصا، ترى في
سلاح الطيران الخطر الاكبر عليها، لان
هذا السلاح يشكل العمود الفقري لنجاح
اي انقلاب عسكري، وسورية شهدت الكثير
من الانقلابات العسكرية في نصف القرن
الماضي، لعب فيها سلاح الطيران دورا
رئيسيا. توقيت الانشقاق،
وعلى هذا المستوى، على درجة كبيرة من
الاهمية، فهناك محادثات واتصالات
مكثفة تجري حاليا بين روسيا من ناحية
والولايات المتحدة ودول غربية اخرى من
اجل ايجاد مخرج للازمة السورية يتمحور
حول الحل اليمني، اي تنحي الرئيس بشار
الاسد عن السلطة بعد عامين واجراء
انتخابات عامة لاختيار حكومة
انتقالية، وقدمت بريطانيا عرضا مغريا
للرئيس الاسد بالمشاركة في مؤتمر
ينعقد في جنيف آخر الشهر لبحث هذه
المسألة وتعهدت بضمان ممر آمن له
للمشاركة. لم يصدر اي رد فعل
رسمي سوري على هذا الاقتراح، ولكن
سيرجي لافروف وزير الخارجية الاروسي
قال 'ان اي خطة سلام حول سورية تتضمن
فكرة رحيل الاسد لحل الازمة غير قابلة
للتحقيق' وهذا يعني اجهاض هذه الخطة
وهي 'نطفة' وقبل ان تبدأ مرحلة النمو. روسيا تلقي بكل ثقلها
خلف النظام السوري، وتتحرك بشكل سريع
لنفي اي تسريبات غربية حول التوصل الى
تفاهم معها لرحيل الرئيس الاسد موحية
بذلك ان الغرب وحلفاءه العرب هم الذين
يعيشون في مأزق وليس الرئيس الاسد
وحلفاءه الروس والصينيين. السفير الامريكي في
سورية روبرت فورد وجه رسالة صوتية الى
الضباط السوريين حثهم فيها على
الانشقاق عن النظام، ويبدو ان لجوء
الطيار مرعي الى الاردن قد يفسر على
انه استجابة لهذا النداء الذي يعكس
تصاعد التدخل الامريكي في الازمة
السورية خاصة بعد كشف صحيفة 'نيويورك
تايمز' عن وجود ضباط تابعين للمخابرات
المركزية الامريكية في تركيا يتولون
تنسيق عمليات نقل الاسلحة الى
المعارضة السورية في الداخل وللحيلولة
دون وقوعها في ايدي عناصر تابعة لتنظيم
'القاعدة'. هناك حديث متصاعد هذه
الايام عن ارتخاء قبضة النظام السوري
الامنية، وفقدان سيطرته على الاوضاع
في البلاد، مع تزايد هجمات الجيش
السوري الحر وتدفق المزيد من الاسلحة
المتطورة عبر الاراضي التركية لتعزيز
قدراته الهجومية. ومن غير المستبعد ان
يتم توظيف هروب الطيار مرعي لهز
معنويات الجيش السوري، وتبديد المقولة
التي تؤكد ان النظام قوي بدليل عدم
حدوث انشقاقات ذات شأن. الملف السوري بدأ
يزداد سخونة، وهو مرشح لمساومات مكثفة
بين القوى الكبرى، وروسيا وامريكا على
وجه الخصوص التي تخوض حربا بالنيابة
على الاراضي السورية، والضغوط
الامريكية الرامية الى تنحي الرئيس
الاسد والمعارضة الروسية الشرسة لها
ربما تتم في هذا الاطار. ================= جمال ابو زيد 2012-06-21 القدس العربي يكتنف الغموض
والارتباك موقف المجتمع الدولي تجاه
الثورة السورية، فعلى الرغم من
المبادرات الدولية والعربية المتكررة
والتي واكبت الثورة الشعبية بادئ ذي
بدء وما تمخض عنها من إجراءات جماعية
في محاولة لوقف المجازر التي يرتكبها
النظام السوري ضد شعبه كتعليق عضويته
في الجامعة العربية، وسحب بعض البعثات
الدبلوماسية من دمشق وغيرها من
العقوبات الاقتصادية، وكذلك اللجوء
إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار لحماية
المدنيين في سوريا إلا أننا نرى أن
الأصوات قد خفتت والمطالب قد سكتت،
خصوصا بعد إخفاق مجلس الأمن في تبني
أيّ قرار من شأنه معاقبة النظام السوري
على جرائمه والسماح بالتدخل لوقف نزيف
الدم الذي يسيل على ربوع سوريا الحبيبة
نتيجة الموقف الروسي والصيني المتعنت.
في هذه الأثناء تحول العالم إلى مدرجات
المتفرجين وأخذ يطلق صرخات التنديد
والاستنكار، واكتفى بفرض عقوبات
اقتصادية وسياسية هزيلة لم تزد النظام
إلا شراسة وتصميما على القتل
والتدمير، إذ لم تؤثر تلك العقوبات على
أداء آلته العسكرية التي تتدفق عليه من
روسيا وإيران والدول المجاورة. لا ريب من أن النظام
السوري سقط أخلاقيا ودوليا وتنظيميا،
ولم يعد في مقدوره بحال من الأحوال
تسيير دفة الحكم في سوريا، ولم يبق في
جعبته الكثير، وأنه آيل للسقوط لا
محالة، بعدما قال الشعب السوري كلمته
بلا مواربة 'الموت ولا المذلة' وحرقَ
مراكبه، وقطع خط الرجعة، ولم يعد يرضى
بأقل من إزاحة النظام المستبد الذي جثم
على صدره أكثر من أربعة عقود.لقد أسقطت
هذه الثورة المباركة ورقة التوت عن
المجتمع الدولي وفضحت سياسة ازدواجية
المعايير لديه، وأخرست المتشدقين،
وتجار الكلام، فبالأمس القريب وقفت
الدول الكبرى صفا واحدا لإنقاذ الشعب
الليبي من القتل، غير أننا نراه اليوم
يتلكأ في تحمل مسؤولياته الأخلاقية
تجاه شعب يذبح ويقتل بأبشع الطرق، حتى
غدت أفلام الرعب مقارنة بما نشاهده على
الشاشات من جز للرؤوس وتقطيع للأطراف،
وتناثر للأشلاء في مدن وقرى سوريا
الحبيبة أفلاما رومانسية. لقد اختبأ العالم
بأسره وراء الفيتو الروسي والصيني
وتنفس الصعداء عندما تفتق ذهنه على خطة
عنان التي يعلمون مسبقا أنها غير قابلة
للتطبيق ولكنها فرصة تضاف للفرص التي
تقدم للنظام لينتهي من إخماد الثورة.
ومن العجيب أن يساوي الأمين العام
للأمم المتحدة بان كي مون بين الجلاد
والضحية باتهامه جماعات إرهابية
متمرسة بالقيام بتفجيرات داخل سوريا
ودعوته إلى عدم تقديم السلاح للطرفين،
في الوقت الذي تتدفق فيه الأسلحة على
كتائب الأسد وسط صمت منظمته. ثم يبعث
بمراقبيه ويمنحهم مهلة ثلاثة شهور،
بقيادة كوفي عنان ليكونوا شهودا على
المجازر الشنيعة التي يرتكبها النظام
ضد شعبه، وتأتي مذبحة الحولة التي راح
ضحيتها أكثر من مائة شخص معظمهم من
النساء والأطفال لتزيد من الشبهات حول
دور المراقبين، وإذ أضفنا إليها
المذابح التي ارتكبت على بعد خطوات
منهم والتي صار من العسير تتبعها
وحصرها وكذلك تصريح أمين حلف النيتو
بعدم نية الحلف التدخل في سوريا يرتفع
لدينا منسوب الدهشة من اتساع رقعة
المؤامرة على هذا الشعب الأعزل. لقد
هزت هذه الثورة أركان النظام الطائفي
في سوريا وأسقطت عنه الشرعية، وأظهرت
زيفه، وكشفت مؤامراته ضد بلاده، إذ
كلنا يعلم أن حافظ الأسد وصل إلى دفة
الحكم عن طريق انقلاب مشبوه، وما أن
استولى على السلطة في عام 1970 حتى رفع
شعار المقاومة والممانعة لذر الرماد
في العيون. بقي الأسد في السلطة لثلاثة
عقود نشر فيها الرعب بين أفراد شعبه
ونصّب لهم المشانق، وقتل وشرد، وملأ
السجون بالأبرياء، ورغم هلاكه إلا أن
نظام حكمه استمر على حاله. سار نجله
بشار على درب أبيه بعدما ورث سوريا
أرضا وشعبا، وبذلك فتح الأسد الباب
أمام الأنظمة الجمهورية الأخرى التي
قامت ضد الأنظمة الملكية وضد التوريث،
لتوريث أبنائهم، ولولا أن رحمة الله
أدركتنا لحكمنا أطفال الزعماء
الثوريين والعجيب في الأمر ترحيب قادة
العالم الديمقراطي وزعمائه بتولي بشار
السلطة وجاؤوا يركضون من أرجاء
المعمورة إلى دمشق لحضور الانتقال
السلس للسلطة في الجمهوملكية الجديدة
ضاربين عرض الحائط بجميع المبادئ
والشعارات الديمقراطية وبين طيات
السحب الكثيفة والغيوم التي كانت تخيم
على العالم العربي ظلت العلاقات
السورية- الإسرائيلية طي الكتمان،
وظلت القيادة السورية متجاهلة
الاحتلال الاسرائيلي رغم الاستفزازات
المتكررة منها والتي وصلت إلى حد أن
قامت طائراتها الحربية بقصف المفاعل
النووي السوري عام 2007، كما أن تلك
الطائرات ما فتئت تخترق المجال الجوي
السوري متى يحلو لها. في غضون ذلك كانت (القيادة
الحكيمة) في سوريا في المقابل تحافظ
على ضبط النفس، وفي كل مرة كانت تلوذ
بالتنديد والاستنكار، وتلجأ إلى
التهديد بالاحتفاظ بحق الرد. عاش الشعب السوري
حياة القهر والفقر تحت الحكم الطائفي
بقيادة أسرة الأسد لأكثر من أربعة عقود
ونيف، بيد أنه حين بلغ السيل الزبى،
ووصل الطغيان مداه في سوريا عيل صبر
الشعب السوري فخرج للشوارع ينادي
بالحرية ويطالب بالكرامة. بيد أن الأسد
لم يتعود سماع صوت شعبه يطالبه
بالحرية، لذا سارع بإطلاق يد أجهزته
الأمنية وقواته القمعية لقمع
الاحتجاجات. كان السوريون يدركون ما
ينتظرهم من تنكيل على يد نظام مستبد،
ومع ذلك كله اختاروا طريق الحرية
والكرامة ولم يحسبوا لطغيانه وجبروته
حسابا أسوة بإخوانهم في الأقطار
العربية الأخرى الذين ثاروا على
حكوماتهم المستبدة وأفلحوا في إسقاط
أنظمة حكم فاسدة جثمت على صدورهم حينا
من الدهر أذاقتهم الويلات. رفع
السوريون في بداية المطاف شعارا
متواضعا: 'بدنا حرية'، بيد أن ذلك لم يرق
للأسد فكشر عن أنيابه، وما لبث أن بعث
إليهم عصاباته المسلحة وشبيحته
لردعهم، وتحول جيش المقاومة والممانعة
الذي أنفق عليه الشعب السوري من قوته
إلى أداة قمع ووسيلة قهر له. لم يكن ذلك
غريبا على جيش الأسد، الذي يعد جل
ضباطه من 'الطائفة العلوية الكريمة'
وهذا الجيش نفسه استخدمه والده لإبادة
مدينة حماة وإزهاق عشرات الآلاف من
أرواح أبنائها عام 1982. وها نرى الابن
يقتفي أثر الأب، ويدمر حماة مرة أخرى؛
فالابن سر أبيه.. وكيف يصفو النجل والأب
غادر وعلى إيقاع أصوات القذائف، وهدير
المدافع، وأزيز الطائرات، وصفير
الرصاص، رفع الشعب سقف مطالبه، وارتفع
صوته عاليا، وصارت أهازيج الثورة
تتردد صداها في إرجاء المعمورة عبر
الأثير، وأخذت الثورة تنتشر بين ربوع
سوريا الحبيبة وبين قراها ومدنها
وسهولها ورُباها انتشار النار في
الهشيم، وأضحى شعارها 'ياللا ارحل يا
بشار'. لقد غرّ هذا الأسد علاقاته
المتميزة مع جارته والقوى الكبرى في
المنطقة، فلسوريا أهميتها الخاصة بسبب
موقعها الجغرافي الإستراتيجي، وعمقها
التاريخي لارتباطها الوثيق بفلسطين
ووحدة مصيرها، فأرض الشام أرض واحدة
رغم التقسيم، وتعد سوريا الجزء الأكبر
منها، كما أنها تعد أرض الملاحم وبؤرة
الصراعات الدولية منذ الأزل، وتحظى
باهتمام بالغ لأتباع الديانات
السماوية، وهي تعني الكثير للمسلمين.
غير أنه لم يدر بخلد النظام الطائفي أن
إرادة الشعوب لا تقهر، وأن الشعب
السوري اتخذ قراره بعدما استنشق عبير
الحرية التي هبت نسائمها على الوطن
العربي، فاقتلعت زعماء ونزعت ملكهم
وبدلت حكومات، وأعادت للأمة كرامتها
وعزتها. لم يفتّ في عضد الثورة السورية
تكالب الأعداء عليها، ولم يؤثر في
سيرها خذلان الأمة لها، فقد أخذ ثوار
سوريا الأبطال على عاتقهم مسؤولية
الدفاع عن كرامة الأمة والذود عن
كيانها رغم كثرة الأعداء وقلة الحيلة
وشح العدد والعتاد، فقد أوقفت هذه
الثورة المباركة المدّ الفارسي،
وأفشلت المشروع الفارسي على أرض
الرباط. لقد دخلت الثورة السورية مرحلة
عض الأصابع، إذ لم يتبق للنظام السوري
على ما يبدو شيئا يخسره بعدما خسر
الشعب بأسره، وصارت الأرض تزوي تحت
أقدامه، إلا أن نزعة الانتقام من هذا
الشعب الأبي هي المهيمنة على النظام
الساقط، الذي سقط في يوم كتب بطل درعا
الصغير على جدار مدرسته 'الشعب يريد
إسقاط النظام' إذ لم يعد له هدفا إلا
القتل والتخريب والإفساد في الأرض. وفي
هذا الخضم، وفي هذا الجو المكفهر لم
يعبأ الشعب السوري باتفاق اوباما
وبوتين وأدار ظهره للعالم بعدما عرف
طريقه وعزم على تقرير مصيره بنفسه،
ورفع أكف الضراعة إلى السماء وأخذ يردد:
'ما لنا غيرك يا الله'. ================= الانتخابات
المصرية زخم إضافي للثورة السورية: عوامل طمأنة
لتحوّل سياسي ينتظر نقطة الصفر روزانا بومنصف 2012-06-22 النهار على رغم انه كان
للازمة السورية ديناميتها الخاصة التي
تميزت بها عن الثورات في مصر او سواها
من الدول التي شهدت ثورات في ما سمي "الربيع
العربي" خلال العام الماضي، فان مآل
الانتخابات التي جرت في مصر اخيرا وعلى
رغم التعثر والمشاكل التي واجهتها
وتواجهها، تشكل عاملا مؤثرا يعطي زخما
اضافيا للمعارضة في سوريا من اجل ان
تستقوي على النظام وتواصل انتفاضتها
عليه ايا تكن الاثمان التي تدفعها وفق
ما ترى اوساط سياسية معنية. وتقول هذه
الاوساط ان هذه الانتخابات افرزت
تنافسا حادا بين فريقين احدهما هو
الاخوان المسلمون في مصر مع احتمال
تعادل كبير بين الفريقين، بمعنى ان فوز
احدهما بنسبة ضئيلة لا يمكن ان يلغي
الآخر بل هو سبب اضافي من اجل تسعير
التنافس في المرحلة المقبلة على تقديم
الافضل من اجل كسب الرأي العام وهو سبب
اخر للتعاون قسرا مع الآخرين وعدم
اهمالهم او تجاهلهم. وهذا لا يعني بان
هناك اوهاما حول مثالية ما جرى في مصر
او حول انتهاء الصراع في مصر بين الجيش
والسلطة الفائزة بانتهاء الانتخابات
ووصول رئيس جديد. فهذا مخاض جديد لا
تعرفه مصر او ايا من الدول العربية
التي شهدت انتفاضات وهي ستتعثر كثيرا
قبل الوصول الى ما يجب الوصول اليه. الا
ان المعركة السياسية على الفوز ووجود
حظوظ متساوية لكل من فريق الاخوان
المسلمين ومعارضيه تشجع من زوايا
متعددة اقليميا وخارجيا. فعلى الصعيد
الخارجي فان المخاوف التي اثيرت في شأن
الثورة في سوريا واحتمال انتهاء
السلطة في يد الاخوان المسلمين
باعتبارهم الاكثر تنظيما بين كل اجنحة
المعارضة السورية خصوصا بالنسبة الى
روسيا التي تتخوف من وصول مسلمين
اصوليين الى السلطة مكان الرئيس بشار
الاسد تدحضها التطورات في مصر حتى لو
فاز الاخوان، اقله كسبب علني لاستمرار
دعم الاسد ورفض الموافقة على رحيله حتى
الآن على الاقل علما ان للرفض الروسي
اسبابا اخرى في مصالحها السياسية
ووجود قدم لها في الشرق الاوسط. وعلى
الصعيد نفسه، فان النقزة من وصول
الاسلاميين الى السلطة التي ساورت
الغرب طويلا بحيث تمسك بالانظمة
العربية التي استمرت عقودا خوفا من
هؤلاء دجنها او طوعها ما حصل حتى الآن
في الدول العربية حيث حصلت ثورات لكن
الاهم الاضطرار الى قبول هذا التحول في
مصر لما تعنيه من حيث موقعها ودورها في
المنطقة بالنسبة الى الغرب. وقد بات
هذا الاخير اكثر تقبلا وتفهما من اي
وقت مضى لهذه الظاهرة الثورية التي صعد
الاسلاميون وفقها الى الواجهة خصوصا
ان هذه الظاهرة شغلت العالم الاسلامي
بنفسه بدلا من انشغاله بما يجري في
الدول الغربية او باستبدادها او ظلمها
له. وتوفر الانتخابات في
مصر زخما اضافيا للمعارضين والثوار في
سوريا على اساس ان المد التغييري في
المنطقة بات متقدما ولا يمكن العودة به
الى الوراء حتى لو طال امد الازمة في
سوريا لكن التحول السياسي بدأ والامور
تتجه نحو حل سياسي باتت معالمه او
خطوطه العريضة معروفة لجهة استحالة
بقاء النظام ولو ان تفاصيل هذا الحل،
وهي كثيرة ومتشعبة، تحتاج الى توافق
دولي واقليمي. والانتخابات المصرية
تعطي دفعا للطوائف التي يتشكل منها
المجتمع السوري لجهة طمأنة هؤلاء الى
الحاجة اليهم من اجل مستقبل سوريا
وتعدديتها تماما وفق ما عبر الاخوان في
مصر في حملتهم للرئاسة من اجل الفوز
وما ادلوا به في هذا الاطار حول دور
الاقباط وموقعهم في مصر حتى لو كان
الوضع السوري اكثر تعقيدا من الوضع في
مصر على صعيد التركيبة الطوائفية
والمجتمعية، الا ان هذه النقطة مهمة في
بلورة بعض المخاوف التي سيطرت طيلة
العام الاول من انطلاق الثورة في سوريا
وربما لا تزال قائمة لدى كثيرين. الا
انه تجدر الاشارة الى وجود معطيات تفيد
ان تغييرات كبيرة بلغت جميع الطوائف
والمواقع في سوريا على نحو لا يمكن
الكلام عما يجري على الاراضي السورية
بالمعايير السابقة التي سادت خلال
العام الماضي، علما ان هذه التغييرات
لا تخرج الى العلن بالمقدار اللازم
خصوصا ان ضعضعة المواقف الدولية وعدم
وضوح اتجاهاتها او توقيت خلاصة هذه
الاتجاهات تترك للتواصل الذي يجري
بعيدا من الاعلام بين المعارضة
وغالبية الطوائف او جميعها ان يظهر متى
نضجت الامور والتوافق الدولي حول مخرج
للازمة السورية. اذ ان التحول السياسي
في سوريا بات امرا محتوما اراد الروس
ام ابوا او شاءت الولايات المتحدة ام
لم تشأ او اي دولة اخرى اقليمية او سوى
ذلك. وتقول هذه الاوساط انه حتى لو تمكن
النظام وفقا للحملات الامنية
والعسكرية التي يشنها من استرجاع
سيطرته، علما ان هذا الامر مستبعد، فان
الزخم العربي المصري بات بدوره عاملا
مؤثرا في التغيير القسري في سوريا. وترجح الاوساط نفسها
رهان الغرب على عبور مصر قطوع ثورتها
والوصول الى مرحلة الانتخابات من اجل
ان تشكل نموذجا تماما على ما فعلت في
انطلاق الثورة وانتقال العدوى منها
الى سوريا. ================= سوريا...
هل من دور للقوات الدولية؟ تاريخ النشر:
الجمعة 22 يونيو 2012 الاتحاد محمد السماك هل يتحول دور الأمم
المتحدة في سوريا من مراقب إلى متدخل؟
وهل تستبدل قوات حفظ السلام بقوات
المراقبين الحاليين؟ مع استمرار الأزمة في
سوريا وتصاعد حدة العمليات العسكرية،
تتصاعد المطالب الدولية بمزيد من
التحرك لوقف سفك الدماء، كما حدث قبل
ذلك في العديد من الدول الأفريقية. لقد انتظرت الأمم
المتحدة طويلاً قبل أن تتدخل في
الكونغو مثلاً، حيث قضت الحرب الأهلية
فيها في عام 1997 على أرواح خمسة ملايين
إنسان. ولذلك توجد في الكونغو اليوم
قوة دولية هي الأكبر عدداً. وتؤكد
تقارير المنظمة الدولية أنه لولا هذا
التدخل لكان عدد الضحايا أكثر من ذلك
بكثير. غير أن تدخل القوات
الدولية قد لا ينجح في وقف الحرب
الأهلية في دولة ما من دون تمزيقها إلى
دولتين على الأقل، كما حدث في السودان.
فالحرب الأهلية بين الشمال والجنوب
قضت بدورها على أكثر من مليوني إنسان.
وانتهت (هل انتهت فعلاً؟) بتقسيم
الدولة إلى دولتين. ولا يعني ذلك
بالضرورة أن القوات الدولية ما تدخلت
في دولة إلا زادت الوضع فيها سوءاً. لقد
حققت هذه القوات نجاحاً ملحوظاً في
العديد من الدول الأفريقية الأخرى،
مثل ليبيريا، حيث تمكنت هذه القوات ليس
فقط من وقف الحرب وإشاعة السلام
والاستقرار، ولكنها تمكنت أيضاً من
اعتقال زعيم الحرب واللااستقرار فيها
وتسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية
في لاهاي حيث حكم عليه بالسجن. ولكن ما
كان لهذه القوات أن تنجح في ذلك من دون
أن تلجأ إلى استخدام القوة العسكرية. وقد استخدمتها بنجاح
أيضاً في عام 2000، في سيراليون التي
انخفضت فيها نسبة الجريمة بشكل ملحوظ.
وأصبحت هذه الدولة واحدة من أكثر الدول
الأفريقية أمناً بعد أن كانت من أكثرها
إرهاباً.. إن مفهوم الأمن بالنسبة إلى
القوات الدولية لم يعد ينحصر في الجانب
السياسي- العسكري، ولكنه أصبح يتناول
جوانب عديدة أخرى، منها مطاردة عصابات
التهريب حتى أعماق الأدغال، كما حدث في
ساحل العاج مثلاً. ومنها حماية الرؤساء
الشرعيين ومطاردة الانقلابيين
العسكريين على الحكومات الشرعية، كما
حدث في ساحل العاج وربما كذلك في مالي
مؤخراً. لقد انتهى الوقت الذي كان رئيس
الجمهورية يُقتل فيه على مرأى ومسمع من
المجتمع الدولي كما حدث في عام 1961
للرئيس الكونغولي الأسبق بياتريس
لومومبا. ففي الوقت الحالي تقوم قوات
دولية من الهند بحراسة مقر الرئيس
الكونغولي، ومعظم هذه القوات من
النساء أيضاً. وتعمل اليوم القوات
الدولية في ثماني دول أفريقية.. أما في الشرق الأوسط
فإن المهمات التي تقوم بها هذه القوات
تنحصر في مناطق الحدود بين الدول
العربية مع إسرائيل، بما فيها حدود
الدولة السورية طبعاً. وبالمجموع العام
تبلغ نفقات القوات الدولية حوالي ستة
مليارات دولار سنوياً تتحمل الولايات
المتحدة 27 في المئة منها. ويعود هذا
الرقم إلى أن الأمم المتحدة تسدد مبلغ
ألف دولار في الشهر إلى كل جندي يعتمر
القبعة الزرقاء. ولذلك يلاحظ أن
الأكثرية الساحقة من القوات الدولية
هي من دول العالم الثالث وخاصة من
باكستان وبنجلاديش والهند حيث يشكل
هذا المبلغ بالنسبة لمعدلات الدخل
القومي في هذه الدول، دخلاً مغرياً. ومع تحسن الأوضاع
الاقتصادية في بعض هذه الدول مثل
الهند، فان الدولة بدأت تتحمل نفقات
جنودها. ولكن ذلك لا يكفي لرفع أعباء
النفقات عن كاهل المنظمة الدولية.
ولذلك فإن الولايات المتحدة طرحت
معادلة جديدة تقول إن على الدول التي
تطرح نفسها لعضوية مجلس الأمن الدولي
مثل اليابان والبرازيل والهند وسواها،
أن تتحمل المزيد من المسؤوليات
الدولية المالية. ثم إن الدول
الأوروبية تعاني من صعوبات مالية
واقتصادية. وتنعكس هذه الأوضاع على
إمكانات تمويل عمليات الأمم المتحدة
التي تواجه ضغط الحاجات الأمنية
والسياسية، وخطر توسّعها على النحو
الذي يمثله الوضع في سوريا. وإذا كانت
الولايات المتحدة تشكو من ارتفاع نسبة
مساهمتها في تمويل القوات الدولية،
فإنها نادراً ما تثير موضوع تمويلها
للحروب التي تشنها في الخارج. فالحرب
الأميركية على العراق وأفغانستان كلفت
دافع الضرائب الأميركي ألف مليار
دولار، من دون أن تحقق الولايات
المتحدة أي مكسب سياسي، بل لعل المكسب
الوحيد الذي حققته هو الانسحاب من
هاتين الدولتين بأسلوب يحفظ ماء الوجه
على عكس الأسلوب الذي اضطرت إليه في
فيتنام! وقد تعتمد الأمم
المتحدة إذا ما قرر مجلس الأمن الدولي
توسيع وتغيير هوية العناصر الدولية من
مراقبين إلى قوات لحفظ السلام، على
تمويل استثنائي من الدول العربية
وخاصة من دول مجلس التعاون؛ بما يتجاوز
نسبة مساهماتها الحالية في تمويل
القوات الدولية. وهناك سابقة تعاون
ناجحة بين الأمم المتحدة والاتحاد
الأفريقي. فدول الاتحاد تساهم بشكل
أساسي في توفير عناصر قوات القبعات
الزرقاء من أوغندا وبوروندي مثلاً،
وعلى توفير تمويل لها من دول أخرى مثل
جنوب أفريقيا ونيجيريا والسنغال. وتأمل الأمم المتحدة
في اعتماد مثل هذه السابقة مع دول
المجموعة العربية إذا ما اضطرت إلى
إرسال قوات إلى سوريا. ففي الأساس فإن
مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا كوفي
عنان هو مبعوث جامعة الدولة العربية في
الوقت ذاته. ولذلك لن يكون مستغرباً أن
تساهم دول المجلس بتمويل مهمة القوات
الدولية إلى سوريا التي قد تشكل من
عناصر من دول آسيوية وإفريقية
وأميركية لاتينية. ومن كل المهمات التي
تقوم بها قوات الأمم المتحدة في مناطق
مختلفة من العالم، فإن الأردن هي
الدولة العربية الأكثر مشاركة، يليها
المغرب. طبعاً ليست كل مهمات
القوات الدولية سلمية وبناءة. فبعض
العناصر من هذه القوات من دول إفريقية
قام بعمليات اغتصاب واسعة النطاق.
وشارك بعضها أيضاً في عمليات السلب
وخاصة في الكونغو ورواندا؛ وقد أساء
هذا السلوك الشائن إلى القوات الدولية
وإلى سمعتها وحتى إلى دورها، إلا أن
ذلك كان سلوكاً استثنائياً ومحدوداً. ولعل من المهمات
الأمنية المزدوجة، تلك التي تقوم بها
القوات الهندية والباكستانية. إذ أن
هذه القوات تتولى الدور الأمني
العسكري والبوليسي معاً تحت القبعة
الزرقاء. ونظراً لخبراتها القتالية (خاضت
الهند وباكستان ثلاث حروب بينهما)
فإنها تبلي بلاء حسناً في مواجهة
الخارجين عن الشرعية في العديد من
الدول الأفريقية. وهكذا، بدلاً من
التقاتل فيما بينها، فإن هذه القوات
تقوم معاً بمهمة من أجل السلام الدولي
في مناطق من إفريقيا التي تشكل الحروب
الأهلية فيها خطراً على هذا السلام
العالمي! فالحاجة إلى قوات متمرسة
وحسنة التدريب تزداد يوماً بعد يوم.
ومثل هذه القوات (وكانت من بريطانيا)
لعبت دوراً أساسياً في صد هجوم على
مدينة فريتاون عاصمة سيراليون في عام
2000. وهناك صيغ أخرى
للتدخل. منها صيغة التحالف الدولي الذي
حرر الكويت من الاجتياح العراقي في عهد
صدام حسين، ومنها كذلك عملية تحرير
ليبيا من معمر القذافي ونظامه. ولكن
بعض هذه الصيغ جرى خارج إطار الأمم
المتحدة قراراً وإدارة ومسؤولية. وهي
صيغة تطرحها بعض الدول الغربية للعمل
بموجبها في سوريا أيضاً، إلا أنها لا
تلقى تجاوباً. كما أن صيغة الأمم
المتحدة بإرسال قوات دولية تواجه
صعوبات وتعقيدات سياسية دولية كثيرة
أيضاً لأن تنفيذها لا يمكن أن يتحقق
وفق نظام مجلس الأمن الدولي، لأنه يرجح
أن يتصدى له الاتحاد الروسي والصين
بالنقض -الفيتو. ويبين ذلك كله سبب
ارتفاع صوت الأمين العام للأمم
المتحدة "بان كي مون" الذي يعبر
ليس فقط عن الألم مما يحدث في سوريا،
وإنما عن العجز الواضح عملياً عن
القيام بأي عمل فعال لوضع حد لما يحدث. ================= تاريخ النشر:
الجمعة 22 يونيو 2012 محمد الباهلي الاتحاد ذبح الأطفال،
واغتصاب النساء، وأعمال الخطف،
وممارسات "الشبيحة"، وارتكاب
القتل والتعذيب، واستمرار القصف على
المدن والقرى، وتدمير المنازل، وحرق
المزارع، وتهجير السكان، واقتراف
المذابح المروعة... كلها فظائع يرتكبها
النظام السوري، مُحوِّلا حالَ سوريا
إلى مأساة. لذلك فثمة مشهد في غاية
القسوة والعنف، ونظام لا يعرف من
سياسات الحكم والسلطة إلا القتل
والتدمير، ليدفع الدولة السورية نحو
حرب أهلية. تلك ليست مخاوف
افتراضية بل حقيقة قائمة، كما أكد رئيس
عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة،
عندما قال إن ما يجري في سوريا حالياً
هو حرب أهلية، وهو ما ذهب إليه أمين عام
الجامعة العربية حين أوضح أن العمليات
العسكرية للنظام السوري لا تنتج غير
العنف. وقد حملت الأشهر التي
سبقت الانتفاضة الحالية في سوريا،
كميةً ضخمةً من الاحتقان الداخلي،
والعديد من المؤشرات على قرب اندلاع
الثورة، خاصة بعد أن تفاقمت الأزمات
الاقتصادية والاجتماعية وزادت منها
المعالجات الأمنية الفجة. لذلك
فالثورة على النظام إنما اندلعت بفعل
عوامل موضوعية عانى منها المواطن
السوري بعد أن تخطى نظام "البعث"
نقطة اللاعودة، أي منذ أن جعل السلاح
خياره الأساسي في معالجة الإشكالات
الداخلية، ليدفع البلاد نحو النفق
المظلم والمنعطف الخطير الذي تعيشه
اليوم. إن الاتجاه نحو الحرب الأهلية
يعكس انفجار أزمة اجتماعية واقتصادية
وسياسية حادة، نتيجة تراكمات كبيرة
كانت كامنة داخل المجتمع السوري. وفي الحالة السورية
فإن قائمة عمليات القتل والتعذيب
والتفجير التي ارتكبها نظام "البعث"
تطول إلى حد غير معقول، حيث تذكر
المصادر أنه خلال سنة وخمسة أشهر سقط
ستة عشر ألف قتيل، وعدد كبير من الجرحى
والمفقودين واللاجئين والمهجرين... هذا
علاوة على آلاف المعتقلين. والمتوقع أن
يزداد القتل وسفك الدماء إذا ظل الحال
على ما هو عليه، مما يعني بروز الحالة
الطائفية القائمة وتفاقمها أكثر فأكثر. ودولياً، نجد أن ثمة
موقفاً روسياً مؤيداً للنظام السوري
بكل ممارساته، وكما جاء في مقال
للباحثة في شؤون الشرق الأوسط "فيرونيكا
كراشينينيكوفا"، فإن "سقوط
النظام السوري يعني فقدان روسيا
حليفها القوي والوحيد في العالم
العربي، وهذا بدوره يعني أن روسيا
ستخسر منطقة الشرق الأوسط برمتها، وأن
النفوذ الأميركي في المنطقة سينتشر
بلا حسيب ولا رقيب، وسيكون من الصعب
على إيران أن تستمر في صمودها أمام
الضغوط الغربية... ولهذا فسقوط النظام
السوري يعني في نظر روسيا، أن جبهة
المواجهة مع الغرب سوف تقترب من الحدود
الروسية في منطقة القوقاز وجمهوريات
آسيا الوسطى". وينطلق موقف واشنطن
من الحسابات والمصالح الاستراتيجية
الخاصة بأجندتها في المنطقة، لاسيما
بعد أن قدمت سوريا تسهيلات مهمة لروسيا
في ميناء طرطوس العسكري المطل على ساحل
الأبيض المتوسط، وإقامة خطين للغاز
يمران من العراق وإيران ويصلان إلى
آسيا الوسطى. إن ما يجري في سوريا
اليوم هو حرب باردة بين أميركا ووسيا،
واستمرار الموقف الروسي المؤيد
لممارسات النظام السوري ضد شعبه، هو
جزء من هذه الحرب، وهذا أيضاً ما يؤكد
سبب فشل خطة مبعوث الأمم المتحدة
والجامعة العربية في حل الأزمة وإنقاذ
الشعب السوري من القتل، وهو ما يجعل
الرصيد الأخلاقي والمعنوي للمجتمع
الدولي في خطر. ================= القمة
الروسية الأميركية والأزمة السورية ممدوح طه التاريخ: 22
يونيو 2012 البيان بعد طول ترقب التقى
الرئيسان الأميركي باراك أوباما
والروسي فلاديمير بوتين في قمة مهمة
على هامش قمة العشرين الاقتصادية في
المكسيك لبحث الخلافات والملفات
العالقة بين الدولتين العظميين سواء
فيما يتصل بعلاقاتهما الثنائية أو
بالقضايا العالمية والإقليمية
الساخنة خاصة في الشرق الأوسط. وتكتسب
هذه القمة أهميتها المضاعفة من
توقيتها وملفاتها وما سبقها على
الجانبين من تحركات ومواقف وتصريحات
متعارضة تجاه قضايا عديدة من بينها
قضايا منطقتنا العربية والإسلامية،
كما تكتسب دلالاتها من إمكانية
انعقادها، وهو ما كانت تنتظره واشنطن
منذ شهر مضى، ومكان انعقادها الذي
اختارته موسكو بحساب دقيق. من حيث التوقيت تجيء
بعد انتخاب الرئيس بوتين المعروف
بصلابته في التعامل مع الغرب لولاية
ثالثة، مما يشكل مانعا أمام الانفراد
الأميركي بتقرير مصير العالم، كما
تجيء والرئيس الأميركي غارق في
المعركة الانتخابية داخل بلاده،
وأميركا عالقة مع الناتو في حرب خاسرة
في أفغانستان وتسعى للخروج من
المستنقع بشىء من ماء الوجه، مما جعلها
تبحث في اللقاء عن أي مكسب سياسي
لأوباما شخصيا أو لأميركا دوليا. كما تجيء القمة
الروسية الأميركية بعد قمتين على
الأراضي الأميركية، الأولى قمة حلف
الأطلسي «الناتو» في شيكاغو، والثانية
قمة الثمانية الكبار في كامب ديفيد،
حيث حاول خلالهما الرئيس أوباما تحقيق
مكاسب سياسية لحملته الانتخابية
وتقليل الخسائر الأميركية العسكرية
والاقتصادية والسياسية. وبينما كانت قمة
شيكاغو لدول الناتو وبحضور نحو خمسين
دولة بلا مبرر مفهوم سوى المشاركة في
تمويل الانسحاب الكبير، إلا إذا كان
احتفالا بوضع استراتيجية الخروج من
أفغانستان، كانت قمة الثماني الكبار
بمشاركة روسية محاولة أميركية لوضع
استراتيجية للخروج من الأزمة
الاقتصادية للرأسمالية الغربية. وكان أوباما، حين
هاتف بوتين مهنئا بانتخابه وداعيا له
لحضور قمة واشنطن، شديد الحرص على أن
تكون أول زيارة لبوتين إلى واشنطن، في
إشارة ذات معنى بأن شيئا لم يتغير بين
موسكو وواشنطن، وأن الطريق بينهما
سالكا رغم اختلاف المواقف، كما أن صورة
المصافحة مع بوتين سوف تكون رصيدا
لأوباما في حملته الانتخابية، إلا أن
اعتذار بوتين عن الحضور وإيفاد
ميدفيديف لقمة الثماني حرم أوباما
تحقيق ما كان يريد، بل زاد بوتين الأمر
وضوحا بأن اختار أن تكون أول زيارة
رئاسية له إلى برلين وبكين وليس إلى
واشنطن. وفي زيارته إلى الصين
لحضور قمة «مجموعة شنغهاي» التي تضم
الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان
وطاجيكستان وأوزبكستان، بمشاركة
إيران والهند وباكستان ودول أخرى
كمراقبين، حرص بوتين ألا يذهب للقاء
أوباما على هامش قمة العشرين في
المكسيك وليس في واشنطن إلا بعد المرور
على بكين الحليف القوي لموسكو. وبعد بيان قمة شنغهاي
التي تقودها روسيا والصين الذي جاء في
ما يبدو ردا على بيان قمة الناتو في
شيكاغو التي تقودها أميركا وبريطانيا،
أما لماذا اختار بوتين حضور قمة
العشرين ولم يحضر قمة الثماني، فذلك
لأن قمة الثماني هي قمة سياسية
اقتصادية لأميركا فيها الحضور الأقوى،
بينما قمة العشرين هي قمة اقتصادية فقط
والحضور الصيني الروسي فيها أكثر
تأثيرا بالإسهام المالي في حل الأزمة
المالية الغربية. في النهاية شملت
الملفات التي دار النقاش الجاد حولها
بين الرئيسين الأميركي والروسي في قمة
المكسيك أربع قضايا شائكة رئيسية
أولاها مسألة الدرع الصاروخي الأميركي
بحجة مواجهة التهديد الصاروخي
الإيراني وترى فيه روسيا أنه موجه
لتهديدها وضد أمنها القومي وتهدد
بالرد العسكري عليه. والثانية هي الأزمة
السورية والتي حاولت أميركا استغلالها
للتدخل العسكري الغربي لإسقاط نظام
الرئيس بشار الأسد على غرار ما فعل
الناتو في ليبيا، وترى روسيا في ذلك
انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأمم
المتحدة، وضربا للمصالح الروسية
الاستراتيجية، وترفض بحزم مع الصين
استغلال مجلس الأمن لتكرار السيناريو
الليبي في سوريا. إضافة إلى تباين
المواقف الروسية والأميركية من الأزمة
الإيرانية الغربية حول الملف النووي
الإيراني، وتباين المواقف أيضا
بالنسبة للقضية الأفغانية. ولأن ما جرى في القمم
الأربع بشأن القضايا الأربع يعكس آخر
المواقف للدولتين العظميين خصوصا في
ما يتصل بسوريا وإيران، وقضايا الشرق
الأوسط، فإنه يهمنا بالتالي ومن
المفيد أن نطلع عليه ونتعامل معه لنعرف
من يتدخل في قضايانا لمصالحه وضد
مصالحنا ومن يعمل لتحقيق مصالحه
توافقا مع مصالحنا، ومن من تلك القوى
الدولية تتسق في مواقفها بالقانون
الدولي والمبادئ الأممية ومن ينتهك
القانون الدولي والمبادئ الأممية. القمة الروسية
الأميركية كانت تتويجا لما توافقت
عليه باقي القمم نزوعا إلى السياسة
وابتعادا عن الحرب، وجاءت بعد دعوة
روسيا، إلى عقد اجتماع دولي موسع بشأن
الأزمة في سوريا يضم إيران وتركيا بهدف
دعم خطة كوفي انان لحل الأزمة سياسيا،
فيما رفضت أميركا وفرنسا وبريطانيا
مشاركة إيران كونها حليفا للحكومة
السورية، كما جاءت بعد يومين على تعليق
بعثة المراقبين الدوليين في سوريا
لعملها بسبب العنف من كلا الطرفين
المتنازعين. وقد نجحت القمة في
تراجع الخيار الأميركي بالتدخل
العسكري وتوافق مع الموقف الروسي
بالحل السياسي عن طريق وقف العنف من
كلا الطرفين ودعم خطة انان، حيث شدد
الرئيسان على أن الشعب السوري هو صاحب
الحق دون أي تدخل خارجي في تقرير خياره
لنظامه السياسي. وقال أوباما «إننا
اتفقنا على ضرورة التوصل إلى وقف العنف
في سوريا وإجراء العملية السياسية
التي بمقدورها الحيلولة دون نشوب حرب
أهلية وإراقة الدماء»، مشيرا إلى أنه «هو
وبوتين مستعدان، بمشاركة المنظمات
الدولية وكوفي انان، للمساهمة بحل هذه
المشكلة». حدث هذا، بينما يتعرض
اتفاق وقف إطلاق النار بموجب خطة انان،
إلى خروقات متواصلة، فيما يسعى انان
لإنقاذ خطته من خلال اقتراحه تشكيل
مجموعة اتصال دولية، ليكون المطلوب
توافقا عربيا ودوليا جديا على وقف نزيف
الدم في سوريا وإبعاد شبح الحرب وإحلال
السلام وفق قواعد القانون الدولي
ومبادىء ميثاق الجامعة العربية. ================= رأي
الراية ... يوم دامٍ في سوريا الراية 22-6-2012 يُشير تعثّر جهود
منظمة الصليب الأحمر في فرض هدنة مؤقتة
في مدينة حلب لإخراج مئات المواطنين
الجرحى والمرضى المحاصرين في المدينة
التي تتعرّض للقصف منذ أكثر من أسبوع
إلى الواقع المؤلم الذي تعيشه المدن
والبلدات السورية المحاصرة من قبل
النظام منذ بداية الثورة الشعبية وإلى
إصراره على قمع الثورة الشعبية عبر
العنف والقتل. لقد شهد يوم أمس الذي
كان من أكثر الأيام دموية من حيث عدد
الضحايا خلال الأسابيع القليلة
الماضية تطوّرًا مهمًّا يتمثل بانشقاق
أول طيار عسكري برتبة كبيرة فضّل أن
ينحاز إلى شعبه وأمته ورفض الأوامر
بقصف المدنيين واللجوء إلى الأردن ما
يعكس حجم الأزمة التي بات يعيشها
النظام الذي تُواصل قوّاته وأجهزة
أمنه قتل المدنيين. حصيلة أعمال العنف
والمواجهات يوم أمس وصلت إلى 120 قتيلاً
معظمهم من المدنيين حيث سقط العدد
الأكبر من القتلى في حمص ودرعا وفي
دوما بريف دمشق فيما وصل تعداد ضحايا
حركة الاحتجاج منذ منتصف مارس 2011 ضدّ
نظام الأسد في أعمال القمع والمواجهات
بين الجيش والمنشقين والمسلحين أكثر
من 15 ألف شخص معظمهم من المدنيين حسب
إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان
. دموية النظام السوري
والفشل حتى هذه اللحظة بتنفيذ مبادرة
المبعوث الدولي والعربي كوفي عنان على
الأرض في سوريا دفع بجامعة الدول
العربية على لسان نائب الأمين العام
أحمد بن حلي إلى الطلب من روسيا التوقف
عن تسليم الأسلحة إلى النظام السوري
وعن "المساعدة على قتل الناس". وهو
الموقف الأقوى الذي تصدره الجامعة
العربية تجاه روسيا التي تعدّ حليفًا
وثيقًا للنظام السوري منذ بدء الثورة
السورية. إن تصاعد عمليات
القتل وارتفاع وتيرة العنف في المدن
السورية يتطلب من المجتمع الدولي أن
يضع خلافاته جانبًا والاتفاق على آلية
واضحة ومحدّدة لتنفيذ مبادرة المبعوث
الدولي عنان على الأرض وإجبار النظام
السوري على تنفيذها تحت البند السابع
لتوفير الحماية للمدنيين. الرسالة التي يجب أن
يقرأها النظام السوري جيّدًا من خلال
عملية الانشقاق التي قام بها الطيار
السوري ومساعده أن جنود وضباط الجيش
السوري سينحازون إلى شعبهم طال الزمن
أو قصر فالجيش وُجد لحماية الشعب
والوطن وليس لقتل أبنائه وتدمير
مقدرّاته للحفاظ على النظام وبقائه
كما يحدث الآن والطيار السوري المنشق
الذي يحمل رتبة عقيد لن يكون الأخير في
هذا الطريق الذي يُؤذن بتأكيد أن نهاية
النظام الذي ظلم شعبه وحاصره وقتل
أبناءه قد اقتربت. ================= الوطن السعودية 22-6-2012 في سورية لا يوجد حل
سوى دعم المعارضة بالسلاح والمال،
ومنحها حرية الحركة والدعم السياسي
والعسكري من خلال تحالف عربي غربي قوي بعد أن قَضَى قرابةُ
15 ألف إنسان تحت نيران النظام المجرم
في سورية؛ يتساءل الكثير عن الوضع
هناك، وعن مدى إمكانية تحقيق الثورة
لأهدافها باهظةِ الثمن؟ وما الذي يدور
خلف كواليس أبواب السياسة وتحت بنادق
الحرب هناك؟ سأتحدث عن عدة جوانب
تدور حول الوضع هناك، محاولا كشف بعض
خيوط الأزمة وحلها، ومبرزا لبعض
المؤامرات التي يحيكها النظام السوري
وحلفاؤه. من نافلة القول أن
يُذكر أن النظام بدأ يشعر بالخوف
الشديد وأنه فقد السيطرة المُحكمة على
البلد، والتي كان يتمتع بها في السابق
بالحديد والنار، مع الأخذ بالاعتبار
أنه اختار وضع بندقيةٍ خلف ظهره ومسح
خط الرجعة مطلقا! ويبدو أن النظام أخذ
يدرس كل خياراته بالتشاور مع إيران،
لمواجهة أي تطورات قد لا تكون في صالحه.
ومن قراءة الأحداث هناك؛ تبدو معالم
الدهاء السياسي الإيراني واضحة، حيث
تلعب إيران دورا كبيرا ورمت بثقلها كله
في سبيل الدفاع عن النظام الدكتاتوري. ومن أهم معالم هذا
الدور؛ محاولة إشراك العراق بحكومته
التابعة لإيران إلى طرفها، وقد ظهر هذا
جليا في المؤتمر الصحفي مؤخرا بين
موسكو وبغداد، بأن الأخيرة ستكون طرفا
في أي مؤتمر عن سورية، في إشارة إلى
المؤتمر الدولي الخاص بسورية والذي
طلبت روسيا إشراك إيران فيه أيضا. وهذه
بلا شك محاولة لاستخدام جميع الأوراق
الممكنة، ففي حال رفض مشاركة إيران؛
فإنها ستشارك بنفوذها من خلال العراق
بالإضافة إلى روسيا. كما أن إيران طلبت
إدراج موضوعي سورية والبحرين في
المفاوضات في اجتماع إيران 5+1 بخصوص
برنامجها النووي، لأجل المساومات
السياسية ورفع سقف التفاوض. وبالإضافة إلى كل
الجهود الوحشية التي يبذلها النظام
الإجرامي وحليفته إيران؛ فإن محللين
يخشون من أن هناك بوادر وعلامات إلى
سيناريو رهيب قد يُقدمون عليه في حال
تراجعهم على المستوى الميداني، وهو
القيام بعمليات تهجير قسري لإعادة رسم
الخارطة للتجمعات السكانية هناك، وهذا
ما قد يُفسر تكرّر عمليات القتل
الجماعي في بعض المدن السورية للأطفال
والنساء! وربما استفادوا من تجربة
الصهاينة في تأسيس دولة إسرائيل عندما
قاموا بنفس الطريقة، ولكن ربما بشكل
أقل وحشية من النظامينِ السوري
والإيراني! وهذا السيناريو سيكون
كارثة في حال وقوعه لا سمح الله، ويجب
على المقاومة بشقيها السياسي والعسكري
هناك أن تكون واعية لهذه الفكرة
الوحشية. أما بالنسبة للوضع
الدولي؛ فللأسف لا يبدو أن القوى
الكبرى مستعدة لخوض معركة عسكرية،
خاصة أن الرئيس الأميركي مقبل على
انتخابات، ومن غير المتوقع أن يُقدم
على مخاطرة قد تفرض عليه أثقالا جديدة
ربما تُفقده كرسيه! بالرغم من أن عددا
من قيادات الحزب الجمهوري أعلنوا
دعمهم لخيار الضربة العسكرية. وبنظري أن خيار
التدخل الدولي لا يُتوقع حصوله إلا
بشرطين؛ أولهما، تفاقم الوضع في
الداخل إلى الحد الذي تخشى فيه القوى
الدولية وإسرائيل خصوصا من انعكاسه
عليها سلبيا! وقد بدت بوادر لهذا الأمر
عندما أعلن عدد من القيادات
الإسرائيلية مؤخرا إدانتها الواضحة
لمجازر النظام السوري، ودعوتها للتدخل
الدولي هناك. ومن بين تلك القيادات؛
الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء
ونائبه ونائب وزير الخارجية. وهذا بلا
شك لدي يشير لبداية تخوف إسرائيل من
تفاقم الوضع وربما تحوله إلى ميدان
للجماعات المسلحة من خلال استغلال
الفوضى، التي قد تسبب تهديدا مستقبليا
لإسرائيل. بنظري أنه من خلال
المعطيات على الأرض؛ لا يوجد حل سوى
دعم المعارضة بالسلاح والمال، ومنحها
حرية الحركة والدعم السياسي والعسكري
من خلال تحالف عربي غربي قوي. يكون
أساسه على مؤسسات الثورة وكياناتها
السياسية الموحدة، التي يجب بدورها في
ظل الوضع السياسي الحالي؛ أن تقوم
ببناء ثقة وتفاهم عالٍ مع الأطراف
الدولية والإقليمية لأجل توفير الغطاء
السياسي والعسكري لهم. وهذه المهمة
صعبة بلا شك، خاصة مع تمازج العديد من
التيارات المتضادة داخل تلك المؤسسات؛
إلا أن هذا الخيار لم يعد فيه مجال
للتردد، ويجب تقديم مصلحة البلد
الوطنية على كل المصالح
والأيديولوجيات الفردية. وفي حال تكوين هذا
التحالف؛ ستجد أغلب القوى الإقليمية
والدولية المؤيدة للشعب السوري أن
الطريق مهيأ لدعم المقاومة، بل ربما
يجدون أنفسهم أمام هذا الخيار وحده.
وإذا نظرنا إلى الحماس التركي على سبيل
المثال في بداية الثورة، وقارنّاه
بهذه الأيام؛ فإننا سنلاحظ كيفية
الهبوط التدريجي في اللهجة التركية،
بعد أن تحركت جبهة الأكراد بقوة وكأنها
رسائل سياسية لإردوغان، ويبدو أنه
استوعب الدرس وراجع نفسه! هذا التردد
والتخوّف لن يقع في حال وجود دعم
وتحالف دولي وإقليمي، كما أن العكس
صحيح؛ فلا تستطيع القوى الإقليمية
وحدها أن تقوم بالمهمة، خصوصا مع رمي
روسيا بثقلها في القضية، بالشكل
الأكثر حماساً من تحرّك القوى الدولية
الأخرى الداعمة للشعب السوري. من أكثر الأمور التي
يخشاها المراقبون؛ أن يقوم أحد
الأطياف أو إحدى الحركات داخل المحيط
الإقليمي لسورية بدءا من مصر وانتهاء
بلبنان بإجراء أو تصرف له أبعاد كبيرة،
مما قد يتسبب في تضاؤل الدعم الدولي أو
حتى ربما تجميده! وهذا ممكن خاصة مع ضعف
الوعي السياسي (وربما إلى درجة فقدانه)
لدى بعض التيارات الفاعلة في المنطقة. قبل هذا وذاك؛ يجب
ألا ننسى أن الشعب يمكنه وحده أن يحقق
انتصاره بالإصرار والتضحية، فلم يكن
أحد يتوقع أن تستمر الثورة كل هذه
المدة، مع الآلة الإجرامية الضخمة
التي وفّرها النظام وحلفاؤه لأجل قمع
الشعب وقتله! فلكم الله يا أهل سورية،
فاصبروا واحتسبوا إلى أن يأتي الله
بأمرٍ من عنده. أسامة سعيد القحطاني ============================ هل يفعل
النظام في سوريا ما فعله الروس في
الشيشان؟ هدى الحسيني الشرق الاوسط 21-6-2012 هناك قلق غربي مما
يتواصل حدوثه في العالم العربي، وهناك
أيضا قرار بالتخلي عن الأمور وعدم تحمل
المسؤولية. إنها كرة من نار لا يريد أحد
أن يتلقفها، وكل ما عدا ذلك مجرد
تصريحات لا تبلسم جراحا زادت قروحها. في لقاء مغلق، عقد في
لندن لبحث الأوضاع العربية، كان
التخلي واضحا. قيل إن في العالم العربي
أنظمة غير مقبولة، ومجتمعات ضعيفة،
وبديل هذه الأنظمة ما يستطيع أن يقدمه
المجتمع، والمجتمع العربي غير قادر
على المجيء بقيادات تستطيع مواجهة
تحديات القرن الحادي والعشرين. لذلك
عندما ننظر الآن إلى ليبيا، وتونس
واليمن ومصر نجد أن الحقائق الجديدة
سيئة إن لم تكن أسوأ مما كانت عليه. إذن
نحن نواجه وضعا فيه أن كل الأسباب التي
أدت إلى ما سُمي بـ«الربيع العربي»،
ليس فقط لم تجد أجوبة لها، بل تعمقت
أكثر. الأبرز هو إحباط الشباب المثقف.
الوضع الذي يتجه نحوه العالم العربي
الآن سيكون أسوأ. قبل الوصول إلى مصر،
ناقش المجتمعون الوضع في سوريا. وكانت
التحليلات كالتالي: أي شيء يحدث في
سوريا سيكون سيئا. إرث القتال الدائر
سيستمر لوقت طويل جدا وسيسفر عن
انتقامات متبادلة، هناك الآن انقسامات
والناس يقولون إن السنّة يريدون
السلطة، لكن لا يوجد شيء اسمه قوة
سنّية موحدة. البديل؟ إما أن يبقى
بشار الأسد في السلطة، أو أن يأخذ «الإخوان
المسلمون»، بمساعدة تركيا السلطة، أو
استمرار الفوضى والقتل داخل سوريا مع
تعميق الانقسامات. رأى المتحاورون، أن
الطرف الوحيد القادر على التدخل هو
تركيا، لأن تدخلها لا يعتبر تدخلا
غربيا، ويكون مقبولا، لكن «لو أن تركيا
السابقة أي من دون رجب طيب أردوغان (رئيس
الوزراء) هي التي تتدخل لقلنا إن
تدخلها إيجابي، لكن إذا تدخلت تركيا
أردوغان فستؤدي إلى مشكلة كبرى»! أسأل: لكن الوضع
الحالي سيئ وسيزداد سوءا؟ الجواب: «هذا صحيح،
لكن لا أحد يقدر على إيقافه بالقوة في
المستقبل القريب. والنتيجة الأكثر
واقعية، صراع طويل الأمد، مع تمسك
الأسد بالسلطة، أو صراع طويل مع وضع
غير واضح نحتاج إلى وقت لنعرف بوضوح من
استولى على السلطة». يقول أحد المشاركين:
حاليا هناك تدخل قوي لإيران و«حزب الله»،
هم يساعدون النظام السوري وفي بعض
الحالات يقودون القتال ضد الثوار، لكن
إرث الوحشية في سوريا سيبقى بغض النظر
عن النتيجة: «لقد فتحنا الآن انتقامات
سورية قديمة ستحدد شكل ونوعية سوريا
للجيل المقبل». عن روسيا كان التالي
من قبل أحد المشاركين: الروس يقولون
إنهم استثمروا في هذا النظام «ولن
نتركه يسقط»، إنما لسبب أساسي آخر هو
أن الولايات المتحدة تريده أن يسقط.
يضيف: «ما كنت لأفهم روسيا لو لم تكن لي
تجربة مع إيران. من الواضح أنه ليس من
مصلحة روسيا أن تصبح إيران دولة نووية،
لكن، ولأن الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين، يرى أن إيران نووية تشكل مشكلة
كبرى لأميركا وأوروبا، فإنه يحمي
الإيرانيين»، في الحقيقة أنه أكثر
عداء لأميركا من كونه يفكر بالمصالح
الروسية. «إذا نظرنا إلى ما هي
مصالح روسيا، نرى أنه ليس من مصلحتها
وجود نظام جار لها نووي وفوق ذلك،
راديكالي إسلامي. توصلت موسكو إلى
ترتيب مع طهران يقضي بأن لا تحرض إيران
الأقلية المسلمة جنوب روسيا وفي
المقابل يحمي الروس النظام». «هذا الترتيب جيد
طالما أن إيران ليست نووية بعد، لكن
عندما تصبح نووية فإن شروط اللعبة
تتغير، وبالتالي، فإن الروس يلعبون
لعبة خطرة جدا، لكن، علمتنا التجارب أن
بوتين رجل غير مسؤول». المسلمون في دول
الاتحاد السوفياتي السابق من السنّة،
فلماذا لا يخاف أن يؤجج بعض العرب
هؤلاء ضده؟ الجواب: لأن لا مصلحة للعرب
بذلك، فإن همّ هؤلاء العرب نشر
التعاليم الإسلامية ومدارسها وهذه
تنتج أحيانا ما يسمى إرهابا، لكن
حكوماتهم نفسها ضد الإرهاب. بينما
الحكومة الإيرانية لها أنشطة إرهابية
في كل أنحاء العالم. أسأل: سمعنا أن الروس
نصحوا النظام السوري باتباع السياسة
التي اتبعوها في الشيشان حيث أحرقوا
العاصمة غروزني، أي سياسة الأرض
المحروقة؟ الجواب: أعتقد أن السوريين
لا يحتاجون للنصيحة الروسية، لديهم
خبرتهم ونصائح إيران و«حزب الله»، من
الممكن أن يكونوا أخذوا بالنصيحة
الروسية، لكن ليس لدينا معلومات
مؤكدة، إنما لدينا معلومات مؤكدة
وواضحة عن الدور الإيراني ودور «حزب
الله». أحد المشاركين رأى
أنه في منعطف ما، قد تكون روسيا مستعدة
أن تسمح بذهاب بشار الأسد شرط أن يكون
البديل شخصا آخر يحافظ على النظام.
ربما يقبلون أن يبقى النظام من دون شخص
بشار الأسد. لكن هل هذا بالحل
الجيد؟ الجواب: لا شيء في سوريا سيكون
حلا جيدا، بل سيئا. أسأل ماذا عن التدخل
العسكري؟ يجيبني أحد المشاركين: لو
كنتِ أنتِ مكان الأميركيين أو
الأوروبيين لما أردتِ التدخل، لكن لو
كنت تركية لتدخلت. انظري، التدخل في
ليبيا كان سهلا، إنما نتيجته مشكوك
فيها. لكن إذا تدخل الغرب في سوريا فإن
طائراته سوف تتساقط، حيث لدى السوريين
سلاح مضاد للطائرات متطور جدا، كذلك
سيكون من الصعب التدخل بطريقة يقبل بها
الرأي العام الغربي، ولا يقاومها
الشعب السوري «من هنا أدرك تفكير
الأميركي والغربي بعدم التدخل، ثم ما
هي مصالح الغرب هناك؟ وقف القتل، إذا
وصل فريق جديد إلى السلطة سيقتل هو
الآخر. لقد انطلق نهر الانتقامات». واستبعد المشاركون
أن تغرق دول مجاورة أخرى في المستنقع
الدموي السوري، لكن «إذا سقط النظام في
سوريا سيكون له تأثير سيئ على الأردن،
لسببين: الأول - أن الأردن سيكون محاطا
بأنظمة إسلامية راديكالية. ثانيا -
سقوط الأسد سيُظهر أنه حتى لو أن الجيش
مخلص للنظام، فلا مفر في النهاية من
سقوط النظام، وأن الراديكاليين
الإسلاميين في الأردن سيشعرون بقوة
مما سيحدث في سوريا». لكن تبقى مصر أهم
دولة عربية، ورأى المتحاورون أن أمرين
يجب أن يحدثا في مصر. إما أن تصبح تحت
سيطرة «الإخوان المسلمين» والجيش، أو
أن يحاول الجيش عبر قرارات المحكمة
العليا التحكم والسيطرة، وعندها يعود
الإخوان إلى الشارع وسيحدث انقسام في
السلطة ما بين الجيش والإخوان. المهم
أنه لن يكون في مصر نظام تعددي، والناس
الذين بدأوا الثورة انهزموا ولم
يحصدوا شيئا، ولن يكون باستطاعة مصر
التعامل مع تحديات العالم الحديث،
واقتصاديا ستواجه كارثة، ليس لأن أحد
مصادر دخلها «السياحة» انهار ولن
ينتعش قريبا، إنما أيضا، لأنه لا يمكن
أن يحصل إصلاح اقتصادي ونمو والجيش
متمسك بامتيازاته، في حين أن الإخوان
يؤسلمون المجتمع، وهذا عكس ما تحتاجه
الدولة إذا أرادت إصلاحا اقتصاديا
ونموا حقيقيا. إذا فاز أحمد شفيق
سينزل «الإخوان» إلى الشارع فالمحكمة
أعطتهم السبب: حق شفيق بترشيح نفسه،
وحل البرلمان. أما إذا فاز محمد مرسي
فسيقبل «الإخوان» بحل البرلمان. لكن، هل سيقبل الجيش
العيش في ظل «المرشد الأعلى للإخوان»؟
رأى المشاركون أن هذا يتوقف على
الاتفاقية التي سيعقدونها مع «الإخوان».
بمعنى ألا يقترب «الإخوان» من
الامتيازات الاقتصادية الخاصة
بالجيش، الذي سيقرر ميزانية الدفاع
ويأتي بملياري دولار من واشنطن، وفي
المقابل يسمح لـ«الإخوان» بأسلمة
المجتمع، «هذا الاتفاق يمكن للإخوان
العيش في ظله». لكن، أليس هناك من
خطر أنه مع أسلمة المجتمع سيصبح «الإخوان»
أقوى من الجيش؟ يستبعد المشاركون هذا،
لأن الجيش يريد أيضا أسلمة المؤسسة
العسكرية. «لكن هذا لن يخفف من وطأة
الكارثة الاقتصادية. قالوا مع (الربيع
العربي) إنهم يريدون تبني النموذج
التركي، في تركيا كان الجيش العنصر
العلماني الأساسي، وهذا لا ينسحب على
الوضع في العالم العربي». لم يطرحوا بارقة أمل
في تلك الجلسة المغلقة، توقعوا جيلين
من المصاعب تجتاح العالم العربي. ================= نزعة
بوتين الستالينية وراء هذا الموقف
الروسي تجاه الأزمة السورية!! صالح القلاب الشرق الاوسط 21-6-2012 رغم مرور كل هذه
الفترة، منذ انفجار انتفاضة الشعب
السوري في نحو منتصف مارس (آذار) العام
الماضي، بقي الجدل محتدما ولم يُحسم
حول الدوافع الحقيقية لوقوف روسيا هذا
الموقف «المخزي»، الذي لا يزال مستمرا
ومتواصلا رغم كل المبادرات الأميركية
والغربية التي فشلت في تغييره، وحول
هذا الانحياز إلى الرئيس السوري بشار
الأسد في حربه ضد شعبه التي اتخذت بعد
خطابه التصعيدي الأخير طابع الإبادة
الجماعية المتنقلة في كل المدن
والمناطق السورية. في كل مرة تتردد
إشادات بموقف روسيا «الإيجابي»!! وفي
كل مرة يخيب سيرغي لافروف ظن الذين
تحدثوا عن «ظهور» متغيرات في الموقف
الروسي وعن إمكانية نجاح خطة المبعوث
العربي والدولي كوفي أنان عندما يجدد
التأكيد بالأقوال والأفعال على وقوف
بلاده بكل ثقلها إلى جانب بشار الأسد
ونظامه فتعود الأمور إلى نقطة الصفر
وتزداد القناعة لدى الأكثر واقعية بأن
فلاديمير بوتين، عندما كان رئيسا
للوزراء وعندما عاد ليحتل موقع رئيس
الجمهورية، يعتبر أن معركة الرئيس
السوري هي معركته وأن هذا النظام الذي
يعتبره القاعدة المتقدمة لبلاده في
الشرق الأوسط لا يجوز التخلي عنه لحساب
الولايات المتحدة الدولة الكبرى التي
أصبحت القطب الأوحد في العالم كله بعد
انهيار الاتحاد السوفياتي في بدايات
تسعينات القرن الماضي. كان الاعتقاد في
البدايات أن هذا الموقف الروسي، الذي
اختار الانحياز لنظام استبدادي دموي
لجأ إلى العنف والحلول العسكرية
والأمنية منذ اللحظة الأولى، هو مجرد
مناورة لابتزاز العرب وخاصة عرب
الخليج العربي وابتزاز الولايات
المتحدة والحصول على بعض المنافع
المالية وأن الأمور سيجري حلها في آخر
الأمر بالترضيات والعطاءات وببعض
التنازلات الأميركية المتعلقة
بتدخلات أميركا في دول منظومة الاتحاد
السوفياتي السابق والمتعلقة أيضا
بجدار الصواريخ الذي أقامه الأميركيون
بحجة مواجهة إيران وهو في حقيقة الأمر
يستهدف روسيا ويستهدف مكانتها في ذلك
الجزء من العالم. ثم كان هناك اعتقاد
بأن تغيير روسيا لموقفها هذا متوقف على
إعطائها ضمانات مؤكدة بالحفاظ على
مصالحها الحيوية في سوريا أولا وفي
الشرق الأوسط ثانيا وبما في ذلك
قاعدتها البحرية في طرطوس، التي هي
القاعدة الوحيدة لها على شواطئ البحر
الأبيض المتوسط، في حال انهيار بشار
الأسد وانهيار نظامه لكن ثبت أن موسكو
وإن هي تريد كل هذا وتصر عليه إلا أنها
تريد ما هو أبعد منه كثيرا وهو أن تكون
ندا حقيقيا وفعليا للولايات المتحدة
في إدارة شؤون الكرة الأرضية وكما كان
عليه الوضع عندما كان هناك الاتحاد
السوفياتي وكان هناك ستالين الذي فرض
شروطه على أميركا وعلى الغرب عموما في
مؤتمر يالطا الشهير بعد الحرب
العالمية الثانية. وأيضا وإلى جانب هذا
كله فإن هناك من لا يزال يعتبر أن موقف
بوتين ولافروف وكل هذه المجموعة
الروسية هو سر الموقف الإسرائيلي وأن «اللوبي»
اليهودي في روسيا، وهذا هو رأي بعض
المحللين الروس، هو الذي يقف وراء هذا
الموقف الروسي البائس وهو الذي يتابعه
ويحافظ عليه والمعروف أن إسرائيل رغم
تصريحات وزير دفاعها إيهود براك ووزير
خارجيتها أفيغدور ليبرمان لا تزال مع
الحفاظ على هذا النظام السوري الذي
جربته على مدى أكثر من أربعين عاما
والذي هي حريصة كل الحرص على الإبقاء
عليه ما دام أن بديله لا يزال غير معروف
لها وما دام أن هناك احتمالا بأن هذا
البديل قد يكون الإخوان المسلمين
وحركات الإسلام السياسي المتطرفة ومن
بينها «القاعدة»!! وحقيقة أن هذا الموقف
المائع الذي تتخذه الولايات المتحدة
وتتخذه بعض الدول الأوروبية ومن بينها
ألمانيا أنجيلا ميركل يستند إلى هذا
الفهم الإسرائيلي نفسه فقرار إسرائيل
بالنسبة لهذه المسألة لا يزال لم يصل
إلى القناعة بضرورة التحول إلى
الاتجاه الآخر وخاصة أن الإسرائيليين
باتوا يشعرون بخطورة كل هذه التحولات
التي تشهدها المنطقة بعد انفجار ثورات
ما يسمى «الربيع العربي» وأن ما
يعتبرونه جبهة إرهابية قد تم فتحها
ضدهم من سيناء التي شهدت في الفترات
الأخيرة عددا من العمليات العسكرية ضد
أهداف إسرائيلية كان آخرها قبل أيام
قليلة. لكن ومع أن كل هذا
وارد وصحيح فإنه ليس الأساس بالنسبة
لهذا الموقف الروسي المستغرب والمثير
للكثير من التساؤلات إن من قبل الشعب
السوري والمعارضة السورية وإن من قبل
معظم الأطراف العربية التي لم تجد بعد
تفسيرا يمكن اعتماده لهذا الانحياز
المستهجن الذي لا يمكن تبريره وخاصة
بعدما اتخذ قمع بشار الأسد لشعبه طابع
الاستئصال الطائفي والإبادة الجماعية
وبعدما فشلت كل محاولات حل هذه الأزمة
وآخرها خطة أنان التي ماتت وشبعت موتا
ولم يعد بالإمكان إنعاشها من خلال
الحقن المنشطة التي يحاول اللجوء
إليها الأميركيون وبعض الدول
الأوروبية. فالأساس هو أن بوتين
الذي يحلم بولاية رابعة وخامسة.. وإلى
الأبد في موقع رئاسة الجمهورية يريد أن
يقنع الروس و«من لفّ لفهم» من شعوب دول
منظومة الاتحاد السوفياتي السابق أنه
هو الوحيد وليس غيره القادر على إنهاء
صيغة القطب العالمي الأوحد لحساب عالم
متعدد الأقطاب وأنه هو الوحيد وليس
غيره القادر على إلزام الولايات
المتحدة بالجلوس إلى مائدة المفاوضات
والبيع والشراء في يالطا جديدة لتقاسم
النفوذ معها إن بالنسبة لهذه المنطقة
الشرق أوسطية الحيوية والاستراتيجية
والهامة وإن بالنسبة للعالم بأسره
وهذا قد سُمع منه شخصيا من خلال
تصريحات متكررة قال فيها إنه لا يمكن
القبول بعد الآن بأي إملاءات أميركية
وإن مرحلة ضعف روسيا ما بعد انهيار
الاتحاد السوفياتي قد أصبحت منتهية
وإن هناك الآن مرحلة جديدة تقتضي صياغة
جديدة لمعادلات النفوذ في الشرق
الأوسط وفي العالم كله. وبالطبع فإن بوتين
بعد التجديد له، قبل فترة، لولاية
ثالثة أصبح يتصرف داخليا وخارجيا على
أنه مجدد دور الاتحاد السوفياتي
السابق على الخريطة الدولية وأن سيرغي
لافروف يقوم بدور أندريه غروميكو وأنه
من الآن فصاعدا لا يمكن القبول بأي
إملاءات أميركية والمشكلة هنا أن
الرئيس الروسي يسعى لتحقيق كل هذه
الطموحات من خلال دماء أبناء الشعب
السوري التي تنزف يوميا ومن خلال
التمسك بنظام لا يمكن ضمان بقائه بعدما
حصل كل هذا الذي حصل حتى وإن أقام الروس
قواعد لهم حول العاصمة دمشق نفسها. وهنا فإن هذا الذي
يفعله فلاديمير بوتين لإثبات زعامته
العالمية الموهومة يذكر بتلك الحادثة
الشهيرة عندما ترأس نيكيتا خروشوف،
وكان في ذلك الحين يشغل موقع الأمين
العام للحزب الشيوعي السوفياتي، وفد
بلاده إلى الدورة العامة للأمم
المتحدة في عام 1960 حيث لم يجد ما يعبر
من خلاله عن أنه زعيم عالمي سوى خلعه
لحذائه وهو جالس في مقعده أمام المنصة
الدولية و«الدَّق» به على تلك المنصة
في تصرف استعراضي مظهري أساء إليه وإلى
حزبه وحكومته وبلده لم تستفد منه إلا
الدعاية «الإمبريالية»!! الغربية
المضادة. إن هذا هو سبب اتخاذ
فلاديمير بوتين لهذا الموقف المستغرب
الذي بقي يتخذه تجاه الأزمة السورية
المتصاعدة والمشكلة هنا هي أن الرئيس
الروسي ربما لا يعرف أن هذه المعادلة
الكونية التي يسعى إليها والتي
عنوانها: «عالم متعدد الأقطاب كبديل
لعالم القطب الواحد» تحتاج إلى معطيات
سياسية واقتصادية وعسكرية لا تزال غير
متوفرة لبلاده كما تحتاج إلى اصطفاف
دولي غير هذا الاصطفاف الذي يعتبر نفسه
قائدا له ولذلك فإن هذه الوضعية التي
يتخذها سوف تصبح وبالا عليه وعلى
تطلعاته وطموحاته عندما سيكتشف الروس
كم أن «ستالينهم» الجديد قد حمَّلهم
إثما تاريخيا سيبقى يطاردهم إلى الأبد
عندما اختار أن تكون روسيا شريكا أعمى
لنظام مستبد في ذبح أبناء شعبه. ================= الخميس ٢١
يونيو ٢٠١٢ حسان حيدر الحياة الدقائق الأربعون
التي أمضاها أوباما وبوتين في بحث
الملف السوري أفضت إلى تثبيت التفويض
الأميركي غير المباشر وغير المعلن
لروسيا بإيجاد حل للأزمة السورية يحفظ
مصالحها ويؤدي في الوقت نفسه إلى
التغيير المنشود. لكن خيارات موسكو
تبدو محدودة للغاية في ضوء المعطيات
القائمة. فواشنطن ومعها
المعارضة السورية والعالم لا تريد أن
تقتصر أي خطة لوقف العنف على الشأن
الأمني، بل أن تتعداه إلى حل سياسي
انتقالي، فيما الروس يرفضون أن يكون
التغيير السياسي شرطاً مسبقاً لوقف
العنف. لكن بسبب عدم رغبة الأميركيين
وعدم قدرتهم على التدخل العسكري
لأسباب اقتصادية وانتخابية، وأخرى
تتعلق بمخاوف إسرائيل من «الهلال
السني» الممتد من تركيا إلى تونس
مروراً بغزة، وعدم توافر الغطاء
الدولي الشرعي أساساً، ركز أوباما
خلال اللقاء على إقناع بوتين بأن من
مسؤولية روسيا ابتداع حل يستجيب مطالب
الطرفين. وقد حرص الرئيس
الروسي على عدم إظهار قبوله بالتفويض
الأميركي لأن ذلك يقوض صدقيته كحليف
يعتمد عليه، لكنه استخدم اللقاءات
اللاحقة مع قادة أوروبيين مثل
البريطاني كامرون والفرنسي هولاند
لتسريب ملامح الحل المزمع، وبينها عدم
تمسكه ببقاء الأسد. ويتركز اعتراض روسيا
الرئيسي على غياب أي ضمانات بالنسبة
إلى مصالحها من جانب القوى البديلة
للقيادة السورية الحالية، وشدد بوتين
خلال محادثاته على ما يعتبره «فشل»
المرحلتين الانتقاليتين في ليبيا ومصر
حيث لا يزال العنف والتوتر قائمين
ويهددان بالتوسع وإبقاء البلدين ضحية
النزاعات الداخلية لفترة طويلة. كما أن الأسد الذي
يرفض في شكل قاطع فكرة التنحي، لكنه
يدرك في الوقت نفسه حجم الضغوط التي
تتعرض لها روسيا، أوفد مستشارته بثينة
شعبان إلى موسكو عشية لقاءات المكسيك
لتذكير روسيا بأن مصالحها ستتعرض
للخطر إذا هي تخلت عنه، لأن البديل
أياً كان لن ينسى مواقفها الداعمة
للنظام. ولهذا قال الأميركيون إنهم
يعرفون بأن الروس تلقوا تهديدات وإنهم
يصدقون ما يقولونه عن أن هدف إرسال سفن
حربية إلى سواحل سورية هو الاستعداد
لإجلاء رجالهم ومعداتهم في حال وصلت
التهديدات إلى مرحلة التنفيذ. هذه المعطيات تضع
موسكو أمام حل وحيد لإنقاذ ما يمكن
إنقاذه: الانقلاب العسكري. فتقوم
مجموعة من الضباط، بمن فيهم ضباط
علويون، بإطاحة الأسد وتشكيل مجلس
عسكري يعلن وقفاً شاملاً للعمليات
الأمنية ويطلق الموقوفين ويقود مرحلة
انتقالية قد تمتد لعامين وتشهد
انتخابات برلمانية ووضع دستور جديد،
وتنتهي بانتخاب رئيس، ما يمنح موسكو
الوقت للتفاوض مع القوى الناشئة في
سورية على المصالح الاستراتيجية
الروسية. ويفترض هذا الحل قبول
مختلف أطراف المعارضة بدور المجلس
العسكري في إنجاز المصالحة الوطنية
بعد الفرز الطائفي والمذهبي الذي عمل
نظام الأسد على إذكائه، وموافقتها على
وقف العمل المسلح، في ضوء تأكيدها أنها
حملت السلاح أساساً دفاعاً عن نفسها
وأنها تلتزم التعددية وحماية مصالح
الأقليات ودورها. لكن السؤال هو هل
ينطلي مثل هذا التدبير الروسي على
المعارضة السورية فتقبل به كحل لا يطيح
النظام من جذوره؟ الجواب سيكون سلبياً
بالتأكيد في ظل الحصار الدولي المطبق
على الأسد وتراجع قدرة جيشه على الحسم
وامتداد التململ إلى فئات اجتماعية
وقفت على «الحياد» حتى الآن، لكن
الأميركيين والأتراك وآخرين قد
يتكفلون بإقناعها. ================= شفيق ناظم
الغبرا * الخميس ٢١
يونيو ٢٠١٢ الحياة رغم الأسلحة التي
استخدمها النظام السوري وسيل الشهداء
الذي تجاوز ١٥ الفاً، لم ينجح
نظام الأسد في إنهاء الثورة، بل أدى
القتل وحرق القرى والأحياء الى انتشار
الثورة وسط قطاعات جديدة من السكان.
الذي مر على سورية منذ آذار (مارس)
٢٠١١ لم يكن عادياً، وقد
أخطأ النظام وكل من فكر في إطاره في
تبسيط الحالة السورية على أنها جماعات
صغيرة. في سورية ثورة تنتشر وسط أغلبية
السكان، وهي في هذا كحال ثورات المنطقة
العربية الساعية لديموقراطية وحريات
وتنمية على أنقاض ديكتاتوريات مريضة
بحب السلطة وتوريثها. إن تبسيط النظام
لحالة الثورة في سورية جعله يعلن المرة
تلو الاخرى عن قرب نهايتها، وفي لحظات،
أعلنت بثينة شعبان، الناطق الأقرب
باسم النظام، ان الأصعب أصبح وراءنا،
واذا بالأصعب لم يبدأ، ولا يزال طور
النمو. ومنذ أيام، اعلن النظام انه
سيصدر عفواً عن كل من يستسلم من «الجيش
الحر» وحملة السلاح، واذا بالقصف
يزداد وتيرة و «الجيش الحر» يزداد
عدداً. لقد تجاوز البطش في
الحالة السورية كل شيء تخيله السوريون
والعرب. لم نرَ مثل هذا البطش في الثورة
اليمنية ولا المصرية أو التونسية،
فالأنظمة في تلك المجتمعات تفاعلت مع
الثورة ضمن حدود النتائج، كما أن
الجيوش في تلك الدول تصرفت بصورة
مغايرة. لكن الفارق بين سورية وبقية
ثورات العرب هو كالفارق بين
يوغوسلافيا البلقان وبين ثورات بولندا
وتشيكوسلوفاكيا ودول اوروبا الشرقية،
ففي الحالة اليوغوسلافية برزت عقدة
صربية مع الذات والتاريخ والمكانة مما
أدى لنمو شخصية دموية من شاكلة
ميلوسوفيتش. ومع ميلوسوفيتش جاءت
مشاريع التطهير العرقي ضد المسلمين،
لكن ما لم يعه ميلوسوفيتش في حربه أن
صبر العالم على صور القتل والمجازر
ينفد في لحظة مفاجئة، لهذا انتهت حرب
البوسنة بتدخل دولي ادى الى ايقافها. لقد حررت الثورة
الشعب السوري من بنية الخوف، وجعلته
يقبل على فك قيوده بحرية. ولم يكن هناك
ما يشير الى أن الاسد بتربيته الغربية
سيواجه متظاهرين سلميين، كما فعل
القذافي. لكن الثورة بينت امام الشعب
السوري، أن النظام في جوهره معاد
للشعب، وان كل ما كان يمارسه في السابق
كان يهدف إلى الإمساك بملفات القوة
والسلطة المحلية والإقليمية، وتبين أن
النظام لم ينظر الى شعبه سوى كوسيلة
للسلطة والتوريث العائلي. والأوضح في الثورة
السورية (وهذا عنصر رئيسي في استمرارها)،
أن النظام السوري عاجز عن إصلاح حاله
وعن القبول بحق المتظاهرين السلميين
في التظاهر وعاجز عن ممارسة حوار حقيقي
مع المختلفين معه، وعاجز عن إيقاف منطق
العنف ضد المدن والقرى والمدنيين،
وعاجز عن إيقاف معسكرات الاعتقال
والتعذيب والقبول بدخول وسائل الإعلام
العربية والعالمية لتغطية الوضع في
سورية. العجز في كل شيء الا عن آلة
البطش هو الصفة الاهم للأنظمة الأمنية
المتحجرة التي لا تعرف طريقاً سوى
العنف. أن يتم توثيق جرائم
النظام وارتكابها بأوامر من شخصيات
معروفة في الأجهزة الأمنية يكتسب
مزيداً من الأهمية في هذه المرحلة،
وهذا ما تقوم به قواعد هامة في الثورة
السورية. إن تمسك النظام السوري
بالسلطة سيصاحبه مع الوقت مزيد من
الانتهاكات لحقوق الإنسان ومزيد من
التوثيق المحلي والدولي لهذه
الانتهاكات، ثم مزيد من تحريك قضية
الحماية الإنسانية. ويتم كل هذا في ظل
مشاهدة العالم لما يقع من خلال وسائل
الاعلام الجديدة التي يبثها الثوار
السوريون. وتشكل عملية تجميد
مهمة المراقبين الدوليين في سورية
حالة جديدة، فالعالم يزداد اقتراباً
من الوصول الى منعطف جديد في العلاقة
مع النظام السوري. التدخل الانساني له
تاريخ في مجتمعات العالم، ومبرراته في
سورية تزداد كل يوم، انطلاقاً من أن
الأنظمة مسؤولة عن حماية المدنيين من
سكانها، وعندما تفشل في هذه الحماية
تتحول حمايتهم الى قضية محركة للرأي
العام وللدول. وفي الجانب السوري
المعارض، نجد الكثير من ضبط النفس،
بينما تشير تقارير إلى تجاوزات في
مناطق المعارضة، إلا أن المعارضة وقوى
الثورة لم تنجر لممارسات مضادة كتلك
التي يمارسها النظام، كما حصل في سلسلة
المجازر الأخيرة، ومنها مجزرة الحولة.
ويوجد في الشارع السوري تيار كبير يعيش
غضباً ضد النظام، والواضح ان هذا الغضب
بدأ يأخذ منحى موجهاً تجاه العلويين
بصفتهم القوة الرئيسية وراء قوات
الشبيحة وأمن النظام والقمع الراهن. في
سورية توريط للطائفة العلوية، فباسمها
يقع الكثير مما يباعد بينها وبين
الأغلبية السنية، فالنظام السوري يبني
على تجربته التاريخية في حرب لبنان
الأهلية ويحاول خلق حالة من الرعب
والخوف الأهلي الذي يمنع أيّاً من
أبناء الطائفة العلوية والأقليات
الأخرى من الانشقاق عنه. السوريون يعون بأن
النظام يستخدم ورقة الطائفة العلوية
بصورة أساسية لإبقائها متباعدة عن
بقية السوريين. هذا يجعل التوجه الى
الطائفة العلوية وعدم القيام بممارسات
قد تصب لمصلحة النظام اأمراً رئيسياً
في تقدم الثورة. ويسجَّل للمعارضة
السورية مرونتها وقدرتها على التحرك،
اذ نجحت في تغيير رئيسها، وفي انتخاب
شخصية وطنية كردية في رئاسة المجلس
الوطني. بطبيعة الحال، بناء الدولة
القادمة في سورية سوف يتطلب مشاركة كل
فئات الشعب السوري، وسوف يتطلب عدالة
لكل الفئات التي يتشكل منها المجتمع
السوري. هذه ثورة المستحيل،
لأنها تواجه نظاماً أقوى ما فيه أمنه
واستخباراته وأجهزته المتخصصة بالبطش
وأضعف حلقاته رعايته لشعبه. لهذا يواجه
الثائر السوري الرصاص والمدافع
والشبيحة والاعتقالات والتعذيب، لكنه
يكسب كل يوم مزيداً من المنضمين الى
الثورة ممن يعانون من بطش النظام وسوء
إدارته وضعف إنسانيته. الثورة السورية
كشفت وجهاً لم يكن معروفاً عن نظام
الأسد، فبين يوم وليلة، فَقَدَ الاسد
الابن شرعيته السياسية، وبين يوم
وليلة سقطت كل الاوهام حول وطنية
النظام وقوميته او إصلاحه وتأهيله.
النظام السوري واقع الآن بين ثورة
متنامية صامدة من جهة وبين آفاق التحول
في الوضع الدولي لصالح الثورة. *
استاذ العلوم السياسية في جامعة
الكويت shafeeqghbra@
تويتر ================= النظام
يتغوّل مع انطلاق مرحلة «ما بعد الأسد» الخميس ٢١
يونيو ٢٠١٢ الحياة عبدالوهاب
بدرخان لم يعد مفهوماً على
الاطلاق ما معنى وما هدف الفرص الزائدة
التي تُعطى للنظام السوري، طالما أنه
يستغلّها لمواصلة القتل والتدمير. اذا
كان العالم اعتبره فاقداً الشرعية،
تحديداً لأنه يقتل شعبه، فإن العالم
فقد كل صدقية اذ يتيح له هذا التغوّل.
وهو انتقل أخيراً من التقتيل الى
ارتكاب المجازر المبرمجة جغرافياً
وديموغرافياً وطائفياً، وأصبح تهجير
السكان من قرى وبلدات، ومن مدن كبيرة
أو متوسطة، إحدى وسائله لكسر
الانتفاضة وقهر المواطنين وتشريدهم
ونهب ممتلكاتهم. وباتت أوساط «تنسيقيات
الثورة» في الداخل والمعارضة في
الخارج ترصد التجمعات السكانية
السنّية الواقعة بين تجمعات علويّة
لتنذرها باحتمال استهدافها للتهجير،
بالقصف العنيف أولاً ثم بدخول جحافل
الأمن و «الشبيحة». هذا ما شهدته
الحُولة والقبير، ثم الحفّةّ حيث لم
يجد المراقبون الدوليون أي دليل على
وجود حياة فيها، اذ أقفرت بعد ثلاثة
أيام من الحصار والقصف. رأوا أبنية
ومنازل مهدّمة ومنهوبة. رُفعت الجثث ما
عدا واحدة، لكن آثار الدماء كانت هنا
وهناك. ولعل الأكثر اذهالاً كان اعتراض
الأهالي سيارات المراقبين لمنعهم من
دخول الحفّة. فالمقتلة كانت تدور في
البلدة وشاء الموالون للنظام،
للطائفة، للقتلة، أن يؤمّنوا لهم
الحماية. قطعاً لم يعد هناك
شعب واحد، ولا دولة واحدة. أسماء
المناطق الاخرى المرشحة للمجازر
والتهجير تُتداول بين السوريين.
كثيرون يحاولون المغادرة مسبقاً. لا
يريدون أن ينتظروا الكارثة. وتصاعدت
أخيراً الشكوى من أن العواصم القريبة
والبعيدة تبدو كأنها توصد أبوابها.
فدول الجوار تواصل تعويق الدخول أو
المرور، خصوصاً الأردن، أما لبنان
فباتت حدوده من الجهة السورية أشبه
بالمصيدة، اذ تستنسب الحواجز تسهيل
العبور وفق الهوية والمنطقة التي جاء
منها العابرون، وبالأخص وفق الرشى
التي تقدّم الى العناصر الأمنية. اما
الدول الغربية فلم تعد تمنح تأشيرات،
وبعد مغادرة السفراء يجد حاملو
الجنسيات الاوروبية مثلاً أنهم مهملون
ومتروكون لمصيرهم، وحين يسعون الى
المغادرة بوسائلهم لا يُسمح لأفراد
عائلاتهم بمرافقتهم اذا لم يكونوا
أيضاً من حاملي الجنسيات. تزامن قرار لجنة
المراقبين تعليق أعمالها مع نهاية «مهلة
الـ24 الساعة» التي أنذر النظام بأنه
سيبدأ بعدها هجوماً شاملاً. كان ذلك
اعلاناً رسمياً بإنهاء «التزامه وقف
اطلاق النار» الذي لم يلتزمه أبداً.
وعلى رغم أن كوفي انان يعتبر النظام
المسؤول الأول عن العنف وتصعيده، إلا
أن كبير المراقبين لم يربط قراره بذاك
الانذار، ما نال استحساناً من النظام
وكأنه حصل على مشروعية للاستشراس.
وظهرت بوادر الهجوم بالاستخدام الكثيف
لسلاح الجو، فبعد طلعات متفرّقة في
الشهر سابقاً أصبحت الوتيرة عشرات
الطلعات يومياً، لكن أحداً في الخارج
لم يشر الى ضرورة حظر الطيران. حصل سجال
كلامي سقيم بين هيلاري كلينتون وسيرغي
لافروف حول المروحيات الحربية التي
تبيعها موسكو الى دمشق. وكذب الروسي
حين قال إن بلاده لا توفر للنظام
السوري أسلحة يمكن استخدامها ضد الشعب.
تشهد على ذلك أحياء الخالدية وباب تدمر
وجورة الشياح والصفصافة في حمص حيث
يتواصل التدمير المنهجي للمدينة، وعلى
رغم استغاثات السكان المحاصرين
والتحذيرات المتكررة في عواصم الغرب
من مجازر متوقعة لم يكن هناك أي مسعى
للإغاثة. قلب حمص يدُكّ لاقتلاع من
تبقى من أهل المدينة، وهو على وشك أن
يفرغ من سكانه. لعله لم يعرف مثل هذا
الضيم منذ عهد الدويلات. ومثلها دير
الزور حيث دُمّر حي الجورة أهم أحيائها
ويُقدَّر أن ربع سكانها انتقلوا الى
الحسكة. هذا الهجوم شمل ريفي دمشق وحلب
وجعلهما في حال حرب فعلية لكن غير
متكافئة. إنها محاولة اخرى
يقدم عليها النظام لـ «حسم» المواجهة،
حسم يرمي أولاً الى استباق اكتمال
تسليح المعارضين الذين برهنوا بالقليل
الذي حصلوا عليه أنهم يستطيعون رفد حال
الانتفاضة الشعبية على الأرض بشيء من
الندّية للنظام، لكن تساؤلاتهم كثرت
أخيراً عن سبب الفرملة المفاجئة
لتسليمهم شحنات أسلحة نوعية أُبلغوا
أنها وصلت فعلاً وحُجبت عنهم، ولا
تفسير لديهم سوى أن الولايات المتحدة
هي التي جمّدتها لاستكمال اتصالاتها
ومشاوراتها. كما يرمي «الحسم» هذا
الى استباق تنضيج المشاورات الروسية -
الغربية المقبلة، ومنها اللقاء الذي
تم فعلاً بين باراك اوباما وفلاديمير
بوتين، خصوصاً بعدما تأكد ان
الاتصالات تتركز أكثر فأكثر على «ما
بعد الأسد». صحيح أن وزير الخارجية
الروسي نفى ما كشفه نظيره الفرنسي
لوران فابيوس، إلا أن الروس يعرفون
أنهم اذا لم يضعوا رأس النظام على
الطاولة فلن يتمكنوا من استدراج أي
مساومة أو صفقة. غير أن الشعب السوري
الذي يتعرّض حالياً لأعتى عدوان عليه
من النظام، وكذلك الشعوب العربية
المترقبة بحزن والآملة بحل قريب في
سورية، قد يطول انتظارها أكثر قبل أن
يظهر الضوء في نهاية النفق. وعندما
يقول بوتين إن «نقاطاً مشتركة» تم
التوافق عليها مع أوباما، فهذا لا يعني
أنهما أحرزا تقدماً أبعد من التفاهمات
التي سبق أن توصل اليها مساعدوهما خلال
مشاورات الشهور الماضية. قيل إن مجرد
صدور بيان اميركي - روسي مشترك عنى أن
الدولتين في صدد العمل معاً، لكنهما لم
تتفقا بعد على مجمل التفاصيل. كان التفاهم الأهم،
الذي جُدّد تأكيده على ما يبدو، أن «لا
إسقاط للنظام» بتدخل خارجي و «لا سحق
عسكرياً لانتفاضة الشعب» بغطاء روسي.
وعلى ذلك استعاد الجانبان دعمهما
لمهمة كوفي انان طالما أنها انبثقت
أساساً من توافقهما «بما في ذلك التحرك
باتجاه انتقال سياسي الى نظام
ديموقراطي تعددي يتفق عليه السوريون
أنفسهم في اطار سيادة سورية
واستقلالها ووحدة أرضها» (وفقاً
للبيان)... لكن مع ضرورة «وقف فوري للعنف»،
الشرط اللازم للشروع في أي مسعى سياسي.
فأي تحرك ضمن «خطة انان» يلقى ترحيباً
من موسكو كونه يمنحها دوراً رئيساً في
ادارة الأزمة، لذلك فهي قد توافق على
زيادة عدد المراقبين وعلى تفعيل بنود
الخطة كافة، وقد تنفتح على العمل لفتح
ممرات انسانية، اذ بدا الاميركيون
مهتمين به في الفترة الأخيرة، خصوصاً
بعد تكاثر المدن والبلدات المعلنة «منكوبة».
لكن أي توافق اميركي - روسي ظاهري لا بد
من أن يُؤخذ بحذر شديد، فلا شيء يوحي
فعلاً بأن اتفاقاً قد حصل، وأن بوتين
نال كل ما أراد لينفذ كل ما يُتوقع منه
لإنهاء الأزمة السورية. في أي حال، لا يبدو
الجهد المبذول (من اسطنبول الى القاهرة)
لإيجاد اطار سياسي «توحيدي» للمعارضة
بعيداً من مناخ التعويل مجدداً على «خطة
انان»، اذ لا يزال هدفها شبه المصرّح
به هو «نقل السلطة». ولعل هذا المناخ
يوضح أسباب تصعيد العنف من جانب
النظام، والإبطاء في تسليح المعارضة
من جهة اخرى. لكن اذا كانت هناك أخبار
جيدة فعلاً في لقاء اوباما - بوتين،
فالأحرى أن تظهر سريعاً لأن الوقت، في
سورية، من دم. *
كاتب وصحافي لبناني ================= مرح البقاعي * الخميس ٢١
يونيو ٢٠١٢ الحياة في حين تترنّح خطة
المبعوث الأممي، كوفي عنان، تحت
الضربات الاستباقيّة التي توجهها
كتائب الأسد النظامية بغرض الإرهاب
والتعنيف القصدي، ينفتح القرار الدولي
على فراغ كبير في ظل غياب خطط جاهزة
للتعويض عن مبادرة عنان في حال سقوطها
الكامل الذي غدا وشيكاً باعتراف رئيس
بعثة المراقبين، الجنرال روبرت مود،
والذي قام بتعليق أعمال اللجنة عازياً
القرار إلى «افتقار الرغبة في التحوّل
السلمي في سورية، والذي يحلّ محلّه
توجهاً واضحاً نحو تحقيق مكاسب عسكرية». طبعاً جاء هذا الموقف
إثر تعرّض موكب المراقبين الدوليين
لاعتداء غير مسبوق ومباشر شنّته
المجموعات المؤيدة لبشار الأسد في
مدينة الحفة في اللاذقية حيث حذّر
المراقبون من احتمال وقوع مجازر تطاول
المدنيين العزل على غرار مجزرتي
الحولة والقبير، وكذا بسبب المؤشر
التصاعدي للعنف في سورية الذي تمارسه
أطراف النظام على المدنيين في القرى
والمدن السورية ابتداء بالاغتصاب
الجنسي مروراً بالتعذيب الجسدي وصولاً
إلى الذبح والقتل بالفؤوس وبدم الوحوش
الضارية البارد. كل هذا يجرى في سورية
والعالم في ثبات عميق لا يرجّ بركته
الراكدة، بين الفينة والأخرى، سوى صور
جثث الأطفال المشوّهة والمبتورة
الأعضاء والتي يأبى الشيطان نفسه أن
يمثّل بها كما تفعل عصابات الأسد
المدرّبة على القتل والفتك بهيستيريا
دموية لم تشهدها البشرية ولم تعهد
حقداً مضمراً كأحقادها. أما هنا في الولايات
المتحدة، الدولة التي تأسس دستورها
على المبادئ الرئيسة لحقوق الإنسان،
فإن «تطنيش» الرئيس أوباما ومجموعته
في البيت البيض عن فداحة الأحداث في
سورية قد بلغ الزبى! كما أن مراوحة
الخارجية الأميركية بين الشجب
والتهديد لنظام الأسد من دون اتخاذ
خطوات فاعلة على الأرض إنما تشكّل غطاء
لهذا النظام ليوغل في القتل دونما
الخوف من رقيب أو حسيب، ولحليفيه إيران
وروسيا بأن تستمرا بالدعم اللوجستي
والسياسي لعمليات القمع المخيفة
يمارسها على شعبه الذي خرج طلباً
للكرامة والحرية. في جريدة «نيويورك
تايمز» الليبرالية، والتي تشكّل
الظهير الإعلامي الداعم لإدارة
أوباما، كتب الصحافي الشهير نيكولاس
كريستوف، في مقالة حملت عنوان: «من
جائزة نوبل إلى الشلل»: «قد لا تتوفّر
لدينا حلول سهلة عندما تتحوّل
الحكومات إلى القتل الجماعي، ولكن يجب
علينا على الأقل أن نكون في الجانب
النيّر من التاريخ! وهذا أقل ما
نتوقّعه من الرجل الحائز على جائزة
نوبل للسلام». هذا النقد غير المسبوق
من حديقة أوباما الاعلامية الخلفية،
إنما يؤشر إلى الانفصال التام بين
إرادة الشارع الأميركي وطموحاته في
حكومته وبين الانضواء الذي تعاني منه
إدارة أوباما حين يتعلّق الأمر بالحسم
في الشأن السوري. هذا الاكتئاب السياسي
يتنافى مع كل قيم الثقافة الأميركية
التي ارتفعت على تقديس الحريّات
والمجاهرة بأولويتها الإنسانية. إن ما اقترفته القوات
الحكومية السورية من جرائم تطهير عرقي
وإبادة جماعية ممنهجة من خلال مهاجمة
المدنيين، مطلقة نار مدافع الميدان
وراجمات الصواريخ على الأحياء ذات
الكثافة السكانية العالية، ومستخدمة
القناصة والطائرات المروحية ضد
المدنيين، هذا ناهيك عن تعذيب الجرحى
والتمثيل بجثث الشهداء بعد سرقتها من
المشافي. هذه الارتكابات هي جرائم
كاملة ضد الإنسانية وفق التعريف
الوارد في النظام الأساسي لمحكمة
الجنايات الدولية المبرم في روما. هذه الجرائم المنظمة
تستمر بعد مرور عام ونصف العام على
اندلاع الثورة السورية الماجدة، وعلى
مرأى من المراقبين الدوليين الذين
وثّقوا لهذه الجرائم التي تقارب في
مواصفاتها أحداث كوسوفو وراوندا
والصومال وينطبق عليها مبدأ مسؤولية
الحماية R2P. لا يعترف المبدأ هذا
بحق السيادة للدول منفصلاً عن شرطه،
وإنما يربط هذا الحق بمسؤولية الدولة
عن حماية السكان من مواطنيها
والمقيمين على أراضيها أيضاً. وحين
تفشل الدولة في تأمين هذه الحماية يصبح
من واجب المجتمع الدولي التدخّل
المباشر من أجل تأمين سلامة هؤلاء
المدنيين وأمنهم، هذا في الحالة
المثالية لتطبيقات المبدأ، فما بالكم
بما يجري بمقتضى الحالة السورية
وحكومتها المتهاوية التي تقوم بنفسها
بعمليات الاعتداء على المدنيين العزّل
في عقر دارهم؟ إنه لمن دواعي الخيبة
أن المزاج الدولي لم ينضج بعد ليتّخذ
قراراً بالحسم والقطع مع بشار الأسد
ونظامه، فالولايات المتحدة وإدارتها
الديموقراطية تحمل من قوة الخطابة
أكثر بكثير مما تمارسه بقوة الفعل،
والأوروبيون منقسمون بين مؤيد لتوجيه
أقصى العقوبات على النظام، بما فيها
الحسم العسكري، إلى من يماطل ويختبئ
وراء الغربال بانتظار أن تتّضح مواقف
الدول ذات التأثير المباشر في القرار
الأممي. أما روسيا - بوتين، التي شهدت
شوارعها اخيراً تظاهرات عارمة هي أشبه
بالربيع الروسي، فماضية في تشكيل
الأحلاف وابتكار الاصطفافات السياسية
للعودة إلى خريطة القوى الكبرى من خلال
استرجاع ظروف الحرب الباردة. وما دور «محامي
الشيطان» الذي تلعبه في الحالة
السوريّة إلا محاولة منها لاستعادة
نفوذها العالمي المفقود، دونما اكتراث
بالعواقب الإنسانية لموقفها المشبوه
هذا. اليوم، إثر تعليق
لجنة المراقبة الأممية أعمالها في
سورية، لم يعد أمام المجتمع الدولي إلا
تحمّل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية
كاملة، والتوجّه إلى الجمعية العامة
للأم المتحدة للمطالبة بتنفيذ قانون
مسؤولية الحماية، دونما تأجيل، وبدعم
من مجموعة دول أصدقاء الشعب السوري
التي تشكّل تحالفاً واسعاً لنصرة
الثورة السورية الماجدة، وبالسرعة
الممكنة، قبل فوات الأوان. ================= صحف عبرية 2012-06-20 القدس العربي
محبو الحمص
الاسرائيليون سيخاطرون اليوم جدا اذا
ما حاولوا مسح صحون الحمص بالخبز في
القاهرة. فمسح الحمص في العواصم
العربية شكل عنصرا هاما في الحاجة الى
التحلل من كل ذخائرنا والمخاطرة
باتفاقات مهزوزة مع مجتمعات معادية
وأنظمة خائنة مثل مصر، سوريا
والفلسطينيين. من يتحدث اليوم عن الحمص
في السياق المصري. سفير اسرائيل يسافر
في كل نهاية اسبوع الى البلاد لانه لا
توجد شقة للسفارة، ولا يوجد أحد مستعدا
لان يؤجر مبنى لحكومة اسرائيل في مصر.
والحكومة المصرية، تلك التي يفترض بها
أن تتأكد من أن 'السلام' ينفذ، كفت حتى
عن اللعبة المزدوجة لعهد مبارك. قبل أن
تسقط في ايدي 'الاخوان المسلمين'، محبي
الخلافة الاسلامية وعاصمتها القدس،
فان مصر هي ببساطة دولة معادية؛ دولة
مواطنوها يكرهوننا ولها حدود طويلة من
الارهاب والثكل. من أجل اولئك سلمنا
العمق الاستراتيجي لسيناء، النفط،
المضائق، خط الساحل والشواطىء المذهلة. أما في دمشق، فحتى
المحليون يمسحون دما من الشوارع أكثر
مما يمسحون حمصا في المطاعم. تخيلوا
اننا كنا أعطينا كل هضبة الجولان وثلث
بحيرة طبريا وأنزلنا معهم اليوم
أرجلنا في مياه الحرب الاهلية السورية.
مشكوك أن يكون هناك من لا يزال يوهم
نفسه في أن حكما ما مستقبليا في سوريا
يمكنه أن يضمن لنا ان يمسح الحمص
بالخبز بأمان في دمشق. العداء لنا
يتميز به كل الاطراف. وسواء بقي الاسد
أم صعد المدعومين من القاعدة وسواء
تفككت الدولة الى عناصر فان شعبا سوي
العقل لن يأخذ المخاطر حيالهم. أما عن
الفلسطينيين فلا حاجة للاستطراد.
باستثناء عناصر اليسار المسيحانيين
ووكلاء 'السلام' المهنيين الذين يتغذون
بميزانيات أجنبية سمينة، لم يعد أحد
يؤمن أن حقا يوجد لنا شريك للسلام في
رام الله، شريك جدير بان نأخذ حياله
المخاطر. وما هي الدروس التي
نستخلصها حيال حدة هذا الواقع؟ محافل
اليسار المهني والمسيحاني لا يمكن
تشويش عقله بالحقائق، ولكن ماذا عن كل
من تبقى؟ وماذا عن حكومة اليمين
لنتنياهو؟ متى جرى مؤخرا نقاش في
الحكومة أو في مستويات رسمية اخرى، جرت
فيه محاولة لبلورة استراتيجية تجاه
البرهان المطلق في أن السلام الحقيقي
لن يتحقق في الاجيال القريبة مع اي من
جيراننا؟ ونتنياهو، بالمناسبة، لم
يتراجع بعد عن خطاب الدولة الفلسطينية
الذي القاه دون أي صلاحيات. أولم يحن
الوقت لان يفعل ذلك؟ حتى حيال ما يجري في
الجبهة المصرية، تخاف حكومة نتنياهو
التنفس. والان بات واضحا انه
نشأت لنا في سيناء منطقة فاصلة من
الارهاب. غير أنه للمفارقة صحيح حتى
الان الاتفاق مع القاهرة يضع القيود
على أيدينا، قيودا تمنعنا من عمل ما
كنا سنعمله في كل حدود ارهابية اخرى،
حتى في الحدود اللبنانية. نحن لا نتجرأ
حتى على ارسال مروحيات خلف خط الحدود
لاحباط الارهاب. وبشكل عام، في جبهة
الجنوب نحن نقف أمام خليط من ثمار
السلام: 'الاغراض المتطايرة' على حد وصف
مستشار شارون، دوف فايسغلاس، تسقط على
الارض بكميات كنتيجة لعبقرية فك
الارتباط وتحولت منذ زمن بعيد لتصبح
تهديدا استراتيجيا. اما دولة الارهاب
قيد الانشاء فتعتور في سيناء، تلتصق
بقطاع غزة وتخلق خطرا أعلى بكثير من
ذاك الذي أجبربنا على الشروع في حرب
لبنان الثانية حيال دولة المخربين
التي نشأت في حينه في لبنان. لعله حان
الوقت لان نقف أخيرا امام الواقع ونكف
عن خداع أنفسنا واطلاق أناشيد السلام؟ معاريف 20/6/2012 ================= فشل
لقاء أوباما - بوتين يمدد الانتظار تعزيز خطة أنان
برفع المراقبين الى 3 آلاف؟ روزانا بومنصف 2012-06-21 النهار على رغم ترقب
المتابعين للشأن السوري على نحو خاص
اللقاء بين الرئيس الاميركي باراك
اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين
في لوس كابوس في المكسيك على هامش
اجتماع مجموعة العشرين الصناعية
الكبرى من اجل محاولة تبين ملامح
المرحلة المقبلة، فان هؤلاء لم تكن
لديهم اوهام بان شيئا يمكن ان يطرأ قبل
الخريف المقبل. هذا الانطباع لا يزال
قائما على رغم تسريع المجازر التي وقعت
اخيرا لوتيرة الامور والعمل الدولي من
اجل انهاء الوضع ما لم تحصل مجزرة
جديدة اخرى بحيث تقلب الاوضاع، وعلى
رغم اشتداد وطأة الامور على الارض في
سوريا سعيا الى تعزيز المواقع
والاوراق قبيل لقاء اوباما بوتين
تماما على ما جرى قبل اشهر مع سعي
النظام الى اقتحام بابا عمرو في حمص
قبيل اجتماع لمجلس الامن الدولي. وقد
كان من الصعب بالنسبة الى هؤلاء
المتابعين تصور امكان الوصول الى
توافق بين اوباما وبوتين فيما كان
الغرب يوقف باخرة روسية قرب السواحل
البريطانية ترددت معلومات انها تنقل
طائرات هيليكوبتر الى النظام السوري
قالت روسيا في وقت سابق انها كانت قيد
الصيانة. وبدا ان ثمة تشكيكا كبيرا في
هذا الكلام باعتبار ان هذا الامر ولو
صح، فهناك هامش كبير للتساؤل عن توقيت
ارسال هذه الطائرات في الوقت الذي
يستخدمها النظام في مواجهته المعارضة
ضد حكمه وفي الوقت الذي تنتقد روسيا
الدول الغربية لمساعدتها المعارضة
بوسائل الاتصالات الحديثة او بالاسلحة
وفق ما اتهمت بعض الدول. كما لم يكن
متوقعا بالنسبة الى هؤلاء المتابعين
ان تقبل روسيا تحت الضغط اظهار مرونة
معينة في الموضوع السوري. ذلك انها
اعتبرت ووفق ما تفيد بعض المعلومات
الديبلوماسية ان تعليق المراقبين
عملهم في سوريا منذ يوم الجمعة الماضي
كان يستهدفها لجهة محاولة الضغط عليها
من اجل ان تضغط بدورها على النظام في
حال شاءت انقاذ خطة انان فيما هي اعلنت
دعمها له. ولذلك اعتبر احد مندوبيها
المساعدين في مجلس الامن ان تعليق
المراقبين عملهم كان يفترض ان يبت في
مجلس الامن لا ان يوضع امام المجلس
كامر واقع. وتفيد المعلومات نفسها ان
روسيا شعرت بالضغط في الاونة الاخيرة
على وقع تسارع التطورات في سوريا وحصول
مجزرتين كبيرتين على الاقل كان لهما
الاثر الكبير في تحريك المجتمع الدولي
بقوة. فهذه
المعطيات بدت متناقضة الى حد كبير مع
ما يشيعه منذ بعض الوقت مسؤولون
اوروبيون كبار عن تغيير في الموقف
الروسي من سوريا وان التطورات الاخيرة
ستؤثر في هذا التغيير، اذ ان هذا
الموقف وعلى رغم كل الاخذ والرد حوله
يعود ليقف عند حدود ممانعته الموقف
الغربي من سوريا والتوافق معه على موقف
موحد من النظام الى جانب عدم وضوح ما
الذي يمكنه الوصول اليه وما الذي يريد
الوصول اليه وباي اثمان. تقول مصادر
ديبلوماسية ان خلاصة ما اعلن من لقاء
اوباما وبوتين من " ان روسيا والصين
لم تنضما الى خطة دولية للاطاحة
بالرئيس السوري بشار الاسد " وفق ما
قال الرئيس الاميركي تطرح تساؤلات
جدية عما ستكون الخطوات التالية في ضوء
نقطتين اثنتين وردتا في البيان
المشترك : الاولى تتعلق بدعم خطة
الموفد المشترك للامم المتحدة
والجامعة العربية كوفي انان والثانية
تتعلق بدعم التحرك قدما في شان
الانتقال السياسي الى نظام سياسي
ديموقراطي تعددي. فخطة انان تم نعيها
من دول عدة بعد فشلها عمليا في وقف
النار واضطرار المراقبين الى تعليق
عملهم. فهناك اذا ما يفيد بحتمية
العودة الى تعويم هذه الخطة وفق ما ورد
في البيان المشترك لاوباما وبوتين
باعتبار هذه الخطة العامل المشترك
الذي لا يزال يلتقي عليه الجميع في
غياب اي توافق على بديل منها او على
تسوية اخرى او بديلة للوضع. فالمراقبون
العاجزون عن القيام بعملهم مفيدون
للدول الغربية في رصد حقيقة ما يجري
على الارض وابقاء صلة وصل مع النظام
ولو بالحد الادنى من امكان مراقبتهم
للوضع. لذلك لم يتحدث احد عن سحبهم وفق
ما جرى مع المراقبين العرب قبل اشهر،
وقد اعتبر كثر انسحاب هؤلاء او سحبهم
خطأ لا يجوز تكراره علما ان لا بديل عن
المراقبين الدوليين في الوقت الراهن
للتخفيف بعض الشيء من وطأة ما يحدث
وترك المجال مفتوحا امام اعتمادهم في
اي خطة لانقاذ الوضع متى اتفق على هذه
الخطة هذا الشهر او الشهر المقبل او ما
بعده. والتأكيد على دعم خطة انان يصب في
هذا الاطار. لذلك من غير المستبعد ان
يطرح تعزيز هذه الخطة بعناصر اضافية
تسمح لها باستعادة بعض الزخم الذي
فقدته بعدم تنفيذها حتى الان. وهناك
افكار يتم تداولها على هذا الصعيد من
خلال الطلب الى مجلس الامن لدى مراجعة
الخطة الشهر المقبل او ربما الى
المؤتمر الدولي الذي رغب انان في عقده
وتبنته موسكو، في حال انعقاده، رفع عدد
هؤلاء الى 3 آلاف مراقب وارفاق ذلك بخطة
سياسية بحيث يتولى هؤلاء مثلا الاشراف
على انتخابات جديدة يشارك فيها
الجميع، علما ان هذه الافكار تبقى
خاضعة بدورها لامكان موافقة روسيا او
عدمها. ================= خــلاص
سـوريــا لـيــس بـيـدهــا نصري الصايغ النهار 21-6-2012 Iـ
«حافة» الخلاص بعد «الحفة» لا اعرف أحداً يعرف
النهاية. نعرف البدايات. من
درعا كانت، من خطأ مميت اندلعت، بحق
إخوة صغار لمحمد بو عزيزي.. نعرف البدايات:
استهتار موصوف، تعال فارغ، توصــيف
هارب، ادعاء أجوف و... «انها المؤامرة»..
نعرف المسار كله. نختلف فقط، في إعطائه
المعنى السياسي. والمعاني تولد من
المواقع، لا من الوقائع. فكل واقعة
تُرى إما من موقع السلطة، ومن حقها، أو
من موقع الوجع، وما ابلغه. نعرف البدايات وما
بعدها: ستة عشر شهراً من الاندفاع إلى
المجهولَين: الحفاظ على السلطة،
وإسقاط النظام. من أجل المجهول الأول،
اندفع النظام إلى ارتكاب القبضة
الأمنية، والأذرع العسكرية، واندفعت
المعارضة إلى طلب النجدة ـ وللغرابة
كانت جاهزة ومجهزة من قبل ـ من كل حدب
معادٍ ومن كل صوب معتدٍ. نعرف ان العالم برمته
حضر إلى سوريا، وهو الآن مشغول بها،
بينما هي تبحث عن أسلحة اضافية، ومعارك
تصفية، ومدن تنشطر بين القتلى، بلا أمل. بعد ستة عشر شهراً،
لا أحد يعرف النهاية. لا شيء في الأفق
غير السراب وشهوة الدم، وعبثاً تبحث عن
زرقة فيه، أو حافة خلاص. IIـ
من يعرف ماذا؟ من يعرف إذا كان
النظام سيسقط، أو كيف؟ إذا كان بشار
الأسد سيبقى أم سيطاح به؟ إن كان فوق
التسوية أو ثمــنها؟ لا شيء يدل على
الخاتمة، إذ، من يعرف قدرة النظام
وطاقته العسـكرية ووحدته الميدانية؟
من يعرف إذا كان حجم القرار والانشقاق
عنه قد يبلغ حدود الإطاحة به؟ من يعرف
كم معركة سيخوضها، تليها معارك
سيخوضها أيضاً؟ ألن يتعب؟ ألن يتفكك؟
ألن «يتميلش»؟ ومن يعرف المدن التي
سيتم استردادها، ثم استردادها، ثم
استردادها.. لتبقى بعد كل استرداد،
رهينة للموت والفزع، وحاضنة «للثورة»
ومشتقاتها؟ من يعرف كم طفلاً
سيذبح؟ كم امرأة؟ كم شيخا؟ كم قرية؟ كم
«حفة»؟ كم قصيرا؟ كم «حمص»؟ كم... لا
نهاية من الاسماء، لقرى ومزارع وشوارع
ومدن ومحافظات؟ لا اعرف أحداً يعرف
متى تكون النهاية، ومن سيبقى إلى
النهاية، إلا انني اعرف أعداداً
غفيرة، تعرف أن سوريا ذاهبة إلى الخراب
والفوضى والدمار، وان مستقبلها سيكون،
على شكل ورثة «الرجل المريض»... فسوريا
مريضة، وقد، لا شفاء لها. إذا سقط
النظام، فأي فوضى ستحكمها؟ ثم... من يعرف «الثورة»؟
لا يبدو أبداً انها تشـبه رفاق «البو
عزيزي» في درعا، ورفاقهم في الانتفاضة
السلمــية المقمـوعة، المطــالبة
بالحرية والكرامة والديموقراطية،
ومحاسبة المسؤولين عن الارتكاب. هل تلك
الانتفاضة تشبه ما آلت إليه «الثورة»
وقد قبــضت على «مجلسها الوطني السوري»،
تركيا وقطر والسعــودية وفرنــسا
وأميركا؟ من يعرف مدى تغلغل «المخابرات»
في جسم «المجلس الوطـني» في
اسطمبــول، يدرك ان زمن النــهايات
مؤجل إلى ما بعــد وقت الصـفقات الكبرى.
وزمن الصفقات دونه دماء سورية ليست
كافية حتى اللحظة. ثم... من يعرف هذا
الشتات من المعارضات، في الداخل وفي
الخارج؟ ألم يرثها جميعاً جسم عسكري،
يفكر كالسلطة والنظام، أي كما يفكر
العسكر دائماً، وتفكيرهم يولد من
طلقات بنادقهم، ووقع أحذيتهم؟ هل
يراهن «الجيش السوري الحر»، على تدخل
خارجي عسكري؟ أم ان رهانه اليوم، يقوم
على وهم الحسم العسكري في الداخل
ولمصلحته؟ لذا فهو ينتظر تدفق الأسلحة
إلى «قواته»، من فيض سعودي وحاتمية
قطرية؟ مجنون من يصدّق ان لهاتين
المملكة والإمارة، بما لهما من وظيفة
تؤديانها، علاقة بتغيير النظام؟ أليس
ما ترغبان به هو تغيير سوريا برمتها؟ ثم.. ان مستقبل تعد به
«الثورة»؟ الشعارات لا تكفي.
التطمينات لا تنفع. الإيضاحات لا تجدي.
البيانات «الإسلامية» لا تشــفي و«الأخوان»
لا ؟؟. «المجلس الوطني» محل خلاف لا
اجماع. العسكرة محل خوف لا اطمئنان.
الحلفاء الخارجون مجلبة للشكوك
والطعون و... «التآمر» على سوريا، وليس
على النظام... فالخارج يريد رأس سوريا،
قبل رأس النظام. من يعرف شيئاً فليعلن
عنه... ان السواد يلف الغد السوري. الأفق
كالح ومتشح بالدم. IIIـ
كم وكم... يا للهول! عندما يستيقظ الثأر،
يتزيا بالتاريخ لإعطاء معنى للقتل.
يستجلب معه منظومة من القيم البائدة.
يوظف قيم الماضي الرثة في فحولة
الانتقام. يستحضر الله ورسله وأنبياءه
وقادته وفقــهاءه ومذاهبه وفرقه وملله
ونحله بكل الحمولة البغيضة، ليشرعن
الثأر، واعتباره عملاً يتفوّق في «أخلاقيته»
الهمجية، على التسامح الرخو، الذي
يؤدي إلى الخسران. عرفنا الثأر في لبنان.
طغى على السياسة، اغرق الأديان حتى
ذقونها في الوحول الدامية... ألا يحدث
مثل هذا في سوريا؟ ماذا تعني «على حافة
الحرب الأهلية»؟ انها لا تعني غير
الاستئصال؟ يا للمجنون! «ظئر العروبة»
دمشق، بلاد الشام الأولى، تستدعي
الاستئصال؟ الاستئصال خدمة
للانتصار المنكسر...: من مفردات هذا
التعبير: «استئصال الإرهاب»؟ من يصدّق
ذلك؟ من يصدّق ان في سوريا مئات الآلاف
من «الإرهابيين»؟ والشعب ليس
إرهابياً، لا احد ينفي وجود «إرهابيين»
استدعتهم غيرتهم «الهمـجية» للدين،
وبربريتهــم العصبية لإخوتهم في
المذهب، لعبور القارات والحدود،
والتسـلل والتغلغل في سوريا. من ينكر
ذلك ليس اعمى، بل متـواطئ على الحقيقة،
انما، من يقول ان «الثورة» إرهاب،
متواطئ بصـيغة الجمع، بين السياسة
ووسائلها، والعنف وآلياته، وثقافة
الالغاء واستئصالها. أليس لهذا يخشى على
سوريا من النــهاية القاتلة: «الحرب
الأهلية»؟ فكم وكم سيقتل أطفال؟
هل تتسع الدموع لملء العيون والتعبير
عن أحزان باهظة، وآلام شاهقة؟ فكم وكم
سيفتك بشعب آمن، تصله الطلقة قبل ان
يصل إلى حذائه كي ينجو؟ وكم ستدمر
قرية؟ وكم مرة سيدمر حي؟ وكم «باب عمرو»
في البلاد، كم دوما وكم حماه وكم حمص
وكم ريف وكم القصير وكم بلاد صغيرة
تخاف اليوم ان تنام على مخدة واحدة مع
ابناء طائفة اخرى؟ نختم المقام هنا
بالقول: يا للهول! بل، يا لهول الجريمة.
لا أحد بريئا من دم سوريا حتى الآن. ملحوظة في صيغة سؤال:
أين هم زوار العتبات المقدسة؟ أبرياء
يخطفون و«ميليشيات الثورة» تذكرنا
بعصابات الخطف على الهوية في لبنان. IV
ـ سوريا لم تعد في سوريا لا اعرف أحداً يعرف
النهايات؟ لنترك ولو للحظة،
سخونة الموقف وحرارة الألم ومكابرة
المشاعر. لنترك ولو لقليل من الاسئلة،
الدم السوري والمسفوك، ولنسأل: ماذا
بقي من سوريا في سوريا؟ الباقي في سوريا، هو
المعارك، ثم التحرير من المعارك،
وبأفق لا يتلمسه إلا النظام، المصر على
البقاء، وممارسة إصلاح لا يقنع أحداً. (بالمناسبة،
أين هو رئيس الوزراء المكلف؟ من يعرفه؟
ولو! هل هذا اصلاح؟). ولا يتلمسه كذلك
إلا أهل «الثورة» التي تنتظر اسلحة
أكثر دقة وتصويباً واحراقا وتدميراً
لآليات الجيش، بهدف انزال خسائر فادحة
فيه، أو، بهدف «اعلاء شأن المجزرة»،
ليقتنع العالم بأن لكوسوفو شقيقة تدعى
سوريا. غير ذلك لا شيء... لا
بحث في الحلول، النظام مقفل برمته.
انتخاباته التي اجراها لحسابه، ناجحة
في التعبير عن الشلل السياسي والعقم
السياسي والاطمئنان المغشوش على
المستقبل... لا بحث في الحلول. المعارضة
؟؟. اقفلت أبواب الحوار مع نظام لا
يحاور الا ذاته او من يشبهه. وتعوّل على
حل يأتي من الخارج. سوريا الحل
المستحيل، حتى الآن، موجودة مع سوريا.
ودائماً تردد، حتى الآن، روسيا لن
تتخلى عن النظام، حتى الآن، لألف سبـب
وسبب، هذا هو موقفها. ومع ذلك، فهي تبحث
عن حل، بشكل جدي، وعناصر الحل تتأمن من
خلال اتفاق روسي أميركي، على ان لا
يستبعد إيران عن حياكة نسيجه. الآخرون
«كومبارس» الحل، او مممولو الحسم (أو
وهم الحسم). الجامعة العربية لا وزن
لها، برغم الثقل النفطي لدول الخليج،
والشاطئ المتصالح مع الغرب وإسرائيل.
الأمم المتحدة ليــس عندها ابعد من
كوفي انان. لقد غيبته سوريا عن العيان.
ترى أين هو الآن؟ دول أوروبا ليست في
الحسبان. اليونان شغلتها، و«اليورو»
أنهكها والديون أكلتها. لا حل من دون روسيا
وأميركا وإيران. حصة روسيا، هي
الأسهل، ومسؤوليتها هي الأصعب، لأنها
حاميـة لنظام سياسي، لم يعد يريده
العالم، في معظمه. اميركا. المشغولة
بانتــخاباتها، لا تجــد خــريطة طريق
تستطــيع مشاركــة إيـران في السير
فيها معــاً. ما بين أميركــا وإيران،
ملفــات مــتراكمة، عـمرها أكثر من
ثلاثة وثلاثين عاماً. أما مهمة إيران،
فتبدو في غاية الصعوبة. فما الذي يقنع إيران
بسوريا؟ إيران المحاصرة من دول «أميركا»
العربية في المنطقة، الملاحقة من قبل
دول الخليج، المشتبكة معها في العراق،
المتعالية على الدول العظمى في ملفها
النووي، لا يمكن «المشي» معها في خريطة
طريق واحدة... هذا في ما يخصها كدولة
اقليمية. أما في ما يخص دورها
الاستراتيجي المرتبط بمنظومة قيمها
ومصالحها، فلا يمكن ان تفرط بسوريا،
طريقها إلى فلسطين والى المتوسط معاً...
لقد دفعت إيران اثمانا باهظة من
العقوبات عليها، ولم تفرط بموقف من
فلسطين. لا بل كانت الحربة التي تكامل
رأسها في لبنان، وساعدها في سوريا، فمن
يقنع إيران وكيف وبأي ثمن ان تتخلى عن
بشار الأسد ونظامه الذي افسح لها
الطريق، للمشاركة في جبهة فاعلة
وناجحة ضد إسرائيل واحتلالها، بينما
لم تقم «جبهة عربية» إلا على الورق، في
مواجهات لفظية مع دولة الاحتلال؟ لا حل في سوريا من دون
إيران. ولا حل من دون روسيا، ولا حل من
دون أميركا. وما بين هذا المثلث،
شياطين القضايا وشياطين التفاصيل
أيضاً شياطين شابت شعورها ولم تخلص الى
نهاية. فمن يعرف متى أوان
النهاية؟ من يعرف أي السباقين
سيفوز في المسافات الطويلة الباقية؟ وما دامت الدول
الداعية للحل، لا تجد حلاً بعد، ولأن
النظام لا يزال مستقويا بذاته وبغيره،
ولأن «الثورة» لا تزال ترى ان معاركها
المقبلة حاسمة، ومستقوية بدول ترعاها
أميركا، فإن التعويل سيكون على المزيد
من الدماء، المزيد من القتل، المزيد من
القهر، الى ان يتعب النظام او إلى ان
تتقهقر «الثورة»... الشيء الوحيد
المؤكد، حتى الآن، ان الدول المحيطة
بسوريا ستكون ممراً لتهريب الأسلحة
النوعية، وان النظام، لن يعدم وسيلة كي
يستقدم المزيد من الأسلحة، ولو عبر
البحار. لا أحد يعرف متى يقفل
المشهد المأساوي، المشــهد مكــتظ.
وكل ما فيه، ينبئ بأن اللاعبين، غير
قادرين، حتى الآن، عن النزول عن الخشبة... والجمهور، مسمّر
امام شاشات التلفزة وهي تكذب عليه
فنونا من المشاهد التي تعيد تمثيل
المقتلة. ================= تاريخ النشر:
الخميس 21 يونيو 2012 د. أحمد عبد
الملك الاتحاد تابعتُ القناة
الفضائية السورية، بعد يومين من مجزرة
الحولة التي سقط فيها أكثر من مئة
قتيل، بينهم 32 طفلاً، وشاهدتُ العجب من
القناة! وحتى أكون منصفاً، قمتُ بتدوين
الكلمات والصور، حتى لا أجني على أحد،
وأكون موضوعياً في الحكم. أولاً، كانت هنالك
مقابلة مع عضو مجلس الشعب السوري،
ورئيس قسم الشؤون الدولية بجريدة "الأهرام"
المصرية! وصبّ الرجلان جامَ غضبهما على
أهل الخليج! واتهماهما بدعم ما اعتبراه
مجموعات "إرهابية" في سوريا. وهذا
الكلام لا يمكن استيعابه إلا ضمن ثقافة
التجهيل أو التضليل التي يلجأ إليها
بعض الإعلام المريض. ثانياً: إن دول
الخليج ساندت شعوباً انتفضت من أجل
كرامتها، وأطاحت بنظم استبدادية
وديكتاتورية ونجحت، وها هي تجني بعض
ثمار الثورة، وهي في طريقها نحو إحقاق
العدالة والكرامة للمواطن وإنشاء دولة
المؤسسات. وبثت القناة
المذكورة أيضاً صوراً جميلة لشوارع
سوريا وأشجارها وأنهارها، وكيف أن
الناس سعداء في التجوال والتنزه،
ولكأن القائمين على هذه القناة لا
يدركون أن معظم البيوت السورية لديها
"دشات"، وتستقبل البث الفضائي
للقنوات الحية التي تنقل ما يجري على
الأرض السورية، وعبر هواتف السوريين
أنفسهم! وأن تلفيقات الإرهاب، و"القاعدة"
والزجّ باسمها في الثورة السورية، لا
يمكن أن تنطلي على أي صاحب عقل. ويتفنن معد البرنامج
-ونحن ندرك فصاحة السوريين في اللغة
العربية- في ربط ما يجري على الأرض
السورية بأنه تحالف "أوكار الإرهاب
وداعموهم"، وأنهم الذين ارتكبوا
مجزرة كرم الزيتون وكفر سوسة ودرعا
وجسر الشغور ودير الزور! وأشار المعلق
إلى أن هذه العمليات الوحشية تدعمها
"قنوات الإرهاب المتاجرة بدماء
السوريين". وأن بعض الدول (دول
الخليج) قد خططت لإجهاض خطة كوفي عنان
المبعوث الأممي والعربي، باستباحة
بلدة الحولة والاعتداء على المواطنين! وتأتي القناة
بمقابلات مع سوريين بسطاء، يبدو عليهم
الهلع والخوف -وكأنهم مغصوبون على
الحديث ليقول أحدهم: "إرهابيون من «القاعدة»
شنوا هجوماً وحرقوا المستشفى..
إرهابيون.. ومندسّون يرتكبون المجزرة،
وفيهم ليبيون وتونسيون! ماذا يفعل
هؤلاء في الحولة؟"، ويكرر آخر نفس
الكلام وكأنه قد أُملي عليه. بالله عليكم، هل هذا
إعلام يناسبُ عصر الفيسبوك والتويتر
والإنترنت؟! يسأل المراسل أحد
المواطنين عن الصور التي تبثها إحدى
القنوات المهمة! فيقول المواطن بصوت
مرتجف: "هذا كذب ما نصدقها... ونحن
بنشوف بعيونا"!؟ وتعود القناة إلى
المسؤول في جريدة "الأهرام"
المصرية ليقول: "إن من قاموا بعملية
الحولة من عائلات معينة، القصد منها
إرهاب الناس وإلصاق التهم بالجيش
السوري في محاولة لاستجلاب التدخل
الغربي، ووسائل الإعلام الغربية تتبنى
المعارضة. وقد اتضحت لنا في القاهرة
حقيقة الأمر، وما تواجهه سوريا هو
إرهاب مسلح وهذا لن يؤثر على النظام
السوري"!؛ هل يرضى الإعلام المصري
لمثل هذا الشخص أن يزوّر حقيقة الثورة
السورية؟! هذا حديث لصحفي تخلصت
بلاده للتو من نظام ديكتاتوري وفاسد،
وقد نظمت انتخابات حرة، تحقق كرامة
الشعب!. فكيف يرضى لنفسه أن يتحدث بهذه
الصورة بينما دماء الشهداء السوريين
والأطفال منهم تسيل على الأرض، وضحايا
العنف الرسمي السوري يتساقطون مع
الساعة؟ وكيف يرضى وهو صحفي من مصر،
التي عَرفت قيمة تحرك الشعوب
وثوراتها، أن يكون مع الجلاد ضد
الضحية؟ وهل يرضى أن يتحدث أحد بنفس
كلامه عن الثورة المصرية أو الثورة
التونسية؟! وكيف يفسّر ثورة شعب بأنها
نوع من الإرهاب؟! ثم يدخلُ في المقابلة
"ناشط" أردني فيقول: "الهدف مما
جرى هو تأليب الرأي العام العالمي
والعربي بأنه لا حل إلا الحل الدولي،
ودعم الإرهابيين، وهي لعبة إعلامية،
وهم يسفكون الدم السوري، ومعهم تحالف
الإرهاب ومحطات الدم، وقنوات فضائية
في خدمتهم"! وهذا أيضاً حديث
مدفوع الثمن! لأن المحطات العالمية -التي
تابعتها في نفس الليلة- كانت تبث صور
الحولة وغيرها، وكانت تدين العمليات
الوحشية التي قام بها الجيش السوري
عندما ضرب بيوت الناس بالدبابات
والقذائف الصاروخية. وفي مقابلة أخرى مع
أحد السوريين البسطاء، قال:"هجموا
علينا في عزاء، كانت معهم رشاشات
روسية، أصابوا 22 شخصاً خلال إطلاق نار
فظيع، كانوا ملثمين بشماغات، وجلابيات"! الغريب في هذا
الحديث، كيف تكون مع المهاجمين رشاشات
روسية الصنع؟! ونحن نعرف أن الجيش
السوري هو الذي لديه مثل هذه الأسلحة،
لو قال الرجل: رشاشات أميركية لـ"ركبت"
التهمة على المتحالفين مع الغرب أو
أميركا، أو حتى على "القاعدة"، أو
غيرها! هذه وقفة لمدة ساعة
مع القناة السورية! وكم يتألم الإنسان
العربي عندما يشاهد ويسمع كل تلك
التلفيقات والافتراءات وشراء الذمم
وتغيير الحقائق، في وقت يتساقط فيه
المئات من أبناء الشعب السوري
الأبرياء! إنه فعلاً إعلام ستيني،
ذكرني بـ"صحاف العراق" عندما أعلن
من الفندق أن "العلوج -يقصد
الأميركان- تساقطوا على أسوار بغداد"،
وهم -في حقيقة الأمر- على بُعد 4
كيلومترات من ساحة "الفردوس" حيث
هوى التمثال الضخم لديكتاتور العراق
السابق وداسه الشعب بأقدامه. بينما
تفرق أعضاء الجيش العراقي الضخم، دون
أن يطلقوا رصاصة واحدة على "العلوج"! والشعوب العربية هذه
الأيام أقوى مما كانت عليه أيام حرب
العراق، كما أن إرادة المجتمع الدولي
مع الشعوب في تقرير مصيرها، وسعيها
للتخلص من بعض الأنظمة الديكتاتورية!
وهل هنالك من نظام أكثر تحصّناً من
نظام مبارك الذي دخل السجن بعد أن
حَكمَ المصريين بقانون الطوارئ لأكثر
من ثلاثين عاماً؟ ================= تداعياتها
ظهرت في جبل محسن وباب التبانة الأزمة السورية...
وتوتير الساحة اللبنانية تاريخ النشر:
الخميس 21 يونيو 2012 الاتحاد على جانبي شارع"سوريا"
الشهير في مدينة طرابلس اللبنانية،
تخفي البنايات المتداعية وراء جدرانها
الكالحة ترسانات من الأسلحة، وجماعات
من الشبان الغاضبين المتأهبين لمواجهة
أعدائهم عبر الشارع، في الوقت الذي
يقوم فيه المراقبون العصبيون بجولات
منتظمة على دراجاتهم البخارية، حاملين
معهم أجهزة "ووكي توكي" ومستعدين
تماماً لطلب التعزيزات إذا ما استدعى
الأمر. "نحن متيقظون... نحن
أسود"، هكذا قال أحد المقاتلين من حي
"جبل محسن"، الذي يقع على مرتفع
جبلي يطل على شارع "سوريا" الواقع
في وسط المدينة. وأضاف هذا الشاب مفتول
العضلات الذي يبدو في الثلاثينيات من
عمره، وينظر حوله بعينين يقظتين،
ويمسك في يده بجهاز إرسال واستقبال:"إذا
هاجمونا فسوف..."، ثم يكمل عبارته
بالإشارة إلى عنقه بحركة سريعة قاطعة
تحاكي فعل الذبح. في مختلف أرجاء الحي
الذي يضم مقاهٍي قديمة متداعية، وتحت
واجهات المباني السكنية الأسمنتية
الرثة التي اخترقها الرصاص، ترتفع
ملصقات كبيرة الحجم لـ"الدكتور بشار"-
اللقب الذي يطلقه السكان هنا على
الرئيس السوري- يتجمع حولها سكان
ينتمون في غالبيتهم للأقلية العلوية
التي ينتمي إليها الرئيس. أسفل التل تمتد
الشوارع التي لا تقل رثاثة عن حي"باب
التبانة" ذي الأغلبية السُنية مثله
في ذلك مثل معظم أحياء المدينة، والذي
يثير فيه نطق اسم الرئيس السوري عاصفة
من السباب والأوصاف الرديئة مثل"قاتل
الأطفال... جزار التعذيب... الطاغية". الحديث هنا لا يدور
عن مدينة من مدن سوريا التي مزقتها
الحرب، وإنما عن مدينة طرابلس أكبر مدن
شمال لبنان، التي امتدت إليها عدوى تلك
الحرب، حاملة معها سمومها القاتلة.فخلال
الشهر الماضي شهدت المدينة مصادمات
مرتبطة بالتطورات التي تحدث في سوريا،
تطورت إلى حرب مدن تبادل فيها العلويون
والسُنة إطلاق النار من المدافع
الرشاشة، وقواذف الصواريخ أسفرت عن
مصرع 25 شخصاً ووقعت فيها أعمال تخريب
وحرق واسعة. لم يتوقف القتال إلا بعد
استدعاء قوات الجيش اللبناني النظامي
الذي يحظى باحترام- صوري- من قبل
الطرفين. اليوم تشهد لبنان
هدنة قلقة ليس من المتوقع إلى متى
تستمر، خصوصاً وأن الدولة اللبنانية
الضعيفة ليس لها على ما يبدو أي خطط
مستقبلية غير المحافظة على وقف إطلاق
النار من خلال نشر المدرعات في شوارع
المدينة المضطربة. من الناحية
الظاهرية، توجد العديد من المشتركات
بين المنطقتين المضطربتين: فهما
منطقتان شعبيتان قديمتان تسكنهما
غالبية من أبناء الطبقة العاملة
ويعانيان سوياً من الإهمال الرسمي،
ويعتبران منطقتين طائفيتين مغلقتين
على نفسيهما، ينظر في كل منهما للغريب
بحذر وتوجس، ويكادا يخلوان من أي وجود
حكومي، ويقوم فيهما رجال الدين
والشخصيات السياسية المرتبطة
بتشكيلات ماليشياوية بملء الفراغ
الناتج عن غياب الدولة. وقد شهدت المنطقتان
صراعات ومعارك دامية منذ أيام الحرب
الأهلية اللبنانية التي انتهت عام 1990...
ويتذكر الكثير من السُنة حملات القمع
الوحشية التي كانوا يتعرضون لها أثناء
وجود القوات السورية في لبنان قبل أن
تنسحب عام 2005 ،مما ترك في نفوسهم مرارة
لا تمحى. والآن تجيء تداعيات
الصراع في سوريا لتعطي حياة جديدة لتلك
المشاعر الدفينة التي ظلت لسنوات تغلي
في بطء تحت السطح. القتال الأخير من
وجهة نظر العديد من السُنة موجه من قبل
الأسد وحليفه "حزب الله" اللبناني
وهو ميليشيا شيعية تعتبر القوة
المهيمنة في الساحة السياسية
اللبنانية. ومن وجهة نظر هؤلاء فإن
دمشق ترسل بهذا القتال رسالة مؤداها أن
الأسد لن يسقط، قبل أن يشعل جحيم حرب
أهلية تكتسح بلاد الشرق الأوسط، وأن
على الجميع أن يدركوا فحوى هذه الرسالة. أما سكان جبل محسن
فيصرون من جانبهم على أن الميليشيات
السُنية تريد ترحيل سكان منطقتهم،
العلويين في معظمهم، كجزء من حملة "تطهير
عرقي" من أجل خلق" ولاية إسلامية"
في شمال لبنان وسوريا المجاورة. يقول محمد أبو دياب (43
سنة)، وهو صاحب مقهى علوي في حي جبل
محسن: "إننا نتعرض لهجمات من قبل
السوريين والليبيين والقاعدة...
والإسلاميون يسعـون من وراء ذلك لأن
يتمكنوا من حرية الحركة في كل مكان". السُنة يكذبون ذلك،
ويصرون على أنهم يدافعون عن جماعتهم من
الفتنة التي تسعى سوريا لزرعها. يقول
"أبو خالد"، وهو أحد قادة
الميليشيات السُنية: هل ترون أي ليبيين
هنا؟ هل ترون أي أحد من الجيش السوري
الحر"؟ وسط هذا السجال الذي
لا ينتهي، ينتظر السكان المستسلمون
لقدرهم اندلاع دورة العنف التالية. وفي الوقت الراهن،
تنتشر إشاعات عن وصول أنواع جديدة من
الأسلحة داخل "جبل محسن" وباب
التبانة وغيرهما، من المناطق
المجاورة، التي انضمت لأشقائها السُنة
في حصار القلعة العلوية. ولا يعتقد أحد
في المدينة أن القتال قد انتهى. "إنه لأمر محزن
للغاية"، هذا ما يقوله ربيع محمد
صاحب مقهى في جبل محسن الذي يضيف:"بدلاً
من الذهاب للمدرسة، كما يفعل الأطفال
في كل مكان في الدنيا، يجد أطفالنا
أنفسهم مضطرين لتعلم كيفية استخدام
الكلاشينكوف". باتريك جيه. ماكدونيل طرابلس - لبنان ينشر بترتيب خاص مع
خدمة «إم.سي. تي.
إنترناشيونال» ================= شهرٌ
حاسم لمصير االشرق الأوسط» د. صبحي غندور التاريخ: 21
يونيو 2012 البيان تشهد منطقة االشرق
الأوسط»، بما فيها البلاد العربية
والقوى الإقليمية الفاعلة حولها،
كإيران وتركيا وإسرائيل، حالةً تُشبه
المخاض الذي يسبق الولادة. فبلدان
المنطقة كلّها كانت في السنتين
الماضيتين حبلى بمتغيّرات تحدث إمّا
فيها أو حولها، دون معرفةٍ حاسمة
لاتّجاه هذه المتغيّرات أو لمدى
انعكاسها على مصير الأزمات والعلاقات
والكيانات في هذه المنطقة شديدة
الحساسية من العالم. وقد أدّت تفاعلات
الأحداث الجارية الآن في سوريا،
وقبلها في ليبيا، إلى بروز تطوّرٍ سلبي
في العلاقات بين الأقطاب الدوليين،
خاصّةً بين واشنطن وموسكو، وهو أمرٌ
يهدّد الآن الأمن العالمي ويطرح
علامات استفهامٍ كثيرة حول مستقبل
أزمات دولية عديدة، معنيّة بها واشنطن
وموسكو معاً. وقد كان التوافق الدولي
الذي حصل بشأن مهمّة كوفي أنان، قد
أعطى مؤشّراً إيجابياً لم يصمد طويلاً. حيث تبيّن أن موسكو
وواشنطن اتّفقتا من خلال دعم مهمة
أنان، على ضبط حدود الخلافات بينهما
حول الملف السوري ولم تتّفقا على طبيعة
الحلّ السياسي المنشود. ولذلك ظهرت
التباينات مؤخّراً (والانتقادات
المتبادلة) بين روسيا الاتحادية
والولايات المتحدة، حول مصير مهمّة
أنان وحول مستقبل النظام السياسي في
سوريا. للأسف، المنطقة
العربية هي الآن تحت وصايةٍ دولية غير
مباشرة، بل إن بعض قوى المعارضة
العربية يدعو علناً لجعل هذه الوصاية
حالةً قانونية منشودة. وللأسف أيضاً،
ليست هناك الآن مرجعية عربية فاعلة،
قادرة على ضبط الصراعات الداخلية في
بلدان المنطقة وعلى منع التدخّل
الأجنبي فيها. ذلك كلّه يجعل مصير
المنطقة وأزمات بلدانها، رهناً
بقراراتٍ دولية وبإراداتٍ خارجية
وبمدى التوافق أو الصراع بين القوى
الكبرى. هي حالةٌ شبيهة بما
كانت عليه المنطقة منذ مائة سنة، حيث
كانت هناك إراداتٌ دولية تتحكّم في
مصيرها، بل وتصنع طبيعة أنظمتها وحدود
كياناتها السياسية الوليدة بعد انتهاء
حقبة االدولة العثمانية". وهي
مرحلةٌ انتعشت فيها الأفكار المطالبة
بالإصلاح والتنوير والتغيير، لكن كان
الواقع على الأرض يسير في اتّجاه معاكس.
هي مرحلة كانت تتزامن فيها مشاريع
التدويل والتقسيم للبلدان العربية، مع
نموّ دور الحركة الصهيونية في فلسطين
والعالم عموماً. الآن، يتوقّف مستقبل
أزماتٍ عديدة في المنطقة على قرار
واشنطن وموسكو. فزيادة حدّة التوتّر
بينهما تعني مزيداً من التأزّم في
الملفّات الساخنة في االشرق الأوسط»،
وفي مقدّمتها االملف السوريب و«الملف
الإيراني»، وهذا سينعكس حتماً على كلّ
البلدان المجاورة لسوريا وإيران، وعلى
االملف الفلسطينيب أيضاً وأبعاده
العربية الدولية، وعلى منطقة الخليج
العربي والاقتصاد العالمي. لذلك، كانت الأنظار
متّجهةً في الشهر الماضي (أيّار/ مايو)
لقمّة مجموعة الثماني في اكامب ديفيد»،
لمعرفة مقدار التفاهم أو التعارض بين
موسكو وواشنطن حول سوريا وإيران. لكن
غياب الرئيس الروسي بوتين عن القمّة
منع الحسم في قراءة طبيعة العلاقات
والتفاهمات الأميركية/ الروسية، مما
أدّى أيضاً إلى استمرار الغموض في
كيفيّة رؤية مستقبل سوريا ومصير
الموقف الدولي من االملف النووي
الإيراني". ولذلك أيضاً، كانت
قمّة المكسيك لمجموعة العشرين، هي
المحطّة الهامّة التي انتظرها
المعنيّون بأزمات االشرق الأوسط»،
لمعرفة اتّجاه الريح في العلاقات
الأميركية/ الروسية، ثم جاءت تصريحات
بوتين وأوباما بعد لقائهما في هذه
القمّة، لتعطي أملاً محدوداً
بإمكانيّة التفاهم بينهما حول كيفيّة
التعامل السياسي مع الأزمة السورية.
وهذا التطوّر الإيجابي النسبي، سيرتبط
حتماً بنتائج محادثات موسكو حول
االملف النووي الإيراني". فمن المهمّ الانتباه
إلى أنّ التوافق الروسي - الأميركي
الذي حصل في السابق على إعداد وإعلان
خطّة أنان، قد رافقه أيضاً آنذاك
التفاهم على كيفيّة التعامل مع الملف
النووي الإيراني، حيث تزامن إعلان
الخطّة بشأن سوريا والإجماع في امجلس
الأمنب على دعمها، مع نجاح جلسة
المفاوضات التي حدثت في إسطنبول أولاً
ثمّ في بغداد حول الملف النووي
الإيراني. إنّ الشهر الحالي (حزيران/
يونيو) سيكون شهرا حاسماً لمصير
العلاقات بين موسكو وواشنطن، وللأزمات
الساخنة في منطقة االشرق الأوسط".
فإذا جرى فعلاً تثبيت وتفعيل
التفاهمات الأميركية/ الروسية بشأن
الملفّين السوري والإيراني، فإنّ ذلك
سيكون حتماً لصالح الحلول السياسية
التي ستعطّل الكثير من مشاريع الحروب
الأهلية والإقليمية. والتي لا يعرف أحدٌ
مداها أو حسابات الربح والخسارة فيها.
لقد أصبح واضحاً الآن أنّ إدارة
أوباما، لا تجد مصلحةً أميركية في
زيادة الخلاف والتناقض مع المواقف
الروسية والصينية. وكذلك هي رؤية
الاتحاد الأوروبي، المتضرّر الأول من
عودة أجواء االحرب الباردةب بين موسكو
وواشنطن، في ظلّ التراجع الاقتصادي
لأوروبا وحاجتها لعلاقاتٍ اقتصادية
وسياسية جيّدة مع الصين وروسيا. أيضاً، لا تجد
الإدارة الأميركية الآن أيَّ مصلحةٍ
في تصعيد التوتّر مع إيران، أو في
تبنّي مقولة استخدام الضربات العسكرية
على مواقع إيرانية وسوريّة، بل تنظر
إدارة أوباما إلى هذا العمل العسكري
المطلوب إسرائيلياً. ومن بعض الأصوات في
الكونغرس الأميركي، كخطرٍ أكبر على
أميركا ومصالحها من أيّة حربٍ أخرى
خاضتها في العقود الماضية. فالحالتان
الإيرانية والسورية تختلفان تماماً عن
حالة كوسوفو أو ليبيا، أو حتّى العراق
وما أدّت إليه الحرب الأميركية عليه من
أضرار كبيرة على الولايات المتحدة. لذلك حصلت هذه
التفاهمات الأميركية/ الروسية على
كيفيّة التعامل مع الملفّين السوري
والإيراني، لكنها الآن تفاهمات على
منع استمرار الانحدار السلبي للملفّين
أو وصول أيٍّ منهما لحالة الحرب
الإقليمية أو العالمية، ولم يصل بعدُ
التفاهم إلى حدِّ التوافق على كلّ
المطلوب مستقبلاً من وجهة نظر كلّ طرف. فهي مسألة مفتوحة
الآن لمزيدٍ من التفاوض، لكن الامتحان
الفعلي لها سيكون خلال الأسابيع
المحدودة القادمة، قبل أن تنشغل إدارة
أوباما وأميركا كلّها في شهر نوفمبر
بالانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث
ستكون إعادة انتخاب أوباما لفترةٍ
ثانية هي المحطّة الأهم لبناء
الاتّفاقات الممكنة بين المحورين؛
الأميركي/ الأوروبي، والروسي/ الصيني،
على قضايا دولية عديدة بينها خطّ
الأزمات الممتد من طهران إلى غزّة،
مروراً بالساحتين السورية واللبنانية. فخيار التسويات هو
الخيار الوحيد المتاح حالياً أمام
الأقطاب الدولييين، حتّى لو كانت هناك
امعارضاتب لهذه التسويات على مستويات
محليّة وإقليمية. وها هي المنطقة
العربية من جديد أمام مراهناتٍ على
االخارج»، بعضها يأمل بحلّ مشاكل
مصدرها الأساس هو ضعف االداخلب
وتشرذمه، وبعضها الآخر يسعى إلى مزيدٍ
من التدخّل الأجنبي، حتّى لو كان على
حساب وحدة الأوطان والشعوب معاً! ================= المصدر: صحيفة
اموسكو تايمزب الروسية التاريخ: 21
يونيو 2012 البيان ذكرت شبكة اإن بي سي
نيوزب الأميركية مؤخراً، نقلاً عن
مصادر عسكرية واستخبارية أميركية، أن
روسيا سوف ترسل سفينة حربية متمركزة في
البحر الأسود إلى ميناء طرطوس في سوريا.
وتم تأكيد هذا الخبر من جانب مصادر
دبلوماسية روسية، حسبما ذكرت شبكة اإن
تي فيب الإخبارية. وكان
السبب الرسمي لزيارة السفينة إلى
الميناء، هو حماية االممتلكات
والمصالح الروسيةب في سوريا. كذلك صرح
قائد سلاح الجو الروسي الجنرال
فلاديمير غرادوسوف، بأنه ربما تكون
هناك خطط لإرسال سفن حربية أخرى إلى
سوريا، للمساعدة في إجلاء موظفين
دبلوماسيين ومواطنين روس آخرين من
سوريا في حال تصاعد الصراع. إن إرسال سفن حربية
إلى سوريا يعد تطوراً هاماً ومثيراً
للقلق، لأن روسيا كانت دائماً تصنف
ميناء طرطوس على أنه قاعدة للدعم الفني
تستخدم أساسا لأغراض الصيانة، وليس
ميناء عسكرياً بالمعنى نفسه الذي يصنف
به الأسطول الخامس الأميركي في
المنطقة. إذن، يمكن تفسير الإعلان
الأخير من جانب روسيا، على أنه تصعيد
عسكري من جانبها في الصراع السوري. وتمثل ما هو أكثر من
ذلك، في أن صحيفة انيزافيسيمايا
غازيتاب الروسية، ذكرت نقلاً عن مصادر
عسكرية غير محددة، أن وزارة الدفاع
الروسية تدرس إرسال جنود من قوات
النخبة المحمولة جوا المعروفة باسم
ابسكوف». فضلاً عن قوات خاصة
من وحدتي ازابادب و"فوستوكب
المتمركزة في الشيشان، لحماية المصالح
الروسية في سوريا إذا لزم الأمر. ورغم
النفي المتكرر من جانب الرئيس الروسي
فلاديمير بوتين ومن وزارة الخارجية
الروسية، فمن الواضح أن روسيا ملتزمة
بحماية نظام الرئيس السوري بشار
الأسد، بغض النظر عن التكاليف. وإذا
اقتضى الأمر، فإن هذا قد يؤدي إلى تدخل
عسكري روسي مباشر في الحرب الأهلية في
سوريا. وبغض النظر عن مدى
محاولة وزارة الدفاع الروسية
والكرملين تبرير إرسال قوة عسكرية
اللدفاع المشروع عن المنشآت الروسية»،
فإنهم يتغاضون عن حقيقة أنه في الحروب
الأهلية، فإن مثل هذه المنشآت إما أن
يتم تفكيكها أو التخلي عنها، ولا يجب
لقوة خارجية أبدا أن تتدخل بالقوة
العسكرية كوسيلة لحمايتها. فإذا كان الأمر كذلك،
فإن الجانب الآخر في النزاع سوف يعتبر
على الأرجح، أنها مشاركة مفتوحة من قبل
جيش أجنبي نيابة عن عدوها. وما هو أكثر
من ذلك، ووفقاً للقانون والاتفاقيات
الدولية، فإن العاملين من الاختصاصيين
المدنيين الذين يعملون سراً في منشآت
غير عسكرية، يمكن اعتبارهم امقاتلين
غير شرعيينب في نظر قوى المعارضة. وعلى هذا النحو، يمكن
أن يكونوا عرضة للملاحقة القانونية
والعقاب، كما حدث في الآونة الأخيرة
بالنسبة للاختصاصيين من أوكرانيا
وروسيا وبيلاروسيا الذين كانوا يعملون
في ليبيا. وبذلك، فما هي سوى مسألة وقت،
قبل أن يصنف الثوار السوريون
العسكريين الروس على أنهم خصومهم. بعد 40 عاماً من دعم
نظامي كل من الرئيس السوري الراحل حافظ
الأسد ومن بعده بشار، فإن التصعيد
العسكري الروسي في سوريا سيفاقم عزلة
الكرملين الحالية في ما يتعلق
بالسياسات المؤيدة للأسد، وهذا يمكن
أن يدفع بسهولة إلى صراع سياسي خطير مع
الغرب. ================= الراية 21-6-2012 تعد الجهود التي
تبذلها اللجنة الدولية للصليب الأحمر
ويبذلها الهلال الأحمر السوري لفرض
"هدنة مؤقتة " لإجلاء ومساعدة
المئات من المواطنين المحتجزين في
العديد من أحياء مدينة حمص جراء
استمرار القصف والاشتباكات بين قوات
النظام والجيش السوري الحر أول جهد
حقيقي من منظمات إنسانية على الأرض
لوقف العنف المستشري والمتواصل دون
انقطاع في المدن والبلدات السورية
التي تتعرض لحرب حقيقية من قبل الجيش
النظامي. إن نجاح اللجنة
الدولية للصليب الأحمر بدخول أحياء
مدينة حمص القديمة التي تتعرض لقصف
قوات النظام السوري منذ أسابيع يسجل
سابقة لوقف العنف -حتى لو كان التوقف
لفترة مؤقتة- في حال التزمت السلطات
السورية باحترام الهدنة وسمحت للصليب
الأحمر بإجلاء المرضى والجرحى وإجلاء
المدنيين من منطقة المعارك. فالعنف تصاعد بصورة
مفزعة في مختلف المدن والبلدات
السورية وارتفعت معه أعداد القتلى
والجرحى المدنيين بشكل كبير رغم
الحديث الذي جرى عن تطبيق خطة المبعوث
الدولي والعربي كوفي عنان والتي لم
يلتزم بها النظام وظلت حبرا على ورق
وهو ما دفع بعثة المراقبين الدوليين
إلى تعليق أعمالها في رصد الانتهاكات
اليومية لخطة عنان التي أصبحت كما يبدو
بصيغتها الحالية من الماضي. فشل المجتمع الدولي
في الحديث بصوت واحد في الأزمة السورية
التي تحولت إلى مأساة إنسانية كشفت عن
عجز دولي خطير في الاستجابة لتحديات
أخلاقية مثلتها المأساة السورية ساهم
في إطالة أمد الأزمة وفي ارتفاع أعداد
الضحايا وتفاقم المشكلة السورية
فالنظام وجد في انقسام المجتمع الدولي
حول الأزمة السورية وكيفية التعامل
معها فرصة له للمماطلة والتسويف
ومحاولة إجهاض الثورة السورية
والالتفاف على مطالب الشعب السوري
بالحرية والديمقراطية والتغيير
بالقوة والعنف واتباع سياسة الأرض
المحروقة التي يدفع ثمنها الشعب
السوري غاليا من أرواح أبنائه ومن
مقدرات بلاده. نأمل أن تتكلل جهود
اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجهود
الهلال الأحمر السوري بالتوفيق وأن
ينجح مسعاهما في تثبيت الهدنة في مدينة
حلب المنكوبة حتى تتوقف لغة القتل
والقصف وتتوقف رائحة الموت المنبعثة
من المدينة ويتم إجلاء المواطنين
المحاصرين وتقديم المساعدات الطبية
والغذائية العاجلة لهم. والأمل أيضا أن تمتد
" الهدنة" إلى باقي المدن
والبلدات السورية المنكوبة فتنجح جهود
المنظمات الإنسانية فيما فشل فيه
المجتمع الدولي فيتوقف العنف ويتوقف
القتل والقصف الذي طال البشر والشجر
والحجر في سوريا. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |